التنبيه
على مبادئ التوجيه - قسم العبادات باب في حكم ستر
العورة وخصوصها بالصلاة
(تعريف العورة لغة)
والعورة في اللغة (1) هو ما يحاذر الإنسان التطرق إليه منه، والنظر إليه
والتطلع عليه. قال الله تعالى: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ
وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} (2)، ومعنى ذلك ما يحاذر الاطلاع عليه، وهو مقصودنا
(3)، وما يحاذر النظر إليه.
والنظر في هذا الباب في ثلاثة أركان: أحدها: [ما هي] (4) العورة؟ والثاني:
متى يجب عليه سترها؟ والثالث: في المقدار الساتر لها.
(ما هي العووة؟ وذكر الخلاف في تحديدها)
فأما العورة ما هي؟ فإن المكلفين صنفان: رجال ونساء، والنساء قسمان: أرقاء
وحرائر (5). فأما الرجال فاجتمعت الأمة على أن السوأتين منهم عورة،
واختلفوا في ما عدا ذلك. وفي المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: لا عورة إلا ما
ذكرناه. والثاني: العورة من السرة (6) إلى الركبة، والسرة والركبة داخلتان
في ذلك. والثالث: هذا التحديد، ولكن السرة والركبتين غير داخلتين.
ومثار هذا الخلاف اختلاف ظواهر [الآثار] (7) "فأجرى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -
__________
(1) في (ق) والعورة في الفقه ما يحاذر.
(2) الأحزاب: 13.
(3) في (ق) وهي في مقصودنا هذا.
(4) ساقط من (ر) و (ت).
(5) في (ر): أحرار.
(6) في (ق) ما بين السرة.
(7) ساقط من (ق).
(1/476)
فرساً (1) حتى بدا فخذه" (2)، وكان جالساً
بين جماعة من أصحابه وركبته مكشوفة حتى دخل عثمان بن عفان فغطاها، فأعلم
أنه استحيت منه ملائكة السماء رضي الله عنه (3)، وهذا يدل على أنها ليست
بعورة ولكن تغطيتها من باب الأولى. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - (4)
لجرهد (5): "غط فخذك فإنه عورة" (6)، وهذا نص. ولكن ذكر البخاري رحمه الله
أن سند الحديث الأول أقوى، وهو يحتمل أن يكون بدا منه فخذه - صلى الله عليه
وسلم - وهو غير عالم بذلك، ويحتمل الحديث الآخر أن يكون غافلاً عن كشف
ركبته حتى دخل عثمان رضي الله عنه فنبهه لذلك. لكن هذا الاحتمال فيه بعد.
وكان - صلى الله عليه وسلم - شديد التحفظ ومحفوظ من كشف ما لا يسوغ كشفه،
ولما كشف عورته في حال الصبا يستعين بذلك على نقل الحجارة لبناء الكعبة سقط
إلى الأرض وفتحت (7) عيناه إلى السماء فلم ير بعد ذلك مكشوف العورة. فهذا
يدل على أنه كان محفوظاً مما ذكرناه في تأويل الحديثين المتقدمين.
وبالجملة فمثار الخلاف الترجيح بالنص (8) الذي لا يحتمل التأويل أو
__________
(1) هكذا في سائر النسخ، وفي (ل) اختلاف في ظاهر ما جرى في ذلك لأن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - أجرى فرساً.
(2) لم أقف عليه.
(3) أخرج مسلم في فضائل الصحابة 2401 عن عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ
الله - صلى الله عليه وسلم - مُضطجِعاً فِي بَيْتِي كَاشِفاً عَنْ
فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أبو بَكْر فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ
عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ
وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَثَ ثُمَّ استَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ: مُحَمَّدٌ وَلاَ
أَقُولُ ذَلِكَ في يَوْم وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ
قَالَت عَائِشَةُ: دَخَلَ أبو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ
تُبُالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ
ثُمَّ دَخَلَ عُثمَانُ فَجَلَستَ وَسَوَيتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ: "أَلاَ
أَستَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الملَائِكَةُ".
(4) في (ق) وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لنحو هذا.
(5) هو الصحابي الجليل جرهد بن رزاح بن عدي الأسلمي توفي سنة61. انظر
الإصابة 1/ 548.
(6) لم أقف عليه بهذا اللفظ. وهو عند الترمذي في الأدب 2796 "غَطِّ
فَخِذَكَ فَإنهَا مِنَ الْعَوْرَة" وقال الترمذي: "هَذَا حَدِيثْ حَسَنٌ".
(7) في (ر): وطمحت.
(8) في (ت) التنصيص و (ر) بالتنصيص.
