النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب المزراعة
القول في كراء الأرض بالجزء مما تنبت
أو بالطعام وما يقضي به في كراء الأرض
بإفريقية في فساد الشركة
من كتاب ابن سحنون، قال سحنون: لا يجوز كراء الأرض ببعض / ما يخرج منها عند مالك وأصحابنا أجمع وذلك لحديث رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها. وقيل لرافع: فبالذهب والورق؟ فقال: لا بأس بذلك. وهو ناقل الحديث، وذهب بعض العلماء إلى كراهية كرائها بشيء من الأشياء ومنهم؛ مكحول ومجاهد وعطاء واحتجوا بحديث رافع أن النبي عليه السلام نهى عن كرائها مجملا، وقد بين رافع وجه ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا.
قيل لسحنون: إن ما أجاز كراءها بالجزء مما يخرج منها احتج به مثل القراض ومن لم يجز المساقاة احتج بأنها إجارة مجهولة. قال: أما من مثل ذلك
[7/ 351]

(7/351)


بالقراض فهذا غلط؛ لأن القراض فيما لا يجوز أن يكري وهو العين، والأرض مما تكرى، فلم يجز الكراء في العين جاز في الأرض، فذلك مفترق. وأما المساقاة؛ فسنة مشهورة لعمل الرسول صلى الله عليه وسلم في خيبر مع اجتماع أهل المدينة عليه ولا يجوز عندنا كراؤها بالطعام ولا بشيء تنبته من غيره.
قال: وذهب ابن نافع إلى أن الأرض يجوز أن تكرى بسائر الطعام إلا بالحنطة. قال في كتاب ابن مزين، عن ابن نافع: لا تكرى بحنطة أو شعير أو سلت وتكرى بغير ذلك من سائر الطعام على أن يزرع فيها خلاف ما يستكريها به.
قال ابن مزين: قال بأن كنانة: لا تكرى بشيء من الأشياء / إذا زرع فيها نبت. وبه قال يحيى بن يحيى وقال: إنه من قول مالك. وبه قال ابن مزين، قال مالك: لا تكرى بشيء من الطعام والإدام ولا بشيء ينبت فيها من طعام أو غيره.
قال عيسى بن دينار: فمن أكراها على أحد هذه الثلاثة أقاويل أجزت كراءها ولم أفسخه وأما مذهب الليث فيكره أن يكريها بشيء مما ينبت يكون مضمونا على المكتري، فأما بالثلث والربع مما تبنت فجائز عنده. قال عيسى: فهذا إن وقع فسخته، وإن فات أوجبت عليه كراء مثلها الدراهم. وروي عنه ضد هذا. والأول أثبت عنه. وهو قول ابن سيرين والنخغي، وشدد سحنون في كرائها بالجزء مما يخرج منها، فقال: قد قال قائل أيضا: وأنا أقوله إن من فعل ذلك فهي جرحة، يريد أن كان عالما أنه لا يجوز، إما لأنه مذهبه، أو اتبع فيه غيره ممن قلده من العلماء. قال سحنون: ولا يؤكل طعامه ولا يشترى منه من ذلك الطعام الذي أخذ في كرائها وإذا نزل ذلك فإنما لربها كراؤها بالدراهم.
وذكر غير واحد من مشايخنا أن عيسى بن مسكين وغيره من قضاء أصحابنا
[7/ 352]

(7/352)


بأفريقية حكموا أن ينظر إلى ما وقع له من ذلك الجزء من ثلث أو ربع فيغرم قيمته دراهم، قالوا: لأنها لا تعرف لها بالمغرب قيمة بالعين ولذلك يعطى قيمة ذلك الجزء الذي تجري به أكريتهم ثمنا، أصحاب قليلا أو كثيرا ولم يعتبروا قيمة كرائها يوم العقد؛ لأنه لا كراء على المكتري في الأرض إذا لم يصب فيها شيئا.
ذكر ما يحل ويحرم من شركة المتزارعين
وكيف إن قارنها ببيع؟
وما يقضي به في المزارعة الفاسدة
من كتاب ابن المواز قال: وإذا سلم المتزارعان في قول مالك من أن تكونن الأرض لواحد والبذر من عند الآخر جازت الشركة إن تساويا ولم يفضل أحدهما الآخر بشرط في عمل ولا نفقة ولا منفعة.
قال سحنون من كتاب ابنه [وإذا اعتدلا في البذر] والأرض وتفاضلا في العمل، فإن كان تفاضلا كثيرا له بال فالشركة تفسد والزرع بينهما ويترادان في أجر العمل، وإن كان تفاضلا بينا يسيرا لم تفسد الشركة كما أجاز مالك أن تلغى الأرض التي لا كرا لها بينهما. وقد قال سحنون أيضا: إن ما روي عن مالك وابن كنانة وابن القاسم وغيره من أصحابنا أن لا تجوز الشركة إلا بالاعتدال في ذلك كله أصوب؛ لأن سنة الشركة التساوي، فإذا خرجت عن ذلك خرجت عن حد ما أرخص فيه منها، وصارت إجارة فاسدة. قال: وإنما التفاضل الذي يرجع بعضهم فيه على بعض كرائه، أن يفضله بشيء منفرد لا عوض للآخر فيه، فأما لو اعتدلا في البذر وأخرج هذا الأرض وهذا العمل وكراء ذلك مختلف بما يكثر أو يقل فلا تراجع فيه؛ لأن العمل إن كان أكثر من كراء الأرض فإن رب الأرض لم يكر نصفه أرضه إلا بنصف عمل الآخر وبقره.
[7/ 353]

(7/353)


ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن حبيب: وجه العمل في المزرعة بين الرجلين أن يعتدلا فيما أخرجا من الزريعة وجميع ما / يحتاجان إليه، فإن تفاضلا في ذلك فانظر؛ وإن عقدا ذلك على أن يعتدلا ويتكافآ جاز ما فضل به الآخر صاحبه طوعا مما قال أو كثر. وقاله سحنون إذا صح العقد ولم يفرق بين زريعغة وغيرها وكذلك لو أسلف أحدهما الآخر بعد صحة العقد عن غير وأي أو عادة ـ يريد سحنون: لأن الشركة تلزم بالتعاقد كالبيع لا يرجع فيها أحدهما بخلاف القراض والجعل. وقال ابن حبيب: ويجوز ما فضل أحدهما الآخر به بعد صحة العقد وذلك إذا اعتدلا في الزريعة ثم تفاضلا في غيرها وسلما من أن يكون للأرض كذا من الزريعة، فإما أن يشترط في عقد المزارعة التفاضل، فلا يصلح ويفسخ ما لم يفت العمل، فإن فات حملا على التعادل وكان الزرع بينهما نصفين ما تعاملا. هكذا قال ابن الماجشون وبه أقول، قال: وإذا اعتدلا في الزريعة فلا بأس أن يخرج أحدهما الأرض، والآخر العمل كله كان كراء الأرض مكافئا لذلك أو غير مكافئ ما لم يتفاحش ذلك جدا؛ لأنه وإن كثر عمل يدي هذا وبقره فلم يرض رب الأرض أن يكري نصف أرضه إلا بنصف العمل وكذلك إن أن العمل الأقل فلم يرض هذا أن يكري نصف ذلك إلا بنصف الأرض فذلك يجوز إلا بما يشبه الاسترخاص والاستغلال، فإن تفاحش ذلك فالزرع بينهما ثم يتساويان فيما سواه. قال: ولا يجوز أن يكون البذر من عند واحد والأرض من الآخر، وإن تساوى ذلك وتساويا في / غيره، فإن نزل فالزرع في هذا لصاحب البذر وعليه كراء الأرض والعمل.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم فيمن ولي العمل وانفرد به فله الزرع، فإن كان رب الأرض فعليه للآخر مثل بذره، وإن كان صاحب البذر فعليه للآخر كراء أرضه، فإنه وليا العمل جميعا، فالزرع بينهما وقد قيل: يأخذ صاحب البذر بذره لصاحب الأرض على الآخر نصف كراء الأرض ثم يقتسمان ما بقي. وقال أصبغ: الزرع لصاحب البذر وعليه قيمة كراء الأرض وقيمة عمل صاحبه. وهذا أصح.
[7/ 354]

(7/354)


قال محمد بن المواز: القول الأول أحب إلي. ورواه ابن عبد الحكم عن مالك. وقاله ابن القاسم وقال أبو زيد عن ابن القاسم: وإن كان العمل من عند مكتري الأرض لنفسه ومن عند الآخر البذر والنفقة فالزرع للقائم به ويغرم الآخر مثل بذره ونفقته.
قال مالك: وإذا كانت الأرض لا كراء لها جاز أن تلغى ويتساويا فيما سواها.
قال ابن عبدوس: إلا أن يعرى ربها من إخراج الزريعة فلا يجوز.
قال في كتاب ابن المواز: وإذا كانت الأرض لها قدر من الكراء فيهبها لشريكه، فإن الشركة تفسد بذلك إلا أن يستأجر شريكه نصف هذه الأرض.
قال سحنون: في كتاب ابنه: ولا يعجبني أن تلقى الأرض بين المتزارعين، وإن لم يكن لهما كراء ولولا أن مالكا قاله لكان غيره أحب إلي منه. وقال في باب آخر: وإذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر /، لا: فلا يجوز إلا أن تكون أرضا لا كراء لها وقد تساويا فيما سواها فأخرج هذا البذر وهذا العمل وقيمة ذلك سواء فهو جايز؛ لأن الأرض إذا تساويا في إخراج الزريعة والعمل، فأما إن أن مخرج البذر غير مخرج الأرض لم يجز، وإن كان لا كراء لها ويدخله كراؤها بما يخرج منها إلا ترى لو أكريت هذه الأرض ببعض ما يخرج منها لم يجز وقد استثقل سحنون إلقاء الأرض بكل حال، وإن كان لا كراء لها. قال مالك، في المختصر: وإن كانت الأرض بينهما والبذر من عند أحدهما والعمل من عند الآخر فجائز.
وكذلك قال سحنون في كتاب ابنه، قال سحنن: وإن أخرج أحدهما الأرض والبذر ومن عند الآخر جميع العمل جاز إن كان ذلك مثل قيمة البذر وكراء الأرض.
وقال ابن حبيب في هذا: قد أخطأ وجه المزارعة، [فإن فات بالعمل فالزرع بينهما، ويتعادلان فيما بينها، وإن أخرج أحدهما البذر والعمل الآخر الأرض والبقر
[7/ 355]

(7/355)


لم يجز وإن تكافأ ذلك]، فإن فات ذلك بالعمل فالزرع لصاحب البذر وعليه كراء الأرض والبقر وكذلك إن أخرج رب البذر البقر والآخر الأرض والعمل فله على رب الأرض كراء أرضه وعمله. وكذلك لو لم يرج أحدهما غير البذر كان الزرع له ويرد كراء الأرض والبقر والعمل والزرع عندنا لمن له البذر ولي العمل أو لم يله. وقاله أصحاب مالك إلا ابن القاسم / وقاله أصبغ. وبهذا قال سحنون وذكر أنها رواية ابن غانم من مالك [قال أبو محمد] وقد ذكرنا ابن المواز من رواية ابن عبد الحكم، وقول ابن القاسم.
قال ابن حبيب: ولا يجوز أن تكون الأرض من عند واحد والبذر من عند الآخر ويعملا أو يؤاجرا من يعمل، وإن نزل فالزرع لرب البذر؛ وأصل هذا أن كل متزارعين على معادلة وقع في مزارعتهما كراء الأرض بالبذر فأفسخه وأجعل الزرع لرب البذر وكل متزارعين على غير معادلة سلما من كراء الأرض بشيء من البذر فأجعل الزرع بينها نصفين ويتراجعان في الفضل فيما سوى ذلك.
قال ابن حبيب: وليس للرجل أن يعطي أرضه وبذره وبقره؛ على أن يتولى الداخل العمل ليكون الزرع بينهما، وإن ساوى عمله ذلك كله، فإن نزل فالزرع لرب البذر والبقر وعليه للآخر قيمة عمل يده وكأنه واجره بنصف ما تبنت أرضه ولو قال أولا: تعال نتزارع على أن تجعل نصف أرضي ونصف بذري ونصف بقري كراء لنصف عملك. فقد أخطأ وجه العمل ويكون الزرع ها هنا بينهما نصفين ويتراجعان في الفضل في ذلك؛ لأن هذا قد قبض نصف البذر في أجرته وضمنه والأول لم يأخذ شيئا وكذلك في سحنون، وقال: ثم يترادان فضل الكراء وقد ذكر ذلك في باب بعد هذا.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا اخرج رجل البذر فقال الآخر ازرعه في أرضي هذه وهو بيننا ففعل فإن الزرع لرب البذر والأرض في هذا له وعليه قيمة العمل
[7/ 356]

(7/356)


صاحبه / ولو كانت الأرض بيد العامل قد كان أخذها لنفسه فإن الزرع له وعليه مثل البذر لصاحبه يريد كراء الأرض لربها. قال: وكذلك لو كانت الأرض لأحدهما ومن عند الآخر البذر فالزرع لمن قام به.
قال ابن المواز: وذكر بعض الناس أنه جعل الزرع لصاحب البذر وإن لم يل العمل وما أعرف أحدا هذا ولا قال به.
وقد ذكرنا قبل هذا قول سحنون وغيره في هذا الأصل. قال سحنون في كتاب ابنه وابن حبيب في كتابه: وإن تعادلا في البذر والعمل والأداة والأرض لأحدهما فأعطاه الآخر نصف كرائها عينا قال سحنون: أو عرضا، قالا: فذلك جائز.
فإن قيل: هذه شركة وبيع قيل: إنما ينهى عن ذلك إذا كان البيع خارجا من الشركة. قال سحنون: وذلك إذا كانت هذه الأرض لمثلها كراء، وإن لم يكن لمثلها كراء جاز أن تلقى بينهما.
وكذلك لو تعادلا في الأرض والعمل وباع أحدهما من الآخر نصف البذر بثمن لجاز ذلك.
قال ابن حبيب: إذا صح واشتراه بما يشريه من غيره. قالا: ولو كانت الأرض في هذا من عند أحدهما لم يجز إلا أن يكون البذر من عند صاحب الأرض وأما إن كان من عند الآخر فأخذ فيه الثمن فقد وقع لكراء الأرض حصة من البذر في صفقة.
قال سحنون: والتهمة فيه أن يتجاوز عنه في ثمنه فيدخله كراء الأرض ببعض ما يخرج منها، ولو أكريا الأرض جاز أن يتساويا فيما بعد ذلك ولو اكتريا الأرض من رجل / وأخرج هذا البذر وهذا العمل وذلك متساو فهو جائز. قالا:
[7/ 357]

(7/357)


وكذلك إن اعتدلا في الأرض والعمل واشتريا البذر من رجل فجائز. قال ابن حبيب: ويجوز أن يكون ثور أحدهما أفره [من الآخر].
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم عن مالك فيمن دفع أرضه إلى رجل يزرعها على أن الزرع بينهما قال: الزرع لرارعه ويغرم لرب الأرض كراءها.
قال ابن القاسم: وإذا دفع إليه هذا البذر ليرزعه في أرضه على أن يكون الزرع بينهما فالزرع لرب الأرض ويغرم للآخر مكيلة حبه. وقال سحنون: الزرع لرب الحب وعليه للزارع كراء أرضه وعمله.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن دفع أرضه وبقره إلى من يزرعها بيده وعمله على أن الزرع بينهما قال: فالزرع لرب البذر وعليه للآخر كراء أرضه وبقره، وكذلك إن لم تخرج الأرض شيئا لغرم ذلك إلا أن يكون ذلك قبل انقطاع مائها فلا كراء له في الأرض وله كراء البقر.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وإذا اعتدلا في الأرض وأخرج هذا الزريعة والدابة ومن الآخر المحراث والسكة. وعمل يده، فإن لم يقوما ذلك حتى يكون متكافئا وإنما أعطى هذا الزريعة والدابة للآخر على النصف فالشركة فاسدة والزرع لصاحب الزريعة وعليه أجر الممسك وأداته. قال سحنون وقال بعض أصحابنا وأنا أقوله: وإذا أخرج هذا البذر والآخر كراء الأرض وذلك متكافئ وتكافأ في العمل لم / يصلح؛ لأنه يدخله أن أحدهما تكارى نصف الأرض بنصف البذر وهو كراء الأرض بالطعام، وإذا كانت الأرض بينهما أو أكترياها ومن عند أحدهما البذر ومن الآخر العمل وهو متساو جاز. ولم يجزه ابن دينار وخالف فيه مالكا وجعله مثل ذهب وعرض بذهب قال سحنون: هذا جائز بخلاف المراطلة.
[7/ 258]

(7/358)


في شركة المتزارعين على إخراج مختلف أو على
أجزاء من الزرع أو على أن جزءا للمساكين
من كتاب ابن سحنون عن أبيه وكتاب ابن حبيب: وإذا اشترك رجلان؛ فأخرج أحدهما الأرض وثلثي الزريعة ومن الآخر ثلث الزريعة والعمل على أن يكون الزرع بينهما نصفين، قال ابن حبيب: أو على الثلث والثلثين، قالا: فذلك جائز.
قال سحنون: إذا كافأ عمله كراء الأرض وما فضله به من الزريعة قال ابن حبيب: لأن زيادة الزريعة بإجارة عمل العامل. قالا: فإن جعل العامل ثلثي الزريعة وصاحب الأرض ثلثها على أن الزرع بينهما نصفين لم يجز.
[قال ابن حبيب: إلا على الثلث والثلثين: قالا: لأن زيادة الزريعة ها هنا كراء الأرض، فإذا وقع على ما لا يجوز فالزرع بينهما على الثلث والثلثين ويترادان الفضل في الأكرية. قالا: وإن أخرج أحدهما ثلثي الأرض وثلث البذر ومن الآخر ثلث الأرض وثلثا البذر والعمل والزرع بينهما نصفين لم يجز]. قال سحنون: وكأنه أكرى سدس أرضه بسدس بذر صاحبه /، فإن نزل فالزرع بينهما بقدر ما لكل واحد من البذر ويتراجعان في فضل كراء الأرض والعمل. قالا: فإن عرف كل واحد زريعته على حدة كان له ما أنبتت. قال سحنون: ويتراجعان في الأكرية.
قال ابن حبيب: وإن بذر من بذر صاحبه شيئا رده ورد كراء ما حرث من الأرض إن حرث من أرض صاحبه شيئا، وإن اختلط الزرع فهو بينهما على الثلث والثلثين ويرجع من له فضل كراء وعمل على صاحبه.
[7/ 359]

(7/359)


