النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آل محمد وسلم

كتاب الضحايا
ذكر وجوب الضحية
ومن يلزم الرجل أن يضحى عنه
وهل يشرك فى الضحايا
قال مالك: قال الرسول عليه السلام: أمرت بالنحر وهو لكم سنة. وقال ابن حبيب تارك الضحية وهو قادر عليها آثم. وقال غير واحد من أصحابنا البغدادين يدل على أنها غير واجبة قول النبى عليه السلام: ومن رأى منكم هلال ذى الحجة وأراد أن يضحى فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره شيئاً حتى يضحى.
واستدل بعض من أوجبها بقول النبى صلى الله عليه وسلم للذبح قبله فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد فقال ليس عندى إلا جدعة من المعز فقال اذيحها ولا تجزىء أحداً بعدك، وهو أبو بردة بن دينار.
[4/ 309]

(4/309)


ومن كتاب ابن المواز وغيره قال مالك هى سنة واجبة لا ينبغى للقادر عليها تركها من أحرار المسلمين إلا الحاج بمعنى، وهى على الصغار والكبار من ذكر وأنثى حاضر وباد مقيم أو مسافر.
قال ابن حبيب وللفقير غن وجد ثمنها أو وجد من يسلفه فيستلف وحكاه عن مالك. قال أشهب وهى أحب إلى من الصدقة بثمنها. قال ربيعة هى من الأمر اللازم، وهى أفضل من صدقة سبعين دينارا. قال ابن حبيب وهى أفضل من العتق ومن عظيم الصدقة لأن إحياء السنة أفضل من التطوع.
قال مالك وليس على الحاج أضحية، فإن أراد جعلها هدياً على سنة الهدى. قال ابن حبيب إلا أن الهدى للحاج رغيبة، والضحية لغير الحاج سنة واجبة تاركها مؤثم.
قال فى كتاب ابن المواز فى تارك ذبح أضحيته حتى زالت أيام النحر قد أساء فى تعمده وفاته خير كثير فى نسيانه. وقال ابن القاسم فى المدونة قد أثم فى تعمده.
قال مالك فى سماع أشهب وابن وهب: والصدقة بثمنها أحب إلى للحاج من أن يضحى قال أشهب والضحية بمنى بالإبل والبقر أحب إلى من الغنم وإن كنت لا أرى على من بمنى أضحية. والضحية لسائر الأمصار بالغنم أحب إلى.
ومن كتاب ابن المواز والمختصر: ومن لم يحج من أهل منى ومكة فليضح.
قال ابن المواز قال مالك ولا ينبغى أن يذبح أضحيته عن نفسه وعن اجنبى تطوعاً، وإنما ذلك فى أهل البيت، ولا يدخل يتيمه فى أضحيته، ولا يشرك بين يتيمين فى أضحية وإن كانا أخوين، وإنما يدخل فى أضحيته إن شاء أهله وولده ووالديه الفقيرين، وإن كنا نحب للواحد فى أهل بيت أن يذبح على كل نفس شاة. وإن كان أبواه مليين فإن ضحى عنهما فعن كل واحدة شاة.
[4/ 310]

(4/310)


محمد. وأما جده فكالأجنبيين لا يضحى إلا عن كل واحد بشاة، إلا أن يكون زوجها الجد فيدخلهما فى شاة، كما لو بعثها إلى الجد فذبحها الجد عنه وعن زوجته.
وقال ابن ميسر وإنما ذلك بإذن الجد. قال محمد وكذلك إن ذبح عن جده وعمومته وعماته الصغار الذين يدخلهم الجد فى أضحيته من عياله، وهو كله رأى محمد.
قال مالك فيمن ابتاع أضحيته ثم أراد أن يذبحها عن أمة فذلك له. قال ابن القاسم ولو ابتاعها ليكون عن نفسه فله أن يدخل فيها أهله وقاله مالك.
ولا يضحى عن أم ولد ولا عن من فيه بقية رق ولا عن من البطن ولا عن ميت. ابن حبيب وغيره قال مالك وإنما يضحى عن امرأته إن شاء وإن أدخلها فى أضحيته أجزأها وإن يفعل فذلك عليها بخلاف الفطرة.
قال ابن حبيب وليس على من فيه رق أضحية ولا على سيده فيهم لا أم ولده ولا غيرها، إلا أن يشاء أن يضحى عنهم أو يدخلهم فى أضحيته أو يأمرهم بذلك من أموالهم أومن فذلك حسن.
قال ابن حبيب: وعلى الرجل أن يضحى عنه وعن أولاده الصغار الفقراء الذكور حتى يحتملوا ن والإناث حتى تزول عنه نفقتهن. ولو كانوا أملياء لم يلزمه ذلك عنهم إلا أن يشاء.
ابن حبيب وليس عليه أن يدخل فى ضحيته من بلغ من ولده وإن كان فقيرا إلا أن يشاء لسقوط نفقته عنه، فإن أدخله فى أضحيته أجزأ ذلك الولد فقيراً كان أو ملياً إذا كان فى نفقته أبيه، وفى بنيه وكذلك الصغير الموسر.
[4/ 311]

(4/311)


قال ولو أدخل فى أضحيته من قد ضمه إلى عياله من أخ أو ابن أخ أو قريب فذلك يجزىء عنهم ولا يجزىء إدخال الشريك والمرافق له فى السفر ونحوه من الأجنبيين فى ضحيته.
قال ابن المواز: فإن ذبح أهل المسافر عنه بأمره بعد ذبح إمام بلدهم وقبل ذبح إمام البلد الذى فيه المسافر فذلك يجزئه وكذلك عليهم.
قال مالك: وإن أمر أهله يضحون عنه أجزأه. وكونها معه أحب إلى.
ومن العتبية وغيرها من سماع ابن القاسم قال مالك تجزىء البقرة والبدنة فى التطوع يذيحها عنه وعن أهل بيته عن سبعة وأكثر فى الضحايا، والكبش يذبحه عن أهل البيت، ولا يشرك فى البدن فى تطوع ولا غيره فى الهدى وإن كان أهل بيت واحد.
قال أشهب عن مالك فى يتيم له ثلاثون ديناراً أيضحى عنه وليه بشاة بنصف دينار؟ قال نعم. قال ابن حبيب يلزم من ماله فى يده من وصى أو غير وصى أن يضحى عنه منه، ويقبل قوله فى ذلك كما يقبل قوله فى النفقة عنه سواء.
ومن العتبية قال أشهب قلت لمالك: أيضحى عن أمهات أولاده؟ قال إن شاء وهو من ذلك فى سعة. قال عيسى عن ابن القاسم فى أهل الصائفة فى أرض الروم يضحون من غنمهم قال لا بأس به.
قال ابن حبيب وإذا ولد يوم النحر أو فى أيام النحر وقد ضحى أو لم يضح فعليه أن يضحى عنه، وكذلك من أسلم حينئذ فذلك عليه عن نفسه، بخلاف الفطرة.
من كتاب ابن المواز: وسئل مالك عن رفقاء فى سفر فى بيت لهم نفقة أخرجوها، فلا يجوز لهم أن يشتروا منها كبشاً يضحون به عنهم، ولا يشترك فى الضحية.
[4/ 312]

(4/312)


