التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات

باب في زكاة البقر
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أسقط [عنها] (1) الزكاة قبل بلوغها ثلاثين (2)، فإذا بلغتها ففيها جذع (3)، ثم لا زيادة (4) حتى تبلغ أربعين ففيها مسنة (5)، ثم لا زيادة (6) [فيها] (7) حتى تبلغ ستين ففيها جذعان (8)، ثم لا زيادة (9) فيها حتى تبلغ سبعين ثم يكون (10) الحساب في كل أربعين مسنة وفي كل ثلاثين تبيع (11) ويكون الحكم على ما قدمناه في الإبل، سواء كما (12) قدمنا في الحساب.
وإذا بلغت عشرين ومائة، فهاهنا يتفق العددان، فإن عددت بالأربعينيات كان فيها ثلاث مسنات، وإن عددت بالثلاثينيات كان فيها أربع توابع. فيكون الحكم كما قدمناه في المائتين من (13) الإبل.
__________
(1) ساقط من (م).
(2) هذا رأي الجمهور وعمدتهم في ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده 5/ 230 عن معاذ بن جبل قال بعثه النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فأمره ان يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم دينارًا أو عدله معافر "وللعلماء كلام في الحديث وليس مقطوعًا بثبوته كما قال المصنف. انظر فتح الباري 4/ 65 وقيل الأوطار 4/ 132 ونصب الراية 2/ 346.
(3) في (م) جذعة.
والجذع يسمى تبيعا وهو ما له سنة.
(4) في (ق) لا زائد.
(5) المسنة: ما لها سنتان.
(6) في (ق) لا زائد.
(7) ساقط من (ق) و (م).
(8) في (م) جذعتان.
(9) في (ق) و (م) لا زائد.
(10) في (ق) و (ت) فيستتم الحساب.
(11) في (ق) جدع تبيع.
(12) في (ق) و (م) وقد قدمناه.
(13) في (ق) و (ت) في.

(2/877)


واختلف في سن الجذع [منها] (1)، وهو التبيع؛ فقيل ابن سنتين، وقيل ما أوفاهما ودخل في الثالثة. وكذلك اختلف في المسنة؛ فقيل بنت ثلاث سنين، وقيل ما أوفتهما ودخلت في الرابعة. والتحاكم في هذا إلى أهل اللغة. و [أصل] (2) القول الثاني هو الصحيح عندهم.
ولا يجزي في الأربعين إلا مسنة أنثى، ويجزي في الجذع في الثلاثين ذكر. وهل تؤخذ الأنثى؟ أما إن طاع بها ربها فلا يختلف في جواز أخذها، وأما إن امتنع فهل ذلك من حق الساعي إذا كانت في البقر؟ في ذلك قولان: أحدهما: أنه لا يكلف ذلك إذ في الحديث النص على الذكر، والثاني: أنه يكلف قياسًا على المأخوذ من (3) الإبل [فإنها الإناث] (4).
...

باب في زكاة الغنم
(نصاب الغنم والواجب فيها)
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أسقط عنها الزكاة قبل أن تبلغ أربعين؛ فإذا بلغتها ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت (5) واحدة ففيها شاتان إلى مائتي شاة، وإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، ثم ما زاد ففي كل مائة، شاة. ويكاد [ألا] (6) يظهر في هذا التقدير إلا حقيقة التعبد. واختلف في صفة المأخوذ منها على ثلاثة أقوال: فقيل: يجزي الجذع والثني من المعز والضأن ذكراً كان أو أنثى، وقيل لا يجزي إلا أنثى، لكن
__________
(1) ساقط من (ق) و (م).
(2) ساقط من (ر) و (ت).
(3) في (ق) في.
(4) ساقط من (م)، وفي (ت) فإنها أنثى.
(5) في (ق) و (م) فإذا بلغتها وزادت.
(6) ساقط من (م).

