التنبيه
على مبادئ التوجيه - قسم العبادات باب في أحكام الزكاة
في الدين (3)
وقد قدمنا أنه يراعى في المالك كمال الملك، فإن كان كاملًا وجبت الزكاة،
وان كان ناقصا لم تجب. وقد قدمنا أن النقص يكون بالتعرض لانتزاع ما في يد
المالك، وهذا كالعبد والمديان. ولا تجب الزكاة عندنا على العبد في [كل] (4)
أمواله. فأما المديان فتسقط عنه زكاة العين الحولي إذا استغرقه (5) الدين،
أو لم (6) يبق منه نصاب، واحترزنا بالحولي عما يخرج من المعدن فإنه لا يسقط
الدين زكاته. وقد رويت أحاديث تقتضي سقوط الزكاة بالدين (7).
__________
(1) في (ق) ما قبل.
(2) في (م) و (ت) مستوفيا.
(3) في (ق) المديان.
(4) ساقط من (ق).
(5) في (ر) استغرقها.
(6) في (ر) وإن لم.
(7) من ذلك ما رواه مالك في الموطأ "عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان
كان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤدي دينه حتى تحصل أموالكم
فتؤدون منه الزكاة" فهذا الأثر روي عن عثمان وله حكم الرفع.
(2/824)
والفرق المحقق بين العين الحولي وما عداه
أن الدين خفي ولو كان معلوما بالبينة، فإن خلو الذمة عما يقابله لا يكاد
يقطع به. فلما كان هذا مما يخفى سقط (1) زكاة ما يخفى من الأموال. وأما ما
لا يخفى فلا تسقط زكاته لئلا يتطرق المتساهلون في إخراج الزكاة إلى إظهار
الدين، فيمتنع من إخراج زكاة ما ظهر من أموالهم. يعضد (2) هذا بأن السلف
كانوا يبعثون أرباب الزكاة لأخذ الزكاة ولا يراعون ديون أرباب الأموال. وقد
قدمنا [أن] (3) الإشارة إلى ما روي من الأحاديث في أن الدين يسقط الزكاة.
وكان عثمان رضي الله عنه وغيره يأمر بأداء الدين عند حلول الأحوال حتى تجب
الزكاة. فيؤخذ من مجموع هذا وجوب الزكاة في غير المال الحولي، وإسقاطها فيه
على مقتضى المذهب.
وإذا تقرر ما قدمناه (4) فإن المقصود من الباب ينحصر في فصلين: أحدهما: في
حكم الدين المسقط للزكاة، والثاني: في حكم العروض التي يجعل فيه الدين. وهل
يحصل في العين؟
...
فصل (الدين المسقط للزكاة)
فأما الدين المسقط للزكاة، فهو كل دين وجب في معاوضة. ويخرج عن هذا، الدين
الواجب للمساكين في الزكاة. وفي المذهب فيه قولان:
أحدهما: أنه كدين المعاوضة يسقط الزكاة، لأنا قد عللنا إسقاط الزكاة بقدرة
من له الدين على انتزاع ما في يد المالك، وهذا من ذلك القبيل.
__________
(1) في (ر) سقوط.
(2) في (ت) يوحي.
(3) ساقط من (ق) و (ت).
(4) في (ق) قلناه.
(2/825)
والثاني: أنه لا يسقط (1)، وهذا لضعف أمر
هذا الدين. إذ لا يلزم بعد الموت من رأس المال، بل من الثلث (2) لإمكان
إخراجه. ولا يخرج عن (3) الديون الواجبة من قيم المتلفات وأروش الجنايات،
لأن هذه وإن لم يؤخذ عنها معاوضة فقد أتلف (4) عنها عوضاً. ولا يخرج عنها
(5) أيضًا نفقة الزوجات، لأن النفقة في حقهن في مقابلة الاستمتاع، فهي
كالمعاوضة.
وهل يلحق بذلك نفقة من تجب نفقته من الأقارب؟ أما نفقة الولد فإن قضي بها
واستقر الطلب (6) فلا خلاف في المذهب أنها تسقط الزكاة، لأنها واجبة في
الأصل، وقد تقررت بالطلب. وأما نفقة (7) الأبوين فإن لم يقضِ بها لم تسقط،
لأنها غير واجبة في الأصل. وأنما تجب بعد المطالبة بها والقضاء. فإذا قضي
بها فقولان: أحدهما: أنها تسقط لتقررها بالقضاء، والثاني: أنها لا تسقط
نظراً إلى أنها غير واجبة في الأصل. فإن لم يقض بنفقة الولد فهل تسقط
الزكاة؟ قولان: أحدهما: أنها لا تسقط نظراً إلى أنها لم تجب عن معاوضة، فلا
تقرر إلا بقضاء. والثاني: تسقط لوجوبها في الأصل.
