النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثانى
من كتاب النذور والأيمان
فيمن حلف إن فعل أو ليفعلن
فيفعل ما يشبه ذلك أو يقاربه
وما يرد فيه من ذلك إلى معنى يمينه ونيته
من العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق أن لا يكلم امرأته وقتاً،
هل يطؤها ويقبلها؟ قال فذلك له إلا أن يكون نوى اعتزالها فلا يفعل. وعمن
وجد فى المجزرة زحاما فحلف بالطلاق لا اشترى اليوم لحما لأهله، فاشترى كبشا
فذبحه لهم فهو حانث، إلا أن تكون نيته كراهية الزحام فى المجزرة، فله إن
وجد فى غيرها كبشاً أو لحما أن يشتريه وينوى.
وإن حلف لا ركب حماراً فى حج وهو مدنى فركبه إلى جدة مرابطاً فلا ينبغى له
ذلك. قال عيسى إنما نهاه لأن طريقه على مكة، ولو كان طريقه على غيرها كان
ذلك له إن شاء.
[4/ 89]
(4/89)
وعمن دخل بين ابنى عمه يصلح فاتهماه فحلف
بالطلاق لا دخل فى أمرها بشىء، فذكر أحدهما أمره لرجل فقال الرجل للحالف:
ادع لى فلاناً فذهب فلم يجده. فإن أراد الكلام والإصلاح ولم يرد المشى فلا
شىء عليه.
ومن قال أنت طالق إن فوضت إليك شيئا، ثم أمر معلمه أن يدفع إجارته إليها
وهو حائك وهى لم تقبض بعد. قال قد حنث لأن الأمر تفويض.
ومن حلف إن خرج إلى سفر أن لا يرجع إلى سنين، فإن أراد مصرا ثم تركها وخرج
إلى غيرها فلا شىء عليه، وإن لم يرد موضعا فاليمين عليه إن خرج إلى أى سفر.
ومن تحمل لرجل بأجر فقال له الحميل حين أراد الحمالة: أخشى أن تغرمنى فحلف
لا غرمتك منها شيئا، فحل الأجل فأراد الحميل أن يسلفه ويغرم عنه حتى يقبضه.
قال لا يفعل وليتسلف من غيره، وكذلك هى فى المجموعة عن مالك، وزاد قال ابن
القاسم وكذلك لو حلف له لأعطينك إياها عند الأجل فتحمل له، فلما حل الأجل
قال له الحميل أخشى أنك تحنث ولكن أنا أسلم إليك دنانير على قمح أو اشترى
منك ثوبك هذا أو أسلفك إياها لتقضيها فهو يحنث بذلك كله.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن جاء ببينة يدخلهم على ابنته فيشهدون
على وصيتها، فحلف الزوج لا دخلوا عليها. فخرجت هى إليهم فأشهدتهم خارجاً من
الدار، فينوى، فإن نوى ما يكره من أن يروا من حال بيته مما يكره فله نيته
ويحلف، وإن كان إنما كره إشهادهم حنث. ولو خوصم فى هذه اليمين فأنكرها فلما
ثبتت عليه البينة قال نويت كذا فله نيته تلك، وليس إنكاره اليمين يزيل ما
يدعى من البينة، فإن تبين بالبينة كراهيته لما تشهد فيه والسخط فيه وهو ليس
برب المنزل، قال له نيته ويدين ويحلف.
[4/ 90]
(4/90)
ومن العتبية من سماع أشهب وابن نافع: ومن
حلف لا دخل على أخته بيتا ما دام زوجها زوجها فغاب الزوج ومرضت فنقلتها
أمها، فأحب إلى أن لا يدخل إليها.
ومن حلف فى فراش ألا يضطجع عليه بعتق فالتحفه مع امرأته فهو حانث، وقال
أشهب فيمن حلف على بساط لا يجلس عليه فمشى عليه فإن أراد اجتنابه أو كره
النفع به والجلوس عليه حنث، إلا أن يكون له نية أو سبب.
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم ومن حلف لا يسأل رجلا حاجة فسأله رجل سؤاله
فعرفه بيمينه وقال له كلم أبى يقوم لك بذلك، فلا حنث عليه إلا أن يأمر هو
أباه بذلك.
ومن حلف لامرأته بالطلاق لا تغيبت عنك، فخرج فى حاجة لم يخرج ليغيب عنها
فلا حنث إلا أن يريد إن غبت عنك.
ومن حلف بطلاق نسائه إن حلف بالطلاق فطلق واحدة منهن فلا حنث عليه. ومن حلف
بطلاق كل امرأة يتزوجها إلا كفئا فأعتق جارية ثم تزوجها فنسى يمينه وهو فى
بيت من الموالى فأراد الكفء فى الحب فقد حنث.
قال ابن القاسم عن مالك فى التى حلفت فى عبد لها لا باعته ولا وهبته أتتصدق
به على ولدها؟ قال لا يعجبنى وهو كالهبة.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف أن يطأ امرأته فوطئها وهى حائض أو فى نهار
رمضان فلا يبر بذلك ولو كانت يمينه ألا يطأها حنث بوطئه فى الحيض وفى نهار
رمضان.
[4/ 91]
(4/91)
وذكر ابن المواز عن ابن القاسم أنه يزول
بذلك الوطء عنه يمينه ويأثم ولا حنث عليه. ولو كانت يمينه أن يطأها حنث
بذلك الوطء.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: ومن عوتب فى ضربه غلام رجل فقال إن كنت فغلامى
حر، ثم أقر أنه كان خنقه. قال الخنق كالضرب، وإنما ينظر إلى بساط يمينه،
فأذى الخنق أشد من أذى الضرب.
ومن المجموعة قال مالك فى عبد حلف لسيده ألا يأبق فأبق عنه ليلة فجعل على
يد طالب الإباق فلقيه بالبلاط، فقال لم أبق إنما حملت البارحة شيئا إلى
العقيق بأجر فلا شىء عليه، وليس هذا بإباق.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن قال أنت طالق إن بت معك اليلة فى
منزلك فبات معها فى حجرتها فهو حانث إلا أن تكون له نيته.
وقال أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا دخلت امرأته الحمام سنة فذهبت
إلى بيت أهلها بإذنه فأتيت بماء من الحمام فاستحمت به عندهم فلا شىء عليه.
قيل إنها ذهبت إلى الحمام فرفعت ثيابها خارجا عند الباب ولم تدخل هى، فقال
له أحلفت لا تخرج إلى الحمام ولا تدخله؟ قال بل لا تدخله، قال لا شىء عليك
إن أيقنت أنها لم تدخله. قال وموضع الثياب ليس من الحمام وإن كان يستر
وتخرج إليه المرأة عريانة. قال أصبغ وكأنه يحنث لو حلف لا يخرج إلى الحمام
أو لا يسير إليه بعورته، وقال به سحنون فى كتاب ابنه.
وقال أصبغ ولو حلف بالطلاق لا حضرت جنازة فأتى نعى رجل فبكته امرأته واجتمع
النساء عندها فحضر عندها. قال ابن القاسم هو حانث.
قال أصبغ قال مالك فيمن حلف لا خرجت زوجته من المدينة إلا برضاه، فأقام
عنها بمصر دهراً لا يبعث إليها بنفقة فخرجت إليه، قال يحنث لأنه هو ألجأها
إلى الخروج.
[4/ 92]
(4/92)
قال أصبغ فى امرأة تكثر الخروج إلى بيت
أهلها فحلف الزوج بالطلاق لئن خرجت وبعث فى ردها وبعث فى ولدها الصغير
فأخذه منها فرجعت لأخذه منه، قال هو حانث لأنه تسبب بذلك إلى ردها. وقال
ابن سحنون عن أبيه لا يحنث بذلك وكذلك قال فى التى أبت أن تخرج مع زوجها
إلى سفره فحلف لا أرسلت وراءك، فأبى أن يبعث إليها نفقة فخرجت إليه لذلك
قال لا يحنث بذلك.
قال أبو زيد عن ابن القاسم: وإن حلف إن دخلت امرأته بيتاً من الدار إلا
بإذنه، فدخلت حجرة من حجر البيوت قال يحنث. وكذلك فى كتاب ابن المواز فيمن
حلف لا دخل بيتا من الدار فدخل حجرته حنث.
ومن العتبية قال أصبغ: ومن حلف ليغسلن رأس فلان فغسله وهو ميت، قال يحنث.
وعمن تزوج فى غيبته فحلفت زوجته لتسألنه الطلاق إذا قدم فبلغه فحلف إن
سألته ليجيبنها، فقدم فسألته ذلك فملكها ولم تختر شيئا فلا شىء عليه، إلا
أن ينوى بقوله لأجيبنها أى لأطلقنها. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
والمسألة التى فيها لئن سألتنى الطلاق لطلقنها فملكها مذكورة فى باب جامع
الأيمان فى آخر كتاب الطلاق.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى العتبية من سماع أصبغ وعن صانع حلف لا عمل فى
هذه القرية إلا لفلان وفلان، فأراد أحد منها أن يؤاجره لنفسه سنةً بأجر
معلوم ويجعله يعمل فى الحانوت وما أصاب فلمن آجره، فإن كان الذى استأجره
يلى المعاملة وهذا يعمل ولا يأخذ ولا يعطى لم يحنث، وإن أطلقه فى
[4/ 93]
(4/93)
الحانوت للأخذ والإعطاء حنث لأنه يضمن ما
يدفع إليه. وهذا الذى ذكره فى مخرج يمينه.
قال فى كتاب ابن المواز وقيل إلا أن يكون يكره الصنعة وأراد قطعها وقطع
نفعها فيحنث بكل حال. وعن رجل كان يستعمله أخوه بأجر فحلف لا عمل له عملاً
فجلس فى حانوته يعمل فيها فخبز له قمحا فأخذ من الخبز أجر عمل الدواب فقد
حنث، إلا أن يكون الكراء لرب الطاحونة والحالف أجير عنده بأجر معلوم وليس
له دزء من العمل فلا شىء عليه.
ومن حلف لا تحمل برجل إلى سنة فتحمل برجل اليوم إلى بعد السنة فهو حانث.
ومنه ومن المجموعة قال مالك: ومن حلف بالطلاق إن أخرج من خراج زوجته لسيدها
شيئا فأسلفها درهما فربحت فيه ما يؤدى، فقال له إن كنت لم تردها وإنما أردت
ألا تخرج خراجها فلا شىء عليك، وما أحب أن تسلفها وأخاف عليك الحنث، وليأخذ
الدرهم فيما يستقبل.
ومن كتاب ابن المواز: وعمن ولدت امرأته غلاماً فحلف ليجتنبن منها ما يفسد
اللبن فكان يتفخذها ويعبث عليها دون الفرج، فليسأل عن ذلك، فإن كان مما
يفسد اللبن حنث، وإلا فلا شىء عليه.
ومن حلف أن لا يشهد لى فلان ولا على فبعث منه سلعة بثمن إلى أجل وكتب به
كتابا فكتب به شهادته على نفسه فى ذلك فقد حنث إن دفع الكتاب إلى صاحب
الحق.
ومن اشترى لزوجته حيتاناً فسخطته فحلف لا أشترى لها عشاء لحماً ولا حيتاناً
ولا نية له، فلا بأس أن يشتريه فى الغداء إذا لم ير به وجه الضيق والضرر،
ولا يحنث إذا لم يكن فى ذلك فضل عن الغداء، فإن كان فيه فضل فأخرجه ولم
[4/ 94]
(4/94)
يبقه للعشاء فلا شىء عليه. ولا بأس أن
يشترى عشاء غير اللحم والحيتان إلا أن يريد ترك العشاء كله.
ومنه ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم: ومن غدى رجلاً ثم حلف بالطلاق لا
غداه أبدا فعشاه، فإن لم يكن له نية فلا شىء عليه. وزاد العتبى فى روايته:
وهو كمن حلف فى جار أذاه لا ساكنه ولا جاوره فى هذه الدار، فله أن يساكنه
أو يجاوره فى غيرها إن لم تكن له نية. وكذلك لو حلف لا ساكنه بمصر فله أن
يساكنه بغيرها. وكذلك لو حلف لا كسا امرأته قرقل كتان ولا نية له فكساها
قرقل خز فلا شىء عليه.
ومن حلف لا يحضر عرساً فعرس بعض إخوانه وانقضى ثم صنع طعاما ً فدعاه إليه،
فإن كان ذلك الطعام لأجل ذلك العرس وشبهه فلا يدخله، وإن كان لغير ذلك فلا
حنث. وإن صنعه لسببه لأنه لم يحضر العرس فلا يدخله. وكذلك إن صنعه لحرارة
العرس فلا يدخله، وكذلك رواها العتبى عن أصبغ عن ابن القاسم. وقال قال أصبغ
وإن صنعه لحرارة العرس فلا يدخله. وإن زعم أنه صنعه لغير ذلك لما يخالط
الناس الشك واستجازة الناس مثل هذا وتأويلهم فيه فإن فعل حنث.
ومن المجموعة ورواها أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية فيمن حلف لا يتعشى
فشرب الماء فلا شىء عليه. وكذلك إن شرب نبيذاً، فإن شرب سويقا حنث، وإن
تسحر فلا شىء عليه.
ومن العتبية والمجموعة ابن القاسم عن مالك: ومن خرجت زوجته فعاتبها فقالت
خرجت فى حق لك فحلف لا خرجت فى حق وجىء الحج، ثم سافر قبل
[4/ 95]
(4/95)
ذلك فأمرها أن تخرج إلى أهلها فتقيم عندهم
حتى يرجع فلا شىء عليه. وهذا ليس بحق. وروى ابن القاسم عن مالك فى
الكتابين.
قال فى المجموعة ابن وهب عن مالك فيمن حلف لا تواكله زوجته فى صفحة شهراً
فجاءته بطبق فيه رطب ليأكله وفيه بضعة لحم جعلتها للخادم وهى لا تأكل معه
فهو يأكل الرطب فأخذت المرأة البضعة لتأكلها فأخذها من يدها وقال حلفت لا
تأكلين معى ثم وامر نفسه ثم قال إنما حلفت لا تؤاكلينى فى صفحة وهذا طبق،
فأعطاها البضعة فأكلتها، قال هو حانث والطبق والصفحة واحد.
ومن المجموعة قال على عن مالك: ومن حلف لا يعين بزيت ولا بطعام فلا يعين
بزيت ولا طعام مفتت، وكذلك فى العتبية قال غيره فى المجموعة إن نوى الزيت
خاصة لم أبلغ به الحنث، ولا أحب بعضه ببعض متفاضلا. كما أكره التفاصيل فى
ولم ير مالك ما تغير بأشجار الأرض يخرجه من صنفه وإنما يخرج ذلك إذا طيب
بصريح الطيب كالمسك والعنبر والعود وشبهه.
ومن العتبية قال سحنون فيمن حلف لا اشترى أكثر من عشر شياه فاشترى هو
ورجلان ثلاثين شاه أثلاثاً، فغن قاسم شريكيه فنابه أكثر من عشر شياه حنث،
وإن نابه عشرة فأقل لم يحنث.
قال: ومن حلف لا يحكم بين الناس فأتاه صبيان الكتاب فجار بينهم فليس هذا
بساط ما حلف فيه. قال وإذا لم يكن لليمين بساط فاهرب.
[4/ 96]
(4/96)
ومنها قال عبد الملك بن الحسن فى العتبية
عن ابن القاسم فيمن حلف لا ركب فرسا فركب برذونا حنث، وإن حلف لا ركب
برذوناً فركب فرساً لم يحنث.
وبعد هذا باب فيم نحلف لا دخل على فلان مسألة من حلف لا دخل دار فلان فدخل
قريته أو حانوته.
فيمن حلف ألا يأكل شيئا فأكل
ما تولد منه واختل عن معناه
أو أكل ما يشبهه أو قال لا أكلت كذا
فشربه أو لا شربته فأكله
قال مالك وأصحابه فى الحالف ألا يأكل لحماً غنه يحنث بما أكل من لحم أو
شحم، والحالف على الشحم لا يحنث بأكله اللحم. والعلة أن القائل لا أكلت
لحما قد دخل تحت هذه الكلمة الشحم واللحم فى اللغة والعرف، كما لو أسلم في
لحم ضأن وسط لم يكن للبائع ولا للمبتاع أن يقول هو شحم لا لحم فيه لكن له
اللحم وإن كان فيه شحم لأن ذلك يقتضيه الاسم كما كان ذكر الله سبحانه
لتحريم لحم الخنزير ينوب عن اسم الشحم وكان الاسم جامعا لذلك، فكان تحريمه
للشحم على بنى اسرائيل لا يدخل معه اللحم ولا يدخل تحت هذا الاسم إلا
الشحم، فكذلك الحالف على أكله الشحم لا يحنث بأكله اللحم لما ذكرنا.
ورأيت فى كتاب ابن سحنون قال سحنون: واللحم اسم جامع للحم والشحم.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى المجموعة عن ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا شرب
لبنا ولا أكله أو قال هذا اللبن، فله أن يأكل ما تولد عنه من سمن
[4/ 97]
(4/97)
وزبد وجبن. فأما إن قال من هذا اللبن فإنه
يحنث بأكل ما تولد منه من زبد وغيره. وكذلك قوله لا أكلت من لبن هذه الشاه
بعينها، كان ذلك السمن وغيره مستخرجاً منها قبل يمينه أو بعده. ولو قال لا
أكلت لبنها لم يحنث بأكل ما تولد منه ما لم تكن له نية، فإن كانت نيته على
اللبن فهو أخف إذا خرجت من ملك ريها.
وإذا حلف لا يأكل من جبن هذه الشاه فله أن يأكل من لبنها وسمنها. وإن حلف
لا أكل من سمنها فله أن يأكل من لبنها وزبدها وجبنها. وإن حلف لا يأكل من
بسر هذه النخلة فلا يأكل من رطبها تمرها، يريد وكذلك لو قال من رطبها فلا
يأكل من تمرها. قالا ومن حلف لا يأكل رطبا فله أكل التمر.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم قال: إن حلف لا أكل سمناً لم يحنث بأكل
الزبد. ولو حلف لا أكل زبدا لم يحنث بأكل السمن، وإن حلف بالطلاق لا أكل
لبنا بإطلاق وقال نويت لبن أحد الأنعام فذلك له فى الفتيا ما لم تقم عليه
بينة وكذلك إن حلف فى السمن وقال نويت سمن البقر.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن القاسم: وإن حلف لا أكل قصباً فله
أن يأكل عسل القصب والسكر، وإن حلف لا يأكل عسلا فله أكل رب العسل إلا أن
ينوى ترك ما يخرج من ذلك. وكذلك على عنب فشرب العصير إلا أن يكون له نية فى
ذلك كله. واما خل ذلك كله فلا يحنث به لتغيره منه فى المعنى والصفة وقاله
أشهب. وكذلك قال ابن حبيب فى الحالف على العسل أو التين يحنث بشرب نبيذه
إلا أن تكون له نية.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى المجموعة لابن القاسم وأشهب فيمن حلف لا أكل من
هذا الطلع فلا ياكل من بسره وتمره إلا أن ينوى الطلع بعينه.
[4/ 98]
(4/98)
واستحسن أشهب أنه لا يحنث فى الطلع بأكل
بسره ورطبه لبعد ذلك منه فى النفع والمعنى.
قال ابن المواز ولم يختلف فيمن حلف لاأكل رطباً فأكل بسرا، واختلف فى
المتولد منه فلم يره ابن القاسم إلا فى الشحم من اللحم، وفى النبيذ من
التمر، والزبيب من العنب، والمرق من اللحم، والخبز من القمح والعصير من
العنب فأما غيرهذه الأشياء فلا شىء عليه فى المتولد إلا أن يقول لا أكلت
منه فينحث، أو تكون له نية أو سبب وذهب ابن وهب فى المتولد أن من حلف على
البسر فأكل رطباً أو على الرطب فاكل تمراً أو على الزبد فأكل سمناً أنه
حانث بمنزلة الشحم من اللحم.
قال ابن القاسم ويحنث الحالف على اللحم بشرب مرقه ولا ينوى لأنه كبعضه ذبل
وتهرأ فيه. قال عنه عيسى فى العتبية أخاف أن يحنث ومن كتاب ابن المواز وهى
لأشهب فى المجموعة وأما من حلف لا أكل من هذه الضأن فلا يحنث بأكل لبنها
وزبدها إلا أن ينوى ذلك.
قال أحمد بن ميسر وقد اختلف فى الحالف لا أكل من هذه النعجة فأكل من نسلها.
وقال ابن حبيب: أما إن حلف لا آكل تمراً فله أن يأكل الرطب والزهو، والحالف
على الرطب والزهو فله أكل التمر إلا أن ينوى وما يؤول إليه. وكذلك إن قال
عنباً فله أكل الزبيب. وأما إن قال هذا العنب أو عنب هذا الكرم فلا يأكل
زبيبه، وكذلك إن قال رطب هذه النخلة أو هذا الرطب فإنه يحنث بأكل تمره.
وسواء عنده قال من رطب هذه النخلة أو قال رطبها وسواء قال من هذا الرطب أو
قال هذا الرطب ولم يقل من فإنه يحنث بأكله من تمره، إلا أن يقول لا أكلت
[4/ 99]
(4/99)
من تمر هذه النخلة رطباً فليأكل منها تمرا.
وكذلك إن قال عنب هذا الكرم أو قال هذا العنب قال يأكل زبيبه. ولو قال من
هذا الكرم عنباً لم يحنث بأكل زبيبه وإذا حلف لا آكل هذا اللبن بعينه أو
قال لبن هذه الشاة فلا يأكل ما تولد منه. ولو قال من هذه الشاه لبناً فله
أن يأكل منها سمنا وجبنا وقال هذا أحسن ما سمعت، وقد اختلف أصحابنا فيه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وأما الحالف لا آكل هذه الحنطة أو هذا
الدقيق أو قال من هذه الحنطة أو من هذا الدقيق فأكل ذلك خبزاً أو كعكاً أو
سويقا فإنه يحنث.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لا أكل قمحاً فإنه يحنث بأكل الخبز والسويق
لأنه كذلك يؤكل فى الأغلب إلا أن تكون له نية فى القمح لأنه ينبت التالول
ولغير ذلك فينوى. وقد قيل ليس القمح من ذلك، من حلف لا أكل هذا القمح إنه
لا يحنث بأكله خبزا حتى يقول من هذا القمح أو من هذا الدقيق. محمد: وهذا
أجود.
ولو قال لا أكلت من هذا القمح فزرع فأكل ما أنبت فلا يحنث، كما لو اشترى
بثمنه قمحا فأكله إلا أن يريد التضييق على نفسه. وقد قيل إن كره رد الحب لم
يحنث وإن كان للمن حنث.
وذكر ابن عبدوس هذا القول عن ابن القاسم، والأول عن أشهب. قال أشهب وكذلك
إن باعه فأكل غيره بثمنه فلا يحنث، إلا يريد التضييق على نفسه فيما يخرج
منه من نبات أو تمر.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا شرب لبنا فلا يأكله،
وإن حلف لا أكله فلا يشربه. قال وكذلك السويق فى الوجهين.
[4/ 100]
(4/100)
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف لا أكل من
هذا العجين فعجن له دقيق ففضلت منه خميرة فعجن بالخميرة خبزا وبقى أيضاً من
العجين خميرة ثم عجن بها ما أكل منه الحالف فإنه حانث إن كان يمينه على
المن أو لكراهيته الدقيق. وإن كان يمينه لكراهيته ملك من كان ذلك العجين
فزال من ملكه فلا حنث عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: والحالف على الثوم لا يحنث بأكل البصل، وإن
حلف لا يأكل البصل فلا يحنث بأكل الثوم. قال ابن المواز إلا يكون كره
الرائحة فيحنث.
فى الحالف على اللحم أو الرؤوس أو الدجاج
أو البيض أو صنف من الحيوان وما تولد منها
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة قال ابن القاسم فى الحالف على الرؤوس أو البيض فأكل رؤوس السمك
وبيضها أو رؤوس الطير أو بيضها سوى الدجاج، فليحمل على ما جرى به يمينه،
فإن لم يكن له بساط أو كلام يدل على قصده ولا نية له لزمه الحنث بما يقع
عليه ذلك الاسم.
قال فى كتاب ابن المواز والحالف على اللحم يدخل فيه لحم الطير والحوت طريه
ومالحه، إلا أن تكون له نية أو سبب يدل على مراده.
وقال أشهب فى المجموعة لا يحنث فى اللحم والرؤوس إلا بلحم الأنعام الأربع
ورؤوسها لأن عليها يقع أيمان الناس، إلا أن ينوى اللحوم كلها من طير وحوت
وغيره. وأما البيض بكل بيض أكله استحسانا وليس بقياس. ويفرق ما بين ذلك بعد
ما بين رؤوس الضأن والطير وقرب ما بين بيض الدجاج والطير ومنه ما يشبهه فى
الخلق والطعم.
[4/ 101]
(4/101)
وقال ابن حبيب لا يحنث فى الرؤوس بأكل رؤوس
الحيتان والجراد إلا أن ينوى ذلك. وفى البيض يحنث بأكل بيض الطير، ولا يحنث
ببيض الحوت حتى ينويه، وذكر قول ابن القاسم وأشهب.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا أكل لبناً أو سمناً فذلك من جميع الأنعام
يحنث به، وإن حلف على أحد منها لم يحنث بأكل الآخر. قال ابن القاسم فيه وفى
المجموعة: والحالف على الدجاج يحنث بأكل الديكة، والحالف على الديكة لا
يحنث إن أكل دجاجة. قال عبد الملك ابن الحسن مثله وزاد: فإن قال لا أكلت
دجاجة لم يحنث بأكل الديكة، ولو قال ديكا لم يحنث بأكل دجاجة، وكذلك ذكر
ابن حبيب عن ابن الماجشون.
ومن حلف لا أكل لحوم الوحش فله أكل لحوم الأنعام والطير الوحشى والإنسى،
وإن حلف لا أكل لبنا فلا يأكل لبن الأنعام كلها، إلا أن تكون له نية فى
بعضها.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف على الكباش فلا يأكل النعاج ولا يأكل صغار
ذلك كله. ولو حلف لا أكلف كبشا ولم يقل كباشا لم يحنث بأكل الصغار من ذكر
أو أنثى. قال ابن حبيب إلا أن ينوى اجتناب لحوم الكباش فلا يأكل صغارها.
قال ابن المواز: وإن حلف لا أكل نعجةً أو قال نعاجاً فلا يحنث بأكل كبار
الذكور وصغارها ولا بصغار النعاج.
قال ابن حبيب إلا أن ينوى اجتناب إناث الضأن على كل حال فلا يأكل صغارها.
قال ابن المواز: والحالف على أكل لحوم الأنعام لا يحنث بأكل الوحش. ومن حلف
على الوحش فلا يأكل كل ما هو عند الناس من الوحش ولا يأكل
[4/ 102]
(4/102)
الطير كله وحشيه وإنسيه. ومن حلف لا أكل
خروفا لم يحنث بأكل الكبير مما خرج من الخرفان.
ومن حلف لا أكل تيساً أو قال تيوساً فلا يأكل عتوداً ولا صغار الذكور من
المعز. وإن حلف على العتود أو العتدان، قال ابن حبيب والجديان فلا يحنث
بأكل التيوس ولا بكبار الإناث. وأما صغار الإناث فيحنث به لأنه داخل فى
العتدان.
قال محمد ومن حلف لا أكل خروفا فلا يأكل عتوداً لأنها عند الناس خرفان،
ووقف عنها محمد، وقال أصبغ أمرهما واحد إلا أن تكون له نية أو سبب.
قال ابن حبيب: وإن حلف لا يأكل معزا فليأكل تيوسا، وإن حلف على التيوس فلا
يأكل جديا لأنه وإن صغر من التيوس عند العرب، إلا أن تكون له نية. وإن حلف
على العتدان فله أكل الخروف بخلاف الحالف على الخرفان.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف على لحم البقر فذلك جامع لصغارها وكبارها
وذكورها وإناثها وكذلك الإبل. وإن حلف لا أكل عجاجيل حنث بذكورها وإناثها،
ولا يحنث بكبارها من ذكر وأنثى.
قال ابن حبيب: وإن حلف لا أكل لحوم الإبل فلا يأكل فصلاناً لأن الاسم
يجمعهما. وذكر فى لحوم ذكور الأنعام مثل ما ذكر ابن المواز، وذكر فى الحالف
على اللبن وما يتفرع من مسائله نحو ما ذكر ابن المواز.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف على النوق فذلك يجمع الإناث من الصغار
والكبار ولا يحنث بالذكور. وإن حلف لا أكل جملاً فلا يحنث بصغار الإبل من
ذكر وأنثى ولا بكبار الإناث إلا أن تكون له نية أنه أراد لحوم الجمال.
[4/ 103]
(4/103)
وقد قيل فيمن حلف لا يأكل جزوراً إنه لا
يأكل لحوم الأنعام كلها من ضأن ومعز (وإبل وبقر) إلا أن تكون له نية أو سبب
يدل على مراده. قال ابن حبيب وكذلك إن قال جزوراً. والحالف على جبن لا يحنث
بأكل الحالوم، والحالف على الحالوم لا يحنث بأكل الجبن، إلا أن تكون له نية
أو سبب يدل أنه كره ما يخرج من اللبن لضرره.
قال ابن حبيب مثل أن يجرب عليه وجعا فيقال له إنه ضرك فيحلف فيه فلا يأكل
الآخر، وإن كان لا ججه أحد فلا يمنع من الاسم الآخر.
قال ابن حبيب: فإن حلف على اللبن الحليب فله أكل المضروب، وإن حلف على
المضروب فله أكل الحليب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف لا ياكل لحماً فأكل قديداً فهو حانث،
إلا أن تكون له نية. فإن حلف على القديد لم يحنث بأكل اللحم ولا أسأله عن
نيته. والحالف عن اللحم يحنث بأكل الرأس، وإن حلف على الرأس لم يحنث بأكل
اللحم.
قال ابن حبيب: يحنث بكل ما أكل من الشاة من كرش وأمعاء ودماغ وغيره.
[4/ 104]
(4/104)
فى الحالف ألا يأكل القطنية او القمح
أو التمر أو الخبز أو الإدام أو الفاكهة
أو العسل أو الزيت أو الخل
ما الذى يحنث به مما شمل ذلك (الاسم)؟
من كتاب ابن حبيب: ومن حلف لا يأكل القطنية فليتجنب كل ما هو عند الناس
منها، إلا أن يخص منها بنيته صنفا يحلف عليه.
ومن حلف لا أكل قمحا حنث بأكل الخبز والسويق وشبهه، إلا أن تكون له نية فى
أكله صحيحاً. والحالف على الخبز فله أكل القمح والسويق وشبهه، إلا أن يريد
اجتناب ذلك كله، ولا يحنث بأكل خبز الحمص وغيره من القطنية لأنه خاص حتى
ينويه.
ومنه وهو فى المجموعة: ابن القاسم ومن حلف لا أكل خبزاً فأكل كعكاً، قال
ابن حبيب أو خشكنانا فقد حنث.
وإن حلف على الكعك لم يحنث بأكل الخبز اللين. قال مالك فى المختصر وكتاب
ابن حبيب: ومن حلف لا يأكل تمراً فلا يأكل منه الكتل ولا كل صنف منه، وإن
حلف على الكتل فليأكل المنتور إلا أن تكون له نية. وإن حلف أن لا يأكل
لبناً حليبا فله أن يأكل مضروباً، وإن حلف على المضروب فله أكل الحليب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف على الرطب لم يحنث بأكل التمر، وقد
تقدم هذا. وإن حلف على عنب أسود لم يحنث بأكل الأحمر، ولا يسأل عن نيته.
[4/ 105]
(4/105)
قال ابن حبيب وإن حلف على العسل فلا يأكل
عسل القصب إلا أن تكون له نية. وكيف ما أكل العسل نياً أو طبيخا أو فالوذاً
أو قباطا أو خبيطا أو طعاما دخله العسل فإنه يحنث.
وقد تقدم فى باب قبل هذا ذكر من حلف على خل أو سمن فأكله فى طعام صنع به.
قال ابن المواز: ومن حلف لا أكل زيتاً، فزيت الشام وزيت الفجل والقرطم
والكتان يحنث به. وإن حلف على الخل والنبيذ فإنه يحنث بما أكل منه وإن
اختلف عناصره. وكذلك فى كتاب ابن حبيب.
ومن حلف لا أكل إداماً ثبت فى معرفة الناس أنه إدام فلا يأكله، فمنه السمن
والعسل والخل والزيت والودك والشحم والإهالة وما يصطبغ به، ولا يأكل
الزيتون والجبن والحالوم والصير والسلجم وهو اللفت والحلاط والكاسخ والمرى
والشيراز وشبهه إلا أن تكون له نية فى شىء يفرده. ولا أرى الملح الجريش ولا
المطيب من الإدام. فإن كان قد قاله بعض العلماء فأحنثه به.
ومن حلف ألا يأكل فاكهة ولا نية له فى تخصيص شىء منها فلا يأكل رطباً منها
ولا يابسا. ومن الفاكهة بعد النخيل والأعناب والرمان وشبهه من خضر الفاكهة
من قثاء وبطيخ وجزر وقصب وأخضر الفول والحمص والجلبان، إلا أن يكون له نية
خص بها نوعا أو بساط يدل على ما أراد.
وذكر ابن المواز نحو ما ذكر ابن حبيب فى الفاكهة وقال: إذا حلف على يابسها
ورطبها فما ضمه اسم الفاكهة يحنث به، إلا أن تكون له نية أو بساط بتخصيص
شىء. ومن الفاكهة النخل والعنب والرمان والبطيخ والخربز والقصب والفول
الأخضر والموز والإترنج. وقاله ابن القاسم وابن وهب فى البطيخ.
[4/ 106]
(4/106)
قال ابن القاسم فى المجموعة ومن حلف لا أكل
فاكهة فأكل بطيخا أو فقوسا أو قثاء حنث إلا أن تكون له نية. ومن حلف لا أكل
جوزاً فلا يحنث بأكل اللوز.
ومن العتبية قال أصبغ عن أشهب فى الحالف لا أكل خبزاً وإداما، فأكل خبزا
وملحا إنه حانث كان مخصاً أو مبذرا.
قال أصبغ ومن حلف لا أكل كل يوم إلا خمس قرص فعملت له امرأته القرص أكثر
مما كانت تعمل، فلا يحنث إذا أكل ذلك إذا زادت على القدر ولم تزد فى العدد.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف لا أكل مما تنبت الأرض فأكل مما تنبت
الجبال فهو حانث. وإن حلف لا أكل مما تنبت الجبال فلا يحنث بأكل ما تنبت
الفحص، لأن هذا قد خص. وإذا قال الأرض فقد عم. كما أن الحالف على اللحم
يحنث بأكل الشحم لأن اللحم اسم لهما.
فيمن حلف على أكل شىء أو لباسه أو النفع به
فبيع هل ينتفع بثمنه؟ أو قال طعام فلان أو عبده
أو داره فابتاعه هو أو غيره. هل ينتفع بذلك فى
الملك الثانى؟ أو قال لا أكل فلان طعامى فباعه
من كتاب ابن المواز قال: وإذا لم يوجد للحالف سبب أو بساط يدل على مراده
ولا ادعى نيةً فألزمه ظاهر لفظه وما لزمه ذلك الاسم. ومن حلف لا أكل طعام
فلان ولا لبس ثوبه ولا سكن داره فباع ذلك فلان، فإن كان سبب أو نية تدل أنه
أراد تعيين ذلك الشىء حنث إذا فعل ذلك فيه فى ملك من كان، وإن لم يكن يريد
التعيين لم يحنث إلا أن يقول هذه الدار أو هذا الطعام أو هذا الثوب فهذا
يحنث، إلا أن ينوى ما كان فى ملك فلان.
