النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب القراض
ما يجوز به القراض، وذكر القراض بالنقار
أو بدين، أو وديعة أو عرض
أو حلي، وفي رب المال يصارف العامل؛ أو يبيع منه
من كتاب محمد، قال مالك: لا يصلح القراض بغير العين، وإن كان مكبلا أو موزونا؛ لما يخاف من تغير سعره عند المفاصلة. وروى ابن وهب أن مالكا اختلف قوله في إجازة القراض بنقار الذهب والفضة. وأجازه ابن وهب، وكرهه الليث وشدد فيه، وأجازه مالك، من رواية أشهب، وقال: يرد مثلها وأياه، م رواية ابن القاسم، وكذلك في العتبية من روايتها، قال ابن القاسم: فإن نزل، مضى على ما عقدا. وقاله أصبغ في كتاب محمد. قال ابن حبيب مثله، وذلك إذا عرف وزنها، فإن لم يعرف فرأس ماله فيها، البين الذي بيعت به أو العدد الذي خرد له في ضربها، إلا أن ي كون قال له: بعها واستضربها فرأس ماله ما باعها به، أو ما خرج في الضرب. عرفا وزنها أو لم يعرفا، وللعامل أجرته في الصرف أو الضرب، إن كان لذلك مؤتة، ثم هو فيها حصل على قراض مثله. قال ابن القاسم، في العتبية من رواية يحيى بن يحيى: أكره القراض بالنقار: في
[7/ 243]

(7/243)


البلد الذي لا يدار فيه إلا العين المسكوك، فإن وقع أجزته، ولا بأس في البلد الذي تدار فيه الفضة والذهب تبرا، وإذا أخذها في بلد لا يدار فيه إلا العين، فاستضربها دراهم، فنقصت فرأس المال وزنها الأول، يرد مثله /: قال أشهب، عن مالك، في العتبية وكتاب محمد: لا يصلح القراض بحلي مصوغ من ذهب وفضة. قال في كتاب محمد: فإن وقع، فهو أجير في بيعه، وعلى قراض مثله في الثمن. قال ابن القاسم، في كتاب محمد: وأكره القراض بالفلوس. قيل: فإن وقع؟ فسكت.
قال أصبغ: هو كالنقر، ويجري مجرى العين.
وقال ابن حبيب، وقال: ويرد فلوسا مثلها، إلا أن يكون شرط عليه أن يصرفها دراهم، ويعمل بالدراهم فيأخذ أجر صرفه، ثم هو على قراض مثله في الدراهم.
وفي أمهات أشهب، أنه أجاز القراض بالفلوس، لأنها إذا ضربت صارت مثل العين. محمد: وأخبرني الحارث، عن أشهب، أنه لم يجز القراض بالفلوس. قال محمد: النقار أخف، ولا يجوز بالفلوس، وهي كالعروض. ومن كتاب ابن حبيب، ومحمد: وإذا قال في العرض: خذه قراضا، أو بعه واعمل قراضا فهو سواء، وله أجره في الببيع والتقاضي وعلى قراض مثله في الثمن.
قال ابن حبيب: فإن باع المقارض ذلك العرض بعرض، ثم باع الثاني بعين، ثم عمل، فإن كان إنما قال له: بعه واعمل به قراضا فرأس ماله الأكثر من قيمة العرض الأول، أو من ثمن الثاني، وله أجره في بيع الأول لا في الثاني.
قال أبو محمد: وإنما له أجره في الأول عندي إذا أجار بيعه إياه بالعرض، واختار ثمن الثاني، إذ هو أوفر من القيمة، وأما إن اختار قيمة الأول؛ إذ هي أوفر، فلا أجرة له؛ لأنه تعدى.
[7/ 244]

(7/244)


قال ابن حبيب: ولو كان قال / له خذه واعمل به قراضا، والمسألة بحالها، فرأس المال قيمة العرض الأول، يريد يوم باعه بالعرض. قال: ولو أجره في بيعه الأول، ولا ينظر في الثاني إلى ثمن ولا قيمة، لأنه من تجارتها بعد. ومن كتاب محمد، قال: كره ابن القاسم القراض بالوديعة حتى يحضراها، ولا بأس به عندي.
قال ابن القاسم، في العتبية، كان مالك يكره القراض بالوديعة، فإن وقع مضى، والربح بينهما، ويصدق في التلف. قال ابن حبيب: أكرهه، إلا أن يكون عند ثقة مأمون، فإن نزل بالوديعة مضى حتى يعرف أنه حركها قبل ذلك، فيكون كالدين.
ومن كتاب محمد، قال مالك: ولا يجوز أن يعطيه دينا له في ذمته قراضا، وكذلك لو أحضره، فقال: خذه قراضا. لم يجز حتى يقبضه، فإن نزل، فليس له إلا رسا ماله. وقاله ابن القاسم، في العتبية من رواية سحنون قال في غيرها: وروي عن أشهب، في الدين: إن نزل، مضى.
قال مالك: وكما لو أحضر العامل المال، وقال: ابقه دينا علي. لم يجز حتى يقبضه منه، ثم يسلفه إن شاء. قال محمد: ومن أغرته دنانير، فلا تدفعها إليه قراضا حتى يقبضها، ولو كان عرضا، ولم يجز، ومن لك عنده دنانير رهنا، فقارضته بهذا، لم يجز حتى يردها، وإن كانت بيد أمين، فلا ينبغي أن يعطيها للأمين قراضا حتى يؤدي الحق إلى ربه.
[7/ 245]

(7/245)


فيمن دفع مالا بعد مال قراضا
أو مالين على جزء مختلف، أو رجلين
على تفاضل في الربح
ومن كتاب محمد، قال: ولا خير في أن يدفع إليه مائتين، على أن يعمل بكل مائة على حدة، إلا أن يكون على جزء واحد من الربح، فإن كان الربح مختلفا، لم يجز إلا على الخلط، إن لم يكن عمل بالأولى، ولو قال: على أن ربح مائة للعامل. لم يجز إلا على الخلط ومما عين بعد، فإن نزل على الخلط، فهو أجير فيها.
وروى أبو زيد، في كتاب آخر: لا يجوز على أن لا يخلط، وإن كان على جزء متفق وهما عين بعد، وقاله ابن حبيب، قال: فإن نزل، فهو أجير فيهما. ومن كتاب محمد: ولا يجوز بعد إشغال الأول أن يعطيه على الخلط على جزء متفق أو مختلف، كان في السلع كفاف المال أو أقل أو أكثر، ويجوز على غير الخلط عل جزء متفق أو مختلف.
وروى أشهب: إذا أشغل الأول، وهو على النصف، ثم أعطاه آخر على الثلث، أنه كرهه، والذي أخبرتك قول ابن القاسم، وإن شرط: إن ربح عشرة للعامل، وما بقي بينهما، فجائز على الخلط لا على غيره. قال: وإذا باع سلع الأول، ثم أخذ منه مالا ثانيا، فإن لم يكن في الأول فضل ولا نقص، فجائز على قراض متفق أو مختلف، إن كان على الخلط، وإلا لم يجز، وإن نقصت الأولى أو زادت، ولم يجز أخذ الثاني في خلط، أو على غير خلط على جزء متفق أو مختلف.
قال سحنون، في العتبية، فإن ربح في الأول ونض، فقاسمه الربح ثم زاده مالا آخر، فربح في المالين ـ يريد وقد خلطهما ـ قسم هذا الربح على المالين؛ فما صار الأول كان على قراضهما، / وما صار للثاني فلرب الثاني، وللعامل فيه أجر
[7/ 246]

(7/246)


مثله، ولو خسر الآن، ومضت الخسارة على المالين، فما ناب الأول منها، جبر بالربح الأول، وخسارة الثاني، على رب المال، والعامل فيه أجير.
وقال ابن حبيب نحو ذلك، إلا أنه قال: سواء نص الأول على ربح أو خسارة، فالربح الثاني يقسم على عدد المالين حين خلطهما، وقالهما: ويكون في الثاني على قراض مثله على تأخير شرط في الخلط.

جامع الشروط في القراض والعقود فيه، وعون ربه
أو عبده، وما يرد فيه العامل
إلى قراض مثله، أو إلى أجر مثله
من كتاب محمد، قال مالك وأصحابه: لا يجوز مع القراض شرط سلف، ولا بيع، ولا كراء، ولا شرط قضاء حاجة، ولا كتاب صحيفة، ولا يشترط أحدهما شيئا لنفسه خالصا، ولا بيعا، ولا سلفا، ولا إجارة، ولا أن يولى العامل شيئا، ولا يكافى في ذلك، فإن نزل هذا كله، فالعامل أجير، إلا أن يسقط الشرط قبل العمل. واختلف قول مالك في اشتراط عون غلام رب المال. وأجازه الليث. ولم يجزه عبد العزيز بن أبي سلمة. قال محمد: لا بأس به، بخلاف عون رب المال بنفسه، وبخلاف غلام العامل وكره مالك عمل رب المال معه بغير شرط، إلا العمل الخفيف، محمد: ولا يفسخ به القراض وإن كثر حتى يكون بشرط، قال ابن حبيب: قال ملاك: لا بأس أن يعينه رب المال بالعبد إن كان / عونا يسيرا في مال كبير، وعلى غير شرط. قال: وعون عبد العامل أكره من عون رب المال، فلا ينبغي منه قليل ولا كثير؛ لأنه لا يفسد القراض، ولا يحوله عن شرطه من الربح، وكذلك إن أسلف أحدهما صاحبه، أو قعد العامل بالمال في حانوت، أو وهب أحدهما لصاحبه، أو عمل المقارض بعبده أو بدايته، أو كان صانعا يعمل بيديه، أو صنع أحدهما بصاحبه شيئا من الرفق لا يجوز ابتداء الشرط به، فإن ذلك لا يفسد القراض، ولا يغير الربح، غير أن الصانع إن عمل بيديه بغير شرط، فله أجر عمله.
[7/ 247]

(7/247)


ومن كتاب محمد: ولا بأس أن يجعل رب المال غلامه يعمل معه، على أن للغلام جزءا من الربح يكون له، لا للسيد. وقاله ابن وهب، والليث. وروى عيسى، عن ابن القاسم، وإذا دفع الرجل إلى رجل وإلى عبده مالا قراضا، فإن كان ليكون عليه عينا ويحفظ عليه، أو ليعمله، فلا خير فيه، وإن كانا أمينين تاجرين، وإن كان العبد أدنى عملا من الآخر، فلا بأس به، إذا لم يكن ما ذكرت.
قال مالك: في كتاب محمد: وإذا جعل غلامه أو وكيله مع العامل، ليحفظ عليه، فإنه يفسخ، فإن عمل، فهو أجير، ولو بعث معه غلامه لخدمته وحوائجه، فذلك جائز، وأشهب، عن مالك: فإن قال: هذه مائة دينار قراضا فإذا اشتريت فخذها يريد كلما اشتريت أخذت، فلا يصلح حتى يسلمها إليه، ولو سلمها إليه وقال: إن احتجت زدتك. فيشتري بمائة وعشرة، فيأتي فيأخذ منه العشرة، فذلك / جائز؛ وكذلك في العتبية ومن كتاب محمد: وإن شرط أن لا يشتري إلا من فلان، أو سلعة غير مأمونة، لم يجز، فإن نزل، فهو أجير، ولا يشترط عليه ألا يسافر به، فإن كان ببلد له سعة يجد به التلف في التجارات، فلا خير فيه، ولا يجوز أن يشترط أن يجلس به في حانوت، أو على أن لا يتجر إلا ببلد كذا، فإن نزل، فهو أجير، ولا يجوز على إلا يسافر به إلى الشام، أو إلى العراق.
ومن الواضحة، قال ابن حبيب: ومما يجوز أن يشترطه، ألا يحمل إلا في بحر، أو ألا يشتري حيوانا، أو ألا يخرج من بلده، ولا ينزل ببطن واد ونحوه. قاله مالك، وكثير من التابعين. قال ابن حبيب: وإذا اشترط أن يخرج بالمال إلى بلد يسميه له، يشتري به متاعا يقدم به، أو على أن يشتري ببلده سلعة سماها يخرج بها إلى بلد يبيعها، فإذا وقع هذا شرطا، فهو أجير. قال: ومعنى الكراهية في ذلك في الخروج، أن يشترط عليه شراء سلع يحملها من ذلك البلد، أو يحملها إليه،
[7/ 248]

(7/248)


فأما إن قال: إن شئت فاخرج، أو أقم. فجائز، أو يشترط عليه الجروح بالمال والضرب به في البلدان، ولا يسمى بلدا بعينه، ويجوز أيضا أن يسمى له بلدا بعينه يخرج إليه، وهو بلد واسع المتجر، ليس يضيق، ما لم يشترط عليه جلب ما يشتري هناك من السلع، أو يسمى له سلعا يشتريها منه ويأتي بها، أو يحمل من هنا هنا إلى هناك سعلا يبيعها، ثم فهذا كله مكروه، وهو فيه كله / جائز. وروى أصبغ، عن ابن القاسم، في العتبية، فيمن قارض رجلا على أن يخرج إلى البحيرة، أو الفيوم، يشتري طعام، قال: لا بأس به. قيل: فالمكان البعيد؛ برقة أو إفريقية، على أن يخرج إليها يشتري بها؟ قال: لا بأس بذلك. ومن كتاب محمد: وكره مالك أخذ القراض على أن يخرج به إلى بلد الروم يبتاع الرقيق.
قال ابن القاسم: لأنه خطر عليه ألا يبيع إلا بموضع بعينه، ولما كره من خروجه إليها في التجارة، لا للغزو. قال مالك: وهو بخلاف من خرج بماله غازيا. وقال في بصري طلب من رجل بالمدينة مالا قراضا يبتاع به بزا، ويدفع ثمنه بمصر إلى وكيله، فذلك جائز، وهو كفعل عمر في ولديه.
قال مالك: وإن قال له: إلي مال بمصر، فخذه واعمل به قراضا، لم يجزه ابن القاسم؛ لموضع الرسالة.
ومن كتاب محمد، والواضحة، قال مالك: ولا يجوز أن يشترط عليه أن يزرع أو لا يشتري إلا حيوانا للنسل، أو نخلا للغلة، أو يشترط زيادة لأحدهما، وهو في ذلك كله أجير.
ومن كتاب محمد: ومن أخذ قراضا على أن يسلم في السلع، أو على ألا يبيع إلا بالدين، لم يجز، فإن وقع، فله إجازة مثله، ويترك رب المال يقتضي الديون بنفسه. قال ابن حبيب: وكذلك لا يشترط بضاعة، ولا أن يعطيه مالا على النصف، على أن يبلغ له مالا إلى بلد آخر يسميه، أو على ألا يبيع إلا بالدين
[7/ 249]