وهل يسقط [الدين] (8) الزكاة ما العادة أنه لا يبادر لأخذه بل يبقى في
الذمم إلى الأجل البعيد، كمهور النساء؟ فيه قولان: أحدهما: (9) أنه يسقط،
لقدرة مالكه على المطالبة به. والثاني: أنه لا يسقط نظراً إلى أن العادة
ترك المطالبة به إلى موت أو فراق.
...
__________
(1) في (ر) يسقط.
(2) في (ق) ولا من الثلث.
(3) في (ق) و (ت) عنه.
(4) في (ق) تلف.
(5) في (ق) و (ر) عنه.
(6) في (ر) بالطلب.
(7) في (ر) ولا نفقة.
(8) ساقط من (ر).
(9) في (ق) المشهور.
(2/826)
فصل (ما يجعل الدين
فيه)
وأما ما يجعل (1) الدين فيه، فالمشهور في المذهب أنه [يجعل] (2) في العروض
دون العين. وهذا لأن العروض تباع عليه في الدين، وهو مليء بها ويبقى العين
لا دين عليه فيه فيخرج زكاته. والشاذ أنه يجعل دينه في العين إذ للغرماء
جعل ديونهم [في العين ولا يؤخرونها لبيع العروض. وإذا قلنا إنه يجعل دينه]
(3) في عروضه فهل يشترط فيها أن يملكها من أول الحول أو يجعل (4) دينه
فيهما؟.
وإن ملكها عند توجه (5) الزكاة، في المذهب قولان: أحدهما: مراعاة ملكها من
أول الحول, لأنها إن لم تكن كذلك لم يقدر استقرار ملكه على العين إلا يوم
ملك العروض. فقد حال الحول [على] (6) ما لم يستقر ملكه عليه.
والثاني: أنه يترك مراعاة ذلك، وهذا بناء على أن المترقبات تعد كأنها لم
تزل. وقد قدمنا الخلاف لو وهب له الدين هل تجب عليه زكاته؟ فهذا من ذلك
القبيل.
والعروض التي يجعل فيها دينه كل ما يباع عليه في الدين، ويترك عليه من
كسوته ما لا يعد سرفًا لمثله وثوبي جمعته (7) إن لم يكن سرفًا (8) فيتركان.
__________
(1) في (ق) يجمع.
(2) ساقط من (ر).
(3) ساقط من (ر).
(4) في (ت) و (ر) ويجعل.
(5) في (ق) توجب.
(6) ساقط من (ت).
(7) في (ق) وثوبًا جمعته وفي (ر) وثوبًا لجمعته.
(8) في (ر) قاس.
(2/827)
وهل يترك له خاتمه؟ في المذهب قولان. وهما
خلاف في حال، فمن الأشخاص من يكون الخاتم في حقه سرفًا، ومنهم من عكسه.
ولو كان له عين مختلف (1) الأحوال كما تبيّن، مثلًا حَوْل أحدهما
المُحَرَّم والآخر رجب وعليه مائة، فهل (2) يزكي (3) الأولى ثم يجعل دينه
فيها، ثم يزكي الثانية إلا ما نقصه (4) مقدار الزكاة؟ في المذهب قولان:
وجوب الزكاة فيهما احتياطًا لها. والقياس على أصل المذهب أنه لا يزكي إلا
مائة، وهو أحد القولين.
فإن كان له دين وعليه دين وبيده عين جعل دينه في الدين (5) الذي له على
المشهور من المذهب، وعلى الشاذ الذي قدمناه يجعل دينه فيما بيده [من العين
كما قدمناه] (6). وإذا قلنا إنه يجعل دينه في ما له (7) فهل قيمته أو عدده؟
في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يراعي قيمة دينه، والثاني: عدده،
والثالث: أنه إن كان حالًا وكان على مليء روعي عدده، وإن كان مؤجلًا أو على
غير مليء روعيت قيمته، وهذا هو الأصل.
ويمكن أن يكون تفسيرًا للقولين. ولو كان له مال لا تسقط الزكاة منه للدين
لجعل دينه فيه، وهذا إذا كان مالًا معدنيًا لم يختلف فيه، وأما إن كان
حرثًا أو ماشية فالحكم كالأول على مشهور المذهب، وعلى الشاذ: لا يجعل فيه
الدين بل في العين.
ولو كان له مكاتب لجعل فيه دينه على المشهور من المذهب. وفي أي شيء يجعل
دينه؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجعل في قيمته عند إمكان
__________
(1) في (ر) يختلف.
(2) في جمغ النسخ "وهل"، وما أثبته من (ل).
(3) في (ر) يترك.
(4) في (ت) نقص وفي (ر) ينقص في.
(5) في (ر) العرض.
(6) ساقط من (ر) و (ق).
(7) في (ر) فيما عليه.