[4/ 107]
(4/107)
وكذلك إن حلف لا أكل فلان من طعامى أو قال
من هذا الطعام وهو له ثم باعه فإنه يفترق فيه الجواب كما ذكرناوكذلك لو حلف
لا أكل طعام فلان ولا لبس ثوبه ولا سكن داره فابتاع الحالف ذلك وفعل فيه ما
حلف عليه فلا يحنث، إلا أن ينوى تعيين الشىء. ولو وهب له ذلك ففعل فيه ما
ذكرنا فقيل لا شىء عليه، وقال أشهب والمغيرة وابن دينار وابن كنانة هو
حانث.
وقال مالك فى امرأة حلفت لا تلبس لزوجها ثوباً، قال أكره أن تشترى منه
ثوباً تلبسه. قال ابن القاسم ولو صح ذلك لم يحنث. قال ولو كساها ثوباً
فسخطته فحلف لا لبسته هى فرده يريد على بائعه فاشترته هى فهو حانث، إلا أن
ينوى لا لبسته من ماله.
ومن حلف فى ثوبه لا يلبسه فأكره أن يبيعه ويشترى بثمنه ثوباً إلا أن يكرهه
لشىء فيه من ضيق أو صنعة فلا شىء عليه. وكذلك قال ابن القاسم فى المجموعة
وقال فى السؤال فى ثوب عرض عليه وقال وكذلك فى الطعام إن كرهه لخبثه أو
رداءة أو سوء صنعة. وإن كان للمن فلا يأكل مما اشترى بثمنه.
ومن الكتابين قال ابن القاسم فيمن حلف لا أكل من هذا القمح فباعه وابتاع
بثمنه قمحا فأكله، فإن كره رداءة الحب لم يحنث، وإن كان للمن حنث. وقال
أشهب مجملاً لا يحنث إلا أن يريد التضييق على نفسه فيحنث فيما أكل بثمنه.
ومن المجموعة روى على عن مالك فيمن حلف بالطلاق فى تمر ألا يأكله فباعه
واشترى بثمنه دقيقاً فأكله، قال يحنث. قيل له إنه نوى التمر بعينه؟ قال لعن
النبى عليه السلام اليهود فى بيع الشحوم وأكل ثمنها ومن العتبية من سماع
ابن القاسم، وعمن كان له ولزوجته ولابنه دابتان فحلف بالطلاق لا انتفع بشىء
[4/ 108]
(4/108)
منهما، قال يسلمهما إليهما فيبيعانهما، ولا
أحب أن يجعل ثمنها فيما ينتفع هو به من دابة أو كسوة من عليه نفقته، ولا
يعرض لهما فيما يجعلان ذلك ولا يجعلانه فيما يدفع به النفقة عنه.
قال أصبغ يعنى أن الحالف أراد تسليم ذلك إليهما، فأما من حلف لا ينتفع
بثمنه فله أن يحبسه لا يبيعه ولا يهبه ولا يتصدق به، لأنه إذا فعل ذلك به
فقد انتفع به، وهذا إذا حلف لا ينتفع بشىء من ثمنه، فإن لم يرد ذلك فلا بأس
أن يبيعه وينتفع بثمنه ويهبه.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا يستخدم خادم فلان فأعتقت ثم
استخدمها فإن نوى ما دامت فى ملكه، أو كانت يمينه لمن لسيدها عليه لم يحنث،
فإن لم تكن له نية حنث.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن مر على أخيه بفاكهة جنان فحلف الأخ
ألا دخل تلك الجنان فباعها أخوه فلا يدخلها الحالف لقوله هذه الجنان ولو
قال جنانك لم يحنث بذلك. وإذا حلف لا دخلها فحرثت فلا يدخلها إلا أن تصير
طريقا للعامة لا جنان فيها ولا تحمى عن الممر فيها فلا يحنث بسلوكها. وإذا
حلف لا يركب دابة رجل فإن قال هذه الدابة فلا ركبها وإن ملكها غيره، ولو
قال دابته كان ذلك له.
ومن سماع ابن القاسم وعن امرأة كست زوجها ثوباً اشترته (بدين) فمنت به
عليه، فحلف بالطلاق إن لبسته حتى تكتبى على ثمنه، فكتبت عليه به كتابا وشهد
عليه به امرأتان، ثم لبسه وباعه، فقال له ما أردت؟ قال أداء ثمنه من عندى،
قال فادفعه إلى رب الثوب واكتب له بذلك كتابا ولا تدفعه إلى زوجتك ولا شىء
عليك.
[4/ 109]
(4/109)
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف
فى الطعام فى ملكه أن لا يأكل منه فلان فباعه فاشتراه فلان فأكله فلا يحنث
الحالف، وقال فيما يشبهه إن لم يكن نوى ما كان فى يديه إنه يحنث، وهذا أحب
إلى. والحالف لا يدخل دار فلان لشىء كان بينه وبينه لا يحنث بدخولها بعد أن
باعها.
قال ابن حبيب فيمن حلف لا انتفع بمال فلان فزال من، ملكه فإن كان لوجه المن
لم يحنث إن انتفع به، وإن كان لخبث ماله أو لشىء لازم فيه فهو حانث حيث ما
انتفع به وإن تداولته الملاك. هذا قول مالك وأصحابه.
(قال ابن المواز قال) ابن كنانة فيمن حلف لا لبس من عمل امرأته فاشترى
ثوباً من عملها ولم يعلم فلبسه، فإن حلف للمن لم يحنث، وإن كان لشىء يكرهه
فى الثوب حنث، وقال نحوه ابن القاسم.
ومن المجموعة ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا يجاور عبد فلان ولا يكلمه
وسماه، فباعه وباع الدار التى فيها العبد، فهل يحنث إن أقام على ذلك أو
كلمه؟ قال إن لم يرد عتق العبد فلا شىء عليه إن فعل. وكذلك يمينه على طعامه
وداره. وكذلك لو ملك ذلك الحالف بوجه.
قال أشهب: وإن كره ذلك لشىء فى عين العبد والدار والطعام فاليمين قائمة.
ابن القاسم: وإن حلف لا أكل لفلان طعاماً فتسلفه منه فأكله، فإن حلف للمن
لم يحنث، وإن لم تكن له نية حنث. وروى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم مثله.
وإن حلف لا أكل من مال فلان فأكل من تركته قبل أن تقسم، فإن لم يكن عليه
دين فلا شىء عليه، فإن كان عليه دين محيط بماله أو غير محيط وإن قل حنث.
[4/ 110]
(4/110)
قال أشهب سواء عليه دين أو لا دين عليه،
وذكرها ابن المواز، فذكر القول الأول وقال وقد قيل لا يحنث وإن أحاط به
الدين لأنه إنما يأكل مال وارث أو غريم.
وبعد هذا باب من حلف لا يبيع من فلان، فيه هذه المسألة وزيادة فيها.
فيمن حلف لا أكل طعام فلان ولا ركب دابته
ولا دخل عليه ونحو ذلك ففعل ذلك فيما
هو لعبده أو لمن هو بسببه أو يشاركه فيما أكل
وما الذى يحنث به من ذلك وفى الدخول عليه؟
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أشهب فيمن حلف لا ركب دابة فلان فركب
دابة عبده فلا يحنث، ولو حلف فى دابة عبده لم يحنث بركوب دابة عبده كما لو
ركب دابة لولده مما للأب اعتصارها لم يحنث. وقال ابن القاسم يحنث بركوب
دابة عبده، ألا تراه يعتق من يد عبده من يعتق على سيده قبل ينتزعهم السيد
منه.
ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يستعير من فلان
فاستعار من امرأته، فإن كان شيئاً هو لها لم يحنث، وإن كان للزوج حنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا أكل فى بيت فلان فأكل فى بيت غيره، يريد
من طعامه، قال فإن كان لأذى أصابه فى البيت من أحد فلا شىء عليه، وإن أراد
الرجل فقد حنث.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن حلف لا دخل بيت فلان فدخل عليه
بيتاً وهو فيه بكراء إنه يحنث والبيت ينسب إلى ساكنه. قال
[4/ 111]
(4/111)
أشهب: وإن حلف لا دخل منزل فلان فدخل على
رجل يسكن بكراء فى منزل فلان فلا شىء عليه، وإنما منزل الرجل حيث هو نازل.
قال غيره فيمن حلف لا يدخل بيت فلان فدخل داره دون البيت، فإن كانت الدار
لا تدخل إلا بإذن ومن سرق منها قطع حنث. فأما دار جامعة تدخل بغير إذن فهى
كالطريق فلا يحنث. وقال غيره لا يحنث إلا أن يكون نوى الدار أو يقول منزله،
فالدار تعنى المنزل، إلا أن تكون داراً مشتركة فيكون فيها هذا التفسير.
وذكرها العتبى وذكر القولين عن ابن القاسم من رواية عيسى، وذكر نحوه ابن
المواز.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف لا أكل من طعام أخيه وكانا شريكين
فاشتريا فى السفر طعاماً فأكلاه، فإن أراد لا أكل من طعام هو له خالصاً
لئلا يكون له من عليه ولما كان بينهما فلا شىء عليه.
قال مالك ومن حلف لا أكل طعام فلان فسافر معه فاشتريا طعاما فأكله، ويمينه
بالطلاق، قال يحلف ما أراد إلا طعاما له خالصاً ولا شىء عليه. قال ابن
القاسم إذا علم أنه لا يأكل أكثر من صاحبه.
قال فى المجموعة وكره ابن القاسم أن يقربا سفرتيهما من غير شراء فيأكلا من
الطعام وإن كان ذلك كفافا، وذكرها العتبى عن عيسى عن ابن القاسم، قلا إذا
اشتريا طعاما فأكلاه، فإن كان أكل قدر حقه لم يحنث وهو رأى إن نزل وما أحب
ذلك بدءا. ولو قربا سفرتيهما فأكلا منها من غير اشتراك وكان كفافا لم
يعجبنى وخفت فيه الحنث.
قال أصبغ لا يحنث، وهو كالاشتراء إذا أكل مثل طعامه فدون. قال أصبغ عن ابن
القاسم فيمن حلف لا أكل من عمل امرأته وكسب يدها شيئا فدعا
[4/ 112]
(4/112)
بسويق من ماله ودعا بعسل فى تابوته فأخطأت
امرأته بزيت كان لها من عمل يدها لرأسها فصبته له فشربه، فإن كان زيتا حنث،
وإن كان دهنا لم يحنث.
فيمن حلف لا لبس لامرأته أو لفلان ثوبا
أو لا غزلت له امرأته أو لا لبست هى من ثيابه
أو حلف على ثوب له لا لبسه
ما الذى يحنث به من ذلك كله؟
من كتاب ابن حبيب: ومن حلف لا لبس من ثياب زوجته شيئا وذلك لمنها عليه فلا
شىء عليه فيما يلتحف بليل ولا فى البسط والفرش وشبهها، وإنما كره المن فى
ثياب الجسد التى تنازعا فيها حتى يريد بيمينه جميع ذلك، وإن لم تجر
المنازعة فيها بعينها ولا كانت له نية فليجتنب ذلك كله وإلا حنث. والزوجة
بخلاف الأجنبى فلو حلف لا لبس من ثياب الأجنبى شيئا لزمه اجتناب ذلك كله
وإن نوى الثياب بعينها، ولزمه الاجتناب للنفع بشىء من ماله من عارية أو سلف
أو ركوب دابة أو أكل طعام أو غيره ويحمل أمره فيه على طرح منه عنه وقطع
نفعه، وليس يحمل فى المرأة على قطع منافعه كلها منها لما يخصه منها من حقوق
النكاح وخواصه منهما. وهو لو حلف لا يعطيها دنانير أو دراهم فكساها لم يحنث
ويحنث بذلك فى الأجنبى.
وإن حلف لا يلبس من غزلها لزمه ذلك كله فى كل ما يلبس ويفرش ويلتحق مما
عملته قبل يمينه أو بعده، إلا أن يريد ما عملته بعد يمينه، ولا ينتفع بذلك
فى شىء من الأشياء ولا بثمن ما حلف ألا يلبسه من ثيابها، فإن فعل حنث إذا
كان أصل يمينه للمن، إلا أن كره ثيابها لصنعة أو غلظ أو لغير ذلك فله أن
ينتفع بثمنها. وهكذا فسر لى ابن الماجشون وأصبغ فى ذلك كله.
وإن حلف لا يلبس لها ثوبا فقام من الليل فأخذ ثوبا لها ولا يعلم فائتزر به
وجعله على ظهره أو منكبيه أو لف به رأسه حنث. ولو جعله على فرجه لم يحنث،
قاله مالك وأصحابه وكذلك فى العتبية وغيرها عن مالك.
[4/ 113]
(4/113)
قال ابن الماجشون وإن سألها أن تغزل له
مشملة فأبت فحلف إن غزلت له خيطاً أبداً ثم أعطاها قطنا لتغزله لنفسها
وتكتسى به فإن فعلت حنث لأنه يخفف بذلك مؤنة كسوتها إلا أن تكون كانت قبل
يمينه تغزل لنفسها وتكتسى فلا حنث عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإن حلف لا لبست امرأته من ثيابه فطرح ثوبا
منها فوق مشملته ثم دخلت امرأته تحت ذلك وهو ناس فقد حنث إلا أن ينوى لبسا
بعينه.
وقال فى كتاب ابن المواز إلا أن ينوى بعض الثياب دون بعض.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك عى أعمى حلف لا لبس ثوبا بعينه فدعا
بثوب يلبسه فألبسته امرأته الثوب الذى حلف عليه ثم أخبرته، فقال أخروه عنى
فأخروه. قال قد حنث.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن حلف لا قعد على بساط سماه فمشى عليه، فإن أراد
الاجتناب والنفع حنث حتى تكون له نية أو سبب يخرج به من الحنث.
فيمن حلف لا يكسو امرأته أو رجلا أو لا يهب
أو لا يفتدى له رهنا أو لا لبست أو لا أعرت ثوبا.
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة: ومن حلف لا كسا فلاناً فأعطاه دنانير أو حلف لا يهبه دنانير
فكساه أو وهبه عرضا أو دابة، قال مالك يحنث، ولم يحنث فى الزوجة إن كساها
وقد حلف لا يهبها دنانير.
قال ابن حبيب قال مالك: إن قال نويت العين فله نيته فى الزوجة ولا ينوى فى
الأجنبى فى الوجهين، قاله مالك وأصحابه.
[4/ 114]
(4/114)
ومن المجموعة قال أشهب إن حلف لا كساها
فلانة فأعطاها دنانير فاكتست بها فإن أعطاها لتكتسى وإن لم يأمرها بذلك
حنث.
قال أشهب عن مالك فى العتبية وهو فى المجموعة من رواية ابن نافع: إن حلف لا
خدم أم ولده ولا اشترى لها خادما فأعطاها دنانير فاشترت به خادما، قال لا
يحنث، قيل إنهم يقولون هى لا تشترى إلا بإذنه، فإذا أذن لها أو علم فكست
حنث، قال لا ولها أن تشترى. قال ابن نافع إذا أعطاها فاشترت حنث.
ومن العتبية من سماع عيسى ومن كتاب ابن المواز قال مالك فى الحالف لا كسا
امرأته ولا أطعمها ففدى لها ثوباً أو طعاما رهناً قال يحنث ثم وقف، قال فى
العتبية ثم رجع إلى أن يحنث وإن لم تكن له نية. وإن نوى استحداث شراء لم
يحنث وذكر ابن المواز أن هذا قاله ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن حلف لا تلبس امرأته ثوبا له بعينه فأعطته
لجارتها لتلبسه وأخذت منها ثوبا لبسته، فإن أراد أن يحرمها لبسه ومنفعته
حنث. كما لو باعته وابتاعت بثمنه ثوبا لبسته يحنث، لأن مجراه على المن، كما
لو حلفت هى لا لبسته للمن فرهنته فى ثوب لبسته تحنث، لبس أو لم يلبس. وكذلك
لو أعارته تحنث.
ولو حلف لسوء لباسها وقلة توقيها أو لأمر فى الثوب من صنعة ونحوه لم يحنث،
ولو أراد صيانته حنث. وإن حلف لا ارعت لى ثوبا فأعارت إزار سريره أو لحافه،
فإن كانت تعير ذلك قبل يمينه فقد حنث، وإن كانت إنما تعير ثياب جسده أو جرى
الخطاب فيها لم يحنث، وإن لم تكن له نية ولا سبب يدل على قصده حنث حتى
ينولا ثياب جسده.
ومن كتاب ابن المواز: ومن كسا امرأته قرقلا فسخطته فحلف لا كساها قرقل كتان
سنةً، فكساها قرقل خز، فإن لم تكن له نية فى تضييق أو غيره فلا شىء عليه.
[4/ 115]
(4/115)
فى العتبية أصبغ عن ابن القاسم: وإن حلف لا
فدى لها ثوبها من الخياط ثم رهن عنده درهماً وجاء به ثم ذهب الخياط فلم
يوجد، فإن أخذ الدرهم من زوجته لم يحنث، قاله مالك. قال ابن القاسم: إلا أن
يكون أجره نصف درهم فلا يأخذ منها إلا نصف درهم.
قال عنه عيسى فيمن حلف لا كسا أخاه وابتاع سلعة بخمسة دنانير فقال له بعها
ولك فضلها فإنه يحنث. قال عنه أبو زيد وإن حلف لا كسا امرأته فكست نفسها
وكسا هو نفسه فقالت له ثوبك خير من ثوبى قال لها: أنا أبعثه فإن كان خيرا
فخذيه وأعطينى ثوبك فلم يأتها بالثوب، فإن كان ثوبه خيرا فقد حنث، وإن كان
أسوأ لم يحنث وإن أتاها به.
ومن سماع ابن القاسم وإن كساها ثوباً فحلف لا لبسته ورده فاشترته هى
فلبسته، فإن نوى من مالى ولم يرد إن ملكته هى بعد بيعه لم يحنث ويحلف، وإن
لك تكن له نية حنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن كسا امرأته ثيابا فدفعها إلى الخياط ثم حلف
لا غرم فى خياطتها شيئا، فهل يفتكها أو يحبسها أو يبيعها أو يفتكها أخوه أو
بعض أهله؟ قال ليفتكها غيره من عنده ولا يفتكها الزوج لنفسه ولا لبيع إلا
أن ينوى لا افتكها لها. وذكرها ابن سحنون لأبيه من رواية عيسى فأجازها إلا
فى قوله إنه نواه فوقف عنه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ألا يكسو أخته فماتت فكفنها حنث، إلا أن ينوى
فى حياتها. وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية وقال حلف لا كسا
أخت امرأته وكانت تشتمه.
[4/ 116]
(4/116)
وعمن عاتبه غلامه فى كسوة فحلف إنك لا لبست
غير هذين الثوبين إلى مدة ذكرها، فأراد أن يحبسه فى البيت أو يبعثه فى
السفر لئلا يرى عليه ذينك الثوبين فلا ينبغى ذلك، وإنما حلف ليرى عليه ذينك
الثوبين بموضعه ليهينه ويكسره.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى عبد طلق امرأته الحرة طلقة ثم حلف
بالطلاق لا أنفق عليها إلى الهلال، ثم أعطاها درهمين تصنع بهما ما شاءت.
قال ما رأها إلا بانت.
قال سحنون ومن حلف لا كسا امرأته إلى أجل فكست نفسها، فلما حل الأجل أعطاها
ثمن الكسوة. أو حلف لا كسا عبده إلى أجل فكساه مديان للسيد، فقال له لم
آمرك، فقال قد علمت أنه لا يلزمك فحبسه له بعد الأجل، فإن كساه الغريم بأمر
يرجوه من ربه وقصد إلى الحيلة فى يمينه ورآه رب الحق فلم يغيره وفى قلبه أن
يكافئه أو كان مثل ذلك فى الزوجة مما يتعدى من الحنث فى الأمرين، وإن لم
يعلم الحالفان ولا أضمرا ذلك حتى مضى الأجل ثم علما فكافأ فأرجوا أن يسلما.
قال ابن القاسم عن مالك ومن حلف لا أنفق على امرأته حتى تستأذى عليه وحلفت
هى بالصدقة لا استأذت عليه فاليمينان لهما لازمة، فإن استأذت تصدقت بثلث
مالها له أن ينفق عليها، وإن زادها على قوتها فلا شىء عليه إن لم تكن له
نية. وإن نوى ألا ينفق عليها أكثر من قوتها فهو على ما نوى.
فيمن حلف ألا ينفع فلانا ولا يهبه
أو لا يصله أولا يسلفه أو لا يعيره
أو لا ينفق عليه ما الذى يحنث من ذلك
من العتبية من سماع ابن القاسم وهو فى كتاب ابن المواز وابن عبدوس قال مالك
فيمن حلف ألا ينفع أخاه بشىء فبعث لحما إلى بيت نفسه فأخطأ
[4/ 117]
(4/117)
الرسول فدفعه إلى أخيه ثم علم بعد ذلك فلا
شىء عليه. وله طلب الرسول بالثمن ويطلب الرسول بذلك أخاه.
قال عيسى بن دينار فى العتبية إن تجافى الحالف عن إغرام الرسول بالثمن
وإغرام الرسول الأخ لم يحنث. وإن أغرم الحالف الرسول وتجافى الرسول عن الأخ
لم يحنث. وإن تجافيا عنه جميعا حنث، وقاله أصبغ وغيره.
قال عيسى عن ابن القاسم فى الحالف بالطلاق إن نفع فلانا بأمر من عنده فساقه
الماء فقد حنث، إلا أن تكون له نية من سلف أو غيره.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بعتق عبده لا نفع فلانا بما معه، فأوصى له
بوصية ثم رجع عنها أو صح فقد حنث، ويعتق من رأس المال، وإن مات فمن الثلث.
ومنه ومن المجموعة ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف لا نفع فلانا
بشىء والحالف وصى رجل على صدقة، أيعطيه منها؟ أو أوصى له الميت هل يلى
الحالف دفعها إليه؟
قال مالك إن نوى ألا ينفعه من ماله، ولعل له منه عوائد، فلا يحنث إن دفع
إليه ما صار له فى يديه من ميراث أو دين له على الميت أو وصية.
قال ابن القاسم فى العتبية وإن لم تكن له نية فلا يجرى عليه شيئا. هذا وجه
ما سمعت من مالك.
قال ابن سحنون: وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا ينفع فلاناً فأمر
غلامه فسقاه ماء وليس ذلك نيته إنما أراد لا ينفعه. قال هو حانث، وقال
سحنون ينظر بساط يمينه وإلى المنافع التى كان ينفعه بها فعلى مثل ذلك تجرى
يمينه.
[4/ 118]
(4/118)
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا
يسلف فلانا أيقارضه؟ فكره ذلك وخاف أن يكون كره نفعه وهذا خير نفع من
السلف؛ وعن امرأتين بينهما رقيق فإحادهما تعالج بهم لرجل طعاماً فحلفت
بعتقهم لا عملت له، فأرادت شريكتها فيهم أن تعمله بهم، فإن كانت تهوى ذلك
الأخرى ولعلمها بذلك تولته بهم فأخاف أن تحنث، وهذا شديد, وأخاف أيضا أن لا
تسلم أن تدفع صحفة أو تطبخ قدراً ونحوه.
قال ابن القاسم وأشهب: من حلف ألا يهب لفلان فلا يتصدق عليه ويحنث بكل ما
نفعه به عند مالك. قال أشهب: والهبة لغير الثواب كالصدقة، والصدقة هبة لغير
ثواب, ويحنث إن وهبه أونحله أو أعمره أو أسكنه أو تصدق عليه أو حبس، إلا أن
تكون له نية يعرف لها وجها فيصدق. قالا وإن حلف ألا يهبه فأعاره حنث. قال
أصبغ إلا أن تكون له نية فله نيته.
قال ابن القاسم: وأصل اليمين فى هذا على النفع. قال ابن حبيب قال ابن
الماجشون: من حلف أن لا يصل رجلا فأسلفه حنث، وإن حلف ألا يسلفه فوصله لم
يحنث، وقد يكره السلف للمطل وغيره. قال ابن حبيب فإذا حلف أن لا يصله حنث
بالسلف والعارية وإطعام الطعام وبكل منفعة نوى قطع النفع عنه أو لم ينو.
ولو قال نويت السلف بالدنانير لا بالدراهم لم ينفعه إلا بتحريك لسانه، لأن
الصلة اسم جامع فلا يخول منه شىء إلا بحركة اللسان. والمعروف من قول
أصحابنا أن الذى لا يجريه إلا حركة اللسان (إنما هو فيما ينوى فيه إلا كذا
أو إلا إن. وأما إن حلف ألا ينفعه ونوى فى نفسه بالسلف أو بشىء يخص به فلا
شىء عليه.
وكذلك إن حلف ألا يكلمه ونوى فى نفسه شهراً. وأما إن نوى إلا شهراً فلا
يجزئه إلا حركة اللسان).
[4/ 119]
(4/119)
وإن حلف ألا يسلفه فلا يحنث إن أعاره أو
وصله أو أطعمه أو باع منه بنظره أو نفعه مما شاء غير السلف، إلا أن ينوى
قطع منافعه عنه، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال ابن الماجشون عن مالك فيمن حلف لا نفع فلانا ما عاش فمات فكفنه قال
يحنث، وكذلك لو حلف ألا يؤدى إليه حقا ما عاش فكفنه، قال مالك يحنث. وكذلك
إن حلف لا تدخل امرأته بيت فلان أو لا تزوره ما عاش فحضرت مأمته إنه يحنث.
قال ابن الماجشون وكأن الكفن من أمور الحياة وهو من رأس المال.
قال ابن سحنون قال عبد المالك فى الحالف لا دخل عليه ما عاش فدخل عليه ميتا
إنه يحنث. ولو حلف لا نفعه ما عاش فكفنه إنه حانث لأن الكفن مما يخصه ويكون
من رأس ماله. والتى تموت ولا شىء لها يكفنها زوجها فكأنه من واجب أمرها.
وقال سحنون: أما الدخول عليه ميتاً فلا يحنث به وترجح فى الكفن ثم رأى أنه
يحنث به.
قال ابن الماجشون وإن حلف لا نفعه بنافعة ما عاش فوجده مع رجل يشتمه فنهاه
عنه فلا يحنث. وإن وجده متشبثا به فخلصه منه حنث. فإن سئل عنه فى نكاح أو
هل يبايع بثمن إلى أجل فأثنى عليه خيرا حنث. وإن أراد أن يتحمل برجل فأثنى
عليه سواء يعنى فترك، فإن تعمد صرف الحمالة ونفعه بذلك حنث، وإلا لم يحنث.
وقال فيمن كان يرفق امرأة برعى غنمها فلم تره له فحلف لا رعى لها غنماً
فضمتها إلى غنم غيره، فوقع بينه وبين الحالف مباعدة، وفى كتاب ابن عمر
منازعة، فتراعيا ماشيتهما وهو يعلم بما للمرأة فيها أو لا يعلم، فلا يحنث.
ولو رعاها لها بأجر ولم يحابها لم يحنث، وقاله أصبغ. وكالحالف لا لبس
لزوجته ثوباً يريد ترك منافعها فابتاع منها ولبس فلا يحنث إن لم تحابه.
[4/ 120]
(4/120)
وفى آخر باب من حلف ألا يكسو امرأته مسألة
من هذا.
فيمن حلف ألا ينتفع من فلان بشىء أو لا يسأله
شيئا أو لا يستلف منه أو لا يأخذ منه ماله عليه
ما الذى يحنث به؟
من العتبية من سماع ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز وكتاب ابن عبدوس،
قال مالك فيمن حلف ألا يدخل إليه من أخته هدية ولا منفعة وكان بنوه يدخلون
إليها ويصيبون اليسير من الطعام. قال أما الكبار ومن خرج من ولايته فلا
يحنث بذلك، وأما الصغار فما نالهم مما لا يحمل عنه مؤنة لقلته فلا يحنث به،
وما كان من طعام يحمل عنه به منهم مؤونة أو كسوة ثوب فإنه يحنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن أبت امرأته أن تسلفه ولها مال عين فحلف لا
أخذ منه درهما، ثم أقام زماناً حتى أولجته فى عروض فبيعت ثم دخل فى عروض
أخرى فأخذ من ثمنها (مثل) نصف درهم انتفع به، قال: يحنث إلا أن يكون نوى لا
يقرب من مالها شيئا.
قال أصبغ: ومن حلف لا أخذ من مال فلان درهماً فأخذ منه قميصا وفيه درهم ولم
يعلم به ثم علم بالدرهم فرده إليه. قال لا شىء عليه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يزرا امرأته من مالها شيئان فقربت
إليه طعاما فأكل منه فهو حانث.
[4/ 121]
(4/121)
ومنه ومن المجموعة: ابن القاسم عن مالك
فيمن حلف لا انتفع من بيت امرأته بشىء، فإن نوى شيئاً خصه فلا ينتفع بما
نوى، فإن لم تكن له نية فلا ينتفع بشىء مما فى البيت.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك فى مطلقة حلفت بالعتق لا قبلت من زوجها
منفعة فقدم فخدمته جاريتها فلما خرج كساها ثوبا وأعطاها دراهم، فلا رأى أن
تقبلها ولتردها لأن ذلك نفع لها وعون فى كسوتها وغير ذلك ولتبعت بذلك إليه
إن غاب، وإن مات قبل أن تبعث به ولم يقبله فلا شىء عليها، وإن فات ذلك وقد
قبلته دينت، فإن قالت لم أرد هذا ولا أردت خادمى ولا عبدى حلفت ودينت، وإن
انتفعت من ذلك بشىء وإن قل فقد حنثت. ولو كانت الوليدة إنما نالت منه
طعاماً أكلته فهذا خفيف.
قال ابن نافع وأشهب عن مالك فيمن حلف لا يقرب من مال أخيه شيئاً إلا بثمن
ولا ينال منه دينارا ولا درهما، فأهدى أخوه لابنة الحالف أو لزوجته هدية
فلا يقربها الحالف إن كانت يمينه غليظة وأخاف أنه أريد بذلك لو كانت يمينه
تكفر لكفر وتناول. قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لامراته عند سفره
بالطلاق إن أخذت من فلان قمحا أو زيتا أو علاضا فاحتاجت فى غيبته، هل تأخذ
منه دنانير؟ قال لا تأخذ منه شيئا.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا يسأل فلانا شيئا فبعث إليه فلان شيئا من
غير مسألة قال لا يحنث وإن كانت يمينه على المن حتى يسأله. قال أصبغ لا
يعجبنى، وأخاف أن يحنث. قال ابن القاسم: إذا أعطاه شيئا فلا يحنث إلا أن
ينوى لا أخذت منه شيئا, وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
[4/ 122]
(4/122)
قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز وفى
العتبية من رواية أصبغ: ومن حلف لا يسأل فلانا حاجة فاحتاج إلى ما فى يديه
فلزم الجلوس يتعرضه ولا يسأله، قال لو تعرضه بالكلام مثل أن يكلم غيره وهو
يسمع وهو يريده فقد حنث، كما لو حلف لا يكلمه. قال أصبغ ومثل أن يتعرض بذكر
الحاجة عن نفسه لا يكلمه بذلك لا هو ولا غيره فهو تعريض يحنث به. وتعريض
بالكلام قيل لابن القاسم: فإن لم يتعرض إلا بالجلوس فقط ولم يكن ممن
يجالسه، قال لا يحنث، ولا أحب له أن يفعله ولا يعود.
قال أصبغ وإن سلم من فنون ذلك بكل وجه والحركة فيه، كمن حلف لا يكلم امرأته
ثم يجلس معها ويطؤها. زاد فى والتطاول فيه وله والمطاولة عليه حتى يستدل
المطلوب على إرادته فهو حانث.
ومن كتاب ابن حبيب قال مالك وأصحابه: ومن حلف ألا يقبل لرجل صلة فلا ينتفع
له بسلف ولا بعارية ولا بطعام ولا منفعة.
قال ابن الماجشون فيمن له قبل رجل دراهم قتركها له وحلف بالطلاق لا أخذها
ولا انتفع منها بشىء فوهبها المطلوب لابن الحالف بائن عنه، ثم طلب الأب من
ابنه سلفاً فقال ما عندى غير تلك الدراهم التى حلفت فيها، فقال حلفت وهى له
وهى الآن لك فأخذها سلفا، قال لا يفعل هذا بدءاً، فإن وقع وكان على تصنع
حنث، وإن لم يكن على تصنع لم يحنث.
قال أصبغ وإن حلفت امرأة لا تتنفع بعمل خادمتها حتى تبيعها فأسلمتها لخدمة
زوجها فإن لم تكن نوت ذلك فهى حانثة، وقد انتفعت بها حين كفتها من خدمته ما
كانت تليه منه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: ومن حلف لا انتفع من مال امرأته بشىء فنادى بغلامه
فأمرت المرأة جاريتها فنادت به فقد حنث. قال أصبغ لا يحنث
[4/ 123]
(4/123)
بالنداء حتى تكون قد سعت فيه ومشت. وقول
ابن القاسم أحوط. وقال بعض أصحابنا يعنى ابن القاسم أن الخادم سمع العبد
نداءها فجاء ولو لم يسمعها ومضت إليه فلم تجده لم يحنث.
قال أصبغ ومن من عليه أخوه بطعام فحلف لا أكل له طعاما، قال فلا يركب دابته
ولا يلبس له ثوبا ولا ينتفع من ماله بشىء، فإن فعل حنث.
وقال ابن الماجشون فيمن حلف لا يسلف من أم امرأته دينارا فتسلفت منها
امرأته دينارا فأعطته إياه ولم يعلم ثم علم، فليرده حين علم ولا حنث عليه.
إلا أن يحبسه بعد علمه. وكذلك قال فيمن حلف لا قبل من أخيه صلة فدس عليه
شيئا مع رجل أن الرجل وصله به فقبله فلا يحنث بقبوله حتى يعلم فيحبسه بعد
العلم، وإن رده لم يحنث.
وقال أصبغ وابن عبد الحكم: ومن حلف لا أكل من طعام أخيه فبعث أخوه طعاما
إلى أمهما فدخل الحالف إلى أمه فأكل منه وهو يعلم فلا يحنث لأن ملك أخيه
زال عنه.
قال ابن الماجشون فيمن حلف لا أكل من تمرهذا الحائط فاحتطب غلامه منه
وانتفع هو بذلك إنه حانث، لأنه أراد قطع منافعه من الحائط.
ومن سماع أشهب: ومن حلف لا أخذ لفلان مالاً فمات فلان فأخذ من تركته فلا
يحنث إلا أن يكون عليه دين أوأوصى بوصايا. قال سحنون وكذلك قوله لا أكلت من
طعامه، فإن أكل قبل تقسيم ماله فإن كان عليه دين أو أوصى بوصايا حنث.
قال ابن القاسم فى المجموعة: كان الدين محيطاً أو غير محيط، وقال أشهب سواء
عليه دين أو لا دين عليه. وذكر ابن المواز قول ابن القاسم قال وقد قيل لا
يحنث وإن أحاط الدين به وهذا قد تقدم فى باب قبله فيمن حلف على أكل شىء أو
النفع به هل ينتفع بثمنه.
