التوسط
بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل
المدونة ذكر خلافه له في
كتاب البيوع الفاسدة.
27 - شراء العبد بشرط العتق (1) (2).
" قال ابن القاسم: قلت لمالك أرأيت إن اشتريت عبدا على إيجاب العتق، قال:
لا بأس بذلك.
قلت: فإن أبى المبتاع أن يعتقه قال: يلزمه العتق، إلا أن يكون اشتراه على
غير إيجاب العتق فلا بأس بذلك.
قلت: فإن أبى المبتاع أن يعتقه قال: فله ألا يعتقه، وأن يبدله بغيره.
قال (ابن) القاسم: وأنا أرى للبائع أن يرجع في عبده إذا لم يعتقه المبتاع،
وينتقض البيع فيه، إذا كان بحدثان ذلك، فإن فات كانت فيه القيمة". (3)
قال أبو (عـ) ـبيد (4): أما إجازة مالك شراء العبد على أنه حر على ا
(لمبتا) ع (5) إذا ملكه، فلأن اشتراط الحرية مما لا يقدح في عقد البيع.
لأن بائع العبد متطوع بما يحطه من ثمن عبده، ومقدار ما يحطه معلوم له،
وكذلك مبتاع العبد متطوع بما يحطه بالتزام ما اشترط عليه وعـ ( ... ) (6)
بمقدار ما
_________
(1) ذكر االحطاب في مواهب الجليل (4/ 375) أربع صور لشرط العتق، منها أن
يبيعه بشرط أن يعتقه وقال: والبيع صحيح في الأربعة أوجه، قاله اللخمي.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ (4/ 120) وإذا وقع البيع بشرط العتق صح على
أصح القولين عند المالكية والشافعية، وقال الحنفية: يبطل.
وانظر الكافي (356).
وقال ابن رشد: وبقول مالك في إجازة البيع بشرط العتق المعجل قال الشافعي.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) المدونة (9/ 152).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) بتر في الأصل وفي آخر الكلمة بقايا حرف الميم أو الجيم أو نحوها.
(1/103)
اعتاضه على الوفاء به.
فلما لم يشمل عقدهما على ما يفسده من الشروط المحظورة التي تنافي القرب،
وكان (الشـ) ـرط (1) الذي (بيضـ .. ) (2) بـ (ـعـ) ـقدهما (3) من أجل ما
يتقرب به إلى الله عز وجل وجب أن ينفذ (له إذا) [ص43] لم يقترن به ما يقدح
فيه.
وإنما كره مالك رحمه الله أن يقع هذا الشرط في ( ... ) (4) من الرقاب
الواجبة من أجل ما يحط عن المبتاع من ثمنها ويعان به، فكأ (نه) (5) لم يكمل
له العتق الذي وجب عليه بسبب مشارطة الغير له فيه.
وهذه الجمـ (ـلـ) ـة (6) لا خلاف بين مالك وابن القاسم فيها.
وإنما الخلاف بينهما إذا اشترى العبد على غير إيجاب العتق.
فقال مالك: للمبتاع ألا يعتقه وأن يبدله بغيره.
وإنمـ (ـا) (7) قال ذلك، لأن اشتراءه له على أن يعتقه في المستقبل عدة، وعد
بها البائع، فـ (ـهـ) ـو (8) بالخيار بين أن يعتقه وبين أن يستديم رقه.
وليس للبائع أن يعترض عليه في ذلك، لأنه لا يخلو من أن يكون عالما بأن
الوفاء بالوعد غير لازم لصاحبه حكما فقد باعه العبد على إمضاء مشيئته فيه،
ورضي بالثمن الذي قـ (ـبـ) ـضه (9) بدلا منه، أو أن يكون جهل ذلك فقد قصر
في استعلام الواجب فيه.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) بتر في الأصل في آخر الكلمة.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/104)
وكل ما (صـ) ـدر (1) عن تقصيره فهو لازم
له.
وأما وجه قول ابن القاسم للبائع أن يرجع في العبد إذا لم يعتقه المبتاع،
وينتقض البيع فيه إذا كان بحـ (ـدثان) (2) ذلك، فمعناه، والله أعلم، أن
يكون البائع قد وضع من ثمن العبد من أجل ما اشترطه من العتق فيه، وإذا كان
كذلك، فقد صارت للعتق حصة من (الـ .. )، فإ (ذا) لـ (ـم) (3) يف له المبتاع
بشرطه كان له أن يرجع في عبده إن اختار ذلك.
لأن من حقه أن يرجع فيما حطه من ثمنه إذا لم يعوضه منه، وإذا وجب له ذلك
كان المبتاع بالخيار بين أن يعوضه مما حطه عنه بالعتق الذي اشترطه عليه،
وبين أن يرد عليه عبده، إلا أن يفوت بضرب من الضروب التي تُفَوَّتُ بها
البيوع الفاسدة.
فإن فات كانت فيه القيمة يوم القبض، إلا أن تكـ (ـو) ن (4) القيمة أقل من
الثمن الذي بيع به فلا ينقص البائع، ( ... ) (5) المبتاع قد رضي بالعبد
بدلا منه.
وكلا القولين له وجه [ص44] سائغ في النظر فاعلمه، وبالله التوفيق.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته اعتمادا على السياق وعلى كلام ابن
القاسم المتقدم.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(1/105)
ذكر خلافه له في
كتاب التجارة إلى أرض الحرب
28 - حكم شراء رقيق الصقالبة (1) (2)
"قال ابن القاسم: وقفت مالكا غير مرة فقلت له: إن هؤلاء التجار ينزلون
بالرقيق الصقالبة فيشتريهم أهل الإسلام، فيبيعونهم مكانهم عـ (ـنـ) ـدما
(3) يشترونهم من أهل الذمة.
فقال: ما علمت حراما، وغيره أحسن.
وقال ابن القاسم: وأنا أرى أن يمنعوا من شرائهم ويحال بينهم وبينهم". (4)
قال أبو عبيد: أما قول مالك ما علمت حراما، فإنما أراد بذلك، والله أعلم،
حراما بينا، لأن الحرام لا تعلم حقيقته إلا بنص أو بما يقوم مقامه.
وكل ما عدم النص فيه فطريق العلم به الاجتهاد، وكل ما كان مأخوذا بوجه
الاجتهاد فالاختلاف فيه سائغ.
وكل مختلف فيه من عقود البياعات إذا انعقد وتم وفات البيع عند مبتاعه فلا
(سبيل) (5) إلى فسخه.
فالصَقلَبي ومن جرى مجراه ممن لا يعرف له دين ولا نسب ولا عبادة يتدين بها
لا يلحق بحكم أهل الإسلام بمجرد أسره، دون أن يقترن (بـ) ـذلك (6) قرينة
يستدل بها على أجلبته إلى الإسلام.
_________
(1) فسرها الجبيري بعد قليل بمن لا دين له ولا عبادة يتدين بها.
وراجع معجم البلدان (3/ 416 - دار الفكر) واللباب في تهذيب الأنساب (2/
244).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) المدونة (9/ 152).
(5) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/106)
فإن كان بالغا فلا ينـ (ـقـ) ـله (1) عن
شركه سوى صريح القول بكلمة الإسلام والعمل بما يطابـ (ـقه) (2).
وإن كان غير بالغ، فلا ينقله عن شركه سوى صريح القول بكلمة الإسلام.
وإن كان ممن يصح منه قصد وتمييز، فلا بد من إجابة يستدل بها على إسلامه،
وانقطاع أسباب الشرك عنه، ومتى لم يظهـ (ـر) (3) منه ذلك فحكمه حكم نفسه.
ألا ترى أنه لا يجوز وطء البالغ من نسائهم قبل أن يسلم ولا وطء غير البالغ
التي ( ... ) (4) تجيب إلى الإسلام.
لأن كل واحدة منهن داخلة في عموم قولـ (ـه تـ) ـعالى (5) [ص45] "ولا تنكحوا
المشركات حتى يومن".
فإذا كان كذلك فجائز بيعهم من أهل الكتاب وغيرهم قبل أن تظهر منهم إجابة
إلى الإسلام.
وهذا اختيا (ر) (6) عميد المذهب القاضي إسماعيل بن إسحاق.
لأنه حكى في كتابه "المبسو (ط) (7) " عن أحمد بن المعذل (8) أنه قال: سمعت
عبد الملك بن عبد العزيز (9)
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) بتر في الأصل بمقدار 3 كلمات.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) هو أبو الفضل أحمد بن المعذل بن غيلان بن الحكم العبدي الكوفي الفقيه
المالكي.
انظر ترجمته في: الديباج (1/ 30) وترتيب المدارك (4/ 5) وسير أعلام النبلاء
(11/ 519) والوافي بالوفيات (8/ 184) والعبر (1/ 434) والشذرات (1/ 95).
(9) هو الماجشون أبو مروان القرشي التميمي المدني المالكي (ت213)، وقيل
214).
انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (10/ 359) ووفيات الأعيان (3/ 166)
وطبقات الفقهاء للشيرازي (153) وتهذيب الكمال (18/ 358) وتهذيب التهذيب (6/
361) وغيرها.
(1/107)
يقول: "في ( ... ) (1) بالمسلم ليفادي به:
أنه لا بأس أن يفادي بالصبي".
فتأول أحمد قول عبد الملك هذا بأن قال:
"وإنما ذلك فيما نرى في الصبي الذي لم ينتقل أمره إلى الإسلام وحكمه، ويصير
في دار الإسلام ومع أهله، منقطعة عنه أسباب الشرك".
وأنكر إسماعيل أن يكون مراد عبد الملك بقوله هذا الذي تأوله أحمد بن المعذل
فقال:
"وهذا الذي فسره أحمد إنما هو تأويل تأوله على عبد الملك". وقول عبد الملك
أنه لا بأس أن يفادي بالصبي أشبه بقول مالك، لأن أبا ( ... ) (2) حدثنا عن
ابن القاسم قال: "سألت مالكا عن المسلمين يصيبون السبي من العدو فيشتري
الرجل منهم الصبي، ونيته أن يدخله في الإسلام وهو صغير فيموت أترى أن يصلي
عليه؟ فقال: لا، إلا أن يكون أجاب إلى الإسلام ( ... ) (3)
فكأنه لتأويل أحمد على أن مذهبه تجويز بيعهم والتوقف عن استباحة الصلاة
عليهم قبل أن يجيبوا إلى الإسلام.
وأما اختيار ابن القا (سـ) ـم (4) أ (ن يـ) ـمنع (5) أهل الكتاب من شرائهم،
ويحال بينهم وبينهم، فقد روى ابن نافع عن مالك "في المجوسي إذا هلك أنه
يجبر على الإسلام ويمنع النصارى من شرائه (و) كذلك الصغار من أهل الكتاب
يمنع من
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(3) بتر في الأصل بمقدار 3 أحرف.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/108)
ابتياعهم من خالف الإسلام إذا ( ... ) (1)
آبائهم".
فوجه هذه الرواية أن كل من خالف الإسلام ممن لا يعرف (له) دين ولا نسب إلى
عبادة يتدين بها لما كان مجبورا على الإسلام إذا ( ... ) (2) وجب أن يحكم
له بحكمه.
لأنه مولود على الفطرة التي بها خلق وعليها [ص46] يثاب، وهي الإسلام بدلالة
قوله تعالى "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا
تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم".
يعني: الدين الذي لم (يخـ) ـلق (3) الخلق إلا له، ولا يقبل سواه، ولا يثيب
إلا عليه.
قال الله عز (و) جل "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
وقال صلى الله عليه وسلم "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه،
وينصرانه ويمجسانه كما أنه تنتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء (4)
".
فإذا كان الأصل الإسلام والكفر طارئ عليه بالتلقين الذي يؤخذ به المولود،
وجب أن يحكم لجميع من حصل في دار الإسلام وحكمه ممن لا يعرف له دين
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار 3 أحرف.
(2) بتر في الأصل بمقدار 3 أحرف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) رواه البخاري (1292 - 1319 - 4497 - 6226) ومسلم (2658) وأبو داود
(4714) والترمذي (2138) وأحمد (2/ 233 - 275 - 315 - 346 - 393) والحميدي
(1113) وابن حبان (128 - 129 - فما بعد) وأبو نعيم في المستخرج (2062)
والبيهقي (6/ 202 - 203) والطبراني في الأوسط (4050) والطيالسي (2359 -
2433) وأبو يعلى (6306 - 6394 - 6593) عن أبي هريرة.
وفي الباب عن ابن عباس والأسود بن سريع وغيرهما.
(1/109)
ولا نسب إلى عبادة ولكل من سبي من صبيان
أهل الكتاب دون أبيه بحكم المسلمين.
وهذه الرواية لها شواهد من الأصول يطول اجتلابها، والنظر يعضدها، وفيما
لوحت به من ذلك مقنع إن شاء الله.
وقول ابن القاسم مطابق لها، غـ (ـيـ) ـر (1) أن من مذهبه التوقف عن استباحة
الصلاة على من مات منهم قبل أن يتـ (ـعـ) ـلم (2) (ا) لإسلام، وفي هذا، من
التناقض ما لا خفاء به، والله أعلم.