(2/828)
رجوعه إلى الرق بالعجز، وهذا احتياطًا
للزكاة. والثاني: أنه يجعله في قيمة كتابته لأنها هي التي يملك (1) بيعها.
والثالث: أنه يجعله في قيمته مكاتبًا لأنه (2) يملك بيعها [كذلك] (3).
وأما المدبر (4) ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يجعله في رقبته بوجه (5)،
وهذانظرًا إلى أن بيعه [لا] (6) يمكن من غير التفات إلى إمكان رجوعه إلى
الرق. والثاني: أنه يجعل فيه (7).
وإذا قلنا بذلك [ففي أي شيء يجعله؟] (8) قولان: أحدهما: أنه يجعله في رقبته
لضعف عقد الحرية [التي فيه] (9)، إذ قد يرده الدين بعد الموت. والثاني: أنه
يجعله في قيمة خدمته, لأنها المملوك (10) بيعها الآن. وهذا كله إذا تقدم
التدبير على الدين. وأما إن تأخر عنه فلا يختلف فيه أنه يجعل دينه في قيمة
رقبته، إذ تباع للدين السابق على التدبير.
وأما المخدم (11) فإن كان له عبد فأخدمه، فالمنصوص أنه يجعل دينه في مرجع
رقبته. وقد يختلف في ذلك لترقب (12) موته قبل الرجوع. وإن كانت الرقبة
لغيره وإنما أعطي الخدمة، فيجعل دينه في الخدمة.
__________
(1) في (ت) لا يملك.
(2) في (ت) يجعل في قيمة كتابته لأنه.
(3) ساقط من (ت).
(4) المدبر: هو العبد الذي أنعم عليه سيده بالحرية بعد موته، فيقول له
أنتحر بعدي.
(5) في (ت) و (ق) أنه لا يجعل فيه بوجه.
(6) ساقط من (ر).
(7) في (ر) يجعل الدين فيه.
(8) ساقط من (ر).
(9) ساقط من (ر).
(10) في (ر) و (ت) المملوكة.
(11) في (ق) الخدم.
والمقصود بالمخدم، العبد الذي يجعله سيده أجيرًا عند الغير.
(12) في (ر) لقرب.
(2/829)
وأما المعتق (1) إلى أجل فإن قلنا في
المدبر إنه لا يجعل فيه دينه فأحرى ألا يجعل دينه في هذا. وإن قلنا إنه
يجعل دينه فيه فيجعله (2) هاهنا في قيمة خدمته.
فإن كان له آبق (3) فإن كان غير مرجو، فلا يجعل دينه فيه. وإن رجيت عودته
أو القدرة عليه فظاهر المذهب على قولين: أحدهما: أنه يجعل دينه فيه.
والثاني: أنه لا يجعله. وهما على النظر إلى أصل الملك، ورجاء العودة أو
النظر إلى عدم القدرة الآن.
وقد قدمنا الخلاف فيمن كان عليه دين فوهب له بعد حلول الحول، هل يزكيه؟
ويختلف أيضًا في الواهب هل يلزمه زكاته, لأنه يعد (4) كأنه قبضه ثم وهبه.
وهو على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكًا أم لا؟
وعلى هذا نزلوا حكم مال يزكيه ثلاثة، وهو أن يكون على إنسان ديون وهو مليء
وله (5) عروض يجعل فيها دينه، وعلى (6) الطالب له بالدين دين أيضًا وله
عروض يجعل ما عليه فيها، فأحال الوسط منهم طالبه على مديانه الأول فقبضه
بعد حلول الحول (7).
فأما من عليه الدين وهو المقبوض منه، ومن له وهو القابض، فيزكيان بلا خلاف.
وأما المحيل فهل يزكي أم لا؟ ففيه قولان، وهما على الخلاف فيمن
__________
(1) في (ر) العتق.
والمقصود بالمعتق إلى أجل، العبد الذي حدد له سيده زمنًا معينًا يحرره فيه.
(2) في (ر) فيجعلها.
(3) الآبق هو العابد الفار من سيده.
(4) في (ق) لأنه يقدر، وفي (ر) لا يعد.
(5) في (ق) مليء به وله.
(6) في (ت) وله على غير الطالب له.
(7) في (ق) فيقضيه بعد حلول الأول.
(2/830)
ملك أن يملك، فإن عددناه مالكًا تصور أنه
قبض ثم دفع لمن يطلبه فتجب عليه الزكاة، وإن قلنا لا يعد مالكاً لم يعد
قدرته على القبض كالقبض (1) فلا يزكي (2).
...
