النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب الوكالات والبضائع
باب فيمن وكل على طلب عبد أو ربع
ولم يصفه، أو على طلب آبق، هل يخاصم فيه؟
أو على الخصومة، هل يتعداها أو يتركها وقتا
ثم يقوم بها؟ أو فوض إليه، هل يصالح؟
ومن فوض إليه الإقرار والصلح
ومن صدق الوكيل إلى الوكالة
من العتبية قال عيسى، وذكر مثله ابن حبيب، عن مطرف، وابن الماجشون، فيمن وكل على طلب عبد أبق، أو [غيره] فوجده بيد مبتاع، هل يخاصم فيه ويقم البينة؟ قال: لا يمكن من ذلك حتى يقم بينة أن ربه وكله على الخصومة فيه، فإن أثبت ذلك، فلا بد أن تعين البينة أنه هذا العبد.
قال مطرف، وابن الماجشون، أو يشهدون على صفة السيد للعبد، فوافق ذلك صفة العبد. قالا: أو يقولون وكله على الخصومة في كل عبد هو له، قالا: فحينئذ يقيم البينة على ذلك الأمر / أنهم لا يعلمونه باع ولا وهب
[7/ 189]

(7/189)


ولا خرج من يديه، ولا يحلف الوكيل مع البينة بذلك، ولكن يكتب إلى ربه إن قريت غيبته، فيأتي فيحلف، وإن بعد، كتب إلى إمام بلده أن يحلفه على ما ذكرنا، فإذا جاء كتابه بيمينه أنفذ القضاء.
قال عيسى: وإن كان مات ربه، انفسخت الوكالة، فإن وكله الورثة، فليحلف البالغون أو من بلغ منهم، ما علموا الميت باع ولا وهب.
ومن العتبية روى سحنون، عن ابن القاسم، فيمن وكل رجلا على طلب عبده فلان، أو على صفته، فإن لم تشهد البينة على صفته، لم تجز الوكالة، وعلى طلب دار مثل ذلك.
قال اصبغ: وأن وكله على خصومة في شيء، فإنه لا يعدوها. قال في ذلك: إنه بمثابته ومحل نفسه أو لم يقل، وليس له إلا الخصومة، ولا صلح له ولا إقرار، إلا أن يجعل له الصلح والإقرار ويقيمه فيها مقام نفسه، فيكون كذلك.
قال عيسى، عن ابن القاسم، في التي وكلت في خصومة في قرية، وفوضت إليه، وجعلت أمره جائزا فيما يصنع، فباع الوكيل القرية بعد أن صالح فيها، ولم يشاور المرأة وهي قريبة منه أو بعيدة، فلا يجوز بيعه إذا باع بعد حوزه للقرية، ولم يأخذ فيها مالا عن صلح ولا مقاطعة [وكذلك من وكل على طلب مال بالمشرق، ورأى أنه مفوض إليه] وأمره جائز فيما صنع وباع ما ظفر به، وبينه وبين الآمر مسيرة أشهر، فلا يجوز بيعه إذا لم / يقر الآمر أنه أمره بالبيع.
قال عيسى: وإن وكله على تقاضى ديونه والنظر فيها، فليس له أن يصالح عنه، وإن كان من النظر له، وكذلك إن كان الغريم عديما أو مليا، فليس له أن يضع [بعض] ما عليه ولا يلزم الآمر إلا أن يشاء.
[7/ 190]

(7/190)


ولو فوض إليه في الصلح، جاز صلحه ووضيعته، إذا كان ذلك بوجه النظر للآمر، ولو لم يأذن له في الصلح وقد صالح الوكيل [أجنبيا] وأدى من ماله عن الغريم شيئا، على أن يبرئ الغريم مما بقي، فرد ذلك الآمر، فللأجنبي أن يأخذ ما ودى من ماله، إلا أن يمضي الآمر الصلح.
وروى مثله ابن حبيب، عن مطرف، وابن الماجشون، وأصبغ. قال عيسى: ولو شرط الأجنبي على الوكيل أن الآمر أن لم يرض، رددت إلي مالي، لم يجز هذا على أن ينقده ما صالحه عليه، وكأنه سلف بنفع، ويفسخ الصلح، ويرد المال، ويأتنفون صلحا إن شاءوا.
وروى ابن سحنون، عن أبيه، في الوكيل على خصومة رجل، فلم يقم الوكيل بالخصومة إلا بعد عامين، ثم قام بغير تجديد وكالة، فإنه يسأله الذي وكله إن حضر هل خلعه أم لا؟ وإن كان غائبا، فالوكيل على وكالته حتى يعلم أنه خعله. وفي كتاب الصلح شيء من صلح الوكيل وضمانه.
قال ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون، في الوكيل المفوض إليه [النظر في كل الأمور]، فلا بأس أن يصالح غرماءه على النظر، ويلزم ذلك الموكل كصلح الأب والوصي، فأما وكيل على تقاضي دين / مفوض إليه [فيه] فلا صلح حتى يفوض إليه الصلح.
ومن كتاب ابن سحنون، من سؤال ابن حبيب: عمن أتى برجل إلى الحاكم، فقال: إن فلانا وكلني على قبض دينه منك، وهو كذا. أو مهر زوجتك قد وكلتني على قبضه، فصدقه في الوكالة، هل يقضي له عليه؟ قال: إن أقر المدعى قبله بالدين وبالوكالة، أمره بالدفع إليه، ثم إن جاء الطالب أو الزوجة، فأنكرا أن
[7/ 191]

(7/191)


يكونا وكلاه، كلف المطلوب أن يدفع إلى هذين دينهما، لأن الحاكم، إنما أمره أولا بالدفع لإقراره بالوكالة، والمصيبة منه. قال: وإن كان المطلوب منكرا للدين، لم يجب لهذا وكالة، وإن أقر له بهذا المطلوب، ولا تجعله له خصما، فيضر ذلك بالغائب.

في موت الوكيل أو الموكل، وهل يوكل الوكيل غيره؟
وفي الوكيل يعزل ولا يعلم
وموت أحد الوكيلين أو الوصيين، هل تورث الوكالة؟
وهل لولد الميت القيام بما كان بيد أبيه من ذلك؟
قال محمد بن إبراهيم المواز، في الوكيل إذا مات من وكله، أو أشهد الآمر بعزله، فوقع فعله بعد ذلك من بيع باعه أو قبض دين، أو قضاء، أو إنقاذ صدقة أمر بإنفاذها، قال كل ما فعله بعد علمه بموت الأمراء أو عزله إياه. فليس بين أصحاب مالك اختلاف أنه ضامن، ولا يبرأ من دفع إليه إذا لم يثبت عند الحاكم بينة بوكيله على القبض، وإذا علم الدافع بعزله، أو بموت الآمر، ثم دفع، فلا يبرأ، ثبتت / وكالة الوكيل بينة أم لا، وأما إن دفع قبل علمه؛ فذهب ابن القاسم، أنه لا يبرأ من دفع إليه، وإن لم يعلم، رأينا ذلك لا يصح؛ إذ لا يشاء أحد أن يوكل على تقاضي حقه ببلد آخر، ثم يشهد بعزله بعد خروجه، أو يرفع إليه مالا يدفعه إلى رجل صدقة أو غير صدقة، ثم يفسخ وكالته ولا علم له، فهذا غير معتدل. وقال ابن القاسم، من رأيه إذا ولي الوكيل بالبيع، ثم فسخ الآمر وكالته، فقبض الثمن قبل علمه، وعلم المشتري، قال: لا يبرأ المشتري. وأبى ذلك أصحاب ابن القاسم، ولم يرضوه، وخالفه عبد بن عبد الحكم، وقال نحو ما قلت لك.
قال محمد ابن المواز: وكذلك إن أعطاه نفقة أمره أن ينفقها على عياله ورقيقه، فأنفقها عليهم، ثم قامت بينة أنه طلق زوجته وأعتق رقبة قبل الإنفاق، وهو لا يعلم، فلا ضمان عليه. وهو قول مالك في المرأة تنفق بعد الطلاق ثلاثا
[7/ 192]

(7/192)


من مال زوجها، وهي لا تعلم، فلا رجوع على الزوجة به ولا على المأمور، وما أنفقته بعد علمها ردته، وتصدق أنها لم تعلم، مع يمينها. قال مالك: وأما في موته، فهي تغرم، علمت بموته أو لم تعلم. قال محمد إنها أنفقت من غير ماله، فيستوي في هذا علمها وغير علمها. وهو قول ابن القاسم، وأشهب. وروي عن مالك، في الوكيل يبيع ويشتري بعد موت الآمر، ولا يعلم، فلا ضمان عليه، إلا أن يكون عالما بموته. وكذلك ينبغي أن تكون في الحجر عليه إذا لم يعلم الوكيل ولا الغرماء أن قبضه نافذ، وجميع أفعاله [نافذة] قال: ولو علم الوكيل، ولم يعلم من دفع إليه، قال: فالدافع إليه برئ إذا كانت / البينة على الوكالة، ولا يبرأ الوكيل إذا تلف ما قبض؛ لعلمه بعزله.
قال محمد بن عبد الحكم مثل اختيار ابن المواز، وقال: لا فرق بين الموت [وعزل الحي إياه]، والقياس على قول مالك في إنفاق الزوجة بعد الطلاق، أنه يبرأ من دفع إليها، وفي الموت كان أحرى، لأن الميت لم يفرط، وإذا باع الوكيل ما أمر ببيعه بعد أن خلع الآمر ولم يعلم، فالبيع ماض، وكذلك بعد الموت، وكذلك لو باعها الآمر ثم باعها المأمور، فلا شيء على المأمور، ومن " العتبية "، قال أصبغ، وابن القاسم، وفي الرجل له وكيل [ببلد] يبيع له متاعه، فمات الآمر قبل قبض الوكيل الثمن، فإنه فلا يقبضه إلا بتوكيل الورثة، وإن ولي البيع. وقد قال مالك في الوكيل على اقتضاء دين، فيموت الآمر قبل قبض الوكيل: إن الوكالة تنفسخ، ولا قبض له [قال أصبغ: هذه صواب. والأول بخلافها، لأن الأول هو المعامل للمبتاع، فلا يبرأ بدفعه إلى غيره، فعليه أن يدفعه إليه ما لم يوكل والوراث
[7/ 193]

(7/193)


غيره بالقبض بعد موت الميت، ثم الإمام الناظر فيه بعد قبض الوكيل، إياه بحسن النظر والوثيقة].
وقال ابن حبيب، عن مطرف: كل وكيل، فإنه إذا مات الآمر، فهو على وكالته، ويجوز قبضه وخصومته ودفعه حتى يعزل له الوارث، أو يوكل بذلك غيره.
قال أصبغ: تنفسخ وكالته بموت الآمر، ولا يجوز خصومته، ولا اقتضاؤوه، ولا القيام بمدفعه حتى يوكله الوارث، إلا أن يموت عندما أشرف الوكيل على تمام الخصومة له أو عليه، وبحيث لو أراد الميت فسخ وكالته، ويخاصم هو أو يوكل بذلك، لم يكن له / ذلك، وما كان من يمين كان يحلفها الآمر حلفها الورثة إن كان فيهم من بلغ علم ذلك ويقول أصبغ قال ابن حبيب.
ومن " العتبية " قال سحنون: قال أشهب، في الوكيل على تقاضي الدين يفسخ الآمر وكالته، فإن علم الوكيل بالفسخ، أو علمه المطلوب لم يبرأ بالدفع إليه، وإن لم يعلما، برئ بالدفع إليه، وكذلك إن وكله ببيع عنده، ففسخ وكالته، ثم يبيعه، فالبيع جائز، إلا أن يبيع بعد العلم منه، أو من المبتاع بالفسخ، فلا يجوز.
قال: والمتفاوضان. إذا افترقا وقد باع أحدهما بيعا، فإن اقتضى الثمن الذي باع [به] بعد الافتراق، برئ الغريم وإن علم بافتراقهما، إلا أن يأمر الشريك إلا يقبض إلا نصيبه، فلا يبرأ الغريم بالدفع إليه بعدما نهى، وإن لم يعلم النهي، قال: وإن دفع للذي لم يبايعه، لم يبرأ من نصيب الآخر، علم بافتراقهما أو لم يعلم؛ لأن
[7/ 194]

(7/194)


الذي لم يبع إنما كان وكيلا على القبض ما داما شريكين. وروى يحيى بن يحيى، عن ابن وهب في الوكيل على قبض حقوق، والنظر في رباع، ثم مات الوكيل، فليس ولد الوكيل بمثابته، ولا للوكيل أن يوكل في ذلك غيره في حياته أو مماته، إلا أن يفوض إليه في التوكيل والإيصاء بذلك، وإلا فلا، ولا يورث عنه.
وأمر ما كان بيده إلى الإمام يوكل عليه من رآه الغائب حتى يرى فيه رأيه.
قال ابن وهب: وأما الوصي؛ فله أن يوصي بما إليه من ذلك ولا يورث عنه إن لم يوص به.
قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: وإذا وكل رجلين على تقاضي دين، ومات أحدهما، فليس للحي تقاض إلا برأي / القاضي، وأحب إلي أن يوكل القاضي رجلا يرضاه يقتضي معه إن وجده من أهل بلدة المستخلف، إن خاف القاضي أن يتلف ماله، ورأى للتوكيل وجها، وإن كان المستخلف قريبا وديونه مأمونة، أمر الحي من الوكيلين أن يتوثق من الغرماء حتى يأمن على الدين التلف، ثم يستأنى به حتى يجدد الآمر وكالته، قال سحنون: وكذلك إن مات أحد الوصيين، فليس له أن يوصي بما إليه من ذلك إلى غيره، والإمام ولي النظر في الباقي، إن رأى أن يقره وحده، أو يجعل معه غيره فعل.
قال عيسى، عن ابن القاسم، في الوكيل على خصوم، أو تقاض أو غير ذلك، فليس له أن يوكل بذلك غيره، ولا يوصي به إلى غيره، وإنما ذلك للوصي في حياته وعند وفاته. قال ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون: ليس للوكيل أن يوكل بذلك غيره، إلا أن يشترط له ذلك الآمر أن له أو يوكل من رأى، فذلك له. وقال أصبغ.
[7/ 195]

(7/195)


وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، في الوكيل على شراء متاع بمال قبضه، فيدفع الوكيل ذلك إلى بعض غلمانه أو إلى من يلي له شراء جهازه، ويأمره بذلك، فيتلف [المال]، قال: إن علم الآمر أن مثل الوكيل لا يلي مثل ذلك بنفسه، وإنما يوكل به غيره، فلا شيء عليه إذا دفع ذلك إلى من قد عرف بالاشتراء له والقيام في مثل ذلك من أمره، وإن كان الآمر لا يعلم بشيء من هذا، فإذا خرج المال من يد الوكيل، ضمنه، كان من يلي مثل ذلك أو ممن لا يليه.
وفي كتاب الإقرار شيء من هذا المعنى وبالله التوفيق.

في موت المبعوث إليه البضاعة والصلة أو الدين
أو موت الرسول أو الباعث
وفي شهادة الرسول [في ذلك]
وكيف إن توانى في دفعها حتى هلك؟
قال ابن حبيب، عن مطرف، وابن الماجشون، في المبعوث معه ببضاعة أو دين إلى رجل ببلد آخر، فيموت الباعث قبل وصول ذلك، هل للرسول دفع ذلك، ولا يصدقه الوارث بالوكالة؟ قالا: إن كان له بينة بالإرسال، فعليه أن يدفعها ببينة، ولا شيء عليه، وإن لم تكن [له] بينة، فليس عليه دفعها حتى يصدقه ورثة الباعث، وإن لم يصدقوه، كان شاهدا للمبعوث إليه إن كانت البضاعة دينا أو حقا، وإن كانت صلة أو هدية، فلترد إلى ورثة الباعث، إلا أن يكو قد أشهد عليها عند الإرسال، وقاله أصبغ.
[7/ 196]

(7/196)


قال مالك، في العتبية من سماع ابن القاسم، وهو في كتاب ابن المواز، فيمن بعث مع رجل ببضاعة إلى رجل لا يدري الرسول، لم بعث بهذا؟ فوجد الرجل قد هلك، فوجد وصية، فطلب وصيه قبضها، قال: أرى أن يردها الرسول إلى الباعث، قال محمد: ولو علم أنها صلة، فذلك سواء، إلا أن يكون أشهد في الصلة على إيتال ماله، فينفذ ذلك إذا مات بعد إشهاد الباعث، ولا تبالي مات الباعث أو المبعوث إليه، ولو بعث بنفقة إلى أهله، فمات أهله، وقد كان أشهد بها الباعث وابتلها، فعلى الرسول رده، وإلا ضمن، إذ ليست بصلة ولا دين.
وكذلك الباعث بالصلة مع رجلين / وعرفهما أنها صلة منه لفلان ثم مات الباعث، والمبعوث إليه، فلا تجوز شهادتهما، إلا أن يقول لهما: أشهد علي بذلك إشهادا بينا. ولو مات المبعوث إليه قبل خروج الصلة على يد الباعث، فهي باطل، أشهد على دفعها أو لم يشهد، وإن خرجت من يده قبل أن يموت المبعوث إليه فإن أشهد الباعث عند دفعها إلى الرسول، نفذت وتدفع إلى ورثة المعطي.
قال محمد المبعوث معه بالصلة يموت في الطريق، أو بعد أن بلغ، فإن أقر المبعوث إليه أن يكون قبض شيئا، فليحلف ورثة الرسول إن كان يظن بهم علم ذلك بالله، ما نعلم لها مخرجا، ولا عندنا منها علم، ويبروا، فإن كانت عليه بينة بإقراره. قاله مالك.
وروي عن مالك أيضا: إن مات في الطريق، فهي في ماله وإن مات بعد إن بلغ، حلف ورثته على العلم، وبرئوا، ولمالك قول آخر، أن يكون ذلك في مال الميت، إذا لم توجد بعينها، ويحاص بها صاحبها غرماء المبيت.
قال محمد: سواء عندما بلغ أو لم يبلغ، هي في مال الرسول، إلا أن يكون ذلك قبل موته أنها ضاعت أو سببا، يبرئه منها. وكذلك قال مالك في المقارض
[7/ 197]

(7/197)


والمستودع ببينة أو بغير بينة، إذا علم ذلك بإقراره قبل موته، ثم لم يوجد، فذلك في ماله، ويحاص بها غرماؤه.
وقال أشهب، في كتبه مثل قول ابن المواز سواء. وقال: لما كانت البينة على هذا المأمول بالدفع في حياته، لم يكن موته بالذي يضع عنه، سواء مات في الطريق أو بعد بلوغه. وروى عيسى عن ابن القاسم، قال مالك، فيمن / بعث معه مال يدفعه إلى رجل، فقدم، فلم يدفعه إليه، ثم زعم أنه هلك، فإن هلك عند قدومه، بما ليس فيه تفريط، فلا ضمان عليه، وإن حبسه حتى طال ذلك بما عرضه التلف، فهو ضامن.
وبعد هذا باب في شهادة الرسول فيما أمر بدفعه، فيه من هذا.

في المبضع معه يريد أن ينفق منها
وكيف إن قيل له: أنفق إن احتجت؟
وفي المبضع يطلب أجرا على البضاعة
ومن وكل على تفريق صدقة فأخذ منها إن احتاج
من العتبية قال ابن القاسم، عن مالك، في المبضع معه ببضاعة، أيحسب عليها النفقة؟ قال: إن كانت شيئا كثيرا، فذلك له، وأما التافه، فلا. وقال ابن القاسم، إنه لا تلزمه نفقة في اليسير، وعليه ذلك في الكثير.
قال مالك، في كتاب ابن المواز: وإذا طلب المبضع معه أجرا في البضاعة، فإن كانت تافهة يسيرة، فلا شيء له، وإن كان لها مال، فذلك له.
وروى عنه أشهب، في العتبية، فيمن سافر برفيق له وبضاعة لقوم، فأنفق على نفسه، وأراد أن يحسب على البضاعة، قال: ليس له ذلك.
[7/ 198]

(7/198)


وروى عنه ابن القاسم، في العتبية في المبضع معه بمال يبلغه إلى موضع، وقال له الباعث: إن احتجت، فأنفق منها. فكرهه، وقال: لا يعجبني. وقال ابن القاسم، في كتاب ابن المواز [ومن العتبية في سماع ابن القاسم] ومن سئل في حمل بضاعة، فقال: حلفت ألا / أحمل [بضاعة] إلا بضاعة إن شئت تسلفتها، وإن شئت تركتها. قال: لا خير في ذلك. ومن سماع ابن القاسم، قال مالك في المبعوث معه بمال في مخرجه الحج، أو الغزو، ليفرقه على كل من قطع به، فاحتاج المبعوث معه، ولم يكن معه ما يقوى به، وعليه دين، قال: له أن يأخذ منه بالمعروف، وأحب إلي لو وجد من يسلفه أن يتسلف ولا يأخذ منه، قال: وقد يكون مليا ببلده في سفره، فله أن يعطي من الصدقة، وهو من أبناء السبيل، وينبغي لهذا إذا كان بهذه الصفة، وأخذ منه، ثم رجع إلى بلده أن يعرف بذلك الذي دفع إليه المال، وليس حكم للرجل بين الناس مثل حكمه بين نفسه وبين الناس. وشيء من معنى هذا الباب في باب وكالة البكر.
باب في الوكيل يقضى عليه
ثم يأتي في وكله بحجة
من العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، في الوكيل على الخصومة يخاصم، فإذا توجه القضاء زعم الذي وكله أنه لم يخاصم بحجته، وإن له حجة أخرى، وأنه لم يعلم بما خاصم به، أو كان غائبا، فلا يقبل ذلك منه، إلا أن يأتي بحجة لكون لها وجه، كما لو خاصم فهو فيذكر عند توجيه الحكم إن له حجة، فإن جاء بشيء يشبه، قبل، وإلا لم يقبل ذلك منه، ولا حجة له بقوله إنه لم يعلم بما خاصم به، ورضاه بالتوكيل رضى بما خاصم به.
[7/ 199]

(7/199)


في الوكيل على شراء سلعة /
أو على بيعها، يأخذها لنفسه
أو يشترها لنفسه بالمال غيرها في البلد
أو في غيره، أو يشتريها
بغير البلد أو يجدها بالبلد، فيشتري غيرها
وعلى البيع ببلد، فباع غيره
من العتبة، روى عيسى، عن ابن القاسم، في الوكيل على بيع السلعة بشيء تسميه له، فيأخذها لنفسه، فإن لم تفت، فلربها أخذها، وإن فاتت وقد أمره أن يبيعها بعين سماه، أو بطعام سماه، فهو مجبر أن يلزمه ما أمره به أو قيمتها، وإن كان أمره أن يبيعها بعرض يريد لا يكال ولا يوزن، لم يلزمه غير القيمة، لا ما أمره به ويفيتها النماء والنقصان وتغير الأسواق. وكذلك في كتاب ابن المواز، عن مالك، في فوتها بهذا.
ومن الكتابين ونسبها أصبغ، في العتبية، إلى أشهب: وإذا أمر بشراء جارية فلان بخسمة عشر دينارا، فلم يبعها بخمسة عشر، فأخذها المأمور لنفسه بستة عشر، واحتج أنه لم يرض بخمسة عشر، قال: فهي له، والقول قوله.
قال أصبغ: ويحلف، واستحسن أن يكون الآمر فيها مخيرا أن يرد الدينار ويأخذها، أو يدعها ويأخذ ماله، قال محمد: بل الآمر مخير. ولو اشترى ببضاعته غير الجارية، كان بالخيار، وقال ابن حبيب، عن مطرف، في الوكيل على شراء سلعة، أراد فسخ الوكالة وشراءها لنفسه، فإن كان معه الآمر في بلد، فذلك له، وإن كان على شرائها ببلد آخر فلا ينفعه ذلك.
[7/ 200]

(7/200)


وقال ابن الماجشون: ذلك له في البلد أو في غير البلد، وقد يحدث بينهما طعن، فيأبى أن يشتري له وقال / أصبغ كقول مطرف، وهو أحب إلي.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أبضع معه في شراء سلعة ببلد، فوجدها دون البلد على الصفة، فابتاعها لصاحب البضاعة، فهو مخير أن يقبلها أو يتركها، وكذلك لو باعها قبل أن يعلم الباعث فإن كان ربح فله، وإن رضع، فعلى المأمور وإن ابتاعها دون البلد لنفسه، فهي لهل دون الآمر، ربح فيها أو خسر، ويغرم الثمن، ولو اشترى بالبلد غيرها لنفسه أو لربها فذلك [سواء فإن كان فضل، فللآمر، وإن وضع ضمن المأمور].
قال سحنون، في العتبية، عن ابن القاسم: وذلك إن كانت موجودة في البلد، فربها مخير بين أخذ ما اشترى. أو تضمينه الثمن، وإن لم تكن موجودة، فاشترى بالبضاعة لنفسه سلعة، فهي كالوديعة يشتري بها شيئا لنفسه. وقال ابن المواز، قال ابن حبيب، عن مطرف: وإذا اشتراها المأمور بأيلة على الصفة للآمر، وقد أمره بشرائها بمصر، ثم رجع إلى المدينة، أو تمادى إلى مصر، ثم رجع إلى المدينة، فالآمر مخير، وضمانها من المأمور إن هلكت، كانت الجواري بمصر أرخص أو أغلى. وقال ابن الماجشون: إن أمره بشرائها بمصر لرخصها بها، فقد تعدى، والآمر بالخيار، وضمانها من المأمور، وإن كان أمره بشرائها بمصر لخروجه إليها، والأمر في الموضعين واحد، فليس بضامن. وبه قال ابن حبيب.
قال مطرف، وابن الماجشون: وإن اشتراها بأيلة لنفسه على الصفة، فمضى بها إلى مصر، وتلك الصفة بها / موجودة أو غير موجودة، ثم جاء بها،
[7/ 201]

(7/201)


فالآمر مخير بين أخذها، أو يضمنه الثمن، وكذلك لو اشتراها بمصر لنفسه، ولو باع المشتراه بأيلة أو بمصر، بربح، ثم اشترى له أخرى على الصفة، فقال مطرف: ربح الأولى للآمر، وهو مخير في أخذ الثانية أو تركها. وقال ابن الماجشون: الثانية لازمة للآمر، وفضل الأولى للمأمور؛ لأن الخيار عليه في عيبها لا في ثمنها، قالا: ولو لم يبع الأولى، واشترى أخرى بمصر، فجعله مطرف مخيرا فيهما، إن شاء أخذهما أو تركهما، أو أخذ أيهما شاء. وقال ابن الماجشون: تلزمه الثانية، وهو في الأولى مخير.
وروى عيسى، في العتبية عن ابن القاسم، إنه إذا لم يجدها بالبلد فاشتراها بغير البلد للآمر، إنه مخير؛ إن شاء أخذها أو تركها. وقال عيسى: تلزم الآمر إن كانت على الصفة وبالثمن فأدنى.
ومن كتاب ابن المواز: وإن أبضع معه بسلعة أو بحيوان ليبعه ببلد سماه، فباعها بدونه، فربها مخير أن يجيز البيع أو يضمنه القيمة ما لم يكن الذي أبضع معه طعاما فباعه بطعام، فيكون كما قلنا في الدنانير: البضاعة يصرفها بدراهم قبل بلوغه البلد الذي أمر بتركها فيه، فإن صرفها لنفسه، جاز وله وضيعتها وفضلها، فإن كانت لرب البضاعة، لم يجز الأن له فيه خيارا ولكن فضل ذلك لرب البضاعة ها هنا عبد أن يشتري له مثل دنانيره.
ولو بلغ الموضع فصرفها، أو اشترى غير ما أمر به، فإن فضل ذلك كله لرب البضاعة فعل ذلك لنفسه أو لربها.
قال: / قال عيسى: عن ابن القاسم: إذا أبضع معه في سلعة يشتريها له ببلد، فاشترى لنفسه غيرها دون البلد، فالربخ والنقصان عليه. ونحوه في كتاب ابن المواز. قال ابن حبيب، عن مطرف: وإن رجع بما اشتراها لنفسه، ولرجوعه وجه بين، فالفضل له، والوضيعة عليه، وإن اتهم أن يتصرف اغتناما للتجارة وتركا لما أبضع معه فيه، فربها مخير بين تضمينه، أو أخذ ما اشترى.
[7/ 202]

(7/202)


ومن العتبية، قال عيسى، عن ابن القاسم: فإن بلغ البلد فاشترى غير ما أمر به لنفسه، وهو يجد ما أمر به، فالآمر مخير بين أخذ ما اشترى أو يضمنه ماله، وإن باع بربح، فالربح لرب المال. قال ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون مثله، إلا أن مطرفا قال: إن باع بربح، فالربح للمتعدي، قال مطرف: والأرباح كلها للآمر، كالمقارض يتعدى في الشراء. قال مطرف: ولو اشترى ما أمره به بعد بيعه المشتراة لنفسه، فالآمر مخير؛ إن شاء قبلها، وإن شاء ضمنه قيمتها. وقال ابن الماجشون: بل تلزمه الثانية إن كانت على الصفة.
وقاله ابن القاسم، عن مالك وقاله أصبغ. قال عيسى، عن ابن القاسم: وإن لم يجد التي أمره بها، فاشترى غيرها، فالربح له، والنقص عليه، وروها أصبغ، وزاد: وذلك إن اشتراها لنفسه، فإن اشتراها للآمر، فهو مخير، والربح له، والمتعدي يضمن النقصان. وروى عنه سحنون مثله. وقال أصبغ، عن ابن القاسم، في المبضع معه بدنانير، ليشتري له بها قمحا، فاشترى بها شعيرا، وقال: اشتريته فالآمر / مخير في أخذ الشعير، أو أخذ دنانيره.
قال أصبغ: إنما هذا إن اشتراه للآمر، والقمح موجود هناك أو غير موجود، وأما إن اشتراه لنفسه، والقمح غير موجود، فهو له، لأنه تعدى على دنانير ـ يريد كالوديعة ـ إذا لم يجد ما أمر به.
[7/ 203]

(7/203)


في الوكيل على شراء سلعة يزيد في ثمنها أو ينقص
أو يبدل سكة الثمن
أو يبتاع ذلك الشيء مع غيره بالثمن
أو يبتاع ثم يبيعه
أو يشتري ما لم يؤمر به ثم يبيعه
ثم يشتري ما لم يؤمر به
قال ابن حبيب، عن مطرف، في المبضع معه في شراء سلعة يزيد في ثمنها؛ فأما الزيادة الكثيرة، فإن الآمر مخير أن يأخذ ذلك ويغرم الزيادة، أو يضمنه الثمن، وليس للمأمور أن يلزمه إياها بما أمره به وكذلك إن أبدل المال، فإن أن بين ذلك يسيرا لزمته ولزمه ما أبدلها به، وإن كان بينهما دنانير كثيرة، فالآمر مخير في قبولها أو ردها. وقاله مالك، وابن القاسم، وابن الماجشون، وأصبغ.
وقال في العتبية، عيسى، عن ابن القاسم، في المأمور يشتري جارية بمائة، فاشتراها بخمسين ومائة، وبعث بها إليه، ولم يعلمه، فأفاتها بعتق أو حمل، لم يلزمه غيرها، وإن باعها بأكثر، فالزيادة للمأمور حتى يبلغ خمسين ومائة، فيكون ما زاد للآمر، وإن زاد مؤتمن، ويحلف، فإن لم يذكر الزيادة حتى / طال الزمن، لم يقبل قوله بعد ذلك، إلا أن يشتغل بمن ذكر ذلك، بمثل ما يشتغل به الرجل في حوائجه، أو يكون في سفر، فيقدم فيقبل قوله، وإنما لا يقبل منه إذا أقام معه زمانا طويلا يلقاه، ولا يذكر ذلك.
ومن كتاب ابن المواز، في المبضع معه بمال في شراء جارية على صفة، فابتاع له المال جاريتين على الصفة، فإن اشتراها واحدة بعد أخرى، فالآمر مخير
[7/ 204]

(7/204)


في الثانية؛ أن يأخذها أو يدعها، فإن كانتا في صفقة، ولم يقدر على ثمنها، فهما لازمتان للآمر.
قال عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية، إن اشتراها في صفقة، فالآمر مخير؛ إن شاء أخذ واحدة بحصتها من الثمن، ورجع ببقية الثمن على المأمور، وإن شاء أخذهما جميعا. ولو أمره بشراء جارية بثلاثين، واشتراها وابنها بثلاثين، فالآمر مخير في أخذ الأم بما يصيبها من الثمن، أو يأخذها وولدها، إلا أن يكون الولد صغيرا، فيلزمه أخذهما أو يدعهما إن زعم أنه لم يعرف لها ولدا.
قال ابن حبيب، عن ابن الماجشون: إذا أمره بشراء جارية معينة أو موصوفة بثمن، فاشتراها به ومتاعا معها في صفقة، فالآمر مخير أن يقبل الجميع، أو يأخذ الجارية بحصتها من الثمن، وإن هلك الجميع قبل علمه فمصيبة الجارية وحدها بحصتها من الثمن، وإن اشترى ذلك في صفقتين، لزمته الجارية بثمنها.
وقال أصبغ: إن كان كله في صفقة، فالجميع لازم للآمر، وإن كان في صفقتين، لزمته الجارية بحصتها. ويقول ابن الماجشون اخذ ابن حبيب: وروى / يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، في المبضع معه في شراء رأس، فابتاعه بالثمن ثم باعه لصاحبه؛ فإن باعه بنقد فربه مخير في أخذ الثمن أو تضمينه القيمة، وإن باعه إلى أجل، لم يصلح له أخذ الدين إذا كان أكثر من القيمة عينا أو عددا؛ لأنه دين بدين وزيادة ولكن يباع الدين، ويأخذ الآمر الأكثر مما به، أو القيمة ما لم يكن طعاما، ولو باعه بثمن مثل القيمة، فأقل، جاز أن يتحول عليه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا اشترى غير الرأس الذي أمر به بمائة دفعت إليه، ثم باعه، فربح عشرة ثم اشترى بالجميع الرأس الذي أمر به، فالآمر مخير؛ فإن شاء قبلها وإن شاء ردها، وإن فاتت بحمل، لزمته بمائة، وغرم المأمور العشرة؛ لأنها بيده كوديعة لم يؤمر أن يشتري بها ولو ابتاع بالمائة والعشرة سلعة
[7/ 205]

(7/205)


لنفسه، فباعها بعشرين ومائة، لقسمت العشرة الثانية على أحد عشر جزءا، جزء منها للمأمور، وحصة العشرة التي هي كالوديعة تعدى فيها، ولو باع بأقل من مائة وعشرة، ضمن الخسارة. وكذلك روى ابن القاسم، عن مالك، في العتبية، أنه يضمن الخسارة.
قال ابن المواز في موضع آخر: وإن كان شراؤه السلعة الثانية للآمر، فجميع الربح له، والخسارة على المأمور، ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم، في رجل بمصر أمر أن يشتري له طعاما بالإسكندرية، فاشتراه، ثم باعه بزيت، فجاء بالزيت إلى الفسطاط، فالآمر / مخي أن يأخذه بمثل طعامه بالإسكندرية، أو بمثل الزيت بالإسكندرية، وإن اتفقا على أخذ هذا الزيت بالفسطاط، جاز ذلك، وفي كتاب الوديعة، من باع وديعة، ثم اشتراها.
في المأمور بالبيع مبيع بغير العين أو بعين
وقد أمر بعرض، أو بعرض،
وقد أمر بغيره، أو يبيع إلى أجل ما أمر ببيعه نقدا
أو بنقد ما أمر به تأخيرا
من كتاب ابن المواز: وقال في المأمور ببيع السلعة: إن باعها بغير العين، فالآمر مخير أن يجيز ذلك، وإن شاء بيعت له السلعة المأخوذة، فإن كان فيها زيادة أخذها، وإن نقصت عن القيمة، ضمن تمامها المأمور، وذلك إذا كانت سلعة الآمر لم تتغير بسعر ولا بدن. وفي المدونة لغير ابن القاسم: إن باعها بطعام ولم يفت، فليس له أن يضمنه، وليأخذها، أو يجيز البيع، وإن فاتت، فله إن شاء القيمة أو ما بيعت به وروى أصبغ، عن أشهب، في العتبية في المأمور
[7/ 206]

(7/206)


أن يبيع سلعة، فباعها بدراهم، ومثلها تباع بالدنانير، فلا بأس به قال أصبغ: يعني فلا ضمان عليه، وذلك إذا باع من الدراهم بصرف ما يباع مثله من الدنانير استحسانا، لأن الدراهم عين.
وروى عيسى عن ابن القاسم: وإذا أمره أن يبيعها بعشرة دراهم نقدا فباعها بخمسة أن عليه تمام العشرة؛ لاتمام القيمة، وإن باعها بخمسة عشر درهما، بيع الدين بعرض، ثم بيع العرض بدراهم، فإن نقص عن عشرة /، غرم تمامها، وإن كان أكثر، فهو للآمر. ولو قال المأمور للآمر: أنا أعطيك عشرة نقدا، وأنتظر الخمسة لحلولها، فرضي الآمر، قال: وإن كانت الخمسة عشر لو بيعت بيعت بعشرة، فأقل، جاز ذلك إذا عجل العشرة، وإن كانت تباع باثني عشر، لم يجز؛ لأنه كأنه فسخ ديناريه في خمسة إلى أجل. قال عيسى: لا يجوز ذلك عند أشهب في كل وجه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا لم يسم له شيئا، فباعها بثمن مؤجل، فرضي به الآمر، فإن كانت السلعة قائمة بيد المشتري، لم تفت، فرضاؤه جائز، وإن فاتت لم يجز. قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، في العتبية، أما إذا باعها إلى أجل بأكثر من القيمة، فلا يجوز أن يرضى به، وإن كان بمثل القيمة فأقل، فيجوز أن يتحول الآمر على المشتري؛ لأنه مرفق منه للمتعدي، وإن باعها بأكثر، فرضي المتعدي أن تعجل له القيمة ويقبض ذلك لنفسه عند الأجل، ويدفع [ما زاد على القيمة إلى الآمر] أجبر الآمر على ذلك، ولم يمكن من بيع الدين.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، إذا أمره ببيعها بعشرة إلى شهر، فيبيعها بسلعة إلى شهر، فإن السلعة المؤخرة تباع بعين، ثم للآمر الأكثر من ذلك، أو من قيمة سلعته، ما لم يكن ذلك أكثر من العشرة التي أمره أن يبيع بها، وإنما تباع
[7/ 207]

(7/207)


المؤخرة إن كان فيها الفضل، وإلا فله القيمة، إلا أن تكون أكثر من العشرة التي سمى له إلى أجل، وقد قال: لا ينظر إلى ما سمى له من الثمن، ولكن إلى قيمة السلعة.
ولو أمره ببيعها بفرس نقدا أو إلى أجل، أو بطعام إلى أجل، فباع في هذا كله بحمار إلى أجل فهو كما لو لم يسم له ثمنا، ويباع المؤجل، فإن كان فيه كفاف قيمة السلعة وإلا ضمن تمامها، ولو أمره ببيعها بحمار نقدا، فباعها بطعام إلى أجل، غرم القيمة نقدا، فإذا قبض الطعام بيع، فما كان فيه من فضل، فللآمر [وما كان من نقص، فعلى المأمور، ولو أمره] ببيعها بمائة أردب قمحا نقدا، فباعها بدنانير نقدان أو بعرض نقدا، فإنه يشتري له بذلك طعام، فإن بلغ ما سمى له، وإلا فعليه تمام ما سمى له الآمر. وإن أمره أن يبيع دنانير نقدا، فباع بعرض نقدا، فهو مخير، في قيمة سلعته، أو العرض الذي باع به إن كان نقدا، وإن باع بدنانير أو عرض إلى أجل، لم يجز أن يتحول فيه؛ لأنه تحول من العين في أكثر منه، أو في خلافه، كذلك من تعدى في سلعة رجل، فباعها بثمن إلى أجل، فليس لربها الرضاء بالمؤجل.
قال عنه يحيى: إلا أن يكون المؤجل مثل قيمتها.
قال عنه عيسى: ليبع ذلك بعرض ثم يباع العرض بعين، ثم يكون لربها الأكثر من ذلك أو من القيمة وإن باع بطعام إلى أجل، أخذت منه القيمة الآن، فإذا قبض الطعام بيع، فما كان فيه من فضل عن القيمة، أخذه الآمر، وإن نقض فمن المأمور، وإن أمره ببيعها بطعام سماه نقدا، فباعها بأكثر منه إلى أجل، فلتؤخذ من المأمور التسمية، ويرجى المؤجل، فإذا قبض كان الفضل للآمر. ولو أمر ببيعها بعشرة أردب قمح إلى شهر، فباعها بسلعة / نقدا، فالآمر مخير بين أخذ ما باع به، أو يضمنه القيمة. وكل مأمور بالبيع إلى أجل فهو كمن لم يسم
[7/ 208]

(7/208)


له ثمن، وكذلك كل مأمور أن يبيع ما لا يقضى بمثله، فكمن لم يسم له ثمن. قال: وإن أمره يبيع له كبشا، ولم يسم له ثمنا، فذبحه، ثم باعه لحما بعشرة دراهم إلى شهر، فتباع العشرة بعرض، ثم يباع العرض بدراهم، ثم له الأكثر من ذلك، أو من الكبش، ولا أعرف أن له قيمة اللحم إن طلبها. ولو أمره ببيعه بدينار، فذبحه، ولم يبعه، فعليه الأكثر من قيمته، أو الدينار، كما لو أعطاه ثوبا يبيعه بدينار، فوهبه أو تصدق به وفات، أو اشتراه لنفسه أو قطعه لنفسه، فله الأكثر من قيمته أو الدينار. ولو أمره ببيع قمح بعشرة دنانير، فباعه بسلعة، فله أن شاء السلعة أو مكايل القمح، كما لو دفع إليه عشرة دنانير؛ ليشتري له بها عشرة أرادب قمح، فاشترى له عدسا، أو سلعة، فهو مخير أن شاء مثل دنانيره أو هذا العدس أو السلعة، وليس له ها هنا أخذه بما سمى له من القح؛ لأن من تعدى على عين أو طعام، لزمه مثله.
ولو أمره ببيع دابته بدينارين، فباعها بدينار، ثم باعها المبتاع بأربعة، فإن وجدها ربها، فليس له إلا أخذها، وإن فاتت أخذ دينارا آخر من المتعدي، فإن أعدم أخذه من مشتري الدابة، ويرجع به المشتري على المتعدي.
قال مالك، في كتاب ابن المواز: ومن أمر رجلا ببيع سلعه، وقال له: بعها بما تراه. فباعها بما لا يعرف من البيع فهو ضامن. قال محمد: يريد إذا باعها غير العين، وبما لا تباع به / وتلك السلعة. ومن سماع سحنون، من ابن القاسم: وإذا قال: اشتر إلي دابة بعينها، أو موصوفة بعبدي هذا، فباع العبد بثمن، ثم اشترى بالثمن حمارا، ثم اشترى به الدابة، فالآمر مخير إن شاء أخذ منه قيمة عبده أو الثمن الذي باعه به، وإن شاء أخذ قيمة الحمار أو الدابة التي اشترى له. ومن المجموعة ومن أمر ببيع سلعة بعشرين، فباع نصفها بعشرة، فإن
[7/ 209]

(7/209)


كان إذا أراد بيع النصف الباقي لإتمام عشرين وجد ذلك، فليس بمتعد، وإن كان ينقص فهو متعد.
وقال أشهب، في المجموعة فيمن أمر رجلا ببيع سلعته، فباعها بدين، وأخذ بها رهننا، فلربها أخذها إن لم تفت، وإن فاتت قيمتها أكثر من الثمن المؤجل أخذه بالثمن المؤجل نقدا، وليس له غيره؛ لأنه قد أباحه أن يبيع بمثل ذلك نقدا، والرهن رهن للمتعدي، وله طلب الثمن، قال: وإن كان قيمتها أقل، غرم قيمتها نقدا، ثم ابتعتها أنت وهو المشتري بالثمن له مما دفع إليك، وأعطى منه الفضل والرهن، لكما إن شئت رهننا بذلك ويضمناه عليك فيه بقدر الذي لك، وإن تلف في يديه، فغرم قيمته، رجع عليك بمقدار ما كان لك فيه، وإن غرمت أنت الذي كان لك فيه، لم يغرم الذي كان في يديه ما فضل عن قيمته، كما لو وكلت من يبيع سلعة بينك وبينه، على أن يرتهن رهنا يغاب عليه ثم تلف الرهن في يديه، لضمنتماه، ثم هو يضمن جميعه، وأنت تضمن نصفه.

