التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة

ذكر خلافه له في كتاب النذور
11 - مقدار كفارة اليمين (1) (2).
" قال ابن القاسم: (سئل) (3) مالك عن طعام المساكين في كفارة اليمين فقا (ل) (4): أما الوسط عندنا بالمدينة فمد لكل مسكين بمد النبي عليه السلام، وأما فيما عداها فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم.
قال ابن القاسم: وأرى أن الكفارة بالمد مجزية في كل بلد". (5)
قال أبو عبيد: أما قول مالك في حمل أهل كل بلد في كفارة اليمين على الوسط من عيشهم، فلأن الله عز وجل قال: " من أوسط (6) ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم".
_________
(1) ونقل ابن المواق في التاج والإكليل (4/ 416 - 417) نص المدونة الآتي ذكره قريبا.
وقال خليل المالكي في مختصره: وندب بغير المدينة زيادة نصف أوثلثه , أو رطلان خبزا بأدم، كشبعهم أوكسوتهم للرجل ثوبا , وللمرأة درع وخمار, ولو غير وسط أهله.

وقال ابن الموافق في شرحه (4/ 417): أفتى ابن وهب بمصر بمد ونصف , وأشهب بمد وثلث.
وانظر تمام البحث فيه فالخلاف طويل.
ومشى ابن عبد البر على ظاهر قول ابن القاسم، فقال في الكافي (198): وإن شاء أطعم عشرة مساكين من أجود ما يقتاته هو وأهله من الطعام لكل مسكين مد بمد النبي عليه السلام بالمدينة وغيرها وسطا من الشبع.
وانظر كذلك: شرح زروق وشرح ابن ناجي على الرسالة (2/ 18) والمنتقى للباجي (2/ 91).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) المدونة (3/ 118).
(6) قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة: من أعدل ما تطعمون أهليكم.
وقال عطاء الخراساني: من أمثل ما تطعمون أهليكم.
انظر تفسير ابن كثير (2/ 90) وابن جرير (7/ 16).
واختار ابن جرير بأن المراد بأوسط: أعدل.
وقال الشوكاني في فتح القدير (2/ 71): المراد بالوسط هنا: المتوسط بين طرفي الإسراف والتقتير.
ونقل الخلاف في ذلك، فلينظر.

(1/55)


وظاهر هذا يدل على أنه الوسط من القوت، لأن أهل الأقاليم يتباينون في كثرة الأكل وقلته تباينا (متزا) يدا (1)، يعلم ذلك بالمشاهدة التي توجب علم الضرورة.
فلما نص على الـ (ـو) سط (2) [ص19] من الإطعام دل على أنه ما يقوت للعدد الذي نص على إطعامهم، فوجب أن يطعم أهل كل بلد من قوتهم الوسط، فمن كان المد وسطا من قوت أهل بلده أجزأه ذلك، ومن كان الوسط من قوتهم أكثر من المد لم يجزه أن يقتصر عليه، لأنه خلاف الشرط المنصوص عليه في الإطعام.
وإذا اختار المكفر أن يطعم المساكين (عنه) (3) لزمه أن يغذيهم ويعشيهم (4)
ليكون قد أطعمهم قوت يومهم، لأن قوله عز وجل: " فكفارته إطعام عشرة مساكين" يقتضي إطعامهم وسطا من قوتهم.
وأما قول ابن القاسم: إن الكفارة بالمد مجزية في كل بلد، فإنما يعني بذلك، والله أعلم، إذا عدل المكفر عما يلزمه من وسط عيش أهل بلده، إلى أن يكفر بالمد على وجه التأويل فيجزئه ذلك، لأنه مما قد اختلف فيه، بمنزلة الحاكم إذا اجتهد في مثل ذلك أن له أن يحكم بما يؤديه اجتهاده إليه، وهذا التأويل موافق لـ (ـمذ) هب (5) مالك في ذلك، وبالله التوفيق.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) يظهر أن ما بين القوسين زائد.
(4) روى ابن أبي حاتم بسند ضعيف كما في تفسير ابن كثير (2/ 90) عن علي قال في قوله (من أوسط ما تطعمون أهليكم): يغذيهم ويعشيهم.
وعن الحسن ومحمد بن سيرين: يكفيه أن يطعم عشرة مساكين أكلة واحدة خبزا ولحما.