(2/878)


تجزي جذعة كانت أو ثنية من المعز أو الضأن. وقيل: حكمها حكم الأضحية لا يجزي إلا الجذع من الضأن ذكرًا كان أو أنثى، والثني من المعز ذكرًا كان أو أنثى [إلا أن يكون تيسًا] (1) فالقول الأول بناء على أن النظر إلى الجذع، والثني هو العدل بين خيار المال وشراره. ولم يثبت ما يقتضي أخذ شيء بعينه، فرجع في ذلك إلى العدل بين الشرار والخيار.
والثاني، التفاتًا إلى أن هذا عدل لكن المنصوص في الإبل أنها لا تؤخذ إلا إناثًا، فيرد هذا الحكم إليها. وأيضاً فقد روي مثله عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -, وفي سنده ضعف.
وأما القول الثالث فوجهه القياس على الأضاحي. وإنما فرق فيها بين المعز والضأن, لأنّ المعز لا يلقح منها الجذع، ويلقح من الضأن. فكأن كمال المنفعة لا يحصل في المعز إلا إذا صارت إلى سن الثني. والمطلوب في العبادات ما هو كامل المنفعة.

(صفة المأخوذ)
ولا تؤخذ كرائم الأموال كالأكولة والفحولة والربا (2) وهي التي لها ولد وذات (3) اللبن، ولا يؤخذ شراره كالسخال والتيوس والعجفاء وذات العوار (4). وهذا إذا كان في المال رديئًا وجيدًا.
فإن كان من جنس واحد رديئة كلها أو جيدة كلها، فهل يؤخذ منها إن جمعت؟ قلت أربعة أقوال: أحدها: أنه يؤخذ منها على الإطلاق حتى لو كانت سخالًا، قاله ابن عبد الحكم، لكنه ذكر أنه يراعى في قوله ترك الإيجاب (5) والثاني: أنه لا يؤخذ منها بل يكلف رب المال شراء الوسط
__________
(1) ساقط من (ر).
(2) في (ق) بالربا.
(3) في (ر) و (ت): ولا ذات.
(4) في (ر) والعجفوات العوار.
(5) في (ق) قول الأصحاب وفي (ر) في تركه قول الإيجاب.

(2/879)


على ما تقدم. والثالث: يؤخذ منها إلا أن تكون عجافاً فلا يؤخذ منها، بل يكلف أن يشتري غيرها. والرابع: أنه يأخذ من الجميع إلا أن تكون كلها سخالاً.
وسبب الخلاف هل يقاس ذلك على الحبوب فيؤخذ من كل نوع منها (1)، أو يرجع ذلك إلى عموم ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه يؤخذ من الوسط. وأما التفرقة بين العجاف وغيرها؛ فإن العجاف لا منفعة فيها فهي كالعدم، وأما التفرقة بين السخال وغيرها فلأن السخال لا تجلب (2) ولا تقوم بأنفسها. وقد نص عمر رضي الله عنه على أنها لا تؤخذ.

(هل تؤخذ الزكاة سنة الجدب)
وقد اختلف المذهب هل يبعث السعاة إلى أخذ الزكاة في سنة الجدب على قولين: أحدهما: أنهم لا يبعثون تخفيفًا عن أرباب الأموال، إذ أنها معدومة في مثل هذه السنة، [ولأن المأخوذ يكاد لا تكون فيها منفعة] (3)، والثاني: أنهم يبعثون لوجود أعيان الماشية التي تجب فيها الزكاة.
...

فصل (سن الجذع والثنية من الضأن)
وسن الجذع من الضأن (4) فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه ابن ستة أشهر. والثاني: أنه ابن ثمانية أشهر والثالث ابن عشرة أشهر والرابع ابن سنة كاملة. والرجوع في ذلك إلى اللغة فيعول على قول أربابها. وأما الثنية فهي التي طرحت ثناياها.
...
__________
(1) في (ق) و (ت) فيؤخذ منها على أي حالة كانت.
(2) في (ت) تتجلب وفي (ق) تنجلب.
(3) ساقط من (ت) و (ق) و (ر).
(4) في (ق) و (ت) الغنم.

