التوسط
بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل
المدونة ذكر خلافه له في
كتاب البيوع
24 - ضياع المبيع قبل تمكينه لصاحبه (1)
(2)
" قال ابن القاسم: سألت مالكا عمن كان له على رجل طعام قد حل أجله ( ... )
(3) يكتاله له في غرائره أو في ناحية بيته ففعل ثم ضاع الطعام (قبل أن) (4)
يصل إلى ربه فقال: لا يعجبني.
وقال ابن القاسم: لا أرى عليه ضمانا (إذا قـ) ـامت (5) له البينة على كيله،
وإن لم تقم له البينة على ذلك فهو ضامن للطعام (يصـ) ـدقه (6) في كيله،
ويكذبه في ضياعه.
فيكون القول في (الضيا) ع (7) ( ... ) (8) يمينه". (9)
قال أبو عبيد: أما كراهية مالك لما رواه ابن القاسم عنه في هذه المسألة،
فوجههما عنده، والله أعلم، أن الطعام لما كان (متعلـ) قا (10) بذمة القابض
وكان حق التوفية
_________
(1) نقل ابن المواق في التاج والإكليل (4/ 487) قول ابن القاسم الآتي ذكره
, وعلق على قول مالك بقوله: يريد مالك ولا يبيعه بذلك القبض، وقال ابن
القاسم: وأنا أراه ضامنا للطعام، إلا أن تقوم بينة على كيله أو تصدقه أنت
في الكيل فيقبل قوله في الضياع، لأنه لما اكتاله صرت أنت قابضا له، قال غير
واحد من أصحابنا: وإذا قامت بينة على كيله جاز أن يبيعه بذلك القبض، وأما
إن صدقه على كيله فلا يبعه بذلك القبض، لأنه يتهم فيه فيحتاط في بيعه، وإن
كان الضمان يرتفع عنه.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) بتر في الأصل، ويظهر من خلال المدونة أنه: فأمره أن.
(4) بتر في الأصل، وأتممته من المدونة.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) سقط ما بين القوسين، وأتممته لظهور معناه.
(8) بتر في الأصل، وفي المدونة: القول في الضياع: قوله، ولا شيء عليه.
(9) المدونة (9/ 42).
(10) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/84)
واجبا عليه، استحال أن يصح ( ... ) يله (1)
على القبض من نفسه لغيره، لما جبلت عليه الطباع من اجتلاب (النفـ) ع (2)
إليها والاستئثار به على غيرها.
وإذا كانت الطباع تقتضي ( ... ) (3) تعاقداه وتشهد بصحة ذلك، بطل حكم
الوكالة فيه، لأن قبضه [ص34] لغيره عن (4) ( ... ) سه (5) لا قبض.
وإذا لم يصح أن يكون قابضا من نفسه لغيره ( ... ) (6) ذلك من إبراء ذمته
وتصديقه على غيره، فضمان ما تعلق بذمته واجب عليه، ولا يزيل ذلك عنه شهادة
الشهود له على كيله، إذ قد يجوز أن يكون المكيل الذي ادعى ( ... ) (7) وحضر
الشهود كيله غير الذي وجب عليه، لأن الشهود إنما يشهدون على ظاهر الأمر دون
باطنه.
والدليل على أنه لا يصح توكيله على إبراء نفسه، أن الإمام الذي هو نائب عن
المسلمين في مصالحهم وما يعروهم من حوادث الأحكام بينهم، لا يجوز له أن يلي
الحكم لنفسه على من قد رضي بتقديمه على النظر له وعليه وإن ثبت له ما يوجب
( ... ) (8).
ألا ( ... ) (9) أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد حاكم خصما
له إلى أبي بن كعب رضي الله عنه، وهو يومئذ أمير المؤمنين، فلو جاز له أن
يباشر حكم نفسه لما
_________
(1) ما بين القوسين به بتر.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(4) أو: من.
(5) ما بين القوسين به بتر.
(6) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(7) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(8) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(9) بتر في الأصل بمقدار كلمة، وربما يكون الساقط: ألا ترى، أو ألا تعلم.
(1/85)
حاكمه إلى غيره، إذ الحاكم لا يجوز له أن
يولي الحكم غيره فيما لا يجهل وجه القضاء فيه.
فإذا كان أمير المؤمنين عمر رضـ (ـي) الله عنه لا يباشر حكم نفسه فيما بينه
وبين من قد رضي بتقديمه على (1) الحكم له وعليه وعمر عمر (2)، فالغريم
المقدم على (3) نفسه من حق قد تعلق لغيره بذمته أولى ألا يجوز لما في ذلك
من تضمين نفسـ (ـه) ( ... ) (4) وهذا من وضع الشيء في غير موضعه.
وأما قول ابن القاسم: لا أرى (عليه) (5) ضمانا إذا قامت له البينة على
كيله، فلأن أمر صاحب الطعام له بـ (ـكيله) (6) مع شهادة الشهود له بذلك
يوجب إبراءه من الكيل الواجب عليه، وإذا ثبت إبراؤه منه، وجب أن يكون مصدقا
في المكيل.
