النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

كتاب المغارسة
في المغارسة ووجوه العمل فيها
من كتاب ابن حبيب وهو في العتبية لعيسى بن دينار قال: والجائز من المغارسة عند العلماء؛ أن يعطيه أرضه يغرسها صنفا من الشجر أو أصنافا يسميها، فإذا بلغت شبابا سمياه أو قدرا يشبه [الشجر] في انبساطها وارتفاعها كانت الأرض والشجر بينهما على النصف أو الثلث أو الثلثين أو جزءا مسمى ولا يسميا شبابا وقدرا تثمر الشرج قبله ولا بأس أن يجعلا ذلك إلى إثمار الشجر وهو وقت معروف وهو أحب إلي.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ولا بأس بالمغارسة؛ أن يعطي الرجل أرضه لرجل يغرسها نخلا أو رمانا، فإذا بلغت فالأرض والشجر بينهما ولم يزل من عمل الناس ولا شيء له حتى ينبت ويبلغ القدر الذي شرطا وهو من ناحية الجعل، قاله أصبغ وإنما يجوز على أن الأرض والشجر بينهما.
قال ابن القاسم: وإن شرطا في المغارسة إلى الإثمار فذلك جائز. قيل: إن بعض الثمار يبطئ وبعضها يعجل. قال: وكذلك النباب فهو جائز.
[7/ 387]

(7/387)


قال ابن المواز: وذلك إذا كان يكون ذلك بينهما حين تثمر ولا يجوز أن تكون أولى التمرة لرب الأرض والثانية بينهما، وإن شرطا إذا طلعت الشجر، فهي والأرض بينهما فهو جائز إن وصفا قدرا معروفا. وقال في موضع آخر من كتاب ابن المواز: فإن قال: إذا بلغت الشجر قدرا معلوما فالأرض والشجر بيننا. فذلك جائز، وإن قال: إذا أثمرت فهي بيننا. أو قال: إذا أثمرت فالتمرة بيننا. / فلا يجوز؛ لأن قوله: إذا أثمرت لا يدري متى تثمر؟ وقوله: فالثمرة بيننا أشد [قال أبو محمد قوله فهي بيننا لعله يعني الشجر دون الأرض وأما إن كان يريد الشجر مع الأرض فقد تقدم أنه جائز وهو المعروف من قولهم].
قال ابن القاسم في العتبية وكتاب محو: وإن غارسه على أن له في كل نخلة تنبت حقا سماه ولا شيء له فيما لم ينبت وعلى أنه إن شاء عمل أو ترك فذلك جائز إذا شرط شبابا معروفا أربع سعفات أو خمسا ونحو ذلك قال أصبغ: ما لم تثمر قبل ذلك قيل فإن أثمر قبل يبلغ هذا القدر؟ قال: هذا لا يكون. قال ابن القاسم: وإن شرط إلى الإثمار فهو جائز.
ومن العتبية قال حسين بن عاصم عن ابن القاسم: إذا سمى إلى شباب معلوم فهو جائز مثل أن يرتفع الشجر قدرا معلوما كالقامة ونصف القامة والبسطة وشبه ذلك من سعفات معلومة يبلغها الشجر، فإن كانت تثمر قبل ذلك لم يجز.
[7/ 388]

(7/388)


وقال ابن حبيب: إذا تغارسا ولم يسميا حدا ولا شبابا معلوما فذلك جائز ويكون إلى الإثمار والشباب التام. وروى حسين بن عاصم عن ابن القاسم في العتبة إن هذا فاسد حتى يسميا شبابا معروفا أو إلى الإثمار ولو سمى عدد سنين يعملها إليها ويغرسها ثم يكون بينها فذلك جائز إن كانت أرضا مأمونا نباتها ولا يثمر الشجر قبلها.
قال عيسى بن دينار: إن شرط إلى شباب معلوم أو إلى إثمار فذلك جائز ثم لهما إذا بلغ الغرس شرطها أن يقتسما الأرض والشجر إن أحبا، وإن أحبا أقرا ذلك ثم العمل بينهما على قدر ما لكل واحد منهما ثم إن ذهب الغرس وهلك / فللداخل نصيبه في الأرض وقاله كله ابن القاسم قال سحنون في كتاب ابنه قال علي بن مالك فيمن أعطى أرضه لرجل يغرسها نخلا؛ على أن له في كل نخلة تنبت جعلا مسمى وما لم تنبت فلا شيء له فيه فذلك جائز إذا اشترط للنخل قدرا يعرف؛ خمس سنين أو صفة معلومة إلى أجل معلوم إذا كانت الأرض مأمونة من أرض الفرس ليس بجبل ولا سباخ ولا ما ينبت فيها الغرس. قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية: وإذا غارسه صحيحة على النصف فتم الغرس واغتله العامل سنين ثم طلب رب الأرض أن يرجع فيما صار من الأرض للغارس فليس ذلك له كان قد باع النصف الذي صار له من الأرض من الغارس أو غيره أو لم يبع.
قال عيسى عن ابن القاسم: ولو قال: أستأجرك على أن تغرس لي في هذه الأرض كذا وكذا نخلة، فإن نبتت فهي بيني وبينك. فهو جعل وليس بإجارة ولو شاء أن يترك ترك ولو ذهب لم يكن له شيء حتى تنبت، ولو لم يكن جعلا ما جاز؛ لأنه لا يدري أيتم أو لا يتم؟ وأما إن واجره على أن يغرس له في حائطه
[7/ 389]

(7/389)


كذا وكذا نخلة بنصف أرضه فهذه إجارة جائزة وليس له أن يخرج حتى يفرغ منها، فإذا غيبها في الأرض وجب له أجره نبتت أو عطبت، ولو كان لا يتم له أجر حتى ينبت كان خطرا لا يصلح، قد تنبت في مرتين أو ثلاثة وقد لا تبنت أصلا.
قال ابن القاسم: ولو قال: اغرس لي في أرضي هذه نخلا ولم يسم عدتها أو غيرها / من الأصول على الجعل أو على الإجارة فذلك جائز؛ لأنه وإن لم يسم كم عدد ما يغرس؟ فذلك عند الناس معروف كيف تقدير غرس الأصول إن يرد الغارس غرسه منع وإن قارب منع؛ لأن ذلك يضر بها فمعرفة ذلك عند الناس معلوم.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن دفع أرضه إلى رجل يزرع فيها قطنا؛ على أن للفارس نصف الأرض ونصف القطن، فإن كان القطن يزرع في كل سنة ولم يكن أصل ثابت فذلك فاسد، وإن كان القطن أصلا يبقى السنين العدد، وليس يزع كل عام فهذا إن أجلا أجلا دون الإطعام، فإذا بلغاه كان القطن يعني الشجر والأرض بينهما فذلك جائز. وبعد هذا باب فيه المغارسة والإجارة على غرس بصل الزعفران.
ومن كتاب ابن حبيب؛ قال مالك: ولا تجوز المغارسة إلى أجل وهي من معنى الجعل. قال لي مطرف: وإنما يجوز الأجل في هذا على ما يصح أن يقول: اغرسها شجرا كذا وكذا، فإذا بلغت الإثمار أو قال: شبابا كذا فلك النصف ولي النصف على أن تغرم لي بنصفي كذا وكذا سنة. فذلك جائز وكأنه واجره يغرس له نصفه أو يأتي بالغرس من عنده ويقوم له بكذا وكذا سنة وأعطاه في إجارته نصف الأرض، فإن بطل الغرس بعد أن غرسه قيل لرب الأرض: أعطه غرسا مثله يغرسه لك ويقوم لك به إلى أجلك.
[7/ 390]

(7/390)