باب في [أحكام] (3) زكاة القراض
والنظر فيه في شيئين: أحدهما: هل تجب الزكاة أو تسقط؟ والثاني: متى يؤمر
بإخراجها؟
أما الأول، فلا خلاف أن رب المال متى كان مخاطبًا بالزكاة على انفراده،
والعامل كذلك أيضًا أن الزكاة واجبة في الجميع. فإن سقط عنهم الخطاب لدين
عليهما أو لكونهما عبدين، فلا خلاف أيضًا في سقوط الزكاة. وإن خوطب أحدهما
دون الثاني فهاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: مراعاة رب المال، فمتى [توجه عليه الخطاب توجهت الزكاة عليه، وفي
ربح المال. وإن كان ممن لا يخاطب بها ولم يتوجه] (4) خطابه، سقطت الزكاة عن
العامل أيضًا.
والثاني: مراعاة حكم العامل في نفسه، فإن كمل له النصاب وكان ممن يخاطب
بالزكاة وجبت عليه، وإلا لم تجب.
والثالث: مراعاتهما جميعًا، فمتى توجب سقوطها عن أحدها سقطت عن العامل في
الربح.
__________
(1) في (ر) كالمقبض.
(2) في (ر) فلا يزكي بلا خلاف وبالله التوفيق.
(3) ساقط من (ر).
(4) في (ر) توجب خطابه وجبت الزكاة عليه في ربح العامل، وإن كان ممن لا
يخاطب
بها وإن لم يتوجه.
(2/831)
وسبب الخلاف النظر إلى المترقبات متى يعد
حصولها، هل يوم ترقبها أو يوم تقررت؟ فإن عددنا حصولها يوم تقررت جعلنا (1)
المال على ملك ربه، وكأن العامل لم يملك منه شيئًا إلا يوم قبضه. وقد وجبت
الزكاة قبل ذلك وعلى هذا يراعى حلول الحول على رب المال، ولا يراعى أن يعمل
العامل حولًا. فإن عددنا الحصول يوم ترقبت كان العامل كالمالك لما وجب له
من الربح يوم ابتدأ عمله. فيراعى حكم نفسه، فإن عمل حولًا وكمل له (2)
النصاب زكى. ولا يراعى على هذا سقوط الزكاة عن رب المال.
وأما طريق القول الثالث وعليه حمل الأشياخ مذهب ابن قاسم فإنه متوسط بين
المذهبين. فلا يجعل العامل مالكًا حقيقة إلا إذا توجهت الزكاة على رب
المال، وكأنه راعى مجموعها. لأن وجود الملك للعامل إنما هو على تقدير
كونهما كالمالك الواحد، وإذا صار كالمالك الواحد فمتى أمكن سقوط الزكاة من
أحد الجانبين سقط حكمها عن العامل.
وحكى أبو القاسم بن محرز أن المذهب لم يختلف في سقوطها متى كان رب المال
مديانًا أو عبدًا أو نصرانيًا. وهذا إن أراد به [أنهم] (3) لم ينصوا (4)
على الخلاف (5) فكما قال، وإن أراد أنه لا يلزمه (6) ذلك ففيه نظر. والقياس
جريان الخلاف إلا أن يقال إن الربح مضاف حقيقة إلى المال على المشهور من
المذهب. وإذا استحق أصل المال [ألا] (7) يزكى فأحرى ألا يزكى ما هو مسند
إليه. وملك العامل للربح وإن عددناه من يوم التحريك فإنما يصح إذا أسندناه
(8) إلى أصل المال، وأصل المال هاهنا غير
__________
(1) في (ر) جمعنا.
(2) في (ق) وكان له.
(3) ساقط من (ت).
(4) في (ق) ينص، وفي (م) ينبهوا.
(5) في (ت) و (ر) و (ق) خلاف.
(6) في (ر) فإن قال لا يلزمه، وفي (ت) وإن أراد أنه يلزمه.
(7) ساقط من (ر).
(8) في (ر) أسند.
(2/832)
مزكى. ولا شك أن هذا الاختلاف جارٍ على أن
الأرباح مضافة إلى أصول الأموال، وإلا فعلى القول بأنها فائدة لا يزكي
العامل إلا بعد أن يمر له حول (1) من يوم يقبض ربحه.
(حكم اشتراط الزكاة على أحدهما)
وإذا اشترطت الزكاة [إن وجبت] (2) على أحدهما، فإن كان الشرط على رب المال
أن يزكي ربح العامل فقولان: الجواز, لأنه يرجع إلى جزء مسمى (3). والمنع,
لأن [الحال يختلف، فقد تتوجه] (4) الزكاة على العامل، وقد لا تتوجه. لا
سيما والخلاف في المسألة كما تقدم. ولا يدرى ما يكون مذهب المعول على قوله
عند توجه الزكاة.
وأما إن اشترط على العامل ما يخص رب المال فلا يجوز قولًا واحدًا, لأنه قد
يستغرق ذلك مقدار ربحه، أو لا يجد ربحًا فيزكي من عنده وهذا أكثر غررًا.