(1/477)
صحة (1) السند. وبين الأصوليين خلاف في
أيهما يقدم.
هذا النظر في الآثار, وأما الاعتبار فالرجوع فيه إلى العوائد؛ فما جرت
العادة أنه يستر منه (2) ويحاذر من انكشافه فهو عورة. فلا شك في المحاذرة
من انكشاف السوأتين. وتختلف العوائد فيما عداهما مما ذكرنا من الخلاف.
ولهذا قال أبو حنيفة: إن العورة على قسمين: مثقلة وهي السوأتان، ومخففة وهي
ما عداهما.
مراده أن الإعادة (3) تجب في كشف السوأتين دون ما عداهما. وروى أبو الوليد
الباجي أن المذهب يشير إلى ما قال أبو حنيفة. وقد قالوا في الرجل يصلي بادي
الفخذ أنه يعيد في الوقت في قول، ولو كان بادي السوأتين أعاد أبداً.
وفي الحرة تصلي بادية الشعر أو ظهور القدمين تعيد في الوقت، فإن بدا غير
ذلك مما لا تبديه لذوي المحارم أعادت أبداً. وقالوا في الأمة تصلي بادية
الفخذ إنما تعيد في الوقت، بخلاف الرجل فإنه لا يعيد. وهذا كله يقتضي
انقسام العورة إلى ما قاله أبو حنيفة.
وأما الأرقاء فحكمهم حكم الرجال الأحرار ذكوراً كانوا أو نساءً. وقد ذكرنا
حكم الأمة.
وأما ستر الحرائر؛ فيجب عليهن ستر سائر أجسادهن إذ كلهن عورة إلا الوجه
والكفين؛ فلا يجب عليهن سترها في مقصودنا، وهو الصلاة.
...
فصل (متى يجب ستر العورة؟)
وأما متى يجب عليه ستر العورة؟ فيجب عن أعين الإنسان بإجماع (4).
__________
(1) في (ر) وحجة.
(2) في (ق) العوائد فالمعتاد أن يستر ويحاذر.
(3) يعني إعادة الصلاة.
(4) في (ق) وأما الستر فيجب ستر العورة عن أعين الإنس بإجماع.
(1/478)
وهل يجب في الخلوة لحرمة الملائكة؟ حكى (1)
أبو الحسن اللخمي استحبابه (2). والذي سمعناه في المذاكرات القولين؛ الوجوب
والندب. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - "إِياكم وَالتعَرَّيَ فَإِنَّ
مَعَكُمْ مَنْ لاَ يُفَارِقُكُم"، (3)، يعني الملائكة. ثم قال في آخر
الحديث: "فَاستَحْيُوهُمْ وَأَكَرِمُوهُمْ"، هذا أمر. وبين الأصوليين خلاف
في مقتضاه هل الوجوب أو الندب. وأيضاً فمن أوجب قاس على الإنسان، ومن أسقط
الإيجاب رأى أن التزامه من المشقة التي تسقطها الشريعة السمحة.
وأراد أبو الحسن اللخمي أن يجعل المذهب على قولين: هل يجب (4) ستر العورة
في الصلاة أو ليس (5) كذلك، إذا كان المصلي في الخلوات حيث لا ناظر (6).
وإنما عوَّل على قول من قال من أهل المذهب: من صلى بادي العورة أعاد في
الوقت، وليس كما ظنه". وإنما المذهب على قول واحد في وجوب الستر. لكن
الخلاف في وجوب الإعادة في الوقت، أو فيه وبعده على الخلاف في ستر العورة
هل هو من شروط الصحة أم لا؟
فإذا تقرر هذا قلنا: لا يخلو مريد الصلاة من أن يكون عاجزاً عن الستر أو
قادراً.
(حكم العاجز عن ستر العورة)
فإن كان عاجزاً فلا يخلو أن يكون بحيث لا آدمي ينظر إليه، أو بحيث ينظر
إليه. وهذا لا يخلو إما أن يكون في ليل أو نهار. فإن كان
__________
(1) في (ر) و (ت) وحكى.
(2) التبصرة ص: 82.
(3) أخرجه الترمذي في الأدب 2800 عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وقال: "هَذَا حدِيثٌ
غرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجهِ".
(4) هكذا في سائر النسخ ولعل الصواب (في مسألة ستر العورة في الصلاة هل تجب
أم لا؟).
(5) في (ر) وليس.
(6) التبصرة ص: 82.
