التنبيه
على مبادئ التوجيه - قسم العبادات باب في تفصيل ما يجب
الإمساك عنه من الجماع وحكم مبادئه
ولا خلاف أن الجماع وما في معناه من استدعاء المني محرم في الصوم. وأما
مبادئه وهي: الفكر والنظر والقبلة والملاعبة والمباشرة؛ فإن استدامه حتى
استجلب به المني رجعت إلى ما قدمنا من تحريم استدعائه. فإن لم يستدم؛ فأما
الفكر والنظر فلا يختلف أنهما لا يحرمان في الصوم (2).
وأما القبلة وما بعدها ففي المذهب اضطراب هل تحرم أو تكره أو يختلف حال
الشيخ والشاب. وتحقيق المذهب في ذلك: أن من علم سلامته من الإنعاظ (3) وما
بعده لم تحرم في حقه، ومن علم أنه لا يسلم حرمت في حقه، ومن شك ففيه قولان:
التحريم، نظراً إلى تقرر الصوم (4) في الذمة (5)، فيجب عليه محاذرة كل ما
يفسده. والكراهية، نظراً إلى أن
__________
(1) في (ت) و (ق) أن يحكم في كل.
(2) في (ق) للصائم.
(3) سبق أن قلت في كتاب الطهارة: الإنعاظ من النعظ. يقال: نَعَظَ الذكَرُ
يَنعَظُ نَعظًا ونعَظاً ونُعُوظاً وأَنعَظَ إذا قامَ وانتشَر، وأنعظ الرجل
إذا اشتهى الجماع. والإنعاظ الشبق، وهو تشهي الجماع. انظر لسان العرب 7/
464، والنهاية في غريب الحديث 5/ 81.
(4) في (ر) الاسم.
(5) في (ق) ذمته.
(2/716)
الفساد غير متيقن، ولا يحرم إلا مع تيقن
الفساد. على أنه [قد] (1) اختلف في توجه القضاء مع الإمذاء (2)، هل يجب، أو
يندب إليه على ما يأتي. ونبدأ بأوائل الجماع ومقتضيات الشهوة على الترتيب،
ونذكر ما يكون عنها، الأول فالأول فنقول:
(حكم التفكر في الجماع وما في معناه)
إن فكر فالتذ بقلبه فلا حكم للذة، وهذا مما تسقطه الشريعة لأنّ تكليفه من
الحرج. وإن أنعظ فكذلك أيضًا. وإن أمذى (3) نظر هل استدام أو لم يستدم، فإن
استدام كان بمنزلة من أمذى قصدًا، فيؤمر بالقضاء. وهل يجب [القضاء] (4) أم
لا؟ قولان: الوجوب؛ لأنّ المذي علامة [على تحرك] (5) المني عن موضعه، ونفي
الوجوب لأنّ الحكم يتعلق بالمني لا بالمذي. والدليل عليه سقوط الكفارة فيه.
وإن لم يستدم فلا شيء عليه، لأنه لو كلف القضاء لأدى إلى الحرج الذي تسقطه
الشريعة السمحة، وإن أمنى [فإن استدام] (6) قضى وكفر عندنا، وإن لم يستدم
فالقضاء بلا كفارة إلا أن يكثر ذلك عليه فيسقطُ القضاء للمشقة.
(حكم النظر)
فإن نظر فالتذ بقلبه فلا حكم لما قلناه (7) من الحرج، وإن أنعظ فكذلك
أيضًا، وإن أمذى فاستدام النظر فالقضاء مأمور به. وهل هو (8)
__________
(1) ساقط من (ر) و (ت).
(2) في (ر) و (ت) الأمر.
(3) في (ت) مني.
(4) ساقط من (ق).
(5) في (ق) تحريك.
(6) ساقط من (ق).
(7) في (ت) فلا حكم لها لما قدمناه.
(8) في (ر) ذلك.
(2/717)
واجب؟ يجري على الخلاف المتقدم. وإن لم
يستدم [النظر] (1)، استحب له القضاء ولا يجب. وإن أمنى؛ فإن استدام فالقضاء
والكفارة، وإن لم يستدم فالقضاء. وهل يكفر؟ جمهور المذهب على أنه لا يكفر،
وألزمه الكفارة أبو الحسن القابسي رحمه الله، وتأوله على ابن القاسم إذا
قصد إلى النظر. ورأى أن قوله بالسقوط (2) إنما هو مع عدم القصد.
وسبب الخلاف تعليق الحكم على النوادر، فتجب الكفارة. أو عدم تعليقه على
ذلك، فتسقط.
(حكم القبلة)
وإن قبَّل فالتذ بقلبه فلا شيء عليه؛ إذ لا حكم للذَّة بانفرادها، فإن أنعظ
فقولان: وجوب القضاء وإسقاطه. وهذا خلاف في حال؛ هل يمكن (3) الإنعاظ من
غير مذي؟ وهاهنا قارن الإنعاظ [قبلة] (4)، فهل يقتضي تعلق الحكم عليه،
بخلاف إذا فكر ونظر (5). وإن أمذي أمر بالقضاء. وهل يجب؟ قولان كما تقدم.