29 - مسألة: إن تعامل الذميان بالربا ثم أسلما
(3) (4)
"قال ابن القاسم: قلت لمالك أرأيت الذميين إذا تبايعا درهما بدرهمين إلى
أجل ثم (أسلما) (5) جميعا قبل القبض أو بعده، هل يفسخ بينهما؟ قال:
إن أسلما جميعا ترادا الربا فيما بينهما، وإن أسلم الذي له رد إليه رأس
ماله وإن أبى الذي عليه الحق فما أدري ما حقيقته؟ إن أمرته أن يرد رأس ماله
خفت أن أظلم الذمي.
قال ابن القاسم: وأنا أرى أيهما أسلم منهما رد إلى رأس ماله، لأنه حكم بين
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) قال ابن قدامة المقدسي في المغني (9/ 291): وسئل عن الذمي يعامل بالربا
ويبيع الخمر والخنزير ثم يسلم وذلك المال في يده، فقال: لا يلزمه أن يخرج
منه شيئا، لأن ذلك مضى في حال كفره، فأشبه نكاحهم في الكفر إذا أسلم.
وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني (2/ 73): وإن سلم كافر فهو له إن
قبضه قبل إسلامه، وإلا فلا يحل له أخذ ما زاد على رأس المال، بل يسقط عمن
هو عليه.
(4) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأصلحت في الهامش بخط مغاير.
(1/110)
مسلم ونصراني فيحكم فيه بحكم الإسلام". (1)
قال أبو عبيد: أما قول مالك في الذميين إذا تعاملا بالربا ثم أسلم ا (لذي)
(2) له الحق منهما أنه يرد إلى رأس ماله، فلأن الله عز وجل قال "يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله [ص47] وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مومنين".
فبين أنهم إن لم يتركوا الربا فليسوا بمؤمنين، وإن كانا للإيمان مظهرين.
ثم قال تعالى "فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله".
يقول: يحاربكم الله ورسوله إن لم تفعلوا.
وفي ذلك دلـ (ـيـ) ـل (3) على أن من منع حقا من حقوق الله تعالى استحق أن
يحارب عليه.
قال (تعالى) (4) " فلكم رؤوس أموالكم" يعني: ما دفعتم، لا تظلمون بأخذ
الربا الذي حرمه الله تعالى عليكم، ولا تظلمون ولا تنقصون من رؤوس أموالكم.
وأما قوله: "وإن أسلم الذي عليه الحق" يعني: الذي عليه الربا، فما أدري ما
حقيقته، فإنما تحرج من الإقدام على القطع في الجواب، لاشتباه الحادثة عنده
واحتمالها لوجوه الاحتمالات.
وذلك أن إسلام الذي عليه الربـ (ـا) (5)، إنما وقع بعد أن استقر ذلك عليه،
وتعلق حق الذمي به.
فاحتمل أن يكون إسلامه مبطلا للربا بما وقع بعد أن استقر ذلك عليه، لأنه قد
_________
(1) المدونة (10/ 285).
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه، واعتمادا على ما تبقى من
الحروف.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/111)
صار إلى حال لا يجوز له مع استدامتها أن
يتملك الربا، ولا أن يملكه غيره، لا يوكله ماله بالباطل وهذا ما لا يجوز،
لأن الله تعالى قال "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل".
ويحتمل أيضا أن يكون إسلامه لا يبطل عنه ما قد تعلق بذمته، لأن في إبطال
ذلك والاقتصار (1) بالذمي على رأس ماله ظلما له، وفي تغليب واحد من هذين
الاحتمالين على صاحبه نظر.
وهو المعنى الموجب لتوقف مالك رحمه الله عن القطع على أحدهما، وقد صرح بذلك
في قوله: وإن أمرت المسلم أن يرد رأس مال الذمي خفت أن أظلمه.
والذي يقتضيه النظر عندي، ويوجبه القياس على أصوله فسخ البيع، سو (اء أسـ)
ـلم (2) الذي له الحق أو الذي عليه الحق إذا كان ذلك (قـ) ـبل (3) التقابض.
فأما إسلام الذي له الربا فلا خلاف بين مالك وابن (الـ) ـقاسم (4) [ص48] في
أنه لا يحل له أن يأخذ من صاحبه سوى رأس ماله الذي دفعه إليه، وقد دللت على
صحة ذلك بما فيه مقنع إن شاء الله.
وأما إسلام الذي عليه الربا فإنما وجب فسخ البيع بينه وبين الذمي قبل
(القبض) (5)، لأن أهل الكتاب ليست أملاكهم مستقرة، وإنما لهم شبهة ملك على
ما في أيديهم يصححها الإسلام، فبيعهم ومناكحهم في الأصل إنما هي (بـ) ـشبهة
(6)، وليست بعقود متمكنة في الصحة.
