النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم
... وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الثاني
من كتاب الدعوي والبينات والحيازات
في الرجلين يقيم كل واحد منهما بينة علي رجل
أنه باعه هذا أو أوصي له به وشبه ذلك
أو يدعي كل واحد علي صاحبه أنك بعته مني
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: ومن ادعي دارا / بيد رجل أنه ابتعها منه بمائتي درهم ونقده، وادعي آخر أنه ابتاعها منه بمائة ونقده فإن وقتا قضيت للأول، وإن لم يوقتا وقال كل واحد لا أدري شرائي قبل أم لا، فكل واحد مخير إن شاء أخذ نصف الجدار ونصف الثمن الذي نقده، وإن شاء رد وأخذ جميع الثمن وإن قال كل واحد شرائي قبل الأجل حلفا ثم قيل للبائع أيهما الأول فإن قال له صاحب المائتين وجب للبائع الثمن كله وله عليه نصف قيمة الدار يوم زعم أنه باعها من الآخر، وإن قال ما أعرف الأول، أو قال ما بعته من واحد منهما، فلهما أن يقتسماها نصفين ويرجع كل واحد بنصف ثمنه، وإن شاءا ردها وأخذا ثمنيهما، فإن رداها فللبائع أن يلزم أيهما شاء البينة (1)، وإن قال أحدهما يأخذ نصفها ونصف ما فضل دفع، وقال الآخر أنا أرد فذلك لهما، وإن وقت إحدي البينتين ثم لم يؤقت الأخري قضي بالتوقيت.
ومن المجموعة قال مالك ومن أذن لرجلين أو لمن حضر منهما السوق ببيع غنمه فباعها أحدهما بخمسين وباعها الآخر بستين ولم يعلم أولهما بيعاً ولم يقبض
[9/ 55]
__________
(1) في الأصل، أيهما شاء البيع، وفي ص أيهما شاء البتة ولعل الصواب ما أثبتناه.

(9/55)


الغنم ولم يفت، قال يلزم كل واحد من المشترين نصف الغنم بنصف الثمن الذي عقد عليه.
قال ابن المواز قال أشهب في دار بيد رجل أقام كل واحد من الرجلين شاهدين أنه ابتاعها قضي لأقدمهما تاريخا، فإن لم يؤرخا قضيت بأعدلهما، فإن استويا فهي بينهما.
قال ابن سحنون / عن أبيه فيمن في يديه عبد ودار ادعي رجل عليه أنه اشتري منه هذه الدار بذلك العبد وأقام بينة وأقام آخر بينة بمثل ذلك، والذي الدار في يديه ينكرهما، فقال من أصحابنا من يوقف هذه الأشياء بيد المدعي عليه، الدار والعبد، ويحلف [علي دعواهما حتي يزيدا بينة، ومنهم من يخرج الدار خاصة من يديه] (1) ويحلف المدعيان ويبقي العبد بيد من اخرجت الدار من يديه لأنه لم يثبت لكل واحد منهما في العبد إلا نصفه، قال ولو أقام من ذلك في يديه البينة أنه ابتاع هذه الدار بهذا العبد من هذا المدعي وتكافأت البينتان فإن الدار تبقي لمن هي بيده ويأخذ العبد مدعيه،
ومن المجموعة قال أشهب: إن شهد رجلان أن الميت أوصي لرجل بثلثه وشهد وارثان أن الميت أعتق هذا العبد في مرضه فالشهادتان جائزتان وإن كانت إحداهما أعدل إن لم يتهم الوارثان علي حر ولا العبد في العتق به علي صاحب الثلث. وقال ابن المواز لا تهمة علي الوارثين في هذا بجر الولاء، كما لا أتهم الميت في عتقه بإيثار الذكور بالولاء دون البنات.
قال ابن عبدوس قال أشهب فيمن أوصي بعبده لرجل فشهد رجلان أنه رجع عن وصيته به لزيد وأوصي به لعمرو، وشهد وارثه أنه انتزعه من عمرو وأوصي به لزيد، قال فإن كان الوارث أعدل من الشاهدين حلف زيد واستحقه فإن نكل وكان الشاهدان أعدل قضيت به لصاحب الشاهدين / ولا شئ علي الوارث.
قال، وقال أشهب فيه وفي كل كتاب سحنون فيمن ادعي في دار بيد رجل أنه ابتاعها
[9/ 56]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/56)


منه بثمن نقده، وأقام بينة وأقام من هي بيده بينة أنه اشتراها من المدعي بثمن ونقده فإن كان في ذلك توقيت قضيت به لصاحب التوقيت الآخر كان ثمنه أقل أو أكثر وليس بتهاتر، ولو شهد الشهود أن هذا اشتراها من هذا (أمس ثم عاج هذا) فاشتراها منه، وشهد شهود الآخر بمثل ذلك، وتكافأت البينتان قضيت بها لمن هي بيده، وقال يحي بن عمر ليس هذا بتهاتر فأقضي بأعدلهما لأنه يمكن أن يبيعها منه ثم يبتاعها منه، ولكن تبقي بيد من هي بيده، وفي اختصار الشفعة مسألة المتداعيين في شقص، كل واحد يدعي أنه ابتاعه من الآخر.
ومن المجموعة قال أشهب في أرض أو دار أو خادم بيد أحد رجلين أقام كل واحد بينة أن الآخر وهبه ذلك وقبضه هو منه، فإن لم يؤقتا قضيت بذلك لمن هي بيده، وإن وقتا قضيت بها لآخرهما توقيتا، قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد عدلان أن هذا ثوب زيد يملكه، وشهد آخران أن زيدا أقر به لعمرو وهو بيد أحدهما فهو للمقر له به، ولو شاهد بملكه لزيد وشهد علي زيد شاهد أنه أقر به لعمرو وهو بيد ثالث فلزيد أن يحلف فيأخذه، ثم يحلف عمرو علي إقرار زيد فيأخذه منه، فإن قال زيد لا أحلف، أو قال ليس هو لي فليس لعمرو أن يحلف ويأخذه، أو لا يستحقه بإقرار زيد حتي / يثبت ملك زيد، ولا له أن يحلف أنه له وأنه أقر لي به، ولا يثبت ملكه لزيد بيمين عمرو، وليس كيمين الغرماء في دين الميت وقد نكل ورثته.

في رجلين يتداعيان في الشئ
فيقول أحدهما رهنتكه أو غصبتنيه
ويدعي الآخر شراءه منه وشبه ذلك
من العتبية (1) روي يحي بن يحي عن ابن وهب ويذكره ابن حبيب عن مطرف فيمن أقام علي رجل بينة انه غصبه منزلاً في يديه، وأقام المدعي عليه بينة
[9/ 57]
__________
(1) البيان والتحصيل، 11: 252.

(9/57)


أنه اشتراه منه، قال بينة الشراء أولي لأنه إن تقدمه غصب فالشراء يزيله، وإن كان الشراء قبل فإنما غصب ماله.
من كتاب ابن سحنون قيل له فمن ادعي في جارية بيد رجل انه رهنها عنده وأقام بذلك بينة، وأقام حائزها بينة أنه اشتراها منه، ولم يؤقتوا هل هذا قبل هذا، قال بينة الشراء أثبت إلا أن يقيم المدعي بينة أن الرهن كان بعد الشراء فيعلم أنها قد رجعت إليه. قال سحنون قاله ابن القاسم، وهي في العتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم.
قال سحنون في كتاب ابنه، وقال بعض أصحابنا يقضي بأعدل البيتين، وكذلك لو لم تكن بينهما بينة فالراهن مصدق مع يمينه لأن المشتري أقر له بالملك وادعي الشراء، وكذلك في تكافؤ البينتين، وأخذ سحنون بقول ابن القاسم.

في العبد يتداعيانه (1) فأقاما فيه / بينة
وهو بيد أحدهما وفي الشهادة توقيت
أو تأسر (2) عتق ونحوه من معني التداعي
من كتاب ابن سحنون، وهو لأشهب وعن عبد بيد رجل ادعاه آخر وأقام بينة، وأقام من هو بيده بينة أنه عبده دبره وأنه يملكه، قضي به لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا (3) قضي لصاحب التوقيت، فإن وقتا قضيت لأولهما توقيتا وأجعل الآخر مأنه اغتصبه أو [ملكه بغير حق فعليه المخرج، ولا يقضي للذي شهدت بينته أنه دبره كما قال أبو حنيفه] (4) لأنه لو أعتق عبده فأتي آخر ببينة أنه ملكه قبل هذا، أليس هو أولي به ولابد أن يقر بهذا؟ قال فإن لم تؤقت البينتان وقتا أخرت العتق، وكذلك لو كانت أمة وفي شهادة أحدهما أنها ولدت منه ولم يؤقتا فهي له أم ولد
[9/ 58]
__________
(1) في الأصل، يتداعياه.
(2) كذا.
(3) في النسختين معا، تكافآ، والصواب ما أثبتناه.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/58)


حتي يقيم الآخر بينة بقدم ملكه قبل ملك الذي أولدها أنهم لا يعلمونه باع ولا وهب ولا خرجت من يديه بوجه تخرج بمثله فيحلف علي ذلك ويقضي له بها ويغرم له أبو الولد قيمة الولد.
ومن العتبية (1) من سماع عيسي وفي بعض الكتب أنها من سماع حسين بن عاصم، قال ابن القاسم في إمرأة ولدت أمتها غلامين فاشتري رجل أحدهما فأعتقه وتركه عند أمه، فمات أحدهما، وادعي المبتاع أن الباقي منهما هو الذي اشتري، وقالت الرأة إن الهالك هو الذي اشتري، قال فالمرأة مصدقة مع يمنيها في ذلك./

في العبد بيد رجل فيدعي الحرية
أو يقر بالرق لرجل آخر
وفي المتداعيين في شئ بيد غيرهما
وهو يقر به لهما أو لأحدهما
أو ادعيا ولاء رجل وهو لا يقر لأحدهما
من المجموعة قال أشهب في صبي بيد رجل يعرب عن نفسه، فقال السيد أنت عبدي، وقال الصبي بل أنا حر، فإن تقدمت له فيه حيازة وخدمة فهو عبد له، وإن كان متعلقا به لا يعلم منه قبل ذلك خدمة ولا حوز فالقول قول الصبي، وكذلك من بيده عبد يحوزه حوز الملك فلا يقبل إقراره أنه عبد لغيره أو أنه لم يزل حراً.
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب: ومن بيده عبد صغير يدعي أنه عبده فالقول قوله إن كان العبد صغيرا لا يعرب عن نفسه، ولو ادعي رجل آخر أنه ابنه، قال إن كانت أن الصبي معروفة لا يعلم أنه ملكها أو تزوجها لم يصدق إلا ببينة، وإن كانت أمه مجهولة جلب من بلد آخر كان بها المدعي له فنسبه لاحق به وهو مملوك لسيده، وإن أقام البينة أنه ابنه ولم يزيدا علي هذا فليقض له بنسبة ولا
[9/ 59]
__________
(1) البيان والتحصيل 14: 174.

(9/59)


يكون حراً، وقد يكون تزوج الحر أمة لقوم آخرين. وإذا تعلق رجلان بعبد كبير، كل واحد يدعي أنه عبده، وهو مقر لأحدهما فهو للمقر له بعد أيمانهما أو نكولهما، ومن نكل قضيت به للحالف ولا أنظر إلي إقرار العبد، ليس كقول أبي حنيفة إنه يجعله بينهما ولا يقبل إقراره، قال / أشهب: وإذا أقرت أم ولد لرجل أنها أمة آخر فلا يقبل إقرارها، وكذلك لو أقرت له أمة بالرق ساعة أو أقرت لغيره لم يقبل إقرارها، وفي باب المتداعيين في شئ بأيديهما أو بيد أحدهما مسائل من هذا المعني، وفي كتاب الإقرار مسألة من أقر بعبد لرجلين وكلاهما يدعيه.

في الولد يدعيه رجلان يقيم كل واحد بينة أنه ابنه
أو يقيم كل واحد بينة علي امرأة أنها زوجته
وذكر التداعي في الولاء واختلاف بينته
من المجموعة قال ابن الماجشون في صبي مجهول (1) النسب ملكه رجل أقام رجل البينة أنه ابنه يملكه لأمة، قال يلحق به، وإن شهدوا أنه بنكاح ولم يبينوا أمة حرة أو أمة ألحقت نسبه وأبقيت ملكه لمن هو بيده، وقال أشهب فيه وفي كتاب ابن سحنون: إن أقام بينة أنه ابنه ولم يزيدوا علي هذا والأب عربي أو مولي أو دعي قضي له بنسبه والذي هو في يديه يملكه، وإن شهدوا أنه تزوجها علي أنها حرة ولم يشهدوا أنها حرة أعتقته وألحقت نسبه بأبيه (2)، وعليه قيمته للذي هو بيده، وإن قالوا في شهادتهم أنها حرة كان ابنه حرا لا قيمة عليه.
ولو ادعاه رجلان وهو بيد أحدهما، وأقام كل واحد بينته أنه ابنه ألحقته بأعدلهما بينة فإن تكافأتا ألحقه بمن هو في يديه بلا يمين لأن النسب لا يلحق أو يدفع باليمين.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: / إذا عرف قبل الدعوي أنه ابن الذي هو بيده يحوز نسبة ولو طرفة عين فلا يزيل نسبة عنه بإقرار منه ولا بينة يأتي بها
[9/ 60]
__________
(1) في الأصل، محدود النسب.
(2) في الأصل، محدود النسب.

(9/60)


الآخر، وإن ينسب إلي الذي هو بيده قبل الدعوي قضيت لأكثرهما بينة، فإن تكافأتا قضيت به لمن هو بيده كما لو ادعاه وهو رقيق بيد أحدهما، ولا ينظر إلي قول من قال إنها البينة علي من ادعي لا علي من هو بيده.
ومنه ومن كتاب ابن سحنون، قال أشهب في عبد وامرأته بأيديهما صبي يدعي العبد أنه ابنه، وأقام بينة، وأقام رجل عربي بينة أنه ابنه فليلحق بأعدلهما بينة، وأقام رجل عربي بينة أنه ابنه امرأته هذه العربية أو المولاة أو الذمية وحريتها معروفة حين ولد هذا الصبي فأقضي به للذي ليس في يديه استحسانا كما بدأ المسلمون العتق علي الوصايا.
قال ابن الماجسون: سواء قالت البينة هو من امرأته هذه الحرة أو لم تقل فإن كان حازه نسب قبل الخصوم عرف به فلا ينزع عنه، وإن ابتديا ذلك في مجهول قضي بالأعدل أو بأكثرها فإن تكافأتا قضيت بنسبه لحائز العبد.
وقال أشهب فيمن بيده صبي أقام آخر بينة أنه ابنه وقامت بينة أخري علي إقرار من هو بيده أنه ابنه قضي لمن شهد له أنه ابنه، إلا أن تكون بينة شهدت بإقراره / أيضاً فليحق نسبه بمن هو بيده لأن من أقر بالولاء لرجل ثم طلب نقله عنه لم يكن له ذلك، فإن آخر بينة أنه مولاه فهو أحق به.
وقال ابن الماجشون في زوجة بيد أحد رجلين أقام كل واحد منهما بينة أنها امرأته بالشهادة لأولهما وقتا، فإن لم يؤرخوا أو يتتفقوا في التاريخ قضيت بها لمن هي بيديه، وقال ابن القاسم إذا أقام كل واحد من رجلين البينة في إمرأة أنها امرأته وعدلته فإن كانت إحداهما أعدل والمرأة مقرة لأحدهما أو منكرة إني أفسخ النكاحين بطلقة بخلاف البيوع، وقال ابن المواز: لا ألزم التطليقة من نكحها منهما الآن قبل أن تنكح أحدا.
[9/ 61]

(9/61)


وقال سحنون: يقضي بأعدل البينتين في ذلك، فإن تكافؤوا لم يكن الفسخ طلاقاً، وكأنه لم يثبت نكاح، أو إن أصاب أحدهما منفعة (1) بعد ذلك فله القيام.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه وعن صبي ادعاه نصراني ومسلم لم يولد عندهما لحق به نسبها وتعتق عليه ولا قيمة عليه في الأم إن أقر بعد موتها ورويت هذا عن بعض أصحابنا، وقال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في المولي يموت فيدعي رجلان ولاءه، يدعيه كل واحد منهما ولا يأتيان ببينة / يحلفان ويقسم المال بينهما؟ قال لا وإنما هذا فيها تنازعاه ولا دافع عنه، فأما ما للسلطان أن يدفع عنه وهو يرثه إن لم يثبت له وارث، فلا إلا أن يقيما بينةفيتهاتر بينهما [من ناحية أن البيتين كلاهما آخرجاه أن يكون للمسلمين وهو لأحد هذين، فلما أشكل علينا من هو منهما قسمناه بينهما] (2) وقاله أصبغ، قالا ثم إن أقام أحدهما بعد ذلك بينة عي أعدل من الأخري أيرجع علي صاحبه فيما قبض؟ فقال مطرف لا يرجع عليه بشئ وهو حكم قد مضي، وقال ابن الماجشون وأصبغ بل يرجع عليه فيؤخذ منه ما أخذ، وبه أقول.
[9/ 62]
__________
(1) في الأصل، منافعة بعد ذلك.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص،