(7/249)


وحده، أو بالدين والنقد شرطا، أو على أن يحبس رب المال رأس المال، ويقول له: اشتر، وأنا أنقد. أو على أن يكون ما اشترى عند رب المال، أو على أن يجعل معه أمينا، فإن نزل في هذا كله، فهو أجير، والتوى والنماء لرب المال / وعليه [غير أنه إذا توى المال ولم يكن فيه ربح، سقطت أجرته] من رب المال في ماله؛ لأنه إنما عامله على أن تكون أجرته من الربح إن كان. قال، وهذا أحسن ما سمعت فيما يرد فيه إلى أجرة مثله. واختلف فيه؛ كان عبد العزيز بن أبي سلمة يرد العامل في القراض الفاسد كله إلى أجرة مثله. وقال أشهب، وابن الماجشون: يرد في كل قراض فاسد إلى قراض مثله. وروي عن مالك، أنه يرد في بعض ذلك إلى أجر مثله، ي بعضه إلى قراض مثله. وبهذا أخذ ابن القاسم، وابن عبد الحكم، وابن نافع، ومطرف، وأصبغ. وبه أقول، وأصل ذلك أن كل زيادة يشترطها أحدهما هي للمال وداخلة فيه، وليست خارجة منه، ولا خالصة لمشترطها، فهذا يرد إلى قراض مثله، وكل زيادة اشترطها خارجة من المال، أو خالصة لأحدهمها، فهو يرد إلى أجرة مثله، وكل خطر وغرر يتعاملان عليه خرجا من سنة القراض به، فهو أجير، وهذا في اشتراط الزيادة الخارجة من المال والداخلة فيه اللتين ذكرنا، وإنما ذلك ذلك جل خطبهما، فأما ما خلف مما لا بال له، فيكره بدءا، فإذا وقع بالقراض، فحاله على شرطهما. ومن كتاب ابن المواز: وإذا أخذ مائة قراضا، عى أن يوصل مائة أخرى إلى بلد، لم يجز، فإن نزل، كان أجيرا في المائتين. قال ابن القاسم: فإن سوفه الربح، فإن علما مبلغ الربح من الإجارة، فذلك جائز، وأما على تخاطر، فلا يجوز. وكذلك روى عيسى، في العتبية، عن ابن القاسم، ومن كتاب محمد، قال: اختلف قول مالك في اشتراط الزيادة لأحدهما ـ يريد / في الإجارة أو قراض المثل.
[7/ 250]

(7/250)


قال الليث: هو أجير في ذلك كله. قال: وقال غير ابن القاسم كل ما فسد له القراض، ففيه المثل. وقول مالك، وابن القاسم أحب إلي.
قال: وإذا أعطاه قراضا، وقال: على ألا تتجر ألا في النخل، أو في الحيوان.
فذلك جائز إن كان موجودا. قال ابن القاسم: ولا خير أن يأخذ قراضا بشرط على أن يخلطه بماله، ولا على أنه إن شاء أخلطه بغير شرط. قال أصبغ: الأول أشد، فإن فعل، لم أفسخ به القراض في الوجهين، وليس بحرام. وخفف أشهب اشتراط ذلك وروى أشهب، عن مالك فيمن أخذ مائة قراضا، وأخرج هو مائة فخلطها، فذلك جائز، وليؤذن بذلك رب المال. وروى أشهب، عن مالك، فيمن عليه مائة دينار دينا لرجل، فقضاه إياه، ودفع إليه مائة أخرى قراضا؛ على أن يخلطها، قال: لا بأس بذلك. وكرهه أصبغ بشرط، إلا أن قل مال العامل مما لا يغتر لمثله تكثير الريح، مثل خمسة دنانير ونحوها، وإن كثر كرهته، ولم أفسخه.
ومن الواضحة، واستخف مطرف، وابن الماجشون، وأصبغ، شرط رب المال على العامل، خلط ماله بالمال، ولم يروا بأسا. أن يعمل عليه. وقاله أشهب ما لم يقصد فيه استقرار الربح لعله مال القراض في كثرة الآخر، فيكون كزيادة مشترطة داخلة في المال، فيكون فيه على قراض مثله على غير شرط، بعد أن يقسم الربح على المالين.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن وهب: من أخذ مالا قراضا على ضمان، أو يمين، أو حميل، لم ينبغ ويكون على قراض مثله وذلك إن أخذ بذلك رهنا. قال محمد: ما لم يكن أكثر مما شرط / فلا يزاد على شرطه، وهل الأقل. قاله مالك، ويبطل شرط الضمان قال ابن حبيب: وكل قراض وقع فاسدا مما يرد فيه العامل إلى قراض مثله، أو أجرة مثله، فليفسخ متى ما عثر عليه قبل العمل أو بعده، بخلاف المساقاة. ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن أخذ مالا قراضا، على أن يدفعه إلى آخر قراضا، ويكون الضمان على الآخر، قال ابن
[7/ 251]

(7/251)


القاسم، يردان إلى قراض مثلهما، وهو كما لو دفعه إليه نفسه على الضمان، وليس عليه ضمان.
قال أصبغ، فيمن أخذ قراضا على ثلث الربح له، ثم أراد كراء دابة، فقال له رب المال: أكري منك دابتي، على أن يصير لي من الربح الثلثان، ففعل، فإن كان أمر الدابة يسيرا، يجوز اشتراطها لخفته، فذلك جائز، وله شرطه، فهو قراض مبتدئ، لأن المال عين، وإن كان ذلك له بال وزيادة بينة، فسد القراض وينقض، فإن فات، فهو أجير.
قال أصبغ: فيمن بعث إلى رجل بمائة دينار، يبتاع له بها طعاما، على أن لرب المال نصف الربح، والنصف الآخر بينه وبين العامل، وعلى أن للعامل ربع الوضيعة إن وضع، قال: أراه سلفا على العامل، وذلك الربع له ربحه ووضيعته، وله أجر مثله في الثلاثة أرباع.
ومن كتاب محمد، وذكر عن أشهب، في الذي شرط عليه ألا نفقة له، فهو أجير. وفي الذي شرط عليه زكاة المال في ربحه، أن له قراض مثله، محمد: وأحب إلي أن يكون له أجر مثله، وإن أخذ مائة قراضا، ومائة سلفا، فربح مائة السلف للعامل، وهو أجير في مائة القراض. قاله مالك، وابن القاسم. / وقال ابن وهب: له قراض مثله. والأول أحب إلينا. وإذا وجب للعامل إجارة مثله؛ لفساد القراض، ثم فلس رب المال، لم يكن العامل أحق الربح في إجارته، وليحاصص بإجارة مثله في الربح وغيره. قاله ابن القاسم.
ومن قارض صانعا، على أن يعمل بيده، لم يصلح، فإن نزل، فابن القاسم يرى له إجارة مثله في المال. وقال ابن وهب: هما على قراضهما، وخالف أصحابه، قال مالك: وإن شرط على العامل ألا ينفق في سفره، لم يجز. قال ابن القاسم، وهو أجير، فإن أنفق من عند نفسه بغير شرط، فذلك جائز.
[7/ 252]

(7/252)


قال مالك: ولو أخذه بغير شرط، ثم قال عند شخوصه: إن معي ما لا يحمل نفقتي، ولا أنفق من مالك. كان كالشرط. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، قال محمد: قال ابن القاسم: لأن المال غير نقد، ففيه تهمة، ولو كان بعد الشخوص له، أو الشراء، لجاز. وكذلك قال عيسى، في العتبية، قال ابن حبيب: وكره مالك أن يقارض الرجل رجلا، على أن يشتري بالدين، فإن وقع فربح ما اشترى بالدين له، ويقتضي به عليه، ويرد في ربح مال القراض إلى قراض مثله على غير شرط. وبعد هذا باب في العامل يبيع بالدين، أو يشتري.
قال ابن حبيب: ومن دفع إلى رجل قراضا على النصف، ثم لقيه بعد ذلك، فقال له: اجعله على الثلثين أو الثلث لك. فرضي، فإن كان المال عينا لا زيادة فيه ولا نقصان، حركه أو لم يحركه، فذلك جائز، وإن كان فيه زيادة أو نقصان، أو كان / في سلع، فلا يجوز وفي المدونة عن ابن القاسم، أنه جائز، وإن كان بعد أن عمل فيه.
قال سحنون، في كتابه ابنه، في قول ابن القاسم، في المتقارضين يشترط أن ثلث الربح للمساكين، أنه جائز. وإنما يعني أن العامل قد حقه وهو الثلث، والثلثان لرب المال، وكأنه صير نصف حقه للمساكين، ولو كان قال: على أن ثلث الربح لرب المال بثلث رأس المال، والثلث للمساكين بثلث رأس المال، والثلث للعامل بثلث رأس المال. لم يجز، كأنه شرط خلط ماله بمال آخر هو للمساكين. وأنكر ابن عبدوس هذا، وقال: هذا جائز؛ لأنه مال مخلوط لربه، فليس كما قال لغيره يشترط خلطه.
[7/ 253]

(7/253)


فيمن أخذ مالا قراضا بعد شراء به لسلعة
أو عندما يريد يشتريها
من العتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك، فيمن يشتري السلع، فلا يحمل ماله، فيسأله رجلا قراضا، ولا يخبره، فيعطيه، فينقد ذلك فيما يشتري، ويدخله في القراض، قال: لو صح، وأخاف أن يكون قد استغلا. قال ابن القاسم: لا يعجبني، وإن صح. وقال سحنون. والمسألة كلها في كتاب محمد كما ها هنا. وقال أصبغ: يجوز إن صح. محمد: إن لم يعلمه، ولم يكن بغلام، فهو جائز. وفي الواضحة مثل ما تقدم، إلا أنه قال: آخذ قراضا على أن ينقد منه تماما ثمنها. قال مالك: إن لم يغل، فجائز إذا وفع، وأكره العمل به ابتداء.
قال ابن حبيب: وإن انكشف أنه كان استغلاها، ولم يكن يساوي ذلك يومئذ، فلينظر قيمتها يومئذ، ويرجع عليه بالزيادة، ولا ينظر إلى ما يبعث / به من ربح، وإن علم أنه لم يكن للاستغلاء، ثم نقص ثمنها، لم يرجع عليه بشيء، وإن خسر فيها مبتاعها، نقد الثمن من عنده. أو لم ينقد منه شيئا.
ومن كتاب محمد: ولو ابتاعها، ثم أخذ منها قراضا ليدفعه في ثمنها، لم يجز، وهو كالسلف، وجميع الربح للعامل. محمد ولو كان ذلك قبل يستوجبها، ولم يسم السلعة ولا بائعها، فذلك جائز.
وروي عن عثمان، أن رجلا قال له: وجدت سلعة مرجوة، فأعطني قراضا أبتاعها. ففعل محمد: وذلك أنه لم يسم السلعة ولا بائعها.
قال ابن حبيب: يكره أن يؤخذ المال قراضا، على أن يشتري من رفقة نزلت بهم معها تجارة ابتداء، فإذا وقع مضى على شرط الربح.
قال ابن المواز: قال ابن وهبك وإن قال له: ادفع إلي قراضا أشتري به سلعة فلان. فإن لم يطلب ذلك رب المال، وإنما أتاه هذا في المال، فهو جائز،
[7/ 254]

(7/254)


وإن كان رب المال طلب ذلك إليه، لم يجز. محمد: وإن سمى السلعة أو البائع، لم يجز، وإن نزل، فللعامل أجر مثله.
في العامل يشارك رب المال، أو يبايعه
أو يشتري العامل منه سلع القراض
أو يعمل مع رب المال
أو يضع معه، وفي عمل يد العامل من غير شرط
ومن كتاب محمد، والعتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك: ومن تجهز لسفر وقد أخذ قراضا، ثم قال له رب المال، أيخرج مالا آخر؟ قال: في كتاب محمد: مثل الأول يشترك معك به، قال مالك: ما أرى من أمر بين كأنه خففه. قال ابن القاسم: إن صح من غير موعد أو وأي فجائز. ومن العتبية، قال أصبغ: لا خير فيه، قال سحنون: هو الربا بعينه.
ومن كتاب محمد: وإن شارك رب المال في / سلع، فذلك جائز إن صح. قال مالك: لا ينبغي أن يصارف رب المال عاملة قبل العمل، ولا بأس أن يشتري منه العامل الثوب والثوبين أو يوليه إن صح ذلك.
قال مالك، في العامل يبتاع القمح من الريف، ثم يبعث به إلى رب المال يحرثه، ويقوم فيه من غير شرط في أصل القراض، قال: لا يعجبني، ولو كان شيئا خفيفا، لم أر به بأسا، قيل له: المائة والخمسين: قال: الشيء الخفيف، وإلا فلا خير فيه، هذا يكثر فلا يعجبني. قال مالك، فيمن قارض رجلا، ثم أشركه بعد ذلك في سلعة، فإن صح، فلا بأس به. قال عيسى: لا بأس من اشترى منهما سلعة من صاحبه. أو شرك صاحبه فيهما، كان العامل أو رب المال
[7/ 255]

(7/255)


ومن كتاب محمد: واختلف في قول مالك، في شراء العامل من رب المال؛ فورب عبد الرحيم، أنه خففه إن صح وكرهه في رواية ابن القاسم.
وكذلك الصرف. .
قال: وإن اشترى منه سلعة لنفسه، لا للتجارة، فذلك جائز، ويتولاها عنه أحسن، وخفف في رواية ابن وهب أن يشتري منه على الصحة. وقاله الليث. .
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك في العامل يشتري بالمال متاعا، ولا يجد به ما يعجبه، فيقول لرب المال: بعنيه وانظرني ببعض ثمنه، وأنقدك البعض. قال: لا خير فيه، ونحا به ناحية الربا.
قال ابن القاسم، في رواية عيسى: إن ابتاعه بنقد، فجائز، وإن كان بتأخير بمثل رأس المال فأقل، فجائز وإن كان بأكثر، فلا يجوز، وإن أراد رب المال أن يشتريها بنقد، أو إلى أجل، فلا بأس به.
ومن الواضحة وإذا تفاصلا وقد بقيت بينهما سلع، فقال العامل لرب المال: أنا آخذها إلى أجل فلا بأس به؛ / لأن القراض قد انقطع، وصار الثمن دينا. وكذلك سمعت أصحاب مالك يقولون وعنده ابن القاسم.
ومن كتاب محمد: ولا بأس أن يشتري العامل من سلع القراض لنفسه من رب المال بنقد ومؤجل. قاله الليث، ويحيى بن سعيد. قال محمد: يجوز بنقد ولا يجوز عند مالك بتأخير. قال ابن القاسم: وأرى أن ينقض، وما فات ففيه القيمة قال محمد: إن كانت سلعة حاضرة، ولم أبلغ به الفسخ، وإن كان شيئا غائبا، فليفسخ، وإن فات ففيه القيمة، ولا يشتري العامل منه سلعة القراض بمال القراض بنقد ولا بتأخير. قال ابن القاسم: إن صح فهو جائز. وإن اشترى رب المال سلعة من العامل من القراض بنقد أخرجه من ماله، جاز له بيعه مرابحة، وإن لم ينقده، وأخذها من القراض، فلا خير فيه أصبغ: قال ابن وهب: وإذا ابتاع
[7/ 256]

