التهذيب
في اختصار المدونة (كتاب
الصدقة)
3854 - ومن تصدق على رجل بدار، فلم يقبضها المعطى حتى باعها المعطي، فإن
علم المعطى بالصدقة فلم يقبضها حتى بيعت، تم البيع وكان الثمن للمعطى، وإن
لم يعلم فله نقض البيع في حياة البائع وأخذها، فإن مات المعطي قبل أن
يقبضها المعطى فلا شيء له، بيعت أو لم تبع. (1)
قال أشهب: إن خرجت من ملك المعطي بوجه ما وحيزت عليه، فليس
_________
(1) انظر: منح الجليل (8/186) .
(4/337)
للمعطى شيء، وكل صدقة أو حبس أو هبة أو
عطية بتلها مريض لرجل بعينه أو للمساكين، فلم تخرج من يده حتى مات، فذلك
نافذ في ثلثه كوصاياه، لأن حكم ذلك وحكم ما أعتق الإيقاف ليصح المريض فيتم
ذلك أو يموت، فيكون في الثلث، ولا يتم فيه للقابض في المرض قبض. ولو قبضه
كان للورثة إيقافه، وليس لمن قبضه أكل غلته إن كانت له، ولا أكله إن كان
مما يؤكل، ولا رجوع للمريض فيه، لأنه بتل بخلاف الوصية، ولا يتعجل الموهوب
قبضه إلا على أحد قولي مالك في المريض له مال مأمون، فينفذ ما بتل من عتق
أو غيره.
3855 - ومن تصدق على ابنه الصغير بجارية فتبعتها نفسه، فلا باس أن يقومها
على نفسه، ويشهد ويستقضى للابن.
3856 - ومن تصدق على أجنبي بصدقة، لم يجز له أن يأكل من ثمرتها ولا يركبها
ولا ينتفع بشيء منها.
(4/338)
وأما الأب والأم إذا احتاجا، أُنفق عليهما
مما تصدقا [به] على الولد. ولا يشتري الرجل صدقته من المتصدق عليه ولا من
غيره.
3857 - وإن تصدقت على رجل بدراهم وجعلتها على يدي غيره، والموهوب له حاضر
عالم جائز الأمر، فلم يقم [ولا قبض] حتى مت أنت، فذلك نافذ إن لم تكن أنت
نهيت الذي هي على يديه عن دفعها إليه إلا بأمرك. فإن كنت نهيته فذلك
لورثتك، وإن لم تنهه فللمعطى أخذها بعد موتك، لأنه إنما تركها في يدي رجل
قد حازها له، ولو شاء أخذها منه في حياتك ولا رجوع لك فيها، ولو دفعت في
الصحة مالاً لمن يفرقه في الفقراء وفي السبيل ثم مت قبل إنفاذه، فإن كنت
شهدت فإنه ينفذ ما فات وما بقي وهي من رأس المال. وإن لم تشهد فالباقي
لورثتك، وإن فرق باقيه بعد موتك ضمن البقية لورثتك.
3858 - وما اشترى الرجل من هدية لأهله في سفره من كسوة ونحوها، ثم مات قبل
أن يصل إلى بلده، فإن كان أشهد على ذلك فهو لمن اشتراه له، وإن لم يشهد فهو
ميراث. وإن بعث [رجل] بهدية أو صلة لرجل غائب، ثم مات المعطي أو المعطى قبل
(4/339)
وصولها، فإن كان أشهد فهي للمعطى أو
لورثته، وإن لم يشهد فهي للذي أعطى أو لورثته.
3859 - ومن تصدق بحائط على رجل وفيه ثمرة فزعم أنه لم يتصدق عليه بثمرها،
فإن كانت الثمرة يوم الصدقة لم تؤبّر فهي للمعطى، وإن كانت مأبورة فهي
للمعطي، ويقبل قوله ولا يمين عليه، وكذلك الهبة.
قال: ويحوز المعطى الرقاب، والسقي على المعطي، لمكان ثمرته، [و] يتولى ذلك
المعطى فيتم الحوز.
3860 - ومن وهب لرجل نخلاً واستثنى ثمرتها لنفسه عشر سنين، فإن كان الموهوب
له يسقيها بمائه لم يجز، وهو غرر.
وقد قال مالك فيمن دفع فرسه إلى رجل يغزو عليه سنتين أو ثلاثاً وينفق عليه
المدفوع إليه الفرس من عنده ثم هو للمدفوع إليه الفرس بعد الأجل، واشترط
عليه أن
(4/340)
لا يبيعه قبل الأجل: [إنه لا خير فيه، إذ
قد يهلك الفرس قبل الأجل] فتذهب نفقته باطلاً، فهو غرر.
قال ابن القاسم: ولو كانت النخل بيد الواهب يسقيها ويقوم عليها جاز، وكأنه
وهبها له بعد عشر سنين، فإن سلمت النخل إلى ذلك الأجل ولم يمت ربها ولم
يلحقه دين فله أخذها، وإن مات ربها أو لحقه دين فلا حق له فيها. (1)
قال أشهب في الفرس إن شرطه: ليس مما يبطل العطية، وهو كمن أعاره لرجل يركبه
سنة ثم هو لفلان فترك المعار عاريته لصاحب البتل أنه يتعجل قبضه فإذا [جعله
عارية له و] كان مرجعه إليه من نفسه كان أحرى أن يتعجله ويزول الخطر.
_________
(1) انظر: الكافي (1/354) .
(4/341)
3861 - وإذا تزوجت الجارية ولم تدخل بيتها
فلا يجوز عتقها ولا صدقتها في ثلث ولا غيره حتى تدخل بيتها وتكون رشيدة،
فذلك لها حينئذ في ثلثها، وليس بعد الدخول حد مؤقت يجوز إليه صنيعها، وحدها
الدخول إن كانت مصلحة.
قال ربيعة: ثم لها رد ما أعطت قبل جواز أمرها.
* * *
(4/342)
|