المدخل
لابن الحاج [فَصْلٌ فِي انْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ
صَلَاةِ الْعِيدِ]
ِ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْخُرُوجِ إلَى صَلَاةِ
الْعِيدَيْنِ سُرْعَةُ الْأَوْبَةِ إلَى الْأَهْلِ فَلَا يَشْتَغِلُ
(2/288)
بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلَهُ أَنْ يَزُورَ إخْوَانَهُ مِنْ الْأَحْيَاءِ
لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَبْدَأْ بِهِمْ وَيُزِيلُ تَشَوُّفَهُمْ
إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَمْضِي لِمَا يَخْتَارُهُ مِنْ زِيَارَةِ
مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَلْيَمْضِ إلَى إخْوَانِهِ
وَمَعَارِفِهِ الْمُتَّقِينَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ
لِلتَّبَرُّكِ بِرُؤْيَتِهِمْ وَالْتِمَاسِ الدُّعَاءِ مِنْهُمْ لَكِنْ
يَتَحَرَّى وَقْتَ زِيَارَتِهِمْ إذْ إنَّ الْغَالِبَ مِنْ إخْوَانِهِ
أَنَّهُمْ يُضَحُّونَ، وَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنْ يَتَوَلَّى الْمُكَلَّفُ
ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ مُعَدٌّ
لِلذَّبْحِ غَالِبًا فَلْيَمْشِ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ
إلَيْهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ]
ِ فَإِنْ صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ
الْمَطَرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ فَالسُّنَّةُ
فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُصَلَّى لَكِنْ فِي الْمَسْجِدِ
يَخْفِضُونَ أَصْوَاتَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْبَرِّيَّةِ
تَنْزِيهًا لِلْمَسْجِدِ مِنْ رَفْعِ الْأَصْوَاتِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ
وَلَا بُدَّ مِنْ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
النِّسَاءُ بِمَعْزِلٍ بَعِيدٍ عَنْ الرِّجَالِ بِخِلَافِ مَا هُنَّ
الْيَوْمَ يَفْعَلْنَهُ لِأَنَّهُنَّ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ فِي
الْغَالِبِ فَتَجِدُ الْمَسْجِدَ غَالِبُهُ مَمْلُوءٌ يَوْمَ الْعِيدِ
بِالنِّسَاءِ وَغَالِبُ خُرُوجِهِنَّ عَلَى مَا يُعْلَمُ كَمَا تَقَدَّمَ
غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَوْ مُنِعْنَ الْخُرُوجَ لَكَانَ أَحْسَنَ بَلْ هُوَ
الْمُتَعَيِّنُ فِي هَذَا الزَّمَانِ. وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ
يَتَقَدَّمَ إلَى الْوُعَّاظِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْمَسْجِدِ
فَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَلَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْعُهُ فِي حَقِّ
الرِّجَالِ فَفِي حَقِّ النِّسَاءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى إذْ إنَّ
مَفَاسِدَهُنَّ تَزِيدُ عَلَى مَفَاسِدِ الرِّجَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ
مَنْعُ الْوُعَّاظِ مِنْ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا |