التنبيه
على مبادئ التوجيه - قسم العبادات كتاب الصلاة
(1/371)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصلاة الأول
(تعريف الصلاة)
وهي في اللغة عبارة عن الدعاء، وفي الشريعة عبارة عن دعاء على صفة (1)
مخصوصة (2). ولهذا قال بعض أصحابنا: إن معنى لفظ الصلاة في الشرع كمعناه في
اللغة. لكن تصرفت الشريعة فيه بالاستعارة والتخصيص، وهو تصرف لغوي. فسمت
الدعاء ساجداً أو جالساً (3) صلاة، وسمت القيام والركوع وسائر الأركان صلاة
لما كان المقصود منها الطلب والسؤال كالمقصود من الدعاء. وقيل: سميت صلاة
أخذا من الصَّلَوَيْن وهما عظمان (4) ينحنيان عند الركوع. وقيل: سميت صلاة
أخذاً من المصلي في الخيل، وهو ثاني (5) السابق، وكذلك الصلاة في الشريعة
ثانية الشهادتين بالأْلوهية [والرسالة] (6).
__________
(1) في (ص) صفات.
(2) في (ت) "عن دعاء مخصوص على صفة مخصوصة مما نحن في تحديدها"، وفي (ر) و
(ص) "عن دعاء على صفة مخصوصة مما نحن في تحديدها".
(3) في (ص) أو راكعاً أو جالساً.
(4) في (ت) عظمات في الظهر.
(5) في (ق) وهو يأتي المستأمن.
(6) ساقط من (ق).
(1/373)
(أصناف الصلاة)
والصلاة تنقسم إلى فروض وغير فروض. والفروض قسمان: فروض أعيان وفروض كفاية؛
ففروض الأعيان الخمسة الواجبة في اليوم والليلة. واختلف في عد صلاة الجمعة
صلاة سادسة لأنها قائمة بنفسها أو ردّها إلى الخمس؛ لأنها ظهر مقصور.
وسيأتي بيان ذلك، ونذكر فائدة هذا الخلاف إن شاء الله.
وأما فرض الكفاية فصلاة الجنازة.
وغير الفروض ثلاثة أصناف: سنن، وفضائل، ونوافل.
فالسنن خمس وهي الوتر، وركعتا الفجر، وصلاة العيدين، وصلاة كسوف (1) الشمس،
وصلاة الاستسقاء. ولا خلاف في عدّ أربعة من هذه [سنة] (2). وأما ركعتي
الفجر ففيهما قولان: أحدهما: إلحاقهما بالسنن، والثاني: عدّهما فضيلة. وقد
قدمنا سبب ذلك في أول كتاب الطهارة.
والفضائل خمسة وهي: صلاة قيام رمضان، وركوع الضحى، وتحية المسجد، وصلاة
خسوف القمر، وسجود القرآن. وفي السجود قولان: أحدهما: عدّه فضيلة كما
ذكرنا. والثاني: عدّه سنة، وسيأتي في أول كتاب الصلاة الثاني إن شاء الله
تعالى.
فما عدا هذا نافلة إلا ركعتي الإحرام (3) بالحج، وركعتي الطواف فإنهما
يلحقان بالسنن.
(شروط الصلاة)
وفروض الأعيان تجب بالعقل والبلوغ والإسلام ودخول الوقت. واشتراطنا البلوغ
بعد ذكر العقل يجري على خلاف الأصوليين هل يوصف
__________
(1) في (ق) خسوف.
(2) ساقط من (ت) و (ق).
(3) في (ص) إلا الركعتين للإحرام.
(1/374)
غير البالغ بالعقل أم لا؟ فإن قلنا إنه
موصوف (1) بذلك فيشترط البلوغ. وإن قلنا: إنه غير موصوف بذلك فيكتفى
باشتراط العقل. وأما اشتراط الإسلام فيجري على الخلاف في الكفار هل هم
مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ وإن قلنا: إنهم مخاطبون فلا يشترط الإسلام،
وإن قلنا: إنهم غير مخاطبين فيشترط.
وأما الأوقات فلا يتوجه الخطاب قبل دخولها بالإجماع.
...
فصل (حكم تارك الصلاة)
ومن ترك الصلاة فإن كان ذلك جحوداً فهو كافر بإجماع يحكم فيه بحكم المرتد.
وإن أقر وامتنع من الصلاة ففي المذهب قولان: المشهور أنه لا يعدّ كافراً
لأنه لا يكفر بالذنوب. وعدّه ابن حبيب كافراً (2). وهذا لظواهر وردت بمقتضى
تكفيره وجميعها لا يعوز (3) تأويلها والعمدة الملجئة (4) إلى التأويل قوله
تعالى: ({إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (5). وإذا لم نحكم بتكفيره فإنا نأمره
بالصلاة في الوقت. فإن لم يصل حتى خيف فوات الوقت قتل، لكنا نقتله حداً لا
كفراً.
وما هو الوقت؟ في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور المعروف في المذهب أن يبقى
للصلاة مقدار من ركعة من الوقت الضروري، ومثاله: أن يبقى للظهر والعصر
مقدار خمس ركعات في حق الحاضر، أو ثلاث في
__________
(1) في (ر) يوصف.
(2) النوادر والزيادات: 1/ 151.
(3) في (ق) لا يجوز.
(4) في (ت) المصلحية وفي (ص) الملجي.
(5) النساء: 116
(1/375)
حق المسافر قبل غروب الشمس. وحكى ابن خويز منداد (1) عن المذهب قولين
آخرين: أحدهما: أن يبقى من الوقت الضروري مقدار الصلاة بجملتها، والثاني:
أن يخاف فوات وقت الاختيار. وهذا بعيد عن الأصول جداً؛ لأن التأخير عن ذلك
لا يحرم فكيف نريق دماً محقونا بارتكاب مكروه.
... |