النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب الشركة
في الشركة بنوعين مختلفين من عين أو طعام
من كتاب ابن حبيب، قال: والسنة في الشركة التساوي في المال. ومن كتاب ابن
المواز، قال مالك: وإذا أخرج هذا مائة هاشمية، وهذا مائة دمشقية هي دونها
في عيونها، فإن كان بينهما فضل كثير، لم يعجبني، وإن قال ذلك فالشركة
جائزة، وإن غلت الهاشمية عند التفرق، لم يضر ذلك، وليقتسما ما بأيديهما
بالتسوية من عر أو غيره، وإن كانت إحداهما [وازنة و] وفي الأخرى حبتين، لم
تصلح الشركة.
محمد، ومن العتبية، ابن القاسم، عن مالك: وإذا اشتركا بذهبين مختلفين في
الوزن، وفي نفاق الصرف، فليقسما الصرف بقدر وزنيهما على النفاق بعد أن يأخذ
كل واحد منهما مثل رأس ماله وزنا وعينا.
وفي كتاب محمد: وإن أخرج هذا دنانير، وهذا دراهم في وزنهما وقيمتها، فروى
ابن القاسم، عن مالك، إجازتهما. وروى هو أيضا، وابن وهب عنه، كراهيته،
وبذلك أخذ محمد، وإجازته غلط. وما علمت من يجيزه. ومن كتاب آخر، روى عن
سحنون أنه أجازه وأجاز الشركة بالطعامين المختلفين.
[7/ 317]
(7/317)
ومن العتبية، قال عيسى، عن ابن القاسم،
وإذا أخرج هذا دنانير، وهذا دراهم، وعملا فربحا، فليأخذ كل واحد مثل رأس
ماله، ويقتسما الربح، فإن ربحا مثل نصف المال /، أخذ هذا مثل نصف دنانيره،
وهذا مثل نصف دراهمه، وكذلك إن ربحا ثلثا فثلث، وإن ربعا فربع. وكذلك في
الواضحة.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وأما الشركة بالعرضين من عمل الناس، فأرجو ألا
بأس به، يبيع هذا نصف متاعه بنصف متاع الآخر، وإن لم يلفظ بالبيع، فهو بيع،
ولا تجوز الشركة بقمح وشعير وإن تبايعاه، فإن خلطاه ثم باعاه، فرأس مال كل
واحد قيمة طعامه. قال ابن حبيب: يوم خلطاه. قال محمد: وإذا خلطاه، فليقسما
الثمن والربح نصفين، ولا يجوز الفضل بينهما إذا تساويا في الكيل، وأجاز ابن
القاسم الشركة بما ليس بصفة واحدة، وكذلك سائر الطعام إذا اتفقت الصفة.
وكره ذلك مالك، وإنما كرهه عندنا لخلط الجيد الدنيء، وإذا لم يخلطا، لم تجز
الشركة؛ لأنه ليس بيع تقايض.
وفي الواضحة: وتجوز الشركة بالعرضين من صنف واحد أو مختلفين، إذا تساوت
القيمة، ولا تجوز بالطعامين المختلفين في الصنف حتى يكونا متفقين في الصنف،
ولا تجوز الشركة بالذهبين المختلفين، ولا بالذهبب والورق. قاله كله مالك:
وإذا وقعت الشركة بالطعامين المختلفين، فلكل واحد ثمن طعامه، والفضل بينهما
بقدر ذلك، وكذلك إذا وقعت فاسدة بالعرضين.
في الشركة بالمالين المتفاضلين
وفي غيبة أحد المالين
وكيف إن كان أحدهما
لا مال له والمال لا يبين معه؟
ومن كتاب محمد /: ولا تجوز الشركة على تفاضل المال بتساوي العمل، فإن كان
العمل بقد كل مال، جاز، وإن أخرج هذا مائة، وهذا مائتين، على أن
[7/ 318]
(7/318)
الربح بينهما على الثلث والثلثين، وكذلك
يبيعها البائع، فالمال إن عرف شركتها كيف هي؟ وإلا أتبعهما بالنصف، فإذا
فسدت الشركة باشتراط الربح نصفين، قسم الربح على الثلث والثلثين، ورجع
القليل المال على الآخر بفضل عمله. قال مالك في الشريكين بمائة ومائتين،
والربح بينهما نصفين: إن جعل صاحب المائتين عبدين يعملان مع صاحب المائة،
فلا أجر لصاحب المائة والربح بقدر المالين.
قال ابن القاسم: لا يعجبني. وقد قال مالك قبل ذلك: له أجر مثله، وهو أحب
إلي. محمد: قول مالك أحب إلي؛ لأن عمل العبدين في المائتين، وعمل الآخر في
المائة. محمد فاعتدل ذلك قال مالك: وإن أخرج هذا مائتين، والآخر مائة، وما
من غائبة، ثم خرج هذا بالمال في طلب المائة، فلم يجدها، وعمل بالربح على
الثلث والثلثين. ابن القاسم: ولا أجر له؛ لأنه متطوع، والشركة صحيحة، قال
محمد: إن تبين أنه خدعه، فله ربح مائة، وإن لم يخدعه، فله النصف، ولا أجر
له في كل حال.
قال سحنون: الشركة فاسدة؛ لغيبة المال، وله أجر مثله في الزيادة، وليس
بمتطوع. محمد: قال مالك: إذا فسد الشركة بتفاضل العمل، فخسر المال، فليس له
فضل على صاحبه أجر فضل عمله.
ومن كتاب محمد: وإذا اشترط ثلاثة؛ لأحدهم عشرة، وللآخر خمسة، والثالث لا
مال، على أن الربح بينهم أثلاثا، فربحوا أو خسروا، فهذا فاسد /، والربح
والوضيعة لصاحبي المال، وعليهما على الثلث والثلثين، والذي لا مال له يأخذ
أجر عمله على المالين، وللقليل العمل أجرة عمله في الخمسة الفاضلة؛ ويقسم
ذلك عليهم كلهم في الخمسة عشر تسعة دراهم سواء، فتفرد من الوسط، وتقسم على
صاحب المال على الثلث والثلثين كسائر الفضل، فيقوم عليهما الذي لا مال له
بعمله، فيأخذ ثلاثة دراهم؛ درهمين من صاحب العشرة ودرهما من
[7/ 319]
(7/319)
صاحب الخمسة، ويبقى من أجر العمل درهم بيد
صاحب العشرة، واثنان بيد صاحب الخمسة، فيقول صاحب الخمسة لصاحب العشرة:
علمنا في الخمسة الفاضلة أنا وأنت، والثالث على ثلث ما يصير لنا، وذلك
درهم، فادفعه إلي.
فيأخذه منه فيصير بيده ثلاثة، وبيد صاحب العشرة ثلاثة، وبيد صاحبهم الذي لا
مال له ثلاثة.
ما يكره من عقود الشركة
وما يقارن الشركة من شرط
والشركة فيما لم يقبض من طعام
أو عرض أو بعدما نقص أو تلف
بسلف أو غير سلف، أو بيع، أو إجارة،
وفي الشركة بالذمم وبالدين
من كتاب ابن المواز: وإذا اشتركا بالتساوي على أن يكون المال بيد أحدهما،
ويلي البيع والشراء لم يجز، وإن وليا ذلك جميعا إلا أن أحدهما يكون ذلك
بيده، فذلك جائز، ولا يجوز أن يخرج كل واحد منهما عشرة، ولأحدهما دابة،
والآخر يعمل له في جميع المال، وكذلك لو عملا جميعا، وإن أخرج أحدهما /
المال، وشترط على أن الربح بينهما، لم يجز، فإن عملا فالربح لرب المال،
وللآخر أجرته. قال مالك: فإن أسلفه نصف المال، فإن كان طلب رفقه وصلته لا
لحاجته إليه ولا لقوة نظره، فجايز، ثم روى ابن القاسم، أنه رجع فكرهه.
وبالأول أخذ ابن القاسم، وفي العتبية من سماع ابن القاسم، أحد القولين، وأن
ابن القاسم أخذ الأول، وأجازه إن كان لغير حاجة إليه لبصره، وكان رفقا به.
قال في الواضحة: ولم يكن فيه شرط ولا مرفق ولا خدمة ولا كفاية، إلا رفقا
بصاحبه لقرابة أو حرمة، أو طلبا لثواب الله، فأما على غير ذلك، فلا يجوز.
[7/ 320]
(7/320)
وقال مطرف، عن مالك. وفي العتبية من رواية
ابن القاسم، عن مالك مثله.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: وإن اشتركا بمالين مفترقين ثم أخرج أحدهما
مائة أسلف الآخر نصفها، ويعملان فيها، فذلك جائز إن صح ذلك، وإن أخرج هذا
مائة، وهذا خمسين، وأسلفه الآخر خمسين، فإن كان لغير شرط في الشركة، ولا
لحاجة إليه في بصره وعمله ونفاذه، وإنما كان رفقا به، فجائز.