في المبضع معه ببضائع فيخلطها
أو يخلط / ما اشترى بها
أو يصرف بعضها ببعض أو يتسلف [منها، أو يبذلها
أو يسلفه] من عنده حتى يبيع سلعته
من العتبية، وكتاب ابن المواز من سماع ابن القاسم: ومن أبضع معه ببضائع شتى؛ ليشتري رقيقا، فيخلطها ثم يشتري لهم رقيا، قال في العتبية
[7/ 210]

(7/210)


مختلفة وفي كتاب محمد جملة، أو مفترقة، ثم أعطى كل إنسان بقدر بضاعته رأسا بنحو ما أبضع معه، فأعطى لواحد جارية مريضة اشتراها. كذلك، فهلكت، ثم أقر بما صنع، فهو ضامن إذا لم يكن في أصل شرائه لكل واحد رأس بعينه، وإن قال: اشتريتهما لصاحبهما مفردة، صدق مع يمينه.
قال سحنون: لا يحلف ولا يضمن إذا كانت مفردة في مرض يجترأ على مثله، لم يضمن في المخوف. قال: ولا يضمن الآخرون في هذه المريضة شيئا.
قال مالك، في الكتابين: وإذا أمروه بشراء طعام، فجمع مالهم في شراء الطعام، فلا يضمن هذا ما هلك، وليس بمتعد.
قال ابن القاسم، في كتاب محمد، وكذلك ما كان يقسم بكيل أو وزن، فله أن يشتريه لهم مشاعا، ثم يقسمه، وأما ما لا ينقسم إلا بالقيمة فهذا يضمن. قال محمد: بخلاف العامل في القراض يخلط أموال المقارضين له، وأما فيما يقسم بالقيمة؛ لأنه إليه البيع، وليس ذلك للأول. ومن كتاب ابن سحنون، وقال فيمن دفع إليه رجل أربعين دينارا، فقال: اشتر إلي بها رأسين وبعهما، واحرز على الربح فيهما، ودفع إليه آخر ثمانين دينارا، وقال: اشتر إلي بهما رأسا وبعه /، واحرز علي الفضل. فاشتري لكل واحد ما أمره، ثم باع رأسا بمائة دنيار، وآخر بستين، وآخر بأربعين، ثم لم يدر لمن كان الرفيع منهما؟ وتداعيا الأرفع أو لم يتداعياه، وادعى الآمر، قال سحنون: من أصحابنا من يضمنه مائة لهذا، ومائة لهذا بعد أيمانهما، ويقال لصاحب الرأسين: ما الذي لك صاحب الستين أو صاحب الأربعين؟ فأيهما ادعى، حلف [وكان له، ومن أصحابنا] من لا يضمنه، ويتحالفان على [المائة ويقتسمانها، ويقال] لصاحب الرأسين:
[7/ 211]

(7/211)


ما الذي، أصاحب الستين، أم صاحب الأربعين؟ فاحلف عليه، وخذه ثم يكون الباقي بينهما؛ لأن كل واحد يزعم أنه بقي له من ماله خمسون، وإذا لم يدعيا ذلك، فلصاحب الرأسين ثلاثون ومائة، ولصاحب الرأس سبعون. وروى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن أبضع معه رجل بدنانير، وآخر بدراهم؛ لشراء شيء، فصرف هذه بهذه بصرف الناس، فلا بأس به وذكر في كتاب محمد، في الصرف، أن لو حضر أحدهما، كان أحب إليه. وروى عبد الملك بن الحسن،، ابن وهب: في المبضع مع يريد يتسلف منها فإن كان مليا، فلا بأس به، وإن كان غير ملي فلا. وروى عيسى، عن ابن القاسم، وهو في كتاب ابن المواز، في المبعوث معه بمائة درهم أندلسية؛ ليقضي عنه لرجل بمصر، فاحتاج فأنفقها، ثم لم يجد بمصر دراهم أندلسية إلا خمسين، فدفعها إلى الرجل، ثم رجع فاشتراها منه بدنانير، وقضاه إياهما تمام المائة درهم الأندلسية، وكتب عليه براء، قال: فليعلم الآمر / بذلك فإن سلمه، وإلا دفع إليه مثل دنانيره، وأغرمه مثل الدراهم. وكذلك لو دفع عنه عرضا فدفع إليه قيمة العرض، وأخذ منه خمسين درهما.
قال محمد: وخالف أصبغ بغير حجة، وقول ابن القاسم صواب إن كان صرف الدراهم وردها مكانه، فلم يتم صرفه، وصار كأنه قضاه عنه دنانير. ولو اشتريت الدراهم من غيره، كان جائزا، وإن لم يقضه هذه الدراهم حتى تفرقا وبعد يوم ويومين، لجاز. وقال عيسى في العتبية، في الجواب الأول: إنه إن أعلمه أنه أرسل معه دراهم، ثم عامله هذه المعاملة فذلك جائز، وليس لأحد في خيار، وإن لم يعلمه، وإنما قال له: أمرني فلان أن أقضيك دينك فالجواب
[7/ 212]

(7/212)


على ما قال ابن القاسم. وقال ابن وهب في المبضع معه بدنانير؛ ليشتري شيئا، فيسلفها، ثم استوجب ما أمرب به بدنيار، ثم قضاه فيه دراهم من عنده، فلا بأس بذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أبضع معه بدينار ينقص حبتين، واشترى من عنده بدينار قائم، فلا يضمن، وإن لم يعلم صاحبه. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وقال: ولا أرى عليه شيئا، إلا أن يخبر لصاحبه.
قال مالك، في سماع أشهب، فيمن بعث معه رجل عشرين دينارا وثوبا؛ ليبيعه ويبتاع له بالجميع ثوبا، فاشترى له الثوب بأحد وعشرين، زاده من عنده دينارا قبل بيع الثوب، ثم باع ثوبه بعشرين درهما /، هل له أخذها بديناره؟ قال: لا بأس بذلك، ولكن يخيره إذا قدم، قال: وإن أبى من ذلك، أعطاه دينارا وأخذ منه عشرين درهما. قال أشهب: وقاله إلي ابن أبي حازم، فقلت: أو ليس هذا صرف مؤخر؟ قال: لا تشدوا على الناس، فليس الأمر كما تشددون.

في الوكيل يضع عن المشتري، أو يصالحه
وفي الوكيل بالبيع يزاد في السلعة
وقد باعها بخيار، فلا يقبل الزيادة.
من العتبية روى أصبغ، عن أشهب، في البائع للسلعة بوكالة يضع للمبتاع بعد البيع من الثمن، فذلك باطل، والآمر مخير في أن يجيز ذلك ويرجع على المشتري، ولا رجوع له على الوكيل، قال: ولو تحاكما إلى بعض قضاة أهل المشرق، فحكم بالوضيعة على الوكيل، لأنفذت ذلك، ولم أر على المتباع شيئا، ونزلت بأشهب وهو المبتاع، فحكم له بالوضيعة على الوكيل، فصالح البائع على نصف الوضيعة وحاله.
[7/ 213]

(7/213)


ومن سماع ابن القاسم، وعن الوكيل يبيع السلعة بثمن على أن يشاور ربها ثم زيد فيها، فعليه أن يخبر صاحبها بالزيادة وبمن زاده، وبالأول، فقد يكره معاملة أحدهما، وإن كان أقلها عطاء، فإن أمره بالبيع من الزائد، فرجع الزائد فذلك، يلزمه وروى أشهب المسألة من أولها.
وروى يحيى بن يحيى، في الوكيل على اقتضاء دنانير فصالح منها على دراهم أو عرض، فالآمر بالخيار؛ أن يجيز ذلك، أو يفسخه، ولا يضمن الوكيل الدنانير /، وإن صارفه لنفسه، لم يجز؛ لأنه صرف إلى أجل. وقال في كتاب محمد، في الموكل يقبض دينارا يأخذ دراهم لربه، فرضي، فلا يجوز، ولو قبض الدراهم لنفسه؛ على أن يعطى دينارا لربه، لم يجز؛ لأنه صرف مؤخر، ويرد الدراهم على من قبضها منه قال محمد: ولو كان الوكيل إنما سلف الدينار من الآمر، أو وهبه له، جاز له أخذ الدراهم. وقال في الوكيل يأخذ بالدينار طعاما لنفسه، على أن يدفع الدينار من عنده، فهو جائز، ولا خيار للآمر في ذلك، ولا حجة، وإن أخذ ذلك الآمر، فالآمر مخير.

في المبضع معه بالبضاعة لا يجد البيع، فيودعها
أو يتمادى بها إلى موضع آخر
أو يودعها في طريقه لخوف، أو جعلها في شجرة
أو أقام ببلد فبعض بها
أو قيل له تكون على حقويك فلم يفعل
أو انتحر البعير، وقال: خفت عليه الموت
من كتاب ابن المواز: ومن أبضع معه ببضاعة، فليس له أن يودعها، ولا أن يبعث بها مع غيره، إلا أن تحدث له إقامة في بلدة ولا يجد صاحبها أو يجد من يخرج إلى حيث أمر صاحبها فله توجيهها.
[7/ 214]

(7/214)


قال ابن حبيب: قال مطرف، فيمن أبضع معه ببضاعة يدفعها إلى عياله، فيرسلها المأمور مع غيره، فضاعت، فلا يضمن، كان ذلك لعذر أو لغير عذر، إذا كان الذي بعثها معه مأمونا، وقال إلي مالك في الذي يحبسه أمر في طريقه ببلد، فيبعث بها، أنه لا يضمن إن بعث مع أمين. قال / مطرف: ولو اجتهد في أنه أمين، فإذا هو غير أمين، فلا ضمان عليه. قال مطرف: ولو قال الآمر: قد أمرتك ألا تخرج من يديك، ولا تدفعها إلى غيرك. وأنكر ذلك المأمور، فالمأمور مصدق، وإن لم تقم بينة. قال ابن الماجشون، وأصبغ.
قال مالك، في كتاب ابن المواز، وفي العتبية، من سماع ابن القاسم، فيمن أبضع معه من مكة إلى مصر، فحدثت له إقامة بالمدينة، فله بعثها مع ثقة.
وقاله ابن القاسم، وابن وهب. قال عيسى، عن ابن القاسم، وفي العتبية ولا يضمنها المبضع معه إن ذهبت من الرسول.
قال، في الكتابين وإن لم تكن معه. قال في العتبية محمل لها. وقال في كتاب محمد: حرز لها، فأعطاها لغيره في سفره ممن يثق به، فلا يضمن، ولو فعل هذا وعنده لها محمل، ضمن، كالمودع في الحضر يودع لغيره، فإن كان لغير سفر ولا خراب منزل، ضمن، وكذلك إن كان لسفر وربها حاضر.
قال أشهب، في كتاب محمد: إلا أن يودعه ومنزله خراب عالما، ولم يزد خرابه إلى ما هو أخوف ولا سفر، فيضمن إن أدع.
ومن العتبية قال سحنون، عن ابن القاسم: إن كانت إقامته بالمدينة يسيرة، ضمن إن بعث بها، وإن كانت إقامته بها كثيرة، فحبسها، ضمنها إن تلفت.
[7/ 215]

(7/215)


قال أصبغ في المبضع معه ليبلغها إلى موضع، فأودعها في بعض الطريق مع متاع له، ويذكر أنه خاف عليها، فهو مصدق، ولا يضمن، ولو أمر ببيعها في بعض الطريق، ويبلغ الثمن إلى البلد آخر، فلم يعطه بها في الطريق ما يرضاه، فأودعها في الطريق ومضى إلى بلده، فإن سمى له ثمنا فلم يجده، فلا شيء عليه إن خلفها عن عجز، أو من أمر صاحبها ألا يجاوز الموضع، وإن لم يسم له ثمنا وقد أمره بالبيع بذلك الموضع لا يجاوزه، فترك ذلك، وجاوز بها إلى موضع آخر، ضمن، وإن كان ذلك نظرا عنده، لم يصدق، وأما إن تركها بمكانها نظرا ليعاود البيع، لم يضمن، وإن أمر بالبيع ولم يأمر أن يخلفها، وأهمل المضي بها إن لم يستطع هناك البيع، فخلفها عن غير عجز ولا عذر ولا خوف بين، ضمن.
وروى عيسى، عن أبي محمد المخزومي، عن مالك، في المبضع معه ببضاعة، وقيل له لا تفارق حقوبك. فجعلها في عيبته، ضمن.
وقال سحنون، في المبضع معه بمال، فخرج عليه لصوص، فألقاه في شجرة، أو أعطاها لمن ينجو بها، فذهبت، فلا ضمان عليه.
وروى أشهب، عن مالك، فيمن بعث ببعيرين مع عبد، فادعى أن أحدهما تهشم، فخاف عليه فنحره، فأكل منه، لا بينة له قال: أين أصابه ذلك؟ ألا يعلم ذلك أحد قبل إصابة ذلك في صحراء؟ قال: وهو ضامن. وكذلك من نحر بعيرا لرجل، وقال: خفت عليه الموت. لم يصدق قال: وهي جناية تلزم السيد.
[7/ 216]

(7/216)


باب في الوكيل يشتري الجارية للآمر، ثم يطؤها
ويبعث إليه، أو يبعث بجارية ثم يقدم بأخرى
فيقول: هذه جاريتك
أو يبعث بجاريتين لرجلين
فيغلط الرسول بينهما.
من العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن بعث مع رجل مالا في شراء جارية، فاشتراها له، وأشهد بشرائها له، ثم وطئها وأعطاه / غيرها، فوطئها الآمر، فحلمتا جميعا، ثم أقر بذلك، أو قامت به بينة، فإن عذر المأمور بالجهالة، وتؤول أن يأخذها ويعطى الآمر غيرها، لا على وجه الزنى لم يحد، وخير الآمر في أخذ جاريته وقيمة ولدها، أو بأخذ قيمتها ولدها وقد قال: قيمتها فقط.
ويخير في الجارية التي في يديه، إن شاء ردها على المأمور، ولا شيء عليه من قيمة ولدها، وقد قال: مع قيمة ولدها. وإن شاء دفع إليه قيمتها يريد إلا أن يكون ثمنها أقل، فذلك له، وإن لم يعذر المأمور بالجهالة حد، وأخذها الآمر، وولدها رفيقا له.
قال: وهذا إذا ثبت ما ذكرنا بينة، فإن لم تكن بينة، لم يقبل قوله على شيء من ذلك، وكانتا أمي ولد للأول والآخر، إلا أن الأول يغرم فصلا إن كان فيها على قيمة ما دفع، قال ولو لم تحمل المبعوث بها كان مخيرا فيها أيضا، وكذلك إن كانت أكثر ثمنا. وذكر ابن حبيب عن أصبغ نحو ما ذكر عيسى، عن ابن القاسم، إلا أنه قال: قامت بينة، فللآمر أخذ قيمة جاريته، وقيمة ولدها، أو يأخذ قيمتها وقيمة ولدها، وإن لم تكن بينة إلا إقراره، فالجواب في الحد أو درايته سواء، ويغرم للآمر قيمة الأمة وولدها، وهي له أم ولد لا نسترق بإقراره، وأما التي أولدها الآمر، فهي له أم ولد، كانت بينة على أصل الشراء أو على الإقرار فقط؛ لأنه أباحه إياها، وعليه له قيمتها فقط، وإن لم تلد، فهو فيها مخير، قال سحنون، عن
[7/ 217]

(7/217)


ابن القاسم، في العتبية: وإذا اشترى له جارين فوطئها ثم حملت، فإن كان / يتأول أنه أخذها ليشتري له غيرها، لا على وجه الفسق، لم يحد، للآمر أخذها مع قيمة ولدها، أو يأخذ قيمتها يوم الوطء، ولا شيء عليه في الولد، وإن لم تحمل، فإن شاء ضمنه قيمتها، وإن شاء أخذها ولا شيء عليه فيما نقصها.
ومن كتاب ابن المواز، قال فيمن بعث معه ليشتري جارية على صفة، فاشتراها على الصفة، ثم وجد غيرها على الصفة وأفضل، فاشتراها له، وحبس الأولى لنفسه، وأشهد بذلك، وبعث الثانية إلى الآمر، فالآمر مخير في الجاريتين جميعا؛ إن شاء حبسهما ودفع ثمن الثانية، وإن شاء حبس أيهما شاء، وإن حلمت الأولى من المأمور، فللآمر أخذها مع قيمة ولدها بعد أن تضع، وهو في الأخرى مخير.
قال: ولو كان إنما أمره بجارية بعينها، جارية فلان، فبعد أن اشتراها له أشهد على نفسه أنه أوجبها على نفسه مثل الثمن أو أكثر، ثم وطئها، فهو زان، ويحد، ولا يلحق به الولد، ويصير مع الأم رقيقا للآمر. وقال عبد الملك. وقال ابن القاسم ما يدل على مثله فيمن اشترى جارية من رجل لغيره يعلم أنه افتات عليه فيها، ثم وطئها، فهو زان، ولا يلحق به الولد، ولو زوجها له تعديا فتزوجها عالما بذلك، لم يحد للشبهة، والولد لاحق، وهو رقيق لسيد الأمة.
قال في كتاب ابن المواز: واذا بعث معه بمائة دينار يشتري له جارية على صفة، وبعث بها، فوطئها بعد الاستبراء، فحملت، ثم قدم المأمور بأخرى، فقال: هذه [التي] اشتريت لك، وإنما / بعثت بالأولى وديعة تكون إلي عندك فإن أقام بينة أنه ابتاع الأولى لنفسه، فله أخذها مع قيمة ولدها، فإن لم تقم بينة، لم يصدق، ولو كان ثمنها أكثر من المائة، لم تكن له الزيادة، ولو كان أقل من المائة.
[7/ 218]

(7/218)


أخذ ما بقي، وهو مخير في التي قدم بها؛ إن شاء أخذها بما اشتراها له به، وإن شاء تركها، ولا تلزمه؛ لأنه يقول: الأولى جاريتي، وإنما أمرت بواحدة، ولا بينة لك على دعواك.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن أبضع معه رجلان في شراء جارية لكل واحد، وبعث هذا بمائة دينار، وهذا بخمسين دينارا، فاشترى لهما، وأشهد أن هذه اشتراها لفلان، وهذه لفلان، وبعث بهما إليهما، فغلط الرسول، فدفع جارية هذا إلى هذا، وجارية هذا إلى هذا، فوطئ كل واحد منهما وحملتا فإن كانت له بينة فليأخذ كل واحد منهما جاريته، ويأخذ قيمة ولدها من الوطئ، وإن لم تكن بينة إلا قول المأمور، لم يصدق، وينظر إلى قيمة التي زعم أنه اشتراها لصاحب المائة فإن زادت قيمتها على خمسين، غرمها له.

في المأمور بشراء جارية بثمن قبضه، فاشتراها وتلف الثمن
أو يشتري له ما أمره به فيتلف أو يهلك
من العتبية، من سماع ابن القاسم، وعن المأمور بشراء ثوب فاشتراه، ثم قال للبائع: أنا أذهب به، فأريه للآمر. وضاع [قال: قيمته ضامنة على الذي أرسله] وقد جرت في كتاب الخيار لابن المواز، أنه اشتراه له بالخيار. وروى عيسى، عن ابن القاسم، في المبضع معه في شراء جارية من أطرابلس، فابتاعها، وقال لربها سأنقدك الثمن. وبعث بها، ثم تلف الثمن. فإن رجع في طلب الثمن عندما ابتاع، فان لم تفت الجارية بحمل، خير الآمر في غرم الثمن. وأخذها، أو ردها للمأمور، وإن حملت كانت للآمر بلا ثمن، وعلى المأمور غرم الثمن. ولو فرط في دفع الثمن طويلا بما في مثله يعرض للتلف، فعليه غرمه، والسلعة للآمر، كقول
[7/ 219]

(7/219)


مالك في الرسول بمال يدفعه إلى رجل، فقدم فلم يدفعه، وزعم أنه هلك، فإن هلك عند قدومه بما لا يعد به مفرطا، لم يضمنه، وإن أطال حبسه حتى عرضه للتلف، ضمنه ومن موضع آخر.
قال المغيرة، في الوكيل على شراء سلعة بثمن دفع إليه، فابتاعها، ثم ضاع الثمن، أنه يلزم الآمر غرم الثمن ثانية، سواء قال له: اشتر بهذا المال، أو اشتر، ثم أنقدك.
ومن كتاب ابن المواز، في المبضع معه بمائة دينار لشراء جارية ويعتقها، فاشتراها وأعتقها، ثم وجد الثمن قد تلف، فالعتق نافذ، والولاء للآمر، والرسول ضامن للثمن، ولا يرجع به.
ومن العتبية، روى عيسى [بن دينار ُ] عن ابن القاسم، عمن عليه لرجل دين، فأمره أن يشتري له سلعة، فقال: قد ابتعتها لك ثم ذهبت، أو أبق.
إن كان عبدا، فالمصيبة من الآمر. ومن كتاب ابن المواز: والمأمور بشراء سلعة أو جارية، يقدم فيقول /: اشتريتها وضاعت، أو سرقت، أو قطع على الطريق.
فهو مصدق مع يمينه، ويأخذ الثمن من الآمر فيما يغاب عليه، ولكن إن ادعى فيما لا يغاب عليه من الحيوان، إن قال: مات وسئل أهل رفقته، فلم يعلم ذلك، وهم ثقاب، تبين كذبه، وأما غير الموت، وغير الحيوان، فهو مصدق، ويلزم الثمن المأمور، وإن قدم بذلك، وأراد حبسه حتى يأخذ الثمن، فليس له ذلك، ولا له أخذ الثمن حتى تدفع إليه السلعة، فإن منعه منها حتى مات أو تلفت، ضمن القيمة في الحيوان وغيره للتعدي بالمنع له، إلا أن يكون قال: اشتره
[7/ 220]

(7/220)


واحبسه حتى أعطيك الثمن. أو قال له بعد أن قدم مثل ذلك، فلا شيء عليه في الحيوان، وله الثمن، وأما ما يغلب عليه، فهو ضامن له، كالرهن.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا صدق المأمور في تلف ما اشترى، ووجب له الرجوع بالثمن على الآمر إن لم يكن كان قبضه، قال: وإن أخذه منه ثانية، ثم قال: تلف لي أيضا. فعليه أبدا أن يغرمه الآمر حتى يصل إلى البائع، وإذا كان دفع إليه الثمن أول مرة، فتلف، لم يكن على الآمر غرمه ثانية، وتصير مصيبة العبد من المأمور وعليه أن إلا أن يسلم العبد، فيجب للآمر أن يأخذه بدفع الثمن ثانية فذلك له؛ لأنه له اشتراه، وإذا نقد المأمور من عنده، ثم قال: هلك العبد.
فله أخذ الثمن من البائع، وإن أخذه، فتلف منه، فلا شيء له على الآمر [ها هنا] لأن المأمور، إنما أسلفه فقد استوفى سلفه، وإذا لم يكن دفع إليه الثمن، وإنما أمره أن يسلفه عليه، فالآمر أبدا ضامن للثمن حتى يستوفيه البائع ـ يعني في تلف ما تسلف له قبل [أن] يقبضه البائع ـ ولو قبضه البائع، ثم طلب به المأمور الآمر، فأخذه منه، فتلف قبل أن يصل إلى من أسلفه إياه، فعلى الآمر غرمه أيضا حتى يصل إلى من كان أسلفه إياه.
في اختلاف الآمر معه المأمور فيما ولي
وشهادة المأمور فيما أمر بدفعه، أو أمر باقتضائه
من كتاب ابن حبيب، قال مطرف، في المأمور يقول: بعثت معي بكذا لأدفعه إلى فلان، وقد فعلت. وقال الآمر: بل أمرتك أن تدفعه إلى فلان آخر.
قال مالك: فالآمر مصدق، وإن لم تقم بينة، ويضمن المأمور، ولا يرجع به على قابضه، لأنه مقر أن ما قبض هو له. قال مطرف: وكذلك لو لم يقر أنه أمره بدفعه إلى أحد، ولو اجتمعا على الدفع إلى رجل، فقال المأمور: أمرتني بالدفع إليه عطية له، وقد فعلت: وقال الآمر: لم آمرك إلا بدفعه إليه على غير عطية.
[7/ 221]

(7/221)


فالقول قول الآمر مع يمينه، ويضمن المأمور، ولا يرجع بالمال على من دفعه إليه، ولا يكون مقام شاهد، لأنه غارم، إلا أن يكون لم يدفع المال بعد، فتجوز شهادته مع يمين المشهود له، ويأخذ المال، وإن كان المشهود له غائبا، لم تجز شهادته؛ لأنه يتهم على بقائه في يديه. وكذلك في كتاب ابن ميسر ن وذكر / أنه قول مالك.
قال ابن حبيب، عن مطرف: وإذا جعلت المأمور ضامنا وقد أغرم فللآمر أن يأخذ المال ممن قبضه، ثم لا يرجع به غارمه الآن على المأمور. قال ابن الماجشون: إلا أنه رأى للمأمور أن يرجع بالمال إذا غرمه على من دفعه إليه؛ لأنه يقول: لم أهبك من عندي، ولكن بلغتك قول غيري. وقال مثله أصبغ. قال ابن حبيب: وقول مطرف أحب إلي، وقد قال به أصبغ أيضا. وذكر أن ابن القاسم يقول: أن قال الدافع: أمرتك الدفع إلى زيد. وقال المأمور: إلى عمرو.
فالمأمور مصدق، إلا أن يقول الآمر: لم آمرك بالدفع إلى أحد. فالآمر مصدق وكذلك إن قال: لم آمرك أن تدفعه إليه. وقال المأمور: بل أمرتني بدفعه إليه صدقك منك. فالآمر ها هنا مصدق، وكذلك إن قال: أمرتك أن تدفعه إليه. وقال المأمور: بل أمرتني بدفعه إليه صدقة منك. فالآمر مصدق ها هنا. وقال أصبغ: الآمر مصدق في الوجهين. وقد جرى من هذا الباب في كتاب الودائع.
ومن العتبية روى عيسى؛ عن ابن القاسم، في رجل لرجل عليه عشرة دنانير، ولرجل آخر مثلها، فوكلا من يقبض ذلك لهما، فقبض منه عشرة، فقال الغريم: إنما قبضتها لفلان. وقال الوكيل: ما دفعتها إلا قضاء للآخر. أو قال: بينهما. وقد فلس الغريم، قال: أرى أن ما اقتضى بينهما. وفي باب موت المبعوث إليه بالصلة، ذكر شهادة الرسول، وفي باب المسائل المختلفة، من معنى هذا الباب / أيضا.
[7/ 222]