فإن أمنى وجب القضاء، وهل تجب الكفارة؟ أما إن استدام فهي واجبة؛ لأنه
[قاصد لفعل] (6) يوجد معه المني غالباً. وإن لم يستدم فقولان: وجوب
الكفارة، وإسقاطها. وهما خلاف في حال، هل يوجد المني من القبلة غالباً أم
لا؟ وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس.
(حكم المباشرة والملاعبة)
وأما إن باشر أو لاعب ولم يمذ فلا قضاء إلا أن ينعظ ففيه قولان كما تقدم في
القبلة. وإن أمذى أمر بالقضاء. وهل يجب؟ قولان كما تقدم.
__________
(1) ساقط من (ق).
(2) في (ق) بالإسقاط.
(3) في (ق) و (ت) ينكسر.
(4) ساقط من (ق).
(5) في (ت) أو نظر.
(6) في (ق) فعلًا.
(2/718)
وإن أمنى وجبت الكفارة على الإطلاق، إذ
الغالب مع هذا الفعل وجود المني. أو يكون ذلك موجوداً كثيراً وإن لم يكن
غالباً. وقال أشهب: لا كفارة، كالقبلة عنده.
(حكم الجماع فيما دون الفرج)
وإن جامع فيما دون الفرج فلا كفارة إلا أن ينزل، فإن أنزل كفر بلا خلاف
عندنا. وهل يجب القضاء مع [عدم] (1) الإنزال؟ [ظاهر مذهب البغداديين الخلاف
في وجوب القضاء إذا لم يكن إلا المذي. أما إذا كان المني فلا خلاف في هذا]
(2).
(حكم الجماع في الفرج)
وإن جامع في الفرج وجبت الكفارة بمغيب الحشفة؛ أنزل أو لم ينزل. ولا خلاف
عند جمهور الأمة في وجوبها مع العمد. أما الإكراه والنسيان ففي المذهب
قولان: المشهور عدم الوجوب، والشاذ إثباته.
وسبب الخلاف قول النبي-صلى الله عليه وسلم- للقائل جامعت أهلي في رمضان
"كفر" (3). ولم يسأله هل جامع عمداً أو نسياناً. وبين الأصوليون خلاف في
__________
(1) ساقط من (ت).
(2) ما أثبته من (ل)، وفي (ر) و (ق) "ظاهر ما يطلقه البغداديون من الخلاف
في وجوب القضاء إذا لم يكن إلا المذي يقتضي الخلاف في هذا"، وفي (ت) "ظاهر
ما يطلقه البغداديون من الخلاف وجوب القضاء إذا لم ينزل إلا المذي يقتضي
الخلاف في هذا".
(3) لعل الحديث المقصود هو ما أخرجه البخاري في الهبة 2600 عَنْ أَبِي
هُرَيرَةَ رَضِي الله عَنْه قَالَ: "جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُولِ اللُهِ -
صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: هَلَكْتُ فَقَالَ: "ومَا ذَاكَ؟ " قَالَ
وَقَعْتُ بأهلِي في رَمَضَانَ قَالَ: "تَجدُ رقَبَة؟ " قَالَ: لاَ، قَالَ:
"فَهَل تَستَطِيعُ أن تَصُومَ شَهرَينِ مُتَتَابعَين" قَالَ: لاَ، قَالَ:
"فَتستَطِيعُ أن تُطعِمَ ستينَ مِسكِيناً؟ " قَالَ: لاَ، قَالَ فَجَاءَ
رَجُلْ مِنَ الأَنصَارِ بِعَرق وَالْعَرَقُ المِكتَلُ فِيهِ تَمرٌ فَقَالَ:
"اذهب بهذا فَتصدق بِه" قَالَ: عَلَى أَحوَجَ منا يا رَسُولَ الله وَالَذِي
بَعَثَكَ بِالحَق مَا بَينَ لاَبَتَيها أَهلُ بَيت أَحوَجُ منَّا قَالَ:
"اذهَب فَأَطعمهُ أَهلَك".
(2/719)
ترك [الاستفصال] (1) هل يتنزل منزلة العموم
في المقال أم لا (2)؟ فإن قلنا إنه يتنزل منزلته جاء منه الشاذ، وإن لم نقل
بذلك وحملناه على العمد لما في بعض الطرق من قول السائل احترقت (3) (4) جاء
منه المشهور، إذ لا يقول في الظاهر احترقت إلا إذا كان عامداً.
