التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات

باب في زكاة العروض
(وجوب الزكاة في عروض التجارة وعدم وجوبها في عروض القنية ودَوْر النية في ذلك)
ولا خلاف [بين الأمة] (2) أن عروض القنية غير مزكاة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَيسَ عَلَى المسلم في عَبدِهِ وَلاَ في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" (3)، وقد فهمت الأمة من هذا سقوط الزكاة في عروض القنية، وهذا لِمَا قدمناه من اختصاص الزكاة بالأموال النامية لئلا يؤدي إخراجها من غير النامي إلى فنائه بالزكاة.
وأما عروض التجارة فتتعلق بها الزكاة على الجملة عند جمهور الأمة، ولنُبين (4) ما يحصل به العروض ووصف التجارة [حتى تتعلّق بها الزكاة] (5) فنقول: من ملك عرضاً فلا يخلو أن يملكه بغير معاوضة [كالميراث والهبة والصدقة وما في معنى ذلك، أو بمعاوضة.
فإن ملكه بغير معاوضة] (6) لم يتعلق به حكم الزكاة وإن قصد به التجارة، كما قدمنا في غير هذا الباب من أن النية بمجردها لا تنقل
__________
(1) انظر مواهب الجليل 2/ 293.
(2) ساقط من (ر).
(3) أخرجه النسائي في الزكاة 2469، وأبو داود في الزكاة 1595، وابن ماجه في الزكاة 1812.
(4) في (ق) ويتميز.
(5) ساقط من (ق).
(6) ساقط من (ر).

(2/798)


العروض عن الأصل، والأصل في العروض سقوط الزكاة وكونها معدة للقنية.
وإن ملَكه بمعاوضة فلا يخلو المدفوع عنه من أن يكون عوضًا أو عينًا؛ فإن كان عيناً انصرف بالنية إلى ما تصرفه إليه من التجارة أو القنية، لأنّ النية هاهنا ترده إلى أصل ما دفع فيه، فإن كان عرضاً فإن كان للتجارة فهو كالعين، وإن كان للقنية بنوْا بالمأخوذ عند القنية فلا شك في انصرافه إليها.
وإن نوى به التجارة فهل ينصرف إليها؟ قولان: أحدهما: أنه لا ينصرف لأنه مأخوذ عن عرض قنية، فحكمه حكمه. والثاني: أنه ينصرف إلى التجارة بحصول المعاوضة على الجملة.
ثم ما ينصرف بالنية لا يخلو من أن ينوي به التجارة أو القنية أو الغلة، أو لا ينوي شيئًا؛ فإن نوى به القنية فلا شك في انصرافه إليها كما قدمنا، وإن نوى به التجارة تعلقت به الزكاة، وإن نوى به الغلة (1) ففي تعلق الزكاة به إن بيع قولان: أحدهما: أنها تتعلّق به لأنه معدُّ للتنمية فأشبه عروض التجارة، والثاني: أنها لا تتعلّق به لأنه باق العين فأشبه عروض القنية.
فإن فقدت النية منه لم تتعلّق الزكاة به لأنه يرجع إلى الأصل، والأصل عدم الزكاة في العروض.
وإن نوى به اثنين مما قدمناه القنية والتجارة، [أو القنية والغلة، أو الغلة والتجارة] (2)؛ فإن جمع بين القنية والتجارة ففي تعلق الزكاة به إن بيع قولان:
أحدهما: أنها لا تتعلّق، والثاني: أنها تتعلّق، وهما على الخلاف في اجتماع موجب ومسقط أيهما يغلب؟ وإن نوى القنية والغلة؛ فعلى مذهب
__________
(1) في (ر) القنية.
(2) ساقط من (ر).

