التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات

باب في أحكام (1) المعدن والركاز
(تعريف المعدن والركاز)
وأصل لفظة المعدن في اللغة الإقامة، يقال عدن بالمكان، أي: أقام به، ومنه {جَنَّاتِ عَدْنٍ} (2)، أي: جنات إقامة.
وأما الركاز فقال الخليل (3) إنه كل مال مدفون في الأرض إما بفعل آدمي، أو قطع الذهب والفضة تجمع في الأرض. وحكى أن المعدن غير هذا. وليس أحد من أهل اللغة سمى المعدن ركازًا، وهو مذهب مالك والشافعي أنه لا يسمى المعدن ركازًا (4). لكن اختلف المذهب في الركاز ما هو؟ [فقيل كقول الخليل المتقدم و] (5) قيل إنه كل مال مدفون دفنه آدمي، وليس ما يجمع في الأرض بفعل الله تعالى من ذلك. وقيل إنه مختص بالذهب والفضة دون غيرهما من الأموال، وعليه يجري الخلاف [في المذهب] في الندرة (6) توجد في المعدن، وفي الركاز يكون فيه غير الذهب والفضة، وسيأتي بيانه.
...
__________
(1) في (ق) حكم.
(2) التوبة آية 72.
(3) هو: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمده الفراهيدي البصري، الإمام صاحب العربية ومنشىء علم العروض أخذ عنه سيبويه النحو، كان رأسًا في لسان العرب دينًا ورعًا قانعًا له كتاب العين في اللغة وثقه ابن حبّان ... كان رحمه الله مفرط الذكاء ولد سنة مئة ومات سنة بضع وستين ومئة وقيل بقي إلى سنة سبعين ومائة. ومات ولم يتمم كتاب العين ولا هذبه ولكن العلماء يغرفون من بحره. سير أعلام النبلاء 7/ 429 - 431.
(4) خلافًا لأبي حنيفة.
(5) ساقط من (ت).
(6) المقصود بالندرة المعدن الذي لا عين فيه.

(2/858)


فصل (من الذي يملك المعدن)
والنظر في المعدن في وجهين: أحدهما: لمن يكون؟ والثاني: في حكم ما يؤخذ منه؟ فأما الوجه الأول فإنه لا يخلو من أن يوجد في أرض مملوكة أو في أرض لا ملك فيها (1) لأحد؛ فإن كانت الأرض مملوكة فلا يخلو من أن يكون ملكًا لمعين أو لغير معين كأرض العنوة. فأما غير المملوكة فحكم المعدن الموجود فيها للإمام بلا خلاف في المذهب، وهذا لأنها من مصالح المسلمين، والإمام موكل على النظر في ذلك، فيقطعها (2) لمن يراه نظرا (3) ويكلف من يعملها للمسلمين.
فإن كانت مملوكة لغير معين ففيها قولان: أحدهما: أنها كالأول لأنها لا يملكها أحد معين، فعادت كغير المملوكة، والثاني: أنها لمن افتتح تلك الأرض أو لورثتهم، وهذا بناء على أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها.
وإن وجد في أرض مملوكة (4) لمالك معين ففيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه للإمام كالأول. والثاني: أنها لمالك الأرض. والثالث: أنه إن كان ذهبًا وفضة فهو للإمام، وإن كان غير ذلك من الجواهر فهو لمالك الأرض. والقولان الأولان بناء على الخلاف فيمن ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ فإن قلنا إنه لا يملكه، وكان هذا لا ملك عليه لأحد فرجع إلى الأول. وإن قلنا إنه يملك الباطن كملكه للظاهر فهو لمالك الأرض. وأما التفرقة فلأنه رأى أن العين تؤخذ منه الزكاة والأخذ للإمام، فقد دخل فيه نظر الإمام على (5) الجملة فيدخل على التفصيل.
...
__________
(1) في (ق) عليها.
(2) في (ق) و (ت) يعطيها.
(3) أي لمن يكون إعطاؤه لها صوابًا.
(4) في (ر) غير مملوكة.
(5) في (ر) وعلى.

