النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم
عونك اللهم
كتاب الرهون
في حيازة الرهون
من كتاب ابن المواز والمجموعة عن عبد الملك، قال: وإذا كتب في كتبا الرهن
أن فلانا قد حازه، يعنى المرتهن، أو قد حازه له فلان، وأشهدا بذلك على
أنفسهما فلا ينفع ذلك حتى تشهد البينة على معاينة الحوز، ولو مات الراهن أو
أفلس ووجد الرهن بيد المرتهن أو بيد الموضع على يده ينفع ذلك حتى تعلم
البينة أنه حازه قبل الموت والتفليس،/قال ابن المواز: صواب لا ينفع إلا
معاينة الحوز بعد الارتهان.
قال ابن الماجشون في كتبا ابن عبدوس: وكذلك لو وجد بيد الوارث لا يدرك هل
حيز أم لا، فذلك أوهى له، وهو باطل.
ومن المجموعة: قال ابن وهب: قال مالك: وإذا أقر الرهن بيد ربه، وأشهد عليه
أن لا يبيعه ولا يهبه، ولم يقبضه، فليس برهن حتى يقبضه أو وكيله أو من
يرضيان به، وإذا كتب أنه قد حازه ولم يخرج من يد ربه، فباعه، جاز بيعه وليس
برهن.
[10/ 161]
(10/161)
قال غيره عن مالك: إذا كتبا أنه حازه وقبضه
وأشهد بذلك، ولم يروه يقبض، ولكن يشهدون على إقراره بالقبض، ومن ذلك ما
يعرف أنه لم يقبضه مثل الحائط خارج المدينة، فليشهدوا على إقراره. قيل: فقد
يشهد عليه ببراءة من مال له عليه دفعه إليه، كيف يشهد على دفعه ويدفع إليه،
ويشهد بذلك ولم يره قبضه؟ قال: قد يرى ذلك حين دفعه ويراه في يديه وإن لم
يعرف عددها إلا بإقراره، والمقر على نفسه بقبض الذهب لم يدخل بقبضه على
غيره ضررا في الرهن إذا شهدوا بقبضه، وإنما سمعوا يقر به قد ظلموا الغرماء.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وأشهب: وإذا قبضه المرتهن، ثم
رده إلى ربه إما بإجارة أو مساقاة أو وديعة أو عارية أو بغير ذلك فقد خرج
من الرهن، قال أشهب: ثم إن قام المرتهن برجه قضي له بذلك إلا أن يدخله فوت
من تحبيس أو عتق أو غيره. أو قام غرماؤه.
قال في كتاب ابن المواز: أو بيعه، قال في الكتابين، وقاله ابن القاسم إلا
في العارية، وقال: ليس رده في العارية إلا أن يكون أعاره على ذلك، فإن
أعاره على ذلك: قال في كتاب ابن المواز: فيكون له رده ما لم يمت صاحبه أو
يقوم غرماؤه.
قال ابن القاسم في المجموعة: إذا أعاره على ذلك، فاستحدث دينا، فقيم عليه
قبل دره فهو أسوة الغرماء.
وهذه المسألة من أولها في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم على ما ذكر
عنه ابن عبدوس، وزاد عيسى في روايته فقال: وقد اختلف في: إن رده إليه قبل
[10/ 162]
(10/162)
أن يفلس ثم فلس، قال مالك: ليس برهن، وهو
أسوة الغرماء فيه، وأحب إلي أنا أن يكون رهنا حازه قبل أن يفلس.
قال ابن القاسم: وإذا أذن له في الدار يسكن فقد خرجت من الرهن، قال هو
وأشهب: ولو أذن في زراعة الأرض فزرعها وهي بيد المرتهن، فهو خروج من الرهن.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن تسلف
من امرأته سلفا ورهنها خادما تخدمها، قال: أحب إلى الو جعلها بيد غيرها.
وقال في موضع آخر: لا يكون ذلك رهنا.
قال اصبغ في كتاب ابن المواز: ذلك لها حوز وكل ما في البيت إلا رقبة البيت
فلا يكون سكناها فيه حوز له.
قال ابن القاسم: وكذلك الصدقة.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم: إذا رهنها خادما ببقية صداقها قبل
البناء فحازتها أشهرا، ثم بنى بها، فكانت الخادم تخدمها، فعدا عليها الزوج
فباعها، فالبيع نافذ وقد خرجت من الرهن بكونها تخدمها ولا تنتفع بمتقدم،
وكذلك لو رهنها إياها بعد البناء. فبقيت تخدمه لم يكن ذلك رهن حتى/يكون بيد
غيرها، قال بخلاف الصدقة والهبة، يهب أحد الزوجين لصاحبه الأمة فتبقى في
البيت تخدمها، فذلك حيازة تامة.
[10/ 163]
(10/163)
ومن قول مالك فيمن حبس ووهب فحيز ذلك عنه
سنين، ثم سكن ذلك المحبس أو الواهب بكراء أو غيره، فلا يبطل ذلك.
وكذلك الصدقة، ولو كان رهنا لبطل بعودته إلى يده.
قال ابن عبدوس: وقال غيره في الذي وهن زوجته خادما قبل البناء فما خدمتها
به فهي تحاسب بخدمتها، وأما إذا رهنها إياها بعد البناء فكانت تخدمهما في
البيت فلا يكون رهنا ولا تحاسب بخدمتها. ... ... ... ... ... الرهون
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في المرآة ترتهن من زوجها خادمة في حق
لها قبلها، ثم أراد طلبها بأجر خدمتها، وقالت: لم تطلبني بحق خدمتها علي،
قال: فإن كانت الخادم تعمل لها خاصة من غزل وصنعة، فعليها الأجرة، وأما في
خدمة البيت معها فلا شيء له عليها فيه، وقال أشهب: لا أجرة له.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: ومن رهن بيتا من دار فيها بنيان ما يلي ذلك في
الدار فحازه المرتهن بغلق أو كراء، قال: إن حد له نصف الدار، فذلك أحسن،
وإن لم يحده ولكنه أرهنه البيت بعينه، ونصف الدار شائعا فحيازته للبيت
تكفيه، وهي حيازة للجميع، وكذلك في الصدقة.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الرجل يرتهن الدار وفيها طريق
للمسلمين يسلكها الراهن معهم، قال: إذا حاز البيوت لم يضره الطريق، لأنه حق
للناس كلهم.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم عن مالك: ومن اكترى دارا سنة،/أو أخذ
حائطا مساقاة، أو استأجر عبدا سنة، ثم ارتهن شيئا من ذلك قبل تمام السنة
فلا يكون محازا للرهن، لأنه محازا قبل ذلك بوجه آخر.
[10/ 164]
(10/164)
قيل: فمن رهن فضلة رهن وقد تقدم فيه حوز
الأول، قال: هذا محوز عن صاحبه، والأول هو باسم صاحبه في المساقاة والكراء
والإجارة، قال محمد: فهو محاز له، والرهن محاز عنه.
ومن المجموعة قال سحنون: ومذهب ابن القاسم: أنه يجوز للرجل أن يرتهن ما هي
في يديه بإجارة أو سقاء، ويكون ذلك حوزا للمرتهن، مثل الذي يخدم العبد ثم
يتصدق به على آخر بعد ذلك فيكون حوز المخدم حوز المتصدق عليه.
ومن العتبية من سماع عيسى: ومن ارتهن رهنا وحازه سنة أو سنتين ثم أتى غيره
فأقام البينة أنه ارتهنه قبله وحازه، وقال: لم أعلم برهنه لهذا، فإنه يبدأ
الأول، ويكون ما فضل لهذا الآخر دون الغرماء
قيل: قد بيعت الدار للثاني بأمر السلطان، قال: يمضي البيع، ويبدأ بدين
الأول، وللثاني ما فضل لأن حيازته قد سبقت.