(2/799)


من يسقط الزكاة من المغتل تسقط هاهنا، وعلى مذهب من يوجبها يجتمع هاهنا موجب ومسقط، فقد يختلف فيه (1) قوله إلا أن يراعي الخلاف فيوجب. [وإن نوى الغلة والتجارة فعلى مذهب من يزكي المغتل تجب الزكاة هاهنا بلا شك، وعلى مذهب من لا يزكيه يجتمع موجب ومسقط فقد يختلف (2) قوله إلا أن يراعي الخلاف فيوجب] (3).
وتنتقل العروض التي للتجارة إلى القنية بالنية على ما قدمناه من أن النية ترد إلى الأصل، ولا تنتقل عروض القنية إلى التجارة بالنية لكن إن نوى بعرض التجارة القنية ثم عاد فنوى بها التجارة ففي رجوعها إلى ذلك قولان: أحدهما: أنها لا ترجع إذ لا تنتقل بالنية عن الأصل كما قدمنا. والثاني: أنها تنتقل (4) لأنّ أصلها هاهنا التجارة فتعود إليها.

(حكم غلة ما اشتُري أو كري للتجارة أو غيرها)
واختلف في غلة ما اشتري للتجارة هل يكون فائدة يستقبل بها حولًا لأنّ التجارة إنما تتعلّق بعينه لا بغلته، أو يزكيه على حول الأصل [كما يزكي ثمنه لو بيع] (5)، [وإذا تقرر هذا قلنا بعده:] (6) وأما غلة ما اشتري للتجارة فلا خلاف أنها مزكاة على حول (7) الأصل. وإذا تقرر هذا قلنا بعده من اكترى أرضًا أو كانت له، فزرعها؛ فلا يخلو من أن يكون الكراء للتجارة والزرع للتجارة، أو يكون الكراء (8) للاستعمال والغلة للأكل، أو يكون أحدهما للتجارة والآخر لغير التجارة.
__________
(1) في (ت) اختلف، وفي (م) يختلف.
(2) في (ت) اختلف.
(3) ساقط من (م).
(4) في (ق) ترجع.
(5) ساقط من (ر).
(6) ساقط من (ت).
(7) في (ق) حكم.
(8) في (ت) الكل للاستغلال.

(2/800)


فإن كانا جميعاً للتجارة نُظِر، فإن حصل من الزرع [دون ما] (1) تجب فيه الزكاة أزكى ثمنه إذا بيع على حول أصله (2)، وإن كان مقدار ما تجب فيه الزكاة زكاه عند حصاده وبنى [على] (3) حول ثمنه إذا باعه] (4) على أصل زكاة عينه.
وإن كانا جميعاً للقنية استقبل بالثمن حولًا، كان الحاصل منه مقدار ما تجب الزكاة في عينه أو لا تجب.
وإن كان أحدهما للتجارة والآخر لغير التجارة فقد اختلف؛ هل يعطى حكم الزرع للبذر والعمل، أو للأرض. فإن أعطينا الحكم للأرض نظر؛ فإن كانت للتجارة زكى، وإن كانت للقنية استقبل بالثمن حولاً. وإن أعطينا الحكم للبذر والعمل راعاهما على ما قدمناه في الأرض.
والمحكي عن أبي محمد عبد الحميد رحمه الله (5) أنه كان يسقط الزرع على البذر والعمل والأرض، ويعطي لكل واحد منهما حظاً من الزرع، فعلى هذا المذهب ينبغي أن ينظر إلى مقدار ما يقابل الشيء الذي للتجارة فيزكي ثمنه عند بيعه والذي للقنية يستقبل به حولاً.
وقد يقال هاهنا إنه قد اجتمع موجب ومسقط فيختلف هل يغلب الموجب أو المسقط على ما قدمناه ثم ينظر؛ فإن وافق حكم الأرض حكم البذر فذلك بيّن، وإن خالفه فأجراه على ما تقدم.
__________
(1) في (ر) و (ت) ما لا.
(2) في (ت) حول أصله.
(3) ساقط من (ر).
(4) في (ر) كان ثمنه إذا بيع.
(5) هو: أبو محمد عبد الحميد بن محمد القيرواني المعروف بالصائغ الإمام المحقق تفقه بأبي حفص العطار وابن محرز وأبي إسحاق التونسي والسيوري وغيرهما، وبه تفقه الإمام المازري، له تعليق مهم على المدونة معروف كمل فيه الكتب التي بقيت على التونسي، وأصحابه يفضلونه على اللخمي توفي سنة 486. شجرة 117 (327).