وكذلك في العتبية، من رواية ابن القاسم، عن مالك ومن استدخل عبدا في يده،
على ألا نقصان عليه بوضع، فلا شيء على العبد، وله أجر مثله فيما عمل له،
وكره مالك إن شرك جزارا في غنم؛ ليكفيه جزرها ومؤنتها. ومن العتبية روى
عيسى، عن ابن القاسم، فيمن ابتاع سلعة، فقال له رجل: أشركني في هذا، وأنا
أنقد عنك. لم يجز، وهو يبع وسلف، ولو قال المشتري لرجل: تعال أشركك فيها،
وأنقد عنك، وأؤخرك، فإن كانت سلعة بعينها حاضرة، فجائز، وأما المضمونة، فلا
يجوز؛ لأنه الدين بالدين
وروى أشهب، عن مالك، فيمن له جاز محتاج أراد إرفاقه، ولا حاجة إليه به،
فقال له: اخرج معي أشتري طعاما بمائة دينار، ولك ثلث الربح. فقال: ما أعرف
هذا، ولكن لو اشترى وعرف الربح، ثم قال له ذلك، فلا بأس به.
قال سحنون: في غير رواية يحيى بن عبد العزيز، فيمن معه مال فأسلف، لرجل
نصفه وشاركه بالنصف، فعمل المتسلف المال وسافر به، ورب المال مقيم، فإن
أراد يدفعه وطلبه، فذلك جائز إن لم يشترط عليه أن يسافر هو بالمال، وإن كان
على غير ذلك، لم يجزه، ويكون العامل أجيرا، والربح والوضيعة لرب المال،
وعليه قيل: فرب المال يدعي أنه أسلفه لينتفع به لا لصلة: قال: ينظر
[7/ 321]
(7/321)
السلطان في ذلك، فإن كان مثله لقلة بصره
بالتجارة، لم يكن ليسلفه لينتفع به، وإلا فالعامل أجير والفضل لرب المال.
وروى أبو زيد، عن ابن القاسم، قال لرجل: اذهب واشتر من فلان بقرة عنده،
وأشركني فيها، وانقد عني. فلا بأس بذلك. وعمن قدم من بلد بمتاع، فأعطى فيه
ثمنا، فقال الرجل: أنا آخذه بما أعطيت / وأنت فيه شريكي قال: هذا حرام.
ومن أسلم في عرض أو طعام، فسأله رجل أن يسلفه ويشركه فيه، وينقد عنه، وذلك
قبل عقد البيع، فذلك جائز؛ لأن السلف منه قبل البيع، ولم يجز بذلك نفعا،
ولو سأله بعد عقد البيع أن يشركه ويؤخره بالثمن، لم يجز، ولو أجابه إلى
الشركة من غير أن يشترط شيء، ثم عسره الثمن، فسأل المشترك أن ينقد عنه،
فذلك جائز.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا تجوز شركة وبيع وبيع سلعة خارجة من
الشركة، ويجوز أن يكون في الشركة. قال ابن القاسم، ولا يجوز أن يشرك في
طعام في ذمته حتى يجمع بين البائع وبين من أشركه أو ولاه، وإلا لم يجز.
قال: وإن جمع بينهما، جاز، وإن نقدك مكانه مثل الثمن لا أرفع ولا أدنى، في
وزن أو صنعة، ولا اشتراط نفع من أحدهما، وإن ابتعت طعاما بعينه بثمن مؤجل،
لم يجز فيه تولية ولا شريكة قبل قبضه، وإن أشركته في غير الطعام مما في ذمة
رجل نه ثم سأله بعد تمام الشركة أن ينقد عنك، فذلك جائز. قال مالك إن كان
على المعروف، لا يجر به نفعا ولا معروفا، وعهدته في صحته على البايع قال
مالك، في الشركةفي العرض أو غيره، على أن ينقد عنه، لم يجز، ومن اشترى ورقا
بذهب، فقبض الورق، فأشرك فيها رجلا قبل نقد الذهب، ثم سأله أن ينقد عنه، لم
يجز، ولا ينتقد إلا حصته، بخلاف طعام أو عرض أشرك فيه بعد أن قبضه، وعرض
[7/ 322]
(7/322)
مضمون لم يصلح أن ينقد عنه وعن نفسه، وإن
أشركه بغير شرط، وأما في عرض بعينه، أو في طعام بعد قبضه، فجائز، وأما إن
سأل رجلا أن يشتري ويشركه / فيما يشتري، ثم سأله بعد الشراء أن ينتقد عنه،
فذلك جائز في الطعام والذهب والورق والعرض وكل شيء إذا لم يجر به نفعا
وكانت شريكتهما قبل وجوب الشراء.
ومن قال لرجل: ابتع سلعة أشركني فيها، وأخبرني بالثمن وأكفيك بيعها، فجائز
إن ضرب للبيع أجلا، وليضرب لبيع السلعة ما يصلح لبيع مثلها، فإن بلغه ولم
يبع، فقد قضى ما عليه، وشراؤه تام، وأما إن لم يكن الثمن حالا، ولا ضرب له
أجلا، فالبيع جائز، وكذلك في طعام اكتاله، ولا يجوز إن لم يكتله إلا في غير
الطعام، فيجوز بعد الشراء، فأما قبل إيجاب البيع، فلا يجوز؛ لأنه سلف نفع
اشترطه، فأما بعد البيع، فبيع حادث. مالك وعن قوم اشتركوا رجلا عند الشراء،
على أن يبيع تلك السلعة ولا يقاسمهم، فباع بعضها، ثم طلب القسم، فذلك له،
وعليه بيع حصتهم إلى الوقت الذي يرجى بيعه، فإذا بلغه، فليس عليه شيء باع
أو لم يبع، وهذه المسألة في العتبية، رواية أشهب، عن مالك، قال في السؤال:
اشتروا أولا، ثم ذكر مثل ما ذكر محمد، وأنكر هذا أبو بكر بن محمد، وقال:
ليست على الأصل، وإنما أنكرها أبو بكر فيما أعلم لقوله: على أن لا يقاسمهم.
قال أصبغ: قال ابن القاسم: وإذا اشتركا على أخذ متاع بدين عليهما، ولهما
مال، أو لا مال لهما، فأما في سلعة بعينها، فجائز في الوجهين، وأما إن
اشتركا على أن كل ما اشترى أحدهما بدين، فذلك لازم للآخر، ولا قال لهما،
فلا يعجبني.
قال أصبغ: فإن وقع نفد على سنة الشركة، وضمناه جميعا، وفسخت الشركة / من ذي
قبل.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال لرجل: اجلس في هذا الحانوت تبيع فيه،
وأنا آخذ المبلغ بوجهي، والضمان علي، وعليك. فيفعلان، فإن الربح
[7/ 323]
(7/323)
بينهما على ما فعلا، ويرجع من له فضل عمل
بأجره. ولو قال: اجلس فيه فأنا آخذ لك متاعا تبيعه، ولك نصف ما ربحت، لم
يصلح، فإن ترك فللذي في الحانوت أجره مثله، وللذي اجلسه الربح كله.
ومن مسائل سحنون، وليست من رواية يحيى بن عبد العزيز: فإن اشتركا على أن
يسير أحدهما بالمتاع إلى بلد كذا لا يتخلف في غيره، قال: الشركة فاسدة، فإن
خرج أحدهما إلى تلك البلدة، فربح في المال، فالربح بينهما. ومن كتاب ابن
المواز: ولا بأس أن يشتركا، ويكون أحدهما في بلد يجهز على الآخر في بلد
آخر، قال أشهب: ولا بأس أن يخرجا مالا متساويا، على أن يقعد هذا حداد، وهذا
عطار، ولا يجوز أن يشتركا بالذمم بغير مال يشتريان بالدين، فإن فعلا، قال
أصبغ: فما اشترى كل واحد منهما لزمهما كما عقدا لأنهما قد ضمناه، وتفسخ
الشركة من ذي قبل.
في الشركاء يخرج منهم اثنان بالمال فيقسمانه،
وفي الغائب منهم يفلس، هل يبيع المقيم؟
أو يفقد أحدهما أو يترد ببلد الحرب
أو تطول غيبته فيقسم الحاضر
الشركة، ثم يقدم
من كتاب ابن المواز، وفي العتبية، قال أصبغ: سألت عن ثلاثة اشتركوا بمائة
مائة، ثم سافر اثنان بجميع المال، فتشاجرا /، فاقتسما المال، فلا ينتفع
بذلك الحاضر إلا أن يكون نهاهما عن القسم، قال: ويضم جميع المال فيكون ثلثه
للغائب بربحه وخسارته إن لم ينههما. قال محمد: وكأنه رضي بالقسمة.
قال ابن القاسم: وتلزم القسمة الخارجين بينهما، فيكون لهذا بقية خسارته،
ولهذا بقية ربحه.
[7/ 324]
(7/324)
قال أصبغ: فإذا نهاهما عن القسمة، لم تلزمه
خسارة، والوضيعة على المشتري لتعديه بالقسمة، وأما الربح فيدخل فيه الغايب،
وقد اختلف كيف يقتسمانه، فقيل: على الثلث والثلثين وقيل: نصفين؛ لأن الشريك
إن وجده معدما، رجع على الآخر. قال يحيى بن عمر: الصواب ألا يقسم نصفين؛
لأنه وإن ضمن، فليس للضمان ربح، وإن الضمان لضعيف.
ومن سماع أشهب، وعن شريكين في ماله بعينه، سافر أحدهما ففلس، أيتبع الغرماء
المقيم؟ قال: ليس ذلك لهما، إنما شاركه في مال بعينه.