ذكر وقت ذبح الضحية وذكر أسنانها وما يجزىء منها
وما يتقى فيها من العيوب ومن ذبح ذات عيب
وذكر الأيام المعلومات ويوم الحج الأكبر
قال محمد بن المواز قال مالك: الأيام التى يضحى فيها يوم النحر ويومان بعده إلى غروب الشمس من آخرها. قال محمد وقاله على ابن أبى طالب وابن عباس وابن عمر وأنس وكثير من التابعين. وأما ما روى عن عمر ابن عبد العزيز عن الحسن أن الأضحى ثلاثة أيام بعد يون النحر فقد عيب ذلك، وقد قال يونس إن الحسن قال الشهر كله.
قال مالك: ويوم الحج الأكبر يوم النحر. قال غيره سمى الأكبر لن المشركين كان يقف بعضهم بعرفة وبعضهم بالمشعر، ثم يأتى من عرفة ويقف يوم النحر بالمشعر فصار فيه اجتماعهم، فأمر أن ينذرهم بسورة براءة فى أكبر مجتمعهم، وهى آخر ليلة هذا اليوم من طلع عليه فجرها ولم يقف بعرفة فاته الحج. والليلة من اليوم.
قال مالك والأيام المعلومات أيام النحر، والأيام المعدودات أيام التشريق وهى ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
قال ابن حبيب وغيره واليومان بعد يوم النحر معدودات معلومات، ويوم النحر من المعلومات خاصة، والرابع من المعدودات خاصة ولا ذبح فيه، رواها ابن وهب.
وعن عمر وعلى ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وأفضل الذبح فى هذه الأيام فى أولها بعد ذبح الإمام.
محمد ولا يراعى فى اليوم الثانى والثالث ذبح الإمام ولا غيره، ولكن إذا أرتفعت الشمس وحلت الصلاة. ولو فعل ذلك بعد الفجر أجزأه فى هذين اليومين.
[4/ 313]

(4/313)


قال مالك والصواب ذبح الإمام كبشه بالمصلى بعد نزوله عن المنبر، ثم ذبح الناس بعده فى منازلهم. فإن أخره الإمام إلى داره جاز ذلك، ولغير الإمام ذبح أضحيته فى المصلى عبد ذبح الإمام، وقد فعله ابن عمر. وأما فى الهدى فله أيذبح قبل ذبح الإمام بخلاف الأضحية وإذا تحرى أهل البادية ذبح الإمام فذبحوا قبله. فقال ابن القاسم يجزيهم، وروى أشهب عن مالك لا يجزيهم، قال محمد وهذا أحب إلينا.
وذكر ابن حبيب عن ربيعة إن ذبحوا بعد طلوع الشمس أجزأهم وإن كان قبل الإمام، وإن كان قبل طلوع الشمس لم يجزهم.
وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك إذا تحرى أهل البادية صلاة أقرب الأئمة إليهم فذبحوا قبله فإنه يجزيهم مثل رواية ابن القاسم.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولو ذبح الحضرى عبد انصراف الإمام وقبل ذبحه فى وقت لو ذبح الإمام فى المصلى، فإن هذا إذا ضحى قبله لم يجزه إلا أن يتوانى الإمام بعد وصوله إلى داره. فمن ذبح فى وقت لو ذبح الإمام فى المصلى، فإن هذا إذا ضحى قبله لم يجزه إلا أن يتوانى الإمام بعد وصوله إلى داره. فمن ذبح فى وقت ولو لم يتوان الإمام وذبح فى داره كان هذا ذابحاً بعده أجزأه.
وإذا ذبح عن المسافر أهله فإنما يراعى ذبح إمامهم لا بعد ذبح إمام البلد الذى هو فيه. وروى عن أشهب أن الإمام إذا أخر الذبح فيذبح الناس ولا ينتظرونه.
وقال أبو المصعب إذا أخطأ الإمام أن يذبح فى مصلاه، فمن ذبح بعد ذلك فذلك له جائز.
قال ربيعة: من كان فى غير جماعة حيث ليس ثم إمام يفتدى بذبحه فذبح قبل طلوع الشمس فلا يجزئه، وإن ذبح بعد طلوعها أجزأه وإن كان قبل ذبح الإمام.
[4/ 314]

(4/314)


ومن الواضحة قال: ووقت ذبح الضحايا فى أيام الذبح من الضحى إلى زوال الشمس، ويكره بعد ذلك إلى العشاء. فمن جهل فذبح حينئذ أجزأه، ومن ذبح بليل لم يجزه، وقاله كله مالك.
وأما من لم يضح إلى عشاء اليوم الثالث فهذا يؤمر أن يضحى حينئذ. فأما إذا زالت الشمس فى اليوم الأول فهذا يؤمر بالصبر إلى ضحى اليوم الثانى. وكذلك إن زالت الشمس فى اليوم الثانى فهذا يؤمر بالذبح فى ضحى اليوم الثالث.
قال مالك فى المختصر وغيره: وفحول الضأن فى الضحايا أفضل من إناثها، وإناثها أفضل من فحول المعز، وفحول المعز من إناثها، وإناثها أفضل من الإبل والبقر فى الضحايا. وأما فى الهدايا فالإبل والبقر أفضل.
ومن كتاب ابن القرطبى: ثم ذكور الإبل فى الضحايا ثم إناثها ثم ذكور البقر ثم إناثها.
ومن الواضحة روى ابن وهب عن عدد كثير من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يستحسنون الضحية بكبش عظيم سمين فحل أقرن أملح ينظر بسواد ويسمع بسواد ويشرب بسواد، والفحل أحب إليهم من الخصى، والخصى أحب إليهم من النعجة والنعجة أحب إليهم من التيس، والحليل السمين أحب إليهم من غيره.
وأمر النبى عليه السلام باستشراف العين والأذن وقال: دم عفراء أحب إلى من دم سوداوين ويقال إن قربان ابنى آدم كبشان فتقبل السمين ولم يتقبل المهزول.
قال ابن حبيب والخصى السمين أفضل من الفحل المهزول، والفحل السمين أفضل من الخصى.
[4/ 315]

(4/315)


ومن موطأ ابن وهب قال ابن شهاب فى الخصى إن الخصى لا ينقصه شيئا. وقال ربيعة: الفحل أحب إلى أن يضحى به الخصى. وقال عطاء فى المكسورة القرن التى قد جبرت: لا بأس أن يضحى بها. وقال مالك مثله فى التى يصيب عينها الشىء أو يصيب ظهرها فيداوى فتبرأ، فلا بأس بالضحية بها.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية لا بأس بالضحية بمكسورة القرن إذا لم يدم وهى كالجلحاء. ابن المواز لا بأس بمستأصلة القرنين كالجلحاء.
قال ابن حبيب: لا يضحى بها وهى العضباء التى نهى عنها، كانت تدمى أو لا تدمى، وإنما يراعى دمها فى كسر خارج قرنها، فإن لم يدم فهى جائزة، وذكر نحوه عن النخعى، وهى القصباء والذكر أقصب.
وكذلك نهى عن عضباء الأذن وهو قطع نصفها أو ثلثها، قاله ابن المسيب وأما اليسير من قطع أو شق فلا بأس به، وكثير الشق هى الشرقاء، وقد نهى عنها، وهى العطوى والخرقاء التى فى آذانها ثقب مستدير فى مقدم الأذن ومؤخرها. وربما ترك معلقا كأنه زنمة. والجدعاء المقطوعة الأذن، قال ابن المواز والنصف عندنا كثير من غير أن يجد فيه حدا.
ومن كتاب ابن حبيب وفى الواضحة، والجد أخذ الضرع يابسة الضرع والمصرمة المقطوعة الإطاء والبنزاء المقطوعة نصف ذنبها أو ثلثه. وما أقل من ذلك فلا بأس به. وأما الترماء التى لا تجزىء فهى التى تسقط أسنانها من كبر أو كسر، فأما من إثغار فجائز. قال ابن المواز: ولو خلقت بغير أذنين خلقاً ناقصاً لم يجز أن يضحى بها.
من كتاب ابن حبيب قال ابن المواز فى الشطر الضرع إن كان يبس كله فلا يجوز، وإن كان يرضع ببعضه فلا بأس به.
[4/ 316]

(4/316)


قال محمد ونهى عن الجداء وهى المصرمة عن الإطا، وعن الهيماء والجرباء والعجفاء.
وروى عن سحنون فى التى أقعدها الشحم أنه لا بأس بالضحية بها. وقال أشهب فى الكسيرة القرن إن كان يدمى فلا يضحى بها، فإن فعل أجزأه، وفى رواية ابن القاسم قال مالك هى كالمريضة.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية لا بأس أن يضحى بالهرمة. قال أصبغ فى موضع آخر، ما لم تكن بينة الهرم.
قال فى كتاب ابن المواز وإذا سقطت أسنانها من إثغار أو هرم أو خفيت فلا بأس بها، وإن كان من غير ذلك فلا يضحى بها. وكذلك قال مالك فى العتبية من سماع ابن القاسم، قال ابن القاسم فى كتاب محمد إلا أن تكون سقطت لها واحدة فلا بأس بها فذلك جائز. قال ابن القاسم فى الجرباء إن كان مرضاً فلا يجزىء.
ومن موطأ ابن وهب قال ابن شهاب: لا يجزىء مسلولة الأسنان، ويرى الجدع ثلث الأذن ومن أسفل منها.
وسئل ابن المسيب عن عطباء الأذن فقال النصف فما فوقه. وقال ابن حبيب إن طرحت سنها ورباعيتها من غير إثغار لم يجز.
واستخف مالك العرج الخفيف لا يمنعها أن تسير بسير الغنم. ولا بأس بالجلحاء وهى الحماء، والسكاء وهى صغيرة الأذنين وهى الصنعاء، ولا بأس بالكسيرة التى قد انجبرت، وقاله أشهب عن مالك فى العتبية قال ابن المواز وإذا أخذ أضحية للذبح فاضطربت فانكسرت رجلها لم تجزه. قال ابن حبيب إلا
[4/ 317]

(4/317)


أن ينالها ذلك أو تفقأ عينها من اضطرابها بعد الذبح فلا شىء عليه. محمد ولا بأس باليسير يقطع من الذنب والثلث عندنا كثير ومن العتبية أشهب عن مالك إن قطع من قبضة فليخلها إن وجد غيرها. قال مالك ولا يضحى ولا يعق بشىء من الوحش والطير، وذلك بالأنعام.
قال وإذا وجد جوف الضحية بعد الذبح فاسدة، فإن لم تكن مريضة فهى مجزئة.
قال ابن حبيب: ومن جهل فضحى بما لا يجزئه من ذات عيب فلا يبيع لحمها وإن أبدلها، لأنه ذبحها لنكسه وإن جهل ولم يعلم بالعيب. وكذلك التى تضطرب قبل الذبح فتنكسر رجلها أو تفقأ عينها فيتمادى فيذبحها فلا يجزيه، ولكن لا يبيع لحمها.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: ومن ظن أن يوم التروية من أيام النحر فنحر فيها أضحيته، قال يعيدها، ولا يبيع ذلك اللحم، كمن نحر قبل الإمام يوم النحر.
قال ابن حبيب: والأملح ما كان بياضه أكثر من سواده، والجذع من الضأن والمعز ابن سنة وقاله أشهب وابن نافع.
وروى عن ابن وهب فى غير الواضحة أنه ابن عشرة أشهر. وقال سحنون عن على بن زياد إنه بن ستة أشهر قاله سحنون.
قال ابن حبيب: والثنى ابن سنتين، والجذع من البقر ابن سنتين، والثنى ابن أربع، وجذع الإبل ابن خمس سنين والثنى ابن ست سنين. ولا يجزىء الجذع فى شىء من الأنعام فى ضحية أو هدى أو عقيقة أو نسك إلا فى الضأن خاصة.
قال محمد قال مالك: والثنى من الضأن أحب إلى، وهما جميعا جائزان.
[4/ 318]

(4/318)


وجه العمل فى ذبح الضحية ونحر الهدى والتسمية
وفى الأكل منها والصدقة وذكر جنينها وصوفها ولبنها
من العتبية قال مالك من سماع ابن القاسم: نحر البدن قياماً أحب إلى، ورآه وجه الأمر. قال والبقر والغنم تضجع فتذبح، ويلى نحر بدنته وذبح أضحيته بيده أحب إلى وليقل بسم الله والله أكبر، فإن قال (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) فواسع، ولم ير قوله اللهم منم وإليك مستحسناً ولم ير العمل به.
قال عيسى سئل ابن القاسم أيضجع أضحيته على أى شقيها شاء؟ قال الثواب على شقها الأيسر على ما مضى من عمل المسلمين، ولو فعل ذلك جاهلاً لم يحرم أكلها عليه.
قال ابن حبيب وروى ابن وهب أن النبى صلى الله عليه وسلم فى الضحية وغيرها أمر بحد الشفار قبل أن تصرع وأن يواريها عند أخذها. وتوضع بالأرض عند الذبح وضعاً لينا رفيقا.
قال ابن حبيب ومن اكتفى بالتسمية أجزأه، ومن أحب أن يزيد منك وبك ولك فتقبل منى كما تقبلت من خليلك إبراهيم فعل. وقد روى أن النبى عليه السلام فعله. ومن اقتصر على التسمية فلا أحب أن يدع اللهم تقبل منى إنك أنت السميع العليم، أو ربنا تقبل من فلان ومن آل فلان أو قال عن فلان وآل فلان فهو حسن إذا أدخل أهله معه فيها.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولا يتولى ذبح أضحيتك غيرك، ولكن تليه بنفسك. قال محمد: إلا من ضرورة أو ضعف، قال ابن حبيب أو كبر أو رعشة به أو نحو ذلك فيولى بذلك غيره مسلماً.
[4/ 319]

(4/319)


قال محمد قال مالك: فإن أمر مسلم غيره من غير عذر فبأس ما صنع ويجزيه. وروى ابن وهب عن مالك فى سماعه وذكر مثله ابن حبيب عن مالك وحكى عنه ابن حبيب قال: إن وجد سعة فأحب إلى أن يعيد ويذبحها نفسه صاغراً فهو من التواضع لله سبحانه، وكما فعل النبى صلى الله عليه وسلم.
قال محمد: ولتل المرأة ذبح ضحيتها بيدها أحب إلى. وكان أبو موسى الأشعرى يأمر بناته بذلك.
محمد قال ابن القاسم: ومن أمر نصرانياً بذبح أضحيته ففعل لم يجزه، ولا ينبغى له بيع لحمها. قال ابن وهب قال مالك: أرى أن يعيد أضحيته، وقال أشهب فى غير كتاب ابن المواز إنها تجزئة وقد أساء.
قال سعيد بن جبير ولا بأس أن يلى سلخها. قال ابن حبيب فى قوله تعالى (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) فالشعائر معالم الحج وسننه وعمله، وقوله (لكم فيها خير) والخير الثواب (فاذكروا اسم الله عليها صواف) يقول تصف أيديها بالقيود عند نحرها. وفى قراءة ابن مسعود صوافن وهى المعقول منها يد واحدة من البدن وتصير قائمة على ثلاثة قوائم. وقرأ الحسن صوافى بمعنى أنها صافية لله سبحانه (فإذا وجبت جنوبها) صرعت للموت (فكلوا منها وأطعموا القانع) والقنوع فى اللغة قنوعان قنوع عفاف وقنوع سؤال، وقال الجعدى:
قليل المال يصلحه فيغنى مفاقرة أعف من القنوع
[4/ 320]