...
فصل (متى يؤمر بالإخراج)
وأما متى يؤمر بالإخراج؟ فلا يخلو من أن يكون مديرًا أو غير مدير؛ فإذا (5)
كان مديرًا فلا يخلو من أن يكون موافقًا لحال رب المال أو مخالفًا، وكذلك
إذا كان غير مدير. فإن كان غير مدير وهو مخالف (6) لحال رب المال فبلا خلاف
في المذهب أنه لا يزكي قبل الانفصال ولو أقام أعوامًا،
__________
(1) في (ت) إلا أنه يحول عليه الحول.
(2) ساقط من (ر).
(3) في (ق) معلوم.
(4) في (ر) الحول يتوجب الزكاة.
(5) في (ق) وإذا، وفي (ت) و (ر): وإن.
(6) في (ر) و (ت) موافق.
(2/833)
ولو كان المال الذي في يد العامل عينًا عند
حلول الحول.
ورأى أبو الحسن اللحمي أنه يلزم من قال يزكي المدير عند حلول الحول أن يزكي
غير المدير إذا كان ما بيده عينًا، قال: لأن نهاية الأمر في عروض المدير أن
تكون كالعين (1). وهذا لا يلزم لأنهم في المذهب حكموا لما في يد العامل
بحكم الدين الذي لا يزكى قبل أن يقبضه، وإذا حكموا له بذلك، فالمدير يقوم
دينه، وغير المدير لا يقومه. فقد صار حكم المدير في هذا المعنى أقوى من حكم
غيره. وإذا اختلف في العامل إذا كان مديرًا فلا يلزم عليه الاختلاف إذا كان
في يده عينًا, لأنه بمنزلة الدين كما قلنا.
وإن كان العامل مديرًا (2) وهو موافق [لحال] (3) رب المال فهل يقوم ما في
يديه عند حلول الحول؟ قولان كما ذكرناهما. والتقويم لأنّ نهاية هذا أن يكون
كالدين، والدين يُقَوْمُ على المشهور من المذهب. ونفي التقويم لأنه لا يدري
ما يحصل فيه من النماء والنقص فيرجئه إلى المفاصلة. وإن قلنا بأنه يقوم فمن
أين يخرج الزكاة؟ هل منه أو من مال رب المال؟ أجراه أبو الحسن اللخمي على
قولين. وسنتكلم على هذا في حكم زكاة الماشية وزكاة الفطر إذا كان العبيد
والماشية قراضًا.
وإذا كان حال العامل في الإدارة وغيرها مخالفًا لحال رب المال (4) فأشار
أبو المقاسم بن محرز إلى إجرائه على ما تقدم من الخلاف إذا كان لرجل مالان،
أحدهما مدار والآخر غير مدار. وقد قدمنا تفصيل المذهب وما فيه من الخلاف.
وهذا الذي قاله بَيِّن إن قلنا إن الحكم في الزكاة مراعاة حكم رب المال.
وأما إن راعينا حال العامل في نفسه فنعطيه فيما يختص بربحه وفي (5) جميع ما
في يديه حكم نفسه في الإدارة وعدمها.
__________
(1) التبصرة لوحة: 68.
(2) في (ر) مدينا.
(3) ساقط من (ت).
(4) في (ر) العامل.
(5) في (ر) أو في.
(2/834)
وإذا لم يزكِّ حتى مرت أحوال لأنه غير
مدير، وقلنا إن المدير لا يقوم، فهل يزكي لسنة واحدة أو لما تقدم من
السنين؟ في المذهب قولان. والحكم بزكاة واحدة قياسًا على الدين، والحكم
بزكاة ما تقدم من السنين، لأنّ الدين لا نماء فيه، وهذا مال ينمى لربه.
وإذا قلنا إن فيه زكاة واحدة فإنه (1) يراعى ما يحصل حالة الانفصال. وإذا
قلنا إنه يزكى لكل عام، فإن تساوى مقداره في سائر الأعوام (2) زكى كذلك،
وحكمه بَيّن.
وإن اختلف مقداره فإن كان أولًا أكمل متن حاله يوم الانفصال لم يُراعَ ذلك
الكمال لأنه لم يحصل، وإن كان الأمر بالعكس، وكان في السنين الماضية ناقصًا
ثم كمل، زكى عن كل سنة عما كان فيها. لأنه إنما يخاطب الآن عما تقدم من
السنين. ومثل هذا أن يكون له مال قارض (3) به، وهو مائة فمر به عام ثم صار
مائتين (4) ثم عام فصار ثلاثمائة. فإنه يزكي عن العام الأول عن المائة، وعن
الثاني عن المائتين إلا ما نقص منها مقدار الزكاة، وعن الثالث عن
الثلاثمائة [إلا ما نقص منها مقدار الزكاة] (5) بحسب ما قلناه. ولو كانت
ثلاثمائة في العام الأول ثم مائتين ثم مائة، لم يزك إلا عن المائة. ولو
كانت في العام الأول مائتين وفي الثاني مائة وفي الثالث ثلاثمائة، زكى عن
العامين الأولين عن مائة، وعن العام الثالث عن ثلاثمائة. وأصل هذا أن يراعى
في النقص حالة خوطب بالأخراج، وكذلك يراعى في الزيادة. ولكنه مع الزيادة لا
يجب عليه، لما (6) تقدم من الأعوام مراعاتها لأنه غير مالك [لها] (7).