(1/479)
عاجزاً أو لا ناظراً صلى على حالته باتفاق
ولا يسقط عنه فرض من الفروض إلا ما عجز عنه من ستر العورة. وهذا (1) حكمه
إذا كان في ليل مظلم يأمن النظر إليه. فإن كان هناك جماعة وأرادوا الجمع
جمعوا وتقدمهم إمامهم إن علموا أن الظلام ساتر. وإن كان الأكمل في الستر أن
يصلوا صفاً واحداً صلوا كذلك.
وإن كان النهار أو الليل المقمر والناظر موجود، فإن أمكنهم التباعد حتى
يصلوا بموضع لا ينظر بعضهم إلى بعض طلبوا ذلك الموضع، ولا يصلوا جماعة إن
خافوا مع الجمع نظر بعضهم إلى عورة بعض. ولا فرق في هذا بين الرجال
والنساء.
وإن جمعهم موضع ولم يمكنهم التباعد، فهل ينتقلون إلى الجلوس والإيماء أو
يصلون قياما ويؤمر كل واحد منهم أن يغض بصره؟ هاهنا للمتأخرين قولان.
وسببهما تغليب أحد المكروهين؛ فالقيام والركوع والسجود فرض، والستر عن أعين
المخلوقين فرض. فمن قال يصلون جلوساً إنما رأى ذلك أولى إذ ما انتقل (2)
عنه من فروض الصلاة فقد أتى بأبدالها، وهي تقوم مقامها عند الضرورة. ومن
قال يقومون، نظر إلى كثرة المتروك من الفروض. وأيضاً فيقدروا على الستر بأن
يغض كل واحد منهم بصره، فإن لم يفعل أثم الناظر منهم.
وإذا أمرنا العاجز بالصلاة على حاله وافتتح كذلك ثم وجد وهو في الصلاة ما
يستر به فهل يتمادى ويعيد؟ أو يقطع ويستأنف؟ قولان في المذهب: التمادي
قياساً على طرء الماء في الصلاة في التيمم، والإعادة هاهنا في الوقت. ويجري
على قول (3) أنه لا يعيد قياساً على المتيمم.
والقطع هاهنا إذ لا بدل- بخلاف المتيمم (4) [إذ هناك وجود البدل
__________
(1) في (ق) وهكذا.
(2) في (ر) إذ لا انتقال.
(3) في (ق): ويجيء على قوله.
(4) في (ر): إذ هناك وجود البدل يقوم مقام الماء.
(1/480)
يقوم مقام الماء، وفي العورة لم يجزه ذلك
إذ لا بدل لها بخلاف الماء] (1) فإنه يرجع فيه إلى البدل (2) وهو ما أتى به
من التيمم.
...
[فصل] (3) (القادر يلزمه الستر على كل حال)
وأما القادر فيلزمه الستر، أما إذا كان بحيث لا يأمن النظر إليه فلا شك أنه
فرض، وأما إن كان بحيث يأمن ذلك، فقد قدمنا أن المذهب على قولين (4) في
فرضيته، وما قاله (5) أبو الحسن اللخمي في ذلك. وما حكيناه هو رأي أهل
التحقيق من البغداديين ومن لقيناه من المشايخ. وذكر أبو القاسم بن محمد (6)
أن المذهب على قولين في ستر العورة: هل هو من فروض الصلاة، أو من سننها.
ومراده أنه إن كان فرضاً فليس يشترط في الصحة (7) على أحد القولين. وإن
أراد ما قاله أبو الحسن فقد بينا ما فيه. لكن المذهب المشهور أنه لا يلزم
إلا ستر العورة خاصة، وغير ذلك شرط في الكمال لا شرط في الإجزاء. وفي
المذهب قول ثان أنه يلزم ستر سائر
__________
(1) ساقط من (ق) و (ر) و (م).
(2) في والقطع هاهنا بخلاف المتيمم فإنه يرجع وهو ما أتى من التيمم.
(3) ساقط من (ق) و (م) و (ت).
(4) في (ق): على قول واحد. وما أثبته هو الصواب لأنه يتفق مع ما جاء في
الفصل الذي قبله.
(5) في (ر) وأما ما قاله.
(6) هو: عبد الرحمن أبو القاسم بن محمد الحضرمي المعروف باللبيدي، من
مشاهير علماء إفريقية ومؤلفيها وعبادها تفقه بأبي محمد بن أبي زيد وأبي
الحسن القابسي ... الشيخ الفاضل أبا إسحاق الجبنياني وانتفع به وألف كتاباً
بليغاً في المذهب كبيراً أزيد من مائتي جزء كبار في مسائل المدونة وبسطها
والتفريع عليها وزيادات الأمهات ونوادر الروايات. توفي بالقيروان سنة
أربعين وأربعمائة الديباج المذهب ص: 152.
(7) في (ر): يفرض.