(9/62)


في أخوين مسلم وكافر
يدعي كل واحد منهما أن أباه مات علي دينه
وكيف إن أقاما بذلك بينة
وكيف إن كان أحدهما مسلما
فادعي أنه أسلم بعد موت أبيه وكذبه الآخر،
أو قال عتقت قبل موت أبي وكذبه أخوه
من العتبية (1) قال أصبغ فيمن هلك وترك ابنته وأخته فقالت البنت هلك وهو مسلم، يعني وهي مسلمة، وادعت الأخت أنه مات نصرانيا وهي نصرانية، قال كلتاهما يتداعيان النصف فأراه بينهما بعد أيمانهما والنصف الآخر لجميع المسلمين.
ولو ترك ابنا وابنة فادعي الابن أنه هلك مسلما وقالت الابنة هلك نصرانيا، قال يكون للابنة الربع لأنها تدعي النصف لا غيره، وللابن ثلاثة أرباع/ المال لأنه يدعي المال كله.
قال يحي بن يحي عن ابن القاسم في نصراني مات وله بنون فتأخر قسمهم ثم طلبوا القسم وفيهم يومئذ مسلمون، فقال إنما أسلمت بعد موت أبي، وقال إخوته بل قبل موته أسلمت فعلي المسلم البينة أن أباه مات وهو نصراني لأن إسلامه ظاهر وهو مدع لأخذ الميراث، قال يحي بن عمر، وذهب محمد بن عبد الحكم إلي أن القول قول المسلم أنه أسلم بعد أبيه، وبقول ابن القاسم أقول، وذكر ابن حبيب عن أصبغ مثل قول ابن عبد الحكم، وقال لأن أصله النصرانية التي يحق له بالميراث، فمن طلب أن يزيله عن ذلك فهو المدعي واحتج علي ابن القاسم بقوله أن لو مات الأب فاختلف ولده فقال هذا مات مسلما وقال الآخر مات نصرانياً أن القول قول النصراني لأن أباه قد عرف بالنصرانية.
[9/ 63]
__________
(1) البيان والتحصيل، 14: 291.

(9/63)


ومن كتاب ابن سحنون لأشهب وقال في داربيد رجلين مسلمين فأقرا أن أباهما مات مسلما وتركها ميراثاً، وقال أحدهما كنت مسلما وأبي مسلم وصدقه أخوه وقال قد أسلمت أنا في حياة أبي فكذبه الآخر وقال لا بل بعد موته أسلمت قال هي للمسلم الذي اجتمعا عليه، وعلي الآخر البينة أنه أسلم قبل موت أبيه، وكذلك إن كان عبدا يقال لأخيه عتقت أنت بعد موت أبيك وعتقت أنا قبل موته، وقال هو عتقت أنا وأنت قبل موته، فالميراث للذي اجتمعا علي عتقه وعلي الآخر البينة بعد أن يعرف/ أنهما اليوم أحرار، وهذا إن لم يطل حيازتهما للدار ما يري أن مثله حيازة علي الآخر، ولو كان مسلم وكافر فقال أحدهما إن أبانا مات وتركهما ميراثا ومات كافرا وقال المسلم قد أسلم قبل موته، وقال الكافر مات علي كفره، قال المسلم مدع وعليه البينة، ولو لم يقر بأن أباه كان كافرا وقال كان مسلما وقال الكافر بل كان كافرا لم أجعل القول قول المسلم بإسلامه وأرد قول الكافر بكفره لأن كل واحد مدع علي صاحبه، ويحلف كل واحد منهما علي دعواه ثم يقسم الميراث بينهما، قال ولو مات رجل وله مسلمون وله أبوان كافران، قال فالأبوان مدعيان علي ولد الميت أن الميراث لهما دون الولد، والأولاد مدعون علي الأبوين مثل ذلك، فليحلف كل فريق علي دعواه، ثم أورث الأبوين والوالد ولا أصدق المسلمين بدعواهم. قال سحنون: وهذا إن كان الأبوان غريبين لا يعرف ما كان أصلهما، فأما إن عرف أنهما لم يريا نصرانيين يعرفان بذلك، فالمال لهما والقول قولهما إن أباهما نصراني لأن الأب إذا كان نصرانيا فقد صار أصل الابن النصرانية، فمن ادعي إسلامه فهو المدعي، وعن رجل هلك فادعي رجل مسلم بأن هذا الميت أبي، وأن هذا الصبي الصغير أخي وأنا مسلم وهو مسلم، وقال رجل نصراني إن هذا الميت أبي / وأن هذا الصغير أخي، وهو نصراني وأنا نصراني كيف يكون غسله والصلاة عليه؟
قال ليس غسله والصلاة عليه حجة من شك فيه فعل به ما يفعل بالمسلمين فإن كان له تركة وهي بأيديهما جميعا قسم المال بينهما بعد أيمانهما ووقف بثلث ما بيد كل واحد منهما، فإن كبر الصبي فادعى الاسلام اخذ ثلث ما في يد المسلم، وإن أحد ادعى النصرانية أخذ ثلث ما بيد النصراني بعد يمين المنكر، والله أعلم.
[9/ 64]

(9/64)


ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن مات عن ولدين مسلم ونصراني، وكل واحد منهما يدعي أن أباه مات علي دينه فليحلفا ويقتسما المال بينهما، وإن أقاما بينة مسلمين وتكافأتا فالقياس أن يقضي بالمال لمن له أعدل البينتين، فإن تكافأتا سقطتا ولابد أن تقول كل بينة إنا لم نزل نعرفه بالحال التي شهدنا بها إلي أن مات ونحن من أهل الخبرة به، ولو استحسن أحد أن يكون مسلما لأن الإسلام (1) لا يكون بعده كفر يقر عليه، وقد يري ابنه الكافر من مورثه فإن الكفر يكون بعده الإسلام ويقر عليه كان قولاً حسناً، ولو أقر كل واحد أن أباه مات علي دين الآخر فقد أقر أنه لا شئ لهما في هذا المال، وابن القاسم يري أن النصراني إذا مات ولا وارث له أن ميراثه للمسلمين. وقال أشهب يرثه أهل دينه، فعلي مذهب أشهب في هذا يكون نصفه للمسلمين ونصفه لأهل دينه، وأجابني محمد بن / عبد الحكم فيها بمذهب أشهب، وقال ابن المواز بالقول الأول، وقال محمد ولو كان مع هذين الولدين الكبيرين طفل فنصف المال للطفل علي كل حال لا نسمع أحدهما يصلح له النصف، وكل واحد منهما مقر له به، والنصف الآخر يقسم بين الكبيرين بعد أيمانهما، ومن نكل كان النصف لمن حلف، وذلك بعد الاستيناء من الحاكم ليأتي أحدهما ببينته، فإن لم يأتيا ببينة كان ما ذكرنا، وأما الولد فأحب إلي أن يكون مسلما ويرث علي ذلك، فإن غفل عنه حتي كبر علي النصرانية وحتي بلغ لم يكره علي الإسلام، قيل فإن لم يعرف أنهما ولداه أصلا أتكلفهما البينة علي النسب، قيل البينة علي الدين؟ قيل إن كان المال بأديهما لم أكلفهما بينة علي النسب، قيل البينة علي الدين؟ قيل إن كان المال بأيديهما لم أكلفهما بينة علي النسب، وإن كان في يد غيرهما كلفا البينة علي النسب. ومن مات عن ثلاثة بنين مسلمين ونصراني فادعي أحد المسلمين أن أباهم مات وهو مسلم ووقف المسلم الآخر وادعي النصراني أن أباه مات نصرانياً، فإن المسلم المدعي لدين أبيه مقر أنه ليس له إلا النصف والنصراني يدعي جميع المال ولا منازع له في النصف فيأخذه ثم ينازع المسلم في النصف الآخر، فكل واحد منهما يدعيه فيقسم بينهما بعد أيمانهما فيصير للمنفرد ثلاثة أرباعه ولمدعي دين الأب من المسلمين الربع والذي لا يدعي شيئا لا شئ له إذ لا يكذب أحدا،
[9/ 65]
__________
(1) في الأصل، وإسلامه.

(9/65)


وإن ترك ولدين نصرانيين وولدين مسلمين كل فريق يدعي أن الأب مات علي دينه فإنه / تقسم تركته بينهم أرباعا بعد أيمانهم، فإن نكل أحد الفريقين كان جميعه للفريق الحالف، وإن نكل واحد من كل فريق كان للذي معه ما يصيب صاحبه ولو حلف، قال ولو أن المسألة بحالها إلا أنه رجع أحد المسلمين ورجع أحد النصرانيين بعد أن قبضوا، قال فالراجع أولا يسلم حقه للطائفة الأخري، فإن رجعا معا فالراجع يسلم ما في يديه لمن لم يرجع من الفريق الآخر، وذلك أنهما لو نكلا قبل القسم كان المال بين الحالفين من كل فريق نصفين، قال ولو ترك ابناًَ نصرانياً يقول أبي نصراني وابنتين (1) واحده كبيرة مسلمة تقول هو مسلم والأخري صغيرة، قال فالذكر يقر للصغيرة بالثلث والكبيرة المسلمة تقر أن للصغيرة الثلث ولها هي الثلث فلا منازع للصغيرة في الثلث، وإنما التداعي في الثلثين بين الابن والبنت الكبيرة المسلمة، فهي تقول لي الثلث والثلث الآخر للعصبة، والابن النصراني يدعي الثلثين فيقسم الثلث الذي يصير للبنت الكبيرة بينها وبين الابن لأنه ينازعها فيه وتنازع العصبة الابن في الثلث الآخر فيقسم بينهما فيصير للأخ الثلث وللعصبة السدس وللبنت المسلمة السدس وذلك إن كان العصبة علي دين البنت الكبيرة، قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن هلك وترك ابنين مسلما ونصرانيا (2) كل واحد يدعي أنه مات علي دينه، فقالا إن تقم بينة وعرف أنه كان نصرانياً فهو للنصراني حتي يقيم المسلم بينة أنه مات مسلما لأنه مدع / لإسلام أبيه، فإن أقاما بينة قضيت بأعدلهما، فإن تكافأتا قسم المال بين ولده المسلمين والنصراني نصفين قل عدد أحدهم أو أكثر، ثم يقتسمه كل طائفة منهم علي مواريثهم، وليس قيام البينة للمسلمين بأنه صلي عليه ودفن في مقبرة المسلمين بحجة علي الأخري إلا أن يكون حاضرا ولا ينكر فيقطع ذلك حجته.
قال سحنون في كتاب ابنه في الهالك يدعي ابنه أنه مات مسلما وابنه الآخر أنه مات نصرانيا وله ابن صغير فليحلفا ويوقف ثلث ما بيد كل واحد حتي
[9/ 66]
__________
(1) في ص، وأختين.
(2) في الأصل، مسلم و"ونصراني" بالرفع.

(9/66)


يكبر الصغير فيدعي دعوي أحدهما فيأخذ ما وقف له من سهمه ويرد إلي الآخر ما أوقف من سهمه.
ومن العتبية (1) قال أصبغ: كلاهما مقر للصغير بالنصف فله النصف ويجبر علي الإسلام ولهذين جميعاً بينهما.
قال سحنون: فإن مات قبل أن يبلغ حلفا زاقتسما ميراثه، وإن مات أحدهما قبل بلوغه وله ورثة يعرفون فهم أحق بميراثه وإلا ترك، فإذا كبر الصبي وادعاه كان له.

فيمن أقام بينة في دار أنه ورثها عن أبيه
وأقام آخر بينة أن أباه تصدق بها عليه
أو بينة بالصدقة وبينة أن المعطي كانت بيده حتى مات
وكذلك في رهن وفي حيازته
من كتاب ابن عبدوس قال أشهب: ومن أقام بينة في أمة بيد رجل أنها لأبيه مات وتركها ميراثاً له لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام آخر بينة أن أبا هذا الطالب تصدق بها عليه وحازها عنه، فإن قالت بينة ابن الميت أنها له لم تزل في / يد الميت حتي مات وهو يختدمها قضيت [بأعدل البينتين، فإن تكافأتا قضيت ببينة ابن الميت، قال ومن أقام بينة أن أباه تصدق عليه بعبد فقبضه وقامت بينة أنه لم يزل في يد الميت حتي مات، قال إذا فات إيقاف الشهود قضيت] (2) بأعدلهما لتكاذبهما، وإن لم يفوتوا أوقفوا، فإن رأي في شهادة إحدي البينتين ما هو أقوي من الأخر قضي بذلك مثل أن تقول بينة نشهد أنه كان يخدمه في مرضه كما كان في صحته، وقالت الأخري نعلم أنه حاز ولا نعلم ما قالت هذه، أو تقول بينة الحوز أنه لم يزل في يد المتصدق عليه حتي مات المتصدق، وتقول
[9/ 67]
__________
(1) البيان والتحصيل، 14: 193.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/67)


الأخري لا علم لنا بهذا، ولكن رأيناه يختدمه، فتكون بينة الحوز أولي وإن تكافأتا في القوة قضيت بأعدلهما، وإن تكافأتا في العدالة فالصدقة باطلة، وإن كان الشهود أربعة, اثنان علي كل شهادة، فاثنان أعدل من أحد الشاهدين المخالفين لهما ودون عدالة الآخر حلف صاحب الشاهد الذي هو أعدل مع شهادة شاهده الذي هو أعدل، فإن أبي أن يحلف قضي لصاحب الشاهدين الآخرين.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن شهد رجلان في وهن علي حيازته، ثم شهد آخران أنه لم يحزه فشهادة الحوز أولي.
وكذلك في المجموعة عن المغيرة وابن الماجشون وقال سحنون في كتاب ابنه، قال ابن المواز: وأحسن ذلك أن يقضي ببينة من ذلك في يديه.

فيمن شهدت بينة فيه أنه أوصي
أو فعل / فعلا أو أقر أو زني
في صحة عقله،
وبينة أنه كان موسوساً حينئذ
أو بينة أنه قتل فلانا
وبينة أنه كان ذلك اليوم ببلد آخر
وكذلك في غير القتل
أو بينة أنه مات يوم كذا
وبينة أنه كان يومئذ حياً
من المجموعة والعتبية (1) عن ابن القاسم من رواية أبي ويد وهي في كتاب ابن المواز في امرأة شهدت بينة أنها أوصت في صحة عقلها، وشهد اثنان أنها كانت حينئذ موسوسة، فشهادة من شهد أنها صحيحة العقل أولي.
[9/ 68]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 234.

(9/68)


وقال سحنون في المجموعة والعتبية (1) في أربعة شهدوا علي رجل بالزنا وأنه حينئذ صحيح العقل، وشهد اثنان غيرهم أنه كان يومئذ ذاهب العقل فإن قاموا به وهو صحيح العقل قضي بشهادة الذين قالوا صحيح العقل وإن قاموا به وهو ذاهب العقل فالشهادة شهادة الآخرين.
من العتبية (2) قال سحنون في أربعة شهدوا علي رجل أنهم رأوه يزني يوم كذا وهو صحيح العقل وشهد عدلان غيرهم أنه كان ذلك اليوم وفي ذلك الموضع مجنوناً، قال إن قيم به وهو عاقل أقيم عليه الحد ولا تزيل ما ثبت من الحد بقول الآخرين، وإن قيم به وهو مجنون [ذاهب العقل فقد قال بعض أصحابنا إنه يصرف عنه الحد إذا قيم به وهو مجنون (3)].
قال أبو بكر بن محمد اللباد: إنما المراعاة وقت رأوه لا وقت القيام به، يريد أبو بكر فإذا غلب قول الشهود أنه عاقل صبر به الآن حتي يفيق فيحد.
ومن المجموعة وكتاب ابن / سحنون قال ابن الماجشون في بينة شهدت أن فلانا قتل رجلا عمدا، فأقام فلان بينة أنه كان يومئذ ببلد بعيد، قال فشهادة القتل أولي، وكذلك في كتاب ابن المواز. وروي مثله سحنون عن ابن القاسم في العتبية (4) وقاله أصبغ، قال وكذلك لو كان مكان القتل زني أو سرقة، قال سحنون ولا يجرحه ما شهدوا به إلا جرحتهما وليس ما أتي به بتجريح.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال سحنون إلا أن يشهد مثل أهل الموسم في جماعتهم أنه أقام بالحج لك اليوم وأهل مضر أنه صلي بهم العيد ذلك اليوم بطل القتل، لأن أهل الموسم لا يجتمعون علي الغلط ولا يشبه عليهم وقد يشبه علي الشاهدين، وأكثر من ذلك قال في هذه الكتب ابن الماجشون وابن القاسم في العتبية، ولو قال المقتول قتلني فلان قال في كتاب ابن سحنون، أو
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 187.
(2) البيان والتحصيل، 10: 187،
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص،
(4) البيان والتحصيل، 10: 165.

