النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم
... وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الأول

من كتاب الإقرار من النوادر (1)
ذكر ما يلزم من الإقرار وأنواعه
وتصرف وجوهه
قال الله تعالي ((يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوانيت بالقسط شهدآء لله ولو علي أنفسكم)) (2) وقال سبحانه في الكافرين ((وشهدوا علي أنفسهم أنهم كانوا كافرين)) (3) فكل مقر علي نفسه فهو شاهد عليها، وقال سبحانه ((فاعترفوا بذنبهم)) (4) وقال النبي عليه السلام << واغد يا أنيس علي امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها>> (5)، قال بعض العلماء، وقد يعبر عن الإقرار بنعم وببلي وبأجل أو ما أشبه ذلك، قال الله سبحانه ((الست بربكم قالوا بلي شهدنا)) (6) وقال تعالي في أهل النار ((قالوا بلي قد جاءنا نذير)) (7) وقال ((فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم)) (8) وقال أشهب بن عبد العزيز: وقول كل أحد علي نفسه أوجب
[9/ 113]
__________
(1) أضفنا في مقابلة هذا الجزء نسخة فاس المحفوطة بخزانة القرويين تحت رقم 793 المنسوخة في حياة المؤلف.
(2) الآية 135 من سورة النساء.
(3) الاية 130 من سورة الأنعام.
(4) الاية 11 من سورة الملك.
(5) جاء بصيغة أخري في كتاب الصلح من صحيح البخاري
(6) الآية 172 من سورة الأعراف.
(7) الاية 9 من سورة الملك.
(8) الاية 44 من سورة الأعراف.

(9/113)


من دعواه علي غيره، فمن لم يجز إقراره علي نفسه من صغير أو سفيه لم تجز شهادته علي غيره وكذلك لأنفسهم مع قول الصبي في الدم. قال محمد بن عبد الحكم: والإقرار علي صنوف (1)، فمنه ما يلزم المقر في بدنه، ومنه ما يلزمه في ماله، ومنه ما يلحق به النسب، ومنه ما يقر به علي نفسه فعله (2) بما يوجب أمرا علي غيره وغير ذلك من الوجوه.
فكل ما أقر به المرء علي نفسه وهو طائع غير مكره ولا خائف ولا متهدد مما أتلفه علي غيره من عين أو عرض أو / من جرح عمد يقاد منه أو لا يقاد منه من المتألف أو بمداينة أو بضمان أو شبه ذلك، فذلك يلزمه، وما أقر فيه علي نفسه مما يلزمه في بدنه من قصاص أو عقوبة أو حد يجب للآدميين فذلك يلزمه ولا ينفعه الرجوع عنه، ومنه ما يلزمه ما لم يرجع عن إقراره، مثل: حد الزني والسرقة، فيقال: إذا رجع عما لله في ذلك ويلزمه ما للآدميين من مال أو من صداق في غضب امرأة. ومن الإقرار ما يقر به علي غيره مثل إقراره بقتل الخطأ وما فيه ثلث الدية من الجراح، فهذا لا يلزم، وما كان دون الثلث لزمه في ماله وقد اختلف في إقراره بقتل الخطأ وما أقر به من ولد استحلقه والولد صغير أو كبير فيصدقه الكبير فهذا لاحق به، وأنا إقراره بأخ أو ابن عم ونحوه فلا يوجب ذلك النسب ويوجب له مشاركته في الميراث معه. قال ابن الحكم: وإقرار المريض مختلف بما أقر به من دين من بيع أو قرض وجرح عمد تجب فيه الدبة في ماله فذلك يلزمه لغير الوارث صح أو مات، فإن أقر بذلك لأخيه في المرض ولا وارث له غيره فإن صح لزمه، وإن مات من مرضه سقط إقراره.
وإقرار الرجل في الصحة للوارث لازم وكذلك إن أقر له في المرض ثم صح وإقراره في المرض لصديق ملاطف يلزمه وإن كان يورث كلالة في قول ابن عبد الحكم، وهو خلاف قول مالك.
[9/ 114]
__________
(1) كذا في الأصل، في النسخ الأخري علي ضروب.
(2) في التسخ الأخري، مما يقر به علي فعله.

(9/114)


قال أحمد بن ميسر: وإذا / أقر المريض للصديق الملاطف وكان يورث كلالة ويرثه مولي او يرثه من بينه وبينه عداوة من غصبته فإنه يتهمه أهل العلم في إقراره ويرونه تأليجا عن ورثته (1) الذين ذكرت، وأنا أري أن ذلك والله أعلم جائز له لا يأثم به (2)، فأما الرجل الذي عرف بالدين والصديق ولا يجهل ما في ذلك من الإثم فإقراره جائز للصديق الملاطف مع من ذكرت، فإذا أقر في مرضه أنه طلق امرأته في مرضه أو في صحته لزمه ذلك وورثته. وإقراره بالنكاح في المرض لا يوجب لها الميراث ولا يلزمه النكاح. وأما إقراره في مرضه لبعض ورثته فلا يقال الآن إقرار جائز ولا غير جائز ولكن إقرار مترقب ليعلم ما يلزمه منه أو لا يلزمه في حال آخر.
فإن مات وقد شركه وارث بطل الإقرار، وإن صح ثبت الإقرار، وكذلك إن بتل عتق عبده في مرضه فإن صح ذلك وإن مات عتق في الثلث بعد الدين وكذلك في بيعه بمحاباة.
قال محمد: ومن الإقرار ما لا يلزم صاحبه في وقت إقراره مثل أن يكري دارا في يديه من رجل ثم يقر أنها لفلان، فلا يقبل منه إلا بعد انقضاء مدة الكراء قبض الدار الساكن أو لم يقبضها، نقد الكراء أو لم ينقده ولكن يكون له الكراء من يوم أقر المقر، ولو قامت بينة أنه أقر بذلك قبل الكراء كان للمقر له / فسخ الكراء وأخذ الدار يريد فإن فسخ فله حصة ما سكن من الكراء إن لم يحاب فيه، ولو أقر في عبد قد رهنه وفبضه المرتهن أنه لفلان فلا يصدق ختي يفتكه فيأخذه المقر له، فإن بيع في الدين فعلي الراهن قيمته للمقر له.
وذكر محمد إقرار أحد الابنين علي أبيه الميت بدين وذكر إقرار العبد المأذون وغير المأذون والمكائب والوصي والوكيل، وذلك مذكور في أبوابه.
[9/ 115]
__________
(1) التأليج المراد به التوليج وهو من قولهم ولج المال إذا جعله في حياته لبعض ولده فتسامع الناس بذلك فانكفوا عن سؤاله.
(2) كذا في الأصل، وفي ف، والعبارة في هـ، وص لا بأس به.

(9/115)


في الإقرار في موطن بعد موطن (1)
من كتاب ابن سحنون: وإذا لرجل بمائة درهم في موطن فأشهد له بها ثم أقر له بها في موطن آخر وأشهد فقال الطالب هي مائتان وقال المقر هما مائة واحدة فإن كان الإقرار بغير كتاب لم يلزمه إلا مائة.
وقال غيرنا: تلزمه مائتان ثم ناقضوا فجامعونا إن لم أقر له عند بينة بمائة ثم قدمه إلي القاضي فأقر له بمائة فقال له الطالب لي بينة بمائة أخري وأحضرهم فقال المطلوب هي مائة واحدة إن القول قوله ففرق مخالفنا بين إقراره عند القاضي وعند بينة أخري، ولا فرق بين ذلك. قال سحنون: وقال أصحابنا جميعا في إقراره في مواطن بمائة إنه لا يلزمه إلا مائة واحدة بخلاف إذكار الحقوق، فلو شهد له في صك بمائة وفي صك آخر بمائة لزمه مائتان، قال محمد: ولو اختلف الإقرار فأقر له موطن بمائة وأشهد في مواطن بمائتين / لزمه ثلاثمائة.
وقال ابن حبيب عن أصبغ: إنه إن كان الإقرار بالأقل أولا صدق المطلوب أن الأقل دخل في الأكثر وإن كان الإقرار بالأكثر أولا منها ما لان وذكر في اتفاق المالين كما قال سحنون: قال ابن سحنون في غير كتاب الإقرار إن قول مالك اضطرب في هذا وآخر قوله وبه أقول أن يحلف المقر ما ذلك إلا مال واحد ولا يلزمه إلا مائة.
وقال محمد بن عبد الحكم مثل قول ابن سحنون في ذلك قال: وفرق أهل العراق بين إقراره في موطنين عند بينة وبين إقراره عند القاضي وعند بينة، ولا فرق بين ذلك، وقال أبو حنيفة: إذا أقر لرجل بماثة درهم عند شاهد وأقر عند آخر بمائة وخمسين إنه يأخذ مائة ويحلف المقر علي الخمسين ويبرأ قلنا لهم: أليس المائة التي شهد بها الأول هي التي شهد بها الآخر؟ فينبغي علي هذا إن كان الإقرار بشئ مختلف ألا يلزمه شئ من المائة، وهذا خروج من قول العلماء، أرأيتم إن شهد عليه واحد بمائة درهم من ثمن غلام وشهد الآخر أنه أقر بها من ثمر بر
[9/ 116]
__________
(1) كذا في التسخ كلها وأما في الأصل فقد جاء العنوان علي الصيغة التالية (في الإقرار في موطن واحد)

(9/116)


ابتاعه منه فقبضه منه؟ فقالوا: هذان مختلفان فلا تجتمع عليه الشهادة. قلنا: فقد قلتم إن شهد عليه واحد بمائة [في موطن] (1) وآخر بمائتين في موطن آخر أن له ثلاثمائة جعلتم المائة هي المائة الأولي، وهذا تناقض؟ وقد جرى في كتاب الدعوى / والبينات باب مثل هذا.

فيمن أقر بدنانير أو دراهم ولم يذكر عددها
أو بأقفزة لم يسمها، أو قال دنينرات (2) أو درهيمات
أو قال دراهم كبيرة أو عظيمة أو غنم كثيرة أو إبل (3)
أو قال له علي مال أو كذا أو كذا في إقرار أو وصية
ومن كتاب ابن سحنون: من أقر لفلان عليه دنانير لزمه ثلاثة لا أقل منها وكذلك في الدراهم وكذلك في الأقفزة يقر بها. قال محمد: وهذا إجماع فيما علمت وقوله دنانير أو قال دراهم إن أقل ما يلزمه ثلاثة، ولو قال عندي دنينرات فقد لزمه ثلاثة وكذلك في الدراهم، وعلي المدعي البينة في أكثر منها. قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذا شهد عليه أن لفلان عليه دنانير أو قالوا دراهم لا يعرفون عددها أنه يلزمه ثلاثة دنانير وكذلك الدراهم، ويحلف ما له عليه غيرها، فإن نكل حلف الطالب علي ما سمي واستحق، وكذلك إن شهدوا أنه قال له اعطني الدنانير التي لي عليك فقال نعم ثم أنكرها فإنه يلزمه ثلاثة. قال ابن سحنون: وإذا قال له دراهم كثيرة لزمه [مائتا درهم وإن قال دنانير كثيرة لزمه] (4) عشرون دينارا، وقال محمد بن الحكم: يلزمه ما جاوز الثلاثة لأنها جاوزت القليل، إذ ليس القليل أو الكثير، وقد قيل عليه تسعة لأن الدراهم ثلاثة، فلما قال كثيرة كأنه رددها مرات فلا معني لقول النعمان عشرة دراهم ولا
[9/ 117]
__________
(1) زيادة من ص.
(2) كذا في النسخ كلها والمناسب لقواعد اللغة أن يقال دييزات.
(3) [أو إبل] انفردت بذكرها النسخة الأصلية.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، وف مثبت من ص وهـ.

(9/117)


لقول أبي يوسف مائتا / درهم، لأن فيها الزكاة ولا مدخل للزكاة في هذا، وقد قيل: يكون له خمسة دراهم لأن ثم قليل وكثير وشئ لا قليل ولا كثير هو بين القلة والكثرة، فلو قاله علي دراهم لا قليلة ولا كثيرة جعلناها أربعة وجعلنا في قوله كثرة خمسة لأنها جاوزت ما قلنا لا كثيرة ولا قليلة، [فصارت كثيرة] (1) وهذا أحسن وليس فيه أمر لا يقضي عنه ويجتهد في ذلك عند نزوله، ولو قال له علي إبل كثيرة أو بقر كثيرة أو غنم كثيرة (2) فمثل ما قلنا في الدنانير والدراهم. قال أصحاب أبي حنيفة: له في الغنم أربعون شاة ومن الإبل خمسة وعشرون فناقضوا وكان ينبغي أن يقولوا خمسة من الإبل.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال له: علي مال عظيم من الدراهم كان مائتي درهم عند سحنون وغيره، وإن قال من الدنانير فله عشرون ديناراً، وإن قال له: علي مال فهو مصدق فيما يقول مع يمينه عندنا وعند أهل العراق.
قال ابن المواز: ومن أوصي أن لفلان عليه مالاً ولم يبين كم هو حتي مات، فإن كان بمصر أو بالشام قضي له بعشرين دينارا وفي العراق بمائتي درهم بعد يمين المدعي ويحلف الورثة أنهم ما يعلمون له أكثر من ذلك أو يحلفون أنهم لا يعلمون عليه حقا إن ادعي المقر له أكثر مما ذكرنا قيل أفيحلف المدعي أنه ليس له أقل من ذلك؟ قال: كيف يحلف وهو يقول عندي ولي معاملة (3) وهو من ورثت عنه أو أوصي لي بها، وإن قال له: علي دنانير يقضي له بثلاثة مع يمين الورثة ما يعلمون / له أكثر يحلف من يري أن عنده منه علما وإن قال دنانير كثيرة زدته علي الثلاثة أقل زيادة من الدنانير وهو دينار لأن ما كثر من ذلك فهو شك ويحلف الورثة أنهم لا يعلمون له أكثر من ذلك إن ادعي ذلك الموصي له وسماه فإن نكل الوارث عن يمينه علي علمه حلف المدعي وأخذ من الوارث قدر مصابته.
[9/ 118]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأص، مثبت من ص.
(2) في النسخ الأخري أو شياه كثيرة.
(3) كذا في ص، في النسخ الأخري وهو يقول غيري ولي معاملته والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

(9/118)


ومن العتبية (1) قال أصبغ عن ابن وهب: وإن أقر أن لفلان في هذا الكيس مالا قال: يعطي عشرين دينارا منه، قيل فإن كان فيه مائتا درهم قال يعطاها ويحلف.
ومن كان ابن سحنون: وإذا قال غصبتك شياها كثيرة فهي أربعون شاة، وإن قال إبلا كثيرة (2) ففيها قولان: أحدهما خمس ذود (3)، والقول الآخر وهو قول من خالفنا خمس وعشرون ما تجنب فيه فريضة من الإبل، وإن قال: حنطة كثيرة فهي خمسة أوسق (4) في قولنا وقولهم وإذا قال له علي كذا وكذا درهم بهذا اللفظ فهو مصدق فيما يسمي مع يمينه، وقد قال يلزمه أقل ما يكون في اللغة كذا وكذا درهم. وقال أهل العراق: يلزمه أحد عشر درهما وكذلك في الدنانير، وفي الكيل وفي الوزن قال سحنون: ما أعرف هذا فإن كان هذا أقل ما يكون في اللغة هذا اللفظ فهو كما قالوا وكان يقول: إن القول قول المقر مع يمينه، وكذلك له علي كذا وكذا دراهم وكذا وكذا ديناراً يلزمه من كل صنف أقل ما يكون عند العرب هذه ديناراً ودرهما نظر إلي أقل ما يكون كذا وكذا من العدد فيكون عليه نصفه دنانير ونصفه دراهم، وفي القول الآخر القول قول المقر ويحلف.
[9/ 119]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 520
(2) في النسخ كلها إبل بالرفع وآثرنا نصبها لمناسبة الكلام إذ المراد وإن قال غصبتك إبلا كثيرة عطفا علي قوله وإذا قال غصبتك شياهاً كثيرة.
(3) الذود القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلي العشر وقيل غير ذلك.
(4) الأوسق جمع وسق وهو ستون صاعا قال الخليل الوسق حمل البعير والوقر حمل البغل والحمار.

(9/119)


فيمن أقر أن لفلان عليه جل المائة أو قريباً منها
أو قال نحو المائة أو مائة إلا قليلا
أو ناقصة أو إلا شيئا أو إلا مائة وشيئاً
أو قال نيفا وعشرين أو بضعا
ومن قال له علي مائة درهم أو قال دينار
أو قال ووصيف ولم يذكر ما المائة؟ (1)
من العتبية (2) قال سحنون فيمن أقر في مرضه أن لفلان عليه جل المائة أو قرب المائة أو أكثر المائة أو نحو المائة أو مائة إلا قليلاً أو مائة إلا شيئاً فالذي عليه أكثر أصحابنا أن يعطي من ثلثي المائة إلي أكثر بقدر ما يري الحاكم، وقال أهل العراق: يزداد علي الخمسين دينار أو ديناران (3). وقال سحنون: وإن أقر لك بمائة دينار ناقصة وقلت أنت وازنة فالقول قوله مع يمينه، ومن سماع عيسي بن دينار من ابن القاسم فيمن أقر الرجل بعشرة دنانير نقص فأتي بها ينقص كل دينار ربعاً أو ثلثا قال يقبل قوله ويحلف كنقصان العدد. ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: إذا قال لفلان علي مائة درهم إلا شيئاً أو قال إلا قليلا أو قال له علي أقل من مائة أو جل المائة أو أكثر المائة فقال بعض أصحابنا: يلزمه ثلثا المائة، وقال آخرون منهم: يلزمه النصف وشئ، وذلك أحد وخمسون، ولو كان الإقرار بألف زيد علي الخمسمائة درهم، وناظر سحونا رجل / من أصحابنا يقال له الذهبي (4) وذهب إلي أنه إذا قال له علي عظم المائة أو قال جلها أو قال أقل من المائة أن القول قوله مع يمينه فيما يقول وكذلك في القرض (5) والوكالة والغصب والوديعة والمضاربة.
[9/ 120]
__________
(1) كثير من الكلمات داخل العنوان وردت مرفوعة فنصبناها لتنسجم مع قواعد اللغة لأنها معطوفة علي قوله جل المائة.
(2) البيان والتحصيل، 10: 485.
(3) دينار أو ديناران مرفوعان للنيابة عن الفاعل وقدر وردا في النسخ كلها منصويين والصواب ما أثبتناه.
(4) في الأصل الذهبي وهو ما أثبتناه، وفي هـ الزربي وفي ف الزريبي وفي ص الدبي.
(5) في الأصل، الفروض.

(9/120)


قال محمد: وإذا مات المطلوب كان عليه في تركته في قول بعض أصحابنا الثلثان، وفي قول آخرين أكثر منت النصف بدرهم، وكذلك إن مات الطالب وكذلك في إقرار العبد المأذون والمكاتب والمرأة والذمي وكذلك في قوله علي قريب من المائة، ولو قال له علي كرحنطة إلا شيئا أو إلا قليلا فهو علي ما ذكرنا في العين من الاختلاف. وكذلك في الموزون والمكيل وإن قال علي عشرة دراهم ونيف فالقول قول المقر في النيف قل أو كثر وله أن يجعله من درهم وإن شاء قال دانق فضة وكذلك في نيف وخمسين، وإن قال له علي بضع وخمسون فأقل البضع ثلاثة دراهم في وقولنا وقول غيرنا.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإذا أقر في مرضه لفلان بعشرة دنانير وشئ أو مائة دينار وشئ ثم نات ولم يسأل فالشئ يسقط لأنه مجهول ويلزمه ما سمي، وكذلك لو شهدت بينة بذلك علي رجل ولم يعرفوا كم الشئ لسقط الشئ وثبت العدد ويحلف المطلوب، ولو قال له علي مائة دينار إلا شيئاً ثم مات فهذا يحمل علي ما يتصرف من كلام الناس ويحسن، ويجري في لفظهم.
قال الله تبارك وتعالي ((فلبثت فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً)) (1) فحسن استثناء هذا من العدد الكثير ولا يحسن أن يقول مائة إلا شيئا يعني إلا خمسين، ويحسن في الألف إلا خمسين وسبعين وثمانين وتسعين، ولا يحسن أن يقول إلا مائة، لا تجد من يقول: له عندي ألف إلا مائة، وإذا قال: عشرة آلاف إلا شيئا فاطرح [تسعمائة وهو أقصي ذلك في الكلام، وإذا قال مائة إلا شيئا] (2) فاطرح تسعة وهو الأقصي، ولا يقول أحد إلا عشرة لأنه إذا شاء قال تسعون، وأما قوله له عندي درهم إلا شيئا أو درهمان إلا شيئا فاطرح ثلث درهم وهو الأقصي في مثل هذا ما بينك وبين خمسة عشر، ولا يحسن أن يقول في هذا في قوله إلا شيئا هو إلا درهما فأما في العشرين والثلاثين والأربعين والخمسين فعلي قدر اجتهاد
[9/ 121]
__________
(1) الاية 14 من سورة العنكبوت.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من هـ وص.

(9/121)


المجتهد يكون إلا درهما وإلا درهمين وإلا ثلاثة وأربعة ولا تراه خمسة ولا أكثر، وإن قال له عندي خمسة وسبعون درهما إلا شيئا فلا يجعل الشك بالإ في الجملة كلها ولكن في النيف لأنه حين نيف علمنا أن الجملة صحيحة فإنما الشك في النيف فيطرح منه ثلث درهم وكذلك في مائة وخمسة.
وقال أحمد بن ميسر فيمن قال لفلان علي عشرة إلا شيئا فالقول قوله فيما يزعم أنه أراده من قليل أو كثير من يمينه، فإن قال إلا كسرا فالكسر أقل من درهم وشبهه فإن صدقة الطالب وإلا أحلفه.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال مريض أو صحيح لفلان علي عشرة ونصف درهم ولم يبين ما العشرة فله عشرة دراهم ونصف / وكذلك قول مائة ودينار فعليه مائة دينار إذا ادعي ذلك الطالب مع يمينه.
وإذا قال له: علي عشرة آلاف ووصيف فالقول قول المقر، فإن قال: أردت عشرة آلاف وصيف ووصيفا فهو كذلك، فإن قال أردت عشرة آلاف درهم ووصيفا صدق، فإن ادعي الطالب غير ذلك من دنانير وغيرها كلف البينة وإلا حلف له المقر، وكذلك قوله ألف وشاة، فإن قال إنها ألف شاة أو ألف درهم أو أقفزة حنطة فهو مصدق مع يمينه، فإن مات ولم يسأل صدق ورثته فيما قالوا مع أيمانهم، وقال أهل العراق في قوله: ووصيف فنجعل العدد دراهم، قال سحنون: لا أعرف هذا وأنكره.
[9/ 122]

(9/122)


فيمن أقر لرجل فقال له علي حق
أو قال: شئ ولم يسمه
أو قال: له حق في عبدي أو في داري ولم يسمه
أو قال من داري أو وهبه نصيبا لم يسمه
أو شهدت بذلك بينة

من كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه غصب فلانا شيئا [ولم يبينه ثم قال هو كذا وقال الطالب هو كذا أو لم يقل شيئا] (1) فالقول قول الغاصب فيما يذكر مع يمينه، فإن ادعي الطالب غير ذلك فعليه البينة فإن لم يجد أو نكل الغاصب فالقول قول الطالب مع يمينه، فإن أبي المقر أن يسمي شيئا جبر علي أن يبين / ما أقر به وإلا سجن حتي يذكر شيئاً ويحلف عليه.
وقد قال ابن القاسم وسحنون وغيرهما فيمن وهب لرجل نصيبا من داره ولم يسمه وطلب الموهوب فلابد أن يقر له بما يكون نصيباً، قال سحنون: طائعاً كان أو مكرها (2).
قال محمد بن عبد الحكيم: إذا قال له: عندي شئ فليقر بما شاء من الأشياء ويحلف إن طلب منه اليمين.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن قال له علي حق ثم أردت حق الإسلام لم يصدق ولابد أن يقر له بشئ ويحلف علي دعوي المطالب إن ادعي أكثر منه.
وكان سحنون يقول: ينظر فيه علي نحو ما ينزل مما يتكلمان فيه فإن كانا تنازعا في ذكر المال أخذناه بذلك وإن تنازعا فيما يوجب بعضاً لبعض من حق وحرمة لم يؤخذ في هذا بالمال، وقد يقول: ما أوجب حقي عليك أني أكبر سنا منك أفإني لقريبك فيقول الآخر: لك علي حقوق يقول حق الإسلام والقرابة والجوار فيجري هذا علي ما يستدل عليه من كلامهما.
[9/ 123]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ.
(2) في ص، وهـ، طائعا أو كارها.

(9/123)


قال سحنون عن ابن نافع عن مالك فيمن أقام بينة أن له علي رجل حقا لا يدرون لا كم هو أيحلف الطالب علي ما يدعي؟ قال: ليس ذلك له وهذه البينة كمن لم يشهد وليحلف المطلوب، قال مالك: فيما يقول المطلوب؟ قيل: يقول شهدوا بباطل وما له عندي شئ، قال: قد شهدوا بشئ فلو سمي شيئا حلف ما له عليه غيره وبرئ، فأما قولهم حقا لا ندري ما هو فليحلف المطلوب ويبرأ، وهذا المعني في كتاب الشهادات مستوعب. / والاختلاف فيه في شهادة البينة وفي إقرار الرجل بذلك.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر بدار بيديه أن لرجل فيها حقا ولم يسم فإنه يجبر أن يسمي من ذلك ما شاء ويحلف إن ادعي المطلوب أكثر منه، وكذلك إن أقر له بحق في أرض أو عبد أو ثوب في يديه فإن تمادى علي الإنكار سجن أبدا حتي يضطر بالسجن إلي الإقرار، وإن أقر له حقا في هذه الغنم ثم قال هو عشر هذه الشاة صدق مع يمينه، وكذلك في كتاب محمد بن عبد الحكم.
قال ابن سحنون: وإن أقر له بحق في هذه الدار ثم قال: هو هذا الجذع أو هذا الباب المركب، فقال سحنون: مرة يصدق ثم رجع فقال لا يصدق، ولو قال هو هذا البناء لبناء في الدار ففيها قولان أحدهما أنه يصدق وليس كالخشبة والباب، وقول ثان أنه لا يصدق وقد أثبت له في أصل الدار حق فالقول قوله مع يمينه، قال سحنون في قوله الآخر وقول أهل العراق وإذا قال أردت هذا الثوب الذي في الدار أو هذا الطعام لم يصدق. قال سحنون: قيل ذلكم يصدق ولا حق له في رقبة الدار، وكذلك إن أقر أن له في هذا البستان حقا (1) ثم قال أردت تمرة هذه النخلة فلا يصدق في قوله الآخر ويصدق في قوله الأول، ولو قال له: هذه النخلة بأصلها لصدق مع يمينه إذا أقر معها من الأرض بشئ، فإن قال: وهبتها له بغير أرض فقيل لا يصدق وقيل يصدق مع يمينه.
[9/ 124]
__________
(1) في الأصل، إن في هذا البستان جزءاً، ونحن أثبتنا ما في النسخ الأخري.

(9/124)


فإن قال له: في هذه الأرض حق فسئل عنه فقال أزرعتها / إياه سنة وقال الآخر بل لي فيها شرك فلابد أن يقر له بشئ في رقبتها في قوله الآخر وهو مصدق في قوله الأول، وكذلك في إقراره أن له في هذه الدار حقاً ثم (1) قال هو سكني شهر.
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا أقر له بحق في الدار وقال أردت سكني بيت منها أكريته منه أو أسكنته إياه سنة قبل قوله مع يمينه، وكذلك إن قال: له حق في هذا الثوب ثم قال أجرته أو أعرته منه شهرا صدق مع يمينه، وأما إن قال: له حق من هذه الدار أو من هذا الثوب لم يقبل منه حتي يقر بشئ من الثوب أو بشئ من رقبة الدار، وكذلك قوله في هذا البيت. وكذلك في جميع الأشياء إذا قال من هذا الشئ حمل علي أنه من الرقبة، وإذا قال في هذه الدار قبل قوله في السكني.
قال ابن المواز: إذا قال: من هذه الدار قيل له فريما شئت من رقبتها ولو بعض بيت واحلف فإن نكل وذلك إذا لم يدع المقر معرفة ذلك، فأما إن ادعي معرفة ذلك ونكل المقر حلف المدعي علي ما يقول وقضي له.
قال ابن عبد الحكم: ولو قال له في هذه الدارهم أو قال هذه الدنانير أو قال هذا الطعام كان محمل ذلك من الرقبة، قال في أو قال من وظاهر المقصد في هذا عين الشئ.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر لرجل بجزء في داره فالقول قول المقر يقر له من ذلك بماء شاء مما هو جزء، وكذلك في قوله شقص (2) منها أو طائفة منها أو سهم أو حق أو نصيب في قول بعض أصحابنا فهو كله واحد والمقر فيه مصدق / مع يمينه، وقال أشهب: إذا قال له في داري حق أنه يكون له ثمن الدار.
[9/ 125]
__________
(1) ثم ساقطة من الأصل.
(2) الشقص بالكسر القطعة من الأرض والطائفة من الشئ.

(9/125)


قال سحنون فيمن قال لفلان في داري حق ثم قال إنما له فيها هذا القمح أو هذا الحجر الملقي أن القول قوله ولا يلزمه إقراره في رقبة الدار. وأما إن قال له في داري نصيب ثم قال هو هذا اللوح أو هذه السارية وهي قائمة في البناء أو هذه الخشبة لم يصدق ولابد أن يقر له بنصيب في رقبة الدار قل أو كثر، ولو قال له في ثوبي حق ثم قال هو هذا القفيز من القمح فهو مصدق مع يمينه إن كان القفيز في الثوب، فإن لم يكن فيه قيل له بين إقرارك فإن قال هو رهن عنده أو قال له فيه شرك بدرهم من ثمنه فهو مصدق.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: ولو قال لك معي حق في [هذه الدار التي في يدي ثم قال هي حبس علي وعليك إما نصفان أو لك فيها الثلث قبل قوله مع يمينه. قال هو ابن سحنون وإن قال لك معي حق في] (1) جميع هذه الدار قيل له أقر بما شئت منها فإن قال له: هذا البيت قيل له قد وجب له البيت ولابد أن تقر بجزء فيما بقي منها لقولك في جميعها.
قال ابن عبد الحكم: ولو قال: له حق في هاتين الدارين [فأقر بجزء شائع في واحدة لم يكن له بد أن يقر في الأخري بجزء آخر كان أقل مما سمي في الأول أو أكثر ويحلف إن طلب منه اليمين.
قال ابن عبد الحكم] (2) وابن المواز: وإن قال له من أعلي هذه الدار حق فأقر له ببيت من سلفها فله البيت، وعليه أن يقر له من علوها بجزء، وكذلك لو قال له في سلفها فأقر في علوها ولو قال من أعلاها غرفة وهي طبقات فأقر له بغرفة من الطبقة الوسطي فالقول قوله ولا يجزئه إن يقر له ببيت / من سلفها ولو أقر له بغرفة من أعلي غرفها لم يجزئه أن يقر أنها من الوسطي.
ولو قال له من داري منزل قيل له أقر بأي منزل شئت من غرفها أو من سلفها، ولو قال لك من هذه الدار أعلي غرفة فيها فوجد في أعلاها غرف متساوية في العلو قيل له أقر بما شئت منها ويحلف إن طلبت منه اليمين، وإن كانت غرفة
[9/ 126]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، أثبتناه من النسخ الأخري.
(2) ما بين معقوفتين سافط من ف.

(9/126)


هي أعلاها كانت تلك، ولو قال: لفلان حق في سكني هذه الدار أو من سكناها أقر بما شاء من السكني وصدق.
قال ابن عبد الحكم: إذا أقر أن له في هذا البستان حقا ثم قال هو تمر هذه النخل أو النخلة بأصلها صدق مع يمينه، وأما لو قال: له من هذا البستان حق لم يصدق، إذا قال هو تمرته أو تمرة النخلة.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا قال له في هذه الدار حق من وصية من والدي ثم قال هو سكناها أو بيت منها سنة وقال الآخر بل بشرك في أصلها ففيها قولان: أحدهما: أنه مصدق مع يمينه لأن هذا يجري في قول الناس ومعانيهم، وقاله ابن عبد الحكم، قال ابن سحنون: والقول الآخر أنه لا يصدق وليقر له في رقبتها بشئ ولو بجزء من مائة جزء إلا أن يقر بما لا يشبه أن يوصي الناس به من التافه القليل جدا كما لو قال: أوصي بموضع أصبع أو ما يرجع إلي ذلك لم يقبل منه حتي يذكر ما يشبه أن يوصي به. ويكون به شريكاً مما لا يخرج من معاني الناس ولو وصل الإقرار في قوله له فيها حق وقال هي وصية بسكني شهر فهو مصدق مع يمينه / في إجماعهم، وكذلك له فيها ميراث سكني شهر كان والدي أسكنها والده وورث ذلك عن أبيه، ولو قال لك في رقبة عبدي هذا أحق ثم قال أردت دينا ثم قال الطالب لي عشر رقبته فلا يقبل من السيد حتي يقر له في رقبته إنا بالعشر أو بأقل فإن أقر بأقل صدق مع يمينه وإن قال لك علي عبدي حق ثم قال أردت دينا ثم قال الطالب لي عشر رقبته فلا يقبل من السيد حتي يقر له في رقبته إما بالعشر أو بأقل فإن أقر بأقل صدق مع يمينه وإن قال لك علي عبدي حق ثم قال أردت ديناً وقال الطالب بل لي في رقبته العشر فالمقر مصدق وهو شاهد علي عبده هو ولا يلزمه الدين إلا بعد يمين الطالب، ولو قال لك في عبدي هذا أو في امتي هذه حق فقال الطالب إنما لي حق في الأمة دون العبد فإن حلف المقر أنه لا حق له في الأمة برئ ولم يكن للطالب شئ في العبد لأنه نفي أن يكون له فيه شئ، ولو ادعي فيهما جميعاً جبر المقر أن يقر له في العبد بحق ويحلف في الأمة ما له فيها حق ويخلي عنه إلا أن يدعي الطالب أكثر مما أقر له به في العبد فيحلف علي الزائد.
[9/ 127]

(9/127)


فيمن قال لفلان معي في هذا العبد شرك
أو قال هو بيني وبينه أو قال شريكي فيه
أو قد أشركته فيه ولم يسم جزء الشركة
من كتاب ابن سحنون: ومن قال لفلان في هذا العبد شرك قال معي أو لم يقل ثم قال هو العشر فالقول قوله.
قال ابن عبد الحكم: ويحلف إن ادعي المقر له أكثر سواء وصل الكلام أو لم يصل لأن الشرك يقل ويكثر وكذلك الدار.
قال ابن سحنون في قول بعض أصحابنا: له النصف / وفرق غيرنا بين قوله معي وبينه إذا لم يقل معي قالوا: إن قال معي مصدق فإن لم يقل معي فله النصف ولا فرق بين هذا، وأجمعوا أن لو وصل كلامه فقال له فيه شرك العشر أنه مصدق.
وإذا قال: هذا العبد بيني وبين فلان أو قال لي ولفلان ثم سكت فسئل فقال له الثلث أو السدس وقال الآخر لي النصف، فقال بعض أصحابنا وأهل العراق إن له النصف وقال آخرون من أحصابنا وقاله ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم إنه مصدق في قوله: الثلث أو الربع أو العشر، وقال ابن سحنون وقد يحسن في الكلام أن يقال هو بين فلان وفلان لأحدهما أقل من النصف، قال ابن سحنون وكذلك قوله: فلان شريكي فيه علي اختلافهم، وفرق غيرنا بين قوله له فيه حق وبين قوله شرك إن لم يصل كلامه بالتفسير وأجمعوا أنه إن قال له شرك معي أو حق معي أنه مصدق فيما يذكر. وهذا حجة عليهم فيما خالفونا فيه إذا لم يقل معي وفي قول غير أشهب وأهل العراق إذا قال: فلان شريكي في هذا العيد أن له النصف إلا أن يصل كلامه بأن له أقل، وكذلك الحيوان والدور.
وإن قال: فلان وفلان شريكان معي في هذا العبد فهو بينهم أثلاثا عند بعض أصحابنا وأهل العراق. وقال أشهب: القول قوله مع يمينه فيما يقول منه قالوا جميعا وإن قال أشركت فلانا في نصف هذا العبد فله النصف كأنه قال أشركته بالنصف وكذلك أشركت في ربع هذا المتاع فله الربع / ولا يقال له نصف
[9/ 128]

(9/128)


الربع وكذلك بربعه وإن قال: هذه الدار لفلان وفلان فهي بينهما نصفين إلا أن ينسق الكلام فيقول: لفلان الثلث ولفلان الثلثان فيكون كما قال.

فيمن أقر لرجل بشجر هل تكون له الأرض؟
أو بنخلة أو بجذع أو بجدار (1) أو بأسطوانة
أو ببناء دار هل تدخل في ذلك الأرض؟
ومن كتاب ابن سحنون وابن عبد الحكم: ومن أقر لرجل بكرم في أرض قضي له بالكرم والأرض، لأن اسم الكرم يجمع الشجر والأرض، ومن أقر أن هذا البستان له كان له الشجر والنخل والأرض، ومن أقر لرجل بنخل كانت له النخل بموضع أصلها وطريقها وما بين النخل من الأرض إلا أن تكون نخل يسيرة في أرض كثيرة والنخل تبع فيكون له النخل بأصلها ولا شئ له في الأرض التي بين النخل، وإذا طبقت النخل الأرض فله الجميع من النخل وأصولها وما بينها من الأرض لأنها تبع للنخل وكذلك في الشجر، ولو أقر له بعشرة أصول من هذا الكرم فله تلك الشجرات بأصولها.
ولو أقر له بثمن النخلة فادعي الطالب النخلة مع الثمرة فليس له إلا الثمرة مع يمين المقر.
[9/ 129]
__________
(1) في الأصل، أو بجذعين.

