النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب السبق والرمى
باب فى السبق والرمى
(قال أبو محمد عبد الله بن أبى زيد: ومن كتاب محمد بن عبد الحكم روى ان
النبى صلى الله عليه وسلم قال، فى قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استعطم من
قوة) إلا ان القوة الرمى. قال ذلك ثلاثاً، وكان يعجبه ان يكون الرجل سابحاً
رأمياً. وكتب عمر ان يعلم الصبيان السباحة والرمى والفروسية: (وقال عليه
السلام: تعلموا القرآن والرمى، وخير ساعات المؤمن حين يذكر الله) وقال صلى
الله عليه وسلم، لا سبق إلا فى نصل أوخف أو حافر. فدل على إلا يجوز السبق
فى غير ذلك.
[3/ 427]
(3/427)
قال محمد بن عبد الحكم: وليس على الملمتنا
ضلين ان يصفا السهم ولا الوتر بدقة ولا غلظ، وذلك للرأمى يرمى بما يشاء
ويبدل من ذلك ما يشاء من سهم طويل بقصير وثقيل بخفيف، وكذلك إلاوتار،
وقوساً بآخر من جنسه، مالم يبدل قوساً عربيةً بفارسيةً أو بدونانيةً بصقلية
أو رومية أو حبشية إذا تعاقد على جنس غير ذلك/ولا باس بالمناضلة بهذه القصى
كلها وبقوس الرجل وغيره.
وإذا تعاقد على فارسية لهذا وعربية لهذا فذلك جائز ثم لكل واحد منها بدل
قوسه بأى صنف شاء من إلاقواس.
ولا بأس ان يسابق رجل رجلين أو أكثر، كان الواحد المسبق أو المسبق، فإذا
بدأ الواحد رمى إلاثنان بعده، وكذلك أكثر من اثنين، فإذا رموارعاد الأول
فرمى، وكذلك ان بدأ إلاثنان أو الثلاثة رمى الواحد بعدهم، ولا بأس ان يرمى
اثنان واثنان، وكذلك ثلاثة ثلاثة.
ولا بأس ان يرأمى من يجهل رميه، كما يجوز فى الخيل مع من لا يعرف جريه، ولا
بأس ان يشترطوا ان مرض واحد ان يكون مكأنه رجل من أهلذلك الغرض، كما يجوز
فى الخيل وان لم يعرف جريها، ولابأس ان يرمى رجلان مع رجل على ان يرمى مع
كل واحد بمثل سهأمه، وكذلك خمسة مع أربعة على أن يدير واحد من الأربعة على
الخأمس يرمى مكان رميه، يقوم ما يدير به من النبل مقأم رجل، وان اشترط
الأربعة ان من يشاء منهم ادار أو يدير كل واحد منهم رشقاً فما احبه ولا
أفسخه ان وقع، والذى أحب ان يعرف الذى يدير بعينه.
[3/ 428]
(3/428)
قال محمد وإلاغراض كلها سواء جائز التناضل
فيها، وكان عقبة بن عام ر يرمى فى غرض ذرعه أربعمائة ذراع.
ولا بأس ان يشترط ان يعلق الجلد فى الهدف أو يجعل على الارض تعمده إلاعواد،
وان رميا على شىء من ذلك ثم طلب احدهما خفضه أو رفعه فليس ذلك لهما حتى
يجتمعا.
وليس لهم بدل جلد صغير بكبير، أو كبير بصغير، إلا باجتماعهم/وكذلك ان طأبوا
العودة إلى الأول، وإذا قال بعضهم نرمى وناكل. وقال بعضهم لا ناكل الساعة.
حملوا على عرف الناس، يستريحون نصف النهار فى الحر، ويقيلون، وفى الشتاء
ياكلون ويتوضأون ثم يعودون الرمى، وليس لاحد منهم ان يطيل الركوع ليقطع وقت
الرمى، وليحملوا على عرف الناس، ولأحدهم ان يرمى قاعداً أو قائماً، وكذلك
لجميعهم، إلا ان يشترط عليه القيأم. وله إذا رمى فى موضع ان يتحول منه إلى
آخر يميناً وشمالا مالم يضيق بذلك على من يرمى منه فيمنع. وليس لأحدهم أن
يرمى من فوق الغرض إلا برضى من معه، ويجوز ان يشترطوا من يرموا فى جلد صغير
يوماً، وفى جلد كبير يوماً، وكذلك ان شاقا معلومة فى هذا، ومثلها فى
الآخرى، وخلافها من العدد، وإذا لم يسم ذرع العرض يرميان فيه حملاً على عرف
الناس فى ذلك البلد، وهو مائتا ذراع بذراع اليد، وان شرطا أقل أو اكثر
فجائز، ولا بأس ان يشترط ان يرميا فى رقعة يكون ذرعها ما أراد من قلة أو
كثرة.
ولا بأس ان يتناضلا على ان يرمى هذا من الغرض إلى الغرض، والآخر من نصف
الغرض أو أبعد من الغرض بجمسين ذراعاً أو أقل أو أكثر، ولا بأس ان
[3/ 429]
(3/429)
يرمى احدهما بعشرة اسهم فى كل وجه، والآخر
بخمسة عشر، ويشترط من يرمى الفضل ان شاء إذا رمى ذلك بسهم رمى هذا سهمين،
أو بعد ان يرمى الخمسة الفضل ويفرغ منها، أو يرمى هذا خمسة وهذا خمسة، ثم
يرمى من له الفضل ولا بأس ان يرمى واحد منهم وآخر بسهمين.
ولا بأس ان يتناضلا على ان بلغ الواحد عشرة، ويرمى الآخر خمسة ايهما بدر
نضل، ان بدر صاحب/الخمسة بإلاصابة إلى الخمسة نضل صاحبه، وان بدر صاحب
العشرة فأصاب بها نضل صاحبه، ولا بأس ان يرميا إلى خصل مائة أو أقل أو أكثر
وعلى ان يحسب لواحد ما أصاب به من سهم سهمين، وللآخر بالسهم الصائب سهم.
وان كان هكذا فلا يكون فى ذلك فرد لا يكون الخصل إلى خمسة ولا إلى سبعة،
ولا إلى أحد وخمسين وشبه ذلك؛ لأنه لا يكاد يحسب لصاحبه خمسة إلا بثلاثة هى
لها بستة، فيذهب له بواحد باطلاً، ولا بأس ان يكون الخصل إلى عشرة واقل
وأكثر.
وقال الشافعى: ولم أرى احداً ممن يحسن الرمى يجيز ان يرميا بعشرة عشرة على
ان يحعلا الفرع من تسعة، ومنهم من لا يجيز ان يجعل الفرع من عشرة. ويقول:
لا يجوز ان يكون الفرع يوتى به إلا فى إلاكثر من رشق، فإذا كان هذا جاز
فيما قل أو كثر.
قال محمد: وليس هذا معنى، ولا فرق بين عشرة وأحد عشر، وما رأيت من الرماة
من يعرف ما حكاه الشافعى.
قال محمد وقال بعض الرماة: لا يجوز ان يكون السبق إلى واحد مبادرةً، لأنه
قد يجوز ان يرمى بسهم فيصيب، فينضل الآخر ولم يرم بشىء، ومنهم من
[3/ 430]
(3/430)
يجيزه، ومنهم من يقول: إذا كان الخصل إلى
واحد بأول سهم لم يكن باطلاً حتى يرمى الآخر مثله، فإن أصاب كان تهاتراً،
وان أخطا كان منضولاً. وكذلك لو كان الخصل من أربعة إلى خمسة، فوإلى الأول
إلاصابة إلى منتهى الخصل، والآخر كذلك وإلى إلاصابة من أول رمية، فلا يكون
منضولاً حتى يرمى بمثل ما رمى به الأول من العدد.
وقالوا: لا يكون من لم يحط بشىء مما رمى به مفصولاً ولا منضولاً./قال محمد:
وهذاقول حسن إذا اراد التناصف ان لا يفضل احدهما الآخر. ولكن الرماة عندنا
يقولون: من سبق، وان كان بأول سهم، فقد بدر ونضل. وأخبرنى من أثق به من
الرماة، عن أشهب، فيمن يرمى ويحسب خاسفة خاسفتين، أو يجعل لاحد المتناضلين
سهماً راتباً يحسب له فى كل وجه، فلا بأس بهذا وشبهه مما تراضى به الرماة.
قال محمد: ولا بأس ان يرميا على ان ما اصاب به أحدهما فى دوارة الجلد حسب،
وما أصاب به فى غيرها لم يحسب، ويحسب للآخر ما أصاب فى الجلد كله أو يحسب
لهذا ما اصاب فى الجلد خاصةً وللآخر ما اصاب فى الجلد والهدف. قال: ومن
اجاز الخصل على سهم على ان ما بدر باصابته فقد نضل، يقول: أنه إذا سبقه على
أنه ان أصاب بهذا السهم فله سهم سبق، وان لم يصب به رمى الآخر سهمه، فإن
اصاب أحرز رشقه، وان أخطأ رميا ايضاً، وعلى هذا رايت جماعةً من عندنا من
الرماة.
قال محمد: ولا باس ان يسبقه سبقاً إلى أجل معلو م، ولا يجوز إلى أجل يختلف
فيه مثل قدوم فلأن، ولا يجوز السبق إلا معلوم وإلاجل معلوم، وجائز ان يكون
السبق عيناً أو عرضاً ان كان موصوفاً، ولا يجوز على غرر، وإذا نضل فيجوز به
الحوالة، لأنه دين ويجوز ان يؤخره ويأخذ به حميلاً أو رهناً. ولا بأس ان
[3/ 431]
(3/431)
يسبقه على أنه ان اصاب الغرض بالعشرة
إلاسهم فله السبق، وكذلك اقل من عشرة، ويجوز على سكنى منزل يوماً أو أكثر
أو ركوب دابة أو عفو عن جرح عمداً أو خطاً.
فى سبق الخيل ورهأنها
من كتاب محمد بن عبد الحكيم/، قال محمد وليس يعرف العرب السباق إلا بين
الخيل وإلابل، وكذلك فى الإسلام، وقد سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين الخيل وإلابل وليس يعد راكب البغل والحمار فارساً.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا فى حافر أو خف أو نضل دليل إلا يكون
ذلك فى البغال والحمير، وهى لا تتخذ فى الحرب. وقد سئل النبى صلى الله عليه
وسلم، عن الحمر فقال ما انزل علي فيها إلا هذه إلاية الجأمعة الفإذة (فمن
بعمل مثقال ذرة خيراًيره). فدل أنها لا تتخذ فى للحرب، ولا أعلم ان أحداً
سابق بين بغل ولا حمار ولا اجاز ذلك، وروى مالك ان النبى صلى الله غليه
وسلم، سابق بين الخيل التى لم تضمر من الثنية إلى مسجد بنى رزيق.
قال محمد: وفى هذا أدلة منها ان الحفر اريد به الخيل، ومنها اجازة إلاضمار
انما يكون ناشئاً من منع بعض العلف واستحلاب عرقها.
[3/ 432]
(3/432)
ومنها من اجازه ان يركب عليه من يجريها؛
لأن السباق من غاية إلى غاية، ومنتهاه ان لم يشترط فى الراكبين شرطاً من
صغر وكبر وقلة لحم وكثرته ولا صفة. وكانت القصوى ناقة النبى صلى الله عليه
وسلم لا تدفع فى سباق إلا سبقت فسبقت يوماً فا كتأب الناس لذلك، فقل النبى
صلى الله عليه وسلم: ان حقاص على الله إلا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه
وسابق يوماً بين الرواحل فسبقت ناقته الجدعاء.
وسابق عمر بين الخيل، وكتب به وسابق ابن عمر.
وكتب عمر ابن عبد العزيز: لا تحملوا إلا من احتلم.