(9/69)


قام بالقتل شاهد وقامت بينة أنه كان ذلك اليوم ببلد بعيد، يقول البينة أولي، وكذلك لو قال ضربني فلان يوم النحر وهو بمصر من ضربه أموت وقامت بينة أنه كان معهم يوم النحر بمني فالبينة أولي، قال في كتاب ابن سحنون فيمن قال قتلني فلان صباح هذا اليوم، وشهد قوم أن فلانا بات معهم تلك الليلة قال هو كالأول.
قال وإن قال الشهود مشي معنا بموضع كذا والموضع ينال من موضع الميت في ليلة، فهذا ملبس والقسامة واحدة.
من المجموعة قال سحنون: وإن شهد رجلان أنه قتل ولي هذا/الرجل يوم كذا بمصر عمداً، وشهد آخران أنه قتل ولي هذا الرجل الآخر ببلد آخر في ذلك اليوم عمداً أو خطأ لبطلت الشهادتان جميعاً، وقال أصبغ في العتبية (5): قد اجتمعا علي قتل إذا قام أولياء القتيلين في العمد قتل لهما، وكذلك لو شهد أربعة أنه زنا بمصر يوم عاشوراء، ثم شهد آخرون أنه زنا بالعراق ذلك اليوم لحد حداً واحدا لأن البينتين أثبتتا زنا، ولو شهدت بينة أنه زنا بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وشهدت بينة أنه سرق ذلك اليوم بالعراق أو قتل سقطت الشهادتان.
قال سحنون في المجموعة: ولو قال بعض أوليائه قتل بموضع كذا، وقال بعضهم بل بموضع كذا وأقاموا البينة كلهم سقطت الشهادة. ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإن شهدوا أن فلانا مات سنة ثمانين، وشهد آخرون أنهم رأوه سنة إحدي وثمانين، فشهادة هؤلاء أحق.
[قال (6) محمد بن عبد الحكيم: ولو شهد شاهد أن فلانا أقر عنده يوم عرفه بعرفة لفلان بكذا، وشهد آخر أنه أقر عنده لهذا الرجل في ذلك اليوم بمصر بمائة إردب قمح، فإن كانا في العدالة سواء بطلت الشهادتان، وإن ادعي شهادة أعدلهما حلف معه وأخذ ما قال وبطلت شهادة الآخر، وإن ادعي شهادة الذي
---------------------
(5) البيان والتحصيل، 10: 201.
(6) من هنا يبدأ حذف نحو صفحتين من ص، وينتهي عند إغلاق المعقوقة.
[9/ 70]

(9/70)


هو دون الآخر في العدالة لم يقض له بشئ لتكذيب الأعدل له، ويحلف المدعي عليه ويبرأ من ذلك كله، قل أبو محمد فأعرف لأشهب أنه إنما تسقط إحدي/ البينتين بالأخري، إنما كانوا شاهدين، وشاهدين لأنه كالتجريح لا يقبل فيه واحد، فعلي هذا يكون له في المسألة الأولي إن يدعي شهادة الدون في العدالة.
قال محمد بن عبد الحكم: لو كان مكان كل شاهد شاهان أخذ بشهادة الأعدل إن ادعي شهادة الآخرين فلا شئ له.
وقال بعض أصحابنا: إذا شهد عدلان أنه أقر عندهما بعرفة يوم عرفة من سنة كذا لفلان بكذا، وشهد عدلان أنه كان ذلك اليوم عندها بمصر أنه يقضي بشاهدي الإقرار لأنهما شهدا بحق والآخران لم يشهدا بحق وليس لهذا عندي معني، وأري إن كان اللذان شهدا أنه يومئذ بمصر أعدل فلا شئ له، وهو تجريح للآخرين إما زور وإما خطأ ألا تري لو شهد شاهدان أنه أقر لفلان بكذا في سنة مائتين، وشهد آخران أعدل منهما أنه مات قبل المائتين، أو أنه ولد بعد المائتين أن ذلك يبطل شهادة الآخرين، ولو استووا في العدالة بطلت الشهادة، قال أشهب: كل شهادة ردها مثلها فهي باطل،] قال محمد: ولو شهد شاهد أنه أقر لرجل يوم عرفة بعرفة من سنة كذا بمائة دينار، وآخر أنه أقر لرجل آخر في ذلك اليوم بمصر بمائة إردب قمح، وشهد آخر أنه أقر ذلك اليوم بالشام لثالث بمائة إردب شعير، فإن استووا في العدالة أو كان اثنان أعدل من الثالث بطلت الشهادة أو إن كان واحد أعدل حلف معه واحد، وكذلك لو كان مكان كل شاهد شاهدان/.

في المتزوجة تقوم بينة أنها تزوجت غير بالغ
وبينة للزوج أنها كانت بالغا
وفي بينة شهدت علي امرأة أنها زفت طائعة
وبينة أنها كانت حينئذ مكرهة
قال سحنون في المجموعة في يتيمة تزوجت، فشهدت بينة أنها تزوجت غير بالغ، وقال الزوج بل هي بالغ، فأقام بذلك بينة، فقد قال بعض أحصابنا إنه
[9/ 71]

(9/71)


تهاتر وينظر إلي أعدل البينتين، ونحوه لابن القاسم وأشهب، وقال الآخرون البينة بينة من شهد أنها بالغ.
قيل فإن دفع إلي الحاكم في يتيمة أنها نكحت في بالغ، قال يكشف عن ذلك، فإذا نظرها النساء وقلن لم يثبت فذلك يجري في هذا، ولا يجري في هذا أقل من امرأتين.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون في يتيمة زوجت فادعت أنها زوجت قبل البلوغ، [وقال الزوج بل بعد البلوغ، قال إن زوجها وليها فالبينة عليها أنها زوجت قبل البلوغ. (1)] وعن البكر يدخل بها زوجها وهي سفيهة ثم ترشد ويصلح حالها وقد وهبتة، هبة، ثم ادعت أن ذلك في سقهها، وقال الزوج بل بعد أن رشدت، قال فالبينة علي الزوج وهو المدعي.
وقال ابن الماجشون في المجموعة في أربعة شهدوا علي رجل وامرأة بالزني طوعا، وشهد اثنان أنها في ذلك مكرهة، قال تسقط شهادة لأن شهادتهم علي قولهم توجب حدهم، وشهادة الأربعة ثابتة، وكل فريق من الأربعة زادت، فالأربعة / زادوا زني المرأة والاثنان زادوا الصداق علي الزوج ولا يمكن ها هنا الأخذ بالزيادتين، ولو كانوا أربعة وأربعة سقطت الشهادتان، ولا تجد من يشهد علي المرأة بالطوع، كما لو شهد فريق أنه زنا بمصر يوم الفطر وفريق أنه زنا يوم الفطر بمكة لأبطلت الشهادتين، ولا يحد الفريقان. قال سحنون: إن شهد رجلان علي محدود في الزني أنه غضب امرأة بوطئها وهم ينظرون أنه يلزمه الصداق بشهادتهما، وكذلك لو شهدا أنه غصب امرأة فأدخلها بيته، ثم ادعت هي المسيس لوجب لها الصداق.
[9/ 72]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/72)


فيمن أوصي بعتق عبد إن مات من مرضه هذا
فيدعي العبد أنه مات منه
ويقول الورثة بل صح، ويقيمان بينة
من كتاب ابن المواز والمجموعة قال أشهب فيمن أوصي إن مات من مرضه هذا ففلان حر وقام بذلك شاهدان وقالا لا ندري متي مات، وقال عبد مات منه، وقالت الورثة بل صح، قال الورثة مصدقون مع يمينهم، لأن العبد يدعي الحرية، قال ابن المواز: إن قالت البينة إنه أوصي بذلك في مرضه فالقول قول العبد حتي يقيم الورثة البينة أنه صح منه.
قال أشهب في الكتابين: ولو أقام العبد بينة أنه مات منه، والورثة بينة أنه صح منه قضي بأعدلهما، وإن قال إن مت من مرضي فميمون حر وإن برأت فمرزوق حر، فقال ميمون مات / منه، وقال مرزوق بل صح منه وصدقه الورثة، قال فالورثة مصدقون مع أيمانهم، ولا قول لمن أكذبته فإن قامت البينة أنه مات من مرضه عتق ميمون في ثلثه، ثم إن ثبت الورثة علي أنه قد برأ من مرضه بعد شهادة بينة ميمون وكان الثلث يحمل مرزوقا بعد إخراج ميمون من حمله المال عتق مرزوق أيضا، فإن كان بعضهم لم يقر بعتق وبيع ويؤمر أن يجعل ما نابه منه في عتق ومن اشتراه، فمن أقر فأقام علي إقراره عتق عليه، فإن أقاما جميعا البينة قضي بأعدلهما فإن كان شهداء ميمون أعدل أعتقته ببينته وأعتقت الآخر بإقرارهم علي ما ذكرنا إذا لم يكن معهم ورثة، وإن كان شهداء مرزوق أعدل أعتقته وحده بشهادة بينته وبالإقرار، قال ابن المواز في هذا الجواب غلط وهو قوله ويعتق مرزوق في ثلث ما بقي، بل يعتق من رأس المال لأنه إنما يقع عتقه بعد صحته إذا ثبت ما أقرت له به الورثة، وكذلك لو قامت لمرزوق بينة فهو بخلاف جوابه أول المسألة أري ألا قول لمرزوق ولا لورثته أنه مات من غير ذلك المرض وأنه صح منه إلا بشاهدتين.
وقال ابن المواز عن ابن القاسم: وإن تكافأت بينة ميمون ومرزوق عتق من كل واحد نصفه، إلا أن تكون إحداهما أعدل فيقضي بها، قال محمد وذلك إذا كان من شهد أنه مات من مرضه لم يغيبوا غيبة تمكن فيها صحته، وقال أصبغ
[9/ 73]

(9/73)


الشهادة شهادة من شهد علي الصحة كما لو شهدوا أنه أوصي، فقال بعضهم في / صحة عقلة، وقال آخرون ليس بثابت العقل.
ومن المجموعة قال أشهب: فإن قال إن مت في جمادي فعبدي فلان حر، وإن مت في رجب فعبدي فلان حر فشهد رجلان أنه مات في جمادي وآخر أنه مات في رجب قضي بأعدلهما لا بأولهما.
قال في الكابتين: إن قتلت فميمون حر، ثم شهد شاهدا الوصية أو غيرهما أنه قتل وشهد آخران غيرهما أنه مات فليقض بأعدلهما، ولو شهد بموته شاهدا الوصية ثم شهد غيرهما أنه قتل لم يعتق، وإن كان شاهدا القتل أعدل، وكذلك لو شهد رجلان أنه قال إن مت من سفري هذا ففلان حر وشهدا أنه مات منه، وشهد آخران أنه رجع من ذلك السفر فمات في أهله أجزت شهادة أعدلهما علي ما تقدم ذكره، ولو قال شاهدان إنه قال إن مت من سفري فمرزوق فميمون حر وأنه قدم منه قضيت بأعدلهما وجري من هذا الباب في باب في آخر كتاب الوصايا الثالث.

في الرجلين يتداعيان فيما وقع به البيع
من الثمن أو الإجارة أو الكتابة
أو اختلفا في المبيع نفسه
واختلاف البينة في ذلك وفي الطلاق
أو في الدين أو في الوصايا،
وفي إقرار المطلوب نصف غير ما ادعي المدعي
من المجموعة قال ابن نافع فيمن باع سلعة، فقال بعتها بعشرين وقال المبتاع بعشرة، وأقام كل واحد بينة أني أقضي بالزيادة، وكذلك في / الطلاق وقاله ابن الماجشون في أربعة شهدوا في مجلس، قال اثنان نشهد أنه طلقها ثلاثا، وقال اثنان
[9/ 74]

(9/74)


نشهد أنه لم يلفظ إلا بواحدة فيلزمه الزائد وكذلك روي يحي بن يحي في العتبية (1) عن ابن القاسم عن مالك.
ومن المجموعة قال أشهب، وهو في كتاب ابن المواز: إذا شهد ثلاثة نفر لرجل، فشهد اثنان أن له عليه بغلا، وشهد الآخر أن له عليه حماراً، وقالوا كلهم هي شهادة واحدة، فإن ادعي الطالب الحقين بطل دعواه في الجميع.
وإن ادعي ما قاله الشاهد حلف واستحق وإن ادعي ما قاله الشاهدان أخذ ذلك بلا يمين، فإن طلب شهادة الشاهد، فقام المطلوب بشهادة الشاهدين يكذب بهما الشاهد فذلك له ويغرم ما قالا. محمد ويحلف علي إبطال قول الواحد إن لم يكن فيما أقر به ولا ما قال الشاهد، وله أخذ ما أقر به المطلوب، وإن لم يدعه، قال في المجموعة: وإن أبي أن يأخذه وطلب المطلوب إكراهة عليه فذلك له، وإن لم يكرهه علي ذلك لم أجبرهما علي شئ منه ومتي ما رجع الطالب فيما كان جحد من ذلك كان له أخذه، ولم أر له عليه يمينا فيما جحده مما شهد له به الشاهد إذ لا خلطة تثبت له، وقال ابن المواز يحلف، قال محمد: وأحب إلينا إذا حكم عليه بما شهد به الشاهدان وهو ينكره أن يباع ويشتري بثمنه ما ادعي من قول الشاهد، فما نقص لم يكن له غيره، وإن زاد رد الفضل علي النطلوب، فإن لم يقبله لم يجبر علي أخذه، وقيل لهذا تصدق به عن من هو له، وهذه المسألة من أولها في / العتبية (2) عن سحنون ما كان ها هنا منها لأشهب مذكور، قال ابن المواز: وإن لم يقر المطلوب بما يقول الشاهدان لم يبطل عنه شهادة الشاهد وهو مع الطالب من كذب الشاهدين، ويقضي للطالب بشهادة الشاهد مع يمينه، قال وإن طلب المدعي شهادة الشاهدين وقال المطلوب بشهادة الشاهد يكذب بها الشاهدين [وهو مقر بقول] (3) الشاهد فلا يكذب شاهدان بشاهد ويأخذ المدعي أي الحقين شاء، قال وإن قال شاهدان أمر بمائة دينار وقال شاهدان بألف درهم
[9/ 75]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 88
(2) البيان والتحصيل، 10: 172.
(3) كلمة ممحوة من الأصل.

(9/75)


أو مائة قفيز قمح، وقالوا كانت شهادة واحدة، فإن ادعي المدعي الحقين جميعا شقطت الشهادتان إن تكافأت البينتان في العدالة، قال محمد بل تسقط الشهادتان وإن ادعاهما وإن لم تتكافأ في العدالة وهم عدول، فإن ادعي أحدهما فذلك له، وإن تكافؤوا في العدالة، [فأخذه بلا يمين، فإن أقام المطلوب بشهادة اللذين كذبهما الطالب فإن تكافؤوا في العدالة] (1) فهو تكذيب لشاهدي الطالب ويغرم المطلوب ما أقر به بلا يمين عليه للطالب، ويقال للطالب بعه واشتر بثمنه ما ادعيت، فإن نقص فليس لك غيره، وإن زاد رددت الزيادة عليه، فإن لم يبقلها تصدق بها عن من هي له، قال وإذا سقط شاهدا الطالب بدعوي المطلوب لشهادة الآخرين وتكافئهم قال أشهب فلا يمين للطالب عليه ألا يخلطه غير هذه تثبت وفي باب في آخر الكتاب وهو باب مسائل في المدعي والمدعي عليه / فيه مسألة من ادعي علي رجل بدارهم، وقال المطلوب إنما لك علي زيت وقال الحميل تحملت لك عنده بطعام، قال محمد بن المواز: إذا سقط بالتكافؤ فلا يمين فأما بدعوي المطلوب إحدي البينتين فاليمين قائمة.
قال ابن المواز قال أصبغ قال اشهب: وإن شهد لرجل شاهدان أنه اشتري من فلان عبده بخمسين دينارا، وشهد آخران للبائع أنه باعه منه بمائة، وقال الأربعة هو مجلس وأحد قضي بأعدل البينتين، فإن تكافأتا، سقطتا وتحالفا وتفاسخا، فإن فاتت السلعة تحالفا وردا القيمة عند أشهب.
وقال ابن القاسم: إن باتت فالمبتاع مصدق ويحلف.
ومن العتبية (2) قال سحنون إذا شهد شاهدان لرجل فقال أحدهما أشهد له علي فلان ببغل، وقال الآخر بحنطة، وزعما أنها شهادة واحدة، فإن ادعي الشهادتين بطلتا، وإن ادعي إحداهما حلف مع شاهده وأخذ ما ادعي.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقام شاهدا أنه اشتري منه غلاما بمائة دينار، وأقام شاهدا أنه اشتري منه غلاما بمائة دينار، وأقام شاهدا آخر بأنه اشتري منه هذا الغلام المذكور وهذه الجارية بمائة دينار،
[9/ 76]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 10: 172.

