النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب المساقاة
ما يجوز من المساقاة
من كتاب ابن المواز، قال مالك: ما جاز بيعه، أو جاز كراؤه، لم تجز مساقاته،
لأنه يترك في الأرض كراء معلوما، ويرجع إلى غرز الجزء مما تنبث ويدع في
الثمرة ثمنا معلوما، ويرجع إلى المساقاة فيصير أجره على جذها ومؤنتها.
وفي الموطأ، أن المساقاة ما حل بيعه؛ كالإجارة، قال سحنون، في مساقاة ما
جاز بيعه، هي إجارة جائزة وينبغي في قوله ألا تجوز في الزرع لأنه قال:
احصده وهذه بنصفه هذا لا يجوز عنده.
ومن كتاب محمد قال مالك: وإن ساقاه حائطا بثمرة حائط آخر، لم يجز، إلا أن
تكون ثمرة الآخر قد أزهت، فهي إجارة جائزة، وإن لم تزه، لم يجز، فإن نزل
وقبض تلك الثمرة، فليرد قيمتها إن قبضها رطبا، أو مكيلتها إن قبضا ثمرا،
وله أجره في الحائط الذي أسقى، وله ما أنفق فيه، وتجوز المساقاة في النخل
بعد جذاذها، وكذلك إن كان فيها بعد ثمرة لم يبد صلاحها، فالمساقاة فيها
جائزة، وكذلك الشجر. وقاله سحنون، في العتبية.
[7/ 297]
(7/297)
ومن كتاب محمد، قال: وإن ساقاه شجرا صغارا
لا يطلع فيها طعم من عامها، أو زرعا لم يطلع من الأرض، لم يجز، وكذلك إن
ساقاه نخلا فيها تمرة وقد طابت، ساقاه إياها سنين، فإن نزل في ذلك كله، فهو
أجير في السنة الأولى، وما بعد ذلك إذا أتت الثمرة على مساقاة مثله، كمن
أخذ قراضا عرضا، فإن أدرك قبل مجيء ثمرة قابل، فسخ، وأخذ إجارة مثله
ونفقته، وإن لم يفسخ حتى أتت ثمرة قابل، لم يفسخ إلى بقية السنين. قال
مالك: وتجوز مساقاة الزرع وقصب السكر.
قال ابن القاسم: والبقل مثل الفجل، والجزر، واللفت، والبصل، وشبهه، وذلك
كله إذا ظهر من الأرض، عجز عنه صاحبه أو لم يعجز. قال ابن عبدوس: القياس
عندي في ألا تجوز مساقاة الزرع. قال في رواية ابن وهب، عن مالك في الزرع
يعجز عنه ربه، فيساقيه، أرجو أن يكون خفيفا، وليس بالموطأ كالنخل، وقال
أيضا: جائز: وقال ابن أبي سلمة: وكذلك المقتاة، وقصب السكر. وقال في
المقتاة /، في رواية أشهب: إنما سمعت ذلك في الزرع يعجز عنه ربه.
قال مالك: فإن ساقاه قصب السكر، فجائز إذا ظهر وعجز عنه صاحبه، ولا يجوز إن
يشترط خلفته، وكل ما يجذ أصله، مثل الموز، والقصب، والقرط وشبهه من البقول،
فلا يجوز سقاه وإن عجز عنه ربه. محمد: كذلك اللفت والبصل، والأصول المغيبة
مما لا يدخر وهو كالبقل. وقاله ابن عبد الحكم، وهو أحب إلينا، وقد اختلف
فيه، قال: وإذا كان في الحائط أنواع مختلفة، فحل بيع بعضها، وباقيه لم يحل
بيعه، ولم يتم فجمع ذلك كله في المساقاة، فإن كان ما أزهى الأقل في الحائط،
جازت المساقاة، وإن كثر، لم تجز، ولا فيه ولا في غيره، وإن ساقاه نخلا
وفيها شجر من رمان أو عنب قد طاب، فإن كانت لزيقة النخل، وتشرب معها،
فجائز، ولا بأس أن يسقيها إلى أن تجذ؛ لأنها غير مباينة للنخل، ولا يشترط
العامل منها شيئا، وإن شرط أن تكون مع النخل على سقاء واحد فيها يستقبل من
بعد جذ هذه التمرة، قال مالك: ذلك جائز. وقال أحمد، في الرمان
[7/ 298]
(7/298)
الذي طاب وسقيه: إن كان يسيرا، جاز، وإن
كان كثيرا لم يجز. وأجاز ابن وهب مساقاة المرسين، وهو الريحان. قال ابن
القاسم في رواية أصبغ عنه: لا يجوز، ثم رجع فأجازه، وثبت على هذا محمد:
وأحب إلي ألا يجوز، كأنه الموز والقصب، إلا أن تكون أشجارها ثابتة، وإنما
يقطع منها أحطابها النابتة في كل عام، كالسدر، ولا تجوز المساقاة الموز
والبقول والرياحين، وإن عجز عنه ربه /، وليس كالورد والياسمين هذه شجر
تساقى، وإن لم ينجز عنها وأنا نكره المساقاة ما يقطع ويختلف، كالقصب الحلو،
أما التمر يقطع والأصل ثابت، فتجوز مساقاته، كالتين، والجميز، والقطن،
والمقاتي، وإن كان بطنا بعد بطن.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم: ومن ساقى نخلا وفيها يسير من الموز. مثل
الثلث، فأدى، فأرجو أن تجوز مساقاته. قال سحنون: إذا كان الموز داخلا في
المساقاة، فإما إن اشترطه العامل، فلا يجوز.
ومن سماع أشهب، قال مالك، في الحائط يكون فيه البقل وغير البقل: فلا بأس أن
يساقي ذلك في سقاء واحد. قال في الواضحة وغيرها: على جزء واحد. وكذلك كان
في خيبر وفيها النضج، والتين، والبقل، كلها على النصف.
