النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات صفحة بيضاء
(3/174)
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد
وآله وصحبه
الجزء الثالث من كتاب الجهاد
فيما تغنمه السرية تتقدم أو تتآخر عن العسكر أو تضل
وهل تدخل إحدى السريتين فى غنيمة الآخرى؟
وفى الجيش يغنم بعد انصراف طائفة منه
من كتاب ابن المواز ومن قول مالك: أنه إذا بعث أمير الجيش سرية من بلد
الإسلام تتقدمه ليتبعها فغنمت قبل خروجه، ثم لحقها بموضع غنمت فلا شىء له
ولا لمن معه فيما غنمت. قال مالك: وكل سرية خرجت من عسكر قد فصل عن بلد
الإسلام للغزو فما غنمت بينهم وبين جميع الجيش. ولو آخرجها من بلد الإسلام
فما غنموا فلهم خاصةً. قال ابن المواز: ولو آخرجها من بلد الإسلام ثم
أتبعها ببقية عسكره فغنمت وقفلت فلقيها الوالى بعسكره راجعةً فاختلف فيه:
فقال عبد الملك: الغنيمة بينهم كلهم غنموا قبل خروج الثانية أو بعده، وقال
أشهب: إن غنمت قبل فصول أصحابهم من أرض الإسلام فالغنيمة للسرية الأولى،
وإن فصلت الثانية قبل الغنيمة فهم معهم شركاء وإن لم يلحقوهم إلا قافلين.
قال ابن المواز: وهذا أحب إلينا.
[3/ 175]
(3/175)
ولو أن العسكر غنموا غنائم فقسموا غنائمهم
فأسرعت طائفة بالرجوع فلقيهم العدو فى ابطريق فقتلوهم وأخذو ما معهم، ثم إن
المتخلفة لقوا سريةً آخرى للروم فقتلوا منهم وغنموا وهم بأرض الحرب أو بعد
خروجهم منها فلا تدخل المسترعة فى هذه الغنيمة من بقى منهم ولا من قفل. ولو
أن المتخلفة إنما لقيت سرية الروم الذين قتلوا أصحابهم فظفروا بهم
واستنقذوهم ما أخذوا لأصحابهم من ما كان لهم من غنيمة أو غيرها فأنهم يردون
كل ما كان للمسترعة من غنائم وغيرها على من بقى وعلى ورثة من مات، ويكون ما
غنم (المتخلفة من سوى ذلك بينهم وبين أحياء المتسرعة، كانوا فى الأسر
والحديد أو مطلقين. وكذلك للمرضى منهم والزمنى، ولا شىء لمن مات منهم قبل
ذلك.
قال عبد الملك وإذا بعث الوالى سريةً من ثغر المسلمين ثم أردفها بآخرى
ردءاً لها: أنها تشارك الأولى فيما غنمت وإن غنمت قبل بعث الثانية، وكذلك
غنمت الثانية دون الأولى، ود التقيا أو لم يلتقيا، فإن الأولى تشارك
الثانية فيما أصابت، وهما كسرية واحدة، ولأنها من ماحوز واحد، علمت الأولى
بالثانية أو لم تعلم.
وهذا فى كتاب ابن سحنون عن عبد الملك. وقال سحنون: هذا قولنا إلا قوله:
فيما غنمت الأولى قبل خروج الثانية، فلا تدخل عندى الثانية فيه إذا كانت
الأولى قويةً مستغنيةً عن غيرها، يريد فى رجوعها. قال عبد الملك: ولو لم
تبعث الثانية إلى الأولى لكن الجيش آخر فلا تدخل إحداهما على الآخرى إلا أن
تجتمعا على حرب واحد. قال: وإن لم تكن بعثت إليها إلا أن الثانية لم تغنم،
وغنمت الأولى أو غنمت الثانية دون الأولى، ثم إن الروم اجتمعوا عليهم
فلقيتهم
[3/ 176]
(3/176)
الطائفتان جميعاً حتى كانت النجاة
باجتماعهما، قال: فالطائفتان شريكتان فيما كانت غنمته إحداهما.
قلت: فما تقول فى قول عبد الملك؟ قال: إما إن بعث الثانية قبل أن تحرز
الأولى غنائمها فالثانية شريكتها إن كان بعثها إليها. وكذلك غن أصابت
الثانية ولم تصب الأولى. ولو كان بعثه الثانية إلى جهة آخرى فلا شركة
لإحداهما مع الآخرى. ولو اجتمع الطائفتان فى حرب واحد فكانت سلأمة الغنيمة
التى غنمها الأولون قبل اجتماعهما بالثانية فالغنيمة للأولين. وكذلك لو
تخلصها الروم من الأولين فلما اجتمعا استنفذتا ذلك من أيدى العدو فذلك رد
إلى الأولين. وكذلك لو استنفذتها الثانية وحدها لردت إلى الأولين كمال مسلم
وجد فى المغنم.
قال ابن سحنون قال سحنون: وقال بعض أصحابنا، وأنا أقوله، وإ، دخل الجيش أرض
الحرب فمات أميرهم قبل القتال فافترقوا طائفتين وأمرت كل طائفة أميراً
وانحازت كل طائفة على حدة فقاتلت وغنمت كل طائفة بين الطائفتين لأنهم على
أصل ما دخلوا عليه وكل طائفة قوة للآخرى. قال محمد: إلا أن تتباعد كل طائفة
عن الآخرى بعداً لا يمكنها المعونة والغياث لها فها هنا لا تدخل واحدة فيما
غنمت الآخرى إذا لم يجتمعا إلا بدار الإسلام. فإما إن اجتمعا بدار الحرب
فليرجعا على أمرهما هذا قياس قول سحنون.
وعن سرية دخلت أرض العدو فغنمت غنيمةً فلم تقسم حتى غلب على ذلك العدو
فأخذوه، ثم جاءت سرية آخرى فإنتزعوا ذلك من أيدى العدو، فهو للثانية دون
الأولى. وقيل: إن أحق به كما لو قسموه لأنهم ملكوه، وهذا هو أحب إلى. وإما
لو اقتسمه الأولون ثم كان ما ذكرنا فالأولون أحق به بكل حال ما لم يقع فى
المقاسم.
[3/ 177]
(3/177)
قال سحنون: وإن بعث الإمام سريتين فنفل
إحداهما الربع قبل الخمس ولم ينفل الآخرى شيئاً، فحاصرا حصناً ففتحوه
فليقسم ذلك على رؤوس الرجال. فإن كان عدد التى نفل مائتن وعدد الآخرى مائة
فتأخذ المنفولة) نفلها من ثلثين وهو الربع قبل الخمس، ثم ضم ما بقى من جميع
الغنيمة فخمس وقسم ما بقى بين أهل العسكر والسريتين على سهأم الغنيمة. وإن
لم يكن غير السريتين قسم ما بقى على الغنيمة. وإذا دخل جيش أرض العدو ثم
دخل قوم متطوعون بغير إذن الإمام فلهم حكم الجيش فيما غنم كل فريق. ولو سبق
المتطوعون الجيش كان ذلك سواءً، وقد أخطأوا فى خروجهم بغير إذن الإمام إذا
كان الإمام غير مضيع.
ولو خرج عسكر بوال إلى أرض الحرب فغنموا ثم خرج عسكر آخر بإمام إلى جهة
آخرى ثم اجتمع العسكران، وقال فى موضع آخر فى الجيش يغنم ثم يلحقهم جيش آخر
قبل يخرجوا إلى بلد الإسلام ثم اجتمعا بأرض الحرب، قال فى الموضعين ثم
خرجوا، فإن كان الأولون فى خوف فاجتمع العسكران للمعونة على السلام ة
والخلاص بأنفسهم وما معهم فما غنمن كل جيش (فبينهما. وكذلك لو لم يغنم إلا
أحدهما فهو بينهما. ولو كان كل جيش) فى قوة لا يحتاج إلى معونة الآخر لم
يدخل كل جيش فيما غنم الآخر. وإذا بعث الإمام من العسكر سرية ثم غنم العسكر
بعدهم، فكل ما غنم وغنمت سراياه بين الجميع، يدخل بعضهم فيما غنم بعض.
وإذا أسر رجل ثم غنموا بعده ثم انفلت فجاءهم فما غنموا فى القتال الذى أسر
فيه أو بسبب ذلك اللقاء فله فيه سهمه رجع أو لم يرجع، وما غنموا فى قتال
مؤتنف فلا شىء له فيه إلاأن يأتى فيدخل فيما غنموا بعد مجيئه. وكذلك الأسير
غنموا بعد مجيئه إليهم، وقاله معن عن مالك.
[3/ 178]
(3/178)
فى سهمان الخيل فى بلد الإسلام إذا أتى
العدو إلى مدائنهم وحصونهم
وكيف إن قاتلهم بعضهم أو أتبعوهم فى بر أو بحر
ولمن تكون الغنيمة منهم
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: إذا أتى العدو بلد الإسلام فظفرنا بهم
فالغنيمة لمن شهد الوقعة حسب ما حضر من فارس أو راجل. ومن فخرج الناس من
المدينة فعسكروا دونهم فرساناً ورجالةً، ثم خرجوا من العسكر رجالةً فظفروا
بالعدو وغنموا، فلكل من خلف فرسه فى العسكر سهم فارس.
ولو أتبعهم الخارجون رجالةً حتى أبعدوا ثم غنموا، فإن كانت خيلهم منهم
بموضع يمكنهم المعونة بها لو احتاجوا وأرسلوا فيها لقرب المكان فللخيل
سهمانها فى قياس قول سحنون. وإن كانوا ببعد ولا يمكنهم عون أهل العسكر (لو
أرادوا فليسهم للخارجين على أنهم رجالة ولا شىء لأهل العسكر) فيها إلا أن
يكون الإمام حبسهم بالمكان خوفاً لما لا يأمن من رجعة العدو فيحولوا بينهم
وبين المدينة، فلأهل العسكر مشاركتهم وإن بعدوا. وكذلك لو طلبهم القوم على
إلابل والبغال والحمير وتركواخيلهم فإنتهوا مسيرة يوم ويومين أو أكثر
فليضرب لهم بسهم الرجالة.
وإذا خرج من المدينة مدد فأدركهم فى القتال قبل الغنيمة شاركوهم فيما
يغنمون، قاتلوا أو لم يقاتلوا. وكذلك لوأتوهم قبل القتال أو نزلوا قريباً
منهم بحيث يقرون على عونهم ويكونون ردءاً لهم. فإن أتوهم بعد القتال
والغنيمة فلا شىء لهم إلا فيما يستقبل. ولو عأودهم العدو فى غد فهزموا
المسلمين وألجأوهم إلى خندقهم فمنعهم هؤلاء المدد حتى أنهزم الكفار لم
يدخلوا فى الغنيمة الأولى، ولهم من ما غنم فى هذا القتال دون ما غنم فى
الأول فى قول سحنون وغيره.
[3/ 179]
(3/179)
ولو استنقذ العدو منهم الغنيمة الأولى
فخلصها منهم المدد فى هذا القتال فليردوا الغنيمة الأولى إلى أهلها لأن هذا
فى دار الإسلام، فتفرقهم يوجبها لهم دون من أمدهم بعد ذلك، وليس كالذى يكون
فى دار الحرب من سرية بعد آخرى وقد تقدم ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا قدم العدو بلد الإسلام فقتلوا وأسروا وغنموا (ثم
خرج المسلمون فى أثارهم فلحقوهم فى دار الإسلام منهم من ما غنموا فهو لأهله
إن عرف أنه لمسلم أو ذمى إن قأمت عليه بينة. قال ولو غنم المسلمون منهم
شيئاً فى المدينة فهو بين أهلها ممن قاتل أو لم يقاتل وفيه الخمس. وإما لو
خرجوا فمن خرج فى أثارهم خاصةً أحق بما غنموا من أهل المدينة وفيه الخمس.