وقد كان لهذا القول وجه واضح لولا أن من مذهب قائله، فيمن تعلق بذمته طعام
من سلم، فدفع إلى ربه مالا ليبتاع لنفسه به المكيلة التي تعلقت له بذ (مـ)
ـته (7) [ص35] ( ..... ) (8) ولا يبتاع الطعام حسب ما أمره به ( ... ) (9)
ما قد نهي عنه من بيع الطعام قبل استيفائه (10).
_________
(1) هذه الكلمة بها بتر في أعلاها.
(2) على عمر الثانية علامة التصحيح.
(3) أحال هنا على الهامش، ولا يظهر ما أحال عليه لوجود خرم في مكان
الإحالة.
(4) خرم في الأصل بمقدار كلمة.
(5) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(8) خرم في الأصل بمقدار نصف سطر.
(9) خرم في الأصل بمقدار كلمة.
(10) عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ابتاع طعاما فلا
يبعه حتى يستوفيه.
رواه البخاري (2025) ومسلم (1525) وأبو داود (3497) والنسائي (4597 - فما
بعد) والترمذي (1291) وابن ماجه (2227) وأحمد (1/ 252 - 270) والبيهقي (5/
312) وعبد الرزاق (8/ 38) والطبراني في الكبير (11/ 12 - 169).
ورواه البخاري (2019 - 2026 - 2029) ومسلم (1526) وأبو داود (3492)
والنسائي (4595 - 4596) وابن ماجه (2226) وأحمد (1/ 56 - 2/ 22 - 63) وابن
حبان (4979 - 4986) والبيهقي (5/ 311 - 312 - 314) ومالك (1310 - 1311)
والطحاوي (4/ 37 - 38) والطبراني في الأوسط (8970) والكبير (12/ 275)
والبزار (162) وأبو يعلى (5798) عن ابن عمر.
وفي الباب عن جابر وأبي هريرة.
(1/86)
فإذا كان لا يجوز (عند) (1) ابن القاسم
توكيل رب الطعام على الابتياع لنفسه، مما قد تعلق له بذمة ( ... ) (2) كل
من أجل الظنة التي تلحقه فيه وجب لمثل ذلك ألا يجوز توكيل ( ... ) (3) عليه
الطعام على إبراء نفسه مما قد تعلق بذمته لغيره، فلا فرق بينهما.
( ... ) (4) إلزامه الضمان إذا لم تقم له بينة على الكيل فللظنة التي تلحقه
في إبراء ذمته مما قد ثبت فيها، وتعلق بها من الحق لغيره.
وأما إسقاطه الضمان عنه بتصديق رب الطعام له على الكيل، فلـ (يس) (5)
تصديقه له في الكيل يوجب إبراءه من المكيل، وإذا برئت ذمته منه صار أمينا
عليه، وكان القول في الضياع قوله مع يمينه احتياطا لا إيجابا.
وقول مالك في هذ (هـ) (6) المسألة ( ... ) (7) أولى بالصواب عندي، والله
أعلم.
_________
(1) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(2) بتر في الأصل بمقدار ثلاثة أحرف.
(3) بتر في الأصل بمقدار ثلاثة أحرف.
(4) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(7) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(1/87)
25 - مسألة: بيع
الحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة (1) (2)
" قال ابن القاسم: في بيع الحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة، لا أرى بذلك
بأسا.
قال: (وقد بلغني) (3) عن مالك فيه بعض المغمز". (4)
قال أبو عبيد: أما المغمز (الذي بلغ) (5) ابن القاسم عن مالك في بيع الحنطة
المبلولة بالحنطة المقلوة (لأنه) (6) نحو المزابنة.
والمزابنة (7)
عنده وعند ابن القاسم: بيع المجهول (بالمعلوم) (8) من صنفه، سواء
_________
(1) قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 183) بعد كلام في حكم بيع الرطب
باليابس: وقال أبو يوسف: يجوز بيع الحنطة باليابسة، يعني الرطبة بالماء.
فأما الرطبة من الأصل، يعني الفريك، فلا يجوز باليابسة.
وقال الشافعي ومالك وأصحابهما ومحمد بن الحسن والليث بن سعد: لا يجوز بيع
الحنطة المبلولة باليابسة، كما لا يجوز الفريك بها.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيع الحنطة الرطبة والمبلولة باليابسة.
وقال محمد: لا يجوز، إلا أن يحيط العلم بأنهما إذا يبست المبلول أو الرطبة
تساويا. انتهى.
وانظر: التاج والإكليل (4/ 359) والكافي (314) والمغني (4/ 32).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق والمدونة.
(4) المدونة (9/ 109).
(5) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(7) المزابنة فسرها ابن عمر بأنها بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم
بالزبيب كيلا، رواه مالك (1294) وعنه البخاري (2063) ومسلم (1542) وغيرهم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 313) عن تفسير ابن عمر هذا: وأقل أحواله
إن لم يكن التفسير مرفوعا، فهو من قول أبي سعيد الخدري.