ولم يزال يراهن بين الخيل منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليوم،/فلم اسمع عنه أحد منهم أنه لم يجزه حتى يعرف جرى الخيل التى سابق
بها، بل يسابق الرجل ويرأميه، وان جهل جرى فرسه ومبلغ رميه، وانما السبق
الخيل والركاب، قال الله تعالى: (فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) والركاب
إلابل فهى والخيل التى ينتفع بجريها ويولع فى ثمنها، وفيها نكاية العدو.
وروى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال: خير الخيل إلادهم إلافرح إلارثم
المحجل ثلاث طلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية.
ومن كتاب ابن المواز قيل لابن القاسم: أيجوز السبق والرمى على ان يخرج أحد
مما سبقه ان نضلوه وان نضل هو أحرز سبقه؟ قال: ما أحبه، ولا خير فيه إلا ان
يكون حظ السبق خارخاً بكل حال نضل أو لم ينضل كسبق الإمام. قال أصبغ: الأول
أيضاً قد عمل به الناس، ولكن كرهه مالك، إلا على ان
[3/ 433]
(3/433)
يخرج بكل حال. قال: ونحن نقول به، وبه
نأمر، ولا يحرم الآخر وليس بفساد بين. وسمعت ابن وهب وغيره يجيزه.
ومن كتاب ابن مزين وغيره قال ابن المسيب: لا بأس برهان الخيل إذا كان فيها
محلل، ولا بأس ان يتراهن الرجلان، يجعل هذا سبقاً وهذا سبقاً، ويدخل بينها
سابق لا يخرج شيئاً، فإن سبق أخذ، وان سبق لم يرد شيئاً. وهذا لا يقول به
مالك، وانما يجوز عنده ان يجعل الرجل سبقه خارجاً بكل حال، كسبق الإمام.
ومن سبق فهو له، ولا بأس ان يجرى معهم من آخرج السبق، فإن سبق هو كان السبق
للمصلى ان كانت خيل كثيرة، فإن لم يكن غير فرسين، فيسبق واضع السبق، فالسبق
طعم لمن حضره.
/وروى عنه يحيى أنه أجاز ان يشترط واضع السبق ان سبق أحرز الآخر، وان سبق
أخذه الآخر. وكذلك الرمى نضل أو نضل.
والمصلى هو الثانى من السابق سمى بذلك لأنه جحفلته على صلى السابق، وهو أصل
ذنبه، ويقال للعاشر السكيت، ومن بعد التاسع إلى الثانى لا يسمى إلا بتسمية
العدد.
قال محمد بن عبد الحكم ولا بأس ان يتراهنا بسبق كل واحد منها صاحبه دنانير،
وعلى ان يدخلا بينها محللاً، ولا يكون المحلل إلا من يخاف ان ينضلها، وان
كان ممن لا يخاف ان ينضلها، فهو كالرهان بلا محلل فلا يجوز.
والمحلل ان نضل أخذ سبق الرجلين، وان نضل احدهما أخذ سبق صاحبه، وليس على
المحلل شىء نضل أو نضل، ولا بأس ان يكون المحلل أدناهما رمياً، ان رمى
ممعهما من الغرض إلى الغرض أمناه، وان رمى هو من النصف وهما من الغرض لا
يأمناه ولا بأس ان يرمى هو من النصف أو الثلثين وهما من الغرض، وإذا كان
أرمى منها فرموا من النصف على ان يرمى المحلل من الغرض
[3/ 434]
(3/434)
فلا بأس به إذا كان يخاف من الغرض، ولا بأس
ان يرمى أحدهما مع المحلل من النصف والآخر من الغرض ان شرطا ذلك.
وذكر ابن وهب عن مالك، أنه لا باس ان يسبق الرجل القوم فمن سبق منهم أخذه،
وان أجرى معهم فرسه فإن سبق احرز سبقه. وروى عنه أنه استحب إليه شىء مثل ما
يسبق الوالى الناس.
قال محمد: وكراهة مالك للمحلل انما هو على قوله أنه يجب آخراج السبق بكل
حال. وفى قياس قوله الآخر أنه جائز. وهو قول ابن المسيب وابن شهاب أنه لا
بأس/برهان الخيل إذا أدخل الفارسان بينها محللاً. وقال ابن شهاب عن رجال من
أهل العلم: إذا أدخلا بينهما محللاً لا يأمنان ان يذهب بالسبق، فإذا لم
يدخلا إلا ما يأمنان فذلك الرهان.
ولا بأس ان يسابقب بين الخيل وإلابل، يجرى الفرس مع الجمل مثل الفرسين.
ولا بأس ان يشترط على احدهما من فرس أو جمل حمل خفيف أو ثقيل، وليس على
الآخر إلا راكبه، ولا يحمل على الخيل فى الجرى إلا محتلم يضبط. وكره مالك
حمل الصبيان عليها. ولا بأس ان يتراهن رجلان على فرسين، على ان يضمراها
شهراً أو أكثر أو أقل، فإن مضى الوقت فقال أحدهما: لم يتم اضمار فرسى. وقال
الآخر: بل تجرى معى إذ جاء الوقت الذى شرطنا إلاضمار إليه فذلك له، ويجبر
ان يجرى معه.
ولو قال: أزيدك ديناراً على ان تزيدنى فى إلاضمار أو فى الغاية التى يجريان
منها أو يجريان إليها؛ جاز.
[3/ 435]
(3/435)
وان تراهنا بلا شرط، وكان لأهل البلد سنة
يجرون منهإذلك السبق حملاً عليها.
وأهلمصر قد عرف عندهم من اين يجرون القارح والرباع، ومن أين يجرون الحولي
والثنى، وكذلك الغاية عندهم معروفة، عرف جرى لا يحتاج معها إلى الشرط،
وكذلك الغاية إلى موضع معروف يجلس فيه الوالى أو من أقامة الوالى لذلك. وان
كانوا ببلد ليس فيه هذا، لم يجز الرهان إلا بشرط من أين يجرون وإلى اى
غاية. ولا بأس ان يخرج واحد خمسة، وآخر عشرة ان كان بينهما محلل، وفى الخيل
مثل ذلك، وأحبسه أنه كان يكون مثله فى الجأهلية كأن يثق بفرسه، ولم أعلم ان
ذلك غير فى الإسلام./
قال بعض الناس هو محدث فى الإسلام، لا أعلمه كان. قال محمد: واجازته احب
إلى، لأنه يدعو إلى المعاناة فى الخيل والقيأم عليها. ولا بأس ان يجعلا
سرادقا، من دخله أولاً كان سابقاً، أو يخطأ خطأً من جازه أولاً فهو سابق.
