التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة

ذكر خلافه له في كتاب الشفعة والقسمة
36 - قسمة ما لا ينقسم كالبيت الصغير ونحوه (1) (2)
"قال ابن القاسم: قلت لمالك أرأيت البيت إذا قسم بين أهله لم يكن (من) (3) نصيب أحدهم ما ينتفع به أيقسم؟ قال: نعم، لأن الله تعالى يقول في كتابه "مِمَّا قَلَّ منه أو كَثُرَ نصيبا مفروضاً".
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (436): واختلف عن مالك في الشفعة في الحمامات، وفيما لا يحتمل القسمة أو يحتملها هي ضرر أحد المتقاسمين من صغار الحوانيت والدور والبيوت وسائر الرباع.
والأشهر عن مالك إيجابه الشفعة في الحمام وفي ذلك كله، وهو الصحيح على أصله، لأنه لم يختلف قوله في وجوب قسمة ذلك كله صغيرا كان أو كبيرا، كان في قسمة ذلك ضرر على أحد المتقاسمين أو لم يكن.
وقال بقول مالك في ذلك طائفة من أصحابه.
وطائفة منهم تأبى ذلك، وهو مذهب ابن القاسم.
وعلى مذهب ابن القاسم في إبايته من قسمة ما يدخله الضرر على أحدهما لا يجب في ذلك شفعة، لأنه يبطل الحمام بقسمته فلا يكون حماما. وقوله في النخلة بين الرجلين ببيع أحدهما حصته منها انه لا شفعة فيها، لأنها لا تنقسم وأكثر أصحاب مالك يرون فيه الشفعة في ذلك، ويدخل في الأصول التي ذكرنا: عيون الماء المبيعة مع الأرض والبئر كذلك. انتهى.
وقال ابن قدامة المقدسي في المغني (5/ 181): الشرط الثالث: أن يكون المبيع مما يمكن قسمته، فأما ما لا يمكن قسمته من العقار كالحمام الصغير والرحى الصغيرة والعضادة والطريق الضيقة والعراص الضيقة فعن أحمد فيها روايتان:
أحداهما: لا شفعة فيه، وبه قال يحيى بن سعيد وربيعة والشافعي.
والثانية: فيها الشفعة وهو قول أبي حنيفة والثوري وابن سريج وعن مالك كالروايتين.
وراجع التاج والإكليل (5/ 315) ومواهب الجليل (5/ 320) والتمهيد (7/ 51) وبداية المجتهد (2/ 194).
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.

(1/137)


قلت: ويكون لصاحب هذ (ا) (1) النصيب القليل الذي لا يقدر أن يسكنه أن يرتفق من الساحة بمثل ما يرتفق به الكثير النصيب.
فقال: إن سكن معهم فله أن يرتفق وإن لم يسكن معهم وأراد أن يرتفق بالساحة، وهو ساكن في دار أخرى فإن ذلك له.
(قال) (2) ابن القاسم: وأنا أرى أن كل ما لا ينقسم من الدور والمنازل والأر (ضـ) ين (3) والحمامات وغير ذلك مما يكون في قسمته ضرر (و) لا (يـ) ـكون (4) فيما يقسم [ص64] منه منتفع أن يباع ويفسخ ثمنه ولا شفعة فيه، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا ضرر ولا ضرار" (5) (6).
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) المدونة (14/ 518).
(6) ورد هذا الحديث من حديث ابن عباس وجابر وعبادة وأبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وثعلبة وأبي لبابة.
وكل طرقه لا تخلو من ضعف، وهذا تفصيل الكلام فيها:
1 - حديث ابن عباس:
ورد عنه من طرق منها: عن جابر الجعفي عن عكرمة، خرجه ابن ماجه (2341) وأحمد (1/ 313) والطبراني في الكبير (11/ 302) والأوسط (3777).
وجابر الجعفي متروك.
لكن تابعه داود بن الحصين عن عكرمة به، خرجه الدارقطني (4/ 228) وأبو يعلى (2520).
لكن داود بن حصين متكلم في حديثه عن عكرمة.
والذي رواه عنه هو إبراهيم بن إسماعيل وهو ابن أبي حبيبة ضعيف.
وتابعه سعيد بن أبي أيوب عند الطبراني في الكبير (11/ 228).
لكنه سند باطل، شيخ الطبراني أحمد بن رشدين اتهم، وشيخه روح بن صلاح ضعيف.
وتابع داود بن الحصين: سماك عن عكرمة به، خرجه ابن أبي شيبة كما في نصب الراية (4/ 384).
وسماك متكلم فيه، وخصوصا في روايته عن عكرمة.
2 - وأما حديث جابر، فرواه الطبراني في الأوسط (5193) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر.

لكن فيه ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، وكذا اضطرب فيه، فرواه عن محمد به، لكنه قال عن أبي لبابة، وسيأتي قريبا.
3 - وأما حديث عبادة، فرواه ابن ماجه (2340) وأحمد (5/ 326) والبيهقي (6/ 156).
لكنه منقطع بين إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة وجده عبادة. وإسحاق لم يوثقه غير ابن حبان.
4 - وأما طريق أبي هريرة، فرواه الدارقطني (4/ 228) من طريق أبي بكر بن عياش أراه قال عن ابن عطاء عن أبيه عنه.
وعلاوة على الشك الذي في الحديث فابن عطاء هو يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ضعيف.
5 - وأما حديث أبي سعيد، فرواه الدارقطني (3/ 77 - 4/ 227 - 228) والبيهقي (6/ 69) والحاكم (2345) من طريق عثمان بن محمد عن الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد، فوصله.
لكن عثمان هذا هو محمد بن عثمان بن ربيعة الرأي ضعيف، كما في لسان الميزان.
وتابعه عبد الملك بن معاذ النصيبي، رواه ابن عبد البر في التمهيد (20/ 159).
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/ 103): وعبد الملك هذا لا تعرف له حال، ولا أعرف من ذكره.
ورواه مالك (1429) وعنه البيهقي (6/ 157 - 10/ 133) عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه مرسلا.
وهذا هو الصحيح فيه من هذه الطريق.
6 - وأما حديث عائشة فورد عنها من طرق:
الأولى عند الدارقطني (4/ 227)، وفيها الواقدي متروك، والثانية عند الطبراني في الأوسط (1033). لكن فيها أبو بكر بن أبي سيرة رموه بالوضع، والثالثة عند الطبراني في الكبير (11/ 228) والأوسط (268)، لكن فيه أحمد بن رشدين كذب، وشيخه روح بن صلاح ضعيف.
7 - وأما حديث ثعلبة فرواه الطبراني في الكبير (2/ 86) من طريق إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن صفوان بن سليم عنه، وإسحاق هذا ضعيف.
8 - وأما حديث أبي لبابة، فرواه أبو داود في المراسيل (207).
لكن فيه محمد بن إسحاق، وقد عنعنه، واضطرب فيه كما تقدم.
والحديث حسنه النووي في الأربعين، وابن الصلاح وصححه الشافعي، كما في خلاصة البدر المنير (2/ 438).
وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحيح أو الحسن المحتج به.
وقال ابن حزم: لا يصح.