وكل من قتله العدو فى المدينة من نيام أو غير نيام أو فى الأزقة فليدفنوا
بدمائهم، قاله ابن القاسم، كما لو قتلوهم على غفلة فى أسواقهم. ولو خرج
الناس فى أثرهم رعإلا بعضهم بعد بعض، فقاتلتهم أول رعلة وغنمت قبل تلحقها
الآخرى فذلك كله بين كل من نفر أو برز ممن باشر القتال أو لم يدرك إذا علم
أن الغنيمة كانت بعد خروجهم من المدينة. ومن خرج من المدينة بعد الغنيمة
فلا شىء له، هذا قول أشهب.
وقال عبد الملك: الغنيمة بين كل من خرج يريدهم، وقول أشهب أحب إلينا. وقد
قال مالك فى الروم يغيرون على ما قرب من المصيصة فيقال: يا خيل الله
اركبوا، فيخرج أهل النشاط فيلقون العدو فى أدنى أرض الروم، فيظهرهم الله
بهم ويغنمون: أنه لا يدخل فى ذلك ما لم يخرج من المصيصة.
ومن العتبية: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى العدو يغير على بعض الثغور
فيطلبهم الناس متفأوتين فيدركون أولهم فيظفرون بهم وقد خرج إليهم
[3/ 180]
(3/180)
أهلمنازل شتى، قال: إن كانت مسالح منصوبة
للرباط أهلها مقيمون بها لذلك فما غنم بين أهلتلك المسالح من خرج منهم ومن
لم يخرج ومن قاتل ومن لم يقاتل. وكذلك إن كانوا من أهلحصن فى رأس الثغر.
وإما إن كانت قرى فيها أهلها بعيالهم فالغنيمة بين كل من خرج ممن (أدرك
القتال أو لم يدركه إذا ثبت بالبينة أنهم ممن خرج، وليس لمن لم) يخرج من
أهلالقرية شىء. وذكر هذه الرواية ابن سحنون لأبيه فأعجبته.
ومن كتاب ابن حبيب قال الأوزاعى: إذا نزل العدو إلى مدينة للإسلام فخرج
بعضهم فقاتلوا، فإن نزلوا ببعد منها فالغنيمة لمن خرج دون من بقى فى
المدينة. وإن نزلوا قريباً فخرجوا إليهم يعقب بعضهم بعضاً ومنهم من يحرس
ومن ينقل إليهم الماء والطعام ويأتيهم منهم المدد، فهم شركاء فى الغنيمة
إذا كان لو استعانوا بهم أعانوهم لقربهم منهم وإن كان لا يدركهم عونهم فلا
شىء لهم. قال ابن حبيب: وقال مثله من لقيت من أصحاب مالك. وإذا شاركوهم
أسهم للخيل التى بالمدينة.
قال ابن حبيب وسألتهم فقلت: وإذا أغارت خيل العدو على بعض الثغور فتداعى
عليهم المسلمون فأنهزموا فنالوا منهم مغنماً، قالوا: فأنه يخمس لأنه
كالإيجاف وإن لم يقاتلوا وأنهزموا من غير ملاقاة لأن منهم جزعوا وهربوا،
وباقى الغنيمة لأهل المكان الذى كانت فيهم الغارة. ولو تفرقوا فى القرى
فظفر أهل كل قرية بمن عندهم فأهل كل قرية أولى بما أصأبوا وفيه الخمس، إلا
أن تكون قرى متقاربة يتلأحق تناصرهم فهم فى ذلك كله شركاء، ويسهم للخيل
ولما بقى فى القرى منهم إذا ربطوها فى سبيل الله ويصدق أهلها فى ذلك.
قال: وإن قاتل معهم العبيد والصبيان والنساء وأهل الذمة فلا يسهم للعبيد
وأهل الذمة إلا أن يحدوا من الغنيمة برضى أهلها الأحرار البالغين وإلا فمن
[3/ 181]
(3/181)
الخمس. وإما النساء ومن اطاق القتال من
الصبيان فإن ناصبوا وقاتلوا كقتال الرجال أسهم لهم. وإن كان كقتال النساء
أو الصبيان لم يسهم لهم ولم يحذوا.
ولو نفرت إليهم سرعان الخيل فوافقوهم وللعدو عيون على الجبال فرأوا أهل
القرى قد خرجوا ليلحقوهم فرأى نظارهم ما لا طاقة لهم به فإنذروا أصحابهم
فرعبوا وأنهزموا، فالغنيمة بين من قاتل وبين من نفر ومن أقام كجيش واحد،
فيسهم لخيلهم ما نفر وما لم ينفر إذا ربطت فى السبيل. وكذلك كل مدينة أو
حصن أو قرى فى ثغر نزل بهم العدو فقاتل بعضهم وأقام بعضهم فى الحصن أو
المدينة أو القرى فذلك كله بينهم وبعضهم قوة لبعض.
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب: وإذا أغار العدو على قرى من بلد الإسلام فدفع
أهل كل قرية عن أنفسهم وأنهزم العدو، فلأهل كل قرية ما غنموا لا يشركهم
الباقون، وفى جميع الخمس إلا أن تكون القرى متقاربةً، فهم شرعاً سواء فى كل
ما غنموا إذا كانت كل قرية تقوى بالباقين، وهى على ثقة من نصرها. قال
سحنون: إذا كان مغار واحد ومضرب واحد، فهم فيه شركاء، كانوا أهل قرية أو
قرى. وإن كان المغار ليس فى ماحوز واحد، فأغاروا على جهتين، فلكل جهة ما
غنموا.
قال أشهب: وليس لمن قاتل معهم من أهل الذمة والعبيد والنساء والصبيان سهم
إلا أن يحذوا برضى الأحرار المسلمين وإلا فمن الخمس. قال سحنون: لا بأس
بذلك على اجتهاد الإمام، ويسهم للخيل التى قوتل عليها وللتى لم يقاتل عليها
إن ربطت فى السبيل، ويصدق أهلها.
[3/ 182]
(3/182)
قال سحنون: الرجال والخيل سواء إنما يسهم
لمن خرج وبرز إلى العدو، ولا حق لمن لم يبرز لا للرجال ولا للخيل إلا أن
يكون ممن أقام فى القرى لضبطها وللخوف عليها وعدةً لمن خرج فيكون لهم أيضاً
ولخيلهم.
وعن مدينة أغار غليها العدو على عشرة أميال فخرجوا متعأونين فظفروا وغنموا
فلا يدخل فى ذلك إلا من برز من المدينة وغن لم يردهم العدو ولا شىء لمن
يخرج بعد الوقعة. ولو كانت المدينة ثغراً أو محرساً مثل محارس المنستير
والحصون التى على ساحلنا ومثل بعض مواضع إلاندلس فالغنيمة لمن برز ولمن لم
يبرز، لأن هذه المواضع كجيش مجتمع. وذكر يحيى بن يحيى عن ابن القاسم مثله.
وذكر سحنون عن أشهب مثل هذه المسألة وقال: لا شىء لمن لم يبرز ولم يذكر إن
كانت ثغراً أو محرساً.
قال سحنون: ولو أن الإمام لما خرج الناس من المدينة حبس فيها طائفةً حتى لا
تخلى فيميل إليها العدو، كان لمن بقى فيها حقهم فى الغنيمة لأنه حبسهم
لمصلحة المسلمين.
قال: ولو أن أهلطرسوس غزوا مراكبهم إلى بعض الجزائر فقال لهم الإمام ليقم
من كل مركب نفر لضبط المدينة ولما يخاف أن يأتيها العدو قال: ولا يدخل من
بقى فى المدينة فيما غنمه الخارجون فى المراكب لأن هؤلاء لم ينزل بهم عدو
إنما هم خرجوا إليه وأولئك نزل عليهم العدو فهم متظاهرون عليه، وأصحابنا
يكرهون الغزو فى البحر، ونهى عنه ابن القاسم، وأبى عمر أن يغزى فيه.
[3/ 183]
(3/183)
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أتت مراكب الروم
إلى بلد الإسلام فخرجت إليهم مراكب الإسلام فقاتلوهم فى البحرفى مرسى
المدينة فالغنيمة لمن قاتل فى البحر دون أهل البر. ولو نازلوهم فى البر
فقاتلوهم فى البر والبحر فالغنيمة بين من حضرها للحرب فى البر والبحر.
ومن العتبية: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى حصن للمسلمين وحاصره العدو
فخرج نفر من الحصن فقاتلوا أقوإما وغنموا أسلابهم وخيلهم، فإن ذلك يخرج
خمسه ثم يقسم ما بقى بين من خرج ممن قاتل أو لم يقاتل وبين جميع من فى
المدينة من الرجال. قال: ويقسم لخيل من لم يخرج ولخيل من خرج راجلاً وخلف
فرسه، إن كان الحصن مرابطاً سكنه أهله رصداً أو رباطاً. وإن كان على غير
ذلك لم يكن لهم شىء، يريد من لم يخرج.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا دخلت سفن الروم إلى بلد الإسلام فخرج الناس إليهم
خيلاً ورجلاً وركبوا فى السفن وأدخلوا معهم الخيل رجاء أن يمكنهم النزول
بها للقتال فاقتتلوا فى السفن فأنهزم الروم، فمن كان له فرس فى السفن فله
سهم فارس، كما لو لقوهم فى البر فى المضيق لا يقاتلون فيه إلا رجالةً. ولو
ركبوا فى السفن رجالةً وتركوا خيلهم فكان الفتح، فإن تركوا خيلهم بعسكر معد
للإسلام ضرب لأهل الخيل وشاركهم أهل العسكر فى الغنيمة، لقوهم فى قرب من
العسكر أو بعد إذا كانوا يقدرون على معونتهم بركوب السفن إليهم بالخيل.
وإما لو بعدوا حتى لا طاقة لهم بعونهم لو كانوا فى البحر أو فى البر لبعدهم
فلا يشاركوهم فيما غنموا. ولا يسهم للخيل المقيمة معهم إلا أن يكون الإمام
أمر هؤلاء إلا يبرحوا خوفاً أن يخالفهم العدو إلى دارهم، فها هنا
يشاركونهم.
إلا ترى لو كان للعدو فى جزيرة من بحر الإسلام وبينهم وبين عسكر المسلمين
يسير مثل عرض دجلة، فركب إليهم طائفة فغنموا على أن بقية أهل
[3/ 184]
(3/184)
العسكر يشاركونهم ويضرب للخيل بذلك. فإذا
كانوا بالقرب هكذا لم ينظر إن بعدوا فى طلبهم للعدو أو طردهم لهم إلا أن
يبعدوا بعد انقطاع لا يقدرون فيه على نصرهم. وإما إن كانوا يقدرون
فليشاركوهم (فيما غنموا. وإن كان أصحاب الخيل إنما ركبوا بأبدأنهم وتركوا
خيولهم) فى غير عسكر مقيم لهم وإنما تركوها فى أهليهم ومنازلهم أو مستودعة
عند قوم مسلمين فى مواضعهم ممن لم ينفر إلى العدو فلا يسهم للخيل فى ذلك
بشىء.
