المقدمات الممهدات

 [كتاب الذبائح]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم كتاب الذبائح قال الله عز وجل: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] ، معناه: أحل لكم المذكى منها وما كان في معناها بدليل قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] ؛ لأن مراده بقوله تعالى {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] ما تلاه بعد ذلك من التحريم في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3] ، فالميتة ما مات حتف أنفه، والدم بمعني الدم المسفوح، وأما اليسير فإنه حلال. قال الله عز وجل: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145] ، وقوله: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145] ، عرفنا الله تبارك وتعالى بهذا أن الذكاة غير عاملة فيه. وقوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] هو ما ذبح على النصب مما لا يأكلونه. وقوله: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3] هي التي صارت بالخناق إلى حال اليأس الذي لا ترجى معه حياة. وكذلك الموقوذة وهي المضروبة بالعصا، والمتردية التي تتردى من جبل أو غيره. والنطيحة المنطوحة، هي التي صارت البهيمة في ذلك كله إلى حال اليأس، بدليل أن التي أنفذت مقاتلها بسبيل الميتة، والتي لم تنفذ مقاتلها وترجى حياتها بسبيل

(1/423)


الصحيحة. والميتة مذكورة في أول الآية، والصحيحة لا معنى لذكرها إذ لا إشكال في أمرها، فهذا دليل على صحة تأويلنا، وقولنا إن المراد بالموقوذة وأخواتها ما صار إلى هذا الحد وفي ذلك اختلاف سنذكره.

فصل وقد اختلف في قول الله عز وجل في هذه الآية: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ، هل هو استثناء متصل أو من فصل. والاستثناء المتصل هو ما يخرج عن الجملة بعض ما يتناوله اللفظ، مثل قول القائل رأيت بني فلان إلا عمرا منه. وقَوْله تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] ، وهو كثير. والاستثناء المنفصل هو ما لا يخرج من الجملة المتقدمة شيئا مما يتناوله اللفظ، مثل قول القائل أطعمت القوم إلا دوابهم. قال النابغة:
وما بالربع من أحد إلا الأراوي
والأراوي ليست من الآحاد. ومنه قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً} [النساء: 92] ؛ لأن الخطأ لا يصح أن يقال فيه إن له أن يفعله. وقَوْله تَعَالَى: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2] {إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: 3] ، ويقدر هذا الاستثناء بلكن كأنه قال: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى لكن تذكرة لمن يخشى.

فصل فمن ذهب إلى أن الاستثناء في قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ، هو من الاستثناء المتصل أجاز ذكاة المنخنقة وأخواتها وإن صارت البهيمة مما أصابها من ذلك إلى حال اليأس ما لم ينفذ ذلك مقتلا، وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة والعتبية، وإحدى روايتي أشهب عنه في العتبية أيضا. ومن ذهب إلى أنه استثناء من فصل لم يجز ذكاتها إذا صارت في حال اليأس مما أصابها من ذلك وإن لم ينفذ منها مقتلا، وقال: معنى الكلام: لكن ما ذكيتم من غير هذه

(1/424)


الأصناف، وهو قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في رواية أشهب عنه، وقول ابن الماجشون وابن عبد الحكم وروايته عن مالك. وأما إذا أنفذ مقاتلها ما أصابها من ذلك فلا تذكى ولا تؤكل باتفاق في المذهب؛ لأنها بسبيل الميتة، وإن تحركت بعد ذلك فإنما هي بسبيل الذبيحة التي تتحرك بعد الذبح. وقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في كتاب الديات في الذي ينفذ مقاتل رجل ثم يجهز عليه آخر أنه يقتل به ويعاقب الأول. فعلى هذه الرواية يلزم أن يجيز ذكاة هذه الأصناف بعد إنفاذ المقاتل من جعل الاستثناء متصلا، إلا أنها رواية ضعيفة. والصواب رواية يحيى وسحنون أن الأول هو الذي يقتل به ويعاقب الثاني. وقد روي عن علي بن أبي طالب أن الذكاة تصح فيها ما بقيت فيها حياة بتحريك يد أو رجل ظاهرة وإن كانت منفوذة المقاتل، وهو قول ابن عباس. روي عنه أنه سئل عن ذئب عدا على شاة فشق بطنها حتى انتثر قصبها فأدركت ذكاتها فقال: كل، وما انتثر من قصبها فلا تأكل.

