النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

 (بسم الله الرحمن الرحيم)
عونك اللهم

كتاب الجزء الثاني من المديان والتفليس
فيمن ابتاع طعاما فلم يقبضه حتى مات البائع وقام غرماؤه
قال ابن حبيب ك قال ابن القاسم عن مالك فيمن ابتاع من رجل طعاما عنده، ونقده الثمن، ثم ذهب ليأتي بمركب يحمل فيه، فمات بائعه وقام غرماؤه، فالمبتاع أولى منهم بطعامه، قال أبو محمد: يعني وكذلك لو ابتاع على الكيل فلم يكتله حتى مات بائعه، فالمبتاع أحق به وتكتاله، ولا حصاص فيه، لأنه ليس في الذمة ويتبين لو هلك هذا الطعام قبل ذلك ببينة بأمر من الله أن البيع ينتقض ويصير المشترى أسوة الغرماء في الثمن إذا لم يعرف بعينه.
فيمن باع سلعة فتحول عن حالها بحادث أو غير حادث أو يحدث فيها المبتاع صنعة أو رهنا، أو يكون عبدا فيأبق، أو يجني ثم يفلس المشتري في ذلك كله
ومن كتاب ابن حبيب:/قال مطرف عن مالك فيمن باع أمة فعميت أو اعورت بغير جناية، ثم فلس فإما أخذها البائع بجميع حقه أو يدعها ويحاص، وكذلك في كتاب ابن المواز، قال مطرف: ولو كان ذلك بجناية جان فنقصها
[10/ 59]

(10/59)


نصف قيمتها، فللبائع أخذها بنصف حقه إلا أن يعطيه الغرماء نصف حقه، أو يسلمها ويحاص الجميع، قال مالك: وكذلك الثوب يخلق، أو يتوهى، أو يدخله فساد فهو كالأمة تعور، وقاله ابن الماجشون، وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وابن عبد الحكم، وأصبغ، قالوا: إلا أن يكون ما دخل من البلى والفساد فاحشا جدا، قال ابن الماجشون: فلا يكون له أخذه، قال ابن القاسم، وأشهب: ولا خيار لصاحبه في أخذه وأخذه ما نقصه، ولكن يضمنه المتعدي بقيمته، ويسلمه إليه.
قال مطرف عن مالك: وإذا وجد الثياب قد قطعت، قال ما أدي لو كانت جلودا فقطعت نعالا كان ذلك له فوتا فإذا تفاوت الشيء هكذا فلا أرى له شيئا، وأما شيء متقارب لم يأت فيه فوت، فإنه أحق به قاله أصحاب مالك، وذكر مثله ابن المواز عن مالك، والجلود تقطع نعالا، من رواية ابن وهب.
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب: قال مالك فيمن اشترى عرصة فبناها دارا أو عدلا فنسجه ثم فلس، فإن للبائع أن يكون شريكا للغرماء بقدر قيمتها من قيمة البنيان، وكذلك الغزل، وكذلك في العتبية عن زيد عن ابن القاسم، قال ابن حبيب:/وقال أصحاب مالك كلهم: قال مالك في كتاب ابن المواز: ولو اشترى جلودا فقطعها خفافا لم يكن أحق بها، وهذا فوت، وكأنه ليس بعين شبه، بخلاف العرصة تبنى، وقال أصبغ، ورواه عن ابن وهب عن مالك.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: ومن اشترى زبدا فعمل سمنا، أو ثوبا فقطع قميصا، أو ظهارة، أو خشبة فعمل منها بابا أو تابوتا، أو كبشا فذبح، أن ذلك كله فوت، وليس لبائعه غير المحاصة بخلاف العرصة تبنى والعزل ينسج، لأن هذا عني شبه قائم زيد فيه غيره.
قال ابن المواز: وأما الجلد يدبغ، والثوب يصبغ، فإنه يكون البائع شريكا فيه، ويكون الغرماء معه شركاء بقد ما زاد الصبغ والدباغ، وقال أصبغ عن ابن
[10/ 60]

(10/60)


وهب أنه قال: إن ذلك فوت، ثم رجع إلى هذا وقال ابن القاسم: يكون العامل شريكا بقيمة الصبغ وبقيمة النسخ في الغزل.
وقال في الصباغ يسلم الثوب إلى ربه، ثم يفلس ربه: أن الصباغ أن يكون شريكا في الثوب بما زاد فيه الصبغ.
ومن كتاب ابن المواز: وإن اشترى قمحا فزرع لم يكن البائع أولى به، ولو طحن ما كان أولى به، قال أشهب: وإذا فلس وقد دفع ثوبا إلى قصار أو صباغ يعمل، فقام بائعه بعد فراغه، فله أخذه من الصانع بعد أن يعطي أجره، ويحاص الغرماء بما أعطاه يقوم مقام الصانع، قال محمد: لا شيء له مما فداه به وإن أسلم إليه الغرماء، وليس له إلا ثوبه زاده الصبغ غأو نقص كالعبد يجني عنده ثم يفلس فيفديه/بائعه فلا يرجع بشيء مما فداه به، ولو وجد سلعته مرهونة، فالبائع مخير أن يدعها، أو يحاص، أو يفديها ويأخذها بالثمن كله زادت أو نقصت، ويحاص بما فداها به، ففرق محمد عن أشهب بين الجنابة والرهن، وهو صحيح، لأنه في الجنابة لم يتعلق بذمة المشتري شيء يلزمه، ثم ذكر في نسقه سببا كأنه يخالف هذا في الجنابة فتركته.
ومنه ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك: ومن اشترى عبدا بثمن مؤجل، فرهنه، ثم فلس، فبائعه مخير إما فداه وحاص الغرماء بما دفع إلى المرتهن، وإلا أسلمه وحاص بثمنه كله مع الغرماء في فضل ثمنه بعد افتكاكه، وفي سائر مال المفلس، فإن فداه من المرتهن فالغرماء بالخيار، إن شاؤوا أسلموه إليه، وإن شاءوا أعطوه ثمنه ثم حاصهم فيه وفي غيره بما فداه به، قال في كتاب ابن المواز: ولو لم يرهنه ولكن جنى، فالغرماء مخيرون إما فدوه بدية الجناية وبثمنه الذي لبائعه، ثم يبيعونه فيستوفون من ثمنه دية الجنابة، فإن عجز عنها لم يكن لهم من بقية الجنابة شيء، وإن فضل بعد تلك الجناية شيء فذلك بين غرمائه من دينهم الأول، وإن مات العبد أو نقص بعد أن فدوه فلا شيء على المفلس مما فدوه به من مثل
[10/ 61]

(10/61)


الجناية وحدها، قال: وإن شاءوا افتكوه من بائعه بالرهن، ومن المجروح بدية جرحه وبزيادة على دية الجرح شيء من دينهم ليكون العبد لهم رقا، فذلك لهم، وإن مات إن دينهم عليه/إلا الزيادة التي زادوها على دية الجرح يحطوه عن الغريم.
وروى أبو زيد وعيسى عن ابن القاسم في العتبية، وهو في كتاب ابن المواز فيمن باع عبدا فأبق عن المشتري ثم فلس فطلب البائع أن يحاص بثمنه على أنه إن وجد العبد أخذه ورد ما حاص به، فليس له ذلك. إما أن يرضى بطلب العبد ولا شيء له غيره، وإلا فليحاص - إن شاء - الغرماء أن يدفعوا إليه الثمن، قال ابن حبيب: قال أصبغ عن أشهب، قال: وليس سوى الآبق فيه ترك المحاصة، ويقول: أن أطلب عبدي، فذلك له، فإن وجده فهو أحق به، وإلا رجع فحاص الغرماء.
وقال: قال مالك فيمن باع تمرة حائطه في رؤوس النخل ثم فلس المبتاع بعد أن تيبس، فأراد البائع أخذه بحقه، قال: لا خير فيه، وأجازه أشهب، واختلف قول مالك فيه في العتبية، وقال أصبغ بقول مالك في النهي عنه، قال ابن حبيب: وذهب أصبغ في الآبق إلى أن بائعه ليس له أخذه بثمنه، وبه أقول.
وقال ابن الماجشون: ومن أعرى حائطه سنين ثم فلس، فلا يباع حتى يتم سنوه، ولو كان ساقاه بيع الحائط على أن هذه مساقاة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن باع عبدا ففلس مشتريه بعد أن باعه فحاص البائع بمثنه، ثم رد بعيب، فقال البائع الأول: أنا آخذه وأورد ما أحدث، فذلك له، وإذا وطئ المشتري الأمة ثم فلس فللبائع أخذها، وليس الوطء فيها فوتا وهو يفيت الإعتصار، وفوت في هبة الثواب.
[10/ 62]

(10/62)


فيمن رد سلعة بعيب، أو بفساد بيع
فلم يقبض/ثمنه حتى فلس بائعه فوجدها، هل يأخذها؟
أو بائع أخذ سلعته في التفليس ثم وجد بها عيبا
من كتاب ابن المواز: قال القاسم في المشتري يرد العبد بالعيب، فلم يقبض يمنه م البائع حتى فلس والعبد بيده، فلا يكون الراد له أولى به.
قال مالك في المشتري يفليس وقد نقد بعض ثمنها ورد البائع ما قبض وأخذها، ثم وجد بها عيبا. يريد: مما حدث عند المبتاع، فله ردها ويحاص أو يحبس ولا شيء له، قال محمد: لأنه لا يعرف ما كان رد من الثمن بعينه، ولو عرف بعينه مثل أن يكون طعاما أو كتانا أو غيره فيكون أ؛ ق به ويحاص بما بقي له من ثمنها فيها وفي غيرها، قال أبو محمد: أنظر قول محمد وتأويله، ولم لا يأخذ ما رد وإن لم يعرف بعينه، كما لو بيع على المفلس عبد فاقتسموا ثمنه، ثم رد بعيب.
قال ابن القاسم في المكاتب يعجز ثم يرد عليه عبد باعه بعيب وعليه دين، فقال الغرماء للمشتري: إن رددته دخلنا معك فيه، فذلك لهم، إلا أن يتمسك به، وهذه في المدونة وذكر مسألة المقارض يتعدى، ثم يأتي بسلع وعين، وذكر مثل ما في المدونة وزاد محمد قال: وذلك إذا عرف أنها من القراض.
قال أبو زيد فيمن عليه مائة إردب قمح من بيع فابتاع البائع مائة إردب بصفة ما عليه، وأحال بها مبتاعه فقبضها قبل يستوفيها مبتاعها، وكان مبتاعها حلف له بالطلاق ليوفين حقه. فقد برئ في يمينه ويفسخ قبض المحلوف له/والأول أحق به، قال محمد: لأنه يعينه له، ولم يفت، وإذا رد غرم الحالف ما عليه، فكان بين غرماء المحلوف له.
قال ابن الماجشون: ومن ابتاع سلعة من رجل بيعا فاسدا بنقد أو بدين له عليه، ثم فلس البائع قبل فوت السلعة، فإنه يرد البيع ويرجع السلعة إلى المفلس بين غرمائه، إلا أنه إن باعها بنقد فمبتاعها أحق بثمنها حتى يستوفي حقه، وإن
[10/ 63]

(10/63)


أخذها بدين دخل مع الغرماء في ثمنها، لا أنه كان له هدين كدينهم فرجع إلى ما قد كان، قال محمد: وهما عندنا سواء إلا أنه إذا نقص البيع في النقد فإن وجد ثمنها بعينه كان أحق به، وكذلك فيما رد بعيب، وإن لم يجده بعينه كان إسوة الغرماء إن اختار الرد، ولو جعلت في النقد أحق بثمنها، وإن لم يجده بعينه، لكان له ذلك في اشترائه إياها بدين.
قال سحنون في كتاب ابنه فيمن اشترى سلعة شراء فاسدا، ففسخ البيع وقد فلس البائع، قال: فالمبتاع أحق بالسلعة حتى يستوفي ثمنها، وقال ابن المواز: لا يكون أحق بها.
قال ابن المواز: وقال ابن القاسم فيمن تكفل عن رجل بألف درهم، فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم لتكون الألف له، فذلك حرام، والحمالة على حالها، ويرد الطالب المائة على الكفيل ليس له حبسها من الألف، قال أصبغ: إلا أن يكون ليس على الكفيل دين والمطلوب غائب أو معدم، يريد: حبسها.
/قال أصبغ عن ابن وهب فيمن حبس عليه ثوب فرهنه فليرد، وينقص رهنه، ويتبعه الطالب بدينه، فإن كان الرهن دارا أو دابة أكريت، وكان المرتهن أحق بكرائها من الغرماء حتى يستوفي حقه، قال محمد: والصواب عندي أن المرتهن إن شرط عليه ارهنا فالرهن جائز فهيا ما دام المحبس عليه حيا، فإذا مات رجعت إلى من إليه مرجعها، وإن لم يكن اشترط الغلة رهنا فالرهن باطل، وكذلك كل ما ليس له غلة من الأحباس فرهنه باطل.
[10/ 64]

(10/64)


في العين هل يكون دافعه أولى به
إذا وجده في تفليس قابضه؟
أو وجد ما اشترى به في بيع أو كراء أو قرض
من العتبية: روى سحنون عن أشهب في قوم اكتروا إبلا ودفعوا الثمن ثم فلس الجمال ووجدت دنانير أحدهم بيد الجمال بعينها يشهد عليها: أن دافعها لا يكون أحق به، بخلاف السلع، ولو كانوا أخذوا عليه حميلا فدفعوا إلى الجمال الكراء إلا رجل منهم دفع إلى الحميل ونفى الجمال ذلك، فإن الدافع لا يدخل عليه في ذلك أصحابه، وإن كان قبضه بأمر الجمال فالمال الذي بيد الحميل بين جميع الغرماء، وقد روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن أسلف رجلا مالا فاشترى به سلعة، ثم فلس فقام المفلس مع الغرماء فطلب أخذ السلعة التي اشتريت بماله، فليس ذلك له، وهو أسوة/الغرماء.
وفي باب التحاص في مال المفلس في ذكر الصداق بعينه يوجد بيد الزوجة وقد فلست.