ومن العتبية روى ابن القاسم عن مالك في الحائط الرهن يوضع بيد رجل أمين،
أيساقيه من وضع على يديه صاحبه؟ قال: هذا يوهن للرهن وكأنه لم يره رهنا،
وأما إن أخذه رب الدين مساقاء من الأمين فذلك جائز.
وروى أبو الماجشون في كتاب ابن عبدوس: والأمين إذا ساقاه، أو أكراه،
وكتب/عليه الكتاب، وصار الكراء والثمرة إلى ربه فليس ذلك مما يغير الحيازة،
فإن كتب به للأجنبي كتاب براءة ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال ابن
[10/ 165]
(10/165)
الماجشون: وإذا مات الراهن فأكرى المرتهن
الرهن الذي حازه في حياته من بعض ورثته، فلا يخرج بذلك من الرهن، وهو أولى
به من الغرماء.
محمد: لأنه ليس لابنه إلا بعد الدين، ولو كان ذلك والأب حي لأضعف ذلك الرهن
وأبطله.
ومن العتبية: روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ارتهن دارا فأكراها من رجل
بإذن الراهن، ثم أكراها المكتري من الراهن، فإن كان المكتري من ناحية رب
الدار، فالكراء لازم وقد فسد الرهن، وإن كان أجنبيا وصح ذلك فذلك جائز ولا
يفسد الرهن.
قال ابن حبيب: قال اصبغ عن ابن القاسم: وإذا جعل الرهن بيد أمين فأكثراه
الأمين من ربه، فإن كان يعلم المرتهن بعد خروج من الرهن وهو فيه أسوة
الغرماء، وإن كان أكراه بغير ففسخه حين علم ورده إلى الحيازة، كان رهنا
ماضيا، وإن تركه لم يغيره حتى فلس الراهن فهو أسوة الغرماء، وإن باعه ربه
نفد بيعه ولم يكن رهنا، وإن أكراه بعلمه أو علم بعد العقد فترك فله أن
يفسخه، وإن أكراه بعلمه أو علم فلم ينكر ثم أراد أن يفسخ ذلك فليس ذلك له،
وإن لم يعلم حتى حل حقه فالرهن باطل، والأمين ضامن.
قال محمد بن عبد الحكم: من بايع رجلا أو أقرضه على رهن ولم يذكرا عند من
يكون فاختصما فيه، قيل لهما: اجعلاه/عند من رضيتماه، فإن لم يجتمعا على
الرضا بأحد جعله القاضي عند من يرضى.
[10/ 166]
(10/166)
في الرهن يوضع على يد غير المرتهن ممن هو
منه بسبب من ولده، أو زوجته، أو أجيره أو وكيله أو ذي قرابته
ومن العتبية من سماع ابن القاسم، وهو في المجموعة، وكتاب ابن المواز: وإذا
وضع الرهن بيد ابن رب الرهن، فذلك تضعيف له، ولا ينبغي أن يضعه على يدي
ابنه، ولا امرأته، ولا أخيه، وذلك يضعفه.
قال ابن القاسم في المجموعة: أما في الأخ فذلك رهن تمام، وأما الابن
والمرأة فإن وضع بأيديهما فسخ ذلك.
قال سحنون في العتبية: هذا في الابن الصغير، فأما الكبير البائن عنه فذلك
جائز، وكذلك ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب في الابن البائن عنه، أو ابنته،
أو زوجته، فإذا قبضوه دونه كله حوز للرهن، وإن كانوا في ولايته فليس بحوز.
ومن العتبية: روى أشهب عن مالك في الرهن يوضع على يدي الراهن في دين، وضمن
الابن الدين، والابن معه في المنزل، قال: الرهن ضعيف لكونه معه في المنزل
والعبد يخدمه، وأما ضمان الابن فإن لم يكن مولى عليه فضمانه يلزمه إن دخل
عليك الغرماء في العبد فهو ضامن لما خس من حقك.
وقال أصبغ في كتاب ابن المواز في حيازة الزوجة والابن، ثم قام الغرماء، فإن
حيز عن راهنه حتى لا يلي عليه ولا يقضى عليه فهو رهن ثابت.
[10/ 167]
(10/167)
ومن المجموعة: قال عبد الملك: وإذا وضعه
على يدي قببض لربه من عبده/أو أجيره وكاتبه، فإن كان شيئا يرهن بعضه فليس
بحوز، وإن رهن جميعه فذلك حيازة، إلا في عبده، قال: وحوز عبد الراهن ليس
بحوز، كان مأذونا أو غير مأذون.
قال اصبغ في العتبية فيمن ارتهن حائطا فجعل على يد المساقي فيه أو الأجير
فيه، فليس برهن حتى يجعل على يد غير من في الحائط.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم عن مالك: ومن أرهن حائطا له فيه
مساقاة، فليجعل المرتهن مع المساقي رجلا يستخلفه، أو يجعلاه على يد من
يرضياه به، فإن على يد المساقي أو أجير له في الحائط، فليس برهن حتى يجعلاه
بيد غير من في الحائط.
ومن المجموعة: قال عبد الملك: والوليان لا تتم الصداقة بحيازة أحدهما، ولو
كان حقا على أحدهما، فلا يتم فيه الحوز برهن أو غيره حتى يجعله على يد
الآخر، لأن الولاية لهما، فلا بد من حيازتهما، ولا يحوز المرء عن نفسه.
في رهن المشاع
من كتاب ابن المواز: قال فيمن له نصف عبد أو نصف دابة: لم يجز أن يرهن حصته
إلا بإذن شريكه، وكذلك كل ما لا ينقسم لأن ذلك يمنع صاحبه بيع نصيبه، وإن
أذن له جاز ذلك، ثم لا رجوع له، قيل: فكيف الحوز فيه؟ قال: أما ابن القاسم
فيقول: يحل المرتهن فيه محل الراهن في الحوز، وقال أشهب وعبد الملك: لا يتم
فيه الحوز إلا بأن يجعل جميعه على يد الشريك، قال
[10/ 168]
(10/168)
أشهب: أو يد غيرهما، أو بيد المرتهن، فإن
لم يرض الشريك بهذا فالرهن منتقض فيما يزال به من عبد أو دابة وسيف.
قال أشهب/في المجموعة: إلا أن يكون ثيابا تحمل القسمة فتقسم، وتضم حصة
الراهن بيد المرتهن أو بيد أمين، قال في الكتابين: وأما الدار والحمام فإن
أبى مما ذكرنا فليحل المرتهن فيه محل الراهن مع شريكه في الكراء والقيام
بما يليه، فتكون حيازة، وهذا قبض فيما لا يزال به.
وقال في المجموعة وكتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وأشهب: ولو أن الراهن
لنصف الدار اكترى نصف شريكه لم يفسخ الكراء فإن أقره المرتهن حتى سكن
الدار، فسد الرهن، وله منعه من السكنى حتى تقسم الدار حتى يحوز المرتهن حصة
الراهن.
وقال أشهب: للمرتهن منع الراهن من سكنى ما اكترى، أو القيام به إن لم يسكنه
حتى يجعل ما اكترى على يدي من الرهن على يديه ليتم الحوز شاء أو أبى.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز: قال عبد الملك: قال ابن المواز وغيره من
أصحاب مالك: ولو جعلت مصابة الراهن من الدار على يد الشريك فذلك حوز، ثم
رهن منه الشريك نصيبه جعل ذلك بيد الراهن الأول فحازه بطل الحوز في الحقين.
ولو جعل حق الراهن الثاني بيد أجنبي، قال ابن المواز: وبيد المرتهن لو يجز
الحوز فيه، لأن بيد راهنه نصف الدار غير مميز وأما حق الأول فهو رهن محوز.