قال سحنون: وإن أخرج أحدهما ثلثي [البذر والآخر العمل واعتدلا] فيما بعد ذلك؛ على أن الزرع بينهما [نصفين لم يجز يكون الزرع بينهما] على قدر ما أخرجا من الزريعة ويرجع صاحب الثلثين على الآخر بسدس كراء أرضه وسدس عمله.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا كان البدر من أحدهما والعمل ومن الآخر الأرض على الثلث لرب الأرض والثلث للمساكين والثلث لصاحب العمل فهو فاسد والزرع لصاحب البذر وعليه كراء الأرض، فإن تطوع للمساكين بشيء وإلا لم يجبر.
وإذا كان البذر من عند صاحب الأرض ومن الآخر العمل على أن لصاحب العمل الثلث ولم يسم الآخر شيئا قال: فإن له الثلثين إذا كان قيمة ما أخرج الثلثان، وإن كان قيمة ما أخرج الثلث، فالزرع كله لصاحب الزريعة وعليه أجر عمل العامل وكذلك لو سميا لرب الأرض ولم يسميا للعامل شيئا ولو تخارجا ـ كما ذكرنا ـ شركة على أن ما أخرج فلصاحب الأرض والبذر / وحده فذلك له إذا حلف، أخرجت الأرض شيئا أو لم تخرج، وإذا أخرج هذا أرضه وبذره والآخر عمله وبقره على أن التبن خاصة بينهما والحب لرب الأرض أو للعامل فذلك فاسد ويكون ما أنبتت لرب البذر وللآخر أجر. عمله. ولو كان البذر من عند العامل ... فهو أحرم والزرع له وعليه كراء الأرض. وكذلك لو كان السؤال على أنه إن عجل وزرع في شهر كذا فذلك بينهما، وإن زرع في شهر بعده فالثلث للعامل وللآخر الثلثان لم يجز والزرع لرب البذر وعليه للآخر ما يجب من كراء أو إجارة سواء زرع في الشهر الأول أو الثاني أو زرع بعضا في كل شهر.
[7/ 360]

(7/360)


قال سحنون: وما جرى في المزارعة الجائزة من ذكر العمل على أحدهما فإنما يراد به عمل الحرث دون الحصاد ولا يجوز شرط الحصاد في العمل المشترط بحال.

في مزارعة الثلاثة أو الأربعة وما
يجوز من شركتهم في ذلك وما لا يجوز
من كتاب ابن سحنون: وإذا اشترط ثلاثة؛ أخرج أحدهم الأرض ونصف البذر والآخر نصف البذر فقط والثالث البقر والعمل على أن الزرع بينهم أثلاثا لم يجز، فإن نزل فالزرع في مذهب ابن القاسم بين العامل ورب الأرض ويغرمان لمخرج نصف البذر مكيلة بذره. ومذهب سحنون / أن الزرع لصاحبي الزريعة وعليها كراء الأرض والعمل. قال ابن حبيب: قد أخطئوا ويصير الزرع بينهم أثلاثا. والذي ذكر ابن المواز على أصل ابن القاسم أن الزرع لمن ولي العمل إذا أسلمت الأرض إليه ويؤدي مثل البذر لمخرجه وكذا الأرض.
ومن كتاب ابن حبيب: وإن اشترك أربعة؛ فأخرج أحدهم الأرض والآخر البذر والآخر البقر والرابع العمل فلا يجوز، فإن نزل فالزرع لمخرج البذر وعليه الكراء لأصحابه، ولو أن ثلاثة أخرجوا الزريعة أثلاثا ومن أحدهم الأرض ومن الآخر البقر والثالث العمل على أن الزرع بينهم أثلاثا فذلك جائز، فإن تفاضلوا رجع من له فضل على صاحبه إلا أن يكون تافها فيجوز أن يتعهدوه، ولو عقدوا على التساوي جاز ما يتفضل به أحدهم بعد ذلك، وإن كثر، وإن كان البذر من عند اثنين ومن عند الثالث الأرض والعمل لم يجز والزرع لصاحبي البذر ويؤديان كراء الأرض والعمل، فإن كان الأرض والبذر في هذا من عند رجلين بالسواء ومن عند الثالث العمل كان جائزا إلا أنه لا يقع في هذا الأرض كراء بالبذر. ولو كان البقر والبذر من عند اثنين ومن عند الثالث الأرض لم يجز ويكون الزرع لصاحبي البذر ويغرمان كراء الأرض، وإن كان لأحدهم الأرض ونصف البذر ومن الآخر.
[7/ 361]

(7/361)


نصف البذر فقط ومن الثالث العمل على أن الزرع بينهم أثلاثا فقد أخطئوا والزرع بينهم أثلاثا ويتراجعون / فيما بينهم. وهي في أول الباب وما قال فيها سحنون وابن قاسم.
في الأرض بين الرجلين يدفعها أحدهما
إلى الآخر مزارعة
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه وعن أرض بين رجلين دفعها أحدهما إلى الآخر يزرعها ببذره وبقره وعمله فما خرج فبينهما نصفين فلا يجوز وكأنه أعطاه نصيبه من الأرض معاملة بجزء مما تنبت. وقال ابن عبدوس: ذلك جائز؛ لأنه معين له بالعمل متطوع بالبذر.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا كان على أن يزرعها المدفوعة إليه ببذر الدافع ومن عند الآخر العمل فما خرج فثلثه للعامل والثلثان للدافع، فإن كان قيمة البذر الثلثين وقيمة العمل الثلث فذلك جائز. قال ابن عبدوس: هذا خطأ، لأنه كراء الأرض بالطعام لأن العامل له ثلث الزرع بثلث الأرض وأكرى سدس الأرض وثلثي العمل بثلثي البذر الذي من عند شريكه. قال ابن سحنون عند أبيه: ولو أخرجا البذر من عندهما نصفين على أن يزرعها أحدهما ببقره وعمله على أن للعامل الثلثين أو النصف وللآخر ما بقى فهذا فاسد؛ لأن الذي ولي العمل [وله الثلثان] أكرى بقره وعمله بثلث ما أخرجت أرض شريكه، وإن كان ما خرج بينهما نصفين فسد ذلك؛ إذ لم يعتدلا. وقال ابن عبدوس: إن اشترط العامل الثلثين فذلك جائز وكان الذي لم يعمل أعطى سدس البذر وسدس الأرض بثلث عمل العامل / فهو جائز إذا اعتدلا. قال: ولو كان ما قال يدخل لكان إن أخرج أحدهما أرضا وبذرا والآخر العمل لم يجز على قوله؛ لأنه ـ على ما قال ـ مكري بقره وعمله بنصف ما تخرج الأرض وهذا قد أجازه.
[7/ 362]

(7/362)


فيمن أعطى رجلا أرضه وبذره
ليزرعها على أن الزرع له أو لرب الأرض
أو بينهما، أو كان البذر للرجل
ويزرعه هو، أو رب الأرض على أن الزرع له أو لرب الأرض،
وكيف بالدعوى في ذلك أيضا؟
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وإذا قال رب الأرض لرجل: ازرع أرضيي ببذري فما خرج فهو لك. فذلك جائز وله ما خرج ولا كراء عليه، وإن قال: إنما أردت أن تعطي كراء أرضي ومثل بذري فذلك له إذا حلف وأخرجت شيئا، وإن لم تخرج شيئا فله مثل بذره ولا كراء له إن هلك الزرع بسبب العطش وإلا فالكراء له. وإن قال له: ازرع في أرض كذا من طعامك فما أخرج فهو لي. فرضي فذلك جائز ولا شيء للعامل إلا أن يقول: لم أعمل إلا بإجارة وأقرضتك الطعام. فله ذلك إن حلف، أخرجت الأرض شيئا أو لم تخرج.
ولو قال: فما أنبتت فبيننا لم يجز والزرع لصاحب الزريعة عليه لصاحب البذر وعليه كراء الأرض. ومن أخرج بذرا فقال لرجل: ازرعه في أرضك ولك ما أخرج فهو جائز وما أخرج فلرب الأرض، وإن قال مخرج البذر: أردت السلف. / فليحلف ويأخذه به، أنبتت الأرض شيئا أو لم تنبت. ولو قال له: ازرعه لي في أرضك فما خرج فهو لك. فهذا فاسد وما أخرج فلرب البذر وعليه كراء الأرض. قال ابن عبدوس: هذا جائز وهو معروف صنعه به. ومالك: إنما يراعى ما يصح في العاقبة وإن أخطأ في اللفظ.
قال ابن سحنون عن أبيه: ولو قال: ابذره في أرضك لنفسك فما خرج فهو إلي فهو فاسد والزرع لرب الأرض كأنه وهبه البذر ثم استثنى الواهب ما أخرج ولو قال رب البذر: لم أرد أن أهبه له. حلف ورجع عليه بمثله كما لو وهبه
[7/ 363]

(7/363)


رمكته على أن ما نتجت للواهب يقبضها على (ذلك) فما نتجت للموهوب له واستثناء الواهب باطل. وإن أعطيته أرضك وبذرك وبقرك على أن يزرع والزرع بينكما نصفان لم يجز وهو أجير والزرع لرب البذر. ولو قال: قد جعلت النصف من أرضي وبذري وبقري كراء بنصف عمله. لم يجز، وإن تولى هذا كان الزرع بينهما نصفين ويتراجعان الفضل في الأكرية؛ لأن هذا قبض نصف البذر في إجارته، ولو قال له: خذ بذري فازرعه في أرضك على النصف. فعلى قول سحنون الزرع لرب البذر ولهذا أجر عمله وكراء أرضه. وفي قول ابن القاسم الزرع للعامل وعليه مكيلة البذر لربه. ولو قال له: خذ أرضي فازرعها ببذرك وببقرك والزرع بيننا فالزرع لرب البذر. يريد في قوليهما وعليه كراء الأرض لربها.
وهذا قد تقدم في باب آخر.