[4/ 124]
(4/124)
قال ابن سحنون فيمن حلف لا يأكل من مال
فلان ولا ينتفع منه بشىء فانتفع من ماله بشىء منه بعد موته قبل جمع ماله أو
بعده قبل أن يدفن أو بعد ان دفن، فإن كان عليه دين فهو حانث، كان دين محيط
أو غير محيط، فأما إن لم يكن عليه دين وقد أوصى بوصايا فلا يحنث لأن المال
يرد بعد موته لأهل الميراث وأهل الوصايا، وما جرى فيه من حادث فمنهم وقال
وقد أخطأ من ساوى بين الوصية والدين.
فيمن حلف ألا يكلم رجلا أو ليكلمنه
أو ليخبرنه فكاتبه أو أرسل إليه
أو عناه بالكلام أو أشار إليه
من كتاب ابن المواز: ومن حلف ألا يكلم رجلاً فكتب إليه أو أرسل إليه، قال
مالك يحنث فى الكتاب ولا ينوى، واختلف قوله فى الرسول فقال يحنث إلا أن
ينوى مشافهته، وقال لا شىء عليه.
ومن المجموعة قال مالك: الكتاب أشد، فمرة نواه فيه مع يمينه، ثم رجع فقال
لا ينوى. قال وإن رد الكتاب قبل أن يصل إلى الرجل فلا شىء عليه. قال عنه
ابن نافع ويدين فى الرسول ويحلف أنه أراد مشافهته، يريد فى أيمانه بالطلاق
والعتاق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: لا يحنث بالرسول ولا بالكتاب إلا أن يسمع
الكلام الذى أرسل به الرسول فيحنث، لأنه لو حلف ليكلمنه فكتب إليه لم يبر.
قال أشهب وإن ارتجع الكتاب بعد أن وصل إلى فقرأ منه بقلبه ولم يقرأ بلسانه
فلا شىء عليه، قال لأن من حلف لا يقرأ شيئا فقرأ بقلبه لم يحنث وإذا كتب
المحلوف عليه إلى الحالف فقرأ كتابه لم يحنث عند أشهب، واختلف عن ابن
القاسم، فروى عنه أبو زيد أنه يحنث، وروى عنه أبو زيد أنه لا يحنث.
[4/ 125]
(4/125)
قال عنه أبو زيد فى العتبية إنه لا يحنث.
قال فى الكتابين فى هذه الرواية: وكذلك إن أمر عبده فقرأه عليه إلا أن
يقرأه عليه أحد بغير أمره فلا يحنث. قال فى العتبية وما ذلك بالبين، قال
فإن كان الكتاب إلى غير الحالف فإذا قرأه على الحالف بعد أن أخبره به فلا
شىء عليه.
قال محمد: والصواب أن لا يحنث الحالف بقرأة كتاب المحلوف عليه، وقد أنكر
هذا غير واحد من أصحاب ابن القاسم، وفى المجموعة عن ابن القاسم أنه لا
يحنث، ومن المجموعة قال أشهب لا يحنث الحالف بالكتاب إلى المحلوف عليه ولا
بالرسول، كما لا يبر بذلك إن حلف ليكلمنه.
وقال ابن القاسم: لا ينوى فى الكتاب وينوى فى الرسول، فإن لم يكن له نية
حنث، لأن الله تعالى جعله كلاما فقال (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا
إلى قوله أو يرسل رسولاً).
ومن كتاب ابن حبيب: ولا يحنث بالكتاب حتى يقرأه المحلوف عليه، وحين يقرأ
عنوانه يحنث، وإن لم يكن له عنوان فلم يقرأه أو قطعه ولم يقرأه لم يحنث.
وكذلك إن سقط من الرسول فلا يحنث حتى يعلم أنه وصل إلى المحلوف عليه وقرأه.
ولو قال الحالف للرسول اقطع كتابى ولا تقرأه أو رده على فغطاه وأعطاه
للمحلوف عليه فقرأه فلا يحنث. كما لو رماه راجعا عنه بعد أن كتبه فقرأه
المحلوف عليه.
وأما الرسول فروى غير واحد عن مالك أنه يحنث إلا أن ينوى مشافهته فلا يحنث،
وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ.
[4/ 126]
(4/126)
وقال ابن الماجشون: الحنث بالرسول بخلاف
الكتاب. قال ولو أمر الحالف من يكتب عنه إلى فلان فى كذا فكتب ولم يقرأه
على الحالف ولا قرأه الحالف ووصل الكتاب فلا يحنث. ولو قرأه الكاتب على
الحالف أو قرأه الحالف أو أملاه لحنث، والقول الأول فى الرسول أحب إلى.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: ولو حلف ليكلمنه قبل الليل لم يبر بالكتاب
ولا بالرسول، وإن سمع المرسل إليه ما قال للرسول والحالف لا يعلم فلا يبر
بذلك ولا يبرا إلا بأعلى الأمور مما لا شك فيه.
قال عيسى عن ابن القاسم إذا حلف لا كلمه فكتب إليه ثم رد الكتاب قبل يصل
إليه فحرقه فلا يحنث، قاله مالك وابن وهب.
قال عنه ابن القاسم إذا كتب إلى زوجته بالطلاق غير مجمع ثم حبسه فلا شىء
عليه. قال ابن القاسم فإن خرج من يده لم ينفعه قبل أن يصل وقد لزمه، وقاله
ابن وهب، إلا أن يدفعه غير عازم فله رده ما لم يبلغها.
قال ابن حبيب فى الحالف على الكلام لو كلم رجلا لايريد به الرجل لكن إسماع
المحلوف عليه وأن يفهمه بخطاب غيره حنث، وإن رمز له بكلام كلمه به فلم
يفهمه ولا سمعه لم يحنث وإن كان معه جالسا.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإن حلف لئن علم كذا ليخبرن به فلاناً أو
ليعمنه فكتب إليه او أرسل بذلك إليه فقد بر كالحالف ألا يخبره فكتب إليه
بخبر أو أرسل به إليه أنه يحنث، وكذا فى المجموعة عن ابن القاسم وأشهب. قال
أشهب وإن كان قد علمه من غيره فلا ينفعه ذلك فى البر والحنث، ويحنث الحالف
أو يبر بفعله.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية من رواية ابن القاسم عن مالك. ومن حلف لئن
علم كذا ليخبرن فلانا فعلماه جميعاً ينفعه حتى يخبره. ولو حلف ألا يخبره به
فعلمه الآخر من غيره، فإن أخبره به الحالف حنث.
[4/ 127]
(4/127)
قال ابن المواز قال ابن وهب: ومن حلف لا
يكاتب وكيلاً له فأرسل إليه رسولاً يقبض ما فى يديه، قال يحنث وليخرج إليه
بنفسه إلا أن تكون له نية.
قال أحمد بن ميسر لا يحنث بالرسول ولكن يخرج إليه بنفسه إلا أن يكون له
نية، ولا يحنث بالرسول لأنه لم يوجهه برسالة إنما بعثه لقبض ماله.
ومن المجموعة وإذا حلف أن لا يكلمه فأشار إليه، قال ابن القاسم لا يحنث ولا
أحب أن يفعل، وقال غيره يحنث لأن الله يقول (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا
رمزاً) وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية قال ابن حبيب كان أصم أو
سميعاً، وقال عن ابن الماجشون يحنث فى الإشارة التى تفهم عنه بها. قال إن
لم تكن الإشارة فى الصلاة كلاماً فهذا النفخ فيها كالكلام فلا يبر به
الحالف على الكلام ولا يحنث به لو نفخ فى وجهه، وهو يحنث بالكتاب إليه ولا
يبر بذلك.
وفى باب من حلف لا دخلت إلى فلان من معنى هذا الباب.
فى الحالف على كلام رجل وتركه فكلمه وهو نائم أو غافل
أو من حيث لا يسمعه أو وهو لا يعرفه أو ناسيا أو يسلم على
قوم وهو فيهم أو يؤمه أو يأتم به أو خاطب غيره يريد إسماعه
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلم رجلا فمر به وهو نائم
فقال له الصلاة يا نائم فرفع رأسه فعرفه فقد حنث. وكذلك يحنث إن لم يسمعه
وهو مستثقل نوما وهو كالأصم. وكذلك إن كلمه وهو مشغول يكلم رجلا ولم يسمعه.
ومثله فى كتاب ابن المواز، وقال فى السؤال حركه وقال قم صل ولم يسمعه. قال
اصبغ وهذا فى نوم يشك فيه لا يوقن باستثقاله أو يوقن بثقله وأيقظه بحركته.
فأما إن أيقن باستثقاله ولم يوقظه بحركته ولم ينتبه وأيقن أنه لا يسمع فلا
حنث عليه. كمن كلم ميتا وقد جعله الله أحد الميتين، أو كمن ناداه من
[4/ 128]
(4/128)
مكان بعيد لا يسمعه وكان ابن القاسم يحنثه
فى ذلك كله، كان أصم أو مشغولاً أو مستثقلا نوماً، وقال أيضا لا يحنث فى
الأصم، وإذا كلمه من بعيد وهو لا يسمعه لم يحنث إلا أن يكون مد فى صوته
مداً لو يسمع لسمعه فإنه حانث، وقاله ابن القاسم فى المجموعة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا كلم عبد الله فمر بليل فسلم عليه ينوى إن
كان غير عبد الله فقد حنث، ولا ينفعه إلا أن يكونوا جماعة فيحاشيه. فإن لم
يذكره ولا حاشاه ولا علم به حنث إلا أن يرى القوم فيسلم على من رأى منهم
وعرف، أو يسلم عليهم ولا يرى أن معهم غيرهم. فأما إن لم يعرفهم أو لم يعرف
إلا بعضهم فسلم عليهم ولم يحاشه حنث، وهذا كله فى المجموعة عن أشهب.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا كلم رجلا فجمعهما مجلس فقال الحالف لرجل
بلغنى أن زيداً قال لك إننى قلت كذا والله ما قلته وزيد يسمعه والحالف لم
يرد إسماعه فلا شىء عليه. ولو كان زيد بدأ فقال أخبره بكذا وكذا فقال
الحالف لرجل إلى جانبه هل رأيت مثل هذا ما كان شىء من هذا فهذا شديد ويحنث.
قال: وإذا دق الحالف باب المحلوف عليه فقال له من هذا؟ فلا يحنث إلا أن
يجيبه الحالف بشىء فيحنث. وإن كان المحلوف عليه هو الداق فقال له الخالف من
هذا؟ حنث أجابه الداق أو لم يجبه. وإن قال الحالف لرجل انظر من هذا
والمحلوف عليه يسمع فلا شىء عليه.
وإذا أم الحالف قوماً والمحلوف عليه فيهم فسلم، قال محمد إن سلم اثنتين
فأسمعه الثانية حنث، قال أحمد بن ميسر لا يحنث.
قال وإن تعايا الحالف فلقلنه المحلوف عليه لم يحنث، وإن كان الحالف مأموماً
فرد عليه السلام لم يحنث.
[4/ 129]
(4/129)
قيل إن أسمعه رده حنث، قاله ابن القاسم
وأشهب. وأما إن تعايا فرد عليه الحالف فقد حنث. ومن حلف لا يكلم رجلا فكلمه
يظنه هو قاصداً للحنث فإذا هو غيره لم يحنث، ولو كلمه وهو يظنه غيره حنث.
ومن المجموعة: أشهب عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا كلم فلانا إلا ناسياً،
فصاح ببابه المحلوف عليه فقال الحالف من هذا؟ أو لم يجبه وجلس وتقنع فخرج
إليه الحالف ولم يعرفه فحركه وقال لعلك الذى صحت الآن، فقال الرجل الآخر
قريباً منه أنا فلان، فعرفه الحالف فولى عنه. فال أراه حانثاً لأنه لم
يكلمه ناسياً إنما كلمه جاهلا به، ولكن ليكلمه كلاماً يحنث به حنثا بيناً
ثم يرتجع امرأته، وقاله ابن القاسم. وقال ولو حلف لا يكلمه إلا ألا يعرفه
فكلمه وهو يعرفه ناسياً حنث، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فيه وفى الذى
حلف لا كلمه ناسيا فكلمه وهو لا يعرفه غير ناس إنه حانث.
قال ابن نافع عن مالك: وإن حلف لا يكلمه إلا ناسياً فكلمه وزعم أنه كلمه
ناسيا، قال ذلك إليه، ورواها أشهب فى العتبية. قال ابن القاسم وإن حلف لا
يكلم رجلاً فكلم رجلاً يظنه هو وليس هو فلا يحنث، وإن كان هو ولم يسمعه فإن
كان فى موضع يسمع من مثله حنث وإن لم يسمعه، وإن كلمه وهو أصم ولم يسمعه لم
يحنث.
ومن العتبية قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلم فلانا فشتمه فلان
فقال الحالف لرجل إلى جانبه ما أنا كما قال، فإن أراد أن يسمعه فأسمعه فقد
حنث. وعن مرأة حلفت لا كلمت مرضعة انبها فسمعت بكاء الصبى فنادتها أرضعيه
فقد حنثت، قيل فأنكر زوجها، قال ليس ذلك على المعنى أراه يريد حلفت بالصدق.
[4/ 130]
(4/130)
فيمن حلف ألا يكلم فلاناً عشرة أيام كيف
يحسب
أو حلف لا كلمه حتى يرى الهلال فغم
أو لا كلمتك حتى تبدأنى أو حتى تفعل كذا أو أفعل كذا
من العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق أو غيره لا كلم أخاه عشرة
أيام، فأحب إلى أن يلغى ذلك اليوم ولا يعتد به، وقاله ابن القاسم، ورواه
عنه سحنون فى كتاب النذور فيمن حلف ضحى لا كلم فلانا يوماً قال يكف عن
كلامه إلى مثل تلك الساعة من الغد. وكذلك إن حلف فى الليل لا يكلمه ليلة.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن حلف إن كلم فلانا حتى يريى الهلال فغم
قبل ذلك. قال إذا ريى الهلال فهو الذى أراد رآه أو لم يره، وإن حلف لا كلم
فلانا حتى يخرج من المدينة فليخرج فتجاوز مسيرة اليوم أربعين ميلا فأكثر
كالإفطار فليجاوزه لأن مسيرة اليوم من المدينة كعملها، واسم المدينة يجمعه،
فإذا جاوز ذلك فقد خرج منها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم وهى فى المجموعة فيمن قال لزوجته إن
كلمتنى حتى تقولى إنى أحبك فأنت طالق، فقالت غفر الله لك نعم إنى أحبك
فقدحنث. ومن قال إن كلمتك حتى تفعلى كذا فأنت طالق فاذهبى الآن إنه حانث.
وقال أصبغ وابن كنانة لا يحنث، قال ابن القاسم: وفصل لى فيها مالك على ابن
كنانة، قال ابن سحنون فقيل لسحنون اختار بعض أصحابنا قول ابن كنانة، قال
القول قول ابن القاسم.
[4/ 131]
(4/131)
قال أصبغ وقد قال ابن القاسم فى أخوين حلف
كل واحد لا كلم الآخر حتى يبدأه، فليس يمين الثانى تبدية بالكلام وهما على
أيمانهما، فمن بدأ الآخر بالكلام حنث، وقاله ابن كنانة، وكذلك فى كتاب ابن
المواز.
قال ابن سحنون وكذلك روى محمد بن خالد عن ابن نافع وقال سحنون إن اليمين
الثانى تبدية بالكلام فيقال للأول كلم الثانى ثم يكلمه الثانى بعد ذلك ثم
لا شىء عليهما.
ومن العتبية روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن حلف لآخر بالطلاق لا
كلمتك حتى تبدأنى، فقال له الآخر أنا والله لا أبالى، فليس ذلك تبدية.
ومن كتاب ابن المواز: وعن أخوين كانا باليف فحلف الواحد لا كلم أخاه حتى
يرجع من مكة، فلما رجع منها لقيه أخوه بالفسطاط فكلمه فلا شىء عليه إلا أن
يكون نوى بموضعه. وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم فى العتبية لا يكلمه
حتى يرجع إلى الريف، أرأيت لو لقيه بالجحفة أكان يكلمه؟
فيمن حلف لا كلم امرأته أو ابنته ولا دخل
إليهما فخالطهما
أو حلف لا كلمتك إلا فيما لابد منه أو إلا فى شر
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: من حلف لا يكلم امرأته فيؤاكلها من غير
كلام فلا شىء عليه، وأما القبلة والوطء فلا يحنث بذلك إلا فيما يخالف عليه
من الغلط بالكلام عند غلبة الشهوةوالإشارة التى تفهم مما يحنث به.
[4/ 132]
(4/132)
ومن المجموعة قال ابن القاسم قيل لمالك
أيقبلها؟ قال إن نوى الاعتزال فلا يفعل. وروى عنه أشهب فى المجموعة فيمن
حلف لا كلم ابنته ولا شهد لها محيا ولا مماتاً أبدا ولا دخل إليهما بيتا
فخرجت امرأته إليها فصحبها فجلس قرب بيت ابنته فخرجت إليه فتلقته فأطعمته
بكفها وسقته. قال فلا شىء عليه، قيل إن منزلها فى حائط ومن دونها حائط آخر،
فقعد الأب لما انتهى إلى الحائط الأدنى، قال لم يقولوا هذا. قيل وفى اليمين
لا شهدت لها محيا ولا مماتا وقد أكل طعامها، قال هذا مشكل ولا أدرى ما هو.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن حلف لا كلم فلانا إلا فيما لابد له منه،
فوقع له عليه حق فكلمه فيه فقد حنث.
قال ابن حبيب قال أصبغ وإن حلف لا كلمه إلا فى شر أو خصومة فمر به وهو يكلم
رجلا فكذبه، فإن كان ما كذبه له فيه من سبب شرهما الذى كانا فيه لم يحنث،
وإن لم يكن ذلك أو كذبه فى غير ما كانا فيه فقد حنث. وإن مر به فشتمه
ابتداءً أو كلمه بما يسوؤه حنث.
وفى باب الحالف لا دخل على فلان طرف من هذا.
فيمن حلف أن لا يأتم بفلان أو أن لا يخبر بخبر
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة وكتاب ابن سحنون فيمن حلف لا صلى خلف فلان فصلى خلف غيره فأحدث
فقدم المحلوف عليه فقد حنث الحالف. قال فى المجموعة قيل فلو صلى المحلوف
عليه بقوم فأحدث فقدم رجلاً فدخل الحالف خلفه، قال إن لم تكن له نية، فإن
كان الأول قد قرأ فى الركعة ثم استخلف الثانى فركع وركع الحالف خلفه حنث،
وإن كان الأول ركع ثم استخلف هذا فسجد فدخل الحالف خلفه
[4/ 133]
(4/133)
فسجد معه لم يحنث. وقال عنه ابنه إذا صلى
الحالف خلف المستخلف وقد وجب على الأول سجود السهو قبل السلام أو بعد
السلام، قال لا شىء على الحالف إذا صلى خلف المستخلف.
قال ابن القاسم فى صبى سرق لمعلمه ثوباً من البزازين فعلم به أبوه فهدده
ليخبره لمن هو، فحلفه الابن بالطلاق ألا يخبر فحلف فأخبره الابن عند من
رهنه، فمضى الأب إلى السوق ليستدل لمن هو فجاء لمنهو فجاء رجل فأخبره الأب
أين هو مرهون ففداه فقد حنث لأنه إنما حلف على الكتمان.
وعمن أخبر بخبر لعبد الله عن رجل وأخبر به لزيد وحلف زيد ألا يخبر بذلك
الرجل، فقال الحالف لذلك الرجل اذهب إلى فلان يخبرك فمضى إليه فأخبره، أنه
يحنث.
فيمن حلف لا دخلت على فلان بيتاً أو لا يأويهما بيت
أو لا دخل هو على أو لا دخل فلان على فلان
أو حلف لا دخل هذا البيت فصار مسجداً
ما الذى يحنث به؟
من العتبية أشهب عن مالك فيمن حلف لا دخل على فلان بيتاً فدخل عليه وهو ميت
قال يحنث. قال ابن كنانة وقاله عبد الملك، وقال سحنون لا يحنث.
ومن العتبية قال أصبغ فيمن حلف لا دخل بيت فلان ما عاش أو قال حتى يموت،
فدخل بيته وهو ميت قبل يدفن، قال يحنث.
[4/ 134]
(4/134)
قال أشهب عن مالك وإن حلف بالطلاق لا دخلت
امرأته على أختها حتى تأتيها هى وبناتها فماتت أختها ولم تدخل إليها، قال
إن جاءها بناتها فلها أن تذهب إليها.
وعمن حلف لا كلم ابنته ولا دخل إليها أبداً وهو يريد تسليما فى صحة أو
عيادة فى مرض، فمرض زوجها فنقله إلى جانبه وفتح بينه وبينه باباً فكان يدخل
عليه إذا خرجت ابنته فإذا خرج دخلت، فمات الزوج فجعل على ذلك الباب ستراً
فسقط فدخل فأصلحه وهى فلا الدار وقال لم أرد هذا، فلما غسلوه دخل به فى بيت
من الدار ومعها قريب منها وقال لم أرد هذا إنما أردت زيارة فى صحة أو عيادة
فى مرض، فلما دفن قال لامرأته قولى لابنتك أعظم الله أجرك وهى وراء ذلك
الباب، قال إن سمعت منه ابنته التعزية فقد حنث. ولو أرسل بذلك إليها لم
يحنث، وأما فى دخوله عليها فلا يحنث لأنه إنما حلف على زيارتها وعيادتها.
قال ابن القاسم عن مالك فى التى حلفت لا تشهد لأخيها محيا ولا مماتاً،
فماتت ابنته فأحبت أن تنتظرها عند باب المسجد وتصلى عليها فكره ذلك، وقال
عنه فى التى حلفت لزوجها لا دخل إليها من قرابتها أحد فمات أو طلقها، فإن
نوت ما دمت تحتك فلا شىء عليها، وإن لم تنو شيئا فلتحتط ولا تدخلهم.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يأويه مع فلان سقف بيت فجمعهم المسجد
فلا شىء عليه ولا ينتفع من هذا وليس هذا مخرج يمينه. قال عنه أبو زيد: وإن
جامعه فى الحمام حنث لأنه لو شاء أن لا يدخله فعل، وكذلك ذكر عنه ابن
المواز أنه لو دخل عليه المسجد لم يحنث ويحنث إن دخل عليه الحمام، وفى
سؤاله ألا يجامعه تحت سقف ولا يدخل عليه، فإن جامعه فيه أو دخل بيت جار له
حنث، وإن كان المحلوف عليه هو الداخل عليه لم يحنث فى يمين الدخول إلا أن
ينوى ألا يجامعه فى بيت فيحنث، وقيل لا يحنث إلا أن يقيم
[4/ 135]
(4/135)
معه بعد دخوله عليه. ولو حمل الحالف فأدخل
مكرها لم يحنث إلا أن يتراخى، ثم إن قدر أن يخرج فلم يخرج مكانه حنث، وفى
سماع عيسى قال ابن نافع فى الحالف لا دخل مع فلان تحت سقف فتحول عن ذلك
البيت فإن أراد اجتناب معاشرته وسوء خلقه وكراهية مجامعته فهو يحنث دخل معه
تحت سقف بيت أو فى ظل جدار أو شجرة.
قال عيسى عن ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز، ومن حلف لا دخل على أخته
فى بيتها فدخل عليها فى غير بيتها، فإن نوى القطيعة حنث، وإن نوى بيتها
بعينه لم يحنث، وإن لم تكن له نية حنث.
قال عنه أبو زيد قال مالك: وإن حلف لا يأويه وفلان سقف بيت أبداً فمر
بسقيفة فيها طريق ولم يعلم أن المحلوف عليه فيها وقال: إنما نويت الجلوس،
وإنما سلكت طريقا، فإن كانت الطريق نافذة تسلك بلا إذن لم يحنث وإن كان بيت
يستأذن فيه فقد حنث.
قال ابن حبيب فى الحالف لا يجمعه وفلان سقف فإن أراد اجتناب الجلوس وغيره
أو لا نية له فلا يجامعه فى بقعة ولا فى موقف، لا تحت سقف ولا فى صحراء،
فإن فعل حنث، وإن لم يرد إلا مجامعته فى البيوت المسكونة فلا بأس أن يجلس
معه فى الدار والصحراء حيثما شاء عدا السقف ولا شىء عليه فى المسجد للصلاة
والجلوس، وليفترقا فيه ولا يجتمعان فيه فى مجلس، ويحنث فى الحمام. وأما
السجن فإن سجن الحالف لم يحنث بدخول المحلوف عليه إليه طوعاً أو بسجن، وإن
كان الحالف غير مسجون فكيفما دخل عليه المحلوف حنث، بطوع دخل أو بسجن،
فالحالف حانث، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
وإذا حلف لا جامعه تحت سقف، فإن دخل عليه المحلوف عليه حنث ولا ينفعه إن
خرج إلا فى يمينه لا دخل على فلان، وقاله أصبغ وغيره.
[4/ 136]
(4/136)
ومن العتبية قال أصبغ فى الحالف لا يجامع
فلانا تحت سقف بيت فحبسه الإمام كرهاً، قال يحنث إلا أن ينوى طائعا. قال
ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق امرأته لا يأويهما سقف حتى تأتى فتقبل
رأسى وتعتذر. قال إن دخلت عليه فقبلت رأسه واعتذرت بر وإن خرجت قبل تفعل
ذلك حنث.
وقال مالك فى التى بات زوجها عند ضربتها ليالى فحلفت بالحرية إن بت معه تحت
سقف حتى يبيت معى مثل ما بات معها، قال مالك يبيت معها فى غير سقف ويدع
الأخرى حتى تفرغ تلك الليالى. وكذلك ذكر فى كتاب ابن المواز. قال مالك ولا
يعجبنا هذا ورأى مخرج يمينها على أن لا يقربها ولا تقربه إلا أن يكون
للحالف نية ومراد.
قال أصبغ فى العتبية يحنث حيث ما بات معها لأنها قصدت الاجتناب ولكن يبيت
معها فى الحجرة مثل تلك الليالى ولا يمسها فيها. ثم يبيت فى البيت إلا أن
تنوى هى المصاب فى الحجرة فلا ينزلانه فى تلك الليالى.
ومن المجموعة والعتبية روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف لا يبيت مع أمه
فى قاعة الدار سنة، قال فليدع ذلك سنة، قيل ففى سطح بيتها، قال يسأل عن
نيته.
قال فى المجموعةوالعتبية أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف إن أدخلت فلانا
بيتك لا دخلت إليك سنة، ثم أراد الحالف إدخاله وأبى المحلوف عليه، فإن
أدخله حنث إلا أن يستثنى إلا برضائى.
[4/ 137]
(4/137)
قال ابن القاسم فيمن حلف لا دخلت بيت أبى
يومين حتى أفرغ ما بينى وبينك، فلم يدخل البيت يومين ولم يفرغ ما بينه
وبينه فلا حنث عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا دخلت امرأته بيت أمها فدخلت الابننة بيتاً
فدخلت الأم عليها فكره ذلك. ومن حلف لا دخل لفلان بيتاً فدخل سقيفته، فإن
كان أكرى السقيفة لنفسه وحده فقد حنث، وإن كان أكرى مجلساًَ فيها مع غيره
لم يحنث بدخوله عليه فيها.
ومن حلف لا دخل بيتا من الدار فدخل حجرته حنث. ومنه ومن المجموعة ابن
القاسم عن مالك فيمن حلف ختنه إلى بيته حتى ينزع عما هو عليه، فأتى البيت
والحالف وزوجته غائبان فكسر بابه ودخل بيته، فقال له مالك فهل نويت بإذنك؟
قال نويت ألا يدخل، قال قدحنثت.
قال ابن حبيب ومن حلف لا دخل دار فلان فلا يدخل حانوته ولا قريته ولا خباه
ولا موضع له فيها أهل أو متاع وإن لم يملكه، إلا أن يكره عين الدار لما
يكره فيها مثل عيال الرجل أو لغير مما يكره من الدار وهو قول مالك وما فسر
لى أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لا دخل هذا البيت فحول مسجداً فلا يحنث
بدخوله.
فيمن حلف لا دخل قرية إلا عابر سبيل
أو لا دخل على فلان أو لا سافر مع فلان أو لا صحبه فيه
ما الذى يحنث به من ذلك؟
ومن العتبية من سماع عيسى ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن كان
ساكنا فى قرية فحلف لا دخلها سنةً إلا عابر سبيل فقدمها مجتازاً فبات بها
[4/ 138]
(4/138)
ليلة أو قدمها نهارا فأقام بها بعض النهار
او اكثره، فإن كان لم يقصد الخروج إليها والنزول بها لكن لحاجة اخرجته فلا
يبالى إذا اقام بها كما يقيم المسافر لحاجته مما لابد منه فى المناهل قال
فى كتاب ابن المواز إذا لم يقصد بإقامته المنزل خاصة ولا استحدث ما يؤديه
إلى المقام.
قال فى الكتابين وإن أراد الإقامة فليتباعد عنها مثل خمسة أميال او عشرة،
قال فى كتاب ابن المواز ثم يقيم ما شاء، وإن اتخذ ذلك متجرا، ومسكنا.
ومن كتاب ابن المواز ورواها اصبغ عن ابن القاسم فى العتبية ومن حلف لا دخل
بلدا كذا وعليها فلان والياً فمر مختاراً بقرية من عمله بينها وبين المدينة
اليوم واليومان وهو لا يدخل المدينة، قال يحنث.
وقد تقدم شىء من هذا المعنى فى باب الحالف لا يأكل طعام فلان.
وإن حلف لا صحب فلاناً فى سفر فاكترى كل واحد منهما جمال فأدركه فى الطريق
فسايره وهما مفترقان فى النفقة والكراء فقد حنث، وكذلك فى العتبية من سماع
ابن القاسم عن مالك وقال فكانا يسيران ويتحدثان وينزلان إنه يحنث وقاله ابن
القاسم.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن سافر مع ختنته فحلف لا صحبها فى سفرها هذا
فإن نوى بعد أن يردها من هذا السفر فله ما نوى، وإن لم ينو شيئا فلا يرجع
معها ولا يصحبها فى سفر آخر، وإن عرض لهما بعد زمن سفر إلى أرض واحدة لهما
بها حاجة واحدة فركب الختن فى البحر وركبت هى فى البر وتواعدا إلى الموضع،
قال: إن كان نوى لا يخرج معها فى سفر لها فيه بحاجة ومنفعة خفت أن يحنث،
وإن كان على ألا يكون معها على طعام او صحبة.
[4/ 139]
(4/139)
فيمن حلف لا عاد مريضا فارسل إليه
أو لا يصحب رجلا فعاده
من المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا عاد احداً فمرض له أحد وبينه
وبين بعض أهله صداقة فأراد أن يأتيهم إلى منازلهم فيسألهم عنه، فإن وجدهم
عند المريض أرسل إليهم ليسألهم عنه فنهاه عن ذلك، وكره لمن حلف أن لا يعود
فلانا أن يجوز ببانه إليه بالسلام أو يرسل إلى أهله ليسألهم عنه وإن لم يجز
ببابه.
قال ابن القاسم اما الذى يقف ببابه ويرسل إليه وإلى أهله يسألهم عنه فقد
عاده وحنث، وأما أن يرسل إليه من منزله ولا يخرج إليه فأخاف عليه الحنث
وليس بالبين وأنويه، فإن لم يرد الإرسال أو لم تكن له نية فلا حنث عليه.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا يصحب أخاه فى حاجة فمرض
فأراد أن يعوده أو عاده إلى طعام منزله أيحنث؟ قال لا، إلا أن ينوى
اعتزاله.
فيمن حلف لا يشهد لأخيه محيا ولا مماتاً
أو لا تخرج امرأته لأبيها إلا فى فرح أو حزن
ومن المجموعة قال أشهب فيمن حلف لا شهد لأخيه محيا ولا مماتاً، فرأى رجلا
يريد ظلمه فنصره قال يحنث. قيل فإن وكله أو كلمه، قال يحنث.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بطلاق امرأته أن لا تخرج إلى بيت
أبيها إلا فى فرح أو حزن فولد له ولد ذكر أو أنثى فسربه الأب فخرجت فيه ثم
مات الولد فحزن عليه فخرجت فيه، ومات عبد نفيس عليه، قال الولد فرح وهو له
حزن، وأما العبد الذى هو قوام الرحل ووجهه فليس يقع عليه فيه اليمين.
[4/ 140]
(4/140)
فى اليمين على الهجران وترك الكلام
وكيف إن سمى أجلاً أو حيناً أو دهراً أو زمناً؟
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لامرأته إن لم تعملى كذا
لأهجرنك، فلم تعمله، قال يهجرها ثلاثة أيام، وقاله ابن الماجشون واصبغ فى
الواضحة، وذكرها ابن سحنون عن أبيه مثله.
قال وأحب إلى لو زاد على الثلاثة أيام وإن كانت الثلاثة أيام تجزئه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليجهرن زوجته، قال يهجرها شهراً، ولو قال
لأطيلن هجرانك فليهجرها سنةً. قال وقال ابن أبى مطر: الهجرة ثلاثة فى
الحديث، والطول عندى شهر.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى طول الهجران سنة، قال ابن القاسم إنما
استحب مالك ما هو أبين وأقطع للشك، وإن الشهرين والثلاثة ليس بطول، فإن طال
هجرانه وإن لم يتم السنة فلا حنث عليه، ولم ير الستة أشهر طولا، وكأنه رأى
الثمانية وأكثر طولا. وكره أن يوقت فيه. وإن قال لهجرتك فليجهره سنة.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن القاسم وابن المجشون عن مالك الحين والزمان سنة
فى الحالف ليهجرنه حيناً أو زماناً قال مطرف فى رواية فى الدهر أكثر من
السنة وسنتان قليل وما أوقت فيه وقتاً، قال ابن حبيب الأول أحب إليه، ولم
ير أصحابنا قول ابن المسيب أن الحين ستة أشهر من طلوع تمر النخل إلى حين
يرطب، وقد يكون الحين والزمان أكثر من سنة وأقل على معنى ما يجرى فى الحلف
على الهجران وبره فيه وقد أثم.
قال ابن الماجشون وهى جرحة وقال فى الحالف ليطيلن هجرانه فالشهر ونحوه، فما
نقص أو زاد طول وقاله انب الماجشون وبه أقول.
[4/ 141]
(4/141)
وقول ابن القاسم سنة قال أصبغ عن ابن
القاسم: وإن سلم عليه ولم يكلمه فى غير ذلك فإن كان خاصا به لم يخرج بذلك
من الهجران فى الإثم والجرحة، وإن لم يكن خاصاً به أجزأه فى ذلك كله. وإن
حلف لا يكلم فلانا حتى يرحع فلان من سفر أراد الخروج إليه، قال ابن
الماجشون فليدع كلامه من الأن حتى يخرج فيرجع، وإن كسر عن السفر فإن كان
الحالف قد كان كره خروجه فأبى أن يكسر ثم كسر فله أن يكلمه ولا يحنث، فإن
عاد إلى الخروج أمسك عن كلامه، وإن لم يحلف لكراهية خروجه لكن لغير ذلك
فكأنه جعل قدومه من سفر أجلاً فلا يكلمه. وإن كسر حتى يمضى وقت قدر ذهابه
ومقامه وإيابه، وقاله أصبغ.