قلت: فهذه المغارسة بعينها وإنما تغير اللفظ، ومالك لا يضر عنده قبح اللفظ في صحة المعنى. قال: هذا لا يعتدل في كل شيء فرب شيئين [لا / يفرق بينهما إلا اللفظ] ألا تراه لو قال: أواجرك سنة تقوم بجناني هذا بنصف تمرها لم يجز. ولو قال: أساقيك إياه سنة بنصف تمرها جاز ذلك، فهل يفرق بينهما غير اللفظ؟ قال ابن حبيب: ولو غارسه إلى حد الإثمار فأثمر بعض الشجر، فإن كان أكثرها وبقي اليسير التافه لم يثمر فالغارس على شرطه كله ويسقط عنه العمل في ذلك كله. وذكر في العتبية حسين بن عاصم عن ابن القاسم نحوه إلا أنه قال: إذا أثمر جلها أو أكثرها ولم يقل وبقي التافه وقال: وإذا مات جلها أو أكثرها فلا شيء له فيما ينبت من اليسير منها. وقاله سحنون: وقال أصبغ عن أشهب: إذا غارسه وسمى سعفا وقدرا معلوما فغرسها فماتت إلا ثلاث نخلات قال: فما نبت بينهما وبقيت الأرض لربها. قال أصبغ: وقاله ابن القاسم فيما أعلم.
قال ابن حبيب: وإن كان الذي لم يثمر مما له بال وقدر أو متناصفا أو متماثلا فإنه إن كان متنابذا سقط عنه السقي والعمل فيما أثمر منه ولزمه السقي والعمل فيما لم يثمر، وإن كان مختلطا في الشجر لزمه سقي الجميع حتى يثمر كله أو جله وأما ثمره ما أثمر منه فبينهما قلت أو كثرت كذا متنابذا أو مختلطا، وإذا حيي بعض غراسه ومات البعض فما مات بعد بلوغه القدر الذي شرط فيه بينهما وقد وجبت الشركة للعامل في الجميع وما مات قبل بلوغ الشباب الذي شرط سقط شرط العامل فيما مات قل أو كثر وصار حقه فيما بنت وبلغ قل أو كثر ويسقط فيما لم [يثمر] وينبت، وإن قال: / وله أن يعيد العمل إن شاء وقوي
[7/ 391]

(7/391)


ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإن عامله على أن الأرض والشجر بينهما فتعدى رجل فقطع الشجر قبل تمامها، فإن طمع فيما قطع إن رجع وهو قائم على عمله لم يتركه فهو أحق بعمله والأمر بينهما قائم وإلا فلا شيء للعامل. ومن العتبية من سماع ابن القاسم ومن كتاب ابن المواز: وإذا شرطا أن الشجر إذا طلعت فالشجر والأرض بينهما فذلك جائز إذا وصفا قدرا معلوما، فإن شرطا أن التمرة فقط بينهما لم يجز.

جامع القول في المغارسة الفاسدة
من العتبية قال حسين بن عاصم عن ابن القاسم في المتغارسين إذا لم يسميا حدا [ولا شبابا معلوما] إن ذلك لا يجوز حتى يسميا شبابا معلوما أو قدرا معروفا أو إلى الإثمار تكون الأرض والشجر بينهما. وقال ابن حبيب: ذلك جائز ويكون ذلك إذا لم يذكرا إلى الإثمار والشباب التام.
قال ابن حبيب: وإذا عقدا على أمر لا يجوز مثل أن يشترطا شبابا معلوما على أن يقوم الداخل بنصيب رب الأرض ما عاش ولم يؤقت أجلا وتغارسا على شباب يكون الإثمار قبله أو إلى أجل مؤقت من عدد السنين فهذا كله فاسد ويفسخ قبل العمل، فإن فات وقد عامله على النصف بذلك بينهما نصفين وعلى العامل نصف قيمة الأرض يوم قبضها خالية وله على رب الأرض قيمة عمله وغراسه [في نصف رب الأرض قيمة يوم تم وبلغ] وأجرته من يومئذ إلى يوم الحكم فإن / اغتلا الغلة قبل ذلك نصفين مضى ذلك لهما، وإن كان الغارس اغتلها وحده ونصف ذلك إلى رب الأرض، فإن بطل الغرس قبل بلوغ الشباب
[7/ 392]

(7/392)