العتبية، قال أصبغ، عن ابن القاسم، في الريحان، وقيل إن أصوله تعظم وتقيم
السنين، ويجني في الشتاء والصيف، وليس له إبان يجنى إليه ثم ينقطع، قال:
إذا كان يجنى هكذا كل وقت، لم تجز مساقاته؛ لأنه يحل بيعه إذا بدا
[7/ 299]
(7/299)
أوله: قال ابن القاسم: وزيتون البعل إنما
فيه الحرث، ولا يسقى، فمساقاته جائزة، وكذلك النخل والكرم.
ومن الواضحة، وتجوز مساقاة قصب الحلو، والمقاتي، والبصل، ما لم يطب حتى يحل
بيعه، كالزرع يعجز عنه ربه عن سقيه إن كان يسقى، أو عن عمله إن كان بعلا
وله عمل ومؤنة مما إن ترك، خيف عليه التلف، وحينئذ تجوز مساقاته، فأما شجر
البعل، فتجوز مساقاته. وإن لم يكن فيها عمل ولا مؤنة، ولا لها / جراية
وحداذ وثمر. وقد أجاز العلماء مساقاة نخلة أو نخلتين، ولا تجوز مساقاة
البقول كلها، لأنه يجوز بيعها إذا بدا أولها، كالموز، وليس كالمقاتي؛ لأن
ذلك نبات واحد، كالتين يتفاوت طيبه، وليس كشيء يأتي بعد شيء كالقصب.
ومن العتبية، قال سحنون، في الفجل، والإسفنارية، والعصفر، وقصب السكر،
والورد، والياسمين: [تجوز فيه] المساقاة، وإنما توضع منه الجائحة إذا بلغت
الثلث، وكذلك الجائحة في الموز، إلا أنه لا تجوز مساقاته، وأما الرعفران،
والريحان، والقصب، والقرط، فتوضع في قليله وكثيره، ولا توضع فيه المساقاة،
وجعل قصب السكر كذلك. وإن أراد اختلافا من قوله فيه.
قال: وكره المساقاة في الكمون، كالزرع، وإنما يراد حبه لا شجرة. قال ابن
حبيب: وتجوز المساقاة سنتين، وثلاثا، وأربعا، إلا أن المساقاة بالأجر من
الغلة، وفي الكراء في أرض السقي بالأهلة ليس بالأجرة.
في مساقاة الأصول مع البياض، ومع ما لا يساقى
من كتاب ابن المواز، قال مالك في البياض التبع للأصول، مثل الثلث فأدنى:
فلا بأس أن يشترط في المساقاة إذا كان على مثل ما أخذ الأصول، وأحب إلي أن
يلقى للعامل، فإن شرطاه بينهما، فجائز إن كان البذر والمونة من عند العامل.
[7/ 300]
(7/300)
ولا يجوز أن يشترطه لنفسه إن كان العامل
يتقيه. ابن حبيب: وإن كان بعلا، أو كان لا يسقى بها الحائط فجائز. /
قال ابن المواز: وإن سكتا عن ذكر البياض في العقد، فما زرع فيه العامل فهو
له خاصة، وإن سكتا عنه، ثم تشاحا فيه عند الزراعة، فهو للعامل. وقال ابن
حبيب. ومن كتاب سحنون، روى ابن نافع، عن مالك، في العامل يزرع البياض بغير
شرط فيه، ثم ينكر عليه رب الحائط، قال: عليه كراء الأرض لرب الحائط. قال
ابن عبدوس: إنما يراعى البياض عندي أن يكون تبعا لثمرة جميع النخل، وإنما
يجوز هذا إذا اشترط أن يكون ما أنبتت منها، فأما إن ألفي العامل فإنما
يراعى هل هو تبع لحصة العامل خاصة.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإن شرط البياض للداخل عليه، وعلى ربه البذر، لم
يجز. قال محمد: وكذلك لو شرط حرثه على ربه، فسخت المساقاة، وكان للعامل أجر
مثله. وقال أصبغ: مساقاة مثله بغير حجة. وقول مالك الصواب؛ لأنها زيادة،
وكذلك لو شرط فيه أن البذر بينهما، والعمل على الداخل، وما نبت فيه بينهما،
لم يجز، وكان العامل أجيرا، وقال أصبغ: له مساقاة مثله، وليس ذلك بشيء وليس
كون البذر كله من عند العامل بزيادة، بل ذلك سنة المساقاة. قال:: وهذا
البياض الذي يجوز اشتراطه لا تبالي، كان من أضعاف السواد أو مفردا عن
الشجر، فذلك جائز إن كان تبعا. قال: ولا يجوز في مساقاة الزرع إذا كان له
بياض مثل ما يجوز في بياض / الأصول، على ما ذكرنا، وأحب إلينا أن يلقى
للداخل وحده، وبذره ومؤنته على الداخل، كان له أو شرطاه بينهما، وإن كان
على رب الحائط بشيء من مؤنته، لم يجز، ويكون للعامل إجارة مثله.
وقال أصبغ: مساقاة مثله، وليس بشيء وإذا ساقى زرعه وفيه شجر تبع الزرع،
فروي عن ابن القاسم، أنه بخلاف البياض وكراء الأرض. قال: ولا يجوز على سقاء
واحد، ولا يلقى للعامل، وكذلك إن كان الزرع تبعا للشجر، وجعله كحائط فيه
[7/ 301]
(7/301)
أصناف وروى ابن وهب، عن مالك، أن ذلك يجوز
أن يلقى العامل إذا كان تبعا، لمكتري الدار فيها نخل يشترط هي تبع بشرط
ثمرها، ولا يجوز أن تكون بينهما. قال محمد: ولا يشترط رب النخل والزرع إذا
كان الداخل يسقيه.