فصل والمقاتل المتفق عليها خمسة: انقطاع النخاع وهو المخ الذي في عظام الرقبة والصلب، وقطع الأوداج، وخرق المصير، وانتثار الحشوة، وانتثار الدماغ وهو المخ. ومعنى قولهم في خرق المصير: إنه مقتل إنما ذلك إذا خرق أعلاه في مجرى الطعام والشراب قبل أن يتغير ويصير إلى حال الرجيع. وأما إذا خرق أسفله حيث يكون الرجيع فليس بمقتل. وإنما قلنا ذلك؛ لأنا وجدنا كثيرا من الحيوان ومن بني آدم يجرح فيخرق مصيره في مجرى الرجيع فيخرج الرجيع على ذلك الجرح ويعيش مع ذلك زمانا وهو متصرف يقبل ويدبر. ولو خرق في مجرى الطعام والشراب لما عاش إلا ساعة من نهار. ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لما طعن فسقي اللبن فخرج من الجرح علم أنه قد أنفذت مقاتله فقال له من حضره أوص يا أمير المؤمنين. وقد كان الشيوخ يختلفون عندنا في البهيمة تذبح وهي صحيحة في ظاهرها فيوجد كرشها مثقوبا. ولقد أخبرني بعض من أثق به أنها

(1/425)


نزلت برجل من الجزارين في ثور فرفع الأمر إلى صاحب الأحكام ابن مكي فشاور في ذلك الفقهاء فأفتى الفقيه ابن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن أكلها جائز وأن للجزار أن يبيعها إذا بين ذلك. وأفتى ابن حمدين أن أكلها لا يجوز وأمر أن تطرح في الوادي. فرأى ابن مكي أن يأخذ بقول ابن حمدين وأمر أن تطرح في الوادي، فأخذها الأعوان ليذهبوا بها إلى الوادي، فسمعت العامة والضعفاء أن الفقيه ابن رزق أجاز أكلها فتألبوا على الأعوان وأخذوها من أيديهم وتوزعوها فيما بينهم ونهبوها وذهبوا بها لمكانة الفقيه ابن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ - في نفوسهم من العلم والمعرفة. والذي أفتى به هو الصواب عندي لما قدمته من الموجود المعلوم بالاعتبار، والتوفيق بيد الله. واختلف في اندقاق العنق من غير أن ينقطع النخاع، فروى ابن القاسم عن مالك رحمهما الله تعالى أنه ليس بمقتل، وروى ابن الماجشون ومطرف عن مالك أنه مقتل. وفي انشقاق الأوداج من غير قطع فقال ابن عبد الحكم: ليس مقتلا، وقال أشهب وغيره من أصحاب مالك: هو مقتل. وأما إذا لم ينفذ ما أصابها من ذلك لها مقتلا ورجيت حياتها فلا اختلاف أنها تذكى وتؤكل إذا علم أنها كانت حية حين الذكاة بوجود علامات الحياة بها، وهي خمسة: سيلان الدم، وطرفة العين، وركض الرجل، وتحريك الذنب، واستفاضة نفسها في حلقها. وهذه العلامات الخمس راجعة إلى اثنتين، وهي سيلان الدم، وتحرك الذبيحة، أو ما يقوم مقام التحرك من استفاضة نفسها في حلقها الذي يعلم أنه لا يكون إلا مع الحياة.

فصل فإن وجدت العلامتان جميعا في المكسورة التي لم ينفذ مقاتلها الكسر وهي مرجوة الحياة عند ذكاتها فإنها تؤكل باتفاق. وإن وجد منها سيلان الدم دون التحرك أو ما يقوم مقامه لم تؤكل، وهو ظاهر قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في الموطأ، ولا اختلاف في ذلك أعلمه. وإن وجد منها التحرك أو ما يقوم مقامه من استفاضة نفسها بدون سيلان الدم جرى ذلك على الاختلاف في التي يئس من حياتها إذا لم ينفذ ذلك لها مقتلا؛ لأن دمها إذا لم يسل حين الذبح فقد علم أنها

(1/426)


كانت لا تعيش لو تركت؛ لأن انقطاع الدم إنما يكون بانقطاع بعضها من بعض، وذلك ما لا يصح معه حياة.