وإذا تراهن على الخيل فسقط فارس أو ألقاه فرسه فى الطريق أو زاغ عنها حتى
سبق أو سقط الفرس فإنكسر، فاان كانوا خيلاً جماعة فالرهان بين من بقى من
الخيل قائمة، فإن كان فارسين، فالذى رأيت أهل الخيل عليه ان يعد الذى بلغ
الغاية سابقاً، وما لهذا عندى وجه، وهذه علة لا توجب السبق عندى، ورأيتهم
إذا سقط الفارس ثم جرى فرسه عرياً، ثم وثب عليه آخر فأجراه إلى الغاية أنهم
يعدونه سابقاً، وقد يحتج من يرى هذا ان هذا يدعوهم إلى التحفظ فيما يستقبل
والتثبت، ويقولون: لو جاز هذا كان لمن إذا خاف هذا طرح نفسه على فرسه وقال
سقطت، وفى هذا افساد الرهان. وقد يحتج من لا يراه مسبوقاً ان هذه أمور لابد
ان ينزل مثلها، فلا يحسب مسبوقاص ولا يحسب له السبق، لأنه جرى خفيفاً
والآخر عليه راكبه.
[3/ 426]
(3/436)
قال محمد: لا أرى أن يحسب سابقاً، واحسن
عندى ان كل ما كان من قبل الفارس من تضييع السوط حتى يسقط أو لجأم ينقطع
وفرس يحرن، وان لم يكن حرنه بسبب فارسه، فهذا كله ينبغى ان يكون صاحب الفرس
الذى هذا فيه إلا يدخله السباق. وقد يقول له ان فرسك حرون رواغ عن الطريق
ويرضى ان يراهنه، فهذا لا يمنع الآخر من السبق إذا أصابه/بعد ذلك إلا ترى
لو رأى السرادق فنفر منه فلم يدخل حتى دخل الفرس الآخر أنه قد سبق، وعلى
هذا الجماعة فى أمر الخيل.
قال محمد: ولو عدا عليه رجل فإنتزع سوطه أو ضرب وجهه حتى راع فى الطريق فهو
عذر له، ولا يكون بهذا مسبوقاً، ولا بأس ان يجرى فرسان لرجلين، ويقدم
احدهما الآخر غلوة أو غلوتين أو ما تراضيا عليه، أو شرطاً ان يقيم احدهما
فرسه فى وسط الطريق أو أقل، فإذا بلغه المرسل فرسه جرى معه إلى الغاية،
فأيهما سبق كان سابقاً فذلك جائز، وكذلك لو قدمه ميلاً أو ميلين أو أكثر أو
أقل، وإذا تراهن الثنى فأدخل رجل فرساً رباعياً أو قارحاً، لم يعد سبقه
سبقاً، وان ادخل مكان الرباع جذعاً أو ثنياً أو حولياً، كان سبقه سبقاً،
وان أدخل هجيناً مع عراب فسبقه سبق، وان أدخل عربياً مع هجين لم يكن سبقه
سبقاً، ولا يعد سبق البغل سبقاً، ولا بأس ان يجعل فى صدورها حبل يجمعها،
فقإذا أرادوا ارسالها طرحوا الحبل فدفعت. ولا بأس ان تجرى بغير حبل تدفع
دفعةً واحدةً، ومن اعتل فرسه علةً بينةً، لم يكن عليه ان يجرى حتى تذهب
علته، قال ابراهيم النخحى: كان لعلقمة برذون يراهن عليه.
[3/ 437]
(3/437)
باب آخر من مسائل الرمى
من كتاب محمد بن عبد الحكم: ولم ار بين الرماة اختلافاً ان المسبق أولى بان
يبدأ بالرمى بسهمه الأول، ثم يرميان سهماً سهماً/حتى يفرغ من الرشق، ثم
يبدأ المسبق فى الرشق الثانى هكذا حتى يفرغ الرمى، ومنهم من يشرط من فرغ ان
يبدأ احدهما، وهو جائز، وان لم يكن شرط فليبدأ المسبق، وللذى يبدا فى وجهه
ان يقوم من المقام حيث شاء ثم يقف الآخربعده حيث شاء، وان كانوا جميعاً بدأ
المسبق، ثم آخر من الحزب الآخر، ثم آخر من حزب المسبق، ثم آخر من الحزب
الآخر.
وان اختلفوا فقأم رجلان ورجلان، فقأم أحد الحزبين لا يقوم إلارجل واحد، فإن
كان بينهم شرط حملوا عليه، وإلا فذلك إلى المسبق، ان شاء أقام رجلاً مع رجل
أو رجلين مع رجلين، لا يكون له ان يقيم أكثر إلا بشرط أو تراض؛ لأن أكثر من
أربعة يختلط بين الرمى، وانما له ذلك فى الوجه الذى له ان يبدأ فيه، وإما
الوجه الذى للمستبقين ان يبدأوا فيه فلهم فى ذلك ما كان للمسبق فى الوجه
الآخر. هذا قول عام ة الرماة عندنا، ورأيتهم إذا رموا إلى خصل معلوم فاستوى
الرأميان فى بعضه، فللمسبق ان يزيد فيه الزيادة التى تعرف لا زيادة من يريد
الفرار. ومنهم من يشترط مثل الخصل أو أقل أو مثل نصفه، لا يزيد على ذلك،
وليحملوا على ما تعارفوه وأجمعوا عليه ويصير ذلك كالشرط حتى يشترط غيره،
وليست الزيادة عند احد منهم حتى يستوا فى الخصل، ولا يكون له ان يزيد وهو
مفضول، ولولا ما عليه الرماة من ذلك لكان القياس إلا يزيد أحدهما من الخصل
إلا برضى الآخر.