(2/801)


فصل (حكم زكاة من اشترى أصول التجارة فأثمرت)
ولو اشترى أصولاً للتجارة فأثمرت فعلى مذهب من يجعل القنية (1) كفوائد يستقبل بالثمن حولًا، كانت مما تجب الزكاة في عينها أو لا تجب. وعلى مذهب من يوجب الزكاة على حكم الأصول ينظر، فإن لم تجب الزكاة في العين لأنها دون النصاب أو لأنها مما لا تجب الزكاة في عينه زكى ثمنها إذا باعها على حول الأصول، فإن وجبت الزكاة في عين الثمن (2) بني حولها إذا باعها على يوم زكاها.
وقد كانت هذه المسائل بباب الفوائد أشبه، لكن ألحقناها بهذا الباب لما تعلق بها من حكم القنية والتجارة.
...

فصل (حكم زكاة العروض التي يترصد بها الأسواق دون إدارتها)
فإذا تقرر الفرق بين ما تتعلّق به الزكاة من العروض أو لا تتعلّق، واستوفينا ذلك خلافاً ووفاقًا، قلنا بعده: الزكاة تتعلّق عندنا بعروض التجارة على صفتين راجعتين (3) إلى اختلاف حكم المتجر؛ فإن كانت العروض يترصد بها الأسواق وزيادتها دون إدارتها فلا تجب الزكاة حتى تباع، فتجب حينئذ إن تم حول أصلها، أو ينتظر تمامه إن لم يتم. ولو أقامت أحوالاً لم تبع لم تجب إلا زكاة واحدة. وهذا لأنّ الزكاة قد فهم من الشريعة أنها متعلقة بالنماء وبالعين لا بالعروض، فإذا قامت أحوالًا لم تبع فإنه لم يحصل فيها النماء إلا مرة واحدة، فلا تجب إلا زكاة واحدة. وهي قبل البيع عرض، والزكاة لا تتعلّق بالعروض، فإذا باع وجبت الزكاة.
__________
(1) في (ق) و (ت) الغلات.
(2) (ق) الثمرة.
(3) في (ر) صنفين راجعين.

(2/802)


(عدم جواز إخراج الزكاة قبل البيع وزكاة الدين قبل حلوله)
ولا يجوز عندنا أن يتطوع بالإخراج قبل البيع، فإن فعل فهل يجزيه؟
قولان: المشهور عدم الإجزاء، [وهذا لأنّ الزكاة لم تجب بعد. وأما الإجزاء] (1) فيمكن أن يكون مراعاة للخلاف أو بناء على جواز الإخراج قبل الحول.
وكذلك القولان عندنا في إخراج زكاة الدين قبل حلوله؛ المشهور (2) المنع، لما قلنا من أن الزكاة لم تجب بعد. والإجزاء، إما مراعاة للخلاف وإما لأنها إنما تمنع من الإخراج لئلا يتلف (3) الدين، أو يمنع مانع من اقتضائه. فإذا أخرج وسلم الديْن واقتضى، تبيّن صحة الإخراج وأنه واقعٌ موقعه.
...

فصل (حكم زكاة المال المدار)
وإن اكتسب العروض لإدارتها بالبيع والخلف، ويبيع بسعر الوقت ولا يرتصد الأسواق فهذا يجب عليه عندنا زكاة القيمة في العروض. لكن اختلف المذهب؛ هل تجب عليه الزكاة لعدم تحصيل حولٍ يزكي فيه، أو لأنه لما أكثر الإدارة في العروض صارت في حقه كالعين؟ وعلى هذا اختلف المذهب فيمن كان يبيع العروض بالعروض ولا ينض له عين، هل يجب عليه التقويم أم لا؟ المشهور أنه لا يجب.
فمن جعل الزكاة لاختلاط الأحوال قال لا تجب، ومن قال إنها صارت في حكم العين أوجب التقويم. وإذا قلنا إن التقويم لا يجب فهل
__________
(1) ساقط من (ت).
(2) في (ت) حصوله والمشهور، وفي (ر) حلوله والمشهور.
(3) في (ت) يلتف.