في شركة المتزارعين على سلف الزريعة
من أحدهما أو ثمنها للآخر بشرط
أو بغير شرط أو لغيبة أحدهما
أو أعطى لشريكه دراهم ليشتري بها ما يقع عليه
من الزريعة وكيف بالتداعي في ذلك
من الواضحة قال ابن حبيب: وإذا اشتركا فأخرج هذا الأرض ـ يريد: والعمل على الآخر ـ وقال للآخر: أخرج أنت جميع البذر على أن علي نصفه شيء
لم يجز لشرطه السلف، فإن وقع فالزرع بينهما نصفان؛ لأنهما ضمنا الزريعة وتكافأ في العمل وكراء الأرض ويرجع مخرج الزريعة بنصفها معجلا على الآخر.
وقال ابن سحنون عن أبيه: الزرع لمسلف الزريعة وعليه كراء الأرض. قبض رب الأرض حصته من الزريعة أو لم يقبض إذا وقعت الشركة على شرط السلف إلا أن يكون أسلفه على غير شرط بعد صحة العقد. ولو كانت الأرض والزريعة من عند
[7/ 364]

(7/364)


واحد على أن يسلفه العامل ثمنها مائة درهم فقبض الدراهم واشترى بها بذرا فزرعه العامل فالشركة فاسدة والزرع للذي تسلف الدراهم ويعطي العامل مثل الدراهم وإجارة عمله.
قال ابن حبيب في أول المسألة: ولو اختلفا في البذر؛ فقال للعامل: بذرت مديا. وقال رب الأرض: ما بذرت إلا نصف مدي. فالعامل فيا بذر مصدق مع يمينه إلا أن يأتي بما لا يشبه فيصدق الآخر فيما يشبه، فإن لم يأت بما يشبه / نظر قدر محل الأرض من البذر فيؤدي نصفه، ولو وقعت الشركة على غير شرط السلف ثم عجز أحدهما فأسلفه الآخر فذلك جائز إن لم تكن عادة جريا عليها. وكذلك قال سحنون.
ومن العتيبة روى عيسى عن ابن القاسم في المتزارعين يخرج هذا الزوج والآخر العمل برجاء رب الزوج بجميع الزريعة على أن نصفها سلفا على صاحبه أو ثلثها فذلك فاسد والزرع نصفين إن أسلفه نصف الزريعة ويغرم له ما أسلفه ويتراجعان فضل الكراء في الأرض والعمل.
وكذلك إن اشتركا على الثلث والثلثين وكان السلف كذلك فالزرع بينهما ويتراجعان في فضل الأكرية، ومصيبة الزرع إن هلك بينهما كذلك حسب ما اشتركا على النصف والنصف، أو الثلثين والثلث ويرجع مخرج البذر على صاحبه بما أسلفه، ويتراجعان في فضل الأكرية بثمن ذلك عينا لا في الزرع وإذا عقدا الشركة على غير سلف ثم تبرع المسئول السلف بالسلف فذلك جائز إن تساويا في الأكرية، وإن تفاضلا فيها رجع من له فضل بفضله ثمنا. ورواها أصبغ أيضا.
وروى عنه أبو زيد في الشريكين في الزرع فحرثا الأرض ثم غاب أحدهما عند الزراعة وخاف شريكه الفوات فأخرج جميع الزريعة من عنده فزرعها فقال ابن
[7/ 365]

(7/365)


القاسم: لا يكون لصاحبه شرك في الزرع وإنما له كراء مثل الأرض محروثة والزرع لزراعه /. قيل له: فإن أحضر رجلا فقسم الأرض بمحضرهم وحرث في نصيبه.
قال: لا ينفعه وعليه نصف كراء ما زرع إلا أن يقسم ذلك بأمر السلطان.
وكذلك في كتاب ابن المواز من أول المسألة وزاد: لو زرعها الحاضر من غيرقسم ليكون بينهما فقدم الغائب فرضي فذلك جائز؛ لأن لهما زرعهما الحاضر، ولو زرعها لنفسه لم يجز أن يعطيه نصيبه من الزرع ليكون الزرع بينها ولا يجوز أن يشتريه إلا بعد بدو صلاحه بغير الطعام. ومن العتبية قال سحنون: قال ابن القاسم في الشريكين يغيب أحدهما عند البذور وقد حرثا الأرض الأرض فزرعها الحاضر من عنده، فإن جاء صاحبه وحل إبان الزرع فله أن يبذر نصيبه من الأرض ولا يجوز له أن يأخذ فيها طعاما ولا ذهبا ولا أرضا يحرثها ولا مثوبة وله على الذي بذرها كراءها ما كان عمل هذا فيها. قال أبو محمد: ولم يبين في العتبية في سؤاله هل زرعها الحاضر لنفسه أو بينهما؟
ومن كتاب ابن المواز قال: ولو اكتراها ليزرعها بينهما فغاب أحدهما فزرع أحدهما فزرع أحدهما نصفها وطاب الزرع فهو له خاصة وعليها كراء ما تعطل منها.
قال أصبغ: وعلى الزارع نصف قيمة كراء المرزوع منها إن كان ذلك أكثر ـ يريد من الثمن ـ وما تعطل فهو عليه وكراؤها كلها عليهما. قال ابن المواز: وهذا قول ابن القاسم.
ومن العتبية روى حسين بن عاصم عن ابن القاسم فيمن له أرض قد رويت فقال لرجل: ازرعها من عندك وعلى نصف الزريعة /. ففعل فذلك فاسد والزرع بينهما نصفين ويتكأفان في الكراء والعمل، والعامل مصدق فيما بذر إذا اختلفا إلا أن يأتي بما لا يشبه. ومن كتاب ابن سحنون: ولو اشتركا على أن يخرج أحدهما البقر والزريعة ويخرج الآخر العمل على أن يرد على صاحبه نصف
[7/ 366]

(7/366)


الزريعة لم يجز وهي شركة وسلف الزرع بينهما. وقال ابن القاسم: ويرد نصف الزريعة على صاحبه ويتراجعان في إجارة ما بقي ثمنا لا في الزرع ولو وقعت الشركة على غير شرط سلف ثم أسلفه فهو جائز وإن تكافأ في غير ذلك. وفي قول ابن سحنون: إذا شرطا السلف فالزرع لصاحب الزريعة وعليه أجر ما أعانه به الآخر. ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم في رجلين بينهما أرض فاشتركا وأعطى أحدهما للآخر دنانير وقال: اشتر بها ما وقع على من البذر. فيزرع ثم يدعي أنه لم يشتر شيئا وأنه زرع من عنده قال: الزرع بينهما ولا يصدق. قال: وإن صدقه الآمر أنه لم يشتر فهو مخير إن شاء أعطاه المكيلة وكان شريكه، وإن شاء أخذ دنانيره ولا شيء له في الزرع. قال يحيى بن عمر: إن صدقه أنه لم يشتر أو قامت بذلك بينة زرع من عنده فالزرع لباذره ولا يجوز للآخر الرضاء بأخذ نصفه ويؤدي الزريعة وهذا حرام وليأخذ دنانيره وما يجب له من كراء الأرض وبقر وعبيد. وهذه المسألة في كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم، كما في العتبية وقال: وقد قال غيره: إن صدقه وقد تم الزرع فهو لمن زرعه وللآخر كراء أرضه.
في المتزارعين على أن يبدأ مخرج البذر بمكيله
أو بشيء سماه أو بخراج أرض والباقي بينهما أو على أن لهذا
ما تبنت ناحية من الأرض وما بقي للآخر
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا تزارعا فأخرج البدر مخرج الأرض أو مخرج البقر على أن ما أخرج يأخذ منه مخرج البذر بذره وما بقي بينهما فلا يجوز، وكذلك إن خرج مخرج البذر جزءا سماه من الزرع وما بقي بينهما وقد اعتدلا فيما أخرجا لم يجز. ولو أخرج هذا الأرض والبذر والآخر العمل وعلى أن يبدأ فيما
[7/ 367]

(7/367)


أصابا بخراج الأرض لم يجز، ولو قالا: على أن يبدأ بالعشر للسلطان والباقي بينهما فذلك جائز.
وقال سحنون: وإن أخرج هذا الأرض والبذر والآخر البقر والعمل على أن للعامل ما أخرجت ناحية من الأرض محدودة وللآخر ما بقي لم يجز وكذلك على أن ما نبت على السواقي للعامل فقط، فإن نزل فالزرع ـ في قول سحنون ـ لرب البذر وعليه كراء عمل الآخر وبقره. وكذلك على أن التبن فقط للعامل على هذا، ولو كان على أن البذر من عند العامل كان أحرم له والزرع له وعليه كراء الأرض وكذلك إن كان البذر لرب الأرض على أن لأحدهما أقفزة معلومة والباقي بينهما، وإذا وجب الزرع لرب الأرض إذا كان هو مخرج البذر فعليه كراء البقر والعمل للآخر لا تبالي استعان في العمل بأحد أو تاجر فيه أو عمله عبيده فذلك له.