(7/222)


ومن العتبية روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، وسئل عن الرجل يبعث بالمال مع رجل إلى فلان، فقدم عليه، وقام غرماء الباعث، فأرادوا أخذه، فقال الرسول: قد أمرتني بدفعه إلى فلان. وقال: إنما تقاضيته له من دين له. قال: سمعت مالكا يقول، فيمن بعث مع رجل بمال وهو خارج إلى بلد، ثم لحقه، فطلب أخذ المال، فقال له: قد أمرتني بدفعه إلى زيد صدقة منك عليه.
فقال: إن كان زيد حاضرا، حلف مع شهادة الرسول، وأخذ منه المال، وإن غاب، لم تجز شهادة الرسول، وليرده إلى الذي بعثه، فكذلك مسألتك إن كان الذي شهد له الرسول حاضرا، حلف معه، وأخذه، وإن كان غائبا، فليأخذه الغرماء، لأنه يتهم الطالب على إقرار المال بيده.
ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن دفع إلى رجل ألفا، فقال القابض:
أمرتني بدفعها إلى فلان. وقال ربها: لم آمرك بشيء فربها مصدق مع يمينه. وإلى هذا رجع مالك، وهو قول ابن القاسم.
ومن قال: وضع فلان علي يدي ألف درهم صدقة على فلان؛ لأدفعها إليه. وقال ربها: لم آمره بدفعها إلى فلان: فرب المال مصدق مع يمينه، والرسول ضامن ـ يريد وقد دفع المال ـ وإن قال: دع إلي فلان الميت مائة دينار لأتصدق بها على المساكين، ولا بينة له، فإن أقر بذلك الورثة وهم جائزوا الأمر، جاز ذلك، وإن أنكروا لم يقبل منه إلا بينة يريد شاهدا آخر معه، وهو لم ينقدها بعد. قال: وإن قال: أمرتني بدفعها إلى قوم ذكرهم بأعيانهم، فليحلفوا مع شهادته / إن كان عدلا، وهذا إذا كانوا حضورا، وأما أن كانوا غيبا، فهو متهم، ولا يجوز قوله، وهذا ما لم يكن دفعها، ولو كان قد دفعها، لضمن، ولم يكن شاهدا. ولو قال: دفعها إلى رجل لأتصدق بها، وقد فعلت: والرجل الدافع إليه مجهولا لا يعرف، فهذا لا شيء عليه، ولا يؤخذ بشيء فرقها أو كانت في يديه،
[7/ 223]

(7/223)


وإن كان الآمر معروفا، وقد فات، حلف ورثته على علمهم إن كانوا بالغين، والمقر غير عدل، وإن كان إقراره لقوم معروفين، فلهم أيمان الورثة على العلم، وإن كانوا مجهولين فلا يمين عليهم مثل المساكين.

في اختلاف الآمر والمأمور، في مبلغ الثمن
في بيع السلعة أو اشترى له بأمر،
أو يقضي عنه دينا، ثم ينكر أن يكون أمره
أو يقول: أمرتك بشراء كذا
ويقول المأمور: بل بغيره
من العتبية، قال أصبغ في الذي يسلم في السلع أو يشتريها بأعيانها، ويزعم أنه يشتريها لفلان رجل غائب بماله، أو قال: أمرني بشراء ذلك بهذه المائة فاشترى بها، ونقدها، ثم أتى الغائب فأنكر أن يكون أمره بشيء، وطلب أخذ الثمن من البائع، قال: فذلك سواء، لا شيء له على البائع على حال، إلا أن تقوم بينة على أصل هذا المال بعينه أنه لفلان، وإلا فلا، في كتاب جامع البيوع: أو يبيعه على ذلك بتصريح، أو تصديق بين وإقرار.
ومن كتاب ابن حبيب /، قال ابن الماجشون: ومن ابتاع ماشية لغيره، أو عبدا، وذكر أنه ودى الثمن من مال الغائب الذي اشترى له، أو قضى عنه دينا، وذكر في كتاب البراءة أنها براءة لفلان من كذا وكذا دينارا دفعها فلان عنه من مال المدفوع ذلك عنه الغائب، ثم جاء فأنكر ذلك كله، وقام بما دفع كراء له، ودفع من ماله، إن لم يكن في كتاب الشراء أو كتاب البراء وكالته ببينة أو وكالة تثبت له في غيرهما، فلرب المال إذا حلف أنه ما أمره بالشراء، ولا أمر هذا
[7/ 224]

(7/224)


بالقضاء، وما للقابض عليه حق، فإنه يخبر، فإن شاء طلب القابض للمال الذي أقر أنه من مال فلان، وإن شاء من الدافع، فإن أخذه من الدافع للدين عنه أو للثمن، فللدافع أن يرجع به على الذي كان دفع إليه أولا، ثم لبس للقابض حجة عليه بأن يقول: أنت مقر أني قبضت مالي قبضه بقولك. فإذا سترده من قابض الدين، كان له أن يطلب غريمه بدينه، حق له أو لم يحق.
ولو اختار المنكر في الشراء أن يأخذ المشتري الثمن، لم يكن للمشتري أن يرد العبد على البائع، ويأخذ منه الثمن، ولو اختار في الشراء أن يأخذ المشتري الثمن من البائع فأخذه، كان للبائع أن يرجع فيأخذ الثمن ثانية من الدافع، لأنه هو الذي بايعه ومن كتاب ابن المواز قال مالك في العبد يأمره سيده ببيع سلعة بخمسة؛ تنقص حبتين، فيقول السيد: لم آمرك إلا بوازنة فيحلف السيد، ويأخذ سلعته. محمد: ما لم تفت السلعة. قال: وإن قال المبتاع: أنا أعطي خمسة وازنة. فأبى ربها البيع. فاختلف فيها ابن القاسم، وأشهب، وأحب إلينا أن ذلك لصاحبه؛ لأنه بيع كان لرب السلعة فيه الخيار، كما لو قال: بعها بخمسة فباعها بأربعة، أو بقمح أو شعير، فأبى ربها، فليس عليه أن طاع المشتري، فأدى خمسة. وهذا مذهب ابن القاسم.
ومن العتبية، روى ابن القاسم، في المأمور يشتري شعيرا ويقول الآمر: أمرتك بقمح. فإن الآمر مصدق، ثم رجع، فقال: القول قول المأمور. وهذا قول أشهب. والأول قول أصبغ. وروعى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن اشترى جارية لرجل، فأنكر الرجل أن يكون أمره، فلا يطؤها هذا المأمور ليبيعها، فإن كان فيها فضل، رده إليها، إلا أن يخرجها إلى السوق، فينظر ما يعطى فيها، ويستقصي ذلك ثم يأخذها لنفسه، ويعطيه الفضل ويطؤها، وإن لم يكن فيها فضل، وأيقن ذلك، فله حبسها إن شاء. قلت ولا يرى جحوده إسلاما لها إليه. قال ض
[7/ 225]

(7/225)


أرأيت لو أعتقها الآمر، ثم جحد أن يكون أمره أنها تكون حرة، فهذا مثله وعمن اشترى لرجل جارية، وقال الآمر: أمرتك بغلام أن المأمور مصدق، ويحلف.
قال ابن حبيب: قال مطرف، في المبضع معه بشراء رأس، فيشتري جارية، ويقول: بذلك أمرتني. وبقا الآمر: بل بغلام. قال مالك: المأمور مصدق، ويحلف. ولو قال الآمر لم آمرك بشراء شيء مصدقا مع يمينه، ويضمن المأمور / قال مالك: وكذلك لو اشترى قمحا، وقال: به أمرتني. وقال الآمر: بل بشعير. فالمأمور مصدق. وقاله ابن الماجشون. وقال أصبغ: القول قول الآمر.
وقال ابن حبيب بقول مطرف. وهو قول ابن القاسم، وابن الماجشون.
قال أبو الفرج: وروى أشهب، عن مالك: إن بعث معه مالا؛ ليشتري ثيابا، وقال المبضع بغنم، أن الباعث يحلف ويضمن المبضع معه. قال ابن نافع: إنما قول مالك: إن المبعوث معه يحلف، ولا يضمن. وهو رأيي. وقال مطرف: وإذا قال: اشتريت لك السلعة بمائة، وبذلك أمرتني. وقال الآمر: بل أمرتك بثمانين. قال مالك: الآمر مصدق، ويحلف. وكذلك إذا أمره ببيعها، ثم اختلفا في مبلغ الثمن وهي قائمة، فالآمر مصدق، ويحلف. وكذلك إذا أمره ببيعها، ثم اختلفا في مبلغ الثمن وهي قائمة، فالآمر مصدق، وإن فاتت فالمأمور مصدق فيما يشبه. وكذلك في بيعه بغير العين ثم يختلفان فيقول: بالعرض أمرتني، أو بطعام. ويقول الآمر: بل بالعين أمرتك فهو مصدق، ما لم تفت، فإن فاتت، فهو مخير في أخذ قيمة السلعة، أو أخذ ما باعها به، وكذلك لو باعها بالعين، وقال الآمر: بل يعرض خلافه لكان مثله في حضورها أو فوتها، ولو باعها بدين، وقال: به أمرتني وقال الآمر: بل بالنقد أمرتك بثمن مسمى. أو قال: بما رأيت: فالآمر مصدق ها هنا، قائمة كانت أو فائتة، وله في فوتها القيمة على المأمور. / قاله ابن الماجشون، وابن القاسم، وأصغ.
[7/ 226]

(7/226)


في المأمور ينقد عن الآمر الثمن فيطلبه به
فيقول: أعطيتكه أو ادعى ذلك قبل النقد
والمأمور يقول: أعطيتني المال لأشتري به سلعة،
أو لأرسله إلى فلان
وقال الآمر: بل لتبلغه بنفسك إلى فلان
من العتبية من سماع ابن القاسم: ومن اشترى سلعة، أو تكارى دابة لزوجته، وحازت ذلك، وطلب منها الثمن، فقالت: دفعته إليك، فإن كان نقد الثمن، فلتحلف، وطلب منها الثمن، فقالت: دفعته إليك، فإن كان نقد الثمن، فلتحلف المرأة: لقد دفعته إليه. وإن لم ينقد الزوج، حلف الزوج، وأخذ منها الثمن. قال عيسى، وسحنون: إلا أن يشهد الزوج عند النقد أنه إنما ينقد من ماله عن المرأة، فالقول حينئذ قول مع يمينه.
وقال عيسى، عن ابن القاسم، فيمن اشترى سلعة لرجل، ونقد الثمن، ثم اختلفا، فالمأمور مصدق مع يمينه، ويرجع به على الآمر. وروى عيسى، عن ابن القاسم في المبعوث معه بضاعة. يقول: أمرتني أن أبعتها إلى أهلك، وقد أرسلتها. وقال الآمر: بل أمرتك أن بتلغها بنفسك. فليحلف المأمور، لقد أخذها على أن يرسلها، وأنه أرسلها.
وقال أصبغ، في المبضع معه بمال، فضاع، فقال المأمور: بعثتها معي لأشترى بها ثوبا، وضاعت قبل الشراء، أو اشتريت بها ثوبا، فهلك أو غرق. وقال الآمر: بل أمرتك تدفعها إلى فلان، فلم تفعل، قال: القول قول رب الدنانير مع يمينه. [ويضمن الرسول، كما قال ابن القاسم /، فيمن اشترى له شعيرا وقال به أمرتني وقال الآمر: بقمح، أن الآمر مصدق] ويضمن المأمور، وقد رجع عنه ابن القاسم، وقال بقول أشهب: إن القول قول المأمور: وقوله الأول أحب إلي.
[7/ 227]

(7/227)


في الوكيل يدعي أنه دفع إلى الآمر ما قبض له من دين
أو غيره، أو من ثمن ما باع له، أو ما أبضع معه
أو قال: سقط ذلك مني
أو يدعي دفع ما أرسل به إلى الذي أمره بدفعه إليه
وكيف إن أذن له أن لا يشهد؟
من العتبية من سماع ابن القاسم، وعن امرأة وكلت زوجها بحق لها، فقبضه، وقال: دفعته إليك. فأنكرت، فليحلف الزوج ويبرأ. وكذلك الوكلاء يأتون من العراق لقبض أموال من وكلهم [فبعد سنين يقول من وكلهم] ما دفع إلينا [بشيء] فليحلف الوكيل، ويبرأ، قال عيسى، في الزوج يبيع لزوجته متاعا بإذنها، فادعت بعد موته أنها لم تقبض منه الثمن؛ فليس لها شيء، وليحلف من بلغ من الورثة أنها لم يبق لها على أبيه شيء من ذلك ـ يريد عيسى، في علمه.
من سماع ابن القاسم، وعمن يقر لزوجته بدين تسلفه منها بينه وبينها، ثم يدعي أنه قضاها، فإن لم يأت ببينة، غرمه بخلاف ما ولي لها بيعه أو شراءه، وتقاضي دين لها، فليس عليه في هذا إلا يمينه، بخلاف السلف.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، في الوكيل المفوض إليه، أو على شيء بعينه يبيعه، أو دين يقبضه إذا قال: / دفعت ما وليت من ذلك إلى
[7/ 228]

(7/228)