(9/76)


والغلام بيد المشتري والجارية بيد البائع، فإن ادعي الغلام والجارية حلف في الجارية وأخذهما وإن ادعي الغلام وحده أخذ بلا يمين وقد جرت من هذا الباب مسائل كتبتها في الصفقة، ومنها في القسم، ومنها في المكاتب في اختلاف البينات في ذلك والتهاتر فتركت إعادتها ها هنا والله الموفق للصواب./

في الشهود يختلفون في كلام رجل
في إقرار أو وصية أو غيرها في مجلس
فيقول بعضهم تكلم بكذا ويقول آخرون بل بكذا
أو يشهدون بخلاف شهادة الآخرين
واختلاف البينة في غير شئ من اليمين والحنث وغير ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في أربعة نفر كانوا في مجلس مع رجل فشهد عليه اثنان أنه حلف بطلاق البتة، وقال آخران إنما كانت يمينه بواحدة قال يؤخذ بشهادة الأكثر من الطلاق. وكذلك لو قالا أعتق غلاميه زيداً وميموناً وشهد آخران أنه لم يذكر غير زيد فليؤخذ بالأكثر، قال ابن القاسم: ولو كانا علي سلف فقال اثنان عشرين وقال آخران إنما كانت عشرة، فليؤخذ بالزائد.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله ابن القاسم في المجموعة والعتبية (1) من رواية أبي زيد وإن شهد رجلان علي رجل أنه قال عبدي حر، وشهد آخران أنه قال امرأته طالق وقالوا كان مجلس وكلمة واحدة، فالشهادة باطلة إن استووا في العدالة، وإلا قضي بأعدلهم، قال ابن القاسم في العتبية (2): وكذلك لو شهد بعضهم أنه أقر لفلان بمائة دينار، وقال آخرون: إنما أقر له بمائة درهم أنه لا يلزمه الدنانير ولا الدراهم، ولو قال بعضهم بمائة وبعضهم بخمسين قضيت بالزائد، قال ابن المواز في المسألة الأولي وإن كانوا ثلاثة فانفرد واحد بأحد الوجهين فهذا يبطل شهادته،
[9/ 77]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 88.
(2) البيان والتحصيل، 10: 88.

(9/77)


وإن / كان أعدل من الآخرين، ويقضي بقول الآخر لأنه لا يكذب اثنان بشاهد ولا بشاهد ويمين، وهو من باب التجريح.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن ادعي علي رجل انك بعت مني غلاما وجارية بألف درهم، يريد وعينوهما، وقال البائع بل بعتك الجارية فقط بمائة دينار، فأقاما جميعا البينة وتكافأتا في العدالة، وقد فات العبد والجارية قائمة أو لم يفوتا، قال هذا من التهاتر، عند ابن القاسم ويتحالفان ويتفاسخان، وقد يقضي لكل واحد بما قامت به ببينته، يعطي المبتاع الجارية والغلام، ويعطي البائع مائة دينار فيقضي بالزيادة فيما زادت به البينة.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإن شهد اثنان أنه طلق امرأته في مجلس، وشهد آخران أنه لم يتفوه في مجلسه ذلك بشئ، فإنه يقضي بقول من أثبت الطلاق، قال ابن حبيب عن ابن القاسم نحو ما ذكر عنه ابن المواز في اثنين شهدا أنه طلق، وقال آخران أعتق، وهي كلمة واحدة أن ذلك كله يبطل، وقاله أصبع، قال وقال مطرف وابن الماجشون إن الشهادتين جميعا جائزة من طلاق وعتق أو عتق في عبدين مختلفين لأن كل فريق قد شهد بغير ما شهد به الفريق الآخر، ولو طرحت واحدة بقول الأخري في هذا لطرحت بقول الأخري إنه كان صامتًا، وسواء عندنا كان ذلك في مجلس أو مجلسين، أو قال فريق صمت منذ جلس أو نطق بكذا، وقاله مالك وجميع أصحابنا / لا نعلم خلافه، قال مطرف: ولو قال فريق طلق امرأته ثلاثا وقال فريق بل واحدة، وقال الفريقان كانت لفظو واحدة، قال فليؤخذ بالأزيد، وكذلك في الإقرار بالحق، وقاله ابن القاسم وأصبغ وقال ابن الماجشون: إن زعموا أنها لفظة واحدة حكمت بما اجتمعوا عليه من عدد الطلاق أو الحق فأحلفت المطلوت فيما زاد لأنهم تكاذبوا فيما زادوا (1) ولا يشبه الأول، لأن ذاك أمران مختلفان، وهذا أمر واحد اجتمعوا علي شئ وتكاذبوا فيما ناب عليه.
[9/ 78]
__________
(1) ممحوة من صورة الأصل.

(9/78)


قال ابن حبيب: والأول أحب إلي، ولكن لو شهد واحد أنه طلقها واحدة وآخر بالثلاث فلا تبالي قالا ذلك في مجلس أو مجالس وليؤخذ بما اجتمعا عليه ويحلف علي ما ناب. ولو قال أحدهما أقر له بمائة وقال الآخر بل بخمسين، وقالا إنه إقرار واحد فليؤخذ بما اجتمعا عليخ بلا يمين، وحلف إن شاء علي ما زاد الآخر وأخذه، قال مطرف وابن الماجشون: وإذا شهد شهود أن كتابا قرئ علي قاض فحكم بتجويزه، وشهد آخرون أنه قرئ عليه ولم يسمع له تجويز، أو قالوا لم يجوزه أصلا، قال يؤخذ بشهادة من ثبت دون من نفي كان في محضر واحد أو محضرين تكافأت العدالة أو لم تتكافأ وهم عدول، وكذلك في صلح أو بيع بعضهم قد تم وقال بعضهم لم يتم فالشهادة من ثبت.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة والعتبية (1)، من رواية عيسي قال ابن القاسم فيمن ترك أربعة/ من الولد فشهد اثنان منهم أنه أوصي لفلان بمائة درهم، وقال الآخران بل لفلان وأوصي بها، قال يقضي بأعدلهما فإن تكافؤوا قسمت الألف بين الرجلين نصفين.
قال ابن القاسم في المجموعة والعتبية (2): وإن ترك ابنين، فقال أحدهما أوصي لفلان بألف، وقال الآخر بل لفلان فليحلف كل واحد منهما ويقتسمان الألف، وإن نكل أحدهما وحلف الآخر كانت الألف للحالف، وإن نكلا وقالا لا علم لنا فليدفع كل ابن منهما ما يصيبه من الألف للحالف، وإن نكلا وقالا لا علم لنا فليدفع كل ابن منهما ما يصيبه من الألف إذا قسمت ميراثاً إلي من شهد له، فإن لم يكن غيرهما وكانت تخرج من الثلث أدياها.
قال في المجموعة: ومن أقام شهيدين أن فلانا أوصي له بغنم وقال الورثة إنما أوصي له بفرس أو ثوب أو مائة درهم فأراد أن يأخذ الوصيتين بإقرار الورثة وشهادة الشاهدين فذلك له فأعدهما وصيتين حتي يقولوا لم يوص إلا بكذا فيكون ذلك إكذابا لمن شهد أو أقر له من الورثة.
[9/ 79]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 64.
(2) البيان والتحصيل، 10: 64.

(9/79)


وقال ابن دينار فيمن شهد له ثلاثة نفر أن فلانا أوصي له بمائة، وشهد اثنان أنه إنما أوصي له بخمسين ولزيد بخمسين، فإن لهذا ثلاثة أرباع المائة وزيد ربع المائة لأنا أعطيناه خمسين اجتمع له عليها وقسمت الخمسين الأخري بينهما لإختلاف البينة فيها، وإن شهد ثلاثة أنه أوصي لزيد ولعمرو بخمسين، وشهد آخران أنه إنما أوصي بالمائة لعمرو وبالخمسين لزيد قال خمسين ومائة تقسم بينهما نصفين لاختلاف الشهادة فيها.
ومن كتاب ابن المواز / وإن أقر الوارثان أو أحدهما أن الميت أوصي لفلان بالثلث، وشهد شاهدان أنه أوصي بالثلث لآخر، فإن كان الوارث عدلا حلف معه وكان الثلث بينهما، وإن كان بعضهم أعدل من بعض أو لم يتكاذبوا فإن لم يحلف أو كان الوارث غير عدل فالثلث لمن شهد له الأجنبيان دون الآخر، وإن شهد الوارث أنه رجع عن وصيته بالثلث لمن شهد له الأجنبيان وأوصي به لآخر، وشهد الأجنبيان أنه انتزع ذلك من الذي شهد له الوارث وجعله لمن شهدا له فإن كانت شهادتهم في وقتين قضيت بقول آخرهما وقتا، فإن لم يوقتا أو وقتا وقتا واحدا قضيت بأعدلهما، فإن كان الوارث أعدل حلف معه مدعيه وقضي له، وإلا قضيت له بالشاهدين إن كان أعدل.
وإن كان تكاذبهم في فرس وعبد، فقال الوارثان أوصي لسعيد بالعبد ورجع عن وصيته لزيد بالفرس، وشهد الأجنبيان أنه رجع عن وصيته لسعيد بالعبد وأوصي لزيد بالفرس، فإن لم يكن ما شهد به الوارث أكثر ثمنا قضيت بشهادة آخرهما وقتا، فإن وقتت واحدة فالشهادة لها، وإن لم يوقتا وتكافأتا كان ذلك بينهما، وإن كان الأجنبيان أعدل جاز ما شهدا به ونظر إلي ما شهد به الوارث، فإن كان يخرج من ثلث المال كله أخذه من شهد له الوارث وإن استوعب ثلثي مال البيت إن لم يكن له وارث غيره، وإن لم يخرج من ثلث المال كله فله ما يخرج منه، قال محمد: هذا قول ابن القاسم، وقال أشهب: / لا يأخذ من العبد إلا ما حمل الثلاثة بعد إخراج القرض من المال.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: وإذا شهد رجل علي رجل أنه شج هذا موضحة، وشهد آخر أنه أقر شجه موضحة قضي له بذلك واقتص له إن
[9/ 80]

(9/80)


حدوا للموضحة، ولو شهد واحد أنه ذبحه، وشهد آخر أنه غرقه أو أحرقه بالنار لم نجز الشهادة لأنها أفعال مختلفة، وكذلك إن شهد واحد أنه قتله بحجر وشهد آخر أنه قتله بالسيف لم تجز الشاهدة، ولا يقسم علي قول أحدهما.
قال أبو محمد: يريد إذا ادعي شهاتهما، وإن ادعي شهادة أحدهما أقسم عليه، وإن شهد واحد أنه سرق كبشاًَ، وقال الآخر سرق معجة فلا يقطع، وكذلك إن شهد واحد أنه سرق يوم الخميس، وقال الآخر يوم الجمعة لم يقطع، ولو شهد شاهدان أنه حلف لا دخل دار عمرو بن العاص، فشهد واحد أنه دخلها في رمضان، وقال آخر دخلها في ذي الحجة طلقت عليه علي مذهب ابن القاسم وفي قول أشهب لا تطلق لأن هذا فعل وليس بقول وبذلك أقول، وكذلك الحالف لا كلمت فلانا، فشهد واحد أنه كلمه في السوق وقال الآخر في المسجد أجاز ذلك الحاكم، وكذلك في العتق، وإن شهد واحد أنه طلقها البتة، وشهد آخر أنه حلف بالبتة إن دخل الدار، وشهد هو وآخر أنه دخلها فلا تجوز الشهادة.

في الشاهدين يختلفان في عدد المال، أو في عدد الطلاق
أو يزيد أحدهما علي دعوي المدعي
أو شهد/ كل واحد علي مائة دينار
فيقول المطلوب هي واحدة
أو يقول أحدهما قضاه بعضها
واختلافهما في غير ذلك
من المجموعة قال ابن نافع عن مالك: وإذا شهد شاهدان أحدهما بمائة وآخر بخمسين فإما أخذ الخمسين بلا يمين، أوحلف وأخذ المائة قال ابن نافع: هذا إن كان في موطن واحد وإن اختلفت المواطن (1) فله أن يحلف مع الشاهد المائة ويأخذها ومع شاهد الخمسين ويأخذها، قال ابن الماجشون: أما إن كانا بصكين
[9/ 81]
__________
(1) كلمتان ممحوتان من الأصل.

(9/81)


صك بخمسين وآخر بستين فلا اختلاف أنه يقضي بهما، واختلف في شهادتهما بغير صك، فشهد رجل بخمسين وآخر بستين، فقالواـ وهو الصواب ـ إن قال الطالب هي ما لان حلف يمينين وأخذهما وحلف ما الخمسون من الستين، وإن قال إنما لي ستون فإما أخذ خمسين بلا يمين أو ستين باليمين، وقال ابن القاسم: إن شهد شاهد بعشرة وآخر بعشرة وآخر بعشرة فإن شاء حلف مع كل واحد وأخذ ثلاثين ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن الماجشون: وإن شهد رجلان بألف علي رجل قال أحدهما بيض وقال الآخر سود فإن شاء أخذ السود وهي الأدني ورد اليمين علي المطلوب، وإن شاء البيض حلف وأخذها، وهذا من ناحية الزيادة في الجنس وليس نصفين، محمد ولو أقر له أنها سود فليحلفه علي البيض إن شاء، ولأشهب في المجموعة نحوه، ولسحنون في العتبية (1) وكتاب أبيه / مثل هذا، إلا أنه جعل البيض أفضل.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله أشهب في المجموعة، وسحنون في العتبية (2): وإن شهدا بمائة درهم فقال أحدهما وزن كل درهم خمسة دوانق، وقال الآخر دراهم وازنة فإن شاء أخذ الناقصة ورد اليمين علي المطلوب، وإن شاء الوزانة حلف وأخذها، فإن نكل حلف المطلوب فإن نكل قضيت عليه، يعني بالوازنة، وإن حلف رد الناقصة [ورد اليمين علي المطلوب] (3) ومثله شاهد يشهد بعتق مثل وآخر إلي سنة، قال فإن ادعي الطالب المالين ووقف الشهود علي أنه مال واحد فليس ذلك له، وليحلف مع شاهد الوزانة ويأخذها، وإن نكل حلف المطلوب ما له عليه إلا الناقصة، أو قال ما له علي شئ وودي الناقصة، وإن قالا أشهدت كل واحد منا علي حدة حلف الطالب بيمينين وأخذ المالين، وإن شاء حلف علي أيهما شاء ورد اليمين علي المطلوب في المال الآخر، قال محمد بن المواز: بل له أخذ أقلهما بلا يمين، وإن ادعاهما لم يأخذهما إلا بيمين، وإنما يمينه علي الزيادة وحدها، فإن لم يحلف أخذ الأقل وله اليمين علي المطلوب في الزيادة، فإن نكل غرمها.
[9/ 82]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 170.
(2) البيان والتحصيل، 10: 171.
(3) كلمات ساقطة من الأصل، مثبته من ص.