فإن جامع أهله مكرِهاً لها كفَّر عن نفسه، وهل يكفر عنها؟ أما إن قلنا بأن
المكره يكفر فلا شك في وجوب الكفارة عليه عنها، وأما إن قلنا إن المكره لا
يكفر فهاهنا قولان: أحدهما: أنه لا يلزمه عنها (5) كفارة لأنها مكرهة (6).
والثاني: لزومها له لأنه قاصد إلى انتهاك حرمة اليوم في حقه وحقها فتلزمه
كفارتان (7).
...
باب في أحكام الطعام وغيره مما يصل إلي المعده
والحلق
ولا خلاف أن الفطر يحصل بإيصال الطعام إلى المعدة أو إلى الحلق من منفذ
واسع مع القصد والعمد. وفي معنى الطعام كل مغذٍّ. وهل يلحق
__________
(1) ساقط من (ر).
(2) هذه قاعدة أصولية من كلام الشافعي. وقد جزم فيها بترك الاستفصال حيث
قال: "ترك الاستفصال في حكايات الأحوال مع الإحتمال يتنزل منزلة العموم في
المقال". انظر البرهان في أصول الفقه 1/ 237.
(3) أخِرج البخاري في الحدود 6822، ومسلم في الصيام واللفظ له 1112 عَنْ
عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْها أنَها قَالَت: جَاءَ رَجُلٌ اِلَى رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -فَقَالَ: احتَرقْتُ، قَالَ رسُولُ الله - صلى
الله عليه وسلم - "لِمَ؟ " قَالَ: وَطِئتُ امرَأَتِي في رَمَضَانَ نَهَاراَ
قَالَ: "تَصَدقْ تَصدقْ" قَالَ ما عِندِي شَيءْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَجلِسَ
فَجَاءَهُ عَرَقَانِ فيهِما طَعَامْ فأَمَرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله
عليه وسلم - أَنْ يَتَصَدَقَ بِهِ".
(4) ساقط من (ق).
(5) في (ق) أنه تلزمه الكفارة.
(6) في (ر) مكرهة لا يلزمها.
(7) في (ر) كفارة ثانية.
(2/720)
به غير المغذي، كالتراب والحصى والدراهم
وما في معنى ذلك؟ في المذهب قولان: الإلحاق، حماية للذريعة وحسماً لباب
التناول (1). وعدم الإلحاق، لأنّ هذا النوع مما لا تتشوف النفوس إلى جنسه،
ولا معنى لحماية الباب [فيه] (2).
وقولنا: "من منفذ واسع"، احترازاً مما يصل [إلى المعدة] (3) من المنافذ
الضيقة كالعين والإحليل، والمنافذ الواسعة: الفم والأنف والأذن.
وهل تلحق بذلك الحقنة؟ في المذهب قولان: أحدهما: الإلحاق بذلك لأنه في معنى
المنافذ المتقدمة. والثاني: عدم الإلحاق لأنه (4) لا يصل إلى المعدة. وإنما
يصل إلى مستقر الأثفال (5).
وقولنا: "مع القصد والعمد"، لما ذكرناه من (6) عدم الخلاف. ومذهبنا إلحاق
النسيان بالعمد في حصول الفطر المقتضي للقضاء. وأما الكفارة فتحصل (7) في
هذا الباب عندنا بالعمد، وما يدخل من (8) الفم. هذا النظر في هذا الباب على
الجملة.
وأما تفصيله فإنا نقول: أما ما يصل إلى الفم؛ فلا يخلو أن يكون متناولاً من
خارج الفم أو مبتلعاً من الفم، [ولا يخلو من أن يكون مستخرجاً من الحلق أو
متناولاً من خارج، ولا يخلو من أن يكون من جنس ما يغذي أو من جنس ما لا
يغذي] (9)، ولا يخلو أن يكون مقدوراً على الاحتراز منه أو غير مقدور.
__________
(1) في (ت) المتناول.
(2) ساقط من (ر).
(3) ساقط من (ق) و (ت).
(4) في (ق) إذا.
(5) في النسخ التي وقفت عليها الأنفال. والأثفال كناية عن محل البراز.
(6) في (ق): في عدم.
(7) في (ت) و (ق) فتختص.
(8) في (ق): في.
(9) ساقط من (ق).
(2/721)
(حكم المتناول من
خارج الفم أو المبتلع منه)
فإن كان متناولاً من خارج، وهو من جنس ما يغذي، ففي عمده القضاء والكفارة
عندنا، وفي سهوه القضاء.
وإن كان مبتلعاً من الفم كالفلقة (1) من الطعام تكون بين أسنانه، ففيه
قولان: أحدهما: أنه كالمتناول من خارج [الفم لأنّ (2) الفم له حكم الظاهر
في الصوم، وإذا ابتلع منه شيئًا صار كالمتناول من خارج] (3)، وأيضًا فإن
أصلها من خارج الفم. والثاني: أنها ليست كالمتناول من خارج؛ لأنها لما
استقرت في الفم صارت في حكم الريق. فإذا (4) قلنا إنها ليست كالمتناول من
خارج، فهل تسقط الكفارة ويجب القضاء أو يسقطان جميعًا؟ في المذهب قولان:
سقوطها، لما عللنا به من أنها كالريق. ووجوب القضاء، لأنها في حكم ما يمكن
الاحتراز منه، فأشبه (5) المتناول ناسياً (6).