محمد: ولم أجد من اختار هذا القول، وقول ابن القاسم هو المعروف، وهو بخلاف
البياض، وليس كالدار. والأرض تكتري وفيها نخل أو زرع واشترط ذلك، والزرع
إذا كان تبعا للنخل، جاز فيه معها المساقاة، وإن لم يعجز عن الزرع ربه، وإن
كان النخل تبعا للزرع، لم يجز حتى يعجز عن الزرع ربه، وإن كان قال مالك:
ولا بأس أن يساقى الحائط وفيه من الموز ما هو تبع قدر الثلث فأقل. قال
محمد: ولا يكون لأحدهما، ويكون بينهما على سقاء واحد مثل الزرع الذي مع
النخل كما قال ابن القاسم فيه، وقاسه على الحائط فيه أصناف. قال محمد: وقول
مالك في الموز يرد رواية ابن وهب عنه. في الزرع والنخل وإن ساقى نخلا فيها
بياض قدر الثلث /، واشترط الداخل أن له ثلاثة أرباع البياض، فأباه ابن
القاسم، وقال: إما على سقاء واحد، أو يلقى للعامل. وأجازه أصبغ، وقال: كما
جاز أن يكون له كله، جاز أن يشترطا كثيره لرب الحائط.
وقال أيضا أصبغ مثل قول ابن القاسم: لا يجوز إلا على أحد الوجهين، فإن وقع
بذلك زيادة في المساقاة، وله مساقاة مثله يريد على مذهب أصبغ. قال ابن
القاسم: فإن ساقى حائطه خمس سنين، وفيه بياض هو تبع، وشرط أن البياض للعامل
خاصة أو سنة، ثم يخرج من المساقاة، لم يجز، كمن أخذ حائطين مساقاة سنين على
أن يرد أحدهما بعد سنة، وهو خطأ، قال مالك: وقد كان في خبير حين ساقاهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم زرع يسير وهي على حالها اليوم.
ومن العتبية، قال سحنون أخبرني ابن أشرس، عن مالك، فيمن ساقى حائطا فيه
بياض. هو تبع، فاستثناه العامل، فاجتيحت ثمرة النخل وقد زرع العامل البياض،
أن عليه كراء البياض. قال سحنون: جيدة؛ لأنه لم يعطه إياه إلا على عمل
السواد، فلما ذهب السواد، كان له أن يرجع بالكراء.
[7/ 302]
(7/302)
ومن كتاب ابنه، قال علي عن مالك: وكذلك لو
عجز الداخل عن الأصل، كان عليه البياض بكراء مثله. قال محمد بن إبراهيم بن
دينار، وعبد الله بن نافع: إذا كان الأصل من نخل أو كرم أو غيره، وفيه بياض
هو تبع، أو كان بياض فيه نخل تبع للبياض، فقال الذي ساقاه أو يكري منه:
أساقيك النخل وحدها، أو أكريك الأرض وحدها، وأحبس نخلي / وبياضي، ولك من
الماء قدر ما يروى به زرعك في السقاء أو زرعك في الكراء، أو: إلي فضل مائي
أروي به نخلي، وما زرعت في أرضي، وليس عليك فيه سقي، فذلك كله جائز، وإنما
يكره أن يجمع البياض إلى النخل أو النخل إلى البياض، فشترط ذلك المساقي
لنفسه على العامل خاصة دونه، ويكون على العامل سقيه، فيكون زيادة زادها
عليه، فإذا لم يكن ذلك، فلا بأس به، وكذلك إن شرط الداخل إن البذر عليك،
فهي زيادة على رب الأرض، وروى عيسى، عن ابن القاسم، فمن اكترى أرضا بخمسين
دينارا، وفيها شجر قد طاب، فإن كن يسوى كل سنة بعد إخراج النفقة مثل كراء
الأرض، فذلك جائز، والكراء تبع، فذلك جائز.
ما يجوز من شروط المساقاة وما لا يجوز
وما يلزم المساقي في عمله
وأمد المساقاة وذكر ما يتأخر من العدائم
والحكم في رقيق الحائط ودوابه
والشرط في ذلك وغير الشرط
من الواضحة: والسنة في المساقاة أن على العامل جميع المؤنة والنفقة والأجر
والدواب والدلاء والأداة؛ من حديد وغيره، إلا أن يكون شيء من ذلك في الحائط
يوم السقاء، فذلك مما يستعين به العامل، وإن لم يشترطه ولا له أن يعمل في
حائط آخر، وشرط ذلك عليه لم يجز ويفسد المساقاة.
ونفقة الدواب والأجر أو الرقيق الذين في الحائط، وكسوتهم على العامل، وإن
لم يشترط ذلك عليه، إلا أن أجاره الذين كانوا فيه على رب الحائط، ولا يجوز
[7/ 303]
(7/303)
اشتراط أجرتهم على العامل، بخلاف نفقتهم
وكسوتهم، وللعامل خلف ما مات أو مرض من عبد أو أجير على رب الحائط إذا
كانوا فيه يوم العقد يخلفهم على رب الحائط وإن لم يشترطهم، ولو شرط الداخل
أن خلفهم عليه، لم يجز، ولا على أن نفقتهم على رب الحائط. وقال في كتاب
محمد مثله.