وقد أجمعوا أن من روى شيئا وعلم مخرجه سلم له في تأويله، لأنه أعلم به.
وقد جاء عن عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله في تفسير المزابنة نحو ذلك.
انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح (4/ 384): وألحق الشافعي بذلك بيع المجهول بمجهول أو
بمعلوم من جنس يجري الربا في نقده.
(8) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق، وقال ابن عبد البر في
التمهيد (2/ 314): أما مالك رحمه الله فمذهبه في المزابنة أنها بيع كل
مجهول بمعلوم.
ثم وقفت على كلام مالك في الموطأ، فراجع (2/ 625).
(1/88)
كان مما يجوز فيه التفاضل أو لا يجوز.
وذلك (لأن) (1) (الحنطـ) ـة المبلولة في معنى الحنطة الحديثة، التي لم
يستحكم جفوفها ( .. طة) (2) التي قد بلغت نهايتها من الجفوف، وفي معنى
الرطب بالتمر الذي تناهى جفوفه، وفي معنى القديد (3) بالغريض (4)، والمشوي
بالنيء.
وهذا ( ... ) (5) منهي عن بيع بعضه ببعض متماثلا ومتفاضلا لعدم حقيقة
(الفرق) (6) بينهما عند تناهي الخلقة التي جعلها الله عز وجل غاية لها.
[ص36]
(أ) لا (7) ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر ( ...
) (8) الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم (9).
_________
(1) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(3) قال في القاموس (1/ 448): اللحم المشرر المقدد، وانظر لسان العرب (3/
344) والصحاح (2/ 128).
(4) هو الطري من اللحم، كما في لسان العرب (7/ 195) والقاموس (1/ 878).
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(6) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(8) بتر في الأصل بمقدار كلمة، وتمام الحديث: فقال: أينقص.
(9) رواه مالك (2/ 624) وعنه أبو داود (3359) والنسائي (7/ 268) والترمذي
(1225) وقال حسن صحيح، وابن ماجه (2264) وأحمد (1/ 175 - 179) وابن الجارود
(657) وابن حبان (5003) والحاكم (2264) والبيهقي (5/ 294) والدارقطني (3/
49) وابن أبي شيبة (7/ 297) وعبد الرزاق (8/ 32) والطحاوي (4/ 6) والبزار
(1233) وأبو يعلى (712 - 825) عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره
عن سعد به.
وتابع مالكا: إسماعيل بن أمية رواه النسائي (7/ 269) والدارقطني (3/ 50)
والحاكم (2265) والبيهقي (5/ 294) وعبد الرزاق (8/ 32).
وتابعه أسامة بن زيد، رواه ابن الجارود (657) والطحاوي (4/ 6).
وخالفهم يحيى بن أبي كثير فرواه عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش
أخبره عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع
الرطب بالتمر نسيئة.
رواه أبو داود (3360) والطحاوي (4/ 6) والدارقطني (3/ 49) والبيهقي (5/
294).
قال الطحاوي: فكان هذا أصل الحديث فيه ذكر النسيئة، زاده يحيى بن أبي كثير
على مالك بن أنس فهو أولى.
لكن قال الدارقطني: وخالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة
بن زيد رووه عن عبد الله بن يزيد، ولم يقولوا فيه نسيئة، واجتماع هؤلاء
الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيه إمام حافظ، وهو
مالك بن أنس.
وهو كما قال.
(1/89)
فنهى عن ذلك، ونبه بسؤاله عن نقصان الرطب
إذا يبس.
على أن المعنى الذي له ومن أجله نهى عن بيع بعضهـ (ـما) (1) ببعض إنما هو
عدم التماثل عند تناهي الرطب إلى حال التمر، لأن الرطب إذا بلغ النهاية
التي جعلها الله عز وجل غايته من الجفوف نقص، قال الله عز وجل: "كلوا من
ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده".
فإنما أمرنا بإيتاء الزكاة منه عند تناهي جفوفه.
فإذا تناهى وصار تمرا جاز بيع بعضه ببعض سواء بسواء، ولم ينظر إلى ما يؤول
إليه الحال فيهما من أن بعض ذلك ينقص أكثر من بعض بعد أن صار تمرا.
فوجب أن يكون (المبيعـ) ـين (2) من صنف واحد لم يبلغ أحدهما في الجفوف إلى
النهاية التي هي غايته، وعليها تستقر حالته محرما بيع بعضهما ببعض متماثلا
ومتفاضلا.
لأن (الصنف) (3) الذي لم (يبلـ) ـغ (4) نهايته من النضج لا يدرى هل يخرج
منه
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(2) ما بين القوسين به بياض بسبب الرطوبة لم يظهر منه إلا الياء والنون في
الآخر، وأتممته اعتمادا على السياق.