وفي الباب أقوال أخر عن جماعة من الصحابة والتابعين، انظر تفسير ابن كثير وابن جرير.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/56)


12 - مسألة: (حكم من حلف ألا يساكن رجلا في دار فقسمت فسكن في أحد النصيبين) (1).
" قال ابن القاسم: سئل مالك عمن حلف ألا يساكن رجلا في دار قد (سمـ) ـاها (2) فقسمت الدار وضرب بينهما بحائط وجعل مخرج كل نصيب على حدة فسكن الحالف في أحد النصيبين، فقال: ما يعجبني وكرهه.
وقال ابن القاسم: لا بأس بذلك، ولا حنث على الحالف إذا سكن في أحد النصيبين". (3)
قال أبو عبيد: إنما كره مالك سكنى الحالف في أحد النصيبين إشفاقا من مواقعة الحنث، وأن يكون ما أظهراه من المقاسمة محللا لليمين، لأن المقاسمة إذا أريد بها تحليل اليمين، وجعلت ذريعة إلى ذلك (فهـ) ي (4) فاسدة، وإن كان ظاهرها صحيحا.
ولأنها لم تتناول على سنتها، وكل (مـ) ا (5) تنول على غير سنته فهو مردود، لأن النبي صلى الله عليه وسلم [ص20] قال: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". (6)
وهذا داخل في بـ (ـا) ب (7) الذرائع الذي يتفق (فيها) (8) على القول مالك وابن القاسم، والأصل فيها استباحة المنهي عنه بالحيلة. والكلام في هذا المعنى يطول، وفيما لوحت به مقنع.
_________
(1) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) المدونة (3/ 132).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) تقدم تخريجه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.

(1/57)


وأما قول ابن القاسم في إباحة السكنى للحالف وإسقاط الحنث عنه، فلأن الدار إذا قسمت، وصار مدخل كل نصيب منها غير مدخل صاحبه، وانفرد بمرافقه وحقوقه، وكل نصيب منها مسكن بذاته، والساكن فيه غير مساكن لمن سكن في شيء من أنصباء (تـ) ـلك (1) الدار، لأن اسم الجوار أولى به من اسم المساكن، وإنما السكنى الذي يوجب الحنث: الاشتراك في مرافق المسكن وحقوقه.
وهذا القول أقيس، وقول مالك أحوط، إن شاء الله.

13 - من حلف ألا يدخل على رجل بيتا بعينه فدخله الحالف ثم دخل المحلوف عليه (2)
" قال ابن القاسم: وسئل مالك عمن حلف ألا يدخل على رجل بيتا بعينه فدخله الحالف ثم دخل المحلوف عليه على الحالف في ذلك البيت فقال: لا يعجبني.
قال ابن القاسم: وإنما قال ذلك لأنه خاف عليه الحنث.
قال ابن القاسم: وأنا أرى أنه لا يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يجامعه في ذلك البيت". (3)
قال أبو عبيد: إنما لم يعجبه دخول المحلوف عليه على الحالف، إشفاقا من مواقعة الحنث، لأن الحالف إذا عريت يمينه من نية أو سبب تقارنها خرجت عليه، فإنما يحمل أمره على أنه لم يرد الاقتصار على النوع الذي حلف عليه دون جنسه، لأنه إنما التمس بيمينه في الحال التي حلف بها شفاء غيظه والمبالغة في المعنى الذي حلف عليه، هذا الذي جبلت عليه الطبائع (و) جرت (4) به العادات.
وإذا كان ذلك كذلك، حمل قول القائل: والله لا د (خـ) ـلت (5) [ص21]
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) المدونة (3/ 134).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/58)