(4/320)


يريد السؤال، وهو تفسير ابن عباس فى هذه الآية، وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم ومالك فى تفسير مجاهد والنخعى والحسن وقتادة والضحاك: إن قنوع العفاف أن يجلس فى بيته ولا يسأل ولا يتعرض وأجمعوا أن (المعتر) الزائر المتعرض لما ينال من غير سؤال ولكل حق، وكله من البأساء (والبائس الفقير) (ولكن يناله التقوى منكم) يقول ما يبتغى به وجهه فذلك يصعد إليه.
قال محمد قال أشهب إن نتجت الضحية فلا يذبح ولدها ولا يجوز، وقال مالك إن ذبح مع أمه فحسن، وقال قبل ذلك إن تركه فليس بواجب ذبحه. قال ابن حبيب إلا أن يخرج بعد الذبح فعليه ذبحه كولد البدنة بعد إشعارها.
وما ولدت الضحية قبل الذبح فإن شاء ذبحه معها وإن شاء أبقاه، كما له أن يبيعه. وكذلك يفترق فى لبنها فيشرب لبن الضحية، وإن تصدق به فحسن. ولا يجوز له شرب لبن البدنة ولا ما فضل عن فصيلها، وكذلك قال مالك.
قال أبو بكر قال أشهب: له أن يجز صوفها قبل الذبح وبعده، وكذلك اللبن.
ومن العتبية قال أبو زيد ضحى ابن القاسم بنعجة حامل فركض ولدها عند الذبح فى بطنها فأمر بتركها حتى ماتت ثم شق عنه فأخرج وأمر السكين على حلقه فسال دمه فأمر أهله فشووا له منه.
قال ابن حبيب: وينبغى أن يأكل منها ويطعم، وكذلك البدن كما قال الله سبحانه. ولو أراد أن يتصدق بلحم أضحيته كله لغنائه عنه، كان كأكله له كله ولم يتصدق منه، حتى يفعل الأمرين جميعاً كما ذكر الله سبحانه، قال وكذلك قال مالك.
[4/ 321]

(4/321)


ويستحب أن يكون أول ما يأكل يوم النحر من أضحيته، قاله عثمان وابن المسيب وابن شهاب. قال ابن شهاب: يأكل من كبدها قبل أن يتصدق.
قال ابن المسيب: ويأكل يوم الفطر قبل أن يغدو. قال ابن حبيب وليس لما يأكل منها حد ولا لما يطعم، ويجزىء منه ما قل أو كثر، قاله مالك وابن المسيب والحسن وقتادة إذا أطعم منها الربع أجزأه. قال ابن حبيب: وهذا وما روى عن غيرهم الثلث فمن باب الاستحسان لا ضيق فيه، وليس عليه أن يعم منها القانع والمعتر والبائس الفقير، وهم كأصناف الزكاه المذكورين.
ومن كتاب ابن المواز: يستحب له أن يتصدق ببعض لحم أضحيته، ولو لم يتصدق بشىء منها جاز له. وكذلك له أن يتصدق به كله وهو أعظم لأجره. ولا بأس أن يطعم منها جاره الغنى وصديقه والحر والعبد، قاله مالك. وخفف مالك أن يطعم منها أهل الذمة، وقال إنما النهى عن ذلك فى المجوس، وقد خفف مالك أن يطعم منها جيرانه الكتابين ثم كرهه وكرهه ابن القاسم، إلا لمن فى عياله منهم.
واختلف قول مالك فى ظئر ولده النصرانية والكراهية واستحب ابن القاسم.
وفى العتبية أن ابن القاسم اختار إجازته. وإذا أطعم من الهدى الواجب الذى ليس له أن يأكل منه كتابياً أو عبداً فليبد له. واختلف قوله فى الغنى. وأما التطوع فلا بدل عليه. وكذلك ما له أن يأكل منه من الواجب إن أطعم منه نصرانياص فلا بدل عليه.
[4/ 322]

(4/322)


قال مالك فى العتبية

فى سماع ابن القاسم: لا بأس أن يهب جلد أضحيته لظئر ولده النصرانية ويطعمها من اللحم، وأن يهدى منه لجاره النصرانى. ثم كره ذلك كله وكلك قال فى العقيقة فى سماع أشهب.
قال ابن حبيب وأرخص ابن كنانة أن يطعم من الضحايا النصرانى. قال ابن حبيب: وجه الرخصة فيه عندى فيمن فى عياله من النصارى من مملوك أو أبويه أو أجيره وضيفه ومن غشية فى منزله. وأما تعمد البعث إليهم منه فلا يجوز ذلك، وكذلك فسره مطرف وابن الماجشون، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.

[4/ 323]

(4/323)


فى بدل الضحية والتغالى فيها، ومن مات عنها
أو عن لحمها. وفى جلدها يباع، وإذا ذهب عند
الصانع شىء منها وفى جز صوفها وبيعه
وذكر ما يرجع به من قيمة عيوبها
من العتبية قال أشهب: كره مالك تغالى الناس فى الضحية، قال وخير الهدى هدى محمد وأصحابه وليشتر كشراء الناس وإن غلت، فأما أن يجد بعشرة فيذهب فيشترى بمائة فإنى أكرهه ويدخل فى الناس مشقة.
قال ابن القاسم قال مالك فيمن ابتاع ضحية فسماها له أو لغيره ثم يريد أن يبدل أضحيته لغيره وهو يذبح ما سمى لغيره. قال أرى إن أبدلها بخير منها فلا بأس، وإن اشترى أضحيه فأراد أن يعطيها لأمه فلا بأس بذلك.
قال عيسى قال ابن القاسم: من باع أضحيته ليبتاع أفضل منها ثم وجد خيراً منها بدون الثمن، قال مالك لا يحبس من الثمن شيئا وليشتر به وأنكر الحديث فى ذلك. وأما إن تركها واشترى أفضل منها فلم يأت يوم النحر حتى صارت الأولى أفضل فليذبح الأفضل.
قال ابن حبيب: وإذا أبدلها بدونها يتصدق بما بين القيمتين أحب إلينا. وكذلك إن باعها واشترى بدون الثمن مثلها أو أخيراً أو أدون فليتصدق بما
[4/ 324]

(4/324)