(حكم تناول غير المغذي)
وأما غير المغذي فقد قدمنا ما فيه من الخلاف. وإذا قلنا إنه ليس كالمغذي،
فهل يكون فيه [القضاء] (7) خاصة أم لا؟ في المذهب قولان: أحدهما: وجوب
القضاء، [إذ ليس كالمغذي] (8) في عمده دون الكفارة. [والثاني: وجوب القضاء
والكفارة] (9)، وهذا مراعاة للخلاف، ولأن الكفارة
__________
(1) في (ر) كالفاقة.
الفلقة هي: الكسرة من الخبز أو غيره. انظر لسان العرب 10/ 309.
(2) في (ق) من خارج لأنّ.
(3) ساقط من (ر).
(4) في (ر) فإنما.
(5) في (ق) فأشبهت.
(6) غير واضح في (ر).
(7) ساقط من (ر) وغير واضح في (ت).
(8) ساقط من (ق)، وخرم في (ت).
(9) ساقط من (ر) و (ق).
(2/722)
إنما جعلت في الشريعة] (1) زجراً عن تناول
ما تدعو النفوس إليه، وهذا مما لا تدعو النفوس إليه.
وأما ما استخرج من الحلق كالبَلْغَمِ (2)؛ فإن لم يقدر على طرحه فلا حكم له
إن استرده، وإن أمكن طرحه ففيه من الخلاف ما في غير المغذي، كالفلقة بين
الأسنان.
(حكم ما لا يمكن الاحتراز منه)
وإن كان مما لا يمكن الاحتراز منه، فإن عمَّ وكان من جنس ما لا يغذي كغبار
الطريق، فلا خلاف في سقوط حكمه (3). وإن كان من جنس ما يغذي كغبار الدقيق
فيه قولان في المذهب: أحدهما: وجوب القضاء، لأنّ [أقصى] (4) أمره أن يكون
كالنسيان. والثاني: نفيه، لأنه لا يمكن الاحتراز منه كغبار الطريق. وأما
غبار [الجير والدباغ] (5) وما في معناه من كل ما لا يغذي وينفرد بالاضطرار
إليه بعض الناس، فهل يكون كغبار [الدقيق فيكون فيه الحكم كما قدمته أو يكون
كغبار الطريق فلا حرج فيه ولا حكم؛ فإنه] (6) إن عللنا غبار الطريق بأنه من
جنس ما لا يغذي فهذا مثله، وإن عللنا بعموم الاضطراب إليه فهذا بخلافه.
...
فصل (حكم الواصل إلى المعدة أو الحلق من غير
الفم)
ولا خلاف في سقوط الكفارة في الواصل إلى المعدة أو الحلق من غير الفم،
إلَّا ما قاله أبو مصعب فيما دخل من منفذ واسع. وهو بعيد
__________
(1) نهاية الساقط من (م).
(2) البلغم: النخامة انظر لسان العرب 6/ 294.
(3) في (ر) الحكم.
(4) ساقط من (ر).
(5) في (ق) و (ت) الجباسين.
(6) ساقط من (ر) وفي (ق) الطريق أو كغبار الدقيق.
(2/723)
جدًا، لأنّ هذا مما لا تتشوف النفوس إليه،
فتتعلق الكفارة به. وإنما ظن أن الشريعة علقت الكفارة بوصول الشيء إلى
المعدة مع القصد والعمد. وفي إثبات القضاء فيما استدخل من منفذ واسع كالأنف
والأذن قولان. وقد قدمنا القولين في الحقنة، وذلك إذا كانت مما يماع (1)
[ويحصل الاغتذاء به] (2). وأما إذا كانت مما لا يماع فلا يختلف في سقوط
حكمه.
وكذلك الاكتحال بما لا يتحلل ولا يصل، وأما ما يتحلل ويصل فهل يجب عند
الاكتحال به القضاء؟ في المذهب قولان. وهما خلاف في شهادة، هل يمكن أن يصل
من العين إلى الحلق شيء بتوصيل العقاقير الغواصة، أو لا يمكن ذلك لضيق
المنفذ؟ وإذا قلنا بإسقاط القضاء، فهل يجوز ذلك ابتداء أم لا؟ في المذهب
قولان: فمن أجاز شهد (3) بعدم الوصول، ومن منع فلعله راعى الخلاف ورأى أنَّ
الواصل يسير لا حكم له في إيجاب القضاء، لكنه ينهى عنه ابتداء. وإنما سقطت
الكفارة في الواصل من غير الفم؛ لأنّ الكفارة إنما جعلت في الشريعة زجراً
وردعاً عن تناول ما تدعو النفوس إلى تناوله، وهذا القبيل مما لا تدعو
النفوس إليه إلا عند الحاجة، فيكون الإنسان كالمضطر إليه. والفطر إنما يقع
بوصول جرم المتناول إلى الحلق لا بوصول ريحه. ولهذا نقول: إن ذوق (4) ما له
طعم مكروه، لكن لا يحصل الفطر بذوقه إلا أن يصل منه شيء إلى الحلق والمعدة.