(1/138)


قال أبو عبيد: قد اعتصم مالك رحمه الله في ذلك بظاهر كتاب الله عز وجل وفيه الحجة البالغة.
قال الله تعالى: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا".
وهذا على عمومه في كل ما يتركه الميت من قليل أو كثير، نصيب الوارث واجب في عينه إلا ما قام الدليل عليه، مما لا يجوز أن يقسم نحو العبد والبئر والعين وفحل النخل ومـ (ـا) (1) كان في معنى المذكور.
بدلالة قول النبي عليه السلام: "الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" (2).
لأن قوله عليه السلام: "فإذا وقعت الحدود" يدل على أن الشفعة لا تكون إلا فيما يتأتى إيقاع الحد فيه، ولا يجوز أن يوقع الحد إلا في أصل لا يغير القسم خلقته الطبيعية.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) رواه البخاري (2099 - 2138 - 2363 - 6575) وأبو داود (3514) وابن ماجه (2499) وأحمد (3/ 296) وابن الجارود (643) وابن حبان (5184 - 5186 - 5187) والبيهقي (6/ 102) والدارقطني (4/ 232) وعبد الرزاق (8/ 79) والطحاوي (4/ 122) عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر.
ورواه مسلم (1608) وأبو داود (3513) والنسائي (4701) والدارمي (2628) والدارقطني (4/ 224) وغيرهم من طريق أبي الزبير عن جابر.

(1/140)


وما كان هذا وصفه فقسمه واجب ومجبور عليه من ا (مـ) ـتنع (1) من أهله منه، وإن أدى ذلك إلى انتقاص قيمة المقسوم، لأ (ن) (2) ذلك إذا كان، فإنما هو نادر، والحكم إنما يتعلق بالأغلب من حال المحكوم فيه.
فأما كل أصل يغير القسم خلقته ويبطل منفعته (نـ) ـحو (3) العبد والبئر وفحل النخل وما كان في معنى هذه، فلا جائز أن يقسم لأن في قسمتها تغييرا لخلقتها وإبطالا لمنفعتها.
وهذه من إضاعة ا (لمـ) ـال (4) وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك (5).
فيستحيل أن يأمر عليه السلام بفعل ما (يـ) ـؤدي إلى استباحة ما قد نهى عنه، واللـ (ـه أعلم) (6).
وأما قوله: (إن) (7) لصاحب القليل النصيب أن يرتفق من الساحة بمثل ما يرتفق [ص65] (لصا) حب (8) النصيب الكثير، فلأن الساحة إنما أقرت مرتفقا لأهلها، والارتفاق متباين فيه أهله.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) روى البخاري (1407 - 2277 - 5630 - 6108 - 6862) ومسلم (593) وابن حبان (5719 - 5555 - 5556) وغيرهم عن المغيرة بن شعبة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
ورواه مسلم (1715) وغيره عن أبي هريرة بلفظ آخر، وفيه: ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/141)


وإذا كان كذلك، فأسعدهم بمرافق الساحة أكثرهم حاجة إليها ما لم يؤدي ذلك إلى إبطال مرافق من يشركه فيها، والله أعلم.
وأما وجه قول ابن القاسم: وأنا أرى أن كل ما لا ينقسم من الدور والأرضين والحمامات والمنازل وغير ذلك مما يكون في قسمته الضرر، ولا يكون فيما يقسم منه منتفع: أن يباع ويقسم ثمنه، لأن النبي عليه السلام قال: "لا ضرر ولا ضرار" فإنما هو مبني على الاستحسان.
لأن الحمام إذا قسم استحال أن يكون حماما، وكذلك الدار الصغيرة، والحقل الصغير، إذا قسما تبطل عليهم منافعهما وانتقص ثمنهما، كما ينتقص ثمن الثوب وسائـ (ـر) (1) العروض إذا قسمت، ويبطل عظم منافعها.
فكان بيع ما هذا وصفه من الأصول وإلحاقه بحكم العروض أولى من قسمته.
قال أبو عبيد: وهذا المعنى مدخول، لأن الحمام والدار الصغيرة وما كان في معناهما في الأصول التي سن القسم فيها بين أهلها، وأجمع العلـ (ـما) ء (2) على إجبار من أبى منهم إذا دعا إليه بعضهم.
والعروض فخلاف ذلك.
لأن النص لم يشتمل عليها ولا على شيء مما هو في معناها.
ألا (ترى) (3) أن قول النبي عليه السلام "الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة"، فدل على أن لا مقسوم على وجه التحديد والتعليل والاقتـ (ـرا) ع (4) سوى أصل يتأتى إيقاع الحدود فيه.
والحمام والدار الصغير (ة) وما جرى مجراهما من الأصول التي يتأتى فيها ذلك،
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على ما بقي من حروفها.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/142)