استفضل، فإن شح فى الوجهين صنع بالفضل ما أحب، وكذلك قال من لقيت من أصحاب مالك.
وفى حديث حكيم بن حزام الذى أعطاه النبى عليه السلام ديناراً ليشترى ضحية فابتاعها ثم باعها بدينارين فاشترى أخرى بدينار وأتاه بها وبالدينار فتصدق به النبى صلى الله عليه وسلم ودعا له بالبركة. قال ابن القاسم أنكر مالك هذا الحديث.
قال فى كتاب ابن المواز: وإن ترك ذبح أضحيته حتى مضت أيام النحر فلا شىء عليه، وقد أساء فى تعمده وفاته خير كثير فى نسيانه.
قال ابن القاسم فى المدونة وقد أثم فى تعمده. مالك ويكره بدل أضحيته باشر منها. وإن أبدأها بأقل منها فى ثمنها وهى مثلها أو خير منها فجائز، لأنه لم يبعها.
قال مالك وكذلك إن حبسها واشترى غيرها. وأما إن باعها واشترى أخرى بدون الثمن فذبحها فإنه يتصدق بالفضل.
وفى المختصر وكتاب ابن المواز قال مالك: ومن مات عن أضحيته قبل أن تذبح فإنها تورث. محمد واستحب ابن القاسم أن يذبحها عنه الورثة ولا يلزمهم. قال وما اشتراه لغيره فإن أقره وأشهد عليه بتعمد الإشهاد فهى لمن أشهد له، وكذلك إن أجازها فى صحته. قال ابن حبيب وإلا فهى تورث وتباع فى دينه.
قال مالك فى المختصر وغيره: ومن مات عن لحم أضحيته أكله ورثته ولم تبع فى دينه.
قال فى كتاب محمد: ولا يقتسمونه فيصير بيعا. قال ابن حبيب إن شاءوا اجتمعوا على أكلها بعد أن يطمعوا منها كما يطعم، وإن شاءوا اقتسموها لأنهم يرثون منها ما كان له ثم ينهون عن بيع أنصائهم منها. هكذا فسره مطرف وابن الماجشون عن مالك.
[4/ 325]

(4/325)


وقال ابن القاسم عن مالك: إذا قام عليه غريمه وقد اشترى أضحيته فله بيعها عليه فى دينه، ولو ضحى بها لم تبع.
وقال عيسى فى العتبية عن ابن القاسم: إن مات عن أضحيته قبل الذبح فأحب لورثته ذبحها عنه، وإن أبوا فهى مال من أمواله ويأخذها غرماؤه إن لاحقه دين. ولو ذبحها ثم مات لم يأخذها الغرماء واقتسمها الورثة على الميراث، وللغرماء أخذ البدنة وإن قلدها كما مر فى العتق.
قال عبد الملك بن الحسن قال أشهب: إذا مات عن أضحيته فلا يضحى بها عنه وهى ميراث. قال أبو زيد قال ابن القاسم فيمن دفع جلد أضحيته إلى من يدبغه فيقول سرق منى، فإن وثق به فلا يغرمه شيئا، وإن اتهمه فليأخذ قيمته ويتصدق بها أحب إلى، وضعفه.
قال عنه أصبغ إن باع أهله جلد أضحيته فليتصدق بثمنه، فإن أفات الثمن فليس عليه أن يغرمه من عنده. قال ابن حبيب: وكذلك إن باعوا من لحمها، وذلك إذا لم يأذن لهم فى بيع الجلد واللحم ولا رخص لهم فيه ولا أعطاهم الجلد واللحم ليصنعوا به ما شاءوا من بيع أو غيره، فإن فعل هذا فهو البائع وعليه إخراج الثمن من عنده والصدقة به، وكذلك قال أصبغ.
قال مالك ولا يبيع جلد أضحيته بجلد غيره، قال ولو جاز ذلك جاز له بقلنسوة وشبهها. قال سحنون فى موضع آخر: وللرجل أن يؤاجر جلد أضحيته، وكذلك جلد الميتة، يريد إذا ذبغ.
قال ابن حبيب: من باع جلد أضحيته جاهلا فلا يجوز أن ينتفع بالثمن، وعليه أن يتصدق به. وكذلك إن باعه عبده او بعض أهله. قال: ومن سرقت رؤوس ضحاياه من الفرن فاستحب ابن القاسم أن لا يغرمه شيئاً وكأنه رأه بيعاً. قال ابن حبيب وله أخذ القيمة ويصنع بها ما شاء من أكل أو هبة أو صدقة أو
[4/ 326]

(4/326)


شراء ما يحتاج إليه، وكذلك جلدها يضيع عند الرقاق أو يستهلك، وليس كالبيع ألا ترى من حلف ألا يبيع ثوبه فغصبه غاصب أو استهلكه أحد فله أخذ قيمته ولا يحنث، وله أخذ قيمة جلد مثله من الرقاق ينتفع به كما يأخذ من اللحم المستهلك ماشاء من حيوان أو طعام، وقاله لى فى ذلك كله ابن الماجشون وأصبغ.
وروى عن سحنون فيمن باع جلداً من أضحيته أو شيئاً من لحمها أو صوفها، فإن أدركه فسخ البيع وإلا فيجعل ثمن الجلد فى ماعونه أو فى طعام وثمن اللحم يشترى به طعاما يأكله. وقال محمد بن عبد الحكم: من باع جلد أضحيته فله حبس ثمنه وأن يصنع به ما شاء.
قال فى كتاب ابن المواز: إذا اختلطت رؤوس الضحايا عند الشواء كرهت لك أكل متاع غيرك، ولعل غيرك لا يأكل متاعك أو متاعه خير. ولو اختلطت برؤوس الشواء فهذا خفيف لأنه ضامن، كمن ضمن لحم الأضاحى بتعدن وكما يضمن زرعاً لم يبد ضلاحه، وقيمة كلب الغنم بالتعدى، وفطرة المسكين.
ومن كتاب ابن المواز ولا يتصدق بجلد الضحية على من يعلم أنه يبيعه. ومن تصدقت عليه به فلا يبيعه ولا يبدله بمثله من جلد أضحيته أو غيرها. وكذلك لو هبته لخادمك قاله مالك.
قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن تصدق بأضحيته على رجل بعد أن ذبحها إن للمعطى بيعها إن شاء، ذكرها ابن حبيب فى كتاب الحدود.
قال ابن المواز ولا يدفع جلودها لمن يعملها على النصف، وكذلك العقيقة، وكذلك صوفها ووبرها إذا جززته بعد الذبح.
ومن كتاب محمد ومن العتبية من سماع ابن القاسم قالمالك: لا يجز صوف الضحية بعد أن سمى وقبل الذبح، فإن ذبحها فله أن يجزها إن شاء، فإن
[4/ 327]

(4/327)


جزها قبل الذبح ثم ذبحها أجزأته وقد أساء، ولينتفع به ولا يبيعه، وقاله ابن القاسم إن جزه بقرب الذبح. قال سحنون ولو باعها لم أر به بأسا بأكل ثمنه إلا أن يجزه بعد الذبح فلا يبيعه.
قال محمد قال أشهب: له أن يجزها وينتفع به ويبيعه ويصنع به ما شاء لأنه لم يجب، وخفف أصبغ بيعه قبل الذبح. قال عيسى بن دينار قال سعيد بن حسان أخبرنى هارون قاضى المدينة عن مالك فى الحذاء أيدهن بشحم أضحيته شرك النعل؟ فنهى عنه.
قال أصبغ فى العتبية إذا وجد بأضحيته عيباً بعد الذبح فرجع بقيمته، فإن كان مما لا تجزى صنع به ما شاء، فإن كان فى أيام الذبح أعاد وإن فاتت فلا شىء عليه ويصنع به ما شاء، وإن كان عيبا تجزى بمثله تصدق بما أخذ وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم سواء، وقال ذلك بخلاف ما يرجع به من قيمة عيب بعبد قد اعتقه، هذا يصنع به ما شاء كان مما يجوز فى الرقاب أم لا.
وفى العتبية قال سحنون فى الرفيقين يشتركان فى الشاتين للضحية فيتقاسمانها فيقول هذا خذ أنت هذه فضح بها وأنا هذه أضحى بها، فذلك جائز إن استويا فى السمانة، فإن لم يستويا كرهت ذلك لأخذ الأدنى إلا أنها تجزيه، ولا يأخذ للفضل شيئاً، قال أبو بكر بن محمد، قال غيره: وتجزئه لأنها بالقسم وجبت ضحية إذا كان فى كل شاة جزء.