إلا ترى لو دخل المسلمون إلى غيضة لم تدخلها الخيل فلقوا العدو بموضع يقرب
من عسكرهم وحيث يسمعون صهيل خيلهم ويقدر أهل العسكر على عونهم فهم شركاء
فيما غنموا ويسهم لخيلهم. وإن بعدوا حيث لا يمكنهم نصرهم لم يشاركوهم. وإن
نزل العدو بقلعة منيعة بأرض الإسلام أو حصن منيع وخنقوا حول ذلك وسرحوا
حولها الماء فلا يتوصل إلى القلعة أو الحصن إلا فى الماء وليس للخيل مدخل
فى القلعة، فركب بعض المسلمين السفن وفتحوا الحصن أو القلعة وغنموا فلبقية
أهل العسكر الذين لم يركبوا مشاركتهم فى الغنيمة ويسهم للخيل إلا أن يكونوا
فى بعد لا يكونون ردءاً لهم. وهذا بخلاف دار الحرب: لو دخلت سرية فى مثل
هذا بلد العدو وبينهم وبين العسكر شهر لكان ما غنموا لجميع الجيش ولخيولهم
سهمانهم. وإذا دخل العدو إلى مدينة من مدائننا فقاتلهم أهلها على بابها فما
غنموا فلهم دون من فى المدينة حين لم يخرجوا. ولو تهيأوا بالسلاح فركب من
ركب فخرج البعض والآخرون خلفهم متأهبين فالغنيمة بين من خرج وبين من حضر
يريد القتال. وكذلك لو كان رجل ممن تأهب للقتال واقفاً على بابه لا يمنعه
من التقرب إلى باب المدينة إلا الزحام فله سهمه. وكذلك إن انتهى الزحام إلى
بابه وهو واقف متسلح فى داره أو راكب فرسه وقد فتح بابه أو أغلقه فله سهمه
لأنه يغلقه خوفاُ من تهجم الجمع عليه.
[3/ 185]
(3/185)
ومن لم يتأهب للقتال فلا سهم له. ولكل من
على سورها يرمون بنبل أو حجارة أويحرضون أو يرهبون سهمه.
ولو كان العدو منها على أميال فخرجوا إليهم وأمر الأمير طائفة أن يقفوا على
بابها لا يبرحون إلا أنهم يمنعون العدو من دخولهم فهم شركاء فى الغنيمة.
وقال سحنون فى غير المدائن المنصوبة للعدو فى الثغور، فإما مدائن الثغور
والمسالح المنصوبة للذب فالغنيمة لجميعهم من خرج ومن لم يخرج ومن قاتل ومن
لم يقاتل. وكذلك الحصن فى رأس الثغر. وإما قرى ومدائن يسكنون بالعيال فليس
الغنيمة إلا لمن خرج وباشر دون الباقين إلا من أمرهم الإمام بضبط المدينة
خوفاً من دائرة العدو. قال ابن سحنون: وكذلك أمر النبى صلى الله عليه وسلم
الرماة إلا يبرحوا من موضع كذا. قال: وإن خرج من المدينة رجالة فقاتلوا وقد
أسرجوا خيولهم وهيؤها فى منازلهم، فليس لخيلهم سهم كما ليس لمن تخلف من
الرجال شىء، إلا أن يخرجوا عليها ثم ينزلوا عنها وقد أمسكها غلمأنهم أو لم
يمسكوها فيقاتلوا فليضرب لهم بسهأم الخيل.
فيمن يسهم له ممن لا يسمه له
من عبد وامرأة وصبى وأجير وتاجر وأسير وأمير الجيش وغيره
ومن ارتد بعد الغنيمة
من كتاب ابن حبيب، قال: ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يسهم للنساء
والصبيان والعبيد، ولكن كان يحذيهم من الغنيمة شيئاً.
قال سحنون فى كتاب ابنه قال ابن وهب عن مالك، سئل أيحذى النساء والصبيان
والعبيد من الغنيمة؟ قال: ما علمت، وروى نحوه ابن القاسم عنه. وقال ابن وهب
عن الليث: لا يسهم لهم إلا أن يحذوا من الغنائم.
[3/ 186]
(3/186)
ومن كتاب ابن المواز، ونحوه فى كتاب ابن
سحنون وغيره قال مالك: ويسهم لمن لم يبلغ الحلم من الفىء إن أطاق القتال
وقاتل. قال ابن المواز: وإن حضر العسكر ولم يحضر القتال لشغل أو غيره فلا
سهم له حتى يقاتل. وكذلك إلاجراء والتجار إن قاتلوا أسهم لهم وإن لم
يقاتلوا فلا شىء لهم وإن حضروا القتال. وكذلك الصبى. وإما من سواهم فليسهم
له إن حضر القتال وإن لم يقاتل، قاله مالك.
قال سحنون فى كتاب ابنه: وإلاجير قد أخذ مالا باع به خدمته فلا سهم له إلا
أن يترك خدمة من استأجر ويقاتل مع المسلمين فله سهمه، ويبطل أجره عن من
واجره بقدر ما اشتغل عن الخدمة. وكذلك أهلسوق العسكر لا سهم لهم ولا رضخ
إلا أن يقاتلوا فيسهم لهم.
ومن العتبية قال مالك: (ما علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم أسهم لامرأة
فى مغازيه. وقال مالك: ويسهم للصبيان إذا قاتلوا وأطاقوا.
قال مالك فى كتاب ابن سحنون) ولا يسهم للمرأة والعبد وإن قاتلا وأجزيا. ولو
أحذاهما الوالى من الخمس لم أر به بأساً.
وقال ابن حبيب: أحسن ما سمعت فى ذلك أن من شهد العسكر من الغلمان الذين قد
راهقوا وأنبتوا أو بلغوا خمس عشرة سنةً فأنه يسهم لهم، قاتلوا أو لم
يقاتلوا، سبيلهم سبيل الرجال، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أجاز ابن عمر
يوم الخندق وزيد بن ثابت والبراء بن عازب، وهم أبناء خمس عشرة سنةً. ورد
ابن عمر يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنةً. وأجاز عقبة بن عام ر وأبو بصرة
الغفارى يوم فتح إلاسكندرية غلإما قد أنبت. قال ابن حبيب: وإذا أجيز هذا
ألحق بالبالغين قاتل أو لم يقاتل. وما كان دون ذلك مثل أربع عشرة سنةً ةما
قاربها فإن قاتل أسهم له وإن لم يقاتل فلا شىء له.
[3/ 187]
(3/187)
ومن كتاب ابن سحنون: ذكر من رواية ابن وهب
مثل ما ذكر ابن حبيب فى إجازة ابن عمر وزيد ثابت يوم الخندق وهما ابنا خمسة
عشر. قال سحنون: ولا يأتى عليه خمس عشرة سنةً إلا وقد أنبت فإذا أنبت أجيز
وأسهم له. وقال مالك: إذا أطاق القتال وقاتل أسهم له، وقال سحنون: وإن لم
يحتلم، ثم قال: لا يسهم له حتى يحتلم أو ينبت.
قال ابن حبيب: ومن قاتل من النساء كقتال الرجال نصباً للقتال فأنه يسهم
لها. إلا ترى أن المرأة من العدو إن قاتلت قتلت؟ ولا يسهم للعبيد وإن
قاتلوا، ويستحب للإمام أن يحذيهم من الخمس، ويحذى النساء والغلمان الذين لم
يبلغوا. وإما إلاجير فإن قاتل أسهم له إن كان حراً، وإن لم يقاتل فلا وليحذ
من الخمس. وإن كان فى العسكر نصارى من خدم وأعوان ولصنعة المجانيق فلا بأس
أن يحذوا من الخمس. وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم رضخ لناس من
إليهود كانوا فى العسكر، ورضخ لعبيد وغلمان لم يبلغوا، وقاله ابن عباس وابن
المسيب وغيرهم.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وذكر خبر أم سليم يوم حنين، فقيل له: فهل
أسهم لها النبى صلى الله عليه وسلم أو لمن خرج معه من النساء فى مغازيه
يدأوين الجرحى أو لغير ذلك؟ فقال: ما علمت أنه أسهم لامرأة فى مغازيه. قال
مالك: ويسهم للصبيان إذا قاتلوا وأطاقوا ذلك. قال: ولا يعطوا من المال الذى
جعل فى سبيل الله حتى يحتلموا.
قال عنه أشهب فى إلاجراء فى المراكب فى الغزو للقذف ولغير ذلك، أو يؤاجروا
فى البر لتسوية الطرق وتوسعتها وإصلاح ما فيه ضرر على المسلمين ثم يحضروا
القتال فيقاتلوا قتالاً عظيماً، قال لا يسهم لهم. قيل قد يخرج الرجل مع عمه
أو مولاه يخدمه ويعينه، وكان ابن معيوف يحلفه أنه ما خرج لخدمته فإن لم
[3/ 188]
(3/188)
يحلف حرمه. قال: بئس ما صنع ولا يمين فى
هذا. وقد خرج الرجل مع من ذكرت يعينه ويكفيه، يريد: فليس هو كالأجير.
قال ابن المواز روى ابن وهب عن مالك فى إلاجير إذا قاتل فله سهمه إن كان
حراً، وقال الليث مثله.
وقال ابن سحنون عن أبيه: يسهم له إذا قاتل كل من ذكر، وقال ليس رواية أشهب
على أصل مذهبنا، وروى ابن القاسم وابن وهب خلافهما. وقال فى العبد والمرأة
يحضران القتال: لا سهم لهما إلا أن يحذيا من الغنيمة. قال يحيى ابن سعيد:
وقد أطعم النبى عليه السلام يوم خيبر طعمه.
قيل لمالك أيحذى النساء والعبيد والصبيان من الغنيمة؟ قال ما علمت ذلك.
ومن العتبية: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم قال ويسهم للأسير ولفرسه إذا
أسر بعد القتال، وأصيب معه فرسه أو عقر أو تركه عند أصحابه إذا شهد القتال.
قال أصبغ قال أشهب: ويسهم لأمير الجيش (كما يسهم لرجل منهم.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أسر من الجيش) فليعزل له سهمه فيما مضى لا فيما
يؤتنف ومن الغنيمة. وكذلك من فقد كان ذلك بعد خروج الغنيمة من دار الحرب أو
قبل. ولو أن تجاراً من المسلمين أو من أهل الذمة خرجوا مع العسكر على
خيولهم لا يريدون إلا التجارة ثم بدا لهم بدار الحرب فلحقوا بالمسلمين
وقاتلوا معهم قال فلهم سهمان الفرسان إلا أهل الذمة فلا سهم لهم
[3/ 189]
(3/189)
ولا إرضاخ. وقال أشهب: للإمام أن يرضخ لهم
من الخمس إن رأى ذلك. وإن أتوا بعد الغنيمة لم يرضخ لهم. وكذلك لو نفقت
خيول المسلمين بعد اللقاء. ولو نفقت قبل اللقاء سهم رجالة إلا أن يفيدوا
خيلاً قبل الغنيمة.