_________
(1) سقطت الصاد والراء في الأصل، وأصلحت في الهامش بخط مغاير.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) لا تظهر جيدا في الأصل، لكن هكذا يمكن تقديرها.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/112)
قال الله تعالى "قاتلوا الذين لا يومنون
بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق
من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".
ومن كان لا يدين دين الحق فكل ما صدر عنهم من عقد وغيره معصية وكفر.
فإنما يصحح عقودهم الإسلام، ويكون الحكم في ذلك حكم ما ابتدئ عقده في
الإسلام من غير أ (ن) يكون في الأصل جائزا.
ألا ترى أن ما عقدوه من المناكح في حال الكفر بغير ولي، ولا إعلان ولا شهود
وفي العدة، وما جرى مجرى ذلك، أنه معفو عنه بالإسلام، ولو ابتدئ فيه لكان
باطلا.
فدل ذلك على أن (ا) لإ (سـ) ـلام (1) هو الذي صحح ما كان فاسدا من فعلهم،
فكذلك يصحح إليهم إسلامهم ما قبضوه من الربا وثمن الخمر (2) والخنزير
والميتة.
فإذا كان كذلك، فإسلام الذميين المتعاملين بالربا أو إسلام أحدهما قبل
القبض موجب لفسخ الربا وإبطاله، لأن شبهة البيع لا توجب ما لم يكن واجبا
قبلها، إلا أن يقترنا إليها فوات المبيع بقبض المبتاع له، و (فـ) ـوات (3)
عينها عنده.
وإلى هذا المعنى ذهب ابن القاسم في فسخ الربا (وإبطـ) ـاله (4) إذا أسلم
أحد المتبايعين.
إلا أن العلة التي علل بها فسخ ذلك منتقضة، بدلالة [ص49] أن كل عقد انعقد
بين مسلم وذمي فحكمه عند المسلمين جميعا قبل القبض وبعده حكم واحد، في أنه
ينقض إذا كان حكم الإسلام يقتضي ذلك، فات المعقود عليه أو لم يفت.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) هذه الكلمة ثابتة في الهامش، وعليها علامة التصحيح، وبها طمس قليل.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/113)
ألا ترى أن مسلما وذميا لو تبايعا خمرا أو
خنزيرا لكان المبيع مفسوخا بينهما قبل القبض وبعده.
فلو أن ذميا أسلم على ثمن خمر أو خنزير أو شيء من المحرمات التي لا يجوز
للمسلم أن يتملك أثمانها ما كان إسلامه يصحح له تملكه ذلك، فدل على فساد ما
اعتل به، واطراد علتنا فيه، والله أعلم.
30 - مسألة: نصراني أسلم في خمر قبل إسلامه
(1) (2)
"قال ابن القاسم: قال مالك في نصراني أسلم (3) إلى نصراني في خمر:
إنهما إن أسلما جميعا انتقض سلمهما، وإن أسلم الذي عليه الخمر فما أدري ما
حقيقته؟ لأني إن أمرت النصراني أن يرد رأس المال ظلمته، وإن أعطيت المسلم
الخمر أعطيته ما لا يحل له. وخالف بينه وبين الذي يعطي الدرهم بالدرهمين.
قال ابن القاسم: وأنا أرى إن أسلم الذي له الخمر رد إليه النصراني رأس ماله
على ما وصفت لك من الحكم بين المسلم والنصراني". (4)
_________
(1) قال ابن قدامة المقدسي في المغني (4/ 197): إذا أسلم نصراني إلى نصراني
في خمر ثم أسلم أحدهما، فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم
على أن المسلم يأخذ دراهمه، كذلك قال الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وبه
نقول، لأنه إن كان المسلم المسلم فليس له استيفاء الخمر، فقد تعذر استيفاء
المعقود عليه، وإن كان المسلم إليه فقد تعذر عليه إيفاؤها، فصار الأمر إلى
رأس ماله.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) قال ابن حجر في الفتح (4/ 428): والسلم (بفتحتين) السلف وزنا ومعنى،
وذكر الماوردي أن السلف لغة أهل العراق، والسلم لغة أهل الحجاز، وقيل
السلف: تقديم رأس المال، والسلم: تسليمه في المجلس. فالسلف أعم.
والسلم شرعا: بيع موصوف في الذمة.
ومن قيده بلفظ السلم زاده في الحد ... واتفق العلماء على مشروعيته إلا ما
حكي عن ابن المسيب.