...
__________
(1) في (ت) فإنما.
(2) في (ر) الأغراض.
(3) في (ر) قراضًا.
(4) في (ق) و (ت) عام وهو كذلك ثم عام فصار مائتين.
(5) ساقط من (ر).
(6) في (ر) و (ق) فيما.
(7) ساقط من (ت) و (ر) و (م)، وفي (ر) وبالله التوفيق والصلاة على نبيه
الكريم.
(2/835)
باب في "أحكام النية في الزكاة [وحكم
مانعها] (1) وأين تفرق؟
(حكم النية في الزكاة)
والأصل في النية أنها تختص بما لا تظهر فيه الأغراض، وإنما تمحض (2) فيه
العبادة. ولهذا اجتمعت الأمة على وجوب النية في الصلاة والصوم، واجتمعت على
نفي الوجوب في قضاء الديون ورد الودائع، واختلفوا فيما سوى ذلك نظرًا إلى
كونه مشوبًا بين (3) حكم العبادة والأغراض المعجلة. فمن غلب عليه حكم
العبادة أوجب النية، ومن غلب عليه حكم الأغراض الدنيوية أسقطها. وهذا كما
قدمناه في الطهارة، وكما نحن نسرده في الزكاة، وقد حكى أبو الحسن ابن
القصار عن المذهب افتقارها إلى النية. وعن بعض أصحابنا أنها لا تفتقر إليها
وعابه وتأول عليه (4) أنه إنما أخذ ذلك من قول مالك رحمه الله أن الإمام
يأخذ من مال مانع الزكاة وتجزيه. ورأى أن هذا لا يؤخذ منه إسقاط النية,
لأنه إذا أخذ الإمام ذلك مع علم من وجبت عليه بالوجوب فذلك المقصود بالنية.
واستقرأ الوجوب من قول مالك رحمه الله فيمن وجبت عليه كفارتان، فأعتق عن
واحدة بعينها، ثم غلط فأعتق عنها. أنها (5) لا تجزيه للأخرى. قال وإذا
افتقر إلى النية في تمييز أحد الفرضين عن الآخر، فأحرى أن يفتقر إليها في
تمييز الفرض عن النفل. وقد قدمنا الخلاف في كون المساكين شركاء بمقدار
الزكاة. فإذا راعينا هذا وغلبنا [عليها] (6) رفق المساكين وأنها تكون كرد
الوديعة وقضاء الدين فلا تفتقر إلى نية، وإن غلبنا عليها حكم العبادة
__________
(1) ساقط من (ت) و (ر).
(2) في (ق) الأغراض الدنيوية وإنما تتمخض.
(3) في (ر) من.
(4) في (م) وعابها وتأول عليه، وفي (ق) وعليه وتأول عليه، وفي (ر) وعابه
وقالوا عليه.
(5) في (ر) لأنها.
(6) ساقط من (ت).
(2/836)
بما قدمناه في أول الكتاب من [أن] (1)
القصد بها التقرب إلى المساكين فافتقرت إلى النية. فلا خلاف في المذهب أن
الإمام يأخذها ممن وجبت عليه وتجزيه. وهذا إن بنيناه على أنها لا تفتقر إلى
النية فوجهه ظاهر، وإن بنيناه على افتقارها إلى النية فوجهه ما قاله أبو
الحسن بن القصار. وهذا صحيح إذا أخذها وهو عالم، وأما إن لم يعلم فأجراه
أبو الحسن اللخمي على الخلاف فيمن أعتق عن إنسان في كفارة من غير إذنه،
وفيمن ذبح أضحية إنسان بغير إذنه. والأولى في هذا أن يجري على الخلاف في
افتقارها إلى النية، وعلى الخلاف فيمن أعتق عن إنسان بغير إذنه.
وأما الأضحية (2)، فسبب الخلاف في هذا هل تتعين الأضحية بالشراء أو بالنية؟
فتكون كالهدي لا يفتقر إلى النية عند الذبح، أو لا تتعين إلا بالذبح فتفتقر
إلى النية.
...