(9/129)


قال ابن عبد الحكم: ولو أقر له بجذع النخلة لم يكن له من الأرض شئ ولا من الجريد ولا من الثمرة وإن لم تؤبر.
قال: ولو قال بناء هذه الدار لفلان فله البناء دون الأرض، وكذلك لفلان بناء هذا الحائط فله البناء دون الأرض، لأن البناء ليس يخرج من الأرض كما يخرج النخل والشجر من الأرض، والبناء ليس منها، وإن أقر له ببعض هذا الجدار فإنما له البناء دون الأرض، وإن أقر له بجذع هذه النخلة فله الجذع دون الأرض.
قال ابن سحنون: وإن أقر لرجل بحائط بين داريهما ثم قال أردت البناء دون الأرض فلا يصدق وتقضي له بالبناء والأرض وكذلك في إقراره له باسطوانة فادعي الطالب بناءها وأصلها فاختلف قوله فقال يقضي له ببنائها وأصلها، وقال أيضا: القول قول المقر مع يمينه.
وقال ابن عبد الحكم في الحائط: إن له الحائط بأرضه.
قال ابن سحنون: وإذا أقر له بخشية في داره أصلها ثابت في الأرض وعليها حمل فادعي الطالب الخشبة بموضوعها من الأرض فإنما له الخشبة وحدها فإن أقر أنه غصبه إياها فالطالب مخير بين تضمينه قيمتها [وبين أنه يأخذها ويهدم ما عليها، وقال أشهب: إن كان لا يؤخذ إلا بضر فعلي المقر قيمتها] (1) للطالب.
قال ابن عبد الحكم: وإن كانت في يديه دار فقال لرجل أنت بنيت / هذا البيت فيها فقال له الآخر صدقت والعرصة لي وأخذتها أنت مني ظلما فلا يصدق في العرصة، وكذلك قال ابن المواز: وليس في سؤاله وأخذت العرصة مني ظلما، وقيل له أو ليس لما أقر أنه بني في الأرض أقر أنها صارت في يديه حين بني؟ قال أرأيت إن أدخل متاعا في بيتي أيحكم له بالبيت؟ قيل يقول ادخلته فيه وأنا حاضر قال: ويقول بنيت وأنا حاضر أرأيت إن قال أنا بنيت هذه الغرفة أيكون له ما تحتها،؟ وفي غير هذا الكتاب من هذا المعني فيمن أقر لرجل بأرض أو أوصي (2) له بها أن ما فيها من عين أو بئر داخل في ذلك أو كان بينا من ذلك
[9/ 130]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في الأصل أو أقر له بها والصواب ما أثبتناه.

(9/130)


أن للبيت حقه من المدخل والمخرج ومرفق البئر والمرحاض وإن لم يذكره، ونحو هذا، وبعد هذا باب فيمن أقر له بالأرض فهل له ما فيها من أصل أو بناء أو زرع؟ وباب في استثناء البناء والأصول في إقراره ونحو هذا.

فيمن أقر بدنانير أو بدراهم من بيع
أو قرض أو غصب ولم يذكر وزنا ولا جودة
ثم ادعي نقصا أو رداءة في عين ونحوه
أو أقر بشئ مصوغ أو أقر بدينار دارهم
أو بدينار حنطة أو بدينار في دينار أو في دينارين.
قال محمد بن عبد الحكم: من أقر أنه اغتصب من رجل دينارا ولم يقل جيدا ولا رديئا ولا ناقصا ثم مات المقر حكم عليه بدينار جيد وازن علي نقد ذلك البلد فإن كان نقدهم مختلفا لزمه دينار من أي الأصناف شاء (1) / [بعد يمينه إن طلب منه اليمين يريد يدعي عليه أعلي من ذلك أو يموت الطالب فيحلف أنه لم يقر بأجود من هذا وكذلك في إقراره بالدراهم. إن كان ببلد دراهم كلها ناقصة لزمه وزن دراهم البلد.
وروي عن ابن القاسم فيمن قال غصبت فلانا دراهم ثم قال بعد ذلك كانت دريئة أنه لا يصدق. قال محمد وذلك إذا لم يصل الكلام. ومن قال غصبتك درهما ثم قال كان ناقصا أو زائفا رديئا لم يصدق وهذا رجوع. وإن ادعي معرفة الطالب فليحلف فإن نكل حلف الغاصب وصدق فإن نكل غرم دينارا وازنا جيدا وإن قال غصبتك دينارا [رديئا أو قال ناقصا بكلام متصل فالقول قوله مع يمينه بخلاف إذا لم يصل كلامه وإن قال غصبتك ديناراً (2) وهو في كيسي هذا فأخرج كيسه وليس فيه إلا دينار ناقص أو ردئ فليس له غيره. فإن ادعي
[9/ 131]
__________
(1) من هنا سقط مقدار صفحة من الأصل أثبتناه من ص، وهـ وجعلناه بين المعقوفتين المواليتين لهذا التنبيه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وأثبتناه من ف.

(9/131)


عليه جيدا أو وازنا حلفه فإن نكل حلف المدعي وأخذ دعواه، فإن نكل قيل للمقر احلف وود ما أقررت به. ولو كان في الكيس دنانير مختلفة الوزن والجودة فقال المقر هو هذا الردئ الناقص صدق مع يمينه. ولو قال غصبتك دينارا هو في منزلي أو تابوتي لا أعرف وزنه ولا جودته فالقول قوله ويأتي بأي دينار شاء] ويحلف إن ادعي عليه غيره، وإن قال غصبتك دينارا هو في منزلي ولم يزنه فليأت بأي دينار شاء ويحلف إلا أنه إن مات لزمه دينار جيد، ولو مات في المسألة التي قال فيها لا أعرف جودته ولا وزنه فليقض عليه بأقل ما يقع عليه اسم دينار ولا يكون إلا صحيحا [وإن قال غصبتك دينار متقالا فله أن يعطيه دينار متقالا صحيحا (1)] أو قطعا إذا كان ذلك مما يتعامل به في تلك البلدة، ولو قال: غصبتك دينارا هو في كيسي هذا فأخرج منه دينار قطعا أقل من دينار فلا يصدق ولا يكون القطع دينار إلا وازنا وليس بمضروب ويسمي دينارا بالسكة فإذا أقر بدينار قطع لزمه دينار قطع ولو قال مضروبا أخرج أي دينار شاء من كيسه وحلف إن سئل (2) اليمين إن كان ناقصا.
وإن قال غصبتك دينارا تبرأ لزمه وزن مثقال تبر، وإن قال: غصبتك دينارا ينقص قيراطا أو قيراطين فقال هو قطع وصحيح فذلك له مع يمينه إن طلبت منه إذا ذكر الوزن ذهبا.
وإن قال: غصبتك مائة درهم عددا ثم قال هي تنقص عشرة أو خمسة فهو مصدق إذا نسبها إلي لاعدد إن وصل الكلام بالعدد، فإن لم يقل عددا لم يصدق بعد ذلك أنها عدد أو أقل من مائة في الوزن، وقال أصحاب أبي حنيفة: إن عليه وازنه في العدد فإن قال عددا وقد جامعونا علي أنه إن قال مائة عددا لا أعرف وزنها أنه تلزمه وازنة. أرأيت لو شهد شهدان بهذا وقالا لا نعرف وزنها أيقضي عليه بوازنة؟ أرأيت لو قال علي / مائة درهم عددا من هذه الدراهم أتلزمه وازنة منها؟ ولو قال مائة منها ولم يقل عددا لزمه بإجماع مائة وازنة منها.
[9/ 132]
__________
(1) في الأصل، وحلف إن شاء.
(2) في الأصل، وحلف إن شاء.

(9/132)


وإذا أقر لرجل بماشة درهم مطلقا وكانت المعاملة بتلك البلدة علي دراهم غير وازنة يكون دخل المائة خمسة وعشرة وأقل وأكثر فالقول قوله فيما يدعي مع يمينه، وإن كان في بلد دراهمه الشعرة علي وزن سبعة دنانير لزمته وازنة، وكذلك الدنانير وكذلك عيون الدنانير والدراهم له نقد تلك البلدة ولو أقر بفلوس كان له فلوس تلك البلدة الجارية فيه ولو بطلت الفلوس وهي قبل ذلك مختلفة فليق بأي سكة شاء ويحلف لأنه ليس في البلد وقت إقراره أمر يحملان عليه، وإن قال بالعراق له علي مائة دينار وقال من دنانير مر ودنانير العراق أجود فإنما عليه من دنانير مصر كانت أجود أو أردأ إذا وصل كلامه، وإذا قال له علي مائة درهم صغار سئل أي الصغار هي؟ ويصدق مع يمينه فيما يذكر من الصغار ولو قال له علي درهم ناقص صدق في مبلغ النقصان إذا كان يقع عليه اسم درهم ولو أقر بدرهم وزنه نصف درهم صدق إن وصل الكلام ويحلف.
ولو قال له علي مائة درهم وازنة إذا أقر بدراهم مثاقيل الدراهم، وإذا أقر بدنانير مثاقيل فله وزن مثاقيل الدنانير وإذا أقر بدرهم عريض أو قال ثخين (1) فله درهم وازن، ولو قال: درهم خفيف فهو مثل قوله / درهم ناقص وهو مصدق في وزنه ويحلف إذا وقع علي ما أقر به درهم، ولو قال درهم ثقيل فإن ادعوا عليه أن فيه أكثر من وزن درهم حلف فبرئ من الفضل.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال له: علي ألف درهم زيوف من ثمن بيع فقال الطالب هي جياد ففيها قولان: أحدهما أنها جياد إن كانت الزيوف لا يتبايع بها وكذلك النبهرجة (2) وإن كانوا يتبايعون بها فالقول قول المقر، وفي القول الآخر أن القول قول المطلوب مع يمينه إذا وصل الإقرار أن عليه ألف درهم قراض زيوف أو بهرجة ووصل وقال الطالب بل هي جياد. قال سحنون: فالقول قول المقر وكذلك في الإقرار بالغصب أو بالقوة إذا وصل الكلام الإقرار، ولو قال: مائة
[9/ 133]
__________
(1) التخين الصلب الكثيف الغليظ وفعله من باب ظرف.
(2) في الأصل، المبهرجة والصواب ما أثبتناه والدراهم النبهرجة هي الدراهم المزيفة يقال درهم بهرج ونبهرج. والبهرج من كل شئ الباطل.

(9/133)


درهم ستوقة (1) من بيع فإن كان يتبايع الناس بها فالقول قوله، فإن كان لا يتبايع بها والسلعة قائمة فالمبتاع مخير إن شاء الله أخذها بما قال البائع أو ردها وإن فاتت صدق البائع إذا ادعي ما يشبه لأن المشتري ادعي ما يشبه لأن المشتري ادعي مالا يتبايع به الناس كأنه قال بلا ثمن.
وإذا ادعي البائع من الثمن مالا يشبه أعطي القيمة يوم التبايع بخلاف إقراره بالقرض، لأنه لو أقر بعشرة أفلس لم يلزمه غيرها.
قال محمد وكذلك القول قوله في الغصب في إجماع العلماء فيما أعلم. وكذلك في الوديعة مع يمينه.

فأما إن قال: / غصبته ألف درهم وسكت ثم قال بعد ذلك هي زيوف أو نبهرجة أو ستوقة أو رصاص فلا يصدق عند سحنون، وقال غيرنا يصدق من النبهرجة والزيوف ولا يصدق من الستوقة والرصاص، وهذا كله سواء عند سحنون.
ولو قال: غصبته دينارا رديئا او درهما رديئا كلاما نسقا فالقول قول الغاصب ولو لم يقل رديئا ثم قاله بعد ذلك لم يقبل منه ولزمه جيد.
قال ابن عبد الحكم: وإن قال غصبتك خاتما من فضة مغشوشة بكلام متصل صدق، ولو كان بعد أن سكت لم يصدق ويصدق المغصوب منه مع يمينه، فإن قال لا علم لي بما قال إنه غصبني وأنا آخذه بإقراره حلف أنه ما يعلم ذلك وله فضة جيدة.
قال ابن سحنون: وإذا أقر أن له عليه مائة درهم ثم قال هي وزن خمسة دوانق (2) أو قال تنقص المائة خمسة. إن كان ببلد تعرف فيه الدراهم كيلا وافية أخذ بوازنة إلا أن يكون استثناؤه نسقا فيصدق، وهذا إجماع فيما أعلم.
[9/ 134]
__________
(1) المستوقة: المزيفة درهم ستوق وستوق: زيف بهرج لا خير فيه وهو معرب وكل ما كان علي هذا المثال فهو مفتوح الأول إلا أربعة أحرف جاءت نوادر وهي سبوح قدوس وذو روح وستوف فإنها تضم وتفتح.
(2) الدوانق جمع دانق وهو سدس الدرهم.

(9/134)


ولو كان بالكوفة فقال له علي مائة دينار عددا ثم قال تنقص عن وزن الكوفة فلا يصدق وعليه وزن الكوفة، وكذلك الدراهم إلا أن يكون كلامه نسقا، ولو كان البلد يتبايعون بنقص خمسة في المائة إن ادعي ذلك في إجماعهم ولا يصدق في أكثر من ذلك النقص، وإن كان البلد نقده مختلف فأقر له بمائة درهم ثم قال بعد ذلك هي من نقد كذا فذكر بعض ما يتعاملون به فهو مصدق / في إجماعهم. ولو قال له علي درهم كيلا ثم قال ينقص دانقا فلا يصدق إلا أن يكون الكلام نسقا، ولو قال له علي مائة درهم كيلا ثم قال: شئ من هذه الصغار فلا يصدق وعليه من وزن سبعة ولو أقر بمائة درهم من السود الكبار ثم قال هي من وزن سبعة، وقال الطالب هي مائة مثقال فالمقر مصدق ويحلف إن كان المعروف من الدراهم كلها من وزن سبعة إلا أن يسمي من الزيادة أو النقصان ما هو المعروف أو يكون استثناؤه نسقا هو لو أقر بدرهم صغير ثم قال هو نصف درهم، فإن كان وزن الدرهم الصغير بذلك البلد نصف درهم صدق ولا فله وزن الدرهم الصغير بالبلد إلا أن يتسق كلامه فيؤدي ما قال ولا ينظر إلي وزن البلد. ولو نسق كلامه والبلد لا يعرف فيه وزن الدرهم الصغير فليؤخذ منه ما قال ويحلف وإن لم ينسق كلامه وليس للصغير وزن عندهم أخذ بما أقر مع يمينه.
ولو أقر بدرهم، ثم قال هو خمسة دوانق وكذبه الطالب فليأخذه بواف إلا أن يكون كلامه نسقا، ولو أقر بدرهمين ثم قال هي ثلاثة صغار وزنها درهم ونصف وقال الطالب هي ثلاثة فليؤخذ بدرهمين وازنين وكذلك إقراره بفلس فعليه فلس تام أو بقفيز فعليه قفيز تام إلا أن يتسق كلامه بذكر قفيز بالعكي أو بالعباسي فيؤخذ به مع يمينه أو يكون ببلد فيه الأقفزة مختلفة فيؤخذ بما أقر به ويحلف / وإن لم يكن في نسق الكلام، وقال غيرنا: إذا أقر بدرهم صغير أن عليه من وزن سبعة وهو قد نسق الكلام بصغير. وقالوا إن نسق الكلام بقوله: وزن نصف درهم أنه مصدق، وهذه مناقضة، ولو قال له: علي دينار تبر أخذ بدينار مكسور ولو لم يقل تبرا إلا بعد سكات أخذ بدينار منقوش.
ومن أقر لرجل بمائة درهم من قرض أو بيع من وزن سبعة ثم قال هي زيوف أو نبهرجة [فلا يصدق وعليه جياد علي ما يتبايع الناس ويتقارضون ولو وصل
[9/ 135]

(9/135)


كلامه بقوله زيوف أو نبهرجة (1) كان ذلك كما قال في القرض، وأما في البيع فينقض إن لم تفت السلعة، وقال بعض أصحابنا: يؤخذ في البيع بجياد مما يتناقد الناس.
ولو قال: غصبته ألف درهم ثم قال هي زيوف أو نبهرجة فعليه جياد إلا أن يصل كلامه، وكذلك لو قال غصبته دينارا ثم قال بعد ذلك أنه ردئ فلا يصدق وعليه جيد إلا أن يصل كلامه وكذلك في السلف فيصدق قال رديئا أو قال ناقصا أو كليهما، وأما العروض فالقول قول الغاضب ما لم يستدل علي كذبه، ولو قال له: عندي ألف درهم وديعة، ثم قال بعد ذلك هي نبهرجة أو زيوف فهو مصدق نسق الكلام أو لم ينسقه، لأن المقر بالغضب أقر بشئ لزمه في الذمة فليس له أن يدعي ما ينقضه إلا أن ينسق كلامه، وفي الوديعة هو خالي الذمة فليس بمدع فيما يزيد منها.
ولو قال في الوديعة هي رصاص أو ستوقة لم يصدق إلا أن يصل كلامه فيصدق في إجماعهم.
وقال سحنون: إن قال / بعد تمام الكلام هي رصاص بحيث لا يقع عليها اسم دراهم وليس فيها فضة وأما إن كانت مختلطة رصاصا وفضه يقع عليها اسم درهم، قبلت قوله وإن لم ينسق كلامه. وإن أقر في البيع بدراهم يتبايع بها الناس وهي رديئة إلا أنها قد جازت بينهم فهو مصدق يريد ويحلف، ولو أقر له بألف درهم قرضا ثم قال هي هي نبهرجة أو زيوف فإن كانت مما يقرضه لنا كما صدق وإن كانت مما لا يجيزها الناس قرضه بينهم ولا البيع بها أبطلت قوله إلا أن يكون كلاما نسقا.
ولو أقر بعشرة أفلس من بيع أو قرش ثم قال هي من الفلوس الكاسدة لم يصدق في قولنا وقولهم، لأن الناس لا يتبايعون بها وكذلك قال سحنون في الغضب إلا أن يصل كلامه.
[9/ 136]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخري.