(4) المدونة (10/ 286).
(1/114)
قال أبو عبيد: المعنى الذي له ومن أجله
توقف مالك رحمه الله عن الجواب في هذه المسألة من نحو ما قد شرحناه في
الذميين المتعاملين بالربا إذا أسلم أحدهما، لأن المسلف إليه في الخمر إن
كان هو المسلم جاز (1) أن يدفعها إلى صاحبها، فلا جائز أن يكلف ابتياعها،
لأن عينها محرمة عليه، ولا يصح له ملك عينها بابتياع ولا غيره.
وما أعطي فيها فهو من أكل المال بالباطل.
وفي إجبار النصراني صاحب الخمر على أخذ ثمنها من المسلم ظلم للنصراني.
وإن كان الذي أسلم هو صاحب الخمر، فلا يحل له أن يأخذهـ (ـا من) (2)
النصراني، لأنه لا يجوز له تملكها ولا أخذ العوض عنها.
وفي تكليف النصراني رد الثمن المدفوع إليه فيها ظلم له.
فالذي [ص50] يقتضيه النظر ويوجبه القياس على أصولهم: فسخ البيع سواء أسـ
(ـلـ) ـم (3) الذي له الحق أو الذي هو عليه الحق، إذا كان ذلك قبل التقابض،
للمعنى الذي شرحناه في الذميين المتعاملين بالربا إذا أسلم أحدهما.
وأمـ (ـا) (4) قول ابن القاسم: وخالف بينه وبين الذي يعطي الدرهم
بالدرهمين، فإن صح هذا القول عنه فهو غلط، لأن مالكا لم يتوقف في مسألة
الذميين المتعاملين بالربا إذا أسلم الذي له الحق منهما أنه يرد إلى رأس
ماله، ( ... ) (5) من هذه المسألة إسلام صاحب الخمر، لأن عينها محرمة عليه،
لأن ( ... ) (6) الزائد
_________
(1) في الأصل: جزى، والصواب ما ذكرته.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(6) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(1/115)
على رأس مال صاحبه محرم عليه.
فكما لا يجوز لصاحب الربا أخذه بعد إسلامه، فكذلك لا يجوز لصاحب الخمر أن
يأخذها بعد إسلامه.
فأما إسلام الذي عليه الربا فوازنه ( ... ) (1) الذي عليه الخمر على ما نصه
مالك رحمه الله، وهذا بين لمن تأمله (إن) (2) شاء الله، فاعلم ذلك.
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/116)
ذكر خلافه له في
كتاب الجعل والإجارة
31 - استئجار الأطباء على العلاج (1)
(2)
"قال ابن القاسم " قال مالك في الأطباء إذا استأجروا عـ (ـلـ) ـى ا (لعـ)
ـلاج (3):
فإنما هو على البرء، فإن برأ فله حقه، وإلا فلا شيء له، إلا أن يكونا شرطا
شرطا حلالا فينفذ بينهما، وكذلك الكحال يستأجر على كحل العين من وجع بها.
قال ابن القاسم: وأنا أرى إن اشترط أن يكحله كل يوم أو كل شهر بدرهم إن ذلك
جائز إذا لم ينقده، فإن برأ قبل ذلك كان للطبيب من ذلك بحسابه، إلا أن يكون
صحيح العين، فاشترط عـ (ـليه) (4) أن يكحله (كل) (5) شهر بدرهم، فهذا لا
بأس به، وإن اشترط النقد فيه لأنه مما لا (يتوقع برء) (6) ". (7) [ص51] (
... ) (8)
قال أبو عبيد: الأعمال المعقود عليها عقود الإيجارات تنقسم عند مالك قسمين:
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (375): واختلف قول مالك في جواز معاملة
الطبيب على البرء، فمرة أجاز ذلك، ومرة قال لا يجوز إلا إلى مدة معلومة.
وقال في كفاية الطالب الرباني (2/ 197): وكذلك لا بأس بمشارطة أي بمجاعلة
الطبيب على البرء حتى يبرأ، وهي على أقسام، ذكرناها في الأصل، منها ما هو
متفق على جوازه، مثل أن يؤاجره على أن يداويه مدة معلومة بأجرة معلومة
والأدوية من عند العليل، ومنها ما هو مختلف فيه مثل أن يؤاجره مدة معلومة،
والأدوية من عند الطبيب.
وانظر المغني (5/ 314ـ315) والفواكه الدواني (2/ 115) وحاشية العدوي (2/
197).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) سقطت من الأصل، والسياق يقتضيها.