فصل (ما يفعل مع من امتنع عن الزكاة)
ومن امتنع من أداء الزكاة، فإن كان بحيث يمتنع فلا يقدر عليه إلا بالمقاتلة
والمحاربة لجماعته أو لمنعة موضعه، وجب قتاله كما فعل الصديق رضي الله عنه،
ووافقه عليه الصحابة (3). وإن كان مقدورًا عليه أخذت من
__________
(1) ساقط من (ر).
(2) في (ت) وأما من ذبح أضحية إنسان بغير إذنه فسبب.
(3) أخرج البخارىِ في الاعتصام 1400، ومسلم في الإيمان 20 واللفظ للبخاري
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنْه قَالَ لَمَّا تُوُفيَ رَسُولُ الله -
صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرِ رَضِي الله عَنْه وَكَفَرَ مَنْ
كَفَرَ مِنَ الْعَرَب فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله عَنْه كَيفَ تُقَاتِلُ
النَّاسَ وَقَد قالَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرُتُ أَن
أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَقُولوا لاَ إلَهَ إلاَّ الله فَمَن قالَها فقد
عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إلَّا بحَقهِ وَحِسَابُهُ عَلَى الله"
فَقَالَ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فرق بَينَ الصَّلاةِ وَالزكَاةِ
فَإِنَ الزَكَاةَ حَق المْالِ وَالله لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقاً كَانُوا
يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلتُهُم
عَلَى مَنعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِي الله عَنْه: فَوَاللَّه مَا هُوَ إِلا
أَنْ قَدْ شَرَحَ الله صَدْرَ أبِي بَكْرٍ رَضِى الله عَنْه فَعَرَفْتُ
أَنَّهُ الحَقُّ.
(2/837)
ماله كرهًا كما قدمنا. هذا فيما يظهر من
الأموال، وأما ما يخفى فإن علم به وأنه ممن لا يؤدي أخذت منه كالأول، وإن
أظهر الفقر واطلع منه على خلاف ذلك، ولم يعلم مقدار الواجب عليه أو لم يوجد
ماله، عوقب وحُبس حتى يؤدي ما عليه. وهذا لأنه دين الله تعالى، فيُحبس فيه
كما يحبس في دَيْن الآدميين.
فإن ظهر له مال فادعى أنه مديان أو عبد، فإن ظهر ما قاله عوّل عليه، وإن
ظهر ضده أخذت منه الزكاة، وإن أشكل أمره لم تؤخذ منه.
وهل يحلف؟ قولان، وهما على الخلاف في أيمان المتهم. وفي المذهب على ما
ينقله كثير من الأشياخ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يحلف المتهم وغيره.
والثاني: أنه لا يحلف واحد منهما. والثالث: يحلف المتهم دون غيره.
...
فصل (من يتولى توزيع الزكاة؟)
وهل للإنسان تفرقة زكاته بيده أو يؤديها إلى الإمام؟ أما إن كان الإمام
جائرًا فلا يؤديها إليه، وإن خفي له إخراجها أخرجها. وإن لم يخف له وأخذها
منه جبرًا فإن كان يعدل في إخراجها (1) أجزأته. وأما إن لم يعدل فهل تجزيه؟
قولان. وهما على الخلاف في قسمة الغاصب هل تصح؟ فمن صححها حكم بالإجزاء,
لأنّ هذا أخذ نصيب المساكين، وميزه من نصيب رب المال، ثم جار فيه. ومن لم
يصححها حكم بعدم الإجزاء. وإن أداها إليه طوعًا لم تجزه إذا كان يجور في
تفريقها. وأما إن كان الإمام عدلًا فلا شك في إجزائها إذا أديت إليه.
وهل للإنسان أن يتولى إخراجها؟ أما المال الظاهر كالحرث والماشية فهو إلى
الإمام، وأما العين ففيه قولان: أحدهما: أنه كالأول لقوله
__________
(1) في (ق) إصرافها.
(2/838)
تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}
(1)، وولاة أئمة العدل بمنزلة الإمام في هذا. والثاني: أنها إلى أرباب
الأموال لأنّ الإمام كالوكيل، فإذا أخرجها الإنسان وأصاب مواضع الزكاة
أجزأته. وإذا أخرجها من وجبت عليه واجتهد في إعطائها فظهر صحة اجتهاده
أجزأته. وإن ظهر عكس ذلك فقولان: أحدهما: أنها لا تجزيه، والثاني: أنها
تجزيه. وكذلك في الكفارة إذا دفعها مجتهد، ثم تبيّن أن آخذها غير مستحق لها
ففيه قولان: أحدهما: أنها تجزيه، والثاني: عكسه. وهو على الخلاف في
الاجتهاد هل يرفع الخطأ أم لا؟ وهذا إذا فاتت في يد آخذها ولم يقدر على
استرجاعها، وأما إن قدر على ذلك أخذها منه وأديت إلى مستحقها.