فيمن ذبح أضحية غيره بأمره أو تعدياً أو غلطاً
وفى الأضاحى تهرب أو تختلط هى أو لحومها أو تسرق

من العتبية ذكر مالك من سماع أشهب حديث ابن عمر حين اشترى أضحيته من راع وأمره بذبحها، فذبحها الراعى وقال اللهم تقبل منى، فقال ابن عمر ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل.
[4/ 328]

(4/328)


وذكر ابن حبيب أن تأول أصبغ هذا أن ابن عمر ضحى في سفره وعلى حسن النية منه في الضحية ولو تبالغ فيما / فعل الراعي لرآها لا تجزئه وضمن الراعي وضحى بغيرها.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن قاسم: إذا أخطأ رجلان فذبح كل واحد أضحية صاحبه عن نفسه غلطا ً فلا تجزئ عن واحد منهما، ورواه عن مالك، وقال أشهب يجزى عن الذابح كما لو استحقت بعد الذبح. واختلف فيه قوله.
وأما نحر الهديين غلطا ً بعد أن قلدا فروى أشهب عن مالك أنه لا يجزيهما، وروى عنه ابن القاسم وابن وهب أنه يجزي عن الذي قلده لا عن من نحره لوجوبه بالتقليد، وبهذا يأخذ محمد.
قال وأما الضحايا فإن أجاز مستحقها ذلك وطالت القيمة أجزت عن ذابحها، كعبد أعتقه عن ظهاره ثم استحق فأجاز به البيع، وهو معنى قول أشهب عندي [وكذا إهداء] ولدها ثم جاء ربها فأخذ قيمتها فهي لهذا أم ولد.
وكذلك مستحق البدنة المقلدة، له أخذها وحل قلائدها، فإن ترك أجزت مهديها. وكذلك إن قلد بدنة صاحبه غلطا فاختار ربها أخذ القيمة أجزت عن مقلدها. وروى عن ابن القاسم في الضحية أنه إن أخذ ربها قيمتها لم يجز على من ذبحها ولا أرى له بيع ذلك اللحم لأنه أراد به النسك، وقاله أصبغ وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية.
قال محمد والصواب ما قلنا أولا، وهذه من المجالس لم تتدبر.
وقال ابن حبيب في الضحية إن عرف ذلك بعد فوات اللحم أجزأت عن ذابحها غلطا وودي القيمة، وإن لم يفت اللحم فربها مخير، فإن شاء أخذ اللحم

[4/ 329]

(4/329)


فله بيعه، وإن أخذ قيمة الشاة لم تجز عن ذابحها ولا له بيع لحمها نحو ما ذكر محمد عن ابن القاسم وأعابه.
قال قال ابن القاسم في العتبية / من ضحى يوم التروية يظنه يوم النحر لم يجزه ولا يبيع لحمها. وهذه من العتبية. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ولو ذبح لك جارك أضحيتك بغير أمرك إكراما لك فرضيت لم تجزك إلا أن يكون مثل الولد أو من بعض عيالك مما يحمل عنك ذلك. قال عنه أبو زيد والصداقة بينهما أو وثق به حتى يصدقه أنه ذبحها عنه. قال أشهب: لا يجزيه وإن كان ممن في عياله وهو ضامن.
قال محمد: وإذا هربت الضحية فعليه بدلها لا يبالي دون الأولى أو خيرا منها، فإن كانت خيرا فهو أحسن، ثم إن وجدها صنع بها ما شاء، بخلاف الهدى المقلد يضل.
قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية: ومن ضلت أحضيته فوجدها بعد أيام النحر وقد ضحى بأخرى أو لم يضح فليصنع بها ما شاء. وكذلك إن وجدها في أيام النحر وقد ضحى. وإن أختلطت أضحيته بغنم رجل فهو له شريك بها بجزء من مبلغ عددها إن كانت مائة كان له جزء من مائة، فإن شاء أن يتعجل أخذ شاة احاجته فله ذلك، ويأخذ شاة من أوسطها وليست من أعلاها ولا من أدناها.
ومن موضع قال ابن القاسم في رؤوس الضحايا يحظى [كذا] بها في الفرن فليتحال أصحابها، وليس لكل واحد طلب قيمة متاعه ولا طلب فضل قيمة متاعه من الآخر. ولو سرقت ضمنها السارق، ولا أحب إن طالب بشيء. قال عيسى بل يأخذ منه القيمة ثم يتصدق بها أحب إلي.
[4/ 330]

(4/330)


وروي عن بعض أصحابنا في شاتين في بيت لرجلين لكل واحد شاة بعينها فذبحاهما ثم اختلطا بعد السلخ أنهما يجزيانهما ولا يأكلان لحمهما وليتصدقا به جميعا. /
قال عبد الله بن عبد الحكم: إذا اختلطت الضحايا فلا بأس أن يصطلحا فيها إذا أخذ كل واحد كبشا يضحي به ويجزيه.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن اشترى أضحية له وأخرى لا مرأته فذبحهما عن نفسه ساهيا، فأحب إلى أن يبدل أضحية امرأته، فإن أبى لا تجزى عنها.
وقد تقدم في باب آخر ذكر صوف الضحية يجز وذكر جلودها تباع أو يتلف عند الصباغ جلدها أو رأسها أو يتبدل، وما يرجع به في عيوبها.

في التلقي في شراء الضحايا ومن سلف فيها فلم يؤدها إلا بعد أيام النحر، وهل يشتري؟
من العتبية من سماع ابن القاسم في الذي يخرج إلى مثل الإسطبل وهو على نحو ميل ليشتري أضحيته وبه يجتمع الغنم ويخرج إليه الناس يشترون، قال لا يعجبني حتى يرد السوق وهو قد بان فيحتاط لها. وقد نهي عن تلقي السلع. وكذلك كره إذا مرت الغنم في بعض نواحي الفسطاط أن يشتري منها حتى ترد السوق، ولو مر بها على قرية عن الفسطاط على ستة أميال فلا بأس أن يشتروا لحاجتهم ولضحاياهم، وأما للتجارة فلا.
قال عيسى قال ابن القاسم عن مالك في الغنم تجلب فتترك على ميلين أو ثلاثة عن المدينة ثم يخرج الجزارون لشرائها، قال لا، وهذا من التلقي.
[4/ 331]

(4/331)


ولو ضحى بما ابتاع في التلقي فعليه البدل في أيام النحر، ولا يبيع لحم الأولى.
ومن سماع أشهب قيل لمالك: أيشتري في السفر من الراعي؟ قال قد يرعاها ربها فأما العبد الأسود الأعجمي لا يؤتمن مثله فأحب إلي أن لا يشتري منه. وأما الفصيح الذي يبيع لأهله ويقول أمرت بالبيع وولي فيها فأرجو فيه سعة. قال: ومن سلف في ضحايا إلى أجل / إلى رجل ليأتي بها في الأضحي فلم يأت بها إلا بعد فوات ذلك فإنها تقبل منه. وكذلك الطالب يأتي بها في الشتاء فتأخرت فيلزم المبتاع قبولها، كما لو تأخر بالقمح عن وقت إنفاقه. وهذا خلاف من يكرى إلى الحاج فيخلفه. قال محمد لأنها أيام بأعيانها في الحج.
وروى ابن حبيب عن مطرف عن مالك في الضحايا يأتيه بها بعد أيام النحر بيوم أنها تلزمه، وإن جاء بها بعد ذلك بالأيام والأمر البعيد فهو مخير إن شاء قبلها أو يرجع برأس ماله.