(6) سقط في الأصل بمقدار 3 أحرف، وأتممته من المدونة.
(7) المدونة (11/ 422).
(8) ما بين القوسين به سقط بمقدار كلمتين أو كلمة.
(1/117)
معلوم ومجهول لا يتبعض، وإن بعض لم تنفصل
أجزاؤه، وفي تبعيضه إبطال الغرض المقصود فيه.
وحكم هذا الضرب من مجهول الأعمال حكم المعلوم في أنه لا يجوز تعليقه بز
(مـ) ـان (1) معلوم.
ومجهول متبعض الأجزاء، وهذا الضرب مفتقر إلى زمان معلوم يحصر فيه، ويتعلق
استيفاؤه به، إلا ما كان منه معلقا بغاية محدودة متوقعة الكون، فيجوز أن
يقتصر به عليها، ويجوز أن يعلق استيفاؤه بها، وبالأجل دونها بمثل العمل
المعلوم خياطة الثوب (2)، وخرز الخف، والسقاء، وثقب الجوهر، وحفر البئر،
إذا كان ذلك كله محصورا بصفة في عين مرئية.
فهذا وما كان في معناه لا يجوز، غير إن تعلق عمله بزمان معلوم، لما في ذلك
من الخطر والغرر، إذ قد يجوز ألا يتم ذلك العمل في مدة ذلك الزمان فيذهب
عمل المستأجر بغير أجرة، إذا كانت الأجرة لا تجب له إلا بحصول المنفعة التي
استؤجر عليها المستأجر، والتخلية بينه وبينها.
إلا أن الأجرة إنما هي ثمن المنافع التي وقع العقد عليها، والثمن لا يجب
إلا بتسليم المثمون.
وهذه جملة لا خلاف بين مالك وابن القاسم فيها.
ومثل المجهول الذي لا يتبعض، وفي تبعيضه إبطال الغرض المقصود (منه) (3):
استئجار الطبيب على برء العليل، والكحال على برء العين الوجعة، والأجير على
( ... ) (4) فك الأسير، وما جرى مجرى ذلك.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) يظهر أن هذه الجملة فيها بتر أو تصحيف.
(3) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(4) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(1/118)
وإنما لم يجز تعليق البرء بزمان معلوم، لأن
البرء لا يتبعض ولا تنـ (ـفـ) ـصل (1) أجزاؤه، [ص52] فيقع لكل جزء منه قسطه
من الأجرة، وإنما هو منوط بارتفاع العلة (2) المؤثرة في الجسم، أو في العضو
المؤلم، فإذا ارتفع التأثير خلفه البرء (3).
وما كان هذا وصفه من الأعمال المستأجر عليها فلا جائز أن يعلق بأجل لما في
ذلك من إبطال غرض المستأجر، وأكل ماله بالباطل.
لأن غرض العليل البرء من علته، والبرء غير معلوم الكون فيعلق بزمان يكون
فيه.
وكذلك المستأجر على الحج، لا يكون حاجا كامل الحج إلا باستيفاء جميع
مناسكه، كما أن الأسير لا ينفك من ذل الأسر بافتكاك بعضه.
وفي تعليق معالجة العليل، وفك الأسير بالأجل إبطال لغرض المستـ (ـأ) جر (4)
وإتلاف لماله من غير عوض يعتاضه منه، وهذا من أكل المال بالباطل.
وقد قال الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل".
ولم يختلف قول مالك وابن القاسم في أن هذه الإجارة إذا علقت بزمان أنها لا
تجوز، إلا بشرط أن يكون للمستأجر فسخ ذلك متى شاء.
فدل ذلك على أن الأجل لا يوجب حكما لم يكن واجبا قبله، وإذا كان كذلك فلا
معنى لتعليق العمل به.
وقد سئل مالك رحمه الله عن الطبيب يستأجر على البرء بالأجر المعلوم فقال:
"لا بأس بذلك" (5) وهو شأن العلاج، يريد - والله أعلم - أن اشتراط البرء في
معالجة
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) كتبت هذه الكلمة في الهامش بخط مغاير، لأن في الأصل بتر هنا.
(3) هنا بتر قليل لكن معالم الكلمة لازالت ظاهرة.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) في المدونة (11/ 422) باب إجارة الأطباء: قال في الأطباء إذا استأجروا
على العلاج فإنما هو على البرء، فإن برأ فله حقه وإلا فلا شيء له. اهـ.
(1/119)
الطبيب هو سنة الإجارة في ذلك.