(3) حروفها غير ظاهرة تماما، لكن هذا ما يمكن ترجيحه اعتمادا على السياق.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(1/90)
أقل من الصنف الذي تناهى أو أكثر منه، وهذه
صفة المزابنة التي نهى النبي عليه السلام عنها.
فالحنطة المبلولة في معنى الحنطة الحديثة، وفي معنى الرطب بالتمـ (ـر) (1)،
لأن البلل قد أحدث فيها رطوبة نقلتها عن طبعها، فأشبهت الحنـ (ـطة) (2)
الحديثة التي لم يستحكم جفوفها.
ولم يكن القلو عنده في معنى الـ (ـصـ) ـناعة (3) التي تغير حكم الصنف،
وتبيح التفاضل بينه وبين نوعه، كخل (التمر) (4) بالتمر الذي يجوز بيع بعضه
ببعض متماثلا ومتفاضلا، لأن الصـ (ـناعة) (5) قد غيرت الخل حتى صار الغرض
فيه خلاف الغرض في التمر، وكاللحم المطبوخ بالنيء.
وإنما القلي تجفيف زائد على طبع الحنطة، كالشوي والتقديد المحدثين في اللحم
تجفيفا زائدا على طبعه، وإذا كان هذا هكذا وجب [ص55] ( ... ) (6) بيع
الحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة، لأنه في معنى المزابنة المنهي عنها.
والله أعلم.
فأما كل مبيعين من صنف واحد قد تناهى في النضج والصفة التي خلقها الله عز
وجل غاية لهما فجائز بعضهما ببعض مثلا بمثل، وإن كان حال أحدهما إلى زيادة
بحدوث فعل يحدثه الإنسان فيه، كالدقيق بالحنطة، فإنه يجوز مثلا بمثل (7)
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(4) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(6) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار كلمة.
(7) قال مالك في الموطأ (2/ 647): والدقيق بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 185): وأما القمح بالدقيق فاختلف قول
مالك فيه: فمرة أجازه مثلا بمثل، وهو المشهور من مذهبه الظاهر فيه.
وهو قول الليث.
ومرة منع منه، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما.
وقد روي عن عبد العزيز بن أبي سلمة مثل ذلك، وروي عنه أن ذلك جائز على كل
حال.
ولا خلاف عن أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز بيع الدقيق بالحنطة ولا بيع
قفيز من حنطة بقفيز من سويق. وهو قول الشافعي.
ونحوه في بداية المجتهد (2/ 103).
(1/91)
ولا يجوز متفاضلا.
لأن الطحن لم يغيره عن الجنس الذي كان في الحنطة قديما، ولم ينظر إلى زيادة
الحنطة إذا طحنت، لأن الطحن ليس بخلقة (في) (1) الحنطة، وإنما هو شيء يحدث
فيها من فعل الإنسان وقد يجوز ألا يكون.
ولو روعي في هذا الباب ما يحدث من أفعال الناس فيه لـ (ـمـ) ـا (2) جاز
البر بالبر، لأنهما إذا طـ (ـحـ) ـنا (3) اختلف ما يخرج منهما من الدقيق.
فلما وردت السنـ (ـة) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم بإجازة البر بالبر
مثلا بمثل (5) علم أنه لا وجه لمراعا (ة) (6) ما يحـ (ـد) ثه الناس من
أفعالهم فيه، غير أنه إذا دخل أحد المبيعين من صنف واحـ (ـد) (7) صناعة
تغيره عن طبعه وتحيل الغرض منه عما كان عليه
_________
(1) طمس في الأصل بسبب الرطوبة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) رواه مسلم (1587) وأبو داود (3349) والترمذي (1240) والنسائي (4560 -
4561 - 4562 - 4563 - 4564) وابن ماجه (2254) وأحمد (5/ 314 - 320)
والطحاوي (4/ 4 - 66 - 67 - 76) وابن الجارود (650) وابن حبان (5015 - 5018
- 5029) والدارمي (2579) والبيهقي (5/ 276 - 277 - 278) والدارقطني (3/ 24)
والبزار (7/ 167) والطبراني في الأوسط (2655) عن عبادة.
ورواه البخاري (1586 - 2062 - 2065 - 2066) ومسلم عن عمر.
واتفق عليه الشيخان عن أبي سعيد.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/92)
فجائز التفاضل فيه نحو السويق بالبر، وخل
التمر بالتمر وما جرى مجراهما.
فأما الدبس (1) بالتمر والزيت بالزيتون فبابهما عنده غير باب الحنطة
بالدقيق، (لأن الدبس) (2) بالتمر والزيت بالزيتون داخلان في باب ما نهى عنه
من المزابنة.
ألا (ترى) (3) أنه لو قيل لرجل عنده زيتون: اعصر زيتونك هذا فما نقص من
عشرة (أرطال) (4) زيت فعلي، وما زاد فلي، فقيل لقائل ذلك إن هذا لا يجوز،
فقال: أنا أشتري منـ (ـه) (5) هذا الزيتون بعشرة أرطال زيت لدخل في باب
المزابنة والمخاطرة إذا كان الزيت الذي اشترى به الزيتون قد قام له مقام ما
كان قصد إليه من الضمان المنهي عنه، وصار محللا له، فوجب أن يفسد، وإن كان
ظاهره صحيحا (لنـ) ـيته (6) الفاسدة التي يتأول بها حلال الله عز وجل على
غير سنته.