ومن مسائل سحنون، ليست من رواية يحيى بن عبد العزيز، وعن الشريكين يضرب
أحدهما إلى بلد ببعض المال، والآخر إلى بلد آخر ببعضه، فنعي أحدهما، أنه إن
عرف وتواتر ذلك، فقال الحاضر: أشهدكم أني قد فسخت الشركة؛ لأنه قد مات،
وضمنت نفسيب الحاضر. ثم جاء الشريك حيا، قال: لا يتم فسخه إلا بفسخ
السلطان، ويضمن إن توى المال وشريكه مقدم عليه، إن شاء ضمنه رأس المال، وإن
شاء دخل معه في كل ما تجر فيه، كالمبضع يخالف ما أمر به، ولو فسخها سلطان،
لم يضمن.
ولو انتظره الشريك سنتين أو ثلاثا، فلما طال ذلك، فسخ الشركة، لم يكن فسخا.
من غير رواية يحيى بن عبد العزيز، قال سحنون: وإذا / أجر أحدهما مسافرا
ببعض المال، فلحق بأرض الحرب وارتد، هل يقبض المقيم مما بيده ما استهلك
المرتد؟ قال: لا، إلا إنه يعلم أنه استهلك قبل ردته أو بعد، فنقص كل ما
استهلك له، وأن لم يعلم استهلاكه، وعلمت ردته، فإن مال المرتد موقوف، فإذا
مات أخذ الشريك حقه.
[7/ 325]
(7/325)
في أحد الشريكين يؤاجر نفسه
أو يأخذ قراضا، وكيف أن مرض أحدهما
وعمل الآخر؟
من كتاب ابن المواز، ومن العتبية من سماع أصبغ، عن ابن القاسم: ولو أن أحد
الشريكين ـ قال في العتبية ـ المتفاوضين أجر نفسه، أو عمل بمال قراض، فلا
يدخل في ذلك شريكه، وقد تعدى بترك العمل، قال ابن القاسم: وهو على ربحه في
عمل الآخر، ولا يرجع عليه الذي عمل بشيء من أجر عمله. قال أصبغ إذا حلف أنه
لم يتطوع بالعمل، له عليه نصف الأجرة بقدر ما باشر في حقه، لا على عدة
الشهور، إذا كان عمله متقطعا في خلال ذلك.
قال أصبغ، في العتبية، يحلف على أحد الأمرين، إما أنه ما عمل عنه إلا ليرجع
عليه، أو أني إنما عملت لنفسي على معنى القسمة إذا أشغلت عني قاله أشهب.
قال أصبغ، عن أشهب: إن ما أخذ به نفسه؛ قال في العتبية أو ما ربح في قراض
أخذه، فذلك له، يدخل في الشركة بينهما، كما لو سلف ما لا فعمل وربح فيه،
فربحه بينهما.
ابن القاسم، في كتاب محمد في شريكين خرجا إلى الريف فابتاعا طعاما، فقدم
أحدهما الفسطاط، فأخذ قراضا فربح فيه، قال له، وعليه / للذي بالريف أجر
مثله، فما ولي بالريف، فله أجر مثله في حصته. ومن الواضحة قال: وإذا أخذ
أحد الشريكين لنفسه مالا قراضا، أو أجر نفسه في عمل أو حراسة، أو وكالة، أو
تسلف مالا فاشترى به سلعة، فربح فيها، أو اشترى لنفسه
[7/ 326]
(7/326)
شيئا، فربح فيه، فإن لم يكونا متفاوضين،
فابن القاسم يرى ذلك له أيضا، ويجعل له نصف الفضل في شركته، ولا يجعل عليه
إجارة لشريكه لما يوجد من عمل الشركة. وكان أشهب يجعل ذلك كله بينهما،
ويجعل ضمان ما تلف بينهما، والتفاوض هو تفويض أحدهما للآخر في كل ما يجدان
به نفعا فيما اجتمعا فيه أو انفرد به أحدهما. وقاله أصبغ. وبه أقول.
ومن قول مالك: وإذا مرض أحد الشريكين، أو غاب مثل اليوم واليومين ونحو ذلك،
وعمل الآخر، فما علم بينهما إلا أن يطول المرض، وتكثر الغيبة، فله ألا
يسوغه عمله إلا أن يشاء من غير شرط في أصل الشركة، فذلك جائز وإن شح فذلك
له خاصة في شركة عمل الأبدان، وله في شركة الأموال نصف أجره على صاحبيه؛
لأن الفضل إنما جره المال.
في نفقة الشريكين
من العتبية من سماع ابن القاسم، وعن الشريكين أحدهما بمصر، والآخر بالمدينة
يجهز هذا على هذا، وسعر البلدين مختلف بأضعاف، قال: النفقة بينهما سواء مثل
الربح والخسارة، إلا أن يأتي من النفقة أمر يتفاحش يكون لهذا عيال كثير،
وهذا يطرف / نفسه مما لا يحمل، فكأنه يقول: إن لم يتفاوت ذلك، فهو بينهما.
ابن حبيب من قول مالك: إن كل ما أنفق كل واحد على نفسه وعلى عياله يلغى،
كانا في بلد أو بلدين، اتفق السعر أو اختلف، إذا كان بينهما قريبا، إلا أن
يكون أحدهما عزبا، وللآخر عيال كثير، فليحسب كل واحد نفقته.
[7/ 327]
(7/327)
في شركة المتفاوضين وذكر التداعي
في ذلك ودعواه أن بيده ودائع
من كتاب محمد: وما اشترى أحد المتفاوضين بالدين، لزم شريكه، وأما غير
المتفاوضين، فلا يلزم صاحبه إلا بأمره، وما استدان أحداهما أو أسلف أو باع
بدين، لزم شريكه، إذا أذن له بذلك، وما اشترى أحدهما من طعام أو كسوة، فذلك
عليهما، إلا كسوة لا تتبدل، فلا يلزم ألا من اشتراها.
وكذلك ما يعلم أنه لنفسه أو لعياله مما لا يجب له في مال الشركة، قال في
كتاب محمد، وفي العتبية، من سماع ابن القاسم، وفي رجلين اشتركا بمالين؛ على
أن قد باع منهما بدين، ضمنه؛ قال في العتبية أو ضمنه معه الآخر، قال: أكره
ذلك؛ إذ لا يدري ما يعيب به صاحبه من الخلاف. قال سحنون لا بأس به؛ لأن
الشركة لا تكون إلا بالتفاوض من أحدهما للآخر. ومن كتاب محمد: وإذا اشتركا
بماليهما، تفاوضا على أن يشتريا به وبالدين، ويبيعا به، فلا خير فيه، فإن
فعلا فاشترى هذا بالدين بأكثر من رأس ماليهما، وفعل الآخر مثله، فذلك لازم
/ لهما؛ لأنه على إذن منهما، وإن لم يذكر البيع بالدين في أصل الشركة، لم
يجز لأحدهما البيع إلا بإذنه، فإن باع بإذنه، فلما حل آخره الآخر، فإن كان
نظرا واستئلافا جاز، وكذلك لو حطه منه، وأما ما كان على المعروف، فإنما
يلزمه في حصته، وإذا اشترى أحدهما خادما يخدمه لنفسه، وأشهد على ذلك، لم
ينفعه، ويكون على ذلك بخلاف طعام نفسه؛ لأن على ذلك تعاقدا. قال مالك: وإذا
كان أحدهما يشتري الجارية للوطء، فإذا باعها رد ثمنها في الشركة، فلا يصلح
ذلك، وليتقاوما ما بأيدهما. قال محمد: إنما يتقاومان إذا أراد الوطء قبل أن
يطأها، فأما إذا وطئ، فقد لزمته القيمة إن شاء شريكه، ولم تحمل، وإن
[7/ 328]
(7/328)
حلمت، فلا بد من التقويم، وإذا مات أحدهما،
فأقام الحي بينة أن مائة كانت في يد الميت ولم توجد، فإن قرب موته من
أحدهما، فهي في حصته، وإن تباعد، فلا شيء عليه. محمد: إن أشهد على نفسه
بأخذ المائة شاهدين، لم يبرأ منهما، ألا بالبينة بردها وإن طال، وما أقر به
بغير تعمد وإشهاد ولا كتاب، فكما قال في صدر المسألة.
وإن استعار أحدهما دابة لحمل طعام بينهما، فأتى أجنبي فحمل عليها ذلك
الطعام، فالأجنبي ضامن، بخلاف شريكه.
قال أشهب: لا يضمن الأجنبي؛ لأنه فعل ما استعيرت له، فإن ادعى أحد
المتفاوضين أنه جعل في المال زيادة لنفسه، لم يقبل منه، وحلف صاحبه أنه لا
شيء للمدعي، وما ادعى إلا باطلا /، ولا يحلف على العلم.
ومن العتبية، روى أشهب، عن مالك، في الشريك المفوض غير المفوض، يقول: جعلت
في مال الشركة مالا عند المحاسبة أو قبل ذلك.
قال: يحلف شريكه ماله فيه شيء ولا جعل فيه شيئا.