...
فصل (حكم القيء)
وأما [القيء] (5) الضروري فحكمه (6) ساقط إلا أن يُسترجع (7) شيء
__________
(1) ماع يميع ميعاً ذاب وقال، انظر لسان العرب 8/ 344.
(2) ساقط من (ر) و (ق).
(3) في (ق) استشهد.
(4) في (ر) يقال لمن يذوق.
(5) ساقط من (ر).
(6) في (ق) في حكمه.
(7) في (ت) و (ق) يسترد، وفي (م) يستعد.
(2/724)
بعد إمكان طرحه ففيه من الخلاف ما قدمناه
في الخارج من الحلق يُسترد. وأما المستدعي ففيه القضاء في الصوم الواجب
لإمكان أن يرجع منه شيء. واختلف البغداديون هل الأمر بالقضاء على الوجوب أو
على الاستحباب. ولعل هذا التردد في رجوع شيء منه فيكون (1) بمنزلة من شك هل
وجب عليه شيء أم لا؟ وهل (2) فيه الكفارة [أم لا؟] (3) أما إن كان استدعى
لعذر أوجبه فلا كفارة عليه، وأما إن كان لغير عذر ففي الكفارة قولان:
المشهور إسقاطها، والشاذ وجوبها. قال [أبو الفرج] (4) البغدادي: هو القياس.
وتأوله على مذهب مالك رحمه الله. ولعلَّ هذا خلاف في شهادة هل يمكن أن يسلم
مستدعي القيء من أن يرجع إلى حلقه شيء أم لا، أو نقول: وإن رجع يجري الخلاف
في هذا القبيل هل في عمد رده بعد إمكان طرحه كفارة أم لا؟ وإثباتها حماية
للذريعة، ونظرًا إلى القاعدة الكلية لوجوب الكفارة في العمد، وإسقاطها لأنّ
النفوس تأباه بطبعها.
...
فصل (حكم المضمضة والسواك)
ولا خلاف في إباحة المضمضة للصائم. ولو تمضمض في وضوء أو غيره فسبقه الماء
وجب عليه القضاء عندنا، لأنا نوجب (5) القضاء مع النسيان والغلبة، وهذا
منه. ولا كفارة إلا أن يتعمد وصول الماء من غير غلبة.
والسواك مباح عندنا قبل الزوال وبعده، إذا كان مما لا يتحلل منه ما
__________
(1) في (ر) ليكون.
(2) في (ر) و (ت) و (م) فهل.
(3) ساقط من (ر) و (ق).
(4) ساقط من (ر) و (ق).
(5) في (ق) نقول بوجوب.
(2/725)
يصل إلى الحلق أو طعمه، فإن كان [بما] (1)
يتحلل فإن سلم منه كره ولا قضاء، وإن وصل إلى الحلق شيء كان على التفصيل
الذي ذكرناه في المضمضة.
...
باب الصيام في السفر
ولا خلاف بين الأمة أن السفر من مقتضيات الفطر [على الجملة] (2)، وجمهورهم
على إباحة الصوم فيه. وقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (3) معناه: فأفطر. وهذا
يسميه الأصوليون لحن الخطاب، وكذلك قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ
مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} معناه:
فلحق (4)، وكذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ} (5) معناه: فحنثتم. وما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: "الصوم في السفر كالفطر في الحضر" لم (6) يثبت (7)، ولو ثبت لحُمل (8)
على من يشق عليه الصوم حتى يؤديه إلى مضرة كبيرة. وما ثبت (9) عنه - صلى
الله عليه وسلم - أنه قال:
__________
(1) ساقط من (ر).
(2) ساقط من (ر).
(3) البقرة: 184.
(4) في (ق) فحلق.
(5) المائدة: 89.
(6) في (ر) و (ت) فلم.
(7) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقد أخرج ابن ماجه في الصيام 1666 عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ بْنِ عَبدِ الرّحمَنِ عَنْ عبدِ الرحمَنِ بن عَوفِ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "صَائِمُ رَمَضَانَ في السفَرِ
كَالمُفطِر في الحَضَرِ". قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية
1/ 283: "وأخرَجه البزار ورجح وقفه وكذلك جزم ابن عديّ يوقفه وبين علته".
(8) في (ت) كمل وفي (ر) لحكم.