لأن الحمام إنما ( ... ) (1) للدار ذات البيوت من أجل التسخين (والتسـ .. ) (2) فليس بخلقة ( ... ) (3) فيها.
لأنه قد يرتفع بارتفاع نية المستحق عن تسخـ (ـينـ) ـها أو ثبوتها على حالها [ص66] لم تتغير في ذاتها، كما تتغير عين العبد، وفحل النخل وسائر ما لا يجوز قسمته.
لأن من سنتها أن تقسم، والقسم لا يغير خلقتها، كما يغير ذلك ما لم يستن القسم فيها (لـ) ـما (4) قدمنا ذكره.
وإن وجد شيء مما هذا وصفه يغير القسم خلقته ويبـ (ـطـ) ـل (5) منفعته، ولن يوجد، فإنما هو نادر، والحكم معلق بالأغلب من حال المحكوم فيه.
وكل ما لا تلزم قسمته فلا شفعة فيه، لأن الشفعة لا تكون إلا في أصل يتأتى إيقاع الحدود فيه، بدلالة قول النبي عليه السلام "الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة".
فعلق الشفعة بما لم يقسم مما يمكن إيقاع الحدود فيه.
وكل ما لا يجوز قسمته فجائز أن يقسمه أهله على التراضي بينهم، وكل مقسو (م) (6) على التراضي فالاقتراع عليه غير جائز، لأنه غرر وقمار، إذ قد يجوز أن يقع لكل واحـ (ـد) (7) منهم ما لم يرض به، وإنما قسمة التراضي بمنزلة البيع يحلها ما يحل البيع، ويحرمها ما يحرم البيع، ويجوز التشافع فيه، كما يجوز في البيع. والله أعلم.
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار كلمتين.
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمة، ولا يظهر إلا ما ذكرت.
(3) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/143)


وأما احتجاجه بقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" فهو مـ (ـن و) ضع (1) الشيء في غير موضعه.
لأن هذا الحديث إنما توجه إلى كل ضرر ( ... ) (2) لغير القائم به حق يوجب له استدامته.
ألا ترى: لو أن رجلا ذهب ليتسع في هواء منزله، وذلك ضرر على جيرانه، لما كان لهم (منـ) ـعه (3) (من) (4) ذلك وإن أضر بهم، في قول مالك وابن القاسم معا، من أجل ما تعلق به ( ... ) (5) بشيء يؤدي إلى الإضرار بغيره مما لا مندوحة له عنه، فلا (جـ) ـائز أن يمنع منه.
فالبيت والدار الصغيرة وما جرى مجراهما مما قد تعلق (مـ) ـريد القسم فيها (حقه) (6) فأسوأ أحواله ألا يعارض في مراده، وإن (كا) ن (7) حكمه حكم الجا (ر) الذ (ي) (8) يضر بجيرانه اتساعه في هواء منزله. [ص67]
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) بتر في الأصل بمقدار 6 حروف.
(3) ما بين القوسين به طمس، وأتممته على ما ظهر لي.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(6) بتر في الأصل، لكن تظهر أعلى حروف الكلمة.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/144)


ذكر خلافه له في كتاب المديان
37 - رجل ابتاع دينا على رجل لكن بين المشتري وبين المدين عداوة (1)
"قال: وسمعت مالكا وسئل عن رجل ابتاع دينا على رجل، وقد كان بين المشتري وبين الذي عليه الدين عداوة، قال: إن علم (أنه) (2) إنما أراد بذلك ضرره وعنته وتعبه فلا أرى أن يمكن من ذلك.
قال ابن القا (سـ) ـم (3): إذا علم أنه إنما أراد ضرره لم يجز ذلك البيع ورد". (4)
قال أبو عبيد: أجمل مالك رحمه الله الجواب في قوله: فلا أرى أن يمكن من ذلك، اكتفى بفهم السائل بأن ما لا يجوز أن يمكن من فعله إذا وقع فواجب أن يفسخ.
وقد فسر ابن أبي أويس ذلك في روايته عنه، قال ابن أبي أويس في كتاب "المبسوط":
"قيل لمالك أرأيت إن كان الذي اشترى الدين قد عرف بينه وبين الذي هو عليه (عـ) ـداوة (5)، وأنه إنما أراد بذلك تعنيته والإضرار به؟
فقال: إن عرف ذلك منه، لم أر ذلك جائزا، ورد البيع إلا أن يكون الذي عليه الدين يريد أخذه بذلك الثمن فيكون ذلك له، لأن الذي له الدين قد باعه له طيبة بذلك نفسه، فليس عليه في ذلك ضرر إذا وفاه الذي عليه الدين صفة العـ (ـين) (6) الذي باعه به من المضار".
قال أبو عبيد: وإنما لم يجز بيع الدين على هذا الوصف، لأن المبتاع لم يقصد
_________
(1) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته اعتمادا على السياق.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) المدونة (12/ 219).
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/145)


بظاهر عقده (ابتياع) (1) الدين، وإنما قصد ذلك ذريعة إلى الإضرار بالذي هو عليه، وحمله إلى استباحة ما قد نهي عنه.
فوجب أن يفسخ عقده عقوبة له على ذلك لتلاعبه بدينه وطاعته لهواه في شفاء غيظه.
كما فسخ نكاح المحلل من أجـ (ـل) (2) استباحته إياه بنية أن يبيح به المنكوحة لمن قد حرمت عليه، وقد قـ (ـا) ل (3) النبي صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا ما لـ (ـيس) (4) منه فهو رد" رواه سعد بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن عائشة فذ (كر) هـ (5).
وأما جعله الذي [ص68] عليه الدين بالخيار في ابتياعه بمثل الثمن الذي بيع ( ... ) (6) له على إمضاء ذلك فمعناه، والله أعلم، إذا كان صاحب الدين قد علم بالعداوة التي بين مبتاعـ (ـه) وبين الذي هو عليه فباعه منه، فأعانه على إمضاء قصده الفاسد فيه.
وإذ (ا) كان كذلك، وجب أن يكون الذي عليه الدين بالخيار في ذلك (7)، لأنه قصد ببيعه إلى إباحة المبتاع ما قد حظر عليه من مواقعة الضرر، فصار في معنى المحلل القاصد بنكاحه إلى إباحة ما قد حرم على المحلل له، وهذا أصل الاختلاف بين مالك وابن القاسم، والله أعلم.
_________
(1) أكلت الأرضة حروفها، وبقي بعض ما يدل عليها.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) بتر في الأصل بمقدار 3 كلمات.
(7) أكلت الأرضة أعلى الكلمة، وبقي أسفلها.