[10/ 169]
(10/169)
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية في
دار بين زيد وعمرو، وفأرهن نصيبه في دين عليه وجعله بيد عمرو، فسكن عمرو
جميع الدار يؤدي كراء حصة زيد فذلك جائز، وهو رهن محوز. ... ... ... الرهون
2
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة: ومن رهن دارا أو عبدا أو ثوبا فاستحق نصفه
فإنه يكون كمن رهن نصف ذلك على ما ذكرنا، قال أشهب: أما في الدار ولما لا
يزال به فليكن ذلك على يد المرتهن أو المستحق، وأما ما يزال به فإن حيازة
ذلك حوز المرتهن جميعه، فإن أبي المستحق قسم ما ينقسم، وحاز المرتهن ما دفع
للراهن، وبيع ما لا ينقسم يأخذ المرتهن مصابة الراهن من الثمن معجلا من
دينه إن بيع بمثل الدين من دنانير أو دراهم، ولأن إيقاف الثمن ضرر فلا
منفعة فيه، وإذا كان حقك دراهم فبيع بدنانير أو بغيرها، فلك إيقاف ذلك إلى
الأجل، وكذلك لو كان حقك دنانير فبيع بدراهم أو بغير ذلك، ولو أنه أرهنك
النصف ثم أراد بيع النصف الذي لم يرهنك فليس ذلك له حتى يتم الأجل، يريد:
فيما لا ينقسم، وإنما ذكرنها في المجموعة في الثوب، قال: فإذا حل الأجل
فبيع ذلك كنت أحق بنصف الثمن في دينك، ويحاصص بباقيه.
قال أشهب: وإن كان نصف الثوب لشريك الراهن، وقد كان سلم له ما رهن، فأراد
الشريك بيع جميع الثوب فليس له ذلك، إلا إلى الأجل، لأنه سلم لك الرهن،
ولكن له بيع نصيبه على أن يبقي جميعه بيدك إلى الأجل، وكذلك لو كانت على يد
الشريك فأراد الشريك بيع نصيبه على أن يكون جميعه بيده كما كان فهو جائز،
وإن لم يدن حلول الأجل، وليس كمن باع شيئا يقدر على دفعه على أن لا
يدفعه/إلى مدة، يريد: فلا يجوز، وأما في الرهن فيجوز عندي ويصير في ضمان
المشتري، قال ابن ميسر: لا فرق بينهما ولا يجوز.
[10/ 170]
(10/170)
ومن كتاب ابن المواز: ويجوز للرجل أن يرهن
نصف الدار، وهي كلها له، وكذلك نصف الأرض، فيقوم بذلك المرتهن مع الراهن
جميعا، يكريان جميعا أو يحوزان أو يضعانه على يد غريهما ما لم يكن الموضوع
على يديه قيما للراهن من عبد أو أجير، وأما رهن الجميع فيجوز إلا على يد
عبده.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم عن مالك فيمن رهن نصف دار، أو نصف دابة، أو
نصف ثوب فذلك جائز، وقبضه أن يحوزه دون صاحبه.
قال أشهب: ولا حيازة فيه إلا بقبضه كله على يديك أو بيد من يرضيان به.
في ارتهان الدين وحيازته
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وارتهان الدين جائز، وإذا دفع إليه وذكر
الحق وأشهد له فهو حوز في الرهن والصدقة، وهو أحق به في الموت والفلس، وإن
لم يكن فيه كتاب ذكر حق، فإذا جمع بينهما وأشهد فهو حوز.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم والمجموعة: قال مالك: ومن أقرض رجلا مالا
على أن يرهنه دينه على فلان، فرهنه إياه، وأشهد على ذلك فهو حوز تام وكان
أمرا قويا.
قال ابن القاسم في المجموعة: وإن لم يكن فيه ذكر حق وأشهد على ذلك فهو حوز
تام فلا باس بذلك.
وقال أيضًا ابن القاسم: إذا لم يكن فيه ذكر حق لم يجز إلا أن يجمع بينهما،
وإذا كان فيه ذكر حق جاز، وإن لم يجمع بينهما بذلك،/ودفع ذكر الحق وأشهد.
[10/ 171]
(10/171)
ومنه ومن العتبية: روى سحنون عن ابن القسام
فيمن له عليك دين مؤجل، فبعت منه سلعة بثمن مؤجل، وارتهنت منه دينه الذي
عليك، فإن كنت بعت منه إلى أجل دينه أو إلى دونه فذلك جائز، وإن بعتها منه
إلى أبعد من أجل دينه لم يجز، لأن بقاء دينه بعد محله رهنا عليه كالسلف،
فهو بيع وسلف، وكذلك لو كان دينه قد حل عليك فاشترطته رهنا في ثمن سلعتك
إلى أجل، دخله: بيع وسلف إلا أن يدفع ذلك بيد عدل إلى محل أجل الدين، وهذا
تفسير قول مالك.
ومنه ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم قال: وإذا كان عليك دين لرجلين
فرهنتهما ذكر حق لك على رجل على أأحدهما مبدأ فيه أول ما تقتضي فذلك جائز،
وله شرطه إذا جمع بينه وبينهما، وذكرنا في باب ضمان الرهون في الرهن يهلك
بيد المرتهن، أن دينه لا يكون رهنا في قيمة الرهن، وما أشبه هذا.
ومن المجموعة: قال غيره: ومن واجر نفسه من رجل سنة بدينار يأخذه عند السنة،
فتسلف الأجير دراهم، وارتهنه الدينار الذي له في الإجارة: أنه مكروه، ولا
أراه رهنا، وكل عطاء يخرج من الأمان إلى أهله، فارتهنه رجل في بيع أو سلف
فليس برهن، وما كان من عطاء يخرج إلى العرفاء فذهب معه إلى عريفه فأقر
عنده، وأشهد له، وأمره بدفع عطائه إليه، فالمرتهن أولى من الغرماء، وهذا
حيث يخرج العطاء لا شك فيه.
[10/ 172]
(10/172)
في الرهن من يلي عقد
كرائه؟ وكيف إن أكراه من الراهن أو ممن هو بسببه؟
وما يبطل الحيازة من هذا وشبهه؟
/قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: وللمرتهن أن يكري الرهن، وأحب إلي أن
يستأمر الراهن إن حضر، فإن لم يؤامره مضى لك إذا اجتهد ولم يحاب، فإن حابى
ضمن المحاباة وتم الكراء، وإن لم يحاب فعجل الراهن الدين وطلب فسخ الكراء
فليس له ذلك إذا كان بلا وجيبة، وإن كان أكراه بوجيبة فللراهن فسخه، وإن
كان أجلا دون أجل الدين.
قال أصبغ: إن كان الوجيبة إلى أجل الدين فدون، فليس للراهن فسخه، وإن كان
إلى أبعد من أجل الدين، فإذا تم أجل الدين فله فسخ ما زاد عليه، وإذا كان
الدين حالا لم أحب أن يكرى بها بوجيبة طويلة جدا، فإن أطال أجلها لم يلزم
الراهن إذا عجل الدين.
قال ابن الماجشون: وإذا ترك المرتهن أن يكري الدار حتى حل الدين، فأنكر ذلك
عليه الراهن الآن فله مقال، لأن عقد الكراء إلى المرتهن، فإن كانت دارا لها
قدر ولكرائها خطب مثل دور مصر ومكة في الموسم وغيره، فقد تعدى في ترك
كرائها، ويضمن كراء مثلها كان الراهن حاضرا أو غائبا، ما لم يكن يراها
مغلقة فلا ينكر، وكذلك العبد المخارج النبيل الذي إنما ارتفع ثمنه لخراجه
يدعه لا يكذبه فهو ضامن لأجر مثله، وإذا لم يكن الأمر على هذا، وقد يكون ما
ليس له كبير كراء، ومثل ما قد يكري وقد لا يكري فلا يضمن في مثل هذا. قال
أصبغ: لا يضمن كان ذلك ما كان، ولو أمره بإكرائها ولم يفعل لم يضمن،/ولو
[10/ 173]
(10/173)
كان وكيلا على الكراء فترك ذلك لم يضمن،
إلا أن يكون شرط اطراد الغلة في حقه فهذا يضمن على ما قال ابن الماجشون،
وبهذا قال ابن حبيب.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم: وإذا أكرى الراهن الدار بأمر المرتهن خرجت
من الرهن، وقال هو وأشهب: وكذلك في العيب أو البئر أو حصة من شرب بئر أو
عين، فللمرتهن منعه إن يسقي به وأن يكريه، وإذنه له في ذلك خروج من الرهن،
وإن كان المرتهن عقد الكراء بأمر الراهن لم يخرج من الرهن، وإن لم يأمره رب
الماء بالكراء فليس له أن يكريه، قال أشهب: هذا في ارتهانه أصل البئر، وأما
في ارتهانه الماء بعينه وكان بيعه إياه أغرر لثمنه لحار البئر إذا أميج
فللمرتهن بيعه شاء الراهن أو أبى، وإن كان ذلك كله يجتمع في البئر، فليس لك
بيع حتى يحل حقك، وكذلك إن ارتهن إجارة العبد مع العبد فله أن يؤاجره بغير
إذن ربه.
[وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم أن للمرتهن أن يكري الرهن بغير إذن ربه] علم
أو لم يعلم.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك، وهو في كتاب ابن المواز، قال: إن
المرتهن يلي كراء الرهن، ويؤاجره إن كان عبدا بإذن الراهن، أو يكريه من وضع
عليه يديه بإذن ربه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك: قال سحنون فيمن بيده كرم رهن،
فإذا حل إبان حفره فأتى ربه بحفار، قال: لا يحضر حفره ولا يأتي بحفار،
وإنما يأتي به المرتهن/وهو يأمره بالحفر ومن حيث يبدأ، وكذلك حرث الأرض.
[10/ 174]
(10/174)
قال ابن المواز: واجتمع ابن القاسم وأشهب
على أن الراهن إذا أكرى الرهن بأمر المرتهن فقد خرج من الرهن، وهو كقبضه
له، ولكن يكريه المرتهن.
قال ابن القاسم: وكذلك في العارية له عندي.
قال أشهب: هو في العارية خارج من الرهن، وإن كان أعاره المرتهن بأمر
الراهن.
قال محمد: ورواية ابن عبد الحكم عن مالك أن من وضع على يديه الرهن أولى
بكرائه من صاحبه، وليس لصاحبه فيه أمر، فإن طلب أجره في قيامه بالرهن، فإن
كان مثله يطلب الأجر فذلك له.
في العبد الرهق يأبق أو يستحق، وفي الراهن يحدث في الرهن حدثا، هل يحاز أو
يفلس ربه؟ والراهن يريد كونه بيد أجنبي، وفي العدل يموت
من كتاب ابن المواز: وإذا أبق العبد الرهن فأخذه راهنه، فقام غرماؤه وقام
المرتهن. وقال: مني أبق، فقال: المرتهن أحق به إن حازه قبل إباقه، إلا أن
يعلم المرتهن بقبض ربه له فتركه حتى قام غرماؤه فيكون اسوتهم.
قال أشهب: وإذا رد الرهن المرتهن إلى ربه لعارية أو إجارة، فليرد إلى
المرتهن إن طلبه قبل يفوت الرهن بعتق أو تدبير أو حبس، أو بموت ربه، أو
يقوم غرماؤه، أو ببيعه، ولو كان عديما فإنما ينقض لعدمه عتقه وتحبيسه
وشبهه، فأما البيع فلا يرد، ولا يعجل من ثمنه الدين، ويبقى إلى أجله،/ولا
يوضع له لأنه يرده وكما لو باعه قبل حيازة المرتهن له وهو فرط، وقد تقدم
نحو هذا في الباب الأول.
[10/ 175]
(10/175)
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم قال:
وإذا لم يقبض الرهن من الراهن حتى أحدث فقيه حدثا، فكل ما فعل فيه من بيع،
أو وطء أو عتق، أو هبة، أو صدقة، أو عطية أو غير ذلك، فذلك نافذ إن كان
مليا ويعجل منه الحق، وإن كان معدما لم ينفذ من ذلك إلا الأمة يطؤها فتحمل،
أو البيع فينفذ، ويرد العتق، والحبس والعطايا، ولو فلس الراهن قبل يحاز كان
المرتهن أسوة الغرماء، ولو قام قبل الحوادث والتفليس فطلب حيازته فهي له
بذلك أن يجعله على يدي المرتهن، أو على يد من يرضيان به إن كره كونه بيد
المرتهن، ولم يكن شرط ذلك المرتهن في أصل الرهن، وكذلك كل رهن يشترط في بيع
أو سلف، ولم يشترط قبضه، وللمرتهن القيام بالحيازة على ما ذكرنا، ومن ارتهن
رهنا وكتب أنه قد قبضه ولم يقبضه حتى باعه الراهن، فبيعه نافذ.
ومن المجموعة عن ابن القاسم وأشهب ذكر نحو ما تقدم، وأنه إذا اشترط رهنا في
بيع أو سلف ثم افترقا قبل قبضه، فلا يفسخ ذلك الرهن، وله القيام بقبضه ما
لم يفلس الراهن، أو يبيعه فينفذ بيعه، وإن كان رهنا بعينه، لأنه تركه له
حتى بيع كالتسليم، قال أشهب: وكذلك لو شرطت رهنا بغير عينه، فأعطاك ما فيه
ثقة، فأعرته إياه فباعه، فذلك نافذ من عدمه وملئه،/ولو أعتقه أو حبسه لجاز
ذلك إن كان مليا، ثم ليس لك عليه رهن غيره لأنه صار كالمعين.
قال أشهب: ويبقى الدين إلى أجله.
قال ابن القاسم: وإذا مات أمين جعل الرهن بيده، فأوصى إلى رجل فلا يكن على
يده، ولكن على يد من يرضى المتراهنان.
قال أشهب: وعلى الوصي أن يعلمهما بموته، ثم إن شئتما أقررتماه عنده أو عند
غيره، فإن اختلفتما فيه وفي غيره جعل بيد أفضل الرجلين.
[10/ 176]
(10/176)
في الرجلين يرتهنا الرهن، أو يرهنه أحدهما،
ويرتهن الآخر فضله، كيف حيازته؟ وممن ضمانه؟ وكيف إن حل حق أحدهما؟
ومن المجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: وإذا ارتهن رجلان رهنا، فرضي الراهن
أن يكون بيد أحدهما فذلك جائز، ويضمن حصته منه، وضمان حصة الآخر على
الراهن، قال أشهب: فإن يتراضوا بكونه بيد أحدهما، جعل بيد أمين ولا يضمناه،
قالا: وإن قبضا من الراهن الثوب الرهن، ولم يجعله بيد أحدهما، ضمناه،
ويجعلانه بيد من أحبا، ولو جعلاه بيد أمين لضمناه.
قال ابن القاسم: ومن رهن رهنا بدين عليه لرجل، ثم تسلف منه مالا آخر على أن
يكون الرهن به رهنا، فذلك جائز، ولو رهن فضله من رجل آخر جاز إذا رضي
المرتهن الأول، فإن لم يرض لم يجز، وقاله مالك، وهو قول أشهب، قال ابن
القاسم: ثم إن ضاع عند الأول بعد ذلك وهو مما يغاب عليه، ضمن منه الأول
مبلغ حقه، وهو في الباقي أمين.