ابن حبيب: ولا يشترط على رب الحائط زيادة، إلا ما قال: مثل دابة أو عبد في
الحائط الكبير، أو الحديدة أو الحديدتين، ثم على العامل نفقة هذه الدابة أو
العبد، وعلى رب الدابة خلفهما، ولو شرط ألا خلف على لهما، أو شرط الداخل
ألا نفقة على لهما، لم يجز ذلك. قال محمد: وعلى الداخل رم قصبة البئر
واستنباطه وقواديسه وحباله ومؤنة الماء والحديد، فإذا انقضى سقاؤه، كان ذلك
له، وأخذ غلمانه إن كان له فيه عبيد أو دواب اشتراهم. قال مالك: ولا يستعمل
رقيق الحائط ودوابه في غيره، ولا يجوز شرط ذلك في المساقاة، وإن شرط إخراج
من فيه من الرقيق والدواب، أو شرط على رب الحائط أن يأتي بعمال ليسوا فيه
يومئذ، لم يجز، فإن عملا، فالعامل أِجير له أجر مثله ونفقته. وكان ابن
القاسم قد قال: له مساقاة مثله. ثم رجع إلى هذا في المسألتين، وكذلك في
اشتراط أحدهما مكيلة سماها وما بقي بينهما. وقال ابن القاسم: إذا شرط أن
يعمل معه رب المال، رد إلى مساقاة مثله.
محمد: وفي موضع آخر، من رأيه أنه أجير، ولا بأس أن يستأجر العامل غلمان رب
الحائط إذا صح ذلك، ولم يكن / بحدثان المساقاة، وإن كان بحدثان المساقاة
وعلى شرط صحة، فلا يجوز.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم، ولا بأس أن يشترط الداخل في الحائط
الكبير الغلام أو الدابة، إذا كان شيئا يسيرا [ثابتا] لا يزول، وإن هلك
ذلك، أو مرض العبد، أخلف مكان ذلك بمثله، وإلا فهو غرر، وقاله سحنون،
[7/ 304]
(7/304)
وقال: لا يجوز هذا في القراض بشرط عبد رب
المال أو دوابه، وإن شرط، خلف ما مات من ذلك، ويجوز في المساقاة، فإن لم
يشترط ضمانها في المساقاة، لم يجز. قال عيسى، عن ابن القاسم: لا بأس أن
يستثنى العامل ما في الحائط من دواب وغلمان في المساقاة، وليس له أن يستثني
على رب الحائط إلا ما فيه من ذلك، وعلى رب الحائط خلف ذلك، إذا جعل العامل
استثناء ما في الحائط من رقيق ودواب، وظن أن ذلك له، وإن لم يستثنهم، فلما
تعاقدوا، قال رب الحائط، إنما ساقيتك وحده بغير دواب. ولا رقيق. قال:
يتحالفان، ويتفاسخان.
(ع). ما معنى هذا، وهو عنده لا يجوز إخراج دوابه ولا رقيقه، فقد صار مدعيا
لما لا يجوز له.
قال عيسى، عن ابن القاسم: ويجوز أن يشترط أن على العامل عصر الزيتون. قال
سحنون: وعلى العامل عصره إن كان ذلك الغالب من عمل الناس بذلك البلد. قال
سحنون: ومنتهى المساقاة في الزيتون جناه. قال في كتاب محمد، أن ينهى
الزيتون على شرطهما، فإن لم يكن شرط فهو بينهما.
ومن العتبية، قال سحنون: ومنتهى المساقاة في الثمر جذاده بعد أن يتمر،
والتين والكرم قطافه، ويبسه هو أصل مساقاته وعلى العامل تهذيب الزرعش
قال أشهب، عن مالك، فيمن سقى حائطا سنين: أليس ذلك من جذاذ إلى جذاذ؟ قال:
نعم.
ومن كتاب محمد: ألا يسقى عشرين نخلة، فعليه سقي جميع الحائط حتى يجذها.
قال: وكذلك إن كانت عدائم، وهو المؤخرة بالطياب. قال عنه ابن وهب: إذا ساق
حائطا فيه أصول مختلفة؛ من نخل، ورمان، وغيره، على سقاء واحد، فعليه أن
يسقيه كله حتى يفرغ منه، ويرده إلى ربه.
[7/ 305]
(7/305)
قال عنه أشهب، في الحائط تتأخر منه أعذاق،
أن عليه سقي الحائط كله، عدائمه، وما جذ منه، وليوف المساقي حظه من ثمرة
العدائم وإن كانت العزائم أكثر، فعلى العامل سقي الحائط مثل إذا جذ بعضه
وبقي بعضه، وإن كان ذلك متناصفا أو متشابها، فعلى المساقي سقي العدائم
وحدها، وعلى رب الحائط سقي باقيه، وإن كان في الحائط أنواع من الثمر؛ من
تبن، وعنب، ومرسك، فجد بعضه، وبقي بعضه لم يطب، فقال مطرف: فكل ما جنى من
ثمرة فقد انقضى السقاء فيها، قلت إن كثرت. وقال ابن الماجشون: وهو
كالعدائم، كانت قليلة أو كثيرة أو متناقضة، على ما ذكرنا فيها. وقال أصبغ.
وقول مطرف أحب إلي. ومن كتاب محمد، والعتبية قال مالك: وإذا دخل الحائط
سيل، فأقام به حتى استغنى عن الماء، فلا يحاسه رب الحائط بذلك، ولا بأس أن
يشترط على العامل ما اشترط من رباطه، أو قصبه، وساقيه بئره، وكنسه، وقطع
جريده وليفه، ولا يجوز / اشتراط تحطيم الحائط عليه، ويجوز اشتراطه على رب
المال، بل هو عليه.
قال أشهب، عن مالك: ولا يشترط على العامل إصلاح كسر الزرنوق واستخف إصلاح
القف يكون في ذلك غرم الدريهمات والدينار، فهو على رب الحائط، ولا بأس أن
يشترط على الداخل الخرص. يريد الزكاة؛ لأنه جزء معلوم، ولا يشترط ذلك على
رب الحائط، محمد: ذلك جائز، قال في كتاب ابن المواز: فإن أصابا ما لا زكاة
فيه، وقد شرطا الزكاة على العامل، فلرب المال من حصة
[7/ 306]
(7/306)
العامل الزكاة من عشر الجميع أو نصف عشرة.