(2/859)


فصل (ماذا يجب في المعدن)
وأما الوجه الثاني فإن المستحق عندنا فيما يوجد في المعدن ويتكلف فيه عمل وتصفية، الزكاة (1). وروى ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن (2) غير واحد: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال ابن الحارث المعادن القبلية" (3) فتلك لا يؤخذ منه [إلا] (4) الزكاة إلى الآن، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العَجْمَاءُ جُبَارٌ [وَالمعَدِنُ جُبَارٌ وَالبِئرُ جُبَارٌ] (5) وَفِي الرَّكَازِ الخُمُسُ" (6). وقد تعلق أصحابنا بهذا الحديث في أن المعدن غير الركاز, لأنّ النبي- صلى الله عليه وسلم - سماهما باسمين مختلفين. والظاهر أنه لا دليل في ذلك بل [يكاد أن] (7) يكون حجة لأبي حنيفة القائل بأن ما يوجد في المعدن فيه الخمس, لأنه - صلى الله عليه وسلم - تكلم على حكمين مختلفين فأخبر بأن ما سقط في المعدن أو يسقط عليه المعدن، فهو جُبار لا دية فيه. ثم أخبر أن في الركاز الخُمس، أي في الركاز الذي يكون في المعدن. وبهذا يحسن تأليف النظم في الحديث، ولسنا لإكمال الحجاج، وإنما نبهنا على أوائله.
واختلف المذهب في الندرة توجد في المعدن على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه فيه الزكاة، والثاني: أن فيه الخمس، والثالث: أنها إن كثرت ففيها الخمس، وإن قلت ففيها الزكاة. والقولان على ما قدمنا من الخلاف في الركاز.
__________
(1) في (ر) عندنا فيما يوجد من المعدن من العين ويتكلف المشقة فيه عمل وتصفية الزكاة، وفي (م) عندنا فيما يوخذ من المعدن من العين ويتكلف فيه المشقة فيه عمل وتصفية الزكاة، وفي (ت) عندنا فيما يوخذ من المعدن من العين ويتكلف المشقة فيه عمل وتصفية الزكاة.
(2) في (ت) وغير.
(3) أخرجه البيهقي في سننه 4/ 152 بلفظ قريب.
(4) ساقط من (ر) و (ت).
(5) ساقط من (ر).
(6) أخرجه البخارى في الزكاة 1499، وأحمد في مسنده واللفظ له.
(7) ساقط من (ر).

(2/860)


وما هو؟ هل هو دفن الآدميين فيكون في هذه الزكاة؟ أو كل مال مجتمع فيكون في هذه الخمس؟ والركاز مأخوذ من ركزت الشيء في الأرض؛ فمن حمله على ما دفنه دافن لم بسم الندرة ركازًا، ومن حمله على كل مال مركوز سماها ركازًا. فأما التفرقة فلأن اليسيرة في حكم التبع للموجود في المعادن.

(هل يكمل نصاب معدن بمعدن آخر؟)
وقد قدمنا أنه لا يعتبر فيه الحول، لكن اختلف المذهب هل يجمع [ما يوجد] (1) في معادن مختلفة فيكمل به (2) النصاب إذ (3) يعتبر فيه النصاب عندنا؟ أو لا يجمع؟ في المذهب قولان. ولا خلاف أنه لا يجمع ما أخذ من معدن واحد ثم انقطع ثم أدرك نيلاً آخر، فهذا لأنه إذا انقطع صار الموجود منه كمعدن ثان (4)، ولم يجتمعا في حين الأخذ. والنظر هاهنا في المال الحولي (5). فمن نفى الجمع في المعدنين قاسه على نفيه في المعدن ينقطع نيله ثم يوجد نيل آخر، ومن أتبعه نظر إلى حصول النيلين (6) في وقت واحد، والالتفات (7) إلى ملك ما يكون به غنيًا (8) من هذا المال.
وإن أخذ من معدن واحد ذهبًا وفضة واتفق ذلك، فذكر ابن الجلاب أنه يضاف أحدهما إلى الآخر فيكمل به النصاب. وأجراه أبو الوليد الباجي على الخلاف في ضم ما يوجد في أحد المعدنين إلى الآخر. ولا شك في صحة تخريجه إذا كان الأخذ في وقت واحد، وأما إن كان في وقتين فيكون بمنزلة المعدن إذا انقطع نيله.
__________
(1) ساقط من (ق).
(2) فى (ق) و (م) منه.
(3) فى (ر) و (ت) و (م) أو.
(4) في (ق) يعد كمعدن ثان.
(5) فى (ق) والوقت هاهنا مثل المال المولى.
(6) فى (ت) السبك وفي (ر) النيل.
(7) فى (ر) والإتلاف.
(8) فى (ق) عيبًا.