المشترط في هذا الفساد فلا شيء للغارس من الأرض كما لا يكون له شيء في صحة العقد وله حكم الجعل في صحته وفساده وإن بطل بعد بلوغه الإثمار أو ما شرطا من الشباب فقد وجب للغارس نصف الأرض بقيمتها يوم قبضها وله على رب الأرض قيمة غراسه يوم تم وبلغ ويكون ذهاب الغرس منهما. وقاله لي كله مطرف. وقاله أصبغ ورواه عن ابن القاسم على أنه قد اختلف فيه قوله وهذا أحسنه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا اشترط أن الشجر إذا بلغت قدرا معلوما فالثمرة خاصة بينهما لم يجز. قال أصبغ: فإن نزل وتم ذلك فالأرض والشجر لرب الأرض وللعامل قدر سقيه وعلاجه، وإن نظر في ذلك قبل أن يثمر وقيل ينتفع بها رب الأرض فالشجر للعامل؛ فإن شاء رب الأرض أعطاه قيمتها مقلوعة أو أمره بقلعها. ولم يعجبنا هذا ووجدنا لابن القاسم أن الشجر والتمر للعامل ويرد عليه رب الأرض ما أخذ من الثمرة ويكون له كراء أرضه لما مضى ثم لرب الأرض أن يعطيه قيمة الشجر مقلوعة أو يأمره بقلعها. وقال ابن حبيب: وإذا تعاملا على أن الثمرة بينهما ما أقامت الشجرة، فإذا هلكت فلا شيء للعامل في الأرض أو على أن الشجر [دون الأرض] بينهما لم يجز، وفسخ ذلك متى عثر عليه وردت الأرض بالشجر والغلة إلى رب الأرض وعليه للغارس الأقل / من قيمة عمله نباتا يوم فرغ منه، وتم أو نفقته التي أنفق وثمن الغرس الذي غرس وله مع ذلك أجرة يده في قيامه بالشجر إذا رجعت الثمرة إلى رب الأرض، وإن بطلب الشجر بعد تمامها وبلوغها قبل ينظر بينهما فقال مطرف، وابن الماجشون: فليس للعامل فيها قيمة ما عمل ولا رد ما أنفق، لأنه لم يخرج من يده شيئا فيعوض منه وإنما غرس على أن له ثمرة غرسه بعينه، وإن كان غررا فلا شيء له إذا ذهب ولو عومل على
[7/ 393]

(7/393)


غرر من غيره لأعطي قيمة عمله ذهب أو بقي ويرد ما أخذ من الغرر إن أخذ منه شيئا ويمضي الغلة لمن اغتلها قبل ذهاب الشجر اغتلاها جميعا أو الغارس وحده ولا ينظر بينهما في شيء إذا ذهب الغرس من الذي تعاملا عليه وفات موضع تصحيحه بالقيمة كما ينظر فيما ذكرنا قبل هذا. وقال أصبغ: إذا ذهب قبل الحكم وقد كان تم وفرغ فلا بد أن يعطي العامل قيمة عمله يوم تم قائما غير ذاهب كشراء بثمن فاسد ثم فات، وفواته الفراغ منه فلزمته القيمة يومئذ والغلة كلها لرب الأرض. وقول مطرف وابن الماجشون أحب إلي وإنما تكون حجة أصبغ في المسألة الأولى الذي أعطاه في ذلك نصف الأرض ثمنا لغراسه النصف الآخر فإذا غرسه وجب له ما أعطى وصار ما فرغ لرب الأرض صحيحة كانت معاملتهما أو فاسدة وأما إذا لم يعطه على غراسته، الأرض شيئا فلا شيء للغارس في غراسه إلا إذا أخرج من يده فيعطي قيمته، فأما إذا ذهب قبل ذلك فلا شيء له. / ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن أعطى أرضه لرلج يغرسها ووجل خمس عشرة سنة؛ السنة الأولى للداخل والثانية بعدها كراؤها أربعون دينارا كل سنة وعليه خم العين وبناء جدرانها ومرمتها فهذا لا يجوز وهو غرر ولا خير في أن يعطيه الأرض ويقول: فما أحييت فيها من نخل أو بقل أو زرع بيننا وإنما يجوز هذا في الأصول.
ومن العتبية روى حسين بن عاصم [عن ابن القاسم]: فإما إذا فسدت المغارسة مثل أن يغارسه على النصف ولم يذكر شيئا ما ينتهي إليه ولا قدرا معلوما فهذا فاسد وكذلك إلى أجل يثمر دونه، فإذا فات مثل هذا بالغرس فليقسم الغرس بينهما نصفين ويلزم العامل نصف الأرض بقيمته يوم قبضها براحا لأنه اشتراها شراء فاسد فأفاتها بالغرس وهذا نخو ما ذكر ابن حبيب في فساد
[7/ 394]

(7/394)