قال ابن الماجشون وإن حلف لأهجرنك سنةً فليس عليه وصل السنة بيمينه ولكن
يهجره سنة حتى ما شاء عجلها أو أخرها. ومن قال امرأته طالق إن كلمتك سنة
فالسنة من يوم يمينه. ولو قال إن شربت نبيذاً لا كلمتك سنة فالسنة من يوم
يشربه، فإن قال إن شربته لا كلمتك إلى الفطر أو إلى الصدر فإنما يهجره إلى
ما يأتى من الفطر والصدر بعد يمينه قرب شربه أو بعد لأنه وقت معلوم، والسنة
مجهولة، وإن شربه بعد الفطر والصدر فلا شىء عليه، وليس عليه هجرانه إلى فطر
آخر أو صدر آخر. ولو حلف بالحرية إن شربته إن كلمتك شهرا فلا بيع رقيقه قبل
شربه، فإن شربه فلا يبيعهم حتى يهجره شهرا وإلا حنث والشهرمن يوم شرب،
وإنما يحنث فيمن ملكه يوم حلف لا يوم الشرب ولا يوم الحنث، وقال أصبغ فى
موضع آخر له بيع رقيقه بعد الشرب.
قال ابن الماجشون: وإن حلف ليهجرنه شهرا فكان الشهر الذى هجره فيه تسعة
وعشرين يوماً فليس عليه تمامه بيوم.
[4/ 142]
(4/142)
ومن كتاب ابن المواز وعن امرأة حلفت لزوجها
إن لم تخبرنى بكذا لا كلمتك شهرا فأمر نفسه ثم أخبرها بعد شهر، قال محمد
فليقدر فى ذلك بقدر ما أرادت من استعجال خبره أو تأخيره، ولعلها أرادت فى
مقامها أو لها وقت قد عرف، فإذا فات لم ينفعها إخباره بعد ذلك.
فيمن حلف ألا يساكن فلانا أو لا يجاوره
أو قال لا أبيت مع امرأتى
من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن حلف لا يسكن معه أو لا يجاوره فذلك كله
سواء. فإن انتقل أحدهما فى مسكن بقربه والدار تجمعهما وكل مسكن بمنافعه
ومدخله على حدة، فإن كانا أولاً فى منزل كالرفيقين فلا يحنث بهذا، كانا
اجنبين أو ذوى قرابة، إلا أن ينوى الخروج من الدار. قال وإن كانا متجاورين
لم يجزه حتى يخرج من جميع الدار. ولو قسمت بجدار وفتح فى كل نصيب باب إلى
الشارع فكرهه مالك ولم يحنثها ابن القاسم بهذا وقال أشهب وإن كانت يمينه
وهو بهذا الموضع ساكن فهو حانث على ما ذكرنا، وإن تباعد ما بينهما حتى
انقطع ما كانت له اليمين فلا يحنث، وإن كان إنما ساكنا فى موضع آخر مما لا
يشبهه قرب هذا الآن فلا حنث عليه. ولو كان أولاً جاراً له فى القبيل فإنه
ينوى، فإن قال نويت لا أسكانه فى دار صدق مع الكشف عن سبب يمينه، وإن لم
تكن له نية حنث بالمقام إن أراد النقلة عنه من القبيل إن لم يكن له
فلينتقل. قال ابن القاسم: وإن كان معه فى دار فانتقل لم يحنث بسكناه معه فى
قرية، وإن كان أولاً فى قرية وليسا فى دار، فإن ساكنه فى قرية حنث إلا أن
ينوى فى دار، وإذا كان من أهل العمود فحلف لا يجاوره أو لينتقلن عنه،
فينتقل إلى قرية والمضرب واحد فلا يجزيه إلا نقله حتى ينقطع ما بينهما من
خلطة العيال والصبيان حتى لا ينال بعضهم بعضاً فى العارية والإجتماع إلا
بالكلفة والتعب، ويكون رحله كرحلة جماعتهم من مكان إلى مكان.
[4/ 143]
(4/143)
ومن المجموعة قال ابن القاسم فى الحالف لا
يجاوره، فإن كان فى دار فليخرج منها، وإن كان معه فى رحبة فليتنح عنه ويبعد
حتى ينقطع ما كان بينهما من تناول العيال وأذاهم، وإن كان كمساكن البادية
والخصوص فليتنح حيث لا يلتقى عبيدهم وأغنامهم فى الرعى، وقاله مالك.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم إن حلف ألا يجاوره وهما من أهل الباديى
فليخرج إلى بادية أخرى إلا أن تكون له نية فيعمل عليها، وليذهب عنه إلى مثل
ما لا يكون به جارين من البعد.
قال عنه يحيى بن يحيى: وإذا انتقل عن أخيه بنية ثم يأتيه عائداً لمرض أو
زائراً فيقيم عنده يومين أو ثلاثة قال لا يحنث بذلك. قال عنه أصبغ: إذا حلف
لا يساكن أخاه وهما فى دار لم ينفعه أن يبينا جدارا بينهما ويقيما.
ابن حبييب قال ابن القاسم فى الحالف على المجاورة إن كانا فى دار فلا يحنث
إن ساكنه فى قرية، ولو كان فى قرية فساكنه فيها أو فى قرية غيرها حنث. قال
انب حبيب وإن كان فى حارة فساكنه فى حارة غيرها حنث. لأن محمل يمينه على
رفع المجاورة، فلا ينفعه إلا الإبعاد منه ومن الحضر الذى يجمعهما فى المصلى
والاختلاف إلى مسكنهما.
قال ابن الماجشون إذا حلف لا يساكنه وكانا فى دار فقسماها بجدار من جديد
وسكن كل واحد فى مسكنه وخرج على باب نصيبه فلا يعجبنى ذلك
[4/ 144]
(4/144)
إلا بجدار وثيق بالبناء فلا يحنث إذا
أضرباه بينهما، إلا أن ينوى لا يجاوره فليبعد منه ولا يجمعهما معاملة ولا
طريق وسواء قال إن ساكنتك فقط أو قال فى هذه الدار فلا يساكنه فيها ولا فى
غيرها.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أذاه جاره فحلف لا ساكنتك أو قال لا جاورتك فى
هذه الدار أبداً فلا بأس أن يساكنه فى غيرها ولا يحنث إن لم تكن له نية.
وأما إن كره مجاورته أبدا فإنه يحنث، وكذلك إن قال لا ساكنتك بمصر فساكنه
بغيرها مثل ذلك سواء.
ولو حلف لا يجاوره، فأما فى أمهات القرى فيتنحى عن الطريق التى تجمعهما فى
الدخول والخروج، وأما فى البادية فإن افترقا فى الشرب والمورد والجمع فلا
شىء عليه.
ومن المجموعة قال أشهب: وإن حلف لا ساكن رجلاً فسكن فى دار لها مقاصير كل
واحد فى مقصورة فقد حنث إذا كان الاب الأعظم يجمعهم والدار شرعاً بينهما
وما بينهما متقارب وأما أن تساعد ما بينهما كتباعد الجيران وكل واحد مستغن
ولا شرك بينهما فى مرافق القاعة التى جمعتهم فلا يحنث، إلا أن يكونا هكذا
قبل اليمين فيحنث، وإن كانت دار ذات مقاصير فى كل بيت ساكنه أو فى كل
مقصورة ساكنها وكان هذا فى بيت أو كانا فى مقصورة والحالف فى حجرة المقصورة
وصاحبه فى البيت فليخرج حين حلف إلى أى بيوت الدار شاء ولا يقيم معه فى
المقصورة، وفإن أقام فى البيت أو المقصورة يوماً وليلة حنث.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف على جار له أن لا يجاوره فأقام بعد اليمين
أكثر منيوم وليلة فإنه حانث وإن أقام أقل من يوم وليلة وقال أشهب لا يحنث
إن أقام أقل من يوم وليلة، ويحنث فى يوم وليلة لا جاورتك ولا ساكنتك.
[4/ 145]
(4/145)
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا
يساكن رجلاً فى دار فبات عنده ليلةً لأمر نزل به من عرس ونحوه أو كان صهره
فيضيف به ليلةً فليس هذا سكنى، وقاله مالك. وأما إن حلف لا يأوى إليهم
فألجأه مطر أو خوف أو جنة ليل فأوى إليهم ليلة أو بعض ليلة فقد حنث إلا أن
يكون نوى السكنى.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإذا حلف أن لا يساكن رجلا فلا يحنث بالسفر
معه إن كانت يمينه مستحبة، وإن رأى أن ليمينه وجهاً أو سبيلاً حمل عليه،
ومثله فى العتبية.
من سماع ابن القاسم قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بالطلاق لا يبيت مع
امرأته فأراد أن يطأها ويقيل معها فيسأل عن نيته وبساط يمينه، فإن كره
المبيت ف؟ إن من الناس من تبخل ذلك عليه فله أن يقيل معها ويطأها نهاراً،
وإن كانت نيته اعتزاله لها وأن يعمها باجتنابه فإنه يحنث إذا قال معها
ووطئها نهارا.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن حلف لا يساكن أخاه فمرض فأتاه
مرضه ليالى، فإن كانت يمينه لما يقع بين العيال والصبيان لم يحنث، وإن كانت
بعد هذا فقد حنث. قال مالك ولا يحنث بالزيارة وليست سكنى وذلك مختلف، ليس
زيارة الحاضر كزيارة من انتقل من قريته، هذا يقيم اليومين والثلاثة وإذا
كانت يمينه لما يقع بين العيال فنحاهم وأقام ببدنه فهو أخف. وقال أشهب ليست
الزيارة مساكنة وإن طالت إن صح أن ليس القصد فيها السكنى. وإذا كان الحالف
مغلوباً عليه فأقله إليه بعد أن انتقل عنه فلا شىء عليه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فى من سكن مع أخت امرأته فى بيت
فحلف لا يساكنها فخرج وترك امرأته معها فأقامت معها أياما حتى وجد مسكنا
نقل إليه أهله، ثم سافر فانهدم المسكن فعادت امرأته مع أختها حتى
[4/ 146]
(4/146)
قدم، فإن لم ينو لا يدخل عليها لزيارة أو
مرض لم يحنث إن دخلت ومرضتها لأنه خرج ولم يسكن بها وإنما كان ذلك منها على
غير ما نوى. قال أصبغ يعنى أنه نوى لا يساكنها هو بنفسه، ولو أبهم يمينه
حنث فى تركه إياها معها حتى وجد منزلا.
وقال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يساكنه بداره فأقام عنده أياما، فإن
كان فى الحضر فليزره نهارا ولا يكثر، ولا أرى أن يبيت إلا لمرض فليبت
الليلة.
وأما فى غير الحضر فركب إليه فله أن يقيم اليومين والثلاثة، وقال مالك. وما
يشبهه.
قال أصبغ فى الواضحة فإذا أكثر الزيارة نهارا فى الحضر أو أكثر من المبيت
والمقام فى شخوصه إليه يعنى فى الحضر فهو حانث.
فى الحالف ألا يساكن رجلا أو لا يسكن هذه الدار
أو لينتقلن منها وكيف أن أقام بعد يمينه
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا حلف لا يساكنه فإن لم يخرج ساعة حلف
حنث، وإن حلف فى جوف الليل خرج حينئذ وإلا حنث إلا أن ينوى الصباح فينتقل
إذا أصبح ولا يصبر حتى يجد مسكنا.
وكذلك قال فى العتبية وقال لو حلف لينتقلن فليطلب منزلا ولا يطأها حتى
بينتقل. قال أشهب فى المجموعة فى الحالف لا يساكنه فيخرج ساعة حلف، ولكن لا
يحنث فى إقامة أقل من يوم وليلة قال أشهب فى كتاب محمد: لا يحنث فى إقامة
أقل من يوم وليلة إلا أن ينوى تعجيل الخروج قبل ذلك. قال أصيغ حد المساكنة
عندنا يوم وليلة بعد اليمين، فإن زاد أكثر حنث، وإن انتقل فلا يرجع أبداً
بخلاف يمينه لأنتقلن. ولو قال الحالف على السكنى نويت ثم صدق فى الفتيا ولا
ينفعه فى القضاء إن قامت عليه بنية. وكذلك لو قعد وقال نويت
[4/ 147]
(4/147)
لا أساكنه بعد مضى شهر او سنة لصدق فى
الفتيا ولا ينفعه إن قامت عليه بينة، وإن لم تحضر يمينه بينة إلا أن أخبر
بيمينه لغير واحد، فإن أخبرهم مع ذلك ببينة فذلك له وإلا لم ينفعه.
فيمن حلف لينتقلن أو ليخرجن من هذه الدار أو هذه المدينة
أو ليسافرن، أو قال لا سكنت هذه الدار
من العتبية من سماع أشهب قال مالك فى فيمن نازع جاراً له فحلف بالطلاق
لينتقلن عنه، فإن كان كره جواره فلينتقل ولا يساكنه أبداً، وإن أراد النقلة
ترهيبا ثم يعود فينتقل ثم يقيم شهراً ثم يعود إن شاء وهو وجه النقلة، وليس
يوم نقله.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك يقيم شهراً
أو نحوه إلا أن ينوى ألا يساكنه قال ابن القاسم ولو رجع بعد خمسة عشر يوما
لم يحنث، والشهر أحب إلى إلا أن ينوى ألا يساكنه.
ومن كتاب ابن المواز قال ولو انتقل بعياله وولده وترك متاعه لحنث، وقال
أشهب لا يدع شيئاً من متاعه ولا ممن كان يسكن مسكناً، ولكنه لو خلف متاعه
كله لم أحنثه، وإنما يحنث إن ترك أهله وولده لأنه مسكن بعد.
قال ابن القاسم من قول مالك إنه يحنث إن ترك متاعه أو بعضه ولو تصدق بذلك
على صاحب المنزل او غيره فتركه فى المنزل لم يحنث.
وقال فى المنتقل إن ترك مثل الوتد والمسامير والخشبة فلا شىء عليه، وكذلك
لو تركه ناسياً، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية.
[4/ 148]
(4/148)
قال ابن القاسم فى المجموعة: إن ترك مثل
سرير وآنية أو مثل طعام كثير ترك أكثره ويمينه على وجه النقل فلا يبر بذلك
ولا يعجبنى لأنه له فيه منفعة وإن لم يحتج إليه إلا أن يترك شيئا يلقيه من
شىء لا يريد يرجع إليه.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فى العتبية إن ترك مثل الزير والوتد
والفخار وهو لا يريد الانصراف فيه لم يحنث، وإن كان إنما نسيه حنث.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا حلف فى الانتقال بطلاق زوجته فلا يقربها حتى
ينتقل، فإن رفقته ضرب له أجل من يوم يرفع، وتعجيل النقلة له أحب إلى.
قال فى العتبية وإن حلف لينتقلن فليطلب لنفسه منزلا ولا يطأها حتى ينتقل.
قال فى كتاب ابن المواز: ومن حلف لينتقلن عن أبيه وكان يمن عليه فلا يدخل
بيت أبيه ولا حانوته، فإن دخل حنث، وكذلك الدار. قال محمد وأظن فى يمينه
ولا دخل له دارا.
ومن سكن بمنزل لامرأته فمنت به عليه فحلف بالطلاق لينتقلن ولم يؤجل فأقام
ثلاثة أيام يطلب منزلا فلم يجد فأرجو ألا شىء عليه. قيل فإن أقام شهراً،
قال إن توانى فى الطلب خفت أن يحنث وإن حلف لينقلن فلاناً من دار له لأذى
أذاه فيها فنقله ثم رده بعد أن طال ذلك فلا شىء عليه إن لم يكن له نية.
ومن الواضحة وقال فى الحالف بالطلاق لينتقلن فلا يحنث وإن أخر انتقاله،
ولكن لا يمس امرأته حتى ينتقل إلا أن يضرب أجلا فله مساسها، فإن حان ولم
ينتقل حنث، وإذا انتقل أقام قدر الشهر.
[4/ 149]
(4/149)
قال ابن الماجشون: ولكن لا احب له أن ينتقل
على نية شهر لكن ينتقل على غير نية توقيت، فإن بدى له بعد شهر رجع، قال
أصبغ وإن رجع فى أقل منه لم أبلغ به الحنث. قال ابن الماجشون وكذلك إن حلف
ليخرجن فلانا من داره فأخرجه فله رده بعد شهر.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليخرجن من المدينة فإن لم ينو إلى بلد بعينه
فليخرج إلى ما تقصر فيه الصلاة فيقيم نحو الشهر قاله مالك، وهو استحسان،
والقياس أن يخرج إلى موضع لا يلزمه فيه أن يأتى الجمعة فيقيم ما قل أو كثر
ثم يرجع إن شاء، والأول أبرأ من الشك وأحسن فى رأيى إن يكن ليمينه سبب
فيجرى عليه.
وقال فى موضع آخر فى الحالف لا يتزوج من الإسكنرية فإن نواها وعملها وإلا
فالاستحسان أن يبعد إلى موضع لا يجب منه المجىء إلى الجمعة. قال ابن القاسم
وقال أصبغ يخرج إلى حيث يقصر عنده الصلاة إذا برز إلى سفر وحيث لا يعم فيه
إذا قدم. هذا القياس والأول استحسان وهو أحب إلى. وإن تزوج فى الموضع الذى
يقصر فيه من قريته لم أفسخ نكاحه.
قال أشهب فيمن حلف ليخرجن العام إلى مصر فخرج ثم رجع من بعض الطريق، فإن لم
يدخل مصراً قبل تمام السنة حنث. وفى موضع آخر من كتاب ابن المواز عن مالك:
ومن حلف ليسافرن فليخرج إلى ما تقصر فيه الصلاة ويقيم شهرا أحب إلى. وقيل
أما سفر القصر فلا بد منه إلا أن ينوى دونه. وأما إقامة الشهر او أكثر فهو
احب إلى، إلا أن يرى ليمينه وجه ييريد به التغرب الطويل، وإلا فعل ما ذكرنا
كالانتقال، وإن رجع دون الشهر لم يحنث إذا صحت النقلة والمقام بعد النقلة
إلى الغاية فى الحضر والسفر.
وإن حلف لا يسكن فى هذه الدار الواسعة، فإن قصد لسعتها لوحشته فيها أمر غير
ذلك مما يعلم سببه فضيقت لم يحنث إن سكنها، وكذلك إن كرهها لتشييدها
فانهدمت فسكنها، إلا أن يريد عين الدار وإنما ذكر الواسعة والمشيدة
[4/ 150]
(4/150)
على الاسم لها وأنه يحنث بسكناها على كل
حال، وكذلك المزوقة فذهب تزويقهاثم سكنها حنث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حلف لا فعل كذا وكذا حتى
ينتقل من منزله وهو صاحب خيمة، فلا احب له أن ينتقل إلى موضع قريب حتى
ينتقل نقلة يعرف أنها نقلة.
ومن المجموعة: ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لزوجته لئن خرج عنها إلى سفر
وعاد إلى سنتين، فإن أراد بلداً مثل مصر فبدا له فتركها ورجع إلى غيرها فلا
شىء عليه، وإن لم يرد موضعا فاليمين عليه.
فيمن حلف على سكنى دار أو دخولها أو ركوب دابة
أو لباس ثوب وشبه ذلك وهو حال فى ذلك مقيم
من المجموعة: ابن القاسم ومن حلف على نفسه أو على زوجته لا لست
ولا سكنت أو لا ركبت فيما هو او هى فى حالين، فإن استداما ذلك حنث، قال
مالك إلا أن يترك ذلك مكانه.
قال ابن القاسم وإن حلف لها وهى فى الدار إن دخلت هذه الدار فلا شىء عليه
فى تماديها، وإنما اليمين على امر مستقبل. ولو قال لحامل إذا حملت ولحائض
إذا حضت ولنائمة إذا نمت فأنت طالق لم تطلق بتلك الحال ولكن بأمر مستقبل
إلا الحائض فتطلق مكانها من باب أنه كأجل أت فى الحيضة المستقبلة.
وقال أشهب هو مثل الحمل. قال ابن المواز قال أشهب فى يمينه إن دخلت هذه
الدار وهو فيها: إنه أن لم يخرج مكانه حنث.
[4/ 151]
(4/151)
فيمن حلف ألا يبايع رجلا أولا يداينه أو لا
يعامله
أو لا يتسلف منه او لا يلابسه او لا يفوض إليه
او ليقاسمن شريكه، ما الذى يحنث به؟
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا يبايع رجلا فآجره فقد حنث إلا أن
يكون له نية، وقاله مالك. وكذالك يمينه لا يداينه إلا أن ينوى السلف
والبيع، فإن حلف أن لا يلابسه فى متاع وفلان حميل بذلك المتاع فقد حنث.
قال أشهب عن مالك فيمن حلف لا يتسلف من رجل لا له ولا لغيره هل يتعاين منه؟
قال لا.
قال أشهب فيمن حلف ليفاصلن شريكه فيما بينه وبين ثلاثة أيام فخاف الحنث فحل
الأجل ولهما ديون غائبة وحاضرة وطعام ودواب حاضر وغائب، قال إذا تقاسما
الدواب الحاضرة والطعام الحاضر وغيره من الحاضر مما يقسم متقاسما ما على كل
غريم واحتال كل غريم من أهل الدين بحقه الذى يصير إليه ووفى بذلك الغرماء
وحضروا وكتب بذلك كتاباً وتصدق المحلوف عليه على الحالف بحصته من الدواب
الغائبة وكل من غاب عنه معرفته مما لم يذاكره عند المفاصلة صدقه لئلا كذا
لم يحنث إن فعل ذلك قبل غروب الشمس من آخر يوم. وإن تصدق الحالف بذالك على
الآخر لم يبر به وحنث، ولا بأس أن يزيده فيما صار عنده فى قيمة العلروض
دنانير إلا أن يزيد للأجل الصدقة فيحنث، وإن لم يحنث الغرماء حتى قسما ما
على كل واحد منهم أو تراضوا بالحوالة عليهما على ذلك فلا يبر بذلك ويحنث.
قال ابن القاسم عن رجلين كانت بينهما أرض فتقاوماها على أن أربح أحد منهما
ال
أخر أربع فدادين، وذلك قبل يبدو صلاح زرعها، ثم حلف الذى صار له
[4/ 152]
(4/152)
ذلك الزرع بالطلاق لا خالطه شريكه ولا
شاركه فى شىء أبدا، قال فليرفعه إلى السلطان حتى يفسخه ولا شىء عليه، لأنه
إنما حلف لا خالطه يريد بأمر مبتدأ إلا أن يكون نوى غير ذلك.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم: ومن حلف
بالحرية أن لا يعامل أخاه ابداً وقد كان جحده ثمن شىء باعه منه، ثم إن
الحالف أسلفه دنانير أو أودعه مالاً فهو حانث إلا أن تكون له نية فى البيع
خاصة فيدين.
قال محمد بن عند الحكم فيمن حلف لا يشترى من رجل شيئاً وبينه وبينه عبد
فأعتق الحالف نصيبه منه فقوم عليه السلطان نصيب صاحبه إنه حانث، لأنه لما
أعتق نصيبه علم ان نصيب الآخر يقيم عليه، ثم رجع فقال لا يحنث لأن الحكم
أوجب القيمة عليه، فإذا حلف أن لا يبيع منه شىء فأعتق المحلوف عليه نصيب من
العبد فقوم عليه الإمام نصيب الحالف فلا شىء عليه.
فى الحالف ليفعلن فعلاً
أو لا يفعله فأمر غيره ففعله
من كتاب ابن المواز ومن المجموعة قال أشهب فيمن حلف أن لا يشترى عبداً فأمر
غيره فاشتراه فهو حانث إلا أن تكون له نية أو ليمينه سبب مثل أن يكره أن
يلين لأنه قد عتق غير مرة، وإما أن كره شراءه أصلا فقد حنث وكذلك فى يمينه
ألا يبيعه، ولم ينوه ابن قاسم. قال ابن المواز قال مالك فى المأمور يبيع
السلعة بأمر غيره فيبيعها ثم حلف لربها لاأنى ما بعتها وعليه بينة وقال
مالك فى المأمور يبيع السلعة بأمر غيره
فيبييعها ثم حلف لربها أنى ما بعتها وعليه بينة وقال نويت أنى لن آل البيع
فهو حانث
لأنه أمر بالبيع.
[4/ 153]
(4/153)
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فى
الحالف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه إنه يبر. قال أشهب كانت عليه بينة أو
لم تكن، إلا أن ينوى يليه بيديه. قال أشهب ينوى.
قال ابن القاسم وإن حلف لا يضربه فأمر من يضربه إنه حانث إلا أن ينوى لا
يليه بنفسه.
قال أشهب إن شكاه إليه رجل فقال إضربه لم يحنث، وإن كان إذا حلف أمر رجلا
بحضرته أن يضربه له فهو حانث، فإن كانت عليه بينة لم ينو، وإن لم تقم عليه
بينة فله نيته.
قالا ومن حلف بطلاق أو عتاق أن لا يطلق امرأته فملكها فاختارت نفسها فقد
حنث، قال اشهب إلا أن تكون له نية لها وجه. قال ابن القاسم إن نوى أن لا
يطلقها هو بلسانه فله نيته.
قالا ومن حلف بطلاق أو عتاق أن لا يطلق امرأته فملكها فاختارت نفسها فقد
حنث، قال أشهب إلا أن تكون له نية لها وجه. قال ابن القاسم إن نوى أن لا
يطلقها هو بلسانه فله نيته.
ابن القاسم عن مالك فيمن أمر وكيله يبيع ثوبه فباعه، فحلف ربه ما بعته فهو
حانث، هو باعه حين أمر ببيعه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالمشى إلى مكة لا زوج ابنته
فلاناً فعذله فولى له فقال له قد وليتك ليمينى فزوجها المولى ودخل بها. قال
النكاح تام وعليه المشى إلى مكة.
فى الحالف ليضربن عبده أو امرأته أو لا يضربهما
أو على فعل غير الضرب
من الواضحة: ومن حلف بالطلاق ليضربن امرأته مثل العشرة أسوات فقد أساء
ويخلى وذلك، وإن حلف على مثل الثلاثين ونحوها، فإن رفع إلى الإمام قبل أن
يفعل طلق عليه إلا أن تستوجب ذلك بعصيان أو نشوز فيخلى وذلك، وإن
[4/ 154]
(4/154)
كان لغير شىء فلم يمنع حتى فعل فلا يعاقب
بغير الزجر والسجن، ولا يطلق عليه إلا أن يكون بها من اثار الضرب أثار
قبيحة أو أمر مشتهر فيطلق عليه للضرر وإذا طلبت الفراق.
وروى ابن القاسم عن مالك فى العتبية فى الحالف ليضربن امرأته إلى شهر انه
لا يعجل عليه بالطلاق قبل الشهر قال ابن القاسم إلا أن يحلف على ضرب لا
يترك والبر فيه فليجعل عليه الطلاق.
ومن الواضحة ومن حلف ليضربن عبده مائة سوط فقد أساء ولا يعتق عليه، ويخلى
وذلك، فإن حلف على أكثر من المائة مما فيه التعدى والمثل والشنعة فليعتق
عليه الإمام لا يمكنه منه لأنه لا يقدر ان يبيعه عليه لليمين الذى فيه، فإن
ضربه ذلك قبل أن يهتق عليه فيباع عليه ولا يعتق إلا أن يبلغ به من الضرر
أمر شنيع فظيع يخشى عليه منه الهلاك فليعتق. وهكذا قال لى مطرف وعبد الملك
وأصبغ فى ذلك كله، وقال ربيعه فى جواز ضربه المائة وكراهية ما فوقها.
قال ابن الماجشون وإن حلف ليضربن أمته مائة جلدة فلم يفعل حتى حملت
فليعتقها عليه الإمام، فإن ضربها قبل ذلك بر فى يمينه وأثم، ولو لم يضربها
حتى باعها فأولدها المبتاع فاليفسخ البيع فتعتق على بائعها ويرد جميع الثمن
على المبتاع، ولا ثمن عليه فى ولده وهو حر. ومن حلف ليضربن امراته أو أمته
فقال قد فعلت وكذبتاه فالقول قوله بلا بينة، وقال مالك. ولو ادعى ذلك ورثته
بعد موته لصدقوا، ولو قالوا لا علم لنا وقال العبد ما ضربنى فالقول قول
العبد ويعتق، ولو باعه أو تصدق به قبل موته لم يضرب العبد ويعتق إذا جهل
الورثة الضرب ولم يعلم أن السيد أدعاه وقامت باليمين بينة.
[4/ 155]
(4/155)
ومن حلف بحرية عبده ليعطينه عطية أو حلف
بطلاق امرأته ليعطينها أو ضرب أجلاً فجاوزه وقالا لم يعطنا شيئا وقال قد
أعطيتكما قبل الأجل فعليه البينة وإلا حنث، بخلاف الضرب، وكذلك فى الوطء.
فأما العطاءو الهبة فبالبينة عليه وإلا حنث، وكذلك على فعل يفعله، وكذلك
قال مطرف وابن الماجشون وأصبغ فى ذلك كله.
قال مالك: وإن حلف بعتق ميمون ليضربن مرزوقاً فباعه فإنه يعتق ميموناً كما
لو مات مرزوق أو أعتقه، ولو باع ميموناً لفسخ بيعه وقال ذلك كله أصبغ.
ومن حلف ليضربن غلامه أو امته، فأدنى الضرب يجزيه إذا كان ضربا يوجعه وإن
لم يكن شديدا. وقال عبيد بن عمير: يبر من يمينه بأدنى الضرب، قال وما تحلل
به أيوب النبى صلى الله عليه وسلم يمينه بالضرب بالضغث خاص له، قال مجاهد
ومالك. والضغث ما جمعه الرجل بيده من شرك أو قصب أو نبات فيجمعه فيضرب به.
ومن العتبية والمجموعة روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف ليضربن أمته
أنه لا يبر بالضرب فى قدميها، واحتج بقول الله سبحانه مائة جلدة ولا يجوز
ذلك فى القدمين.
وقال فى الحالف ليضربن أمته، فان حلف على ضرب لا ينبغى فإنه يمنع ويعتق
عليه، قال عنه ابن القاسم ومن حلف لأمته فى عود بيده بالحرية ليكسرنه على
رأسها فكسر العود ثم ضربها ثم انفلق، قال هو حانث، قال ابن المواز قال ابن
القاسم إلا أن ينوى فيحلف ويدين.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف ليضربن غلامه الرأس فضرب وجهه فقد
حنث، وإن لم يرد ذلك فقد بر إذا ضرب وجهه وخديه، ولا يبر بضربه
[4/ 156]
(4/156)
فى اللحى الأسفل ولا الأنف. وإن حلف لا
يضربه فى الرأس فضربه فى جبهته حنث إلا ان يريد فوق رأسه.
قال مالك: وإن حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة إنه لا يبر
بذلك. قال أشهب إلا أن يكون نوى ذلك ولا بينة عليه.
قال ابن القاسم: وإن حلف لا يضرب عبده فلكزه أو فتل أذنه أوقرصه فغنه يحنث،
إلا أن يكون نوى بالسوط أو غيره. ابن وهب عن مالك: ومن حلف ان خرجت امراته
ليضربنها، فخرجت فضربها وخنقها فلا شىء عليه، إلا يرى الإمام أن يفرق
بينهما لمكان ضربه إياها فيكون طلقة.
قال ابن حبيب قال ربيعة ومالك: ومن حلف بحرية عبده أن لا يحله من قده سنة
فحل العبد نفسه، فإن رده حين علم به فلا شىء عليه، وإن تركه يوماً أو بعض
يوم حنث.
فيمن حلف ليفعلن أو إن لم يفعل هو أو غيره وقد ضرب أجلا
أو لم يضرب، وما حكمه فى البر والحنث والوطء
والولد والبيع؟ وكيف إن مات الحالف؟
من الواضحة: ومن حلف بالطلاق أو بعتق أمته ليفعلن كذا، فإن أجل أجلاً فهو
على بر، وإن مات قبل الأجل ورثته المرأة ولم تعتق الأمة إذا كان بقى من
الأجل ما يمكن فيه الفعل، فاما إن ضاق باقى الأجل عن فعل ما حلف ليفعلنه
فقد مات على حنث، فتعتق الأمة من ثلثه وترثه المراة، لأن الطلاق والموت وقع
وهذا كله قول مالك وأصحابه.
ولو حلف على فعل عبده فإن ضرب أجلاً فهو كما لو ضربه فى فعل نفسه، فإن لم
يضرب أجلاً فقد اختلف فيه، فلم يره ابن القاسم كالمولى ولا الأمة
[4/ 157]
(4/157)
باليمين المرتهنة، ولكن يكون فيه التلوم
بقدر ما يطلب المحلوف عليه، فإن أبره وإلا طلق عليه الإمام وأعتق عليه. وإن
مات فى التلوم عتقت فى الثلث وورثته الزوجة، وإن مات بعد إنقضاء التلوم أو
بعد مقدار التلوم عتقت الأمة من رأس المال.
وقال ابن الماجشون بل هو مثل الحالف على فعل نفسه فى جميع وجوهه، وحكاه عن
مالك، وبه أقول.
قال عبد الملك: وكل من حلف ليفعلن هو شيئا ولم يضرب أجلاً يعتق أمته، وقد
يحنث فى حياته، مثل أن يحلف أن يضرب عبده أو يقضى غريمه، لأنه قد يموت
العبد أو الغريم والحالف حى فيحنث بهذا الإبطاء.
قال: وكل ما لا يحنث فيه إلا بموت نفسه، كقوله لأسافرن سفراً أو لأقدمن
بلداً فهذا له وطء الأمة قبل البر لأنها كالمدبرة، وقاله ابن الماجشون وابن
كنانة، وأبى ذلك ابن القاسم وأصبغ ولم يجز له الوطء، والأول أحسن.
وقال مالك وأصحابه المدنيون فإذا حلف بحريتها ليفعلن كذا فما حدث لها من
ولد اليمين فبمنزلتها، ولو كانت يمينه لا فعلت كذا فما حدث لها من ولد بعد
اليمين فلا يدخل فى حكم اليمين، وكان ابن القاسم يلوذ فيها.
وقال أصبغ فيها كقول مالك، وكذلك فى المجموعة عن عبد الملك. وفى كتاب ابن
المواز عن غير واحد من أصحاب مالك، وذكر عن ابن القاسم فيه اضطراب.
وذلك مذكور فى كتاب العتق مستوعب فى باب مفرد.
ومن كتاب ابن المواز ورواها أبو زيد فى العتبية عن ابن القاسم: ومن حلف
بحرية أمته ليبيعنها ولو بوضيعة عشرة دنانير فلم يعط إلا وضيعة خمسة عشر
فلا شىء عليه وليطأها وليبتغ بها الأسواق أبداً. وإن مات لم تعتق فى ثلث.
[4/ 158]
(4/158)
ولا فى غيره. وكذلك روى عيسى عن ابن
القاسم، وقال يعرضها أبداً ما عاش، فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات فلا
حنث عليه، فإن وطئها فحملت منه عتقت عليه ساعة حملت.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بالطلاق لئن بان له قبل فلان حق ليضربنه فلا
يوقف عن امرأته حتى يدور له قبله حق ويثبت، وإن هرب عنه فيستأنى عليه ما
كان يستأنى عليه لو حضر، ولا يقصر ولا يفرط، فإن مضت شهور الإبلاء فيضربه
وإلا طلق عليه. وإن ترك أن يثبت عليه حقه حتى هرب فإن مضى من الوقت ما
يمكنه فيه التثبيت وقف عنها وكان الجواب كما ذكرنا. وهذا إذا غاب الشهود أو
الحاكم، فأما إذا أمكنه أن يثبت ففرط فها هنا يوقف عنها ويكون الجواب
كالأول.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليفعلن شيئا بطلاق أو عتاق
فمات قبل يفعله فالزوجة ترثه والأمة تعتق عليه فى ثلثه. ولو كان إنما قال
زيد أو مبارك حر لأفعلن كذا فيعتق واحد منهما بالسهم فى ثلثه، من خرج سهمه
منهما كان أعلاهما قيمة أو أدناها يعتق من الآخر الثلث، وإن خرج السهم وهو
أدنى من الثلث عتق وحده ولم يعتق من الآخر شىء.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: وعمن قال يوم تسألينى الطلاق فأنت طالق فلا
يوقف عن الوطء وهو كمن قال يوم أدخل الدالر فأنت طالق. وقال فى الحالف
ليبيعن داره إذا أمكنه بيعها فأعطى بها إذ عرضها ثمناً خسيسا قال لا يمنع
فى الوطء حتى يعطى ثمناً يمكنه البيع به، كمن حلف ليحجن فإنما يكف عن الوطء
إذا أتى إبان الحج وأمكنه الخروج، فإن فعل وإلا ضرب له أجل الإيلاء إن
رفعته.
[4/ 159]
(4/159)
ومن المجموعة قال ابن الماجشون فيمن قال
إذا جاء الهلال فامرأتى طالق وأمتى حرة إن لم أقضك حقك، فإنه لا يطأ الأمة
لأنه أجل لم يرد أن يكون حالفا إلا إذا جاء الهلال، فبمجيئه ينعقد عليه
يمين مجلسه ليس لها أجل يبر فيه أو يحنث، ولا يبيع الأمة، وله مصاب الزوجة.
لآنه لو كان الهلال يأتى بحنث أو بر لحل له وطؤها، فكيف وإنما يأتى بإلزام
يمين مرسلة، ثم لا يطؤها بعد الأجل. ولو وقت بعد الهلال وقتاً جاز له أن
يطأ قبل الهلال وبعده، لآن الوقت الثانى يأتى يبر أو حنث.
ولو قال إن كلمت فلانا لآحملن حملا فما حلف بعد وله المصاب حتى يكلمه، فإذا
كلمه صار كمن حلف على ما لا يطيق، فهو كمن حلف إن كلم فلانا، ولو كان مما
يقدر على فعله فله المصاب قبل كلامه، وإذا كلمه صار مولياً إن رفعته إلا أن
يضرب لفعله أجلاً بعد كلامه، فهذا يصيب أيضا بعد الكلام ويمنع فى الآمة من
بيعها ومصابها بعد كلام فلان، وله هبتها وإصابتها قبل يكلم فلانا.
ومن العتبية روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف لزوجته بالطلاق لئن لم
تقومى على لأتزوجن عليك أرفق بى منك أو أخرج إلى اطرابلس فلم تقم عليه، ثم
قال بعد ذلك هى طالق البتة إن لم أتزوج عليها إلى ثلاث سنين أو اخرج إلى
اطرابلس، قال فلفى كذا بذلك قبل مدخل الأجل ولم يفعل، قال ليس له ذلك. قال
أشهب يضرب له أجل المولى ولا يقربها فيه، لأنه عقد على نفسه فى اليمين
الأول إلى غير أجل، فإذا حل أجل الإيلاء قيل له تزوج او أخرج إلى اطرابلس
وإلا طلقنا عليك طلقة الإيلاء، فإذا انقضت الثلاث سنين ولم يفعل شيئا وهى
فى بقية من عدتها من طلاق الإيلاء حنث فطلقت بالبتة، وإن لم تنقض الثلاث
سنين بانت منه بتمام العدة، ولا يلزمه طلاق
[4/ 160]
(4/160)
الحنث. قال ابن نافع ويحنث بهذه اليمين
الآخرة إذا أنقضى الأجل ولم يفعل ما حلف عليه.
قال أبو محمد يريد الثلاث سنين.
ورى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال أنت طالق إن لك يجىء أبى إلى شهر أو إن لم
يعطنى فلان ديناراً إلى شهر أو إن لم يقضى غريمه حقه والحق حال أو مؤجل،
فإن ضرب أجلا فى قدوم أبيه فله الوطء إليه، وإن لم يضرب ضرب له أجل المولى
من يوم يرفع، فإن جاء وإلا طلق عليه بالإيلاء. وأما يمينه على أخذ الحق وهو
حال فيتلوم له ولا يضرب له أجل الإيلاء، لأنه حلف على فعل غيره فيتلوم له
بقدر ما يرى أنه أراد، فإن فعل وإلا حنث. وإن كان الدين مؤجلاً لم يحنث حتى
يحل، إلا أن يحلف على يأجيله فيتلوم له.
والحالف على غريمه ليقضينه لا يبر بالقضاء بإكراه السلطان إلا أن يكون نوى
طائعا أو كارها. ولو حلف المطلوب لأقضينك شيئا فقضاه بالحكم فهو حانث، إلا
أن ينوى إلا أن يقضى على به السلطان.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن حلف بعتق عبد ابن له لئن ظفر به
يعاقبنه فظفر به فأخر عقوبته فلا يحنث إلا أن يموت الحالف ولم يعاقبه فيكون
حنث فى ثلثه.
ومن كتاب ابن المواز: وعن امرأة حلفت لزوجها إن لم تخدمنى أمتك إن اكتسيت
من مالك أبداً فغابت الأمة سنةً ورهنت المرأة رهناً فيما اكتست، ثم أخدمها
تلك الأمة بعد أن جاءت وافتك لها الرهن فلا شىء عليها لأنه الآن كساها
بالافتكاك بعد الإخدام. قال محمد وذلك إذا غابت الجارية بإثر يمينها وقربه
ولم يفرط.
[4/ 161]
(4/161)
ومن تشاجر مع زوجته فقال له أبوها إما أن
تمسك بمعروف أو تفارق، فقال له احلف بالطلاق إن فارقتها الا زوجتها فلاناً،
فحلف له، فأقاما وقتا ثم تشاجرا فعادته، قال مالك فاليمين للأب لازمة. فإذا
أستأذنت الأبنة الإمام فليزوجها ولا يحنث الأب.
ومن الأيمان ما معنى قوله فيه إن فعلت بمعنى لأفعلن مثل قوله عفوت عن فلان
معناه لا طلبته، وهكذا يكون على حنث حتى يطلبه. وهى مكتوبة فى العتق من
رواية أشهب.
ومن المجموعة: ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بحرية جاريته ليخرجن بها إلى
مصر، فخرج ولم يمض بها رجع فخرج بها فلا شىء عليه، إلا أن ينوى فى فورى
هذا.
قال ابن القاسم: فإن قال ذلك وخرج غيرها ينوى الحنث تاركاً لليمين فقد حنث،
وإن لم يكن خرج تاركاً ليمينه فلا يحنث وليخرج بها. وإن قال لا خرجت من
المدينة إلا بها فلم يخرج بها فذكر ذلك بعد أن سار يوماً فإنه حانث.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى امرأة حلفت لزوجها إن لم تأخذ منى هذه
الجارية وتطأها، قال فهو كما قالت.
قال أشهب فيمن قال لامرأته إن لم أحبلك فأنت طالق قال يطؤها أبداً إلى
الموت ولا يوقف عنها ولا يؤجل ولا يقع عليه حنث بموته ولا بموتها، وكأنه
حلف على أن يطأ إلا أن تبلغ هى من السن ما لا يحمل مثلها فتطلق عليه ويكون
كالحالف.
[4/ 162]
(4/162)
قال ابن القاسم يمكن منها مرة، فإن حملت
فهى امراته، وإن لم تحمل فهى طالق، ثم رجع فقال لا يمكن من وطئها، وكأنه
قال إن لم يكن بك حمل فأنت طالق فتطلق مكانها.
قال ابن القاسم: ومن حلف لأعطين فلانا عبداً فإن نوى من رقيقى لم يبر إلا
أن يعطيه منهم، فإن لم يقل منهم فما أعطاه فهو يبر به منهم او من غيرهم.
قال ابن عبدوس وقال أشهب فيمن حلف بطلاق أو مشى أو عتق إن فعل كذا فليس
ينفعه تعجيل الحنث قبل الفعل إلا فى اليمين بالله، وإن حلف بطلاق أو عتق او
مشى أو صدقة أو صيام او بغير ذلك لأفعلن فله تعجيل حنثه ضرب أجلاً او لم
يضرب. ومن فرق بين ضرب الأجل وغيره فقد غلط، إنما ذلك فى الوطء.
وفى الإيلاء بقية القول فيه.
قال ابن المواز: وله تعجيل الحنث إن حلف بطلاق بائن إن فعل كذا. أما من حلف
إن فعل كذا بطلاق غير بائن او بعتق عبد بغير عينه أو بصدقة غير معينة أو
صدقة شىء بعينه، فأعتق العبد وتصدق بالشىء بعينه فقد زالت يمينه وكذلك طلاق
بائن فطلق تلك المرأة ثلاثا فهذا نزول يمينه. وكذلك فيما كفر قبل الحنث من
اليمين بالله. وقد اختلف قول مالك فى الحالف إن وطىء امرأته بعتق عبد بغير
يمينه فأعتق رقبة قبل الوطء، فقال يجزئه، وبعد الحنث أحب إلى، وقال لا
يجزئه فى هذا كله، وكذلك فى صدقة بغير عينها مثله قياس قوله.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف فى جارية له رهن بالطلاق لئن افتكها ليتصدقن
بها على ولده فأيسر فلم يفتكها، قال أخشى أن يحنث، وقاسها على الحالف لئن
أخذ عطاءه ليقضين دينه.
وعمن حلف لا ترك ابنه يذهب إلى موضع كذا فذهب إليه بغير إذنه، فإن كان
يستأذنه قبل ذلك ويأذن له فلا شىء عليه. قال محمد هذا إذا نوى أن لا يأذن
له وإلا فهو حانث لأنه فرط.
[4/ 163]
(4/163)
ومن حلف لا نكح عبده فنكح بغير إذنه فقد
حنث، إلا أن ينوى لا يأذن له فليرد النكاح حين علم، فإن تركه حنث.
[4/ 164]
(4/164)
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه
الكتاب الثالث
من الأيمان والنذور
فيمن حلف لغريمه ليقضينه حقه إلى أجل
فمات أحدهما أو غاب أو جن
وكيف إن قضى عنه أحد بغير أمره؟
وكيف إن تسلف من عبده ثم قضاه؟
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن حلف ليقضين غريمه غداً وقد مات ولم
يعلم فلا يحنث، وليقض ورثته أو وصية أو الإمام، لأن القضاء يورث قبره كذا
فى وفاء الحق. ولو حلف على ضرب عبده إلى أجل فمات فلا ينوب فى الضرب أحد عن
أحد. قال مالك والحالف فى القضاء إلى أجل يبرأ بالدفع عند الأجل إلى وكيل
الطالب أو إلى الإمام، فإن بعد عنه الإمام أو حجب عنه او لم يكن بالبلد
سلطان فأشهد عدولاً وآتاهم بالحق فإنه يبر بذلك وإن لم يقبله منه أحد،
وكذلك فى كتاب ابن المواز والواضحة عن مالك.
قال ابن المواز: وقد قيل ولو دفع إلى بعض الناس بغير عذر من سلطان وأشهد لم
يحنث. قال مالك فى هذه الكتب: وإذا لم يجد وكيلا على الحق ولا سلطاناً
مأمونا إلى ثقة من أهل الطالب أو وكيل ضيعته أو إلى أجنبى بر
[4/ 165]
(4/165)
ولكنه يضمنه. وإذا وجد وكيلاً بالحق أو
سلطانا مأمونا لم يبر فى يمينه بالدفع إلى غيرهما، وقد قال أيضا مالك يبر
بالدفع إلى وكيل ضيعته.
قال ابن سحنون عن أبيه: إذا أشهد بينةً عدولاً وأحضرهم الحق إحضاراً بين
الصحة فذلك يبر به فى يمينه وإن لم يرفع إلى السلطان إذا كان لا يقدر على
أن يصل إليه. وأما إن كان يصل إليه ولا يحجب عنه فتركه فلا يبر بذلك وإن
أشهد. وإذا كان لا يمكنه فأحضر الحق إلى العدول عند الأجل ثم جاء الطالب
بعد الأجل يقتضيه منه فمطله به فلا شىء عليه من يمينه.
وقال مالك فى كتاب ابن المواز وإذا كان السلطان غير عدل فدفع إليه ولم يعلم
فهو بار إن ثبت أنه دفعه إليه ببينة، وإن علم به غير عدل ضمن.
قال ابن عبدس قال أشهب: وإذا كان سلطان البلد لا يؤمن ان يأكله فدفع ذلك
إلى ثقة من أهل الطالب أو من غيرهم بأمر يصح بر بذلك.
قال مالك: وإذا دفع إلى وكيل الطالب فى صنعته بر فى يمينه وإن لم يكن
وكيلاص على الحق. قال أشهب إن أمكنه الدفع إلى الوكيل على الحق أو إلى
السلطان يبر بالدفع إلى وكيل ضيعته. فأما إن لم يمكنه فإنه يجزئه الدفع إلى
وكيله فى غير الحق أو إلى أجنبى ثقة، إلا أنه يضمن الحق فى هذين حتى يصل
إلى ربه. وقاله ابن القاسم: وأما إن حلف ليأتينه غداُ فأتاه فلم يجده فلا
شىء عليه.
ومن الواضحة: وإذا حل أجل يمينه على القضاء والمطلوب مريض أو مسجون، فإن
وصل إلى قضائه بإشهاد وتوثق فعل، وإن لم يمكنه فهو كالغائب،
[4/ 166]
(4/166)
ثم ذكر فى الغائب مثل ما فى كتاب ابن
المواز وابن عبدوس قال وإن كان الحالف هو المريض أو المسجون فليرسل الحق
إلى الطالب كما يرسله إلى الإمام لا يبرئه إلا ذلك، وإن كان الحالف هو
الغالب وأراد بعض أهله القضاء عنه من ماله أو من مال نفسه فذلك يجزىء
الحالف من الحق ولا ينجيه من الحنث، إلا أن يبلغه قبل الأجل فيرضى بذلك،
وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال عيسى عن ابن القاسم فى العتبية: وكذلك إن كان له وكيل على الشراء
والبيع والتقاضى لم يبر بقضائه عنه إلا أن يكون أمره بذلك. وأما وكيل
الطالب الغائب على ما ذكرت فإن الحالف يبرأ بالدفع إليه. وإذا كان الحالف
عند الأجل مسجوناً فأرسل إلى الطالب ليأتيه فأبى فليدفع إلى السلطان ويبر.
قال ابن حبيب فيمن حلف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل فحل الحالف عند الأجل إن
الإمام يقضى عنه ويبر، فإن لم يفعل حتى مضى الأجل فلا حنث عليه، كما لو حلف
حينئذ لم يلزمه. قال أصبغ هو حانث والأول أحب إلى.
قال سحنون فى العتبية عن ابن القاسم إن غاب الحالف فرفعت زوجته الأمر إلى
الإمام لئلا يحنث فقضى عنه الإمام من ماله لم يبر الحالف بذلك من الحنث إلا
أن يكون وكل من يقضى عنه السلطان أو غيره، ولا ينفعه قضاء أحد عنه بغير
وكالة، بخلاف غيبة الطالب. قال سحنون فى كتاب ابنه عن ابن القاسم: وهو خلاف
تغيب المحلوف له ودفع الحالف المال إلى السلطان.
قال فى كتاب ابن المواز وكذلك لو حلف لأرضينك من حقك إلى أجل كذا فغاب فقضى
عنه بعض أهله أو أجنبى، قال مالك فإن أمرهم بذلك بر. ولو
[4/ 167]
(4/167)
قال له رجل إن غبت قضيت عنك فرضى ذلك فذلك
له مخرج، وإن لم يكن شىء من ذلك حنث، يريد بجواز الأجل.
قال ابن القاسم فى المجموعة: قيل لمالك فإن زعم المقضى عنه أنه امره بذلك
قال إن كان يظن أن مثله يوكل مثله صدق مع يمينه. وروى أبو زيد فى العتبية
عن ابن القاسم فى الحالف على القضاء يخشى الحنث فيتسلف من عبد الطالب الحق
وهو دينار فقضاه لسيده والعبد وكيل لسيده والقائم بأمره فلا يبر الحالف
بهذا. قيل فإن قال رددت الدينار على العبد قبل الأجل وصدقه العبد، قال فلا
ينفعه ذلك إلا ببينة أنه قضى العبد قبل الأجل. قال عيسى عن ابن القاسم ولا
يبر الحالف بقضاء أجنبى عنه إلا بأمره بالقضاء عنه.
وإذا باع من رجلين وحلفا له أن يقضياه إلى أجل فقضاه أحدهما بجميع الحق
بغير أمر صاحبه فصاحبه حانث وإن كان شريك عقد فهو كأجنبى، إلا أن يكون
احدهما حميلا لبعض أو يكون امره أن يقضى عنه.
ومن المجموعة قال مالك فى رواية ابن القاسم وابن وهب وغيره إنه إن مات
الحالف قبل الأجل ولم يقضه مات على بر ولم يلزمه حنث فى عتق ولا طلاق، ولا
ينظر إلى قضاء ورثته.
قال ابن وهب: ولو حلف بعتق أمته ليتزوجن على امراته إلى سنة فمات لعشرة
شهور فلا يحنث فى امته.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف ليقضين فلانا حقه فمات فلان قبل
يقضيه، فإن أراد وجه القضاء، فلا شىء عليه. قال ابن القاسم كأنه فى معنى
قوله إن أراد أن يوصله إليه وصله فى بريد فقد حنث إذا أقام بعد اليمين ما
يمكنه ذلك فيه، وذلك رأيى.
[4/ 168]
(4/168)
فى الحالف لأقضينك إلا أن تؤخرنى فمات
الطالب
من المجموعة
قال ابن القاسم فى الحالف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن تؤخرنى فمات الطالب
فإنه يبر بتأخير الورثة او الوصى فى الأصاغر ولا دين عليه وتأخير الغرماء
فى المديان. وقال أشهب يبر بتأخير الورثة كما يجزئه قضاؤه للورثة وإن كان
مديانا والورثة أصاغر أجزأه تأخير الوصى. ثم إن قدر الغرماء على أخذه به
قبل الأجل الذى اخره إليه الوصى بذلك فذلك لهم.
قال ابن القاسم وإذا أخر الوصى على غير وجه النظر فقد ظلم نفسه ويبر الغريم
بتأخيره. وقال غيره لا يجوز تأخير الوصى.
قال ابن القاسم إن كان الدين غير محيط فرضى الغرماء بالحق انه عليه وأخروه
وأبرؤا الورثة فلا يجوز إلا أن يجعل الورثة بأيديهم من النظرة لما كان
بأيديهم لأن المطلوب لو أحال بالحق رجلا فأنظره المحتال لم يبر بذلك إلا أن
يجعل بيده التأخير كما كان إليه.
ومن كتاب ابن المواز وهى فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فى امرأة
أسلفت رجلاً ديناراً وأمرت من يدفعه إليه وحلف ليؤدينه إليه وقتا كذا إلا
أن يؤخره الدافع، فحل الأجل والدافع غائب، فأخرته المرأة، ثم قدم الدافع
فذكر أنه أشهد قبل الأجل أن كل من أخذت عليه يمينا فى حق فقد أخرته حتى
ألقاه وكانت له أيمان على الناس غير هذا الرجل. قال ابن القاسم إن ثبت هذا
ببينة نفع ذلك الحالف، ولو لقيه فوخره فهو له مخرج، ولو فارقه بعد لقياه
ولم يوخره حنث ولا ينفعه تأخير المرأة وإن كان الحق لها، وإن لم يقم شاهدين
بما قال حنث، هذا قول محمد. وقد قيل ليس هذا بشىء وتأخيرها جميعاً هو
النافع بما جعلت إليه، ولا يكون إشهاده بتأخير حقوقه نافعاً للحالف حتى
يفصح بتأخير هذا، وليس له فيه إلا التأخير إلا أن يكون لا حق له هو قبل أحد
فذلك ينفعه.
[4/ 169]
(4/169)
وروى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم فيمن
حلف لأقضينه إلى أجل كذا إلا أن يؤخرنى هو أو رسوله فأخره الرسول وأبى ذلك
رب الحق فلا يحنث بذلك.
قال فى كتاب ابن المواز لا يخرجه ذلك من يمينه، وتأخير الرسول تعد إذا أبى
صاحب الحق، يريد ولا يلزم صاحب الحق تأخير الرسول إلا أن يرضى أولاً بذلك.
قال عيسى عن ابن القاسم وإذا حلف لأقضينك إلى شهر إلا أن تؤخرنى، قال إذا
أراد أن يؤخره فليشهد لئلا ينزع عن ذلك ولا يجد بينةً بتأخيره.
فى الحالف لأقضينك إلا ان تؤخرنى أو يغلبنى أمر
أو يدخل على عرجه. وكيف إن أخره فى غيبته
أو أخره ولم يعلم؟ وهل يزول اليمين بالتأخير وهو يعلم؟
من العتبية من سماع ابن القاسم ومن كتاب ابن المواز عمن حلف بالطلاق
ليقضينك حقك إلى أجل كذا إلا أن تحب أن تؤخرنى، فأنظره عند الأجل، فلما حل
أجل النظرة قال لا يمين عليه، يريد لما أخره. قال مالك: اليمين عليه، إن لم
يقض حنث.
ولو حلف ليقضينه إلى أن يحب أن يؤخره فى مثل يمينه، فقبل الشهر بيوم خاف
الطالب عليه الحنث فأنظره شهراً آخر وأشهد له ولم يسأله وهو حاضر بالبلد،
قال مالك عسى يريد أن ذلك يجوز، فخففه مالك ولم ير عليه حنثاً. وروى عيسى
عن ابن القاسم مثله.
قال ابن المواز وقال ابن وهب لا حنث عليه وقاله سحنون.
[4/ 170]
(4/170)
وروى عيسى بن يحيى عن ابن القاسم فى
العتبية وهو فى المجموعة وإن حلف ليقضينه إلى شهر إلا أن ينظره فأراد
المطلوب سفراً فسأله الزيادة فى الأجل فقال الطالب فقد أنظرتك قدر مسيرك
إلى البلد أملت ورجوعك وزيادة عشرين يوما بعد رجوعك فيخرج ثم يرجع من
الطريق لخوف اللصوص ويترك السفر، قال مالك النظرة تسقط لترك السفر ولا يصح
منها العشرون يوما ولا غيرها، فإن جدد له نظرةً وإلا حنث يتجاوزه الشهر.
قال سحنون فى العتبية وفى المجموعة عن أشهب فى الحالف لأقضينك إلى شهر إلا
ان تؤخرنى أو يأتى أمر غالب من سلطان أو غيره، فلما جاء الأجل وخاف الحنث
أخره إلى أيام فعرض فى تلك الأيام أمر من السلطان او غيره، فلما جاء الأجل
وخاف الحنث أخره إلى أيام فعرض فى تلك الأيام أمر من السلطان فلم يقدر أن
يقضيه فلا يحنث فلا ذلك.
قال أبو زيد عن ابن القاسم وذكره فى كتاب ابن المواز والمجموعة: قال وإن
حلف لا قضيت أحداً مثلك ولأقضينك إلى سنة إلا أن تؤخرنى فأخره فأراد أن
يقضى غريماً له مثله، قال أرجو ألا شىء عليه.
ومن المجموعة ذكر المسألة الثانية من هذا الباب فذكر جواب مالك ثم قال:
وقال غيره عن مالك إذا غاب الحالف وأخره الطالب فى غيبته حين حل الأجل، فإن
نوى ذلك الحالف فى التأخير بغير حنث من هفهو كما نوى إذا كان على ذلك مخرج
يمينه، وإن نوى أن يوكل من يسأل له التأخير فسأل له ذلك فأخره فالتأخير
ينفعه، وإن لم ينو وكيله فإن تأخير الطالب تأخير فقد حنث ولا ينفعه تأخير
الطالب لأنه أخره وهو لا يجد إن أخذه بدين سبيلا لغيبته عنه. قال ابن نافع
ولأن الحالف لم يرد تأخيراً حين لم يطلبه ولم يقض.
[4/ 171]
(4/171)
وقال أشهب إن علم المطلوب بتأخير الطالب
إياه قبل محل الأجل بأيام يقدر أن يقضيه فيها قبل يحل عليه الحنث فلا يحنث،
فإن لم يعلم إلا بعد ذهاب إمكان ذلك وبعد ذهاب الأجل فقد حنث.
وقال ابن كنانة: إذا غاب الحالف فلا يجزئه تأخير الطالب إلا أن يكون وكل من
يطلب له التأخير فله ذلك.
وقال ابن القاسم: الغائب والحاضر سواء، وذلك يخرجه من الحنث ولو كان مفترقا
إذ لا يقدر فى الغائب على أخذه له، للزم مثله فى المعسر الحاضر، وما شرط
مالك فرقاً بين حاضر وغائب.
وقال مالك أيضا: وإن حلف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن تؤخرنى ولم يوقت
فللطالب أن يؤخره بما شاء. ولو قال إلا أن تؤخرنى أجلاً أنقض من الأجل
المذكور فلابد أن يسمى الطالب كم ينظره وإلا حنث الحالف، وإن سمى حداً كانت
اليمين إليه كما هى، ثم له أن يؤخره تأخيراً ثانيا واليمين إليه عنى، وإنما
أزلنا عنه اليمين كما لو وهبه الحق ولو أخره ولم يضرب بتأخيره أجلا كانت
اليمين بحالها إلى قدر ما يتلوم له الإمام مما يرى أنه أخره إليه للرفق به.
كما أنه لو أخره فى غير يمين إلى غير أجل ثم قام عليه فليس ذلك له حتى يمضى
لما نوى أنه أراد بتأخيره، ثم لا يقرب امرأته فى ذلك الأجل، لأن التأخير
كان منهما. وإن رافعته ضرب له أجل الإيلاء. ولو أخره إلى أن يموت فلا قيام
له ولا يحنث الحالف، وكذلك لو أخره إلى ميسره فلا قيام له قبل الميسور ور
حنث.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل كذا
إلا أن تؤخرنى فغاب الطالب فأراد أن يؤخره وكره أن يحنث، قال فى
[4/ 172]
(4/172)
كتاب ابن المواز ولم يسأله تأخيراً أو هرب
عنه، قال ابن القاسم: إذا أحضر بينة حين أخره فلا يحنث، وأن إن نوى فى نفسه
أن يؤخره حين لم يجده لم يخرجه ذلك من الحنث.
ومن المجموعة ومن العتبية من سماع أشهب قال مالك فيمن حلف بحرية أمته إن لم
يقض فلاناً حقه إلى أجل كذا إلا أن يدخل على عرجه فى بيع جاريته هذه فباعها
عند الأجل فطلب منه الإشتراء، فقال له مالك أهذه العرجة التى أردت؟ قال نعم
إلا أن يدخل على فى بيعها دخل، قال يحلف على ذلك ولا شىء. وكذلك عنه فى
كتاب ابن المواز.
قال ابن المواز وهذا إذا باعها لوقت يمكنه استبراؤها قبل الأجل فيطول ذلك
بها، فهذا يقبل منه ويحلف. فأما إن تركها إلى آخر وقت فهذا لم يدخل عليه
دخل بل هو أدخله على نفسه فلا يقبل منه أنه أراد هذا، لأن نيته بلسانه
نسقاً مع يمينه لأنه استثناء.
فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل كذا
أو لأرضينك منه أو قال إلا أن تؤخرنى
فيفسخ الدين فى غيره أو حلف لغريمه لا خرج حتى يعلمه
من المجموعة ابن نافع عن مالك وذكره فى العتبية من رواية أشهب فيمن حلف
بعتق أو طلاق لأقضينك حقك إلى أجل كذا أو لأرضينك منه فأرضاه ببعضه إلى ذلك
الأجل وأخره بباقيه إلى أجل آخر ولم يأخذ عليه يميناً بعتق ولا بطلاق، أترى
اليمين باقية عليه؟ قال أخاف ذلك وليس بالبين.
قال فى المجموعة: قيل فإن كلم صاحبه قبل الأجل أتراه له مخرجا؟ قال أرجو
وليس بالبين. قال فى كتاب ابن المواز: قيل فلم يحل الأجل أترى أن يؤخره
صاحبه؟ قال نعم وأرجو أن يكون مخرجاً وما هو بالبين.
[4/ 173]
(4/173)
قال ابن نافع فى الكتابين: ولا يلزمه شىء
للتأخير الثانى إلا أن يشترط ذلك الطالب.
قال ابن القاسم وإذا قال إلا أن تؤخرنى، فلما حل الأجل فسخ عليه الدنانير
التى عليه فى دراهم أو عرض فلا شىء على الحالف فى يمينه. وكذلك فى
كتاب ابن المواز
وبعد هذا باب فى الحالف ليقضين صدرا من حق أو ليرضينه منه فيه إيعاب هذا
المعنى.
قال سحنون فى المجموعة فيمن حلف لغريمه لا خرج حتى يعلمه فأراد الخروج
فأعلمه فنهاه فخرج، فإن كان معناه عنده وعند من حلف حتى يأذن له فقد حنث،
وإن كان يعنى معنى أن يعلمه ليس بإذنه له فلا شىء عليه وليسأل عما أراد من
ذلك ورواها عنه ابنه فى السؤال فأعلمه مرة فقال لا يخرج فقعد ثم أعلمه
فنهاه ثم أراد أن يخرج فقال له لا تخرج حتى نجتمع معك، فأتاه فسلم عليه فرد
عليه ولم يقل له شيئا ثم انصرف فخرج، فأجاب بما ذكر ابن عبدوس. ثم قال وما
أرى من يحلف على مثل هذا يحلف إلا على الإذن.
فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل فأعطاه به عروضاً أو رهناً أو ضماناً أو
أحاله به أو أعطاه أكثر من حقه حتى يوازنه أو اشترى منه فقضاه من ثمنها أو
أحال إليه.
من العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف فى دنانير عليه لغريمه ليوفين
إياها، أيرهنه بها سوارى ذهب؟ قال لا خير فيه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليفضين حقه إلى الهلال أو ليرهنن داره،
فلما حل الأجل أراد أن يرهنه نصف الدار ويرهنه نصف الحق، قال
[4/ 174]
(4/174)
إن لم يقضه جميع الحق أو يرهنه جميع الدار
حنث. ولو قال لأقضينك أو أرهنك بحقك وفاءً، فقضاه نصفه وأعطاه بباقيه رهناً
فيه وفاءًبما بقى لم يحنث، وكذلك روى أبو زيد وأصبغ عن ابن القاسم.
ومن المجموعة قال المغيرة: وإن حلف لأقضينه عشرة دنانير إلى أجل فأعطاه عند
الأجل خمسة عشر ديناراً حتى يوازنه وحان الأجل، قال أخاف أن يحنث وهذا رهن.
ولو قال اتزن منها عشرتك لم يحنث وإن لم يزنها إلا بعد الأجل، لأنه قضاه.
قال ابن سحنون عن ابن القاسم مثله. وقال قال سحنون: هو حانث فى هذا كله إلا
أن يتزن العشرة من الخمسة عشر قبل الأخل ببينة.
قال فى المجموعة قال ابن القاسم: إذا قال له استوف حقك منها ورد ما بقى
فضاعت أو حبسها حتى مضى الأجل، قال إن كان الذى عليه قائمة وكان فى التى
قبض عشرة قائمة قال إذاًلم يحنث. وإن كانت مختلفة الوزن إلا إنها إذا جمعت
كان فيها أكثر من ثلاثة عشر قائمة فقد حنث.
قال ابن سحنون لأبيه قال بعض أصحابنا إذا أعطاه قبل الأجل خمسة عشر فقال
استوف حقك، فإن جاز الأجل حنث، ولو ضاعت الدنانير كان ضامنا لعشرة وأميناً
فى خمسة، وإن ضاعت العشرة قبل الأجل بر فى يمينه وهو ضامن للخمسة. قال
سحنون ليس كذلك وهو حانث ضاعت قبل الأجل أو بعده.
قال أبو محمد هكذا فى الأم وأراه يعنى ضاعت عشرة قبل الأجل فصارت خمسة
باقية هى قضاء من دين، إذ لم يسبق فيها موازنة وضمن من العشرة خمسة فصار
باراً بهذا.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن له عند امرأته ذهب فأسلفت منه أخاها
فعلم الزوج فحلف لا خرج إلى سفره حتى يأخذ حقه منه أو يقضى
[4/ 175]
(4/175)
عليه سلطان، فقالت زوجته أنا ضامنة وأنا
أسلفته، فلا يقبل ضمانها ولا يخرج حتى يأخذها إلا أن يؤخره الإمام إن رأى
ذلك.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لغريمه بالطلاق إن خرجت من الفسطاط وأنت
تسألنى شيئاً، فأحال على رجل فلا شىء عليه إن رضى وكان من أهل دين، وإن لم
يكن من أهل دين لم تنفعه الحوالة وإن كانت من أهل دين وعند من حلف إن قضيتك
اليوم حقك وإن أعطيتك شيئاً فألح عليه فأحاله به على رجل فلم يدفع إليه ذلك
اليوم فقد حنث الحالف ولا يدين لأن الحول قضاء، ولو أنه لما أحاله للرجل
قال إن على يمينالأقضينه اليوم وقد نسيت فلا يقضين اليوم، قال لا يقال فقد
حنث.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يؤخر غريمه فأراد أن يتحول بالحق على
ملى، قال إن فعل حنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليقضين فلانا حقه طعاماً فحل لرجل طعام على
الطالب مثله فقال له أحبسه قضاءً عن فلان بأمره فذلك جائز فلا شىء عليه كان
ثمنه من هذا أو من شىء لزمه بموت أو غيره.
ومن المجموعة: أشهب وابن القاسم فى الحالف إن فارق غريمه حتى يستوفى منه
حقه فأحال به فقد حنث.
قال أشهب فإن فارقه بعد الحوالة حنث وإن استوفى فإنه قبض بعد المفارقة،
وقال غيره من مريض قال لبنيه كنت حلفت بعتق رقيقى لأعطين فلانا مائة دينار
وعليه بذلك بينة ولا يحضرنى مال، فرضى البنون أن يكتبوها عليهم ديناً فى
أموالهم وأحضر ذلك ثم مات الأب، فإن كانت المائة عطية وترك مالا تحملها
بينة فذلك له مخرج، وإن كانت ديناًعليه فقضاها فى مرضه من ماله ومن مال
[4/ 176]
(4/176)
غيره فقد بر، إن ضمن له ذلك أحد وارث أو
غيره فقد حنث، يريد إن مات قبل قبض الطالب.
قال ومن ذلك من حلف بالعتق ليقضين حقه إلى أجل فأحاله به فرضى، فإن مضى
الأجل قبل يقبضه من المحال عليه فقد حنث، ولا يبر بالحق له. وكذلك روى ابن
نافع عن مالك. ولو باعه بذلك جارية فى اليوم الذى هو آخر الأجل لم يبر لأن
عليه العهدة حتى يقبض.
قال ابن القاسم وابن وهب وأشهب عن مالك فى الحالف ليقضينه حقه إلى أجل
فيعطيه فى الدنانير عرضاًفيه وفاءً لو أخرج إلى السوق إنه يبر.
قال ابن القاسم وابن وهب: ثم رجع مالك فقال لا أرى ذلك، وإذا سويت فلم لا
يقضيه دنانير. وبالأول قال ابن القاسم وأشهب. قال ابن القاسم إنما كرهه
للذريعة، قالا وسواء قال لأقضينه حقه أو قال دنانيره. قال ابن القاسم إذا
نوى القضاء ولم يقصد تعين الدنانير، فإن قصد ذلك حنث إن لم يقض دنانير. قال
ابن القاسم وأشهب لا يخرج من يمينه أن يبرئه الطالب من الدين أو يهب له
ويتصدق به عليه. قال أشهب ثم إن مضى الأجل ولم يقضه حنث. قال ابن القاسم
وإن أعطاه قبل الأجل بعشرة دنانير تسوى أحد عشر ديناراًلم يحنث، فإن طلب
شراءها منه بعد الأجل فإن كان فضلها قريبا فلا بأس به، وأما أن يأخذ من
دنانير دين ما يسوى خمسة ثم يبيعه منه فلا خير فيه.