(2/861)


وإذا كان المعدن لنظر الإمام (1) أو لمالك معين فعمل فيه جماعة فهل يكونون كالشركاء في الزرع لا تجب فيه الزكاة إلا على من [في حصّته نصاب كامل؟ أو تجب إذا كان في الجميع نصاب؟ فيه قولان: أحدهما: أنه يعتبر نصاب (2) كل إنسان في نفسه، والثاني] (3): وجوب الزكاة مطلقًا إذا كان في الجميع نصاب.
وعلى هذا أيضًا يختلف لو كان العامل عبدًا أو ذميًا، هل تجب عليه الزكاة؟ وسبب الخلاف هل يعطى الحكم لمالك المعدن ويكون هؤلاء كالأجراء فيه فيراعى حكم المالك الواحد، أو يكونون كالمالكين فيراعى حكمهم في أنفسهم. وهذا ينبني على الخلاف هل يجوز أن يدفع المعدن لمن يعمله بالجزء كالقراض وبأجرة معلومة، في المذهب في ذلك قولان.
...

فصل (لمن يكون الكنز؟)
والنظر أيضًا في الكنز (4) من وجهين: أحدهما: لمن يكون؟ والثاني: حكم (5) المستحق منه؛ فأما الوجه الأول فإنه لا يخلو على الجملة من أن يجده مالك الأرض التي وجد فيها أو غيره؛ فإن وجده المالك فلا خلاف أنه لواجده، وإن وجده غيره فقولان: أحدهما: أنه للواجد، والثاني: أنه لمالك الأرض. وهما على الخلاف المتقدم في من ملك ظاهر الأرض، هل يملك باطنها أم لا؟ وأما على التفصيل فإنه لا يخلو من أن تظهر عليه علامة [تدل على أنه لأهل الكفر وهو من دفنهم، أو علامة تدل على أنه
__________
(1) في (ت) نظر فيه الإمام.
(2) في (ت) نصيب.
(3) من وجد نصابا في المذهب قولان أحدهما كالشركاء في الزرع والثاني.
(4) في (ر) الركاز.
(5) في (ق) في حق.

(2/862)


للمسلمين، وهو من دفنهم، أو يشكل الأمر. ولا يخلو من أن يكون (1) في فيافي الأرض، أو في ملك معين لمسلم، أو في أرض عنوة، أو في أرض صلح] (2).
فإن كان عليه علامة من أهل الكفار (3) ووجد في فيافي الأرض فهو لواجده بلا خلاف، إذ لا ملك عليه لأحد فهو كالصيد والحشيش يستحقه من سبق إليه وأخذه.
وإن كان في ملك إنسان معين ووجده غير المالك فيختلف فيه كما تقدم، وفيه القولان، فإن وجده المالك فهو له بلا خلاف. وإن كان في أرض عنوة فيختلف فيه، هل يكون لواجده أو للجيش الذين فتحوا الأرض أو لورثتهم إن وجدوا، وإن لم يوجدوا وعرف به، فإن فقدوا جملة رجع إلى جملة المسلمين (4). وفيه القولان وهما على ما تقدم.
وإن وجد في أرض الصلح فإن وجده المالك للأرض وهو من أهل الصلح [عليها] (5) ففيه قولان: أحدهما: أنه يكون لجميع أهل الصلح، والثاني: أنه يكون لمالك الأرض، وهما على الخلاف المتقدم. وينظر في هذا أيضاً هل صالحوا على الأرض (6) جملة؟ أو كل إنسان صالح عن موضعه؟ فإن صالحوا عن الجميع فيتفق هاهنا أنه لجميع أهل الصلح، وإن صالح كل إنسان على ما يستحقه فاتفق القول هاهنا أنه لواجده.
وإن وجده غير المصالح (7) وهو يملك تلك الأرض (8) فيختلف فيه
__________
(1) في (ق) يوجد.
(2) ساقط من (ر) و (ت).
(3) في (ق) دفن الكفار.
(4) في (ق) إلى الإسلام.
(5) ساقط من (ت) و (ر).
(6) في (ر) الجميع.
(7) في (ق) و (ت) صلحي.
(8) في (ق) و (م) الأرض بشراء.