(9/136)


قال غيرنا: هو مصدق مع يمينه وأجمعوا في الوديعة علي تصديقه ولو نسق بإقراره قوله من الكاسدة في بيع أو قرض فقال بعض أصحابنا وبعض أهل العراق: لا تصدق إذ لا تجزئ في بيع أو قرض، وقال بعض من هؤلاء وهؤلاء: يصدق في القرض ولا يصدق في البيع ويحلف البائع ويرد السلعة إلا أن يأخذها المبتاع بما قال البائع، فإن فاتت صدق المشتري فيما يشبه فلما ادعي من الثمن ما لا يتبايع به الناس صدق البائع فإن جاء بما لا يشبه كان له قيمتها من الفلوس الجياد وكذلك في الدنانير والدراهم في قول بعض أصحابنا إن قال له: علي ألف درهم زيوف / وهي من بيع فلا يصدق، وقال آخرون: يصدق في نسق الكلام ولا يلزمه إلا ما أقر به وإن لم تفت السلعة حلف البائع وله نقض البيع إلا أن يشاء المبتاع أخذها بما قال البائع أو يدعها البائع للمشتري بما أقر به وإن فاتت فالمبتاع مصدق في الثمن إن ادعي ما يشبه البيع، فإن ادعي مالا يشبه قضي للبائع بقيمتها من الدنانير الجياد.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال: علي مائة درهم صنائعية من ثمن شئ اشتريته منه وقبضته وقال البائع هما جياد فإن نسق المبتاع كلامه صدق فيما قال من جياد أو رديئة في قياس قول ابن القاسم، وأما قياس قول أشهب فإن البائع إن شاء قبل قوله وإن شاء حلف وكانت له قيمة السلعة ما لم تجاوز مائة جيادا.
قال: وإن قال أقرضني مائة دينار صنائعية أو مغشوشة فلا يقبل قوله، وابن القاسم يقبل قوله.
وقد اختلف قوله فيه، وإن أقر أنه غصبه دينارا دراهم فعليه دراهم صرف دينار جيد في يوم الإقرار، فإن قال المغصوب منه كانت الدراهم يوم غصبني أرخص منها اليوم فالقول قول الغاصب مع يمينه وليس عليه إلا صرف اليوم، وقيل إنه يقر بدراهم صرف أي وقت شاء ويحلف، والأول أحب إلينا.
[9/ 137]

(9/137)


وإن قال: غصبتك دراهم تسوي يوم الغصب دينارا سئل عن صرف يومئذ وحلف عليه إن سئل في اليمين. / وإن قال: عندي دينار في دينارين لزمه دينار ويحلف، وكذلك دينار صرف في دراهم فإنما عليه دينار، وإن قال له: علي دينار صرف لك في دراهم فهذا عليه الدراهم لأنه صرف لا يحل، وإن قال له: علي خمسة دراهم في ثوب علي وصفه فإن قال سليما وصدقه الدافع لزمه الثوب وإن أنكره لزمه الدراهم وحلفه.
وإن قال: غصبتك دينارا في حنطة أو شعير أو عسل أو بر أو في عوض فليقر بما شاء مما قيمته دينار من هذه الأصناف، وإن كان مما له مثل كالحنطة والشعير غرم مثله وما ليس فيه مثل غرم فيه دينارا ولو قال: قيمته دينارا وهو يسوي اليوم نصف دينار هكذا أقر فإنما عليه المكيلة ويحلف.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن أقر لرجل بعشرة دنانير نقص فأتي ينقص كل دينار ربعا وثلثا. قال: يقبل قوله ويحلف كنقصان العدد.
فيمن أقر بشئ مبهم من العروض
أو الطعام أو الأدام أو الرقيق أو الحيوان
ولم يذكر في ذلك صفة ولا جنسا
ولا في الحيوانوالرقيق ذكراً ولا أنثي
أو أقر بوديعة ولم يذكر ما هي
وكيف بالتداعي في ذلك
أو أقر بخير ثيابي أو أكبر بيت في داري!
من كتاب ابن سحنون: فإن اقر أن لفلان علي كذا حنطة من بيع ثم قال: وسط من القمح وقال الطالب / هو جيدها فالمقر مصدق في قوله وسطا، أو رديا في إجماعهم، وكذلك كل ما يكال أو يوزن بخلاف العين في قول أصحابنا لأنه في العين مدع للتبايع بخلاف ما يتبايع الناس له وقد يتبايعون حنطة جيدة ووسطة ورديئة، ولو قال: أسلمت إلي في كر حنطة ووصفه بغير الجودة فإن
[9/ 138]

(9/138)


كان مما يسلم الناس فيه وتجري بينهم فالمقر مصدق مع يمينه، وكذلك في الغصب والوديعة.
ولو جاء الغاصب بكر حنطة أصابه ماء أو عفن وفيه منفعة للأكل أو للعلف فهو مصدق أنه الذي اغتصب منه أو أودع عنده ولو أتي بعفن قد بطل ولا نفع فيه ولا ثمن له فقال هذا الذي غصبتك لم يصدق، ولو قال هذا الذي أوعدتني صدق لخلاء ذمته، والغصب مضمون فيحمل علي انه استهلكه.
ولو قال: غصبته ثوبا يهوديا ثم جاء بثوب يهودي خلق فقال هذا هو فهم مصدق ويحلف لأنه ثوب بعد خلق مخترق (1).
وكذلك الوديعة، ولو جاء بخرق لا منفعة فيها ولا ثمن لها لم يصدق في الغصب ويضمن ويصدق في الوديعة، وقد يأتي عليه عنده سوس فيصدق فيه المستودع، ولو قال أودعني عبدا أو غصبته إياه ثم أتي بعبد معيب فقال هو هذا فكذبه الطالب فالمقر مصدق مع يمينه.
ومن"كتاب" محمد بن عبد الحكم: وإن أقر أنه غصبه كبشاً فإنه مصدق فيما أتي به من الكباش أو قيمته إن هلك وكذلك الحيوان / والعروض وكل شئ إلا الدنانير والدراهم لنه لو باع منه ثوبا بدرهم فإنما له درهم جيد وازن فإن كان النقد بالبلد مختلفا في السلع فله نقد تلك السلعة حتي ولو باعه ثوبا بكبش بلا صفة لم يجز البيع وليس في الكباش ظاهر يقصد إليه والدنانير والدراهم ظاهرها الجودة.
وإذا أقر له بمكيل من قمح أو شعير أو غيره من الحبوب أو كيل من زيت أو سمن أو عسل فله أن يقول أي حنطة شاء وأي شعير، وكذلك يقول في العسل علي نحل أو قصب أو غيره ويحلف وكذلك الزيوت إن كان بمصر أعطاه أي زيت شاء إن شاء زيت أو فجل أو كتاب وكذلك حبوب، ولو كان بالشام أو المغرب لزمه عسل النحل وزيت الزيتون إلا أن يكون عندهم زيت غيره
[9/ 139]
__________
(1) في غير الأصل منحرق.

(9/139)


يستعملونه، وإن أقر بحنطة لزمه من حنطة تلك البلدة إلا أن يصل الكلام فيقول من حنطة بلد كذا وكذلك الشعير.
وكذلك إن أقر بالعراق بزيت فقال بكلام متصل زيت فجل لزمه. وإذا أقر بذلك وقال: أردت النفط فإن كان النفط يقع عليه اسم زيت قبل منه مع يمينه وإلا فلا، وإن قال: غصبتك ثوبا يسوي دينارا فجاء بثوب يسوي أقل من ذلك فقال هذا هو. وقال الطالب لا أعلم صفته فإن حلف أنه ما يعلم أن هذا الثوب كان له فله أخذ المقر بدينار، ولو أقر أنه غصبه طائرا فعليه أي طير أقر به إنسيا أو وحشيا / ولو قال مذبوحا بكلام متصل صدق وإن لم يصله فهو علي الحي وكذلك عن مات ولم يفسر.
وإن قال: أردت دجاجة أو أوزة قبل منه ويحلف إن سئل اليمين، ولو قال: هو نعامة لم يصدق، وإن أنكر الطالب، وإن قال غصبتك شاة أعطاه ما يقر به من كبش ذكر ونعجة وماعز ذكر او أنثي لأنه يقع علي ذلك اسم شاة، ولا أعلم أنه يقع علي ما دون الجذعة (1) شاة فإن غرف ذلك أعطيها ولو قال: تيس (2) لم يقع إلا علي الذكر.
وكذلك الثيران لا تقع إلا علي الذكور ولا تقع النعجة إلا علي الأنثي الكبيرة والنعجة من المعز لا تكون إلا أنثي صغيرة، وإن قال غصبته بهما كان عليه ثلاثة من البهم ذكرانا كن أو إناثا.
وإن قال: أردت حمارا وحشيا لم يصدق إلا أن يصل كلامه، وإن قال غصبته دابة قبل قوله في الخيل والبراذين والهجن والبغال والحمير، وإن قال أردت من البقر أو الإبل أو العبيد أو الماشية لم يصدق كما لو وكله علي شراء دابة لم يقع ذلك إلا علي ما يجري في عرف الناس ولو كان علي عموم الآية ((وما من دآبة في
[9/ 140]
__________
(1) الجذعة أنثي الجذع وله إطلاقات حسب الصنف الذي ينسب إليه فهو يطلق علي ولد الشاه في السنى الثانية وعلي ولد البقر والحافز في السنة الثالثة وعلي ولد الإبل في السنة الخامسة ويقول الأزهري ينبغي أن يفسر قول العرب تفسيرا مشبعا لحاجة الناس إلي معرفته في أضاحيهم وصدقاتهم وغيرها.
(2) التيس: الذكر من المعز والظباء والوعول جمعها أتوس وأتياس وتيسة.

(9/140)


الأرض إلا علي الله رزقها)) (1) ولو وقع علي الذرة فما فوقها، ولو قال: غصبتك شيئا وسمي دابة فهذا لو أقر بما شاء مما يقع عليه اسم دابة قبل منه لأنه بين أنه لم يرد ظاهر الأشياء، ولو قال تيسا أو غزالا أو أرنبا حلف ويصدق، فإن قال: غصبته بقرة كان ذلك علي الذكر والأنثي ويحلف وفيه اختلاف، ولو قال بقرة مسنة لم يقع إلا / علي أنثي كبيرة، والبقر والخيل والجمال يقع علي الإناث والذكور، ولو قال: جمل كان ظاهره ذكرا.
ولو قال: لك عندي حمامة وقع علي الذكر والأنثي، ولو قال حمامة من حمام الأبراج قبل منه، والعرب تسمي الساق حر (2) والدياسي والفواخت حماما وليس بمستعمل في أفواه الناس، وإنما يريدون الحمام الذي يفرخ في البيوت، ولو أقر له بفرس قبل منه الذكر والأنثي مسنا وغير مسن ويحلف.
وإن قال: غصبته عيراً كان من الحمير وإن قال حمارا أو قال بغلا فالغالب أن ذلك ذكور وفيه اختلاف، ولا تكون البغلة إلا أنثي والاتان لا تكون إلا أنثي، وقوله ماعز يقع علي الذكر والانثي، وإن قال: غصبته فصا فليقر بما يشاء من أصناف الفصوص الياقوت والزبرجد وعقيق وحبشي وفيروزي وغيره من الأصناف، وأنا إن قال: فص جوهر لم يكن إلا ياقوتا أحمر أو غير أحمر والزبرجد وكل ما خلق خلقا من الجوهر بلا صنعة للآدميين فيه فهو جوهر.
وإن قال: عقيق فإن كان خلق خلقه فهو جوهر وإن كان اليزادي والادرك كذلك فهو جوهر، وإن قال غصبته جوهرة ولم يقل فصا فله أن يقر بما يشاء عن ياقوت أو زبرجد ولؤلؤ وما يقع عليه اسم جوهر.
إن قال غصبته حليا كان له أن يقر بما يشاء من الحلي من ذهب أو ورق ولؤلؤ / وجوهر وعقيق وغيره من لباس النساء حليا مشهورا منظوما مثقوبا وصحيحا ومكسورا، وإن أتاه بحلي مكسور فهو يقع عليه اسم حلي، وفي اللؤلؤ
[9/ 141]
__________
(1) الاية 6 من سورة هود
(2) الساق حر: ذكر القماري

(9/141)


غير المثقوب اختلاف. قال الله سبحانه ((يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا)) (1) ولو أتاه بحلي نحاس مطلي بذهب أو فضة لم يلزمه ويحلف الطالب، فإن قال لا أدري إنما أقر لي حلف أنه ما يعلم أنه هذا ولم يلزمه المطلي، ولو أتاه بحلي من سك (2) أو زعفران ونحوه لم يلزمه وليس هذا ظاهر الحلي ولو أتاه بحلي سيف أو حلي منطقة أو مصحف أو لجام وقال هذا أردت فما هذا عندي بظاهر حلي النساء ويحلف، وكل ما أقر به مما يختلف من القمص والجباب والسراويلات والسيجان (3) والأردية وجميع الأمتعة فله أن يقر من ذلك الصنف بما شاء ويحلف، والأكسية لا أعلمها تقع إلا علي الصوف أو الخز. والسيجان يقع علي الصوف، والكتان والقطن والأردية لا تقع إلا علي الكتان والقطن والخز، وإن كان يعرف من الحرير اردية دخلت في ذلك، والعمائم تقع علي الأصناف كلها من كتان وقطن وصوف وخز صغار وكبار مما يصلح للرجال والصبيان، وإن أقر له بكساء فقال هو قومصي (4) أو صوف مصري أو طبري أو خز فذلك إليه والطبرازي الأغلب علي رسمه ساج ويحمل ذلك في البلدان علي ما يعفرون وسيجان القطن لا تكون إلا مدورة إما منسوجة أو قطعت من ثوب والكساء / يقع علي المدور والمربع ومطبقا وطاقا والساج الطبرازي يقع عليه مدور وجديد لم يقطع وكذلك الكردي الجبلي ولو أقر أنه غصبه قوسا فليقر بما شاء من أصناف القسي، ولو أقر بسهم لم يقع إلا علي السهام العربية وشبهها، والنشاب بخلاف ذلك، ولو قال قوس نشاب لم يقع إلا علي العربية، والرماح تكون من القنا وغيرها وثم بلاد لا يعرفونها إلا من القنا فيحملون علي ما يعرفون وكذلك بلد لا يعرفونها إلا من الزان (5)، وإن كان بلد فيه الصنفان أقر بما شاء وحلف، وإن أقر أنه غصبه كل سلاح عنده كان
[9/ 142]
__________
(1) الآية 23 من سورة الحج.
(2) السك: نوع من الطيب
(3) السيجان: جمع ساج وهو الطليسان الواسع المدور.
(4) بياض بالأصل، ملأناه من النسخ الأخري.
(5) الزان: شجر من فصيلة البلوطيات.

(9/142)


ذلك علي السيوف والرماح والبيض الحديد والقسي والنيل والمزاريق (1) والأترسة (2) والسواعد وشبهها يقر من ذلك بما يقع عليه، وليست المنطقة والأقبية والخناجر واللبادات من السلاح عندي، وأما ما كان لوقاية الدواب من التجافيف (3) وغير ذلك فهو من السلاح، وليست السروج واللجم والسكاكين للأقلام والذبح من السلاح، وليست الحسك من السلاح وهي كالحصون.
ومن كتاب ابن سحنون قال أصحابنا: إذا أقر بعبد دنئ أو بشئ من الحيوان فذلك يلزمه، وقال مثل قولنا أبو يوسف، وقال صاحبه: باطل إلا أن يفسر من أي شئ لزمه، وإذا أقر أقر أن لفلان عليه عبداً وفلان يدعي ذلك ثم قال لا شئ له علي فلا بد له / من الإقرار بعبد علي أي صفة أقر بها مع يمينه ويجبر علي ذلك. وكذلك إن أقر له بعيد قرضاً أخذ به والقول في صفته قوله مع يمينه.
[وقال غيرنا: يؤخذ بقيمة عبد والقول قوله فيه مع يمينه، (4) وإن كان العبد لا يكون قرضا. قال محمد: فإذا كان لا يكون قرضا فلم ألزمه ما لا يكون© (5)؟، وكذلك في إقراره ببقرة أو شاة والقول وقوله في الصفة، وإن جاء لشئ فقال هو هذا فهو مصدق مع يمينه وإن أقر أن له عليه دابة لزمه ذلك.
وقيل له هلم لي أي الدواب (6) شئت واحلف علي ذلك، وقال غيرنا: يلزمه أي الدواب شاء، وإن جاء بدابة فقال هي هذه أو جاء بفرس أو برذون أو بغل أو حمار فالقول قوله في إجماعنا.
[9/ 143]
__________
(1) المزاريق جمع مزارق وهو الرمح القصير.
(2) الأترسة: جمع ترس وهو صفحة من الفولاذ تحمل للوقاية من السيف ونحوه.
(3) التجافيف جمع تجفاف وهي آلة للحرب يتقي بها كالذرع للفرس والإنسان وكتبت هذه الكلمة في الأصل محرفة.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وهـ.
(5) في ص، وهـ، فلم الزموه ما لا يكون؟
(6) كذا في ف، في الأصل، هلم أي الدواب شئت.

(9/143)


قال محمد بن عبد الحكم: كل ما أقر به أنه غصبه لرجل من عبد أو دابة أو ثوب وبما لا يقضي بمثله فإنه إذا تلف فعليه قيمته والقول قوله في القيمة، وقال أبو حنيفة: إذا أقر بعبد فعليه قيمة عبد وسط، قال محمد: لا معني للوسط في هذا إنما هو إقرار بما وقع عليه عبد مما يقر به فليس عليه إلا قيمته علي ما يقر به من صفته (1) أرأيت لو قال غصبته خلخال ذهب أو طست ذهب ألا يقبل قوله في وزنه حتي يجعل وسطا؟ أرأيت إن قال له علي دراهم أليس عليه أقل الدراهم؟ وكذلك إن قال له: علي حق أليس ذلك أقل ما يكون من الحقوق؟ وقالوا /: إن أقر أن عليه دارا أو أرضا أو بستانا أو نخلا فإنما يأخذه بأدني ما يكون من ذلك، فهذا تناقض ولا فرق بين هذا وبين العبد.
قال ابن سحنون: فإن أقر له أن عليه دارا أو أرضا أو نخلا أو بستانا لزمه ذلك أن يقر بما شاء من الدور والأرضية وغيرها يجبر علي ذلك، وهو مثل قوله عصبته، دارا أو قال أرضاً أقر بذلك عند قاض، فليأخذه بذلك، وإذا أقر أن لفلان عليه ثوبا هروياً فليؤخذ به وهو مصدق فيما أتي به من ثوب هروي ويحلف، ولو قال له: علي ثوب ولم يسم جنسه فأي ثوب جاء به قبل منه مع يمينه وكذلك لو قال: علي ثوب فاللبيس والجديد في هذا سواء.
قال محمد بن عبد الحكم: إذا أقر أن لفلان عليه عبداً أو أمة أو حيوانا أو ثوبا أو غيره من العروض فإن قال هو سلف فعليه مثله علي ما أقر من صفته وكذلك من بيع في الحيوان وغيره وقال غيرنا يكون الحيوان من بيع ولا يستسلف فلا يكون دين من سلف ولا بيع، ولا حجة لهم في ذلك، والأخبار عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك كثيرة وقد رووا عن ابن مسعود أنه كره السلف في الحيوان، وإنما الخبر عنه إن كرهه بشرط من فحل بعينه، واعتلوا أن الصفة فيه لا يحاط بها، وكذلك غيرها من العروض والثياب وقد يسوي (2) ثوب يوصف بالدقة والصفاقة والعرض
[9/ 144]
__________
(1) في ف، من صنفه.
(2) في التسخ كلها يسوي علي وزن يفعل وقال الفراء إنه لا يعرفه وإنما يعرف يساوي والمؤلف يستعمله كثيرا في كتابه هذا.