في سنة العقيقة والعمل فيها
وذكر الذبيح من ولد إبراهيم عليهم السلام

من الواضحة قال مالك: والعقيقة سنة وإن لم تكن واجبة فيستحب العمل بها، وكانوا يكرهون تركها. قال ابن المواز: هي مستحسنة وليست بواجبة، لقول النبي عليه السلام [من ولد له فأحب أن ينسك عنه فليفعل] قال ابن حبيب ليست كوجوب الضحية.
وقد عق النبي عليه السلام عن ولده إبراهيم، وعن الحسن والحسين يوم سابعهما.

[4/ 332]

(4/332)


وقال مالك عن الذكر شاة وعن الأنثى شاة، وكذلك قال ابن عمر. وروى عن عائشة عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة.
قال مالك: ومن ولد له توءمان فليعق عن كل واحد شاة، وكذلك روى عيسى ابن دينار عن ابن القاسم في العتبية.
قال ابن حبيب: وهذا في شاة العقيقة التي تذبح عن المولود، فأما ما ينبغي ويحسن من التوسعة والإطعام ودعاء الناس فأكثر من ذلك.
قال مالك في العتبية من سماع ابن القاسم ليس الشأن عندنا دعاء الناس إلى طعامها، ولكن يأكل أهل البيت والجيران ويسمى الصبي يوم السابع.
قال مالك: والضأن والمعز سواء يجزئ في العقيقة. قال في سماع أشهب ولا يعق ولا يضحى بشيء من الوحش والطير، ولا يتقرب إلى الله سبحانه في هذا إلا بالأنعام. قال الله تبارك وتعالى {ثمانية أزواج} الآية وقال في موضع آخر في سماع سحنون قال مالك: لا يجزئ في العقيقة الإبل والبقر، وإنما سنتها الغنم خاصة وبه جاءت السنة.
قال ابن حبيب: إن العقيقة عند مالك بالبقر وبالغنم والإبل، والضأن أحب إلي من المعز ومن البقر على سبيل أمر الضحية في الأنعام الأربعة، والضأن أفضلها.
والذي يجزئ من سنها الجذع من الضأن، والثني من المعز وغيرها. ابن المواز: يعني بالجذع من الضأن والثني من المعز وغيرها.
قال ابن المواز: يعق بالجذع من الضأن والثني. قال في سماع ابن القاسم في العتبية في العقيقة ضحوة كالضحية. قال ابن حبيب
[4/ 333]

(4/333)


من ضحى يوم السابع إلى الزوال قاله مالك، وتحسب الأيام بلياليها والليلة سابقة ليومها. فإذا طلع الفجر قبل يولد كان يوم لا ليلة ولا يحسب، قاله مالك.
قال ابن حبيب: ولو عق عنه إلى مثل الحين الذي ولد فيه بعد أن يكون حينا يذبح في مثله نهارا ً أجزأه ولم يعد، قاله ابن الماجشون أصبغ، قالا: وذلك اليوم أحب إلينا.
قال ابن الماجشون: ولا يذبح ليلا ولا بسحر ولا بالعشي، ولكن من ضحى إلى الزوال.
قال في العتبية قال عيسى عن ابن القاسم فإن عق ليلاً لم يجزه وأعاد. قال ابن حبيب ومعنى قول مالك تكسر عظامها بما كان الجاهلية يقطعونها من المفاصل ويحلقون رأس الصبي ويجعلون على رأسه من دمها / في قطنة، فلذلك نهى مالك أن يمس الصبي بشيء من دمها.
قال ابن حبيب: ويجعل مكان الدم على رأسه خلوق، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة؛ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله بحسن وحسين.
ولا بأس أن يتخير له الاسم في تلك الأيام ولا يوقف عليه إلا يوم السابع، وكذلك روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمي الحسن والحسين وزينب أوم كلثوم يو السابع، قال ابن وهب: وبه يأخذ مالك.
قيل له: فإن مات قبل سابعه أيسمى؟ قال فذكرت له الحديث في السقط بقول لأبيه يوم القيامة تركتني بغير اسم، فلم يعرفه.
قال ابن حبيب وأحب إلي إن مات قبل السابع أن يسمى، وكذلك السقط يسمى لما روى من رجاء شفاعته والله أعلم.
قال ابن حبيب: ومن ترك أن يعق عن ولده في سابعه فليعق عنه في السابع الثاني فإن لم يفعل ففي الثالث فإن فاته فلا يعق بعد ذلك. وروى ذلك ابن وهب

[4/ 334]

(4/334)


عن مالك وروي مثله عن علي وعائشة، وروى ابن عبد الحكم عن مالك القولين واختار رواية ابن وهب.
قال ابن حبيب: ومذهب ابن القاسم وروايته إذا فاته السابع الأول فقد فاتته العقيقة، وأهل العراق يعقون عن الكبير، وروي عن ابن سحنون، وهذا لا يعرف بالمدينة. وكانت عائشة تعق عن بني أخيها من أموالهم.
وروي عن مالك في المختصر: ويعق عن اليتيم إذا كانت له سعة.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: سئل عن حلاق رأس الصبي يوم سابعه والصدقة بوزن شعره ورقا ً، فقال: ما هو من عمل الناس وما ذلك عليهم.
قيل أيدخر لحم العقيقة؟ قال شأن الناس أكلها وما بذلك بأس.
قال مالك: ويقع في قلبي من العقيقة أنه مدخل يقرب به المولود إلى طريقة الإسلام وشريعته. قال في سماع أشهب لا يعق بعد اليوم السابع ولا في الأسبوع الثاني ولا عن الكبير ولا عن اليتيم، وهو لأصحابه الذين ما عق عنهم وما عقوا عن أنفسهم.
قيل فيعمل منها الطعام فيدعى إليه؟ قال ما رأيتهم عندنا يفعلون ذلك، إنما يقطعونه ويأكلون منه ويطعمون ويبعثون إلى الجيران. ولا بأس أن يطعم منه نيئا ً وغير نيء، شاءوا أن يصنعوا طعاما ما صنعوا من غيرها ودعوا إليه الناس.
ومن مات ولده قبل السابع فلا عقيقة عليه فيه ولا يسميه.
قال معن قال مالك: إذا كان سابع ولده يوم الأضحى وليس عنده إلا شاة، قال يعق بها. قال العتبي وابن حبيب إلا أن يكون يوم السابع آخر أيام النحر فليضح بها لأن الضحية أوجب. قال عيسى عن ابن القاسم قيل: أيطعم

[4/ 335]

(4/335)