ومن العتبية وكتاب ابن المواز: روى أشهب/عن مالك: أنه إذا رهن الثاني فضلة
رهن الأول على أن الأول مبدأ عليه، فحل أجل (الآخر قبل أجل) الأول، فكان
الأول لم يعلم أن حق الثاني يحل قبله قيل لم يعلم، قال: فليباع الرهن ثم
يعجل للأول حقه قبل يحله، ويعطي الثاني ما فضل في دينه، ومن كتاب محمد،
وقاله أشهب، وقال: وهذا إن بيع بدراهم وحق الأول دراهم، قال محمد: أو بيع
بدنانير، وحق الأول دنانير، أو بيع بقمح وحق الأول قمح مثله،
[10/ 177]
(10/177)
فأما إن بيع بعرض، وإن كان مثل الدين الذي
له عليه، أو بيع بدنانير، وله عليه دراهم، أو بيع بطعام مخالف لما له عليه،
فإنه يوضع له رهنا بيده إلى حلول حقه، قال سحنون في المجموعة: سواء علم
الأول أن حق الثاني يحل قبله أو لم يعلم، فإنه إن بيع بمثل حقه فليجعل له،
قال في موضوع آخر: إلا أن يكون حقه طعاما من بيع فيأبى أن يتعجله فذلك له،
وإنا قال في مسألة الراهن يطأ الجارية الرهن تعديا وباقي هذه المسألة في
باب الرهن يستحق موعبا.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية فبمن رهن رهنا إلى سنة، ثم أرهنه
لآخر إلى شهر برضى الأول، يريد: فضلة، ثم حل الشهر وطلب الغريم الثاني حقه،
فإن لم يكن في الرهن فضل لم يبع إلى الأجل الآخر، وإن كان فيه فضل بيع الآن
يتعجل للأول حقه، وأخذ الثاني ما فضل.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن رهن حائطه في عشرة دنانير، ثم رهن نصفه
عند آخر في عشرة دنانير بإذن الأول، ثم قضى للأول حقه، فأراد أن يرهن نصفه
الذي/فداه من الأول عند آخر، فذلك له.
وقال فيمن عليه مائة دينار لرجل، فرهنه دارا على أن له من ثمنها، فرهنه ما
جاوز مائة دينار، وبها مبدأ بالمائة، قال: لا يجوز هذا الرهن، وذكر هذه
المسألة ابن المواز عن مالك فقال: إذا مات الرهن أو فلس فغرماؤه أولى بمائة
دينار من ثمنها الذي استثنى لنفسه.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم عن مالك: ومن رهن رهنا وجعله بيد غير
المرتهن، ثم رهن فضله للآخر فلا يجوز ذلك إلا أن يرضى الأول فيجوز، ويبدأ
الأول ثم للثاني ما فضل.
[10/ 178]
(10/178)
قال أصبغ: ومن رهن رهنا وجعله بيد غير
المرتهن جاز أن يرهن فضله لآخر شاء الأول أو أبى إذا علم بذلك الموضوع على
يديه كائن من كان ليتم الحيازة لهما، وقيل عن مالك حتى يرضى الأول، والقياس
ما قلت لك، إذ لا ضرر على الأول إذ هو مبدأ وقال أشهب: وفي باب الرهن يستحق
تفسير لسحنون.
في الرهن يرهن فضله، ويحل حق الآخر، هل يباع الرهن بخلاف حق الأول؟
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم عن مالك فيمن له رهن أنه لا يرهن فضله
عن آخر إلا برضى الأول.
قال أصبغ: وما أدري ما حقيقة ذلك، وقال أشهب: ذلك له رضي الأول أو سخط،
لأنه لا ضرر عليه إذ هو المبدأ به.
قال ابن حبيب: إنما أراد مالك برضى الأول ليتم الحوز للثاني، وإذا لم يرض
له لم يتم الحوز للثاني، ولا تكون الفضلة له رهنا، وهو أسوة الغرماء في
التفليس، وباقي ذكر ضمان الرهن برهن فضلة لآخر في باب ضمان الرهن، والله
الموفق برحمته.
في ولد الرهن، وغلته، وثمرته، ومال العبد هل يدخل في الرهن معه؟ وكيف إن
شرط أن يأخذ حقه من الغلة؟
من كتاب ابن المواز، ونحو في المجموعة: قال مالك: من رهن عبدا لم يكن ماله
رهنا معه إلا أن يشترطه، فإن اشترطه لم يكن ما أفاد بعد رهنا لأنه غلة. قال
في كتاب ابن عبدوس: ولا ما وهب له، قال في الكتابين: إلا أن يربح في المال
الذي شرط فيكون كماله وغلة الرهن من دار وعبد وحائط لا يكون رهنا، وما ولدت
الأمة بعد الرهن فرهن معها، قال مالك: وإن شرط أنه ليس برهن معها لم يجز
ذلك.
[10/ 179]
(10/179)
قال ابن القاسم وأشهب: وليس صوف الغنم ولا
سمنها ولا غلتها رهنا، قال ابن القاسم: إلا أن تكون قد تم صوفها يوم رهنها،
وقال أشهب: تم أو لم يتم هو كله له، كلبن في ضروعها، وكثمرة مزهية أو
مأبورة في النخل يوم رهن النخل، فوافقه ابن القاسم في اللبن والثمرة
المزهية، ورواه عن مالك.
ومن كتاب ابن المواز: والعبد الرهن له جارية فإن لم يشترط أنها في الرهن
معه فله وطؤها وكذلك أم ولده وإن كان شرط أنها رهن معه فذلك انتزاع لها ولا
يطؤها.
قال مالك: ولو زوج عبده لأمته ثم رهنهما أو رهنها وحدها، فللعبد أن يطأها.
قال مالك: وإن شرط المرتهن أن يأخذ الغلة في دينه، فإن كان في أصل بيع لم
يجز، وإن كان في القرض فجائز.
قال ابن القاسم: أو رهنه بعد تمام البيع بهذا الشرط كان جائزا. قال محمد:
هذا ترك من ابن القاسم لأصله إذا كان لم يكن له ما يوفيه/من الغلة، لأنه
خاطره لما رهنه على أن يؤخر الحق عن أجله إلى مجيء الغلة، أو يتعجله قبل
أجله بحلول الغلة، وأما إن كان لا يزال الحق عن أجله إن تأخرت الغلة بشرط
وكان عين فذلك جائز، وأما إن شرط إلا يوفيه إلا من الغلة على ما ذكر فقد
تخاطرا، ولو رهنه ثم شرط ذلك لكان جائزا إذا لم يشترط تأخير ذلك إلى بعد
الأجل.
قال مالك: ولد الأمة الرهن الذي هي به حامل وما تلد بعد الرهن رهن معها
بخلاف تمر النخل، وإن أتمرت بعد الرهن، لأن النبي عليه السلام جعل الثمرة
المأبورة للبائع، ولا يختلف عندنا أن الأمة إن بيعت حاملا أن الولد
للمبتاع، ولو شرط في الرهن أنها رهن دون ما تلد لم يجز ذلك.
[10/ 180]
(10/180)
ومن المجموعة عن مالك قال: ومن أمر الناس
أن ترتهن الثمرة دون الأصل ولا يرتهن الجنين دون الأم، وليس الولد كالثمرة.
قال ابن القاسم وأشهب عن مالك في كل رهن له غلة فلا تكون الغلة رهن إلا أن
تشترط فتكون رهنا إلى محل الحق وكذلك في ثمرة النخل وكذلك إن كانت يوم
الرهن فيها ثمرة مزهية، أو مأبورة أو غير مأبورة ولم تدخل في الرهن إلا
بشرط.
قال أشهب: والغلات من ثمرة وغيرها لا تكون للمستحق ويكون له ما ولدت الأمة.
قال مالك: ومال العبد لا يكون رهنا إلا بشرط فيجوز وإن كان مجهولا، وهو
يجوز في ضمه مع البيع فيكن في الرهن.
رهن مالا يجوز بيعه من تمر لم يبد صلاحه، وشبهه
ويجوز ارتهان مال العبد دونه، فيكون له معلومة ومجهولة يوم الرهن إن قبضه،
ولا ينفرد منه البيع لأنه غرر في المعاوضة ولا/غرر في الرهن إنما له غنمه.
قال أشهب: ولا يكون ما وهب للأمة الرهن رهنا معها، وإن اشترط مالها رهنا،
وأما ما ربحت في المال المشترط رهنا معها فيكون رهنا، كما أن من أوصى
بوصايا فلا تدخل فيما لم يعلم به من ماله، وتدخل فيما علم في أرباح ما علم
مما يربح فيه يريد: ربه فيه قبل موته أو بعده.