(1/481)
الجسد (1) لقوله تعالى: {خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (2). وقد اختلف ما المراد بالمساجد
هاهنا؟ هل هو ظاهر ما يدل عليه، أو المراد به الصلاة؟ وهذا مقتضى القول
الشاذ. وهذا أمر، وبين الأصوليين خلاف في حمله على الوجوب أو الندب؛ فإن
حملناه على الوجوب جاء منه الشاذ. وإن حملناه على الندب جاء منه المشهور.
وإذا أوجبنا ستر العورة فصلى باديها مع القدرة، هل يعيد أبداً أو في الوقت؟
قولان، وهما على ما حكيناه من الخلاف.
والستر هل هو من شرط صحة الصلاة، أو هو فرضٌ، من تركه أثم لكنه ليس بشرط في
صحة الصلاة؟ وقد قدمنا القولين في الرجل يصلي بادي الفخذين هل يعيد في
الوقت، أو لا إعادة عليه؟ فأما الإعادة في الوقت فيحتمل أن يكون بناء على
أن الفخذين ليسا بعورة ولكنه يعيد مراعاة للخلاف، أو على أنه عورة لكن
يقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف. وأما ترك الإعادة فيحتمل أن
يكون بناء على أن الفخذين ليسا بعورة وهو الظاهر أو على أنه عورة، لكنها
عورة خفيفة. ولا شك أنه يجري فيه قول ثالث بوجوب الإعادة وإن خرج الوقت
بناء على أنه عورة على ترك مراعاة الخلاف.
وقد قدمنا أيضاً أن عورة الأمة كهي من الرجل. وأراد أبو الحسن اللخمي أن
يجعل المذهب على قولين: أحدهما: ما قدمناه. والثاني: وجوب ستر سائر الجسد
في الصلاة (3). وعوَّل على ألفاظ وقعت في المدونة منها قوله: "لا تصلي
الأمة إلا وعلى جسدها ثوب يستر جميع جسدها" (4)، وهذا يحتمل أن يريد به
الكمال لا الإجزاء. ولا شك أن من قال في الرجل يلزمه ستر جميع جسده في
الصلاة يكون لزوم ذلك في الأمة أولى وأحرى عنده.
__________
(1) في (ق) يلزم ستر الجسد في الصلاة لقوله.
(2) الأعراف: 31.
(3) التبصرة ص: 82.
(4) المدونة 1/ 95.
(1/482)
فإن افتتحت الأمة الصلاة على حالها التي
تؤمر بها ثم طرأ عليها العلم بالعتق في أثناء الصلاة؛ فلا يخلو العتق
الطارئ من أن يكون سابقاً للدخول في الصلاة لكنها إنما علمت (1) في
أثنائها، أو يكون غير سابق وإنما وقع حيث علمت به. فإن سبق لها افتتاح
الصلاة فهاهنا قولان: قيل تقطع (2)، وقيل تتمادى.
وسبب الخلاف هل يعد النسخ واجباً من حين البلوغ، فتكون هذه كالمعتقة في
أثناء الصلاة؟ أو يعد من حين النزول والوجود، فتكون هذه كالحرة تدخل في
الصلاة غير ساترة لما يجب عليها فيلزمها القطع؟
وإن كان العتق غير سابق، وإنما وقع في أثناء الصلاة؛ فإن قلنا تتمادى في
الصلاة في المسألة الأولى (3) فأحرى أن تتمادى هاهنا؛ لأنها دخلت في الصلاة
بوجه جائز وهي أمة حقيقة في الظاهر والباطن، وإن قلنا تقطع [في] (4) تلك،
ففي هذه قولان: هل تقطع، أو تتمادى؟
وسبب الخلاف هل كل جزء من الصلاة قائم بنفسه، أو أولها موقوف على كمالها؟
وإذا قلنا في الصورتين: تتمادى، فذلك ظاهر إذا وجدت ما تستر به في الصلاة،
فإن لم تجد فهاهنا قولان: أحدهما: أنها تتمادى لدخولها (5) بوجه جائز
قياساً على المتيمم يطرأ عليه الماء في أثناء الصلاة، والثاني: أنها تقطع
مراعاة للأجزاء الباقية، والمتيمم معه بدل فهاهنا لا بدل.
...
فصل (حكم من انكشفت عورته في الصلاة)
وينخرط في هذا السلك لو انكشفت عورة المصلي في الصلاة؛ فإن ترك الستر وهو
قادر عليه كان كمفتتح الصلاة بادي العورة، وإن تستر في
__________
(1) في (ق) في ذلك، وفي (ت) علمت به.