(9/82)


ومن المجموعة وكتاب ابن المواز لأشهب، وهو لسحنون في العتبية (1) وكتاب أبيه، قال أشهب: وإن شهدا له بألف فقال أحدهما قضاه خمسمائة ولم يقر هو بالقبض فكل واحد شهد بخمسمائة، فإما أخذها بلا يمين ورد اليمين علي المطلوب / ما له علي إلا بخمسامائة، قال في كتاب ابن المواز فإن نكل حلف الطالب وأخذ ألفااً، قالوا وإن شاء حلف وأخذ ألفاً، قال في المجموعة وفي العتبية (2) إلا أن يحلف المطلوب علي قضاء الخمسمائة فيسقط عنه، فإن نكل لم ترد اليمين علي الطالب لأنه حلف مرة، قال ابن المواز لا يحلف الطالب لأنه مكذب لشاهده، ولكن إن ادعي المطلوب أنه قضاه خمسمائة حلف مع شاهده ولم يغرم إلا خمسمائة، فإن نكل حلف الطالب وأخذ الألف.
قالوا كلهم: وإن شهدوا له بألف درهم علي رجل فقال أحدهما حالة، وقال الآخر إلي سنة، فإن شاء حلف مع شاهد الحال فكانت حالة، وإن شاء أخذها إلي سنة بغير يمين.
قال أشهب: وليس للمطلوب أن يحلف مع شاهده أنها إلي سنة إذا حلف الطالب أنها حالة، قال ابن المواز ولا يعجبنا هذا وله أن يحلف إن أقر بالحق وادعي الأجل مع شاهده، وإن أنكر الحق فهو للأجل أنكر ولا يحلف لأنه مكذب لشاهده، قال وإن لم يحلف الطالب أنها حالة رد اليمين علي المطلوب فحلف أنها إلي سنة أو يحلف ما له عليه شئ.
ومن كتاب ابن سحنون وهو لأشهب: ومن ادعي أنه ابتاع من فلان هذا العلام بمائة دينار وأقام بذلك شاهدا، وشهد له شاهد آخر أنه ابتاع منه هذا الغلام وهذه الجارية بمائة، وهو لا يدعي الجارية قال قد كان / له أن يحلف مع الشاهد الأول ويأخذ الغلام إن لم يدع الجارية، وإن ادعاها فله أن يأخذ العبد بلا يمين وله أن يحلف ويأخذ الجارية والعبد.
[9/ 83]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 162.
(2) البيان والتحصيل، 10: 162.

(9/83)


ومن المجموعة قال المغيرة: ومن شهد له شاهد في وصية بمائة وشهد آخر أنه أوصي له ولزيد معه بالمائه فليحلف الأول وتثبت له المائة ويحلف الآخر مع شاهده ويضرب معه بخمسين، فإن نكل قيل للآخر احلف أن ما شهد به شاهد الناكل لباطل وخذ المائة، فإن نكل ضرب معه الآخر بخمسين.
ومن المجموعة [قال ابن الماجشون] (1): وإن شهد شاهدان بطلقة وشاهدان بطلقتين لزمته اثنتان، قال مالك: وإن شهد واحد بالبتة وآخر بواحدة لزمته واحدة وحلف علي البتة، وقال الماجشون: وإن شهد واحد باثنتين وآخر بالبتة لزمته اثنتان وقال البتة في ذلك مجري الثلاث، وكذلك جميع ألفاظ الطلاق التي يلزمه بها البتة، قيل له فإن لم يبن بها فشهد واحد ببائه والآخر بالبتة قال تطلق عليه، ثم إن أراد أن يتزوجها حلف علي شاهد البتة.
قال ابن حبيب قال مطرف: لا تلفق الواحدة إلي البتة لأن البتة لا تتبعض.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن أربعة [بألف درهم، قال اثنان بيض وقال اثنان سود، أو شهد اثنان منهم] بخمسمائة فقط، وقالوا كلهم هي شهادة واحدة فليس بتكاذب، وهذا من الحكم بالزائد فيقضي بالألف بأتم الشهادتين بغير يمين. [قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد عليه شاهدان أنه أقر له بمائة درهم صحاحا وشاهدان أنه أقر له بمائة درهم / قطعا، والطالب يدعيها، فإن لم [يصفها ذلك بصفة] (2) فيها تكاذبهما قضي له بالمائتين، ويحتاط في ذلك فيحلف المدعي أن له عليه المائتين فإن نكل حلف الآخر وغرم أي المائتين شاء بعد يمينه علي الاخر، [فإن نكل كان للمدعي المائتان جميعا] (3).
ولو شهدا أنه أقر عندهما بمائة مبهمة وشاهدين بمائة قطع أو صحاح فليحلف المشهود عليه ما له عليه إلا مائة درهم إن شاء قال قطعا أو صحاحا وتدخل المبهمة في الموصوفة، وإن قال شاهدان بمائة درهم صحاح وشاهدان بمائة
[9/ 84]
__________
(1) زيادة من ص.
(2) ما بين معقوفتين كتب في ص، في غير هذا المكان.
(3) ما بين معقوفتين كتب مبهما في الأصل، فأثبتناه من ص.

(9/84)


درهم قطع، وآخران مائة مبهمة، وليس في الشهادة ما يدل علي التكاذب فإنه يغرم مائتين، مائة صحاحا ومائة قطعا، وتدخل المائة المبهمة فيهما، فإن ادعي الطالب أن له عليه ثلاثمائة حلف المدعي [عليه ما له غير المائتين المبهمتين وبرئ من الثالثة فإن نكل حلف المدعي] (1) علي المائة المبهمة [ووصفها بما شاء وأنها] (2) غير المائتين التي قامت فيهما البينة ويأخذ منه ثلاثمائة درهم وإن شهد [شاهدان] (3) أنه أسلمه مائة درهم صحاحا وشهد آخر أنه سلفه مائة درهم قطعا وقالا كانت شهادتهم [واحدة في مقام واحد فاختلفتا فيه] (4) قال فيسأل المدعي فإن قال هما لي جميعا لم يقبل منه، ويقال له إن شئت أن تأخذ القطع بلا يمين بعد أن يحلف المدعي عليه علي الصحاح، وإن قال لي القطع قيل له فقد أكذبت شاهدك بالصحاح، فإن كان أعدلهما فلا شئ لك لأنه قد كذب بعضهما بعضا، وإن كان شاهد القطع أعدل فله أن يحلف معه ويستحق، فإن نكل حلف الآخر وبرئ وفي كتاب الإقرار معني من هذا. /

في اختلاف أهل النظر
في الجنس أو الصفة أو الجودة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: إذا اختلف أهل النظر في جودة الدنانير ورداءتها فلا يؤخذ إلا اجتمعوا عليه. محمد ولو قبلها علي أنها جياد ثم جاء ليردها فاختلف عليهم فلا يردها حتي يجتمعوا أنها رديئة. قال مالك: ومن ابتاع ثوبا نسبه البائع إلي جنس فقال بعض أهل البصر هو من ذلك الجنس [وقال بعضهم ليس منه، فإن شهد عدلان أنه من ذلك الجنس] (5) لزم المبتاع لأن البينة
[9/ 85]
__________
(1) ما بين معقوفتين من الأصل، أثبتناه من ص.
(2) ما بين معقوفتين كان مطموسا في الأصل، فأثبتناه من ص.
(3) ساقطة من الأصل، أثبتانها من ص.
(4) ما بين معقوفتين غير واضح في الأصل. أثبتناه من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وبابه مرتب ترتيبا يخالف الأصل.

(9/85)


علي البائع إلا أن يأتي المبتاع ببينة هي أقوي [وأثبت في المعرفة والنظر قال محمد: لا نعرف هذا لمالك ولا لابن القاسم] (1)، وهذه شهادة تكاذيب، والبيع ثابت إلا أن يأتي المبتاع بأعدل من شهوده، وفي كتاب الإقرار معني من هذا.

في الرجل يقر للرجل عند طوائف بمال
ثم يقول هو مال واحد
وكيف إن كان مثل هذا في قبض مال أو براءة
والطالب يقوم بدين والمطلوب ببراءة ولا تاريخ في ذلك
وكيف إن تكرر ذلك في طلاق
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن أشهد علي نفسه أقواما أن لفلان عليه مائة دينار، ثم أشهد بذلك آخرين، ثم آخرين في غد وبعد الغد أنه يلزمه ثلاثمائة دينار إن طلب ذلك رب الحق.
وقال غيره: إن كان بكتاب واحد فهو حق واحد، وإن كان كل شهادة بكتاب فهي حقوق، وإن لم يكن في شئ من ذلك كتاب فهي مائة واحدة إذا حلف المطلوب وتقارب ما بين / الشهادات.
وقال ابن سحنون عن أبيه: واضطرب مالك في هذا، وآخر قوله وبه أقول أن المقر يحلف ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا وتلزمه مائة واحدة. وسئل عمن أقر عند قاض أنه قبض من رجل مائة دينار من دين له عليه، ثم سأله القاضي بعد أن كتب إقراره، فقال دفع إلي رسوله مائة دينار فشهد عليه بذلك قوم فقال هي المائة التي أقررت بها أولا، وادعي الخصم أنهما مائتان وذلك في مجلس واحد وبين الكلامين سكوت، قال يحلف المقر ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا ثم لا تلزمه إلا مائة واحدة، وهو آخر قولي مالك، قال ابن حبيب فيمن أقر لرجل مرة بخمسين ومرة بمائة شهد عليه بكل مقالة شاهد، وقال الطالب هما حقان، وقال المطلوب يحلف مع كل شاهد، وكذلك لو كان علي كل إقرار شاهدان لأخذ ذلك
[9/ 86]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وبابه مخالف لترتيب الأصل.

(9/86)


بلا يمين، إلا أن يقول المطلوب إن ذلك حق واحد فيحلف الطالب منك هو إقرار واحد ويأخذ وسواء كانت الشهادة علي دنانير كلها أو علي دراهم كلها، اتفق العدد أو اختلف، أو علي صنفين من دنانير ودراهم، أو دنانير وعروض، كان علي إقرار أو علي معاملة، كان يعرف بينهما مخالطة ومبايعة أو لم يعرف، وكذلك إن قال عند ثلاث فرق أسلفني فلان مائة دينار في أيام مختلفة، فإن زعم الطالب أنها ثلاثمائة حلف وكان ذلك له قاله مطرف وابن الماجشون وابن القاسم، وقال أصبغ: / إذا ترادفت الشهادات بإقراره والعدد واحد وقال هو حق واحد فليحلف ويقبل قوله، وإن اختلف العدد فكان الأقل المتقدم في التاريخ قبل قول المقر مع يمينه أن القليل دخل في الكثير، وإن كان الأكثر متقدما في التاريخ فهما مالان إلا أن يقول في كل شهادة أسلفني فلان كذا، أو شهد كل قوم علي معاينة السلف أو البيع فلا يقبل قوله إنه حق واحد، قال ابن حبيب والأول القياس وهذا استحسال.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله القاسم في العتبية (1) من رواية أبي زيد فيمن قام له شاهدان بمائة وأقام المطلوب شاهدين بإقرار الطالب أنه لا شئ له قبله، قال في العتبية أو قال شاهدا البراءة كان ذلك منذ شهر. قال ابن القاسم: بينة البراءة أولي، قال ابن المواز بينة الدين أولي حتي تثبت البراءة منه لأنه قد كان بريئا قبل تداينه فالطالب يقول أبرأني قبل المداينة، ولو قالا أقر أنه لم يبق له عليه حق، أو لا شئ لي عليه مما كان لي، أو مما كان بيني وبينه، أو ما يدل أن إقراره براءة استيفاء لسقطت بذلك دعواه، فأما إن شهدا ما له عليه حق ولم يشهدا علي العلم فبينة الدين أثبت إلا أن يشهدا أنه أبرأه من حق كما ذكرنا.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن له علي رجل كتاب بخمسمائة فقام عليه هذا المطلوب ببراءة من ألف وقال الخمسمائة داخلة فيها، وقال الطالب الخمسمائة غير الألف، فالقول قول الطالب. وقال أصبغ عن ابن القاسم: / إن القول قول المطلوب، يريد مع يمينه، وقاله أصبغ، والأول أحب إلي.
[9/ 87]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 527.

(9/87)


وقال ابن نافع فيه وفي العتبية (1) في البراءة والإقرار: إن كانت بينهما مخالطة وكثرة مبايعة ومسالفة فالبائع مصدق، يريد مع يمينه، والبينة علي المطلوب أن الخمسمائة دخلت في البراءة من الألف، وإن لم يكن بينهما مخالطة وكثرة مبايعة ومسالفة فالقول قول المطلوب وذكر أصبغ ويحي بن يحي عن ابن القاسم نحو ما ذكر عنه ابن حبيب، وذكره عن ابن القاسم وابن وهب، وفي السؤال أنه ادعي عليه مائة دينار فأتي ببراءة من عشرين ومائة ويذكر أن المائة قد دخلت في ذلك أنه يحلف علي ذلك والقول قوله.
وقال ابن القاسم: بلغني عن بعض أهل العلم فيمن ادعي علي رجل بألف دينار وأتي فيها بذكر حق، فأتي المدعي عليه ببراءة من ألفي دينار أنه يحلف ويبرأ.
ومن العتبية روي أصبغ عن ابن القاسم فيمن أتي بذكر حق له علي رجل بألف دينار وأتي عليه ببراءة من ألف دينار وأتي المطلوب عليه ببراءة من ألف دينار وببراءة إذا اجتمعت فيها ألف دينار أو أكثر، فادعي المطلوب أن الألف دخلت في هذه البراءة أو البراءات، وأنكر الطالب ولا تاريخ في ذلك، فالقول قول المطلوب، قال سحنون في كتاب ابنه مع يمينه في قيامه ببراءة ثم ضعف اليمين بعد ذلك.
ومن العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن عليه مائة دينار دينا وادعي قضاءها فأقام شهيدين أن الطالب أقر أنه قبض منه خمسين وأقام شهيدين / آخرين أنه أوصل إليه خمسين، وقال الطالب هي خمسون واحدة، ولكنه فرق المجالس في الشهادة علي، قالا لا يقضي له خمسين، يريد مع يمين الطالب، قال إلا أن يكتب عليه براءتين ويستدل بهذا أنهما مالان ويبرأ، قال عنه ابنه إذا جاء عليه ببراءات مفترقة فإن كان ليس في واحدة منهن مفردة وفاء من الألف فلا براءة له مما ثبت عليه، وإن كان في واحدة منها جميع الألف وصار بقية البراءات زيادة فليحلف ويبرأ، ثم قال بعد ذلك يبرأ وإن كان ليس في كل واحدة إذا.
[9/ 88]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 528.
(2) البيان والتحصيل، 10: 421.

(9/88)


انفردت كفافا لذكر الحق لأنه يقضيه شيئا بعد شئ يكتب له براءة بعد براءة بما انتهي.
ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن قام بصك بعشرة دنانير علي رجل فأقام المطلوب بينة أنه [قضاه إياه منذ تسع سنين فأقام الطالب بينة أنه] (2) أقر له به منذ سنتين، قال يقضي ببينة الاقرار الحديث.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم فيمن له قبل رجل اثنا عشر دينار واقر الطالب أنه قبض منه خمسة ثم ثلاثة ثم دينارا أو أقر أنه قد قبض التسعة جملة، وجاء المطلوب ببينة أنه قضاه ثلاثة فقال الطالب هي من التسعة، وقال المطلوب بل هي الثلاثة الباقية، أو له عليه ستة، فأقر الطالب بقبض ثلاثة، وأقام المطلوب بينة بقضاء ثلاثة، فقال الطالب هي الثلاثة التي أقررت بها، فالمطلوب مصدق مع يمينه ويبرأ من جميع الدين، وقاله أصبغ، وقال مطرف وابن الماجشون، القول قول الطالب مع يمينه وبه أقول.
قال في المجموعة / عن ابن القاسم ومن العتبية (3) من رواية عيسي عن ابن القاسم: وإذا شهد عليه رجلان أنه أشهدهما بطلاق امرأته في رمضان واحدة، وآخران بمثل ذلك في شوال، وآخران بمثل ذلك في ذي القعدة، أنها ثلاث ولا يدين، وكذلك في اختلاف الأيام والمجالس، وكذلم إن كان ذلك في يمين واحدة في شئ واحد فهي ثلاث ولا يدين، وقال غيره قال ابن المواز: إن قال اشهدوا أني قد طلقتنها فهو يدين، وإن قال عند كل شاهدين اشهدوا أنها طالق لم يدين.
وقال ابن وهب عن ملك فيمن شهد عليه رجلان، كل رجل بطلقة قال أردت واحدة أنه يحلف ويدين.
[9/ 89]
__________
(1) اليبان والتحصيل، 10: 564.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص.
(3) البيان والتحصيل، 10: 24.