( ... ) (1) المبالغة في القطيعة وحسم دواعي الاجتماع معه، وأن يجتنب كلما يقع عليه الاسم من ذلـ (ـك) (2) أولى من الاقتصار على النوع المذكور وإلزام الحنث به دونما سواه، والله أعلم.
وأما قول ابن القاسم إنه لا يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يجامعه في بيت، فلأن الحالف لما علق يمينه بصفة الدخول الذي هو فعله وجب ألا يحنث بدخول المحلوف عليه، لأنه فعل غيره.
وكلا القولين له وجه سائغ في النظر، وقول مالك في ذلك أحوط، إن شاء الله، فاعلمه.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر بمقدار 3 أو 4 كلمات.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/59)


ذكر خلافه له في كتاب الصيد
14 - حكم الحمار الوحشي إذا دجن (1) (2).
" قال ابن القاسم: قال مالك في الحمار الوحشي إذا دجن وصار يـ (ـعمل) (3) عليه كما يعمل على الأهلي أنه لا يؤكل.
قال ابن القاسم: وأنا لا أرى به بأسا". (4)
قال أبو عبيد: معنى قول مالك رحمه الله في الحمار الوحشي إذا دجن أنه لايؤكل على وجه التنزه لا على وجه التحريم، لأنه لما دجن فاستحال طبعه، وعدل به عن الأكل الذي هو اصـ ( ... ) (5) القنية والحمولة أشبه الحمار الأهلي خلقا وخلقا، فكره أكله على جهة التنز (هـ) (6) عنـ (ـه) (7) لا على التحريم له (8).
وقد ورد النص بتحليل أشياء والتنزه عنها خير من استباحتها من ذلك: قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المومنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المومنات). ثم قال عز وجل (ذلك لمن خشي
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (186): ولا يؤكل عند مالك الحمار الوحشي إذا استأنس وعمل عليه وركب، لأنه قد صار أهليا، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية، وهو عند مالك على أصله لا بأس بأكله، وكما لا يؤكل الإنسي لو توحش، فكذلك لا يمتنع من أكل الوحشي إذا تأنس.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته اعتمادا على المدونة والسياق.
(4) المدونة (3/ 64).
(5) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمة.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) قال ابن المواق في التاج والإكليل (3/ 235): ابن يونس: وجه قول مالك: فلأنه لما تأنس وصار يعمل عليه فقد صار كالأهلي.
ووجه قول ابن القاسم أنه صيد مباح أكله، فلا يخرجه عن ذلك التأنس كسائر الصيد.

(1/60)


العنت منكم) (1) الآية.
فنص على تحليل نكاح الإيماء على الشرط الذي وصفه، ثم أخبر أن الصبر عنه خير من فعله (2).
وقال عمر رضي الله عنه: " أيما (رجـ) ل (3) نكح أمة فقد أرق نصفه (4) ".
يريد بذلك الولد، لأن الحر إذا تزوج ( ... ) (5).
وقال ابن عباس: " ما ازلحف (6) نكاح الأمة [ص22] عن الزنا إلا قليل" (7).
وقد ندب العلماء من صدر هذه (الآية) (8) إلى التنزه عن نكاح اليهودية
_________
(1) قال ابن جرير في تفسيره (5/ 24): والصواب من القول في قوله (ذلك لمن خشي العنت منكم): لمن خاف منكم ضررا في دينه وبدنه.
(2) قال ابن كثير (1/ 479): إنما يباح نكاح الأمة لمن خاف على نفسه الوقوع بالزنا وشق عليه الصبر عن الجماع وعنت بسبب ذلك كله، فله حينئذ أن يتزوج بالأمة، وإن ترك تزوجها وجاهد نفسه في الكف عن الزنا فهو خير له، لأنه إذا تزوجها جاء أولاده أرقاء لسيدها.
وانظر تفسير القرطبي (5/ 137).
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) رواه الدارمي (3135) وابن أبي شيبة (3/ 466) وعبد الرزاق (7/ 268) عن سعيد بن المسيب قال قال عمر.
وسنده صحيح، لكن سعيدا لم يسمع من عمر، كما قال أبو حاتم وغيره من المتقدمين، كما في جامع التحصيل للعلائي (184).
ورجح ابن حجر في التهذيب (4/ 77) والذهبي في التذكرة (1/ 54) وابن القيم في تهذيب السنن (9/ 111) (13/ 243) أنه سمع منه.
لكن رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمر مثله ينظر.
(5) بتر بمقدار 3 كلمات.
(6) أي ما تنحى وما تباعد، كما في النهاية في غريب الحديث (2/ 308).
(7) رواه عبد الرزاق (7/ 268) عن ابن جريج قال حدثت عن سعيد بن جبير قال: ما ازلحف ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلا.
ورواه ابن أبي شيبة (3/ 466) عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير.
ورواه ابن أبي شيبة (3/ 466) ثنا هشيم عن العوام عمن حدثه عن ابن عباس نحوه.
(8) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.