(2) في (ق) و (ر) تقطع فلابد.
(3) في (ق) تتمادى في الصورة الأولى.
(4) ساقط من (ت).
(5) في (ق) تتمادى التفاتا إلى دخولها في الصلاة.
(1/483)
الحال فهاهنا قولان: أحدهما: [وجوب] (1)
القطع نظراً إلى الحالة التي انكشفت فيها العورة. وهذا لما قدمناه في ذكر
النجاسة في الصلاة. والثاني: التمادي، نظراً إلى كونه معذوراً (2) في حال
كشف عورته.
ووقع لسحنون في هذه المسألة بطلان صلاة من نظر إلى عورة المنكشف. فاعترضه
الأشياخ فقالوا: يلزم على قياس قوله: أن تبطل (3) صلاة كل من عصى في حال
صلاته. فلا يبعد أن يلزم ذلك سحنون متى تصورت المعصية في أثناء الصلاة.
...
فصل (المقدار الساتر للعورة)
وأما المقدار الساتر فله صفتان: صفة إجزاء وصفة كمال؛ فأما صفة الإجزاء فقد
تقدم حكمها، وأن المذهب على قولين: أحدهما: وجوب ستر العورة لا غير،
والثاني: وجوب ستر سائر الجسد في حق من جسده غير عورة. ومن (4) صفة الساتر
أن يكون صفيقاً [كثيفاً] (5) بحيث لا يشف ولا يصف. وإن كان خفيفا يشف فإنه
كالعدم مع الانفراد، وإن كان خفيفاً بحيث يصف ولا يشف فهو مكروه، ولا يؤدي
إلى بطلان الصلاة. وقد كره مالك رحمه الله الصلاة بالسراويل منفرداً (6)
وخصه بالكراهة دون الإزار. وقيل في وجه الكراهية إنه من لباس الأعاجم.
والظاهر أن مراده بذلك أنه
__________
(1) في ساقط من (ر).
(2) في (ت) و (ر): غير مقدور.
(3) في (ق) قياسه أن تبطل.
(4) في (ق) وأما.
(5) ساقط من (ر).
وثوب صفيق، أي جيد كثيف النسج. انظر لسان العرب: صفق.
(6) كذا في (ت) وم، وفي (ر) في السراويل مفروكاً، وفي (ق) في السراويل
مفرداً.
(1/484)
يصف، وإلا فقد صلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - في جبة شامية ضيقة الأكمام، وهي من لباس الأعاجم (1).
وأما صفة الكمال فأن يأخذ الإنسان الهيئة المعتادة من كمال الزي. وكره مالك
رحمه الله للأئمة الصلاة بغير رداء، والرداء مستحب في غير (2) الأئمة إذا
كان ذلك زيهم المعتاد. ومن الكمال حل الشعر إن كان معقوصا (3)، وإرسال
الثياب إن كانت مشمرة. ويكره كفت (4) الشعر والثوب لأجل الصلاة- والكفت هي
التشمر (5) - لكن إن شُمَّرت الثياب وسُتِر (6) الشعر لأنه من الزي المعتاد
عندهم، أو الحالة (7) التي أدركته الصلاة عليها، فلا يكره ذلك.
والإكمال إرسال (8) الثياب والشعر كما قدمناه، وروي عنه - صلى الله عليه
وسلم - أنه قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء ولا أكفت (9) شعراً ولا
ثوباً" (10).
__________
(1) يشير إلى حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبةَ قَالَ: "كُنْتُ مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَقَالَ: "يَا مُغِيرَةُ خُذِ
الإِدَاوَةَ" فَأَخَذْتُهَا ثُمَّ خَرَجتُ مَعَهُ فَانْطَلَقَ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ
ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيَّقَةٌ الكُمَّيْنِ فَذَهَبَ
يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ
أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ
مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى". أخرجه مسلم في الطهارة 274 واللفظ
له، والنسائي في الطهارة 82.
(2) في (ر) في حق.
(3) في (ت) و (ق) معفوصاً.
(4) في (ت) كشف.
(5) في (ق) الستر.
والكفت لغة الضم والجمع.
(6) في (ت) أو ستر.
(7) في (ق) والحاله.
(8) في (ق) وإلا كل إرسال.
(9) في (ق) أكتف.
(10) لم أقف عليه بهذا اللفظ. وهو عند مسلم في الصلاة 490 عَنْ عَبدِ اللهِ
بنِ عَبَّاس أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أُمِرْتُ
أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَلاَ أَكْفِتَ الشَّعْرَ وَلاَ الثِّيَابَ:
الجَبْهَةِ وَالأَنْفِ وَاليَدَينِ وَالرُّكبَتَينِ وَالقَدَمَينِ".
