المقدمات
الممهدات [كتاب الضحايا] [فصل
في سبب شرع الضحايا]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كتاب
الضحايا فصل
في سبب شرع الضحايا أصل ما شرع الله الضحايا لعباده ما حكاه في محكم كتابه
من قصة خليله إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وما ابتلاه به من ذبح ابنه
ثم فداه بذبح عظيم. قال الله تبارك وتعالى في كتابه حاكيا عن إبراهيم -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ
الصَّالِحِينَ} [الصافات: 100] أي ولدا صالحا قال الله تبارك وتعالى:
{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ
السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] . روي
أن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما بشرته الملائكة
بابنه إسحاق نذر لله تعالى أن يجعله ذبيحا إذا ولدته سارة، فلما ولدته وبلغ
معه السعي أي معونته على العمل قيل له في المنام: أوف لله بنذرك فرؤيا
الأنبياء وحي. فقال لابنه إسحاق: يا بني اذهب بنا نقرب إلى الله قربانا،
وأخذ سكينا وحبلا ثم انطلقا، فلما سارا بين الجبال التفت إسحاق وقال يا أبت
أين قربانك؟ {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] . فقال
له يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها شيء
من دمي فتراه سارة فتحزن لذلك، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت
علي، فإذا أتيت سارة أمي فاقرأ
(1/431)
- عَلَيْهَا السَّلَامُ - مني. فأقبل عليه
أبوه إبراهيم يقبله وقد ربطه وهو يبكي وإسحاق يبكي حتى استنقعت الدموع تحت
خد إسحاق ثم إنه جر السكين على حلقه فلم تجر، وطوقه الله صفيحة من نحاس على
حلق إسحاق، فلما رأى ذلك خشي أن يكون من الشيطان وصوب به وجهه وجر السكين
في قفاه فلم تجر، فذلك قوله عز وجل: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ
لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] وناداه الله عز وجل، أن يا إبراهيم قد صدقت
الرؤيا التفت، فالتفت فإذا هو بكبش أبيض أقرن أعين، فأخذ الكبش وحل ابنه
وأقبل عليه يقبله ويقول اليوم وهبت لي يا بني. وروي أنه أرسل ابنه ثم اتبع
الكبش ليأخذه فأحرجه عند الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلت عندها، فجاء
الجمرة الوسطى فأحرجه عندها فرماه بسبع حصيات، فأفلت فجاء الجمرة الكبرى
جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات وأحرجه عندها وأخذه فجاء به المنحر فذبحه.
روي ذلك عن ابن عباس وأنه قال: والذي نفس ابن عباس بيده لقد كان أول
الإسلام وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه عند ميزاب الكعبة، فكان ذلك سبب ما
شرعه الله تعالى من رمي الجمار بمنى، والنحر في أيام النحر؛ لأن الله تبارك
وتعالى أمر النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أن يتبع ملة
إبراهيم فقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123] وقال
تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] أي الزموا ملة أبيكم
إبراهيم. وقال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ
الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68] وقد استدل برواية ابن عباس هذه من ذهب إلى
أن الذبيح إسماعيل وبقول الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم:
{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112]
يقول بشرناه بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب يقول بابن وابن ابن فلم يكن
ليأمره
(1/432)
بذبحه وله من الله هذا الوعد. وقال أبو
جعفر الطبري: والذي ذهب إليه أكثر أهل العلم بالتأويل أن الذبيح هو إسحاق،
وهو الأظهر؛ لأن الذبيح إذا كان هو الغلام الحليم الذي بشره الله به
لمسألته إياه أن يهب له من الصالحين بنص الكتاب فهو إسحاق، والله أعلم؛
لأنه لم يكن له ولد إلا من الصالحين، فيبعد أن يسأل الله أن يهبه ما قد
وهبه إياه. وقد بين في كتابه أن الذي بشر به إسحاق فهو الذبيح والله أعلم.