[3/ 438]
(3/438)
ورأيتهم إذا فضل احدهما الآخر يشترون/مه
الفضل بشىء يعطونه، ولا بأس ان يسبق احدهما الآخر على أسها أو أحدهما
المسبق وا المسبق بالخيار أياما، فإذا مضت أيام الخيار لزمهما، ولا بأس ان
يشترطوا ان يرموا كل يوم أرشاقاً معلومة أو يوماً ويدعوا يوماً أو من غدوة
إلى الظهر أو إلى العصر، ولا بأس ان ناضلهعلى أنه ان نضله أعتق عبده عنه أو
عن نفسه، أو يخيط له ثوبه أو يعمل له عملاً معروفاً، أو على ان يبنى بالسبق
الغرض أو يتصدق به أو يشترى به حصراً يجلسون عليها. ولا احب القرعة من وقعت
له سبقه الحزب الآخر، ومن الماة من يجيزه، والقياس إلا يجوز، وكذلك على ان
من خرج سهمه اجاز من احب من الرجلين يكون معه، والآخر مع الحزب الآخر، فإن
نزل هذا كله لم أفسخه. وما جاز فى الرمى جاز فى الخيل. ولا بأس ان يتراهن
حزب وحزب واحد واحد أو اثنان اثنان أو اكثر ويدخلا بينهما محللاً واحداً ان
نضل المحلل أخذ من الحزبين، وان نضل احد الحزبين أخذ من الحزب الآخر.
ولا بأس ان شاء الله ان يخرج هذا ديناراً وهذا دينارين، وهذا بقرة وهذا شاة
وبينهما محلل، وقد طعن فيه طاعن فى دينار ودينارين، وهو عندى جائز لدخول
المحلل، كما بدخوله جاز فى دينار ودينارين وعنده، ولا أرى ان يسبقه على أنه
ان سبق ودى عنه فلأن ديناراً؛ لأنه لم يخرج شيئاً يؤديه ان سبق ويجوزه ان
سبق، فإن قال: على ان أضمن لغريمك عنك ديناراً ان نصلتنى لم يجز ان
كان/يرجع عليه، لأنه ضمان بعجل، وان كان على ان لا يرجع به عليه فذلك جائز.
ولا بأس على ان يسابقه غلى ان يرميا فى الرجاس، ويكون من آخرج منهما فى
الحلقة كمصيب القرطاس، ولا بأس ان يسبق واحد واحداً أو حزب حزباً على ان
يرموا شيئاً ينصب يسمى الدوبة يرمونه على الخيل يرميه الراكب مقبلاً
ومدبراً راكضاً، وليس لمن يرمى هكذا موضع يوقته يرمى فيه، ولا عدد من
إلاذرع، وهو
[3/ 439]
(3/439)
يرمى من القرب أو البعد والفرس يجرى. ولا
يجوز ان يقول اسبقكم على ان تسبقونا أنعم سبقاً آخر أو حزب بحزب على ان لا
يزال سبقكم حتى تنضلونا. وقال سالم ابن عبد الله: لا بأس بالسبق مالم
يجاره. قال خالد بن نزار، يعنى بقوله اعد على.
قال نافع: كنا نتناضل، فلما أحرزوا السبق قالوا: أعيدوا علينا. فقال عمر بن
دينار: وقد حضر: مه مه.
وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالسبق فى الرمى ما لم يكن جزءاً واحدة بواحدة.
وقال ابن شهاب يحل من اسباق الخيل ما كان عن طيب نفس لا يتقاضاه صاحبه ولا
يلتمس به ثواباً. قال ابن وهب قال مالك: إذا سبق الرجل القوم ولم يرم معهم
فلا بأس بذلك. وان رمى معهم ولم يلتمس منهم ان يسبقوه كما يسبقهم فلا بأس
به، ولا بأس ان يسبق رجل رجلاً على ان يرميا بسهم سهم، فأيهما كان أبعد
سهماً كان الناضل، فإن استويا فلا شىء له. وان جاز احدهما الآخر فهو
الناصل، وان/سميا خصلاً عد لمن جاز سهمه سهم الآخر هكذا إلى تمام الخصل.
وإذا رميا فى غرض فلما مر بعض الخصل تراضيا ان يتما بقية ذلك فى غرض آخر
أقل من الأول أو أكثر مذا فلا بأس.
وان أبى بعضهم فليس للآخرين ذلك حتى يجتمعوا. وإذا ترأميا، فنضل احدهما
الآخر، فقال صاحبه: اقلنى ولك كذا لأقل من السبق فلا يجوز. ولا يجوز ذلك
قبل ان يرميا، وان سبق رجل رجلاً ديناراً, فقال السبق للآخر: أنا أزيدك
ديناراً على ان يرمى معى مكانك فلأن لم يجز، أو يقول
[3/ 440]
(3/440)
المسبق أنا أحط عنك نصف دينار على ان يرمى
فلأن معى مكانك أو معك مكانى فلا يجوز، ولو فعلاً ذلك من غير نقصان ولا
زيادة جاز. وان سبق احدهما الآخر على ان يرميا فى يوم بعينه، فزاد احدهما
الآخر على ان يؤخرالرمى إلى يوم آخر فلا بأس. ولا بأس على ان يسابقه على ان
يرميا وجهاً أو وجهين، على ان من فضل صاحبه بسم أو سهمين أو أكثر فقد نضله،
ولا بأس ان يسبق رجل رجلاً على ان يرمى المسبق عشرة أوجه، ثم يحسب صوابه
وخطأه، فإن كان الخطأ أكثر كان منضولاً، وان كان الصواب اكثر كان ناضلاً.