(9/89)


ومن العتبية (1) من كتاب الوديعة من سماع ابن القاسم ومن عنده لرجل وديعة ثلاثة وعشرون دينارا، فأخذ منه شيئا بعد شئ حتي بقيت ثمانية عشر، فذكر أنه تسلفها وكتب عليه بها صكاً مؤرخاً ببينة ثم طلبه بها مدة فأخرج عليه براءة من أربعة دنانير بغير تاريخ، وزعم أنها من الثانية عشر، وقال الطالب: بل هي من الثلاثة وعشرين الأصل، قال إذا لم تكن البراءة مؤرخة، والصك الثمانية عشر مؤرخ، وهو مقر بالأصل أو ثبت ببينة فليحلف الطالب ما هذه البراءة من الثمانية عشر وقضي له بها عليه.
قال ابن سحنون: كتب شجرة إلي سحنون فيمن أقام بينة علي رجل أنه له قبله مائة دينار وخمسين دينارا وعدلت فسأله القاضي هل قبضت منها شيئا؟ قال قبضت من غريمي / هذا مائة دينار، فكتب إقراره بذلك ثم سأله بعد ذلك في المجلس بعد سكوت وكلام كثير ما الذي قبضت من هذا الدين؟ قال قبضت من رسول خصمي هذا مائة دينار، ثم ادعي الطالب انها مائة واحدة وأنها المائة الأولي التي كتبها القاضي ولم يكتب القاضي إقراره الثاني وقد شهدت به بينة، وزعم المطلوب أنهما مائتان مائة بدفعي ومائة بدفع رسولي، فكتب إليه: كان مالك يضطرب في هذا الأصل، والذي أخذ به وهو أكثر قول مالك أن يحلف المقر ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا، لأنه قد جاز في كلام الناس أن يقول قبضت منك وقبضت مني، وإنما جري ذلك بإرسال ولم يل الاعطاء بيده، ألا تري أن أصحابنا جعلوا إقرار الرجل بمائة دينار في مجالس شتي مائة واحدة، وجعلوا بخلاف براءات الحقوق إن كان كتب ثلاثة فهي كلها لازمة، وهذا الباب قد جري في الاقرارات مستوعب بمثل معناه.
[9/ 90]
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 293.

(9/90)


في الشاهدين يشهدان علي رجل بمال
أو تمليك ربع أو عتق أو طلاق
ويختلفان في اللفظ والمعني
من المجموعة والعتبية (1) ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم في الرجلين يشهدان لرجل بمسكن، يقول أحدهما مسكنة، ويقول الآخر حيزة قال هي شهادة واحدة، وكذلك كل ما اتفق معناه واختلف لفظه.
قال ابن القاسم في العتبية (2) من رواية سحنون عن ابن القاسم في يتيم صغير يشهد له / شاهد أن أباه نحله هذا العبد وحازه له، وشهد آخر أنه تصدق به عليه، قال ليست شهادة واحدة لأن النحلة تعتصر والصدقة لا تعتصر، وهذا كشاهدين شهد أحدهما أن فلانا أسلفه فلان مائة دينار، وقال الآخر هي له عليه من بيع فليست شهادة واحدة، وليحلف مع أحدهما ويستحق مائة.
وروي عنه محمد بن خال في المسألة الأولي قال في سؤاله كان ذلك في صحته، فقال إن باع الغلام حلف مع شاهده علي الصدقة واستحقه، وإن لم يبلغ وخيف علي الغلام بيع وأوقف ثمنه حتي يبلغ، فإن حلف استحقه وإن نكل كان ميراثا.
قال سحنون في كتاب ابنه: ولست أري ذلك وأري الشهادة واحدة وله العبد إلا أن يقيم الورثة بينة أنه اعتصره بعد النحلة فيكون للابن أن يحلف مع شاهد الصدقة ويستحق.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا شهد شاهدان علي ميت، قال أحدهما إن هذا عبده أعتقه، وقال الآخر إنه عبده كاتبه، فقد اجتمعا علي الرق واختلفا فيما سواه، فيثبت الرق ويبطل ما أختلفا فيه.
[9/ 91]
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 437.
(2) البيان والتحصيل، 10: 112.

(9/91)


قال ابن الماجشون فيه وفي كتاب ابن المواز: شهد أحدهما أنه أوصي بعتقه وشهد آخر أنه دبره فليعتق في ثلثه ولا يستحق تبرية المدبر علي الموصي له بالعتق بعد موته، وإن شهدا في حياته قال ابن المواز في مرضه أو صحته، قال فليحلف أنه ما دبره ويسقط تدبيره لأن له أن يرجع / في الوصية لو أقر بها، وكذلك في كتاب اسن سحنون.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون فيمن مات وترك عبدا فشهد شاهد أنه أعتقه وشهد آخر أنه ابنه فلا أري شهادتها واحدة لأن واحدا شهد بحرية الأصل وآخر بعتق بعد ملك.
ومن كتاب ابن المواز: شهدا علي صحيح قال أحدهما بتله وآخر أنه دبره فذلك باطل إن أنكر، فإن قالا كانت شهادة واحدة ولفظا واحدا فلا يمين عليه، وإن كانت شهادة كل واحد علي حدة حلف مع كل واحد، فإن أبي سجن حتي يحلف، وشهادتهما مختلفة، ولو شهد واحد أنه بتله في صحته وآخر أنه بتله في مرضه إذ أوصي بعتقه، فأما بالوصية فلا يجوز، وأنا إن شهد بالبتل في المرض عتق في الثلث، محمد وأحب إلينا ألا يجوز لأن هذا صرفه إلي الثلث وهذا إلي رأس المال ويحتج أصل الوصايا فيقولون يؤخذ الثلث لذا بشهادة واحدة.
قال محمد واستحسن إن لم يكن للميت وصية أن تجوز الشهادة بعتق المرض وبالوصية به حمله الثلث مع شهادة عتق الصحة، لأن عتقه قد أوجباه فواحد أكثر فيه وهو البتل فيؤخذ بالأقل، فأما إن كانت معه وصية فلا لتبديله (1) العتق.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن شهد له شاهد أن فلانا أوصي له بخدمة غلامه فلانا سنة ثم هو حر، وشهد آخر أنه أوصي له بخدمة سنتين ثم هو حر فالمشهود له مخير إن شاء حلف مع شاهد / السنتين واختدمه إلي انقضائهما ثم يعتق، وإن نكل اختدمه سنة ويعتق بعد سنتين، وخدمته في السنة الثانية للورثة، كشاهد بمائة وآخر بمائتين فإن حلف أخذ مائتين وإن نكل أخذ مائة.
[9/ 92]
__________
(1) في الأصل، فليبتد العتق.

(9/92)


ومن المجموعة وكتاب ابن المواز والعتبية (1) من سماع أصبغ قال ابن القاسم: وإذا شهد شاهد أنه حلف بطلاق زوجته إن فعل كذا، وشهد آخر أنه قال إحدى امرأتي إن فعل، وشهد فلا يتم الشهادة لاختلافهما.
قال أصبغ في العتبية (2) وكتاب محمد لا يعجبني هذا، وهي شهادة واحدة لأن قوله امرأتي أو إحدي امرأتي سواء، ويرجع إلي أنه نوي واحدة وإلا طلقتا عليه، فإن أقر بها وادعي النية صدق، وإن أنكرها كان كمن لا نية له وطلقتا عليه.
قال محمد: إن لم يشهد أحدهما علي امرأة بعينها فالشهادة واحدة، وإن شهد واحد علي معينة فكأنه لم يشهد عليها غيره ولا نطلق، وهو أقرب إلي قول ابن القاسم، وقاله عبد الملك.
ومن العتبية (3) من سماع عيسي وأصبغ عن ابن القاسم، وهو كتاب ابن المواز لأشهب: وإن شهد واحد قال عيسي عن ابن القاسم بواحدة، وقال أصبغ بالبتة، وقال أشهب بالبتة أو بالواحدة، قالا وشهد آخر أنه صالحها وهو منكر فليحلف ولا شئ عليه، قال محمد لأن الصلح طلاق علي فعل شهد عليه واحد، قال أشهب: ولو شهد واحد أنه / صالحها، وشهد آخر أنه أقر بالصلح فهي شهادة واحدة ويقضي عليه بالصلح.
ولو شهد واحد أنه قال أنت علي حرام، وآخر بالثلاث لزمته الثلاثة.
قال عيسي في العتبية عن ابن القاسم: وإن شهد واحد أنه حلف بالطلاق إن دخل دار فلان وأنه دخلها، وشهد آخر أنه حلف بذلك إن ركب دابة فلان وأنه ركبها حلف علي شهادة كل واحد وسقطت الشهادتان.
ومن سماع ابن القاسم، قال مالك: وإن شهد عليه واحد بيمينه بالطلاق إن فرق بيني وبينك إلا ابن أبي سلمة، وشهد الآخر أنه حلف إن استاذيت
[9/ 93]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 221.
(2) البيان والتحصيل، 10: 220.
(3) البيان والتحصيل، 10: 224.

(9/93)


عليك إلا ابن أبي سلمة، وقال الحالف إنما قلت إن فارقني إلا بحقي، فليحلف أن ما قالا ليس بحق.
قال ابن القاسم في المجموعة: وإن شهد أحدهما أنه قتل فلانا بالسيف، وشهد الآخر أنه قتله بالحجر بطلت الشهادتان لاختلافهما، قال سحنون: هذا إن ادعي شهادتهما، وإن ادعي شهادة أحدهما أقسم معه وطرح شهادة الآخر.
ومنه ومن العتبية (1) من رواية أبي زيد، قال ابن القاسم: ولو شهد علي امرأة بالزني اثنان بالطواعية واثنان بالاكراه فالشهادة باطلة ويحدون.
قال المغيرة في المجموعة فيمن شهد له شاهد أن فلانا أوصي إليه وآخران أنه أوصي إليه وإلي فلان يثبت له بذلك شئ، وإن شهد واحد أنه أوصي إليه وإلي رجل لا يعرفه، وشهد آخر أنه أوصي إليه وإلي رجل / آخر لم يجز أيضا، وإن أتي كل واحد من الرجلين [بشاهدين] (2) أن فلانا أوصي له فالوصية بينهما.
ومن كتاب المدبر لابن سحنون قال: وإذا شهد عليه شاهدان وهو يجحد أنه قال فلان حر أو قال فلان مدبر إن دخل دار فلان وشهد أحدهما أو غيرهما أنه دخلها لزمه الحنث ولو لم يشهد بالدخول غير واحد لم يلزمه إلا اليمين علي تكذيب الشاهد بالدخول، ولو شهد باليمين واحد وشهد بالفعل اثنان وأقر به، وأنكر اليمين فهذا أيضا يحلف أنه ما حلف، ولو شهد واحد باليمين وواحد بالفعل لم يحلف لأن هذا لا يوجب عليه الحنث من البينة لأن هذا شاهد مع شاهد اليمين وآخر مع شاهد الفعل فلا تنوب اليمين عن شاهدين، ولو كان يأخذ الأمرين بشاهدين لم يبق مما يلزمه به الأمر إلا شاهد فتصير يمينه هاهنا لازمة.
ومن الأقضية لابن سحنون ما كتب به سحنون إلي شجرة فيمن قام له شاهد أنه بعث عبدا يعرفونه مع أبي الأشعت بن فلان المتوفي، ثم رآه من باعه في تركه أبي الأشعت، وشهد آخر علي إقرار أبي الأشعت أن هذا العبد لهذا الطالب
[9/ 94]
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 322.
(2) ساقطة من الأصل، مثبته من ص.

(9/94)


وعدلا فكتب إليه أن ثمنه في تركة أبي الأشعت فأعطه منها الثمن الذي بيع به، إلا أن يجد غلامه بعينه.
وكتب إليه فيمن أقام بينة في منزل بيد قوم أنهم يعرفونه لخلف بن فلان حتي هلك أو ترك ورثة يسمونهم وجدوا المنزل وجاء بآخرين فشهدوا بمثل ذلك إلا أنهم قالوا نعلم أن لمحمد أخيه في داخل هذه / الحدود حقا، فكتب إليه يسأل المدعي عن شهادة الآخرين، فإن كذبوهما وقالوا ظننا أنهم يشهدون بالحق فقد بطلت شهادتهم كانت المنزل بيد محمد أو بيد غيرهم، وإن قالوا هو عدول فقد أقروا لمحمد بما أقروا به إن كان في يديه، وإن كان في يد غيره لم يضمن ذلك المدعي عليه قال أبو محمد قوله فقد بطلت شهادتهم، يريد لتكذيبهم أيمانهم، ولكن شهادة البينة الأولي الذين لم يستثنوا لا يقضي له بها.

في شهادة الأنداد (1)
في الطلاق والحدود وغير ذلك
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك: وإذا شهد عليه رجل انه طلق امرأته البتة بمكة وآخر أنه طلقها البتة بالمدينة لزمته البتة والعدة من يوم شهد الآخر لا من يوم فرق الامام بينهما، وقال عنه هو وابن القاسم وابن نافع: إن شهد شاهدان في طلاق أو عتق فاختلفت الأيام او البلدان والمواضع واتفقت الشهادة جازت، وإن اختلفت لم تجز، مثل أن يختلفا في يمينين علي فعلين مختلفين.
قال عنه ابن القاسم في العتبية (2): كذلك لو شهد عليه بفرية أو شرب خمر واختلفت الأوقات أو الأماكن لنمت الشهادة، وقاله ابن القاسم.
ومن المجموعة قال عبد الملك، وهو في كتاب ابن المواز لم يذكر عبد الملك: ولو شهد عليه رجلان أنه حلف بالطلاق إلا فعل كذا وشهد ثالث أنه فعله فإنه
[9/ 95]
__________
(1) في الأصل، الإبداد.
(2) البيان والتحصيل، 10: 52.

(9/95)


يحلف ما فعله، ولو / كان الشاهد باليمين واحدا وآخر بالحنث لم تلزمه يمين لا علي يمين ولا علي حنث.
قال ابن الماجشون: ولو شهد اثنان بالفعل وأقر هو بذلك لأحلفته. قال ابن المواز: ولو شهد باليمين وبالحنث واحد لأحلفته.
قال أشهب في المجموعة: فإن شهد أحدهما أنه قال لرجل إن دخلت الدار فأنت زان ثم دخلتها، وشهد الآخر أنه قال له إن ركبت الدابة فأنت زان، وأنه ركبها، فالشهادتان مختلفتان (1) ولا شئ عليه.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون فيمن شهد عليه أربعة بالزني واتفقوا في الرؤية والصفة واختلفوا في الأيام والمواطن فلا يضر ذلك لأنهم لو قالوا رأينا فرجه في فرجها وسكتوا عما ذكرت لمضت الشهادة، فاختلافهم في المواضغ والأوقات والأحوال لا يضر، وقال ابن القاسم عن مالك: إن ذلك يسقط الشهادة إذا اختلفوا في الأيام أو المواضع وأجاز ذلك في الخمر والقذف.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن شهد واحد علي رجل أنه رآه يشرب الخمر أمس وشهد آخر أنه رآه بشربها اليوم أو اختلفا في البلدين لم تجز الشهادة لأنهما فعلان بخلاف الاقرار، ولو شهد واحد أنه أقر بشربها في وقت كذا وبلد كذا، وشهدا آخر بإقراره في يوم آخر أو بلد آخر فهو بخلاف الأول، وكذلك الطلاق وغيره، وكذلك علي أنه رآه سكرانا في شعبان وآخر أنه رآه سكرانا في رمضان فهو كالاقرار، وذهب عبد الملك في الذي يشهد / عليه واحد أنه شربها بالمدينة وآخر أنه شربها بمصر أنه يحد لأنه زعم مالا تكشف عليه البينة (2) كيف شرب وأيم شرب، والأول قول ابن القاسم وأشهب، وذكر ابن عبدوس عن القاسم وأشهب وابن الماجشون نحو ما ذكر عنهم ابن المواز، قال ابن المواز: ومسألة واحدة ذكرها ابن عبد الحكم عن مالك تشبه قول عبد الملك، إذا قالا رأيناه
[9/ 96]
__________
(1) في الأصل، فالشهادتان مختلفة.
(2) في الأصل، لأنه زعم مما لا تكشف عنه النية.

(9/96)


يشرب الخمر في وقت كذا لوقت واحد، فقال أحدهما في قدح من قوارير وقال الآخر في قدح من عيدان أنه يحد، وروي ابن وهب عن مالك مسأله الرؤية رآه هذا سكرانا من خمر بالأمس ورآه هذا كذلك اليوم أنه يحد.
قال ابن القاسم: ولو شهد واحد أنه شرب خمرا، وشهد آخر أنه شرب نبيذا أنه يحد يريد ولم يختلفا في الأيام والمواضع.
وإن شهد واحد أنه حلف لا يشرب نبيذا فشربه فلا شئ عليه يريد لأن المسكر غير النبيذ.
قال ابن القاسم: وإن شهد واحد أنه قذفه في شعبان وآخر أنه قذفه في رمضان حد، وهذا من القول، وكذلك الاقرار في الخمر والحقوق، وقاله ابن وهب، قال ابن القاسم وأشهب في المجموعة وكتاب محمد: وإن شهد واحد أنه سرق كبشا وشهد آخر أنه سرق نعجة لم يجز لأنهما فعلان، قال أشهب إلا أنهما إن شهدا علي فعل واحد فهو تكاذب، وإن كان علي فعلين أو يومين لم يقطع أيضا، ولكن له أن يحلف مع أيهما شاء ويقضي له بشهادته أو يحلف معهما جميعا ويقضي له بالأمرين ما لم يكن علي فعل واحد ووقت واحد.
/ قال المغيرة عن مالك في المجموعة: تجوز شهادة الأنداد (1) في العتق والطلاق والفرية وشرب الخمر، وإن اختلفت الأماكن والبلدان، بخلاف السرقة والزني، حتي يتفقوا في المرأة بعينها وفي المكان، فإن اختلفوا في ذلك في الزني أو في السرقة بطلت الشهادة، وقاله المغيرة، قيل فما الفرق؟ قال لأن السرقة فيها علل منها مالا يجب فيه قطع، ومنها أن يكون مؤتمنا، ومنها أن يكون خادم القوم، ومنها من غير حرز، والخمر قد حرم قليلها وكثيرها علي أي وجه دخلت البطن فهي خمر علي اختلافها. قال ابن نافع عن مالك: وإن شهد واحد أنه حنث بيمين، وقال الآخر أشهدني علي مصالحته.
[9/ 97]
__________
(1) كذا قي ص، وكتبت في الأصل الإبداد بالباء لا بالنون.