فيمن باع أمة أو غنما فولدت ثم فلس
وكيف إن وجد الولد دونها؟
أو بيع الولد، أو بيعت دونه أو مات أحدهما
من كتاب ابن المواز: قال مالك، وذكره عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن باع أمة ثم فلس المشتري وقد ولدت، وباع الولد، فإن شاء أخذها بجميع الثمن وإما تركها وحاص بثمنها كله، وكذلك إن كانت غنم أو رمكة فيبيع نتاجها فليس له في الولد شيء، وكأنه غلة، قال: وإن وجد الأولاد وقد باع الأمة، قسم الثمن على الأمة وولدها، فأخذها الأولاد بحصتهم من الثمن، ويحاص بما أصاب الأم من الثمن، قال يحيى بن عمر: مسألته إذا وجد الأم وقد بيع الولد،
[10/ 65]

(10/65)


رواية ابن القاسم عن مالك، وإذا وجد الولد وقد بيعت الأم من رواية ابن وهب عن مالك، قال سحنون: لا أدري ما هذا؟ قال مالك في الكتابين: ولو ماتت الأم وبقي الولد، أو مات الولد وبقيت الأم فليس له أخذ الباقي منهما إلا بجميع الثمن، أو يترك ويحاص، قال محمد: إذا ولدت عند المشتري فإن كان قبض شيئا من الثمن رده وأخذ ما وجد بالثمن كله، قاله مالك.
ومن كتاب ابن حبيب: وذكر مثل ما ذكرنا كله عن أصبغ عن ابن القاسم، وقال: قال ابن القاسم: ولو قتل أحدهما فأخذ له عقل وبقي الآخر كان/مثل البيع سواء، وإن لم يؤخذ له عقل فسبيله سبيل الموت، ولو باعها بولدها كانا كسلعتين بيعتا في صفقة في وجود ما وجد منها، وذكر مثله كله ابن وهب عن مالك، وقاله أشهب، قال ابن القاسم: ولو ولدت الأمة ثم ردها بعين فذلك بخلاف التفليس، هذا وإن باعها ردها مع أيمانهم، وإن مات ولدها ردها بغير شيء إلا أن ينقصها الولد نقصا بينا، وإن باع الأم وبقي الولد ثم ظهر على عيب، لم يرجع بشيء إلا أن يرجع عليه، فيكون مخيرا كما ذكرنا في الزيادة والنقصان، قال أصبغ: إن تولدت الغنم فله أخذها بأولادها أو يتركها، وتكلم فيها إذا وجد الأم أو الأولاد مثل ما تقدم في الأمة، وروي مثله عن ابن وهب عن مالك والليث.

فيمن فلس وقد ابتاع عبدا بماله فهلك العبد وبقي المال، أو هلك المال وبقي العبد أو كانت غنما فجز صوفها، أو نخلا فجد تمرها، ثم فلس أو رد ذلك بعيبه
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم، ومثله في كتاب ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في رجل ابتاع عبدا بماله بدين إلى أجل ففلس مشتريه وقد مات العبد وبقي ماله، فليس للبائع أخذ المال وهو أسوة في مال العبد مع سائر مال المفلس، وإن كان مال العبد رقيقا وعروضا وقد قال مالك: إذا ذهب
[10/ 66]

(10/66)


مال العبد في الثلاث أنه لا يرده،/بذلك، قال: ولو هلك المال وبقي العبد ثم فلس مشتريه فسواء هلاك المال بانتزاع من السيد، أو استهلاك منه أو من العبد، فالبائع مخير إن شاء أخذ العبد ولا شيء له غيره، أو يدعه ويحاص بالثمن، إلا أن يدفع إليه الغرماء الثمن ويأخذوا العبد فذلك لهم، قال ابن القاسم: وإن وجد به عيبا وقد ذهب ماله رده ولا شيء عليه من المال إلا أن يكون ينزعه منه فليرده معه، وكذلك لو كان ما انتزع منه إنما اكتسب عند المبتاع فلا يرده إلا بماله، قال في كتاب ابن حبيب: وما وهب له السيد ثم انتزعه فليس عليه رده في رده بالعيب، وله أن ينتزعه في حين رده بالعيب.
ومن كتاب ابن حبيب وابن المواز: قال ابن القاسم: وإن اشترى غنما عليها صوف، - قال في كتاب ابن حبيب عن أصبغ - قد حان جزازه فجزه ثم فلس، يريد: وقد فات الصوف فلينظركم كان قدر الصوف من الرقاب إلى ما باعه إن باعه فيأخذ غنمه بحصتها بلا صوف، ثم يحاص الغرماء بما دفع الصوف من الثمن، إلا أن يشاء الغرماء أن يعطوه ما قابل الغنم ويحاص بقيمة الصوف من الثمن، وكذلك الأصول كلها يشتريها وفيها ثمر قد طاب، قال في كتاب ابن حبيب: قد أدبر وكذلك الدار لها الغلة قد حلت فاشتراها مع غلتها بما يجوز به البيع، إن كانت عينا اشتراها بعرض، وإن كانت عرضا بعين، قال في كتاب ابن المواز: أو عبدا اشتراه/بغلته التي قد حلت فهو كما ذكرنا في الغنم يجز صوفها، قال أصبغ في كتاب ابن حبيب: ولو كان الصوف الذي حز منها عنده فللبائع أخذها مع صوفها، أو يترك ذلك ويحاص بجميع الثمن، ولو شاء أخذها مع صوفها فطلب الغرماء أن يعطوه الثمن ويبقوا ذلك، للغريم نماؤه وعليه ثواؤه فذلك لهم، ويباع ويتخلص في ثمن ذلك وغيره من ماله. قال أصبغ: وإن لم يفلس ولكن ردها بعيب فليرد مكيلة الثمرة التي أخذ يابسة، أو يقاصه بقيمتها إن جدها رطبة، وأما في رد الغنم أو الدار بعيب فلا بد أن يرد معها مثل الصوف التي جز وغلة الدار التي اشترى معها، وهذا إن كان ذلك تبع وإلا.
[10/ 67]

(10/67)


فيمن اشترى ماله غلة من غنم أو نخل أو ربع أو حيوان فاغتله، ثم فلس وطلب بائعه أخذه ما الحكم في الغلة؟ وكيف إن رد بعيب؟
من العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم، ومثل معناه في كتاب ابن المواز، وذكر نحوه ابن حبيب عن أصبغ وما/اشترى من نخل لا تمر فيها، أو غنم ليس عليها صوف، أو در، أو عبد لم يحل فيه غلة فاغتل ذلك سنين، واكتسب العبد مالا فانتزعه ثم فلس المبتاع فليس للبائع فيما اغتل المبتاع وانتزع شيء، إن اختار أخذ السلع من غنم ونخل وغيرها فليأخذها وحدها، وإلا تركها وحاص الغرماء، ابن حبيب: كانت الغلة عنده أو قد فاتت وإذا كان في النخل يوم يأخذها ثمرة قد طابت فهي بيع للغرماء، وكذلك ما حل من غلة دار، وأما ما كسب العبد فله أخذه بما كسب عند المبتاع والغنم بما عليه من صوف قد تم إلا أن يعطيه الغرماء دينه، والفرق بينهما: أن مشتري الغنم عليها صوف لا يذكره، ويكون للمبتاع ولا يكون له مأبور الثمر.
قال العتبي، وقد قال مالك في كتاب آخر: إذا بقيت النخل ولا تمر فيها، ثم فلس وفيها تم أن للبائع أخذها بتمرها، ومن كتاب ابن المواز: وذكر ابن المواز اختلاف قول مالك أنه قال مرة: لا يأخذ الغلة، ثم رجع فقال: يأخذها ما لم تفارق النخل، فإن جدت فلا يأخذها، وأما مال العبد الذي أفاده عند المشتري فانتزع منه، فإن البائع يأخذه به إذا أخذ العبد، وقاله أصبغ، وقال: وأما الصوف والتمر إذا كان فيهما يوم اشترى فهما شيئان كالسلعتين يقع الثمن عليهما، كما لو استحق أحدهما لفض الثمن عليها، ويرجع/بقدر ذلك، قال محمد: فإذا أخذ ذلك المشتري وقد كان يوم الشراء فيها ترم قد أزهى وعلى الغنم صوف قد تم، فللبائع قيمة ذلك عن ابن القاسم، وإن لم يجد الثمرة ولا جز الصوف فهو للبائع ما لم تيبس التمرة.
[10/ 68]

(10/68)


قال ابن القاسم: قوله الأول هو القياس، والثاني هو الاستحسان، وهو أحب إلي، وقاله أصبغ، وقال مالك: ما دامت الثمرة في رؤوس النخل لم تجد ولم تبع فهي كالولد.
قال أشهب فيمن اشترى نخلا فيها تمر مأبور، أو مزهي، أو لا تمر فيها، فإذا قام الغرماء فالبائع أحق بالنخل بما فيها من تمر أزهى أو لم يزه، إلا أن يعطي الغرماء الثمن، ولو كان فيها شفعة فالشفيع أولى بها من بائعها ومن الغرماء، وبائعها أولى بالثمن الذي يدفع الشفيع، فبائعها أحق بها، إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه ثمنها، وقال أصبغ عن ابن القاسم عن مالك: إذا لم يكن فيها يوم البيع تم ففلس المبتاع وفيها ثمرة قد طابت، أن للبائع أخذها بثمرها ما دامت في النخل، إلا أن يعطي الغرماء حقه. قال ابن القاسم: وكذلك لو كان فيها يوم البيع ثمرة مأبورة فاستثناها.
وقال ابن عبد الحكم عن مالك فيمن ابتاع حائطا ثم أقاله وقد صار فيه تمر قد يبس، فلا خير فيه إلا أن يفلس مشتريه فيكون أحق به من الغرماء، لأن الحكم أوجبه له.
قال في كتاب ابن حبيب: وما اغتل من النخل قبل ردها بالعيب، فلا يأخذه البائع إلا أن يكون في النخل/حين يردها بالعيب تمر قد أبر أو أزهى أو لم يؤبر فلتؤد مع الأصول ما لم تزايلها، وأما في التفليس فإن كان فيها تمر لم يؤبر للبائع، وإن كان قد أبر فهو للمبتاع مثل الشفعة، قال: وإن كان للدار حين يردها بالعيب غلة قد حلت ولم تقبض فهي للمبتاع، وإن كان للغنم صوف اكتسبه عنه ردها في العيب بصوفها ما لم يجزه، وغلة الدار بخلاف صوف الغنم وتمرة الشجر، وإذا رد الشجرة بعيب وفيها ثمرة قد طابت فلا أجر له في قيامه وسقيه للتمرة، لأن ضمان ذلك منه كنفقته على الدواب، فإنما أنفق في ماله، قال أصبغ: وإذا فلس مشتري الغنم وعليها صوف قد تم، فللبائع أخذها بصوفها، إلا
[10/ 69]

(10/69)


أن يعطيه الغرماء دينه، وأما الدار تحل غلتها فالغلة للغرماء ويأخذ البائع الدار بلا غلة إن شاء، وليس غلة الدار بمنزلة تمر النخل وصوف الغنم، فرق بين ذلك: أن من اشترى غنما عليها صوف فلا يستثنه فيكون له، ويشتري الدار ولها غلة قد حلت فلا تكون له إلا بالاشتراط.
في الصناع هل يكونون أحق في التفليس والموت بما عملوه حتى يأخذوا أجرهم؟ وكيف إن دفعوه إلى أربابه؟ وفي الأجير هل يحاص الغرماء؟
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم، وفي كتاب ابن حبيب من رواية أصبغ عن ابن القاسم: كل صانع عمل لرجل سلعة لم يجعل فيه إلا عمل يده مثل الخياطة والصياغة/والقصارة وما أشبه ذلك، ثم فلس ربها، فالصانع أحق بها حتى يأخذ أجره، قال في كتاب ابن حبيب: في الموت والفلس إلا أن يكون قد ردها إلى ربها قبل ذلك، ثم يؤخذ قبل ذلك فهو أسوة الغرماء بعمله، وكل صانع أخرج من عنده شيئا صار في السلعة سوى عمله مثل الصباغ يجعل: قال أبو محمد: يريد: العصفر وغيره، والصيقل: يريد: حوائج السيف، والفراء يرقع الفرو برقاع من عنده، ثم أخذه ربه ثم فلس، فهذا إذا وجد ما بيد أرباب ينظر إلى قيمة ذلك الصبغ يوم الحكم فيه، وذلك العمل لا ينظر، زادت السلعة بذلك أو نقصت، وإلى قيمة الثوب أبيض فيكون بقيمة الصنعة شريكا إن أبى الحصاص، زادت قيمة ذلك على أجره أو نقصت، إلا أن يعطي الغرماء ما شاركه عليه المفلس من الأجر، فذلك لهم بمنزلة من باع غزلا نسجه المبتاع ثوبا، ثم فلس والثوب بيده، فإن لم يحاص كان شريكا بقيمة العمل من قيمة الغزل، كانت قيمة الثوب أقل من قيمة الغزل أو كثر إلا أن يعطيه الغرماء ثمنه، وقد تقدم هذا، زاد في
[10/ 70]

(10/70)