(9) في (ق) روي.
(2/726)
"لَيسَ مِنَ البِر (1) الصَّومُ (2) في
السفَر" (3) خارج على سبب، وهو أنه رأى رجلًا قد جهده الصوم فقال هذا
القول. فهو عموم خرج على سبب. وبين الأصوليين خلاف هل يقصر على سببه، أو
يتعدى؟ فإن قصرناه على سببه كان حجة للمشهور (4)، وإن عديناه إلى (5) غير
هذا الموضع فنقصره هاهنا إما لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ
لَكُمْ} (6) وسنذكر ما في هذه الآية وإما لما ثبت أن الصحابة رضوان الله
عليهم كانت تسافر (7) معه - صلى الله عليه وسلم - فمنهم الصائم والمفطر ولم
يعب بعضهم على بعض (8). وإما لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - سأله حمزة
بن عمرو الأسلمي عن الصيام في السفر فقال له: "إن شِئتَ فَصُم وإِنْ شِئتَ
فَأفطِر" (9).
(أيهما أفضل للمسافر الإفطار أم الصيام؟)
وإذا [تقرر] (10) جواز الصوم في السفر على الجملة فهل هو أفضل، أو الفطر،
أو يتساويان؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أن الصوم أفضل، وهو المشهور.
والثاني: عكسه. والثالث: أنهما سيان.
وسبب الخلاف الآثار والاعتبار: أما الآثار فإنه - صلى الله عليه وسلم - صام
في رمضان
__________
(1) في (ر) الصبر.
(2) في (ت) و (ر) الصيام.
(3) أخرجه البخاري في الصوم 1946، والدارمي في الصوم 1709.
(4) في (ق) و (ر) (م) للجمهور.
(5) في (ر) و (ق) و (ت): في.
(6) البقرة: 184.
(7) في (ق) يسافرون.
(8) أخرج البخاري في الصوم 1947 واللفظ له، ومسلم في الصيام 1118 عَنْ أنس
بْنِ مالك قَالَ: "كُنا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -
فَلَم يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفطِرِ وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى
الصَائِمِ".
(9) أخرجه البخاري في الصوم 1943، ومسلم في الصيام 1121.
(10) ساقط من (ر).
(2/727)
فلما بلغ الكَدِيدَ أفطر، فقال الراوي:
"كان الناس يأخذون بالأحدث فالأحدث من فعله - صلى الله عليه وسلم -" (1)
[فتعلق من رأى أن الصوم أفضل بأنه ابتدأ [به] (2)، ومن عكس فلأنه يرجع (3)
إليه، وقال الراوي ما قال. وهو دليل على أنهم فهموا ترك الصوم والانتقال
إلى أن الأولى الفطر. لكن في بعض الطرق أنه - صلى الله عليه وسلم -] (4)
إنما أمرهم بذلك فأفطر ليقتدوا به وقصد التقوي على لقاء العدو (5). وهذا
يشعر بأن الصوم أفضل، لكنه تركه (6) لهذه العلة، والحديث متنازع فيه على أي
المذهبين يدلّ كما بيَّناه.
ومن قال بالتخيير احتج بما قال - صلى الله عليه وسلم - من تخيير السائل وقد
تقدم وبما حكى أنس عن الصحابة رضي الله عنهم من انقسامهم إلى الصائم
والمفطر كما تقدم، ولم يعب بعضهم بعضاً. ومثل هذا لا يكاد يخفى عنه - صلى
الله عليه وسلم - من فعلهم، وإقرارُه دليل على الجواز. ويحتج للمشهور أيضًا
بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (7). لكن قد قدمنا الخلاف،
هل كان صوم رمضان أولاً لازمًا فلا بد، أو يجوز للقادر عليه أن يفطر
ويفتدي؟ فعلى القول بلزوم الصوم يكون في الآية حجة، وعلى القول بالتخيير
بينه وبين الفدية
__________
(1) أخرج البخاري في الصوم 1944، ومالك في الصيام 653 واللفظ له عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاس أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
خَرَجَ إلَى مَكَّةَ عَامَ الفتح في رَمَضَانَ فَصَامَ حَتي بَلَغَ
الْكَدِيدَ ثُمَّ أفطَرَ فَأَفْطَرَ الناسُ وَكَانُوا يأخُذونَ
بِالْأَحدَثِ فَالأحدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-.
(2) ساقط من (ق).
(3) في (ق) راجع.
(4) ساقط من (ر).