قال: قال مالك: ومن رهن الدار بشرط أن يكريها ويأخذ كراءها في حقه فلا يجوز
هذا، قال أشهب: إذا حقه غير حال، قال ابن القاسم: قال مالك: إن شرط ذلك في
أصل بيع لم يجز، ويجوز في القرض، وكذلك لو رهنه على هذا بعد عقده البيع.
قال أشهب: وإن ارتهنت مصابة رجل من رقبة بئر فغلة البئر للراهن يأخذه، ولو
ارتهن بعينه كانت غلة البئر كله كل أن تأخذها من حقك إن
[10/ 181]
(10/181)
كان من قرض، وإن كان إلى أجل، وأما من بيع
فليكن ذلك بيد من الرهن على يديه إلى محل دينك، ولا يتعجله بغير إذن الراهن
لما اتقي من الذريعة أن تكون لما بعتها على أن تأخذ من الماء حقك قبل أن
يحل وأنك لا تدري متى يصل إليك حقك.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: والي على يديه الرهن فليدفع غلته وكراءه
وتمر النخل إلى الراهن وليس للمرتهن إبقاؤه بيده.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لرجل: أبيعك سلعتي بمائة
دينار، وترهني غلامك أتقاضى من خراجه درهما كل يوم، فما نقص فعليك تمامه،
فذلك جائز، ولو لم/يشترط هذا في البيع ثم تبرع له أن يأخذ من خراجه درهما
كل يوم، فذلك جائز ما لم يرد المرتهن العبد على سيده بذلك.
قال عيسى: وأما في السلف فهذا كله جائز.
قال ابن القاسم: وغلات الرهان للراهن حتى يشترط أن تكون رهنا، ولا يجوز أن
يشترط في البيع أن يتقاضى الثمن من الغلة لأنها تقل وتكثر في السلف، وليس
للراهن أن يفعل ذلك إلا بإذنه وعلمه، وإن لم يشترط الغلة في رهنه، لأنه حاز
الرهن هو أو من جعل على يديه، ولو كان للراهن أن يعامل في الحائط من أحب،
ويكري الدار ويؤاجر العبد لأبطل الحوز بإذنه أو بغير إذنه، والمرتهن يلي
ذلك.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ارتهن نخلا، قال: فالعسل للراهن مثل ثمرة
النخل، يريد: ولا يكون في الرهن.
[10/ 182]
(10/182)
في رهن الولد دون
الأم أو الأم دونه
ومن العتبية: روى أشهب عن مال فيمن ارتهن أمة دون ولدها الصغير، فذلك جائز،
ويباع معها فيكون أولى بحصتها من الثمن، وهو في الفاضل أسوة، وكذل في هبة
الجارية دون ولدها فجائز، ولا يباعها إلا جميعا.
قال في سماع ابن القاسم: ولو أرهن الولد الصغير ويخرج بالأم إلى بلد للخدمة
والاستمتاع فلا خير في ذلك، إلا أن يكون قد أثغر.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أرهن وصيفا له يرضع، قال: أمه تكون معه في
الرهن.
في النفقة على الرهن والقيام به وبإحيائه/وأجرة بيعه، وكيف إن أنفق عليه
المرتهن بأمر ربه أو بغير أمره؟
وفي المرتهن يطلب في قيامه بالرهن وتقارض الغلة أجرا
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم، ونحو في كتاب ابن المواز قال: وليس
على المرتهن عمل الحائط للرهن، ولا مرمة الدار، ولا نفقة العبد وكسوته،
اشترط أن الغلة رهن أو لم يشترط ويلزم ذلك الراهن، وليس له أن يدع الرهن
يخرج ويبطل حق المرتهن.
وقال في كتاب ابن المواز: قال مالك: على ربه نفقته، كما أن له غلته.
[10/ 183]
(10/183)
ومن العتبية وغيرها: قال ابن القاسم: قال
مالك: وإذا خاف الراهن على الزرع ولم يسلفه المرتهن لإصلاحه فأخذ من غيره
ما أحياه به، فإنه يبدي الذي أسلفه في الزرع على المرتهن. قال غيره في
المجموعة: لأنه بذلك حيي، وليس للأول منعه أن يأخذ من غيره بيعا يحيي به
الزرع والعين تفور من النخل، إذا أبى هو من مبايعته.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في العتبية: وإذا تهور بئر النخل الرهن
فإصلاحها على الراهن، يجبر على ذلك إن كان له مال، فإن لم يكن له مال نظر،
فإن كان بيع بعض الأصل خيرا له بيع منه ما يصلح به البئر، فإن تطوع المرتهن
بالنفقة في إصلاحها فإن رأى أن ذلك خير لرب النخل قيل للمرتهن: أنفق إن شئت
وتكون أولى بالنخل حتى تأخذ ما أنفقت لا ينظر إلى قيمة النفقة، ولا قيمة ما
يضع من حجر وغيره، ولكن يحسب له ما أنفق كالسلف.
قال أشهب في المجموعة: وإذا أبى/الراهن أن ينفق في إحياء الزرع وبئر النخل
فأنفق المرتهن فلا تكون نفقته في ذمة الراهن، ولكن تكون نفقته في الزرع وفي
رقاب النخل وتمرها وفي البئر، فإذا بيع الزرع والتمر أخذت منه ثمنه نفقتك،
وما فضل ففي دينك، فإن لم يفي ذلك بنفقتك فأنت أولى بماء البئر تنتفع به
حتى يعطيك باقي نفقته ويأخذه، ثم لا طلب له عليك فيما انتفعت به من مائه
لأنك كنت ضامنا لمائه ولو غار.
وذكر ابن القاسم نحوه كله فيغور بئر الزرع وبئر النخل إذا أتى الراهن أن
ينفق المرتهن، وكن يخالف بترك النفقة على الزرع والتمر.
ومن المجموعة ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وأشهب: إذا أنفق المرتهن
على الرهن بأمر به فهو سلف ولا يكون في الرهن إلا بشرط أنه رهن، قال
[10/ 184]
(10/184)
ابن القاسم: إلا أن له حبسه بما أنفق
وبدينه، إلا أن يكون على الراهن دين فلا يكون أولى بما فضل عن دينه إلا أن
يشترط أن ذلك رهن في النفقة أنفق بإذنه أو بغير إذنه وليس كالضالة ينفق
عليها فيكون أولى بها من الغرماء في نفقته، قال مالك: لأنه لا بد أن ينفق
عليها، وليس عليه ذلك في الرهن لأنه يطلب ربه أو يرفع ذلك إلى الإمام في
غيبته.
وقال أشهب: هو مثل الضالة، والرهن به رهن، قال: وليس نفقتك على الرهن في
ذمته إن أنفقت بغير أمره، ولكنها في الرهن، ولا له منعك فيها، لأنه يهلك إن
كان حيوانا أو يخرب إن كان ربعا.
ومن كتاب ابن المواز: من ارتهن/أرضا فأغرم خراجها فإن كانت من أرض خراج رجع
به على ربها، وإن كانت حرة لم يرجع عليه بشيء، وهي مظلمة نزلت به.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الرهن في كرى خزنه فقال: أما ما
يحوزه المرتهن في منزله مثل العبد والثوب وما لا مؤنة فيه، فلا كراء فيه،
على هذا أمر الناس، وأما ماله بال ومثله يحرز فكره في خزنه على الراهن
كالنفقة.
وروى عنه أبو زيد في الرهن يحل بيعه، وصاحبه بعيد من السلطان فلا يوجد من
يعبأ ببيعه إلا بجعل، قال: الجعل على صاحب البيع. ورواها عيسى وأصبغ مثله،
قال عيسى: وما أرى الجعل إلا على الرهن.