وليس قول الشافعى فى هذا بشىء فى قوله لا يجوز ان يناضل المرء نفسه. وهو قد
أجاز ان يقول له ابداً فإن اصبت بسهم فلك كذا. فهذا مثله. ولا باس ان
يترأميا مخاطة، وذلك ان يرميا ولا يحسبان شيئاً حتى يفرغ من الوجه، فإذا
فرغ فإن كان احدهما اصاب بخمسة والآخر/بأربعة حسب لصاحب الخمسة واحد، ولا
يحسب للآخر شىء، ويطرح ما تسأويا فيه. ولو اصاب واحد بخمسة والآخر بسهم حط
السهم الخأمس ولا يزإلان كذلك حتى يكون لأحدهما فضل على صاحب الخصل الذى
جعلاه له وانما يحسبان بعد فراغ الرشق، هكذا رأينا الرماة يفعلون، وحكاة
الشافعى ايضاً. ولولا اتباع الرماة لكان القياس إذا فضل احدهما الآخر بمثل
الخصل الذى جعلاه إليه وان كان فى بعض الوجوه فقد نضل، وان كان فيهما بلا
شرط حمل على عرف الناس، فكان كالشرط. وان تشارطا على أنه من سبق صاحبه إلى
فضل الخصل الذى جعلاه بينهما فقد نضل. فذلك جائز، وهو اقيس القولين. فإما
الذى عليه الرماة فلا يتعادون ولا يفضل واحد واحداً حتى يفضله بعد الفراغ
من الرشق بالخصل الذى سمياه، وأنه ان بلغ فضله مثل الخصل ولم يتما الرشق
فأنهما يتمان الرشق، فإن
[3/ 441]
(3/441)
أصاب المفضول بعد ذلك شيئاً حط من فضل
صاحبه، ولا بأس ان يترأميا محاطة على ان يكون خأسراً منها بعد خاسقين، وما
جاز فى المبادرة جاز فى المحاطة، ولا يحسب ما أصاب الخرق وسقط ولم يعلق،
ولا ما اصاب الجلد وخرمه حتى يكون الجلد مديراً به من جميع نواحيه.
وإذا اصاب فتعلق وخيف سقوطه، فإن كان هو المبتدىء فى ذلك الوجه قيل للآخر
ارم. فإن سقط بعد رميه بالسهم لم يحسب، وان ثبت حسب، وليس فيه قياس يصح
انما هذا اتباع لما وجد عليه الرماة.
وان اصاب/فى الجلد خرقاً فدخل فيه، وثبت فى الهدف فإن كان الجلد محيطاً به
حسب خاسقاً، وان تعلق بالجلد ونكس ولم يسقط فليحسب، وان اصاب الجلد راجعاً
على الارض لم يحسب، وان تعلق بالجلد، ولا يضر الريح باصراف الريح فهو
مخطىء، وان طرحت الريح الجلد قبل يقع فيه السهم، ثم وقع فإن وقع فى موضع لو
لم يزل الجلد أخطأه لم يحسب، وكذلك لو وقع بموضع لو لم تبتل الجلد كان
مصيباً فلا يحسب؛ إذ لعله لو ثبت الجلد لم يثبت فيه السهم. وقال الشافعى:
له ان يعود فيرمى به زالت الريح الجلد أو أزالت الجلد. وهو قول حسن، والذى
عليه الرماة إلا يعود.
وإذا أزالته الريح عن موضعه من الغرض يميناً وشمالا حسب له إذا اصابه وقال
الشافعى: لا يحسب له فإن اصاب السهم الجلد فثبت النضل وبعض السهم ةانكسر
اعلاه، فأنه يحسب خاسقاً، ولو اصاب بفوقه ثبت فى الجلد أو سقط لم يحسب،
واصاب العرى، فكان ملصقاً بالجلد غير خارج عن استدارته حسب، وإلا لم يحسب.
وكذلك ما دخل فى العروة من الجلد، إلا ان يشترط ما
[3/ 442]
(3/442)
اصاب العرى فيلزم ذلك، وإذا اصاب الجلد
فخسفه ودخل فى الغرض فغاب فيه، أو مرق منه حسب خاسقاً، ولا يحسب ما اصاب به
الوتر.
وإذا انكسر قوس المناضل، فهو عذر ويصبر عليه ليأتى بغيره، وكذلك ان انقطع
وتره، أو انكسر سهمه ابدل، وليس له ان يطول عليه، ولكن على ما
يتعارف/الناس. وإذا كان معه وتر يبعد من وتره فى الغلظ والرقة لم يلزمه ان
يرمى به، إلا ان يقاربه فى المعنى، وكذلك من السهم، ولو انخرم غشاء اصبع من
اصابعه أو مضربه، فليس عليه رمى حتى يصلحه، وأهل الرمى يقولون إذا انقطع
وتره وهو يرمى فخرج سهمه، فإن جأوز نصف الغرض كان كسهم أخطأ، وان لم يجأوزه
فله ان يرمى بآخر مكأنه. ومنهم من يقول ان جأوز الثلثين، ولا اعلم فيه حجة
غير اتباعهم. وقالوا كما لو انقطع واصاب الغرض حسب له، وكذلك ان أخطأ لم
يحسب. وأحسنه عندى أنه ان بلغ السهم مبلغاً يعلم أنه من قطع الوتر لا من
التضييع لم يحسب، وليرم ثانيةً، وان بلغ مبلغاً يبلغ مثله إذا أخطأ الرأمى
عد كسهم أخطأ، وكذلك لو حاد عن الغرض بما يكون مثله فى الرمى فهو كسهم
أخطا، وان علم أنه ليس من سوء الرمى، ولكن من قطع الوتر لم يحسب عليه خطأ.
وإذا سلم احدهما للآخر فقال: قد نضلتنى. فإن كان قبل ان يرميا أو بعد ما
رميا ما لا يتبين فيه بمثله فليس على صاحبه قبول ذلك، وكأنه كره ان يسمى
منضولاً ويؤدى، ولو كان هذا بعد ان جاء من فضل صاحبه عليه مالا يرجو ان
ينضله فهو جائز ان قبله الآخر، ورأيت الرماة لا يسلم احدهم للآخر حتى ييأس
ولا يجد حيلةً.