(9/144)


والطول، قد يسوي ثلاثة دنانير ويسوي خمسين دينارا، وكذلك من القطن. / والوشي يختلف [به قيمته] (1) بأجر كثير، وقد استسلف النبي صلي الله عليه وسلم، بكرا (2)، ولو قال جبائي أو غلائلي غصبتها من فلان أو لفلان فله كل جبة مقطوعة من أي الأصناف كانت من خز أو وشئ أو غيره، وكذلك الغلائل، وأما ما كان غير مقطوع ففيها قولان: أنها تكون له مثل العدني من الغلائل وشبهها، والقول الآخر ليس له إلا ما كان مقطوعا، وكذلك لو قال: لفلان جميع كسوتي لم يكن له منها إلا ما قطع أو لبس من رداء أو غيره والسراويلات، والسيجان (3) يدخل في الكسوة، وبهذا أقول، ولو قال: غصبته ما في بيتي من وسادة فله ما جاوز المخادد من الوسائد وسائد الطرح والمتكآت.
ولو قال ما في بيتي من لحاف كان له اللحف التي ينام فيها، وبرا (4) أو قطناً أو خزاً مبطنا وكل ما يلتحف فيه إلا أن الظاهر ألا يدخل في ذلك ساجه ولا رداؤه وإن نام فيهما، ولو قال القطف (5) لم يقع إلا علي الصوف والخز والكتان المخمل، وما شك فيه حمل علي الأغلب الظاهر، ولو قال ادفعوا إليه لحافي الذي أنام فيه ولم يكن ينام إلا في قطيفة رأيتها له لأنه نسب ذلك إلي الذي ينام فيه ويحمل كل ذلك علي الأعم في اللحف عندهم، ولو قال غصبته ثوب وبر وقع ذلك علي أي ثوب من الوبر شاء. إن قال ثعالب أو سنجاباً أو سموراً (6) أو دلقا (7) أو غيره من أصناف الوبر ولا يدخل في ذلك الضأن، والقول قوله إن أقر
[9/ 145]
__________
(1) الزيادة من ص.
(2) البكر: الفتي من الإبل والأنثي بكرة وقد جاء هذا الحديث في مسند الإمام ابن حنبل عن أبي رافع بالجزء السادس صفحة 390 المطبعة الميمنية بمصر.
(3) تقدم شرحه والمراد به هنا الطليسان الأخضر.
(4) الوبر هو للإبل والأرانب ونحوها كالصوف للغنم.
(5) القطف جمع قطيفة وتجمع القطيفة علي قطائف أيضا وهي دثار مخمل يلقيه الرجل علي نفسه.
(6) السمور حيوان بري يشبه ابن عرس وهو أكبر منه لونه أحمر مائل إلي السواد تتخذ من جلده فراء ثمينة وربما أطلق السمور علي جلده.
(7) الدلق حيوان من فصيلة السموريات يقرب من النسور في الحجم وهو أصفر اللون بطنه وعنقه مائلان إلي البياض (فارسية).

(9/145)


به (1) مظاهراً أو غير مظاهر، ولو أتي/ بجلود لم تقطع فقال هذا أردت لم يصدق إذا أنكر الطالب.
وإن قال: غصبته رحي (2) بأداتها فله أن يقر برحي من أرحاء تلك البلد رحي ماء أو رحي فارسية، أو رحي خبز الكعك بمصر ورحي اليد وكل ذلك يسمي رحي (3) بأداتها فله أن يقر برحي من أرحاء تلك البلد رحي ماء أو رحي فارسية، أو رحي خبز الكعك بمصر ورحي اليد وكل ذلك يسمي رحي وأقل ما يقع عليه ذلك الاسم الحجر الأسفل والأعلي والعجلة والعمود الذي يديرها والقادوس الذي يصب فيه القمح والعمود الذي فيه القوس والقوس وليست الخشبة المعترضة عندي من الرحي ولا الحبال.
وإن قال غصبته سانية (4) بأداتها كان له سانية بعجلتها وترسلها وسهمها المعترض الذي يدير (5) وليست الخشبة التي يدور فيها السهم المعترضة علي فم البئر والخشبة التي يدور فيها عمودها القائم المعترض فوق عمودي الساقية ولا الحبال والقوادس من ذلك، ولو قال غصبته عبداً أو جارية جاء بعبد أو جارية صغير أو كبير من أي جنس، وإن قال: قد تلف فالقول قوله في قيمته، وإن قال كان معيبا أعور أو أعرج أو غير ذلك صدق ويحلف إن طلبت منه اليمين، وكذلك جميع الحيوان.
وفي باب الإقرار في البيوع شئ من معني هذا الباب.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان عندي وديعة ولم يبين ما هي فهو مصدق في إجماعهم فيما أقر به من شئ، فإن ادعي عليه غيره حلف إن كان متهما، ولو أقر بثوب وديعة فأي ثوب أتي به خلفا أو جديدا معيبا أو صحيحا فالقول قوله فيه مع يمينه، وإن قال الآخر: أودعته / صحيحا فإن اتهم حلف له وكذلك إن أقر بشئ من الحيوان فما سمي من ذلك قبل منه قوله بعد يمينه إن
[9/ 146]
__________
(1) به ساقطة من الأصل.
(2) الرحي الطاحونة مثناها رحوان ورحيان وتمد فيقال فيها رحاء ومثناها وحاءان والجمع أرحية وأرحاء.
(3) وردت العبارة في الأصل محرفة ووردت في ف بصيغة أخري تدل علي نفس المعني حيث جاءت علي الشكل التالي وذلك كله يسمي رحي.
(4) السانية ما يعرف بالساقية أو الناعورة.
(5) في ف الذي يدور

(9/146)


اتهم وكذلك إن كان به عيب، فقال كذلك استودعتنيه ولو قال: حدث به عيب عندي فهو مصدق ويحلف إن اتهم أنه فعل ذلك به، ولو قال: غصبتنيه ولم استودعكه فالمقر مصدق ولا شئ عليه.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال له أرفع ثوب من ثيابي هذه فله أرفعها ثمنا اختلفت أجناسها أو اتفقت وكذلك الرقيق والحيوان كله ولو قال له أكبر بيت في داري هذه فوجد فيها بعض هذا أعرض وبعض هذا أطول وبعض أرفع سمكا فلا ينظر إلي السمك ولكن أكبرهما في الطول والعرض مثل أن يكون أحدهما عشرة في عشرة فتكون فيه مائة ذراع مكسرة ويكون الآخر تسعة في عشرة فهو تسعون ذراعا الأول أكبرهما ولو كان الآخر فيه تسعة في اثني عشر كان أكثرها لأنه مائة وثمانية أذرع.
فيمن أقر بشئ علي صفة
ثم قال إنما أقررت بشئ آخر
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا أقر لرجل بثوب وشئ ما قامت عليه بذلك بينة، فقال: إنما أقررت له بثوب كتان فإنه يلزمه الثوب الكتان والوشي، ولو قال له دار في يدي بغافق قيل له أقر له بأي دار شئت منها فإن أقر له بدار في خولان لزمه ما أقر به من التي بخولان ويلزمه / أن يأتي بدار بغافق إن ادعي المقر له كلاهما، وإن أقر له بحق في دار فشهدت عليه بينة أنه أقر له ببيت منها فقال هو بل بهذا البيت أقررت لزمه البستان إن ادعاهما الطالب.
[9/ 147]

(9/147)


فيمن أقر بعدد من صنفين لم يذكركم (1) من كل صنف
كقوله علي مائة مثقال ذهب وفضة أو كر (2) من حنطة وشعير
أو له عندي ألف وديعة وقراض ونحو هذا
أو قال لفلان علي ألف ولم يفسر كيف هي بينهما
وكيف إن استثني من ذلك أو ذكر البيع علي ذلك
من كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان علي مائة مثقال فضة وذهب فالقول قوله فيما منهما ذهب وفيما منهما فضة في قياس قول أصحابنا وعند سحنون، وإن جعل الفضة أكثر كما له في إجماعنا مع من خالفنا أن يجعل الذهب رديئة والفضة رديئة فكذلك له أن يجعل أحدهما أكثر عدداً.
وقال من خالفنا: عليه النصف [من كل صنف] (3) فناقضوا ولو قال الذهب من ذهب كذا أو الفضة من فضة كذا صدق مع يمينه في إجماعنا.
وقال محمد بن عبد الحكم: مثله في قوله له علي مائة دينار ودراهم فليقر بما شاء من كل صنف إلي تمام العدد ويحلف، وكذلك إن قال: غصبته كيساً فيه دنانير ودراهم أقر بما شاء بقليل صنف وبكثير آخر (4).
وكذلك قوله: غصبته ضأنا إناثاً وذكوراً أقر بما شاء من كل صنف، وكذلك في البقر والإبل وكذلك في البقر والإبل وكذلك لو قال / فيها إناث وفيها ذكور.
قال ابن سحنون: وكذلك إن قال له علي كر من حنطة وشعير فهو مصدق في قلة أحدهما وكثرة الآخر إلي مبلغ الكر.
وإن قال أيهما وسط أو أحدهما صدق في إجماعنا، وهذا حجة لنا عليهم في قولهم النصف من كل صنف، وكذلك هذا في القرض والسلم والوديعة والغصب
[9/ 148]
__________
(1) في ف ولم يذكر.
(2) الكر بضم الكاف مكيال قيل إنه أربعون أردبا وقيل غير ذلك والجمع أكرار.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(4) في ف من تقليل صنف وتكثير، وفي هـ من تقليل كل صنف وتكثير آخر.

(9/148)


والبضاعة، وإذا قال أسلمت إلي في كر من حنطة أو شعير الثلثان شعير والثلث حنطة وقال الطالب بل النصف من كل صنف [فالذي عليه السلم مصدق مع يمينه، فإن قال المطلوب لم يسموا كم من كل صنف، وقال الطالب قد سمينا النصف من كل صنف (1) فالطالب مصدق من باب دعواه لما يجوز وادعي الآخر ما لا يجوز ولو تضاد فأفسد السلم.
وإن قال: استودعني عشرة أثواب مروية ويهودية فهو مصدق فيما يذكر من عدد كل صنف، وكلك في السلم إذا قال قد سمينا ذلك وقت العقد صدق مع يمينه، وإن قال لم يسم وقال الطالب قد سمينا فالقول قول الطالب لدعواه الأمر الجائز ويحلف، وقال غيرنا إن نكح علي كر من حنطة وشعيرة ولم يسميا كم من كل صنف أن النكاح جائز وكذلك الخلع والشراء والبيع، وقلنا: البيع والنكاح فاسدان [ويفسخ البيع] (2) ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده. ولهذا صداق المثل، وكذلك من باع عبدا بكرين من حنطة وشعير حالا أو مؤجلا فذلك عندنا فاسد وعندهم / جائز وعليه النصف من كل صنف، وإن أقر أن له عليه كر حنطة وشعير وسمسم فالقول قوله مع يمينه في مقادير ذلك ولا يكون عليه من كل واحد الثلث كما قال غيرنا.
وكذلك قوله علي فرق (3) من سمن وزيت أو قال كذا وكذا من ورس وزعفران فهو مصدق مع يمينه في مقادير ذلك، ولو قال له علي قفيزان من حنطة وشعير إلا ربعاً فعليه قفيزان إلا ربعا وهو مصدق كم القمح وكم الشعير؟ وقد قيل: يسقط ربع الجميع ويكون عليه قفيز ونصف ويصدق في تسمية كل صنف، ولو قال لفلان علي ولفلان قفيز من حنطة وشعير فعليه لكل واحد منهما نصف قفيو ويصدق في كم القمح وكم الشعير مع يمينه، وإن قال لفلان وفلان علي ألف درهم
[9/ 149]
__________
(1) ما بين معقوفين ساقط من ص وف، ومثبت في الأصل وهـ.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاء في هامش ف ما ياتي: في كتاب البيوع الفاسدة من المدونة فمن باع عبدا بألفلا مثقال منذ هب وفضة فإن البيع فاسد.
(3) الفرق بسكون الراء وفتحها مكيال كان معروفا بالمدينة وهو ستة عشر رطلا والجمع فرقان وهذا الجمع يكون لهما جميعا كبطن وبطنان وحمل وحملان.

(9/149)


ولم يسم كم لكل واحد منهما فإنهما بينهما نصفين: فإن قال بعد ذلك لفلان منهما شتمائة وللآخر أربعمائة لم يصدق ويغرم للذي أقر له بستمائة إلا أن يكون الكلام نسقا فلا يضمن. ولو وصل الكلام كان كما قال ولم يضمن إن شاء الله.
قال محمد: وجاء معنا أهل العراق فيمن قال استودعني فلان ثلاثة أثواب زطيه ويهودية أنه مصدق إن شاء قال يهودي وزطيان مع يمينه ويلازمهم علي أصلهم أن يلزموه النصف من كل صنف.
قال ابن المواز ومحمد ابن عبد الحكم: إذا قال له علي ثلاثة أثواب شطوي وهروي فهو مصدق فيما يقول من كل صنف، قال ابن عبد الحكم: وقال أهل العراق نحو قولنا في هذا فتناقضوا / في قولهم في الدنانير والدراهم أن عليه النصف من كل صنف.
قال ابن المواز: يكون له ثوب من كل صنف ويكون المقر في الثالث مصدقاً مع يمينه، فإن قال: لا أعرف وقد نسيته حكم للمدعي بما ادعي بلا يمين وإنما يحلف لو قال المطلوب إنما تطلب باطلا وأنا موقن ذلك وأكره اليمين فاحلف أنت فإن لم يحلف لم يكن علي المطلوب إلا ما أقر به في الثوب الثالث.
وأنا إن قال ما أدري قيل له كيف تحلفه وأنت لا تدفع قوله ولا أنت مدع عليه بأجود ولا بأكثر؟
قال ابن المواز: وإذا قال المريض لفلان علي مائة دينار وداراهم فإن أمكن مسألته سئل والقول قوله ويجبر حتي يبيم فإن مات فورثته بمثابته يقرون بما ساءوا من كل صنف ويحلفون (1)، فإن أنكروا علم ذلك جعل النصف من كل صنف بعد أيمان الورثة أنهم لا يعلمون له شيئا وبعد يمين المقر أنه ليس حقه أقل من ذلك علي البت لا علي العلم.
وكذلك لو قال له علي قنطار عنب أبيض وأسود أو قال قنطار عنب وتين لكان النصف والنصف إلا أن يقول المقر أكثر ذلك من العنب أو من التين ويحلف عليه.
[9/ 150]
__________
(1) في جميع النسخ يقروا ويحلفوا بإسقاط نون الرفع والصواب ما أثبتناه.

(9/150)


ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان عندي ألف درهم قرض ووديعة فالقول قوله فيما يذكر أنه قرض منه أو وديعة إن قال الوديعة الثلثان فهو مصدق مع يمينه. وقال غيرنا: لا يصدق إلا أن يصل كلامه وإلا كان ذلك نصفين وإن قال: له قبلي ألف درهم مضاربة / وقرضا ثم قال مائة منها قرض وتسعمائة مضاربة [فهو مصدق مع يمينه.
وإن قال له قبلي (1) ألف درهم كر من حنطة وشعير الحنطة من ذلك مختوم فهو مصدق مع يمينه. وإن قال: له عندي ألف درهم مضاربة (2) ووديعة خمسمائة مضاربة وخمسمائة وديعة فالقول قوله إلا أن يحرك الضماربة فيعمل بها فهو ضامن إن خسر.
وفي كتاب آخر إلا أن يحرك الوديعة [وكل محتمل] (3) لأنه قد يدعي رب المال انه كله وديعة فيصير متعديا بتحريكها وقد اختلف في هذا الأصل.
وإذا قال: له عندي ألف درهم هبة ووديعة وقال الطالب هي وديعة ولم أهبك شيئا فالقول قوله في إجماعنا.

فيمن أقر أن لفلان الدين الذي علي فلان
وله عليه صنفان فقال أردت أحدهما
أو قال أردت نصف ما عليه وله عليه صنفان أو صنف واحد
وفيمن عليه مال فأقر أن ربه أمره بدفعه إلي زيد
ولا بينة بأمره، هل يلزمه دفعه؟
ومن كتاب سحنون: وإذا قال: الدين الذي لي علي فلان هو لفلان وكان للمقر علي المطلوب مائة درهم في صك فقال عنيت الدراهم دون الدنانير وقال المقر له بل ذلك كله فإن له المالين في قولنا وقولهم، فإن
[9/ 151]
__________
(1) كذا في ف وهـ وكتبت في الأصل عندي.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل/ مثبت من النسخ كلها.

(9/151)


غاب المقر كان له أن يقبض ذلك من الغريم في قولنا، وقال غيرنا: ليس له ذلك في غيبة المقر لنفيهم القضاء علي الغائب، وإن كان له علي / رجل ألف درهم فأقر أن نصفها لفلان فذلك يلزمه.
قال غيرنا ولا يتقاضاها إن غاب المقر, فإن حضر المقر كان هو المتقاضي ويعطي للمقر له نصف ما يقبض.
وقالوا معنا: إذا أقر له بالألف وهي في صك باسم المقر له فهو جائز، فإن دفع المقر ذلك إلي المقر فهو برئ لأنه دفعه إلي من يملكه (1) فنقضوا بهذا قولهم ثم نقضوا هذا فقالوا ولو دفعها إلي المقر الذي باسمه الصك برئ وقلنا (2) إن ذلك لا يبرأ به وعليه غرم ذلك للمقر له، وإذا أقر له بالكر الحنطة الذي له علي فلان سلما فذلك جائز فإن وكله المقر بقبضة وغاب فإن كان الإقرار قد ثبت فلا معني للوكالة وللمقر أن يقبض، وكيف يوكله في ماله؟ وإن كان الإقرار لم يثبت وثبتت الوكالة فللوكيل قبضة بالوكالة.
[وقال غيرنا: إذا وكله المقر بقبضة وغاب فله ان يقبضه بالوكالة] (3) ولا يقبض بالإقرار فيقال لهم هل وجب له الكر بالإقرار ممن قولهم إنه وجب له فكيف يكون وكيلا لغيره فيما هو له؟ وهذ يستحيل فإن لم تكن له بينة علي الوكالة ولا علي الإقرار فأقر المطلوب بالوكالة فإني أجبره علي دفعه في إجماعهم وإن لم يقر بالوكالة وأقر بإقرار الطالب له فليجبر أيضا علي دفعه ولا أصدقه علي صاحب الطعام إذا قدم فأنكر ما أقر به الذي عليه السلم وأغرمه له الطعام ثانية وكذلك في الوكالة، وقال من / خالفنا: لا يجبر علي دفعه ولا أصدقه علي رب الطعام الغائب فيقال له فلم صدقته في الإقرار في الوكالة وجبروته علي دفعه؟
وقال ابن المواز وابن عبد الحكم فيمن عليه دين أو عنده وديعة لفلان فأتاه من ادعي أن من له ذلك أمره بقبضه وأتاه بكتابة فعرف خطة أو أقر أن من له
[9/ 152]
__________
(1) كتبت في الأصل محرفة علي شكل هلك.
(2) كذا في ف وهـ في ص وقلت وفي الأصل وقولنا.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ.

(9/152)


ذلك أمرني بدفع ذلك إليك فإنه لا يلزمه دفعه إذا لم تقم بينة علي إذنه بذلك لأن ذلك لا يبرئه إذا جحده الآمر ومن هذا الفن باب موعب في كتاب الوديعة، ومنه في آخر الوكالات.
ومن كان له علي رجل كر من حنطة وكر من شعير فأقر أن نصف طعامه الذي علي فلان لفلان فإنه يكون للطالب نصف كل صنف ورأي غيرنا: أن ما أقر بالحنطة دون الشعير وجعلوا قوله طعامي لا يعدو الحنطة قالوا: كما لو كان مع الطعام سمسم أو تمر.
قال محمد: واحتجوا لقولهم بقولهم وهذا كله عندنا سواء كله وله نصف الحنطة مع نصف ما معها من سمسم أو تمر أو شعير، لأن ذلك كله طعام، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتي يستوفيه"، فدخل تحت هذا كل ما ذكرنا، أرأيت لو كان له علي رجل شعير فقال طعامي الذي علي فلان لفلان او نصفه أليس يكون له في إجماع الأمة [والله أعلم بذلك كله وأحكم].