قال ابن القاسم وإن قرب الأجل وخاف الحنث فاشترى سلعة من الطالب بثمن إلى
أبعد من الأجل فباعها وقضاه حقه قبل الأجل فإن تعاملا على ذلك حنث وليس
عليه فى السلعة الثانية إلا الثمن الذى باعها به.
[4/ 177]
(4/177)
قال فى كتاب ابن المواز ويلزمه البيع
الثانى، يريد محمد بيع المديان لها يلزم بائعها من المديان.
قال ابن القاسم وإذا حلف لأقضينك طعامك إلى أجل كذا، فأحضر الطعام عند
الأجل ولم يجد دواب تحمله إلى الطالب، فأعاره الطالب دواب حملته إليه فلا
شىء عليه. قال ابن المواز كما لو استرخص فزاده المبتاع فى الثمن لجاز ولم
يحنث الحالف على القضاء.
قال ابن المواز: لا يعجبنى وهو غير بار.
ومن العتبية ومن كتاب العتق أشهب عن مالك فيمن حلف إن لم أقضك حقك إلى أجل
كذا، فلما كان اليوم الذى هو آخر الأجل باعه الدين بجارية، قال لا يخرج من
يمينه لأن العهدة عليه باقية حتى تحيض، ولا يجزئه أن يحيله به على رجل.
وفى باب جامع اليمين على قضاء الحق واقتضائه من هذا مسألة إذا أعطاه ضامنا.
فيمن حلف لأقضينك حقك إلى أجل كذا
وهو من بيع فأقاله أو صالحه
أو رد السلعة بعيب أو استحقت
أو فسح البيع لفساده
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن ابتاع عبداً وحلف ليوفينه ثمنه إلى
شهر فوجد به عيباً فرده به فلا يخرجه من يمينه إلا أن يوفيه ثمنه ثم
يخاصمه، وكذلك فى جميع السلع.
[4/ 178]
(4/178)
قال أصبغ من كتاب النذور: وإن خاصمه قبل
يقضيه حتى يرد عليه بيعه قبل القضاء كان حانثاً، ثم أن رجع يقضيه الثمن بعد
ذلك قبل الأجل لم ينفعه وقد لزمه الحنث. وقال ابن وهب مثله أحب إلى أن
يقضيه ثم يخاصمه. قال ابن حبيب: وإذا ردت السلعة بعيب أو بفساد بيع بقضية
أو بتراض فاليمين على القضاء باقية وليقضه ثم يسترجعه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية وهو فى كتاب ابن المواز فيمن عليه طعام
من سلم أو فرض فحلف ليقضينه إلى أجل ثم استقاله قبل الأجل فأقاله فلا أحب
ذلك، فإن وقع ذلك وكان من الدنانير التى استرد وفاء الثمن قال منه يومئذ.
قال فى كتاب ابن المواز: ولو اشتريت لم يحنث، وإن كان أقل حنث. قال عنه
عيسى: ولو رد الدنانير وأبقى البيع لحنث، ولو وهبه تلك السلعة عند الأجل
عطية أو صدقه لحنث، وقاله مالك. قال عيسى عن ابن القاسم ولو كان الحق من
ثمن عبد فاستحقه أو وجد البيع حراماً أو رده بعيب فلا تزول يمينه حتى يوفيه
ما حلف إليه ثم يرده إليه. وكذلك لو أخذ منه درهماً بدرهمين وحلف ليوفينه
لم يبر يمينه حتى يدفع إليه الدرهمين ثم يرد الزائد. ولو كان عليه طعام من
سلم وحلف ليقضينه إلى أجل فخاف لا يجده فطلب أن يقيله أو يصالحه قبل الأجل
ففعل وقبض وأخبر أن ذلك لا يبر به، فقال الطالب أنا أرد ما قبضت منك ويبقى
الطعام إلى أجله فلا ينفعه ذلك فقد حنث. وهذا بيع حادث، والصلح والإقالة قد
تمت، وقاله مالك.
قال ابن القاسم وأشهب: إذا قاله قبل الأجل، فإن كان ما يقبض منه مثل ثمن
القمح لم يحنث. يعنى نفس قيمته يوم الإقالة.
[4/ 179]
(4/179)
فيمن حلف على قضاء الحق ثم نبين أنه لا شىء
عليه
أو إنما قبل بعضه أو وهبه له الطالب
أو وهبه عوضا منه أو مات فورثه عنه
من العتيبة من سماع عيسى عن ابن القاسم: ومن حلف على قضاء الحق فشهد عدلان
أنه قد قضاه لم ينفعه حتى يقضيه ثم يرده إليه. ومن تحمل برجل فى ثلث دينار
عليه من خراج الأرض فأداه فطولب بنصف دينار ولم يؤخره إلى غد فحلف بالطلاق
ليأتينهم غداً بالسدس ثم عرف المتقاضى أن ليس له قبله إلا ثلث، فقال لا شىء
عليك، فقال إن لم يقضيه السدس فى غد حنث.
كذلك لو تقاضى غريمه فقال قد قضيتك فأنكره ولم يدعه حتى حلف ليقضينه إياه
فى غد ثم ذكر الطالب أنه قبضه منه وأبرأه فلا يبر منه من الحنث حتى يقضيه
ذلك ثم يرده إليه. وكذلك لو قامت بينة بالقضاء.
وقد قال مالك فيمن أسلف أخاه دنانير فأحلفه ليؤدينها إلى شهر فمات المتسلف
والحالف وارثه فأحب إلى أن يأتى إلى الإمام فيقضيها إياه ثم يردها إليه،
وأنا أتحسن ذلك، فإن لم يفعل لم أره حانثا.
قال ابن عبدوس وروى ابن وهب عن ربيع ومالك أن الوراثة كالقضاء ولا شىء
عليه، وكذلك فى العتبية من سماع ابن القاسم إذا كان وارثه لم يحنث.
قال ابن القاسم وأشهب فى المجموعة ولا يبرئه من الدين أن يهبه الطالب الدين
أو يبرئه منه أو يتصدق بهه عليه. قال أشهب ثم إن مضى الأجل ولم يقضه حنث.
قال فى سماع عيسى: وكذلك إن كان الدين سلعة فوهبه إياها عند الأجل عطية أو
صدقة يحنث يريد أن لم يقضه، وقاله مالك.
[4/ 180]
(4/180)
ومن كتاب ابن حبيب: وإن حلف ليقضينه إلى
أجل كذا فتصدق به عليه الطالب أو وهبه له قبل الأجل، فإن قبله حنث مكانه
ولا ينفعه أن يقضيه إياه قبل الأجل ليتحلل من يمينه، لأن الحق يسقط
بالقبول، فإن لم يقبله ثم قضاه ثم لا قيام له فيما رد من الهبة والصدقة،
وإن لم يظهر منه رد ولا قبول وقضاه عند الأجل أو قل ذلك بر، ثم له القيام
فى أخذ ما وهبه له أو تصدق به عليه ويقضى له به وكذلك فسر لى أصبغ.
وروى عن سحنون فى موضع آخر أنه يحنث فى الهبة وإن لم يحل الأجل، فأما غن
ورثه الطالب فلا يحنث إذ لا يقدر على دفعه.
وروى عن مالك فى الحالف الوارث أن يرفع إلى السلطان ويعلمه بيميه فيقضيه ثم
يرده إليه فيبر.
ومن كتاب ابن عبدوس قال ابن القاسم فيمن قبله طعام من بيع إلى أجل فقال
للمبتاع قد بعتك رخيصاً وحلف ليوفينه إياه إلى الأجل، فقال له البائع
فأناأهبك عشرة دنانير فلا بأس بذلكإلا أن يعلم أنه يريد أن يستعين به فى
القضاء.
ومن كتاب ابن المواز: وغن حلف ليقضينه حقه من طام أو سلعة فأقاله، فإن كان
فى الثمن وفاء بالسلعة لو اشتريت لم يحنث قبل ذلك، فإن قضاه وتعدى عنده،
قال مالك لا يعجبنى. قال ابن القاسم كأنه أراد الاشتراط، يريد نقض المطلوب
عند الطالب.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن عليه تسعون ديناراً لرجل بالمغرب فدفع منها إلى
ابن أخت له بمصر عشرين ثم قدم المغرب فطالبه وحلفه ليدفعن التسعين إلى ابن
أختى إذا قدمت مصر، فحلف ونسى العشرين، قال يدفع إليه تسعين ثم يأخذ منه
العشرين. وكذلك فى كتاب ابن المواز وقال يأخذها منها إن أقر بها أو قامت
بها بينة، وقاله الليث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليقضينه حقه بساحل الفسطاط فلا يبر إن وفاه
بالموقف.
[4/ 181]
(4/181)
فى الحالف لا يفارقه إلا بحقه فقضاه
ثم وجد فيها نحاسا أو ناقصة أو قضاه أجود عينا
أو من خيانة اختانها أو حلف لأقضينه كل يوم قيراطا
وبذلك باع منه وإنما يجب له فلوس ثم فسدت الفلوس
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا حلف لا يفارقه إلا بحقه فقضاه ثم
فارقه ثم أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو بينة النقصان أو استحقت فقد حنث،
قال أشهب إلا أن تكون نويت فى جهدك وقد اجتهدت، فلا تحنث فى الفتيا وإن
قامت عليك لا يقبل منك.
قال ابن القاسم ومن اشترى ثوبا على أن يدفع كل يوم قيراطا وحلف ليقضينه
طذلك فأفسدت الفلوس وصارت فلسين بفلس، قال يعطيه كما كانت قيراط فلوس لأنه
على ذلك حلف.
ومن العتبية والمجموعة قال ابن القاسم عن مالك فى عبد حلف ليقضين غريمه إلى
أجل كذا، فلما خاف الحنث قبض من غريم لسيده ما قضى بغير أمر السيد فاسترجع
ذلك السيد، قال يحنث العبد، يريد إن جاز الأجل. قال وكذلك لو سرق من مال
سيده ما قضاه قبل، فإن أجاز ذلك السيد بغد الأجل، قال ما أرى من أمر بين.
قال ابن سحنون عن أبيه فى الحالف ليقضينه حقه إلى أجل كذا، وحقهدينار
فأعطاه ديناراً أفضل عينا، فبعد الأجل طلب منه أفضل عينة فضة، فإن كان على
هذا أعطاه فقد حنث ويرد الدينار إليه ويقضيه ما عليه، وإن لم يكن بينهما
ولا إعادة فأعطاه متطوعاً فلا شىء عليه فى يمينه، وإن أعطاه الدينار كله
فيمن عليه طعام، لرجل بيمين وطعام له مع شريكه بغير يمين فقضى الذى حلف له
فيشاركه فيه الآخر أو كان الدينان لرجل واحد فقضاه يريد عما حلف عليه.
[4/ 182]
(4/182)
من العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم
فيمن أسلم فى طعام وحلف له البائع ليوفينه إلى أجل ثم أسلم إليه هو وآخر فى
طعام اشتركا فيه، فحل أجل الصفقة الأولى فوفاه إياها، وشريكه فى الثانية
غائب، فلما قدم طلب أن يدخل معه فيما قبض، قال ذلك له ويقضى ما قبض على
الأولى والثانية ويأخذ هذا ما وقع له من االثانية ويحنث الحالف إذا لم يحصل
للأول حقه من الأولى كلها حتى مضى الأجل. وهذه المسألة هكذا وقعت فى
العتيبة والمجموعة فحل أجل الأولى فوفاه إياها وأراه غلطاً فى النقل، ورأيت
فى بعض النسخ من المجموعة فأعطاه عند الأجل عدد الصفقة الأولى، وهذا أصح
لأنه لما أعطاه العدد ولم يفسر عن ماذا دفع قسم إلى الصفقتين.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن عليه لرجل عشرة دنانير حلف ليوفينه إياها إلى
أجل كذا، وعشرة أخرى بلا يمين، فقضاه عشرة وقال هى التى حلفت فيها، وقال
القابض هى التى لا يمين فيها، قال يكون عن كل عشرة منها خمسة بعد يمينها
وحنث الحالف.
فيمن حلف لغريمه ليقضينه صدراً من حقه
أو ليرضينه منه
من المجموعة والعتبية: ابن القاسم عن مالك فيمن حلف أن لم يقضى صدراً من
حقى يوم كذا قال فى العتبية لألزمتك به كله.
قال فى الكتابين إن الصدر الثلثان، ولو قيل النصف كان قريبا، ولكن الثلثين
أحب إلى إلا أن يكون نوى شيئا فله ما نوى.
قال عنه ابن وهب فى المجموعة فيمن حلف إن لم أرضك من حقك يوما كذا فامرأيه
طالق فأحاله عند الأجل على غيره أو باعه به بيعا أو سأله فأخره به فذلك له
مخرج.
[4/ 183]
(4/183)
قال ابن القاسم: إن أحاله به أو رهنه رهناً
أو قضاه بعضه أو أعطاه به حميلا فذلك له مخرج. وأما إن أنظره فليس ذلك له
رضى بل يصير الطالب أرضى المطلوب وأراه حانثا. وكذلك فى كتاب ابن المواز
وفى رواية عيسى عنه فى العتبية، وذكر ابن حبيب قول ابن القاسم وابن وهب فى
هذه الوجوه المذكورة فى غير الأنظار مثل ما ها هنا، ولكنه كان أو قضاه منه
صدراً مثل الثلث فما فوقه، ثم قال وأما إن أنظره بلا حميل ولا رهن ولا
حوالة فروى ابن وهب عن مالك أن ذلك ينجيه من الحنث، وأباه ابن القاسم وابن
الماجشون وأصبغ، وبقولهم أقول.
قال ابن الماجشون: فإن قضاه الثلث وأخره بما بقى بر فى يمينه، وإن قضاه دون
الثلث خفت أن يحنث، وكذلك لو حلف لا أخذت منه إلا حقى كاملا أو رضى منه ففى
أخذه الثلث بره إلا أن يكون المال كثيرا مثل ألف وألفين، فإذا قضاه منه
صدراً صالحا وإن نقص على الثلث لا يحنث، وقاله أصبغ.
فيمن حلف ليقضين غريمه إلى أجل
فقضاه قضاء فاسداً
أو قضاه فأبى أن يأخذه منه
من العتبية قال سحنون فيمن عليه لرجل عشرة دنانير فحلف ليوفينه إياها بعد
شهر فأعطاه بها فى الأجل سوار ذهب فيه أحد عشر مثقالاً بيعا باعها به فلم
يعلم بفسخ ذلك حتى مضى الأجل، قال هو حانث لأن ذلك منتقد فقد حضر الأجل ولا
قضاء فيه.
قال أصبغ وقال أشهب فيمن عليه طعام من بيع حلف للطالب ليقضينه إياه إلى أجل
فابتاع له طعاما وأحاله به قبل يقبضه ومضى الأجل، فإن قبضه المحتال قبل
الأجل بر الحالف فى اليمين، وقاله أصبغ، ويفسخ البيع بينهما.
قال أصبغ: سمعت أشهب يقول فى الرجل يحلف ليقضين فلاناً حقه فأبى أن يقبله،
أراه فى سعة من ذلك؟ قال يأتى الإمام فيجبره الإمام على أخذه. وهذا فى موضع
آخر لمالك مثله.
[4/ 184]
(4/184)
فى اليمين على قضاء الحق إلى الهلال
أو فى الهلال أو فى ذهابه أو استهلاله
أو انقضائه أو انسلاخه وشبه ذلك
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن حلف ليقضين فلانا حقه وجعل أجله
الهلال، فإن ذكر إلى أو ذكر الانسلاخ فهو يحنث بغروب الشمس من آخر شهر هو
فيه، كقوله إلى الهلال أو إلى مجيئه أو إلى رأسه أو إلى استهلاله أو إلى
رؤيته كيف ما ذكر إلى، زكذلك الانسلاخ إن قال فى انسلاخ الهلال أو إلى
انسلاخه فبغروب الشمس يحنث إذا لم يذكر فى الانسلاخ إذا أو عند، فيكون له
يوم وليلة. وقال فى أول الباب عند انسلاخه إنه يحنث بغروب الشمس. قال وإذا
لم يذكر الانسلاخ ولا ذكر إلى، فله يوم وليلة، كقوله لرؤية الهلال أو
لدخوله أو لحلوله أو لاستهلاله أو لرأسه أو لمجيئه، أو جعل فى هذا بدلاً من
الللام فى أو عند أو إذا، فله فى ذلك كله يوم وليلة يهل الهلال ويوما أجمع
وكذلك أذا ذهب وإذا انقضى وإذا دخل وإذا جاء الهلال وجب ما ذكر إذا، وكذلك
عند انقضى ومضى وإذا انسلخ أو عند انسلاخه أو عند الهلال. قال وأما إلى
فكيف ما ذكرها فبغروب الشمس يحنث، وكذلك قوله فى آخر رمضان أو فى انقضائه
أو إلى انقضائه أو عند آخر الهلال أو إلى آخره أو فى ذهابه أو إلى ذهابه أو
إلى رأسه فبالغروب يحنث. وإذا ذكر فى ذلك كله إذا فله يوم وليلة، وهذا كله
قول ابن القاسم وروايته.
وروى ابن وهب عن مالك أن الانسلاخ والمستهل ولرأس الهلال أو إلى رأسه واحد،
له فى ذلك يوم وليلة، وهو خلاف رواية ابن القاسم عن مالك.
قال وأما إذا قال حين مثل قوله حين ينقضى الهلال أو حين يهل أو حين يستهل
أو حين يرى أو حين يدخل أو حين يجىء فكيف ما ذكر حين فى جميع
[4/ 185]
(4/185)
ما سمينا فليجعل القضاء ما استطاع وليس فيه
حد، وله يوم وليلة، والتعجيل فيه أحوط، وقاله أشهب.
ومن العتبية من رواية عيسى وسحنون عن ابن القاسم فذكر نحو ما ذكر ابن
المواز، وقال والانقضاء مثل الانسلاخ، وقال من حين ينقضى له يوم وليلة أرجو
ذلك، ومثله حين يستهل وحين يذهب.
وإن قال فى رمضان وهو فيه فبغروب الشمس من آخره يحنث، وكذلك إلى دخوله وإلى
حلوله وإلى دخول رمضان أو قال لحوله فبغروب الشمس من آخر يوم من شعبان
يحنث. وفى كتاب أصبغ فى قوله لحوله يوم وليلة. وإذا قال فى حلوله أوإذا دخل
أو حين يحل أو لمجىء أو فى مجىء يوم وليلة. اما إلى مجىء فبغروب الشمس
يحنث.
قال وإذا قال إذا جاء رأس الهلال أو إذا ذهب الهلال أو عند ذهابه أو عند
ذهابه أو عند انسلاخه او استهلاله أو قال فى، فله يوم وليلة، هذا كله فى
رواية سحنون عن ابن القاسم.
وفى المجموعة ذكر نحو ما ذكرنا عن ابن القاسم عن مالك من ذلك كله، وقال عبد
الملك: وإذا قال قبل الهلال فقد حرم على نفسه الهلال وما بعده إلا يحنثه.
ومن الواضحة ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم وروايته عن مالك نحو ما ذكرنا من
العتبية وغيرها وذكر ابن الماجشون وابن وهب رويا عن مالك أنه إذا قال إلى
رمضلن أو إلى مجيئه أو إلى رأس الهلال أو إلى حلوله ونحو ذلك فله يوم
وليلة.
قال ابن الماجشون وقال بعض علمائنا له ليلة الهلال وصدر يوم الهلال إلى
قيام الأسواق. وقولى على قول مالك له النهار كله، وأخذ ابن عبد الحكم وأصبغ
بقول ابن القاسم وروايته، وبه أقول.
[4/ 186]
(4/186)
وذكر ابن حبيب اجتماعهم فيما عدا إلى ما
قدمنا ذكره، ولكن لم يذكر الانسلاخ إلا فى قوله إذا انسلخ أو عند انسلاخه،
فقال له يوم وليلة كما ذكرنا فى العتيبة وكتاب ابن المواز فى إذا وعند. قال
ولم أعلم أصحاب مالك اختلفوا فيمن حلف وهو فى شعبان ليقضينه عند آخر الهلال
أو إلى آخره أو إلى ذهابه أو فى ذهابه أنه يحنث بغروب بغروب الشمس من آخره.
وقال ابن الماجشون وإذا قال قبل الهلال فبغروب الشمس يحنث، بخلاف إلى
الهلال عنده. وكذلك ذكر عنه فى ابن عبدوس.
قال ابن الماجشون: وأما إن قال إذا جاء الهلال فلم أقضك فامرأته طالق فهذا
لا يشبه ما تقدم من التوقيت، وهذا إنما أراد أن يكون حالفاً إذا جاء
الهلال، فكأنه ابتدا حينئذ اليمين فلا يقرب زوجته، كمن أرسل يمينه بغير
توقيت حتى لو جعل بدل قوله فلم وقال ولم فهذا جعل الهلال وقتاً لقضائه فله
يوم وليلة، ف
إن لم يقضه حنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليقضينه إذا رأى الهلال فغم الهلال تلك اليلة
فقضاه فى غد فقد حنث وإنحلف ليقضينه يوم الفطر فغم الهلال ثم ثبت أن الفطر
قبل بيوم، قال مالك فقد حنث.
ومن سماع عيسى من ابن القاسم: فإن حلف ليقضينه حقه الهلال، فإن أراد الهلال
فله يوم وليلة، وإن أراد إلى الهلال فقد حنث بغروب الشمس.
[4/ 187]
(4/187)
فى الحالف ليقضينه فى شهر كذا أو فى نصفه
أو ليفعلن كذا قبل مضى نصف الشهر
ما الذى يحنث به؟
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز وغيره فيمن
حلف على قضاء الحق فى رمضان فإنه لا يحنث إلا بغروب الشمس من آخره.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ إلا أن يحلف بذلك قيل رمضان مما يعنى به مجىء
رمضان فله يوم وليلة من أول رمضان إلى ما قبله وإلا حنث.
وقال ابن وهب إذا حلف ليقضينه فى شعبان فبدخول شعبان يحق الحق ولا يحنث حتى
يهل رمضان وقاله أصبغ وفى موضع آخر. وإن حلف ليقضينه فى شهر كذا فقضاه بعد
غروب الشمس من آخره فالذى عندنا أن الليلة من اليوم المقبل فإن كان عندهم
إلى أن الليلة من اليوم الماضى فلا شىء.
ومن كتاب ابن المواز أيضا وإن حلف ليقضينه حقه فى النصف من شهركذا فخاف أن
يقضى فليقضيه يوم أربعة عشر، فإن قضاه يوم خمسة عشر أول النهار أو آخره
حنث، وقبل لا شىء عليه، وهو النصف المتعارف عند الناس.
قال أشهب لا يحنث إن قضاه يوم خمسة عشر وإن نقص الشهر، وقاله ابن وهب
وأصبغ.
وفى المجموعة عن أشهب أنه حانث.
وعن ابن القاسم من رواية أبى زيد يحنث إذا انقضى.
وقال عبد الملك إذا حلف ليكلمنه قبل مضى نصف الشهر فكلمه يوم خمسة عشر بعد
العصر ثم نقص الشهر فلا شىء عليه لأن النصف الأول إنما
[4/ 188]
(4/188)
العمل فيه على خمسة عشر ليس على أربعة عشر
ونصف فى نقصه، فكذلك يكون الأربعة عشر نصفا من الناقص.
فيمن حلف على قضاء الحق أو على أن يفعل فعلا
أو ألا يفعله فقال اليلة أو اليوم
أو قال ليلة أو فى غد أو إلى غد
أو إلى الليل أو إلى يوم أو فيه
أو إلى عشرة أيام أو قال غدوة أو بكرة أو عشية
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: ومن حلف ليقضينه اليوم إلى
الليل، فإن لم يقضه حتى غربت الشمس حنث، وإن حلف ليقضينه قمحه يوم كذا فكان
يكيل فيه حتى غربت الشمس ولم يفرغ قال فكأنى رأيت معنى قول مالك أنه حانث.
قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز ولو أخذ فيه فى أول النهار مما يعلم أنه
يفرغ قبل الليل أو بدأ فيه قبل ذلك بأيام وتمادى ثم لم يفرغ فقد حنث إذا
مضى اليوم الذى أجل.
قال ابن القاسم وإن حلف ليقضينه غداً يوم الجمعة أو قال يوم الجمعة غداً،
وكذلك يظن، فإذا هو يوم الخميس فإن لم يقض غداً يوم الخميس فقد حنث. وقد
ذكرناه فى الجزأ الأول.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف لثقضينه إلى عشرة أيام فله اليوم العاشر إلى
الليل، وإن قال إلى يوم الجمعة وإن غربت الشمس من يوم الخميس ولم يقضه حنث.
ومن المجموعة قال مالك وإن حلف لا كلمه عشرة أيام وهو فى ضحى فأحب إلى أن
يلغى ذلك اليوم.
[4/ 189]
(4/189)
قال ابن القاسم أحب إلى أن يتم يوم حادى
عشر إلى الليل، فإن كلمه فيه بعد الوقت الذى حلف فيه لم يحنث.
ومن العتبية من كتاب النذور قال سحنون عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلمت
فلاناً يوماً وهو فى ضحى أو أو فى نصف النهار فلا يكلمه بقية نهاره وليله
وإلى غد إلى مثل تلك الساعة، وكذلك إن كان ليلا وقال لا كلمته ليلةً فلا
يكلمه إلى مثل تلك الساعة فى الليلة الثانية.
قال سحنون فى كتاب ابنه: أما قوله ليلة فذلك عندى على بقية الليلة ويفارقه
ذلك اليوم عندى، فإذا قال يوما فلا بد أن يكون الليل مع النهار ومن كتاب
ابن المواز ومن حلف لغريمه لا يمر به خمس ليال حتى يقضين حقه، فمرت خمس
ليال فأصبح فى يوم الليلة الخامسة ولم يقضه، قال عبد العزيز إن بين الليالى
فقال ليال سود فقد حنث وإن قال لا أدرى وإنما حلفت على خمس ليال تماما لم
يحنث وأيامها منها.
وقال ابن القاسم أن أراد ليالى بغير أيام حنث بطلوع فجر الخامسة، وأن لم
ينو شيئا فالليالى من الأيام، وقاله مالك. قال ابن كنانة فيمن حلف لا يكام
فلاناً ليلةً فإن أراد ليلته بعينها أو قال ليلة يريدها بعينها فعسى أن له
نيته، وإن قال ليلةً ولا نية له فأحب إلى أن يتبعها بيومها، وقاله مالك.
وفى باب آخر: وإن حلف لا يكلمه الليلة فلا يكلمه الليلة بطلوع الفجر، وإن
قال اليوم فحتى تغرب الشمس، وإن قال ليلة فليدعه يوما وليلة، وكذلك إن قال
يوما.
وفى المجموعة عن ابن القاسم عن مالك: إن قال ليلةً فليدع كلامه الليلة التى
نوى ويومها، وإن قال اليلة لم يحنث بكلامه فى يومها، وإن حلف لا يدخل بيتاَ
بليل فدخل بعد الفجر فلا يحنث، ولو قال نهاراً حنث.
[4/ 190]
(4/190)
ومن العتبية من سماع عبد الملك بن الحسن من
ابن القاسم وأشهب:
وإن حلف لأقضينك حقك إلى الليل، قال فله الليل كله.
قال أصبغ: وإن حلف لتدخلن عليه امرأته ليلة الجمعة فحملت إليه فيها فلم تصل
إليه حتى طلع الفجر فإن كان شأنهم بالبلد إدخال النساء بعد الفجر هو الغالب
عليهم لم يحنث خرج بها قبل الفجر أو بعده، وإن كان شأنهم الدخول ليلا
ًفأخرجت ليلاً ووصلت بعد الفجر لرفق السير ولبعد المكان فقد حنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليقضيته غدوةً، قال فله ما بينه وبين
انتصاف النهار، وإن قال بكرةً فإلى ارتفاع الضحى الأعلى، وإن قال عشيةً
فالعشى من وسط وقت الظهر إلى الغروب. وقال ابن سحنون عن أبيه إن غدوة وبكرة
سواء وذلك ما بينه وبين الضحى الأعلى قبل نصف النهار، والعشى من زوال الشمس
إلى غروبها.
ومن كتاب ابن المواز، وهى فى المجموعة، وعمن حلف لا باع عبده اليوم ولا
غداً فقال لرجل فمن طلبه غداً قد أوجبته لك بأربعة دنانير بعد غد، قال قد
حنث. وهذا بيع، والبيع إلى بعد غد جائز.
قال أصبغ فى العتبية فيمن حلف أن يتزوج إلى أيام فالأيام ثلاثة إلا أن ينوى
أكثر من لك، وكذلك من حلف ألا يتزوج أياماً وهو أشد.
[4/ 191]
(4/191)
فيمن حلف على قضاء الحق أو غيره
فقال إلى الظهر أو إلى العتمة
أو قال لا أبيت حتى أفعل كذا
من الواضحة قال ابن الماجشون: ومن حلف لأقضينك قبل أن أصلى الظهر فأتاه به
بعد صلاة الناس ولم يصل الحالف فلا ينظر إلى صلاة الحالف، ولكن إن كان
الموضع مسجد جماعة، فإن صلوا ولم يقض حنث، وإن لم يكن بموضع جماعة يجمعهم
إمام فإن جاوز أن يصير ظل كل شىء مثله ولم يقضه حنث. وكذلك فى يمينه إلى
الظهر.
قال ابن المواز فى قوله غدا إلى الظهر إن مال الفىء ولم يقض حنث، وإن قال
عند صلاة الظهر فله إلى أن يصير ظل كل شىء مثله، وإذ قال قبل أن أصلى، فإذا
انصرف الناس من الجامع ولم يقضه حنث، وإن لم يصل هو وقال نويت حتى أصلى أنا
لم ينفعه. وإن لم يكن عندهم مسجد جماعة لم يحنث حتى يخلرج آخر الوقت. ووى
عن ابن القاسم فى العتبية فى قوله إلى الظهر أحده إلى أن تصلى الجماعة
والعامة.
وروى غنه سحنون فى قوله صلاة الظهر قا: يقضى أول صلاة الناس عند الزوال،
وهى فى كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم، فقال أول صلاة الناس أو عند الزوال.
قال فى الكتابين قيل فإن صلى قوم وبقى لآخرون فلم يذكر جواباً. قال فى
العتبية قا لأبو بكر بن محمد لا شىء عليه.
وفى كتاب ابن سحنون قال سحنون لا حنث عليه إلى آخر وقت الظهر، وقال عنه
أضبغ: وأن حلف أن بات الليلة وله عنده شىء، فحده إلى ثلث الليل. قا لأصبغ
بل ذلك على ما يعرف من معانى الناس. فإذا حلف نهاراً فحده غروب الشمس، وإن
حلف عشاء فحده انقطاع الرجل وهدوء الناس
[4/ 192]
(4/192)
قال ابن حبيب قا لابن الماجشون فى الحالف
ألا تقيم امرأه عنه إلى العتمة فقامت حتى صلى الناس وإمام قريتهم فقد حنث،
ولا ينظر فى هذا إلى ثلث الليل.
فى الحالف فى القضاء وغيره إلى العيد أو إلى الصدر
أو إلى الصيف أو إلى الحصاد أو قدوم الحج أو قدوم أبى
من المجموعة قال اب القاسم: وإن حلف لأقضينك حقك إذا ذهب العيد فأيام
التشريق من العيد، وإن قال إلى الأضحى فقضاه فى اليوم الثانى من النحر فقد
حنث، وإن قال فى الأضحى فلا شىء عليه فى اليوم الثانى والثالث. وإن قال فى
العيد فقضاه ف أيام التشريق حنث، وإن قال فى أيام العيد أو أيام الأضحى أى
يوم النحر، فإن لم يقضه فى يوم النحر بعينه وقضاه فى أيام التشريق حنث.
ومن العتبية قال أصبغ: ومن حلف أن لا يطأ امرأته حتى العيد، فلا يطأها حتى
العيد وبعد انصراف الإمام، فإن وطأها قبل ذلك حنث، والعيد عندى انصراف
الإمام.
وإن حلف لا دخل بيته يوم العيد وكان ذلك في الفطر فلا يدخل يوم الفطر
ويومين بعده، وقال سحنون لا أرى ذلك والفطر يوم واحد.
قال سحنون فى كتاب ابنه وقرأ عليه قول أصبغ فقال: إذا وطئها ليلة العيد فلا
شىء عليه، وليلة العيد من العيد. وأما فى الفطر فالعيد فيه يوم واحد.
وقال ابن عبدوس فى غير المجموعة فيمن حلف لأقضينك بعد العيد بخمسة أيام،
قال يقضيه بعد يوم النحر بخمسة ايام، ولو قال بعد الأضحى بخمسة أيام، قال
فتحسب له الخمسة بعد ثلاثة أيام النحر لأنه يضحى فيها.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فى الحالف ليقضينه إلى الحصاد إنه لا يحنث
إلا بانقضاء آخره ويقضى عليه بالحق فى وسطه ومعظمه، يريد إذا كان
[4/ 193]
(4/193)
أجلاً، وكذلك إلى الجذاذ والقطاف، وإلى
الصدر يقضى به فى وسطه ولا يحنث إلا بانقضاء آخره، وقاله ابن القاسم وابن
عبد الحكم وأصبغ، وروى مثله عيسى عن ابن القاسم فى العتبية والمجموعة.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن حلف إلى الصدر فهذا له آخر أيام التشريق إلى
الليل وبقيا الليل إلى الفجر، فإن لم يقضه حتى طلع الفجر حنث. وإن قال
لاكلمته حتى الصدر أو قال إلى الصدر إلا فى الصدر الآخر، فإن كلمه فى الأول
لم يحنث. وإن حلف ليكلمنه فى الصدر فليكلمه فى الأول، فإن لم يكلمه إلا
الثالث لم يحنث روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف لا يجتمع مع امرأته تحت سقف حتى يقدم الحاج
فقدم أوائل البربر، قال فى المجموعة أصحاب الحمير فلا شىء عليه. قال ابن
حبيب عن ابن الماجشون فيمن حلف ليقضنه فى الصيف فهو يونية ويوليه وأغشت.
فإن انقضى أغشت ولم يقضه حنث، وتتلوه شهور القيظ وهى شتنبر واكتوبر ونونبر.
فإذا قال فى القيظ أو فى الخريف فلم يقضه حتى خرج نوفمبر حنث والشتاء دجنبر
ويناير وفبراير، فغذا قال فى الشتاء أو إلى فلم يقضه حتى خرج فبراير حنث.
ويحنث فى قوله فى الربيع أو إلى الربيع بانقضاء مايو، وكذلك قال فى هذا كله
ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ، وكذلك فى العتبية وفى المجموعة عن ابن
القاسم.
وفى المجموعة قال ابن القاسم: وإن قال إن قدم أبى ولم أقضك فامرأته طالق
فقدم ولم يقضه فهى طالق إلا أن ينوى أنه إذا قدم قضاه. وإذا قال أبى فلم
أقضك فلا يحنث حتى يقدم ثم لا يقضيه، وله فى ذلك يوم وليلة.