(1/146)


38 - إنكار الوصي قبض الدين من الغرماء (1) (2)
"قال ابن القاسم: وأخبرني ابن أبي حازم (3) عن ابن هرمز (4) أنه سئل عن رجل، أوصى إليه رجل وله ديون على الناس فيتقاضى الوصي الغرماء، فقالوا: قد دفعناها إليك، وأنكر الوصي ( ... ) (5) ما أراد (الغـ) ـرماء (6) أن يحلفوا فقال لهم أن يحلفوه، فإن نكل عن اليمين ضمن المال.
قال ابن القاسم: وسألت مالكا عنها فقال: إن كان الشيء اليسير، فالوصي ضامن إن نكل عن اليمين، فأما إذا كثر المال فلا أدري (7).
قال ابن القاسم: ورأيي على قول ابن هرمز كل ذلك عندي سواء قل أو كثر (8) (فإن لم) (9) يحلف ضمن.
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (396): فإن ادعى الغرماء الدفع إلى الوصي وأنكر، حلف، فإن نكل عن اليمين غرم عند ابن هرمز وابن القاسم قليل ذلك وكثيره، وهو قول مالك في اليسير وتوقف في الكثير.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) هو عبد العزيز بن أبي حازم أبو تمام المدني. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك (3/ 9) وتهذيب الكمال (18/ 120) وتهذيب التهذيب (6/ 297) وغيرها.
(4) هو عبد الله بن يزيد بن هرمز أبو بكر المدني، انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (6/ 379) والتاريخ الكبير (5/ 224) والجرح والتعديل (5/ 199) وغيرها.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) تأمل ورع الإمام رحمه الله، وقد كان هذا الأدب الرفيع سائدا عند الأولين، وافر الوجود عندهم، وقل في المتأخرين، بل انعدم، ولم أر إلى حدود الساعة أحدا من المتأخرين أو المعاصرين على الرغم من فضلهم وعلمهم، من سئل عن مسألة فقال: لا أدري، فليضم هذا إلى شواهد فضل علم السلف على الخلف.
والله الموفق بمنه وكرمه.
(8) ما بين القوسين به بتر في أسفله.
(9) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.

(1/147)


قال ابن القاسم: وإنما قال مالك لا أدري إذا كثر المال خوفا من أن تبطل أموال اليتامى، وخوفا من أن يضمن الوصي (لأ) نه (1) أمين". (2)
قال أبو عبيد: إنما توقف مالك رحمه الله عن (الـ) ـجواب في نكول الوصي عن اليمين إذا كان المال كثيرا، فلأن الوصي (لمـ) ـا (3) كان أمينا فيما بينه وبين الموصى به إليه، لأنه إنما يقبض الشيء لمنفعته (ا ... ـه) (4) المودع إنما يقبض الوديعة لمنفعة ربها.
فلما كان المال ( .. ـرعا) (5) دفعه إلى الوصي من أ (مو) ال (6) يتيمه التي هو مؤتمن عليها، احتمل أن يكون [ص69] ( ... ) (7) بينه وبين الغريم فيه.
لأن الغريم قد رضي بأمانته حين ترك الإشهاد عليه مع علمه بأنه أمين فيما بينه وبين صاحب المال، واحتمل أن يكون غير أمين فيما بينه وبين الغريم، إذا كان الوصي إنما يقوم مقام اليتيم.
فلو ادعى الغريم دفع مال اليتيم إليه وكان (مـ) ـمن (8) يجوز له القبض لنفسه، لكانت اليمين واجبة عليه وكان نكوله عنها يوجب إبراء ذمة الغريم مع يمينه.
وإذا كانت اليمين في الأصل واجبة على اليتيم فالقائم مقامه محكوم له بحكمه.
فلما كان هذا الاحتمال سائغا، ولم يقم له دليل يوجب ترجيح بعض
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) المدونة (13/ 219 - 220).
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمة، وبقي ظاهرا من الحروف ما ذكرت أعلاه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) بتر في الأصل بمقدار كلمتين.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/148)


وجوهه (1)، توقف عن القطع على بعضها لعدم دليل يوجب ذلك.
وهذا يدل على ورعه وفضل علمه، وأن مذهبه ألا يفتي الناس إلا بما يعتقد أن الحق فيه، ولا يقلد فيما أشكل عليه مما طريقه الاجتهاد غيره، وإن كان فوقه.
إذ لو كان التقليد فيما هذا وصفه سائغا عنده لكان ابن هرمز أحق من قلده في ذلك، فقد روى ابن وهب عنه أنه قال: كان ابن هرمز رجلا كنت أحب أن أقتدي به، وكان قليل الكلام، قليل (2) الفتيا، شديد التحفظ، وكان كثير الرد على أهل الأهواء". (3)
وقول ابن هرمز في إيجاب الضمان على الوصي في قليل المال وكثيره، أعلى القولـ (ـين) (4) (عندي) (5)، والنظر يقتضي ذلك على أصول مالك، والقياس يوجبه على قوله: في اليسـ (ـيـ) ـر (6) والكثير، إلا أن يمنع من ذلك خشية التطرق إلى تضمين الأوصياء، والله أعلم.

39 - من اشترى أباه وعليه دين (7)
"قال ابن القاسم: قال مالك في الذي يشتري أبـ (ـاه) (8) وعليه دين أنه لا يعتق عليه.
قلت له: فإن اشتراه وليس عنده إلا (بعض) (9) من ثمنه أترى أن يعتق عليه منه
_________
(1) في الأصل: وجوه به.
(2) في اللام الأخيرة بتر قليل.
(3) سير أعلام النبلاء (6/ 379) بنحوه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) ما بين القوسين به بتر، وأتممته اعتمادا على المدونة.