وكيل. وأنكر الذي وكله، فإن كان بحضرة قبض الوكيل المال وفوره، فليحلف الذي وكله، ويغرم الوكيل إن كان في فور ذلك بالأيام اليسيرة، فأما مثل الشهر ونحوه، فالوكيل مصدق مع يمينه، وكذلك الزوج فيما ولي لزوجته، وأما إن طال. . جدا، فلا يمين على وكيل ولا زوج، ولو مات الوكيل أو الزوج أو الزوج بحدثان ما جرى على أيديهما فذلك أو أموالهما إذا أنكرت الزوجة الآمر، وعلم القبض، وجهل الدفع، وإن لم يكن بحداثة الآمر، فلا شيء في أموالهما وإن لم يذكر الدفع.
وقال ابن الماجشون: الوكيل المفوض إليه أو غيره والزوج مصدق، وإن كان يفور ذلك مع أيمانهم، فإن طال ذلك، فلا يمين. وقال مثله ابن عبد الحكم، وأصبغ، إلا أن أصبغ قال في المفوض إليه، وجعل الوكيل المخصوص عليه البينة بالدفع، وانفرد بهذا، وقولي على قول مطرف، عن مالك.
وقال ابن الماجشون: ولو أقر الوكيل أو الزوج عند سفر، أو مرض، أو قصد الذكر لذلك، أنه قبض لفلان كراء، وأنه له في يديه، ثم تناكرا بعد ذلك، وبعد البروء، أو القدوم، فلا يبرأ الوكبل إلا ببينة. قال ابن حبيب: وكأنه صار بما ذكر كدين عليه حين أقر أنه في يديه، وفي غير وقت، وهذا الذي ذكر ابن حبيب كله عند ابن القاسم، وفي روايته أن الوكيل مصدق، كالمودع يرد على من ائتمنه قال ابن حبيب، عن ابن الماجشون: وكل مؤتمن في وديعة أو بضاعة / ببينة، فلا يبرأ منها إلا ببينة، ما لم يكن من ذلك ببينة، فإنه يبرأ منها باليمين. قال ابن حبيب: قال مطرف، عن مالك: ومن وكل وكيلا على تقاضى ديونه، وأشهد على الوكالة، وعلى أن من دفع إليه ما عليه، فقد برأ، فقال الوكيل: قد قبضت من فلان ما عليه. فقد برأ، فقال الوكيل: قد قبضت من فلان ما عليه، وضاع مني.
فالوكيل ضامن لما كان عليه، إلا أن يكون قد أشهد على دفعه إلى الوكيل على معاينة ذلك، لا على إقرار الوكيل، فإن لم يشهد، ضمن. قال مطرف: وهذا في وكيل مخصوص، فأما الوكيل المفوض إليه، فهو مصدق، ويبرأ من دفع إليه إذا صدقه الوكيل، والوصي بمنزلة الوكيل المفوض إليه.
[7/ 229]

(7/229)


وقاله ابن القاسم، وابن الماجشون. قال مطرف: وإذا ودى الغريم ما كان عليه، فله أن يرجع على الوكيل بما أقر الوكيل أنه قبضه منه مما ادعى تلفه عنده؛ لأن الوكيل فرط في دفع ذلك إلى الذي وكله حتى ضاع عندي.
وقال ابن الماجشون: لا يرجع عليه بشيء حتى يعلم من الوكيل تفريط وتعريض لتلف ما قبض. وأخذ ابن حبيب بقول ابن الماجشون. ومن كتاب ابن المواز، وقال في الوكيل على بيع السلعة، يقول: دفعت ثمنها إلى من وكلني، أو: إلى ورثته فهو مصدق في دفعه إليه مع يمينه، ولا يصدق في دفعه إلى ورثته.
ومن أمر رجلا يقبض له دينا، أو يأتيه ببضاعة من عند رجل، فقال: قد جئت بذلك، ودفعت إليك فأنكر الآمر، فليحلف الرسول، ويبرأ، ويحلف / الذي أرسله أنه ما دفع إلى رسول من قبلك شيئا، ولا علمت أنه قبض منك شيئا، ويرجع على من كان ذلك عليه، ولا يبرأ ببينة على دفعه إلى الرسول، ولا تباعة على الرسول بتركه الإشهاد على من أرسله، ويبرأ الدافع إليه مما دفع. قال محمد: ولو كان وكيلا لرجل ممن يجوز بيعه عليه وشراؤه، جاز قوله إنه قبض ما وإلي بيعه، فيبرأ المشتري، ولا شيء على الرسول. ولو قال: قبضت الثمن، وتلف مني لم يلزم المشتري شيء. وإن قال المرسل: ما أرسلت هذا بقبض منك شيئا. ضمن الرسول بعد يمين الرسول أنه ما أرسله.
قال مالك في المبضع معه في شراء سلعة، فإذا قدم طولب بها، فقال: قد وردت إليك بضاعتك قبل أن أخرج، فهو مصدق إذا لم يأخذها بإشهاد. وكذلك المبضع معه ببضاعة يدفعها إلى رجل، فقال: لم أجده، فرجت، فرددتها إليك. أو: رددتها إليك قبل أن أخرج. فهو مصدق، إلا أن يكون ببينة، فلا يبرأ إلا ببينة، ولا يصدق بدعواه الدفع إلى من أرسله، إلا ببينة، ويصدق في الرد إلى الباعث، لأن الله سبحانه أمر الأوصياء بالإشهاد في الدفع إلى غير اليد التي أعطتهم وهم الإتمام، ولم يأمر بالإشهاد في الرد إلى اليد التي أعطتك بقوله: {فليود الذي أوتمن أمانته}. قال ابن عبد الحكم: فإن أشهد رب البضاعة
[7/ 230]

(7/230)


على الرسول حين دفعها إليه شاهدا واحدا، فليحلف معه، ويكون كالشاهدين، فإن أقام شاهدا على ردها إلى الآمر، أو على دفعها إلى من أمر / بالدفع إليه، حلف الرسول مع شاهده، وسقط عنه الضمان، ولو قال الرسول: سقطت مني فلا ضمان عليه، وإن أخذها بالبينة، ولا يمين عليه إن كان همن أهل الأمانة. قال ابن القاسم. وإن كان غيره مأمون، أحلف وبرئ.
قال ابن القاسم: قال مالك في الرسول بدنانير يشتري بها سلعة، أو يبلغها إلى فلان، فيزعم أنها تلفت منه، أو تلفت السلعة بعد الشراء أنه مصدق، فإن اتهم أحلف أنه ما خان. وقال أيضا: إن كان مأمونا، صدق. قيل: فعليه يمين؟ فضعف ذلك. وقال أشهب، عن مالك، فيمن استقرض من رجل دراهم، فأمر صرافا فدفعها إليه عنه، ثم ابن القاسم المتسلف: رددتها إلى الصراف، فقال: وماله يدفع إلى الصراف! قيل: فإن كان أنكره الصراف، أيحلفه؟ قال: نعم، إن كان متهما، وإلا لم يحلف. قال ابن القاسم، في العتبية، في المأمور يدفع ثوبا إلى صباغ، فقال: قد دفعته إليه. وأنكر الصباغ، فإن لم يقم المأمور ببينة، ضمن، ولو قال الصباغ: قبضته منه، وضاع مني وهو عديم، ولا بينة بالدفع إليه، فالصناع ضامن، ويبرأ المأمور.
قال ابن حبيب، قال مطرف عن مالك: ومن أبضع من رجل بضاعة، وأمره أن يدفعها إلى أخيه، وأشهد الآمر عليه أو لم يشهد، والبضاعة دين على الآمر، أو على وجه الصلة، فعلى المأمور أن يشهد على الدفع، وإلا ضمن إذا أنكر القابض أنه قبض منه شيئا، أو كان ميتا، أو ما أشبه ذلك / من غائبات الأمور. قال مطرف: ولو شرط المأمور أنه لا إشهاد عليه عند دفع البضاعة، فأعطاه على ذلك، ثم جحد القابض، فالشرط جائز، وذلك ينفع المأمور، إلا أنه يحلف إذا أنكر القابض، أو كان ميتا، ولو شرط المأمور أيضا أنه لا يمين عليه،
[7/ 231]

(7/231)


كان شرطه بإسقاط اليمين باطلا، واليمين عليه؛ لأن الأحداث تحدث، والتهم تقع بخلاف شرطه ترك الإشهاد. وقال ابن الماجشون في ذلك كله: القول قول المأمور وبتبليغ البضاعة؛ دينا كانت أو صلة، والإشهاد عليه عند دفعها، وإن أنكر القابض أن يكون قبض شيئا، إلا أن يكون الآمر قال له: اقض هذا عني فلانا، فهو ضامن إن لم يشهد؛ لأنه وكل إليه القضاء، والقضاء لا يكون إلا بالإشهاد، وليس كمن لم يؤمر بأن يقرض وإنما جعل رسولا، وإن كان قد أجير وقيل له: أبلغ هذا فلانا، فإنه له علي لأن أصل هذه رسالة، وأصل الأول أمر بقضاء وذلك مختلف.
قال ابن حبيب: قلت لابن الماجشون: إنه ذكر عن مالك أن المأمور ضامن في جميع هذا، إذا لم يشهد على الدفع، أمر بالقضاء أو بالدفع أو بالتبليغ فقط، فقال: ما علمت أن مالكا، ولا غيره من علمائنا قال فيه غير ما وصفت لك، فاحذر ما يخالفه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ومن دفعت معه بضاعة ليدفعها إلى فلان، وقد قال الرسول للآمر: إني أدفعها إليه، ولا أشهد عليه ثم يدعي / أنه دفعها إليه، وأنكر المبعوث إليه، فليحلف الرسول، ويبرأ إن صدقه لآمر بشرطه، أو ثبت ذلك ببينة. قاله مالك.
قال محمد: وإن أنكر الآمر، ولا بينة عليه، ضمن المأمور إن لم تقم بينة بالدفع، ويحلف المبعوث إليه، فإن نكل، لم يبرأ الرسول، إلا أن يحضره المبعوث إليه، أو يضمنها، كما لو قال: قبضتها، وضاعت. كانت من الباعث لتعدي الرسول لترك الشهادة. وقاله كله مالك.
قال أبو محمد: وقع في كتابي: كانت من الباعث، وإنما هو عندي: كانت من الرسول محمد. وسواء أشهد الباعث على الرسول أو لم يشهد، ولو قال
[7/ 232]

(7/232)


المبعوث إليه: قبضتها، وضاعت مني. فلا شيء عليه، ويضمن الرسول إن لم تقم له بينة. قال محمد: إلا أن تكون كانت دينا للمبعوثة إليه على المرسل، فيبرأ الباعث والرسول، قال: ولا ينفع الرسول شهادة المبعوث إليه؛ لأن عليه له الثمن على ضياعها، فلو جازت شهادته، لم يحلف. وقال في المبعوث معه بضاعة إلى رجل، أو نفقة إلى أهله، فيقول: دفعتها إليه، فصده المبعوثة إليه، فإن كانت لرجل صلة، فهو مصدق، ولا شيء على الرسول، وكذلك في أهله، وإن لم تكن صلة ولا نفقة، لم يصدق أهله ولا المرسولة إليه يريد محمد: إن قالت أتلفت.
قال محمد: ومن بعث بمال مع رجل، وقال له: ادفعه إلى فلان، ليفرقه على المساكين / وقال: دفعته إليه فلا يصدق إلا ببينة أو يقر فلان أن ذلك وصل إليه، وفرقه، فهو مصدق في قوله فرقته. ولو قال: ضاع مني قبل أن أفرقها. لم يبرأ الرسول بذلك، ويضمن إلا أن يقيم بينة الدفع إليه، ولو أقام شاهدا بالدفع إليه، حلف معه، وبرئ، ولو قال: قد دفع ذلك إلي، وفرقته. سلم الرسول من الضمان إلا أن يكون على قوم بأعيانهم، فينكروا.
ومن كتاب ابن سحنون، وكتب حبيب إلى سحنون، فيمن أعطى رجلا ثوبا رهنا في ثمن سلعة، وأمره أن يدفعه له إلى القصار، فقال: قد فعلت، وجحدني القصار. قال: إن أقام بينة بدفعه إلى القصار، وإلا ضمنه.
ومن كتاب ابن المواز، وقال فيمن اشترى ثوبا بدينار، فبعث معه البائع رسولا ليدفع إليه المبتاع الدينار، فأنكر البائع أن يكون الرسول أوصل إليه شيئا، فليحلف البائع أن ما دفع إليه الرسول شيئا، ولا علم أن المشتري وصله إلى رسوله، ويأخذه من المشتري. قال محمد: يريد إذا لم يكن المشتري أشهد على الرسول. ولو قال الرسول: قبضته منه ووصلته إلى البائع حلف الرسول، وبرئ ولا ينفع ذلك المشتري، ولا يبرأ إلا ببينة. وكذلك لو قال: ضاع مني. برئ
[7/ 233]

(7/233)


الرسول إذا حلف، إلا أن يكون صغيرا لا يحلف مثله، وعلى الدافع أن يشهد على الرسول.
قال أشهب، في كتابه: ولا ينفع المشتري قول الرسول: قبضت، وضاع مني. وعلى الرسول غرم الثمن، إلا أن يكون أشهد على الدفع إلى الرسول، وسواء كان الرسول / عبدا للبائع أو أجيرا. وقاله مالك. .
باب في الوكيل على قبض دين، فطلبه
فادعى المطلوب أنه دفع إليه إلى الطالب
من العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، وقال في الوكيل على تقاضي مائة دينار دينا، فيقوم بذكر الحق، فيدعي المطلوب أنه قضى الطالب خمسين، ولا بينة له، أن ذلك لا ينفعه، إلا بالبينة، وإلا غرم، ولم يؤجر، وإن لم يجد بينة وودى للوكيل مائة، ثم قدم الطالب فأقر بقبض خمسين، وقد أغرم الوكيل، فقال: يرجع المطلوب على رب الحق الخمسين، لأنه فرط حين لم يخبر وكيله بذلك، وسواء كان الوكيل عديما أو مليا، فلا يرجع عليه، ولكن على صاحب الحق.
قال أصبغ: وإذا طلب الوكيل الدين، وخاصم فيه وأثبته بالبينة، فقال المطلوب: قد قضيته، فاكتب إليه، فإن صدقني برئت، وإن كذبني وديت، فليس ذلك له، وعليه تعجيل الحق، ويرجا اليمين حتى يلقاه، فإن لقيه أحلفه، فإن نكل حلف المطلوب، وبرئ، ويعدى عليه بما قبض وكيله، فإن حلف تم حقه، وكان قضاء قد مضى، وإن مات الذي عليه الحق قبل أن يحلفه المطلوب، فليحلف ورثته على علمهم ما علموه قضاه.
[7/ 234]

(7/234)