ألا ترى [ص56] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف (7).
_________
(1) قال في القاموس (746): الدبس بالكسر وبكسرتين: عسل التمر وعسل النحل.
وفي الصحاح (3/ 89): الدبس ما يسيل من الرطب.
وانظر لسان العرب (6/ 75).
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمتين، وأتممته لأن المصنف كرره بنفس اللفظ فيما
يأتي.
(3) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(4) بتر في الأصل بمقدار كلمة، وأتممته لأن المؤلف كرر نفس العبارة في
السطر الموالي.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) رواه أبو داود (3504) والنسائي (4611 - 4629) والترمذي (1234) وأحمد
(2/ 174 - 178 - 205) والدارمي (2560) والطحاوي (4/ 46 - 47) وابن الجارود
(601) والدارقطني (3/ 74) والحاكم (2185) والطيالسي (2257) والبيهقي (5/
267 - 313 - 339 - 343 - 348) والطبراني في الأوسط (2/ 137 - 154 - 5/ 66)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وسنده حسن، وقال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه ابن حبان (4321) وعبد الرزاق (8/ 41) من طريق عطاء عن عبد الله بن
عمرو بن العاص مرفوعا، وفيه ألفاظ.
لكن عطاء لم يسمع من عبد الله بن عمرو بن العاص.
(1/93)
وقد كان البيـ (ـع) (1) واقعا بما يساوي
المبيع من الثمن ( ... ) (2) السلف على وجه الارفاق واصطـ (ـناع) (3)
المعروف، فلم يميز بين ما يجوز من ذلك وبين ما لا يجوز، واتهم الجميـ (ـع)
(4) فيه خشية الحيلة إلى استباحة الربا أن يكون حط من المبيع من إحلاله.
ولو ابتاع رجل زيتونا على أن على البائع (5) عصره لكان غير جائز، لأنه اشـ
(ـترى) (6) ما يخرج منه والذي يخرج منه مجهول.
ولو اشترى قمحا على أن على البائع طحنه قال مالك: فيه مغمز، وأرجو أن يكون
خفيفا، وإنما استخفه (لأن ما) (7) يخرج من القمح قد عرف مقداره في الأغلب،
بل لا يكاد يخفى على الناس مقدار ما يخرج من كل صنف من أصناف القمح.
فلما كان ذلك معروفا أنزل من اشتـ (ـرى) حنطة، على أن على البائع أن يطحنه،
منزلة من اشترى واستأجر، كمن اشتـ (ـرى) (8) ثوبا على أن على البائع أن
يخيطه.
وإذا اشترى زيتونا بزيت فالذ (ي) يخرج من الزيتون مجهول ( ... ) (9) أيضا،
وقد قال شيخ المذهب ( ... ) (10) ومن لا قول فيه لأحد القاضي أبو إسحاق
إسماعيل بن إسحاق رحمه الله:
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) أحيل على الهامش، ولا يظهر ما أحيل عليه، وعليها علامة التصحيح.
(3) ما بين القوسين لا يظهر بسبب الإصلاح، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) هذه الكلمة لا تظهر إلا قليلا.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين قوسين لا يظهر إلا قليلا بسبب الإصلاح.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) أحال الناسخ على الهامش، لكن مصلح المخطوط غطاه.
(10) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(1/94)
" (إذا كان) (1) مقدار ما يخرج من التمر من
الدبس، والزيتون من الزيت (2) معروفا عند (الناس) (3) (كمـ) ـعرفتهم (4)
بما يخرج من القمح من الدقيق، لكان عندي بيع التمر (بالدبس) (5) والزيتون
بالزيت، وما جرى مجراهما جائزا، وإن لم أحكه عن مالك (رحمه الله) (6) ولكنه
قياس على ما أصله إلا أن يمنع ذلك مخافة التطرق إلى المزا (بنة) " (7).
فأما إذا لم يقصد كل واحد من البائع والمبتاع إلى المزابنة في الزيت والد
(بس) وإنما ( ... ) (8) المبتاع في تمر أو زيتون اشتراه على هيئته (9)،
فجائز أن يعصـ (ـره)، وجائز أن يعصره (10)، فإن ذلك أن يجوز (11)، والله
أعلم.
و (أمـ) ـا (12) وجه قول ابن ا (لقاسم): في إجازة بيع الحنطة المبلولة
بالحنطة المقلوة، فلأن القلي عنده ( ... ) (13) [ص39] وحدوث الصناعة في
الصنف توجب اختلاف الغرض فيه، واختلاف الغرض يبيح التفاضل، وإذا جاز
التفاضل في الجنس فالمماثلة فيه أجوز".