(5) أخرج مسلم في الصيام 1120 واللفظ له، وأبو داود في الصوم 2406 عن أبي
سعيد الخدري قَالَ: سَافرنا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
إِلَى مَكةَ وَنَحنُ صِيَام قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "أنكُم قد دنَوتُم من عدوكُم وَالفِطرُ
أَقوَى لَكم فَكَانَت رُخصَة فَمِنا مَن صَامَ وَمنا مَنْ أفطَرَ". ثُم
نَزَلْنًا مَنْزِلاً آخَرَ فَقَالَ: "أنكُم مُصَبحُو عدوكم وَالفِطرُ
أَقوَى لَكم فأفطِرُوا" وَكَانَتْ عَزْمَة فأَفْطَرنا ثُمَّ قَالَ: لَقَد
رَأَيتُنا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ
ذَلِكَ في السَّفَرِ.
(6) في (ر) لا يتركه، وفي (م) ترك.
(7) البقرة: 184.
(2/728)
يكون (1) محمل الآية على القادر ويكون ذلك
منسوخاً كما تقدم.
وأما الاعتبار؛ فمن رأى الفطر أفضل قاسه على القصر في السفر والمشهور أنه
أفضل كما تقدم والفرق بينهما على المشهور أن القاصر يؤدي فريضة الوقت ويخرج
عن عهدة (2) التكليف، والمفطر لا يؤدي فريضة الوقت بل (3) تبقى ذمته معمورة
(4) به، ولا يجد أيامًا توازي رمضان في الفضل.
(نية السفر لا تبيح الإفطار)
وإذا تقرر ذلك فقد قدمنا أن مجرد النية لا تكفي في السفر حتى بصحبه الفعل.
فمن عزم على السفر فأفطر قبل أن يشرع فيه فهل عليه الكفارة؟ في المذهب
أربعة أقوال: أحدهما: وجوب الكفارة مطلقاً. والثاني: إسقاطها (5) مطلقاً.
والثالث: إيجابها إن لم يتم [على] (6) السفر وإسقاطها إن تم. والرابع:
إيجابها إن لم يأخذ في أهبة السفر وإسقاطها إن أفطر بعد أن أخذ في أهبة
السفر.
هذه الأقوال ترجع إلى الانتفاع بالتأويل وعدم الانتفاع به. وإذا (7) قلنا
إن مجرد النية من غير شروع في السفر لا يقتضي الفطر؛ فمن (8) أوجب الكفارة
مطلقًا فبناء (9) على الأصل ولم يعذره (10) بالتأويل، ومن أسقطها مطلقاً
عذره بالتأويل، ومن فرَق بين أن يتم على السفر أو يبدو له أعطى
__________
(1) في (ق) و (ت) و (م) فيكون.
(2) في (ق) مجهدة.
(3) في (ق) ثم.
(4) في (ق) مشغولة.
(5) في (ق) سقوطها.
(6) ساقط من (ر).
(7) فس (ق) و (ت) إذا.
(8) في (ر) لمن.
(9) في (ق) بناء.
(10) في (ق) و (ت) يعدده.
(2/729)
أول النهار حكم آخره، فإذا تم على السفر
صار اليوم لا حرمة له في حق هذا، إذ الكفارة إنما تجب لانتهاك الحرمة، ومن
فرَّق بين أن يأخذ في أهبة السفر، أو لا يَعُدّ الأخذ في الأهبة ضرباً في
(1) الشروع في زمان السفر، فتسقط به الكفارة.
فإن سافر فلا يخلو أن يكون سافر قبل طلوع الفجر (2) أو بعده. فإن سافر قبل
الطلوع فهو مخيَّر بين أن يعقد الصوم أو الفطر. وإن سافر بعد الطلوع فعليه
أن يعقد الصوم قبل الطلوع. فإن أفطر قبل سفره فقد تقدم الخلاف فيه. وإن
أفطر بعده؛ فإن تأوَّل فظاهر المذهب ألا كفارة عليه، وإن لم يتأول فقولان:
أحدهما: إيجاب الكفارة. والثاني: إسقاطها. وهو خلاف في كون الصوم كالجزء
الواحد والحكم فيه الأول (3)، فتجب الكفارة لانعقاده في الحضر. أو كل جزء
منه عبادة قائمة بنفسها، فلا تجب الكفارة، لأنه صام أولاً حاضرًا وأفطر لما
خرج للسفر (4)، والسفر يبيح الفطر.
(هل يباح الفطر لمن أصبح صائمًا في السفر)
وإن (5) أصبح صائمًا في السفر فهل يباح له الفطر في أثناء النهار؛ أما إن
طرأ عليه عذر يقتضي الفطر ومنه التقوي للقاء العدو كما فعله - صلى الله
عليه وسلم - فيباح الفطر، وأما إن لم يكن له عذر فقولان: المشهور منع
الفطر، والشاذ جوازه. وهو على الخلاف في كون الصوم، هل هو كالجزء الواحد أو
كل جزء منه قائم بنفسه، فيكون السفر مبيحاً للفطر في كل وقت وإن عقد الصوم.
ويحتج من أباح الفطر أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أفطر (6) بعد أن عقد
الصوم،
__________
(1) في (ق) و (ت) من.
(2) في (ر) الشمس.