(1/149)


بقدر ما عـ (ـند) هـ (1)، (و) يباع الباقي، قـ (ـال): لا، ولكن أرى أن يرد البيع.
قال ابن القاسم: ولا يـ (ـعـ) ـجبني (2) ولكن أرى أن يباع [ص70] من الأب بقدر الثمن للبائع، ويعتق منه ما فضل بعد ذلك". (3)
(قال أبو) (4) عبيد: أما إيجاب مالك البيع إذا اشترى الابن أباه، وليس عنده وفاء بثمنه، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ملك ذا رحم محرم (فـ) ـهو (5) حر" (6)
رواه
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) المدونة (7/ 183).
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه، واعتمادا على ما بقي من الحروف.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ورد هذا الحديث عن سمرة وعن ابن عمر، وعن ابن عمر، وعن عمر قوله، وعن جابر بن زيد والحسن قولهما.
أما حديث سمرة، فرواه أبو داود (3949) والترمذي (1365) وابن ماجه (2524) وأحمد (5/ 15 - 20) والبيهقي (10/ 289) والحاكم (2852) والطيالسي (910) والطحاوي (3/ 109) والطبراني في الأوسط (1438) عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عنه.
وفي رواية ابن ماجه والحاكم والبيهقي والطبراني زيادة عاصم الأحول مع قتادة.
لكن شك حماد بن سلمة في ذكر سمرة، كما عند أبي داود وغيره.

وعلى فرض أنه لم يشك، فالحسن لم يسمع من سمرة.
زد عليه أنه خالف حماد بن سلمة فيه: سعيد بن أبي عروبة فرواه عن قتادة عن الحسن وجابر بن زيد قولهما، رواه ابن أبي شيبة (4/ 277) وعنه أبو داود (3951) وعنه البيهقي (10/ 289).
وقال أبو داود بعد أن خرجه من هذا الوجه: سعيد أحفظ من حماد.
يشير إلى ترجيح الرواية الموقوفة وتعليل الرواية الموصولة.
لكن سعيدا اختلط.
وأما حديث ابن عمر، فرواه أبو داود (3/ 109) وابن ماجه (2525) والحاكم (2851) والبيهقي من طريق ضمرة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عنه.
لكن قال الترمذي: ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث.
وقال البيهقي عقب الطريق المتقدم: وروي بإسناد آخر وهم فيه راويه، ثم ذكره من طريق ضمرة، وقال: المحفوظ بهذا الإسناد حديث نهي عن بيع الولاء وعن هبته، وقد رواه أبو عمير عن ضمرة عن الثوري مع الحديث الأول.
لكن رد عليه ابن التركاني في الجوهر النقي (10/ 209) فقال: ليس انفراد ضمرة به دليلا على أنه غير محفوظ، ولا يوجب ذلك علة فيه، لأنه من الثقات المأمونين ..
ثم ذكر كلام بعض من أثنى عليه، وقال: والحديث إذا انفرد به مثل هذا كان صحيحا، ولا يضره تفرده، فلا أدري من أين وهم في هذا الحديث راويه، كما زعم البيهقي، ثم ذكر كلام ابن حزم في رد هذا كذلك ...
وكلام ابن حزم المذكور في المحلى (9/ 202).
وأما الموقوف على عمر، فرواه أبو داود (3950) وعنه البيهقي (10/ 289) وعبد الرازق (9/ 183) والطحاوي (3/ 110) من طريقين عنه، وسنده صحيح.

(1/150)


حما (د) (1) بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة ابن جـ (ـنـ) ـدب (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
وعتق الأب على الابن إذا ملكه إجماع أهل العلم جميعا، فلما كان اشتراء الابن يقتـ (ـضـ) ـي (3) رفع ملكه عنه وإنفاذ العتق فيه بظاهر الخبر وإجماع (أهل) (4) العلم، وكان اشتراؤه له، وليس عنده وفاء بثمنه منافيا لذلك.
لأنه لا بد من بيع بعضه من أجل حق السيد المتعلق به، لم يجز أن ينفذ البيع فيه، ولا أن يصح عقده عليه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحدث في (أ) مرنا (5) ما ليس منه فهو رد".
ومعنى آخر، وهو أنه إذا اشترى أباه وقد علم أن ما عنده من المال لا يفي بثمنه،
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) أحيل هنا في الأصل على الهامش، ولا يظهر شيء بسبب الإصلاح، فأتممتها اعتمادا على السياق.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/151)


فكأنه قصد إلى استباحة ما حرم عليه من بيعه، وتعرض مخالفة ما تقتضيه الشريعة في أمره، من توقيره وبره ومجانبة عقوقه، وإخراجه من أسر العبودية إلى تنشيط الحـ (ـر) ية، ( ... ) (1) مجانب للشريعة.
وكل بيع انعقد على خلاف موجب البيوع (فهـ) ـو (2) رد، والله أعلم.
وأما وجه قول ابن القاسم: شراؤه جائز ويباع من الأب بقدر ما بقي للبائع من ثمنه، فلأن عتق بعضه يؤدي إلى حماية (المملوك) (3) من انتزاع سيده له، وتمليكه من خدمة نفسه بقدر الجزء الذي (يـ) ـعتق (4) منه، فكان عتق بعضه أولى من رده، لأنه فعل خير.
وقد قال الله (تعالـ) ـى (5) " وافعلوا الخير لعلكم تفلحون".
وهذا وجه مدخول، لأن (عتـ) ـق (6) بعضه لا يغير حكمه ولا يرفع ذل العبودية عنه مع التعرض لما [ص71] نهى عنه من الاستحقاق بحقه ومباشرة بيعه بعد أن استقر ملكه عليه.
وكلا القولين له وجه، سوى أن قول مالك أعدلهما وأعلاهما عندي، والله أعلم.
_________
(1) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، بمقدار كلمة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/152)