كتاب ابن حبيب: أصبغ عن ابن القاسم: وأما إن كان بأيديهم فيهم أحق بذلك كله في الموت والفلس، كان لهم في صنعة غير علم اليد أو لم تكن، وأما التجارة والبناء فهم فيه أسوة في الموت والفلس، والذي يرقع الثوب برقاع من عند ربه ثم رده إليه، وإنما خاطه فقط، فهو أسوة في الموت والفلس، وإن كان لم/يرده فهم أحق به في الموت والفلس، وإن كان برقاع للخياط وقد رده فهو أحق به، وإن خرج من يده في الفلس لا في الموت حتى يأخذ حقه يقام مرقوعا، ويقام غير مرقوع ويكون شريكا بذلك. قال أصبغ: وإن كان خاط فيه فتوقا مع الرقاع، فللأقل من ذلك حكم الأكثر إن كانت الرقاع أيسر ذلك: رقعة ورقعتان من غيره ولا بال له، وأكثره خياطة فتوق ونحو ذلك، فهو أسوة في الموت والفلس في جميعه، وإن كانت الرقاع أكثر ذلك وهي من عنده وأقل مرمة وفتوقا، كان أحق به على ما تقدم، وإن تناصف ذلك وكان لذلك قدر، أقيم كل ذلك على حدته، ثم يكون أسوة في المرموم، وكان بما يتوب الرقاع شريكا إذا قيم الثوب مرقوعا معمولا على ما ذكرنا.
ومن كتاب ابن المواز: وقال ابن القاسم في صانع استأجره رجل يعمل له عملا في بيته، فإذا كان الليل انصرف وترك الحلي، فإذا فلس صاحب الحلي فالصائغ أسوة الغرماء، قيل: فلو استأجره يدرس ببقر الأجير، يدرس النهار، وينقلب في الليل ببقره، ففلس صاحب الأندر، قال: صاحب البقر أحق بالأنذر بخلاف الصائغ، وكذلك روى عيسى وأبو زيد في العتبية عن ابن القاسم، قال محمد: لأنه وإن انقلب في الليل فإن الأندر بحال لا ينقلب به صاحبه، ولا يحوي عليه، ولا هو في يديه.
ومن الكتابين: وقال أيضًا فيمن دفع غلامه إلى من يعلمه الخبز/والطبخ يكون العبد عند معلمه على أجل معلوم، فأفلس السيد فليس للغرماء أخذ العبد
[10/ 71]

(10/71)


قبل تعلمه إلا أن يعطيه ما كان السيد راضاه عليه، وكذلك لو لم يعلمه شيئا بعد، إلا أن يكون إنما دفعه في عمل ينقلب فيه بالليل إلى سيده.
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز: وفي العتبية من رواية أبي زيد: ومن دفع إلى صائغ سوارا يعمله، ثم دفع إليه بعد سورا آخر يعمله، أو دفعهما معا، فعمل أحدهما فدفعه إلى ربه، ولم يأخذ إجارته حتى فلس ربهما، فلا يكون الصائغ أولى بالباقي عنده حتى يأخذ أجر الذي دفع، وهو أسوة، وهو أولى بالباقي عنده حتى يأخذ أجرة هذا خاصة.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أجر بناء يبنى له عرصة مقاطعة، كل ذلك من عند البناء، فيبنيها، ثم فلس صاحبها، أن البناء أولى بذلك، لأن ذلك كسلعة بعينها.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن دفع إلى صائغ ثوبا يصبغه، أو غزلا ينسجه فأتم صبغة ورد إلى ربه قبل قبض أجره، ثم فلس رب الثوب، فللعامل أن يكون شريكا في الثوب بقيمة الصبغ أو النسج، نقصه ذلك أو زاده، قيل: فالبناء يكتريه الرجل فيبني له دارا ثم يفلس، قال: البناء أسوة الغرماء.
ومن كتاب ابن سحنون قال: وكلم سحنون الأمير في استعجال أرزاق كتاب وأعوان لما احتبس ذلك عنهم، وقال له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه فهم أجراء ونحن نرى/أن من عمل لرجل عملا بإجارة ثم فلس قبل قبض الأجير حقه أن يبدأ بحق الأجير قبل دين الغرماء لهذا الحديث.
[10/ 72]

(10/72)


في الأجراء هل يكونون أولى بما علموا به في تفليس أربابه؟
من كتاب ابن المواز: قلت: أيكون الأجراء أحق بما في أيديهم؟ قال: أما الحرابين، وأجير خدمة بيتك، أو لرحلك أبلك أو دوابك، وعلوفتهم، وليبيع لك في حانوت بزا أو غيره، فهو أسوة في الفلس والموت، وأما أجير السقي للزرع أو حائط فأحياه بسقي، فالأجير أولى بالزرع حتى يأخذ حقه، وهو في الموت أسوة، وكذلك في سقي الأصول من الفواكه وغيرها إلا أن يعطيه الغرماء أجره في الفلس، قاله كله مالك.
قال مالك في الأجير في الزرع فزرعه وقاته به فهو في المفلس أحق به، وهو في الموت أسوة، قال ابن القاسم: إن صاحب الأرض مع الأجير في سقيها وعلاجها كلاهما أولى من مرتهن الزرع في الفلس، والأجير أيضًا أولى في المرتهن في الفلس.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في أجي السقي في الزرع والنخل فهو أسوة. ومن كتاب ابن المواز: روى أشهب عن مالك، قال ابن حبيب: ورواه عن مطرف فيمن اكترى أرضا فزرعها، واستأجر أجيرا، ورهن الزرع، قال ابن حبيب: وقبض المرتهن، ثم فلس فصاحب الأرض والأجير سويان على المرتهن يتحاصان، قال: والأجير/مبدأ مع كل من فدي، وهو في الموت أسوة.
وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية مثله، وقال أصبغ، قال ابن القاسم: ورب الأرض أولى بما في أرضه من الغرماء في الموت والفلس، وقال أصبغ كالرهن ما دام فيها الزرع، ورب الأرض أولى من الأجراء في الفلس والموت، والأجراء أولى من المرتهن ومن الغرماء في الفلس، وأما في الموت فالأجير أسوة.
ومن الكتابين: روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم في رب الزرع يؤاجر أجيرا يسقيه فعجز، فأجر ثم فلس رب الزرع: أن رب الأرض والأجير الثاني
[10/ 73]

(10/73)


بالزرع يتحاصان، فإن فضل شيء فالأجير الأول أولى به من الغرماء، وقاله أصبغ، لأن بهم تم كما لو رهنه قوما فأحيوه بأموالهم ثم عجزوا فرهنه لغيرهم، أن الأجيرين أحق وما فضل فللأولين برهنهم وإحيائهم.
قال في كتاب محمد: وقد قال مالك فيمن ارتهن زرعا فأصابته عاهة، فأخذ صاحبه من غيره فأصلحه ثم انتعش، فبالأولى يبدأ ثم الثاني، هكذا في كتاب محمد.
وقال أيضًا مالك فيه وفي العتبية من سماع أشهب: ومن استدان فزرع واستأجر أجراء ثم عجز فاستدان، قال: يبدأ صاحب الدين الآخر فالآخر لأنه أحياه لمن قبله، فما فضل فللأول، قال: والأجير مبدأ كان أولا أو آخرا، وذكر ابن حبيب عن مطرف عن مالك، وقال: ويبدأ أهل الدين الآخر فالآخر على مكري الأرض والأجير، فما فضل فلمكري الأرض والأجير يتحاصان، فما فضل للغرماء.
ومن العتبية روى عيسى/عن ابن القاسم فيمن مات عن زرع أفرك، فلما حصد ودرس قام الغرماء ولم يدع غيره، فطلب الولد إجارة ما حصدوا ودرسوا، فذلك لهم.
قال عنه أبو زيد في أجير السقي ومكري الأرض أولى بالزرع من الغرماء يتحاصان فما فضل للغرماء يدخل معهم فيه أجير حراسة الزرع.
ومن كتاب ابن حبيب: روى ابن القاسم، وأشهب عن مالك أن مكري الأرض وأجير الزرع والحوائط أولى بالزرع والثمر من الغرماء، وهما في الموت أسوة، وقال عنه أشهب: إنهما يتحاصان، وقال عنه ابن القاسم: يبدأ رب الأرض والأجير بعده، وذهب أصبغ إلى أنهما يتحاصان، وأنهما أولى في الموت والفلس كالرهن، وقاله ابن الماجشون وزاد: أن مكري الأرض ومكري الدابة لسقي الزرع
[10/ 74]

(10/74)


والأجراء فيه وفي النخل أولى في الموت والفلس في الزرع والتمر، لا من باب الرهن، لكن لأن بهم حيي وتم، وكذلك الصناع أولى في الموت والفلس ما كان المتاع بأيدهم، قال: والأجراء فيما بعثوا لجلبه من بلد إلى بلد، والمجاعل على الآبق والشارد مبدون كالرهن بأيديهم هذه الحجة فيهم، والحجة في الزرع: أنه بهم حيي وتم، والأجير على رعاية غنم أو إبل يسلم إليه ويكون في يديه أولى في الموت والفلس، وكذلك وكلاء من بالعراق على ما لهم بالمدينة من قيم وساق وناضح مبدؤن في الموت والفلس، وفي الغزل إذا قدم أحدهم بغزلهم قبض ذلك منهم قبض أجرهم، وللأجير على بيع الثمرة/إن لم تخرج الثمرة أو ثمنها من يده حتى مات ربها أو فلس، فهذا مبدأ، وكذلك أجير الحصاد إذا قبض الزرع وغاب عليه وهو بيده، ولو كان قد خرج ذلك كله من أيدهم إلى أربابه قبل ذلك فهم أسوة، وأما أجير على خدمة أو رحلة وعلوفة، أو بيع متاع لم يسلم إليه، فأسوة في الموت والفلس.

في تفليس المكري أو المكتري في كراء الحمولة
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وأكرياء الحمولة أولى بما حملوا من الغرماء في الموت والفلس، قال ابن القاسم عن مالك: كان طعاما أو غيره ما لم يسلمه، بلغ أو لم يبلغ، قال مالك: وكذلك السفن. وكذلك لو برز بها ولم يسر، أو قبض المتاع ولم يحمله حتى فلس ربه، فالمكري أولى به حتى يستوفي من ثمنه جميع الكراء، كان إلى مكة أو غيرها، ويكري الغرماء الظهر ما بقي من الطريق إن كان سار شيئا، وكذلك الصانع يدفع إليه العمل يعمله فيفلس ربه أو يموت، فالصانع أحق بما في يده إلا أن يفتك الغرماء، وكذلك لو دفع الجمال إبله إلى صاحب المتاع ليحمل هو عليها أو يسلمها إليه، فحمل عليها لنفسه فأفلس المكتري، فرب الظهر أولى بالمتاع، وإن لم يكن مع إبله.
[10/ 75]

(10/75)


قال مالك في كتاب ابن المواز، وكتاب ابن حبيب: وإن فلس صاحب الظهر فقد جعله مالك كمشتري السلع فقال: إن مات أو فلس قبل يكري المكتري أو يقبض شيئا/من الإبل، فإن كان اكترى إبلا معينة وعرفت فالمكتري أ؛ ق بها، كمبتاع سلعة بعينيها، أو يكتري دارا، فمكتري ذلك ومشتريه ألوى في الموت والفلس، وإن كان الكراء مضمونا فالمكتري والغرماء أسوة يحاصهم بقدر قيمة الكراء، قال محمد: فالقيمة يوم المحاصة والحكم، وكذلك في العتبية في سماع ابن القاسم في الكراء المضمون، وقال: كما يحاص من له في ذمة البائع سلعة بقيمتها يوم الحصاص، فإن صار لكل غريم نصف حقه كان لها نصف قيمة السلعة يشتري بذلك من تلك السلعة على شرطه، ولا يأخذه ثمنا.
قال مالك في كتاب محمد والعتبية وإن لم يفلس أو يمت في الكراء المضمون حتى دفع لكل إنسان بعيرا ثم فلس أو مات، أو سار بالقوم فكان تديل تحتهم الإبل، فكل واحد أحق بما في يديه يوم مات أو فلس من أصحابه ومن سائر الغرماء، وفي كتاب ابن المواز: إلا أن يكون في أثمانها فضل عن كرائها، فلمن بقي من الغرماء أن يبيعوها ويتكارى لهم من الثقات الأملياء، ويحاص باقي الغرماء في فضل ثمنها بعد الكراء، قال مالك: وإن مات بعير تحت رجل ممن يديل تحتهم إبله، لم يكن له دخول على سائر أصحابه فيما في أيديهم يوم يموت البعير لا يدخل بعضهم على بعض إلا أن يشاء الذي هلك بعيره أن يتكارى لمن سلم بعيره من مليء، ويتبع ما سلم فيكون له فضل الثمن، قال أبو محمد يريد: يكتري به، في الواضحة نحو ما تقدم، كله/عن مالك.
من العتبية: قال سحنون: والكراء المضمون وغيره سواء في أن كل من بيده بعيره كان أولى به، قال: ولو تسلف الجمال من بعض المكترين على أن يرهنه ما في يديه من الإبل فذلك جائز، ويكون رهنا محوزا، لأنه لو أفلس الجمال كان
[10/ 76]

(10/76)


كل واحد منهم أحق بما تحته من الغرماء ومن أصحابه، وكذلك أصحاب الأحمال أولى بما تحت أحمالهم من الإبل، ولو أراد الجمال أن ينقل تلك الإبل ويديلها بينهم وأباه أصحاب الأحمال فذلك لهم، ولا يفعل الجمال إلا برضاهم.
قال سحنون عن ابن القاسم فيمن اكترى كراء مضمونا ذاهبا وراجعا، فلما بلغ مكة نزل عن بعض الإبل التي تحته واشتغل بحجه وأخرجت الإبل إلى الرعي، ثم فلس الجمال، قال: فالمكتري أولى بالإبل.
ومن كتاب ابن حبيب: قال ابن وهب عن مالك: إذا هلك المكري على الحمولة كراء مضمونا، فإن كان صاحب الحمولة قد حمل وبرز بها فهو أحق من الغرماء إلا أن يرغب الغرماء في بيع الظهر ويضمنوا له حقه في ثقة وملاء.
قال: ومن قول مالك في الأجير على رحلة الإبل وعلوفتها، ثم يفلس مستأجره فلا يكون الأجير أولى بالإبل التي يليها، وإن كانت بيده، وأما إذا فلس الجمال فكل رجل من المكترين أحق بما تحته، وإن كان الجمال كان يديلها تحتهم، وإن لم يكن ركب الرجل جمله إلا يومه ذلك. قال أصبغ: وهذا اختلاف من القول،/وينبغي أن يكون الجواب فيهما سواء، إن كان الراكب أولى بجمله إذا كانت تدال تحتهم، فذلك الأجير أولى بما في يديه منها، وإن لم يكن الأجير أولى بما في يديه مما يدير منها بالعلوفة والرحلة، لم يكن المكترون أحق بما تحتهم، وقولي: إلا أن يكون أ؛ د منهم أحق بشيء من ذلك، إلا أن يكون مكتري الحمل أسلمه إليه وقبضه وإلا يدال منه فهو أحق به، قال ابن حبيب: وبقول مالك أقول.
قال ابن وهب عن مالك فيمن تكارى دابة، أو أجر عبدا ونقد، ثم فلس المكري، فالمكتري أولى بالدابة والعبد حتى يستوفي حقه.