المعاملة عنده. قال حسين بن عاصم: وكما لو أعطاه أرضه أيام القليب يحرثها ويبنيها ثم يزرعها أيام الزرع والزريعة بينهما والأرض غير مأمونة فذلك فاسد، فإن فاتت بالحرث فهو فوت وتقسم الأرض بينهما فكون العامل نصفها يلزمه إن رويت تلك السنة كراء مثلها، ويرجع على ربها في النصف الآخر بقيمة حرثه وقليبه عطشت أو رويت. قال ابن القاسم في المغارسة الفاسدة: وإذا أثمرت الشجر واغتلاها زمانا فما اغتل العامل في نصفه الذي ألزمناه قيمته ولا كراء عليه فيه والنصف الآخر كأنه ربه أكراه بثمره لم يبد صلاحها فيرد تلك الثمرة التي قبض إلى العامل ويأخذ منه كراء نصف الأرض / خالية من الغرس يوم اغتلها.
قال أبو محمد: وهذا خلاف ما ذكر ابن حبيب قال سحنون: بل تكون غلة جميع الأرض لربها ويرده عليه العامل وله على رب الأرض قيمة غرسه إن كان له قيمة وأجر عمل مثله ولو جعلت له التمر كان بيع التمر قبل بدو صلاحه.
قال حسين: قال ابن القاسم: وإن أخذها على شباب معلوم وحد يبلغه على أن يعمل لرب الأرض في نصفه سنين معلومة بعد القسم، فإن كان عمل النصف معروفا محدودا مضمونا على العامل [عاش أو مات فذلك] جائز، وإن كان عمل يده بعينه لم يجز وهو خطر. قال سحنون: هذا خطأ؛ لأنه جعل وبيع ويصنع في هذا ما وصفت لك في أول المسألة والذي أنكر سحنون هو الذي أجاز ابن حبيب قبل هذا عن مطرف. قال ابن القاسم: وإن جرى هذا على ما قلنا من الفساد واغتل الشجر زمانا ثم بطل الغرس فلا يبطل عن العامل ما لزمه من نصف قيمة الأرض يوم قبضها وله غلة جميع الشجر وعليه قيمة كراء نصف الأرض يوم اغتلها وله على رب الأرض قيمة عمله في نصفه إلى أن يبلغ الشباب الذي شرطا ولو هلك الغرس قبل يبلغ الشباب المشترط فلا أجر له فيه كالجعل في حافر القبر لا يجب إلا بتمامه. قال سحنون: الغلة كلها لرب الأرض ويرد
[7/ 395]

(7/395)


العامل ما أخذ منها وله أجر مثله وكما ليس له شيء إذا لم ينبت الغرس فكذلك نبت لا يكون له في الأرض شيء ولا في التمر. وروى مثله عيسى عن ابن القاسم وكذلك روى عنه غير ذلك مما سنذكره /. قال عيسى: إذا عقدا مغارسة فاسدة مثل أن يذكرا شبابا فيكون التمر قبله أو على أن يكون على كل واحد من العمل أكثر من ما له من الغرس والأرض أو غير ذلك من الفساد إلا أن فيه للعامل من الأرض والغرس سهما مسمى، فإن أدرك هذا قبل الغرس فسخ، فإن فات بالغرس فسخت المعاملة وقسمت الأرض والشجر بينهما على ما شرطها وعلى العامل لرب الأرض قيمة ما صار له منها براحا كأنه ابتاعه بفساد ففات بالغرس وما صار من الأرض لرب الأرض فاختلف فيه؛ فقال ابن القاسم: يكون لرب الأرض على الداخل كراء جميع الأرض وله جميع الثمن ثم إن شاء رب الأرض أعطاه قيمة الغرس [مقلوعا] أو أمره بقلعه لفساد المزارعة على البذر والعمل من عند العامل ثم بلغني عنه أنه قال: يقسم الأرض والشجر بينهما وعلى العامل نصف قيمة الأرض براحا يوم أخذه وعليه كراء ما صار لرب الأرض من الأرض ويرد رب الأرض إلى العامل كل ما اغتل ويعطيه قيمة ما صار له من الغرس مثبتا. ثم كتبت فيه إلى ابن القاسم فكتب إلي: يقسم الأرض بينهما على ما شرطا وعلى العامل نصف قيمة نصف الأرض براحا لرب الأرض وللعامل عليه قيمة الغرس الذي في نصيبه مثبتا يوم الشرط أو قيمته يوم عثر عليه قبل أن يطعم أو بعد وما اغتله فبينهما وعلى رب الأرض للعامل قيمة الغرس يوم يحكم فيه. قال عيسى: وهذا الذي كتب به إلي أحب إلي. قال أبو محمد: وهو نحو ما قاله ابن حبيب. قال عيسى: وما صار للعامل في نصيبه من الأرض فهو له ذهب / الغرس أو بقي ولو ذهب العرس قبل النظر بينهما فإنه ينظر بينهما على ما وصفنا ويرجع كل واحد منهما على صاحبه بفضل ما كان له. روى عيسى أيضا عن ابن القاسم أن جميع الثمر لرب الأرض وللعامل أجر مثله في كل ما عمل ولا شيء له في الأرض. وهذا
[7/ 396]