40 - من قال لعبده أنت حر إذا قدم فلان (1) (2)
"قال ابن القاسم: قال مالك: (فيـ) ـمن (3) قال لعبده أنت حر إذا قدم فلان لا أرى بيعه ويوقف حتى ينظر هل يقدم فلان أم لا.
قال ابن القاسم: ولا أرى بأسا أن يبيعه". (4)
قال أبو عبيد: وقد روى ابن أبي أويس عن مالك أنه قال في الرجل يقول لغلامه: إن قدم أبي (فعبدي) (5) حر أنه يبيعه وإن قال له: إذا قدم أبي فأنت حر، هذا أشد عندي من قوله: إن قدم أبي، ولا أرى أن يبيعه وإن بيع رد. (6)
قال أبو عبيد: قد بين القاضي إسماعيل وجه الفرق بين "إن" و "إذا" (7) بأن قال (8):
ليس مخرج كلام القائل: إن قدم أبي فعبدي حر، على أن ذلك عنده سيكون، وإن كان قد يمكن عنده ألا يكون.
لأن "إذا" توقيت و "إن" شك.
_________
(1) قال ابن عبد البر في الكافي (508): ولو قال لعبده (إذا قدم أبي فأنت حر) كان له بيعه قبل ذلك عند ابن القاسم ومرض فيها مالك.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) المدونة (7/ 201).
(5) طمس في الأصل بسبب الرطوبة، وأتممته اعتمادا على السياق.
(6) تراجع مالك عن قوله هذا حسب ما ذكره ابن القاسم في مكان آخر من المدونة، حيث قال المدونة (6/ 2 - 3 - دار صادر) (3/ 769 - طبعة نزار مصطفى الباز): لأن مالكا كان يقول مرة إذا قال الرجل لغلامه "أنت حر إذا قدم أبي" أو "أنت حر إن قدم أبي"، كان يقول هما مفترقان، قوله "إذا قدم أبي" أشد وأقوى عندي من قوله "إن قدم أبي"، ثم رجع فقال: هما سواء: إذا وإن، فعلى هذا رأيت قوله "إذا شئت فأنت طالق" و"إن شئت فأنت طالق" على قوله "إذا قدم أبي فأنت حر" و"إن قدم أبي فأنت حر".
(7) أذهبت الأرضة أكثرها، لكن بقي ما يدل عليها.
(8) انظر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام (32 - 97).

(1/153)


قال الله تعالى "إذا الشمس كورت" و "إذا وقعت الواقعة" فكأن هذا توقيتا لا يقع في مكانه: أن الشمس كورت.
وقال تعالى "إ (ن) يثقفوكم يكونوا لكم أعداء" فيبنى هذا على خلاف التوقيت ولا يقع في (هذا) (1) الموضع: إذا يثقفوكم كانوا لكم أعداء، لأن هذا اللفظ ( ... ) (2) علم أنه سيكون.
فإذا قال: "إذا قدم أبي فعبدي حر"، كان مخرج كلا (مه) (3) على أن أباه عنده سيقدم، وإن العتق يقع عند ذلك، فأوجب على نفسه أن لا يبيع العبد انتظارا لذلك الوقت، وكأنه رجل بلغه أن أباه يقدم فقـ (ـال) (4): إذا قدم أبي فعبدي حر، وكذلك الرجل يستقضي الدين وقد بلغـ (ـه) (5) قدوم وكيل له أو شريك له، فيقول غريمه: "إ (ذ) ا (قد) م (6) وكيلي أعطـ (ـيتك) (7) " ويقول أيضا: "إذا ( ... ) (8) زرعي قضيتك، وإذا كـ (ـا) ن (9) يوم الجمعة أعطيتك، [ص72] فيكون هذا كله توقيتا.
ولا تقع إن في شيء منه، فهذا هو تحقيق هذا الكلام.
وهذا الذي ذهب إليه القاضي هو مذهب حذاق أهل العلم باللسان.
لأنهم جعلوا "إذا" ظرفا لم يستقبل يؤذن الفعل المنوط بها، وفيها أيضا معنى
_________
(1) طمس في الأصل بسبب الرطوبة، وأتممته اعتمادا على السياق وعل ما بقي منها.
(2) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) كتبت هنا كلمة هكذا: أمرك، وربما تكون: أثمر
(9) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/154)


المجازاة كأنه (قـ) ـال (1) لعبده إذا قدم أبي فأنت حر، مجازاة له على فعل استحسنه منه.
وكل مجازاة جرت مجرى العوض فلابد لها من توقـ (ـيت) (2) ينتظر وقوعها فيه، فلم يجز لقائل ذلك أن يبيع العبد قبل حلول الوقت الذي علق عنه به، لأن في ذلك إبطالا لما قد أوجبه على نفسه من التوقف عن بيعه.
وقد تكون أيضا للمفاجأة (3) نحو قول الرجل: "خرجت فإذ (ا) زيد قائم".
وتقدير ذلك "خرجت ففاجأني زيد قيامه في الوقت الذي خرجت فيه".
وكل ذلك يدل على أن موضعها التوقيت.
وإذا (كان) (4) كذلك، فلا جائز أن يباع العبد قبل الوقت الذي علق عتقه به، وبالله التوفيق.
وأما تسوية ابن القاسم بين "إن" و "إذا" فإنما ذلك، والله أعلم، لتقارب معانيهما عند العوام، وأن التفريق بينهما لا يكاد أن يفهمه إلا القليل، فلما أمكن أن يكون مراد القائل بقوله: إذا قدم أبي فأنت حر، بمعـ (ـنى) (5) الذي (إ) ن قدم أبي فأنت حر ولم يجز أن يمنع من بيع عبده، لأن ملكه قد استقر به عليه، والسبب الذي علق عتقه به محتمل للمنع وبخلافه.
وقول مالك في ذلك كله أعلى القولين عندي، والله أعلم.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) في الأصل: لمفاجأة.
(4) بهذه الكلمة بتر، لكن تظهر معالمها من خلال ذلك.
(5) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/155)


41 - من قال لأمته: كل ولد تلدينه فهو حر (1) (2)
"قال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل زوج عبده أمته فقال لهـ (ـا) (3): كل ولد تلدينه فهو حر، فأراد بيعها فاستثقل مالك ذلك وقال: يفي لـ (ـها) (بـ) ـما (4) وعدها.
قال ابن القاسم: وأنا لا أرى ببيعها بأسا". (5)
قال أبو عبيد: أمـ (ـا و) جه (6) استثقال مالك بيع الأمة المشترط فيها هذا الشرط [ص73] فـ (ـهو) (7) عقد قد أوجـ (ـبه) (8) السيد على نفسه في كل ولد يتولد منها، فوجب عليه إنقاذه ما لم يتعلق به حق لغيره، وفي بيعها لغير (9) حق تعلق بها، إبطال لما قد ألزمه نفسه.
وهذا ما لا يجوز في قول مالك، وابن القاسم.
لأنهما قد اتفقا أن بيع الأمة الحامل التي قد أعتق سيدها ما في بطنها لا يجوز إلا أن يكون على السيد دين يغترقها فيجوز بيعها من أجل الدين.
_________
(1) قال ابن نجيم في البحر الرائق عن حكم هذه المسألة (3/ 211): ولو باعها المولى، وهي حبلى، جاز بيعه.
وقال ابن قدامة المقدسي في المغني (10/ 313): وإن قال لأمته (كل ولد تلدينه فهو حر) عتق كل ولد ولدته في قول جمهور العلماء، منهم مالك والشافعي والأوزاعي والليث والثوري.
قال ابن المنذر: ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم فإن باع الأمة ثم ولدت لم يعتق ولدها لأنها ولدتهم بعد زوال ملكه. انتهى.
(2) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) المدونة (7/ 204).
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) كأنه وقع سقط هنا، وربما ينقص هنا: الذي له.