في التفليس في أكرية الدور والأرضين
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا فلس مكتري الدار لم يكن رب الدار أولى بما فيها في فلس ولا موت، وكذلك الحوانيت، قال: وهو أسوة في حصة
[10/ 77]

(10/77)


ما مضى من الكراء، وهو أحق ببقية السكنى، يريد: في حصة ذلك من الكراء. قال أصبغ: إلا أن يدفع إليه الغرماء حصة باقي المدة بعد أن يأخذوا من الكراء ما فدوها به، ويكون لحصاص فيما في بقي مع سائر مال الغريم وإن ساء رب الدار تسليم باقي السكني، ويحاصهم بجميع الكراء في ذلك وفي غيره، فذلك له، قال ابن القاسم: وهذا في الفلس، وأما في الموت فلا يكون أحق بباقي السكني وهو أسوة في ذلك وفي غيره بجميع الكراء، قال مالك: وكذلك/في كراء الحوانيت مثل الدار فيما ذكرنا، قال محمد: ولو مات رب الدار والحانوت أو فلس فالمكتري أحق بذلك في الموت والفلس، وكذلك لو لم يكن لأنه شيء بعينه كالسعلة المشتراة بعينها يفلس بائعها.
ومن العتبية: قال عيسى عن ابن القاسم، وقاله ابن حبيب عن ابن القاسم: وإن اكترى دارا سنة بستة دنانير، وانتقد ثلاثة وسكن ستة أشهر، ثم فلس الساكن، فإن شاء رب الدار ترك الدار وحاص بالثلاثة دنانير الباقية له، وإن أبي إلا أخذ داره فليرد نصف ما انتقد حصة النصف الباقي من السنة في ذلك، ويأخذ باقي السكنى، ويحاص بدينار ونصف بقية حصة ما مضى، إلا أن يشاء الغرماء أن يعطوه دينارا ونصف حصة باقي السكنى من الكرا، ويحاص بدينار ونصف باقي ما مضى، قال ابن حبيب: وكذلك قال مطرف، وقال ابن كنانة وابن نافع: إذا اختار الغرماء حبس ما أدرك البائع من ماله، فلا يكون ذلك لهم إلا بدفع جميع الثمن، أو ما بقي منه إليه، وإن أتوا وخذه البائع لم يرد ما انتقد من الثمن إلا حصة ما استرجع من الصفقة، قال لي أصبغ. وقد كان قاله أيضًا مالك، قال ابن حبيب: والأول أحب إلي.
ومن كتاب ابن حبيب: قال مالك: وإن أكرى داره سنة، ثم فلس الساكن بعد أن سكن شهرا، فإن شاء ربها حاصص بالكراء كله، وإن شاء حاصص بحصة ما سكن وأخذ داره إلا أن يعطية الغرماء حصة باقي المدة/فذلك لهم ويحاص بحصته ما مضى.
[10/ 78]

(10/78)


وروى ابن القاسم وأشهب عن مالك في مكتري الأرض سنة يفس وقد زرعها: أن رب الأرض أولى بالزرع حتى يأخذ جميع الكراء إلا أن يدفعه إليه الغرماء.

في تفليس أحد المقارضين أو أحد الشريكين
من كتاب ابن المواز ومن العتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم في المقارض يشتري متاعا ويخرج إلى أطرابلس، فقام عليه بأطرابلس غرماء له أو لرب المال، قال مالك: أما غرماء رب المال فليبع لهم في ذلك فيأخذ العامل حصته، وكان ما بقي لغرماء رب المال، وأما إن قام على العامل غرماء له فأرادوا البيع ليأخذوا ربحه فلا عين المال شي، ولا يجبر على بيع، ولا يمنع منه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا فلس العامل بدين عليه فاقر في بعض ما في يديه أنه ليس من مال القراض فلا يصدق ولا نعمة عين.
ومن كتاب ابن المواز: وعن شريكين في مال بعينه فسافر فيه أحدهما، فيدان فيه، ثم فلس، فأراد غريماه أن يتبعوا الشريك المقيم، فليس ذلك لهم، لأنه شاركه في مال بعينه.
ومن أفلس بديون عليه في ذاته وعنده مال قراض لرجل، فرب القراض إن أدرك من ماله شيئا بعينه أخذه، وإلا فهو أسوة، إلا أن يقول العامل/: هذا مالي، فيصدق ولا يتهم أن يفر من ذمته إلى شيء في ذمته، ويقبل قوله فيه في ربح أو وضيعة، قال محمد: ولأنه إنما فلس بغير مال القراض، ولم يعرف هذا منه، ولو عرف كان صاحبه أولى به، وكيف تفليس في القراض وهو لا يصلح أن يداين فيه، ولو شرط ذلك ما جاز.
وذكر تفليس الشريكين وعلى أحدهما مهر لزوجته في باب بعد هذا.
[10/ 79]

(10/79)


فيمن مات وعنده وديعة وقراض أو بضاعة، أو لقطة فلم يوجد
من كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن مات وعنده وديعة أو قراض فلم يذكرها ولا وجدت، فذلك كالدين يحاص به غرماؤه إلا أن يذكر بعينه فيقول: هذا لفلان، فيصدق، قال محمد: أو يقول: قد تلف فيصدق، ومن مات وقد بعث معه ببضاعة ولم يدر أين هي، فإن مات قبل أن يبلغ البلد لم يلزمه، وإن مات بعد أن بلغها فهي في ماله ولزمه، وخالف في هذه أشهب وغيره وأصحابه وأصحاب ابن القاسم، وقالوا: سواء بلغ البلد أو لم يبلغ هي في ماله يحاص بها غرماؤه ما لم يوجد، أو يذكر هو فيها ذكرا يدفع ضمانها عنه، وقاله ابن عبد الحكم: قال مالك: ومن عنده لقطة قد فرع بها فلم يجد طالبها فأوصى بها، فليحاص بها أهل دينه.

في أحد الشريكين في الدين يقتضي أحدهما منه وكيف إن بدأ أحدهما بنجم الآخر؟ /
من كتاب ابن المواز: والشريكين في الدين ما اقتضى أحدهما لنفسه فللأخر أن يدخل معه إلا أن يكون أذن له أو استأدى عليه، وإذا الإمام للحاضر منهما بأخذ حقه جاز ذلك، إلا أن يكون لا شيء له غير ما يأخذ هذا، فهذا يرجع عليه القادم، وإن لم يأت السلطان ولكن صالحه على نصيبه بعد أن حل بعضه أو باعه منه قبل الأجل، ففي الصلح يأخذ الآخر نصف ما أخذ، ثم إذا قبض رد عليه مثله، وأما في البيع فإن شاء أجاز ودخل معه، وإلا سلم ذلك واتبع الغريم، وقال في الحميلين يغرمان المال ثم يقبض أحدهما من الغريم نصيبه، فللآخر أن يدخل معه فيه لأنهما كالشريكين.
[10/ 80]

(10/80)


قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية في رجلين لهما حق بكتاب واحد، وللمطلوب على أحدهما دين فقاص به في نصيبه من الدين: أن لشريكه أن يدخل على صاحبه فيما قاص به الغريم، قال سحنون: وإذا كان لهما دين بكتاب واحد فيشهد أحدهما أنهما قد قبضا حقهما منه لم تجز شهادته، لأنه يدفع عن نفسه ما عليه من رجوع شريكه عليه، وللشريك أن يأخذ منه نصف ما أقر بقبضه ثم يرجع المنكر على الغريم بتمام حقه.
قال ابن حبيب: روى مطرف وابن القاسم عن مالك في الدين المنجم لرجلين فيبدأ الآخر بنجم حل، ثم يفلس الغريم، فله أن يرجع على/المبدأ بنصف ذلك النجم لأنه سلف، ولو قبض أحدهما نصيبه وأخره الآخر لم يرجع على صاحبه بشيء، قال ابن الماجشون: ولو أخذ جميع النجم الأول من غير استئذان صاحبه ولا بدأه شريكه على أنه يسوغ له ذلك، ورضي بالنجم الثاني فليس له رجوع عليه في التفليس، قال أصبغ: وإذا كان لهما في كل نجم ثلاثة، فبدأ أحدهما الآخر بنجم على وجه المعروف فجائز، وإن كان إنما قصد إلى جبر الدنانير لأن كل واحد يأخذ دينارا ونصفا، لم يجز ويصير سلفا بنفع.

جامع مسائل في الدين والتفليس
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا صالح ابن الميت غرماء ابيه على نصف حقوقهم على تحليل أبنه فرضوا فذلك يبرئه، ويكون في حل منه، قال: ومن ترك رهونا طال زمانها، ولا يعرف أهلها، ولا في كم هي فلتبع وليتربص بأثمانها سنة وما يرى، فإن لم يأت لها مستحق قضى بها دينه، ثم إن طرأ مستحق لها رجع على الغرماء. قال أبو محمد: يريد: بما يفضل من ثمن رهنه على الدين الذي يقر به.
[10/ 81]

(10/81)


قال مالك: وإن أعطى الغريم بعض ما عليه للطالب فأبى إلا أخذ الجميع، فإنه يجبر على أخذه، قال ابن القاسم: إلا أن يكون الغريم مليئا يجبر الطالب، وجبرت الغريم على دفع الحق كله.
وقال فيمن صالح من دم على أن يأخذ في كل سنة شيئا سمياه، ويأخذه عند السنة جملة فأراد الذي عليه الإبل/أن يؤديها رسلا رسلا، وقال الطالب: لا آخذها إلا جملة كما اشترطت، قال: ليأخذها رسلا كما قال، قيل: إن شرطه في سنة لم يقل أولها ولا آخرها: فقال: ليعط في وسطها، يعني وسط السنة.
قال مالك: ومن ترك زوجة حاملا فأراد الورثة صلحها على حقها فلا يجوز ذلك، إذ لا تدري مالها: الربع أو الثمن؟
ومن العتبية: قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن استأجر أجير اليستتجره وأجلسه في حانوته أن ذلك جائز، قال: وما لحقه في ذلك من دين فذلك في ذمته إن لم يكن في يديه مال، قال: وما دخل عليه كان للذي استتجره، قيل: فلا تراه كأنه استأجره على أن يضمن ما تلف؟ قال: لا، وقد يستأجر نواتية يكرون سفينة ويحملون فيها، وهم يضمنون ما حملوا من الطعام، وكذلك عبده المأذون يكون الدين في ذمته.
وقال أصبغ: قال أشهب فيمن له على رجل ديناران فأتاه بدينار، فأبى أن يأخذ إلا دينارين، فإن كان المطلوب مليئا لم يجبر الطالب على أخذه وأجير المطلوب على الأداء، وإن كان معسرا أجير الطالب على أخذه، وقال أصبغ: وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أتى ببعض الحق فأبى الطالب أخذه أنه يجير على أخذه، وهذا المعنى مكرر في باب آخر.
[10/ 82]

(10/82)


وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم فيمن له على رجل وعلى ابنه مال، أو طعام، فدفع الأب ما عليه إلى الابن ليؤديه عنه، ففعل، فقال الغريم: إنما دفع الابن عن نفسه وكذبه الابن، فالغريم مصدق/مع يمينه إلا أن يقيم الابن بينة أنه قال له: هذا عن أبي، ولو أقام الأب بينة أنه أمر الابن أن يدفع ذلك عنه لم ينفع حتى تقوم بينة أن ذلك الشيء بعينه هو الذي دفع الابن.
قال أصبغ عن ابن القاسم في رجلين لهما على رجل حق فوكلا من يقبضه، قال: قبضت حق فلان، وقال الغريم: بل دفعت حق فلان وهو معدم، فإن كان حقهما واحدا مجتمعا فذلك بينهما.
وقال أصبغ: ومن سماع أشهب: وعمن له عليك دين فأدرت أن تشتري منه سلعة فقال: أخاف أن تقاصصني وأنا محتاج إلى ثمنها، فقلت له: لا أقاصصك، فباعها منك على ذلك، ثم أردت مقاصته وعليه دين كثير ولكن لم يفلس، قال مالك: له أن يقاصه، فروجع فثبت على هذا.
في التحاصص مع الغرماء بصداق أو نفقة وخلع وعلق جرح وشبهه وكيف إن طلقت الزوجة بعد ذلك؟
من كتاب ابن حبيب، وهو في غيره: قال مالك: للمرأة أن تحاص غرماء الزوج بصداقها، أو بما بقي منه، أو بما صالحته في خلع ففلس قبل يقبضه.
قال عنه مطرف: ولا تضرب المطلقة بنفقة الحمل كما لا تضرب بنفقتها في العصمة إلا ما أنفقت الزوجة قبل ذلك في غيبته، وذلك في يوم ترفع إلى الإمام فلتضرب به في الفلس والموت، وقاله ابن الماجشون.
قال ابن القاسم: اختلف قول مالك في نفقة الزوجة، فقال مرة: هذا/البائع معهم ببقية ثمن الفائتة بيد المبتاع، ولو فلس البائع قيل للمشتري: أخرج
[10/ 83]