فيمن أقر لرجل بأحد هذين الثوبين
أو أحد هذين العبدين
/ من العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم في الرجل يقول للرجل في ثوبين له أو عبدين له إن لك أحد هذين الثوبين أو أحد هذين العبدين ولا يدري أيهما هو فإنه يقال للمقر احلف إنك لا تدري أن أجوهدما للمقر له فإن حلف أنه لا يعلم أيهما له قيل للمقر له احلف أنك ما تعلم أيهما لك, فإن حلف أيضا كانا شريكين في الثوبين جميعا.
قيل فإن قيل للمقر الأول احلف فنكل ورد اليمين علي المقر له، قال يحلف فإن حلف كانا في الثوبين شريكين فإن نكلا جميعا فكذلك يكونان شريكين إلا
[9/ 153]
__________
(1) البيان والتحصيل، 14: 151.

(9/153)


أن يقول المقر لا أعرفه ويقول المقر له أنا أعرفه فإن قال المقر له أدناهما ثوبي أخذه بغير يمين وإن ادعي أجودهما أخذه بعد أن يحلف فإن قال المقر أدناهما هو ثوبه حلف ولم يكن للمقر له غيره وإن ادعي المقر له أجودهما أنه ثوبه لم يقبل قوله ولا يمينه إذا زعم المقر أن [أدناهما هو ثوبه وحلف علي ذلك وإن زعم المقر أن] (1) أجودهما ثوبه أعطيه المقر له ولم يحلف واحد منهما علي ذلك [فإن زعم المقر ان أجودهما ثوبه أعطيه المقر له ولم يحلف واحد منهما] (2)
قال عيسي وقال أشهب: إذا حلف المقر أو نكل فرد اليمين علي المقر له، فإنه يحلف علي البتات علي أيهما شاء فإن نكل كان له أدناهما.

فيمن أقر بالشك
أن لفلان هذه الشاة او هذه الناقة
أو له علي دينار أو درهم
أو قال دنانير أو طعام
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر لرجل أن لك هذه الشاة أو هذه / الناقة، هكذا أقر علي الشك فإن الشاة للمقر له ويحلف المقر ما الناقة له وإن حلف ما له فيهما جميعا شئ وادعي الطالب كلهيما لم يقبل قول المقر في الشاة وقضيت بها للمقر له وتركت الناقة في يديه، ولو نسي الشهود فقالوا سمي لنا إحداهما فنسيناها بطلت الشاهدة. وقال ابن المواز: فقال له اعطه أيهما شئت فلا يمين إلا أن يدعي الطالب ارفعهما أو كليهما فيحلف المقر ولا يكون عليه غلا ما أقر به، وكذلك لو أنكر المقر الشاة ولا يكون عليه إلا ما أقر به، وكذلك لو أنكر المقر الشاة أو البعير فليحلف المقر له ثم لا يكون له إلا أدناهما، وقاله أشهب.
قال في موضع آخر: فإن أقام المقر علي شكه فليأخذ المقر له ما شاء منهما بلا يمين، وإن رجع المقر فقال ما له فيها شئ وادعاهما الطالب قضي له بقيمة أدناهما.
[9/ 154]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وف مثبت من ص وهـ.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وف وهو الصواب لأنه جاء مكرراً في الأصل كما هو ملاحظ.

(9/154)


وقال أشهب: بأدناهما بعينه قال وكل من أقر بكذا وبكذا فإنما يلزمه أحدهما أيهما شاء فإن لم يقدر عليه حتي يقر بأحدهما حكم عليه في ماله بأقلهما [وكذا لو حضر وقال لا ندري أيمهما له فلا يحكم عليه بأقلهما] (1) لأن الطالب لا يدعي أكثر منه، وإن ادعي الأكثر أخذه بلا يمين لأن المقر يقول لا أدري.
وقال محمد بن عبد الحكم: القول قول المقر مع يمينه فإن جحد وقال ما له منهما شئ وادعي الطالب كلاهما فليقبض له بقيمة أدناهما ولا أقضي له (2) بأدناهما بعينه.
وقال أشهب: يعطيه أدناهما قيمة، قال محمد بن عبد الحكم: وكذلك في عبد وجارية أو جاريتين يعطيه قيمة: أدناهما، ولو أعطاه أدني الجاريتين لكان يطأ جارية لم يصرح له فيها بالإقرار، يريد ولعل الطالب لا يدعي واحدة معروفة.
وقال ابن عبد الحكم فيمن قال غصبت هذا العبد أو هذا الثوب من فلان هكذا أقر حلف الغاصب علي أيهما شاء ما غصبته منه وكان الآخر للمقر له فإن نكل كان له أقلهما قيمة علي قياس قول أشهب، وفيها قول آخر أنه يغرم قيمة أدناهما لأنه أقر أنه غصبه ما يسوي عشرة أو أكثر ولا أقدر علي أخذه بعينه إذا حلف المقر عليهما ولو قال غصبته هذا العبد او هذه الأمة أو هذا الثوب قيل له احلف علي ما شئت وأنت مصدق فإن نكل حلف الطالب علي ما شاء منهما وأخذخ فإن قال لا علم لي بذلك وإنما آخذه بإقراره فإنه يأخذ أدناهم قيمة في قول أشهب.
قال محمد بن عبد الحكم: ولو قيل يكونان شريكين في الثلاثة كان مذهبا وأحسن ذلك أن يأخذ قيمة أدناهم إذا نكلا عن اليمين.
قال محمد بن عبد الحكم فإن قال: غصبت هذا الرداء أو هذا الساج من فلان فليعطه أيهما شاء ويحلف ما غصبته الآخر فإن نكل حلف الآخر علي أيهما
[9/ 155]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) في الأصل وص لهما، والصواب ما أثبتناه من ف وهـ.

(9/155)


شاء فإن نكل ففيهما قولان أحدهما أنهما فيهما شريكان كثوبين اختلطا، والقول الآخر أنه له أن يأخذ أدناهما قيمة او قيمته.
قال ابن المواز: وإن أقر لرجل (1) أن لك هذا العبد / أو هذه الأمة فأنكر فقامت عليه بينة بإقراره جبر علي أن يقر بأيهما شاء وأحبسه علي ذلك فإن الجي إلي الضرب ضرب، وقيل يقضي عليه أدناهما ولا أحكم له بفرج فأحله له بالوطء.
قال ابن المواز: إن ادعي المقر له أخذهما حكمت له به إذا أبي المقر اليمين.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أن لفلان عليه دينارا أو درهما قال سحنون: يلزمه الدينار ويحلف في الدرهم، فإن نكل حلف الطالب وأخذ دينارا ودرهما، وإن قال له علي كر حنطة أو كر شعير لزمه الحنطة وحلف في الشعير، ولو قال أو درهم حلف في الدرهم، وإن قال له علي ثوب هروي أيهودي فإن ادعاهما الطالب لزم المقر الهروي وحلف في الآخر.
وإن قال الطالب إنما أسلمت له في ثوب هروي فعليه له ثوب هروي، وإن قال إنما أسلمت له في ثوب هروي فعليه له ثوب هروي، وإن قال إنما أسلمت إليه في ثوب هروي يهدوي وأبرأه من الهروي فإنه يبرأ منه ويحلف علي الثوب الآخر أو يرد رأس المال إذا تحالفا، فإن نكل المقر حلف الطالب وأخذه بالثوب اليهودي فإن نكلا ترادا رأس المال.
وإن قال له: علي ألف درهم ودينار أو كر حنطة فالألف يلزمه في الدينار، فإن نكل حلف الطالب وأخذه فإن نكل سقط الدينار وأخذ المائة والكر.
[9/ 156]
__________
(1) لرجل ساقطه من الأصل.

(9/156)


وإن قال له: علي ألف درهم ومائة دينار أو كر حنطة وكر شعير فألألف يلزمه بإجماعنا، ويلزمه المائة عند سحنون ويلزمه الكر الشعير في إجماعنا ويحلف عند سحنون في الكر الحنطة فإن نكل حلف الطالب وأخذه مع الألف والمائة والكر الشعير فأما الألف والكر الشعير فقد جامعونا فيهما وأنا المائة والكر الحنطة فقال سحنون يغرم المائة لأنه لم يوقع فيها شكا وتلزمه اليمين في الحنطة والشعير.
وقال غيرنا ما يلزمه الأول وهو الألف والرابع وهو الشعير وعليه الأوكس (1) من الثاني والثالث، وإن قال لفلان علي ألف درهم بيض أو سود فيلزمه ألف بيض ويحلف في السود.
قال محمد: وقد قيل فيها إنه يلزمه الأقل من ذلك ويحلف علي الأكثر، وكذلك في القائل له علي ألف درهم او خمسمائة أنه يلزمه الخمسمائة ويحلف فيما بقي فإن نكل حلف الطالب وأخذ الألف فإن نكل فليس إلا خمسمائة. وكذلك لو / قال ألف درهم أو نصفها.
قال اشهب: وإن قال غصبت من زيد هذا العبد أو هذا الثوب فإن ادعاها زيد جميعا حلف الغاصب علي أيهما شاء لنفسه وأعطي لزيد الآخر، وإن نكل حلف زيد وكانا له، فإن نكل فله أدناهما وإن حلف علي أحدهما ونكل الآخر فله الذي حلف عليه فقط، وفي قول سحنون: يكون للمقر له العبد لأنه لما قال غصبته هذا العبد وجب له ويحلف الغاصب في الثوب أنه ما أراد الإقرار له به، فإن حلف لم يكن لزيد في الثوب شئ وإن نكل حلف زيد علي ان الثوب ثوبه وأخذ الثوب والعبد وإن نكلا أخذ زيد العبد ولا شئ له في الثوب.
قال ابن عبد الحكم: وإن قال لفلان علي ثلاثون درهما أو ديناران ثم أنكر وحلف فعليه الأقل من ذلك.
[9/ 157]
__________
(1) الأوكس: الأنقص من وكس الشئ من باب وعد وفي الحديث لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط أي لا نقصان ولا زيادة.

(9/157)


وإن قال لفلان علي عشرة دنانير ومائة درهم أو مائة إردب قمح فإن قال العشرة ومائة دون القمح قبل منه، فإن قال إنما علي المائة إردب قبل منه وإن قال إنما علي الدنانير دون الدراهم أو الدراهم دون الدنانير لم يقبل منه ولزمته الدنانير والدراهم.
وإن قال بل له علي ألف درهم او مائة دينار ومائة أردب من شعير فإن أثبت الدراهم قبل منه وإن قال بل المائة دينار دون الشعير لم يقبل منه، وإن قال له علي ألف درهم صحاح أو قطع لزمه الأقل مع يمينه وكذلك مضروبة او نقرة لزمه النقرة مع يمينه لأنه أقل، وإن قال له علي مائة دينار وألف درهم / او مائة إردب حنطة أو مائة أردب شعير فإن شاء أثبت المائة دينار والألف درهم وإن شاء أثبت أحد الطعامين وليس له أن يثبت أحد المائتين دون الآخر [وبالله التوفيق] (1).

فيمن أقر لرجل أن له شاة في غنمه
او جملا (2) في إبله أو عبدا في عبيده
أو قال ذلك في ثياب أو دنانير أو طعام
أو قال له في هذا الطعام عشرة دنانير
أو في ثمنه او نحو هذا (3) ولم يعينه
أو له في هذه الدنانير كذا
أو قال له رطل زنبقاً في زيته
أو له في ثوبي عصفر صبغ به ونحوه
من كتاب ابن حسنون: ومن أقر لفلان شاة من غنمه هذه فإن عينها فهو مصدق فإن ادعي الطالب غيرها ولا بينة له حلف المقر علي ما عين فإن حلف علي جميعهن أجبر علي أن يعطيه شاة منها فإن قال لا أعرفها ولم يدع الطالب
[9/ 158]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص وهـ.
(2) في ف وهـ أو بعيرا.
(3) أو نحو هذا ساقطة من ف.

(9/158)


معرفتها كان شريكا له بها إن كانت عشرة فله عشرها وكذلك في بعير من إبله هذه أو بقرة من بقره أو ثوبا من ثيابه هذه فإن مات المقر فورثته بمنزلته فيما يدعون، فإن جهلوا كان شريكا لهم علي العدد إن لم يجد بينة ولا ادعي الطالب واحدة بعينها، وإن أقر له بعشرة دراهم في دراهمه هذه وهي مائة فله منها عشرة من وزن سبعة فإن قال المقر: هي زيوف وفي الدراهم زيوف فالقول قوله / مع يمينه، وكذلك التبهرجة إن جازت بين الناس وإن كانت رديئة لم يصدق إلا أن يصل الإقرار بالتفسير فإن كان فيها صغار وكبار فقال هي صغار نقص وادعي الطالب عشرة وزن فذلك له لأن المقر قال عشرة دراهم فلا تكون إلا علي الكيل، وإن قال له في طعامي هذا كر حنطة فهو جائز فإن لم يبلغ كر حنطة فهو للطالب ويحلف المقر ما استهلك من هذا الطعام شيئا ولا شئ عليه إذا كان الكلام متصلا، ولو قال له عندي كر حنطة، ثم قال هو في هذا الطعام فلم يكن فيه كر فلا يصدق عليه كر تام ولو وصل الكلام فقال له عندي كر حنطة في طعامي هذا فوجد ناقصا فليس له غيره، وكذلك إن قال له عندي كر إلا ربعاً فهو مصدق، ولو قال: له شاة في غنمي هذه العشرة، ثم جحد وحلف فإن له عشرها وما هلك منها بعد ذلك فهو بينهما وما ولد فبينهما.
ولو قال له في هذه العشرة شياه التي بيدي شاة شرك فتموت الغنم فطلب تضمينه فقال انت خلطت شاتي بغنمك، قال بل خلطتها وشاركتني، فالقول قول المقر ويحلف، وإن قال: لك في زيتي هذا رطل من زنبق أنت خلطته، وقال الآخر أنت خلطته فلا يصدق أحدهما علي الآخر ويقال للمقر اعطه رطل زنبق فإن أبي [أخذ صاحب الزنبقي رطلا من الزيت وكان ما بقي للمقر في قول/ ابن القاسم. وقال سحنون: الزيت يعيب الزنبق] (1) وسئل عن الزنبق فإن كان أضر الزيت وأحاله وأعابه كانا شريكين في ثمنه هذا بقيمة زنبقه وهذا بقيمة زيته مغيباً، وإن كان الزنبق لا يعيبه ضرب صاحب الزيت بقيمة زيته غير معيب.
[9/ 159]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/159)


وإن كان بيده خمسون رطلا من زنبق فأقر أن لرجل فيه رطلا من بنفسج صار فيه بغير تعد من أحدهما فإن كان البنفسج يعيب الزنبق والزنبق يعيب البنفسج ضربا في ثمنه بقيمة كل واحد معيبا وإن كان واحد يعيبه الآخر والآخر لا يعاب به ضرب بقيمة هذا (1) معيبا وهذا غير معيب علي قول سحنون، وفي قول ابن القاسم يقال لصاحب الزنبق اعطه رطلا من بنفسج وخذ الزنبق بما فيه فإن أبي أخذ صاحب البنفسج رطلا من الزنبق المخلوط وما بقي للآخر.
وإن قال في ثوب له مصبوغ أن لفلان في صبغه قفيزاً من عصفر فعليه له قيمة القفيز العصفر إلا أن يقول نسقا غصبني الثوب فصبغه به فإن قال ذلك وأقر به الآخر فرب الثوب مخير بين أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذ ثوبه أو يضمنه قيمة الثوب يوم غصبه ويسلمه إليه، وإن أنكر صاحب الصبغ الغصب وادعي العصفر فرب الثوب مخير بين أن يعطيه قيمة العصفر وله ثوبه وإن أبي بيع الثوب، فإن زاد ثمنه علي قيمته أبيض فالزيادة لصاحب العصفر / وإن نقص من قيمته أبيض فلا شئ عليه.
ابن عبد الحكم: ومن بيده صبرة قمح أقر أن لفلان منها خمسين أردباً فلميكن فيها إلا دون ذلك فجميعها للمقر له، فإن زادت علي خمسين فالزيادة للمقر، ولو قال له من هذه الصبرة عشرة دنانير بيع له منها بعشرة دنانير وما بقي فللمقر، وإن لم يف ثمنها بالعشرة فليس علي المقر غير ذلك، وإن قال له من (2) ثمنها عشرة دنانير سئل ما أراد، فإن أراد كان له من ثمنها [إذا اشتريت سئل كم كان ثمنها وكان المقر له شريكا فيها بعشرة وإن قال أردت من ثمنها] (3) إذا بيعت فهو كذلك، وإن طلبت منه اليمين حلف علي ما يقول، فإن مات قبل ان يسأل فللمقر له الأقل من الوجهين [. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب] (4)
[9/ 160]
__________
(1) هذا ساقطة من الأصل.
(2) من ساقطة من الأصل، مثبته من ف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.