(7/256)


قمحا بمال القراض فحرثه، فراضى رب المال أن يسلم إليه القمح وينقطع ما بينهما، ثم أراد شراءه منه، فذلك جائز، ويجوز أن يبتاعه جزافا إذا رآه، وإن لم يره، فجائز ... إذا وجده على ما يعرف.
قال أصبغ: يلزمه؛ إن وجده على غير ما يعرف؛ لأن البيع وقع صحيحا بالمعرفة الأولى، إلا أن يكون أصيب قبل الصفقة قال ابن ميسر: قبل الصفقة الثانية، وذلك انقطع الأمر بينهما انقطاعا لا يتهمان فيه. قال يحيى بن سعيد: وإذا سلما من اشتراط أن يبضع معه في العقد، جاز أن يبضغ معه بعد ذلك.
قال مالك: يجوز ما قل، وأما الكثير، فلا. قال ابن القاسم: ولا أحبه فيما قل بشرط. ونحوه في الواضحة، قال: ولو كانت البضاعة ذات المال وهي مما يتحمله له لو لم يقارضه، أو يتحمله لغيره، فلا بأس بذلك /، وإن كان مما لا يتحمله لولا القراض، فانظر؛ فإن كان القراض ناضا، فلا تجزه، وإن كان في تجارة، فذلك جائز. وفي كتاب ابن المواز: وقال مالك، في العامل تبور له الثياب فيخيطها بإجارة، ويخيط هو فيها، ويأخذ أجره، أو كان خفاقا أو حدادا، فليس بحسن، وإن لم يأخذ القراض عليه بلا عمل في ذلك أجريت له إجارة أم لا. قال محمد: ولا إجارة له في عمل يده. قال ابن ميسر: له إجارة عمله، وهو على قراضه [كما هو]. وقاله ابن حبيب، في باب قبل هذا.

في العامل يزيد من عنده مالا في القراض من غير شرط
أو يزيد في كراء، أو قصارة أو صبغ
أو يشتري سلعة بنقد ودين، فينقد مال القراض
من كتاب محمد بن المواز، ابن القاسم: وإذا زاد من ماله في ثمن سلعة على أن ذلك لنفسه، فهو بذلك فيها شريك ولا خيار فيه لرب المال، وكذلك إن زاد في
[7/ 257]

(7/257)


القصارة والصبغ، وإن زاد ذلك سلفا، فرب المال مخير في [أداء] ذلك، يكون في القراض، أو لا يرضى، فيكون به العامل شريكا، وأما زيادته للكراء، فذ ... لك مبدأ، ولا حصة له فيه من الربح، ولو لم يبق إلا قدر الكراء، فهو أحق به، ولو لم يف بالكراء، لم يتبع رب المال بشيء، وكذلك لو تلف كله، ولو ذهب المال إلا قدر الصبغ والقصارة، لم يكن له منه إلا بقدر حصة ما أخرج يكون به شريكا، بخلاف الكراء، وروى أشهب، عن مالك، أخذ مائة قراضا، ثم أخرج مائة /، فأخلطها بها، ذلك جائز، وليؤذن بذلك رب المال. ومن العتبية من سماع ابن القاسم، قال مالك، فيمن بيده مائة دينار قراضا، فاشترى سلعة بألف، على أن ينقده مائة، فنقده مائة القراض، قال: فهما شريكان في السلعة، والزكاة بالحصص، وتقوم السلعة بالنقد، فإن سويت تسع مائة، فللقرض تسعها. قال ابن القاسم. فعلى ذلك الربح والوضيعة. وكذلك في المجموعة وذكرها ابن المواز. ورواية ابن القاسم فيها عن مالك، أن تقوم السلعة. قال ابن المواز. وليس هذا بشيء؛ لأنه إن استرخص، لم ينتفع القراض بذلك، وإن استغلي، لم يحلقه الغلاء؛ إذ لو كانت قيمتها بالنقد ألفا أو ألفا وخمسمائة، لم يقع للقراض من ذلك إلا مائة، والصواب من ذلك أن يقوم الدين، وقد روي ذلك عن مالك، وعن ابن القاسم، وأشهب، أن ينظر إلى قيمة التسعمائة الدين نقدا بعرض، وينظر إلى قيمة العرض نقدا، فإن سوي ستمائة، كان القراض سبع السلعة فيما يقع لذلك من ربح أو وضيعة. وكذلك قال سحنون، إنه إنما يقوم الدين، وتقويم السلعة خطأ. وذكرها ابن المواز، إذا اشتراها بمائة نقد ومائة إلى أجل، فنقد مائة القراض، فتقوم المائة المؤجلة بعرض، ويقوم العرض بنقد، ثم كان العامل شريكا. قال ابن القاسم ورواه أشهب، عن مالك، وقال به. وروى عبد الرحيم السلعة، فيكون بما زاد في المائة شريكا. ولا يعجبنا.
قال سحنون: تقويم السلعة خطأ.
[7/ 258]

(7/258)


في العامل يشتري أو يبيع بدين بإذن أو بغير إذن
أو يشتري على أن ينقد، فيتلف المال
أو يبيع بربح قبل أن ينقد، وهل له السفر من بلد المال؟
من كتاب محمد: ولا يجوز القراض على ألا يبيع إلا بالدين، فإن نزل، فهو أجير، ويترك رب القراض يقبض الديون بنفسه، فإن لم يكن للعامل بينة على الدين، ضمن، وإذا لم يشترط ذلك، فباع أو اشترى بالدين، فأما بيعه بالدين، فإن قبضه، فالربح بينهما، وما ملك ضمنه إن لم يوقن له، فأما تسلفه على القراض، فلا يجوز، ولا يدخل في ربحه رب المال، تسلفه بإذنه أو بغير إذنه، وإنما يجوز أن يأذن له أن يبيع بدين أو يسلم الغلات، ما لم يكن بشرط في أصل القراض، فأما شراؤه بالدين على القراض، أو يتسلف عليه، فلا يجوز، أذن فيه رب المال أو لم يأذن، وكيف يأخذ ربح ما يضمنه العامل في ذمته، وقال ابن القاسم: ولو فعل ذلك العامل، لقومت السلعة التي اشتريت بدين بنقد، فيكون العامل بذلك شريكا في العامل، لقومت السلعة التي اشريت بدين بنقد، فيكون العامل بذلك شريكا في المال. لعله يريد في سلعة واحدة يشتريها بدين وبنقد، فينقد مال القراض، وهي في الباب الذي قبل هذا.
وإذا اشترى بنقد فلم ينقد حتى باع بربح، فذلك بينهما، لأنه القراض الذي اشترى، وقيل: فلو تلف المال، أليس العامل يضمن الثمن؟ قال: إنما هذا بعد أن يأبى رب المال غرمه، ولو تلف السلعة، وجب نقد مال القراض ألا لم يتلف، ولو تلف المال بعد ذلك، لم يلزمه ربه، ولزم العامل، ولو تلف / المال بدءا، وقال ربه، بع السلعة، وادفع، فإن نقصت وديت، وإن ربحت، فلي ذلك. قال مالك: بل يلزم العامل الغرم تم يخير رب المال، فإما ودى إليه للقراض الثمن، وإلا سلم السلعة له ومسألة شرائه السلعة بمال القراض، وبدين عليه، في الباب الذي قبل هذا. وإن ابتاع سلعة بمثل مال القراض، فلم ينقده حتى اشترى أخرى للقراض، فربح الثانية للعامل وحده؛ لأنه ضمن ثمنها، وكما لو نقد في الأولى وابتاع الثانية، ثم طلب ثمنها من رب المال على القراض، ولم يجز ذلك؛ لأن ... ذمة العامل عامرة بثمنها حين شرائها. وكذلك لو اشتراها حتى يبيع ويوفيه.
[7/ 259]

(7/259)


ومن كتاب محمد، ومن العتبية، من رواية عيسى، ابن القاسم، ولو اشترى سلعة بمال القراض وهو في بيته، فتسلف ما نقد من رب المال فيها، أو من غيره، فنقده ثم باعها، ثم اشترى بمال القراض أخرى وباعها، فهذا كله في القراض ما ربح في السلعتين أو في إحداهما، أو وضع؛ لأنه كما يمكنه نقده أولا.
قال في العتبية، ويخير بما ربح في هذه ما خسر في الأخرى. ومن العتبية، من سماع أي زيد، قال ابن القاسم، في المقارض يشتري المبتاع ينظره أياما، قال: لا خير فيه؛ لأنه يضمن إن تلف، وإن ربح أعطى نصف الربح.
قيل: فإن حضروا المحاسبة، فحاسبه بالمال كله إلا عشرة دنانير بقيت في دين، فقال لرب المال: أنا آخذ هذه السلعة بعشرة / تكون دينا لك على. قال لا خير فيه، فإن جهلا وعملا به، وفات المتاع، فعليه قيمته، قال ابن حبيب: ولا يخرج العامل من بلد رب المال إلا بإذن.
وقول ابن حبيب هذا خلاف قول ابن القاسم. قال سحنون: أما المال اليسير، فليس به أن يسافر به سفرا بعيدا. إلا بإذن ربه.

في النفقة من القراض ومن البضاعة
من كتاب محمد: ولا يأكل العامل من المال، وإن وقف على الخروج فقرب إليه دابته حتى يخرج. قال مالك: وله إذا شخص أن يأكل منه قرب السفر أو بعد إن كان في المال، لذلك محمل، ولا يكتسي إلا في بعيد السفر أو سفر يطيل فيه المقام، وبعد أن يكون المال يحمل ذلك. قال ابن القاسم، وسالم: وله أن يركب من المال، قال ابن القاسم: قال مالك: ومن اشتغل في الحضر في
[7/ 260]

(7/260)


تجارة القراض، فلا يأكل منه. وكذلك في العتبية، قال محمد: وأرخص الليث لهذا أن يتغدى بالأفلس، وأباه مالك.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، قال: وإذا كان المال قليلا وخرج إلى مثل دلاص، ودمياط، ونحوها، في السمن، والصوف، والجز وما يخرج له، فليأكل منه، ولا يكتسى، وإن كان المال قليلا وأراد مكانا بعيدا، فلا كسوة فيه ولا طعام، وإن كان المال كثيرا، والسفر قريبا مثل دمياط، ونحوه، فليأكل منه، ولا يكتسي، إلا أن يقيم الشهرين والثلاثة / يشتري الحبوب وغيرها.
ومن الواضحة: ومن قول مالك، إنه إن كان السفر قريبا، أنفق في طعامه وركوبه، ولا يكتسي إلا في بعيد السفر وكثرة المال، وإذا كان المال قليلا، فلا نفقة فيه، ولا كسوة، ولا ركوب. وروى البرقي، عن أشهب فيمن أخذ قراضا بالفسطاط وله بها أهل، وأهل بالإسكندرية، يخرج إلى الإسكندرية من له النفقة في ذهابه ورجوعه، ولا نفقة له في مقامه في أهله، وقاله البرقي. ومن الواضحة: ومن أخذ قراضا في حج أو جهاد، فلا نفقة له في ذهاب ولا رجوع، ومن أخذ قراضا في غير بلده، فلا ينفق منه في ذهابه إلى بلده، وكذلك من خرج بقراض إلى بلد له بها أهل.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا تجهز، واشترى زاده، ثم أخذ قراضا آخر، فليحسب ما ابتاع من الزاد وما يستقبل من ركوب وغيره على المالين، وكذلك إن خرج فسأل نفسه، وكل من شخص للمال، فله النفقة إلا من خرج إلى حج أو غزو أو رباط. قال مالك: فلا ينفق، وإن كان أصل خروجه للمال، ولا في رجوعه.
[7/ 261]

(7/261)


قال أصبغ: ولا في مقامه في الحج، إلا أن يقيم بعد الحج للمال خاصة، فينفق منه يومئذ.
قال مالك: وإن أخذ قراضا بغير بلده، فخرج به إلى بلده، فلا نفقة له في مسيره، ولا في مقامه في أهله، وله النفقة في رجوعه، ولم يجعله كالحاج والغازي، ولو خرج إلى غير بلده، لأنفق منه.
قال محمد: ذاهبا وراجعا.
وكذلك الخارج / من بلده بالقراض، فلينفق منه ذاهبا وراجعا إلى بلده، أو إلى بلد رب المال.
محمد: لأن المال أخرجه، فذلك ينفق في رجوعه إلى أهله، والغريب بالبلد يأخذ قراضا على أن يتجر به ببلد رب المال، فله النفقة في ماله، وإن لم يكن له بها أهل، ولا هي له بوطن، ومن له أهل ببلدين، فأخذ من أحد البلدين، مالا يجهز به إلى بلده الآخر، قال مالك: فلا نفقة له في ذهاب ولا إياب. وروى ابن القاسم، عن مالك، في كتاب محمد، والعتبية فيمن تجهز إلى اليمن لحاجة، فأعطاه رجل ليلة خروجه قراضا، أنه ينظر إلى قدر نفقته قدر مائة، والقراض سبعمائة، فعلى المال سبعة أثمان النفقة، قال محمد: هذا استحسان، ونحن نقف عليه، وأخبرنا عنه ابن عبد الحكم بخلافه، أنه لا نفقة له. محمد: وكذلك إن كان معه مال.
أشهب، عن مالك، في العامل يشرب الدواء، أو يحتجم ويدخل الحمام، قال: ما كانت هذه الأشياء قديما، وخففه على تمريض منه، وذلك في الحمام والحجامة. وكذلك في العتبية.
ومن العتبية، وكتاب محمد ابن القاسم، عن مالك، وما فضل عند العامل إذا قدم من سفر، ورد المال، فأما خلق الجبة والثوب والقربة، فلا يرده
[7/ 262]

(7/262)


محمد: وكذلك الغرارة والإداوة. قال في العتبية، قال سحنون: وإذا رد المال وعليه ثياب للسفرة من المال، فإن كانت خلقة تافهة، تركت له، وإن كان لها بال وقدر، فلتبع، ويرد في المال. قال: وإذا سلب العامل، فليكنس من مال القراض.
ومن كتاب محمد، قال مالك في / البضاعة ينفق منها إن كانت كثيرة، محمد: مثل خمسين أو أربعين، إلا أن يشخص إلى مكان قريب. قال محمد: ينفق منها، يريد محمد: إلا الكسوة، فلا يكتسي إلا في بعيد السفر والكثير من المال، قال محمد: فيمن دفعت إليه بضاعة ليشتري سلعة، فله أن ينفق منها قبل الشراع إذا شخص فيها خاصة وإن دفع إليه سلعة يبيعها له، فله أن ينفق منها قبل الشراء إذا شخص فيها خاصة وإن دفع إليه سلعة يبيعها له، فله أن ينفق منها قبل الشراء إذا شخص فيها خاصة، وإن دفع إليه سلعة يبيعها له، فله أن ينفق منها إذا باع، وإن كان ذلك على وجه المعروف.
قال مالك: وما أخذ من المقارض من رشوة، أو غصب، فإن ذلك مع النفقة من الربح بعد تمام رأس المال.