(10/83)


باقي ثمن الفائتة عندك تتحاص فيه وفي غيره أنت والغرماء من مال المفلس بما كان يجب كل به الرجوع في المستحقة على البائع، وهذا مذهب مالك وأصحابه.
قال محمد: قال ابن القاسم: وإذا فلست المرأة وقد طلقت قبل البناء وقد كانت أخذها مهرها، فإن عرف المهر بعينه فالزوج أحق بنصفه، فإن لم يعرف إلا بعضه، كان أولى بنصف ما وجد منه ويحاص الغرماء بنصف ما بقي منه، ولو لم ينقدها إلا النصف ففلست وطلقها بعد التفليس قبل البناء وقد عرف ذلك بعينه، فلا شيء له فيه، وهو حقها، ولو كان بقي عليه من تمام النصف شيء لغرمه لها، وسواء طلقها قبل التفليس أو بعده.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن صالح زوجته بعشرة دنانير إلى شهر ثم فلست فليحاص غرماءها بذلك كما تحاص هي غرماءه بمهرها المسمى، محمد: وعليه دين محيط.
وقال في شريكين متفاوضين فلسا وعليهما ألف دينار، وعلى أحدهما لزوجته مهرها مائتا دينار، ومعهما ألف دينار ومائتان، فعلمنا أن على هذه سبعمائة في نفسه، وعلى الآخر خمسمائة، وبيد كل واحد ستمائة، فيحاص في ستمائة؛ الزوجة بثمانين، والغرماء بخمسمائة، فيصير للزوجة مائة وخمسة أسباع مائة، وللغرماء أربعمائة وسبعمائة، ثم يأخذ الغرماء من/نصيب الآخر خمسمائة تبقى له مائة يقام عليه فيها بالضمان عن صاحبه، فيؤخذ منها ما عجز الغرماء، وذلك خمسة أسباع مائة، فإذا أيسر صاحبه غرم مائة تأخذ منها الزوجة ما بقي لها وهو سبعمائة، وشريكه خمسة أسباع المائة.
[10/ 84]

(10/84)


وجه الحصاص في مال المفلس والميت وحلول ما عليه لمن له عليه من دين مؤجل، وكيف يحاص لمن له عليه طعام مؤجل أو عرض، أو حيوان؟ وكيف بمن عنده رهن يتأخر بيعه؟
من كتاب ابن حبيب: قال مالك: يحل ما على المفلس مندين مؤجل، قال ابن شهاب: هي السنة أن من مات حل ما عليه من دين، ولا يحل ماله من دين، قال أشهب: وكذلك يحل ما باع من عطائه.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك فيمن باع رزقا له بالجار فمحقا سنين ثم مات، أن ذلك يحل في مال الميت، يأخذه المشتري قمحا من مال الميت، وكذلك من باع عطاءه ثم مات فليؤخذ ذلك من تركته، قال محمد: ولو بقي حتى يحل الأجل لألزمته ذلك في ماله ولا يقسم، لان عمدة ذلك عليه، وإنما شرط ذلك وتسميت بمعنى الأجل، ولو تبرأ من ضمانه على أن ذلك المشتري خرج أو لم يخرج، كان مكروها وفسخ.
وفي العتبية من سماع أشهب فيمن تعين في عطائه، فتأخر العطاء وله مال فيه وفاء، أيؤخذ من ماله؟ قال: لا، وروي عنه فيمن اشترى بالدين في عطائه، ويكتب ذلك في ديوانه/فيخرج له نصف العطاء، أيحل حقه كله؟ قال: إن أمثل ذلك أن يأخذ ما خرج من عطائه فقط.
ومن كتاب ابن المواز، ومثله في العتبية عن ابن القاسم، ومن رواية عيسى، وفي كتاب ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: وذكر أن مطرفا وابن القاسم وأشهب رووه عن مالك، واللفظ لكتاب ابن المواز، قال: ومن أفلس وعليه عروض وحيوان سلم إليه فيها، قال: المشتري يحاص بقيمة ذلك فما حصل له من ذلك القيمة بالمحاصة اشترى له شرطه وما بلغ منه، وقاله أصبغ، قال: ويحاص
[10/ 85]

(10/85)


بقيمته ما يسوي يوم الحصاص، فما أدرك بذلك جعل له في مثل ما كان يسأله بلغ ذلك الجميع أو أقل أو ما بلغ من أجزائه يشتري له، وإن صار به شريكا لم يتبع بباقي ما كان من شيء.
قال في كتاب ابن حبيب، ونحوه في العتبية من سماع عيسى: وإن كان له طعام من سلم حوصص له بقيمته يوم الحصاص، فما وقع له اشتري له به من الطعام ما بلغ، وطالب بالباقي، ولا يجوز له أن يأخذ ما وقع ثمنا في طعام أو عرض، ولو كان السلم في صيف فوقع له ما يأخذ به نصف وصيف، فإن شاء اشترى له نصف وصيف وإلا ترك حتى ييأس صاحبه فيأخذ منه وصيفا، ولا يجوز أن يأخذ هذه الدنانير ويتبعه بنصف وصيف، وأن يأخذ ما أدرك ويطرح ما بقي إلا أن يكون ما وقع له مثل رأس المال فأقل، فيكون كما قال جائز. يريد/: في غير الطعام من بيع.
قال في العتبية: وإن اشترى له نصف عبد طالب غريمه بنصف عبد.
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: فإن لم يشتر الطالب الطعام بما وقع له طعاما حتى غلا أو رخص، فلا تراجع بينه وبين الغرماء، ولكن ما نقص اتبعوا به الغريم وما زاده لرخص السعر حوسبوا به للغريم، إلا أن يبقى فضلة بعد قبض جميع الطعام فيرد الفضلة إلى الغرماء، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ، وكذلك يحاصص من له كراء حمل غرماء الحمال في موته أو فلسه بقيمة الكراء، لا بما نقده. وفي باب تفليس الكري والمكتري من هذا.
قال مطرف وابن الماجشون: وإن كان لأحدهم أصناف من طعام من قمح وشعيره وغيره، فوقع له في الحصاص دنانير فطلب أن يشتري له بها قمح، وقال المطلوب: شعير، فليس لهما ذلك، ويأمر الإمام من يشتري له من أصناف طعام بقدر ما يقع لكل صنف، لا يجوز لهما غير ذلك، وأما في غير التفليس: فالبائع
[10/ 86]

(10/86)


يعطه ما شاء من أصناف ماله عليه، وليس للمبتاع أن يقول: بع ما عندك من الشعير وابتع لي قمحا.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا كان لرجل عليه عشرة أرادب قمح فلم يوجد له إلا فحل وعليه لغرمائه فحل، فقال له رجل من الغرماء: تسلم لنا الفحل وأقله من القمح، وأنا أضمن لك رأس مالك نعطيكه إلى أجل كذا، ودع الفحل لنا فلا يجوز، ويرجع من له القمح على من/ضمن له رأس ماله، فيأخذ من ما كان يصير له في المحاصة من ذلك الفحل، ويرجع بالذي ضمن على سائر الغرماء الذين اقتضوا معه فيأخذ من كل واحد منهم قدر ما يصيبه، قال محمد: وذلك للتأخير، ولو نقده رأس ماله كان جائزا إن تولاه لنفسه، فأما عن الغريم فلا يحل.
قال لي ابن الماجشون: وإن كان بيد أحدهم رهن فإنه يحاص الغرماء بجميع حقه إلى أن يباع الرهن، فإن بيع بجميع حقه أو أكثر رد الفضل إن كان مع ما أخذ في الحصاص، وإن بيع بأقل من حقه أخذه ونظر ما بقي له فيأخذ مما أخذ في الحصاص مثل ما صار لكل غريم إن كان نصف حقهما أخذ هذا نصف ما بقي له ورد ما بقي فيحاص هو والغرماء فيه بما بقي لكل منهم، قال محمد، وقاله ابن القاسم وأشهب وابن وهب فيمن كان بيده رهن زرع لم يبد صلاحه، وقال محمد بن عبد الحكم: وإذا فلس دنانير وعليه دراهم فليصرفها، وكذلك إن كان له دراهم وعليه دنانير إلا أن يصرفها من الغرماء بما يسوي برضاهم، وإن كان له طعام وعليه مثلها دفعها فيما عليه، يريد: إن وقع له قيمتها في الحصاص، قال: وإن كان لو باعها لا شترى ما عليه بأقل من الثمن فليبعها، وإذا كانت الصفة علي الجيد والجيد أصناف فليشتر له إذنا ما تقع عليه تلك الصفة، وقد قيل: أوسط تلك الصفة، والله أعلم/.
[10/ 87]

(10/87)


فيمن أنظر غريمه ثم بدا له
من العتبية من سماع أصبغ عن ابن القاسم عمن له دين حال، فسأله غريمه أن ينظره إلى الصدر، فقال: لا، ولكن أكتبه حالا وأنا أنظرك إلى أن يتهيأ لك، ففعل، ثم طلب أخذه قبل أن يتهيأ، فإن أشهد له بالانتظار إلى أن يتهيأ له لزمه، وإن كان كتبه حالا وأنظره إلى أن يتهيأ له فذلك له، ويحلف: ما أراد إلا أن يتهيأ له ما بينه وبين الصدر، قال أصبغ: وليس له قبل الصدر طلب إذا لم يتهيأ له بغير مرزأة من بيع عقار وربع، إنما استنظره مخافة ذلك، فإذا حل الصدر أخذه به وحلف، وأما الوجه الآخر في التأخير المبهم: إلى أن يتهيأ له، فهو على الصدر وبعد الصدر متى ما تهيأ إذا لم يكن للذي عليه الحق نشاط في التأخير إلى الصدر، فإن كان ذلك لم يجاوز الصدر ولم يجعل دونه.

فيمن مات ولزوجته عليه دين ثم أقرت الزوجة لأجنبي أن له عليه دينا، وكيف التحاصص في ذلك؟
من كتاب ابن المواز: ومن مات عن زوجة وأخ ولها عليه مائة دينار، وترك خمسين ومائة، وأقرت الزوجة أن لفلان على زوجها مائة دينار، فلتدفع إليه هي سبعة وثلاثين دينارا ونصف، لأن إقرارها لا يلزم الأخ فيما ورث، ويبقى له عند الأخ سبعة وثلاثون دينارا ونصف، ولأنها هي/تقول: إنما لي بالحصاص خمسة وسبعون فتحبسها وقد أخذت مائة بالدين، واثنين عشر ونصفا بالميراث، فتعطي من أقرت له مما بيدها ما زاد على خمسة وسبعين، وهو ما ذكرنا، وتحسب على الذي أقرت له ما ورث الأخ، فإن طرأ غريم آخر بمائة على الميت ببينة، قال: فليدخل مدخل الذي أقرت له المرأة، لأنه بالبينة أولى ممن لا بينة له، فيأخذ ما بيده ويحسب على الطارئ ما ورث الأخ، وهو بقية حقه، ثم يرجع الذي أقرت له
[10/ 88]

(10/88)


المرأة على المرأة وحدها بخمسة وعشرين دينارا لأنها تقول الآن ليس لي بالحصاص في تركته إلا خمسون، ولك خمسون فتدفع إليه منها خمسة وعشرين، وتقول له في يد الطارئ الذي أقام بينة، يريد: بما قبض وبما حسب عليه عند الأخ خمسة وسبعون لك منها خمسة وعشرون، قال: فإن لم يكن للمرأة بينة أيضًا إنما أخذتها بإقرار الميت، قال: يأخذ الذي له البينة المائة كلها، وتأخذ المرأة خمسين، ولا شيء لمن أقرت له المرأة لأنها تقول: إنما بيدي ما يجب لي في الحصاص، وجميع حقك عندك الذي أقام البينة.