ومن كتبا محمد وإن جحد أحدهما الشركة، فأقام الآخر بينة على المفاوضة، فض
ما بيد المقر والمنكر بينهما إلا ما عرف أنه لأحدهما، وما تلف بيد الجاحد،
ضمته صار كالغاصب. وروى عيسى عن ابن القاسم، فيمن جاءه شريكه بدمياط بثياب،
فوجد في بعضها [أنه أخذها] أكثر من الثمن، فاستخانه، هل يحلفه أنه ليس بهذا
الرشم الأدنى؟ قال: نعم، فإن نكل، حلف الآخر أنها بهذا الرشم الأدنى.
[7/ 329]
(7/329)
وروى يحيى، في الشريك يقدم على شريكه، فيجد
بيده أموالا، فيريد أن يديرها، فقال شريكه: هي ودائع للناس، أو كانت عروضا
فقال: دفعت إلي لأبيعها. فقال له الآخر: سم أهلها. فأبى، قال: إن سمى
أهلها، فادعوا ذلك، فليحلفوا، كمن استحق بشاهد ويمين، فإن نكلوا، أخذوا نصف
المقر، وأخذ الشريك نصيبه من ذلك المال، سواء أقر بوديعة أو بمتاع يبيعه،
وإن لم يسم لمن ذلك، أو وهب، فذلك بين الشريكين على شركتهما، وإن قال: هو
إلي ورثته دونك، أو وهب إلي. فإن أثبت معرفة الميراث أو العطية أو الهبة،
وإلا فهو بينهما. قال ابن حبيب: ومن قول مالك: إذا تفاوضا، فما اشتركا فيه
من المال، فما ذكر أحدهما أنه ضاع من مال أو عرض، أو أقر بدين، فذلك لازم
لصاحبه.
وجرى في باب ما يلزم من عقود / ما يكره من عقود الشركة، من معاني هذا
الباب.
ومن كتاب محمد: وإذا أفلس المتفاوضان ولأحدهما زوجة لها عليه مائتا دينار،
وعليهما للناس ألف دينار، وجميع ما بأيديهما ألف دينار ومائتا دينار، فإنما
الحصاص في حصة المتزوج، فله من المال ستمائة، وعليه سبعمائة؛ للمرأة سبعا
ستمائة، وذلك مائة واحدة وسبعون دينارا وثلاثة أسباع دينار، وللغرماء
أربعمائة وثمانية وعشرون دينارا، وأربعة أسباع دينار، ثم يرجع الغرماء على
الشريك الآخر بما أخذت زوجة هذا من خمسمائة التي لهم، وذلك خمسة أسباع
المائة، ويبقى للمرأة سبعا المائة.
ومن كتاب ابن سحنون، مما كتب به إلى شجرة في رجل دفع عن أخيه وهو شريكه
مفاوضة ضمان امرأته، ولم يذكر أنه من مال أخيه حتى مات الدافع، فقام في ذلك
روثته، وقالوا: هو من مال ولينا. فكتب إليه إن دفع، وهما متفاوضان، ثم أقام
سنين كثيرة في مفاوضتهما لا يطلب أخاه في شيء من ذلك، فهذا ضعيف، فإن كان
بحضرة ذلك، فهذا بينهما شطرين ويحاسب به، إلا أن يكون للباقي حجة.
[7/ 330]
(7/330)
الشركة في عمل
الأبدان والدواب
من كتاب محمد: ولا خير أن يشتركا على أن يعملا بأبدانهما ودوابهما من غير
رأس مال، إلا أن يشتركا في رقاب الدواب، أو يبيع كل واحد منهما لصاحبه ذلك
بعد علمهما بالدواب، ويعتدلا، أو يكري كل واحد منهما من الآخر نصف دابة، لا
يجوز / أن يأتي هذا بدابة، والآخر برحا، وهذا بيت، ويكروا ذلك من رجل صفقة
واحدة، ولا أن يعملوا بأيديهم ولا تأخير لهم، ولا يجمع رجلا سلعتيهما في
البيع، ولا مع أحدهما عبده مع كراء دار الآخر في صفقة، وإن كانا لواحد،
جاز، وإن أخرج هذا دابة، وهذا رحا، قوما كراء الدابة والرحا، واشتركا على
أن يعمل رب الدابة، قال مالك: لا خير فيه، ولا أن يعملا جميعا حتى يقوما
كراء الدابة والرحا فيضمنان ذلك، ويكون العمل فيهما، وما أصاباه فيهما على
ما قوما. قال محمد: لأنه لم يضمن لصاحبه ثمنا ولا كراء. وكذلك إن جاء ثالث
بالبيت، لم يجز، فإن فات بالعمل، فلهم ما أصابوه على قيمة كراء كل واحد
منهما، فإن بقي شيء أعطى كل واحد حر عمل غيره، فإن بقي شيء قسموه بقدر ما
حمل بيد كل واحد من تلك الإجارة، وإن لم يجدوا شيئا غير النفقة، ترادوا في
فضل أكرية الدواب، وإن ولي رجل الدابة العمل، فله الكسب، وعليه كراء البيت
الرحا. وكذلك كل من تفرد منهم بالعمل، ولو استأجر رب الدابة من صاحب البيت
والرحا نصفها، وأجر صاحب نصف الدابة، وعملا على ذلك، فجائز إن لم يتغابنا
بشيء، وإن كانت البيت براحا بينهما، وأتى كل واحد بدابة، وهذا يعمل بيديه،
فإن اعتدلا، فجائز، وأما إن لم يشتركا في الأصل الواحد، فلا خير فيه، ولا
خير في شركه قصارين لأحدهما حانوت وللآخر مدقة وقصاري.
قال ابن القاسم: وإن استأجر هذا نصف الأداة، والآخر نصف الحانوت، فجائز،
ولا خير في أن يشترك نفر على حمل مائة أردب قمح /، ولكل واحد دابة،
[7/ 331]
(7/331)
أو على نقل تراب، ولو اشتركوا في الدواب
وعملوا في موضع واحد، فجائز، وأما بأديهما من غير دواب فيجوز إذا كانا في
موضع واحد يحتطبان، وكذلك فيما يطلبان بصيد البحر. محمد: إذ ليس ثم غير
أبدانهما، ولا خير في شركتهما في الصيد في البزاة والكلاب وهما يصيدان في
موضع واحد حتى يكون البازيان والكلبان بينهما، والشركة في عمل الأيدي لا
تجوز إن اختلفت الصنعة، ولو أنفقت، لم تجز إن كانا في حانوتين حتى يجتمعا
في الأداة والصنعة، وأن يكونا في موضع واحد. قال مالك: وتجوز شركة المعلمين
في مكتب واحد، وإن كان أحدهما أجود تعليما.
قال ابن القاسم: أو أعرب قراءة. وروي عن مالك أنه لا ينبغي حتى يستويا في
علمهما، فإن كان أحدهما أعلم، لم يجز، إلا أن يكون لا فضل له من المكسب
لفضل علمه
ابن القاسم: وإذا غاب أحد شريكي الصنعة اليوم واليومين، وعمل الآخر، فذلك
جائز، والكسب بينهما. قال أصبغ: في العمل الخفيف، وأما ماله مؤنة وطال ذلك
فله من الوسط، أجر عمله.
قال ابن القاسم: إذا طلبه ولو أحب أن يتبرع شريكه بذلك، جاز ما لم يشترط في
العقد أنه إن مرض أحدهما وتطاول مرضه، أو غيبته، أن عمل الباقي بينهما مفسد
للشركة، ويكون ما عمل المنفرد له، إلا فيما خف. قال ابن القاسم، وشريكا
القصارة إن كانت أداتهما لها بال، فلا ينبغي أن يخرج هذا بعضها وهذا بعضها
حتى يشتركا في رقابها أو يكري من لا أداة له من الآخر نصف أداته، وكذلك من
أكرى من رجل نصف دابته، وعملا جميعا، فجائز. قال: وشركاء الصنعة، كل واحد
ضامن لما لزم صاحبه ضمانه.
[7/ 332]
(7/332)
ومن العتبية، قال أصبغ، عن ابن القاسم، في
خراز، وحداد في حانوت واحد، اشتركا، يعمل هذا مع هذا في خرازته، وهذا مع
هذا في حديده، فإن أحسنا الصنعتين، فجائز، ولو استأجر كل واحد أجيرا،
واشتركا في الكسب، فجائز إن عمل الأجيران عملا واحدا وإن كانا في حانوت،
وصنعتهما مختلفة، لم يجز، وإن اتفقت الصنعة، والحانوتان مختلفان، فلا بأس
به. وهذا خلاف ما ذكر ابن المواز، وذكر ابن حبيب مثل ما ذكر ابن المواز، لا
يجوز حتى تتفق الصنعتان، ويكونا في حانوت واحد.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، في صيادين اجتمعوا على غدير بشباكهم، وقالوا:
نشترك ويضرب كل واحد منا بشبكته ضربة، فما أصبنا فبيننا، فأصاب واحد منهم
صيدا، فلم يعطهم، فذلك له دونهم، ولا تجوز هذه الشركة. وروى عنه حسن بن
عاصم، في نهر فيه أحجار الحيتان، وقد أظلته الطرفاء وأصولها تحت الماء، وقد
يكون حسب موضع الصيد ويضيق عن جر الشباك، وإن اجتمعت الشباك، لم تسع، وتنفر
الحيتان، فيقول أحدهم: دعني أرمي والذي أصبه بيننا.