(2/880)


باب في أجتماع الأصناف
وأصناف النوع يضاف بعضها إلى بعض فيكمل به النصاب، وتكون كالصنف الواحد كالبخت (1) والعراب (2) والبقر والجواميس والضأن والمعز. لكن النظر في اجتماعها من أيها يؤخذ؟
ولنبدأ بالغنم؛ فإذا كانت في أول فرضها وهي أربعين (3) وكانت مختلطة، فهاهنا يراعى الأكثر بلا خلاف، فيؤخذ منه إن كان الضأن أو المعز. فإن كانت متساوية فالمنصوص أن الخيار للساعي يأخذ أيها شاء. ورأى أبو الحسن اللخمي أن القياس أن يؤخذ من كل واحدة نصفها، إذ لا ترجيح لأحد الصنفين على الآخر، وفي تخيير الساعي مضرة على رب الغنم (4). وهذا الذي قاله صحيح لولا أنه وقع (5) في مخالفة الأصول من مشاركة الفقراء لرب الغنم. وقد قدمنا أن الأوقاص (6) إنما ضربت في الغنم حتى تجب العين الكاملة، فإن زادت الغنم على ذلك، وهي إذا انفرد كل صنف لا يجب فيه شيء أو تجب في صنف دون آخر، فالحكم كما قدمناه ينظر إلى الأكثر. ويخير الساعي عند التساوي، وهذا (7) كالتسع والسبعين،
__________
(1) قال ابن منظور: "البُخْت والبُخْتِيَّة: دَخِيل في العربية، أَعجمي مُعَرَّبٌ، وهي الإِبل الخُراسانِيَّة، تُنْتَج من بين عربيةِ وفالِج؛ وبعضهم يقول: إِن البُختَ عَرَبي ... الواحد: بُخْتي؛ جَمَل بُختي، وناقة بُختِيَّة. فيَ الحديث: فأُتيَ بسارقِ قد سَرَقَ بُختَّة. البُخْتِيَّةُ: الأُنثى من الجمال البُختِ، وهي جمالٌ طوالُ الأَعْناق، ويُجْمَع على بُختٍ وبَخَاتٍ؛ وقيل: الجمع بَخاتيُّ، غير مصروف .. ". لسان العرب: 2/ 9.
(2) في (ر): الأعراب.
الإبل العراب والخيل العراب خلاف البختي والبراذين. المصدر السابق 1/ 590.
(3) في (ق) و (ت) الأربعون.
(4) التبصرة لوحة: 87.
(5) في (ق) و (ت) يرقع.
(6) قال ابن منظور: "الوقص، ما بين الفريضتين من الإبل والغنم، واحد الأوقاص في الصدقة والجمع أوقاص وبعضهم يجعل الأوقاص في البقر خاصة، والأشناق في الإبل خاصة، وهما جميعاً ما بين الفريضتين" المصدر السابق 7/ 107.
(7) في (م) وهكذا.

(2/881)