في المتزارعين بطعام مختلف
أو بأرضين متباعدين
من كتاب / ابن سحنون عن أبيه: ولا يجوز في المزارعة أن يخرج هذا قمحا وهذا شعيرا أو سلتا أو صنفين من القطنية ويخرج كل واحد صنفا ويعتدلان فيما بعد ذلك، فإن نزل ذلك فلكل واحد ما أنبت بذره ويتراجعان في الأكرية وقد قال بعد ذلك: تجوز الشركة بأن يخرج هذا قمحا وهذا شعيرا في المزارعة وفي شركة التجارة إذا اعتدلت القيمة وبالدنانير والدراهم وإنما لا تجوز شركة وصرف إذا كان الصرف خارجا من الشركة وأما فيها فجائز.
قال سحنون وابن حبيب وإذا خرج هذه الأرض ومديا من قمح ونصف مدي ومن شعير ومن عند الآخر مدي والعمل، على أن جميع الزرع بينهما فجائز.
قال سحنون: إذا صار العمل مكافئا لكراء الأرض ولما أخرج ربها من الشعير. قال ابن حبيب: لأن الشعير ثمن لبعض العمل. قال ابن حبيب: وذكر ابن سحنون مثله. ولو أخرج صاحب العمل من القمح أكثر مما أخرج رب
[7/ 368]

(7/368)


الأرض منه لم يجز ويدخله قمح بشعير غير يد بيد وكراء الأرض ببعض ما يخرج منها، فإن وقع وأخرج الشعير فربه وما أخرج القمح بينهما بقدر البذر ويتراجعان في تفاضل الأكرية. ولو كان رب العمل مخرج الشعير واعتدلا في القمح لم يجز، فإن عرف كل واحد ما أنبتت زريعته فهو له ويتراجعان فضل الأكرية. ومن كتاب ابن حبيب أيضا قال ابن حبيب: ولا بأس أن يشتركا بصنفين من الطعام إن اشتركا في كل صنف وتساويا في غير ذلك وأما أن يخرج هذا مدي شعير وهذا مدي قمح فلا يجوز، وإن اعتدلا فيما سواه، فإن نزل فلكل واحد ما أنبت حبه ومن له فضل في غير ذلك أتبع به صاحبه.
قال ابن سحنون: وإذا اشتركا على حرث / أرضين متباعدتين؛ واحدة بالريف وأخرى بالشام واعتدلا فيما سوى ذلك على أن يزرعا التي بالريف ثم يذهبا إلى التي بالشام فيزرعاها فذلك جائز في قياس قول سحنون، ولو كان على أن يخرج هذا البذر الذي يبذر بالفيوم يخرج الآخر البذر الذي يبذر بالشام لم يجز؛ لأن الشركة بالتساوي والخلط.
في المتزارعين على الصحة لا يخلطان
الزريعة أو يخرج أحدهما زريعة دنية
فيجاوزها الآخر وكيف إن لم تنبت زريعة أحدهما؟
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه: إذا صحت الشركة في المزارعة وأخرجا البذر جميعا إلا أنهما لم يخلطاه فزرعا بذر هذا في فدان أو في بعضه وزريعة الآخر في الناحية الأخرى، ولم يعملا على ذلك فإن الشركة لا تنعقد ولكل واحد ما أنبت حبة ويتراجعان فضل الأكرية ويتقاصان. قال: وإنما تتم الشركة إذا خلطا ما أخرجا من الزريعة أو جمعاها في بيت أو حملاها جميعا إلى الفدان ويدر كل واحد في طرفه فزرعا واحدة ثم زرعا الأخرى فهو كما جمعاهما في بيت وتصح الشركة، وإذا صحت الشركة في هذا فنبت بذر أحدهما ولم ينبت الآخر، فإن غر منه صاحبه وقد علم أنه لا ينبت فعليه مثل نصف بذر صاحبه لصاحبه والزرع
[7/ 369]

(7/369)


بينهما ولا عوض له في بذره، فإن لم يعلم أنه لا ينبت ولم يغره فإن على الذي نبت بذره أم يغرم الآخر مثل نصف زريعة على أنها لا تنبت ويأخذ منه مثل نصف بذره الذي نبت والزرع بينهما على الشركة غره أو لم يغره ولو علم ذلك / في إبان الزراعة وقد غر هذا صاحبه فأخرج زريعة يعلم أنها لا تنبت فلم تنبت فضمانها منه وعليه أن يخرج مكيلها من زريعة تنبت فيزرعها في ذلك القليب وهما على شركتهما ولا غرم على الآخر للغار، وإن كان لم يغر ولا علم فليخرجا جميعا قفيزا آخر فيزرعاه في القليب إن أحبا وهما على شركتهما.
وقد قال: إذا نبت قفيز أحدهما ولم ينبت قفيز الآخر وهو غار أو غير غار أنه لم ينعقد بينهما شركة ولكل واحد ما أخلف بذره.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في المتزارعين على الصحة؛ يشتري أحدهما قمحا طيبا نقيا رضيه صاحبه ثم اشترى صاحبه قمحا رديا فتجاوزه صاحبه فزرع صاحب الجيد بقمحه ثلاثة فدادين، وزرع صاحب الردئ بقمحه فدادين ثم تشاحا قال: يؤدي كل واحد إلى صاحبه ثمن نصف زريعته فيستويان. قال يحيى بن عمر: إذا تشاركا في المزارعة على أمر جائز؛ فأخرج هذا من طعامه كيلا بقدر ما عليه فزرعا في موضع من الأرض ثم أخرج الآخر قمحه فزرعاه ثم لم ينسب طعام أحدهما وتقاززا بذلك قال: فما نبت فبينهما وما لم ينبت فمنهما، وإن لم يخلطا الحب إذا تزارعا على الصحة واعتدلا فيما أخرجا ولم يدلس أحدهما بزريعة لا ينبت مثلها؛ من طمر أصابه في رطوبته أو حرق في أسفل الطمر أو سوس أو نحوه. قال: ولم يحضرني في المزارعة شيء وقد سمعت في البيع فيمن باعه وقد دلس به وهو يعلم أن مشتريه يريد بذره بمائة يرد الثمن، وإن لم يعلم أنه يريد بذره / أو يعلم بعيبه فليرد ما بين الصحة والعيب.
وقال سحنون في البيع يرد عليه مثل الطعام ويأخذ منه الثمن إذا لم يدلس، وإن دلس فليرد الثمن. وقال سحنون في المتزارعين إذا عرف موضع زرع بذر كل
[7/ 370]

(7/370)


واحد منهما؛ فمن نبت بذره فهو له خاصة وعليه كراء حصة الآخر من بذر وعمل. قلت لسحنون: فإن زرع كل واحد بذره في ناحية معلومة أتم الشركة ولم يكن ذلك بشرط. قال: لا يجوز ذلك ولكل واحد منهما ما أنبت بذره ويتراجعان في الأكرية والعمل وإنما تجوز الشركة إذا خلطا الزريعة كالشريكة بالمال. وقاله أصبغ.

فيمن اشترى زريعة فلم تنبت
وهذا الباب قد جرى منه كتاب العيوب وجرى منه في هذا الباب الذي هذا يليه
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون فيمن اشترى شعيرا ليزرعه وشرط له البائع أنه ينبت، فإن قامت بينة أنه زرعه بعينه في أرض تربة تنبت فلم تنبت، فإن ثبت أنه غره منه عالما بأنه لا ينبت رجع عليه بجميع الثمن، وإن لم يغره وإنما شرط ذلك لأنها كانت عنده في نقائها وجودتها أنها تنبت حلف على ذلك وليرد المشتري مثلها ويأخذ ثمنه كله. وعمن اشترى زريعة البصل والكرات أو البطيخ فزرعها فلم تنبت أو كان قمحا أو شعيرا أو زرع منه غيره فنبت بعضه وبطل بعضه ولا يعرف ذلك ولا يميز أهل المعرفة ما نبت من ذلك وما لا ينبت إذا وزع فإنه إن كانت أرض سوء لا تنبت / وربما يأكل الزريعة الدود والطير، قال: إن غره وهو يعلم أنها لا تنبت فقامت بينة أنه زرعها في أرض تربة فلم تنبت رجع بجميع الثمن وقد استوعبنا القول في هذا في كتاب العيوب.
في المتزارعين يريد أحدهما أو كلاهما
المشاركة أو يعجز أو يغيب أو يتقابلان
قبل أن يزرعا أو بعد أن يذهب السيل ببذرهما
وهل يشتركان بعد الزراعة؟
من كتاب ابن سحنون عن أبيه قال: وإذا تزارعا مزارعة صحيحة ثم طلب أحدهما الترك وأبى الآخر فليجبر الآبي على التمادي وكذلك لو قال متولي العمل: لا أزرع في هذه الأرض ولكن في هذه الأخرى. فليس ذلك له.
[7/ 371]

(7/371)


ومن العتبية قال أصبغ: قال ابن القاسم في رجلين اشتركا في عمل الزرع فيريد أحدهما الخروج ويبرأ إليه، فإن لم يبذرا فذلك له، وإن بذرا فليس ذلك له ويلزمه أن يعمل معه، فإن عجز قيل لشريكه: اعمل فاذا طاب الزرع بع واستوف حقك، فإن قصر عنه ابتعته به لأنه كان يلزمه أن يعمل.
وذكر ابن القاسم في كتاب ابن المواز مثله من أول المسألة.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا زرعا فليس لهما أن يتفاضلا ولا أن يولي أحدهما الآخر حصته أو لأجنبي وهو بيع زرع قبل بدو صلاحه. قال أبو محمد: ولا تجوز الشركة في أرض قد زرع بعضها إلا أن يشتركا فيما لم يزرع منها.
ومن كتاب ابن حبيب وعن المتزارعين يذهب السيل بزرعهما في إبان الزراعة فأراد أحدهما أن يعودا ببذر آخر وأبى ذلك ابن القاسم: لا يجبر؛ لأن عملهم / قد تم فلا يجبر على العودة وأما لو ذهب ثور أحدهما أو عبده أو دابته جبر أن يعمل مع صاحبه وكذلك لو ذهب بذره قبل أن يزرعه أو ذهب بذرهما فها هنا يجبر من أبى أن يعمل مع صاحبه ولو دفع إلى رجل أرضه ونصف البذر على أن يخرج نصف الزريعة ويعمل ببقره فقلب الأرض فلما كان حين الزرع عجز عنها فقال لرجل آخر خذ أرضي ونصف بذري وأخرج نصف البذر وبقرك وازرعها [ببيننا]. ففعل، قال: ما يزرع بين الأول والآخر ولا شيء للأوسط علم بمعاملة الأول للأوسط أو لم يعلم. ومن كتاب ابن سحنون قال: إذا اشتركا على شرط التساوي فتأتت الأرض للحرث وغاب أحدهما وزرعها الآخر من زريعته ولم يحضر الآخر زريعة قال: الزرع لمن له البذر، ولرب الأرض كراء أرضه، ولو جاء الآخر بزريعته بعد أن زرعها الأول فلا يصلح أن يأخذها ويكون الزرع بينهما ولا تتم الشركة حتى يخلطا الزريعة ويجمعاها في بيت ولو رضي الزارع بأخذ الزريعة من الآخر؛ ليكون الزرع بينهما لم يجز وهو بيع زرع لم يبد صلاحه. ولو قال
[7/ 372]

(7/372)


لشريكه: أسلفني الزريعة وازرعها وأنا أقضيكها عاجلا: فلا يجوز إلا أن يقبضها منه ثم يدفعه لتزرع.