(1/61)


والنصرانية، وإن كان النص قد ورد بإباحة ذلك. (1)
ذكر وكيع عن الصلت بن بهرام عن أبى وائل أنه قال " تزوج حذيفة يهودية من أهل المدائن فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أن طلقها. وكتب إليه حذيفة: حرام تراها؟ فقال: لا، ولكني خفت أن يعطل المسلمات" (2).
وأكل الضب بحضرة النبي عليه السلام فلم يأكل منه ونص على أنه حلال، وفي هذا دليل على إباحة التنزه عن فعل ما (جـ) ـعله (3) مباحا (4).
أما الحمار الوحشي فهو على أصل التحليل وإن دجن واستأنس، لا ينقلـ (ـه) (5) استئناسه عن أصله، ولا يوجب له خلاف حكمه، كما لا ينقل الـ (حـ) مار (6) الأهلي استيحاشه عن حكم التحريم إلى حكم التحليل، وإلى هذا المعنى ذهب ابن القاسم في اختياره، وهو القياس، وقول مالك في هذا مبني على الاستحباب، والله أعلم.
_________
(1) قال الدردير في الشرح الكبير (2/ 267): وحرم الكافرة أي وطؤها بملك أو نكاح، إلا الحرة الكتابية فيجوز نكاحها للمسلم بكره عند الإمام مالك، وأجازه ابن القاسم بلا كراهة، وهو ظاهر الآية. انتهى.
أجاز الجمهور نكاح اليهودية والنصرانية , وصرح كثير منهم بالكراهة , منهم مالك كما في المدونة (2/ 215 - 216).
وانظر: الكافي (244) وتفسير القرطبي (3/ 67 - 68) وبداية المجتهد (2/ 33) وحاشية الدسوقي (2/ 267) ومواهب الجليل (3/ 398) والقوانين الفقهية (131).
(2) رواه ابن أبي شيبة (3/ 474) وعبد الرزاق (7/ 177) والبيهقي (7/ 172) من طريق الصلت بن بهرام قال سمعت أبا وائل يقوم: تزوج حذيفة يهودية، فذكره بنحوه. وسنده حسن.
ورواه عبد الرزاق (6/ 78) عن معمر عن قتادة أن حذيفة. وقتادة مدلس.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) في الأصل: مباح، وهو خطأ.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/62)