فإن الأربعين يجب فيها لو انفردت، والتسع والثلاثين [إذا انفردت] (1) لا يجب فيها شيء، أو السبعين مثلًا، فإن كل واحدة لو انفردت لم يجب فيها شيء، أو يكون أحد الصنفين أكثر فتجب فيه دون غيره، فإن كملت ثمانين وأحد الصنفين أكثر أخذ من الأكثر أيضًا بلا خلاف. وإذا كانت متساوية كان الساعي مخيرًا كما قدمناه.
وإن زادت على ذلك فهل يبقى حكم التخيير أو يؤخذ من الأكثر، هاهنا قولان: المشهور أنه يؤخذ من الأكثر، والشاذ تخيير الساعي. وهذا مثلًا في أربعين معزة وثمانين ضائنة (2) فينظر في المشهور إلى أن الشاة واجبة في الجميع، والضأن أكثر فيؤخذ منه. وكذلك إن قلنا إن الشاة واجبة في الأربعين خاصة وما زاد عليها وقص لا يجب فيه شيء، فإن القسمة تقتضي كثرة الضأن إذا قسمنا المأخوذ منها كما يقسم الزائد. ورأى في الشاذ أن كل واحد من الصنفين مستقل في الإيجاب، والزائد عليه غير مؤثر. فإن زادت على ذلك فلا يخلو من أن يكون الصنفان (3) مستقلين في الإيجاب وهما (4) متساويان، أو يكون أحدهما أكثر لكنهما مستقلان أيضًا، أو يكون أحدهما مستقلاً والآخر غير مستقل؛ فإن استقلا وتساويا كمن له خمس وستون ضائنة (5) ومن المعز مثلها (6)، فهاهنا تؤخذ واحدة من كل صنف بلا خلاف. وإن استقلا وأحدهما أكثر من الآخر، فهاهنا قولان: مذهب الكتاب أنه تؤخذ شاة من الأكثر، وينظر إلى الباقي فإن كان الصنف الثاني مستقلاً بنفسه والباقي [من] (7) المأخوذ منه دونه أخذت شاة من الصنف الثاني، فإن كانا متساويين خُير الساعي، وإن كان المأخوذ منه أولًا أكثر (8) أخذ
__________
(1) ساقط من (ر) و (ت).
(2) في (ر) ضانية.
(3) في (ق) و (م) الصنفين.
(4) في (م) أو هما.
(5) في (ر) ضانية.
(6) في (ر) ومثلها معزة
(7) ساقط من (ق).
(8) في (ت) وإن كان المأخوذ منه أكثر من غير المأخوذ منه أولًا.

(2/882)


منه (1). ومذهب سحنون أنه يؤخذ من المأخوذ منه على الإطلاق فيؤخذ من الأكثر شاتان. ومثال هذه أن يكون للإنسان عشرون ومائة ضائنة وأربعون معزة فإنه يؤِخذ منه على المشهور ضائنة ومعزة، وعلى مذهب سحنون ضائنتان، أو يكون له مائة وثلاثون (2) ضائنة وأربعون معزة فيكون الخلاف كما قدمناه وإن كان له ثلاث مائة وأربعون ضائنة وأربعون معزة فيكون الخلاف كما قدمناه، وإن كان له ثلاثمائة وأربعون ضائنة وستون معزة فيؤخذ منه بلا خلاف ثلاث ضوائن على أصليهما, لأنه إذا أفرد الباقي عن ما وجبت (3) فيه الشاتان من (4) الضأن كان أكثر من المعز. وعلى ما قدمناه عن ابن مسلمة (5) تكون عليه ضائنتان، وخير الساعي في المعزة.
ومثار (6) الخلاف بين ابن القاسم وسحنون أن ابن القاسم يقدر الأخذ من الأكثر حتى يكمل به تمام النصاب، ثم يلتفت إلى التقدير في الباقي فينظر إلى الكثرة والتساوي. وسحنون يقدر الوجوب في حالة واحدة فيفض (7) الأكثر على الأقل. وإذا فض ذلك أخذ من الأكثر على الإطلاق. وقد ألزم أبو الوليد الباجي ابن القاسم مذهب سحنون في قوله في الكتاب فيمن له أربعون جاموسًا وعشرون بقرة: إنه يأخذ تبيعًا من كل واحد منهما (8). وهذا الإلزام ليس بشيء لأنّ ابن القاسم استمر على أصله, لأنه
__________
(1) المدونة: 1/ 316.
(2) في (ت) مائة وثلاثون معزة وأربعون ضانية وأربعون معزة. وفي (ق) مائة وثلاثون معزة وأربعون ضانية وأربعون معزة.
(3) في (م) وجب.
(4) في (ر) الثلاث ضوائن من.
(5) هو: محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل أبو هشام [وهشام هذا هو أمير المدينة الذى نسب إليه مد هشام والذي يذكر عنه ذكر عهدة الرقيق في خطبته] روى محمد هذا عن مالك وتفقه عنده وكان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك وكان أفقههم وهو ثقة وله كتب فقه أخذت عنه، وتوفي سنة ست ومائتين" الديباج المذهب ص: 227 وشجرة النور ص: 56 (10) وفيها سلمة وهو خطأ.
(6) في (ت) ومدار.
(7) في (م) فيفيض.
(8) المدونة: 1/ 317.