(1/485)
وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن
الصلاة والشعر معقوص (1). وقيل في هذا: إن الشعر يسجد (2). والإشارة بذلك
[إلى] (3) الاسترسال وملاقاة محل الصلاة بما يكره الإنسان من شعر وثوب؛ لأن
في سترهما (4) رفاهية وكبرا عن ملاقاة محلَّ السجود بهما، وأيضاً ففعل ذلك
خروج عن حالة المتذلل الخاضع.
ومن صفات الكمال إبراز اليدين حتى يلاقي بهما محل السجود. وفي الحديث النهي
عن اشتمال الصَّماء (5). وصورتها أن يشتمل بالثوب الواحد من غير أن يبرز
يديه للسجود أو غيره، وهي مكروهة بالاتفاق لو (6) لم يكن عليه إزار يستر به
عورته، فإن كان عليه إزار حتى يمكنه إبداء يديه من تحت ثوبه في حين السجود
ففيه قولان: الكراهية والجواز. والكراهية لعموم النهي، والجواز لقدرته على
إبراز اليدين. ولا يقدر على ذلك من ليس عليه إزار؛ لأنه إن فعل ذلك بدت
عورته. وعلل النهي عن اشتمال الصماء بوجهين: أحدهما: ما أشرنا إليه من ستر
اليدين عند السجود، والثاني: لأنه قد يعرض للإنسان ما يفتقر إلى مدافعته
بيديه ولا يمكنه ذلك مع سترهما. وعلى هذا التعليل يكره اشتمال الصماء في
الصلاة وفي غيرها. ولو بدت أحد اليدين لكان مكروهاً أيضاً، وهو من باب
الاشتمال. فالأكمل (7) إذا لم يكن على المصلي سوى ثوب أن (8) يتوشح به
ويعقده على صدره إن افتقر
__________
(1) أخرج مسلم في الصلاة 492 واللفظ له، والنسائي في التطبيق 1114، وأبو
داود في الصلاة 647 عَنْ عَبْدِ اللهَ بْنِ عَبَّاس أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ
اللهِ بنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ
فَجَعَلَ يَحُلُّهُ فَلمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسِ
فَقَالَ مَا لَكَ وَرَأسِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسولَ الله - صلى الله
عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي
وَهُوَ مَكتُوفٌ".
(2) في (ر) يسجد كما يسجد.
(3) ساقط من (ق) و (ت).
(4) في (ق) كفتهما.
(5) يشير إلى ما أخرجه البخاري في الصلاة 367 ومسلم في اللباس 2099.
(6) في (ق) و (م) و (ر) وإن.
(7) في (ق) الإكمال.
(8) في (ق) أو.
(1/486)
إلى عقده. وقد صلى رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - كذلك بهذه الصفة التي تسمى في العرف حراثية (1) وبالله
التوفيق.
...
باب في حكم المسبوق وقضائه بعد إكمال إمامه
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها
وأنتم تسعون (2) وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم
فأتموا" (3)، وفي طريق آخر: "وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا" (4). وقوله:
"فَأَتِمُّوا" يقتضي ظاهره أن ما أدرك أول صلاته وأن الذي يقضي هو آخرها،
ويحتمل أن يريد بالتمام إكمال الصلاة فلا يكون فيه دليل على أن الذي يأتي
به بعد سلام الإمام هو آخرها. وقوله: "فَاقضُوا" يقتضي ظاهره أن ما أدرك هو
آخر الصلاة، وما يأتي به هو أولها. ويحتمل أن يعبر بالقضاء عن التمام
والوفاء كما تقول: قضيت الحج وقضيت الدين إذا أديت ووفيت.
(اختلاف المذهب في المدرَك هل هو أول الصلاة أم آخرها)
وإذا تقرر هذا قلنا بعده؛ اختلف المتأخرون في مقتضى المذهب على ثلاثة طرق:
أحدها: أن المذهب كله على قول واحد، وهو البناء في الأفعال والقضاء في
الأقوال. وإذا أرادوا حكمه في القراءة قالوا: إن الذي أدرك هو آخر صلاته
ويقضي ما فاته على نحو ما فاته. فإذا أرادوا حكمه في الجلوس قالوا: إن الذي
أدرك هو أول صلاته فيكون مؤديا. وهذا معنى
__________
(1) غير واضحة في (ق).
(2) في (ت) ترعون.
(3) لم أقف عليه بهذا اللفظ، ولفظ البخاري في الجمعة 908 عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:
"إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا
تَمْشُونَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا
فَاتَكُمْ فَأَتمُّوا".