زكاة القراض
قد جرى في كتاب الزكاة من هذا ما نكتفي به، وهذا مكرر من كتاب ابن المواز. وقال مالك: وإذا أخذ عشرين دينارا قراضا، فأقام حولا فربح عشرين، فعلى رب المال ثلاثة أرباع دينار، وإنما يزكي ذلك بعض حضرة المال، وقسمته.
[7/ 263]

(7/263)


قال ابن القاسم: إلا أن يكون رب المال مديرا، أو غير مدير، فعلى رب المال كل عام تقويم ما مع العامل إن كان حاضرا، فيزكي رأس ماله وحصته من الربح فيما يظهر له بالقيمة، ثم لا شيء على العامل، وإن تبين الفضل الكثير حتى ينض المال ويأخذ حصته، فيزكي حينئذ بقدر ما كان المال كل عام، وبقدر ربحه. قال أحمد: هذا إذا كان ربح كل عام، وليتوخ ذلك. وروى أبو زيد، عن ابن القاسم، في العتبية، قال إذا أن رب المال يدير، وعند العامل سلع بارت عليه، فلا يقومها رب المال، / لكن إذا قبض ماله زكاة لماضي السنين، قاله مالك.
ومن كتاب محمد، قال: وإذا كان رب المال غير مدير، فابتاع سلعة، ثم قبض ثمنها بعد حول، فليزكه، ثم لا يقوم هذا قراضه، لكن إذا قبض ماله زكاه، وإذا تفاضلا؛ لتمام حول رب المال، ولم يقم بيد العامل حولا، فابن القاسم لا يوجب على العامل زكاة. أشهب يوجبها. وهو قول مالك وأصحابه. وإذا كان المال ربحه عشرون دينارا، فعلى العامل زكاة ربحه، ولو قارضه بخمسة فربح فيها خمسة، ولرب المال عشرة، لزم العامل ـ أن حل حول رب المال ـ زكاة منابتة.
وابن القاسم لا يرى عليه شيئا في الوجهين حتى يصير للعامل عشرين دينارا.
هكذا في كتاب ابن المواز، وليس هكذا في المدونة، عن ابن القاسم. قال محمد: وهذا خلاف مالك وأصحابه في المسألتين، وإن أخذ خمسة قراضا، فحال الحول وعنده أربعون شاة، فأخذ الساعي فيها شاة، فهي على رب المال، فإن كانت قيمة الشاة دينارا، فليقسما على الربح على أن رأس المال أربعة دنانير.
وكذلك في رواية عيسى، وكذلك في زكاة الفطر، عن عبد القراض، وكأنه ارتجع بعض رأس المال. وقاله ابن القاسم، وأصبغ. وقال أشهب: بل ذلك مثل النفقة، والأول أصوب. وقاله مالك، ولأنه وقت لم يجب للعامل حق في هذا، إنما يزكي
[7/ 264]

(7/264)


ماله لا عن الربح، ويخرج زكاة الفطر من ماله، لا بما بقي بيد العمل من القراض، إلا أن يشاء العامل؛ لأنه إذا أشغل / بعضه، فليس لرب المال أن يأخذ منه شيئا. ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، وقال مالك: وإذا تفاصلا بعد سنين، فليزك رأس ماله وربحه مرة واحدة، إلا أن يكون كان يدان، فيزكي لما مضى. قال ابن القاسم: وكذلك العامل في نصيبه. قال: وإذا كان رب المال مديرا، والعامل غير مدير، زكى لكل سنة مضت.
من كتاب ابن المواز، أشهب، عن مالك، فيمن أخذ تسعة عشر دينارا قراضا، فصارت عشرين، قال: عليهما الزكاة. روى أصبغ، عن ابن القاسم، قال: إذا عمل بها حولا، ففيها الزكاة. قال أصبغ: فيلزم العامل عن ربحه ـ وهو نصف دينار ـ ربع عشر ذلك النصف زكاة. قال سحنون: قال ابن القاسم، إذا أخذ مائة دينار قراضا. فعمل بها عشرة، ثم باع من رب المال سلفا بمائة دينار، فأحبسها وبقيت سلع فتركها بيده؛ لأنها ربح، فبيعت عند الحول بعشرين دينارا، وله نصف الربح، فلا يزكى العامل حتى يبتاع بأربعين فأكثر، لأن المعاملة إنما بقيت إلى الحول في هذه السلع. وكذلك لو أخذ بعض رأس المال، وترك البعض، على هذا لا يزكي العامل حتى يكون في حظ رب المال ما تجب فيه الزكاة من رأس المال وربح فكذلك لو كان على الثلث والثلثين في الربح. وروى أبو زيد، عن ابن القاسم، فيمن أخذ مائة دينار قراضا، فعمل بها عشرة أشهر، فضاع رأس المال، فأخذه ربه، وبقي الربح / في سلعة، فبيعت عند الحول، فصارت للعامل عشرون دينارا، قال: لا زكاة عليه، ويأتنف بها حولا، ولو باع بخمسة وتسعين، فبقيت خمسة من المائة في سلعة، فبيعت عند الحول بخمسة وعشرين، قال: إن كان رب المال أنفق الخمسة والتسعين، لم يكن عليه في الخمسة عشر شيء، ولا على العامل، وإن أبقي منها ما فيه مع الخمسة عشر، ما يزكى زكاه، واستقبل
[7/ 265]

(7/265)


العامل بعشرته حولا، ولو أخذ دينارا قراضا، على أن له ثلثي الربح، فصار اثنين وثلاثين، فلا يزكي العامل، وإن كان له ما فيه الزكاة، إذ لا يزكي رب المال، ولو أن لرب المال مالا فيه الزكاة، ولم يكن فيه أنفع له من رأس المال وربح الزكاة، وقد عمل به حولا، فلا زكاة على العامل. هذا أصل ابن القاسم. وكذلك لو عمل بالمال أقل من حول، ثم فاصله عند تمام حول رب المال، لم يزك العامل شيئا، وإن كثر المال، في قول ابن القاسم.
ورواه عن مالك. قال سحنون: وإن أخذ تسعة وثلاثين دينارا قراضا فربح فيها دينارا، وعمل به حولا فإنه يخرج منها دينارا زكاة، فيقع على العامل في نصف ديناره الربح ربح عشره. وروى سعيد ابن حسان، عن أصبغ، في العامل يعمل بالمال حولا فيأخذ حصته من الربح، وعنده مالا لا تجب فيه الزكاة له عنده حول، قال: لا يضمه إلى ربح القراض. وكذلك المساقاة يصير له من السقاء ثلاثة أوسق، وله / حائط فيه وسقان، أنه لا يضمه إلى هذه الثلاثة. وروى أشهب، عن مالك، في رب المال يشترط على العامل زكاة الربح في حصته، قال: لا خير فيه. وقال أشهب: لا أرى به بأسا. ورواية ابن القاسم، وغيره، أن هذا جائز، في كتاب محمد وغيره.
في القراض يريد ربه أخذه، أو يريد المفاصلة
وكيف إن شخص فرضي أن يرجع على نفقته
وفي تفليس العامل أو رب المال، أو موت أحدهما
من كتاب محمد: ولرب المال رد المال، ما لم يشغله، أو بعضه، أو يتجهز به إلى سفر، فأما إن ابتاع للسفر مثلب الزاد والكسوة ونحوها، فلرب المال أخذه إن
[7/ 266]

(7/266)


رضي أن يحسب ذلك على نفسه، وكذلك لو مات رب المال، فذلك لوصيته أن يفعله، وإن طعن بالمال، فليس له ذلك، وإن ضمن نفقة رجوعة. ومن الواضحة: وليس لرب المال بيع سلع القراض إلا بإذن العامل، وإن كان بيع غبطة، إلا أن تكون من السلع التي لو قام في بيعها، كان ذلك له، وإن لم يكن ذلك، فله رد البيع، إلا أن يفوت، فيمضي بالثمن إن كان بيعه غبطة، وإلا ضمن الأكثر من القيمة، أو ما بيعت به. وقاله أصبغ، وغيره.
قال مالك، في كتاب ابن المواز: بيع رب المال شيئا من القراض باطل، إلا أن يجيزه العامل.
ومن العتبية، روى أبو زيد، عن ابن القاسم، في العامل يشخص بالمال، ثم أخذه منه رب المال، على من ترى نفقته راجعة؟ قال: على رب المال.
قال محمد: وكذلك لو ابتاع به تجارة، أو سلعة؛ ليسافر بها، فمات رب المال، فليس لورثته /، ولا للوصي منعه، إلا أن يرى الإمام لذلك وجها. قال أحمد: ما لم يكن سفر يطول أمره جدا، وإذا أراد الوصي أخذ المال، وبعضه عين، لم يكن له ذلك حتى ينض جمعيه، ولا ينبغي للعامل أن يحدث فيه حدثا.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم، في العامل يتجهز بطعامه وكسوته، ثم مات رب المال، فللوصي أخذ المال، ويؤخذ منه ما اشترى من طعام وكسوة قال سحنون: إن كان ذلك طعام نفسه وكسوته نفسه، فذلك له، وإلا فليس له أخذ المال منه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك، في العامل يريد بيع الطعام على يديه، ويقول رب المال: جملة. قال: ينظر إلى وجه الشأن في ذلك، فيحملان عليه، وإذا مات العامل، فأتى الورثة بثقة أمين منهم، أو من غيرهم، فذلك لهم.
[7/ 267]

(7/267)


قال أحمد: وهو يصير بالبيع والشراء، فإن لم يأتوا بثقة، أسلموا جميع ذلك لرب المال. محمد: وكذلك في موت أحد العاملين إن لم يأت ورثته بأمين تقي، حظه لرب المال لا للعامل الثاني.
قال مالك: وإذا أراد ورثة العامل بيع الديون بعرض، ليتعجلوا ذلك، وأبى رب المال، أو زاده هو وأبوا، فذلك لمن أبى، وكذلك لو لم تمت العامل، فاختلفا هكذا، وذلك إذا داين بإذنه.
قال في العتبية من سماع عيسى، وكتاب محمد، قال مالك: ولو قام على العمال غرماؤه بغير بلد رب المال ـ يريد في غير القراض ـ وربح القراض بين، فأرادوا بيعه، فليس لهم ذلك في غيبة رب المال. قال في العتبية، وإن قام غرماء رب المال، بيع، فأعطي العامل حصته، وما بقي لغرماء رب المال. قال عنه ابن المواز: وإن كان المال عينا، فلهم أخذ / حقوقهم منه، وإن كان في تجارة، لم يحكم لهم بالبيع حتى يرى للبيع وجه، ولا يبلغ لهم منه دين حتى يقبض، وكذلك لو شاء رب المال تعجيل ذلك، فليس له ذلك.
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإن مات رب المال، فقام غرماؤه والمال في سلع، فأحيلوا على العامل، وضمن لهم، فذلك جائز. محمد: إن ضمن أن يعطيهم ذلك من مال القراض، فذلك باطل، لا خير فيه، وأن ضمن أن يأخذه لهم في غير القراض، لزمه ورجع بما يؤدي في التركة.
قال أشهب، عن مالك، في العامل يضغطه غريم في دين عليه، في المال ربح، فليس له قضاؤه من ربحه. حتى يحضر رب المال.
قال مالك: وإن قام غرماء العامل، وقام رب المال، فإن أقام بينة أن ذلك من ماله، خاصة، وإلا تحاصص هو وغرماؤه في ذلك. وفي باب من دفع قراضا
[7/ 268]

(7/268)


إلى رجلين، ذكر موت أحداهما. ومن الواضحة: ومن قول مالك، في الرجل إذا أقر عند الموت بقراض أو وديعة، فهو مصدق، وإن لم يعرف أصلها في حياته، كان عليه دين أو لم يكن، فإن عينها، فربها أحق بها، وإن لم يعينها، فإنه يحاص بها الغرماء، وأما إن عينها في التفليس، فربها أولى بها أيضا، ولم يعرف قبل ذلك بينة في قراض أو وديعة، وإن لم يعنيها في التفليس، لا يحاص بها ربه الغرماء بذلك في قراض ولا وديعة.
وكذلك في الصانع يفلس، فإن قال: هذه سلعة فلان صدق وإن قال: استعملني سلعة، وضاعت. لم يحاص صاحبها غرماءه.
وكذلك فسر أصبغ. وفي ذلك اختلاف، وهذا أحسن.
في العامل يراضي رب المال
على أن يسلم إليه السلع / والدين
أو ينص رأس ماله، أو يأخذ به سلعة
ويبقى سلعة، أو يقاسمه السلع
من العتبية، وكتاب محمد بن القاسم، عن مالك، وفي المقارض له دين من دنانير وطعام، وكان ذلك رب المال، قال في كتاب محمد: وله سلع فأسلم ذلك العامل إلى رب المال برضاه، فذلك جائز إذا رضي رب المال. قال: وهو كالموت إذا أسلم ذلك إليه الورثة. قال محمد: أو ضعف ووقع التراضي بذلك. قال في العتبية، وأنكرها سحنون. وسئل مالك عن العامل يشتري متاعا، ويداين، فيقول له رب المال: أنا أعطيك ربحك من النقد، وأبرئك من الدين، فهو رأس مالي، وما خسرت في العرض فعلى. إلا أن العامل يعمل فيه كما هو، قال: لا خير فيه حتى يحصل المال.
[7/ 269]