أو يقول ذلك صاحب شبكة صغيرة يكون في فرش من عود يسعها عن الحجر، وربما
انقطعت شباكهم، فيمنعون ويقولون: لا شركة. قال الشركة بينهم فيما أصابوا في
المواضع الضيقة كما شرطوا، ولولا ذلك لأفسد بعضهم على بعض، وليس عليهم عمل
/ ما انقطع من الشباك. قال غير حسين، في الصيادين يشتركون ويجعلون للشبكة
حظا من الصيد، فلا ينبغي ذلك؛ لأنه أجرها بغرر لا يدري أيصيب أم لا يصيب؛
ولو أجرها بحيتان موصوفة مضمونة، صادوا أم لا، وبغير ذلك، لجاز.
[7/ 333]
(7/333)
ومن الواضحة، وتجوز شركة الحمالين إذا
تعانوا على ما يحملون، ويكونون مجتمعين غير مفترقين، فأما أكرياء الدواب
والجمال، فإن كانت رقابها بينهم، جاز، وإن افترقوا في البلدان والمواضع.
وإن كان لكل واحد دابة، لم يجز أن يفترقا، لكن على الاجتماع والتعاون.
والمعلمان يشتركان، لا يجوز أن يفترقا في موضعين. قال مطرف، وابن الماجشون،
ولا بأس إن كان أحدهما سيلقيا والآخر نحويا أن يشتركا على الاعتدال في
الجلوس، وفي قسمة ما أصابا، كالبصير في التجارة مع غير البصير، ولا أن
يتفاضلا في الكسب وإن تراضى المعلمان أن يجلس هذا على الصبيان شهرا، وهذا
شهرا، لم يجز هذا في العقد، وإن تراضيا به بعد صحة العقد، فجائز، بخلاف
الصانعين، ولا يجوز هذا في الصانعين بحال، إذ قد يكسب هذا مع شهره أكثر من
كسب الآخر، وإنما يعملان في كسب مستقبل، والمعلمان قد دخلا على صبيالن قد
عرفا ما يؤخذ منهم، فهما كراعيين لغنم على أن يرعاها كل واحد شهرا، فلا بأس
بذلك.
في الاشتراك وعهدته عند البيع
أو بعده وهل لمن حضر دخول في البيع
من كتاب ابن المواز، والواضحة قال مالك، في الرجل يقف بالرجل يريد شراء /
سلعة للتجارة، فيقف به لا يتكلم، فلما تم البيع، طلب الدخول معه، قال: يجبر
على أن يشركه إن كان شراه للبيع، وقال ابن القاسم، وأشهب: إلا من اشترى
لمنزله، أو ليخرج بها إلى بلد، فلا يشرك فيها الآخر. وكذلك في العتبية، من
رواية أبي زيد، عن ابن القاسم، ومن سماع أشهب، قال فيمن يبتاع سلعة في بعض
الأسواق، وقوم وقوف، فإذا تم البيع، سألوه الشركة، قال: أما الطعام، فيكون
هذا فيه يشتري ويشترك فيه، وأما الحيوان، فما علمت ذلك فيه، وإذا لم
يشتركوا تزايدوا، فيدخل على الناس ضرر فيما يشترون، قال: نعم.
[7/ 334]
(7/334)
قال في الواضحة، وإنما رأيت ذلك خوفا إن
يفسد الناس بعضهم على بعض إذا لم يقض لهم بهذا، فيأتي منه باب فساد، وذلك
من الرفق بالناس. ونحوه في كتاب ابن المواز لمالك.
ابن حبيب: وإنما يرى ذلك مالك لتجار تلك السلعة أهل سوقها، كان مشتريها من
أهل تلك السلعة أو من غيرهم، إذا اشتراها للتجارة، وإنما يختلف ذلك في
المشتري، فإن كان من أهل تلك التجارة، وجب هل الشركة، وإن لم يكن من أهلها،
لم تجب له الشركة إلا برضى المشتري، استشرك قبل تمام البيع أو بعده. وروي
أن ابن عمر قضى بذلك. قال أصبغ: وإذا سئل الشركة عند البيع، فسكت، فلما تم
البيع، أبى واحتج بسكوته فلا حجة له بذلك، ولم سأله الدخول معه إذا كانوا
من أهل تلك التجارة. ابن حبيب: فلو قال لهم إذ سألوه: لا أفعل فسكتوا، فلما
تم البيع، أرادوا الدخول معه، فليس لهم ذلك إذا قال: إنما أشتريت لنفسي.
ولا حجة لهم / إذا قالوا: إنما سكتنا عند السوم خيفة ارتفاع ثمن السلعة،
وقالوا: لما كان له أن يشترك بعد الصفقة ولا يضرنا إباؤه قبل ذلك. فكذلك
قوله لا قبل الصفقة؛ لأنه قد أنذرهم بالمنع قبل الصفقة، فلو شاءوا اشتروا.
قال: ولو حضروا وسكتوا، فلما تم البع، تبين له فيها نقصان، وأرادوا أن
يدخلهم معه، فليس ذلك له، ولو سألوه الشركة وهو يسوم، فسكت، أو قال: نعم،
لزمتهم إن امتنعوا، وكانت الصفقة بينه وبينهم. قال: وهذا في كل شيء يشتريه؛
من طعام، أو إدام، أو حيوان، أو رقيق، أو غيره، إذا اشتراه للتجارة، وأما
إن ابتاع طعاما يأكله، أو ثوبا يلبسه هو أو عياله، أو خادما تخدمه، فليس
لأحد أن يشركه فيه، والقول قول إنه أراده لذلك مع يمينه، كان من أهل تلك
التجارة أو غيرهم، إلا أن يستدل على خلاف قوله.
قال في كتاب محمد: قال أشهب: إن قال: إنما اشتريت هذه الرأس لتخدمني، أو
هذا الطعام لآكله، فلا يشكره فيه أحد ممن حضره. وقال مالك.
قال أصبغ، في العتبية، مثله، ومثل ما ذكر ابن حبيب من هذا، وزاد، إلا أن
[7/ 335]
(7/335)
يستدل على كذبه بكثرة تلك السلع، وأن مثلها
لا يشتري إلا للتجارة، فلا يصدق، ويدخلون معه، وإن لم يتبين كذبه صدق، ولم
يذكر اليمين.
ولا يدخل بزاز مع الزياتين ولا غير أهل سلعة على سلعة فيما اشترى بمحضرهم،
وكل أهل تجارة يدخل بعضهم على بعض، هم الرئاب لهذه التجارات كلها؛ فيدخل في
هذه السلع حيث وجدت تشتري في أسواقها، وتجب له الشركة / بحضرة الصفقة، ولو
لقي سلعة في بعض الأزقة والدور، فابتاعها بحضرة رجل من أهلها، فلا شركة له
معه، ولا شركة في السلع إلا في مواضعها المعروفة. قال: وما اشتراه في
حانوته أو بيته من تجارة، فوقف به قوم من أهل تلك التجارة فاستشركوه، فليس
ذلك لهم، بخلاف ما يشتريه في غير حانوته وبيته.
ومن وقف يسوم شيئا للتجارة، فوقف به من هو من أهلها، فقال: أشركني فيها،
فسكت عنه المساوم، ثم مضى عن طالب الشركة، ثم طلبها بعد الببيع، فلا يقضى
له عله إن أبى، ويحلف ما اشترى عليه ولا رضى بما سأل، ولو أراد المشتري أن
يلزمه الشركة، فأبى، قال: يلزمه إذا شاء المشتري، لأنه طالبها.
ومن كتاب محمد، قال مالك في الذين يبايعون الرقيق، والذين يحضرون الساحل
لشراء نوى أو طعام، قال: أدركت الناس وهم يستحبون أن يشركوا من حضر ذلك إذا
اشترى للبيع.
ومن أسلم في قصب، فأشرك فيه رجلا فيه ما ينقد، محمد: أو بعد أن نقد، فلم
ينقده الآخر حتى حل الأجل، لم يخرجه ذلك من الشركة. ابن القاسم، فيمن سام
سلعة، فقال له رجل: اشتر وأشركني. فذهب فغولي فيها، فاستشرك من غالاه فيها:
إن للذي سأل أولا الشركة والدخول مع هذا في نصفه، إلا أن يكون ذلك رأسا أو
دارا أو أرضا، فهو مخير، وما كان غير ذلك، فهو فيه شريك ـ ولابن القاسم قول
آخر، أنه مخير في الطعام أيضا. ولو قال له في دار: إذا اشتريت فأشركني.
فإذا اشتراها وأشرك فيها غيره، فللأول النصف من الثاني والمشتري، إن شاء
ذلك / الثاني. ومن أشرك رجلا، ولم يسم الثمن، فهو مخير،
[7/ 336]
(7/336)
إذا عرفه، ولو كانت شاة فأشركه فيها
بالربع، فذبحها وأرسل إليه بربعها لحما، فأكله، ثم علم الثمن بعد، قال: إن
كان هكذا يشتري، فذلك يلزمه وغير شيء تجيزه في القليل، ولا تجيزه في
الكثير.