فصل فالحكم في المنخنقة وأخواتها ينقسم على هذه الأقسام الثلاثة: إذا لم تنفذ مقاتلها ورجيت حياتها عملت فيها الذكاة باتفاق. وإذا أنفذت مقاتلها لم تعمل فيها الذكاة باتفاق في المذهب إلا على قياس رواية أبي زيد، وقد تقدم ذكر شذوذها. وإن لم تنفذ مقاتلها إلا أنه قد يئس من حياتها قبل، أو شك في أمرها، عملت فيها الذكاة على قول ابن القاسم ومن قال بقوله ممن يرى الاستثناء في الآية المذكورة متصلا.
فيتحصل فيها إذا يئس من حياتها أو شك في ذلك ثلاثة أقوال. أحدها: أنها تذكى وتؤكل. والثاني: أنها لا تذكى ولا تؤكل. والثالث: أنها تذكى وتؤكل إذا شك في حياتها، ولا تذكى إذا يئس من حياتها.

فصل وذهب ابن بكير إلى أن معنى ما ذكر الله في الآية في المنخنقة وأخواتها أنها هي التي ماتت من ذلك كله، وقال: إنما ذكر الله الميتة حتف أنفها والتي تموت من هذه الأسباب، فأخبر أن الجميع بمنزلة سواء في التحريم. هذا معنى قوله دون النص، وعلى هذا التأويل فالاستثناء منفصل على كل حال لا يصح غيره، وكذلك قال هو. وما ذهب إليه في ذلك بعيد؛ لأن الميتة اسم عام يدخل تحته الميتة حتف أنفها والتي تموت من هذه الأشياء، فلو كان المعنى ذلك لم يكن لذكر المنخنقة وأخواتها في الآية معنى. وله على بعده وجه، وهو أن الله تعالى أعلم أن التي تموت من هذه الأشياء كالتي تموت حتف أنفها سواء في التحريم. وإنما الصحيح في معنى الآية ما قدمته أولا من أن المنخنقة وأخواتها التي ذكر الله في الآية هي

(1/427)


التي صارت مما أصابها في حال اليأس منها دون أن ينفذ لها ذلك مقتلا، فيحتمل أن يرجع الاستثناء عليها وأن لا يرجع على ما قدمناه من الاختلاف في ذلك.

فصل وأما المريضة فلا خلاف بين أصحابنا أن الذكاة عاملة فيها وإن يئس منها إذا وجدت علامات الحياة فيها حين الذكاة، وهي الحركة أو ما يقوم مقام الحركة من استفاضة نفسها في حلقها وسيلان الدم على ما قدمناه. فإن تحركت ولم يسل دمها فإنها تؤكل، وقد نص على ذلك ابن القاسم في سماع أبي زيد، وقاله ابن كنانة. وإن سال دمها ولم تتحرك لم تؤكل؛ لأن الحركة في معرفة الحياة أقوى من سيلان الدم.

فصل وأما الصحيحة التي لا مرض بها ولا كسر فتؤكل إذا سال دمها عند الذبح وإن لم تتحرك؛ لأن الحياة فيها معلومة لصحتها، فالحركة أو ما يقوم مقامها من استفاضة نفسها في حلقها دليل على الحياة في كل موضع، وسيلان الدم دون الحركة دليل على الحياة في الصحيحة خاصة.
واختلف في وقت مراعاة هذه الحركة على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها لا تراعى إلا أن توجد بعد الذبح. والثاني: أنها تراعى وإن وجدت في حال الذبح. والثالث: أنها تراعى وإن وجدت قبل الذبح.

فصل فإنما أباح الله لنا ما أباح لنا من حيوان البر بالذكاة. والذكاة تنقسم على ثلاثة أقسام: ذبح، ونحر، وقتل على صفة ما. فأما النحر والذبح ففي ما له دم سائل من المملوك المأسور. والقتل فيما كان ممتنعا بنفسه من الصيد وفيما ليس له دم سائل من الحيوان على ما أحكمته السنة في ذلك، وقد تقدم حكمه في كتاب الصيد.

(1/428)


فصل وما يذكى ينقسم على أربعة أقسام: قسم ينحر ولا يذبح وهي الإبل بجميع أصنافها. وقسم يذبح وينحر وهي البقر وما جرى مجراها. وقسم يذبح ولا ينحر وهو ما سوى الإبل والبقر مما له دم سائل. وقسم تصح ذكاته بغير الذبح والنحر وهو الصيد في حال الاصطياد، وما ليس له دم سائل.