في أحكام العبد المأذون وتفليسه
من العتبية من سماع ابن القاسم: ومن استتجر عبده بمال، ثم فلس العبد، أن سيده لا يحاص بذلك المال غرماءه، إلا أن يسلفه سلفا، أو يبيعه بيعا فيحاص بذلك، ولو باعه وكتب عليه مالا يشبه مال العبد فالغرماء أحق بماله، إلا أن يكون/ارتهن منه رهنا فهو أولى بالرهن. قال سحنون: إلا مبلغ قيمة سلعته، لأنها لا تشبه ثمنها، قال مالك: وإذا فلس وبيده مال لسيده لم يستتجره فسيده أحق به، وأما ما استتجره فله فالغرماء أحق به وبجميع مال العبد، وعن المأذون له على من بايعه دين ببينة فادعوا أنهم بعض ذلك إلى سيده، فإن عرف أن السيد كان يقتص ذلك مع العبد، حلف السيد فيما ادعي وحلف العبد فيما ادعي عليه.
ومن سماع أصبغ من ابن القاسم فيمن استتجبر عبده بمال وأمره ألا يبيع إلا بالنقد، ولا يشتري إلا به، فداين الناس، أنهم أحق بما في يديه، وإن لم تكن هي أموالهم بعينها، قال أصبغ: لأنه مأذون حين أطلقه على البعض، وكمن أذن له ألا يتجر إلا في البز، فتجر في غيره، فلحقه دين أنه يلزمها، لأنه نصبه للناس، وليس على الناس أن يعلموا بعضها دون بعض قال ابن القاسم: فإن قضى ما في يديه فإني أستحسن أن يكون ما بقي في ذمته، وقاله أصبغ على استحسان وفيها
[10/ 89]

(10/89)


ضعف، قال سحنون: وهو كما شرط للسيد، ليس له أن يتعداه، ألا تراه لو أعطاه قراضا كان به مأذونا، وحكم القراض لا يباع بالدين، فكذلك إذا شرط عليه ألا يبيع بالدين لم يجز على سيده تعديه.
قال أبو بكر عن ابن القاسم: وإذا أحلت من له عليك مائة دينار على عبدك المأذون، ثم فلس العبد فليحاص الذي أحلت غرماءه، فإن نابه نصف حصة رجع/بالنصف على السيد، ويرجع غرماء العبد على السيد بما صار لغريمه في المحاصة، وهي خمسون، فإن لم يكن عنده شيء باعوا من العبد بقدر ذلك. قال ابن المواز: ولم يجب أن يكون ما لحق المأذون من دين في رقبته، لأن إذن السيد له ليس من ناحية الضمان، ولو كان من الضمان يلزم السيد ديونه وإن جاوز قيمته.
في معاملة غير المأذون وحكم العبد المحجور عليه
من كتاب ابن المواز: قال: والعبد إذا حجر عليه سيد حجرا بينا ظاهرا عند الحاكم، أو في مجمع سوقه، ثم في سائر الأسواق، وأذاع ذلك وأعلنه، لم يلزم ما أقر به بعد ذلك لا مستأنفا ولا قديما، إلا أن تقوم بينة بدين قديم، فإن قامت بينة بإقراره أو بمعاملة حضروها ولا يعلمون قبل الحجر أو بعده، فلا يحكم عليه بشيء من ذلك، إلا أن يقولوا: إن ذلك كان قبل الحجر عليه، ولا يقبل قوله بعد الحجر بأن هذا كان قبل الحجر، ولو قبلناه كان إبطالا للحجر.
وروى أشهب عن مالك، قال: ولا يشتري من العبد الذي لم يؤذن له في البيع والشراء شيء وإن قل، مثل الحب وشبهه إلا بإذن أهله، ولا يقبل قوله: إن أهله أذنوا له حتى يسألهم أو يرده عليهم، وقد يكونون في بعد. وقد جرى في العتق باب فيه أحكام مال العبيد، وجرى هناك شيء من ذكر المأذون.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتد وله عبد مأذون، فإن العبد يوقف عن التجارة، ويمنع ويضرب على يديه/كما يضرب على يدي سيده، ويوقف عن ذلك
[10/ 90]

(10/90)


توقيف رؤية لئلا يضيع، كما يفعل بسائر مال سيده من غير حجره انتظارا لما يكون من سيده، فإن عاود سيده الإسلام عاد وهو على أمره، وإن قتل كان ماله لبيت المال، وإقرار العبد لازم له في ماله بخلاف إقرار سيده المرتد.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: قال: وإذا ارتد ثم رجع إلى الإسلام فهو مأذون له في التجارة على حاله، ويطلق الإمام الوقف عن ماله، وما أقر به العبد من التجارة في وقت ردة مولاه أو بعد ذلك فذلك يلزمه إلا أن يوقفه الإمام ويمنعه من تحريك ماله، فإن أوقفه الإمام فقتل على الردة قضى في مال العبد، والذي في يديه، وكن ما بقي فيئا مع رقبة العبد، وإن ارتد المأذون حبس ولم يعرض لما في يديه، فإن قتل فما في يديه لسيده، وإن لم يكن عليه دين، وإن كان عليه دين، قضي من ذلك الدين وأخذ السيد ما بقي.
ومن كتاب ابن سحنون: كتب شجرة إلى سحنون فيمن مات وله عبد مأذون فلما مات مولاه أمرت بضم ما في حانوت العبد خفت عليه الضيعة، فزعم أن عليه ديونا لناس سماهم، وقامت بينة لآخرين بإقراره قبل هذا بدين ولمولاه بدين، ثم أقر بعد أشهر بديون لآخرين، فكتب إليه: إقراره بحدثان ما أقر خاص، إلا أن يقر لمن يتهم عليه بصداقة والدين غالب على ماله، فإذا وقف ماله، وضرب/على يديه، وأقام الناس في إثبات ديونهم، والدين غالب على ما في يديه، فإقراره بعد ذلك باطل.
قال محمد بن عبد الحكم: إذا حجر السيد على عبده المأذون حجرا ظاهرا عند حاكم وفي جامع الناس والأسواق، وأذاع ذلك. فلا يقبل إقراره بعد ذلك بدين، ولم يلزم ذلك فيما في يديه ولا في رقبته، وقال النعمان: إن أقر بدين بعد الحجر لم يلزمه في رقبته، ويلزمه فيما بيده من متاع، وما كان له عليه من دين قبل الحجر فهو أولى مما أقر به بعد الحجر، وكذلك لو مات مولاه ولم يحجر عليه، قال محمد: وهو يقول: إن المأذون يلحق رقبته الدين مع ماله، قال محمد: فإذا كان قد ثبت حجره ولزمه الحجر فلم أجاز إقراره بعد الحجر؟ فلا هو جعله حجرا
[10/ 91]

(10/91)


فأبطل إقراره، ولا هو ألزمه إياه فجعله فيما هو في يديه وفي رقبته على أصله في الذي يم يحجر عليه، وحكاية هذا تنوب عن نقضه، وقد قال أصحابه في هذا بقولنا: إنه لا يلزمه إذا حجر عليه، لا فيما بيده ولا في رقبته.

في بيع السفيه وشرائه وأفعاله ولا ولاية عليه
من العتبية: قال عيسى في السفيه يبيع قبل أن يولى عليه، قال ابن كنانة وابن نافع وجميع أصحاب مالك: إن بيعه جائز حتى يولى عليه، إلا ابن القاسم قال: بيعه وقضاؤه لا يجوز، لأنه لم يزل في ولاية منذ كان، لأن السلطان ولي لمن لا ولي له، فهو في ولايته حتى يولي عليه يقوم بأمره، وكذلك روى عنه سحنون في سفيه مات أبوه ولم يول عليه أحدا، أو مات/وصيه ولو يوصف به إلى أحد ثم يبيع متاعه أو ينقلب به، أن ذلك مفسوخ وإن طال الزمن فيه إذا كان مشهورا بالسفه، ولا شيء للمشتري عليه من الثمن كالمولى عليه، قال: وإن لم يعرف بشر ولا بخير ولا بتبذير إلا أنه يشرب الخمر، وربما أحسن النظر في ماله، ففعل هذا جائز إذا لم يول.
قال سحنون: أفعال السفيه الذي لا وصي عليه، يعني: ولا حجر، نافذة من بيع وهبة وصدقة حتى يحجر عليه، فإذا حجر عليه لم يجز شيء من أفعاله بعد الحجر، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف: إنه إن كان منذ بلغ سفيها لم يأت عليه حال رشد، فأفعاله مردودة، لأنه لم يزل في ولاية، ثم ذكر نحو قول ابن القاسم وحجته، قالا: وليس ترك السلطان ما يلزمه من التولية عليه مما يخرجه من ولايته، قال: وأما من خرج من الولاية بالبلوغ فإيناس الرشد منه بعد وحسن النظر في أمره، وما رجي منه من تماديه حتى بلغ وخالط، ثم حدث به حال سفه، فباع فيها وخالط أيضًا، ثم رفع أمره، فهذا بيعه كله، إلا أن يكون بيع سفه
[10/ 92]

(10/92)


وخديعة بينة، مثل أن يبيع ما يسوى ألف دينار بمائة، فهذا يرد ولا يتبع بالثمن إن أفسده، ولا يكون في ماله، وما كان بيعا متقاربا وإن كان فيه غبن متفاوت فهو نافذ، وقال ابن القاسم: بيعه قبل الولاية وبعدها مردود. وقال ابن كنانة: ولا يرد إلا ما كان بعد الولاية قولا مجملا لم يفصله.
قال مطرف وابن الماجشون:/ويرد بيع المولى عليه ولا يتبع بالثمن إلا أن يكون في يديه أو ما أدرك منه، أو يكون نمى به ماله، أو أدخله في مصلحته مما لم يكن له بد من إنفاق مثله من ماله فينظر له، فإن كان رد سلعته اليوم خيرا له ردت وودي الثمن من ماله، وإن رأى إنفاذ البيع خيرا له أنفذ وأخذ من المشتري تمام قيمته اليوم إن كانت أكثر، قالا: ولو كان إنما أكل الثمن فلا يلزمه منه شيء، وقال لي أصبغ: مثله إلا أنه قال: إلا أن ينفق ذلك فيما لا غنى به عنه، نفقة بينة معروفة، ومما لا بد أن يباع في مثل ذلك ماله، فهذا ماض، ويؤخذ الثمن من البائع، ويأخذ شيئه، فإن أكله السفيه فلا طلب عليه، ولو اشترى أمة فأولدت فهو فوت، ويرد بائعه الثمن، ولا يطالب السفيه بشيء، وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون في السفيه الذي لا ولاية عليه: بيعه جائز ما لم يخرج ن بيوع المسلمين، ولم يكن منه فيه إفساد ولا تلف.

في أفعال البكر اليتيمة أو غيرها وكيف إن لم يول عليها؟ وما الذي يوجب لها الرشد؟ وكيف إن قاسم عليها إخوتها؟
قال ابن حبيب: قال عطاء ومجاهد: لا يجوز للبكر قضاء في مالها حتى تدخل/بيتها. وتمضي لها سنة، أو تلد ولدا. قال مالك: بعدما تدخل بيتها
[10/ 93]

(10/93)


ويعرف من حالها، قال مطرف: يعني يشهد لها عدول من أهل الخبرة بها أنها صحيحة العقل رشيدة الحال، مصلحة للمال، حسنة النظر فيه حابسة على نفسها، قال مطرف: فإن شهد لها بهذا بعد البناء عندما دخلت وقد عرفت بما ذكرنا قبل البناء، فقد استحب مالك أم يؤخر جواز قضائها ما بينها وبين سنة، وهذا استحباب والذي يلزم أن يجوز بذلك قضاؤها، وإن شهد بذلك بعد البناء بيسير إذا عرفت بذلك في سترها، وأما إذا قضت في مالها بعد البناء، ولا تعرف برشد على من يريد أجازة فعلها ما بينها وبين السنة وما قاربها، وإن كان قضاؤها بعد السنة فالبينة على من يريد رد فعلها بأنها سفيهة، أو سيئة النظر، أو مختبلة العقل، وقاله كله ابن الماجشون وأصبغ.
قال مطرف عن مالك في البكر المرشدة المرضية الحال، الحسنة النظر، فلا يجوز لها قضاء في مالها ببيع ولا غيره، كان لها أب أو لم يكن حتى تبلغ أربعين سنة، وقاله أصبغ وابن القاسم. وقال ابن الماجشون: إذا لم يول بأب ولا غيره، فإذا بلغت الثلاثين جاز قضاؤها من عتق وعطية وغير ذلك إذا كانت مرشدة، وأما التي تولى بأب أو وصي أو خليفة سلطان، فلا يجوز لها قضاء وإن كانت/في الستر والحال كما ذكرنا حتى تنكح أو تعنس، وأول التعنيس أربعون.
وبه قال ابن وهب وغيره.
قال ابن حبيب: وبه أقول.
ومن العتبية: قال سحنون في البكر تعطي زوجها قبل البناء من مالها ما تبارئه به، فإن كان لها أب أو وصي لم يجز ذلك ورد ما أخذ، وألزمه الطلاق، وإن كانت لا أب لها ولا وصي عليها حتى تكون غير محجورة فذلك نافذ للزوج ما أعطته، بمنزلة السفيه ولا وصي له فأموره نافذه من بيع وشراء أو هبة أو غيرها ما لم
[10/ 94]

(10/94)


يحجر عليه، فكذلك البكر تجوز هبتها وخلعها إلا أن يولى بأب أو وصي. وقال مالك في ضعيف العقل يزوج فأراد وليه إجازة ذلك، فقال: إن كان مولى عليه لم يجز نكاحه، وإن كان غير مولى عليه فهو جائز.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في اليتيمة يدخل بها زوجها، ثم تخالع زوجها بالقرب بكل ما أعطاها، قال: يمضي الطلاق ويسترد وليها من الزوج كل من أخذ منها، ولم يكن لها أن تعطيه شيئا بإذن وليها أو بغير إذنه حتى تقيم سنة وتلد ولدا.
ومن العتبية: قال سحنون عن ابن القاسم في البكر الثلاثين سنة: لا يجوز قضاؤها في مالها وإن أبوها عنها، وإن تزوجت إلا بعد البناء ورشد الحال، وأما التي عنست وبلغت الخمسين والستين فهذه يجوز فعلها في مالها إن كانت لا بأس بنظرها، وإن لم تكن كذلك لم يجز ذلك./قال ابن القاسم: وإذا تصدقت بمهرها على زوجها بعد البناء بنحو الشهر، ولا يعلم أمرشده هي أم لا، وأجاز ذلك وليها أب أو غيره، أن ذلك مردود، وليس للولي أن يجيز فعل من في ولاية حتى يعرف حالها بالرشد ويتواطأ وتقوم به البينة.
قال أصبغ في العتبية، وكتاب ابن حبيب في البكر تحتاج فتبيع بعض عروضها، قال عنه ابن حبيب: وعقارها وتنفقه وتفعل في البيع والنفقة مثل ما يفعله السلطان، أو تبيع ذلك لها أمها أو من يقوم لها من أقاربها ممن ليس بوصي.
قال في العتبية: ولعله يبعد عليه أو عليها أمر السلطان أو يضيع ذلك، أو لعلها ومن ولي أمرها يقدر على رفع ذلك فتركته، فالا عنه: غير أن البيع والنفقة جريا بما يجريه الإمام من حسن النظر، قال ذلك سواء، وينظر فإن كان شيء له بال وقدر، مثل العقار الصالح، والأمر الكبير من عين فذلك مردود كله، وينظر في الثمن، فإن كان جعل في نفقة لا بد منها، أو أمر لا غناء عنه، ولا مرجع إلى
[10/ 95]

(10/95)


شيء غيره، ولو وليه سلطان أو وصي لباع ذلك للحاجة إليه، فليحسب للمشتري الثمن، قال عنه ابن حبيب: وأعطيه من مالها وإن كان على غير ذلك فهو ساقط عنها.
قال عنه العتبي: وإنما يبطل من بيع السفيه ما لا مخرج لثمنه إلا فيما شاء أو في شهوته، فهذا لا مرجوع بالثمن فيه، وأما ما دخل في وجهه، أو وجد بيد السفيه/فمردود إلى المشتري ويفسخ البيع، قالا عنه: وأما إن كان المبيع خفيفا مثل الدويرة أو البيت الخرب والأمر القريب، قال عنه ابن حبيب: أو الدويية أو الثوب فذلك نافذ إذا بيع لنفقة ومصلحته ولم يكن له غيره.
قال ابن حبيب عن أصبغ في البكر لا يوصي بها أبوها إلى أحد ترث مع إخوتها المنزل فيقسم ذلك إخوتها بغير أمر سلطان، فيعزلون لها حقها، فإن لم يفت ما بأيديهم ردوا وانتفي القسم، وإن فات ما أخذوا نظر فإن كان لها حظ فيما صنعوا ولا غبن فيه مضى ذلك ونفذ، وإن لم يكن نظر لها ولاحظ، وقد فات نصيبهم من الأرضين ببناء أو غرس، أعيد كله إلى القسم كأنه براح، فإن وقع لها ما فيه بناء وغرس نظر، فإن كان إنما أحدثه إخوتها أو من اشترى منهم محمد يعلم بعدتهم فليس له إلا قيمة ذلك مقلوعا، وإن كان مشتر لا يعلم بعدتهم فله قيمة ذلك قائما كمن بنى على شبهة.