(3) في (ق) للأول.
(4) في (ر) في السفر.
(5) في (ق) فإن.
(6) في (ق) بفطر النبي-صلى الله عليه وسلم-.
(2/730)
ويرى الفطر (1) من باب الأولى، لأنه بلغ
إلى حالة تقتضي الفطر فلا بد.
وإذا قلنا بمنع الفطر فأفطر هل تجب الكفارة؟ ثلاثة أقوال: أحدها: الوجوب،
والثاني: نفيه، والثالث: إن أفطر بالجماع وجبت وإن أفطر بالأكل لا تجب.
فأما الوجوب، فلما قدمنا من المنع. وأما نفيه، فلعله بناء على أن الفطر
مكروه لا يحرم وقد قيل بذلك أو مراعاة الخلاف. وأما التفرقة، فهي لابن
الماجشون وهو القائل بوجوب الكفارة مع النسيان والعذر، فلعله بناء على ذلك.
أو لأنّ (2) الفطر بالأكل والشرب يتأول على التقوي على السفر، والجماع ليس
كذلك. وإذا جاز إنشاء الصوم في السفر في رمضان جاز أيضًا لسائر أنواع
الصوم.
(حكم المسافر يفتتح صومًا في غير رمضان)
وإن افتتح صوماً في غير رمضان فلا يخلو أن يكون واجبًا أو غير واجب. [فإن
كان واجباً] (3) كالنذر أو صوم الكفارة؛ فالمنصوص أنه لا يجوز له الإفطار
بعد افتتاحه، ويلزم على قول مطرف أنه يجوز فطره كما قال في الصيام في السفر
في رمضان. وإذا أفطره فلا شك في وجوب القضاء إلا أن يفطره لمرض؛ [فإن أفطره
لمرض] (4) ففي [قضاء] (5) المعيَّن منه قولان: أحدهما: الأمر بالقضاء خوفاً
أن يكون السفر أهاج (6) عليه المرض. والثاني: نفي القضاء، نظرًا إلى المرض.
وينبغي أن يكون هذا (7) خلافًا (8) في حال.
__________
(1) في (ق) و (ت) و (م) العذر.
(2) في (ر) ولأن.
(3) ساقط من (ر).
(4) ساقط من (ق).
(5) ساقط من (ر).
(6) في (ت) و (ر) هاج.
(7) في (ت) هذا الخلاف خلاف في حال.
(8) في جميع النسخ خلاف.
(2/731)
فإن تبيَّن أن السفر أهاجه (1) أمر
بالقضاء، وإلا فلا قضاء عليه. وسيأتي الخلاف في قضاء اليوم المعيَّن في حق
الناسي والمريض والحائض.
فإن كان الصوم المفتتح تطوعاً، فالمنصوص أيضًا أنه لا يجوز إفطاره، ويجري
على قول مطرّف أنه يفطره. وإذا افتتح الصوم ثم أفطر في الحضر ثم سافر؛ فأما
التطوع ففي جواز الفطر فيه قولان: أحدهما: أنه لا يجوز فطره، فإن أفطر قضى.
والثاني: أنه يجوز ولا قضاء عليه إن أفطر، وهو (2) على ما قدمناه من النظر
إلى حالة الانعقاد، فلا يجوز له الفطر. ويلزم القضاء أو الحكم بأن (3) كل
جزء قائم بنفسه، فيجوز الفطر وينتفي (4) القضاء.
وأما الصوم الواجب؛ فقد قدمنا الخلاف في لزوم الإمساك في رمضان، هل هو واجب
أو مندوب إليه؟ فاحرى أن يجري الخلاف هاهنا. لكنه متى أفطر وكان الصوم مما
يجب متابعته بطل جميعه وابتدأه (5). وهكذا يجري الأمر في القسم الأول (6)،
وهو (7) إذا افتتح الصوم في السفر.
...
فصل (حكم المريض)
و [من] (8) مقتضيات الفطر المرض. ويحرم الصوم معه إذا أدَّى إلى
__________
(1) في (ت) هاج المرض، وفي (ر) هاج للمرض.
(2) في (ق) وهما.
(3) في (ر) بالحكم فإن.
(4) في (ر) وينبغي.
(5) في (ق) الصوم يجب تتابعه بطل جميع الصوم وابتدأه.
(6) في (ر) وهذا لا يجري إلا من القسم الأول، وفي (م) وهذا لا يجري الأمر
في القسم الأول.
(7) في (ت) وهذا.
(8) ساقط من (ر).
(2/732)
التلف والإيذاء الشديد. وأما إن كان فيه مشقة ولا يؤدي إلى ذلك فلا يحرم
تكلفه. وللإنسان الفطر متى خاف الموت، أو تمادي المرض، أو زيادته، أو حدوث
مرض. ونؤخر الكلام على حكم الحائض إلى موضعه من الكتاب إن شاء الله.
... |