ولو أسلموا الذميون قبل الغنيمة فلهم سهمانهم فيما يغنم من يومئذ حسب ما هم
به من فرسان أو رجالة لا فيما قبل ذلك. وكذلك العبد يعتق، فمن ما يغنم بعد
العتق. وإن كان له فرس وأمن يستشن السيد ماله فله يهم فارس. وكذلك إن
(استعار فرساً. وما جدى به فى قول أشهب فيما قاتل قبل أن) يعتق فهو له إلا
أن يستشنيه سيده أو يستشنى ماله. ولو لم يإذن له السيد فى القتال فلا يرضخ
له فى قول أشهب، وينبغى فى قياس قوله أن يرضخ له كما لو واجر نفسه بغير
إذنه لكان له إلاجر إلا ان ينزعه السيد. والمكاتب يعتق مثل ما قلنا فى
العبد إلا أنه لا يستشنى ماله، ويرضخ للمكاتب يقاتل عند أشهب، وذلك له دون
سيده. ولو عجز فرق وجدى فذلك لسيده. ومن جن بعد الغنيمة فله سهمه فيما مضى
إلا فى المستقبل. وقال: إما المطبق فلا يسهم له. وإما المصاب وبه هوج ومثله
يقاتل فليسهم له. وأرى ان يسهم للأعمى لأنه يرمى بالنبل ويكثر الجيش، وقد
يدبر. وإما المعقد فأنه يسهم له وهو يقاتل فارساً، ويسهم لمقطوع اليدين،
ويسهم للمجذوم. وإما المفلوح اليابس الشق فلا يسهم له ولا نفع فيه.
ولو ارتد فله سهمه فيما تقدم من غنيمة يكون ذلك مع ماله فى بيت المال إن
قتل. فإن أسلم فذلك له. وإذا ارتد بعد الإدراب فلا سهم له فيما غنموا. فإن
عأود الإسلام فله سهمه (فيما يغنمون بعد إسلأمه. وإن ارتد بعد الغنيمة ولحق
بأرض الحرب ثم أسلم فله سهمه) من ما تقدم من الغنيمة قسمت أو لم تقسم. وإذا
عتق العبد أو من فيه بقية رق بعد القتال فأنه يسهم له فيما يغنمون بعد ذلك.
وكذلك الصبى يحتلم أو ينبت.
[3/ 190]
(3/190)
قال الأوزاعى: والبيطار والشعاب والحداد لا
يسهم لهم. (قال سحنون إلا أن يقاتل فيسهم له كالتاجر. وكذلك المكارى وإن
باع ظهره).
قال سحنون فى الجيش بأرض العدو: إذا خرج إليهم أسارى جماعةً، يريد مسلمين،
بعدما غنموا، ثم غنموا معهم شيئاً أو لم يغنموا، ثم لقيهم عدو لهم قوة
فنجوا منهم، فإن كان الجيش لهم قوة على دفع من لقوا ورجاءً فى التخلص دون
معونة الأسارى فلا سهم لهم معهم إلا فيما حضروه. وإن كان لا غنى بهم عنهم
فى دفاع من لقوا، فليدخلوا معهم فيما غنموا قبلهم بحسب ما خرجوا من فرسان
أو رجالة لأن بهم نجوا. ولو خرج إليهم أسير مسلم على فرس للعدو فأمتنع
(بالعسكر فالفرس فىء بين جميع العسكر والخارج به فارس فى كل ما حضر عليه).
ولا كراء عليه فى قول سحنون. وكذلك لو أسلم مشرك أو مرتد بأرض الحرب ثم
فعلوا مثل ذلك أو أسلم جماعة مرتدون ثم خرجوا حسب ما تقدم من القول.
ولو نفقت خيولهم بقرب العسكر أو ببعد فلا يضرب لهم إلا بسهم رجالة فيما
حضروا بعد مجيئهم. وكذلك لو نفقت فى العسكر قبل يلقوا أحداً. وكذلك لو
لحقهم من أرض الإسلام فارس ثم نفق فرسه قبل لقاء العدو.
قال أبو محمد: وفى باب جامع القول فى إلانفال ذكر العبيد هل يدخلون فى
النفل.
[3/ 191]
(3/191)
فى القسم للغائب والقتيل ومن أسر
والمريض والضعيف ومن ضل
ومن كتاب ابن حبيب ونحوه فى كتاب ابن سحنون قال ابن الماجشون قال ابن شهاب:
لم يقسم النبى صلى الله عليه وسلم لغائب فى مغنم لم يشهده إلا يوم خيبر،
فأنه قسم لغائب أهل الحديبية لأن الله سبحانه وعدهم بها وهم بالحديبية،
بقوله سبحانه: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) فكانت خيبر
لمن شهدها من أهل الحديبية ولمن غاب منهم مع سائر من شهدها من غيرهم. وقسم
لعثمان يوم بدر وقد خلفه على ابنته، وقسم لطلحة وسعيد بن زيد يوم بدر وهما
غائبان.
قال ابن حبيب وقال أهل العلم: هذا خاص للنبى صلى الله عليه وسلم وأجمع
المسلمون بعده أن لا يقسم للغائب. وأجمع أصحاب مالك على أنه لا يسهم لمن
مات قبل القتال إلا ابن الماجشون فأنه قال: يجب له القسم بالإيجاف وهو
مجأوزة الدروب.
وسمعت أصحاب مالك يقولون: أنه يسهم لمن أسر فى القتال فليسهم له فيما غنموا
قبل القتال أو بعده كمن مات أو قتل. وإن أسر قبل القتال فلا سهم له فيما
غنم بعده إلا أن تكون الغنيمة بفور ذلك وبحضرته. وإن أسر بعد القتال فله
سهمه فيما غنم قبله وبعده يسهم له ولفرسه أسر معه أو غفر أو خلفه عند أحد.
قالوا: ومشاهدة القرية أو المدينة أو الحصن أو العسكر كالقتال وإن لم يكن
قتال. قالوا: ومن ضل أو أخطأ أو فل قبل المشاهدة أو بعدها وإن رجع فى فلوله
إلى دار الإسلام فله سهمه وسهم فرسه فيما غنم قبله أو بعده، وإن كان
مغلوباً لا يجد فيه مرجعاً إليها. واحتجوا بغزاة البحر ترد الريح بعضهم.
[3/ 192]
(3/192)
وقال ابن الماجشون: كل من مات أو قتل أو ضل
أو فل فقد وجب له السهم بالإدراب. قال ابن حبيب: وبه أقول. وقالوا فى سرية
بأرض العدو بلغهم أن العدو خرجوا على بعض نواحى المسلمين فأرسلوا واحداً
ينذرهم فله سهمه فيما غنموا بعده.
وقال مالك فىالأسير يخرج إلى العسكر من الحصن: أنه إنما يسهم له فيما غنموا
بعد خروجه. وكذلك من خرج فأسلم. وذلك إذا كان أمراً متبايناً يعرف أوله من
آخره. فإما إن اشتبه ولم يعرف فليسهم له من الجميع.
قال ابن المواز قال أشهب: وإذا قوتل العدو فظفر بهم وبأيديهم أسارى مسلمون
فللأسارى معهم حق فى كل ما غنموا ويسهم لهم مع من استنقذهم.
وقد تقدم فى باب آخر ذكرالأسير ومن ضل أو مات، واختلف فيمن ضل، وقد تقدم
هذا.
وجه كتابة الناس من فارس وراجل فى قسم الغنيمة
وكيف تقسم؟ وأين تقسم؟
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: وينبغى للإمام إذا غزا أن يعرض الناس ويكتبهم
إذا جازوا الدروب وصار فى أرض العدو قبل بعث السرايا والقتال، يكتب الفارس
والراجل ويسميهم ويحليهم. فمن مات قبل القتال محا اسمه. ومن نفق فرسه محا
الفرس.
قال محمد: وإذا خرجوا من أرض الحرب بغنيمة تآخر قسمها فليعرضهم عند قسمها
بأرض الحرب أو بأرض الإسلام. فمن مات فرسه قبل القتال فلا سهم له. وإن قال
ربه نفق بعد الغنيمة فعليه البينة لأنه يريد الأخذ. وإن شهد
[3/ 193]
(3/193)
عدلأن من غير أهل المغنم أو من أهل المغنم
أو من التجار أن فلأناً باع فرسه قبل الغنيمة فإنى أقبلهم وأمنعه سهم الفرس
ويصير سهمه للمبتاع. ولو تقدمت قبل البيع غنيمة فللبائع فيها سهم الفرس.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك وأصحابه: تقسم الغنيمة ببلد الحرب إذا بلغ
ذلك مجمع عسكرهم ووإليهم ولا ينتظر به القفول وافتراق الجيش، وليحط كل واحد
ما يصير له. قال الأوزاعى: وبه مضت السنة. قال محمد: ولا يكون ذلك للسرية
قبل أن تصل عسكرهم وإلى من أرسلهم يعنى قسم الغنيمة.
قال محمد وقاله أصحابنا إلا عبد الملك وحده فأنه قال: إلا أن يخشى من ذلك
فى السرية ضيعةً من مبادرتهم إلانصراف وطرح بعضهم النفل على بعض فيتماحكون
فى ذلك وتقل طاعتهم لصاحب السرية، فما جاء من هذا وغيره مما له وجه فله أن
يبيع ويحوط من اشترى شيئاً متاعه، ويثبت البيع على من غاب من الجيش. فإما
إن لم يكن هذا فلا حتى يبلغ بذلك مجمع الجيش إذا كان ببلد العدو ثم لا
يتأنى فيه ولى الجيش أن يقسمه أو يبيعه. قال: وله قسمة ذلك بالبيع حسب ما
يمكن ويتهيأ له. والقسم أن يقسم كل صنف على خمسة أسهم، والرقيق كذلك: ويجعل
وصيف وصيف حتى يعتدل ذلك، ثم يجعل كذلك النساء المشتبهات ثم الذكران. فإذا
اعتدل ذلك بالإجتهاد برأى النظر بالقيمة وإلاقتسأم، (ثم) يسهم عليها ويكتب
فى سهم منها الخمس أو لله، أو لرسول الله.
[3/ 194]
(3/194)
وروى ذلك عن ابن عمر أن النبى صلى الله
عليه وسلم فعله والأئمة بعده. ويبيع الإمام للناس أربعة أخماسهم ويتوثق
لهم. وربما رأى بيع الجميع أفضل قبل القسم ليخرج الخمس من الثمن لئلا يدخل
الغنيمة ضيعة أو تلف، فذلك له.
وإذا نزل الخليفة أو أمير الجيش بماحوز أو ثغر وأرسل الصوائف والجيوش
والسرايا وأقام فهذا كالمقيم بداره، فليس عليهم تأخير قسم الغنيمة وبيعها
حتى يأتوه، ولا له ولا لمن بقى معه من الجيش فيما يغنمون حق حين لم يدربوا
معهم.
قال ابن سحنون قال سحنون: وينبغى أن يأمر الإمام يبيع الغنيمة من العروض
بالعين ثم يقسم، فإن لم يجد من يشترى العروض قسم العروض بالقيمة على خمس
أجزاء بالقرعة، فيأخذ الخمس ثم يقسم الأربعة أخماس بين أهل الجيش.
قال ابن حبيب سمعت أهل العلم يقولون: ما يستطاع قسمه قسمه الإمام إذا شاء،
وما لا ينقسم بيع فقسم ثمنه مع ما غنم من ذهب أو فضة، وله بيع الجميع وقسم
ثمنه على الإجتهاد منه وممن معه من أهل العلم بالنظر للمسلمين، ولا يبيع
إلا بالنقد إلا أن يرى فى ذلك ضرراً فليكتبه حتى يخرجوه ثم يتقاضاه ويقسمه
قبل تفرق الناس. وبالنقد أحب إلينا قدر، وليس يرد فيه بعيب ولا عهدة، وهو
بيع براءة إلا أن يقوم قبل القسم وتفرق الجيش فلا بأس على الإمام أن يقبل
ذلك ممن رده بعيب ثم على يبيعه على بيان. والذى ذكر ابن حبيب من هذا
استحسان وليس بلازم للإمام لأنه عند أصحابنا بيع براءة.