(7/396)


قول سحنون. قال عيسى عن ابن القاسم: وأما إن لم يشترطا أن الأرض بينهما ولكن شرطا أن الثمرة فقط بينهما ما بقي الأصل فهذا فاسد وتكون جميع الغلة للعامل ويرد رب الأرض إليه ما أخذ منها إن كان ثمرا بالمكيلة، أو رطبا بالقيمة ويأخذ من العامل كراء الأرض من حين أخذها منه وليس من حين أثمرت والشجر لرب الأرض إلا أن يعطيه قيمة الغرس مقلوعا أو يأمره بقلعه. وكذلك روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم إلا أنه قال: وعلى العامل كراؤها من يوم وضع فيها الغرس إلى يوم ينظر في أمرها كراء ما نقدا بعده في التشاحح فيها. وكذلك روى عنه حسين بن عاصم في شرطها أن الثمرة بينهما ما بقيت الأصول أو على أن الأصول وحدها بينهما. وقال سحنون في هذا: الغلة كلها لرب الأرض وللعامل عليه أجر مثله قال ابن القاسم: فإن ذهبت الشجر وبقيت الأرض براحا فالثمرة كما قلنا للعامل وعليه كراء الأرض من يوم اغتلها ولا شيء له على رب الأرض فيما هلك من الغرس قيمة ولا عملا؛ لأنه كان في ضمان العامل لا في ضمان رب الأرض. وفي المسألة التي قبل هذا إنما كان نصف الغرس الذي بطل بعد أن بلغ / الشباب والقدر كان لرب الأرض لا للغارس فبذلك رجع عليه بقيمة عمله فيه.
قال سحنون: الغلة لرب الأرض ويعطي العامل أجر مثله.

في الكراء على المغارسة ومغارسة
بصل الزعفران
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن أكرى أرضه أو أعارها عشر سنين على أن يغرسها شجرا على أن ثمرها في هذه المدة للغارس ثم يسلم ذلك إلى رب الأرض لم يجز؛ لأنه لا يدري كيف يكون الشجر؟ وهل يسلم إلى المدة؟ وقال أشهب: ذلك جائز إذا سمى مقدار المسجد وهو كالبينان ولا يدري كيف
[7/ 397]

(7/397)


يصير البنيان؟ قال ابن القاسم: ليس بسواء وهو لا يدري ما يسلم من الشجر؟ قال ابن المواز: هذا لا يجوز وليس كمن اشترط أشجارا يضمنها يدفعها إلى عشر سنين ويسمى قدرها ومبلغ صفتها ما يعرف به حتى لو اشتراها بالعين لجاز وليس كالمغارسة التي من باب الجعل. وكره ابن القاسم الأول؛ لأنه كراء ثابت ـ يريد ولا يكون بشيء مضمون معروف إلى أجل مسمى، فأما على وجه الجعل الذي لا يلزم العامل فلا يصلح إلا في الأمر القريب. قيل لمالك: فبصل الزعفران أيعطي على مثل ذلك وهو يقيم سبع سنين ونحوها؟ فلم يجزه.
وقال: هذا بمنزلة الثمر وليس كالأصل ولا يجوز إلا بما يجوز به اكتراء الأرض.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.