ومن سماع ابن القاسم في العتبية وكتاب ابن المواز: قال مالك في الدار الرهن
بيد المرتهن يكريها ويلي قبض غلتها ثم يطلب على ذلك أجرا، فإن كان مثله
[10/ 185]
(10/185)
يؤاجر نفسه في مثل ذلك، فذلك له إن طلبه،
وأما من مثله يعين فليس ذلك له، وقال في السؤال في كتاب ابن المواز: ممن
اشترط الغلة رهنا أو لم يشترطها.
ومن الكتابين: قال مالك: وإذا قال الراهن للمرتهن: أؤاجرك لقبض الخراج
والغلة بأجر معلوم فما فضل عن إجارتك فاحبسه فكلما حل من دينك شيء فاقبضه
فيه، فذلك جائز أن يتعجل القضاء إلا لمحله، ولم يكن في أصل البيع بشرط.
قال أشهب في المجموعة: وإذا مات العبد الرهن فكفنه ودفنه على راهنه.
جامع القول في ضمان الرهان وكيف تقوم؟ /وكيف إن اختلفا في قيمته؟ وهل يكون
الدين رهنا بقيمة الرهن؟
من كتاب ابن المواز: قال مالك: المرتهن ضامن لما بيده من الرهان التي يغاب
عليها من ثياب وحلي وسلاح وشبهه، ولا يضمن ما لا يغاب عليه: من رقيق ورباع
وشبهه، وأما ما قامت فيه بينة [مما يغاب عليه] فاختلف فيه قول مالك فأخذ
ابن القاسم وعبد الملك وأصبغ بقوله: إنه لا يضمنه وهو أحب إلي.
وقال أشهب بروايته عن مالك: إنه ضامن قال أشهب: وكذلك العارية واحتج
بالحديث عن صفوان في عارية السلاح قول النبي عليه السلام: عارية مؤداة،
قال: وقد كان أصل ما أخذه النبي عليه السلام على الضمان، قال هو وغيره وهو
قول مالك فيه وفي المجموعة ولا يضمن مالا يغاب عليه وهو مصدق فيه هلاكه وفي
إباق العبد وهروب الدابة، وأما في الموت فيصدق إلا أن يظهر كذبه بدعواه ذلك
بموضع لا يعلم أهله ذلك، ولو قيل: ماتت دابة لا يعلم لمن هي
[10/ 186]
(10/186)
زاد في المجموعة: فيصفونها إن عرفوا الصفة
أو لا يصفونها فيقبل قوله: إنها هي ويحلف قال: ولا يصدق في ذلك فيمن يسأل
إلا العدول، ويصدق في هروب الدابة وإباق العبد قال أشهب: إلا أن يزعم أن
الدابة انفلتت منه في جماعة من الناس أو كابره العبد فتسأل الجماعة عنه فلا
يقولون ذلك، فلا يصدق إلا أن يكون الذي اؤتمن عليهم غير عدول فلا يصدقون
والقول قوله فيما لا يغاب عليه.
قال محمد/ابن المواز: وهذا مذهب مالك وأصحابه فيما لا يغاب عليه وقد كان
أصل ما أخذه عليه على غير ضمان فلا يضمنه حتى يتبين فيه كذبه، قال محمد:
وكذلك ما يغاب عليه أصل أخذه على الضمان حتى يتبين فيه صدقة بالبينة على
هلاكه وهو قول أشهب.
ومن كتاب ابن المواز: قال: قلت: ففي أي موضع يكون الرهن بما فيه إن ضاع؟
قال: فيما يغاب عليه ولا يعلم له قيمة ولا صفة، ولا بقول الراهن ولا يكون
المرتهن، ولا بقول غيرهما فهذا لا طلب لأحدهما على الآخر وإن كان القياس
يقتضي أن تجعل قيمته من أدنى الرهون وقد ذكر لي ذلك عن أشهب ولكن الذي قلت
لك هو قول جماعة العلماء، وأشهبه بما روى عن النبي عليه السلام: الرهن بما
فيه، قال أبو الزناد: وفي الحديث: إذا عميت قيمته، قال: ولو شرط فيما يغاب
عليه ألا يضمنه وأن يقبل قوله فيه فقال ابن القاسم: شرطه باطل وهو ضامن لأن
ذلك خلاف السنة. وقال الرقي عن أشهب: شرطه جائز وهو مصدق وكذلك في العارية.
قال مالك: والزرع في الأرض والثمرة في رؤوس الشجر مما لا يغاب عليه في
تصديق المرتهن في هلاكه.
[10/ 187]
(10/187)
قال ابن حبيب: قال أصبغ: إذا هلك الرهن
وجهل المرتهن صفته ووصفه الراهن فليحلف فإن نكل بطل حقه وكان الرهن بما
فيه.
ومن المجموعة: روى ابن وهب عن مالك: وإذا هلك بيد المرتهن ما يغاب عليه
فاختلفا في قيمته وصفه المرتهن وحلف على ذلك وعلى ماله فيه ثم قوم، فإن كان
فيه فضل أخذه إلى الراهن وإن كان نقصا حلف الراهن على ما سمى وبطل عنه ما
زاد على قيمة الرهن/فإن نكل ودى ما زاد على قيمة الرهن وإن قال المرتهن: لا
علم لي بقيمة الرهن حلف الراهن على صفته وكان له ما قال إن جاء بما لا
يستنكر وإن قال [المرتهن] قيمته ثلاثة دنانير وقال الراهن: عشرين دينارا
والحق عشرة فليحلف المرتهن: ما كانت قيمته أكثر من ثلاثة دنانير وسقط من
الحق بقدرها فإن نكل حلف الراهن على عشرين وأخذ عشرة.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الرهن يبيعه المرتهن تعديا فيفوت
ويجعل الراهن والمرتهن صفته وقيمته واختلفا على ذلك ولا بينة بينهما وقد
اتفقا على أن المرتهن يحلف على ما باع به الرهن ويجعل ذلك ثمنه.
ومنه ومن المجموعة: قال: ولو ادعى عليك رجل حقا فرهنته به رهنا ثم تصادقا
على أنه لم يكن قبلي شيء وقال: هو ضامن للرهن.
قال أشهب: ولو كان الرهن حيوانا لضمنه عندي إذا أقر أن دعواه باطل لأنه
كالغاصب وكذلك روى سحنون عن أشهب في العتبية قال: ومن لك عليه دين وله بيدك
رهن فرهنته الدين ثم ضاع الرهن عندك فإنك تضمنه قاله ابن القاسم وأشهب، قال
أشهب: وترجع فيما وضعت من حقك لأنك لم تضع
[10/ 188]
(10/188)
لتتبع بقيمة الثوب فتقاصه بقيمته، فإن بقي
عندك فضل وديته، فإن كان دينك أكثر فلا شيء لك فيه.
ومن العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم: وقال مالك في الساج الرهن يتآكل
من السوس وشبهه، قال: لا يضمن ويحلف: ما ضيعته ولا أردت فساده وإن كان
أضاعه ولم ينظر في أمره حتى أصابه فيشبه أن يكون فيه شيء.
وروى عنه/يحيى بن يحيى وعن من سألك سلفا وأتاك برهن فقبضته وودعته إلى غد
تسلفه فهلك الرهن عندك قبل غد فأنت ضامن إذ لم تأخذه إلا بمعنى لاستيثاق لا
للأمانة عليه. وذكر ابن حبيب عن أصبغ مثله، وقد قال ابن القاسم عن مالك
فيمن طلب رجلا بدينار له عليه فأعطاه دراهم حتى يصارفه بها فضاعت، أنه
ضامن. قال: قلت له: فالذي يأتي إلى الصانع بشيء يستعمله فيه فيقول: دعه
عندك حتى أرجع إليك فيتلف عنده قال: هو ضامن له لأنه لم يقبضه على الأمانة.
[وذكر أشهب عن مالك في ضياع المثال عند الصانع يعمل عليه، أنه يضمنه لأنه
لم يقبضه على الأمانة].