(1/156)


ولو (لا) (1) الدين لما جاز بيعها عندهما، للعقد الذي ألزمه السيد نفسه في الجنين بعد انفصاله من أمه.
وإذا كان كذلك، فالتي قال لها سيدها: "كل مولود تلدينه فهو حر" محكوم لها بحكمه، لأن الحمل مجوز عليها ومجوز خلوها منه، وهذا التجويز سائغ في الظاهر حملها، وإنما جاز بيعها إذا كان على السيد (دين) (2) يغترقها للمعنى الذي فسر القاضي إسماعيل في كتابه "المبسوط".
وذلك أنه قال: "كل امرأة غشِيت بالتزويج فحكم ولدها في الحرية والرق حكمها، وهو تبع لها في ذلك فلا يجوز أن يكون المتبوع مملوكا والمتبع وهو غير مباين له حرا.
وكذلك لو كانت الأمَة مملوكة لرجل وما في بطنها لآخر، فأعتق سيدُ الأمةِ الأمةَ لم يتم عتقها حتى تضع ما في بطنها، لأنها لا تكون حرة، وما في بطنها مملوكا.
كما لم يجز أن يكون ما في بطنها حر وهي مملوكة.
فلما لم يجز ذلك وصارت الحرية للولد لا تتم إلا بمباينة أمه صار حكمه حكم من قال لأمته: "إذا وضعت ما في بطنك فهو حر"، ويصير بهذا عقدا قد عقد للولد، كما يعقد العتق إلى أجل، ولم يجب على الغرماء أن يؤخروا بيع الأمة حتى تضع ما في بطنها، لأن بيعها كان واجبا لهم قبل أن يحدث سيدها فيها ما أحدث.
فلما فعل السيد شيئا لا يمكن أن يتميز منها إلا بعد مدة رد (إحدا) داثه (3) إذا سئل الغرماء [ص74] الأخذ لهم بالأصل الذي كان واجبا لهم، لأن النبي عليه السلام قال: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد".
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) بتر في الأصل بمقدار 3 حروف، وأتممته، لأنه قد تقدم قريبا بنفس اللفظ.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/157)


وإذا غشـ (ـي) (1) الحر أمته صار ما في (بـ) ـطنها (2) حرا من حين خلق، لأنه تبع لأبيه لا (لأمـ) ـه (3)، ولو كان تبعـ (ـا لـ) أمه (4) ما تمت له الحرية حتى تلده ولا ( ... ) (5) الذي هو في بطنها، فكان حرا مثل المتبوع.
قال إسماعيل: فإن قيل: فلم جاز أن يبطل عقد الحرية الذي عقده السيد لما في بطن أمته، وأنتم لا تبطلون عقد الحرية إلى الأجل؟.
قيل: لأن الحكم كان في الأمة أن يباع إذا ركب سيدها الدين ولا ينتظرها أن تضع ما في بطنها، فلما أحدث السيد في الولد الذي عقده، وكان شيئا لا يمكن أن يتميز من أمه، لم يجز من أجل ما أحدثه من ذلـ (ـك) أن يبطل ما كان واجبا للغرماء.
وإنما يلزم السيد ما أوجبه على نفسه من العقد الذي عقده فيما كان في بطن أمته لم يكن في ذلك منع لحق غيره.
فأما إذا كان فيه دفع لغير الحق لم يكن بد من الرجوع إلى الأصل في أمرهم.
وكذلك لو مات السيد قبل أن تضع الأمة ما في بطنها، واحتاج الوارث إلى بيعها لم يجز أن يمنع من ذلك ولا أن يقال له: انتظر بأمتك التي لا ملك لأحد عليها غيرك إلى أن تضع ما في بطنها.
ولكن إن وضعت الأمة ما في بطنها قبل أن تباع للغرماء أو قبل أن يبيعها الوارث صار الولد حرا من حين ولد بالعقد المتقدم له وتم فيه حين تميز من أبيه، وجاز أن يكون حكمه غير حكمها.
_________
(1) ما بين القوسين به طمس بسبب الرطوبة، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) بتر في الأصل بمقدار كلمتين، تبدأ الأولى بحرف الكاف، وتنتهي الثانية بحرف الراء.

(1/158)


ولو أوصى رجل بما في بطن أمته لرجل ثم توفي، وكانت الأمة تخرج من الثلث، لم يجز للورثة بيعها، وإن احتاجوا إلى ذلك [ص75] حتى (تضـ) ـع (1) حملها (فـ) ـيقبضه (2) الموصى له.
لأن للميت أن يوصي في ثلثه بما أراد، فلما أوصى (3) بما في بطن الأمة لرجل أوجب ألا يحدث الورثة فيها بيعا إلى أن تضع، وجاز له ذلك.
وكان يجوز له أن يخـ (ـر) جها (4) بأمرها عنهم.
ولم تشبه هذه المسألة المسألة التي قبلها، لأن السيد في المسألة الأولى: أعتق ما في بطن أمته، فكأنه قال: إذا وضعت ما في (5) بطنك فهو حر، ولزمه ما عقد على نفسه ما لم يكن في ذلك منع لغيره من حقه.
فإذا ركبه دين أو مات لم يمنع الغرماء ولا الوارث من بيع الأمة إن احتاجوا إليه، لأن الميت لم يخرجها في الثلث الذي جعل له، وصارت الأمة للوارث بتمليك الله عز وجل إياه ذلك.
ولو أوصى رجل بما (في) (6) بطن أمته لرجل، وكانت تخرج من الثلث فأعتق الوارث الأمة لم يتم عتقها حتى تضع ما في بطنها.
لأنه لم يتم عتقها عتق ما في بطنها، فيصير ذلك إبطالا لوصية الميت، ولكن إذا فعل ذلك الوارث كان بمنزلة قوله لها: إذا وضعت ما في بطنك فأنت حرة".
قال أبو عبيد: وكل هذا نص كلام إسماعيل القاضي وإنما أوردته على كماله، لأنه غاية ما يحتج به في هذا الباب فغنيت به عن الإطالة فيه.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) أصابت هذه الكلمة الرطوبة، وطمست بعض معالمها.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(5) في هذه الكلمة بتر قليل في أولها.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/159)