_________
(1) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(2) هذا الكلام فيه تقديم وتأخير، لكن مع ذلك الكلام واضح إن شاء الله.
(3) ما بين القوسين به بتر بمقدار كلمة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) هنا كلمة غير ظاهرة تماما، ورسمها هكذا: ارلفب.
(9) في الأصل: هيته.
(10) تكررت في الأصل قوله: جائز أن يعصره، وفوقها علامة التضبيب.
(11) يبدو أن في هذه العبارة سقط، فليحرر.
(12) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(13) بتر في الأصل بمقدار كلمتين، في الأولى بتر، وفي الأخرى بتر وما بقي
منها لا يظهر المراد منه.
(1/95)
وقد سمعت شيخنا أبا بكر محمد بن عبد الله
بن محمد بن صالح الأبهري يقول: " قول ابن القاسم في ذلك أقيس من قول مالك".
وكان يقول: "إن القلي صناعة".
ويقـ (ـو) ل (1): " إن أغراض الناس في الحنطة المقلوة والمبلولة متباينة.
وتباين الأغراض يبيح التفاضل".
فيلزمه أعزه الله إجازة بيع المشوي من اللحم بالنيئ من جنسه متماثلا
ومتفاضلا، ولا خلاف عن مالك وابن القاسم في أن ذلك لا يجوز مع عـ (ـدم) (2)
تراضي الناس فيهما.
وهو مذهب أبي بكر الأبهري أيده الله، ولم أزل أسمعه منذ لقيته إلى أن صدرت
(3) عنه يقول:
" إن الشي (4) ليس بصناعة يغير حكم المـ (ـصنـ) ـوع (5)، إنما هو تجفيف
اللحم، ولا شيء أشبه بالشيء من القلي، لأن كل واحد (منهما) (6) يحدث تجفيفا
في الجسم الذي يحل فيه، والصناعة إنما هي تأثير المصنوع بزيادة عين فيه،
والشي (7) والقلي في الجسم الذي يحلان فيه ليسا بمؤثرين في عين المقلو
والمشوي سوى التجفيف".
وقول مالك رحمه الله (في) (8) ذلك أولى بالصواب عندي، وبالله التوفيق.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(3) أي انصرفت عنه، والكلمة غير واضحة القراءة في المخطوط.
(4) في الأصل: الشيي، وما ذكرته أولى.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(6) خرم في الأصل بمقدار كلمة، وتظهر في الوسط: ما، وفي الأخير: الألف،
والسياق يقتضي: منهما.
(7) في الأصل: الشيي، وما ذكرته أولى.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(1/96)
26 - مسألة من باع
حائطا فاستثنى بعضه (1) (2).
" قال ابـ (ـن القاسـ) ـم (3): قال مالك: فيمن اشترى من حائط رجل ثمر أربع
نخلات يختارهن (أنه لا) (4) يجوز.
ولو أن رب الحائط باع حائطه كله، وقد أثمر على أن يختار منه (أربـ) ـع (5)
نخلات لجاز ذلك.
_________
(1) قال ابن قدامة المقدسي في المغني (4/ 84): وإن باع قطيعا واستثنى منه
شاة بعينها صح، وإن استثنى معينة لم يصح، نص عليه، وهذا قول أكثر أهل
العلم.
وقال مالك: يصح أن يبيع مائة شاة إلا شاة يختارها، أو يبيع ثمرة حائطه
ويستثني ثمرة نخلات بعدها. انتهى.
وكلام مالك هذا الذي أشار إليه ابن قدامة في موطئه (2/ 662) قال: الأمر
المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائطه أن له أن يستثني من ثمر
حائطه ما بينه وبين ثلث الثمر، لا يجاوز ذلك.
وما كان دون الثلث، فلا بأس بذلك.
قال مالك: فأما الرجل يبيع ثمر حائطه ويستثني من ثمر حائطه ثمر نخلة أو
نخلات يختارها ويسمي عددها، فلا أرى بذلك بأسا، لأن رب الحائط إنما استثنى
شيئا من ثمر حائط نفسه، وإنما ذلك شيء احتبسه من حائطه وأمسكه لم يبعه،
وباع من حائطه ماسوى ذلك.
وقال ابن عبد البر في الكافي (332): ولا بأس أن يستثني من حائطه نخلات أو
شجرات بأعيانها، ويجوز عند مالك، وإن لم تكن بأعيانها على أن يختارها إذا
كان ثمرها قدر الثلث أو أقل.
وهذا كله إذا كان الحائط لونا واحدا، فإن كان فيه ألوان من التمر لم يجز
إلا أن يبيع ذلك.
ولا يجوز أن يشتري تمر نخلات يختارها المشتري. انتهى.
وحكى ابن رشد في بداية المجتهد (2/ 123) خلاف ابن القاسم ومالك في المسألة
وسكت.