في المتزارعين وعلى أحدهما الحرث فاختلفا
كم يحرث في الأرض؟ أو شرط عليه عددا فقصر عنه
وما يجوز من شرط العمل في الحرث والحصاد
وعلى من حراسة الزرع منهما إذا تشاحا
من كتاب ابن سحنون قال: وإن تزارعا على أن الأرض والبذر من عند أحدهما ومن الآخر البقر والحرث فطلب أن يحرثها حرثة وقال الآخر: بل حرثتين فليحملا على سنة البلد، فإن لم يكن لهم سنة وكانوا يفعلون هذا وهذا إلا أن الزرع في حرثتين أغزر ففي قياس قول سحنون، أن ليس عليه إلا حرثة واحدة إلا أن يشترط عليه حرثتين فيجوز ويلزمه ولو عقد على أنه إن حرث حرثة فله الربع، وإن حرث حرثتين، فله النصف لم يجز ويكون الزرع لرب البذر وعليه للآخر أجر عمله وبقره. قال سحنون في كتاب ابنه وعيسى في العتبية ولو شرطا أن البذر بينهما نصفان ومن عند أحدهما الأرض ومن الآخر العمل على أن الحرث ثلاث حرثات قال عيسى: وذلك متكافئ مالا فلم يحرثا إلا حرثتين فلنيظر إلى قيمة ما حرث وقيمة ما ترك، فإن كان الذي ترك الثلث رجع عليه رب الأرض بثلث كراء نصف أرضه.
قال سحنون في كتاب ابنه: وإن أخرج أحدهما الأرض والبذر ومن عند الآخر البقر والعمل واعتدلا على أن ما خرج فبينهما فاختلفا في حفظ الزرع بعد أن أفضل فذلك عليهما وكذلك إن أرادا أن يفصلاه ويبيعاه فحصاد الفصيل وبيعه عليهما بحساب ما لكل واحد من الزرع، وكذلك إن تأخر حصاده بمنع السلطان وكذلك حفظه في الأندر وفي الفدادين، فأما لو كان البذر من عند العامل،
[7/ 373]

(7/373)


فسدت الشركة وصار جميع الحفظ على من له الزريعة / وكذلك في فصل الفصيل ولأن الزرع له وللآخر كراء أرضه. وقال سحنون في باب آخر: وإنما يجوز في الشركة الصحيحة اشتراط العمل على أحدهما إنما ذلك في عمل الحرث فقط لا في الحصاد والدراس؛ لأنه لا يدري هل يتم ولا كيف يكون؟.

في عقد المزارعة حين القليب وقبل أوان
الزرع على أن يقلب الأرض أحدهما الآن
ثم يتساويا في إمكان الزرع في البذر وغيره
وفي المزارعة في أرض غير مأمونة
من العتبية روى حسين ابن عاصم عن ابن القاسم فيمن أعطى لرجل أرضه حين القلب ليقلبها بينها فإذا كان أوان الزرع كان البذر عليهما والزرع بينهما والعمل على الداخل والحصاد والدراس ونقل نصيب رب الأرض إليه وبين القليب وبين الزراعة شهر قال: لا يجوز هذا إذا كانت غير مأمونة، فإن قلبها ولم يزرع فله نصف قيمة الحرث عن حصة رب الأرض ويستأني بنصيب الحرا، فإن رويت أرضه لزمه كراء ذلك عن نفسه بعد أوان عطشه فلا كراء عليه وله نصف قيمة الحرث على رب الأرض عطشت أو لم تعطش، وإن لم يعثر على ذلك حتى زرع فالزرع بينهما وباقي العمل بينهما وعلى العامل كراء الأرض بالنقد وله قيمة نصف الحرث والقليب والزراعة، وإن كان هذا التعاقد بعدما رويت الأرض فذلك كله جائز إن كانت قيمة الحرث والزراعة والحصاد والدراس متساوية لكراء الأرض، وإن لم تكن متساوية فالزرع بينهما ويرجع من له فضل على الآخر بالفضل.
[7/ 374]

(7/374)


وقال سحنون في كتاب ابنه: لا يجوز في شرط العمل بين المتزارعين شرط الحصاد والدراس؛ إذ لا يدري هل يتم؟ ولا كيف يكون؟
ومن العتبية قال حسين بن عاصم عن ابن القاسم: وإن كانت أرض مأمونة جاز ذلك بينهما وترادا الفضل. قال سحنون في كتاب ابنه وذكر المسألة ولم يذكر الداخل إلا العمل ولم يذكر الحصاد والدراس وغيره فقال: إن كانت أرض مأمونة فجائز. وقال حسين بن عاصم عن ابن القاسم: وإن أكراها حين القليب بدراهم نقدا وهي غير مأمونة وبين القليب وبين الزرع شهر لم يجز فإن فات بالحرث فلربها كراء مثلها يأخذه إذا رويت، وإن لم ترو فلا كراء له، ولو فاتت بالزرع كان الزرع لزارعه وعليه الكراء لعامه.
قال مالك: ومن باع أرضه وقد قلبت ولم يذكر القليب فذلك للمشتري، وإذا أعطاه أرضه حين القليب وهي مأمونة على أن يسلفه الداخل حين الزرع نصف البذر، فإن أدرك قبل ذلك فسخ فإن فات بالزرع. . . منه ويترادان الفضل في غيره، وإن أدركت وقد قلبها الداخل فموقوف وعليه قيمة كراء نصفه إن رويت ويأخذ من ربها قيمة حرثها للنصف الآخر. قال ابن حبيب: ولا بأس أن يزارع الرجل بأرضه قبل أن تروى، وإن لم تكن مأمونة كما يجوز عقد كرائها بغير نقد، فإذا تزارعها في إبان القليب على أن أعطى أحدهمها الآخر أرضه يقلبها فإذا جاز إبان ولم يرو فهي / مصيبة دخلت عليهما لأنهما شريكان وليسا متكاريين فهي كما لو زارعها ثم عطشت فلا يرجع العامل على صاحب الأرض بشيء بخلاف المتكاري.

في الأرض تستحق بعد أن اشترك
المتزارعان وزرعا
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: وإذا أخرج أحدهما أرضا وبذرا والآخر العمل والبقر فاستحقت الأرض بعد الزراعة، فإن استحقت في إبان الزراعة
[7/ 375]

(7/375)


رجع المستحق على من كانت بيده الأرض بنصف قيمة كرائها وكأنه حرث له شريكه نصفها وواجره على ذلك بالنفع بنصفها أو بنصف البذر، فإن كانت قيمة نصف البذر وكراء نصفها معتدلا رجع عليه أيضا المستحق بربع قيمة عمل العامل وهو الذي أخذ في كراء نصف الأرض، وإن اختلفت قيمة البذر وكراء نصف الأرض كان ذلك على هذا الحساب، وإن كان الذي استحقت الأرض من يديه عديما اتبعه بنصف قيمة كراء الب وأتبع شريكه بربع قيمة العمل في قياس قول سحنون. ولو استحقها بعد فوات الزراعة فلا كراء له على واحد منهما، ولو كان بعد أن حرث ولم يزرع فله أخذها ولا شيء للشريك في حرثها.

في المتزارعين وعلى أحدهما العمل فيحرث
بعض الأرض، أو عامله على حرث أرض
ببذري على أن يحرث لنفسه موضعا
منها فحرث بعض الأرض
من كتاب ابن سحنون، قال سحنون: وإذا أخرج أحدهما الأرض والبذر والآخر البقر والعمل واعتدلا فحرث العامل بعض الأرض كريمها وترك الباقي، فإن علم في الإبان جبر على أن يزرع ما فيها، وإن فات الإبان نظر؛ فإن حرث نصف الأرض كان على العامل لرب الأرض ربع كراء الجميع، وإن حرث الثلثين فعليه السدس ويكونان شريكين في الزرع ولو واجبته يحرث نصف أرضي إلي بزريعتي على أن يحرث لنفسه في النصف الآخر فأقلب العامل كريم الأرض وترك الباقي وفات أيام القليب فليقسم هذا القليب بينهما ويغرم العامل كراء القليب وله على رب الأرض أجر مثله في النصف الواحد.

في المزارع يزارع غيره
من كتاب ابن سحنون عن أبيه: وإذا تزارعا، من عند هذا الأرض ونصف البذر ومن الآخر نصف البذر والعمل فحرثها العامل ثم عجز عند الزراعة ـ يريد
[7/ 376]

(7/376)


عن البذر والبقر ـ فقال لرجل آخر أعطني نصف البذر وبقرك وهذا نصف البذر والأرض فأزرعها بيني وبينك. قال: يكون الزرع بين الأول ـ يعني رب الأرض ـ وبين الآخر، ويرجع العامل بكراء قليبه على الآخر ثمنا، وسواء علم الآخر بما عقد الأولان أو لم يعلم، وإذا عجز عن العمل وقد قلب الأرض ولم يجد ثقة يعامله فيها فليرد الأرض إلى ربها ولا شيء عليه للقليب كالمساقاة ولو كان للعامل مال بيع عليه حتى يتم العمل.
وإذا دفع رجل بذره ودابته إلى رجل والأرض / مباحة على أن يعمل الرجل وله ربع الزرع وثلاثة أرباعه لرب البذر والدابة لم يجز، والزرع لرب البذر وللعامل أجر مثله.
ولو أخذه على هذا فعجز عن العمل فشارك غيره ذلك البذر والدابة فحرث ذلك الشريك بالدابة وزاد بذرا من عنده والزرع، فإن لم يخلط البذرين فله ما أخرج بذره وعليه كراء الدابة فيه لربها وله أجر مثله على رب البذر والدابة إن كان مثل أجر الأول، وإن كان أكثر رجع بالفضل على الذي عامله أجرا، ولرب الدابة ما أخرج بذره.