وقد روي أن إبراهيم إنما أمر بذبح ابنه إسحاق بالشام وبها أراد ذبحه. وغير
مستحيل أن يكون حمل رأس الكبش من الشام إلى مكة. ولا حجة لمن ذهب إلى أن
الذبيح إسماعيل في قوله: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا} [الصافات:
112] عقب الفراغ من قصة الذبيح؛ لأنه إنما بشر بنبوته جزاء على صبره ورضاه
بأمر ربه واستسلامه له. وكذلك لا حجة في وعد الله له أن يكون له ولد من
إسحاق؛ لأنه إنما أمر بذبحه بعد أن بلغ معه السعي وتلك حال لا ينكر أن يكون
له فيها أولاد فكيف بولد والله أعلم. وقال المفضل: الصحيح الذي يدل عليه
القرآن أنه إسماعيل، وذلك أنه قص قصة الذبيح وقال في آخر القصة:
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] ثم قال: {سَلامٌ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 109] {كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات:
110] {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 111]
{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: 112]
{وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ} [الصافات: 113] أي: على إسماعيل {وَعَلَى
إِسْحَاقَ} [الصافات: 113] كنى عنه؛ لأنه قد تقدم ذكره. ثم قال: {وَمِنْ
ذُرِّيَّتِهِمَا} [الصافات: 113] فدل على أنهما ذرية إسماعيل وإسحاق. وليس
يختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -
بثلاث عشرة سنة. وأيضا قد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - أن أعرابيا قال له يا ابن الذبيحين يعني إسماعيل - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - وأباه عبد الله؛ لأن عبد المطلب كان نذر إن بلغ ولده عشرة أن
ينحر منهم واحدا، فلما كملوا عشرة أتى بهم البيت وضرب عليهم بالقداح على أن
يذبح من خرج قدحه، وقد كتب اسم كل واحد في قدح، وخرج قدح عبد الله، ففداه
بعشرة من الإبل، ثم ضرب عليه وعلى الإبل فخرج قدحه، ففداه بعشرة إلى أن تمت
مائة فخرج القدح على الجزر فنحرها، وسن الدية مائة. قال ابن إسحاق وأما من
قال: إنه إسحاق فقال كانت في إسحاق بشارتان: الأولى قوله:
(1/433)
{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}
[الصافات: 101] ولما استسلم للذبح واستسلم إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
لذبحه بشر به نبيا من الصالحين.
قلت: والذي ذهب إليه المفضل من أنه إسماعيل هو الأظهر. وقد اختلف في ذلك
اختلافا كثيرا والله أعلم. وما استدل به أبو جعفر الطبري لما ذهب إليه من
أنه إسحاق - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لأنه يبعد أن يسأل إبراهيم ربه هبة ما
قد وهبه إياه إنما يستقيم على أن إسحاق أكبر من إسماعيل، فإن كان إسماعيل
أكبر من إسحاق على ما ذكره المفضل من أنه لم يختلف في ذلك الرواة فما استدل
به حجة للمفضل في أن الذبيح إسماعيل والله أعلم.
فصل وروي أن هذا الكبش الذي فدي به ابن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - من الذبح هو القربان الذي أخبر الله أنه تقبله من أحد ابني آدم
حيث يقول: {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ}
[المائدة: 27] فذلك أن ابني آدم لما أمرا بالقربان كان أحدهما صاحب غنم
وكان نتج له حمل في غنمه فأحبه حتى كان يؤثره بالليل وكان يحمله على ظهره
حتى لم يكن له مال أحب إليه منه. فلما أمر بالقربان قربه لله فقبله الله
منه فما زال يرتع في الجنة حتى فدي به ابن إبراهيم - والله أعلم.
فصل فالضحية سنة من سنن الإسلام وشرع من شرائعه. قال رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت بالنحر وهو لكم سنة» وأما قول الله عز
وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قيل: معناه فصل لربك وانحر
لربك، فتكون الآية على هذا عامة في الهدايا والضحايا. وقيل: يعني به صلاة
الصبح بالمشعر الحرام ثم النحر بعدها
(1/434)
بمنى. وقيل: يعني به صلاة العيد ثم النحر
بعدها، وأن الآية نزلت بالمدينة. وأما الحج فلا صلاة عيد فيه. وقيل: يعني
به وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة عند النحر وهو الصدر. وقيل: يعني
به استقبال القبلة في الصلاة لوجهك ونحرك أي صدرك، والله أعلم. وقال ابن
حبيب: إنها من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها خطيئة، وأنها أفضل من
الصدقة وإن عظمت، وأفضل من العتق. ونحوه في المدونة فيمن اشترى أضحية ولم
يضح بها حتى مضت أيام النحر أنه آثم، فعلى هذا هي واجبة.
وتحصيل مذهب مالك أنها من السنن التي يؤمر الناس بها ويندبون إليها ولا
يرخص لهم في تركها، فقد قال: وإن كان الرجل فقيرا لا شيء له إلا ثمن الشاة
فليضح، وإن لم يجد فليستسلف. وقد روي عنه - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن الضحية
أفضل من الصدقة، وروي عنه أن الصدقة أفضل من الضحية. فعلى هذا لم يرها
واجبة ولا يأثم بتركها وإن كان موسرا ما لم يتركها رغبة عن إتيان السنن.
فصل وفي الضحايا فضل كثير. قال الله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا
لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] يعني ذخر
الثواب. وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من نفقة
بعد صلة الرحم أعظم أجرا عند الله من إراقة الدماء» . وروي عنه - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «ما عمل آدمي يوم النحر من عمل أحب
إلى الله من إراقة دم وإنه ليأتي يوم القيامة في قرنه بقرونها وأظلافها
وأشعارها وإن دمها ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسا»
فقوله: في قرنه يريد في كتاب حسناته. وقوله: بقرونها وأظلافها وأشعارها
يريد أن شيئا منها لا يضيع له وأنه يجده ويجازى عليه، فلذلك يستحب عظم
الضحية وكمال شعرها وكمال خلقها. والآثار في هذا كثيرة.