(7/269)


ومن سماع عيسى، قال مالك في العامل يبتاع قمحا بمال القراض، فيقول له رب المال: احتجت إلى قمح، فأعطني نصفه، واحبس نصفه، ولك ربحه خالصا. قال: لا خير فيه. قال ابن القاسم: للمخاطرة في الربح قد يقل ويكثر وينقص. قال ابن حبيب مثله.
وقال: إلا أن يكون باعه ذلك بيعا بنصف رأس ماله الباقي، فيكون ضمانه بعد من العامل، فلا بأس به. وقاله أصبغ، وغيره.
ومن العتبية من سماع عيسى، قال ابن القاسم: وسئل مالك عن العامل يريد أخذ ربحه بإذن رب المال قبل المفاصلة، قال: لا حتى يقتسما. وروى أبو زيد، قبل لابن القاسم، في العامل يشتري سلعة بمائة وهي جميع المال، فباع نصفها بمائة، فدفعها إلى رب المال، وقال رب المال: أقر نصف السلعة الباقي قراضا بين وبينك. قال: لا خير فيه /، وهي الآن شركة لا تصلح إلا أن يعملا فيها جميعا. وروى أصبغ، عن ابن القاسم، في العامل يبتاع بالمال سلعة، ثم يقول لرب المال: هل لك أن أدفع إليك رأس مالك، على أن يكون فلان بمثابتك في الربح متى بعنا، فله حصتك؟ قال هذا حرام. وقاله أصبغ، لأنه غرر، وسلف بنفع غيره.
قال ابن حبيب: قال مالك: وإذا تفاصل مع العامل، وقسما الربح، فلا بأس أن يأخذ رب المال رأس ماله عينا، ثم يقاسمه ما بقي من سلع أو غيرها، أو يأخذ رب المال في رأس ماله سلعة، ثم يقاسمه ما بقي من عين أو عرض. وفي باب زكاة القراض شيء من معنى هذا الباب، وكذلك في باب العامل يشارك رب المال.
[7/ 270]

(7/270)


في رب المال يحاسب العامل. وقد نض المال
ثم يتمادى في العمل
وفيما يأخذ أحدهما قبل المفاصلة من المال
ومن كتاب محمد: ولا يصلح أن يأخذ أحدهما من الربح شيئا حتى ينض رأس المال، ولو ربحا في سلعة، لم يصلح قسم لربحها، وليرداه حتى يحضر رأس المال، ثم يتفاصلا.
قال ابن القاسم: ولو نض المال فعزلا رأس المال وقسما الربح، ثم قال له: خذ رأس المال قراضا. لم يصلح حتى يقبضه ربه، وهذا على القراض الأول أبدا، إن خسر أجراه بكل ما أخذا، وكذلك لو خسر بدءا فأحضر المال، فقال ربه: رضيت بما خيرت، وأن يكون هذا رأس المال، لم ينفع هذا، وهما في الأول يخبران بما يربحان حتى يقبض المفاصلة. قال أصبغ: على الصحة وترك القراض، إلا أن يحدث لهما رأى في ذلك المجلس أو بعده، فذلك جائز. قاله مالك: وأما على التحليل، أو قد بقيت منه أو من ربحه بقية، فلا ولو حضر / المال كله، فعزلا الأصل، وقسما الربح، ثم رد رب المال منابته في المال بينة أحضروهم ذلك. لم يصلح حتى يقبض رأس المال ربه، وليرد ما أخذ من ربح: قاله مالك، والليت.
قال ابن القاسم: ولا يصلح للعامل أخذ حصته من الربح، وإن أذن له رب المال حتى يتفاصلا، ولو أخذ مائة قراضا، فأخذ له اللصوص خمسين، فأراه ما بقي: فأتم له المائة لتكون هي رأس المال، فإن رأس المال في هذا خمسون ومائة حتى يقبض ما بقي على المفاصلة، وكذلك لو رضي أن يبقى ما بقي رأس المال، ولم ينفع ذلك.
ومن العتبية، روى أبو زيد، عن ابن القاسم، في رجل دفع إلى رجل ألف دينار، وأخرج هو مائة إلى رب المال يعمل في المال، والربح بينهما، وكانا يتحاسبان
[7/ 271]

(7/271)


كل سنة فيقسمان ذلك، ثم خسرا، قال: يرد ما ربحا من أول، ثم يقسمان الربح على عدة المال، ولصاحب المال أجر مثله في الألف.
ومن الواضحة، قال عبد الملك: وإذا ذهب بعض رأس المال قبل أن يذهب بعمل، أو بعد، فإنه يجبر من الربح ما لم يتفاصلا، ثم يأتنفان عملا جديدا، قال: وإذا لقيه فأعملاه بما نقص رأس المال، فقال له: اعمل بالذي بقي عندك، فقد أسقطت عنك ما ذهب، فهو قراض مؤتنف إذا بينه هكذا، أحضر المال أو لم يحضره، قبضه ربه أو لم يقبضه، وكذلك لو ربح: فاقتسما الربح، ثم قال له: اعمل بما بقي في يديك. كان قراضا مؤتنفا، وإن لم يقبض منه المال، قاله ربيعة، ومالك، والليث، ومطرف، وابن الماجشون، ومن لقيته من أصحاب مالك، إلا ابن القاسم، فإنه قال: مما على القراض الأول. قال ابن حبيب [وإذا لم يكن الأمر على ما فسرت، وإنما أخبره]، والذي ذكر ابن حبيب، عن ابن القاسم، هو قول ربيعة ومالك، والليث. ابن المواز: وقال: أخبرني أصحاب مالك، عن مالك، أنه قال: لا يجوز أن يتفاصلا حتى يحضر جميع المال، ثم يقبض رب المال ماله، ويقتسما الربح / بما نقص على معنى الإخبار، وليس على حد المحاسبة وقصد المفاصلة، فإن المال يجبر بما اقسما من ربح أو نقص.

فيمن دفع قراضا إلى رجلين هل يقتسمانه؟
وهل يجوز على أجزاء مختلفة؟
وكيف إن مات أحدهما، وعمل الآخر؟
قال في كتاب محمد، وفي العتبية، أصبغ، عن ابن القاسم، وإذا دفعت مالا إلى رجلين، على أن لك النصف، ولأحدهما سدس، وللآخر ثلث، والعمل
[7/ 272]

(7/272)


بينهما على نحو ذلك، لم يصلح، وقاله أصبغ، قال: ويفسخ ما لم يعملا، وتفوت بربح أو وضيعة. وقال هو: وابن حبيب: فإن فات وربحا، فنصف الربح لرب المال، وهو لم يدخل بينهما وبينه فساد، ونصف العاملين بينهما على ما شرطا إن اشترطا في العمل على حقهما في الربح، فإن لم يشترطا ذلك في العمل، قسما الربح على ما سميا، ورجع صاحب السدس على صاحب الثلث بإجارته في فضل جزئه، وإن خسرا، فلا إجارة لهما على رب المال. وكذلك قال ابن حبيب سواء.
ومن العتبية، من سماع عيسى، قال ابن القاسم: ومن دفع إلى رجلين مالا قراضا، فيقتسمان المال، فيؤدي أحدهما، ويتلف ما بيد الآخر، قال: قد تعديا، ويضمن الذي ودى ما تلف بيد صاحبه، قال سحنون: وليس لهما أن يقتسما المال ولا للمودعين قسمة ما أودعا ما المال، فإن فعلا هذان أو هذان، لم يضمنا، وروى أصبغ، عن ابن القاسم، قال: إذا اختلف العاملان عند من يكون المال؟ نظر إلى قول رب المال، فاتبع قوله، فإذا أحضر الأجير أحضر الآخر، فإن اختلفا في البيع والشراء، فرآه هذا وخالفه هذا، وهذا مال ما يقبض المال، فإذا دفعه إليهما جميعا فجميعا، فإن دفعه إلى أحدهما فإليه، وليس للآخر بعد كلام إذا كان يعلمه. وفي كتاب محمد نحو هذا، إلا أنه قال: إذا اختلفا، فإنه يكون عند من دفعه إليه، فإن دفعه إليهما، كان عندهما، وإن حضر فذلك إليه، وذكرنا في ذلك مثل ما ذكر أصبغ، وقال: ولا يحدثا فيه بيعا ولا شراء حتى يجتمعا.
ومن سماع، من ابن القاسم: ومن دفع إليه رجلين قراضا، فخرجا به إلى بلد، فمات أحدهما، فاشترى الآخر بجميع المال، قال رب المال مخير، إن شاء كان على قراضه، وإن شاء ضمنه؛ لأنه تعدى، إذ لم يؤذن له أن ينفرد بالشراء. قال: ولو اشترى بالمال كله موته، فهما على قراضهما، ويقوم ورثة
[7/ 273]

(7/273)


الميت مع الحي في البيع، أو يقيموا أمينا، وإن كانا اشتريا ببعضه، فورثه الميت شركاء، فيما اشتراه قبل موته، وما اشترى الحي بعد موت صاحبه، فرب المال فيه مخير، كما ذكرنا. قال: وإذا مات أحدهما، فأقر رب المال أن الحي دفع إليه نصف المال، ولم يدع الميت شيئا، فكل ما أسلمه أحدهما إلى الآخر، فقد ضمنه، إلا أن يدعيا هلاكا، أو يدعيه أحدهما، فيحلف ويصدق، إلا فيما فرطا فيه، فيضمن المفرط.

فيمن أخذ قراضا من رجلين
وكيف إن اختلطا عليه في أيهما
وهل يخلطهما بشرط أو بغير شرط
من العتبية، من سماع أشهب، وكتاب محمد، قال مالك، فيمن أخذ / قراضا من رجلين، فأراد أن يخلطهما، قال يستأذنهما أحسن، وإن خلط بغير إذنهما، فلا شيء عليه، ولو أذن له أحدهما، ولم يأذن الآخر، ثم خلط فيستغفر الله ولا يعد. .
وروى عيسى، عن ابن القاسم، قال: إذا دفعا إليه ماليهما، وقالا: اخلط، ولك ثلث الفضل، ولكل واحد منا الثلث. فلا خير في هذا الشرط، إلا أن يشتري هو سلعة فيخلطه من قبل نفسه، قال: ولو ربح خمسين، ثم لم يدر في أي المالين ربحها؟ نسى ذلك؟ قال: لا شيء له في الخمسين، ويكون بين صاحبي المالين.
وقال سحنون: فيمن أخذ مالا قراضا من رجل على النصف، ومالا من آخر على الثلث، فاشترى سعلتين صفقتين بثمنين مختلفين بكل مال على حدة، ثم أشكل عليه السلعة الرفيعة من أي المالين هي؟ وادعى كل واحد من صاحبي المال أن الرفيعة من ماله، فلا ضمان على العامل، وهو كمن أودعه رجل
[7/ 274]

(7/274)


مائة، وآخر خمسين، فنسي الذي له المائة، وادعاها الرجلان، فليحلفا ويقتسما المائة، وتبقى الخمسون بيد المستودع ليس لها مدع، ومن رأى أن يضمنه مائة لكل واحد بغير يمين، فكذلك تجري مسألة القراض المالين.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أخذ قراضا من رجل، فله أن يأخذ من غيره قراضا إن كان لا يسلفه، وله خلط المالين إذن كان عينا بإذن الأول، أو بغير إذن إذا نصا وليس فيهما زيادة ولا نقصان. وأكرهه بإذن الثاني، والمال الأول أعين أو عرض.
قال ابن القاسم: وله ذلك من غير شرط الثاني، ولا يأخذ من رجلين مائة مائة بشرط الخلط، ولو كانا هما خلطا المال قبل ذلك على الشركة، جاز دفعهما ذلك قراضا.
ومن كتاب محمد، ومن العتبية، من رواية أبي زيد، عن ابن القاسم، قال مالك: من أخذ من رجلين قراضا، فله الخلط بغير إذنهما، وبإذنهما أحسن من غير شرط، وإذا اشترى بكل قراض جارية، ثم لم يدر التي بمال هذا من الأخرى، فهو ضامن لقيمتها، إلا أن يرضى صاحبا المالين أن تكون الجاريتان بينهما والربح بقدر المالين، وكذلك الوضيعة، ولا شيء على العامل حين تركا تضمنيه. وقاله ابن كنانة، وكذلك في العتبية. وروي عن ابن القاسم فيها أيضا. وذكره في العتبية، عنه أبو زيد، أنه إن كان أ؛ إذ المالين عشرة، والآخر عشرين، فكانت أدناهما تسوي عشرين فِأكثر، فإنه لا ضمان على العامل. قال في العتبية: وهما على قراضهما. وفي كتاب محمد: وليباعا، فيأخذ كل واحد رأس ماله، والربح بقدر كل مال، وللعامل من الربحين شرطه. قال في العتبية: وإن كانت
[7/ 275]

(7/275)


أدناهما لا تسوي عشرين، فليباعا في رأس ماليهما، والربح بقدر المالين، وللعامل من كل ربح شرطه. قال محمد: وإن اتفقت قيمتها فلا حجة لصاحب الأكثر على صاحب الأقل ولا على العامل، وإن اختلفت، غرم العامل فضل قيمة الرفيعة على الدنية؛ لأن الكل واحد يدعي الرفيعة ويرجو ذلك، والعامل لا يدفعهما، وإنما تعتبر قيمتها اليوم.

