التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة

ذكر خلافه له في كتاب الظهار
22 - حكم من سافر أثناء صيامه شهري الظهار فمرض (1) (2)
" قال ابن القاسم: قال بعض أصحابنا لمالك أرأيت من سافر في شهري (صـ) ـيامه (3) من تظاهر أو نحوه فمرض فيهما فقال: إني أخاف أن يكون إنما هيج عـ (ـليه) (4) مرضه في السفر حر أو برد، فلو استيقن أن ذلك كان من غير سبب السفر لرأيت أن يبني.
قال ابن القاسم: أحب إلي أن يبني". (5)
قال أبو عبيد: (وقـ) ول (6) مالك رحمه الله في هذه المسألة مبني على الاحتياط، والمعنى في ذلك، والله أعلم، أن السفر فعل للمسافر، والغالب من أحوال الناس فيه (حا .. ) (7) الأبدان على ما تنافره طباعهما من تجشم التعب ومجانبة ( ... ) (8)
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (285): فإن مرض فيهما ثم صح بنى، فإن فرط بعد صحته ابتدأ، وكذلك لو أفطر ناسيا أو بعذر أو اجتهاد بنى ما لم يؤخر البناء، فإن أخره ابتدأ الشهرين متتابعين.

وقال الشوكاني في فتح القدير (5/ 183) متحدثا عن كفارة الظهار: فمن لم يجد الرقبة في ملكه ولا تمكن من قيمتها، فعليه صيام شهرين متتابعين متواليين لا يفطر فيهما، فإن أفطر استأنف، إن كان الإفطار لغير عذر.
وإن كان لعذر من سفر أو مرض فقال سعيد بن المسيب والحسن وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والشعبي والشافعي ومالك: إنه يبني ولا يستأنف.
وقال أبو حنيفة: إنه يستأنف. وهو مروي عن الشافعي.
وانظر المغني (8/ 21).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) المدونة (6/ 78).
(6) ما بين القوسين به خرم، وأتممته لظهور معناه.
(7) خرم قليل في الأصل.
(8) كلمة بها بتر لم يتميز لي ما هي.

(1/80)


والتودع ومفارقة (راحـ) ـة (1) النوم، وطيب المطعم.
ألا ترى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه (وطـ) ـعامه (2) وشرابه" (3).
فجعله جزءا من العذاب، لامتناع المسافر فيه مما جبلت عليه نفسه.
ولاشيء أدعى إلى اضطراب الأجسام وحدوث العلل والأسقام من مفارقة غذاء قد ألفته أجسامهم، واستقامت عليه أبدانهم، وهذا يدرك بالطباع.
وإذا كان كذلك، وكان المرض [ص32] الحادث على المسافر مما يمكن أن يكون ( ..... ) (4) فعله واجتنابه (5) كان الاحتياط له في ذلك أن يبتدئ ولا يبني، إلا أن يتيقن أن المرض من غير سبب السفر فيجوز له البناء.
وأما اختيار ابن القاسم للبناء فوجهه، أن السفر وإن كان الأغلب من أحوالـ (ـه) (6) ما ذكرناه، فإنه مأذون فيه، وكل ما صدر عن فعل مأذون فيه فمعفو عنه.
وهذا قول أقيس، وقول مالك أحوط، مع ما يعضده من النظر، والله الموفق للصواب.
_________
(1) أحال الناسخ هنا على الهامش، وكتب كلمة أكلت الأرضة نصفها الأول، ولم يبق منها إلا حرف التاء المربوطة، وعليها علامة التصحيح: صح، فقدرتها: راحة.
(2) ما بين القوسين به خرم، وأتممته لظهور معناه.
(3) رواه مالك في موطئه (1768)، عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة.
وعنه البخاري (1710 - 2839 - 5113) ومسلم (1927) وابن ماجه (2882) وأحمد (2/ 236 - 445) وابن حبان (2708) وأبو عوانة (7518 - 7519) والدارمي (2670) والبيهقي (5/ 259) والطبراني في الأوسط (4451).
وتابعه الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، رواه عبد الرزاق (5/ 164).
(4) خرم في الأصل بمقدار نصف سطر.
(5) في الأصل: اجتناوه، والصواب ما ذكرته.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/81)