[3/ 443]
(3/443)
قال: ولا يجوز ان يشترطا ان من ترك منهما
الرمى من غير عذر، فهو منضول أو يؤدى مثل السبق وعليه ان يرمى، ولا احب ان
يشترطاً إلا يرمى إلابقوس بعينها، وليس كذلك الفرس لأن الفرس هو الذى يجارى
الفرس، وفى الرمى الرجل/هو الذى يرأمى الرجل.
وإذا وجب السبق كان ديناً يحاص به الغرماء، وان غربت الشمس فليس عليهما رمى
وليقطعا، وان كانا فى بعض وجه ان تشاحا.
ولو رمى بعد مغيبها، فعليهما تمام ذلك الرشق. والمطر والريح العاصف عذر
يقطع به الرمى. وإما غير العاصفة فلا، وعلى الرأميين إلا يحبس احدهما الآخر
على عمد الضرر به أو لينسيه ما تقدم من احسأنه ان كان محسناً. وللمسبق ان
يبدأ من اى وجهى الغرض شاء، استقبل الريح أو استدبرها.
وان شرطا ان يرميا مع الريح أو عليها جاز ذلك. وان شرطا إلا يرميا إلا من
وجه واحد جاز ذلك، وإذا سبق حزب حزباً فعلى أهل الرمى ان يخلو الغرض لهم
حتى يفرغوا من رميهم، وكذلك الميدان إذا تراهن رجلان أو جماعة بجماعة، فعلى
من حضر من أهل الرهان ان يخلى لهم الميدان، على هذا أهل الرمى.
ولا بأس ان يجعل بين المتناضلين أميناً، يحسب ما رآه مصيباً، ويطرح ما لا
يجب ان يحسبه، ويحفظ العدد لئلا يختلفوا فيه، وليس يجوز للذى يرأمى الآخر
إذا أخذ رسله فى الرمى ان يتحدث ولا يتكلم، وهذا يودى رسله، ولا بأس ان
يشترط إلا يزجر السهم إلا الرأمى وحده، وما شغل الرأمى من الرسيل أو غيرهم
بعليهم ان يجيبوا ذلك الرماة.
[3/ 444]
(3/444)
ولا بأس ان يرمى الرجل الرجل بأن يقول بسم
الله، واسترزق الله، وأخذر موضع كذا من الغرض إذ الريح عليك. فلا يضنع
البدع وشبه هذا.
وان شرطا خصلاً معلوماً ثم قال له: ارم هذا السهم فإن اصبت به فقد نضلتنى،
فإن كان لو لم يصب/كانا رميهما فجائز، وان كان ان أخطأ فقد نضله فلا خير
فيه.
وإذا تقدم فرميا، ثم انقطع وتر احدهما، فمن الرماة من يقول: ان بعد بدله
رمى غيرهما. وقال احدهم إلا ان يعرف الفلج، فلهما إلا يتقدم غيرهما. وإذا
شرط ان يبدأ احدهما بوجه أو وجهين، ثم يرميان ويحسب للبادىء ما اصاب فذلك
جائز، وان بدأ بالرمى من ليس له ان يبدأ طرح ذلك اصاب أو أخطأ.
وذكر محمد ما حكاه الشافعى عن رماة أهلمكة ما عابد. قال محمد: وأصل الرمى
اريد به المعاداة، وان يكون ما هم فيه يحضهم على الرمى والمحإماة فيه يكون
أدعى لهم للزومه وإلاحتيال فيه وتجويد اداته، وإذا نضل المسبق فله السبق
يصنع به ما شاء، ان شاء أخذه لنفسه، وان شاء صنع به طعام المن حضر، وهذا
احسنه.
وسئل عمرو بن دينار عن إلاسباق فقال كل واطعم معك. وقال ربيعة: لا بأس به؛
يعنى سبق الوالى ولك فى بيت المال حق. قال نافع مولى بن عمر: وكان الناس
يسألون الوالى فيسبقهم.
قال محمد: ولا بأس ان تستأجر رجلاً يوماً يعلمك الرمى والفروسية والمطاعنة
والضرب بالسيف والوثوب على الخيل، وادارة القناة، وإلاتقاء بالدرقة والنرس،
والرمى بالمزاريق والمنجينيقات والعرادات والمقاليع، وكل ما كان عدةً على
العدو.
[3/ 445]
(3/445)
فى إلافتخار عند الرمى
والتحريض على تعلم الحرب
من كتاب ابن عمر: ولا بأس بإلافتخار عند الرمى وإلانتماء إلى القبائل
والرجز. وهكذا إذا رمى بالسهم فظنه مصيباً ان يصيح عليه، وبالذكر/لله احب
إلى.
وان قال انا الفلأنى فجائز ذلك كله نستحبه، وفيه اغراء لبعضهم ببعض.
وروى ان النبى صلى الله عليه وسلم، رمى، فقال: انا ابن العواتك. ورمى ابن
عمر بين الهدفين، فقال: انا بها. وقال: انا أبو عبد الرحمن. وقال مكحول انا
الغلأم الهذلى.
قال محمد: كان مكحول فارساً، وكانت لغته بالدال.
قال: ورأى حذيفة يسعى بين الهدفين، وعليه قميص حسنة محلول إلازار،.
قال محمد: ولا احب ان يرى الرماة أنه يسهل عليهم النضل، ولينقض كل واحد منه
على أصحابه بالحق وكلما ارادوا فيه مغاراة وتحاسداً، وكذلك أمور الحرب بين
لأمسلمين وعدوهم وكل ما كان من العدة عليهم فلا بأس بالمفآخرة فيه وقد قال
النبى صلى الله عليه وسلم لأبى دجانة حين تبختر فى مشيته فى الحرب: أنها
لمشية يبغضها الله إلا فى مثل هذا الموطن. واجاز المسلمون تحلية السيف، وما
ذلك إلا لما أجيز من التفآخر فيه، وكرهوا آنية الذهب والفضة، واجازوا ذلك
فى
[3/ 446]
(3/446)
السلاح. وروى ان النبى صلى الله عليه وسلم
اجرى الخيل، فجاء فرسه إلادهم فجثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على
ركبتيه وقال: أنه لبحر.