في العامل يقارض غيره، أو يشاركه أو يبضع /
معه بشرط أو بغير شرط، أو يحتال بمال
وفي العامل يتسلف من المال لتجارة أو غيرها
أو يجور فيه ويتجر فيما جار
ومن كتاب محمد، ولا يشارك العامل أن يقارض عاملا آخر لرب المال، أو يزيده سلفا، ويضمن إن فعل، ولو كان بإذن رب المال، وما بأيديهما ماض، جايز، وإلا لم يجز في شركة ولا قراض، كمن زاده مالا بعد الشراء، وشرط الخلط.
قال ابن القاسم: ولو شارك رجلا فيما لا يغيب إليه ويقسمانه، فذلك جائز وكذلك الشريط يشارك، وكذلك لو لم يغب عليه، إلا إنه جعله المتولي لما كتب عليه المال يضمن. وروي أشهب، عن مالك، قيل له: أيشارك المقارض من يعاونه؟ قال: لا. قيل: أفيضمن؟ قال: ما أجراه: قال أحمد: إن لم يغب على شيء منه، لم يضمن، قال: ولا يبضع من غلام له أو لرب المال، أو عامل له، وإن فعل ضمن. وكذلك لو كان الغلام ممن شرط معونته في المال. قال: وإذا اختال الثمن ضمن. محمد: يضمن الثمن إن باع بالنقد والقيمة إن باع بالدين.
قال مالك: وإذا أخذ قراضا على أن الثلث لرب المال، ثم دفعه لآخر على النصف، فربح، إن السدس الفاضل يرجع إلى المال دون العامل الأول، ومن أخذ قراضا على أن يدفعه إلى غيره، فقد كرهه مالك، إن قال: ابعثه مع
[7/ 276]

(7/276)


مولاي إلى بلد آخر إلى من يكفيه أمره. لم يصلح، ولو قال: إلى قوم يشترون له ويبيعون. فأرجو أن يكون خفيفا. محمد: ما لم يشترط. والمسألة كلها في العتبية / من سماع ابن القاسم.
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم: قال: وإذا استأذن العامل رب المال بعد أخذه أن يبضع به، فإذن له، فجائز ما لم يأخذه على ذلك، وقيل هذا باب في شركة العامل لرب المال. وإذا سلف العامل من المال. فاشترى لنفسه سلعة نهي عنها، أو لم ينه، لتجارة أو لغيرها، فرب المال مخير. قال مالك: وإن باع بربح، فله الدخول فيه، ويضمن الوضيعة، وإذا رد رأس المال وفاصله وجحده شيئا من الربح فتجر به فيما في يديه، وأقر أو قامت عليه بينة، فقال عبد الملك: ليس عليه ألا مصابته من أصل المجحود، كالربح في السرقة يكون للسارق. قال محمد: ليس ذلك مثله، وما ربح في بقية الربح المجحود فبينهما على أصل القراض لا يزيله، أو يتسلفه، أو يجحده، أو يكتمه. قال أحمد: قول عبد الملك أعدل؛ لأن القراض قد انقطع بينهما، ويصح جواب محمد، لو عزل من الربح شيئا قبل أن ينقطع القراض، فربح فيه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم، قال مالك، في العامل يشارك رجلا بمال الرجل، فعملا جميعا، قال: هو ضامن إن تلف أو نقص، وإن كان ربحا فهو على قراضه، قال مالك: ليس أن يقارض غيره وإن كان نفد، إلا برضا صاحب المال، بخلاف المساقاة، قال عيسى، عن ابن القاسم، في العامل إذا اشترى ظهرا فأكراه فنما المال، أو نقص؟ قال: أراه متعديا، وهو ضامن. قال ابن حبيب / ولا يصلح أن يقارض رجلا ويشترط عليه أن يبضع المال ويقارض، أو يشارك به أحدا، أو يجلس به في حانوت نه وشبه ذلك، فإما إن قال: إن شئت فافعل، وإن شئت فدع. فهو إذن، فلا بأس بالإذن في العقد، ما لم يكن شرط يفسده. قال: وما فعله من ذلك بغير إذن، ضمن النقص، وإن كان ربح، فهو بينهما.
[7/ 277]

(7/277)


في العامل يشتري أمة من المال فيطؤها
أو يطأ أمة من رقيق القراض
أو يشتري ذا رحم منه أو من رب المال
من كتاب محمد، وإذا اشترى العامل أمة من الربح، أو من المال، فوطئها فحملت، ثم وضع في المال، فعليه قيمتها يوم الوطء، فإن فضل شيء، فبينهما.
وفي باب آخر: يلزمه قيمتها إلا قدر جزئه من الربح. وهذا الأول سواء. قال محمد: يلزمه الأكثر من قيمتها من يوم الوطء، أو يوم حملت، أو من الثمن.
قال ابن القاسم: ولا يقبل قوله في عدمه، أنه إنما ابتاعها للقراض، لأنه يتهم أن يقر بذلك؛ ليبيع أم ولده، إلا أن يأتي على ذلك بدليل، فتباع في عدمه.
وروى ابن القاسم، عن مالك، إنها إذا ... حملت وهو عديم، أنه يتبع بالقيمة دينا. قال: وإن لم تحمل وهو عديم، بيعت فيما لزمه من قيمتها. وقال مالك أيضا: ... إذا حملت وهو عديم، وليس ثم ربح، أنها تباع إذا وضعت فيما لزمه. وهذا أحب إلينا ويتبع بقيمة / الولد يوم وضعته، إلا أن يكون الولد فضل، فيبتع بنصف قيمته، وإن لم تحمل، وهو ملي، فرب المال مخير أن يضمنه أو يتركه، فإن كان عديما بقيت بحالها ولا تباع. وذكر، في العتبية، من سماع ابن القاسم نحو ما ذكر؛ من الرواية الأول.
وقال سحنون: قول ابن القاسم: يتبع في عدمه غير معتدل، ولتبع، إلا أن يكون فيها فضل، فيباع منها بقدر رأس المال [وحصة ربه] من الربح، وما بقي فبحساب أم الولد.
[7/ 278]

(7/278)


ومن سماع عيسى، من ابن القاسم، قال: وإذا تسلف من مال القراض ما اتباع به أمة، فوطئها فحملت، فقد عرفتك بقول مالك، وهو رأي أن يؤخذ منه ما اشتراها به في ملائه، ويتبع به في غرمه، وأما لو اشتراها للقراض؟ ثم تعدى فوطئها، فهذه تباع في عدمه. قال عيسى: ويتبع بقيمة الولد دينا، إلا أن يكون في القراض فضل، فيكون كمن وطئ أمة بينه وبين شريكه، فتقوم عليه في ملائه، ويخير رب المال في غرمه، فإن شاء تمسك بنصيبه منها، وأتبعه بما يصيبه من قيمة الولد، وليس له فيما نقصها الحمل والوطء شيء، وإن أبى بيع له نصيبه منها، فإن نقص مابيع منها من ذلك النصيب عن قيمة ذلك النصيب يوم الوطء، أتبعه بذلك النقصان وبنصيبه من قيمة الولد، وإذا كره جميع هذا وضمنه قيمة نصيبه، فليس له من قيمة ولدها، ولا مما أنقصها الوطء شيء.
وروى أبو زيد، عن ابن القاسم فيه، إذا اشترى جارية من مال القراض، فوطئها، فحملت، فقال: اشتريتها للقراض، فلا يقبل قوله، ويتهم على بيع أم ولده /، إلا أن يقيم شاهدين بذلك فتباع. وقال حبيب: إذا وطئ أمة من القراض، أو اشتراها لنفسه من مال القراض، ثم وطئها فأحبلها، فذلك سواء، فإن كان له مال، أخذ منه الأكثر من ثمنها أو من قيمتها يوم الوطء، وإن لم يكن له مال، وفيها فضل، بيع منها بقدر رأس المال وحصة رب المال من الربح، ووقف نصيب العامل فلعله يسير، فيباع باقيها فتصير أم ولد، وإن لم يكن فيها فضل بيعت كلها من الثمن الذي اشتريت به، فإن لم يف به، أتبع بتمامه يحمل محمل الشريك، ولا شيء عليه للولد، كان له مال أو لم يكن، كان فيها فضل أو لم يكن، لأنه ضمنها بالوطء، فجاء الولد بعد أن ضمنها. قال مالك: وكذلك المبضع معه بمال إذا تعدى فاشترى أمة لنفسه، فأحيلها؛ إن لم يكن له مال، بيعت، ولا شيء عليه للولد، ولو اشتراها بمال وديعة عنده، فأحيلها، ولا مال له، فهذا لا يباع، ويتبع بالثمن دينا؛ لأنه لا خيار لرب الوديعة في الأمة، ومال البضاعة هو فيما
[7/ 279]

(7/279)


تعدى فيه مخير، وليس له أن يستأثر بفضل إن كان فيه وهذا أحسن ما سمعت. وقال ابن القاسم، في الذي يتسلف من مال القراض، فاشترى لنفسه جارية فأحبلها، والذي اشترى بالبضاعة لنفسه جارية، فأحبلها، أنه لا خيار لرب المال، وأن الحمل فوت، ويتبع في ذمته بالثمن. وهذا خلاف ما روي عن مالك. قال ابن حبيب: ولا بد للذي تعدى فوطئ أمة اشتراها لنفسه بمال القراض، أو مال البضاعة، أو مال الوديعة، أو الشريك في الأمة يطؤها أو يعقبوا، حملت / أو لم تحمل، كان له مال أو لم يكن عقوبة موجعة، مثل المائة سوط. قال أبو محمد: وقول ابن حبيب في هذا في المشتري بمال الوديعة أمة، فوطئها، أنه يضرب، قول لا يصح سيما إن كان له مال.
ومن كتاب محمد: وإذا اشترى من يعتق على رب المال، فهو حر بعقد البيع، فإن كان به عالما، ضمن الثمن، ولا شيء عليه إن لم يعلم، والولاء لرب المال في كل حال. قال ابن القاسم: ويتبع بالثمن في عدمه، إذا كان عالما. وقال أشهب: بل يباع منه برأس المال وقدر حصة ربه من الربح، وتعتق حصة العامل. وإذا ادعى رب المال أن العامل عمد لشرائه بمعرفة، وأنكر العامل، فالقول قول العامل. قال: فإن التمس بيع قدر ذلك منه، فانكسر بذلك ثمنه حتى لا يفي، بيع كله، على قول أشهب. ولم يختلفا فيه إذا لم يتعمد، وهو عديم أو ملي، أنه حر مكانه، ولا تباعة على هذا، وله أن يرجع بحصة ربحه من قيمته على رب المال، إن كان فيه ربح. قال وإن ابتاع أبا نفسه، عالما أو غير عالم، عتق، وعليه إن كان موسرا قيمته إلا قدر حصة ربحه، إن كان فيه ربح، وإن كان عديما، بيع أبوه، إلا أن يكون فيه فضل، فتعتق حصته منه، وكذلك إن كان له شيء غير ذلك وداه، عتق بقدره، وكذلك إن اشترى عبدا، فأعقته. وكذلك الوصي أو الأب يعتق عبد يتيمه على نفسه. قاله مالك في ذلك كله.
ومن كتاب محمد، ومن العتبية، رواية يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: وإذا كاتب العامل عبدا من المال، فودي وعتق وفي العتبية: وإذا اشترى عبدا
[7/ 280]

(7/280)


من الما ذلك / فكاتبه، قال فلرب المال رده حتى يعتق بإذن، وما قبض منه كالقلة.
قال أحمد بن ميسر: ما لم يكن إنما ودى عنه أجبي ليعتق، فهذا نافذ إن لم يحاب فيه العامل أو الشريك، قال: وإن أجاز رب المال عتقه، فلا شيء للعامل من ولاية، إلا أن يكون فيه فضل، فله بقدر حصته منه، قال: في العتبية ينظر إلى حصة العامل من الربح، ما هي؟ من جميع الربح ورأس المال، فيكون له من ولايته بقدر ذلك.
قال في كتاب محمد: وليس الكتابة كالعتق، ولا تجوز كتابة الوصي بعد يتيمه، ويجوز فيه عتقه، وعليه قيمته.

جامع القول في تعدي العامل ومخالفته
من الواضحة قال مالك: إذا تعدى العامل، فخالف ما أمر به، أو فعل ما نهى عنه، ضمن، ويباع عليه ما نهى ع، شرائه، فإن كان فيه فضل، فهو على القراض، وإن كان نقصان، ضمنه، فإن شاء رب المال، ضمنه جميع الثمن، وترك ذلك له، وإن شاء أمضى ذلك على القراض، وإن لم يشعر لذلك حتى باعها بربح فذلك على القراض، فإن بيعت بنقص، ضمنه. قال: وإذا نهى رب المال العامل عن العمل بالمال، وأمره أن يرده، وهو عين بعد، فتعدى واشترى به سلعة، فربح، فالربح ها هنا له، كمال الوديعة، والضمان عليه. وكذلك في كتاب ابن المواز، قال ابن حبيب: ما لم يقر أنه اشترى السلعة على اسم القراض، فإن أقر بها، فالربح على القراض، ولم يخرجه ذلك من الضمان. قال: قارضه على ألا يخرج بالمال من بلده، فخرج به إلى غير بلده، فحرك المال أو لم يحركه حتى رجع / إلى بلده، فيتجر، فخسر أو ربح أو ضاع، فإنه إن ضاع منه بعد خروجه من بلده، فهو ضامن، حركه أو لم يحركه، وإن لم يضع، ولكن حركه فخسر
[7/ 281]

(7/281)


فيه، فهو ضامن لما نقص، وإن ربح، فهو على القراض، وإن اشترى به سلعة، فقدم بها، بيعت، فيضمن ما نقص، والربح بينهما، وإن ضاع بعد منصرفه وهو في سلع، فهو ضامن، وإن ضاع بعد أن جاء، وهو عين ولم يكن حركه، لم يضمن، وإن كان قد حركه وتجر به، فهو ضامن لأنه بخروجه من بلده ضمنه بالتعدي، وخرج عن حد الأمانة، وهو على الضمان حتى يرده إلى حال القراض بنيته وعزيمته ثم إن ضاع بعد أن رده إلى حال القراض، أو تجر به للقراض فخسر، لم يضمن. وكذلك الوديعة ينفقها، ثم يردها، فلا يضمنها بعد ذلك، وهو مصدق أنه ردها، فإن شاء رب المال، ضمنه رأس المال، وترك له السلع، وإن شاء أمضاها على القراض، وإن شاء بيعت، فكان الربح بينهما، ويضمن الوضيعة، وإن باعها قبل التخيير، أو هلكت، فهو ضامن لها، أو لخسارة فيها، وما كان من ربح فيهما. قال مالك: إذا باع العامل بالدين بغير إذنه، ضمن. قال عبد الملك: وتفسيره: إن نظر فيه وقد هلك الدين قبل صاحبه، ضمن قيمة السلعة يوم باعها، وإن نظر فيه والدين على صاحبه، بيع بعرض، وبيع العرض بعين، فما نقص ضمنه، ومن كتاب محمد، قال ربيعة إن باع بالدين وقد نهى عنه، ضمن النقص، والربح بينهما. قال مالك: ليس له / أن يبيع بالدين، ويسلف على الغلات إلا بإذن رب المال، ولا يشتري بالدين وإن إذن له ربه. . .
قال محمد وإن أسلم في طعام بغير إذن، ضمن الآن رأس المال، فإذا قبض الطعام، بيع، فقسما الفضل، وما وضع، فعلى العامل. قال: ولو أسلم في غير الطعام، فلا يجوز الرضا به أيضا قبل يقبض، ولكن يباع قبل يقبض، ويضمن ما نقص، والفضل بينهما. وكذلك إن باع سلعة بثمن مؤجل، بيع ذلك الدين بعرض، ثم بيع العرض، فضمن الوضيعة، وكان الفضل بينهما، وإذا اشرط ألا يشتري إلا كذا لشيء موجود، فاشتراه فلا يبعه بما نهى عنه، فإن فعل، فعلم رب المال قبل بيع المنهي عنه؛ فإن شاء أجازه وكان على القراض، أو ضمنه ويصير للعامل ربح ذلك، وعليه وضيعته، وإن بيع قبل ينظر فيه، ضمن النقص، فإن ربح
[7/ 282]

(7/282)


فبينهما. قال محمد: إن كان طعاما تعجل ضمان رأس المال، فإذا قبض المال، فذكر مثل ما تقدم ذكره فيه. وفي غير الطعام إذا أسلم في شيء بغير إذنه، قال أحمد: أجاب محمد على أنه اشترى ما أذن له فيه، فباعه بما نهي عنه، ولو كان التعدي على دنانير، لم يكن غير ضمانها، وليس له أن يرضى بذلك فيصير دينا بدين.