منها إخوانه الأغنياء؟ قال الفقير أحب إلي، فإن فعل فلا شيء عليه. ولا يعجبني أن يجعله صنيعا يدعو إليه.
قال ابن حبيب والأحسن أن يوسع بغير شاة العقيقة لإكثار الطعام ودعاء الناس إليه فروي أن ابن عمر ونافع بن جبير كانا يدعوان إلى الولادة. قال النخعي كانوا يستحبون أن يطعموا على الولادة. قال ابن حبيب فجمع الناس لا يكون إلا على الكثير.
قال ويسلك بالعقيقة مسلك الضحايا في اجتناب العيوب وفي أسنانها وفي النهي عن بيع شيء منها، فإن ذبح الأب غير شاة العقيقة يريد بها التوسعة في إطعام الناس، فإن لم / ينو أن يجعلها عقيقة فله بيع جلودها، ولا يبالي فيها بعيب ولا يراعي فيها ما ذكرنا.
ومن كتاب ابن المواز قيل لمالك: أيعق العبد عن ولده الحر ويضحي عنه؟
قال نعم إن أذن له سيده، وإلا فلا.
قال مالك في السماع من العتبية وفي غير ديوان: الذبيح إسحاق. وقال ابن حبيب إن الذبيح إسماعيل، وهذا قول العراقيين والله أعلم.

في الأختتان والخفاض وإتيان الولائم
من سماع ابن وهب قال مالك: الختان من الفطرة، ولا أرى أن يختن المولود في اليوم السابع فإنما ذلك من عمل اليهود، ولم يكن من عمل الناس إلا حديثا.
قال عنه أشهب: ليس لختانه حد ينتهي إليه، وأحب إلي إذا أثغر، وإن عجل قبل ذلك فلا بأس، وكلما جعل ختانه قبل الإثغار فهو أحسن إلي. قيل له فختان الجواري؟ قال إنهن يخفضن ويفعل ذلك بهن ابن وهب. قيل لمالك وربما ولد الصبي وفي رأس ذكره بتره فيخاف منها فيعجل إختانه حتى يسقط من الجلدة التي تقطع، قال إذا كان من الضرورة فلا أرى به بأسا، يريد بتعجيل ختانه.
[4/ 336]

(4/336)


قال عنه أشهب: وإنما يسمى يوم السابع يوم يعق عنه، وأنكر أن يؤذن في أذنه حين يولد قال يسمى السقط.
قال عنه ابن وهب: ولا يسمى المولود إلا يوم السابع، ولا يضره إن مات قبل أن يسمى فلا يسمى، فذكرت له الذي في السقط أنه يقول لأبيه يوم القيامة تركتني بلا اسم وأنكره وقال ما سمعنا هذا.
قال ابن حبيب: لم يكن الأختتان قبل نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو من ملة الإسلام. قال الله تبارك وتعالى [ملة أبيكم إبراهيم] وأمر الله سبحانه بذلك إبراهيم ونسخ به ما تقدم من ترك الاختتان وكل طاعة الله في وقته، فاختتن صلى الله عليه وسلم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة.
قال مالك: الاختتان من الفطرة، فمن تركه من غير عذر ولا علة لم تجز إمامته ولا شهادته.
قال ابن شهاب ولا يتم إسلام من أسلم حتى يختتن. قال ابن المسيب كان إبراهيم عليه السلام أول الناس اختتن وقص شاربه وقلم أظفاره ونتف إبطه وحلق عانته وفرق شعره، وأول من استاك وأضاف الضيف، وأول الناس رأى الشيب فقال يارب ما هذا؟ قال وقار. قال رب زدني وقارا. قال عطاء بن أبي رباح: عشر خصال من الفطرة وفطر عليها إبراهيم علية السلام، خمس في الرأس: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وفرق الرأس وفي الجسد خمس: قص الأظافر ونتف الإبط والاستحداد والختان والاستنجاء.

[4/ 337]

(4/337)


وروي عن الحسن أنه تفسير قوله تعالى / [وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن] وروي أن إبراهيم ختن إسماعيل ابن ثلاث عشرة سنة، وختن إسحاق ابن سبعة أيام.
وروي أنه أطهر للمولود وأعفى من الألم يريد العنة والمرض والعيب. وكره مالك الختان يوم يولد الصبي وفي يوم سبعة أيام وقال هو من فعل اليهود ولم يكن من عمل الناس إلا حديثا. وكان لا يرى بأسا أن يفعل لعلة تخاف على الصبي. قال مالك: وحد ختان حين يؤمر الصبي بالصلاة من سبع سنين إلى عشرة.
قال ابن حبيب: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الختان سنة للرجال مكرمة للنساء وقال يحيى بن سعيد وربيعة: وذلك كالختان في الرجل في إلزامه لأنه لايقطع من أحد شيء ولا يلزمه، وكذلك هما في حلق العانة ونتف الجناحين، وقاله كله مالك.
ويقال إن إبراهيم أمر سارة أم إسحاق أن تفعله بهاجر أم إسماعيل وكانت أمة لها وهبتها لإبراهيم، ثم غارت بها فحلفت ليغيرن منها ثلاثة أشراف، فأمرها إبراهيم أن تثقب أذنيها، وتخفضها. وقال النبي عليه السلام لأم عطية: أشمي ولا تنهكي فإن ذلك أسرى للوجه وأحظى عند الزوج. يقول: ألا تبالغ في القطع ولكن تخفف، وقوله أسرى يقول أشرق وأنضر وأكثر لماء الوجه ودمه، وإذا بالغت في القطع أذهب ماء وجهها وأمات لونها. وقوله أحظى عند الزوج يقول أحسن في جماعها.
وروى أن عليا بن أبي طالب كره أن تخفض حتى تبلغ سبع سنين، وليس من الشأن الإطعام عند ذلك، بل الشأن عند الناس ستره وإخفاء ذكره.

[4/ 338]

(4/338)


وأما ختان الذكر فكانوا يدعون إليه فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعى إليه. وكان ابن عمر يدعو إليه وإلى الولادة، ونافع عن حبيب بن مطعم. قال عبد الله بن زيد رأيت وائلة ابن الأسقع دعا الناس إلى ختان ابنه وهو مؤتز بشملة غليظة، وفي كلتا يديه إناء شراب من حلال الأشربة، يقول أشربوا رحمكم الله.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وليمة إلا في عرس أو عذار قال العرس البناء بالزوجة، والخرس نفاسها والإعذار ختان المولود. يقال أعذرت الغلام فهو عذر إذا اختتنته. وكل ما يدعى إليه الناس فهو وليمة، فخص الناس اسم طعام العرس بالوليمة، واسم طعام الخرس بالعقيقة، وطعام الإعذار عذيرة.
زاد الحسن بن يحيى الدمشقي إلى هذه ثلاث ولائم العتيرة والبقيعة، فالعتيرة الطعام الذي يبعث إلى أهل الميت، قال مالك إلا أن يرسل لنياحة فإني أكره ذلك. قال ابن حبيب والبقيعة طعام الإصلاح كانت العرب تفعله في النايرة تقع بين القبيلتين فتأتي قبيلة أخرى للصلح بينهما فيجمعهما بأفنيتهما لذلك وينحر البقر ويقدم الطعام بعد الصلح.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك العتيرة شاة كانت تذبح في رجب يبتدرون وقد كانت في الإسلام ولكن ليس الناس عليها.

[4/ 339]

(4/339)


فارغة

(4/340)