في عهدة الاشتراك والبيع والضمان
من كتاب ابن المواز، وهذا الباب مثله في كتاب العيوب، قال مالك، في العهدة
فيما يشترك فيه، أما فيما يقضي فيه بالشركة، فعهدتها فيه على البايع، وأما
إن أشركه بعد تمام البيع، فإن كان بحضرة ولم يتفرقا، فأشركه أو ولاه بعهدته
على البائع الأول، ولا شيء على المشتري من بيع ولا استحقاق، اشترط ذلك أو
لم يشترطه، وأما إن كان باعه ذلك بيعا يحضرة البيع، فالعهدة على البائع
الثاني، إلا أن يشترطها على الأول، فليلزمه إلا أن يتفاوت وقت البيع الأول،
فلا يلزم هذا الشرط، والعهدة على الثاني.
قال أصبغ: وجه ذلك أن يفترق من الأول افتراقا بينا، وانقطاع ما كانا فيه من
مذاكرة البيع، ثم يبايع الثاني، فلا ينفع هنا شرط العهدة على الأول. وكذلك
في العتبية، عن عيسى، عن ابن القاسم، وكذلك في الواضحة، من أول المسألة،
قال: وإذا بعد ذلك أو افترقا، لم يجز أن يشترط على الأول إلا على وجه
الحمالة، ويرضى بها قال: ولو باعه ذلك بيعا بالعهدة على الثاني، كان بحضرة
البيع أو لم يكن، إذا دخله الربح أو النقصان، فلا عهدة على الأول إلا أن
يدخل بمعنى الحمالة وهو راض.
قال ابن المواز: وما ذكرنا من / عهدة الاشتراك فإنما هو فيما اشترى بعينه،
فأما ما أسلم فيه يبيعه إن جاز بيعه أو يشرك أو يولي ما لا يجوز بيعه،
فعهدة ذلك أبدا على من هو في ذمته، وقد كان مالك يقول: إن باعه بعد تفاوت
البيع الأول وانقطاعها، إن شرط العهدة على الأول لازم إن أقر الأول، وكان
معروفا،
[7/ 337]
(7/337)
وإلا رجعت كالأجرة، وإن لم يكن معروفا، فسخ
البيع، ثم رجع، فقال: لا يلزم الشرط إلا بحضرة البيع الأول. وبه أخذ ابن
القاسم، وهو أحب إلينا.
وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، عن مالك، في العتبية، في السلم على من
هو في ذمته، قال يحيى، في كتاب آخر: وإن اشترط على البايع أنها منك حتى
أقبضها من الأول، لم يجز.
ومن كتاب محمد: وإن اشتريت من رجل سلعة، ثم [فارقته قبل النقد فسألك رجل]
فيها الشركة ففعلت ونقدتما جيمعا، فعهدته عليك، وإن شرطا على بائعك، قال
ابن القاسم: فلا يعجبني إلا ما كان بحدثان ذلك ومن أشرك رجلا في طعام في
سفينة بعد أن اكتاله فيها، ثم هلك قبل أن يكتاله الشري، فذلك منها. محمد:
بخلاف البيع يكيل منه أو يجمعه كيلا، هذا ضمانه من البائع حتى يكتال محمد:
إلا أن يكون رضي بكيله. قال ابن القاسم: ومن مر بقوم وحضر واشترى سلعة،
فلما اشتروا طلب الدخول معهم، فذلك له وإن كرهوا. قال ابن حبيب: وما أسلم
فيه، فباعه وإن جاز بيعه، أو أشرط فيه، أو ولاه مما لا يجوز بيعه، فلا يجوز
ذلك، إلا بحضرة الذي عيه الدين والجمع بينهما، وتكون تباعته على من ذلك في
ذمته، وإن لم يحضر /، لم يجز في العروض إن كان البائع قريبا تعرف حياته،
وملاؤه من عدمه، وإن حل الأجل، وقبضت السلعة، فإن أشرك فيها أو ولاها، ولم
يطل، ولا تفرقا، فالتباعة على البائع الأول، فأما في البيع، فهي على
المشتري الأول، ولا يجوز أن يشترط على البائع الأول إلا بمعنى الحمالة، وإن
كان طعاما بعينه فإن ولاه، أو أشرك فيه بحضرة بيعه، فعهدته على الأول،
شرطها أو لم يشرطها إن كان جزافا، وإن كان مكيلا، فمصيبته من البائع
وتوليته كالشرط، ولابد أن يجمع بينهما، وإلا لم يجز، وإن كان هذا المشتري
مما يكال أو يوزن من غير طعام، فأشركه أو ولاه، فهو كالعرض يجوز أن
[7/ 338]
(7/338)
تشترط عهدته على البائع الأول، وإن لم
تشترط، فهي على هذا، وما أشركت فقيه من طعام بعينه، ابتعته على الكيل،
فقبضته ثم أشركت فيه فضمانه منك، ومن أشركته ووليته، كان منك حتى يكتاله
المتولي، غيب عليه أو لم يغب، إلا أن توليه على التصديق، ولو أقالك منه
البائع بعد أن اكتله ولم تغب أنت عله، فضمانه منه، وإن كان قد غبت عليه،
فهو منك حتى يكتاله هو منك، وإن وقف قوم بمبتاع لسلعة ممن يقضي لهم
بالشركة، فطلبوها، فأشركهم، ثم وجدوا عيبا لم يره البائع الأول، أو رآه ولم
يعلمهم، فقد لزمهم، وإنما لهم الرد على الأول على الشرك، ولو استوجبها
المبتاع، ثم أشرك فيها أو حضروا الشراء وهم ممن لا يقضي لهم بالشركة عليه،
فلهم الرد على المشتري، علمه أو جهله، كالشركاء يتقلدون السلعة، ثم تصير
لأحدهم، ثم يجد / عيبا، فليرد عليهم أنصباءهم. قال: ومن ابتاع عرضا بعينه
لا يكال ولا يوزن بنقد، جاز أن يشرك فيه قبل قبضه.
فيمن أشرك غيره في سلعة
ولم يسم الجزء ثم اختلفا
وذكر التداعي في الاشتراك،
وفي الشريك يشرك غيره
من كتاب محمد والعتبية، من سماع ابن القاسم: ومن قال لرجل سأله الشركة في
سلعة: قد أشركته، ولم يسم بكم؟ ثم اختلفا بعد الخسارة. فقال المشرك: أشركني
بالسدس، وقال المتولي الشرك بالنصف. فالذي ولي الشراء مدع، ويحلف الآخر
ويصدق. قال في العتبية، إلا أن يأتي بما لا يعرف، كالدينار ونحوه، وإن ربحا
في سلعة، فادعى المشرك النصف، وقال في العتبية قال ابن السدس، فالمشرك مدع،
ويصدق الآخر مع يمينه. قال في العتبية قال ابن
[7/ 339]
(7/339)
القاسم وهو في كتاب محمد، عن أصبغ: إن قال
كل واحد: لم أسم شيئا، ولم أنوه. فهو بينهما نصفين. ابن القاسم: وإن كانت
السلعة قائمة، فقال المشرك. إنما شركتك بالربع، أو السدس، وذلك الذي أردت،
فالقول قوله، ويحلف إذا لم يكونا بينا شيئا، كالتداعي في بعض السلعة بأن
قال البائع: بعتك ربعها. وقال المبتاع: بل النصف. فالبائع مصدق، ويحلف. وإن
قال البائع: بعث لك النصف. وقال المتباع: بل الربع، فالمبتاع مصدق مع
يمينه.
وفي كتاب ابن المواز مثله. قال محمد: قال مالك: القول قول من ادعى الأقل،
وإن كانت السلعة قائمة إن ادعى التسمية، فإن أقر بدفع التسمية وإن ذلك
بينهما، فهو على النصف، والنصف، فمن ادعى الأقل، صدق مع يمينه إذا لم يكونا
بين ذلك، وإن قال: لم أرد ربعا ولا سدسا، ولا أقل ولا أكثر. فهو على النصف.
وذكر أصبغ، في العتبية، نحو ذلك إذا تقارا أن الشركة مبهمة، ثم اختلفا بعد
الصفقة، فالقول قول المشتري، وإن كان المشتري قد ادعى أقل من ذلك، وادعى
المشرك أكثر، حلف المشتري وصدق، وإن نكل حلف المشترك وصدق، فإن نكل، فليس
إلا ما أقر به المشتري إن لم تفت السلعة، وإن فاتت بتلف، فقال المشتري:
بالنصف. وقال المشترك: بالربع فالمشترك مصدق، ويحلف، فإن نكل حلف المشتري،
فإن نكل، فليس إلا ما أقر به المشرك.
ومن الواضحة: وإذا أشرك من سمى له ممن يلزمه أن يشركه، ثم اختلفا، فقال
أشركتك بالربع. وقال الآخر: بالنصف. وقالا: نطقتا به، أو قالا: أضمرناه
بغير نطق بذكر الجزء. فالقول قول من ادعى منهما بالنصف، وإن لم يدعه واحد
منهما، رد إليه، لأنه أصل شركته في القضاء، فإن كانوا ثلاثة، فعلى عددهم ما
كانا، وكأنهم ولوا الشراء، ولأن ما وضع عن المشري يدخل فيه المشرك في هذا،
كانت قائمة أو فائتة، بيعت بزيادة أو نقصان، وأما من استشرك رجلا في سلعة
ممن لا يلزمه أن يشركه، فأشركه ثم اختلفا كذا، فإن كان فيما نويا، ولم
[7/ 340]
(7/340)
ينطق به، كانت بينهما نصفين، وإن قالوا:
نطقنا به، ثم اختلفا، فالقول قول المشرك، كالبيع ويحلف، ثم أن سأله الآخر
أخذ ما قال: أو يحلف ويترك ما كانت قائمة أو بيعت بفضل، وإن بيعت بوضيعة،
وادعى المستشرك جزءا أقل / من دعوى الآخر، فالمشرك مصدق مع يمينه، لأنه
الغارم هنا.