في الدعوى بين المتزارعين
من العتبية قال عيسى بن دينار عن ابن القاسم وابن كنانة فيمن أعطى أرضه وبذره وبقره رجلا يزرعها على أن يأخذ من الزرع زريعته ثم يقتسمان ما بقي ثم ادعى العامل أن نصف الزريعة له وكذبه رب الأرض فالقول قول الزارع والزرع بينهما نصفان ـ يريد ويتراجعان الفضل في غيره ويحلف الزارع. قال عبد الملك بن الحسن: سألت ابن وهب عنهما؛ وإذا أخرج هذا الأرض وهذا العمل والبذر بينهما ثم ادعى العامل أنه إنما أسلف صاحبه نصف البذر من عنده قال: هو مصدق ويحلف والزرع بينهما ويتراجعان الفضل
[7/ 377]

(7/377)


لا تبالي من كان العامل منهما فهو مصدق في الزريعة مع يمينه وقد فسدت الشركة وهذا الحكم فيها. قال أشهب: إذا قامت بينة لأحدهما / أنه الزارع وأن البذر في يده فليحلف ويرجع بنصف البذر على الآخر. قال حسين بن عاصم عن ابن القاسم: ومن أعطى أرضه رجلا حين القليب مناصفة فحرثه الداخل فلما كان حين الزرع رويت قال ربها: عليك حرثها فخذ نصف الزريعة مني. وقال الداخل: إنما حرثت نصف الأرض على أن لي نصفها أحرثه لنفسي ويبقى لك نصفها تعمله أنت وأقاسمك إياها. وقال: تكاريتها كلها منك هذه السنة. قال: القول قول الداخل ويقتسمان القليب إن زعم أنه أخذها مناصفة ويحلف. وقاله ابن حبيب. وقال ابن سحنون عن أبيه: وإذا اشتركا في الزراعة فأقلب أحدهما أرض صاحبه وقت القليب ثم اختلفا وقت الزراع؛ فقال رب الأرض: شاركتك بالأرض من عندي والعمل والقليب عليك والزريعة بيننا نصفان. وقال الآخر: إنما أقلبتها على أن أقاسمك إياها فتزرع أنت في النصف منها ما شئت وأزرع أنا فيما وقع إلي ما شئت. أو قال: أكريتها كلها منك بكذا. فالقول قول العامل؛ لأنه عمل وحاز بعمله فيقاسمه إن قال: مقاسمة أو يكون له إن قال: كراء. ولو كانت هذه دعوى رب الأرض وادعى العامل المعاملة فرب الأرض مصدق ويحلف.
وقال ابن حبيب: وإن قال: أكريتها كلها. فهو مصدق مع يمينه ويدفع الكراء إلى ربها. وإن قال: دفعت الكراء. لم يقبل منه ولو ادعى الحارث المزارعة / وادعى صاحب الأرض المناصفة بالقليب أو الكراء فالقول قول رب الأرض مع يمينه. وقال حسين بن عاصم عن ابن القاسم مثله. ومثله في الواضحة ومن كتاب ابن سحنون: وإذا اختلفا بعد طيب الزرع؛ فقال العامل: الزرع بيننا وقد تساوينا في الزريعة. وقال رب الأرض: الزرع لي وإنما آجرتك. فإن عرفت الزريعة أنها من عند أحدهما فالقول قوله مع يمينه، وإن لم يعلم مخرجها فالقول قول العامل لأن الغالب في شركة الناس أن العامل يخرج البذر أو نصفه إن تحرى قولنا أخرج النصف، وإن أخذ بقول غيرنا أخرج جميعها فهو الغالب من فعلهم.
قال: ولو كان العامل لا يعرف بملك بقر ولا زرع وإنما يعرف بالإجارة فادعى
[7/ 378]

(7/378)


نصف البذر وقال رب ألا: أنت أجيري عملت في أرضي بزوجي وبقري، فإن عرف لمن البذر منهما فالقو قوله مع يمينه، وإن لم يعرف فالقول قول الذي بذر الحب العامل الذي يعرف ما البذر والعمل وهو مثل صاحب الزوج المعروف بالعمل إلا أن يكون أجيرا له معروفا بالإجارة فالقول قول رب الأرض إلا أن يأتي الآخر بما يدل على كذب الأرض.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه كتاب ابن حبيب قال: وإذا اختلفا بعد القليب وعند الزراعة؛ فقال العامل: تعاملنا على أن علي أنا القليب وحدي إذا كان حين الزراعة أخرجنا البذر جميعا وكان العمل علينا والأرض من عندك. / قال في كتاب ابن سحنون: أو نصفها قالا: وقال رب الأرض: بل تعاملنا على أن عليك أنت العمل كله وعلى الأرض، والبذر بيننا، فالقول قول من يدعي الاعتدال والصحة في معاملتهما. قال ابن حبيب: فإن لم يدع أحد منهما الاعتدال ردا إلى ذلك ثم يترادان الفضل. قال سحنون: إن لم يكونا زرعا فلتحص الشركة بينهما بالاعتدال، وإن فات الزرع فهو بينهما بقدر البذر ويتراجعان في الأكرية. قال ابن حبيب: وإذا اختلفا ولم يتحاكما وأبى رب الأرض من العمل معه كما قال العامل فعمد العامل بعد أن قلب الأرض كلها فزرع نصفها لنفسه ببذره وأبقى نصفها لرب الأرض ثم تحاكما فقال ابن حبيب: إن ما زرع هذا بينهما كما لو زرع الجميع ويترادان الفضل وينظر فيما بطل من الأرض، فإن كان رب الأرض مدعي الاعتدال في المعاملة فله على العامل نصف ما يفضل من الأرض لو كان رب الأرض مدعي الاعتدال في المعاملة فله على العامل نصف ما يفضل من الأرض كما لو كان ذلك بمزارعة جاره لم يختلفا فيها، وإن كان العامل هو مدعي الاعتدال فلا كراء عليه وذلك على صاحبه الذي أبى العمل كما لو كان ذلك في مزارعة لم يختلفا فيها. وقال سحنون: إذا اختلفا وأبى رب الأرض أن يعمل معه كما قال العامل الذي أقلب الأرض وعمد العامل فزرع لنفسه في نصف الأرض وترك نصفها لرب، قال: فالزرع كله للذي زرعه ولا شيء عليه من الكراء بعد أن يحلف ما عامله إلا على ما ادعى؛ لأنه
[7/ 379]

(7/379)


قال: عاملتك / على أن أقلب الأرض وحدي على أن يكون العمل عند البذر بيننا. وقال رب الأرض: بل على أن العمل هلكه عليك. فكأن العامل قال: أكريت نصفها منك بنصف القليب. وقال الآخر: بل على أن تقلب لي نصفها وتزرعه لي. فصار العامل مدعى عليه.
وقال سحنون: إذا اشتركا في الزرع واعتدلا فيما يخرجان بعده فدفع رب الأرض إلى العامل نصف البذر ثم ادعى أن العامل ما بذر إلا نصف مدي وقال العامل: بل بذرت مديا. قال: فالعامل مصدق مع يمينه فيما يشبه وإلا فرب الأرض مصدق فيما يشبه، فإن أتيا بما لا يشبه نظر إلى مجمل تلك الأرض، فيكون عليه نصفه.
في الأجير أو الوكيل يخطئ فيزرع
بذر غيره غاو في أرض غيره أو جبا غير
ما أمر به ومن أخطأ فزرع أو بنى في أرض غيره
من العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم قال مالك فيمن سافر ووكل من يزرع أرضه ببذره فزرع الوكيل الأرض ببذر لزوجة الآمر وهو يظن أنه بذر الآمر قال: فالزرع لصاحبه ويعطي للمرأة مكيلة بذرها.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه وذكر هذه المسألة فقال: إذا غلط الوكيل فزرع بذر الزوجة فهو ضامن وعليه للمرأة مكيلة البذر وينظر ما يخرج بذرها، فإن كان مثل المكيلة التي غرم فأقل فليس له غير ذلك، وإن كان أكثر / كان الفضل للآمر.
[7/ 380]

(7/380)