في أفعال المولى عليه وما الذي يوجب له الرشد؟
وما الذي يوجب الحجر على السفيه؟
من كتاب ابن المواز: قال محمد: تجوز أفعال من لم يبلغ، فإذا بلغ فأنس منه الرشد كما قال الله سبحانه جاز فعله، وذلك أن يصلح ماله ويثمره ويكون له دين يحجزه عن معاصي الله، وعن إتلاف ماله في لذاته، وليس لذلك حد من
[10/ 96]

(10/96)


السنين إلا الرشد، ولا يصح قول أهل العراق: إنه لا يحكم/له بماله حتى يبلغ خمسة وعشرين سنة، ويجوز عندهم قبل ذلك عتقه وبيعه وشراؤه، وهذا خلاف ما دل عليه القرآن.
قال: والذي يلي عليه يقوم مقامه في البيع والشراء أو غير ذلك، فيرهن ماله، ويتسلف له حتى يبيع ماله ويزوجه بغير إذنه إذا رأى ذلك نظرا له ويمهر بشبهه.
قيل: فالكبير السفيه لا أب له ولا وصي، أو كان غير مرشد أيحجر عليه؟ قال: أشهب: لا أرى ذلك إلا في البين أمره في تبذير ماله، وما لا يحكم إمساكه.
وقال ابن القاسم: يحجر على من لا أب له ولا وصي ممن لو كان عليه وصي لم يقض له بأخذ ماله ممن لم يتبين رشده، ولينزع القاضي منه ماله، ويجعل من يلي عليه، قال: وكذلك: من دفع إليه وصيه ماله ثم ظهر منه غير الرشد، فإن له أن يحجر عليه ثانية وينزع ماله.
قال أشهب: ولا ينظر إلى سفهه في دينه إذا كان لا يخدع في ماله كما يخدع الصبي، ولا يخاف عليه في تدبيره ولا تبذيره.
قال محمد: ولم يختلف في الصغير إذا بلغ أنه لا يدفع إليه ماله حتى يؤنس منه الرشد.
قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في المولى عليه يؤنس منه بعد البلوغ حسن النظر في ماله وفي أخذه وإعطائه، إلا أن يشرب المسكر، قال: لا يحكم له بأخذ ماله إلا بالرشد في الحال وفي المآل، قالا: ولا يرد لشرب الخمر في الولاية بعد أن خرج منها.
وقال ابن كنانة وغيره من المدنيين: لا يرشد حتى يكون رشيدا في حاله ومآله.
[10/ 97]

(10/97)


/وقال ابن القاسم وأصبغ: إذا كان حسن النظر في ماله خرج ن الولاية وإن شرب الخمر.
وبقول المدنيين أقول، وهو قول الحسن البصري.
قال أصبغ: لا يخرج المولىعليه من الولاية، ولا البكر المعنسة إلا بشهادة عدلين بحسن نظرهما في المال، ويكون أيضًا مع ذلك أمرا فاشيا غالبا، وإلا لم تنفع شهادة العدلين في قبض أموالهما، ولكن يحكم لهم في إنفاذ ما اعتقا وباعا وقضيا فيه.
قال أصبغ في السفيه المولى عليه، أو الصغير، أو البكر يتبع أحدهم الجارية فتعتق أو تحمل من مشتريها أو من زوج، أو يكون حيوانا فينتاتج فلترد تلك الدواب ونتاجها، والأمة وإن كان ولدها من زوج رد معها، وإن كان من المشتري فعليه الأكثر من قيمتها يوم ابتاعها أو اليوم، ويسقط الثمن الأول عن المولى عليه، إلا أن يكون قائما، أو دخل في مصلحة لا بد منا، وأما العتق فيرد.
قال ابن كنانة: ما أقر به المولى عليه من دين عند موته فهو في ثلثه مبدأ، واستحسنه أصبغ ما لم يكثر جدا، وإن وسعه الثلث.
قال مطرف وابن الماجشون في البكر والصغير والمولى عليه يبيع أحدهما، أو يهب، أو يعتق، فلا يعلم ذلك إلا بعد موته: أن ذلك مردود يورث عنه، وكذلك لو تزوج فلم يعلم به وليه حتى مات المولى عليه: أنه لا ميراث لامرأته ولا صداق عليه، إن بنى بها، لأن ذلك/مردود حتى يجيزه الولي، وإن كانت المرأة هي التي ماتت وبقي المولى عليه فالنظر لوليه قائم فإن رأى إجازة ذلك خيرا له وغرم الصداق لما يأخذ من الميراث أجازه وإلا رده، وقاله ابن أبي سلمة، وقال ابن القاسم: بل هو أمر جائز فد قات موضع النظر فيه، ومضى الذي كانت به الولاية، والأول أحب إلي، وإليه رجع أصبغ وقالا في المولى عليه من سفيه، وصغير وبكر: إنه لا يجوز عفوهم عما نيل منهم من الحدود والشتم والجراح، عمدها وخطائها، بل ذلك أولى بالصيانة مما حجر عليهم فيه، إلا في النفس فإنهم عند
[10/ 98]

(10/98)


الموت في العفو في العمد والخطأ كالكبير، وقال ابن القاسم: يجوز عفوهم فيما ليس بمال في الحياة، وبالأول قال أصبغ، وقال: هو كالعبد، ولو جاز هذا جاز نكاحه بغير إذنه وليه إذا حمل عنه الصداق حامل.
قال مطرف وابن الماجشون: ومن أتى إلى القاضي بيتيم بالغ فقال: إن أباه أوصى به إلي، وقد رشد وأنا أدفع إليه ماله، فاكتب لي به، فرآه، قال: لا يفعل حتى يثبت عنده أنه وصيه، وأنه قد رشد، ولو خوصم في فسخ بيع عليه ما أمكنه من ذلك. قال أصبغ: إن ثبت عنده رشده كتب له على ما يذكر من الوصية: إنك ذكرت كذا ودفعت إلى من ثبت رشده.
وقال سحنون في العتبية: يكتب له: إن فلانا أتاني بفتى صفته كذا، وزعم أنه يسمى فلانا، أو بامرأة/صفتها كذا، وزعم أن اسمها كذا، وذكر أن أباها أوصى بها إله وبمالها، وأنها بلغت مبلغ الأخذ لنفسها والإعطاء منها، يريد سحنون ذلك بعد البناء، وسألني أن آمره بدفع مالها إليها، ويكتب له براءة، فأمرته بدفعه إليها، فدفعه إليها عندنا، وهو كذا وكذا، وقبضته منه، وقد أشهدنا له بالبراءة منه شهداء هذا الكتاب.
وفي كتاب الصداقات: باب في صدقة المولى عليه.
قال ابن الماجشون: ومن باع من مولى عليه وأخذ حميلا بالثمن، فرد ذلك السلطان، وأسقطه عن المولى عليه، فإن جهل البائع والحميل حاله لزمته الحمالة، لأنه أدخل البائع فيما لو شاء كشفه، وإن دخل البائع في ذلك بعلم سقطت الحمالة، علم الحميل أو لم يعلم.
قال ابن الماجشون: ومن دفع إلى موقى عليه دنانير سلما في سلعة، فاشترى بها اليتيم سلعة من رجل وهي تعرف بعينها بيد الثاني، أو رهنا رجل ثم قال الأولى ففسخ ذلك، فله أخذ دنانيره بعينها من الثاني ومن الموهوب، وهي كدنانير لليتيم اشترى بها سلعة.
[10/ 99]

(10/99)


ومن العتبية: قال: ولو أسلفت إلى مولى عليه مالا، أو أسلمه إليه في سلعة، فاشترى بها أمة فأحبلها فهي له أم ولد، وليس لك أخذها في مالك، وترد أنت إليه السلعة إن قبضها، وإذا ابتاع السفيه أمة فأولدها فلترد الأمة على بائعها، ويرد هو الثمن، ولا شيء له من قيمة الولد والولد ابن للسفيه حر. وروى أشهب عن مالك في المولى/عليه يداين ثم يموت: أنه لا يقضى عليه، وهو في موته كهو في حياته، إلا أن يوصي به وقد بلغ حد الوصية، قال أبو محمد: يريد ك فيكون في ثلثه.
قال عيسى عن ابن القاسم في يتيم له وصي وقد بلغ: ومثله لو طلب ماله أخذه، تزوج بغير إذن وصيه، ثم فسد وصار ممن يستحق الحجر، ثم طلقها في سفهه قبل البناء، وصالحها على أقل من نصف الصداق الذي قبضت بعلم الوصي، قال: يرجع وصية بتمام نصف الصداق، لا إذن لوليه في النقصان، ولو ادعى أبوها أنه رد إلى اليتيم نصف الصداق لم ينفعه، وإن صدقة اليتيم، لأنه دفع إلى مولى يجوز قبضه، وأما نكاحه وهو في الحال الذي ذكرت فيجوز، وهو كالإذن له.
وفي كتاب الوصايا: ذكر وصية المولى عليه. وفي كتاب العتق: ذكر عتقه، وفي الوصايا: كثير من معاني هذا الباب. وهناك ذكر فيمن يبيع على الصبي ممن ليس بوصي من أم أو عم كنفه.
في البالغ هل يسافر بغير إذن أبويه؟
من العتبية: روى أشهب عن مالك، وسأله رجل فقال: إن ابني تزوج امرأة، وهو يريد أن يذهب معها ويخرج ويدعني، وأنا شيخ كبير لا أقدر على نزع الشوكة من رجلي، فقال: إن كان قد بلغ وليس بسفيه ولا ضعيف العقل، وهو
[10/ 100]

(10/100)


يلي نفسه، فذلك جائز له، وهو رجل يخرج إن شاء إلى العراق، وإن كان لا يلي نفسه وهو سفيه مأخوذ على يديه فليس ذلك له.

/فعل الأب في مال ولده
قال ابن حبي: قال مطرف وابن الماجشون: وما وهب الأب من مال ولده الصغير من عرض أو رقيق أو عقار، فإن كان مليا فذلك نافذ للموهوب، وعليه للابن عوضه، شرط له ذلك على نفسه أو لم يشترطه، ولا سبيل للابن على الهبة إلا أن يعسر الأب من بعد يسره، فليرجع الابن فيأخذ الهبة، إلا أن تفوت فيأخذ قيمتها من الموهوب، ثم يرجع الموهوب على الأب بذلك، يتبعه من عدمه، لأنه قد لزمته القيمة لابنه فوداها هذا، والفوت في ذلك عتق العبد، والأمة تتخذ أم ولد، وإبلاء الثوب، وأكل الطعام، وبيع الهبة وأكل ثمنها، وما كان فوته بسببه، وأما ما هلك بأمر الله عز وجل فلا يضمنه، وإن كان الأب يوم الهبة قيمته إن كان له شيء يوم الحكم، وإن لم يكن وكان متصل العدم وداها المعطي ولا يرجع بها على الأب، وكأنه وهب مال أجنبي، وإن كان الأب يوم العطية معسرا ثم أيسر ثم أعسر نفذت العطية ولا يأخذها الابن وإن كانت قائمة، إن كان الأب مليا، وإن كان عديما فهل أخذها إلا أن يفوت فيأخذ القيمة من المعطي إن فاتت بسببه، ثم يرجع بها المعطي على الأب، قال: ومن باع أو رهن من متاع ولده لنفسه فهو مردود، إن عرف أنه فعله لنفسه، ولأنه قد يفعله لولده، وإن لم يعرف، فهو على أنه لولده/لا يرد حتى يعلم أنه لنفسه لدين عليه أو لغيره، وهذا في عدمه، فأما وهو ملي فذلك ماض ويضمن الثمن، وما اشترى لنفسه من رقيقهم وعقارهم فذلك نافذ، إلا بالبخس البين، فيرد كله، وما قارب الأثمان مضى.
ومن باع من مال ولد الصغير فحابى فيه، فإن صغرت المحاباة مضى ذلك، وكانت في مال الأب كالعطية، وما عظم من المحاباة رد كله.
[10/ 101]

(10/101)