قال ابن حبيب: والسنة قسمها ببلد الحرب قبل تفرق الناس كما فعل النبى صلى
الله عليه وسلم، وكذلك فعل الناس بأمر الخلفاء، وينبغى أن يؤذن الناس بذلك
ويواعدهم بمكان يأمن فيه من كرة العدو، ولا يخلفهم وليوافهم غير مبطىء ولا
مسرع، فيقسم ويعزل الخمس ويقسم الأربعة أخماس بين من حضر، ومن غاب رفع له
سهمه.
[3/ 194]
(3/195)
قال ابن حبيب: وقد أمتنع النبى صلى الله
عليه وسلم أن يعطى من المغنم عقإلا حتى يخرج الخمس. قال ابن حبيب: فما أعطى
الوالى قبل الخمس أو احتبس فهو غلول على معطيه وأخذه. كذلك سمعت أهل العلم
يقولون، يريد إلا أن يحبسه من الخمس.
فى الغنائم والخمس وسهم ذى القربى
ومصارف الفىء والخمس
قال ابن حبيب: قال النبى صلى الله عليه وسلم: أحلت لى الغنائم ولم تحل لأحد
قبلى. قال ابن حبيب: وكان يوم بدر استباح الصحابة الغنيمة قبل أن تنزل فيها
إباحة إلا عمر، فعاتبهم الله بقوله عز وجل: (لولا كتاب من الله سبق، يقول:
فى تحليلها: لمسكم فيما أخذتم، إلى قوله: فكلوا مما غنمتم) إلاية. ثم
تنازعوا فيها: طائفة غنموا وطائفة اتبعت العدو وطائفة أحدقت بالنبى صلى
الله عليه وسلم، فتنازعت الغنيمة كل طائفة منهم دون غيرها، فنزلت (يسألونك
عن إلانفال قل إلانفال لله وللرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)، فسلموا
ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان هذا ببدر. ثم نسخ ذلك بقوله: (واعلموا أن ما غنمتم من شىء فإن لله
خمسه وللرسول ولذى القربى واليتأمى والمساكين وابن السبيل)،والله غنى عن
الدنيا وما فيها. وإنما يريد لله ولرسوله الحكم فيه، فكان حكم النبى صلى
الله عليه وسلم فى الخمس من حكم الله. وإما الأربعة أخماس، فإن لله تعالى
حكم بها لمن غنمها ورد حكم فى الخمس إلى الرسول عليه السلام.
[3/ 196]
(3/196)
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: مإلى أفاء
الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، يعنى: على الغنى والفقير
والكبير والصغير والذكر وإلانثى كالفىء الذى أنزل الله تعالى فيه ما أنزل.
وتأول عمر فى قول الله سبحانه (والذين جاءوا من بعدهم) أنه أبقى لمن يأتى
فى ذلك حقاً، فأقر الارض فلم يقسمها لتكون لنوائب المسلمين ومرافقهم.
ومن كتاب ابن سحنون قيل لسحنون: فقول من قال إن للنبى صلى الله عليه وسلم
خمس الخمس له خاصةً؟ قال: هذا غير معروف عند أهل المدينة. وقد قال النبى
صلى الله عليه وسلم: والخمس مردود عليكم ولم يستشن منه شيئاً. وقد أعطى
جميع الخمس لهوازن من ما غنم منهم وسأل لهم الناس فيما غنموا منهم.
قال ابن حبيب: ففوض الله سبحانه أمر الخمس إلى رسوله عليه السلام يجتهد
فيه. قال سحنون: فكانت أفعاله فيه جائزة على ما رآه من المصلحة لا على هذا
التقدير. قال ابن دينار: ولو كان الخمس على هذا التقدير لكان سهم ذى القربى
يجرى فيه المواريث وقد أجمع الخلفاء على خلاف ذلك.
قال سحنون: وأجمع الأئمة من صدر هذه الأمة أنه ليس لذى القربى فةى ذلك سهم
ثابت. قال غيره: وقد أعطى النبى عليه السلام بعض ذى القربى من خمس خيبر
ومنع آخرين، (واستخدمته فاطمة رضى الله عنها من سبى جاء فمنعها. قال سحنون
وأصبغ: وأمر) الخمس والفىء واحد ليس فيهما قسم محدود لكل نفس. وقد سأوى أبو
بكر الصديق رضى الله عنه بين الناس كافةً فيه.
[3/ 197]
(3/197)
وفضل عمر بقدر السابقة والهجرة والحاجة،
وكل صواب على الإجتهاد. وقد قال عمر: ولئن بقيت إلى عام قابل لألحقن أسفل
الناس بأعلاهم.
قال ابن حبيب: فما كان من خمس الغنائم وجزية أهل الذمة وما يؤخذ من أهل
الصلح ومن تجار أهل الذمة وأهل الحرب وخمس الركاز فسبيله سبيل الفىء، ويبدأ
فيه بالفقراء والمساكين واليتأمى وابن السبيل ثم يسأوى بين الناس فيما بقى،
غنيهم وفقيرهم وشريفهم ووضيعهم. ومن الفىء يرتزق وإلى المسلمين وقاضيهم
ويعطى غازيهم وتسد ثغورهم وتبنى مساجدهم وقناطرهم ويفك أسيرهم وتقأم
صوائفهم ويقضى دين ذى الدين منهم، وتعقل جناياتهم ويزوج عازبهم ويعان حاجهم
وشبه ذلك من إلأمور، ولا يحل أن يعطى من العشور والصدقات فى شىء من هذه
الوجوه، ولكن على الفقراء والمساكين ومن سمى معهم فى آية الزكاة، ولا يحل
لغنى إلا لغاز أو غارم وهو المديان، أو ابن السبيل يضعف وهو غنى ببلده.
قال أبو محمد: وفى الجزء الثالث باب فى قسم الفىء من خراج الارض والجزية،
وباب فيه السيرة فى مال الله من الفىء وغيره وسهم ذى القربى وغير ذلك.
[3/ 198]
(3/198)
فيما يغنم العبيد وأهل الذمة من العدو فى
تلصص أو غير تلصص
هل يخمس؟
وما يغنمه المرتدون وفى العبد يصيب كنزاً
ومن خرج من الحربين إلى العسكر بمال
وكيف إن أسلم أو كان عبداً وكيف إن رجع؟
من العتبية: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى عبد مسلم وحر خرجا يتلصصان
فى أرض العدو، قال: يخمس ما أصابا ثم يقسم ما بقى بينهما. قلت: أليس العبد
لا حظ له فى المقاسم؟ قال: ليس المتلصص من العبيد كالذى يغزو. قال: ولو
تلصص ذمى وحر مسلم قسم بينهما ما أصابا فيخمس حظ المسلم دون حظ الذمى.
وكذلك لو خرج ذمى وحده لم يؤخذ منه ما أصاب، فليس حال المتلصص كمن حضر مع
المسلمين جهادهم هذا لا شىء له. وقال سحنون فى العبد والحر مثل قول ابن
القاسم فى الذمى أنه لا يخمس نصيب العبد.
وقال سحنون فى كتاب ابنه: ولو أن مسلماً وعبداً وذمياً غزوا وغنموا فأنه
يقسم ذلك بينهم، وإنما لا يسهم للعبد وللنصرانى إذا كانا (فى جيش المسلمين
وخرجوا بإمام وهم لهم تبع. وكذلك لو كانوا) أربعة والنصرانى، وإنما لا يسهم
إذا كانوا قليلاً فى كثير من حماعة بإمام وبغير إمام.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى أهلذمة فى ثغر يغزون من يليهم من العدو
فيغنمون، قال لا ينبغى للإمام أن يإذن لهم فى ذلك. وقد قال النبى صلى الله
عليه وسلم: لن أستعين بمشرك، فخروجهم من ذلك وإن لم يكن معهم مسلم. قال ولا
[3/ 199]
(3/199)
يخمس ما أصأبوا وهو لهم. قال وإن حكموا
مسلماً يقسم ذلك بينهم فليقسمه بينهم على حكم الإسلام، وإلا فأمرهم إلى
أساقفتهم فى ذلك، وقاله سحنون.
وقال أصبغ عن ابن القاسم فى أهل الذمة يخروجون سرية إلى أرض الحرب ليس معهم
مسلم أو معهم مسلمون يسيرون واحد أو إثنين يخروجون معهم متلصصين. قال:
يمنعون من ذلك لوجهين: لقول النبى صلى الله عليه وسلم لن أستعين بمشرك،
ولوجه آخر أنهم يستحلون قتل النساء والصبيان والغلول وغيره، ولا يجاهد
العدو إلا بسنة وإصابة. فإن فعلوا نهوا عن العودة، وترك لهم ما أصأبوا. ومن
كان معهم من مسلم فليخمس نصيبه. قال: ويمنع أيضاً العبيد من مثل ذلك ليس
لأنهم لا يصيبون لكن لأنهم لا حق لهم فى الفىء، ولا يخمس ما غنموا ويترك
لهم.
ومن كتاب ابن حبيب: وإن أراد نفر من أهل الذمة الغزو مع صوائفنا وسرايانا
فلا ينبغى أن يإذن لهم، فإن جهل فإذن لهم فأصأبوا قسم بينهم وبين المسلمين،
فما صار لهم ترك لهم ولم يخمس، وما صار للمسلمين خمس وقسم بينهم. وإن خرج
أهل الذمة وأهل الصلح وحدهم ترك لهم ما أصأبوا ولم يخمس. وكذلك سمعت ممن
أرضى.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا دخل عسكر المسلمين دار الحرب، فارتدت طائفة
منهم واعتزلوا وحاربهم من بقى وفارقوهم، ثم غنم من بقى من الجيش من الروم
غنائم وغنم المرتدون غنائم ثم رجعوا إلى الإسلام، فلا يدخل الذين ارتدوا فى
غنائم الباقين أدباً لهم ويكون ما غنم المرتدون بينهم وبين بقية أهل الجيش
لأنهم على حكم الإسلام خرجوا أولاً، وفى ذلك وفى جميع الغنيمة الخمس.
[3/ 200]
(3/200)
ولكن لو قتلوا على الردة فلأهل الجيش
نصيبهم من المرتدين بعد الخمس، وما بقى فللمسلمين.
قال ابن القاسم: وإذا وجد العبد ركازاً بأرض العدو فلا شىء له فيه فىء. ولو
وجده بأرض الإسلام عبد أو ذمى أو امرأة أو صبى فهو له وفيه الخمس.
ومن كتاب ابن سحنون أيضاً: وإذا إذن الإمام لنصارى أو لذميين أن يغيروا على
الروم، أو فعلوا ذلك بغير أمره فلا خمس (فيما أصأبوا وهو لهم، ولا ينبغى
للإمام أن يستعين بهم. ومن أسلم بدار الحرب وقدم إلى عسكرنا بمال أخذه لهم
قبل أن يسلم أو بعد أن أسلم فهو له ولا خمس) /فيه، ولا مغنم فيه لغيره إلا
أن يكون لم يكن لمثله نجاة إلا بهذا العسكر فيكون مثل ماغنموا، وله سهمه
معهم فيما غنموا من يوم خروجه. وأن خرج بذلك إلينا على أنه ذمة فالمال له
خاصةً لا يخمس. ولو رجع هذا الذمى إلى أرض الحرب مغيراً عليهم فقتل وغنم
وأتى فما جاء به فلأهل العسكر دونه كذمى قاتل مع الجيش. وكذلك لو إذن له
الإمام أن يغير إلا أن يرى الإمام أن يحذيه منه فذلك له فى قول أشهب خاصةً.