قال ابن عبدوس: يقتسمان الجميع على تسعة أجزاء؛ للعامل منها أربعة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا يشترط على العامل غراس نخل يأتي بها من
عنده، وإن كانت عند رب المال، وأما في أصل يسير لا تعظم فيه المؤنة، فجائز،
ولا يجوز في كبير، فإن نزل كان أجيرا. قال محمد: وكذلك إن شرط أن يأتي
العامل بالأصل، فهو أجي إن كان لذلك قدر وإن كان يسيرا أجزت المساقاة،
وأبطلت الشرط، قال مالك: ولا يجوز أن يشترط على الداخل نقل تراب السيل وأن
رآه وعرفه، وذلك على رب الحائط، فإن نزلا على ذلك، كان له مساقاة مثله،
ويرجع بقيمة ما نقل على رب الحائط.
قال مالك، في العتبية، ولا ينبغي للمساقي أن يشترط ما على ربيع الماء من
النخل، ولا بأس أن يشترط الجداول إذا كانت يسيرة أن يسقيها، والربيع
الساقية، والجداول الشجر الصغار من البحار كلها. قال ابن القاسم، في رواية
عيسى /: من اشترط على عامل الزيتون حمل نصيبه إلى منزله، فلا خير فيه، قيل:
أرأيت إن كان قريبا؟ قال: لا يعجبني إن كان ميلا، إلا أن يكون شيئا ليس
عليه فيه مؤنة. وقاله أصبغ، قال: فإن وقع على المكان البعيد، رد إلى
المساقاة مثله بلا حمل.
ابن حبيب: والذي يجوز اشتراطه على العامل، سد الخطار وهو تحظير الجذور
وتزريبها، وخم العين وهو كنسها، وسرو الشرب وهو تنقية الحياض التي تكون حول
الشجر وتحصين حروفها وجري الماء إليها، ورم القف وهو الحوض الذي يفرغ فيه
الدلو ويجري منه إلى الطفيرة وهي محبس الماء كالصهريج وإبار النخل وهو
تذكيرها، وهذا الأشياء يجوز اشتراطها عليه، وإن لم يشترطها، لم
[7/ 307]
(7/307)
تلزم العامل، وكانت على رب الحائط، إلا
الجذاذ والتذكير وسرو الشرب، فذلك على العامل وإن لم يشترط.
فيمن ساقي حائطا سقاء مختلفا
أو حائطين رجلا أو رجلين
ومن ساقى رجلا أو قارضه
على أن يعمل له في مال آخر
من العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن ساقي حائطه سنة على النصف، وسنة
على الثلث، في عقد، لم يجز، فإن عمل سنة، فله فيها مساقاة مثله، وله أن
يعمل السنة الباقية، وإن ساقى حائطا على أن يكفيه مؤنة حائطا آخر، فلا
يجوز، فإن فات وعمل، فله في هذا المساقاة مثله، وفيما شرط كفايته أجر مثله.
قال في كتاب محمد: وهو أجير في الحائطين، وإن قارضه / بمائة، على أن يعمل
له مائة أخرى ببلد كذا، فهو في المالين أجير ـ يريد إذا مات ـ بخلاف
المساقاة، فإن جاء ربح، فأراد رب المال تركه له، فإن كان بعد علمه، أنه
أكثر من الإجارة، التي تجب له، فهو جائز، وأما أن يخاطر، فلا.
ابن القاسم: ولا بأس أن يساقيه حائطين على النصف جميعا، وإن لم يستويا فلا
خير فيه، إذا كان لا يأخذ أحدهما إلا لمكان الآخر.
ومن كتاب محمد: ومن له حائطان في موضعين، مرغوب في أحدهما، فساقاهما من رجل
أو من رجال، على سقاء مختلف، قال مالك: فلا يجوز أن يكون إلا على سقاء
واحد، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين ساقى خيبر وفيها أصناف كثيرة،
قال: ويجوز إن كان أحدهما نخلا وفي الآخر أصناف الشجر، ما لم يكن
[7/ 308]
(7/308)
شيء من ذلك طاب، إلا أن يكون ما طاب يسيرا.
قال: ومن ساقي في ثلاث حوائط له مختلفة، على أجزاء مختلفة، في عقد واحد، لم
يجز ذلك، فإن عمل رد إلى مساقاة مثله، وإن كان في عقود مفترقة، فهو جائز،
ويجوز أن كان بعضها بعلا، وبعضها غير بعل في سقاء واحد، وإن ساقى حائطه
أربع سنين في عقد واحد؛ سنتين على النصف، وسنتين على الربع، لم يجز، فإن
فات ومضى بعضها أو كلها، فله مساقاة مثله فيما مضى وفيما بقي، ولا يفسخ ما
بقي منها.
في الرجوع في المساقاة، والمساقي يساقي غيره
أو يساقى رب الحائط أو يقبله
أو يعجز عن العمل، وأحد العاملين يساقي الآخر.