وقال عمر كذب الخطيئة حيث يقول:
وان جياد الخيل لا تستفزنا ولا جاعلات العاج فوق المضاعد
ولو ترك هذا احد تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان عمر يهرول بين
العرضتين من الرمى.
باب فى التداعى والبينات فى الرمى وسبق الخيل/
قال محمد بن عبد الحكم: ولا يجوز فى الشهادة على إلاسباق إلا العدول،
ويجوزفيه شاهد ويمين فى التعاقد فيه، وفى مبلغ السبق المجعول فيه، وفى أنه
نضل. ويجوز فيه شاهد وأمرأتان، وان شهد فيه أبناء أحدهما أو أبوه وابنه،
فإن كان طالباً لم تجز شهادتها، وان كان مطلوباً جازت لأنها عليه. وكذلك
يجوزان عليه فى انكاره لشراء صفقة، فإن أدعى شراها لم يقبلا، وان شهدا ان
فلأناً سبق فلأناً ديناراً فحكم عليه ان يراهيه ففعل، فنضل المسبق ثم رجعا
فلا شىء عليهما لأنه لم يغرم، وانما ألزإماه الرمى. ولو نضله الآخر غرماً
ما ادى. وان شهدا أنه سبقه وجعل الخصل إلى مائة، وقال هو إلى خمسين. فقضى
عليه فبلغ إلى مائة، ثم نصل المسبق ثم رجعا فلينظر، فإن كان الناضل هو سبق
ايضاً إلى خمسين قيل له: انت منضول بكل حال: ولا غرم على الشاهدين. وان كان
المشهود عليه سبق إلى الخمسين ونضله الآخر إلى تمام المائة غرم الشاهدان
الدينار الذى غرمه المسبق.
[3/ 447]
(3/447)
وان قال احدهما ترأمينا على ان نرمى بقوس
عربية. وقال الآخر بفارسية. فشهدا على آحدهما ثم رجعا وقد نضل المشهود
عليه، فأنهما يغرمان، بخلاف ما لو شهدا على ان يرميا يوم كذا، والآخر يدعى
يوما غيره، فقضى عليه، فلا يغرمان ان رجعا شيئاً. وكذلك لو اختلفا فى عدد
السهام، فقال هذا: على ان يرمى فى كل وجه بخمسة. وقال الآخر بعشرة. قشهدا
على ذلك، فنضل احدهما الآخر، فلا شىء على الشاهدين فى هذا ان رجعا. ولو
شهدا لأحدهما أنه سبقه على خيار، وقال الآخر على غير خيار. فحكم للآخر،
فاختار إلا يرمى، ثم رجعا/فلا شىء عليهما. وكذلك لو شهدا أنه اقاله ثم
رجعا.
وإذا قال المسبق سبقتنى ديناراً. وقال المسبق: نصف دينار. تحالفا وتفاسخا.
وعلى قول ابن القاسم: ان رميا وأمعنا فى الرمى حلف المسبق وصدق. وفى قول
أشهب: يتحالفإن ويتفاسخان أبداً. وإذا فرغا من الرمى ونضل المسبق، فالقول
قول المسبق مع يمينه، ما لم يأت بما يتبين فيه كذبه، فمن الرماة من لا يجرى
عليهم سبق الدرهم وشبهه؛ كما ول قال رجل: سبقت مثل ابن مهدى بالبصرة، وكبيس
بمصر لكان كإذباً، وهذان غاية فى الرمى، كما لو قال: تزوجت فلأنة بثلاثة
دراهم. وصداق مثلها مائتان، فيحمل أمرهما على ما يعرف الناس بعد إلايمان.
وان قال: سبقتك على ان ترمى بعشرة فى كل رشق. وقال الآخر بخمسة تحالفا
وتفاسخا، وان ترأميا على عدد فهو ما ابتدؤوا عليه الرمى، وان تداعيا فى
الغرض فالقول قول المسبق مع يمينه ان كان الذراع واحداً، ولا يفسخ فى مثل
هذا لأن إلاغراض ليس فيها تفاضل.
ولو قال قائل: يتحالفإن ويتفاسخان. لكان مذهباً، والأول احب إلى. ولو أنهدم
الغرض، أو كان جلداً بعينه فسرق، رمياً فى غرض آخر وجلد آخر على قدره ولم
يفسخ. وان قال احدهما: سبقتك على ان يكون الخصل
[3/ 448]
(3/448)
إلى مائة. وقال الآخر إلى خمسين. تحالفا
وتفاسخا ان لم يرجع واحد إلى آخر. وان قال احدهما: رضينا بفلأن، وقال الآخر
بل بفلأن. قيل لهما: ارضياً إلان بمن شئتما. وإلا جعل الحاكم عدلاً بينهما
ممن يعرف الرمى.
ومن كتاب ادب القاضى لمحسن بن عبد الحكم: وإذا سبق احدهما الآخر ديناراً أو
درهماً، وجعل الخصل إلى شىء مسمى، وقبل منه ما سبقه، وأبى احدهما ان يرمى،
فإن القاضى يقضى عليه ان يرمى معه حتى يفرغ، وكذلك ان رميا ثم بدا لأحدهما
ان يرمى قضى عليه ان يرمى معه حتى يفرغ، وإذا نضل المسبق أخذ السبق، فإن
شاء هيا به طعام المن حضر من الرماة أو غيرهم، وان شاء أخذه لنفسه، وكان
مالك يحب ان يجعل السبق خارجاً على كل حال لسبق الرماة غيرهم، فيأخذه
المصلى، كما يفعل الركاب فى الخيل، ويخرجه الذى سبقه نضل أو نضل، وقد اجاز
ايضاً ذلك على ما قلت لك.
تم كتاب السبق والرمى
بحمد الله وعونه
بعده كتاب النذور وإلايمان
[3/ 449]
(3/449)
|