(2/803)


ينتقل بذلك عن حكم الإدارة؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا ينتقل بل يكون على حكم الإدارة، [باقيًا عليه] (1)، فإذا نض له [درهم] (2) واحد أو أقل منه وجب عليه التقويم. والشاذ أنه لا يجب عليه حتى ينض له مقدار النصاب فيزكي حينئذ ما نص [له] (3)، ثم كلما باع زكى. وهذا حكم بأنه خرج عن حكم الإدارة.
وسبب الخلاف هل كونه لا ينض له عين فيجعل العروض كالبائرة (4) القيمة فيخرجها عن حكم الإدارة ويجعلها كأنها باقية لم تزل، أولاً يلحقها بذلك لأنها قد تبدلت أعيانها فهي على الحقيقة متجر بها، لكن لا يقومها حتى يحصل عيناً فيجعلها تابعة له. وإذا راعينا حصول العين جعلناها باقية على حكم الإدارة، فهل يراعى حصول العين في إبان وجوب (5) الزكاة أو حصولها على الجملة متى حصل؟ في المذهب قولان: المشهور أنه متى حصل وجب التقويم، إذ بحصوله خرجت عن حكم البوار، وقد حصل ما يزكى عينه في الحول. والشاذ مراعاة آخر الحول إذ به يتحصل الخطاب بالإخراج.
وإذا قلنا بوجوب الزكاة وإن لم ينض له شيء، فهل يخرج عرضاً بقيمته أو يبيع ويخرج عينه (6)؟ في المذهب قولان.
والجاري على أصل هؤلاء أنه يخرج من العروض، إذ جعلوه في حكم العين. ومن قال بالبيع وإخراج العين، فإنما راعى الخلاف.

(ما الحكم إذا بارت عروض المدير؟)
وإذا بارت عروض المدير فهل يخرج بذلك عن حكم الإدارة ويرجع
__________
(1) ساقط من (ت) وهو غير واضح في (ر) و (ق).
(2) في (ق) و (م) ولو دينار.
(3) ساقط من (ت).
(4) في (ر) كالمدارة.
(5) في (ر) وجوب إبان.
(6) في (ق) أو بيعه ويخرج عينًا وفي (ت): أو بيع ليخرج ثثمنه.

(2/804)


إلى النوع الأول الذي تجب فيه الزكاة بالبيع؟ في المذهب قولان. وسبب الخلاف هل يعطى الحكم للنية والنية (1) فيها الإدارة ولا ينتقل عنها إلا بنية الادخار، أو يعطى الحكم للموجود، وقد وجد (2) فيه الادخار. وقال أبو الحسن اللخمي: إنما هذا (3) إذا بار الأقل، فيختلف فيه هل يجعل تبعًا للأكثر أم لا؟ وعنده أنه إذا بار الجميع أو الأكثر لا يختلف في خروجها عن حكم الإدارة (4). والمذهب يختلف على الإطلاق كما قلناه. وإذا (5) قلنا بخروجها عن حكم الإدارة فهل مدة البوار الذي يحصل له بذلك محدوده [أم لا] (6)؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنها غير محدودة، وهذا رجوع إلى العادة. والثاني: أنها محدودة بالعامين، وهذا تقريب، والأول هو الأصل.

(حكم المال الذي بعضه مدار وبعضه غير مدار)
وإذا كان المال على أسلوب واحد؛ إما إدارة، وإما ادخارًا للتجارة فحكمه ما تقدم. فإن اختلف لكون بعضه مدارًا وبعضه غير مدار، فإن تساويا أعطي كل نوع حكمه من غير خلاف، وإن اختلفا فثلاثة أقوال: أحدها: أنه كالأول يعطي كل واحد حكم نفسه. والثاني: أن الأقل [تبع للأكثر، وهذا على الخلاف في الأتباع هل تعطى حكم أنفسها أو حكم متبوعاتها. والثالث: أنه ينظر فإن كان الأقل هو المدار] (7) زكى (8) القيمة، وإن كان الأقل غير المدار جعل تبعًا للمدار، وهذا تغليب لإيجاب الزكاة،
__________
(1) في (ر) أو.
(2) في (ر) الموجوب وقد وجب.
(3) في (ر) وهذا.
(4) التبصرة لوحة: 60.
(5) في (ر) ولذا.
(6) ساقط من (ر).
(7) ساقط من (ر).
(8) في (ت) راعى وفي (ق) زكاه.