في المغارسة على
أن يضرب على الحائط بجدار أو زرب
ومن العتبية / قال أصبغ: وإذا غارسه أرضه على أن يضرب هو لها جدارا أو يزربه زربا أو يحفر سياجا على أن يغرسها شجرا، فإذا بلغت حدا ذكراه، كانت الأرض والشجر بينهما والزرب والجدار وكان ذلك [لأنه يخاف ألا يتم الغرس] إلا بهذا التحظير لكثرة المواشي ومرور الناس أن يخاف ذلك، فإن كان مؤنة ذلك يسيرة فهو جائز، وإن كانت كثيرة لم يجز وهذا مثل ما يستحق شرطه في المساقاة وما لا يستحق شرطه.
[7/ 398]

(7/398)


في المغارس يعجز
من العتبية قال أصبغ فيمن أعطى أرضه مغارسة على النصف فغرس بعضها أو جلها فلم يتم العمل الذي شرطا حتى عجز العامل أو غاب فأدخل رب الأرض في الغرس من قام به وعمل ما بقي منه أو عمله رب الأرض بنفسه ثم قدم العامل فقام في ذلك قال: يكون على حقه إذا قدم، وكذلك إن كان حاضرا لم يسلم ولم ير أنه ترك ذلك ورضي بالخروج منه وهو على حقه ويعطى الذي عمل وأتمه قدر ما كفاه بغير شرط مما لو وليه هو لزمه مثله.

في الدعوى في المغارسة
من العتبية روى حسين بن عاصم عن ابن القاسم فيمن غارس أرضه على النصف ولم يذكر الأرض والشجر فقال العامل: عاملتك على أن لي نصف الأرض بغرسها. وقال رب الأرض: على أن الثمرة وحدها بيننا أو: على أن الشجر وحدها بيننا. قال: إن كان للبلد سنة / حملوا على قول من ادعاها ـ يريد مما يجوز أو لا يجوز ـ ويقضى فيما لا يجوز بما ينبغي مما تقدم. قال: وإن كان البلد يعملون على الوجهين فليصدق مدعي الحلال وهو العامل. قال أبو زيد عنه: إن كان الغالب عمل أهل ذلك البلد ما ادعى مدعي الحلال فهو على ما قال، فإن لم تثمر كلف العامل القلعغ إلا أن يعطه رب الأرض قيمة الشجر مقلوعة ولا شيء له في عمله، وإن أثمرت فالثمرة للعامل وعليه كراء الأرض من يوم أثمرت النخل، وإن كان عمل أهل البلد على الحلال سلك بما مسلكه، وإن كانوا يعملون له الأمرين تحالف هذان وفسخ الأمر بينهما.
[7/ 399]

(7/399)


في المعاملة في الأرحية وشيء من
ذكر المغارسة
من كتاب ابن سحنون عن أبيه قال: والذي يجوز من المعاملة في الأرحية أن تدفع أرضك إلى رجل يبني فيها رحى بصفة معلومة وأداتها وكل ما تحتاج إليه ـ يريد وذلك معلوم ـ فإذا تمت وطحنت فله نصفها أو ثلثها أو ما رضيا به بجزئه ذلك من الأرض يكون بينهما ذلك ساعة يتم ـ يريد وذلك من ناحية الجعل جائز. قال: ثم يكون العمل في المستقبل وجميع ما تقوم به الرحى عليكم بقد ما لكما فيها وإنما ذلك على أنها إذا تمت صارت بينهما ساعة تتم ثم إن شاءا اقتسما إن كانت مما ينقسم، وإن شاءا باعا أو وهبا أو من شاء منهما لا منع للآخر عليه في ذلك فهذا الجائز ويصير كأنه باع منه نصف الأرض بنصف ما عمل ويصير بينهما ولو تعاملا / على ما ذكرنا وعلى أن على العامل إصلاح سد الرحى ومرمتها أو بعضه ما بقيت ولم يجز، فإن فات بالبناء فعلى العامل نصف قيمة الأرض بغير شرط وله على رب الأرض نصف قيمة ما بنى وأصلح ويزول شرط الإصلاح وتصير الرحى بينهما وعليهما إصلاحها، وإن لم يعثر على ذلك حتى طحنت زمانا فإنها من يوم طحنت بينهما، وإن كان العامل هو يلي الطحين فيها للناس فله الغلة وعليه لشريكه كراء نصفها بينهما ورحاها وجميع أمرها ويأتنفان في أمرها ما أحبا، ولو كانت المرمة من عند رب الأرض فالجواب سواء، فإن كان هو العامل في الرحى فالغلة له وعليه [إجارة نصف الرحى للآخر، فإن متولي العمل فيها الذي بناها فالغلة له وعليه] كراء نصفها للآخر. قال غيره وإذا تعاملا على أن الداخل يبني فيها ولم يصفا البناء لم يجز، فإن فات ذلك بالبناء أو بأكثره مما في فسخه ضرر فقد فات الرد ويصير بينهما ويتراجعان بالقيم فلهذا قيمة نصف أرضه وعليه للآخر نصف قيمة ما بنى وعمل وتبقى بينهما على ما هي يومئذ فرغت أو لم تفرغ وهي مجاعلة فاسدة كالمغارسة الفاسدة يغارس.
[7/ 400]