ولو أسلم فكان أول ما أسلم أخذ ذلك وجاء به فهو له خاصةً إن كان لمثله نجاة
لو لم يكن العسكر.
قال أشهب فى العبد يؤسر فيفلت إلى العسكر بشىء أخذه للعدو فهو وما جاء به
لسيده.
ومن كتاب ابن سحنون: روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى العبد يتلصص فى قرى
أرض العدو فيغنم: أنه يخمس ما أصاب وله ما بقى، ولا
[3/ 201]
(3/201)
يخمس ما غنم فى إباقه لأن الخمس فيما أوجف
عليه وتعمد به الخروج إليه، وإلابق لم يقصد ذلك. وقال سحنون: لا يخمس ما
أصاب العبد متلصصاً أو غير متلصص، وقد كان يقول يخمس.
وسأله الاندلسيون عن عدو بيننا وبينهم هدنة ويؤدون إلينا الجزية، فدهمهم
عدو لهم لا عهد لهم منا، فإنتصر أهل ذمتنا بنا، فخرج إليهم وإلى البلد،
فلما قرب منهم توقف خوفاً من مكرهم أن يجتمع الجميع عليه، فتسلل منا رجال
يسيرون بغير إذن الأمير، فلما نظر الراجعون إلى ذمتنا إلى أعلام المسلمين
أنهزموا فغنم أولئك غنائم وأصاب أهل ذمتنا أيضاً، قال: إن كان أهل ذمتنا
بائنين عنكم وعن مقدرتكم فى سلطانكم وبقرب أرض الحرب فما كان من هذه
الغنيمة فهو بين أهل ذمتكم وبين من تقدم منكم وبين من توقف مع الأمير
بالسوية إن كان الأمير ومن معه بالقرب منهم، وقد نظروا أعلام المسلمين
وخافوهم وهؤلاء ردء لهم. وإما إن بعد الأمير منهم بمن معه فلا يدخل فى
الغنيمة إلا من تقدم منكم إذ لو احتاجوا إلى من تركوا لم يعينوهم، ويعاقب
الإمام من نفر بغير إذنه وخاطر إن رأى ذلك.
قال سحنون: ولا ينبغى للإمام أن يعاهد مثل هؤلاء ممن يبعد عن سلطأنه إلا أن
ينتقلوا إلى حيث يأخذهم سلطأنه. قيل: فإن استنصر بنا أهل ذمتنا هؤلاء
فبعثنا إليهم ألفاً وخمسمائة فارس فغنموا؟ قال: فلا سهم ها هنا معهم
لأهلتلك الذمة لأنهم تبع لعسكركم، ولا سهم لأهل الذمة إذا كانوا تبعاً. وإن
رأى الإمام ان يرضح لهم من الخمس فعل. ولا ينبغى أن يستعان بالمشركين فى
الجهاد.
[3/ 202]
(3/202)
فى الغلول وفيمن غل من الغنيمة
من كتاب ابن حبيب قال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تغلوا، فإن الغلول عار
ونار وشنار، وأطلق الوعيد فى شراك أو شراكين، وفى عقال من الغلول، وترك
الصلاة على رجل عليه خرازات من خرز يهود غلها وقال: صلوا على صاحبكم. قال
أهل العلم: فلا تترط الصلاة عليه لقوله عليه السلام صلوا على صاحبكم. وإذا
جاء تائباً أخذ ذلك منه ولا نكال عليه. فإن تفرق الجيش تصدق عنهم. وإن ظهر
عليه قبل أن ينتصل عاقبه عقوبةً شديدةً. وإن انتصل منه عند الموت فإن كان
أمراً قريباً ولم يفترق الجيش فهو من رأس ماله. وإن كان أمراً قد طال آخرج
من ثلثه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: إن ظهر على أنه غل من الغنيمة قبل أن يتوب،
ودب وتصدق به إن افترق الجيش. وإن لم يفترق رد فى المغنم. وأنكر مالك أن
يحرق رحله. وقال الليث: إن تفرق الجيش جعل خمسه فى بيت المال وتصدق بما
بقى.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: قيل لمالك: أيعاقب من غل؟ قال: ما سمعت
فيه بشىء، ولو عوقب لكان لذلك أهل ا. قال ابن القاسم: إن جاء تائباً لم
يؤدب. قال سحنون: كالزنديق والراجع عن شهادته قبل أن يعثر عليه.
قال ابن سحنون عن أبيه عن معن ابن مالك: لا بأس أن يصلى على من غل.
[3/ 203]
(3/203)
فيما يصاب من الغنيمة من الطعام والماشية
والعلف وغير ذلك
وكيف بما فضل له من ذلك أو بيع منه
وما لا يكون غلولاً
من كتاب ابن حبيب: قال: ومن السنة أن لا يقسم مطعم ولا مشرب، ومن أصابه أحق
به إلا أن يؤاسى فيه فضل عن حاجته، وله ان ينفق منه إلى منصرفه. فما فضل
تصدق به ولا ينفقه في أهله إلا التافه مثل يسير بن قديد وكعك واحتج بحديث
الجراب الذي فيه شحم من شحم يهود, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب
المغانم: خل بينه وبين جرابه, وليس علي الناس استئمار الإمام في كل ما
وجدوا من الغنم والبقر. ولو نهاهم السلطان عن إصابة ذلك ثم اضطروا إليه
لكان لهم اكله. ولو أخذ الناس من ذلك حاجتهم وفضلت فضلة فضمها صاحب المغنم
كان للناس. أكل ذلك إن احتاجوا إليه أو من احتاج منهم.
ولا بأس بأكل طعام العدو قبل الدعوة فيمن يدعي منهم ولا بأس بما لت من
السويق من سمنهم وعسلهم. وإذا لم يقدروا علي أخذ البقر ونحوها إلا بالعقر
فلم ذلك ويأكلوا ما ذكوا مما لم يبلغ المقاتل, والعربقة وشبهها أسلم ذلك إن
أمكنهم, ولا تجوز النبهة في ذلك. ولابأس بجبن الروم, ولا يؤكل جبن المجوس.
وما أصيب من العلف فهو كطعام في إباحته.
ومن الجهل فباع شيئا مما ذكر رد ثمنه إلي المغنم. ومن أقرض من ذلك شيئا لم
يلزم للمستقرض رده علي المقرض لأن يعطي ما استغني عنه. وإذا كان بيد أحدهم
صنف من الطعام وبيد الآخر صنف فلا بأس به أن يتبادلوا ذلك من
[3/ 204]
(3/204)
قمح بشعير وسمن بعسل أو لحم ولم يروه
بيعاً. وكره بعضهم التفاضل بين الشعير والقمح فى هذا وخففه آخرون، وهو خفيف
لأن عليهم المؤاساة فيه بينهم. ومن جهل فباع بثمن واشترى جنساً آخر من
الطعام فهو مكروه لأنه إذا صار ثمناُ ابتغى أن يرجع مغنماً بخلاف المناقلة.
وما أكل لحمه فله النفع بجلودها فى غزوهم إن احتاجوا، وإلا جعلت فى المغنم
إن كان لها هناك ثمن، ولا يحملها معه إلا أن لا يجد لها هناك فى المغنم
ثمناً.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا خرجت السرايا من العسكر فجلبت العلف
وإلاطعمة، فإما العلف والطعام فلمن جلبه خاصةً. وإما غيير ذلك فهو غنائو
لجميع أهل الجيش. وينبغى أن يؤاسى جالب الطعام من احتاج إليه ولا ييبيع منه
شيئاً. فإن باع منه شيئاً جعل ثمنه فى المغنم، وله بدل الطعام بطعام. وغن
جلبوا من الطعام ما لا يحتاجون إليه لكثرته فليدخلوا ذلك فى المغانم بعد أن
يأخذ منه من احتاج إليه فى علف وأكل فى/غزوه ممن جلبه ومن غيرهم.
قال ابن القاسم: وما احتاج إليه وهو فى السرية من ثوب يلبسه أو ركوب دابة
أو يحمل عليها علفاً فذلك له. وإذا كان إذا بلغ العسكر استغنى عنه جعله فى
المغانم. وكذلك غرارة يحمل فيها طعام هـ. ووسع ابن القاسم أن يبقى عليه
الثوب يحتاج إليه ثم إن استغنى عنه رده إن كان له ثمن. وما لم يكن من ذلك
كله ثمن مثل الخرقة يرقع بها أو يخيط به أو مسلة أو إبرة فله أن ينتفع
بذلك. وقاله أصبغ ولا اختلاف فيه.
قال مالك: وإن الذى يرد مثل الكبة وشبهها مما يمنه دانق وشبهه، أخاف أن
يرائى بهذا، وليس بضيق على الناس. ورواه فى العتبية أشهب عن مالك.
[3/ 205]
(3/205)
قال ابن المواز (قال ابن القاسم): ولو أحرز
مثل هذا فى المغنم ثم احتاج إليه رجل فله أخذه. وكذلك الثوب يلبسه ودابة
يركبها ويرد ذلك إذا استغنى عنه. وما احتاج إليه من غير ذلك فله أخذه بعلم
من يلى المغنم أو بغير علمه ويرد ما استغنى عنه. وإن فات الأمر باع ذلك
وتصدق به. وله حبس ما ليس له ثمن أو ما ثمنه الدرهم وشبهه ولا يبيعه.
قال ابن القاسم: ولا بأس أن يأخذ مما أحرز النعل يحتذيه والجلد لإكافه أو
يجعله خفاً والغرارة يحتاج إليها والفلفل والدراصينى لطعام هـ. وقال عبد
الملك: يأخذ مما أحرز فى المغانم ما خف من طعام وعلف وشبهه مما يحتاج إليه
ولا ثمن له، وله أن لا يرده. وإما ما له البال فليرده بعد غنائه عنه.
قال مكحول وسليمان بن موسى: يأخذ الطعام بغير استئذان، ومن سبق إليه فهو
أولى به إلا أن ينهى عنه الأمير فليتركه. وما بيع منه بثمن صار مغنماً. قال
ابن المسيب لا قسم فى الطعام.
قال ابن القاسم قال مالك: وما قدم به من قديد أو طعام فإن كان يسيراً أكله
مع أهله. وإما الكثير قليتصدق به. قال محمد: يتصدق به حتى يبقى اليسير
فيكون له أكله مع أهله. قال مالك: ولا أحب أن يبيع المتعلفة ما فضل عنهم من
علف وطعام ومن احتاج إليه فاشتراه فهو فى سعة. وإن وجد عنه غناءً لم أر له
شراءه. ومن استغنى عن شىء منه أعطاه لصاحبه بغير ثمن. وإن أخذ فيه ثمناً
رده فى المغنم. قال مالك: وله أن يبدل عسلاً بلحم أو طعام.
قال ابن القاسم: وإن باع الغازى طعام امن غير غاز بطعام غيره أو بعلف فلا
بأس به. وذكر أشهب أن مالكاً كرهه. قال محمد: وليس لكراهيته فيه وجه.
[3/ 206]
(3/206)
قيل لأشهب: أيدفع منه إلى من يحجمه؟ قال:
إما بشرط فلا أحبه. قال ابن القاسم: ولهم أن يضحوا بغنم العدو ومما أحرز فى
المغانم، ولهم إن احتاجوا إلى اللحم أخذه من البقر والغنم من المغنم بغير
إذن، وليطرح الجلود فى المغانم إن كان لها ثمن. فإن لم يكن لها ثمن صنع بها
ما شاء. وكذلك (ما استغنى عنه من الطعام قاله مالك. وكذلك) قال فى العتبية
من سماع ابن القاسم.