فصل وقد اختلف فيمن ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح من غير ضرورة. قال مالك في كتاب ابن المواز: لا يؤكل كان ساهيا أو متعمدا، وهو ظاهر ما في المدونة. وقال أشهب: يؤكل كان ساهيا أو متعمدا، وهو ظاهر قول عبد العزيز بن أبي سلمة في العتبية. وقيل: يكره أكله. وقال ابن بكير: إن ذبح البعير أكل، وإن نحرت الشاة لم تؤكل، وتذبح النعامة ولا تنحر، قاله ابن القاسم. وقيل في الفيل: إنه ينحر. ووجه ذلك أنه لا عنق له يذبح فيه. ووجه قول ابن القاسم في النعامة وإن أشبهت البعير في طول العنق أنه لا لبة لها تنحر فيها.

فصل وفرائض الذكاة بالذبح خمسة: النية وهي القصد إلى الذكاة، وقطع الودجين والحلقوم، والفور. فأما النية فهي فرض بإجماع. وأما قطع الودجين والحلقوم فإن ذلك فرض عند مالك وأصحابه. فإن قطع الحلقوم ولم يقطع الودجين أو قطع الودجين ولم يقطع الحلقوم أو قطع الودج والحلقوم ولم يقطع الودج الآخر لم تؤكل الذبيحة خلافا للشافعي وأبي حنيفة في قولهما رحمهما الله تعالى إن الذكاة في أربع: الحلقوم والمريء والودجين، فإن أنفذ منها ثلاثا وبقي واحد أكلت الذبيحة. واستيعاب قطع الحلقوم فرض على أصل مذهب مالك. وروي عن ابن القاسم وابن كنانة في المدونة، وهو قول ابن حبيب، أنه إن قطع نصفه أو أكثره أجزأه، وقال سحنون: لا يجزئه إلا أن يقطعه كله. ومن ذلك اختلافهم في الغلصمة إذا لم تكن في الرأس فالمشهور في المذهب أنها لا تؤكل، حكى ذلك يحيى بن عمر عن

(1/429)


مالك، وقاله ابن القاسم وأصبغ وعيسى بن دينار. واختلف فيه قول أشهب وابن عبد الحكم وابنه محمد وسحنون، وقال ابن وهب: لا بأس بها. وإن قطع بعض الغلصمة فقد قال محمد بن عبد الحكم على قياس الرواية بالمنع إن صار منها في الرأس حلقة مستديرة كالخاتم أكلت وإلا لم تؤكل.

فصل وأما إن رفع يده قبل إكمال الذكاة ثم ردها، فقال ابن حبيب: تؤكل الذبيحة إن كان ذلك بالقرب، واختلف فيه قول سحنون، فمرة قال: لا تؤكل وإن رد يده بقرب ذلك، ومرة كرهها. وقد تأول على سحنون أنه إن رفع يده كالمختبر ثم ردها بالقرب أكلت، وإن رفع يده وهو يرى أن الذكاة قد أكملها لم تؤكل وإن رد يده بالقرب، وقد قال بعض القرويين في ذلك بالعكس قياسا على من سلم من ركعتين شاكا أو على يقين أنه قد أكمل الصلاة، واستحسن ذلك أبو الحسن القابسي.

فصل ومن سنن الذبيحة التسمية، وأن لا تنخع الذبيحة حتى تزهق نفسها، وأن توجه للقبلة وتضجع على شقها الأيسر، وأن يرفق بها في ذلك كله. وسيأتي حكم من ترك شيئا من ذلك كله في موضعه إن شاء الله. والاختيار أن تذبح بالحديد. قال الله عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] ، فإن لم يجد الحديد فما ذبح به أجزأه إذا قطع وأنهر الدم إلا السن والظفر. فقد اختلف في الذبح بهما، فقيل ذلك جائز، وقيل لا يجوز. وفرق ابن حبيب بين أن يكونا مركبين أو غير مركبين. وقيل: إنه يجوز بالظفر ولا يجوز بالسن. والقولان الأولان مرويان عن مالك، وبالله التوفيق والله سبحانه وتعالى أعلم.

(1/430)