(9/97)


في المدعي يكذب ببينته، وفي المدعي عليه يجحد
فإذا ثبت عليه الحق طلب المخرج
من المجموعة قال عبد الملك فيمن ادعي في عرصة أو مزرعة عند قاض وكتب دعواه فكلف البينة فأتي بمن شهد له علي عرصة أو مزرعة غير التي ادعي قال يقضي له بشهادتهما إذا ادعاها لأنهما لو شهدا علي ما ادعاه وزادا معه سواه وطلب جميع ذلك كان ذلك له.
وقال أشهب فيمن ادعي قبل رجل وديعة فجحده إياها، وقد كان أخذها منه [ببينة أو بغير بينة ثم ادعي ردها إليه فإنه ضامن لها ولا ينتفع ببينة] (1) لأنه أكذبهم في الدفع بجحده إياها، وقد قال لي مالك فيمن ادعي قبل رجل / حقا فجحده إياه، فلما قامت عليه البينة أقام بينة بأنه دفعه إليه فلا يقبل ذلك منه بعد الجحد، ورواه عنه ابن نافع.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: من ادعي عليه قراض أو وديعة أو بضاعة فجحدها ثم أقر بها وادعي تلفها، أو قامت عليه بها بينة فادعي ضياعها فلا يصدق، وكذلك من ادعي عليه دين فأنكر أن يكون كان عليه من ذلك شئ قط ثم أقر به أو قامت عليه بينة فأتي بالبراءة منه فلا تنفعه لأنه أنكره أولا، وذلك إذا قال ما كان لك علي هذا الدين أو لا أعرفه، فأما إن قال مالك علي منه شئ فإن البراءة تنفعه، وقاله أصبغ، وقاله ابن القاسم في الدين، وقاله أشهب في الدين والوديعة وغيرها.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن دفع إلي رجل مائة دينار قراضا علي أن يخرج هو خمسين ويكون الربح بينهما نصفين ثم جحد أن يكون أخذ منه شيئا حبيسا، ثم قال بعد تلف مني، قال قال مالك فيمن بعث معه بمال ثم سئل عنه لما قدم فقال لم تبعثوا معي بشئ فلما قامت عليه البينة قال ضاع مني، قال مالك يحلف بالله لقد ضاع ثم يبرأ، وكذلك مسألتك.
[9/ 98]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/98)


قال عيسي إذا جحد حتي قامت عليه بينة لم يصدق في الضياع، وكذلك بلغني عن مالك، وقال ابن القاسم [في العامل يجحد القراض ثم يزعم أنه رده، قال إن لم يأت بالبينة علي أنه قد رده ضمنه، / بخلاف لو ادعي الضياع، وقال مالك في كتاب من سماع ابن القاسم] (1) ما أري عليه إلا يمينه بالله ويبرأ، وهذه المسائل قد كررنا ذكرها في كتاب القراض.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن ادعي عند رجل مالا فجحده، ثم أتي ببينة أنه رده إليه قال لا تنفعه البراءة إلا إن أتي بوجه له به عذر.
قال ومن ادعي علي رجل أرضا في يديه قد حازها عشرين سنة فأنكر الذي هي في يديه أن يعرف أنها له، فأثبت المدعي بينة أنها له فجاء هذا ببينة أنه ابتاعها منه أو من أبيه فإن ذلك يقبل منه لأنه يقول رجوت أن حيازتي تكفيني، وليس هذا كالدين.
وقال أشهب في الموصي له بوصية يقتل الموصي عمدا فتقوم بذلك بينة فيصدقهم بعض الورثة ويكذبهم البعض، قال فما صار للذين كذبوهم من وصيته فهو له وما صار للذين صدقوهم فهو لهم، كذلك الوارث تقوم عليه بينة أنه قتل موروثه فصدقهم بعض الورثة وكذبهم البعض علي هذا المعني.
وكذلك لو أقر الميت لبعض ورثته بدين فكذبه بعضهم وصدقه بعضهم.
ومن كتاب ابن سحنون فيمن أبضع معه رأسين فجحد أن يكون أبضع معه إلا رأسا، وقال الآخر بعثت به مع غيري ووكلني بقبضه إذا وصل إلي بلد الاسلام، وزعم أنه لم يصيل إلي بلد الإسلام وأنه مات مع البضع معه قبل يقبضه فأقام المدعي شاهدين أنه إنما أبضع / بالرأسين معه قال يضمن الرأس الذي لم يقر به لأنه جحد وقد كان في حد الأمانة فأزالها بالجحود.
[9/ 99]
__________
(1) ما بين معقوفتين من ص.

(9/99)


[ومن كتاب التفليس من العتبية (1) قال عيسي بن دينار فيمن ادعي قتل رجل حقا فأنكر الخلطة، ثم إن المدعي عليه ادعي مثل ذلك قبل المدعي بحق وأتي ببينة أتنفعه بينته وقد أنكر الخلطة؟ قال لا تنفعه إلا أن تكون خلطة بعد ذلك] (2).
ومن كتاب ابن سحنون وسأله شجرة عمن ادعي دارا بيد امرأة أبيه أنها لأبيه تركها ميراثا بين ورثته وسماهم، ثم جاء ببينة أخري أن أباه أشهد له في صحته بنصفها أصيره إليه في حق له قبله من قبل ميراثه من أمه، وذلك عند مخرجه إلي الحج، ثم رجع فسكنها حتي مات فقال له الحاكم قد ادعيتها أولا ميراثا والآن لنفسك، فقال لم أعلم بهذه البينة الأخيرة، فقال قال سحنون لايقبل منه، يريد لأنه كذب بينته الأخيرة بدعواه الأولي.
وقال في كتاب الإقرار: ومن ادعي علي رجل ألف درهم فأقام عليه البينة بألفي درهم فإن قال لم يكن لي عليه قط إلا ألف بطلت ببينته، وكذلك إن سألته عند ذلك فلم يجب، وإن قال كنت أبرأته من ألف أو جاء لي بها قبلت بينته، قال ابن المواز في المشتري العبد يقول لبائعه اشتريته منك بخمسين دينارا، فأنكر البائع أن يكون باعه منه بعد أن شهد عليه عدلان بإقراره بالبيع فإن البيع بلزمه ولا ينفعه إنكاره ولا يؤدي المشتري م إلا الثمن الذي أقر، ولو قامت للبائع بثمن أكثر مما أقربه المشتري لم ينفعه لأنه أكذبه ببينته أن قال ما بعت منه شيئا، وإن ادعي المشتري مالا يشبه فلا يصدق إذا قال ما يعرف أنه فيه كاذب ويرد البيع ورد العبد إلا أن يفوت عند البائع فليزمه قيمته.
من العتبية (3) من كتاب الدعوي روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قام علي رجل بدين من سلف أو من بيع سلعة فينكره فيقول ما أسلفني أو ما بعت مني شيئا، فإذا ثبت عليه الدين أتي ببينة أنه فضاه، قال لا تنفعه لأنه أكذبها بإنكاره، وأما لو كان قال مالك عندي شئ لقبلت منه البينة بالبراءة، وروي عنه سحنون
[9/ 100]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 422.
(2) ما بين معقوفتين كتب في ص في غير هذا المكان.
(3) البيان والتحصيل، 14: 175.

(9/100)


نحوه إلا أنه قال إذا قال مالك علي دين من بيع ولا من سلف لم ينفعه بينته بالبراءة إلا أن يكون قال مالك عندي شئ وإنما يريد ابن القاسم مالك عندي من بيع ولا سلف علي أنه ما كان لك علي دين من بيع ولا سلف، وأما لو قال مالك علي شئ من سلف ولا بيع فلم ينف بهذا المبايعة، والله أعلم.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب في الوصي يقر ليتيمه بخمسة وعشرين دينارا فقيل له وقد كانت له خادم بعتها، فقال ما كانت له خادم ولا بعتها، ثم جاء ببراءة من أربعين دينارا فقيل له في ذلك، فقال دخل فيها ثمن الخادم إنه يقبل منه، وقال ابن المواز لا يقبل منه في الخادم لأنه كذب نفسه.
فيمن عليه مائة دينار ومائة بحمالة
فدفع مائة وقال هي أحدهمت أو سكت
أو قبض دينا / عن غريمه
فقال الدافع عن غريمك الآخر دفعته
وقال القابض بل عنك
من كتاب ابن سحنون ومن العتبية (1) قال سحنون فيمن عليه مائة درهم قرض بصك ومائة كفالة عن رجل بصك ومائة حمالة عن آخر بصك فدفع المطلوب مائة وقال من حق فلان دفعتها وقال الطالب ما قبضتها إلا مبهمة، قال يكون لكل صك منها الثلث إن كانت كلها حالة، وإن كان منها الحال والمؤجل كانت المائة من الحال ولا يقبل قول المطلوب قضيتك حق فلان، ولو أنه لما جاء بها قال أقضيك حق فلان كان القول قول الطالب لأنه مال يقضي القاضي عن أيه شاء إلا أن يكون المطلوب بحق ما فيكون المال بينهم جميعا.
وكذلك لو مات الطالب قبل أن يبين من أي وجه اقتضي فهي علي الصكوك كلها إن كانت حالة، وإن ادعي القاضي غير ذلك، وكذلك لو ماتا جميعا، قال سحنون وهذا أصحابنا وقد قيل لبعضهم فيمن له كتاب سلف
[9/ 101]
__________
(1) البيا والتحصيل، 10: 565.

(9/101)


مائة دينار، ومائة برهن ومائة بحمالة رجل بعينه فقضاه مائة ثم اختلفا من أيها قضاه فالقول قول الذي له الحق مع يمينه، ولو قال قضيتك من حق كذا، وقال القابض منها كلها حلف القابض وصدق، وكذلك لو مات المطلوب أو مات الطالب لم ينظر إلي قول المطلوب، ولو كان منها الحال والمؤجل فالقول قول من ادعي أنها من الحال مع يمينه، قال ابن حبيب قال مطرف: ومن كان له علي رجل وعلي ولده دين فدفع الأب إلي / ابنه ما عليه ليدفعه عنه قبضه وقضاه للغريم ثم اختلفا، فقال القابض للابن عنك قبضته وقال للابن بل عن أبي فالقابض مصدق، يريد مع يمينه، ولو أقام الأب بينة أنه دفع ذلك للابن وأمره أن يدفع ذلك عنه لم ينفعه حتي يقولوا إن الابن قال حين دفعه هذا عن أبي وقاله ابن الماجشون وأصبغ.

فيمن قام بصك فيه بيع وسلف
فاختلفا متي كان السلف بعد البيع أو معه
روي عيسي عن ابن القاسم في العتبية (1) فيمن قام بذكر حق فيه شراء وسلف، وقال إنما بعته متاعا بالمال ثم أسلفته إياه بعد البيع، وقال الآخر بل هو بيع وسلف فالطالب مصدق مع يمينه إذا لم تقم بينة للمطلوب، فإن نكل حلف المطلوب وفسخ البيع، وقاله سحنون.

فيمن قام بصك ممحو فيه بينة
وقال المطلوب قضيته ومحاه عني
ومن قضي دينا عليه بصك
هل له أخذ الصك؟
من العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قام بذكر حق علي رجل وأقام فيه البينة وقال المطلوب قد قضيته ومحاه عني، قال يلزمه الحق ويحلف أنه ما
[9/ 102]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 455.
(2) البيان والتحصيل، 10: 455.

(9/102)


محاه ولا قضاه، ولو قال الطالب أنا محوته وظننت أنه قضاني، قال يحلف المطلوب في هذا لقد قضاه ويبرأ لأن هذا أقر أنه محاه / عنه، قال محمد بن عبد الحكم فيمن قضي دينا عليه بصك فأراد أخذ الصك فأبي عليه الطالب قال لا يجبر علي أخذه، ويجبر علي أن يكتب له براءة كتابا في الموضع الذي فيه الشهود عليه أو في غيره

فيمن طلب من رجل ثمن ثوب باعه منه
فقال بل أمرتني ببيعه
أو قال أمرتك ببيعه بنفد
وقال المأمور بالنسيئة
أو قال بعت منك هذه الأمة
وقال الآخر بل زوجتنيها
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال لرجل أعطني ثمن الثوب الذي بعتك فقال إنما أمرتني ببيعه، قال القول قول رب الثوب مع يمينه ويحلف لقد باعه منه، نظر إلي صفة الثوب، فإت اختلفا في صفته قيل للمبتاع صفة واحلف علي صفته [ويقوم تلك الصفة أهل النظر ويغرمها وإن نكل المبتاع قيل لرب الثوب صفة واحلف علي صفتك] (1) ويؤدي المشتري قيمة تلك الصفة، وإن أتيا بما يستنكر من الصفة ونكلا عن اليمين فالمبتاع مصدق، قال فإذا كانت قيمته أدني من الثمن الذي باعه به، يريد مدعي الوكالة فإنه يقال له اتق الله، فإن صدقت أنه أمرك ببيعه فادفع بقية الثمن إليه، ولا يقضي بذلك عليه، قال أبو محمد: يريد بقوله أول المسألة يحلف ربه أنه باعه / منه إنما يعني ينفي بذلك الوكالة [لا علي أنه يصدق في البيع وثمنه، ويطلبه بذلك بل إنما حقيقة ذلك دفع الوكالة (2)] حتي يطلبه بالقيمة
[9/ 103]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/103)


للتعدي، وإذا أمرتك أن تبيعه بنقد، وقال المأمور بل بالدين، فإن لم يفت الثوب بيد المبتاع حلف ربه وأخذه، فإن مات فالوكيل مصدق، يريد مع يمينه، قال كما لو اختلفا في الثمن في قتله وكثرته، فإذا لم يفت فلا يمين علي البائع (1)، ومسألة الذي يدعي أنه باع منه أمة وقال الآخر زوجتنيها أو قال ربها زوجتك وقال هذا اشتريتها مستوعبة في كتاب أمهات الأولاد.

فيمن اشتري لزوجته شيئا
ثم قال لم تعطني ثمنا فكذبته
أو أعمر في أرضها
فقالت هي إنما ذلك من مالي
وقال هو من ماله أو ورثته
من العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم عن مالك فيمن اشتري دابة أو قال لزوجتي ابتعتها أو اكنرى لها دابة ونقد الثمن أو لم ينقد، وحازت المرأة الدابة ثم طلبها بالثمن فقالت دفعته إليك ولا بينة لها قال إت نقد الثمن فالمرأة مصدقة مع يمينه، وإن لم ينقد حلف هو أنه ما قبضه منها ولزمها دفعه إليه.
قال سحنون وعيسي: وإن أشهد الزوج عند دفعه الثمن إلي البائع أنه ينقده من ماله فالقول قوله مع يمينه، وله الرجوع بالثمن عليها، وروي عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن بني أو غرس في أرض زوجته / ثم مات فقالت أنا بنيت ذلك وغرست من مالي، وقال غيرها من ورثته هو أنفق ذي ذلك من ماله ولا بينة لها أو قامت بينة لورثة الزوج أنه عمر، فقالت إنما أنفق من مالي، وقال غيرها من ورثته هو أنفق في ذلك من ماله ولا بينة لها أو قامت بينة لورثة الزوج انه عمر، فقالت إنما أنفق من مالي، وقال ورثته بل عمر لنفسه بماله في أرضها، قال فإن كانت الأرض تعرف للمرأة ولا تدافع عنها بوجه ولم يقم للزوج بينة علي نفقة ولا علي ولاية بنيان ولا قيام عليه، فالقول
[9/ 104]
__________
(1) في الأصل، فالثمن علي البائع.
(2) البيان والتحصيل، 14: 135.