ومن العتبية: روى سحنون عن ابن القاسم فيمن باع طعام اببلد الحرب ممن
يأكله، ثم علم بعد أن خرج فليرد الثمن فى المغنم لا على المبتاع، وقاله
مالك. قال ابن القاسم: وإذا رأى الإمام بيع الطعام ببلد الحرب لغنائهم عنه
ببلد الحرب وحاجتهم إليه ببلد الإسلام فلا بأس بذلك.
قال أصبغ: ولو دخل بلد الحرب بسويق فلته بإدام أو ثوب فصبغه فإن كان ما
زاده يسيراً فذلك خفيف. وإن كان كثيراً كان شريكاً بقيمة ثوبه وسويقه فى
ذلك.
قال محمد بن المواز قال ابن القاسم: وله ذلك فى السلاح والبراذين. وكذلك فى
السرية يأخذ الرجل الدابة يقاتل عليها وتبقى معه حتى يقفل عليها إلى أهله
إذا اتصلت حاجته إليها ثم يبيعها ويتصدق بثمنها. وكذلك إن وجد الغنيمة قد
قسمت، وقاله ابن القاسم كله. وكذلك الثياب يحتاج إليها وإذا بلغ إلى العسكر
ردها. فإن اتصلت حاجته إليها حتى قفل باعها وتصدق بثمنها.
[3/ 207]
(3/207)
وروى على بن زياد وابن وهب فى المدونة: أنه
لا ينتفع بدابة ولا سلاح ولا ثوب. قال ابن حبيب: ولهم أن ينتفعوا قبل القسم
بما أصأبوا من أموال العدو من خيل ودواب ونبل وسلاح إذا احتاجوا إليه،
ويعطيه ذلك صاحب المغنم ويستوثق إلى أن يرده إليه وله أن ينتفع بما لم يصل
إلى رب المغنم ولا يحسبه إلا لحاجته إليه لا للاختصاص به.
ومن كتاب ابن سحنون: قال بعض أصحابنا: ومن باع من رجل طعام امن المغنم
فأكله، فإن باعه ليتأثل منه مالا فالثمن مغنم إن كان شيئاً له بال. وإن كان
تافهاً ترك له. وقد غمزه بعض إلاحتلاف. وإن كان باعه لحاجته أن يصرف ثمنه
فى كسوة أو سلاح ولا شىء عنده فلا بأس به كما لو أخذه من المغنم. وإن بلغ
بلد الإسلام وبقى من ذلك ما له بال فليتصدق به. ومن واجر عبداً بطعام من
الفىء فليغرم قيمة الطعام يجعله فى الفىء.
ومن العتبية قال أشهب بن عن مالك قيل له: بأرض العدو أشجار لها ثمن كثير
ببلد الإسلام وحملها خفيف وثمنها بأرض العدو يسير. قال: لا بأس بأخذ هذا
وإن أخذه للبيع. ولو جاء به إلى صاحب المقاسم لم يقبله ولم يقسمه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا ألفوا فى الغنيمة مثل القصعة وشبهها
قيأخذها الرجل. قال: إذا تركوها ورحلوا فهى له ولاخمس فيها. قيل: فالابرة
أهى من الغلول؟ قال: إن كان ينتفع بها فلا بأس بذلك. قال عنه أشهب: وله أخذ
الغرارة يحتاج إليها يحمل فيها متاعه والقربة والجلد يحتذيه
[3/ 208]
(3/208)
والشيخ للدواء. وإن وجد عسلاً فلت به جذيذة
فله أن ينصرف بها إلى بلده. وإذا وجدوا قدوراً لعدو مملوءةً فلهم أكلها.
قال أبو محمد: وبقية القول/فيما يشبه هذا الباب الذى يلى هذا.
فيما يجوز ان ينصرف به معه ولا يدخل فى المغانم
وما يدخل فيها مما يصنع أو مما لا يصنع
ومن الحيوان وغيره وفى الكلب
وكتبه الفقه هل تقسم؟ وفى كتب العدو وما يوجد فى قبورهم
وفيمن كسب من صنعة يده مالا بأرض العدو
قال ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون فيما يجوز للرجل الإختصاص به مما
أصابه بأرض العدو: إن كل ما صنعه بيده من أعوادهم المباحة من سرج نحته أو
سهم أو مشجب صنعه أو قدح أو قصعة وشبه ذلك أو ما عمل من أحجارهم ورخأمهم
المباح لا ثمن له هناك، أو حمله غير مصنوع فله آخراج ذلك كله لمنفعة أو
بيع، وله بيع ذلك فى العسكر ولا شىء عليه فى ثمنه وغن كثر. وإما ما وجده
مصنوعاً فى بيوتهم فلا يستأثر به وإن دق.
وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بأداء الخيط والمخيط إلا ما ينتفع به ثم
يرده إلى المغنم إن استغنى عنه. فإن بقى معه شىء لم يعلم به حتى رجع تصدق
به وإن قل. وما صاد بأرضهم من طير ووحش وحوت فهو أحق به وبثمنه. وإن شاء
خرج به إلى أهل. وإن واسى به فهو أحب إلينا وليس بلازم، وهو شىء لم يملكه
العدو. وإما الصقور والبرازة وما يصاد به مما يعظم قدره فليرد فى المقاسم،
ولا يكون لمن صاده أن يخرج به. وإن باعه رد الثمن فى المغنم.
[3/ 209]
(3/209)
وهذا/قول كثير التابعين، وقاله مالك
وأصحابه إلا ابن القاسم، فقال: كل ما نض من هذا مما عمله من شجرهم ورخأمهم
وترابهم صار مغنماً. قال ابن حبيب: وإما الهر فإن وجد به ثمن بيع ورده فى
المغنم وإلا أخذه من شاء. وإما الحمأم فله ثمن ويجعل مغنماً. وخفف بعض
العلماء الهر والحمأم. وإما الكلب فإن كان صائداً بيع فى المقاسم. فإن لم
يوجد له ثمن أخذه من شاء. وإن لم يؤخذ فليقتل. وإما غير الصائد مما لم يرخص
فيه فليقتل.
ومن كتاب ابن سحنون قال: ولا يعجبنى ما روى عن مالك من بيع الكلب فى
المقاسم، وأخبرنى عن معأوية فى العتبية: روى معن عن مالك فى كلاب العدو
الصائدة وغيرها أنها لمن وجدها وليس عليه أن يأتى بها إلى المغانم.
وقال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: ولا يجوز لمن وجد الكلب بأرض العدو أن
يحبسه دون الإمام. قال ابن كنانة فى كلب الصيدك أنه يباع ويجعل ثمنه فى
المغنم بخلاف الذى نهى عن كسبه لأن هذا يلزم من قتله قيمته. قاله عبد
الملك. وقال ابن القاسم وأصبغ لا يباعن وهو داخل فى النهى، وليس القضاء
بقيمته كابتداء بيعه. قيل: فما يصنع به؟ قال: يقتل: قال ابن القاسم: ولو
ترك لمن وجده فخرج به فلا بأس به. وقال أصبغ: هذا قليل الثمن. وإما
الكثير/الثمن فقتله احب إلى.
ومن العتبية: روى عيسى ويحيى فى الكلب الكثير الثمن، يريد للصيد، قال يدخل
فى المقاسم ويباع فيها. قال عنه عيسى: وكذلك الظبى يصاد بأرض العدو.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وما قطع من شجر العدو لفسطاط أولقتب
أو لا كاف فله ذلك ما لم يرد به البيع. وإما الخشب لعمل المراكب فهذا من
الغنائم ويخمس.
[3/ 210]
(3/210)
ومن كتاب ابن المواز قال: قد ذكرنا تخفيف
ما قطع من خشب أرض العدو لفسطاطه من عموده وأعواده، ولا كاف وقتب وسرج.
وفى العتبية نحوه من سماع ابن القاسم، قال: ولنشاب يرمى به. وقال: وإن فضل
شىء من هذا بيده فهو له.
قال فى كتاب ابن المواز: فإما إن عمل من ذلك سروجاً كثيرة ً أو توابيت أو
رحإما فيجعل ثمن ذلك فى المغنم، وله قدر عمله وعنائه، وليس عليه قيمة الخشب
ليكون له لأن أجر عمله إلاقل والثمن إلاكثر. ولو تطبب فكسب مالا بأرض العدو
فذلك له. وإن استعان بشىء من أوديتهم جعل قيمته فيئاً. وكذلك البيطار
والخياط وأصحاب الصنائع، ويغرم قيمة ما استعان به من صباغ ودواء.
ومنه ومن العتبية من سماع عيسى قال ابن القاسم: وما صاد من الحيتان والطير
فلا شىء عليه إن أكله. وإن باع منه جعل ذلك فى المغانم. وما حمل إلى أهله
من ذلك من حيتان مصنوعة أو طيور أحياء، فما كان كثيراً/بيع وصار ثمنه
مغنماً إن استغنى عن أكله. قال ابن القاسم: إلا أن يذخر قدر ما يكفيه فى
طريقه، ثم إن بقى يسير لأهله فلا شىء عليه فى أكله إلا أن يبيعه. وإما
الكثير يرجع به إلى أهله فليبعه ويتصدق بثمنه.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم: أن ما عمل بأرض العدو من نشاب ومحأمل
وسروج أو فخار أو صاد من طير أو حيتان فيبيع ذلك كله: ان ثمنه فىء، ولا أجر
له فى عمله. ولو اصطاد بازا أو وجده فى منازلهم فليبع إن كان له ثمن ويجعل
فى المغانم ثمنه.
[3/ 211]
(3/211)
قال ابن المواز: قال ابن وهب عن ابن القاسم
وسالم فى من صاد فى أرض العدو حيتاناً أو طيوراً فباع ذلك فله أكل ثمنه،
وهو له وإن بلغ ذلك مالا كثيراً.
ومن كتاب ابن سحنون قال: وإما كتب الفقه فلا تدخل فى المقاسم ولكن يعطيها
الإمام من استحق النظر فيها ممن غنمها أو غيره. وكذلك من مات عن كتب فقه
فالوارث فيها وغيره سواء، ولمن هو لها أهل ان ينتفع بها من وارث وغير وارث.
قال أبو محمد: هذا قول مالك وسحنون، وذهب غير واحد من أصحابنا أنها تباع فى
دين المفلس وتورث.
وقال محمد بن عبد الحكم: بيعت كتب ابن وهب بعد وفاته بثلاثمائة دينار، وإنى
وأصحابنا/متوافران فما أنكروا ذلك. قال سحنون: ومن غضبها أو استهلكها فعليه
قيمة الخط والرق.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم، ونحوه فى كتاب ابن المواز عنه، قال:
وما وجد من مصاحفهم فلتمح ويباع الورق. وإما صلب الذهب والفضة فتكسر وتقسم.
قال سحنون فى كتاب ابنه: وكذلك صلب الخشب تكسر. وقال الأوزاعى ك لا تكسر،
فهذا مكرر فى الجزء الأول.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وما وجد فى بيوتهم من بقر وغنم وحمأم
ودجاج فلتبع وتجعل مغنماً إلا ما يريد أكله، وقاله أصبغ: أو يسمح الوالى
لأحد أن يخرج بها إلى أهله فذلك له. قال محمد: فيما تقل قيمته.
ومن العتبية: قال سحنون فى عسكر نزل ببعض السواحل، فنبشوا قبراً
[3/ 212]
(3/212)
للعدو فوجدوا فيه حلياً وثياباً، قال ذلك
فىء لهم، وجده من وجده قبل تفرق الجيش أو بعد تفرقه، كما فعل عمر فى
السفطين.