...
فصل (حكم نقل الزكاة إلى مكان آخر)
وإذا وجبت الزكاة فأديت إلى فقراء الموضع الذي وجبت فيه أجزت بلا خلاف. فإن
أديت إلى غيرهم؛ فإن كان بأهل الموضع حاجة وغيرهم ليس بمنزلتهم لم تجز، وإن
تساوت الحالات فهل يجزي إخراجها إلى غير الموضع الذي وجبت فيه؟ فالمذهب على
قولين. وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ "فأخبرهم -يعني أهل
اليمن- أن الله أوجب عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" (2)،
فهل يحمل ذلك على فقراء المسلمين أو فقراء أهل الموضع؟ هذا سبب الخلاف.
وإن نزلت بقوم حاجة فقد أمر مالك أن ينقل إليهم من الزكاة. وظاهر
__________
(1) التوبة: 103.
(2) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وقد أخرجه البخاري في الزكاة 1458، ومسلم في
الإيمان 19. ولفظ مسلم عن ابنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّ رَسُولَ الله - صلى
الله عليه وسلم - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: "إِنكَ
تَقْدَمُ عَلَى قَوْم أَهلِ كِتَاب فليَكُن أَوْلَ مَا تَدعُوهُم إِلَيهِ
عِبَادةُ الله عَز وَجَل فَإذا عَرَفُوا الله فَأَخبِرْهُمْ أَن اللهَ
فَرَض عَلَيهِم خَمسَ صَلَوَات في يَوْمِهِم وَلَيلَتِهِم فإذا فعَلوا
فَأخبِرْهُمْ أَن اللهَ قَدْ فرَضَ عَلَيْهِم زَكَاة تُؤْخَذُ من
أَغنِيَائِهِم فَترَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِم فَإذا أطَاعوا بِهَا فَخُذْ
مِنْهُم وْتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهم".
(2/839)
قول سحنون أنها لا تجزي إذا كان حيث وجبت
فقراء. وقال ابن الماجشون: تفرق في موضع (1) يصيب الفقراء والمساكين.
وأما ما يجب لبقية الأصناف فذلك إلى الأئمة يفرقونه إلى [أمهات] (2) البلاد
التي فيها ذلك، وهذا إن أراد به أن الزكاة يجب تفريقها على كل من سمي في
الآية حتى يجب لكل صنف ثمن الواجب فليس هو مذهبنا وإنما هو مذهب الشافعي،
وإن أراد أنه يفرق على هؤلاء الأصناف متى أدى الاجتهاد إلى التفرقة عليهم
فقد لا يخالف في ذلك، وإنما كلام الآخرين على نصيب الفقراء والمساكين.
وهل يعتبر في وجوبها بالمال أو بالمالك (3)؟ في المذهب قولان. ومثاله أن
تجب الصدقة على إنسان غائب عن موضع وجوبها، فإن كان يخرج عنه حيث وجبت فلا
يخرج، وإن كان لا يجد من أين يخرج حيث هو ولو تسلف لم يجد من يسلفه، أو
يخشى أن يضطر إلى ما في يديه لم يخرجها.
وإذا كان يقدر على إخراجها من غير ضرورة فقولان. وهما على ما قدمناه من
اعتبار موضع المال لأنه سبب الوجوب، أو اعتبار موضع المالك لأنه مخاطب بها.
...
فصل (حكم إخراج الزكاة قبل حلول الحول)
وغلب أهل المذهب حكم العبادات على الزكاة وأنها لا تجزي قبل أن يحل الحول
بالزمن الكثير، لأنهم رأوا أن الحول ضُرِب رفقاً بأرباب الأموال وتعبدًا
وطهورًا لتعبد فيه، لكن اختلفوا إن أخرجها قبل الحول بالزمان اليسير
__________
(1) في (ت) موضع الزكاة.
(2) ساقط من (ق).
(3) في (م) بالحال أو .. وفي (ر) أولى بالمال.
(2/840)
هل تجزيه أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنها لا تجزيه، وهذا محض (1) العبادات.
وقاسها [في هذه الرواية] (2) على صلاة الظهر في أنها لا تجزيه قبل الزوال.
والقول الثاني: أنها تجزي، وهذا إما مراعاة للخلاف وإما تغليب لشوب العبادة
مع الالتفات إلى رفق أرباب الأموال، ولأن ما قارب الشيء، حكمه حكم الشيء.
وقد اختلف في هذا الأصل على قولين.
وكم مقدار [الزمان] (3) اليسير؟ حُدَّ باليومين والثلاثة وهو أقل ما قيل
وبالشهر وبالخمسة أيام ونحوها، وبنصف شهر. فهذا كله على جهة التقريب، ولا
يقتضيه أصل محقق، وإنما هو خلاف في حد المقاربة.
... |