(9/104)


قول المرأة وتحلف ولا شئ لورثة الزوج ولا له لو كان حيا، وإن عرفت نفقة الزوج وبنيانه وقيامه فالمرأة مخيرة إن شاءت أعطته قيمة ذلك منقوضا وإلا طرحت، ذلك يريد فيؤمر بقلعه من تركة الزوج إن ترك تركة، وإن قالت المرأة إنما عمر بمالي لم تصدق إلا ببينة، وإلا غرمت ذلك لهم.
وقال أشهب: إن كان الزوج حيا فالقول قوله، وإن مات فالقول قولها غلا أن تقوم بينة أن الزوج كان يدعي في حياته تلك العمارة ولو مرة واحدة فيكون القول قول ورثته مع أيمانهم أنهم ما يعلمون تلك العمارة ولا شيئا منها للمرأة.
وروي عيسي عن ابن القاسم في الزواج بيني في أرض زوجته بنفسه ورقيقة أو يرم لها ما رث من بنيانها، ثم يطلب النقض هو أو ورثته فذلك له ولورثته بعده إذا ثبت أنه الباني لذلك والقائم به، وإن ادعت هي ان ذلك من مالها وأنها أعطته ذلك أحلف إن كان حيا إن لم تكن له بينة، وإن مات حلف ورثته إن كانوا ممن بلغ علم ذلك أو من بلغ منهم ثم استحقوا نقضهم يريد في يمين / الورثة علي علمهم، قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في الرجل يبني في أرض زوجته ثم اختلفا فقال الزوج بنيت لها بنفقتي ولم تدفع إلي النفقة، وقالت المرأة دفعت ذلك إليه وبمالي بناه فالقول قول الزوج مع يمينه، وقال أصبغ مثله.
باب من مسائل المدعي والمدعي عليه
ومن أظهر إقرارا بشئ وباطنه بخلافه
ومن ادعي علي آخر شيئا فسكت ولم ينكر
من كتاب ابن سحنون قال بعض أصحابنا فيمن أحلته بألف دينار علي ألف دينار لك علي رجل فأخذها، وقال هي لي كانت لي قبلك، وقلت أنت بل هي لي، فأنت مصدق مع يمينك، وكذلك لو قلت له اكفل لي بالألف التي لي عليك أو اضمنها له فدفعها إليه فهي لك مع يمينك ويصير المحتال وكيلا، وقال عيره إن كان المحتال يشبه مثله أن يكون له ذلك قبل المحيل فهو مصدق مع يمينه، وإلا حلف الآمر ورجع عليه بها وصار كوكيله، وبهذا قال سحنون قال ابن
[9/ 105]

(9/105)


القاسم في المدونة: ولو أمرته يدفع عنك لزيد ألف درهم ففعل ثم قلت كانت لي عليك دينا، وقال المأمور لم يكن لك علي شئ وإنما أسلفتك فالمأمور مصدق ويحلف.
قال سحنون: ومن كتب علي نفسه ذكر حق بقرض ثم أقام بينة أن أصله قراض فليؤخذ بإقراره بالقرض إلا أن يقيم البينة علي إقرار الطالب أن اصله قراض، ومن كتب علي نفسه إقرارا بمال من ثمن حرير ثم أقام بينة أنه من ربا وإنما أقر / أنه من ثمن حرير، قال يلزمه المال بإقراره أنه من ثمن حرير، إلا أن يقيم بينة علي إقرار الطالب أنه رباً فيقضي بذلك، قال ابن سحنون وابن أبي ليلي: يقبل منه البينة أن ذلك رباً ويرد إلي رأس ماله، وبالأول قال سحنون.
قال سحنون: ومن أقر بمال في ذكر حق من ثمن بيع ثم قال لم أقبض المبيع ولم يشهد علي نفسه بقبضه، قال لا ينظر إلي قوله والمال يلزمه وقال ابن أبي ليلي إن لم يقم البائع البينة بقبض المتاع للشئ المبيع فلا شئ له، وخالفه سحنون، وقد ذكرتها في كتاب أقضية البيوع الثاني، وقول ابن القاسم فيها وغيره مثل قول سحنون,
ومن قال لرجل اشتريت منك عبدين هذا أحدهما بمائة فوجدت به عيباً والآخر لم أقبضه، وهو هذا الذي بيدك، وقال الآخر بل بعتك هذا العبد الذي في يدي كما ذكرت مع عبد لا عيب فيه قبضته مني وهو هذا العبد الآخر، واتفقا علي الثمن ويشبه ما قالاه جميعا، قال يتحالفان ويتفاسخان. ومسألة من ادعي علي رجل دعوي فلم ينكر وسكت وما يكون السكوت فيه كالتسليم والإقرار قد كتبت فيه بابا وجعلته في كتاب الإقرار، وفيه أيضا من اشتري سلعة من رجل ثم ادعاها.
[9/ 106]

(9/106)


في البينة يختلف فيما تشهد به للرجل
من شيئين مختلفين أو حال ومؤجل ونحو ذلك
وفيمن يدعي شيئا
من كتاب ابن سحنون: وإذا شهد شاهدان لرجل علي رجل فقال أحدهما تشهد أن له عليه بقلا، وقال الآخر بل حنطة / فإن زعما أنها شهادة واحدة بطلت شهادتهم إن زعم رب الحق أنهما حقان مختلفان قال وإن زعم أن أحدهما حي أحلفته مع شهادة المحق وأعطيته ما شهد له به، وإن كانوا ثلاثة فشهد اثنان منهم أن له عليه حقا وشهد الثالث أن له عليه عشرة أرادب حنطة، وزعموا أنها شهادة واحدة فإن ادعي ذلك الطالب بطلت شهادتهم أجمعون، وإن ادعي ما شهد به الرجلان أخذه بغير يمين وإن ادعي [ما شهد به الواحد حلف (1)] معه وقضي له به إلا أن يقول المشهود عليه الحق بما شهد به الشاهدان فلا يلزمه غير ذلك ويبطل ما شهد به الشاهد الذي ادعي الطالب شهادته لأن الشاهدين كأنهما جرحا وقد صارا كشهادتين للمطلوب فإن لم يجبره تركناهما ومتي ما رجع الطالب فطلب أخذ ذلك، فذلك له ولا يمين له علي المطلوب فيما جحده لأن الشاهدين قد شهدا بإكذابه فكأنهما جرحاه وانقطعت الخلطة ولا يمين إلا بعد خلطة تثبت.
ومن شهد له شاهد أن فلانا الميت قال يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر، وشهد آخر أنه قال يخدمه سنتين ثم هو حر فإن حلف فلان مع شاهد السنتين خدمه سنتين ثم عتق، فإن نكل فليخدمه سنة ولا يعتق حتي يخدم الورثة سنة أخري لأنهما اجتمعا علي حريته بعد عامين ولم يشهد له بالسنة الأخري واحد، قال ابن القاسم في صغير شهد له شاهد أن أباه في حياته تصدق عليه بعبده/ وقبضه له، وشهد آخر أن أباه نحله إياه، قال هي شهادة مختلفة، الصدقة لا تعتصر والنحل تعتصر، وكمن شهد له شاهد أن له قبل فلان مائة دينار من
[9/ 107]
__________
(1) ما بين معقوفتين ممحو من الأصل، مثبت من ص.

(9/107)


سلف، ويشهد آخر أن له عليه مائة دينار من ثمن سلعة فليحلف مع أحد شاهديه ويستحق مائة، وقال سحنون: الشهادة بالصدقة وبالنحل واحد يوجب له العبد إلا أن يقيم الورثة البينة أنه اعتصر ذلك بعد النحل، فيكون له أن يحلف مع شاهد الصدقة ويستحقها.

فيمن ادعي علي رجل دعوي فأقر له المطلوب بخلافها
أو يقر له بثوب كذا ثم يقول بل هو ثوب آخر
من كتاب ابن سحنون: ومن ادعي أن له قبل رجل عشرة دراهم، وقال المطلوب إنما لك علي قسط من زيت، وقال الحميل إنما تحملت بقفيز قمح، قال يؤخذ القسط الزيت من المدعي عليه فيباع، فإن سوي عشرة دراهم أخذها المدعي، ثم يؤخذ من الحميل القمح فيباع منه تمام عشرة دراهم ويرد ما فضل علي الكفيل إن فضل شئ ولا يكون للكفيل أن يبيع بذلك المطلوب، وقال في التي ادعت أن لها علي زوجها صداقها عشرة دنانير فأقر لها الزوج بعشرة دنانير ثم جاء بثمانين درهما دفعها إليها، وقال كانت لي علي العشرة كل دينار ثمانية بدينار كان القول قول / الزوج، وإن كان الأمر عندهم علي العين فالقول قول المرأة، وإن كان ذلك عندهم علي ما قالاه فالقول قول الزوج، يريد مع يمينه. وفي كتاب الإقرار باب من نحو هذا فيمن يقر لرجل بثوب وشي ثم يقول إنما هو ثوب غير وشي، أو يكون ذلك في ذلك أنه يلزمه الأمران جميعا.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن هلك وأوصي ف شعير في حانوته أنه بينه وبين فلان، فقال فلان إنما لي قبله أربعون دينارا وليس لي عنده شعير، وأقام بينة بالأربعين فأخذها، ثم قال وجدت في برنامجي أن الشعير بيني وبينه، قال يحلف أن ذلك له ويأخذ شطر الشعير لأن الأربعين ثابتة بالبينة، وهو لو ادعي الشعير كان له ادعي الأربعين أو لم يدعها.
[9/ 108]

(9/108)


باب في مسائل مختلفة من التداعي وغير ذلك
من كتاب ابن سحنون عن أبيه قال أشهب في شريكين قد عرفت شركتهما، فمات أحدهما فقال الباقي إنما للميت مدعي السدس بشركته فهو مصدق فيما في يديه، ومن قال لرجل بعت منك عبدي هذا بكذا فدبرته أنت، وأنكر الآخر الشراء، قال قد أقر أن المشتري دبره وأنه بيده الثمن فيلزمه أن يبقي مدبراً ويأخذ البائع من خدمته الثمن الذي يدعي، إلا أن يقر المبتاع فيعطيه ما بقي منه، وإن استوفي من خدمته الثمن بقي مدبراً، فإن مات البائع وهو يخرج من ثلثه عتق وإن كان عليه دين، وقال فيمن هلك عن زوجة وأخ وترك مائة دينار وأربعين ديناراً، / وذكرت المرأة أن لها قبله مائة دينار صداقها فصدقها الأخ فأخذتها وأخذت ربع ما بقي، ثم طرأ من ادعي أن له علي الميت مائة دينار فصدقته المرأة وكذبه الأخ أنها تقاسمه المائة وعشرة نصفين لأنها أقرت أن ليس لها شئ إلا وله مثله.
وعن ورثة أتوا إلي قاض فأقاموا البينة أنهم وارثو الميت فلان لا يعلمون له وارثا غيرهم فيقسم ما هلك عنه بينهم، ثم طرأت زوجة للميت وأقامت بينة أنها زوجته [ولا نعلم له امرأة غيرها وأنها وارثة قال لابد أن يقولوا إنهم يعلمون أنها امرأته وارثته لا يعلمون] (1) له امرأة غيرها إذ قد تكون نصرانية وإن لم يذكروا عدد الورثة إذا شهد بذلك غيرهم، ولو جاءت وحدها لكلفت البينة بعدد الورثة لأنها مدعية، وفي المسألة الأولي هي مدعي عليها، وعن من أبضع ثلثمائة دينار مع ثلاثة رجال في شراء جارية فأتوه بها، فزعم اثنان منهم أنهم اشتروها له علي صفته بمائة دينار، وقال الثالث بل بمائتين، وهم كلهم عدول، قال يأخذ من كل واحد من الاثنين سبعة وستين إلا ثلثا ويأخذ من الذي قال ثمانين ثلاثة وثلاثين دينارا وثلثا ولم ير شهادة الاثنين شهادة، قال محمد بن عبد الحكم: ومن في يديه دابة هي دابتي أعرتك إياها فأراها للذي في يديه ولا كراء له، ويحلف، وكذلك لو قال لخياط لك عندي
[9/ 109]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص.

(9/109)


درهم من خياطة ثوبي هذا الذي بيدي، فقال له الآخر بل هو لي أودعتك إياه أو أعرتكه، فالثوب لمن هو في يديه ويحلف ولا أجر له، يعني للآخر، وينبغي أن يحلف الآخر في الدابة أنه / ما أكراها منه.
ومن العتبية (1) روي أصبغ عن ابن القاسم في الصراف يدفع إليه الرجل الدينار يزنه فيقول الصراف يدفع إليه الرجل الدينار يزنه فيقول الصراف قد رددته إليك وأنكر ذلك ربه وهما في مجلسهما، فالقول قول الصراف مع يمينة، من العتبية من سماع عيسي وفي بعض الكتب من سماع حسين بن عاصم من ابن القاسم: وعمن مات وترك زوجته وفي بيته غزل يعرف أن الكتان للرجل وأنها غزلته فلتحلف المرأة أنها ما غزلته له فإن حلفت أقيم غزلها الكتان، فكان بينهما علي قدر ذلك، وإن كان لم يعرف الكتان للرجل فالغزل للمرأة.
وقال سحنون في المرأة تنسج الثوب فيدعيه زوجها لنفسه، يقول إن الكتان لي، وتقول المرأة إنه لها وإنها غزلته من كتانها، قال ابن القاسم: هي أولي بما في يديها مع يمينها ولا حق للزواج فيه إلا ببينة، أو تقر هي أن الكتان له فيكونان شريكين في الثوب بقدر ما لكل واحد منهما، وكذلك أمرها بعد موت زوجها أنها مصدقة مع يمينها فيما في يديها، وكذلك قال ابن نافع إنها أولي بما في يديها مع يمينها.
وروي عيسي عن ابن القاسم فيمن وجد ثورا ميتا في الجبل فعلم أنه لبعض جيرانه فلسخة وأتي بجلده إلي صاحبه وأخبره أنه وجده ميتا ثم سلخه، فقال ربه أنت قتلته فلا شئ عليه بعد أن يحلف أنه ما قتله ولا تعدي فيه.
ومن كتاب ابن حبيب، وذكر عن مطرف فيمن قام بذكر حق من بعد عشرين سنة أنه يقضي له به، وإن قدم، إلا أن يأتي المطلوب بالبراءة منه، ولو قسمت تركته والطالب / حاضر ولم يقم فلا شئ له إلا أن يكون له عذر بغيبة بينة أو قال لم أعرفهم أو لم يجد كتاب الحق إلا الآن، أو كان للورثة سلطان يمتنعون به، فإن كان هذا حلف أنه ما ترك القيام إلا لما يذكر مما يعذر به، فإن
[9/ 110]
__________
(1) البيان والتحصيل، 14: 217.

(9/110)


نكل حلف الورثة أنهم ما يعلمون له حقا قبل وليهم، فإن نكلوا عزموا، وقد كتبت هذه المسألة في الجزء الثاني من أقضية البيوع وفي كتاب الإقرار.
قال مطرف في أجير الفراء يبيع الفرو بمحضر مستأجره ثم يريد قبض الثمن لنفسه ويقول كان الفرو لي مما أعمل لنفسي، وينكر الذي استأجره ذلك ويقول أنت أجيري لا شئ لك معي، قال إن كان مثله يعمل لنفسه ويبيع وهو أجير كما هو فإن الثمن له كان مستأجره حاضرا أو غائبا بعد أن يحلف أن الفرو له، وإن كان مثله لا يعمل لنسفه ولا يبيع لها فالثمن للذي استأجره بعد يمينه أن دعوي الأجير باطل.
قال ابن القاسم: ومن قضي له به لأن عليه أن يحوز ببينة وينصب علي ذلك حدوده، فإن لم تقم عليه بينة فالمقضي عليه أحق بأرضه.
قال ابن الماجشون: ومن أقر لرجل بعشرة دنانير يحل عليه كل يوم منها دينار، وقال الطالب هي حالة فالقول قول المطلوب مع يمينه ولا يصدق في بعض إقراره دون بعض، وهذا الأصل هو في المدونة ولمالك فيه أقاويل ثلاثة، وذلك مفسر في غير هذا / الموضع.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا شهدت بينة لرجل أنه أكري من هذا دارا بثمن قبضه وحدوا الدار ولم يقولوا يملكها حتي أكراها، والمكتري ينكر فإن القاضي يحكم بردها إلي الذي أكراها بعد تمام مدة الكراء ويكتب له بذلك كتاباً ولا يكتب أنه قضي بملكها للمكتري، ولكن يحكم بردها إليه، ولو شهدوا أنه أكراها منه وهو يملكها وأنكر ذلك المكتري وادعي المالك حكم له بردها إليه وبملكها.
تم الجزء الثاني من الدعوي والبينات والحيازات بحمد الله
ويتلوه في الجزء الثاني عشر إن شاء الله الجزء الأول من الاقرار.
والحمد لله وحده وصلواته علي سيدنا محمد وعلي آله وشرف تم.
[9/ 111]

(9/111)


صفحة بيضاء

(9/112)