(1/435)
فصل وأفضل الضحايا الكبش الفحل الأبيض
الأقرن الأعين الذي يمشي في سواد وينظر بسواد ويأكل بسواد، وقد روي أن هذه
كانت صفة الكبش الذي فدي به ابن إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - من الذبح. وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أنه قال: «لدم عفراء أفضل عند الله من دم سوداوين» .
فصل وفحول الضأن في الضحايا أفضل من خصيانها، وخصيانها أفضل من إناثها،
وإناثها أفضل من فحول المعز، وفحول المعز أفضل من خصيانها، وخصيانها أفضل
من إناثها، وإناثها أفضل من الإبل والبقر، وذكور الإبل أفضل من إناثها
وإناثها أفضل من ذكور البقر، وذكورها أفضل من إناثها، قاله ابن شعبان. وقال
عبد الوهاب: أفضلها الغنم، ثم البقر، ثم الإبل، وهو الصواب؛ لأن المراعاة
في [سنة] الضحايا طيب اللحم ورطوبته؛ لأنه يختص بها أهل البيت دون الفقراء،
بخلاف الهدايا. والدليل على ذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إنما ضحى بالغنم، ولو كانت الإبل في الضحايا أفضل لضحى بها.
ومما يدل أيضا على أنها أفضل من الإبل في الضحايا أن الله تبارك وتعالى
إنما فدى ابن إبراهيم من الذبح بكبش، وقال في كتابه: {وَفَدَيْنَاهُ
بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] وروى أن الله أنزله من الجنة وأنه كان
رعى فيها خمسين خريفا. وأما الهدايا فالإبل أفضل ثم البقر ثم الضأن. وذهب
الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلى أن الإبل في الضحايا أفضل من الغنم،
واحتج على ذلك بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من
اغتسل وراح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» الحديث. والضحايا قربان.
وهذا لا حجة فيه؛ لأنه إنما أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الهدايا. وقد روي ذلك في
(1/436)
غير حديث الموطأ «من راح في الساعة الأولى
فكأنما أهدى بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما أهدى بقرة» .
فصل والضحية واجبة على المقيم والمسافر والذكر والأنثى والصغير والكبير.
وقد قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يضحي الوصي عن اليتيم من ماله، ويلزم
الأب أن يضحي عن بنيه الذكور والإناث ما كانت نفقتهم له لازمة، الذكور حتى
يحتلموا، والإناث حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن. ولا يلزمه أن يضحي عن
امرأته ولا عن أم ولده، ولا يلزم أم الولد أن تضحي عن نفسها، وكذلك من فيه
بقية رق لا تلزمه الضحية. والاختيار عند مالك أن يضحى عن كل نفس بشاة، فإن
ضحى بشاة واحدة عن جميع أهل البيت أجزأهم.
فصل وأيام النحر ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده، وهي الأيام المعلومات التي
ذكر الله في كتابه فقال: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28]
يضحي فيها من طلوع الفجر إلى غروب الشمس إلا في اليوم الأول فلا يضحي فيه
إلا بعد صلاة العيد ونحر الإمام. ويستحب في اليوم الثاني والثالث ألا يضحي
إلا ضحوة بعد طلوع الشمس، فإن ضحى قبل ذلك بعد طلوع الفجر أجزأه. ويستحب
أيضا لمن لم يضح في اليوم الثاني من أيام الذبح حتى زالت الشمس أن يؤخر
الذبح إلى ضحى اليوم الثالث فإنه أفضل. وأما من لم يضح في يوم النحر حتى
زالت الشمس فقيل: إن الأفضل أن يضحي في بقية ذلك النهار، وقيل: الأفضل أن
يؤخر إلى ضحى اليوم الثاني. وأما اليوم الثالث فيضحي بعد الزوال من فاته أن
يضحي قبله؛ لأنه ليس ثم وقت ينتظره.
فصل والضحية لا تجب إلا بالذبح خلاف الهدي الذي يجب بالتقليد والإشعار.
(1/437)
فقد روى ابن القاسم عن مالك رحمهما الله
تعالى في سماعه من كتاب الضحايا من العتبية ما يدل على أنها تجب بالتسمية
قبل الذبح، فقال: لا تجز الضحية بعد أن تسمى، فإن فعل انتفع بصوفها ولم
يبعه، وقال سحنون وأشهب: لا بأس ببيعه إذا جزه قبل الذبح، وخفف ذلك أصبغ،
وهو الذي يأتي على أنها إنما تجب بالذبح وهو المشهور في المذهب، وبالله
سبحانه وتعالى التوفيق.
(1/438)
|