[4/ 194]
(4/194)
فيمن حلف لأقضينك
إلى حين أو دهر أو زمان
أو قال لا كلمتك إلا شهراً أو شهوراً
ومن حلف لا فعل كذا هذه السنة وقد مضى بعضها
قال ابن المواز قال مالك: الحين والزمان سنة، قال عنه ابن نافع فى
المجموعة، ولعل الدهر مثله وما أدرى. وقال ابن القاسم وأشهب فى الدهر سنة.
قال ابن وهب عن مالك فى الحين سنة وأما الزمان فليس عندى مثله، وهو عندنا
مثله، وهو احسن ما سمعنا إلا أن تكون له سنة فى أكثر من ذلك.
ومن كتاب لعض أصحابنا فيمن حلف لا كلمتك الدهر، قال لا يكلمه أبداً، وإن
قال لا كلمتك دهراً فلا يكلمه سنةً.
ومن العتبية قال أشهب عن مالك: إذا حلف وهوفى نصف السنة إن فعل كذا وكذا
هذه السنة، فإن نوى ما فيها فذلك له، وإن حلف لم ينو شيئاً ائتنف من يوم
حلف اثنى عشر شهرا.
ومن كتاب ابن سحنون ومن حلف لا كلم فلانا إلا شهرا أو قال أشهرا فلا يكلمه
ثلاثة أشهر، فإن كلمه قبلها حنث، وإن قال الشهور فلا يكلمه سنة، فإن كلمه
قبلها حنث؛ وإن قال شهوراً سئل عن ذلك أهل اللغة، فإن قالوا إنه مثل الأشهر
فثلاثة أشهر، وإن قالوا مثل الشهور فذلك سنة. قال الله تعالى (إن عدة
الشهور عند الله اثنا عشر شهراً).
[4/ 195]
(4/195)
فيمن حلف على قضاء الحق
أو أن يفعل فعلا إلى أجل
فعجل ذلك قبل الأجل
من المجموعة والعتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فى الحالف لأقضينك حقك
فى شعبان ورمضان فقضاه جميعه فى شعبان فلا حنث عليه، وكذلك لو قضاه فى
شعبان بعضه وباقية فى رمضان، وأحب إلى أن يقضيه النصف فى كل شهر، فإن قضاه
الربع والثلث فى شعبان وباقيه فى رمضان لم يحنث، وإن لم يقضه فى شعبان
شيئاً وقضاه جميعه فى رمضان حنث، ولو قضاه جميعه فى شعبان لم يحنث. وكذلك
روى ابن وهب وأشهب عن مالك فى القضاء قبل الأجل.
ومن كتاب ابن المواز عن ابن القاسم: وإن حلف ليقضينه حقه فى شعبان ورمضان
وشوال فقضاه بعضه فى شعبان وباقيه فى شوال ولم يقضه فى رمضان شيئاً فلا شىء
عليه، ولا يعجبنا قول من قال غير هذا، لأنه حلف ليقضينه في كل شهرمنها
ديناراً فقضاه دينارين فى شعبان وديناراً فى شوال وفى رمضان ما كان عليه
شىء. ولو قضاه ديناراً فى شعبان ودينارين فى شوال ولم يقضه فى رمضان شيئا
فهو بار، وكذلك لو قضاه أقل من دينار فى شعبان وبعض الحق فى رمضان، وباقيه
فى شوال فلا شىء عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك: وإن حلف ليقضينه فى كل جمعة كذا حتى
يتم حقه فعجله له فى جمعة فلا شىء عليه.
قال ابن القاسم عن مالك: والحالف على أكل طعام غداً يحنث إن أكله اليوم،
بخلاف القضاء، لآن القصد فى قضاء الحق التعجيل، والطعام يراد به اليوم.
[4/ 196]
(4/196)
قال أشهب: إن سئل فى أكله الآن فقال دعونى
الآن فأنا والله اكله غداً فلا حنث عليه إن أكله اليوم لأن قصده الأكل لا
تعيين اليوم، وإن كان على غير ذلك من عمد الغد حنث.
فى الحالف لأقضينك إذا أخذت عطائى
أو إذ أمكننى
وكيف إن توانى فى أخذ العطاء؟
من كتاب ابن المواز: ومن حلف لغريمه إن خرج عطائى وقبضته ولم أقضك وامرأتى
طالق، فتهاون فى أخذ العطاء وهو قادر على أخذه فهو حانث، وإن لم يتوان حتى
غلب عليه لم يحنث. وقيل لا يحنث حتى يرتفع العطاء وينقطع الإعطاء، فأما ما
دام قائماً يرجوه فلا ييأس من أخذ ذلك العطاء.
ومن حلف فى دين على امرأته لئن وقع قسمها فى يديه ليقضينه عنها فلا شىء
عليه حتى يمكنه أخذه، فإن تهاون فيه وهو يقدر على أخذه حنث.
قال ابن القاسم فى العتبية من رواية عيسى: فإن تهاون فى قبضه بتوليج أو
تثلاقا أو داهن فيه حتى غلب عليه فقد حنث.
فيمن حلف إن ترك غريمه او خصمه حتى يبلغ به
أقصى حق أو حتى يقبض منه حقه
من كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف إن فرطت أو
توانيت فى حقى على فلان حتى آخذه فتوانى رجاء أن يأتيه حتى مرض فحال بينهما
المرض فقد حنث، وإن أقام يوماً أو يومين أو نحو ذلك مجتهداً حتى اخذه المرض
فأشغله والله أعذر بالعذر.
[4/ 197]
(4/197)
قال مالك فى العتبية من سماع ابن القاسم
فيمن بينه وبين رجل خصومة فى سلعة ابتاعها منه فحلف لا يتركه حتى يبلغ أقصى
ما فيها، فأقام شاهداً ولم يحلف معه ورد اليمين على بائعه، فلا أحب ذلك
ورأى أنه إن فعل لم يبلغ أقصى ما حلف عليه.
وروى عيسى فى الذى حلف لا يفارق خصمه حتى يبلغ أقصى حقه، فأقام شاهدا ولم
يحلف معه، فإن كان حقه يعلمه فنكل فهو حانث، وإن كان لا يعلمه أنه حقه إلا
بشهادة الشاهد من مورث وقع له أو غيره فهو حانث بنكوله، وإن علم أنه لا حق
له عليه وأراد غيظه وأن لا يأخذ شيئا وترك اليمين فلا شىء عليه. قال عنه
أبو ريد وإن حلف فى غريم له ليستقضينه منه حقه ولا يرخص له فهو يخاصم حتى
هلك الغريم فليستقضه ورثة الغريم ولا ييرخص له
وروى أشهب عن مالك فيمن بينه وبين رجل خصومة فحلف بالطلاق ألا يتركه
وليجتهدن عليه. ثم قال له بعد ذلك لا أخاصمك وقد وكلتك إلى الله سبحانه، ثم
ذكر يمينه فطالبه فقد حنث، فقال له خصمه إنه حين رجع إلى جعلت بينى وبينه
رجلاًَ وحلفت بالعتق لأرضين بحكمه. فحكم على بدينارين فدفعتهما إليه، فقال
له فاذهب إلى السلطان فارفع إليه شهادتك ولا تطلب الدينارين وإن أعطاكهما
فلا تأخذهما منه.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن أخذ لعمه ألف درهم بعث بها إلى البصرة
فحلف أبوه لا أقلع عنها حتى يردها، فطلب له ألف درهم فدفعها إليه، ثم
استوهبه إياه فوهبها له. فإن كان من غير رأى عدة من العم فلا شىء عليه، وإن
كان عن رأى عدة أو كان الأمر قريبا لم ينفعه فى يمينه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فى رجل له عند زوجته دنانير فأسلفت
منها أخاها فحلف لا خرج حتى يأخذ حقه منه أو يقضى عليه
[4/ 198]
(4/198)
السلطان، وقالت امرأته أنا ضامنة لذلك وقد
أراد السفر، قال لا يخرج حتى أخذها ولا يقبل ضمانها إلا أن يؤخره السلطان.
جامع الأيمان على قضاء الحق
واقتضائه من مسائل مختلفة المعانى
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف إن لقى غريمه أن فارقه حتى
يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، فلقيه فقضاه حقه فلا شىء عليه. ومن حلف
لا ينقص غريمه من عشرة قائمة، فلم يقر له إلا بدنانير خروبة خروبة، فخاصمه
فلم يقض له إلا بها، فليأخذها ولا يضع عنه شيئا والله حسيبه. وإن كان أراد
ألا يأخذ منه إلا قائمة فلا يأخذ منه إلا قائمة.
قال عبد الملك ابن الحسين عن أشهب فيمن حلف ليوفينه حقه إذا أخذ عطاءه فأخذ
من عطائه ما لا يفى بدينه فقضاه، قال لا يحنث.
قال أصبغ وأن حلف لأبعثن إليك بحقك يوم كذا، قال مع فلان أو لم يقل، فإن لم
يصل إليه الحق يوم قال لأبعثن به فقد حنث.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن عليه طعام من سلم فحلف لأوفينكه بساحل
الفسطاط إلى إلى أجل كذا، فإن وفاه أياه بالموقف كان حانثا.
قال ابن سحنون عن أبيه فى رجلين عليهما حق لرجل فحلف ليقضيانه حقه، فقضاه
أحدهما الحق كله أو بعضه، فإن كان تحمل بعضهما عن بعض فقضاه أحدهما جميع
الحق فلا حنث عليهما، وإن قضاه أحدهما نصف الحق أو ما يصيبه حنثا جميعا.
وإن لم يكونا حميلين فإن قضى ما يصيبه منه فلا حنث عليه ويحنث الآخر، وإن
جميع الحق بغير أمر صاحبه لم يحنث القاضى ويحنث الغائب.
[4/ 199]
(4/199)
قال وإن حلف ليقضين غريمه حقه يوم كذا فوجد
لقطة فقضاه منها، فإن قضاه منها قبل السنة حنث مليا كان أو معدماً. قلت قال
بعض أصحابنا: إن كان مليا لم يحنث، فلم ير ذلك سحنون.
ومن كتاب ابن المواز ومن تحمل بوجه لأجل وحلف الحميل ليأتين به فى الأجل،
فلما حل الأجل أتاه المطلوب ولم يأت الحميل فقد حنث إلا أن يكون نوى إن غاب
أتاه به فله نيته.
قال محمد لا شىء عليه إذا لم يكن حمالته به إلا بسبب الحق وحده.
وإذا حلف ليقضينه طعامه لأجل كذا فأتاه بقمح قبضه له وقال سأرجع أكتاله لك
فتأخر فلما جاز الأجل وخاف الحالف الحنث أكتاله لنفسه، ثم جاز الأجل فقد
حنث. قيل إنه رفعه إلى السلطان، قال يقضيه السلطان ولا يخرجه ذلك من يمينه.
ومن أعطى حميلا بحق وحلف للطالب ليقضينه حقه إلى أجل كذا، فلما حل الأجل
قضاه الحميل والمطلوب غائب فلا حنث عليه. ومن حلف ليقضينه حقه إلى أجل فلم
يجد من يسلفه إلا بحميل فتحمل بها طالب الحق وجاز الأجل فقد حنث.
ومن حلف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن يقول غرمائى ويحول السلطان بينى وبين
مالى فقام غرماؤه وعقل السلطان ماله ثم بدا لهم أن يردوا يردوا ماله إلى
يديه، فإن رد إليه بعد الأجل لم بحنث وإلا فاليمين له لازمة.
ومن سجن رجلا فى دين وحلف لا يخرجه حتى يقضيه أو حتى يقبض حقه، قال منه أو
لم يقل، فتبرع أجنبى فقضاه عنه أو تبرع من يسأل الطالب مالاً فقاصه به
وأشهد لنفسه به إلى المسجون إلى شهر وأخرجه الطالب، فإن حلف حتى آخذ حقى لم
يحنث، وإن حلف حتى يعطينى أو حتى آخذه منه
[4/ 200]
(4/200)
حنث، إلا أن تكون له نية. وإن كانت يمينه
ليستوفين حقه فقاصه بما يسأله فلم يحنث، إلا أن ينوى أن يأخذ المال منه
ووفى العدة أو لفظ بذلك فلا تنفعه المقاصة.
وإن حلف لأقضينك فى منزلك فجاء به إلى منزله فقال اذهب به إلى حانوتى فى
أقصى المدينة، قا لهو منزله أيضا. وكذلك لو قال: اذهب به إلى منزل فلان وهو
إذا جاء به إلى منزله صرفه حيث شاء فلا شىء عليه.
وإن حلف ليوفينه حقه يوم كذا بموضع كذا فجاء فى اليوم فلم يجده فى الموضع
فلا شىء عليه إذا ظل يومه ذلك ولم يأته ولم يكن بينهما وقت من النهار يأتيه
فيه، ولا يجزئه أن يمسح الموضع مسحاً فلا يجده عند مجيئه.
قال فى موضع آخر من كتاب ابن المواز: وإن حلف ليوفينه بموضع كذا فبعث به
إليه، فإن نوى القضاء برإلا أن يكون بساط يمينه إلا أن يوفيه بنفسه.
والمسألة من أولها فى العتبية من سماع أصبغ من ابن القاسم. وفى السؤال حلف
ليوفينه بموضع كذا. ومن قوله إذا ظل يومه إلى آخرها من كلام أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز: من تعلق بغرمه فحلف له لأوفينك غداً فى منزلك، فأتاه
فى غد فلم يجده فلا حنث عليه. ورواها أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية.
ومن المجوعة والعتبية رواية ابن القاسم عن مالك فيمن مطل بحق عليه ثم حلف
لربه إن أعطيتك حتى أسجن ثم أسجن ثم أسجن يريد أياما، وحلف الآخر إن أنظره
حتى ينظره السلطان فرافعه فأنظره السلطان أجلا، فلما حل تغيب عنه فأراد عمه
أن يقضى عنه فلا بأس به. قال فى العتبية ولا يحنث إن علم بقضاء العم عنه،
غير أن اليمين عليه باقية فى قضائه لعمه كما كانت لصاحب الحق، إلا أن لا
يقضيه حتى يسجن أياما كما حلف وإلا حنث.
[4/ 201]
(4/201)
قال المغيرة فى المجموعة: وللعم أن يرجع
عليه، فإن قضاه قبل أن يسجن حنث ويقف العم موقف الأول، وإن تركه العم لم
يحنث. قلت: فما مخرج قوله حتى أسجن ثم أسجن ثم أسجن؟ قال حتى يسجن
ثلاثاًيسجن ثم يسجن ثم يخرج ثم يسجن، فأحب إلى أن يقيم فى كل مرة يوماً
وليلة.
قال أشهب: ومن حلف لئن قضيتنى حقى لأفعلن بك كذا فقضاه بعضه فلا يلزمه شىء
إلا بقضاء الجميع، لأن عرض هذا الاستيعاب. وإن حلف المطلوب لئن اقتضيتنى
حقك لأهدين إليك ميسره بإقتضائه لأنه كان يأبى أخذه فلا يلزم هذ الهدية حتى
يقضيه الجميع.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن حلف لغريمه لأقضينك دينك من دين لامرأتى وهو
يعرفه، فقضاه من غيره ولم يقبض دين المرأة فقد بر. وكذلك لو قبضته المرأه
وقضاه الحالف من غيره، وإنما ذكر دين المرأة كأجل فأجل ضربه فلا يبالى مما
قضاه. ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم، وهى فى المجموعة، فيمن
تعلق بغريمه وطلب بحميل حتى يوافيه دار القاضى، فحلف له بالطلاق إن غبت عن
دار القاضى سنة حتى أوفيك حقك أو يقضى بيننا، قال فليختلف كل يوم إلى دار
القاضى حين تختلف الناس حتى يوفيه. قال وإن وضع عنه حنث. قيل فإن غاب
الطالب؟ قال احضر أنت، وإن غاب فليس عليك شىء.
وقال ابن القاسم فى عبد حلف لغريمه ليقضينه أول دينار يجده، فباعه سيده
فقال المبتاع للبائع أكسه فأعطاه ديناراً من ثمنه يكتسى به فلم بقضه العبد
للغريم، قال لايحنث للمبتاع كأنه استوضعه أو ابتاع به كسوة
[4/ 202]
(4/202)
ومنه ومن المجموعة قال سحنون عن ابن القاسم
فيمن عليه لرجل عشرة أرادب فحلف ليوفينها له إلى أجل، فجاءه بها فى الأجل
كما ابتاعها واكتالها فقال له صبها على هذا القمح لقمح كان فى بيته قال
كلها فقال أنت صادق فصبها عليه. قال إن كانت عشرة أرادب تامة لم تنقص كما
ينقص الكيل لم يحنث. قيل: ومن أين يعلم أنهلو أعاد كيلها نقصت؟ قال فلينظر
لنفسه، وليس يحنث بترك الكيل، ولكن إن كانت لو أعيد كيلها نقصت حنث.
ومن العتبية من سماع عيسى قال ابن القاسم فيمن له قبل رجل دنانير فحلف أن
لا يأخذ منه فيها دراهم فأحال عليه بالدنانير رجلاً فأخذ منه الرجل فيها
دراهم قال لا حنث على الحالف.
ومن مسائل سحنون: وسئل عمن عليه لرجل عشرة دنانير فحلف ليوفيننه إياها إلى
شهر فأعطاه قبل الأجل أوقية سوار ذهب باعه إياها بيعا وفيه أحد عشر مثقالا
فلم يعلم بقبيح ذلك حتى مضى الأجل، قال هو حانث، ذلك منتقض، فقد مضى الأجل
ولا قضاء فيه.
قال أصبغ وقال أشهب ومن عليه طعام من بيع فحلف للطالب ليقضينه إياه إلى أجل
فابتاع له طعاما وأحاله به قبل يقبضه ومضى الأجل، فإن قبضه المحتال قبل
الجل بر الحالف، وقاله أصبغ فى اليمين ويفسخ البيع بينهما وقد بر.
[4/ 203]
(4/203)
فيمن حلف لا باع بكذا كم يزاد
أو حلف لا يبيع إلا بكذا
وكيف إن وضع بعد البيع
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا باع سلعته بدينار فلا يبر
إلا بزيادة يرى أن مثلها يزاد فى ذلك. قال ابن نافع قال مالك أفيزيده ثمرة
أو قرصاً؟ ما هذه زيادة. قال سحنون لا تبرئه زيادة الخيار فى المائة، قال
غيره إلا أن تكون له نية فى شىء معلوم أو أن لا يبالى ما زيد، فإن لم تكن
له نية لم يبره اليسير فى الثمن الكثير ويرى أن درهما يبرأه فى الدينارين
وفى خمسين درهما وهو فى المائة درهم قليل، ويرى الدينار فى المائة دينار
يبرئه. وهذا الذى ذكر ابن عبدوس لغيره وهو قول أصبغ وابن حبيب أيضا. وذكر
ابن الماجشون: أستحب الثلاثة دنانير فى المائة.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع بمائة دينار فزيد خمسة
دنانير قال يبرئه. قال أصبغ يبر بدينار ف المائة وبنصف دينار فى خمسين،
وقاله ابن القاسم إلا ان تكون له نية فيما يزاد. قال أصبغ ولا يبر بخمس
دينار فى عشرين ولا بخمس ونصف خمس فى الثلاثين وإذا جزى الدينار هكذا لم
يقع لمثل هذا منه بال. قال ابن سحنون قلت لسحنون قال بعض الناس: إن ربع
دينار يبرئه فى المائة دينار لأن القطع يجب فيه، قال لا يبر بذلك وأراه
حانثاً إن فعل.
ومن كتاب آخر أن محمد بن عبد الحكم يقول: يبر بأقل من ذلك، والذى قاله
سحنون أولى، لأن الأيمان إنما تحمل على مقاصد الناس فيها.
ومن المجموعة قال سحنون فيمن حلف لا باع بثلاثين فباعها بثلاثين ديناراً
ويبرئه اليمين ولميسمه شرطاً ثم باعها المبتاع من آخر بيعاً صحيحا، فالبيع
الأول
[4/ 204]
(4/204)
فاسد فات بالبيع الثانى. فإن كانت القيمة
تزيد عن الثلاثين ما يبر بمثله أخذ ذلك وبر، فإن كانت أقل فإنى أخاف عليه
الحنث.
ومنه ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالكفيمن ابتاع عبدا ً بثمن ثم كساه
إزالراً بثمانية دراهم وحلف بحريته لا باعه بربح خمسة دراهم حتى تزداد ونوى
ما قل من الزيادة أو كثر فباعه بذلك وبزيادة درهم على أن يسأل عن يمينه،
فإن كان على فيه شىء فإن شئت أن تأخذ على ذلك وإلا فدع، وإن لم يكن على شىء
فهو لك، قا للا يترك ثمن الإزار لموضع الحنث ولم يوجبه فى الشرط بشىء. قال
له قد طرحته عند الحجام يعلمه بشرط سنة وله عنده خمسة أيام قال أرض الحجام
من عبدك ولا تحنث بذلك، وليس هذا من ناحية ما حلفت عليه.
قال وقال مالك فيمن حلف بالعتق لا ينقص سلعته من مائتين فباعها بمائتين ثم
حط منها فى مجلسه بسؤال فقد حنث، ولو وضع له بعد يومين وثلاثة لم يحنث.
قال فى العتبية ويحلف ما أراد إلا عقد البيع وما هذا الذى أردت ألا يضع ولا
شىء عليه.
ومن الكتابين ومن حلف ألا يقاطع مكاتبه إلا على كذا فقاطعه عليه ثم حطه
فأكره بحدثانه. فأما بعد أيام فلا بأس به.
قال ابن حبيب فى مسألة البيع إنه يحنث وضع عنه بقرب من عقد البيع أو ببعد
إلا أن ينوى لا يضع عنه فى عقد البيع، وعليه مخرج يمينه ونيته فلا شىء عليه
إن وضع بغير حداثة البيع وبعد التطاول وإذا صح ولم يتعاملا عليه، وإن لم
تكن له نية حنث.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن باع بيعاً فسئل الوضيعة فحلف بالعتق إن
فعل فقضاه جميع حقه، ثم سأله أن يهبه منه قال لا يهب له منه.
[4/ 205]
(4/205)
من المجموعة ابن قاسم عن مالك فيمن حلف
بالطلاق لا باع بمائتين حتى يزاد فيزيد كما طلب وقبض بعض الثمن وقبض
المبتاع السلعة ثم استوضعه، فأما بقرب البيع فلا ينبغى، وأما ما تطاول من
ذلك فلا بأس به.
ابن القاسم: وإن حلف لا باع سلعته إلا بمائة دينار فباعها بمائة وعشرين إلى
اجل
، فإن كان لو بيع الدين بعرض نقداً سوى العرض مائة فأكثر فقد بر، وإن سوى
أقل من مائة فقد حنث.
قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك فيمن حلف لا با إلا بكذا فباع بذلك إلى
أجل، فقال يحنث إلا أن ينوى بدين أو بنقد، قال ابن نافع ويحلف.
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا أكرى من منزله إلا بثمانية
دنانير، فأكرى نصفه بأربعة فلا يحنث، ولو أكرى نصفه بأقل من أربعة حنث.
ابن القاسم عن مالك فيمن حلف فى طعام له لا يزيد فيه على ثلاثة أرادب
ووبيتين بدينار فبعث إليه أخ له عشرين ديناراً ليعطيه بها فبعث إليه
بثمانية عشر كما حلف وبعث إليه بدينارين حمص وجلبان أكثر من سعره يكون
بدينار ما يسوى دينارين، قال قد حنث.
ومن المجموعة ابن القاسم: وإن حلف لا باع إلا بثمانية عشر حبتين حبتين،
فباع بتسعة عشر قيراطا قيراطاً، فإن كان يمينه على الزيادة لم يحنث وإن
كانت يمينه على الدنانير ليأخذن ثمانية عشر حبتين حبتين حنث، وإن لم تكن له
نية حنث.
وروى ابن نافع عن مالك ورواه أشهب فى العتبية فيمن حلف لا باع جاريته
بثلاثمائة دينار حتى يزيد فباعها بثلاث مائة ودينار وانتقد ثم سأله ابن عم
[4/ 206]
(4/206)
له بعد تمام البيع أن يهبه خمسة عشر
ديناراً عن غير شرط ولا موعد ففعل فوهبها ابن عمه للمشترى، فقال أخاف أن
يحنث قد علم أنه إنما يعطيه إياها.
وفى الباب الذى يلى هذا من معانى هذا الباب وفى باب من باع شيئا ثم أخذه
رهنا.
فيمن حلف ألا يبيع سلعتيهإلا بعشرة فباع إحداهما بخمسة
أو كانت سلعة فباع نصفها أو باعها من أخرى معها
من المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف لا باع سلعتيه إلا بعشرة فباع إحداهما
بخمسة أو بأقل أو بأكثر، فإن باعها بأقل مما يقع عليها من حصة العشرة حنث،
وإن كان بمثل ما يقع لها من العشرة فأكثر لم يحنث، إلا أن يبيع الثانية
بأقل من تمام العشرة يوماً ما فينحث. وله أن يهب الثانية أو يصنع بها ما
شاء.
قال ابن حبيب: بعض الثمن الذى حلف عليه على الأكثر من قيمتها يوم باع أو
يوم حلف فما وقع لها، فإن باعها بمثله فأكثر لم يحنث، ثم إن باع الثانية
بما يصيبها مماحلف سقطت اليمين فاكثر أو بتمام العشرة، وإن كان أقل مما
يصيبها فهو بار وإن باعها بأقل مما كان يصيبها من الثمن ولا تمام فيه
لليمين والمحلوف عليه فقد حنث. وكذلك لو باعها بما يصيبها من الثمن ولا
تمام فيه لليمين الذى حلف عليه لأنه باعها بأقل مما حلف عليه. ولو باع
الأولى بأقل مما يصيبهاحنث، ثم لا ينتفع بما باع به الثانية وإن كثر. وكذلك
قال لى أصبغ فى ذلك كله.
ومن المجموعة قال أشهب: إن باع واحدة بعشرة ثم باع الثانية بخمسة، فإن كان
هو الذى يصيبها من العشرة بالقيمة من السلعة الأخرى لم يحنث، وإذا أصابها
خمسة فباعها بها فأكثر لم يحنث، وإن باعها بأربعة حنث، وإن باع الأولى بأقل
مما يصيبها فقد حنث، باع الثانية بتمام العشرة أو بأكثر. وذكر ابن المواز
فى كتابه مثل ذلك. وقال: وإنما بعض الثمن على قيمتها يوم حلف لا يوم حنث.
[4/ 207]
(4/207)
قال سحنون فى المجموعة: ومن حلف لا باع
سلعته بعشرين فباع نصفها بعشرة أو بأكثر، فإن باعه بثلاثة عشرة مما يعلم
أنه باع النصف الثانى صح له أكثر من عشرين فلا شىء عليه، وإن كان غير ذلك
فقد حنث.
وكذلك لو أمر رجلاً يبيع سلعته بعشرين فباع نصفها بخمشة عشر أو بما لو أراد
بيع النصف الباقى لم ينقص جميع الثمن من عشرين لم يكن متعدياً، وإن كان
ينقص فه متعد.
ومن مسائل محمد بن عبد الحكم فيمن حلف بحرية عبديه إن باعهما إلا بعشرين
وقيمتها سواء، فباع واحدا باثنى عشر ثم باع الثانى بثمانية إنه يعتق الثانى
ولا شىء عليه فى الأول لأنه كان منه على بر، وقع الحنث بعد أن خرج من ملكه
بصحة. ولو باع الأول بأقل من عشرة نقض بيعه وعتق.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع سلعته إلا بمائة
فباعها مع أخرى بمائتين، فإن وقع لها من الثمن مائة يريد فأكثر فلا شىء
عليه، وإن وقع لها أقل حنث. قال أصبغ وإن باع معها غيرها فباعهما بمائتين
ثم أراد أن يضع من ثمن السلعة التى أضاف إليها شيئاً فإن وضع من ثمن هذه
المضافة الذى هو عند أهل البصر شيئاً حنث.
قال أبو محمد وفى الباب الذى هذا يليه من نظائر هذا الباب مسألة الحالف لا
أكرى منزله إلا بكذا فأكرى نصفه بنصف ذلك.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا أكرى داره فى السنة إلا بعشرة
فأكراها نصف سنة بخمسة فإن كانت سنة بعينها فإن كانت تتفاضل شهورها مثل دور
مكة والمدينة تكرى الأشهر فى السنة فإن ما أكراها به مثل ما يقع لتلك
الأشهر من حصتها مما حلف فأكثر لم يحنث، وإن كان أقل وباقى الشهور
[4/ 208]
(4/208)
انفق حنث، وإن كا نت من الدور التى لا
تتباين أكرية الشهور فيها مثل دور القبائل لم يحنث إذا أكرى شهوراً مما يقع
عليها من كذا السنة على التساوى تفاضلت الشهور فى الكراء أو لم تتفاضل.
وروى أشهب عن مالك فيمن بيده منزلان بكراء فحلف ألا يزيدها فيهما على أربعة
دراهم، فاستغنى عن أحدهما وأكرى الآخر باثنين ونصف، قال لا أدرى يكون
أحدهما بدرهم من يقدر هذا ويحصيه.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف ألا يكرى منزليه إلا بكذا وكذا، فأكرى أحدهما،
فإن أكراه بما يقع عليه مما سمى فقد بر، وإن أكراه بأقل فقد حنث.
فى الحالف بصدقة السلعة إن باعها بكذا
فباعها به، أو بحرية العبد إن باعه
أو لا أكل له ثمنا فباعه
من الواضحة والعتبية قال أصبغ: ومن حلف بصدقة سلعته لا باعها إلا بكذا فباع
بدونه حنث والسلعة قائمة فلا يرد البيع وليتصدق بثمنها، فإن حابى فيها
فعليه الصدقة بالقيمة، وإن كان الحال بيده قراضاً لم يلزمه من الصدقة إلا
بقدر ما ينويه من قيمتها إن كان فيه فضل.
قال فى العتبية ومن تصدق بسلعة بينه وبين آخر لم تلزمه إلا فى نصيبه، وليس
لشريكه أن يلزمه قيمة حصته.
وفى البا الذى يليه مسألة الحالف بحرية عبديه إن باعهما إلا بكذا.
ومن المجموعة قال سحنون فيمن قال لأمته أنت حرة إن أكلت لك ثمنا أبداً ولا
نية له، فباعها فهى حرة ويرد الثمن إلى المبتاع، فإن كانت على ذلك بينة
[4/ 209]
(4/209)
يفسخ البيع وعتقت، و‘ن لم تكن بينة فهى حرة
ولا يحل له أكل الثمن ولا يحكم على المبتاع بفسخ البيع بقوله. وفى كتاب
العتق تمام هذا المعنى.
فى الحال ليبيعنه عبده أو غيره
أو أن لا يبيعه فيبيعه بيعا فاسدا
أو بيع خيار أو باعه ثم رد بعيب
أو بدله بثمن معلوم لمن شاء
من المجموعة روى أشهب وابن نافع عن مالك وقال فى الذى قال لعبده إن لم أبعك
فأنت حر فباعه بيعاً حراما رد عليه أو بيعا صحيحا فرد بعيب، فإنه يؤثر
ببيعة ثانية.
قال أشهب بن عبد العزيز وإن ضرب لبيعه أجلا فرد بعيب فإن لم يعلم به لم
يحنث إن مضى الأجل وإن رد عليه ولم يمض الأجل فعليه أن يبيعه ثانية ويبين
العيب فإن لم يفعل حتى مضى الأجل حنث. وإن باع عالما بالعيب فرد عليه بعد
الأجل فقد حنث، وقال عبد الملك لا يحنث لأن لضمان على المبتاع، ولو شاء
تماسك به.
وكذلك من باع أمة وعنده أختها ودلس فيها بعيب ثم وطىء الباقية ثم ردت
المبيعة فليس على وطء أختها التى وطئها بعد دخول المعيبة فى ضمان المبتاع،
وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون إلا أنه قال: إذا ردها بعيب بعد الأجل
وقد فاتت بحوالة سوق أو لم تفت كان عالما بالعيب حين باعه أو غير عالم فلا
حنث عليه والرد كبيع.
وذكر مسألة الأختين فذكر مثله، وقال إن ردت بفساد بيع فكأنه لم يبع يمسك عن
وطئها حتى يحرم فرج إحداهما، ولو كان لم يطأ الثانية مضى على وطء الأولى
ولو ردت بعيب، ولم يطأ الثانية وطىء أيتهما شاء.
[4/ 210]
(4/210)
قال ابن حبيب قل مطرف وابن الماجشون: ومن
حلف بحرية عبده ليبيعنه إلى أجل فباعه بيعا فاسدا وفسخ بعد الأجل فقد حنث،
إلا أن يكون تغير بيد المبتاع قبل الأجل فى سوق أو بدن بزيادة أو نقص حتى
تلزمه قيمته قبل الأجل، وإن لم يقض بذلك إلا بعد الأجل فقد سلم من الحنث.
وإن لم يفت إلا بعد الأجل حنث لأنه يوم لزمه لزم فيه البيع بالقيمة، وقاله
أصبغ. قال وكان ابن القاسم يساوى فى ذلك بين البيع الفاسد وبين الرد بالعيب
ويحنثه فى الوجهين، واختار أصبغ قول ابن الماجشون ومطرف. قال ابن القاسم فى
المجموعة فيمن حلف بعتق عبده إن كلم فلانا فباعه ثم كلمه ثم ردً عليه العبد
بعيب إنه يحنث، وإن أعطى للمبتاع قيمة العبد حنث، وإن رضى المشترى بعيبه لم
يحنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بحرية عبده إن باعه فباعه بيعاً حراما فإنه
يعتق ويرد الثمن، وإن حلف ليبيعنه فباعه بيعا فاسدا فرد عليه فلا يبر
واليمين عليه حتى يبيعه. ولو حلف لا يبيعه فباعه بالخيار فليس ببيع حتى
يمضيه. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية لا يحنث حتى يتم البيع.
قال ابن أبى مطر: إن كان الخيار للمشترى وحده فقد حنث.
ومن حلف لا باع غلامه ثم نسى فقال من جاءنى فيه بعشرة فهو له فلا شىء عليه
إلا أن يأتيه أحد بعشرة فيلزمه البيع ويحنث. وإنما يلزمه البيع من قال هذا
لمن جاءه فيما قرب مثل شهر أو شهرين. قال محمد وأحب إلى أن لا يلزمه إلا فى
مثل الشهر فأقل.
ومن المجموعة قال المغيرة فيمن حلف بالطلاق ليبيعنه نصف ماله بنصف مال
صاحبه وحلف الآخر بمثل هذا حرام. فإن حلف على ذلك وهما
[4/ 211]
(4/211)
لا يعلمان أنه حرام ولا يريدان إن كان
حراماً أن يجيزاه فلا حنث عليهما بعد أن يحلفا ما علمناه حراماً ولا أراد
إن كان حراما إجازته.
وإن حلفا ليفعلانه كان حراما أو حلالا وعلما بحرامه فحلفا على ذلك فعلى كل
واحد منهما الحنث، فعلاه أو لم لا يفعلاه، لأنه مردود أبدا.
ومن كتاب العتبى من هذا الباب فيمن حلف ألا يبيع عبده أو صوره فغصبه منه
غاصب فأخذ منه قيمته أو أكرهه على بيعه أو أسر فلم يعده من المغنم أوحلف لا
وهبه فباعه، أو لا يبيعه فوهبه أو لا وهبه فتصدق به.