في يمين الوكيل أو الوصي في عيب أو استحقاق
أو في اختلاف مع المشتري منه في قبض الثمن، أو في عيب
من العتبية / من سماع ابن القاسم، في الوكيل على بيع عبد، ولم يؤقت له ثمنا، فقال المبتاع، ابتعته بأربعين. وقال الوكيل: بخمسين فليحلف الوكيل، فإن نكل، لم يحلف رب العبد، وليحلف المشتري، ويصدق.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا اختلف الوكيل والمشتري في مبلغ الثمن، فإن لم يفت السلعة، تحالفا، ولا يحلف رب السلعة، لأنه لم يحضر، فإن نكل المبتاع، لزمته الثمن الذي حلف عليه الوكيل، وإن حلف المبتاع ونكل الوكيل، ثبتت السلعة للمباع بيمينه، وضمن الوكيل ما بقي لتعديه بترك الإشهاد، إلا إذا كان الوكيل بائعا أو مبتاعا فجحد البائع المشتري، وأقام الوكيل شاهدا واحدا، فليحلف معه الوكيل، فإن نكل، حلف المشهود عليه فبرئ ولزم الوكيل غرم البضاعة ولو لم يشهد عليه أحدا، وأتى ببينة غير عدول، فإنه يضمن ذلك الوكيل بعد يمين المنكر. وكذلك الوصي يبيع متاع الميت فينكر المبتاع الشراء، فيقوم عليه شاهدا، فينكل الوصي، وحلف المبتاع، وبرئ فليضمن الوصي، قاله مالك وأصحابه، وإن ألقى الوصي أو الوكيل عديما وقد نكل أو قبل أن ينكل، فلرب المال اليمين مع هذا الشاهد، وكذلك الوصي يدعي أنه قضى دينا على الميت، فحلف طالب الدين، لزم الوصي عزمه لصاحب الدين فكذلك في دين الميت يدعي من هو عليه / أنه دفعه إلى الوصي، فأنكر ونكل عن اليمين، فإن الوصي يضمن ذلك. وكذلك الوكلاء. قال مالك: ومن أمر رجلا أن يدفع عنه دينا، وبعث بذلك معه ليقضيه عنه، فزعم أنه قضاه وأقام شاهدا، فإنما يحلف معه الوكيل ويبرأ بذلك المطلوب.
[7/ 235]

(7/235)


ومن العتبية، من سماع ابن القاسم، وعن الوكيل يبيع السلعة على أن لا يمين عليه، فيقام فيها بعيب، فلولا قطع السنة، رأيت له ذلك، فإما الوصي والوكيل المأمور يكره موقف ذلك، فأرى ذلك لهما، وأما غيرهما، فلا، وليرد البيع إذا أبى أن يحلف.
قال عيسى، عن ابن القاسم: إذا قام المبتاع بعيب يحدث مثله، فطلب يمين الوكيل، فله ذلك، فإن حلف، وإلا رد، وإن قال: لم أحط بذلك علما.
حلف المبتاع ورده، ولا يحلف السيد، وإن شاء المشتري أن يحلف السيد، فله ذلك، ووجه القضاء أن يحلف الوكيل، إلا أن يريد المشتري فذلك له، قال أصبغ: له أن يحلفهما جميعا ما علما بالعيب، فإن نكلا أو نكل أحدهما، فله الرد.

باب فيمن جحد بضاعة، ثم ادعى ضياعها
وكيف إن أنكر، ثم قامت بينة؟
من كتاب ابن المواز، والعتبية، قال مالك فمن أبضع مع رجل بعشرة دنانير من المدينة ليبلغها إلى الجار، فلما رجع إلى المدينة سأله ربها عنها، فأنكر أن يكون أبضع معه شيئا، فقال: إني أشهدت عليك. فقال: إن كنت دفعت إلي شيئا، فقد ضاع مني. قال: لا شيء عليه، إلا اليمين.
قال محمد: إذا ... لم يقر شيء / فيما أظن، وقد قال ابن القاسم، في سماع عيسى بن دينار، من العتبية: إن من قول مالك، إنه ضامن. وقال ابن المواز: الذي يتبين لي لو صرح بالإنكار، فقال: دفعت إلي شيئا. لغرم إذا قامت البينة أو أقر وهو أصل قول مالك وأصحابه، فيمن عليه دين فدفعه، أو وديعة
[7/ 236]

(7/236)


ببينة أو بغير بينة، فردها وأشهد بينة بذلك، فطولب، فأنكر أن يكون كان عليه دين، أو قال: ما أودعتني شيئا. ثم أقر، أو قامت عليه بينة بأصل الحق، [أو بالوديعة]، فأخرج البراءة وفيها بينة عدلة، فلا تنفعه شهادة البراءة؛ لأنه (أكذبهم) لجحده للأصل. وفي كتاب الوديعة. ذكر من جحد وديعة، ثم قال: رددتها. أو قامت بينة بردها. وفي كتاب ابن سحنون، من سؤال حبيب، فين ادعى على رجل أنه أبضع معه رأسين، وقال الآخر: إنما أبضعت معي رأسا واحدا، أو: الرأس الآخر أبضعته مع غيري، ووكلتني عليه إذا وصل إلي، فلم يصل إلي. وأقام المدعي بينة أنه أرسل معه رأسين، قال: تلزمه الرأس الآخر لجحوده.

باب في وكالة البكر
من العتبية، روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، في البكر توكل رجلا على خصومة لها في منزل بينها وبين شركائها بميراث، فيقضي له، فتصدقت عليه بناحية من حظها من ذلك، ثم رجعت، فقالت: صنعت ما لا يجوز إلي، وعرفت ما تصدقت به. قال: صدقتها عليه وتوكيلها إياه لا يجوز، وإنما يلي منها / وصي، أو من يجعله السلطان، ولا يقضي له بأجر مثله عليها فيما كان لشركائها، ولكن بقدر ما يصير على نصيبها من أجر مثله، ولا شيء له على بقية الورثة، قال: وإنما ألزمتها من الإجارة بقدر حصتها، وهي لا يجوز توكيلها بذلك استحسانا لما يدخل عليها من المرفق، ولم لم يقضها عليها بشيء ما رأيت له شيئا، ولا بطلب عناه.
[7/ 237]

(7/237)


مسائل مختلفة المعاني، من كتاب الوكالات
من العتبية وغيرها
من العتبية، من سماع ابن القاسم: ومن أسلف رجلا دينارا، فرده إليه لشيء كرهه فيه، فأمر ربه بدفعه إلى فلان، فتلف قبل أن يدفعه، فإن قبضه، ثم رده إليه، لم يضمن، وإن كان لم يرده لصاحبه، فهو من المتلف حتى يرده.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن عليه لرجل ثلثا دينار مما حاسبه عليه، فأعطاه دينارا ليقبض ثلثيه، وليقض فلانا ثلثه، ثم نظر القابض في حسابه، فوجد له عليه أكثر من دينار، فأراد حبس جميع الدينار، فليس له ذلك، وليدفع الثلث إلى من أمره. وروى أشهب، عن مالك، فيمن بعث بدنانير إلى بلد إلى رجل، يبتاع له بها بزا، وله في كل عشرة دنانير، فكل جائز إذا كان كل ما ابتاع له قبله، وإن كان يبتاع له، فيختار عليه، فلا خير فيه قيل: أفيضمن المال؟ قال: لا.
وروى أصبغ، عن ابن القاسم، في وكيل / لرجل في ضياعه في المساكين والمزارع، فقدم عليه وكيل آخر بعزله، فطلب القادم محاسبته، وأخذ كل ما فيه يديه، فإن ذلك له، قيل: فزعم الأول أن ناسا كانوا تقبلوا منه ادعوا فسخ ذلك وفساد عقده، وأرادوا الخصوم، فأما أحس بيدي الناض حتى ينظروا في ذلك، قال: ينظر فإن كانوا يخاصمونه، كان لهم تباعة فيما بيده بذلك له، وإن كان ينظر أن التباعة قبلهم، أو كان الأمر كفافا، فليدفع إلى القادم ما في يديه من المال، ويحيله على ما عند الناس ويجمع بينه وبينهم، فإن أقروا، أتبعهم، وإن أنكروا أقام الأول البينة، وإلا ضمن بترك الإشهاد.
قال ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون، في المأمور بشراء سلعة، يقول: اشتريتها بشرط يفسخ به البيع، ويدفعه الآمر. فإن كان عند دفعه إياها
[7/ 238]

(7/238)


إلى الآمر، فالمأمور مصدق مع يمينه ثم يصير كان الآمر شرط ذلك، قال: فإن: نكل المأمور، كانت السلعة للآمر، ورد المأمور إلى البائع القيمة، كفوتهما، ويزيد تمام القيمة إن فاقت على الثمن، وإن كان إقراره بعد دفعها إلى الآمر، لم يقبل يمينه، وبقيت للآمر، على المأمور تمام القيمة إن كان فضل وقاله أصبغ.
ومن العتبية، قال عيسى، في الوكيل على شراء سلعة، فابتاعها، فقال الوكيل: اشتريتها بشرط كذا، مما يفسخ به البيع. وكذبه الآمر، وصدقه البائع، ولا بينة على الشرط، فليحلف الوكيل أنه اشتراها على ذلك، ويكون القول / قوله، ويفسخ البيع إن كان حراما وإن كان مكروها، فالبائع مخير بين أن يجيز البيع، ويفسخ الشرط، أو يرد سلعته أن لم تفت. فإن فاتت، فالعمل فيه على وصفت لك، ولو قال الوكيل: إنما اشتريتها بهذا الشرط لنفسي بعد أن خلعت وكالتك إياي، فالجواب سواء، ولم لم يقر بالشرط، وقال: ابتعتها لنفسي. فلما مضى بها للآمر، قال: اشتريتها بهذا الشرط، فلا يصدق، وهي للآمر، ولا يقبل يمين الوكيل في الشرط في هذا، كما حلف في الأولى؛ لأنه قد اشتريت ها هنا بالكذب في دعواها لنفسه.
ومن كتاب ابن سحنون، وسأل حبيب سحنونا عمن بعث رجلا إلى رجل يسلفه عشرة دنانير، فقال: ما عندي إلا خمسة، فاذهب بها إليه. فأخذها الرسول، فضاعت في الطريق، قال: نصفها؛ ربها الباعث بها؛ لأن الباعث لم يأمره إلا بعشرة.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن ابتاع من رجل طعام غائبا، ثم قدم به وكيل بائعه، فأراه قد حمله بعد الصفقة، ولم يعلم، فالبيع لازم فإن شاء البائع دفعه إلى المبتاع ها هنا، فرضي المبتاع بذلك. فذلك جائز، وإن لم يرض ذلك، فعليه أن يرده أو يدفع إليه هناك مثله. وقال فيمن وكل رجلا ببيع طعام له، وأمر
[7/ 239]

(7/239)


ختنه أن يحفظ عليه ما يبيع، فلما ثم البيع، أتى ختنه بكتابه وما باع، وطلب الوكيل ما كتب، فقال: ذهب مني، ولكن ما كتب ختنك فهو حق، وأشهد عليه بذلك، ثم نزع، فقال: لا يلزمه ذلك: لأنه يقول /: ظننت أنه يصدق ولا تقبل شهادة الختن؛ لأنه خصم.
وروى أشهب، عن مالك، في الرجل يبضع مع الرجل يبتاع له طعاما، فأخبره أنه قد فعل، وأنه قبضه وأخذه يبيعه، فقال: ما يعجبني ذلك. قال عيسى، عن ابن القاسم، في الوكيل يقبض لك ثمن طعام، فأردت أن يأخذ من الوكيل فيه طعاما، فلا بأس بذلك.
قال ابن المواز: من اكترى جمالا، وبعث معه بدنانير يبتاع له طعاما، فيأتي فيقول: ضاع المال: فإنه لا يضمن، ويحلف: لقد ضاع. ولا أجر له فيما عناه.
ومن كتاب آخر، قال محمد بن عبد الحكم، ومن له حق على رجل، فكتب له إلى رجل له عنده مال من دين أو وديعة، أن يدفع إليه ماله، فدفع الكتاب إلى الذي عنده المال، فقال هذا: خطه أعرفه، ولكن أدفع إليك شيئا فذلك إليه، ولا يقضي عليه بدفعه؛ إذ لا يبرئه ذلك أن جاء بالمال، وأنكر الكتاب، وكذلك لو قال: أمرني أن أدفع ذلك إليك، ولكن لا (أفعل) فذلك له، لأنه لا يبرئه ذلك إن أنكر الآمر أو مات قبل أن يسأل ولو قارب رب المال ادفعه إلي. فقال: لا أدفعه إليك إلا ببراءة، أو أشهد عليك. فإن كان وديعة، دفعها إليه بلا بينة، فعليه أن يردها إليه بلا بينة، وإن كان من دين له عليه، فليس عليه أن يدفعه إلا ببينة، ولكن لو أن رجلا دفع إلى رجل مالا على أن يدفعه إلى فلان أو بضاعة بعثه بها إلى فلان، أو دفع إليه دنانير ليشتري له بها بضاعة بمكة أو
[7/ 240]

(7/240)


غيرها، فبض ذلك الشيء / على ذلك، فعليه أن ينقد في ذلك ما أمره صاحبه إذا كان قبضه على ذلك، وأخذه منه أن يدفعه، أو يشتري إلي به.
ومن كتاب ابن سحنون، وكتب إليه شجرة، فيمن أمرته ببيع عبد ليتيم، وأن يقبض ثمنا طيبا، فيقبض الثمن طيبا فيما يقول: فيوجد فيه دنانير تنقص عن صرف الناس، ويقول المبتاع، ما أعطيته إلا طيبا. فكتب إليه: إن كانت مشكوكا فيها، ولم يضمر، وإن كان ردها بينا، ضمن.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن شرط في حق ذكر حقه، ومن قام به، فله أن يقبض، فلا يجوز هذا، ولا يقضى له إلا بوكالة. قال ابن عبد الحكم: وإذا أقرب رب العبد أن وكيلا له في بيعه باعه من فلان بمائة، والعهدة علت مالكه، ولا عهدة على الوكيل؛ إذ لا يقر بالبيع، ولا يلزم الوكيل قول سيد العبد، ويلزمه في العبد؛ لأنه يملكه. ولو أمره بشراء عبد بعينه بمائة، أو وصفه، فقال الوكيل: قد اشتريته بذلك. وصدقه البائع، وأنكر ذك الآمر، فهذا يلزم الآمر، كان قد دفع إلى المأمور الثمن أو لم يدفعه إليه وقال أبو حنيفة إن دفع إليه فالقول قول الوكيل، وإن لم يدفع إليه الثمن فالوكيل مصدق إن كان عبدا بعينه، وإن كان بغير عينه فالقول قول الآمر، ووافقنا أصحاب أبي حنيفة، وخالفوه [في ذلك].
تم الكتاب بحمد الله وعونه
وصلواته على محمد نبيه
[7/ 241]

(7/241)