(2/883)


أخذ تبيعًا من ثلاثين، وبقي عشرون وعشرة من الأربعين. والواجب فيها تبيع فيؤخذ من الأكثر منهما، والعشرون بلا شك أنه أكثر، وإنما يجب أخذ تبيعين من الأكثر على مذهب سحنون القائل بالفض (1) كما تقدم.
وألزم ابنَ القاسم أيضًا أبو الحسن اللخمي أن يقول فيمن له اثنان وثمانون ضائنة وتسع وثلاثون معزة أن يأخذ من ذلك ضائنة ومعزة، واستقرأه من مسألة الجواميس والبقر, لأنه يأخذ عن مائة وعشرين شاة واحدة، ويبقى الزائد مع المعز فيؤخذ منه شاة أو يأخذ من الثمانين ضائنة وتبقى الاثنان والتسع والثلاثين فيأخذ منها معزة لأنه الأكثر (2). وهذا الذي قاله صحيح إن قلنا إن الأوقاص مزكاة، وإن قلنا إنها غير مزكاة فإنه يقع الأخذ هاهنا عن الأربعين ثم يبقى من الضأن اثنان وأربعون فيؤخذ منها. وإن أضيف إليها المعز فهو يسير بالنسبة إليها، وإن ظن أن الأربعين إذا أخذ منها بقي ما بعدها وقصًا، فليس تقدير الباقي وقصًا بأولى من تقدير المعز وقصًا.
وبالجملة فالتسع والثلاثون (3) غير قائمة بنفسها والاثنان والثمانون أكثر فيؤخذ منها الشاتان (4) جميعًا. ويختلف لو كان يملك عشرين ومائة ضائنة وأربعين معزة هل تؤخذ الشاتان من الضأن، وهذا بناء على أن الأوقاص غير مزكاة. لكن يجعل المعز هاهنا وقصًا، أو يؤخذ من كل واحد شاة لأنّ الواحدة (5) مأخوذة عن مائة وعشرين ضائنة والأخرى عن الأربعين معزة. وقد قدمنا أن ابن القاسم يقول في هذه الصورة: تؤخذ شاة من كل واحدة منهما. وأن سحنون يقول: تؤخذ شاتان من الأكثر. وبينا وجه قوله وهو ينبني (6) أيضاً في هذه الصورة على القول بأن الأوقاص غير مزكاة، وهكذا
__________
(1) في (ت) الفضل.
(2) التبصرة لوحة: 87.
(3) في (ت) و (ر): والثلاثون.
(4) في (ق) و (ت) و (ر): الشاتين.
(5) في (ق) و (ت) واحدة.
(6) في (ق) يبين.

(2/884)


يجري الأمر في البقر والجواميس ويسهل الحساب فيها لقرب النصاب (1) وكذلك في الإبل [والبخت] (2).
ولو كان للإنسان أربعون من نوع البقر وعشرة من نوع آخر لأخذ من الأكثر، وإن تساويا خُيّر الساعي. وإن كان له عشرون من نوع وعشرة من آخر فلا شك أنه يؤخذ من الأكثر.
وقد قدمنا ما يجري من الخلاف إذا كان له أربعون من نوع وعشرون من نوع ولو كان بدل العشرين ثلاثون لم يختلف المذهب هاهنا أنه يؤخذ عن الأربعين منها وعن الثلاثين منها. وهكذا يجري الأمر كلما كثرت.
وإن كانت الإبل مما تجب فيه الزكاة (3) من سن واحد كحقتين أو بنتيْ لبون، يجري الأمر أيضًا على ما تقدم في الغنم. ولو كان له أربعون بختًا ومثلها عراب وجبت بنتا لبون، واحدة من كل صنف. وكذلك لو كانت خمسة وأربعين من صنف ومثلها من صنف آخر، لكان الحكم كالأول. ولو كانت له خمسون بختًا وثلاثون عرابًا لكان الحكم أيضًا كما تقدم, لأنّ كل واحدة لو انفردت وجبت فيها بنت لبون. وهذا بيَّن على مذهب ابن قاسم. وأما على رأي سحنون الذي يقدر الفض (4) [فيها ويفض هاهنا الأكثر على الأقل] (5) ويوجب بنتا (6) لبون من الأكثر، ولو كانت أربعًا وخمسين بختًا وستًا وثلاثين عرابًا يجري على القولين. وهكذا يجري الأمر في الحقاق. وفيما قدمناه كفاية بحسب هذا المجموع.
...
__________
(1) في (ق) و (ت) النصب.
(2) ساقط من (ر) و (ق).
(3) في (ت) فيه إثنان.
(4) في (ت) القرض وفي (ق) النقص.
(5) ساقط من (ق) و (ت) و (م).
(6) في (ق) و (ت) ويوجب هاهنا بنتا، وفي (م) فيجب هاهنا بنتا.