(4) أخرجه النسائي في الإمامة 861، وأحمد في مسنده 2/ 238.
(1/487)
ما وقع في المذهب من اختلاف الألفاظ وهي
طريقة أبي محمد بن أبي زيد وجل المتأخرين.
والثانية: أن المذهب على قولين في القراءة خاصة وعلى قول واحد في الجلوس.
وعلى أحد القولين أن ما أدركه آخرُ صلاته، ويقضي ما فاته على نحو ما فاته
في (1) القراءة. والقول الثاني: إن ما أدرك هو أول صلاته ويقرأ فيما يأتي
بعد سلام الإمام على نحو ما كان يقرأ مع إمامه لو كان حاضرا. وهذه طريقة
بعض القرويين.
والطريقة الثالثة: أن المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بان في الأقوال
والأفعال فيكون ما أدركه هو أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام وهو
آخرها. والثاني: أنه قاض فيهما، فيكون ما أدرك فهو آخر (2) صلاته، وما يأتي
به فهو [أولها] (3). والثالث: أنه قاض في القراءة بان في الأفعال كما قاله
في المدونة وفي غيرها من الكتب المشهورة، فهذه طريقة أبي الحسن اللخمي (4).
فأما الأولون فاعتمدوا على ما في المدونة والكتب المشهورة من أن المدرك
لركعة (5) من الصلاة الرباعية إذا سلم الإمام قام وأتى بركعة بأم القرآن
[وسورة ثم يجلس ثم يقوم ويأتي بركعة بأم القرآن وسورة] (6)، ولا يجلس. ثم
يقوم ويأتي بركعة بأم القرآن وحدها خاصة ويجلس ويسلم. فقد جعله بان في حكم
الجلوس، فجعل ما أدرك أول صلاته، وقاض في حكم القراءة، وجعل ما أدرك في ذلك
آخر صلاته.
وأما من جعل المذهب على قولين فيعتمد على نص الخلاف فيمن
__________
(1) في (ق) من.
(2) في (ق) أول.
(3) بياض في (ق).
(4) التبصرة ص: 84.
(5) في (ق) لركعتين.
(6) ساقط من (ق).
(1/488)
فاتته سجدة مع الإمام حتى وجب عليه قضاء
ركعة وكانت الأولى أو الثانية. فإن أصحاب مالك اختلفوا فيما يأتي به من تلك
الركعة هل يقرأ فيها بأم القرآن خاصة. وهذا يقتضي أنه بان، أو بأم القرآن
وسورة وهذا يقتضي أنه قاض. ولا فرق عند هؤلاء بين هذا وبين المسبوق
لتساويهما في وجوب القضاء بعد سلام الإمام.
وقد فرق (1) الأولون بين المسألتين بأن هذا التارك للسجدة (2) قرأ بأم
القرآن وسورة مع الإمام أو حضر قراءتها، فلا يعيد إلا المقدار الواجب خاصة
في قول (3)، وهي أم القرآن. والمسبوق لم يقرأ ولم يحضر [القراءة] (4). فأمر
بتلافي ما فاته من القراءة.
وأما أبو الحسن اللخمي فاعتمد على ألفاظ وقعت في المذهب؛ منها قول القاضي
أبي محمد عبد الوهاب في تلقينه ما أدرك هو آخر صلاته وما يأتي به هو أولها،
(5) وحكى في الإشراف قولين هذا أحدهما، والقول الثاني أن ما أدرك هو أول
صلاته وما فاته هو آخرها.
فأما ما احتج به مما (6) في التلقين فلا حجة فيه لأنه في المدونة قال: ما
أدرك هو أول (7) صلاته، إلا أنه يقضي بمثل الذي فاته. وقد جعل ما أدرك أول
الصلاة، وإنما يريد في حكم الجلوس، وجعل يقضي مثل الذي فاته، فإنه يريد (8)
في القراءة.
وأما ما احتج به من القولين اللذين في "الإشراف" فيحتمل أن يكون في القراءة
خاصة، ويكون ذلك حجة من جعل المذهب على قولين. لكن
__________
(1) في (ق) و (ت) يفرق.
(2) في (ر) للسجود.
(3) في (ر) قوله.
(4) ساقط من (ر).
(5) انظر التلقين ص:38.
(6) في (ت) منها.
(7) في (ق) قال مالك ما أدرك مع الإمام فهو أول.
(8) في (ر): مراده.
(1/489)
هذه المسألة نزلت قديماً فطال بحثنا (1) عن
روايات المذهب فيها، وخالفني بعض أشياخي ودافع ما قاله (2) أبو الحسن كل
المدافعة. وإنما اعتمدت له على أن ما قاله القياس، إذا لا بالروايات (3).