من المجموعة قال ابن القاسم وهو فى كتاب ابن المواز والعتبية من سماع عيسى
بن دينار، ومن كتاب ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: ومن حلف لا يبيع عبده
فاغتصبه منه غاصب فنقدت قيمته عنده فأخذ منه قيمته، فإن نقص بأمر من الله
تعالى فقد حنث إذا كان مخيراً فى أخذهفاختياره لأخذ القيمه بيع.
قال ابن المواز: وكذلك إن أصابه ذلك بجناية الغاصب أو بجناية أجنبى. وقال
أبو محمد: وهذا الذى قال ابن المواز على أصل أشهب وسحنون لا على أصل ابن
القاسم فى جناية الغاصب.
قال ابن القاسم فى هذه الكتب ولو أصابه غيره فأخذ له إن شاء أو لم يأخذ
فأسلمه كان حانثا إذا رضى بالقيمة من غاصبه. ولو أخذ عبدهفأخذ ما أخذ
الغاصب من جرحه أو اتبع الجارح بما جنى على عبده لم يكن عليه شىء.
قال فى كتاب ابن حبيب: وكذلك لو مات فأخذ قيمته من الغاصب. قال ابن المواز:
ولو كان ثوبا فأخذه مع ما نقص اللباس منه لم يحنث، وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب: ومن حلف فى ثوبه لا يبيعه فغصبه منه غاصب فأخذ من الغاصب
قيمةً أو عوضاً، فإن كان ذلك والثوب قائم فقد حنث، وإن كان بعد
[4/ 212]
(4/212)
أن فات فوتاً بيناً فلا شىء عليه، قاله
مطرف وابن الماجشون وأصبغ، ورواه أصبغ عن ابن القاسم.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع سلعته فغصبها منه غاصب
ففاتتت عنده، فإن فات بنماء أو نقصان يسير فأخذ منه قيمتها حنث، وإن فاتت
بنقص فاحش مثل الثلث فأكثر فلا يحنث بأخذ قيمتها ولا يأخذ سلعة مثلها. وقال
فيمن غصب له سرح فأخذ فيه سلعة أخرى فإن لم يفت حنث، وإن فات لم يحنث.
ومن المجموعة وقال ابن نافع عن مالك فى عبد طلبه من ربه سلطان فحلف لا باعه
ولا أكل له ثمناً، فلم يزل يكرهه حتى أخذه منه كارهاً وصاح به فيمن يريد
فأخذه منه بأربعمائة دينار، فأحضر بينة وكتب الشراء على إخوته ودفع المال
إليهم وربه يتظلم ويأبى. ثم إنه بعد ذلك أخذ المال من إخوته، هل له أن
ينتفع به؟ قال أرجو ألا يكون عليه من ذلك شىء.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف لا باع عبده فوهبه لبعض قرابته،
فإن نوى لا يفارقه ولا يملكه غيره فقد حنث، وكذلك فى الصدقة؛ وإن أراد ألا
يأخذ له ثمنا فلا شىء عليه.
قل ابن القاسم فى امرأة حلفت فى عنز لها ألا تبيعها ولا تهبها، فتصدقت بها
على ولدها. قال الصدقة من وجه الهبة ويحنث فيها. وأما إن حلف لا باع عبده
بعتقه، فوهبه أو لا وهبه فباعه فإن أراد لا يملكه غيره حنث، وينقض البيع
والهبة ويعتق إن قامت بينة أنه كان مقرا بما ذكر من نيته قبل أن يتصدق به
أو يبيعه، وإن لم تكن على ذلك بينة فلا يصدق بعد البيع والصدقة، ويتهم أن
يكون نادماً.
[4/ 213]
(4/213)
وإن حلف بعتفه لا باعه فوهبه فإن نوى لا
يأكل له ثمنا فلا شىء عليه، وإن أراد لا يملكه أحد حنث.
قال محمد بن عبد الحكم فين حلف ألا يبيع عبده فأسر العبد ثم غنمه المسلمون
فاشتراه رجل من المغنم، ثم جاء سيد فاختار تركه فلا حنث عليه. ولو حلف
ليبيعنه فلم يعده ممن ابتاعه من المغنم وسلمه له قال يحنث.
فى الحالف ليتزوجن على امرأته فتزوج نكاحاً فاسداً
أو من طلق بعد يمينه أو من لا يشبه أن يتزوجها
من المجموعة روى ابن نافع عن مالك فيمن حلف بالظهار فى امرأته إن لم
يدخلوها عليه هذا الشهر ليتزوجن عليها قبل أن يبتنى بها، فمضى الشهر ولم
يدخل، فإنه إن بنى بها قبل ينطح لزمه الظهار، ةإن نكح قبل أن يبنى فقد بر،
وإن بنى وكفر فهو أحب إلى، إذ لأنه ينكح لمن لا ينكح مثله مثلها فلا ينفعه،
وقاله المغيرة فلا ينفعه حتى يتزوج امرأة تشبهه وتشبه زوجته، لأن ذلك أغيظ
لها قال ابن المواز: وقد سهل فيها ابن القاسم.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف ليتزوجن من أهل مصر فتزوج نصرانية أو
ذمية فلا يبر حتى يتزوج نكاح مثله. قال وإن حلف بطلاق امرأته لينكحن عليها
اليوم فنكح نكاحا فاسداً فإنه حانث، كالحالف بحرية أمته ليبيعنها فألفاها
حاملاً أنها حرة، ورواه ابن وهب.
قال سحنون وابن المواز: لا شىء عليه فى الأمة كمسألة الحمامات التى حلف
ليذبحنها، فإذا هى قدة ماتت.
ومن المجموعة، وهى رواية عيسى من كتاب ابن سحنون، قال ابن القاسم: وإن حلف
لإحدى امرأتيه ليتزوجن عليها فطلق ضرتها ثم تزوجها، فإن كان طلاقاً بائنا
أو خلعا فذلك له، إلا أن يكون إنما صالحها على أن يبر يمينه بتزويجها،
وعملا على ذلك فلا يبر بذلك. ألا تراه لو قال لواحدة إن تزوجت عليك فأنت
[4/ 214]
(4/214)
طالق فطلق ضرتها ثم تزوجها عليها أنه يحنث.
وقال ابن الماجشون وغيره لا يجزئه ذلك حتى يتزوج غير التى كانت تحته يوم
حلف، لأنه أراد أن يغيظها بتزويج يحدثه غير ما عرفت، ولا يشبه الذى حلف ألا
يتزوج عليها لأنا نحنثه.
وقال سحنون فى كتاب ابنه: أما إن كان الطلاق ثلاثاً فذلك يبرئه، وأما الخلع
فلا لأنها تعود إليه على بقية الملك الأول.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال أنت طالق لأتزوجن عليك، فتزوج
أخته جاهلا بها وبنى بها فلا يخرجه ذلك من يمينه. ولو حلف ليشترين عبداً
فاشترى أباه لم يبر.
قال عنه يحيى بن يحيى فيمن له امرأتان فحلف لواحدة بطلاق الأخرى ليتزوجن
عليها، وحلف للأخرى بطلاق هذه أن لا يتزوج عليها، فتزوج أخته من الرضاعة
ولم يعلم وبنى بها. قال يفسخ نكاحها ولا يبر فى يمينه ليتزوجن على فلانة،
ويحنث فى التى حلف لا تزوج عليها، وكذلك لا يبر فى التى حلف أن يتزوج عليها
إن تزوج معتدة ولا بنكاح تحليل ولا بعقد غير صحيح ووطء فى حيض ولكن بعقد
صحيح ومسيس صحيح.
فيمن حلف ليبيعن شيئاً فباعه
ثم أخذه رهنا بالثمن أو باعه
ثم أقال منه أو اشتراه
أوحلف بعد البيع لا ملكه
فوضع من الثمن لعيب ظهر فيه
من العتبية من سماع ابن القاسم: وعن عبد بين أخوين حلف أحدهما بالطلاق
ليبيعن نصيبه منه أو يقاوى فيه أخاه، أو يبيعه منه فابتاعه منه أخوه بدين
[4/ 215]
(4/215)
مؤجل على أن يأخذه رهنا يكون بيد رجل، فقال
لا يفعل كأنه فى يديه بعد. قيل قد نزل، قال ارتجع العبد من غيره ولا شىء
عليك. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
وقال ابن القاسم فى العتبية إذا صح البيع وسلم من الدلسة فقد برى، ارتهنه
أو لم يرتهنه، وغيره من البيوع أحب إلى. وقال ابن القاسم فى المجموعة إنما
أخاف أن يدخله البيع الفاسد كأنه شبهه بمن باع عبده على أن لا يدفعه إلا
إلى أجل.
ومنه ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا نقص فى سلعته من
خمسين فباعها بها، ثم قال له رجل إن أقالك منها المبتاع أخذتها منك بأحد
وخمسين، قال لا يفعل رب إقالة خير من نقصان. قال غيره عن مالك هو حانث إذا
أقاله لأنه وضع عنه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لرجل بعنى جاريتك بمائة
دينار، فقال له يمينك فى يمينى لتأخذها بمائة، فقال نعم، فحلف ربها بالطلاق
ليبعنها بمائة قائمة، فغاب عنه المبتاع أربعة أيام ثم جاءه فقال خذ منى
المائة ثم أقلنى، وسأله فى ذلك رجلان وقالا وهو يكسوها بدينارين، فقال إن
لم يدخل على وعليه مكروه فعلت، فدفعا إليه الدينارين وذهبا، ثم رجعا مع
المبتاع فدفع المائة إلى البائع. فقبضها بيده ثم سئل الإقالة فردها إليه
مكانه، ثم وجد بعد أيام الدينارين فاحشى النقض فأعلم أحد الرجلين فقال هما
على وزن المال الذى قضت ورددت قال ابن القاسم لا حنث عليه، ولو باعها منه
بأقل من المائة أو بتسعين لأنه لم يقل لا نقصتك من مائة، وإنما يحنث لو لم
يبعها منه ويمكنه منها حتى زاده على المائة، وإنما الحنث على المشترى.
[4/ 216]
(4/216)
ومن كتاب ابن المواز ومن باع عبده ثم حلف
أن لا يملكه أبدا فقيم عليه فيه بعيب فقال للمبتاع لا ترده على وبعه فما
نقصت فعلى فلا يحنث.
ومن حلف ليبيعن غلامه وأجل أجلاً فباعه ثم ابتاعه قبل الأجل فبقى عنده حتى
جاز الأجل فلا شىء عليه.
فيمن حلف ألا يبيع عبده فرهنه أو آجره أو أصدقه
امرأته
من الواضحة ومن حلف ألا يبيع ثوبه فرهنه فيما يستغرقه أو فيما لا يستغرقه
ولا وفاء له بافتكاكه فهو حانث ساعة رهنه، وإن كان معه مما يفتكه به
اتنظرته فإن أفتكه بر وإن علق حنث.
ومن كتاب ابن المواز قال إذا رهنه فيما يغترق ثمنه حنث، وإن كان ثمنه أضعاف
ما رهنه فيه لم يحنث، افتكه أو لم يفتكه. وهو قول مالك إن شاء الله،
والحمالة كذلك. ومن حلف بحرية أمته ليبيعنها فلا يمهرها امرأته وليبيعها.
ومن المجموعة عن ابن القاسم فى مكارى حلف لا يبيع دابته فأعطاها لرجل
يركبها بعلفها فلا شىء عليه، فإن خشى أمراً فليرتجع دابته.
وروى فى العتبية عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ألا يبيع عبده فرهنه فباعه
السلطان حين لم يكن له مال غيره فلا يحنث، وإن اشتراه بعد ذلك فلا شىء
عليه.
باب مسائل مختلفة من اليمين على بيع السلعة:
من العتبية والمجموعة قال ابن نافع وأشهب عن مالك فى رجل مع أخيه فى منزل
فحلف فى شاة له ليبعنها وليخرجنها عن أخيه، فباعها فتداولتها أملاك
[4/ 217]
(4/217)
فأراد البائع الأول أن يشتريها ويردها، قال
لا يشتريها وأخاف إن فعل أن لا يكون أخوه خرج من يمينه.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون فيمن حلف فى أمة له بعتقها ليبيعنها إلا ألا
يجد لها ثمنا أو تكون حاملاً وقد أصابها، قال فلا يصيبها حتى يبيعها، لأنه
ربما منع البيع مصابها، فإن أصابها بعد ما حلف فانظر، فإن أتت به لأقل من
ستة أشهر من وطء الآخر علمنا أنه لم تعتق، وإن أتت به بستة أشهر صار فى شك
إذ لعلها قد عتقت فلا تقيم على شك.
ومن كتاب ابن حبيب: وإذا حلف ليبيعنها بثمن سماه إلا ألا يجد من يأخذها به
فليرضها، فإن وجد من يأخذها بذلك فلم يبعها عتقت، وما لم يجد فلا يحنث، ولا
يمنع من وطئها، فإن حملت عتقت لامتناع البيع. فإن لم تحمل فليعرضها أبداً
بذلك الثمن حتى يجد من يأخذها به، وقال أصبغ، ورواه عن ابن القاسم.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف فى أمة بحريتها إن لم يبعها بعشرين
ديناراً إن وجد وإن لم يبعها بوضيعة عشرة من رأس ماله إن وجد من يشتريها،
فعرضها فلم يجد من يأخذها بذلك، قال لا يحال بينه وبين وطئها، وليعرضها
أبداً ما عاش، فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات فلا حنث عليه، وإن وطئها
فحملت عتقت عليه ساعة حملت.
وكذلك روى عنه أبو زيد فى الحالف ليبيعنها ولو بوضيعة عشرة فلم يجد إلا
بوضيعة خمسة عشر قال يتعرض بها البيع أبداً وله الوطء ولا تعتق إن مات قبل
البيع فى ثلث ولا غيره.
ومن المجموعة قال غير ابن القاسم فيمن حلف لا يبيع من فلان شيئاً أبداً، ثم
بلغه بعد مدة أنه طلب سلعة عنده، فقال قد بعتها منه بعشرة وقد نسى يمينه،
ثم
[4/ 218]
(4/218)
ذكر قبل يعلم الرجل. قال ما أراه إلا قد
حنث. كمن حلف لا وهب لفلان فوهب له وهو غائب فإنه يحنث، قبله الموهوب له أو
رده.
وذكر ابن المواز هذه المسألة كما هى ها هنا ثم قال ابن المواز: وهذا فى
الهبة لغير ثواب، فأما فى البيع أو هبة الثواب فأحب إلى أن لا يحنث حتى
يرضى المبتاع.
قال ابن سحنون فيمن حلف لا باع أمته باطرابلس أو فى حواضرها فركب بها البحر
فباعها فيه بحيال أعمال اطرابلس، أو كلم هناك من حلف ألا يكلمه ما دام
باطرابلس. قال سحنون لا يبيعها فى البحر فى جوار اطرابلس إذا سافر من
اطرابلس إلى مصر. وهذا من مشتبهات الأمور، وما أراه بعيداً من الحنث. أرأيت
من أمن من الحربيين فباع باطرابلس ثم ركب وهو قريب من الساحل أيحل وقد بلغ
مأمنه، فعليك بالاحتياط.
قال عبد الملك فيمن أمر من يبتاع له وصيفاً صفته كذا، فإن ابتعته لى فعبدى
فلان حر، فإن لم تجده فابتع لى وصيفة فلم يجده فابتاع له الوصيفة، ثم وجد
الوصيف الذى كان أمره به فابتاعه، فإنه لا يعتق لأنه لما ابتاع الوصيفة بطل
أمره فى الوصيف، وهو متعد فى شرائه له فإن قبله فكأنه ولى شراءه بنفسه، ثم
رجع فقال هو كمن قال لرجل ابتع لى غلاماً بمائةفإذا ابتعته فعبدى حر
فابتاعه بمائة ودينار، فأجاز ذلك المتعدى عليه فهو حانث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عمن حلف فى رقيق لابنه أن لا يبتاعهم بثمن
سماه، فهل لأبى الحالف بيعهم؟ قال إن لم يكن الحالف سفيهاً فلا أرى له
بيعهم.219/ 4
[4/ 219]
(4/219)
فيمن حلف ألا يضع من الثمن فأقال
أو أخره أو حلف ألا ينظره فوضع وتعجل
أو ألا يعير أو ألا يحط فوهب
أو أن لا يسلف فأخر أو ألا يصالح خصمه فأعطاه دعواه
من المجموعة عن ابن القاسم قال مالك: من باع جارية كان حلف ألا يضع من
ثمنها شيئاً هل يقيله؟ قال لا رب إقالة خير من وضيعة. قال عنه غيره ولو حلف
بعد البيع ثم أقاله لحنث. قال ابن القاسم ووجه قوله إذا كانت السلعة قيمتها
يومئذ أقل من الثمن، فأما مثل الثمن فأكثر فلا يحنث، وهو كعرض أخذه فى
الثمن.
ومن العتبية زكذلك روى أصبغ عن ابن القاسم، وقال أصبغ كمن حلف ليوفينه
طعاما من بيع فأقاله منه، فإن لم يكن فى الثمن وفاء به لو اشترى حنث.
قال عنه عيسى ومن حلف ألا يعير فلاناً ثوباً فوهبه فإن أراد ألا ينفعه حنث،
وإن لم يرد المنفعة فلا شىء عليه.
ومن باع سلعته فردت عليه بعيب فسأل المبتاع أن يصبر عليه بالثمن وقد كان
حلف أن لا يسلف أحداًفصبر عليه، قال ابن القاسم فهو حانث.
ومن المجموعة قال أشهب عن مالك فى وصى باع شيئاً من التركة وحلف بالطلاق أن
لا يضع شيئا من الثمن، فسأله المبتاع أن ينظره فسأل فأفتى أن لا شىء عليه
فأنظره، فليحلف ما أراد الإنظار وما نوى إلا الوضيعة ولا شىء عليه.
قال عنه ابن نافع فى المبتاع يسأل البائع حطاط ثلاثة دنانير فيحلف لا حطه
إلا أقل من دينارين ونصف، فتبرع أخو الحالف بغرم ما بقى، فإن لم يكن من مال
الحالف فلا شىء عليه.
[4/ 220]
(4/220)
قال مالك فيمن حلف ألا يضع من دينه فأخر
به، قال رب نظرة خير من وضيعة، تكون للعشرة أحد عشر. قيل فما حده؟ قال قدر
ما يتقاضاه اليوم واليومين.
قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف ألا ياخذ أقل من مائة دينار فى دين وجب له،
فأخذ خمسين وأخر الخمسين، فلم ير أن يؤخره شىء، وكذلك البيع.
قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك وإن حلف أن لا يضع من ثمن سلعة فقضاه
تاما ثم سأله المبتاع أن يهب له ما شاء، قال إن كانت يمين غليظة فلا يفعل،
وإن كانت تكفر فأحب إلى أن يفعل ويكفر.
وكذلك هى فى العتبية من سماع ابن القاسم قال وإذا حلف البائع أن لا يقبل
ولا يضع وقد باع ثمراً فوجد فيه المبتاع ما كرهه، فقال خذ منى دينارا ورده،
فقال لا يفعل إلا بقضية فيكون ذلك مخرجاً.
قال اشهب وإذا حلف لا أنظره بدينه فأحاله به فقبل فلا يخرجه من يمينه. وقال
غيره من حلف ألا ينظر غريمه أو لا يقبه فوضع عنه فلا حنث عليه. قال سحنون
إن كان كره رجوع السلعة استثقالاً لها ونحوه فلا شىء عليه، وإن حلف على
الاغتباط بالثمن خفت عليه الحنث.
قال ابن حبيب: من حلف لا أنظره فوضع لم يحنث، وإن حلف لا وضع فأنظر حنث،
قاله مالك، إلا أن يؤخره اليوم واليومين على التقاضى فلا شىء عليه. وإن حلف
لا أقال فوضع لم يحنث، وإن حلف لا وضع فأقال فإن كانت تسوى الثمن وإلا حنث
إن لم تسو.
[4/ 221]
(4/221)
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن
حلف لا تسلف من رجل شيئاً، وكان عليه دين لرجل فسأله أن يؤخره ففعل فقد
حنث، وإن حلف لا أسلف أحداً فأخره غريمه بدينه حنث.
ومن المجموعة قال المغيرة: إذا سأله النظرة أو الوضيعة فقال إذا أنظرتك
وحلف ألا يضع له، لم يحنث إن أخره ها هنا لأنه بدل له ذلك. قال أشهب ومن
حلف لا باع سلعته إلا بعشرين فباعها بها وقبض ثم أقال منها فلا يبيعها بأقل
من عشرين ثانية.
قال ابن نافع عن مالك وإذا حلف ألا يضع من الثمن شئياً وقد سأله فى وضيعته
شيئاً فرضى إن وضع له دونه فلم يقبل، قال قد حنث.
وقد تقدم من معانى هذا الباب فى غيره قبله.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية فى البائع يحلف ألا يضع من ثمن السلعة
فقام فيها المبتاع بعيب فوضع له السلطان من الثمن فلا يحنث الحالف بذلك.
وبقية تمام معانى هذا الباب فى الباب الذى يليه.
ومن كتاب ابن سحنون وغيره عيسى عن ابن القاسم فيمن تخاصم مع رجل فى أرض ثم
حلف أحدهما ألا يصالح خصمه، فلما طال ذلك أعطى الحالف للآخر من الأرض كل ما
ادعى فلا حنث عليه. وإن أعطاه بعض ما ادعى فهو حانث إلا أن يكون نوى ألا
يسلم إليه من ذلك فهو حانث بكل حال.
قال سحنون يحنث وإن أعطاه كل شىء لأنه يحنث بالبعض فكيف بالكل.
[4/ 222]
(4/222)
فيمن حلف لا يقبل أو قال ولا أستقيل من
سلعة
باعها أو ابتاعها ثم اشتراها أو باعها
أو حلف على الشراء أو البيع فأقال
قال أبو محمد وهذا الباب كله فى الواضحة كله عن أصبغ، وهو فى المجموعة إلا
أنه كنى عن اسمه فقال: وقال غيره فيمن ابتاع سلعة وحلف ألا يقيل بائعها،
فإن باعها منه بأكثر من الثمن لم يحنث إلا أن يريد حرمانها له، وإن باعها
منه بأقل من الثمن بكل حال، لأن ذلك خير من الإقالة للبائع. ولو حلف ألا
يستقيل بائعها فباعها منه بأقل من الثمن أو أكثر فهو حانث، إلا أن يحلف على
الأنفة من الاستقالة فلا يحنث إن باعها منه بيعاً ظاهراً بزيادة أو نقصان.
وأما إذا حلف البائع ألا يقبل منها المبتاع فابتاعها منه بأقل من الثمن لم
يحنث إلا أن يريد ألا ترجع إليه، وإن كان باعها بأكثر من الثمن حنث، لأنه
أعطاه أكثر مما حلف عليه، والزيادة والنقصان فى المسألتين فيما يبرئه إنما
هو فى الأمر البين الظاهر الذى يكون بيعا مفارقاً للإقالة وما قاربها، فإن
حلف البائع أن لا يستقيل منها فاشتراها بأكثر أو بأقل حنث. وقوله لا أقيل
بخلاف قوله لا أستقيل، إلا أن يحلف على منفعة المبتاع فتركها فى يديه وكان
على الأنفة من الاستقالة، قال يحنث إن اشتراها شراء ظاهرا بالزيادة
والنقصان على ما يحدث فيها من تغير السوق كغيرها.
وإذا ابتاع سلعة فحلف ألا يبيعها من بائعها فأقاله فيها فقد حنث. ولو أن
بائعها حلف أن لا يشتريها من مبتاعها فاستقاله فيها فهو حانث.
وإن حلف لا نقص فى سلعته من كذا فباعها به ثم أقال منها فلا يحنث إلا أنه
إن كان بحضرة البيع فاليمين عليه بحالها، وإن لم يقله بحضرة البيع وكان
بيعا صحيحا لا مدالسة فقد خرج من يمينه، ثم يبيعها بعد بما شاء.
[4/ 223]
(4/223)
ومن العتبية قال محمد ابن خالد عن ابن
القاسم قال: ولإذا حلف لا أقاله مبتاعه ولا وضع عنه فقضى السلطان عليه
بردها فلا حنث عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن باع بعيراً ثم استقال منه فقال المبتاع هو بدنة
إن أقتلتك، فقال البائع هو لأمرأتى فأقاله، قال مالك إن كان بقضيه لم يحنث،
وإن أطال حنث.
قال أبو محمد أراه يريد قضى أنه للمرأة فليشتر بدنة ويهديها. قال ابن
المواز هذا إن فات، وإن لم يفت فليهده بعينه ألا أن تقوم للمرأة بينة.
فيمن حلف ألا يبايع فلانا فبايع وكيله أو من هو لسببه
أو حلف لا باع له فباع لمن ذكرناه
من المجموعة ذكر قول ابن القاسم فى الحالف لا باع من فلان فباع من وكيله
ولم يعلم أنه إن كان من سببه أو ناحيته حنث. وكذلك إن قال لا بعت له فباع
لمن هو سببه ثوباً له ولم يعلم. وقال أشهب إنما يحنث إذا علم أنه من سبب
المحلوف عليه فى الوجهين. قال ابن حبيب قوله من ناحيته هو وكيله يدير أمره
أو أب أو أخ ممن يلى أمره، فأما الصديق والجار والجلساء فلا. وإذا كان ممن
ذكرنا أنه من ناحيته فلا يبالى علم به الحالف أو لم يعلم فإنه يحنث. فإن
كان خليطا أو جاراً أو صديقاً فلا يحنث علم به أو لم يعلم حتى يعلم أنه
إنما يبتاعه له، إلا الخليط المعامل القائم ببعض أموره فهو يحنث، وهو كمن
هو سببه، وقاله مالك فى ذلك كله.
[4/ 224]
(4/224)
ومنه ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك
فى دار بين رجلين حلف أحدهما لا باع نصيبه من شريكه، فباع من أجنبى فأخذه
الشريك بالشفعة، قال لا شىء عليه وإن كانت نيته على الخروج او لا نية له
فقد حنث.
ومن المجموعة قال مالك: ومن حلف لا أشترى من فلان فلا يشترى من عنده ولا
يشترى الحالف من المشترى منه. قال ابن القاسم إن استشركه بحضرة البيع حنث
لأن عهدته على البائع الأول، وإن كان بعد أن بان عنه وتباعد لم يحنث، ولو
شرط ها هنا عهدته على البائع لم يجز.
قال فى كتاب ابن المواز: ولو باع منه بحضرة البيع فالعهدة على البائع
الثانى، إلا أن يشترط على الأول فيلزم، ولو تفاوت البيع لم يلزم الشرط
والعهدة على الثانى.
قال ابن القاسم عن مالك: ومن حلف لا يشترى لامرأته ثوباً فاشترى لنفسه ثم
ولاها فكره ذلك. قال ابن القاسم وإن صح ذلك منها لم يحنث، ولاها أو ربح
عليها، وإن عملا على الدلسة فى يمينه حنث.
وقال فى العتبية استثقل مالك أن يوليها قال ابن القاسم فإن فعل لم يحنث إلا
أن يكون عند مواجبة البيع وحضور البائع الأول لأن عهدتها حينئذ على البائع
الأول وقاله مالك.
ومن المجموعة وقال عن مالك فى امراة أنفقت فى دار زوجها نفقة فحلف بالطلاق
لا أسكنها بتلك النفقة إلا أن يقضى عليه، ثم حلف ثانية لا أسكنها
وليخرجنها، فأراد رجل أن يكترى منه الدار ويسكنها، قال لا أحب ذلك، ولو
أكراها رجل على الصحة من غير قصد لهذا جاز، فأما وهما عالمان حتى يقاربه
ويكون منه ما يحلل يمينه فلا. ولو خرجت وتركت متاعها لحنث.
[4/ 225]
(4/225)
ومنه ومن العتبية عن ابن القاسم وأشهب وابن
وهب وعمن حلف لا يبيع من فلان أبدا ثوبا لنفسه ينوى قطع نفعه وإن فارقه
وينوى أن يبيع منه ما يشتريه لغيره، فباع منه ابن الحالف ثوبا وهو فى حجره،
فإن كان لا ينفذ له بيع ولا شراء إلا بأبيه فهو حانث إن أجاز بيعه، وإن كان
هو يلى البيع والشراء وربما استشار آباه فلا شىء عليه، وقاله أشهب.
قال فى المجموعة: وإن ابتاع منه مقارض للحالف لم يحنث، وإن أدرك المبتاع لم
يفت فليس له رده ولا يحنث. ولو باع منه شريكه مفاوضةً يحنث، وإن كان غير
مفاوض فإن أجاز البيع حنث وإن رده لم يحنث.
وإن حلف لا باع من فلان لأنه مطله فلا يبيع من مقارضه وهو كوكيله. قال ابن
نافع عن مالك وإن حلف لا أكرى أرضه العام من فلان فوجد وكيلاً له قد أكراها
منه فرد ذلك، فهل يكريها من أخ له؟ قال أما من رجل يريد أن يدخله فيها أو
من أجله أو هو شريك له فى المال فلا، ولكن إن خاصموه حتى يقضى عليه.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن حلف لا كفل له فكفل لوكيله عن رجل، فإن لم يعلم
ولم يكن المتكفل له من سبب المحلوف عليه لم يحنثن وإن كان من سببه حنث. قال
ابن المواز قال أشهب إن لم يعلم أنه من ناحيته أو من وكلائه أو من حشمه أو
من أعوانه أو من ينسب إليه لم يحنث، فإن علم بذلك حنث.
قال ابن القاسم: ومن له قبل رجل دناينر فحلف لا أخذها دراهم فأحال بها
رجلاً فأخذ بها دراهم فلا يحنث الحالف قال أشهب: ومن حلف لا عامل رجلاً
فعامله مقارض للحالف لم يحنث، إلا أن يعلم فيقره، فإن كان المحلوف عليه
مقارضاً فشاركه الحالف حنث.
من العتبية أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف ألا يبيع من رجل ثوباً فكره أن
يبيع من مقارضه.
[4/ 226]
(4/226)
فيمن حلف ليبيعن
أمته ممن يغربها أو يخرج بها
أو ابتاعها وحلف ألا يجزيها البحر
من كتاب ابن المواز ومن العتبية روى عيسى وأصبغ عن ابن القاسم فيمن قال
لعبده أنت حر إن بعتك إلا ممن يجيزك البحر، فباعه ممن حلف له ليجيزنه البحر
بحريته، ثم باعه المبتاع أو أبقى قبل أن يجيزه، قال يعتق على الأول. قال
ابن المواز وقاله أصبغ ولو باعه المشترى ممن أجازه البحر لم ينتفع بذلك
الأول وعتق عليه.
قال عيسى عن ابن القاسم ولو حلف لا بعتك إلا ممن يحلف أن يجزيك البحر، وفى
رواية أصبغ عنه فى كتاب ابن المواز: ولو حلف لا أبيعنك إلا ممن يحلف أن
يجيزك البحر، قالا عنه لم يكن عليه شىء وعليه القيام على المبتاع حتى
يجيزه.
روى عنه محمد بن خالد فى العتبية قال إذا حلف ليبيعنها ممن يجيزها البحر
فباعها بذلك الشرط فأولدها المبتاع وأعتقها فلا شىء على الحالف، ويسلك بها
مسلك التى تباع على أن تتخذ أم ولد.
من كتاب ابن المواز: وإن باعها بشرط ممن يجيزها البحر فوطئها المبتاع قبل
يجزيها فحملت، فإنه يحنث البائع وتعتق عليه، ويرد على المشترى الثمن إذا
أراد بيمينه تغريبها، وله قيمة الولد على المبتاع. وإن كان إنما أراد أن
يشترط ذلك على مبتاعه فلا تعتق وترد إلى القيمة يوم باعها إن كانت أكثر حتى
يتم البائع ما وضع للشرط.
قال ابن المواز: لا شىء له فى قيمة الولد لأنها عتقت عليه وهى حامل.
وكذلك من استحق أمة وهى حامل فأعتقها فلا شىء له من قيمة الولد. وكأم الولد
تعترف بعد موت سيدها أو المكاتبة بعد الأداء، فقد عتق الولد بعتقها. قيل
فإن أجازها البحر بعد أن حملت من أيخرج البائع بذلك من يمينه؟ قال ما أظن
ذلك يخرجه من يمينه.
[4/ 227]
(4/227)
من كتاب ابن المواز والعتبية قال أصبغ عن
ابن القاسم: إذا حلف ليبيعنه ممن يخرج به إلى الشام فباعه على ذلك فمات
مبتاعه قبل يخرجه، فإن كانت نيته ليشترط ذلك فلا شىء عليه، وإن كانت نيته
على الخروج أو لا نية له فقد حنث. قال أصبغ جيدة ومحمل نيته الإخراج حتى
ينوى غيره. وفى المجموعة عن أشهب مثله. قال ابن المواز لم يبر ويفسخ البيع
إلا أن يموت فيحنث البائع فتكون فيه القيمة.
قال ابن حبيب فيمن باع أمته واستحلف المبتاع ألا يجيزها البحر فباعها
المبتاع من رجل لا يدرى أن يجيزها البحر فأجازها فهو حانث، علم أن يجيزها
أو جهل، حتى يأخذ عليه أن لا يفعل، كما أخذ عليه هو. وقاله أصبغ، وكذلك روى
العتبى عن أصبغ.
فيمن حلف ليشترين عبد غيره أو حلف بعتقه
أو ألزمه نفسه بثمن وذكر ما يقضى به
من عتق أو صدقة فى يمين أو فى غير يمين
ومن الواضحة: ومن حلف بعتق عبد غيره فحنث لم يلزمه شىء، ولا إن ملكه يوماً،
ولو رضى ربه أن يلزمه إياه بقيمته أو بثمن ما يلزمه حتى يقول هو حر من مالى
بخمسين فيسمى ثمنا، فإن رضى ربه بذلك لزمه أخذه وعتق عليه.
ولو قال له بعنى غلامك بقيمته وهو على حر فرضى ربه بذلك لازم للقائل بقيمته
كبيع فاسد فات فيه. وكذلك لو قال هو حر فى مالى بقيمته فرضى ربه، وكذلك قال
مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ وغيره.
قال أبو محمد ابن أبى زيد وهذا موعد فى كتاب العيوب.
[4/ 228]
(4/228)
قال وإن قال لرجل إ بعتنى سلعتك فلم أشترها
فهى صدقة، فرضى ربها ببيعها منه بالقيمة أو بأقل فلا يلزمه شىء حتى يقول
فهى صدقة من مالى بكذا وكذا دينارا فيرضى له بما سمى فيلزمه بالقضاء، ولا
يقضى عليه بصدقتها ويؤمر أمراً، بخلاف العتق. وفى العتق يجبر لحرمته فإنه
يجبر عليه، خرج عن يمين أو غيرها، ولا يجبر فى الصدقة فى يمين حتى يكون
تطوع بر فيقضى بها.
وقالابن المواز أما على المساكين فلا يقضى فيه ويؤمر لأنهم مجهولون، وأما
النفر بأعيانهم فيقضى لهم إذا قاموا به.
وهذا له باب مفرد فى كتاب الهبة والصدقة.
قال ابن حبيب: وإن قال إن بعتنى سلعتك ولم أشترها فثمنها صدقة فى المساكين،
فهذا إن رضى أن يبيعها منه بثمنها الذى هو ثمنها فلم يقبلها فعليه أن يتصدق
بقيمتها بالفتيا لا بالقضاء، وهو بخلاف قوله فهى صدقة، وقاله أصبغ.
[4/ 229]
(4/229)
صفحة بيضاء
(4/230)
|