وفي الحائط يباع وقد سوقي
من كتاب محمد: وإذا انعقدت المساقاة فليس لأحدهما رجوع، وإن لم يعمل،
كالإجارة، بخلاف القراض، وإذا عجز، فليؤاجر غيره أو يساقي غيره، إلا أن
يسترجع رب الحائط حائطه بغير شيءء يعطي أحدهما الآخر ويتفقان على ذلك، ولا
يعطيه شيئا من غير الثمرة، ولا خبر في أن يقويه رب الحائط بعد أن عمل وعجز
ليثبت فيه، ولا يقول: خذ ما أنفقت وأخرج، وإن رضيا. قال ابن القاسم: وإن لم
يجد قوة، ولا من يساقيه، رد النخل إلى ربها، ولا شيء له مما أنفق. ورواه
ابن وهب، وابن عبد الحكم، عن مالك. وإن أخذ على النصف، ودفعه إلى غيره على
الثلثين، وربه عالم بذلك، فربه أولى بنصف الثمرة، ويرجع الثاني على الأول
بفضل ما بقي، وكذلك في العتبية، عن مالك، ولا بأس أن يدفعه مساقاة إلى رب
الحائط بأقل مما أخذ ما لم تطب الثمرة. محمد: وما لم يضمن ذلك الجزء من
الثمرة، ولا يجوز بمكيلة مسماة، ولا بثمر نخلة معروفة، ولا بشيء غير
الثمرة، ولا بأكثر مما أخذ فيصير العامل يحتاج ـ يريد من ثمر حائط
[7/ 309]
(7/309)
آخر ـ قال عنه أصبغ: وإذا قال رب الحائط
للعامل: اخرج من المساقاة على أن لك ربع الثمرة إذا طابت. فذلك جائز، وإذا
قال رب الحائط بعد أن عمل وأنفق: أنا أعطيك عينا أو عرضا، على أن نخرج. لم
يجز، وإن أعطاه من الثمرة بعينها شيئا قبل أن تطيب؛ فإن كان جزءا شائعا،
جاز، ولا يجوز كيلا منهما. قال ابن ميسر، وابن ابن القاسم، عن مالك، إن لم
يعملا، جاز أن يعطيه شيئا منها، وإن عمل، لم يجز، ولا يجوز أن يعطي العامل
لرب الحائط على أن يخرج، قال مالك /: إذا عجز، فليؤاخذ عليه، ولا بأس أن
يساقي غيره إن لم تطب الثمرة، وإن طابت، فليبع مصابته منهما، وإن أخذ رجلان
حائطا مساقاة، فسلم أحدهما حصته منها لصاحبه بحرية من الثمرة، فجائز، وكذلك
لو كان ملكا لهما. وقال ابن القاسم، في العتبية، من رواية أصبغ: قال محمد:
ما لم يضمن له الجزاء الذي شرط له، ولا يجوز بجزء من حائط. قال ابن القاسم:
وإذا أخذ حائطين مساقاة، أو كان الأصل لهما، فأراد أحدهما أن يخرج الآخر
على [جزء مسمى] من ثمر أحد الحائطين، لم يجز، وكذلك في العتبية قال: وكذلك
من ساقي حائطين، فلا يخرج العامل بجزء من أحدهما، مثل ما روى. قال محمد:
ولو كان بجزء مسمى من الحائطين، لجاز، ولو بدا صلاح الثمرة، لم يجز بشيء من
الثمر ولا بطعام، ولا يصلح إلا بالعين، قال أشهب، وابن وهب، عن مالك: وإن
أخذ ثلاثة حوائط مساقاة، ثم أخرج أحدهما من حائطين بالسقاء بعينه، ومن
الثالث بربح عشر ثمرته، ولم يجز ذلك، محمد ولو شرط ذلك على الثلاثة حوائط
بسواء جاز ذلك. ومن ساقى رجلا سنة، فساقى العامل غيره سنين، فلربه إخراجه
أمره بقلعه، وجاز أعطاه قيمته منقوضا، فله أن يرجع على الأول بتمام قيمته
قائما، وإن كلفه قلعه، رجع هذا على الأول بتمام قيمته صحيحا، إذ لم يعلمه
أنه
[7/ 310]
(7/310)
في يده سنة واحدة، وإن علمه لم يتبعه بشيء.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم، وعن المساقي يساقي غيره، قال: تختلف
أمانة الناس، فإن ساقى أمينا فجائز. وليس له ذلك في القراض / بحال، إلا
بإذن رب المال.
وإذا عجز العامل بعد أن عمل في الحائط شهرا، فلا يجوز أن يعطيه رب الحائط
دنانير على أن يقيم، ولا أن يعطيه مثل ما أنفق على أن يخرج منه، ولكن له أن
يساقى غيره على النصف. كما أخذ، أو على الثلث فذلك له. قال أشهب، عن مالك:
وإذا باع الحائط ربه، لم يصلح أن يخرج العامل بشيء يعطيه المبتاع، كما لا
يصلح من بايعه، فإما أقام أو خرج بغير شيء قبل: سوقي على النصف، فهل يخرج
منه على أن يعطي سدس الثمرة عند الجذاذ؟ قال: فهو مثل بائع الثمرة قبل
البيع. قال أشهب: وتفسير مكروهه إذا عمل شهرا ثم أخرج بالسدس، فكأنه أجره
بالسدس على ما عمل في الشهر وذكر المساقاة دلسة، فأما إن لم يعمل في الحائط
حتى أخرج منه السدس، فهو جائز في قول من يقول: إن السقاء يلزم بالعقد، ولا
رجوع فيه لأحدهما، وإن لم يعمل الصلح.
قال أصبغ: قال ابن القاسم: إذا ساقاه على النصف، فلا بأس أن يخرجه بربع
الثمرة، عمل أو لم يعمل، وهي مساقاة منه مؤتنفة. وإذا أخذ رجلان حائطا على
النصف، أو كان ملكا لهما، فجائز أن يخرج أحدهما، ويسلم الثمرة على أن يعطيه
جزءا من الثمرة، فأما بمال أو عرض أو غيره، فلا يجوز. ومن كتاب محمد، قال
مالك، في الحائط يباع بعد أن سوقي، أن البيع جائز. قاله ابن القاسم، وهو
مثل الكراء، قال محمد: إن أبرت الثمرة أو طابت، فالبيع جائز عمل المبتاع أو
لم يعمل، وإن لم تؤبر، لم يجز البيع، علم المبتاع بالسقي أو لم يعلم، شاء
أو أبى.
وقال في المشتري يخرج العامل بشيء يعطيه / من غير الثمرة، فلا يجوز، وأما
بجزء منهما، أو بغير شيء، فجائز. وفي باب بعد هذا الحكم يه إذا فعل.