(7/400)


أرضه على أن تكون بينهما ولم يسميا للغرس قدرا ولا أجلا أو شرطا ما تسفد به من أن يكون بينهما بعد الإطعام أو إلى مدة بعيدة أو شرط زيادة نفع أو سلف مما تفسد به، فإن لم تفسخ حتى فاتت بالغرس للجميع أو لما له البال منه فهو فوت ويصير الجميع / بينهما وعلى الغارس نصف قيمة الأرض لربها ويأخذ منه نصف قيمة الغرس ثم يبقى الجميع بينهما يفعلان فيه ما أحبا وما أغلا بعد ذلك فبينهما، وإن ولي العمل في الرحى أحدهما كمن عمل شيئا على أن له فيه جزءا ولرب الشيء جزءا فيكون العمل للعامل وعليه كراء المستقبل كما أن العبرة في الغراس بعد اليم بينهما غير أن على مستهلكها مثلها وله حصة ما سقى وعالج. قال سحنون: وقد قيل: إن الغرس لرب الأرض وليس عليه للآخر إلا قيمة عمله ويرد مكيلة ما جنى من الثمرة ولا شيء له في الأرض ولا في الغرس. وقال سحنون: فإن أعطاه أرضه يغرسها شجرا فإذا بلغت وأطعمت فالثمرة خاصة بينهما أبدا فعملا على هذا وفات فإن للعامل أجر مثله فيما عمل وعالج حتى بلغت الشجر الإطعام ثم هو فيما اغتل بعد ذلك من الثمرة على مساقاة مثله فيها في تلك السنين، فإن كانت مساقاة مثله على النصف لم يرجع أحدهما على الآخر بشيء، وإن كانت على الثلث رجع عليه رب الأرض بسدس الثمرة، وإن كانت على الثلثين للعامل رجع هو على رب الأرض بالسدس ثم يفسخ العمل بينهما فيما بقي ولو كان على أن الثمرة بيننا سنين معلومة كان الأمر على ما ذكرنا من الإجارة إلى الإطعام ثم على مساقاة المثل في السنين الباقية غير أن هذا إن بقي من السنين شيء أتم إلى مدته إلى مساقاة المثل كالعرض على أن يبيعه ويعمل / بالثمن قراضا. . قال: ولو أعطاه الأرض يبني فيها رحى على صفة معلومة، فإذا تم كان ما أغلت بينه وبين العامل ولا يكون له في الرحى شيء فعملا على ذلك وفات فلا يكون لهذا في الأرض ولا في الرحى والبناء شيء إذا لم تقع المبايعة في شيء من الأصل وإنما اشترى منه بناءه وما يدخل فيه بما يكتسب فيها إذا فرغت، فإذا فات هذا بالعمل فالرحى بما فيها لرب الأرض وعليه للآخر قيمة البناء وما وضع فيها بقيمته حين تم.
[7/ 401]

(7/401)


النوادر والزيادات
على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني
310 - 386 هـ
تحقيق
الأستاذ محمد الأمين بوخبذة
محافظ الخزانة العامة بتطوان سابقا
المجلد الثامن
دار الغرب الإسلامي [8/ 1]

(8/1)


©1999 دار الغرب الإسلامي
الطبعة الأولى
دار الغرب الإسلامي
ص. ب 5787 - 113 بيروت
جميع الحقوق محفوظة. لا يسمح بإعادة إصدار الكتاب أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل كان أو بواسطة وسائل إلكترونية أو كهروستاتية، أو أشرطة ممغنطة، أو وسائل ميكانيكية، أو الاستنساخ الفوتوغرافي، أو التسجيل وغيره دون إذن خطي من الناشر. [8/ 2]

(8/2)