فأخرجت من كتاب "الإملاء" لابن سحنون أن من أدرك ركعة من المغرب يقوم فيأتي
بركعتين بأم القرآن وسورة في كل واحدة منهما يجهر بالقراءة ولا يجلس
بينهما، وهذا نص في صحة طريقة أبي الحسن اللخمي إذ جعل في هذه الرواية أن
ما أدرك آخر صلاته في القراءة والجلوس جميعاً.
ولم يكن عند من خالفني (4) في هذه المسألة أكثر من قوله لبعض تلامذته (5):
الكتب لا تقوم بأنفسها. والمشكل في هذه المسألة مذهب المدونة في تفريقه بين
الأقوال والأفعال، ولا يتخرج له معنى إلا أن يقال إن ما أدرك هو أول صلاته
حقيقة، فلهذا يبني عليه [في] (6) الجلوس. لكنه يزيد فيما يأتي به بسورة مع
أم القرآن، إذ لا تفسد الصلاة ولا ينقص كمالها بزيادة السورة، بل ينقص
الكمال (7) نقصها. فيأتي بالسورة ليتلافى ما فاته من الكمال. وقد قدمنا في
باب الرعاف حكم اجتماع القضاء والبناء وتفصيل ذلك مستوفى (8).
...
[فصل] (9) (هل يقوم المسبوق بتكبيرة أو بغير تكبيرة)
والنظر في هذا الباب هل يقوم المسبوق بتكبير أو بغير تكبير؟ أما
__________
(1) في (ق) بحثي وفي (ت) تحثي.
(2) في (ق) كل ما قاله وفي (ت) قال.
(3) في (ق) إذا لا بالرواية، وفي (ر) وإذ لا بالروايات.
(4) في (ر) خالف.
(5) في (ر) تلامذة.
(6) ساقط من (ر).
(7) في (ر) الإكمال.
(8) في (ر) و (ق) مستوعباً.
(9) ساقط من (ر) و (ت).
(1/490)
كل من حصل له ركعتان مع الإمام فإن جلوسه
(1) في موضع الجلوس، فيقوم بتكبير. وإن حصل له أقل من ركعتين أو أكثر (2)
فها هنا جلس (3) في غير موضع جلوسه. وفي قيامه بالتكبير قولان: المشهور أنه
يقوم بغير تكبير؛ لأنه ليس موضع جلوسه (4) وإنما جلس لئلا يخالف الإمام.
والشاذ أنه يقوم بتكبير؛ لأن التكبير (5) جعل متى وجب حركة من ركن إلى ركن
فها هنا قد وجب (6). وقد استقرأه بعض أشياخي (7) من المدونة [في قوله] (8)
فيمن أدرك الإمام في التشهد الآخر أنه يقوم بتكبير، وهو في جلوسه تابع
للإمام وليس بجلوس [له] (9) كما قال حيث قال: موضع جلوس [له] (10).
...
__________
(1) في (ر) و (ت) الجلوس له.
(2) في (ر) وأكثر.
(3) في (ت) جلوس.
(4) في (ر) و (ت) جلوس له.
(5) في (ق) ووجهه أن التكبير.
(6) في (ق) وجبت.
(7) في (ر) الأشياخ وفي (ق) أشياخي.
(8) ساقط من (ر).
(9) في (ق) في الجلوس يتابع.
(10) هكذا في (ق) وساقط من (ر).
جاء في المدونة ما يلي: "قال مالك فيمن أدرك مع الإمام ركعة وقد فاتته ثلاث
ركعات فسلم الإمام. قال ينهض بغير تكبيرة لأن الإمام هو الذي حبسه وقد كبر
هو حين رفع رأسه من السجود ولولا الإمام لقام بتكبيرته التي كبر حين رفع
رأسه من السجدة ولكن لم يستطع أن يخالف الإمام فيجلس معه وليس ذلك له بجلوس
إلا أنه لم يستطع أن يخالف الإمام فإذا نهض نهض بغير تكبيرة قال فإذا كان
ذلك له فإذا نهض نهض بتكبيرة وذلك إذا أدرك مع الإمام ركعتين وجلوسه مع
الإمام في آخر صلاة الإمام ذلك وسط صلاته فإذا سلم الإمام نهض هو بتكبيرة".
وقال كذالك: "في رجل يأتي والإمام جالس في آخر صلاته فيكبر للإحرام قال:
يقوم إذا فرغ الإمام بتكبيرة وان قام بغير تكبيرة أجزأه" 1/ 96.
(1/491)
|