والفرق بين هذه وبين الأولى فيمن يقضى له بالاستشراك أن عهدتهما على البائع
الأول، وهذا عهدته على من أشركه. قاله كله أصبغ.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، عمن قال لرجل: اشتر سلعة كذا فأنا
شريكك فيها: فاشتراها، ثم أشرك فيها رجلا آخر، قال: يكون للأول نصفها،
ويخبر المشرك الآخر، فإن شاء أخذ نصف حظ الذي أشركه، وهو ربع السلعة، وإن
شاء تركه، ولا يلزمه شيء ولا حجة له أن يأخذ حظ الذي أشركه؛ لأنه أشركه في
حظه لا في حظ غيره، وسواء قال: أشركتك في نصفها. أو لم يقل: بنصفها. ولو
قال: اشتر سلعة كذا، وأنا فيها شريكك. فاشتراها رجل غيره، فأشركه فيها،
قال: فالذي أمره بالشراء على الشركة مخير؛ إن شاء دخل معه في النصف الذي
أشرك به، ويدعه له، ولا يلزمه منه شيء. قال ابن القاسم: ومن أمر رجلا في
سلعة بينهما أن يبيعها ويشتري حانوتا، ففعل، وقال: أمرتني بالشراء، وقد
اشتريت لنفسي من مالي. فلما أقام عليه بينة، قال: قد أشركتك فلانا وفلانا
عند الشراء، ولا بينة على ذلك، قال: فنصف الحانوت للآمر، ويدخل المقر لهما
بالشركة في مصابة المقر إن أقر بالنصف، فلهما نصف مصابته ذلك، وإن قال:
بالثلث، فلهما ثلث ما في يديه، فعلى هذا يحسب. قال مالك: في شريكين في سلعة
فيها دين عليهما، فقال أحدهما للآخر: اكتب الدين باسمي، لأنك تسافر في
تجارتنا. ففعل، فباعا السلعة، وطلب الآخر أخذ / نصف الثمن، فمنعه هذا،
فقال: أنا أطلب بالثمن. فلما حل الأجل، قال متولي البيع، سرق مني الثمن،
اون هلك. قال: يضمنه؛ لأنه يتبعه
[7/ 341]
(7/341)
به شريكه. وفيه قال أبو زيد: قال ابن
القاسم، فيمن وقف لشراء سلعة، فقال له رجل: أشركني. فقال: نعم. ثم قال:
إنما أشركتك بالربع. فالقول قوله مع يمينه، إلا أن تقوم بينة بما أشركه.
وإن قال: أشركتك، ولم أرد ثلثا ولا ربعا، ولا أقل ولا أكثر، فالسلعة بينهما
نصفين، وإن اشترى سلعة بعشرة، فأربحه رجل دينارا، فقال: لا أفعل إلا أن
يكون معك فلان فيها شريك. فرضي، فعلى كل واحد منهما من الثمن خمسة ونصف.
ابن القاسم: ومن قدم بلدا بمتاع، فأعطي فيه ثمن، فقال له رجل: أنا آخذه منك
بما أعطيت، وأنت فيه شريك. قال: لا يجوز ذلك.
التداعي بين الشريكين
وجامع القضاء في الشركة
والإقرار من كتاب القراض
قال ابن القاسم، في شريكين أرادا المفاصلة، فقال أحدهما: لك الثلث ولي
الثلثان. وقال الآخر: المال بيننا نصفين. وليس المال بيد أحدهما دون صاحبه،
قال: فلمدعي الثلثين النصف، ولمدعي النصف الثلث، ويقسم السدس بينهما نصفين
بعد أيمانهما، وعلى هذا ثبت ابن القاسم، وهو القول. وقال أشهب: المال
بينهما نصفين بعد أيمانهما؛ لأن كل واحد حائز للنصف، فلا حجة له، وإن كانوا
ثلاثة، فقال أحدهم إلي الثلثان، ولكما الثلث. وقال الآخر: لي النصف، ولكما
النصف. وقال / الآخر: لكل واحد منا الثلث. قال محمد: يقال المدعي النصف
والمدعى الثلث: أنتما تدعيان فيه بخمسة أسداسه، فأسلما سدسه لمدعي الثلثين.
[7/ 342]
(7/342)
قال ابن ميسر: ويقال لمدعي الثلث. ثم سكت.
ثم سئل عنها بعد ذلك، فقال: يضربون فيه كل واحد بحصة دعواه على حساب
الفرائض، يقسم المال على تسعة، يضرب فيه مدعي الثلثين بأربعة، ومدعي النصف
بثلاثة، ومدعي الثلث باثنين. قال: ولو ادعى أحدهم كله، والآخر نصفه، والآخر
ثلثه، قال: يقال لمدعي النصف، ومدعي الثلث: أسلما السدس لصاحب الكل، فيتبقى
خمسة أسداسه، فصاحب الكل يدعي ذلك، وأنتما تدعيانه، فيقسم نصفين، لصاحب
الكل عشرة قراريط، ولكما عشرة قراريط، ثم يقال لصاحب الثلث: أنت لا تدعي في
هذه العشرة إلا ثمانية، فسلم قيراطين لصاحب النصفين، ثم تقسم الثمانية بينك
وبينه نصفين؛ لتساوي دعواكما فيها.
ومن مسائل سحنون، ليست من رواية يحيى بن عبد العزيز، قال أبو بكر، وهي
صحيحة من قوله: ومن أقر أن فلانا شريكه، ولم يقل في جميع ماله ولا مفاوض،
قال: إن قال شريكه: لي في بعض هذا المال، لبعض ما في يديه، فهو كما أقر وإن
لم يسم مالا وكان قبله كلام يستدل به عى ما بعده، فإن يكون شريكا على ما
يستدل به مما كان الكلام قبله، وإن لم يكن شيء مما ذكرنا فهو في جميع
المال. وقال أقر في سفره أن فلانا شريكه، وفلان غائب / ثم يزعم بعد ذلك أنه
شريكه على الربع وأنه شريكه في مائة دينا. قال: هو شريكه على النصف.
وقال فيمن قال عند سفره: فلان شريكي. ولم يسم على كم الشريكة؟ ولم يقل
عقيدتي فإن لم يكن بعد ذلك أمر يدل على مراده وادعى الآخر بعد ذلك الشركة
في كل شيء من تجارتهما فهو كما ادعى وله النصف مما في يديه من التجارة.
وروى عيسى عن ابن القاسم في شريكين تخاصما إلى قاضي فسأل أحدهما صاحبه عن
المال، فقال: ضاع مني. وكتب إقراره ثم قال: دفعته. فقال: اكتبوا إقراره
أيضا. فقال حينئذ: إنما دفعته إليه من مالي بعد الضياع. قال: لا يصدق وأراه
ضامنا.
[7/ 343]
(7/343)
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في
شركاء سلعة ولي أحدهم بيعها وقبض ثمنها فقال له شركاؤه أعطنا حقنا منه.
فقال: نعم هو في كمي أتسوق ثم أعطيكم. فذهب ثم أتى فقال: قطعت من كمي؛ إذ
سألوه فلم يعطهم قيل له: إنا لما أردنا خصومته قال: أسلفوني دنانير أتجر
فيها وأقضيكم من ربحها وأضروني حولا وأقر لكم واكتبوا علي بذلك كتاب.
ففعلنا فأردنا الآن خصومته بهذا الإقرار. قال: لا؛ لأنه يقول أقررت على أن
يسلوفني. وهذا لا يحل، فإن أصبتم بينة وأنكم حين سألتموه حقكم حبسه عنكم ثم
جاء يدعي أنه سرق فهو ضامن.
ومن العتبية قال أشهب عن مالك: وإذا أكرى شريكان إبلا لهما فتخلف أحدهما
يقبض الكراء فقبضه ودفعه إلى عبد له فلحق العبد / شريك فأعلمه أنه دفع إليه
الدنانير وهي هذه فسكت ثم قال العبد: ذهب منها ديناران.
قال: هما من الشريكين؛ لأنه أخبره العبد أنه دفعها إليه فسكت ورضي فهي
عليهما بالحصص.
في الوصية لأحد الشريكين
من العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك في القوم يشترون السلعة بينهم ثم
يضع البائع لأحدهم؛ فإن كان وضع للذي ولي الشراء فهو بينهم. وكذلك ذكر في
كتاب محمد عن [مالك وإن وضع] لغيره فالوضيعة له. قال: فإن ولو كلهم الشراء؟
فسكت. قال محمد: إن أراد بذلك الرجل خاصة فهو له دون أصحابه لأن مالكا قال:
إن وضع لمتولي الصفة لنفسه خاصة قال: فذلك بين أصحابه؛ لأنه ي تهم أن يزيده
في الثمن له فهذا يدلك على ما قلت لك.