في التداعي في القراض بين العامل ورب المال
من كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإذا أخذ قراضا على الثلث والثلثين، ولم يسميا لمن الثلثان، واختلفا، فالعامل مصدق، ويحلف. قال محمد: بل اجعل الثلثين لمن يشبه أن تكون منهما، فإن أشبههما، كان ذلك للعامل، ويحلف إن ادعاه. قال محمد: وإن ادعى العامل / أن له ما يربح في عشرة دنانير، وثلث ما بقي، وقال رب المال، بل على أن ثلثي جميع الفضل لي. فالعامل مصدق. لأنه ادعى أمرا جائزا، بخلاف دعواه أن لي في الربح دينارا ونصف ما بقي، فقد ادعى ما لا يجوز في هذا.
ومن العتبية، قال سحنون: وإذا قال العامل: بمائتين. وقال: مائة رأس المال. وقال رب المال: رأس المال مائتان. فإن لم يقم رب المال بينة، [فالعامل مصدق ويحلف، فإن نكل، حلف رب المال، فإن نكل، فليس له إلا ما قال العامل، وكذلك إن أقام كل واحدة بينة، وتكافأتا في العدالة، فالعامل]
مصدق ويرفع البينة وإن كانت إحداهما، كالصناع، فإن لم تقم بينة، أو قامت فتكافأت، فالضمان على ما ذكرنا.
[7/ 283]

(7/283)


ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم، وأشهب، وروياه عن مالك، إذا أخذت المال قراضا. وقال ربه: سلفا. فربه المصدق. وقال أشهب: وذلك إذا حرك المال، وأما تلف منه قبل يعمل به، فالقول قول المقر.
وقال ابن عبد الحكم، عن ربيعة ومالك: إن القول قول العامل الذي بيده المال. وأراها ابن وهب وذ ... كر مثله ابن حبيب، وقال: الذي رجع إليه مالك، أن رب المال مصدق، وبهذا أخذ ابن القاسم، وأصبغ. وأخذ مطرف، وابن الماجشون، وابن وهب، وأشهب، يقول مالك الأول. وبه أقول. قال أحمد بن ميسر /، في كتاب في الإقرار، فيمن قال: أودعتني ألفا، فضاعت. وقال الآخر: بل هي سلف: فقال ربيعة، وأشهب، وهو قول مالك الأول: إن كل من أقر في أمانته بشيء، فالمخرج منه يمينه، ثم رجع مالك، فقال: القول قول رب المال مع يمينه وبه قال ابن القاسم.
ومن كتاب محمد: وإن قال العامل: سلف. وقال رب المال: قراض.
فالعامل مصدق وإن عمل وربح في المال، ولو قال ربه: وديعة. وقال العامل: قراض. فرب المال مصدق، لأن العامل لزمه الضمان بحركة المال، وهذا إذا تلف المال، وإن قال ربه: بضاعة. وقال العامل: فراض. فإن كان فيه فضل حلفا، وللعامل إجارته: محمد: ما لم يكن أكثر مما يصير إليه من الربح، ولو تلف المال ها هنا، لم يضمنه؛ لأن ربه مقر أنه أذن له يحركه. قال محمد: وإذا كان أكثر، حلف رب المال، ولم يكن له شيء وكذلك إن كان نصف الربح والأجرة سواء، وإن كان نصف الربح أكثر، حلفا، فإن نكل رب المال، فللعامل نصف الربح، وإن نكل العامل، فليس له إلا ما أقر به رب المال.
وإذا قال رب المال: هو قراض، وقال العامل: وديعة. وهو في سلعة، قال ابن القاسم: فالقول قول من هو بيده مع بيده في قوله: وديعة. وربه يدعي الربح، ويقال لرب المال: اتق الله إن جاء في السلعة نقصان، فلا تضمنه إن
[7/ 284]

(7/284)


علمت أنه قراض. فإن أبى، فالحق حقه؛ لأنه حكم نفذ بما أقر له به العامل، فإن رجع العامل إلى / قول رب المال بعد البيع، لم يقبل منه.
قال ابن القاسم: وإن قال ربه: وديعة. وقال العامل: قراض. وهو في سلعة، فالقول قول رب المال مع يمينه، ويضمن العامل، فإن بيعت بفضل، قيل للعامل، اتق الله، إن علمت أنه قراض، فادفع إليه ربحه، ولا أحكم بذلك عليه، ولو دفع ذلك إليه، لم أقض على رب المال ما أخذه.
ومن الواضحة: وإن اختلفا عند المفاصلة، وقال العامل: عاملتك على الثلثين لي. وقال رب المال: بل على أن لك الثلث. فقال مالك: القول قول العامل مع يمينه إن ادعى ما يشبه، فإن ادعى ما يستنكر، صدق رب المال ويحلف، فإن ادعى مستنكرا، فللعامل قراض مثله. وقال الليث: إن لم تكن بينة، حملا على قراض المسلمين، وهو النصف.
قال ابن حبيب: وإذا اشترى العامل سلعة، فقال رب المال: نهيتك عنها. وكذبه العامل، فالعامل مصدق ويحلف. وكذلك روى أبو زيد، عن ابن القاسم، في العتبية، وإن باع بدين، وادعى إذن رب المال، فأنكره، فرب المال مصدق ويحلف. قال ابن حبيب: وقد ذكرنا اختلافف قول مالك، في إذا قال العامل: أخذت المال قراضا. وقال ربه: سلفا. وقول ربيعة فيه، فكل ما اختلف فيه المتقارضان من هذا المعنى، فهو على مثل ذلك، أو قال رب المال: هو وديعة. وقال العامل: قراض. أو قال ربه: قراض. وقال العامل: وديعة. أو قال ربه: قرض. وقال الآخر: قراض. أو قال ربه: قراض. وقال الآخر: قرض. أو قال ربه: بضاعة. وقال الآخر: قراض / أو قال ربه: قراض. وقال الآخر بضاعة أو قال رب المال: غصبتنيه. واقل الآخر: استودعتنيه، وقد ضاع. أو قال ربه: أوفيتكه من قرض، أو: رددته إليك من قراض، كان لك عندي. وقال الآخر: أودعتنيه، فضاع. فالقول في هذا كله، في قول مالك الأول، قول
[7/ 285]

(7/285)


المقر: وإنما تعارف هذا ابن القاسم في ثلاثة أوجه؛ إذا قال ربه: قرض. وقال الآخر: قراض أو وديعة. وإذا قال رب المال: وديعة أو بضاعة. وقال الآخر: قراض. وإذا قال ربه: أوفيتكه من قرض، أو رددته عليه من مالك القراض، وقال الآخر: أودعتنيه، وقد ضاع. فرب المال مصدق عند ابن القاسم، في هذه الثلاثة وجوه فقط.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال لرجل: أعطني المائة دينار التي أودعتك: فقال الرجل: ما أودعتنيها. ولكن دفعتها إلي قراضا، فربحت فيها مائة، لك منها خمسون، فإما أن يأخذ الخمسين. قال يستأني بالخمسين سنين لعله يأخذها، فإن تمادى على الامتناع، فليتصدق بها العامل.
قيل: فلو مات رب المال، فطلب ورثته أخذها، قال: يأخذون إن شاءوا، إذا أحب المقر أن يدفعها إليهم، ولا يقضي عليه بدفعها إليهم.

في اختلاف العاملين ورب المال
من كتاب محمد، قال أصبغ: قال أشهب، في مال القراض مع عاملين يأتيان بمائتي دينار، فقال أحدهما: رأس المال مائة، / وربحنا مائة. وقال الآخر: رأس المال مائة وخمسون، وربحنا خمسين. وصدقه رب المال، فإنه يأخذ كل واحد من الربح عل ما ادعى من رأس المال.
قال أصبغ: يأخذ مدعي الأكثر من الربح خسمة وعشرين، ومدعي الربح القليل اثني عشر ونصفا. قال محمد: هذه من المجالس، وهي غلط، وقد أجابني أصبغ بخلافه، وهو الصواب، أن لمدعي الكثير من الربح خمسة وعشرين، وللآخر ثمانية وثلث؛ لأنا صدقنا القائل ـ رأس المال مائة. على ما في يده،
[7/ 286]

(7/286)


فيؤخذ منه خمسة وعشرون، ويقال للآخر: أنت مقر أن رأس المال خمسون ومائة، فكل ما حصل من الربح ينبغي أن يكون بينك وبين رب المال أثلاثا، بعد أن تتم له ما أقررت أنه رأس المال، وتصير جائحة ما يزيده الخارج عنكما عليكما في الربح، ولا يحسب في رأس المال جائحة، فالذي حصل بعد زوال المنكر مائة وخمسة وسبعون، فمائة وخمسون رأس مال القراض، الفاصل خمسة وعشرون، بينك وبين رب المال على ثلاثة؛ فثلثهما لك، وله الثلثان، لأن في قولك خمسة وعشرين، وذلك اثنا عشر ونصف. قال محمد: ولا تقبل ها هنا شهادة الآخر؛ لأنها إن قبلت، جرت إليه نفعا.
وقال أشهب: وإن قال واحد، رأس المال مائة، وربحنا مائة وقال الآخر: رأس المال مائة، ومائة هي إلي. فإنه يصدق مدعي المائة لنفسه، ولا شيء لصاحبه ولا لرب المال فيها، وكل / واحد من العاملين حائز لما بيده، وعلى هذا اليمين فيما حاز لنفسه. وقال ابن القاسم: للذي ادعى المائة ربح أربعة دنانير، وسدس، ولرب المال مائة وثمانية وثلث؛ لأنهما مقران في مائة لرب المال، فيأخذها، وتبقى مائة يدعيها أحدهما، والآخر يقول: ليس لي فيها إلا ربعها، ونصفها لرب المال، فيقال له: دعواك لغيرك لا يعبأ به، فسلم لصاحبك ثلاثة أرباعها التي لا تدعي فيها شيئا لنفسك، والخمسة وعشرون الباقية أنت وصاحبك تدعيانها، فتقسم بينهما، فإذا أخذ منها اثنى عشر ونصفا، قال رب المال: كل ما حصل من الربح، فحظي مثل حظك، فاقسمها بيني وبينهم على ثلاثة؛ لك ثلثها أربعة وسدس، ولي ثلثاها ثمانية وثلث.
قال محمد: إن كانت المائتان بيد أحدهما، كان القول قوله مع يمينه، وإن كانت بيد كل واحد مائة، قال: فمن أقر منهما أن بيده رأس المال، إلا أنا أخلطنا الجميع تحريا، وأخذ كل واحد منا من الجملة مائة. فقد أقر أن نصف ما
[7/ 287]

(7/287)


بيده رأس مال، وأن خمسين ربح، له منهما اثنا عشر ونصف، ويسلم ما بقي لرب المال، فإن أقر الآخر بمثل ذلك، تمسك بخمسة وعشرين، وقسمت خمسة وعشرون بين رب المال والمقر الأول، وقد قيل: الخمسة وعشرون بينه وبين رب المال أثلاثا، وكذلك إن أقر الآخر أخذها منه. كذلك قال محمد: وإن كانوا ثلاثة معهم ثلاثمائة، فقال أحدهم: رأس المال خمسون، والبقية ربح. وقال الآخر: رأس المال مائة. وقال الآخر: بل هو مائتان، فلمدعي كثرة / الربح ثلث نصف الربح على دعواه، وذلك اثنان وأربعون دينارا إلا ثلثه، وهو سدس جميع الربح، وللثاني من الربح خمس ما بقي من الربح على ما يدعي أنه الربح؛ لأنه زال مع الأول منهم سهم من ستة، فيأخذ اثنين وثلاثين إلا ثلثا؛ لأنه يقول: الربح مائتان؛ لرب المال مائة، ولكل واحد منا ثلاثة وثلاثون وثلث. فقد تزيد الأول على حقه [ثمانية وثلث فهي علينا أخماسا، ثلاثة أخماسها على رب المال، وعلى كل واحد منا خمسها فصار ما يقر أنه بقي ربحا بيننا] أخماسا أيضا، فلي خمسه، وذلك اثنان وثلاثون إلا ثلثا، ثم ينظر إلى ما تبقى من الربح، فيكون أرباعا، ثلاثة أرباعه لرب المال وربعه للثالث؛ لأنه يقول: الريح مائة على ستة أسهم، ذهب اثنان أرباعه، والباقي سبعة وعشرون إلا ثلثا ربعها للعامل سبعة إلا ثلثا، فحصل لرب المال مائتان وعشرون، وللأول أحد وأربعون وثلثان، وللثاني أحد وثلاثون وثلثان، وللثالث سبعة إلا ثلثا، فذلك ثمانون دينارا.
[7/ 288]

(7/288)