ومثال المجهول الذي لا بد له من زمان يتعلق به: استئجار الظهير على الرضاع،
والأجير على الخدمة المطلقة وعلى بيع السلع، وما كان في معناها.
وإنما أوجب أن يكون ما هذا وصفه من الأعمال معلق بزمان معلوم، لأنه مجهول
القدر معلوم (الـ .. ) (1) مع ( ... ) (2) المستأجر فوجب أن يعلق بزمان
معلوم يحصر فيه قدره، ويكون ظرفا لاستيفاء [ص53] يؤ (دي) (3) إلى العلم به.
كما كان الكيل ظرفا للمكيل يعلم به.
وهذا ما لا أعلم فيه خلافا، أعني في أن العمل المجهول الذي هذا وصفه لا بد
له من زمان معلوم يتعلق به، ولولا ذلك لتوى (4) عمل المستأجر وذهب عناؤه
باطلا بلا عوض يعتاضه منه.
فأما كل عمل مجهول القدر متعلق بغاية محدودة متوقعة الكون، فإنه لا يجوز أن
يعلق بزمان معلوم، ويجوز أن يـ (ـقـ) ـتصر (5) به على الغا (ية) (6) التي
هو متعلق بها.
كتعليم القرآن فإن أغراض الناس مختلفة فيه، فمنهم من غرضه حفظه، ومنهم من
غرضه حفظ بعضه، وكلا الأمرين سائغ فيه، لأن حفظ جميعه، إنما هو فرض على
الكفاية ينوب فيه البعض عن الكل، لأنه أصل العلم.
وطلب العلم فرض على الكفاية، فمن كان غرضه حفظه، جاز له أن يشارط
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(2) بتر في الأصل بمقدار 3 أحرف.
(3) ما بين القوسين به بتر، لكنه أصلح فوقه بخط مغاير.
(4) أي ذهب، انظر اللسان (14/ 106).
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/120)
على حفظه، ولا يعلق ذلك بزمان معلوم.
قال مالك: وقد (سئل) (1) عن الرجل يجعل للرجل عشرين ديزا على أن يعلم ولده
القرآن حتى يحذقه "لا بأس بذلك" ثم قال: "القرآن أحق ما تُعلم أو قال:
عُلم".
ومن كان غرضه حفظ ما تيسر منه حسن أن يعلق تعليم ذلك بأجل معلوم، لأن الأجل
أحصر للعمل في ذلك وأعدل بين الفريقين، والله أعلم.
وأما قول ابن القاسم: وأنا أرى أن يشترط أن يكحله كل يوم أو كل شهر بدرهم،
إن ذلك جائز إذا لم ينقذه، فإن برأ قبل ذلك كان للطبيب من الأجر بحساب ما
مضى من الشهر، إلا أن يكون صحيح العينين فاشترط عليه أن يكحله كل شهر
بدرهم.
فهذا لا بأس به.
وإن اشترط النقد فيه فإنما هو مبني على الاحتياط وتحري العدل بين الفريقين.
فأما القياس: فهو ما شرحناه من قول مـ (ـالـ) ـك (2).
وتفر (يق) ابن القاسم بين الصحيح والسقيم في جواز تقديم الأجرة دليل على
ذلك، ألا ترى أنه جوز لذي العين الصحـ (ـيحة) (3) من تقديم الأجرة [ص54] ما
حظره على ذي العين العليلة، وإنما ذلك والله أعلم، لأن غرض (الـ ... ـع) في
استئجار الطبيب لكحل عينيه استدامة الصحة بذلك، والكحل معلوم الكون مع بقاء
المستأجرين ومقدار ما يكحله مجهول، لأنه معلق باجتهاد رأي الطبيب، فـ (ـلا)
(4) بد من أجل يحصر فيه ويتعلق استيفاؤه به.
_________
(1) هذه الكلمة بها بتر قليل.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/121)
وإذا كان كذلك، دل على (أن عقد الإجارة في)
(1) ذلك لازم لهما، وكل عقد يلزم المتعاقدين الوفاء به فتقديم الأجرة فيه
جائز.
فإنما غرض العليل: إنما هو البرء من علته، والبرء غير معلوم الكون فبطل أن
يجوز تعليقه بزمان يكون فيه، فلو كان لضرب الأجل مدخل في معالجة العليل
لجاز (تـ) ـقديم (2) الإجارة فيه، كما جاز ذلك في مشارطة الصحيح، والله
أعلم.
_________
(1) أكلت الأرضة أسفل هذه الحروف، وبقيت أعلاها.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(1/122)
|