15 - مسألة: حكم أكل طير قتل في غصن شجرة في الحل لكن أصلها في الحرم (1) (2).
" قال ابن القاسم: سئل مالك عن الشجرة يكـ (ـو) ن أصلها في الحرم وبعض أغصانها في الحل، (3) (وطـ) ـير (4) على غصنها الذي في الحل فرماه رجل فقتله، أيحل أكله أم لا؟ فأبى أن يجيب فيها.
قال ابن القاسم: وأنا لا أرى بأكل ذلك بأسا". (5)
قال أبو عبيد: لم يختلف قول مالك وابن القاسم فيما قتل من الصيد قريبـ (ـا) (6) من الحرم أن فيه الجزاء، وأنه لا يؤكل (7)، وكفى قربا بما بين أصل الشجرة وأقصى الغـ (ـصن) (8) من أغصانها عن سمته.
ولا أعلم خلافا من علماء أهل المدينة في أن ما قتل من الطير على غصن شجرة أصلها في الحل، والغصن الذي قتل عليه الطير في الحرم أنه لا يؤكل، لأنه قتل في هواء الحرم (9).
_________
(1) قال الدردير في شرح خليل (2/ 77): ورميه أي: رمي الحلال صيدا على فرع في الحل، وأصله بالحرم فلا جزاء، ويؤكل نظرا إلى محله. ولا نزاع في وجوب الجزاء إذا كان الفرع في الحرم وأصله في الحل.
وانظر مواهب الجليل (1/ 205).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) هنا كلمة زائدة، وهي: فقال، وحذفتها لأن السياق لا يقتضيها.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) المدونة (3/ 75).
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) قال الدسوقي (2/ 3): وإن قتله بمقرب الحرم قبل أن يدخل فيه، فالمشهور أنه لا جزاء عليه، وهو قول مالك وابن القاسم والتونسي، ويؤكل حيث كان الصائد حلالا.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) قال الدردير (2/ 75): ولا نزاع في وجوب الجزاء إذا كان الفرع في الحرام، وأصله في الحل.

(1/63)


فالطير الذي قتل على غصن الشجرة التي أصلها في الحرم، والغصن الذي قتل عليه الطير [ص23] ( ... ) (1) يجزئ ولا يؤكل (لأ) نه (2) قتل قائما على غصن أصله في الحرم، وحرمته في المنع من قطعه كحرمة أصله، مع اتفاقهم بأن ما قارب الحرم محكوم له بحكم الحرم.
وقياس هذه الجملة التي اتفق عليها مالك وابن القاسم يدل على أنه لا يؤكل، والنظر أيضا يوجب ذلك.
لأن ما حد حدود الحرم: الاجتهاد، وكل ما طريقه الاجتهاد فالغلط مجوز فيه، والسهو متوهم عليه، فوجب أن يحكم لما قارب الحرم بحكم الحرم لجواز أن يكون منه، إذ لا نص على حده، فحكم لما عداه بخلاف حكمه.
وقد حكم النبي عليه السلام لما قارب الفأرة التي تقع في السمن فتموت فيه بحكمها في قوله: "إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه" (3) (فحـ) ـكم (4) بما حول الفأرة بحكم عينها في النجاسة، وتحريم
_________
(1) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمتين أو ثلاثة.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) رواه أبو داود (3842) وأحمد (2/ 232 - 265 - 490) وابن الجارود (871) وابن حبان (1393 - 1394) وأبو يعلى (5841) وعبد الرزاق (1/ 84) عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
لكن قال البخاري: هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، سنن الترمذي (4/ 256).
قلت: يقصد البخاري أن الصحيح في الحديث هو عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه فقال: ألقوها وما حولها وكلوه.
وهذا الذي رجحه أبو حاتم الرازي في العلل (2/ 9 - 12).
وقد رواه من هذا الوجه: البخاري (5218) ومالك (2/ 971) وأبو داود (3841) والنسائي (4258 - 4259) والترمذي (1798) والبيهقي (9/ 353) وابن الجارود (872) والدارمي (738) والطبراني في الكبير (23/ 430) - (24/ 15).
وانظر علل الدارقطني (7/ 286).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/64)


الأكل من أجل المقاربة، وعين الفأرة متيقن نجاستها، وما حولها مشكوك فيه.
فإذا كان كذلك، فما قرب من الحرم الذي لا نص على حده أولى بأن يحكم له بحكمه. والله ولي التوفيق.

(1/65)