وانظر الشرح الكبير (3/ 59) والتاج والإكليل (4/ 364ـ365).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) طمس في هذا الموضع، وأتممته اعتمادا على المدونة وعلى تعليق أبي عبيد
الآتي على هذا الكلام قريبا.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/97)
وقال ابن القاسم: لا يعجبني إجازته وما
رأيت أحدا (من أ) هل (1) العلم يعجبه ذلك، وما رأيته حين كلمته في ذلك عنده
فيه حجة، (ولـ) ـقد (2) أوقفني نحوا من أربعين ليلة ينظر فيها ثم قال لي:
ما أراها إلا مثل الغنم (يبيعـ) ـها (3) الرجل إلى (الرجل) (4) على أن
يختار منها عشر شياه، فلم يعجبني قوله، (لأن الـ) ـغنم (5) بعضها من بعض لا
بأس بها متفاضلا، والتمر بالتمر لا خير فيه متفاضلا". (6) [ص40]
قال أبو عبيد: أما إجازة بيع الحائط المثمر على أن يختار منه البائع نخلات
يسيرة، فإنما وجه ذلك، والله أعلم، على أن البائع (يـ) ـبقي (7) النخلات ا
(لتي) (8) استثناها على ملكه، وأنفذ البيع فيما سواها، ولم يجز أن يتوهم
عليه التنقل في اختياره من بعض إلى بعض هو أكثر منه أو أقل، فيدخله بيع
التمر متفاضلا.
لأنه قد خبر الجميع وعرف الفاضل منه من المفضول في الكيل والجودة، فكان ما
استثناه معلوما له قبل الاشتراط وبعده، وإنما بين أمره على أنه قصد
الارتفاق بما اشترطه من ذلك واستدفاع المضرة التي تلحقه في تفريق صفقته،
كما أن يشترط اليسير من ثمر حائطه كيلا لما كان يلحقه ضرر في تـ (ـبعـ) ـيض
(9) صفقته جوز له ذلك وإن كان مجهولا، فوجب أن يحكم لما كان في معناه
بحكمه.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به خرم، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) المدونة (10/ 203).
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/98)
فأما الذي ابتاع نخلات من حائط مثمر على أن
يختارهن، فإنه لا يجوز عنده من أجل أن نخل الحائط متفاوت في الحمل والجـ
(ـو) دة (1).
وغرض المبتاع فيما اشترطه من الخيار: المناجزة والمكايسة وطلب (الـ) ـفضل
(2)، فلو مضى ابتياعه من غير شرط لكان حقه في جميع الحائط سائغا، (و) إذا
اشترط الاختيار فقد انتقل من بعض ذلك إلى بعض هو أكثر منه أو أقـ (ـل) (3).
فيدخله بيع التمر بالتمر متفاضلا وبيع التمر بالتمر جزافا، وهذا (4) ما لا
يجوز اتفاقا.
وأما كراهية ابن القاسم لبائع الحائط المثمر أن يستثني منه اليسير من نخله
على أن يختاره من جملته فقياس على المبتاع.
لأن في الحائط الجيد والرديء، وما يفضل بعضه بعضا في (كـ) ـثرة (5) الحمل
وقلته فيصير في معنى بيع التمر بالتمر متفاضلا.
وقد صرح ابن القاسم بهذا المعنى في قوله: " لأن الغنم بعضها (ببعـ) ـض (6)
لا بأس بها متفاضلا، والتمر بالتمر لا خير فيه متفاضلا".
والمعنى الذي له (ومن أجله) [ص41] (أبـ) ـيح (7) للبائع استثناء اليسير مما
باعه غير موجود في المبتاع، لأن (ا) لمبتاع إنما غرضه فيما يشترطه من
الاختيار: المكايسة وطلب الفضل والنخل متفاوت في الحمل والجودة، وما يختار
منه غير معلوم له في
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) أذهبت الأرضة بعض أجزاء هذه الكلمة.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/99)
حال الاشتراط، فهو ينتقل من بعض ذلك إلى
بعض هو أكثر منه، (فـ) ـيدخله (1) بيع التمر بالتمر متفاضلا.
والبائع المستثني اختيار اليسيـ (ـر) (2) (من) (3) حائطه بخلاف ذلك، لأن ما
يستثنيه منه إنما هو في معنى ما يبقيه (عـ) ـلى (4) ملكه، وهو معلوم له،
ولا يتوهم عليه التنقل في اختياره.
وأيضا له غرض فيما يشترطه من ذلك، وهو استدفاع المضرة التي تلحقه في تبعيض
صفقته، فأشبه البائع الذي يستثني لليسير من ثمر حائطه كيلا.
وهذا مما لم يختلف في تجويزه قول مالك ولا ابن القاسم.
لأنهـ (ـما) (5) لم يـ (ـقـ) ـصدا (6) قصد الفضل، وإنما قصد الارتفاق بكمال
صفقته واستدامة مرتفقه.
وقول مالك في ذلك أولى بالصواب عندي، والله أعلم.
وقد قال الشافعي في المستثني من التمر كيلا معلوما أن ذلك لا يجوز، لأنه لا
يدري كم هو من الحائط (7).