(2/885)


فصل (حكم زكاة القراض إن كانت ماشية)
وقد قدمنا حكم زكاة القراض إذا كان عينًا أو عرضًا، فإن كان ماشية ومر به الحول فلا يختلف هاهنا أنها تؤخذ منها الزكاة معجلة، وتؤخذ من الماشية إن كان القدر المأخوذ موجودًا فيها، فإن لم يوجد كلف ربها بأن يأتي بما يجب عليه، وإذا أخذ فهل تلغى كأنها خسارة وقعت في المال، أو يحسب على رب المال في رأس مالها، أو يحسب عليه وعلى العامل بحسب ربحه؟ في المذهب ثلاثة أقوال، وهي على ما تقدم.
فمن (1) رأى أن الزكاة واجبة في النماء وهو موجود في المال ألغاها جملة وقدرها [كالذاهب] (2) من جملة المال.
ومن اعتد بها (3) رأى أن المساكين كالشركاء وقد أخذوا جزءًا من المال. لكن هل يقدر ملك العامل للربح من يوم التحريك أو عند حصوله؟ وقد قدمنا الخلاف في ذلك، فإن قدرناه مالكًا من يوم التحريك حوسب بجزء الزكاة في نصيبه، وإن لم يقدره مالكًا إلا (4) يوم الحصول كان ذلك على رب المال خاصة.
...

فصل (زكاة الماشية إذا كانت للتجارة)
زكاة الماشية مأخوذة من (5) عينها، ولهذا نقول (6) إنها إذا كانت نصابًا فأكثر أخذت منها زكاة العين لا زكاة القيمة, لأنّ زكاة العين هي الأصل وزكاة
__________
(1) في (ر) فيمن.
(2) ساقط من (ق) و (ت).
(3) في (ق) ومن عدها على ربها.
(4) في (ق) و (ت) إلى.
(5) في (ر) و (ق) عن.
(6) في (ر) و (ق) يقول.

(2/886)


القيمة إنما تؤخذ على تقدير كون العروض كالعين على ما تقدم. فمن ملك ماشية؛ فإن كانت دون النصاب جرت على حكم العروض، وإن كانت للقنية فلا زكاة فيها، وإن كانت للتجارة قوّمها المدير وزكى غيرَها (1) إذا باع. وإن كانت للقنية. جرت على القولين فيما اتخذ من العروض للقنية (2)، هل تكون فيه الزكاة إذا بيعت أم لا (3)؟ وإن كانت نصابًا وهي للقنية (4) لا للتجارة زكّاها زكاة العين [إذا مر بها الحول. وإن كانت للتجارة فكذلك أيضًا. ولا تقوم (5) وإن كان مديرًا لما قلناه من تقويم زكاة العين] (6). لكن إن باع التي للتجارة قبل أن يحول الحْول أو قبل إتيان الساعي رجعت إلى حكم أصلها في التجارة، وإن باع التي للقنية فهل يستقبل بها حولًا أو يبني حول ثمنها على حول عينها؟ في المذهب خلاف نذكره في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله.
...