[7/ 311]
(7/311)
القول في عقود المساقاة
وما يكون منه من مكروهه مساقاة
أو إجارة المثل ومن أجر
على سقي نخل بثمر معلوم
من العتبية من سماع أشهب، عن مالك: ومن قال لرجل: تعال أسقي أنا وأنت
حائطي، ولك نصف الثمرة، فلا يصلح ذلك، وإنما المساقاة أن يسلم الحائط إلى
العامل، ولو دفعه إليه، فقال: اسقه ولك الثمرة كلها. فلا بأس بذلك، إلا أن
يكون سقى رب الحائط قبل ذلك بأشهر.
ومن سقى حائطه شهرين، ثم ساقاه على النصف، فإن كان بيعه بما سقى، فلا يصلح،
وإن ألغاه، فلا بأس بذلك. وكذلك في كتاب محمد. ومن سماع ابن القاسم: ومن
أخذ نخلا من رجل، على أن يأبرها ويسقيها ويصلحها، على أن له من كل نخلة
عرجونا قبولا، فلا خير فيه، وليس يشترط عليه جزءا في كل نخلة أو إجارة.
ملزمة أو أمرا باقية.
ومن كتاب محمد: وإن ساقاه حائطا، على أن يعمل خمسة أشهر على النصف، ثم يرده
ويعمل فيه ربه بقية السنة على الثلث، لم يجز؛ لأنه إنما عمل له الخمسة
الأشهر بسدس الثمرة، فهذه إجارة بثمرة لم تطب، وإنما المساقاة إلى الجذاذ.
ومن الواضحة قال: ومن المساقاة المكروهة ما يرد إلى مساقاة مثله، ومنها ما
يرد إلى إجارة مثله، فمما إلى يرد إلى مساقاة مثله في العامل يشترط المعونة
في حائط كبي بعبد أو دابة، ويشترط عليه رب الحائط / خلف ذلك عليه في العبد
أو الدابة، فهو يفسخ، ويرد إلى مساقاة مثله، وإن ساقى حائطين؛ أحدهما على
النصف، والآخر على الثلث في عقد، فليرد منها إلى مساقاة مثله، ولو ساقاه
[7/ 312]
(7/312)
حائطا على النصف، على أن يكفيه مؤنة حائط
له آخر في سقيه وعلاجه، فهذا له على الحائط الذي على النصف مساقاة مثله،
وفي الآخر إجارة مثله، وما أنفق. ولو ساقى حائطا على النصف، وزرعا على
الثلث في صفقة، رد فيه إلى مساقاة مثله، وذلك إذا عجز عن الزرع ربه يوم
ساقاه، وإلا رد في الزرع إلى إجارة مثله وإذا ساقاه حائطا فيه، تبع له، أو
زرعا فيه شجر تبع لبه؛ الزرع على الثلث، والشجر على النصف، أو الحائط على
الثلث، والزرع على النصف، فليرد في كل واحد منها إلى مساقاة مثله ولو ساقاه
حائطا فيه بياض، على أن البذر من عند رب الحائط، والزرع كله له، وعمله على
الساقي، فإنه يرد الحائط إلى مساقاة مثله، ولو في بياض الحائط أجره. وكذلك
إن ساقاه الحائط على أن بذر البياض منهما، كان له في الحائط مساقاة مثله،
والزرع بينهما نصفان، ولو كان على أن يزرع العامل البياض من عنده، والثمر
والزرع بينهما، وشرط على رب البياض أن يحرثه، فليرد إلى مساقاة مثله، ولو
شرط أن يعمله العامل، والبذر من عنده، والزرع لرب الحائط، فهذا له مساقاة
مثله، والزرع له، وعليه كراء البياض لربه، أو يساقيه الحائط على أن جذ
البياض من عند ربه، وعمله / على العامل أن الزرع بينهما، أو للعامل خاصة،
أو لرب الحائط، فهذه الوجوه يكون مساقاة مثله في النلخه، وله أجر مثله في
الزرع، والزرع كله لرب الحائط، وإن ساقاه حائطا فيه بياض أكثر من الثلث على
أن ألقاه للعامل، فليرد في النخل إلى مساقاة مثله، وعليه كراء الأرض، وكذلك
لو شرط أن يزرعه الداخل من عنده، ثم هو بينهما. فله مساقاة مثله في النخل،
والزرع كله للعامل كراء الأرض إن ساقاه حائطا على أن ثمره البرني بينهما،
وباقية لرب النخل، فهذا له في البرني مساقاة مثله، وهو في الباقي أجير. ولو
قال: على أن البرني بيننا، وباقي الثمرة للعامل. كان له في ذلك كله إجارة
مثله، والثمرة كلها لرب الحائط. وإن ساقاه زرعا عجز عنه وفي شجرات على أن
ثمرها للعامل وحده، فهذا أجير في الجميع، والثمرة والزرع لربه،
[7/ 313]
(7/313)
وأن ساقاه حائطا وبياضا هو تبع له خمسين
سنين؛ على أن البياض أول سنة يزرعه لنفسه، ثم يرده فيزرعه ربه لنفسه، فلا
يجوز ذلك، فإن وقع قيل: كم تسوى مساقاته في العام الأول على أن البياض
للعامل وحده؟ فما قيل كان له، ثم يقال: كم تسوى مساقاته بغير بياض خمس
سنين؟.