ومن العتبية، قال سحنون: وإذا كانا عاملين فأتيا بمائتين، فقال أحدهما: رأس المال مائتان. وصدقه رب المال، وقال الآخر: رأس المال مائة، والربح مائة. فإن كان الذي قال: رأس المال مائتان عدلا، حلف معه رب المال واستحق المائتين، وإن لم يكن عدلا، فليأخذ من كل واحد خمسين التي اجتمعا عليها من رأس المال، ثم يقال للعامل: رأس المال مائتان، ادفع إليه ما في يدك أيضا؛ إذ لا ربح لك حتى يتم / رأس المال، ويقال للآخر: الخمسون التي في يديك أنت مقر أن نصفها لك، ونصفها لرب المال، فادفعه إليه، وأنت على ما في يديك مصدق، ولو أتيا بثلاثمائة، وقال أحدهما: رأس المال مائة. وقال الآخر: بل هو مائتان: وصدقه رب المال، وكذب الآخر، فليدفعا إليه مائة اجتمعا عليها، خمسين من يد كل واحد، ولا يحلف ها هنا رب المال مع شهادة الذي صدقه؛ لأنه جار إلى نفسه؛ لأنه يقول له: ادفع إلى المائة الباقية بيديك؛ إذ لا ربح لك حتى يتم رأس مالي، فإذا قبلت شهادته لأخذ رب المال المائة منهما جميعا، فينتفع بشهادته فأسقطناها لذلك، ثم يقال له: ادفع ما في يديك وهو مائة ـ إلى رب المال؛ لأنه لا ربح لك حتى يتم رأس ماله. ويقال للآخر: ادفع نصف المائة التي في يديك إلى رب المال؛ لأنك زعمت أنها ربح، وقلت نصفها له ونصفها إلي.
فأنت مصدق فيما في يديك، وليس للعامل الآخر دخول على رب المال في هذه الخمسين؛ لأنه مقر أن لرب المال نصف الربح، فهو ذلك، وإنما دخولك على صاحبك وقد جحدك.
قال سحنون: وقد قيل: يدخل مع رب المال فيما قبض، فيقاسمه ذلك أثلاثا، له ثلثهما، ولرب المال الثلثان.
[7/ 289]

(7/289)


ومن كتاب سحنون: وإذا أتى العاملان بثلاثة آلاف، فقالا: رأس المال ألف. قال أحدهما: والربح ألفان، وصدقه رب المال، وقال الآخر: ألف وخمسمائة هو الربح، وخمسمائة لفلان شريك بها في المال وأكذبه رب المال.
قال سحنون: إن كان العامل المقر لفلان عدلا، وفلان حاضر / يطلب ذلك، حلف معه، وأخذ خمسمائة، ويبقى ألف خمسمائة ربحا بين العاملين ورب المال. وقاله المغيرة، وابن دينار. وإن لم يكن عدلا، فإن بيد كل واحد ألفا وخمسمائة رأس مال، وألفا ربحا والذي لم يقر يقسم هذا الألف بينه وبين رب المال نصفين، وأما المقر، فإن في يديه من الخمسمائة التي أقر بها، مائتين وخمسين فيأخذها المقر له، وتبقى سبعمائة وخمسون بينه وبين رب المال، وفي آخر الكتاب باب مسائل مختلفة، وفيه مسألة من معنى هذا الباب.
في العامل يدعي رد القراض، ودعوى رد الوديعة والعارية
والعامل يدعي بعد المفاصلة أنه بقي شيء، أو قبل المفاصلة
ومن كتاب محمد، قال ابن القاسم، عن مالك، قال كل من يقبل قوله في التلف، يقبل قوله في الرد، فالوديعة والقراض يقبل قوله في ردهما إن لم يكن أخذهما ببينة.
قال ابن القاسم: ولو قال رب المال ببينة: دفعت ذلك إليك، وقد ماتوا، فليحلف العامل، ما دفعته إلى بينة. ويبرأ محمد: ويكون في يمينه، ولرددته إليه، أو أنه ضاع بجمع ذلك في يمين واحدة، فإن نكل، حلف رب المال وأغرمه.
قال ابن القاسم: ولو أقام رب المال بينة ولم تقبل، فليس له أن يحلفه أنه ما أشهدهم عليه. محمد: إذا أقر أنه أشهدهم، لم يضره؛ لأنه يقول: عرفت أنهم لا يقبلون، فهم كالعدم، أرأيت لو أشهد نصرانيين أتحلفه؟.
[7/ 290]

(7/290)


قال: فإن أقام شاهدا عدلا أشهده عليه بالقبض، قال / يحلف معه رب المال، ثم يقال للعامل: أقم البينة بالرد، وإلا حلف رب المال يمينا ثانية، فأرد إليه شيئا. قاله ابن عبد الحكم. قال ابن القاسم: ولا يقبل قول المستعمر. قال مالك: ولا الصناع في الرد إلا ببينة، قبضوا ببينة أو بغير بينة. وقاله أصبغ. قال ابن القاسم: المكتري مصدق في الرد، كان يغاب عليه أو لا يغاب عليه، أخذه ببينة أو بغير بينة.
قال محمد: وينبغي أن يكون كالقراض والوديعة، ويقبل قولهم في التلف أيمانهم، فإن أخذوه ببينة، لم يقبل قولهم في الرد، وكذلك المكتري فيما يغاب عليه. وقال أصبغ، قال محمد: وكذلك إن اكترى ما لا يغاب عليه، فادعى رده، فهو مثل ما يغاب عليه. قال: ويصدق العامل في دعواه هلاك المال. قال عطاء، ومالك، والليث: ولو كان غير ثقة، وليس عليه إلا اليمين إن اتهمه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم، وعن العاما يحاسب صاحبه، ويقول: قد حملت لك على نفسي. ثم يقول: نسيت الزكاة، وغير ذلك. قال: لا يصدق إلا ببينة أو أمر لا يستنكر فيه قوله، وما يعرف به ثبات دعواه.
قال ابن القاسم: وسمعته قال في مقارض عمل دفع إلى صاحبه رأس ماله وربحه، ثم جاء بعد ذلك يطلب نفقته، ويقول: أنفقت من مالي، ونسيت. قال يحلف، ويكون له ذلك.
قال في كتاب محمد: وكان مالك خفف النفقة يدعيها بعد المفاصلة ورأى أن يقبل قوله. وروى عنه ابن القاسم، أنه لم يقبل قوله في نسيان الزكاة إلا ببينة أو أمر يعرف به وجه قوله. قال محمد: فيؤمر / العامل بزكاة ما صار له ومن كتاب محمد، وقال في العامل يشتري جارية، ويقول: زدت فيها من عندي. فهو مصدق، ولا يحلف. قال مالك: وإن قال حين قدم من سفره: أنفقت من
[7/ 291]

(7/291)


عندي لارجع به. فذلك له ويحلف. وكذلك إن قال: وديت كراء أو قصارة. فله أخذ ذلك. وإن اعترف ما بقي في يده منه، فإن جاوزه لم يتبع رب المال بما جاوزه قال: وهذا لم يخرج المال من يده بعد.

في العامل يسأل عن المال، فيقول: هو عندي،
وأقر ثم يقول: قد هلك أو يجحد القراض، أو الشراء،
فلما ثبت عليه، قال: تلف أو رددته
من كتاب محمد، قال مالك: وإذا سأله عن المال، قال: هو عندي وأقر، فلما أخذه به قال: قد هلك منذ مدة، وإنما أردت بقولي بقاءه عندي.
فإنه يضمن، ويؤخذ بأقل قوله، إلا أن يأتي بأمر يعرف به قوله.
وكذلك إن أقر بربح كذا، ثم لا يطالبه، قال ذلك، فلا يصدق إلا بأمر يعرف به ما قاله. وقاله ربيعة، والليث. ومن العتبية، روى أبو زيد، عن ابن القاسم، في العامل بيده مائة قراضا، فخسر فيها خمسين، فأخب بذلك أخا له، وتسلف منه خمسين، فأراها لرب المال لأنه يظن إلا خسارة في المال، فلما دفعها حبس رب المال ماله قال: إن أشهد على ذلك، وأخبر بما خسر، فلصاحب الخمسين أخذها. وروى عيسى، عن ابن القاسم، عمن دفع إلى رجل مائة دينار قراضا، وجعل لآخر خمسين، على أن يشخص صاحب الخمسين والفضل فيهما، فضرب بالمال، ثم قدم فطلبه رب المال / بماله، فقال: لم يعطني شيئا. فجحده حينا، ثم قال بعد ذلك: تلف مني. قال ابن القاسم: أيضع ناس مالا إلى رجل خرج من المدينة؛ ليبلغه إلى قوم، فلما رجع ذكر الذي أمر بالدفع إليهم أنه لم يدفع إليهم شيئا، فطولب، فجحد، وقال: لم يبعثوا معي بمال. فقامت عليه البينة، فدفع ذلك إليه، فلما ثبتت، قال: ضاع مني؟ قال مالك: يحلف بالله لضاع، ويبرأ. وكذلك ما سألت عنه يحلف أنه ضاع منه، ولا شيء عليه.
[7/ 292]

(7/292)


وقال عيسى: إذا جحد حتى قامت البينة، لم يصدق، وغرم. وبلغني ذلك عن مالك. وعن العامل يجحد المال حينا. ثم يدعي بعد ذلك أنه قد رده. قال: إن لم يأت على ذلك بالبينة، وإلا غرمه، وليس من ادعى القضاء مثل من زعم أنه ضاع. وفي سماع ابن القاسم: ما عليه إلا يمينه بالله، ويبرأ.
في العامل يسامحه رجل إفاقا لرب المال
هل يدخل فيه العامل؟
من العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، في العامل بالقراض يبتاع ثمرا، ويكتري عليه مركبا إلى القلزم بعشرين دينارا، فلما وصل سأل رب المركب: لمن الثمر؟ فقيل له: لفلان صاحب الفلان. فلم يأخذ منه كراء، وقال: قد أولاني خيرا. هل يكون ذلك لرب المال خاصة؟ قال: إن لم يكن علم رب المركب أن المال قراض بالعشرين لرب المال، وإن علم أنه كان قراضا، وقال: ما تركتها إلا له وحده. فهو مصدق أيضا في ذلك، وإن قال: علمت أنها قراض، وتركتها مكافأة له، ولم أذكر له وحد. كانت بينهما على قراضهما. /

في الجناية على العبد من مال القراض
من كتاب محمد: وإذا قتل عبد من القراض، قتله عبد، فاختلفا في القصاص، فلا يقتص إلا باجتماعهما، ومن طلب قيمته فهو أحق وما أخذ من قيمة أو سلم إليهما القاتل، فذلك على القراض، ولو قتله رب المال، لودى قيمته.
قال ابن القاسم: إلا ألا أكون في عبدهما الذي قتله العبد فضل عن رأس المال، فلرب المال أن يقتص أو يعفو، ولا قول للعامل إلا أن يكون في فضل، فله أن يعفو وإن كره رب المال.
[7/ 293]

(7/293)


في القراض والإجارة بين المسلم والكافر،
وأحد المتقارضين يسلم، وفي القراض خمر
من كتاب محمد: ولا يؤاجر نفسه من نصراني، ولا يأخذ ... منه مالا قراضا، ويفسخ ما لم يعمل، فإذا عمل ترك حتى ينض فيفسخ، وأفسخ الإجارة متى ما علمت، وله بحساب ما عمل على ما سميا. قال محمد: وإن دفعت إلى نصراني قراضا بشرط ألا يشتري إلا سلعة كذا، وهي موجودة كل زمان، فلا خير فيه؛ لأنه من استحل الربا استحل أن يخالف شرطك. وكره مالك أن يعطيه درهما يشتري له به شيئا. قال محمد: فإن فعل، فلا يأخذ ما اشترى له، ولا يفسخ شراء النصراني إياه. قال ابن ميسر: بل يأخذه، وقد ساقى النبي أهل خبير وهم ينفقون من أموالهم وتجاراتهم، قال محمد: وكذلك إن قارضه فأفسخه وأرد إلى المسلم رأس ماله، وله دفع كرمه / إليه مساقاة إن كان لا يعصره خمرا، فإن قاسمه فأراد أن يعمل خمرا، لم يمنع، ولكن لا يعود المسلم على معاملته.
ومن العتبة، قال سحنون، في نصراني، قارض نصرانيا فأسلم رب المال والمال في خمر فيه ربح أو لا ربح فيه، قال: هي مصيبة على رب المال، وينتظر إلى قدر فضل العامل النصراني فيهما، فيعطاه خمرا، ويهراق ما أصاب المسلم. وقال عبد الملك بن الحسن: سمعت ابن وهب يقول: لا بأس أن يقارض النصراني.

مسائل مختلفة من كتاب القراض
من العتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك: لا بأس أن يأخذ المقارض من شريكه ذهبا من غير الذهب الذي بينهما، يدفع إليه من ماله، ثم يأخذ هو من مال القراض، ولم يجزه سحنون إلا [في] شيء حاضر ويد بيد
[7/ 294]

(7/294)


عن العامل يعطي السائل كسرة يسلمها، أو الثمرات، أو يسقيه الماء، فلا بأس بذلك.
ومن سماع عيسى، عن ابن القاسم، ومن أخذ عشرة دنانير تنقص خروبة، فاشترى بها سلعة، فباعها بعشرة قائمة، فأراد أن يأخذها ويعطي للعامل قدر ربحه ورقا أو تبرا، أو يأخذهما ويعطيه ما ينوبه دنانير، فلا يصلح ذلك؛ لأنه ذهب بذهب متفاضلا.
قال سحنون، في رب المال يأذن للعامل أن يبضع، ثم يسافر رب المال، فأبضع معه العامل، فلما جاء رب المال للبلد، عرف ضربه وماله بعينه، فاشترى به، لمن ترى الفضل؟ قال لرب المال؛ لأن العامل لم يشتر له شيئا، وليس / من سنة القراض أن يبضع العامل مع رب المال.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، عمن قال عند موته: إني قومت جارية ابنتي فلانة على فلان بألف درهم وجعلت فضلها بينهما، وقد بعث إلي بالألف فمات هذا، وقدم الرجل، وقال: إنما باعنيها بيع بت قال: الرج مصدق. وقلت: فلم لا كان القول الميت؛ لأنه يقول: بعته نصفها؟ قال: لو قال هذا، كان القول قوله، لكنه إنما قال: قومتها كلها عليه، وجعلت فضلها بينهما. وهذا لا يجوز في البيوع، فمن ادعى ما لا يجوز، وآخر ادعى الجايز، فالقول قول مدعي الجايز. وقال أصبغ: لا يقبل قول واحد منهما. ويرى ثمن الجارية الذي بيعت به لابنة الرجل، وللبايع أجر مثله. وقال ابن حبيب بقول مطرف.

تم بحمد الله وعونه
[7/ 295]

(7/295)