(2/805)


إذ المخالف يوجب الزكاة في العروض التي للتجارة سواء كانت مدارة أو غير مدارة، وإن كان الأقل غير مدار (1) أعطي حكم التبع تغليباً لإيجاب الزكاة، وإن كان المدار الأقل بقي الأكثر على حكمه فلم يزكيه زكاة القيمة وزكى المدار على حكم نفسه.

(حكم زكاة دين المدير)
وهل يزكي المدير دينه؟ لا يخلو الدين من أن يكون مقصوداً به النماء كالبيع، أو غير النماء بالسلف (2)؛ فإن قصد به النماء فالمشهور من المذهب أنه يزكيه إن كان يرجو (3) اقتضاءه، والشاذ أنه لا يزكيه.
وسبب الخلاف هل يلحق الدين بالسلع وهو أقل منازله فيزكى، أو يلحق بما بار منها، أو يجعل (4) في حكم العدم ما لم يقبضه فلا يزكيه. وإذا قلنا إنه يزكيه فهل بالقيمة أو بالعدد وإن كان ناضاً. أما الحال فيزكى عدده، وأما المؤجل ففيه قولان: المشهور أنه تزكى قيمته لا عدده، والشاذ أنه يزكى عدده، وهو على الخلاف فيما في الذمم، هل يعد كالحال أم لا؟ وفي المذهب [في ذلك] (5) قولان وبيانهما يأتي في البيوع إن شاء الله.
وإن كان الدين لم يقصد به النماء كالسلف؛ فللمتأخرين قولان: أحدهما: أنه لا خلاف في المذهب أنه لا يزكى؛ لأنه خارج عن حكم قصد التجارة. والثاني: أن المذهب على قولين. وقد أطلق في المدونة زكاة الدين ولم يفصّل، وفصّل في غير المدونة فقال: يقوَّم ما كان من بيع دون ما كان من سلف. ولعل هذا الخلاف في غير المدار (6) إذا كان يسيرًا، هل
__________
(1) في (ر) فإن كان المدار الأقل، وفي (ت) فإن غير المدار الأقل.
(2) في (ر) بالسلف.
(3) في (ر) يرتجي.
(4) في (ق) و (ت) ويجعل.
(5) ساقط من (ر).
(6) في (ر) المدونة.

(2/806)


يعطى حكم نفسه أو حكم الأكثر؟ فيشترط في السلف على هذا أن يكون يسيرًا، فإن كان كثيرًا لم تجب الزكاة فيه قبل قبضه بلا خلاف.
وهل يقوم المدير ما كان من الدين (1) طعامًا من بيع؟ للمتأخرين قولان: أحدهما: أنه لا يقومه، لأنّ تقويمه بيع الطعام قبل قبضه. والثاني: أنه يقومه؛ لأنّ تقويمه هاهنا إنما هو يتميز حق المساكين. ولعل هذا على الخلاف في القسمة هل هي بيع أم لا؟ وفي ذلك قولان في المذهب.
وهل يقوم المدير ما استغله من الثمار والحَب؟ أما ما (2) فيه زكاة العين فلا يقومه إن بلغ النصاب، وأما ما ليس فيه زكاة العين أو لم (3) يبلغ النصاب فإن كان أكثر التجارة قوم الغلة كما تقدم، وإن كانت غلة المشترى للتجارة جرى على ما قدمناه من القولين (4) هل غلتها فائدة يستقبل بها حولًا أم لا؟

(حكم آلات المدير)
واختلف المتأخرون في آلات المدير كأنوال (5) الحائك وآلة العطار وما أشبه ذلك، فقال بعضهم لا يقومها لدوام بقاء أعيانها وأنه غير متجر بها، وقال بعضهم يقومها لأنها معينة على السلع المدارة. وهذا يجري على الخلاف فيما (6) اشتُري من السلع للكراء، وقد تقدم في ذلك القولان.
...
__________
(1) في (م) من الديون.
(2) في (ر) وما.
(3) في (ر) إن لم.
(4) في (ر) القول.
(5) في (ر) كنوال.
(6) في (ر) فيمن.

(2/807)