(2/863)


هل يكون لواجده لأنه ملك الأرض وقد ملك باطنها، أو لجميع أهل الصلح لأنهم صالحوا عليه.
وإن كان لا يملك وإنما وجد في ملك غيره فيختلف فيه على قولين: أحدهما: أنه لواجده، بناء على أن من ملك ظاهر الأرض لا يملك الباطن، والثاني: أنه لرب الأرض أو لجملة أهل الصلح على ما بيناه من التفصيل على أية صفة وقع صلحهم.
وهذا إذا لم يكن من أموال هؤلاء المصالحين. فإن كان من أموالهم فاتفق أنه يكون لهم أو لمالكه المعين (1) إن علم.
وإن علم أنه من دفن (2) أهل الإسلام، فليس بكنز (3) يكون لواجده بل يرد لربه إن عرف، فإن لم يعرف كان كاللقطة يعرف به. وإن أشكل أمره بحيث لا يكشف عن حقيقته (4)، فإن لم يظهر له ما يدلّ على شيء كان حكمه حكم الركاز، ويحمل على أنه من دفن الجاهلية.
...

فصل (الواجب في الكنز)
وأما المأخوذ منه فهو الخمس إن كان ذهبًا أو فضة، فإن كان غير ذلك من الأموال ففيه قولان في الكتاب (5)، وهما على ما قدمناه من الخلاف في اسم الركاز على ماذا يطلق. هذا حكم الركاز.

(حكم ما لَفَظَه البحر وما لم يتقدم عليه ملك لأحد)
وأما ما لفظه البحر وما لم يتقدم عليه ملك لأحد، فهو لواجده ولا
__________
(1) في (ر) لمالك معين.
(2) في (ت) كنوز.
(3) في (ق) ركاز.
(4) في (ق) و (ت) فإن أشكل أمره بحث عن حقيقته.
(5) المدونة: 1/ 292.

(2/864)


خمس فيه. وإن تقدم عليه ملك لمسلم ففيه قولان، هل يكون لواجده لأنه في حكم المستهلك أو لمالكه؟ وهذا حكم كل ما ترك بموضعه في البحر والبر وعجز عنه ربه وهو تارك له (1)، وسيأتي بيانه في حكم أكرية السفن في كتاب الأقضية.
وإن كان الملك المتقدم لذمي فحكمه حكم المسلم، وإن كان لحربي فإن وجد معه أربابه؛ فإن أخذه واجده بقتال، ولولا قتاله لم يقدر عليه، وجابه (2) أربابه فهو كالفيء يخمّس. وإن أخذه بغير قتال ولو ترك لم يقدر أربابه على أن يتخلصوا من قبضة أهل الإسلام (3)، فالنظر فيه للإمام. وهو كأموالهم التي انجلوا (4) عنها ولم يوجف (5) عليهم بخيل ولا ركاب. وإن لم يكن معه أربابه فهو لواجده ولا شيء عليه فيه.
...