قال ابن القاسم في العتبية لأنه له بذره. قال سحنون: وإن لم يرفع منه شيء لم يكن للمأمور شيء. ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم هذه المسألة فقال: إن زرع الوكيل بذر المرأة أو بذر ولد الآمر غرم للمرأة أو للابن مثل البذر بما تعدى عليه والزرع للوكيل، وفيه قول آخر فذكر ما ذكره سحنون وابن المواز وروياه عنه. قال ابن المواز: وإذا أمرت وكيلك أن أن يزرع لك في أرضك قمحا فزرع شعيرا وأمرته بسمراء فزرع بيضاء فالزرع للوكيل وعليه كراء الأرض، فإن بذر قمحا من عنده فإن كان مثل قمحك وشبهه فالزرع لك وذلك جائز، وإن بذر زريعة لابنك أو لزوجتك أو لغيرهما أو غير النوع الذي أمرته فعلى الوكيل مثل الزريعة لربها والزرع له وعليه لك كراء الأرض. قال محمد بن المواز: وهذا إذا زرعها بغير النوع الذي أمره ولأنه لا ينبغي أن يكون رب الأرض مخيرا أن يعطى بذرا أو يأخذ زرعا. قال ابن القاسم: وفيه قول آخر؛ لو قال قائل: يستأنى بالزرع؛ فإذا درس استوفى منه البذر وكان ما بقي لرب الأرض؛ لأنه له زرعه ويسميه. ثم قال: فعلى منم حصاده وتهذيبه؟ بل القول ما قلت لك. قال: إذا زرعه غير النوع الذي أمره به فأما إن أخطأ بقمح مثل القمح الذي أمره به فالزرع لرب الأرض ويغرم البذر لصاحبه وليس على الوكيل بشيء.
قال ابن المواز: والقول الذي قال ابن القاسم: يستأنى بالزرع فيأخذ منه مثل البذر /. هو الصواب ويخرج منه دراسه وحصاده وكراء الأرض وهذا جوابه في المجالس وإنما للزارع مثل بذره؛ لأنه إنما بذره للآمر فما بقي أخرج منه كراء الأرض يريد وأجر الحصاد والتهذيب. قال: وما بقي فلرب الأرض وما عجز فعلى الذي بذر. وقال ابن القاسم كمن تعدى على رجل فزرع أرضه أو دفع إليه مالا بضاعة فسلفه له على طعام. وروى سحنون في العتبية وكتاب ابن سحنون عن ابن القاسم: ومن واجر من رجل بقرة بمدي شعير على أن يحرث له مديا آخر من
[7/ 381]

(7/381)


شعير في أرض رب الشعير وأراه موضعا يحرثه فيه ودفع إليه المديين فتعدى فحرث جميع الشعير في أرض نفسه قال: يغرم المديين، فإن بطل فحرث جميع الشعير في أرض نفسه ما زرع فقد أخذ منه حقه وهو لم يف له بالإجارة، وإن تم زرعه نظر إلى ما يخرج منه، فإن خرج أكثر من مديين وكان إجارة مثله مديا أو أقل دفع ذلك إليه مع المدي الذي أخذه منه ودفع ما بقي إلى رب الزريعة، وإن كانت إجارة مثله أكثر من مدي لم يزد على مدي ورد عليه أحد المديين ودفع ما بقي إلى رب الزريعة، وإن لم يصب إلا مديا قوصيص به فيما أخذ منه ولم يكن له غير ذلك.
ومن العتبية قال أصبغ فيمن زرع أرضا لزيقة أرضه وقال: غلطت بها. أو كان مكتريا فأصابه ذلك ولا يعرف ذلك إلا بقوله أو بنى في عرصة جاره وقال: غلطت. فأما الباقي في العرصة فلا يعذر ولربها أن يعطيه / قيمة البناء منقوضا أو يأمره بقلعه وأما في الحرث فيشبه أن يكون غلطا فأرى أن يحلف ويقر زرعه ويؤدي كراء المثل كان في إبان الزرع أو لم ين وهو على الخطأ أبدا حتى يتبن له تعمد.
وقال سحنون: الزرع لرب الأرض ولا شيء للزرع إلا أن يقدر على جميع حبه وإلا فلا شيء له ـ يريد وذلك في إبان الزراعة ـ وفي الإجارات باب فيه من هذا المعنى. وقال سحنون: ومن خرج ليلا فغلط فحرث أرض غيره فلا شيء له على رب الأرض من إجارة دوابه وبذره وغلطه على نفسه ولو غلط فزرع أرض جاره فلا شيء له من الإجارة ولا زرع وهي مصيبة نزلت به إلا أن يكونا لم يتحاكما ولم يعلم ذلك حتى تحبب الزرع وفات إبان الزراعة فيكون الزرع لزارعه وعليه كراء الأرض.
[7/ 382]

(7/382)


فيمن زرع أرض رجل على الدالة والتعدي
من كتاب ابن سحنون عن أبيه: ومن زرع أرض غائب على الدالة، فإن قام عليه في إبان الزراعة فله قلع زرعه، وإن قام بعد الإبان فله الكراء إن شاء وكذلك إن دل على حاضر وهو كالتعدي والغصب. ومن تعدى فحرث في أرض رجل فلم يقم عليه حتى قصب الزرع وفات إبان الزرع إلا أن ربها لو قلعه انتفع بها في أن يزرعها كتانا أو غيره قال: إذا قصب وتقارب طيبه فلا يقلع وليس له إلا الكراء، وإن لم يتقارب طيبه فله أن يقلع.
فيمن واجرئه على أن يزرع حبا
فخلطه بزريعته
من كتاب ابن سحنون: ومن واجرته على أن يزرع لك قفيزا في أرضك / بدرهمين فخلطه بقفيز له وزرعه فهو كالغاصب؛ فإن عثر على ذلك قبل أن يفوت حصاده فلا شيء له كالغاصب، وإن كان بعد أن قرب حصاده فعليه الكراء وله الزرع. قال سحنون: يريد نصف حصة بذره ولو زرع القفيز في أرض نفسه فعليه مثله الساعة وينتظر بالزرع؛ فإذا درس أخذ رب القفيز كل ما خرج من قفيزه إلا قفيزا يرده على المتعدي ويعطيه عمله ومؤنته وكراء أرضه إلا أن كراء السقي والعلاج على المتعدي حتى يحصد الزرع ويدرس. ثم يحسب له ذلك كله، كراء أرضه وسقيه وقيامه ثم يكون الفضل إن كان في الزرع فضل لرب القفيز، وإن كان نقصان فعلى المتعدي كالوكيل على بيع ثوب فيبيعه بقمح إلى أجل.
[7/ 383]

(7/383)


في قرية بين قوم ومنهم من يضعف عن
الحرث والعمارة أو يغيب في بلد فيزرع أحدهما ويغرس
من كتاب ابن سحنون عن أبيه وعن قرية بين قوم مشاع أحدهم له البقر والعبيد يقوى على الحرث وباقيهم لا يقوى فدعوه إلى القسم فأبى وحرث لنفسه قال فلشركائه كراء نصيبهم وكذلك لو حرث قدر نصيبه منها فقط وله النصف فعليه لشركائه كراء نصف ما حرث فيه، ولو كانت أرض بعل لا يجوز فيها النقد يجاد زرع الحارث في هذه السنة؛ لتوالي المطر فيها أكثر من غيرها فللشريك كراء نصيبه على ما جاد فيها الآن أو على ما تدنى فيها قال: ولو طولت في القسم وروفع فلد وتغيب / حتى حرث فإنما عليه الكراء وكذلك لو أشهد عليه بطلب القسم ورافعه إلى الإمام وقد حرث يريد: وقد فات إبان الزرع ـ فعليه الكراء ويحلف الشريك أنه ما أذن له أن يزرع ولا رضي. ولو بنى بعض الورثة أو زرع أو عرس وواحد منهم غائب أو حاضر لم ياذن قال: تقسم الأرض، فإن وقع مقسمه فيما غرس وبنى فهو له، وإن وقع فيما لم يعمر فله قيمة ما بنى أو غرس مقلوعا وعليه مكيلة أو اغتل من الشرج. اقل أبو محمد: هذا على قول أشهب أنه يقسم قبل تم ينفاصلا. وقال غيره: بل يبدأ بالتفاصل فيما عمر قبل القسم وأما قوله: وعليه مكيلة التمر الذي اغتل. فأعرف لأصحابنا فيما غرس الغاصب واغتل أن التمرة فيما مضى له وعليه كراء ما شغل الأرض قبل هذا.
في زرع المتزارعين أو المكتري يهلك ثم يخلف
في عام ثان في الزرع يجره السيل إلى
أرض آخر وفي الفدان يختلط من بذره
بفدان جارك وفي خلفة الأرض
ومن العتبية من سماع أبي زيد قال بعض أهل العلم في المتزارعين يهلك زرعهما بجائحة من يرد أو غيره ثم نبت في عام قابل فقام فيه رب الأرض وقد كان
[7/ 384]

(7/384)


أخرج نصف البذر / وقام الداخل وقد أخرج نصف البذر والعمل، قال: جميعه لرب الأرض وكذلك في المكتري يهلك زرعه ثم ينبت في عام قابل فهو لرب الأرض. وقد كتبت في كتاب: كراء الأرضين بمسألة من زرع زرعا فجره السيل إلى أرض غيره وقد نبت أو لم ينبت وفيه مسألة الأرض تمنح فتزرع قطنا فيجنيه الزارع ثم ينبت في العام الثاني. وهناك مسألة المكتري لا ينبت زرعه وينبت إلى عام قابل.
وقال ابن حبيب في القوم يزرعون فدادين بعضها قريب من بعض فاختلطت عليهم عند حصادهم فليحلف كل واحد منهم على ما بذرتهم يقسمون الطعام على عدد ذلك.
قال ابن حبيب: فكل ما ذكرت في باب المزارعة فهو قول ابن الماجشون وأصبغ وهو منهاج مالك.
قال سحنون في كتاب ابنه: وإذا زرع هذا أرضه قمحا وحرث جاره أرضه شعيرا فطار من بذر كل واحد شيء فنبت فإن ذلك لمن حصل في أرضه ولا شيء لجاره فيه ولو كان بين أرضيهما جسر أو خط فينبت فيه ابن حبيب مما يتطاير فذلك بينهما اختلفت زريعتهما في الجسر أو اتفقت؛ لأن ذلك الموضع من أرضيهما.
[7/ 385]

(7/385)


صفحة بيضاء
[7/ 386]

(7/386)