فإن قيل: النصف. كان للعامل في الأربع سنين الباقية النصف، وهذا إن تراخى
النظر في ذلك حتى انقضت، فإن غره في ذلك في بعضها، فسخ ما بقي منها. وكذلك
إن ساقاه حائطين على النصف سنين، على أن يرد أحدهما في السنة الثانية /،
ويعمل في الآخر وحده، لم يجز، ويكون في الحائطين في أول سنة على مساقاة
مثله فيهما، على أنه سنة واحدة، فإن قيل: النصف. كان له فيهما النصف في أول
عام فيهما، وفي الحائط الذي لم يرده في السنة الثانية على مساقاة مثله، على
أن بيده سنين، فإن قيل: الثلث كان له الثلث في السنة الثانية، فأما ما يرد
فيه إلى إجارة مثله، فمثل أن يشترط أحدهما مكيلة من الثمر، أو يشترط العامل
نفقة الرقيف أو الدواب، أو نفقة نفسه على رب الحائط، أو من غرسه، أو يشترط
عليه دواب ليسوا فيه، أو يشترط على العامل خلف الدواب أو الرفيق، أو يشترط
العامل على رب الحائط خلف الدواب والرقيق يدخلهم العامل فيه، أو يساقيه
زيتونا على أن على رب الحائط عصره، أو ثمرا على أن عليه جذاذه، أو زرعا على
أن عليه حصاد، ولذلك كله مؤنة، أو يشترط في النخل السواقط والجريد والليف
لأحدهما، ولذلك قدر وقيمة أو التبن في الزعر لأحدهما ولذلك قدر أو على أن
على العامل أن يبني في الحائط، أو يزرب ماله بال، أو يجري مجرى ما فيه
مؤنة، أو يحفر بئرا، أو يساقي نخلا، أوهن بعضه أو شجرا، أو نخلا، لم يبلغ
ساقاه إياه خمسين سنين، وهو يبلغ إلى سنتين، وعليه قبل أن يبلغ علاج ومؤنة
فهذا كله يرد إلى إجارة مثله، وقال: ولا يساقي الزع. قبل أن يطلع من الأرض،
عجز عنه ربه أو لم يعجز عنه، فإن وقع، فللعامل أجر مثله، والزرع لربه،
وكذلك إن طلع ولم يعجز عنه ربه، وساقاه ولأن إجارته إن عجز عنه ربه ليس
بالقوي،
[7/ 314]
(7/314)
فكيف إن لم يعجز عنه، وكل ما ذكرت من أول
الباب، فقول / من لقيت من أصحاب مالك. قال مالك: ولا بأس أن يشارك العامل
رب الحائط بغير جعل.
قال ابن حبيب: وإن تشاركا بجعل دفعه العامل إلى رب الحائط، فعثر عليه قبل
الجزء، رد الجعل، ورجع العامل إلى مساقاته، وغرم لرب الحائط أجر ما عمل بعد
رده إليه، وكذلك إن عثر عليه بعد الجزاء، فللعامل نصف التمرة، ويودي قيمة
العمل، وأخذ ما كان أدى.
في الجائحة في المساقاة
وفي البئر تهور
من كتاب محمد، قال أشهب، عن مالك: ولا جائحة في المساقاة، ولا للعامل أن
يخرج، ولا يفسخ السقاء، وهما شريكان في النماء والنقص. وروي عنه، إن أجيح
الثلث، فهما مخيران، يسقي الحائط كله أو يخرج. محمد: ثم لا شيء له من علاجه
ونفقته، وهذا إن كانت الجائحة شائعة في الحائط لا يقدر على سقي ما سلم منه،
وأما إن أجيح ناحية منه، فعليه سقي ما سلم منه، إلا أن يكون ما سلم منه
يسيرا جدا؛ الثلث فأقل.
قال مالك: وإذا غار ماء العين في المساقاة، فللعامل أن ينفق فيها إلى مبلغ
حصة ربها من الثمرة في تمامه ذلك، وتكون الثمرة تترك له، فإن أبى، قيل لرب
الحائط: أنفق، فإن أبى، فللعامل تسليمه لربه، ولا شيء له من نفقته ولا
كراء. وهذا مذكور في كتاب كراء الأرض.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم نحوهن وفي باب: البئر تهور، في الكراء
والمساقاة تمام هذا المعنى مستوعبا في كتاب الأكرية، وقال فيه: إن كان ذلك
قبل أن يعمل، فلا شيء على رب الحائط، وإن كان / بعد أن عمل، كلف رب
[7/ 315]
(7/315)
الحائط النفقة مقدار ما يقع له من الثمرة،
وإن لم يكن له شيء قيل للعامل: أنفق مثله إن شئت، ويكون نصيبه من الثمرة
بيدك رهنا.
التداعي في المساقاة
من العتبية، ابن القاسم، عن مالك، سوقي سنة أو سنتين، قبله، فلما قرغ، قال
رب الحائط: لم ترفع ثمره. قال: إن كان جذ، فلا شيء له. وكذلك في كتاب محمد،
قال: ويحلف العامل، كان بقرب الجذاذ أو بعده، وذلك أن جذ بعضها رطبا
والباقي ثمرا، فقال: قبل جذ الثمر لم تدفع إلي من طلب شيئا، ولا من ثمنه،
فالمساقي مصدق في الرطب.
في المساقي ثلاث جرثات، فيحرث أقل
من العتبية، قال سحنون، فيمن أعطى كرمه أو زيتونه مساقاة على أن يساقي
ويقطع ويجني، على أن يحرثه ثلاث حرثات، فعمل ما شرط عليه، إلا أنه ما حرث
إلا حرثتين، قال: ينظر جميع العمل المشترط عليه؛ من سقاء، وحرث، وجني،
فينظر ما عمل وما ترك هو منه، فإن كان ما ترك يكون الثلث، حطه من النصف
الذي له ثلثه إن ساقاه على النصف، وإن كان على الثلث، ساقاه، أو على الربع،
حط من حصته الثلث أو الربع، على ما ذكرناه من تفسير ذلك.
في تفليس المساقي
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه: ومن ساقى حائطه، ثم فلس، فإن كانت المساقاة
سنة وشبهها، جاز بيع الحائط، ويكون المساقي على سقائه، وإن كان سقاه خمس
سنين، أو أقل أو أكثر، إذا كان / أجلا بعيدا، فلا يجوز بيعه لبعد الأجل
فيه، كما لا يبيع حائطه على أن يقبض إلى سنتين أو ثلاث.
[7/ 316]
(7/316)
|