[7/ 344]
(7/344)
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن اشترى سلعة
فأشرك فيها ناسا ثم استوضع بائعه فوضع له فلأشراكه الدخول فيما وضع له، وإن
استوضعه أحد الذين دخلوا فيها بالشركة فالوضيعة له دون شركائه ودون صاحب
الصفقة، وإن اشتراها فما وضع لأحدهم فهو له دون شركائه إلا أن يكونوا شركاء
عقد فهو لما وضع لأحدهم دخل فيه الباقون.
قال أصبغ عن أشهب في ثلاثة شركاء في سلعة تفادوها فخرج منها واحد ووقعت على
الاثنين ربح دينار ثم ذهب الخارج فاستوضع البائع فوضع دينارا فقام الاثنان
عليه ليردا فذلك لهما / إلا أن يخرج الدينار الذي وضع له فيكون بينهم
أجمعين أثلاثا. قال: ويسغ له الربح كله. قال ابن حبيب: إذا أشرك في سلعة
فما وضع البائع لمن ولي الصفقة دخل فيه الآخر وما وضع للمشرك دخل فيه الآخر
إلا وضيعة تشبه الصلة فهي له خاصة: من كان منهم.
في الشركة بالذكر والأنثى من الحيوان
من العتبية، وكتاب ابن المواز قال مالك: وإذا جاء رجل بحمام ذكر والآخر
بأنثى على أن ما أفرخا فبينهما فلا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا والفراخ
بينهما؛ لأنهما يتعاونان في الحصانة. قال في العتبية: فإن جاء ببيض إلى رجل
... فقال: اجعله تحت دجاجتك فما كان من فراخ بيني وبينك. فالفراخ في هذا
لصاحب الدجاجة وعليه لصاحب البيض بيض مثله وهو كمن جاء بقمح إلى رجل وقال:
ازرعه في أرضك بيننا. فإنما له مثله والزرع لرب الأرض. قال يحيى: يعني في
قول ابن القاسم في الدابة والسفينة يعطيان على بعض ما تغل فالكسب لمن عمل.
[7/ 345]
(7/345)
في الشريكين في العبد أو بعضه حر كيف
العمل في إذنه والسفر به وبيعه؟ والشركاء
في السفينة يجد أحدهما الحمل وليس للآخر ما يحمل
من العتبية من سماع ابن القاسم في العبد بين الرجلين أنه ليس لأحدهما أن
يضربه إلا بإذن شريكه، فإن فعل ضمن ما أصابه في ذلك إلا في ضرب لا يغيب أحد
في مثله وفي ذلك / إذنه فلا يضمن في هذا. قال سحنون: يضمن إذا ضربه ضربا
بغيب في مثله أو لا يغيب في مثله إذا مات منه. وقال أشهب عن مالك في عبد
نصفه حر اراد سيده أن يخرج به إلى بلد آخر فذلك له إن كان مأمونا، وإن لم
يكن مأمونا فليس ذلك له. وما هو بالبين ونفقته إذا قضى عليه بالخروج على
سيده وكذلك كراؤه حتى يقر قراره بالموضع الذي يكون فيه له عمل، فإذا كان في
سفر ليس فيه مكسب النفقة على السيد حتى يقدم به؛ لأنه أخرجه من موضع عمله
وكسبه. وروى البرقي عن أشهب قال: الذي يأخذ بقلبي أنه ليس له أن يخرج به،
وإن كان مأمونان ولا يزوجه إلا بإذنه. قال مالك في العبد بين الرجلين:
فلأحدهما بيع مصابته منه إن شاء ولا يبيع معه شريكه ولكن هذا العبد لا يقدر
البائع أن يأخذ ماله؛ إذ لا يقسم إلا بإذن شريكه ولا يجوز له بعد البيع إلا
أن يبيعه بما له من المشتري وإلا لم يجز.
قال سحنون من غير رواية يحيى بن عبد العزيز قال أبو بكر وهي معروفة من قوله
في رجلين لهما سفينة فيريد أحدهما أن يحمل عليها متاعه وليس لصاحبه شيء
يحمله فيريد الذي ليس له ما يحمل منعه إلا بكراء ويقول الآخر: أنا أحمل في
نصيبي. قال: فله أن يحمل في نصيبه ولا يقضي لشريكه عليه بكراء فأما لمن
يحمل مثل ما يحمل صاحبه من السمن والمتاع وإلا بيع المركب.
[7/ 346]
(7/346)
في الجماعة يحملون الطعام في السفينة
فيفسد شيء من أسلفها وهل لأحدهم
أن يأخذ / حصته دون الآخرين
من كتاب محمد قال مالك: ومن حمل طعاما في سفينة ثم مر بقرية أخرى فحمل
الآخر مائة أردب حبة فوق الأول فابتل أسفل الركب. قال مالك: هما شريكان في
الأسفل والأعلى؛ لأنهما على وجه الشركة خلطا.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك في القوم يحملون الطعام في السفينة فيخلط
طعامهم فيريد بعضهم البيع في الطريق فليس ذلك له إلا برضاء أصحابه؛ لأنه
ربما فسد أسفل الطعام أو مطروا بعد ذلك فيفسد فلا يأخذ أحد منهم حتى يبلغوا
فيقسموا الجيد والفاسد إلا أن يسلموا له حقه فذلك له ثم لا تباعه لهم عليه
إن نزلوا فوجد القمح فاسدا.
ومن كتاب محمد، وعن نفر خلطوا طعامهم في سفينة فأحب أول من يمر بمنزله أخذ
طعامه قال: ذلك له ثم إن عرفت بعد ذلك فلا تباعة على الأول؛ أذنوا له في
أخذ ذلك لم يأذنوا إلا أنه إن ينقص الكيل فلهم الرجوع بحصته من النقص.
في الاشتراك في عصر الزيتون
يأتي كل رجل بزيتونة
من كتاب محمد قال مالك في الزيتون يأتي هذا بأردب وهذا بأكثر حتى تمتلئ
الإسقالة فيعصر قال: إنما يكره؛ لأن بعضه أكثر خرجا من بعض فأما لحاجة
الناس إلى ذلك فأرجو أن يكون خفيفا ولا بد للناس من قضائهم.
[7/ 347]
(7/347)
ومن العتبية من سماع ابن القاسم ذكر مثله
وذكر مثل ذلك في عصر الجلجلان والفجل. وقال سحنون: لا خير فيه.
في دين لرجلين
يقبض أحدهما بعضه بإذن شريكه
من كتاب محمد؛ ومن عليه دين لشريكين فأذن أحدهما للآخر في أخذ شيء منه
يأخذه ثم فلس الغريم أو مات عديما قال مالك: فللذي لم يأخذ أن يرجع على
الذي أخذ بنصف ما أخذ؛ لأنه بمعنى السلف له.
ومن لهما أرض أكرياها من رجل بدنانير [فكتب كل واحد منهما عليه كتابا فقبض]
أحدهما حقه ثم فلس فلا يرجع الآخر على صاحبه بشيء.
في شريكي المعدن
من كتاب محمد وعن معدن بين رجلين عطلاه أربعة أشهر ثم سأل أحدهما فيه
الإمام فاقطعه إياه فعمل فيه وحده، فإن كان صاحبه حاضرا فقام يحدثان ذلك
قبل أن يعمل أو بعد غائبا حين أقطع صاحبه فهو له دون الغائب وكذلك إن أقطعه
لغيره مما كان له دونهما.
فيمن أوصى بتصديق شريكه
من العتبية من سماع ابن القاسم: ومن أوصى في مرضه أن شريكه عالم بالي فما
دفع إليكم فهو مصدق بغير يمين ف فرفع أمره إلى السلطان وأتى بما قبله من
القاضي فقسمه بينه وبين الورثة ثم أقام يقبض ويقسم عشر سنين وكتب له
[7/ 348]
(7/348)
السلطان بذلك برأه وهي بينهما فبلغ الورثة
فأرادوا يمينه فيما مضى قال: ينظر السلطان ويكشف؛ فإن رأى أمرا صحيحا لم
يحلفه، فإن استنكر أمرا أحلفه.
مسائل مختلفة من الشركة
ابن حبيب: ولا ينبغي للحافظ لدينه أن يشارك إلا ذا أمانة وتوق للربا
والخيانة والتخليط في التجارة ولا يشارك يهوديا ولا نصرانيا ولا مسلما
فاجرا إلا أن يكون المسلم الحافظ لدينه هو الذي يلي البيع والشراء والمال
بيد لا يلي الآخر منه إلا العمل والبطش. وقاله طاووس والحسن ومالك بن أنس
قال مالك: ولا بأس أن يبيع الرجل نصف سلعة لا تنقسم إذا لم ينقد إلا ثمن
نصفها، وإن شرط كونه فيها شريكا، وإن كانت تنقسم فلا خير فيه إلا أن يكون
شريكا فيها يتابعانها جميعا، فإن لم يشترط هذا أيضا فذلك جائز، ولو باعه
نصفها وأشركه بنصفها؛ على أن يبيع جميعها، فإن كانت مما لا ينقسم فجائز إن
ضرب للبيع أجلا، وإن كانت مما ينقسم فلا خير فيه، وإن ضرب للبيع أجلا.
وكأنه اشترى منه نصف ثمنها.
ومن كتاب المزارعة لابن المواز: وإذا ابتاع نفر حائطا، فلا بأس أن يربح
بعضهم بعضا دراهم على أن يخرج منه ولا خير في أن يخرجوه يكيل من الثمرة
مضمونة له.
[7/ 349]
(7/349)
|