وأما وجه قول ابن القاسم: وأنا لا أرى ببيعها بأسا، فلأن قول القائل لأمته، وهي غير حامل: كل ولد تلدينه فهو حر، لا يوجب حكما لم يكن واجبا قبله، إذ ليس بها حمل ينعقد له حرمة وتتعلق بوضعه حرية، فجاز له بيعها إذ لم ينعقد فيها ما يوجب التوقف عن ذلك.
وقد فرق مالك وابن القاسم بين الحائل والحامل في نحو هذا المعنى.
فروى ابن القاسم عن مـ (ـالك) (1) فيمن قال لزوجتـ (ـه) (2): [ص76] إذا ولدت فأنت طـ (ـالـ) ـق وليس بالمرأة حمل، إنه لا يلزمه طلاقها، ( ... ) (3) يأمر باعتزالها.
وأنه لو قال لها ذلك وهي حامل لوقع الطلاق عليها ناجزا.
وإنما فـ (ـرقـ) ـوا (4) بين الحائل والحامل في ذلك لأن الحمل إذا ثبت فلا بد من وضعه، فلما علق الطلاق به وقع ناجزا، ولم ينتظر به الوضع.
كما لم ينتظر بالطلاق المعلق بالشهر حلوله، لأنه لم يجز وطؤها ما بينها وبين الأجل الذي علق الطلاق به لمضارعته نكاح المتعة المتفق على تحريمه لم يجز الاستمساك بعصمتها، بدلالة الاتفاق على أنه لا يجوز استدامة عقد النكاح على الأخت من الرضاعة من أجل أنه لا يجوز وطؤها.
فأما الحائل فخلاف ذلك، لأن الأجل الذي علق طلاقها به قد يجوز أن يكون ويجوز ألا يكون، وكل طلاق علق بأجل هذا وصفه، فلا يقع إلا بوقوع الصفة التي علق بها أو السبب المؤدي إليها، وإذا كان كذلك، فجائز استدامة عصمتها إن كانت زوجة وبيعها إن كانت أمة.
وكلا القولين له وجه في النظر، فاعلمه.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(3) بتر في الأصل بمقدار كلمة.
(4) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.

(1/160)


42 - من قال لعبده أنت حر الساعة، وعليك ألف درهم (1)
"قال ابن القاسم: قال مالك فيمن قال لعبده أنت حر الساعة بتلا (2)، وعليك ألف درهم تدفعها إلي إلى أجل كذا أنه حر، والمال الذي ألزمه سيده واجب عليه على ما أحب أو كره.
وقال ابن القاسم: وأنا أراه حرا الساعة، ولا شيء عليه، إلا أن يقول له على أن عليك" (3). (4)
قال أبو عبيد: أما إيجاب مالك رحمه الله إنفاذ العتق في العبد وإلزامه غرم الألف درهم التي ألزمه السيد، فلأنه في معنى بيع السيد عبده من نفسه بمال يلزمه ذمته.
وهذا جائز عند (ما) لك، وإن كره مالك العبد، كما يجوز للسيد أن يكره عبده [ص77] على أن ( ... ) (5) أن يخدمه ويؤاجره ويأخـ (ـذ) (6) ماله بغير عوض يعتاضه ( ... ) (7) من ذلك، فكان بأن يكـ (ـر) هه (8) على مال يلزمه ذمته ويعوضه العتق منه أولى.
وليس لفظه بالمال الذي ألزمه ذمته بعد لفظه بحريته ( ... ) (9) سقوط المال عنه إذا
_________
(1) هذا العنوان مني، وليس من المؤلف.
(2) البتل القطع، يقال: بَتَلَه يَبْتِله ويَبْتُله بَتْلاً. انظر لسان العرب (11/ 42).
(3) المدونة (7/ 211).
(4) ونقل هذا عنهما ابن عبد البر في الكافي (508) وابن رشد في بداية المجتهد (2/ 281).
وقال ابن عبد البر في الكافي (508): فإن قال (أنت حر وعليك خمسون دينارا) أو نحو ذلك مما يضر به عليه جاز ذلك عند مالك، وهو عنده كمن باعه نفسه بالخمسين دينارا.

وخالفه ابن القاسم فقال: هو حر، ولا شيء عليه من المال، لأنه لا يوظفه بعد الحرية بمال.
وانظر الشرح الكبير (4/ 406).
(5) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار 3 أو 4كلمات.
(6) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(7) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار كلمة.
(8) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(9) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار 3 كلمات.

(1/161)


كان آخر الكلام (متـ) ـصلا (1) بأوله ومعطوفا عليه بالواو.
لأن موضع الواو في الكلام: الاشتراك.
ومذهب ( ... ) (2) ألا يقع العتق إلا مع لزوم الألف للمعتق بلا فصل، والله (أعلم) (3).
وأما وجه قول ابن القاسم: إنه حر ولا شيء عليه، فلأن الحرية لما وقعـ (ـت) (4) ( ... ) (5) تعلق بها من مال أو غيره، لم يجز أن يلزم المعتق ما لم يكن، لأن ماله قبل العتق، لأن ذمة الحر في الأصل بريئة (6)، فلا يجوز أن يحدث فيها شيء بغير رضى منه.
وكلا القولين له وجه في النظر، غير أن قول مالك أعلى القولين وأولاهما بالصواب عندي، والله أعلم.
_________
(1) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور معناه.
(2) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار 3 كلمات.
(3) لا تظهر الكلمة بوضوح في الأصل بسبب الرطوبة.
(4) ما بين القوسين فيه بياض بسبب الرطوبة، وأتممته لظهور معناه.
(5) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار 3 كلمات.
(6) هذه الجملة يبدو أن فيها بترا أو تصحيفا.

(1/162)