وروى أشهب عن مالك فى العتبية فيممن ابتاع بأرض العدو كبائب خيوط فلما رجع
إلى بلده حلها فوجد داخلها ذهباً نحو سبعين مثقإلا، قال: أرجو إلا يكون به
بأس قد تفرق الجيش وما أدرى ما يصنع به.
وفى الباب الذى قبل هذا قول مالك فى الأخذ من أشجار إلادوية إن ذلك جائز له
وإن أخذه للبيع وإن كان له ثمن كثير فى بلد الإسلام وشأنها يسير ببلد العدو
إن ذلك جائز. ولو جاء بها لصاحب المغانم لم يأخذ ولم يقسمها.
ومن كتاب ابن الموازك ولا بأس بأخذ أشجار الدواء والسمن والحجر والعصا وقصب
النشاب والسرج ينحته وشبه هذا، وهذا خفيف. وكذلك عيدان يعمل منها المشاجب.
وقال مالك فى العتبية من سماع ابن القاسم: إما العصا وأشجار الدواء فلا بأس
به. وإما الحجر والسمن ففيه شك ولأنه لم يوصل إليه إلا بالجيش.
فيما يضعف المسلمون عن حمله من الغنيمة ومن أموالهم
وكيف إن تركوه فمر غيرهم
وهل له ترك ما يقدر على حمله
قال ابن حبيب: وما عجز الإمام عن حمله من إلاثاث والمتاع ولم يجد به ثمناً
فلا بأس أن يعطيه لمن شاء أخذه. فإن لم يأخذه أحد فليحرقه. وإن لم يحرقه
[3/ 213]
(3/213)
تم حمله احد فلا خمس عليه فيه ولا قسم.
وكذلك من أعطاه له الإمام ومن اشترى رقيقاً من السبى فعجز عن حملهم فتركهم
ثم أخذهم أحد (من أهلهذا الجيش أو) ممن دخل غيرهم، فإن تركهم الأول فى حوزة
الإسلام فهم له ويغرم للجائى بهم أجر مؤنتهم. ومن كان فيهم عجوز أو شيخ فهم
أحرار لأن ترك مثلهم كالتحرير لهم، قاله من أرضى. وغن كان تركهم فى حوزة
العدو فهم لمن جاء بهم، ولا عتق للشيوخ منهم لأنهم لم يخلهم، وهو يملكهم
ملكاً تإما وهو كالمغلوب.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وما تركته السرية أو المتعلفة أو ترك من
المغنم لكثرة ما معهم منه فهو لمن أخذه وحمله ولا خمس عليه فيه. وقال أشهب:
ليس لمن حمله وهو فيه كرجل منهم. قال محمد: وقول أشهب فيما أظن فيما لو
تركت السرية من لو رجعت إليه لحملوه ما دام وا بأرض العدو. فإما ما تركوه
عند قفولهم مما يؤيس من الرجعة فيه فهو لمن أخذه ولا يخمس، وهو قول مالك.
قال أشهب فيمن اشترى شيئاً من السبى عن بعضه فتركه فدخلت خيل آخرى فأخذته
فهو لصاحب الأول. قال محمد: صواب من لم يكن رقيق أعتقهم فتركهم على العتق.
قال أشهب: ولو كانت عجوز فأعتقها فأخذتها خيل آخرى فهى حرة.
قال ابن المواز: ومن أخذ ذلك لنفسه وليس مما وقع فى سهمه ولا هو من المغنم
فليس له حمله فى مركب المسلمين إلا بإذن الإمام. قال ابن القاسم وليس
للإمام أن يإذن له إذا خاف أن يعيب به المركب.
[3/ 214]
(3/214)
وكذلك فى العتبية عن أصبغ عن ابن القاسم.
قال فى كتاب ابن المواز: وإما ما خف مثل ثوب وشبهه فلا. وكذلك فى مراكب
الشركة إلا بإذن إلا بالشىء اليسير إذا لم يكن من المغانم التى يتبايعوا،
وقد أمر بمباشرة الشريك فى الغزو.
قال فيه وفيه العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك: إذا وقف عليه فرسه وهو
قافل فليعقره أو يعرقبه أو يشق بطنه أو يطير عنقه، وكره ذبحه قيل فإن وجد
غنيمة فى بيوتهم أله تركها؟ قال لا يسعه ترك ما له بال إلا لعذر، إما لضعفه
عن حمله أو لخوفه منه أو لما هو أفضل. قال ابن القاسم وله أن يترك ذلك لئلا
يتعب نفسه ودابته إلأمثل الجوهر ونحوه. وكذلك روى عنه أبو زيد فى العتبية
وقال إلا النفيس من متاع وجوهر.
فى السرية يغنمون رقيقاً هل يشترى منهم ولم يؤدوا الخمس؟
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم: سئل عن قوم غنموا رقيقاً أيشترى منهم
قبل أن يؤدوا الخمس؟ قال: لا. قيل: فإن كانوا صالحين يظن بهم أن يؤدوه؟
قال: وإن، إلا أن يعلم أنهم يؤدون الخمس.
وروى يحيى بن عمر عن أبى المصعب أنه يشترى منهم ويوطأ الأمة منهم، وإنما
الخمس على من يبيع. قيل: إن الخليفة منعهم أن يخمسوها فى ذلك
[3/ 215]
(3/215)
الموضع قال: لا أعرف هذا، ولهم الشراء
والوطء، والخمس على البائع. قال غيره: إذا كان البائع قد علم أنه يبيع
ويمنع الخمس من سرية أو وال، فلا يشترى منه لأنه قد علم أنه يبيع ليتعدى فى
الخمس فكأنه بيع عداء.
قال سحنون فى قوم سروا فقسموا الرقيق قبل أن يخمسوها أيشترى منهم؟ قال لا،
ولكن إذا أدوا الخمس فى موضعه فهو جائز والشراء منهم حسن.
فيما يهديه العدو للخليفة أو لأمير الجيش أو لبعض الغزاة هل يخمس؟
من كتاب ابن سحنون: روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قبل الهدية من أبى
سفيان ودحية من المقوقس وأكيدر، وأهدى إلى بعضهم، ولم يقبل هدية عياض
المجاشعى. قال سحنون: وإذا أهدى أمير الروم إلى أمير المؤمنين هديةً فلا
بأس بقبولها وتكون له خاصةً. وقال الأوزاعى: تكون للمسلمين ويكافيه بمثلها
من بيت المال. قال سحنون: ليس عليه أن يكافيه.
وقال سحنون: وإن أهدى إلى أمير الصائفة، فإن كان الروم فى منعة وقوة فله
قبولها وهى خاصةً ولا مكافاة عليه. وقال الأوزاعى: هى بين الجيش.
قال سحنون: وإن كان الروم فى ضعف والمسلمون مشرفون عليهم فقصدوا بها توهين
عزمهم والتخفيف عنهم فهذه رشوة لا يحل قبولها. قال أشهب لا يقبل أمير الجيش
هديةً من مسلم أو ذمى تحت سلطأنه، ويقبل ممن ليس له عليه سلطان من مسلم أو
ذمى أو حربى وتكون له خاصةً، وقاله سحنون.
وقال: قال ابن نافع عن مالك فى السرية يبعثها الوالى فيرجعون بالفواكه
فيهدون إليه من ذلك مثل قفة عنب أو تين والأمر اليسير فلا بأس به، وتركه
[3/ 216]
(3/216)
أمثل لأنا نكره له قبول مثل هذا فى غير
الغزو. وكذلك قال فى أمير الثغر، وربما أغار مع الجيش.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فى العلج
من الحصن يهدى هديةً إلى رجل من الجيش فهو له دون أهل الجيش. فإما إن أهدى
لأمير الجيش فأنه يكون مغنماً، وقاله ابن القاسم، لأنه على سبيل الخوف. قال
ابن المواز: لأنتهاء الجيش لأمره ونهيه. قال ابن القاسم: إلا أن يتبن أنه
لغير سبب الجيش من ذى قرابة أو لسبب مكافأة يرجوها أو ما دل أنه لخاصته
فذلك له.
قال ابن المواز: وقال ايضاً ابن القاسم: وإذا أهدى إليه مسلم يجرى عليه
سلطأنه فليرده إليه. وإن لم يجر عليه سلطأنه فلا يرده كان لمسلم أو ذمى وهو
له خاصةً. وكذلك وإلى الثغر الذى يغير عليهم أحياناً. وإذا دفع علج عند
اللقاء إلى مسلم دنانير فهو أحق بها. فإما إن دفعها إلى الوالى فلا أدرى
كأنه يراه مغنماً. وكذلك فى العتبية عن أبى زيد عن ابن القاسم. قال ابن
المواز: قال عبد الملك فى أسير أعطى لرجل شيئاً طوعاً، قال: هو لجميع الجيش
بخلاف عطية من لم يؤسر بعد.
ومن كتاب ابن سحنون قال: وإذا أهدى رومى إلى مسلم فى الجيش فله قبول ذلك
بغير إذن الإمام وهى له خاصةً كان ذا قرابة أو أجنبى، وقاله الأوزاعى. وإما
هدية المسلم إلى أحد منهم فلا ينبغى كان ذا قرابة أو غير ذى قرابة إذن له
الإمام أو لم يإذن، وأجازه الأوزاعى بإذن الإمام.
[3/ 217]
(3/217)
قال سحنون: والرسول إلى الطاغية يجاز
بجائزة فهى له دون السلمين ولا خمس فى ذلك. وإذا جاء رسول من الطاغية لم
ينبغ لأمير المؤمنين ان يجيزه بشىء إلا أن يرى لذلك وجهاً فيه صلاح
للمسلمين فيجتهد فيه.
ومن كتاب ابن حبيب قال: سمعت أهل العلم يقولون: أمير الجيش هو كأحدهم فيما
يقسم له وفى ماله وعليه. وما أهدى إليه حربى فأنه مغنم كمن وجد كنزاً ببلد
العدو من أهل الجيش، ولا يقبل هديةً ممن فى عمله من مسلم أو ذمى إلا من
صديق ملاطف مستعن عنه، وله أن يقبل ممن ليس فى سلطأنه منهم. وكذلك الأمير
إلاعظم إن غزا فما أهدى إليه الحربيون فهو مغنم لأهل الجيش. وما أهدى إليه
الطاغية أو غيره من أهل الحربفى مقأمه فهو لجميع المسلمين.
ولا حجة لأحد فى هدية المقوقس إلى النبى صلى الله عليه وسلم مارية وشيرين
وبغلة شهباء مات عنها، واتخذ مارية أم ولد وأعطى شيرين لحسان. وهذا من
خواصه صلى الله عليه وسلم. وهذا المعنى مذكور فى الجزء السادس فى باب أرزاق
العمال والحكأم والهدايا إليهم، وهناك زيادة فى هذا المعنى.
ومن العتبية من رواية أبى زيد عن ابن القاسم وذكره ابن المواز عنه، وعن
رومى أهدى ابنته إلى رجل أن له وطأها. ولو سبى جارية ممن ببيننا وبينهم عهد
مثل النوبة وشبههم لم ينبغ لى أن أشتريها ولا أطأها.
[3/ 218]
(3/218)
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم فى
الدخول إلى أرض الشرك والخزر، وهم يبيعون أبناءهم وأمهاتهم، قال: شراؤهم
منهم جائز، ولكنا نكره دخول أرضهم.
آخر الجزء الثالث من كتاب الجهاد
من النوادر والزيادات والحمد لله وحده
وصلواته على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم
[3/ 219]
(3/219)
صفحة بيضاء
(3/220)
|