وإنما جوزنا ذلك، وإن كان مجهولا (لأن كل) (8) واحد من المتابعين لم يقصد
إلى الجهالة، لأن المجهول من (ذلـ) ـك (9) تابع لغيره.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) بتر في هذه الكلمة، وأصلحت بخط مغاير.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) انظر الأم للشافعي (3/ 84).
(8) بتر في الأصل بمقدار كلمة وأتممته اعتمادا على ما بقي من الحروف.
(9) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/100)
والحكم أبدا إنما هو منوط بالأغلب من حال
المحكوم فيه، فإذا كان المتبوع صحيحا والتابع فاسدا غير مـ (ـقـ) ـصود (في)
نفسه، فالحكم للمتبوع.
ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهـ) ـى (1) عن بيع الثمرة حتى
يبدو صلاحها (2).
وكان ذلك عندنا جميعا من أجل الغرر (3)،
(فإ) ذا (4) كانت الثمرة مبيعة مع الأصل جاز ذلك (5).
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) رواه البخاري (1415 - 2072 - 2082) ومسلم (1534) وأبو داود (3367)
والنسائي (7/ 48 - 262) وابن ماجه (2214) وأحمد (2/ 7 - 41 - 52 - 62 - 75
- 80 - 123 - 150) وابن حبان (4989 - 4991) وأبو عوانة (5002 - فما بعد)
وعبد الرازق (8/ 62) والطحاوي (4/ 23) والطبراني في الأوسط (8075)
والطيالسي (1807) وأبو يعلى (5611 - 5719 - 5798) وابن الجارود (603 - 656)
من طرق عن ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى
يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري.
وفي بعض طرقه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو
صلاحها.
وفي الباب عن جابر عند البخاري (1416 - 2252) ومسلم (1536) وغيرهما.
وعن أبي هريرة عند مسلم (1538) وغيره.
وعن أنس عند البخاري (2085) وغيره.
وعن أبي أمامة وزيد بن ثابت وسهل بن أبي حثيمة وغيرهم.
(3) قال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 136): بيع الغرر يجمع وجوها كثيرة:
منها المجهول كله في الثمن والمثمن ...
ومن بيوع الغرر: بيع الآبق، والجمل الشارد، والإبل الصعاب في المرعى، وكذلك
الرمك والبقر الصغار إذا كان الأغلب من أمرها جهل أسنانها وعدم تقليبها،
والحيتان في الآجام والطائر غير الداجن إذا لم يكن مملوكا مقبوضا عليه،
والقمار كله من بيع الغرر، وبيع الحصاة من القمار ... واسم بيع الغرر اسم
جامع لهذه المعاني كلها وما أشبهها.
وانظر شرح صحيح مسلم للنووي (10/ 156).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) روى البخاري (2090 - 2250 - 2567) ومسلم (1543) وأبو داود (3433)
والنسائي (4635 - 4636) والترمذي (1244) وابن ماجه (2/ 745 - 746) وأحمد
(2/ 6 - 63 - 78 - 82 - 150) وابن حبان (4922 - 4923 - 4924) وأبو عوانة
(3/ 301 - 302 - 303 - 304) والبيهقي (5/ 297 - 298 - 324 - 325) وابن
الجارود (628 - 629) والطحاوي (4/ 26) والحميدي (613) والبزار (112) وابن
أبي شيبة (4/ 500) والطبراني في الكبير (12/ 284) والأوسط (2036) وعبد
الرزاق (8/ 135) وأبو يعلى (5429 - 5468 - 5479 - 5508 - 5797) عن ابن عمر
مرفوعا: من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، هذا لفظ
مسلم.
وفي لفظ للبخاري (2090): أيما امرئ أبر نخلا ثم باع أصلها، فللذي أبر ثمر
النخل، إلا أن يشترط المبتاع.
(1/101)
وإن (كا) نت (1) الثمرة لم يبدو صلاحها لأن
المتابعين إنما يحمل أمرهما على أ (نهـ) ـما (2) [ص42] لم يقصدا الغرر، لأن
الثمرة تابعة لأصلها.
وكذلك جوزنا، ومن ( ... ) (3) بيع المنازل وما كان في معناها، وإن لم نشاهد
ما وراء الظاهر منها من سقوفها وطين حيطانها.
وإذا كان هذا جائزا، لأن المتبايعين لا يحمل أمرهما على أنهما قصدا إلى
الغرر والجهالة لضرورتهما إلى ذلك، فكذلك (يـ) ـحمل (4) أمر مستثني المكيلة
اليسيرة من ثمرة حائطه و (5) مستثني النخل اليسير من حائطه المبيع، على
أنهما لم يقصدا الغرر ولا الجهالة، وإنما قصدا إلى ذلك لما بهما من الضرورة
إليه والارتفاق به، والله أعلم.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) هنا كلمة فيها بتر لم أستطع قراءتها.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) هنا طمس لا يظهر منه شيء، ولعل الصواب ما ذكرته.
(1/102)
|