ذكر خلافه له في كتاب الإيلاء
23 - من قال لامرأته كل مملوك اشتريته من الفسطاط فهو حر إن وطئتك (1) (2)
" قال ابن القاسم: قال مالك فيمن قال لامرأته كل مملوك أشتريه من الفسطاط (3) (فهـ) ـو (4) حر إن وطئتك، أنه لا يكون موليا (5) إلا أن يشتري عبدا بالفسطاط (فـ) ـيقع (6) عليه الإيلاء من يوم يشتريه وطئ قبل ذلك أو لم يطأ، وكل يمين حلف بها صاحبها على ترك وطء امرأته كان لو وطئ لم يكـ (ـن) (7) بذلك حانثا في شيء يقع عليه حنث فليس بمولي حتى يفعل ذلك الشـ (ـيء) (8) فيكون موليا.
وقال ابن القاسم (9): يكون موليا، لأن كل من يقع عليه الحنث بالفيء حتى يلزمه ذلك إذا صار إليه فهو مول، ألا تر (ى أنه لو) (10) وطء امرأته قبل أن يشتريه
_________
(1) قال الدسوقي في حاشيته (2/ 434): وحاصل ما ذكره أنه إذا قال لزوجته (إن وطئتك فعبدي فلان حر) فإنه يدخل عليه الإيلاء من يوم اليمين.
وعد الدردير في الشرح الكبير (2/ 431) أن من قال لامرأته (كل مملوك أملكه حر إن وطئتك) لايعد موليا.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) الفسطاط، مدينة مصر، ويطلق كذلك على نوع من أبنية، كما في لسان العرب (7/ 371)، والظاهر أن المعنى الأول هو المقصود.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته من المدونة.
(5) أي صاحب إيلاء، وهو أن يحلف الرجل أن لا يطأ زوجته إما مدة هي أكثر من أربعة أشهر، أو أربعة أشهر، أو بإطلاق على الاختلاف المذكور في ذلك. بداية المجتهد (2/ 74).
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته من المدونة.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته من المدونة.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته من المدونة.
(9) في المدونة هذا القول منسوب لغير مالك.
(10) ما بين القوسين به بتر، وأتممته من المدونة.

(1/82)


ثم اشتراه بعد ذلك عتق عليه". (1)
قال أبو عبيد: إنما لم يلزم مالك رحمه الله الحالف على ( ... ) (2) من وطء زوجته بحرية كل مملوك يشتريه من الفسطاط حكم الإ (يلاء) (3) قبل اشترائه بشيء من ذلك، لأن يمينه إنما انعقدت في العتق بعد مصا (ب) (4) زوجته.
ألا ترى أنه لو أصابها قبل أن يشتري من الفسطاط مملوكا أنه لا يحنث.
فلما لم يكن يلزمه بمصابه الحنث لم يجز له أن يلزمـ ( .. ) (5) [ص33] ( ... ) (6) يكن بمصاب زوجته حانثا، فإذا اشترى (من الفـ) ـسطاط (7) مملوكا كان موليا من يوم يشتريه، لأنه إذا أصاب زوجته (لم يكـ) ن (8) حانثا.
وأما قول ابن القاسم فوجهه، أن الحنث بالعتق لما كان ( ... ) (9) بوقوع المصاب، وسواء تقدم المصاب عقدة الابتياع أو تأخر عنها وجب أن يحكم له بحكم من علق حنثه بمصا (ب) (10) زوجته، إذ هو في معناه.
لأ (ن) (11) بالمصاب يلزمه الحنث فيما يشتريه، وقد تفضي به الرغبة في الشراء إلى الامتناع من المصاب وإذا كان كذلك، لزمه حكم المولي من يوم حلف.
وكلا القولين له وجه في النظر، سوى أن أقيسهما وأعدلهما عندي هو قول مالك، والله أعلم.
_________
(1) المدونة (6/ 88).
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) سقط في الأصل.
(6) سقط في الأصل بمقدار نصف سطر بسبب الترميم.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) بتر في الأصل.
(10) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(11) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/83)