(9/160)


فيمن أقر لأحد رجلين بالشك
فقال لفلان أو لفلان قبلي كذا
أو غصبت كذا من أحدهما
أو شهدت بذلك بينة
أو قال لفلان لا بل لفلان ونحو هذا
أو أقر بشئ لرجل ثم أقر به لآخر
من كتاب ابن سحنون: قال أشهب وسحنون: إذا قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان فالألف للأول ويحلف أن الألف له عليه وما يعلم للآخر فيها حقا، فإن قال لا أحلف وأخذ المقر بإقراره ولا أدري صدق أو كذب فإن أخذه بما أقر به فذلك له ويحلف للثاني أنه ما يعلم له في هذه الألف حقا وليس علي المقر للثاني إلا يمينه ما له علي شئ ولا غصبت شيئا فإن نكل حلف الثاني وأغرمه ألفا أخري وكذلك / في العروض وما يكال أو يوزن، والذمي والمسلم في ذلك سواء والعبد المأذون والمكاتب والمرأة في ذلك سواء.
قال ابن عبد الحكم: إذا قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان فقد وجبت لواحد منهما، فإن اجتمعا عليها أخذاها فإن ادعاها كل واحد منهما وجحد المقر وحلف أنه ما أقر بذلك او ما تواجد منها عليه شئ فإن هذين يحلفان فإن حلفا أو نكلا أخذت الألف فقسمت بينهما إن أحبا، وإن قال واحد منهما ما لي شئ، وقال الآخر هي لي وحلف المقر فلا شئ لواحد منهما لأن الإقرار ثبت لواحد بغير عينه فإذا تبرأ أحدهما منهما أمكن أن تكون هي له فلم يكن للآخر شئ.
وفي موضع آخر من كتابه قال: وإذا قام علي إقراره هذا بينة وهو يجحد وادعاها كل واحد منهما لنفسه فليحلف المقر لكل واحد منهما فإن نكل لهما غرم لكل واحد مائة وإن نكل لواحد وحلف للآخر غرم لمن نكل له مائة فقط ولا شئ للآخر، فإن حلف لهما فعليه مائة لهما علي الإقرار الأول. وقال أبو حنيفة إذا حلف لهما ثم اتفقا علي أخذها منه فليس ذلك لهما، وهذا فاسد، أرأيت لو
[9/ 161]

(9/161)


كانت مائة دينار بعينها أتبقي له؟ [فقال: المائة دينار للأول ثم إن عرف لمن القمح أو الشعير من الباقين قبل قوله فإن أنكر قوله وحلف ما لهما عليه شئ فلهما الأق من الشعير أو القمح يكون بينهما، وكذلك لو قال علي لفلان ثوب يسوي [دينارين أو لفلان ثوب يسوي] (1) / ديناراً ثم أنكر قوله وحلف فلهما دينار واحد إن طلباه كما لو قال لرجل له هذا الثوب الجيد أو هذا الدنئ ثم حلف فإنما له أدناهما أو قيمته (2).
قال ابن سحنون: وقال غيرنا: الدنانير للأول ولا شئ للثاني والثالث.
قال ابن المواز: ولو قال أحد هذين الرجلين دفع إلي مائة دينار سلفا أو قال وديعة أو مضارية لا أعرف أيهما هو وادعي كل واحد منهما أنه هو، قال: فإن كان المقر معدما لا يقدر علي أكثر من المائة او يملك أكثر منها إلا أن الطلب
[9/ 162]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(9/162)


منه يعسر ويطول لم يكن بد من اليمين علي الرجلين فإن حلفا قسمت بينهما أو طالبناه بمائة أخري وإن كان موسرا أغرمته مائة أخري فيأخذ كل واحد منهما مائة بلا يمين عليهما إذا كان لا يدفع دعواهما ولا ينكره لقوله لا أدري، ولو أكذبهما لزمه اليمين فإن نكل رد اليمين فإن لم يحلف من رد / عليه اليمين فلا شئ له وهو كمن ادعي عليه بحق فقال لا أدري أصدق المدعي أم كذب فهذا لا يمين علي الطالب ويأخذ مطلبه ولو أنكر دعواه وأبي أن يحلف رد اليمين علي المدعي، فإن نكل فلا شئ له.
قال فيمن أقر أن أحد هذين دفع إليه هذه المائة دينار لا أدري أيهما هو ثم مات، قال: إذا مات أحلفتهما وأخذ كل واحد مائة دينار من تركته لأنه لم يبق حتي يمكنه معرفة أيهما هو أولا يعرفه فيثبت علي ترك إنكاره أحدهما فاستحسن أيمانهما ها هنا.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال لفلان علي مائة دينار أو لعبد فلان هذا وهو غير مأذون وادعي ذلك العبد والحر فلهما أخذهما إن أخذها إن أحبا نصفين وليس للمقر أن يمنعهما فإن ادعاها الحر بعد أخذها، وحلف كان له النصف، وإن نكل كانت كلها للعبد بلا يمين لأنه لو أقر بها العبد للحر لم تكن له ولو كان مأذونا فلهما أخذهما جميعا إن أحبا، وإن قال لفلان علي مائة درهم ولفلان أو فلان وفلان فإن أقر بها للأولين حلف وكانت لهما وكذلك إن أقر بها للآخرين وإن أنكر وحلف قسمت بين الأربعة أرباعا إن طلبوا ذلك.
وإن قال لفلان علي مائة درهم أو لفلان دينار ثم أنكر وحلف فأراد أخذ دينار منه فذلك لهما لأنه الأقل.
وقال ابن المواز: إن كان ذلك منه في لفظ واحد لزمه الدينار فقط إذا ثبت علي ذلك إلا أن يطلب الأول المائة / فيحلف له المقر ويبرأ.
ومن العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا أن فلانا أقر
[9/ 163]
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 449.

(9/163)


أن لفلان عليه مائة دينار أو لفلان لا يدريان أيهما هو قال: ليس عليه أكثر من مائة ويحلف هذا ويقتسمانها (1).
قال أصبغ: يريد يحلف كل واحد منهما أنه هو وأن له عليه مائة ثانية فمن نكل فهي للحالف وإن نكلا اقتسماها بغير يمين كما لو حلفا فإن رجع الشاهدان وزورا أنفسهما غرما يريد ما أتلفا بشهادتهما.
قال ابن سحنون: وإذا قال لفلان قبلي مائة درهم أو لفلان وفلان ثم جحد وقامت عليه بينة فإن المائة للأول ويحلف للثاني وللثالث فإن نكل حلفا أغرماه مائة عنهما نصفين، قال محمد: وقد كنت قلت إن المائة بين الأول والثالث ويحلف للثاني ثم رأيت أن قوله إن لفلان وفلان شك فيهما فيحلف لهما ويثبت الإقرار للأول، وقوله لفلان علي مائة وإلا فلفلان فهذا مثل قوله أو لفلان، ولو قال لفلان علي مائة درهم لفلان فهو سواء، ولكل واحد منهما مائة في إجماعهم، وإن قال لفلان علي ألف درهم أو نصفها لفلان آخر لزمه الألف للأول ويحلف للثاني وإن نكل حلف الثاني وأخذ منه نصفها، وإن قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان أو فلان فالألف للأول والثاني ويحلف للثالث والرابع ويبرأ وإن نكل غرم لهما ألفا.
وقال غيرنا للأول الثلث وللرابع الثلث ويحلف للثاني والثالث.
ولو قال أقرضني فلان أمس ألفا وإلا فعلي حجة فهو مقر / بالمال ويدين في اليمن. ولو قال: وإلا فلفلان علي دينار لزمته الألف وبطل الدينار في قولنا وقولهم.
فإن قال لفلان علي مائة درهم وإلا فلفلان علي دينار لزمته المائة للأول ويحلف للثاني ويبرأ فإن نكل غرم له الدينار.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال: غصبت هذا العبد من هذا الرجل أو من هذا الآخر أو قال من رجل لم يسمه فإنه يحلف أنه إنما غصبه ممن يقول ويدفعه
[9/ 164]
__________
(1) في النسخ كلها ويقتسماها بحذف ثون الرفع والصواب ما أثبتناه

(9/164)


إليه ويحلف الآخر عن ادعي عليه ويبرأ أو كان أحدهما غير حاضر فيحلف أنه لم يغصبه من الحاضر ولا شئ له، وإن كانا حاضرين فحلف أنه غصبه من أحدهما فليدفعه إليه، وإن كان حلف أنه لم يغصبه من هذا دفع إلي الآخر مع يمينه أنه لم يغصبه منهما فإن حلفه لكل واحد ما غصبه منه كان بينهما نصفين إذا كانا يدعيانه جميعا أو قولا لا علم لنا بذلك غير أنا نأخذه بإقراره ويحلفان علي ذلك، يحلف أحدهما للآخر إن طلب يمينه.
وإن قال: غصبت هذا العبد من هذا أو من هذا فقالا نحن نصطلح فيما بيننا ونأخذه فذلك لهما بلا يمين فإن لم يصطلحا استحلفته علي ما فسرت فإن حلف لواحد منهما أنه غصبه منه فقال الذي لم يحلف إنه غصبه منه استحلفوا هذا الذي حلف أنه غصبه منه ولم يقبضه مني أنه لا يعلم لي فيه حقا فذلك / له، وإن قال: غصبت هذا العبد من هذا أو من هذا ثم قال أنا أحلف أني لم أغصبه من واحد منهما وقد أخطأت في إقراري فإن حلف علي ذلك فشاء اللذان أقر أنه غصبه من أحدهما أن يأخذاه جميعا فليأخذاه ليس لهما غير ذلك لأنه قد أقر لواحد منهما غير معين.
وفي باب الإقرار علي العبد مسألة من قال غصبتك أو غصبك عبدي قال سحنون: ومن أقر في عبد في يديه أنه غصبه من رجل بعينه ثم اشتبه في عينه فلا يدري أهو فلان هذا أو فلان وقد كان وقت الغصب يعرف ربه بعينه ثم نسيه فليحلف كل واحد منهما أنه له حتي غصبه منه هذا المقر فإن حلفا كان بينهما نصفين وأغرمنا الغاصب قيمته فكانت بينهما، فأيهما حلف ونكل الآخر فالعبد كله للحالف ولا شئ للناكل في العبد وله نصف قيمته، ولو قال: كان العبد في أيديهما فغصبته منهما فلا أدري لمن هو منهما فهذا يبرأ من الضمان ويحلف كل واحد من الرجلين أنه له حتي غصبه فلان ثم يكون لهما ولا غرم لهما علي المقر إذا لم يتلف بجهله عليهما شيئا ولكن لو قال في عبد في يديه: هذا العبد لفلان بن فلان أو لفلان بن فلان فإن العبد لفلان المقر له أولا ويحلف للآخر أنه ما أراد به
[9/ 165]

(9/165)


وجه الإقرار له بالعبد ثم لا يلزمه فيه قيمة ولا غيرها. ولو قال: غصبته من فلان بل إنما غصبته من / فلان أو قال غصبته من فلان بن فلان بل من فلان، كان العبد في إجماعهم للمقر له أولا ولا يغرم للثاني قيمته.
وقال أشهب قولا أباه سحنون، قال: لو غصبت هذا العبد أو قال هذا الثوب من هذ الرجل أو هذه الإبل من هذا (1) فإنه للمقر له به أولا وليس للذي شك فيه شئ إلا يمين المقر أنه ما اغتصبه منه وعلي الذي أقر له به اليمين بالله لقد اغتصبه وما يعلم له فيه حقا، فإن بي أن يحلف أنه منه اغتصبه وقال (2) وقد أقر لي بشئ لا أدري أصدق فيه أن كذب، وأنا آخذه بإقراره فله ذلك ويحلف أنه ما يعلم له فيه حقا فلم يعجب هذا سحنون من قبل أن الذي قال فيه بل هو من هذا يضمن له قيمته عند جميع العلماء, واجتمع أشهب وسحنون علي أنه لو قال غصبته من زيد ومحمد لا بل من زيد أن العبج بينهما شطرين ويرجع عليه زيد بنصف قيمته يوم الغصب وإن شاء أخذه بقيمته كله يوم الغصب [لأنه ليس له أن يغصب منه عبدا فيرد عليه نصفه ونصف قيمته. وهذا يدل علي قول سحنون، وقالا: لو قال اغتصبته من زيد ومحمد لا بل من محمد أن العبد بين زيد ومحمد لا بل من محمد أن العبد بين زيد ومحمد يغرم لمحمد نصف قيمته يوم الغصب (3)] وهذا هو الأصل قالا: ويحلف كل واحد منهما انه ما يعلم للآخر فيه حقا فإن حلفا فعلي ما قلنا وإن نكل عن اليمين الذي صار له نصف العبد، يريد الذي بيد الناكل فيرد علي الناكل نصف القيمة بعد يمينه علي / ما ادعي وإن نكل عن اليمين الذي صار له نصف العبد ونصف القيمة صار العبد كله للذي صار له نصف العبد بلا نصف القيمة وبقي نصف القيمة بيد هذا وليس للمغتصب أن يرجع علي واحد منهما بشئ بنكولهما عن اليمين وحلف الآخر وأما إن نكلا أو حلفا فالعبد بينهما شطرين وللآخر نصف القيمة.
[9/ 166]
__________
(1) في الأصل، أو من هذه الإبل من هذا.
(2) قال ساقطة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ.

(9/166)


وقرأت عليه قال أصبغ فيمن أقر لرجل بدنانير من دين او غصب أو وديعة أو تعد فلا يقبضها حتي يقول المقر بل هي لفلان لآخر وبعد أن قبضها الأول فإنه يغرم لكل واحد منهما مائة بعد أيمانهما، وكذلك إن قال قبلي مائة دينار لا أدري لفلان أو لفلان، ولو كان ما أقر به سلعة بعينها أو عبدا بعينه فإن لم يقبضه الأول حتي قال بل هو لفلان فليسلم العبد مع قيمته إليهما يكون هذا وهذا بينهما بعد يمين كل واحد أن العبد له، وإن كان قد قبض ذلك الأول لم يدخل عليه الثاني وكانت له القيمة، وكأنه استهلك له العبد، وكذلك في السلعة.
قال سحنون: أصاب إلا في العبد والسلعة حين قال ذلك لفلان بل هو لفلان فهو للأول قبضه أو لم يقبضه ويغرم للثاني قيمته يريد بعد أيمانهما.
قال أصبغ وسحنون: وإن شهد عليه شاهدان أن ذلك قبله لواحد منهما لا يدريان من هو وهو منكر، فلا شئ عليه ويحلف.
وروي عيسي وأصبغ في العتبية (1) عن ابن القاسم: إذا شهد أن فلانا أقر أن لفلان / عليه مائة أو لفلان لا يدريان أيهما [هو فليس عليه أكثر من مائة ويحلف هذان ويقتسمانها.
قال أصبغ: يحلف كل واحد أنه هو وأن له عليه مائة فإن نكلا أو حلفا اقتسماها فإن نكل أحدهما (2) كانت لمن حلف.
قال ابن القاسم: ومن قال في وصية أن لفلان علي أو لفلان مائة دينار ثم مات فادعي المائة كلاهما، قال فلكل واحد منهما مائة.
قال أشهب وسحنون: ولو قال: غصبت هذا العبد من زيد لا بل غصبته كله من عمرو فالعبد بينهما نصفان وعليه لعمرو نصف القيمة والأيمان بينهما.
روي يحي بن يحي عن ابن القاسم فيمن له علي ثلاثة نفر علي كل واحد عشرة دنانير فقبض عشرة من أحدهم ونسيه، فادعي كل واحد أنه هو فإن لم ينصه باسمه حلف الغرماء كلهم وبرئوا.
[9/ 167]
__________
(1) البيان والتحصيل 10: 449.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ

(9/167)


ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: وإن قال في عبد في يديه هذا العبد لفلان أودعينه لا بل لفلان، قال: فالعبد للذي أقر له به أولا ولا يضمن للثاني قيمته لأنه استهلكه عليه بإقراره به لغيره أولا قال: ولو قال: هذه الوديعة لزيد أو لعمرو فقد اختلف فيها، قال بعض أصحابنا: يكون بينهما نصفين بعد أيمانهما وقال آخرون: هي للأول ويضمن للآخر مثلها وقال أصحابنا جميعا: إذا قال: هذه الوديعة لفلان بل لفلان فإنها للأول ويغرم للآخر مثلها.
قال أشهب فيمن ورث رجلا ولم يرثه غيره فقال هذه وديعة لفلان ثم قال لفلان معه فإن كان في كلام متصل رأيتها بينهما علي ما أقر به / وإن أقر بها للأول ثم أدخل معه الثاني بعد ذلك فإن كانت شهادته بحوز حلف الآخر مع شهادته وكانت بينهما علي ما أقر به فإن نكل أو لم يكن المقر عدلا فإنها للأول ولا يصدق علي الثاني وليس علي المقر شئ للآخر لأنه لم يدفعها إلي الأول حتي أخبر بما عنده فيها وأما إن أقر له بها ودفعها إليه ثم أقر بأنها كانت لفلان معه أو لفلان دونه وأنه قد أخطأ رأيته ضامنا لفلان ما أقر به من ذلك لأنه قد استهلكها بالدفع كان عدلا أو غير عدل ولو لم يدفعها كانت للأول ولا يضمن للثاني لأنه شاهد علي الميت.
قال أبو محمد: وبقية هذا المعني في الباب الذي يلي هذا.

فيمن أقر فقال لك علي كذا أو علي فلان
أو قال أو لا شئ لك علي
أو قال غصبتك أنا وفلان أو هذا الحجر
ومن قال لك علي أو علي أبي فمات الابن
قال ابن المواز، ومحمد بن عبد الحكم: ومن قال لرجل لك علي عشرة دراهم أو علي فلان فليس بإقرار ويحلف.
قال ابن المواز: كان فلان صبياً أو عبداً إلا أن يكون الصبي ابن شهر فيلزمه العشرة وحده كقوله علي أو علي هذا الحجر.
[9/ 168]

(9/168)


قال ابن عبد الحكم: وكذلك قوله عشرة دراهم أو لك علي فلان دينار، كان فلان حرا أو عبداً فلم يقر علي نفسه بشئ وقد قررنا (1) قول سحنون بعد هذا، وكذلك قوله: غصبتك أنا وفلان عبداً إلا أن يكون ذلك الفلان صبياً لا يمكن منه الغصب فيصير / هو الغاصب، كما لو قال حلمت أنا وهذا الصبي (2) من قمحك كذا لصبي ابن يومين أو ثلاثة ولو كان صبياً (3) يحمل مثله لم يكن إقرارا علي نفسه بالشك.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وكذلك قوله: حملت من منزل فلان أو قال من حديده قنطار حديد أنا وصبي لا يمكن منه الحمل لزمه القنطار وحده، وكذلك إن قال علي مائة درهم أو علي هذا الحجر لزمته المائة الدرهم لأنه نسب ذلك إلي ما لا يمكن، وعلي أصل سحنون: وإذا قال لك علي كذا أو قال علي فلان إن ذلك يلزمه دون فلان. ابن عبد الحكم: وإن قال لك علي مائة درهم أو علي أبي فلان فمات الابن وورثه أبوه وزوجته وترك مائة درهم فأخذت زوجته ربعها والأب ما بقي فعلي الأب أن يدفع ما صار له منها إلي الطالب، ولو ترك الابن مائتي درهم لم يلزم الأب إلا نصيبه (4) من مائة واحدة ولو لم يرثه إلا الأب فعليه أن يؤدي ما ترك الابن إلا أن يجاوز مائة درهم وللأب الفضل.
ولو ترك الابن ابنا وزوجة وأباه وترك مائة درهم فللأب منها السدس (5) وعليه دفع ذلك السدس ولو ترك مائتين لم يغرم الأب إلا سدس مائة واحدة.
ولو أقر الباقون معه أخذ الطالب مائة وكان للأب سدس ما بقي وإذا لم يرثه إلا الأب ولم يدع شيئا فلا شئ علي الأب إلا اليمين.
[9/ 169]
__________
(1) كذا في الأصل وفي النسخ الأخري وقد ذكرنا.
(2) في الأصل، وفلان الصبي.
(3) في الأصل، ولو كان صبي بالرفع.
(4) في الأصل، لم يلزم الأب إلا بضمته وهو تحريف واضح.
(5) في الأصل، لم يغرم الأب إلا السدس.

(9/169)


قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: وإن ترك اقل من مائة درهم أخذ ذلك المقر له ويحلف الأب ما عليه شئ، ولو مات الأب لم يلزم الابن شئ / ترك الأب تركة أو لم يترك.
قال محمد بن المواز ومحمد بن عبد الحكم: وإن قال لك علي ألف درهم أو لا شئ لك علي فلا شئ عليه وليس هذا بإقرار يلزم، وكذلك قوله: أودعتني كذا أو لم تودعني إذا كان في لفظ واحد، وأصل سحنون يخالف هذا.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن قال: لفلان علي ألف درهم أو لا شئ فإنه يلزمه الألف.
وكذلك لو قال أو لا أو (كذا) قال غصبته ألف درهم أو لم أغصبه أو قال أودعني كذا أو لم يودعني، فذلك لازم له، وقال غيرنا [لا يلزمه] (1) ذلك.
ولو قال: لك علي كذا او علي فلان فذلك يلزمه دون فلان كان فلان صبياً أو ميتا أو امرأة أو مكاتباً أو عبداً أو نصرانياً.
وقال غيرنا: لا شئ علي المقر.
ولو قال: غصبتك أنا أو فلان عشرة دراهم فإنه يلزمه له عشرة، وقال غيرنا: لا يلزمه شئ إلا يمينه وقد جامعونا إلا أبا يوسف (2) أنه إن قال لك علي عشرة أو علي هذا الحجر أنه تلزمه عشرة، فكذلك قوله او لا شئ نحوه مما يبطل إقراره فهو كالنادم:
وإن قال: لفلان علي عشرة دراهم أو لفلان علي فلان دينار فإنه تلزمه العشرة له وهو شاهد لفلان إن أيقن وإن شك فلا يشهد.
وقال غيرنا: لا يلزمه إقراره، وإن قال لك علي عشرة دراهم أو علي عبدي فلان فلا يلزم عبده شئ والشعرة علي السيد.
[9/ 170]
__________
(1) لا يلزمه ساقطة من الأصل، مثبته من النسخ الأخري.
(2) في جميع النسخ إلا أبو يوسف بالواو عوض الألف.