فصل (أقسام الأموال التي ينظر فيها الإمام وكيفية تقسيمها)
وقد تقدم أنه لا زكاة في غير الأموال النامية وأن كل ما استفيد وهو عين استقبل به حولًا، فإن كان عرضًا (6) فلا زكاة عليه حتى يباع ويستقبل به حولًا وقد تقدم ذلك.
والأموال التي ينظر فيها الإمام على ثلاثة أقسام:
__________
(1) في (ق) هل يكون لواجده لأنه في حكم المستهلك أو لمالكه وهذا حكم في كل ما تركه بمضيعة في البر أو البحر وعجز عنه ربه وهو تارك له. وفي (ت) هل يكون لواجده لأنه في حكم المستهلك أو لمالكه وهذا حكم ما ترك بمضيعة البر والبحر وعجز عنه ومر تاركا له ربه.
(2) في (ت) ونجا به.
(3) في (ر) أو لم يرده لم يقدر عليه أربابه على تخلصه من نظر أهل الإسلام.
(4) في (ر) خلوا.
(5) في (م) يزحف.
(6) في (ق) عروضا.

(2/865)


قسم: يحل للأغنياء والفقراء بلا خلاف؛ وهو المال المأخوذ من الكفار الحربيين والمعاهدين، كالخمس من الغنيمة، وما انجلى عنه أهله، وخمس الركاز، والجزية، وما يؤخذ من تجارتهم (1)، وما يؤخذ من أرض العنوة وأرض الصلح.
وقسم: لا يحل إلا للفقراء بلا خلاف، إلا من ذكر معهم في آية الزكاة، وهذا كالزكاة.
وقسم: اختلف المذهب فيه على قولين: هل هو كالثاني, لأنه مال أصله للمسلمين فأشبه الزكاة؟ أو هو كالأول, لأنه لم يؤخذ من مالكه بالطوع ولا يعرف مالكه بعينه، فأشبه الفيء وهو كأموال مستغرقي الذمة، واللقطة إذا لم يعرف ربها وعرفت؟
وإذا ثبت أن الفيء وما ذكر معه يستحقه الأغنياء والفقراء فهل يقسمها الإمام على التفضيل أو المساواة, في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يقسمه على المساواة، وهكذا كان فعل الصديق رضي الله عنه (2)، والثاني: أنه يقسمه على التفضيل بقدر الفضائل ويفضل بقدر الفضائل الشرعية والغنى عن المسلمين، ويسبق الفاضل عن الأدنى، وهذا فعل عمر رضي الله عنه (3). والثالث: أن الإمام مخير بين المساواة والتفضيل، وهذا لأنه راعى أن فعل كل واحد منهما حجة. وإنما قدم من قدم أو ساوى من ساوى على جهة النظر والاجتهاد، فيجتهد الإمام في ذلك بحسب ما يراه. ولهذا أخبر عمر أنه [إن بقي] (4) ساوى بين الناس كما فعله أبو بكر. وقد تأولوا المساواة على الابتداء بالفقير كما يساوى بينه وبين الغني ليس أن يعطى كما يعطى الآخر.
وبالجملة إن هذا مال يحل للأغنياء فينبغي أن ينظر الإمام فيما هو
__________
(1) في (م) و (ق) تجارهم.
(2) انظر كتاب الأموال ص: 276.
(3) المصدر السابق ص:277.
(4) ساقط من (ر).

(2/866)


الأصلح للمسلمين فيفعله، فيبدأ في خراج الأرض بالموضع الذي جبي فيه فيسد حاجته، وإن فضلت فضلة نقله إلى غيره، وإن نزل بقوم حاجة صرف إليهم ما يدفع (1) حاجتهم كما فعل عمر رضي الله عنه في أهل الحجاز زمان الرمادة (2)، فإنه نقل إليهم أموال مصر. وسيأتي الكلام على الجزية مفصلًا في كتاب الجهاد.
[تم كتاب الزكاة الأول بحمد الله وحسن عونه] (3).
****
__________
(1) في (ق) و (ت) يزيح.
(2) قال أبو عبيد القاسم بن سلام "إنما سمي الرَّمادة لأنّ الزرع والشجر والنخل وكلُّ شيء من النبات احترق مما أصابته السنة فشبه سواده بالرماد؛ ويقال: بل الرمادة الهلكة، يقال: قد رَمَدَ القوم وارمَدّوا إذا هلكوا؛ وهذا كلام العرب والأول تفسير الفقهاء ولكل وجه". الغريب لابن سلام: 3/ 212.
(3) ساقط من (ر).

(2/867)