قال مطرف: وما أعتق من عبيده جاز في ملأ الأب، وإن كان عديما رد ذلك، إلا أن يطول زمانه، ويولد للعبد على الحرية فيمضى، وبيع الأب على القيمة، قاله مالك.
وكذلك ما نكح به من عبد أو غيره جاز في ملئه وعليه، فإن كان عديما رد ما لم يبن بالزوجة فيمضى، ويتبع الأب بالقيمة، ولا يكون للابن أخذ ذلك وإن لم يفت، وقال ابن الماجشون: سواء بني بها أو لم يبن، طال أمر العتق وولد له على الحرية أو لم يطل ولم يولد له، وسواء صغيرت المحاباة فيما أعطى من ماله أو عظمت، إن كان الأب موسرا مضى ذلك وأخذت هذه القيمة، وإن كان معدما رد ذلك كله إلى الابن. وقال أصبغ: يحوز هذا كله من فعل الأب من هبته وبيعه وعتقه وإصداقه النساء، مليا كان أو معدما، قائما كان ذلك أو فائتا، طال أمر العبد أو لم يطل، بني بالمرأة أو لم يبن، كان البيع له أو لنفسه، فذلك كله ماض ويلزم الأب قيمة ذلك لنفسه في ماله وفي ذمته إلا أن يكون السلطان قد تقدم/إليه في ذلك ونهاه عنه، فلا يجوز بعد ذلك، فجعله في شيء من ذلك، وبالأول قال ابن حبيب. وفي كتاب ابن المواز من هذا الباب في النكاح وكتاب العتق وغيره.
ومن سماع أصبغ من العتبية: قال ابن القاسم في الأب يبيع على ابنه في حجره دارا أو أرضا، فإن كان ليس بسفيه ولا مولى عليه جاز ذلك، ولا يرده الابن إن كبر إذا ذلك نظر له، ويتبع أباه بالثمن، وللأب محاسبته بالثمن بالنفقة عليه إن شاء من يوم باع، وإن كان الأب سفيها يولى على مثله، لم يحز بيعه، وإن لم يكن عليه ولي كما لو باع على نفسه، وإن السفيه إذا مات أبوه أو وصيه فهو عندي كالمولي عليه، وقد يموت الرجل فجأة أو في سفر، وقد لا يرفع أمره إلى قاض فيولي عليه، أفيذهب مال هذا في مبايعته وأفعاله؟ هذا بين الفساد، وكذلك سمعت.
[10/ 102]

(10/102)


ومن سماع ابن القاسم: وعمن تصدق على امرأته وعلى ابنه الصغير منها ببعض حائطه صدقة بتلا، فطلبت المرأة بيع حصتها من ذلك، وأراد الأب أن يبيع لابنه، قال: ذلك لهما، قيل: والابن صغير فأراد أن يبيع عليه نظرا له، قال:
ذلك له.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الأب يهب عبد ابنه صغيرا ويتصدق به، وقال مالك: ذلك باطل، وإن كان مليا، وإن أعتقه، يريد: عن نفسه والأب مليء، فذلك نافذ، وعليه لأبيه قيمته، ولو كان كبيرا لم يجز عتق الأب/وأما ما تزوج به من مال ولده الصغير، فإن كان الأب مليا فذلك نافذ للمرأة بني بها أو لم يبن، وقاله مالك.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: ومن تصدق على ابنه الصغير بغلام ثم أوصى بعتقه ومات الأب، فإن ذلك نافذ، ويعتق في ثلثه، وقيمته للابن في رأس ماله، لأنه كان يجوز لابنه، ولو أوصى بعتق لابنه الصغير لجاز إن كان له ثلث يعتق فيه، فكذلك هذا، وإن مات الأب ولا مال له لم تجز الوصية للعبد، والابن أولى به بالصدقة، وإن كان الابن كبيرا يجوز لنفسه، فإن لم يقبض الابن العبد حتى مات الأب بطلت الصدقة له، والوصية للعبد جائزة، وإن قام يجوزه في صحة الأب فذلك له، وتبطل الوصية للعبد لأنه لا يجوز أن يوصى في عبد ابنه الكبير بعتقه.

في قضاء ذات الزوج في مالها
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: روي أن النبي عليه السلام قال: لا يجوز لامرأة أن تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها. فرأى العلماء أن الثلث ذو بال، ولم تكن أسوأ حالا من المريض الذي قصره رسول
[10/ 103]

(10/103)


الله صلى الله عليه وسلم على الثلث: فما فعلت أكثر من الثلث في عتق، أو صدقة، أو هبة فهو مردود حتى يجيزه الزوج، وقال ابن القاسم: هو جائز حتى يرده الزوج كعتق المديان، ورواه عن مالك، وأنكر مطرف/وعبد الملك هذه الرواية، وقالا: الغرماء لا يصح لهم نكير إلا بإثبات بينة على الدين وإغراق الذمة، وهذا زوج فلا يكلف بينة، وقد قال في الحديث: لا يجوز لامرأة، فهو مردود في الأصل، قالا: وإذا قضت بالكثير فلم يعلم به حتى تأيمت بموته، أو طلاقه، أو علم فرده فلم يخرجه من ملكها حتى تأيمت. فذلك نافذ عليها، وكالعبد يعطي ويعتق فلا يرد ذلك حتى أعتق أنه يلزمه، والغرماء يردون عتق المديان للعبد فلم يخرج من يديه حتى أيسر أن العتق ماض، وإذا لم يعلم الزوج بما فعلت من عتق وعطية حتى ماتت هي، أو لم يعلم السيد بفعل العبد حتى مات فذلك مردود، لأن لها الميراث فيه.
وقال أصبغ بقول ابن القاسم: إن قضاء المرأة جائز حتى يرده الزوج، فإن لم يعلم حتى تأيمت أو ماتت فذلك ماض، وقال أصبغ: أقول بقوله في الموت، وأما في التأيم فبقول مطرف وابن الماجشون، وقال ابن حبيب بقولهما في كل شيء، وقال: قد أجمعوا في التأيم واختلفوا في الموت، فقال ابن القاسم: إذا لم يعلم به الزوج ولا رده حتى تأيمت يحكم به عليها، ولا يحكم به عليها إن كان الزوج قد رده حين علم، وقال مطرف وابن الماجشون واصبغ: ذلك كله ماض عليها، لأن ذلك الرد ليس برد للعتق، إنما هو رد للضرر، وقد أجمعوا في الهبة أنها بخلاف العتق، وأن الزوج إذا ردها ثم تأيمت فلا يلزمها/إمضاؤها، وإذا لم يرد حتى تأيمت فهي ماضية، وأجمعوا في الهبة أنها تقضي فيها بما أحبت قبل أن تتأيم إذا كان قد ردها الزوج.
قال ابن القاسم: وإذا أعتقت ثلث عبدها ولا تملك غيره جاز ذلك، ولو أعتقته كله لم يجز عنه شيء، وهو قول ابن أبي حازم وقال ابن الماجشون
[10/ 104]

(10/104)


ومطرف: ويبطل عتقها في الوجهين لأنه كأنه أعتقته كله بعتق بعضه، لإيجاب النبي عليه السلام تتيمم العتق على معتق شقص، فكيف بمن يملك جميع العبد، فلما منع الزوج من ذلك رد جميعه، وروياه عن مالك، وعن المغيرة، وابن دينار، وغيرهم، قالا: وكذلك لو أعتقت نصيبا لها منه لا تملك غير ذلك النصيب، فرده الزوج، فلا يجوز من عتقه شيء، وقاله ابن نافع وأشهب وأصبغ، إلا أن أصبغ قال: إذا أعتقت. . . بينها وبين رجل أنه يستتم عليها، إلا أن يرد ذلك الزوج هذا، لأن أصله أن فعلها ماض حتى يرده الزوج.
قال مطرف وابن الماجشون: وإن كان لها عبيد غيرهم، فأعتقت أثلاثهم، فذلك باطل، ولو أعتق ثلثهم أعتقت ثلثهم بالسهم، فإن خرج عبد وبقي من الثلاث أسهم حتى يتم الثلث، فإن كان تمامه في أقل من عبد أو جميعها على ما بينا. وقاله أصبغ.
وقال مطرف عن مالك: إذا دبرت عبدها فذلك ماض لا رد للزوج فيه، إذ لم يزل رقه وإنما منعت بيعه، وقد كان/لها ألا تبيعها بلا تدبير، وقاله ابن القاسم، ورواه عن مالك، وقال أصبغ: وقال ابن الماجشون: لا يتم ذلك إلا بإذنه، وهو كعتقه، وقد منعت نفسها من البيع إن أرادته بعد ذلك، وقال ابن حبيب بالقول الأول.
وقال ابن الماجشون: وإذا أعطت أو تصدقت بأكثر من الثلث رد منه الزائد على الثلث، وأما في عتق العبد فيرد جميعه لئلا يعتق بعض عبد بلا استتمام فيخالف السنة، ورواه عن مالك. وقال مطرف: ما علمت مالكا فرق بين ذلك، إن ذلك مردود إلا أن تقتصر هي على الثلث، وقاله ابن القاسم، وبقول ابن الماجشون أقول.
[10/ 105]

(10/105)


وقال لي عن مالك: إذا تصدقت بالثلث فأقل على وجه الضرر بالزوج والسفه أنه يرد ذلك كله، وبه أقول، وقاله أشهب عن مالك، وقال ابن القاسم ذلك ماض لها على أي وجه كان، وقاله أصبغ.
قال مطرف وابن الماجشون: ولها أن تنفق على أبويها وتكسوهما وإن جاوزت الثلث، ولا قول للزوج، لأن الحكم يوجبه عليها، وقاله أصبغ.
وقال أصبغ: وإذا أعتقت رأسا من رقيقها ثم رأسا ثم رأسا والزوج غائب، ثم قدم فإن كان بين ذلك أمر قريب حتى كأنها اغتزت تجويز الكثير من مالها مثل أن يكون بين ذلك اليوم واليومين، فإن حملهم الثلث وإلا رد جميعهم كعتقها إياهم في كملة، وإن كان بين ذلك بعد مثل/شهر وشهرين جاز الأول إن حمله الثلث فأقل ورد ما بعده وإن حمله الثلث مع الأول لأن مخرجه الضرر، وإن تفاوت ما بين الوقتين مثل ستة أشهر فهو عتق مؤتنف يبدأ لها فيه نظر الثلث في كل وقت.
قال أصبغ: وإذا تصدقت بشوار بيتها وهو قدر الثلث فأقل فقال الزوج: لا تعري بيتي فذلك ماض، وتؤمر هي أن تعمر بيتها بشوار مثلها، وكذلك لو تصدقت قبل البناء بصداقها، وهي دون الثلث، وهي ثيب أن ذلك ماض، وتؤمر أن تجعل مثله من مالها في شورة تدخل بها.
وقال ابن الماجشون: وإذا أقرت في الكثير من جهازها أنه لأهلها جملوها به والزوج يكذبها، فإن لم يكن إقرارها بمعنى العطية فذلك نافذ على الزوج، وإن كان بمعنى العطية. رجع ذلك إلى الثلث.
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن وهب في العبد له المرأة الحرة، إنه ليس له من منعها من القضاء في ثلثي مالها مثل ما للحر، ولها أن تتصدق بمالها ولا كلام له، قلت: إنه قد يعتق، قال: ما اتفق الناس في الحر فكيف في العبد، قلت:
[10/ 106]

(10/106)


فهو رأيك في الحر أن له منعها إلا من الثلث، قال: هو أحب غلي. قال: وأما الأمة تحت الحر فليس له عليها حجر مالها لسيدها، وهي لا تختلع إلا بإذنه.
قال أصبغ: أما قوله في الحرة تحت العبد فليس بشيء، وله ما للحر، وهو زوج، وهو حق له.
وقال أشهب وابن نافع عن مالك مثله.
وكذلك ذكر ابن المواز عن مالك/أن له منعها.
وفي كتاب الصدقات باب في صدقة ذات الزوج المولى عليها فيه كثير من هذين البابين ها هنا وزيادة في معنى ما فيهما.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا طلب الزوج أن يخرج بزوجته إلى بلد آخر، ولها عليه دين فدخل أو تقارب حلوله أو لم يتقارب، وقالت: لا أخرج وها هنا بينتي، فإن له أن يخرج بها وتطلبه بالدين حيث ما حل، فإن طلبت كتابا من القاضي بما ثبت من دينها فإن كان قريبا فذلك لها، وإن كان ذلك بعيدا فليس لها ذلك، وله أن يخرج بها.

في مال المرتد، وإيقافه، وقضاء ديونه، وذكر دين المعاهد الناكث ونحو ذلك
وهذا الباب مستوعب في كتاب الجهاد، وكتاب المرتد، من قول مالك وأصحابه، وهذا المذكور منه ها هنا لابن عبد الحكم سيغني عنه أو يضاف إليه ما في ذينك الكتابين لتعلق ذلك بما في هذا الكتاب من ذكر الديون والحجر في المال.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا ارتد رجل وعليه ديون حالة أو مؤجلة، فإنما يقضي عنه الإمام ما حل من ديونه من ماله، فإن قتل قبل ذلك فقد حل الرجل من الدين الذي عليه، ويحاص في ماله من حل دينه ومن لم يحل، ولو رجع إلى
[10/ 107]

(10/107)


الإسلام قبل ذلك فلم يحل ما عليه إلى الأجل، ولمن حل دينه قبضه منه بخلاف المفلس، ولو لحق/بدار الحرب مرتد فليسمع البينة بما عليه من دين، ويبقى المؤجل إلى أجله بخلاف التفليس ويحاط الفاضل من ماله حتى يموت مرتدا فيكون كالفيء، أو يرجع إلى الإسلام فيورث عنه إن مات، وليس كالتفليس، ولا يكون من وجد من غرمائه سلعته بعينها أحق بها.
تم الجزء الثاني
من كتاب المديان والتفليس
بحمد الله وعونه

[10/ 108]

(10/108)