(9/170)


وقال غيرنا: إن لم يكن علي العبد دين فليضعها إن شاء الله إليه أو إلي عبده وإن كان علي عبده دين يحيط بقيمته لم يلزمه من هذا الإقرار شئ أن / يقضي عبده دينه يوما فليزمه الإقرار.
فيمن أقر لفلان بشئ ثم قال بل هو لفلان
أو استثني بعض ذلك لرجل
أو يقر به لرجلين فيدعيه كل واحد منهما لنفسه
قال أبو محمد: وهذا الباب قد جري منه كثير في البابين اللذين هذا الباب عقيبهما.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه غصب هذا العبد من فلان ثم قال لابل من فلان فإنه يقضي بالعبد للأول بعد يمينه ويقضي للآخر بقيمته يوم الغصب في إجماعهم، فإن دفعه هو أو لم يدفعه حتي قضي به القاضي فهو سواء، وكذلك العارية والوديعة لأنه أتلفها بإقراره للأول فيضمنها للثاني وكذلك الحيوان والعروض والدور والأرضون، وإذا قال: هذه الألف درهم لفلان وديعة عندي ثم قال لا بل هي وديعة لفلان فإنها للأول وعليه مثلها للثاني وكذلك في العروض وفي الغصب والإقرار بالدين، وإذا قال: هذا العبد الذي في يدي وديعة لفلان إلا نصفه لفلان، فالقول قوله والعبد بينها.
ولو قال: هذان العبدان لفلان إلا هذا فإنه لفلان فهو كما قال، ولو قال هذا العبد وهذا العبد لفلان إلا الأول فإنه لي فلا يصدق والعبدان جميعا لفلان في قوله الآخر. وفي قوله الأول، وقول أهل العراق أنه مصدق، ولو قال: هذا العبد لفلان وهذا العبد لفلان إلا نصف الأول فإنه لفلان فإنه كما قال لأن الكلام متصل في إجماعهم. / وكذلك وإلا نصف الآخر فهو لفلان فهو كما قال.
ولو قال: هذه الحنطة والشعير لفلان إلا كرا من هذه الحنطة فإنه لفلان، فهو مصدق إذا كانت الحنطة أكثر من الكر، وكذلك هذه الفضة والذهب لفلان إلا نصف الذهب فإنه لفلان، أو قال: هذه الدار لفلان وهذه الأرض لفلان إلا
[9/ 171]

(9/171)


نصف الدار فإنه لفلان فإنه مصدق في ذلك كله، وإن قال: علي الف درهم أقرضنيها فلان ثم قال لا بل فلان فعليه لكل واحد منهما ألف، وكذلك في الغصب والوديعة، فأما الوديعة إن كانت بعينها فإنه يدفعها إلي الأول ويغرم للآخر مثلها، والصحيح والمريض في هذا سواء.
ولو أقر بذلك في الصحة ثم قال في المرض لا بل لفلان فإنهما يتحاصان في ماله فإن لم يترك غير ألف درهم فهي بينهما نصفين.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا أقر في عبد في يديه أنه بينه وبين فلان ثم قال بعد ذلك هو بيني وبين فلان آخر ثم قال: بعد ذلك هو بيني وبين فلان آخر ثم قال: هو بيني وبين ثالث فقيل إنه يكون [للأول] (1) نصف العبد وللثاني نصف النصف الذي بقي له وللثالث نصف الربع الباقي له فيبقي له ثمن العبد.
قال سحنون: وقد سمعت بعض أصحابنا يقول فيها: يكون للثاني نصف العبد الذي بقي وللثالث قيمة نصف العبد لأنه أتلفه عليه بإقراره، ولو أقر بالعبد كله لرجل ثم اقر به للآخر فهو للأول ولا شئ للآخر.
قال أشهب: إلا أن / يدفعه إلي الذي أقر له آخراً فليعزم للأول قيمته، ولو قال: فلان أودعنيه ثم قال فلان آخر اودعنيه فهو للأول ويضمن للثاني قيمته، وكذلك الغصب والعارية لأنه أتلفه للثاني.
ولو قال: أودعني فلان نصف هذه الدابة ثم قال: أودعني فلان لآخر نصف هذه الدابة ثم أقر بذلك للثالث فليضمن للثالث نصف قيمتها والدابة بين الأولين.
من العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن أقر لرجل بعبد ثم أقر به لرجل آخر، قال: فالعبد للذي أقر له به أولا وعليه للثاني قيمة العبد قال ولا يمين عليه لهما. قال عيسي إلا أن يدعيه الثاني, فإن ادعاه فله اليمين علي المقر له أولا
[9/ 172]
__________
(1) للأول ساقطة من الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 14: 167.

(9/172)


فإن حلف فالعبد له وكان للثاني علي المقر قيمته وإن نكل المقر له أولا عن اليمين حلف المقر له أولا عن اليمين حلف المقر له آخرا وكان العبد له، ولو لم يكن علي المقر شئ.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: ومن قال اكتريت هذه الدار من ربها فلان بكذا وكذا أو كذا سنة وصدقه فلان ثم قال ما هي لفلان بل هي لفلان آخر منه اكتريتها فليؤد جميع الكراء إلي الأول وتكون له الدار بعد المدة ويغرم للثاني جميع الكراء وقيمة الدار يوم تمام المدة علي ما يكري به يومئذ من تغير أو غيره لأنه أقر أنه أكراها منه هذه المدة، ولم لم يكن صدقه أنه أكراها منه لكان له قيمتها يوم أقر له بها ولا كراء له عليه، وكذلك في البعير يقر أنه اكتراه من زيد إلي مكة بكذا ثم يقر أنه لعمرو ومنه اكتراه بهذا الكراء فإن صدقه عمرو أخذ / الكراء وقيمة بعيره يوم يرجع من مكة ولا يضمنه إن هلك في الطريق ويغرم من الكراء لكل واحد بعدد ما سار إلي أن أعطب فإن سلم فالبعير للأول وله كراؤه كاملا [. وكذلك للثاني مع قيمة البعير. قال محمد بن عبد الحكم] (1) وكذلك في العبد يكريه سنة ثم يمرض في بعضها علي هذا السؤال في الدار والبعير فإنما يلزمه لكل واحد من الكراء إلي ذلك الوقت ويرجع للثاني قيمة العبد أو الدار يوم يأخذ ذلك الأول علي ما بالدار من هدم وبالبعد من المرض إذا فسخ الكراء ولو أن الأول صدق المقر في إقراره للثاني لرد عليه ما أخذ من الكراء وأخذ الثاني الدار والعبد والبعير بعد المدة، ولو قبض العبد المقر له أولا بعد الأجل فمات بيده ثم أنه صدق المقر في إقراره للثاني فليغرم له قيمته يوم قبضه إن لم يكن أخذها [من المقر ورد ما أخذ من الكراء علي المقر وهو مخير إن شاء أخذ القيمة من المقر أو من هذا] (2) المقر له أولا الذي صدقه فإن رجع بها علي المقر رجع به المقر علي الأول.
ومن بيده شاة فقال: فلان دفعها إلي وأمرني بذبحها ثم قال بل فلان دفعها إلي وأمرني بذلك وكلاهما صدقه وقد ذبحها فليأخذها الأول مذبوحة ويغرم للثاني قيمتها مذبوحة، ولو كان طائر علي هذا السؤال فأفلت منه قبل ذبحه فلا ضمان
[9/ 173]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ.

(9/173)


عليه لواحد منهما، وكذلك لو قال: إنما أمرني كل واحد بإطلاقه ففعلت فلا ضمان عليه أو كان ديناراً فقال أمرني بصدقته ففعلت أو غصب مني لم يضمن لأنهما صدقاه ولم يتعد، ولو أمره كل / واحد منهما برده إليه فذهب ليأتي به فطار فلا شئ عليه وإنما كان يرده علي الأول ويغرم للثاني قيمته طار من يد الأول أو لم يطر.
ولو ذبحه بعد أن نهياه عن ذبحة ضمن لكل واحد قيمته، فإن قال الأول أن آخذه مذبوحا وما نقص الذبح فذلك له ويغرم للثاني قيمته وللأول أن يغرمه قيمته حياً ثم للثاني أخذه مذبوحا وما نقصه الذبح أو قيمته حياً، ولو قال: دفع زيد هذه الدابة إلي وأمرني بدفعها إلي ابنه ببرقة، ثم قال بل فلان أمرني بذلك فذهبت بها إلي برقة فهلكت فلا شئ عليه.
ومن سماع عيسي عن ابن القاسم وفي بعض الكتب من سماع حسين بن عاصم قال ابن القاسم فيمن أقر بعبد في يده لرجلين قال غصبتكما إياه أو غير غصب وقال كل واحد منهما بل هو لي خاصة ولا بينة لواحد منهما قال: يحلف المقر أنه ما يعلمه لواحد منهما خاصة فإن حلف برئ ولا شئ عليه لواحد منهما ويرجع هذا فيحلف كل واحد منهما أنه له خاصة دون صاحبه، فإن حلفا بقي بينهما نصفين وإن نكل المقر عن اليمين حلف كل واحد م هذين أنه له خالصاً، فإن حلفا غرم لهما قيمته فكانت بينهما نصفين (بعد العبد) وإن نكلا مع النكول المقر لم يكن لهما غير العبد وإن نكل أحدهما ونكل المقر فإن العبد كله لمن حلف ولا شئ لهما علي المقر الناكل، ولو أتي غيرهما فادعاه فإن كان خليطا للمقر حلف ما له / فيه شئ فإن حلف برئ وإن نكل حلف المدعي فإن حلف غرم له قيمة العبد وإن لم يحلف المدعي فلا شئ له وإن لم يكن خليطاً فلا يمين عليه ولا شئ، قال: وكذلك في الدنانير لو اقر في مائة دينار انها بينهما فادعاها كل واحد لنفسه، قال: ولو أن الذي أقر لهما بالعبد ادعاه أحدهما وقال الآخر ما ادري صحة قوله إنما أقر لي بشئ فقبلته قال يحلف هذا انه ما يعرف هذا الذي أقر له به هل هوله أم لا فإن حلف فله نصف العبد، ويقال للمقر
[9/ 174]

(9/174)


احلف انك ما تعلمه لهذا الذي ادعاه خالصاً فإن حلف برئ وكان العبد بينهما نصفين، وإن نكل حلف مدعيه انه له ورجع علي المقر بنصف قيمته وبقي العبد بينه وبين الآخر، ولو نكل الذي قال ما أعرف صدق ما قال حلف مدعي العبد وكان له جميعه ولم يكن علي المقر يمين ولا غرم.
قال أبو محمد: وفي باب إقرار المضارب شئ من معاني هذا من الإقرار لرجل بشئ ثم يقر به لغيره، ونحوه. [والله أعلم بذلك وأحكم] (1).

فيمن قال لفلان عندي عشرة دنانير
ولي عنده خمسة أو أوصي له بعشرة علي هذا
روي عيسي عن ابن القاسم عن مالك، وذكره عنه سحنون قيمن قال عند موته لفلان عندي عشرة دنانير ولي عنده خمسة فانكر المقر له بالعشرة أن كيون عليه شئ فإنه يأخذ العشرة من تركته وعلي الورثة اليمين في الخمسة أنها عليه / وإلا حلف.
ولو قال لفلان من مالي عشرة دنانير وصية مني له ولي عليه خمسة دنانير فأنكر فلان الخمسة فإنه ليس له ان يأخذ من الوصية إلا خمسة لأنه لم يوص له إلا بخمسة حين قال عليه خمسة.

فيمن أقر فقال (2) لفلان علي ألف درهم
لا بل ألفان (3) أو لا بل خمسمائة
أو أقر بالإقتضاء للدين علي هذا الوجه
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: ومن قال لفلان علي ألف لا بل ألفان لزمه ألفان فإن قال لا بل خمسمائة فإن كان في نسق واحد قبل قوله وإن
[9/ 175]
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) فقال ساقطة من الأصل.
(3) في النسخ كلها بل ألفين، والصواب ما أثبتناه

(9/175)


كان بعد أن سكت فلا يصدق وكذلك: له علي درهم لا بل نصف درهم، أو قال درهم أبيض لا بل أسود ويحلف في ذلك كله وكذلك كر لا بل نصف كر وكان كلامه نسقاً.
وقال غيرنا: إذا قال له علي مائة درهم لا يل مائتان فالقياس أن عليه ثلاثمائة ولكنا ندع القياس ونستحسن أن عليه مائتين، قال محمد: وكيف يجوز ترك القياس لغير أثر ولا سلف.
قال محمد بن عبد الحكم: إن قال له علي درهم بل درهمان لزمه درهمان.
وقال ابن سحنون: وإن قال علي درهم لا بل دينار فهذه زيادة فهذه زيادة وعليه دينار ويسقط الدرهم.
وقال غيرنا: يلزمه دينار ودرهم، وقد قالوا: إن قال له علي درهم أبيض لا بل أسود أنه يلزمه أفضلهما فقط فليزمهم أن يبطلوا الدرهم.
وإن قال: علي كر حنطة لا بل كر شعير ففيها قولان: أحدهما أن يلزمه كر شعير / ويحلف وكأنه استثناء في نفس (1) الإقرار، والقول الآخر وهو قول غيرنا: يلزمه الكران، وإن قال له: علي درهم زائف لا بل جيد فله الجيد في إجماعنا، وهذا عندنا زيادة في الإقرار، وكذلك قوله مختوم من دقيق ردئ لا بل حواري (2) فله حواري في إجماعنا فإن قال له علي رطل من بنفسج لا بل من خيري (3) وادعي الطالب الصنفين فعليه رطل خيري فإن كان هو أفضل فهو زيادة في الإقرار وإن كان أدني استثناء في نسق الكلام، وفي القول الآخر له الصنفان جميعا، وكذلك قوله له علي رطل سمن غنم لا بل بقر علي اختلاف القولين، فأما إن قال له علي رطل سمن ردئ لا بل جيد فعليه رطل جيد فقط في إجماعنا، فإن قال: لزيد علي ألف لا بل لعمرو ألف فعليه لكل واحد ألف في
[9/ 176]
__________
(1) في التسخ كلها في نقض الإقرار ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) الحواري بالضم وتشديد الواو مقصور: ما حور من الطعام أي بيض وهذا دقيق حواري.
(3) الخيري نبات ذو زهر عطر وهو المعروف بالمنثور الأصفر.

(9/176)


إجماعنا، وكذلك لو قال: لا بل لمكاتبه ألف أو لعبده المأذون فإن عليه ألفين لكل واحد ألف كان المأذون، عليه دين أو لا دين عليه.
وقال غيرنا: إن لم يكن عليه دين لم يلزمه إلا ألف وقد جامعونا في المكاتب بينهما (1).
فإن قال له: علي ألف ثمن جارية باعنيها ثم قال لا بل فلان باعنيها فإن ادعاها فلان لنفسه فعليه لكل واحد منهما ألف وإن لم يدعها الثاني لنفسه وأقر بها للأول فهي ألف واحدة تكون للأول، ومن لك عليه عشرة دراهم بيض وعشرة سود فأقررت أنك قبضت منه درهما أبيض ثم قلت لابل أسود وقال الطالب: قضيتك درهما من كل صنف فإنه يلزمه درهم واحد من السود مع يمينك.
/ قال سحنون: وإن كان لك صكان؟ علي رجل كل صك بمائة فقلت قبضت منه عشرة دراهم من صك كذا لا بل من صك كذا فلا يلزمه إلا عشرة تجعلها من أي صك شئت، فإن كان أحدهما بحمالة والصك الآخر بغير حمالة فقلت أنت قد قبضت عشرة من صك الحمالة لا بل من الصك الذي بلا حمالة لم يلزمك إلا عشرة مع يمينك ولا ينظر إلي قول المطلوب إنها عشرون. فإن قال الكفيل هما مما أتي به كفيل لزمك أن تبرئه من حمالة عشرة وكذلك لو بدا فقال: أخذتها من الصك الذي لا حمالة فيه ثم قال لا بل من صك الحمالة وأما لو قال: قبضتها من الصك الذي لا حمالة فيه لابل قبضتها من الحميل من صك الحمالة والحميل يدعي ذلك والمطلوب يدعي أنه دفع أيضا إليه عشرة فها هنا يلزمه عشرون مع يمينه الغريم والحميل، ولو كان بكل صك حميل فقال قبضت من الغريم عشرة من صك كذا لا بل من الصك الآخر فإنما تلزمه عشرة يجعلها من أيهما شاء مع يمينه انه إنما قبض عشرة واحدة ولكن إن ادعي ذلك حميل لزمه أن يبرئ كل واحد من حمالة عشرة ولا يبرأ الغريم إلا من عشرة واحدة، ولو قال: قبضت عشرة من فلان الكفيل عن حمالة لابل من الكفيل الآخر من كفالته. فها هنا يلزمه عشرون.
[9/ 177]
__________
(1) بينهما ساقطة من الأصل.

(9/177)


وأما إن كان له عليك صك بمائة درهم وعشرة دنانير فقال: قد قبضت منه دينارا لابل درهما والطالب يدعي الدرهم والدينار ففيها قولان: أحدهما أنه مصدق مع يمينه، والقول الآخر / يلزمه دينار ودرهم، وكذلك كل ما اختلف من النوعين علي هذا مثل حنطة وشعيرة والكيل والوزن.
وإذا كان له علي رجلين مائة درهم علي كل واحد، وكانا في صك أو في صكين وكل واحد حميل بها علي الآخر فقال: قبضت من هذا عشرة لا بل من هذا فإنه يلزمه لكل واحد عشرة إذا ادعياها وكذلك لو كفل بها رجل واحد: ومن له علي رجل ألف درهم فقال: قد دفعت إلي فيها مائة قال بل بعثتها إلي مع غلامك، وقال المطلوب هما مائتان فلا يلزمه إلا مائة واحدة عندنا وعند أهل العراق مع يمينه، ولو قال: قبضت منك منها مائة، وقال المطلوب: وعشرة بعثتها إلينا مع فلان وثوبا بعثته لك بعشرة، فقال الطالب: صدقت ولكن دخل ذلك في المائة التي قلت لك فهو مصدق مع يمينه في إجماعنا.
[ولو كان ذلك بحميل] (1) فقال قبضت منك منها مائة لا بل من كفيلك وكلاهما يدعي ذلك فإنه يلزمه لهما قبض ما تبقي مع أيمانهما.
وقال غيرنا لا يمين عليهما لأنه أقر لهما وليس بالقياس لأنه قد جحد أحدهما بما تبين لك بعد ذلك.
تم الجزء الأول من كتاب " الإقرار"
بحمد الله وعونه (2)
[9/ 178]
__________
(1) كذا في الأصل، والعبارة في النسخ الأخري " ولو كان له بها كفيل".
(2) هنا يتم الجزء الأول من الإقرار إلا في ف فإنه سيتم بعد أربعة أبواب.

(9/178)