وأخبرنا عبد الله بن مسرور عن عيسى بن مسكين عن سحنون أنه لا يضمن في
المثال ولا في الكتاب يكتب منه، وإنما يضمن ما يعلم فيه صنعته.
قال ابن حبيب: قال أصبغ: ومن دفع إلا خراز خفين ليعمل ساقا في أحدهما قال:
لا يضمن إلا الذي استعمله فيه وكل ما قبضه على وجه الارتهان
[10/ 189]
(10/189)
وإن لم يكن رهنه، أو على وجه الاستعمال فيه
وإن لم يكن استعمله فيه أو على وجه الابتياع وإن لم يكن باعه منه فهو ضامن.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: وإنما يضن المرتهن قيمة ما ضاع عنده
مما يغاب عليه من حلي وثياب وغيره قيمته يوم ضاع لا قيمته يوم ارتهنه وقال
في موضع آخر: إذا هلك الرهن الذي يغاب عليه فإنما يضمنه قيمته يوم ارتهنه
وإن تداعيا في الحق والرهن قائم روعيت قيمته يوم يتداعيان فيه.
قال ابن الحبيب: قال أصبغ: إذا باع المرتهن الرهن وقال: أذن لي الراهن في
ذلك وأنكر الراهن وهو مما يغاب عليه/فليحلف الراهن إن لم تكن بينة ويلزم
المرتهن لا أكثر من الثمن الذي باعه به أو فمن قيمته يوم باعه [إن قامت
له]، على صفته يوم البيع بينة وإن لم تقم بينة فعليه الأكثر من الثمن أو
قيمته يوم باعه على صفته التي كان عليها يوم ارتهنه إلا أن يقر المرتهن أن
صفته يوم باعه كانت أفضل من صفته يوم ارتهنه فيلزمه الأكثر من قيمته يوم
باعه أو الثمن.
وعن رجل رهن رهنا وأقامه بأربعة دنانير فضاع فتلك القيمة تلزمه إلا أن يكون
قصر في قيمته أو زاد فيه فترد إلى قيمته إذا علم بذلك.
ومن استعار ثوبا ليرهنه بعشرة دنانير فرهنه بها فضاع فليضمنه المرتهن
للراهن ويضمنه الراهن لصاحبه.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم عن مالك: وإذا قامت البينة بهلاك ما يغاب
عليه من رهن ووديعة في الضياع من غير تضييع لم يضمن، ومثله أن يرتهن رهنا
في البحر في المركب فتغرق أو يحترق منزله أو يأخذه لصوص منه بمعاينة البينة
في ذلك كله.
[10/ 190]
(10/190)
قال ابن القاسم وأشهب: وإن ارتهن نصف ثوب
أو جميعه فاستحق نصفه ثم ضاع، فإن كان وضع على يد المستحق أو غيره لم يضمنه
المرتهن وإن كان بيد المرتهن حتى ضاع ضمن نصف قيمته.
قال أشهب: كان كله لراهنه أو له فيه شريك إنما يضن ما صار له وثيقة من حقه
ولو فلس غريمك ورهنك نصفه فأنت في نصفه أسوتهم.
قال: ومن صرف دراهم بدنانير فأعطى بالدينار رهنا وقبض الدراهم ثم ضاع الرهن
فالمرتهن يضمنه ويترادا الفضل.
قال أشبه في غير المجموعة: هو رهن بالأقل من قيمة الدينار أو الدراهم وما
زاد فيه أسوة الغرماء.
قالا: وإن استعار عارية يغاب عليه ورهن بها رهنا/فالرهن جائز ومضمون.
قال ابن القاسم: وأما في عارية الحيوان فلا يجوز فيه الرهن، وقال أشهب مرة:
هو رهن ومرة ليس برهن إذن أصيبت الدابة بما يضمنها به فهو رهن وإن كان بأمر
من الله تعالى بغير تعديك لم يكن رهنك رهنا إذ لا تضمن ذلك.
قال أشهب: وإن أخذ رهنا بجنين اشتراه في بطن أمه أو ببيع فاسد فالرهن
مضمون.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا هلك بيد المرتهن ثم فلس فطلب غرماؤه أخذ الدين
من الراهن وليحاصهم بقيمة رهنه وطلب الراهن أن يحبس ما عليه فيما وجب له من
قيمة الرهن فقال ابن القاسم: القول قول الغرماء لأن الدين لم يكن
[10/ 191]
(10/191)
برهن، وقال كما قال مالك فيمن له عليك مائة
دينار فابتعت منه سلعة بمائة دينار فأفلس أحدهما فلم ير أن الذي لم يفلس
أحق بما في يديه.
وقال أشهب: إن الراهن أولى بما عليه من الدين حتى يستوفي قيمة رهنه لأنه
كان أولى برهنه فهو أولى بعوضه وإنما بيد كل واحد وثيقة من حقه هذا لولا ما
عليه من الدين ما دفع الرهن والآخر لولا الرهن ما رضي ببقاء الدين على
غريمه، قال محمد: وهذا أحب إلينا قال: والوكيل لشراء سلعة لك فنقد عنك
ثمنها فليس له حبسها رهنا بما ودى عنك.
ومن رهن عند رجل رهنا ثم رهن فضله لآخر فقال ابن القاسم: لا يضمن الأول منه
إلا قدر مبلغ حقه من قيمته وهو في باقية أمين ولا ضمان على الثاني، وقال
أشهب: ضمانه كله من الأول كما لو كان بيد الثاني أو بيد غيره لم يضمنه لأنه
للأول وإنما لهذا منه فضلة إن كانت، وأما لو رهن رجلين فكان على يد أحدهما
لم يضمن الذي هو عليه يديه إلا نصفه./
قال ابن حبيب: قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا جاء المرتهن بالرهن وقد احترق
وقال: قد وقعت عليه نار فلا يصدق وهو ضامن إلا أن يقيم بينة أو يكون ما
ذكرنا من الاحتراق كان معروفا مشهورا من احتراق منزله أو حانوته فإذا أتى
ببعض الرهن محترقا في هذا صدق.
في الرهان والحمالة بالعقود الفاسدة، وضمان الرهن في ذلك، وهل تكون السلعة
رهنا في بيع فاسد؟
ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتهن رهنا ببيع لا يحل فيتلف فليضمن قيمته
ولينقض البيع ويرد الرهن وهو قبل ينقض على شبه الرهن وضمانه ويكون رهنا
[10/ 192]
(10/192)
بقيمة السلعة إن كانت أقل من الثمن بخلاف
الحمالة، الحمالة تسقط لو أخذ من الغريم مع الحميل رهنا وأخذه من الحميل في
البيع الفاسد ليطلب الحمالة وبقي الرهن رهن حتى ينفصلا، فإن لزم الراهن في
ذلك قيمة أكثر من الثمن لم يكن الرهن رهنا إلا بأقل من الثمن أو القيمة.
ومن له عليك دين لم يحل فسألته أن يؤخرك على أن تعطيه رهنا أو حميلا لم يجز
وتسقط [الحمالة متى علم بذلك، وأما الرهن فيرد إلى ربه وإن أدرك قبل يدخل
في الأجل] الثاني فيصير كسلف لا يحل وفيه رهن مقبوض والرهن به ثابت حتى
يقضى وأما لو كان الدين قد حل كان لك جائز في الحميل والرهن، وهذا وما
يشبهه في الحمالة مستوعب.
ومن لك عليه دين مؤجل فسألك قبل محله أن تسلفه وتؤخره بالمالين [إلى بعد كل
محل الأول بشهر على أن يعطيك بالمالين] رهنا لم يجز، ولو لم يسألك تأخيرا
في الأجل لم يجز،/فإن نزل وقد فلس الراهن أو مات: فقال بعض أصحابنا: إن نصف
الرهن رهن بالمائة الآخرة ويبطل الرهن في نصفه وقلت أنا: بل يكون كله رهنا
بالمائة الآخرة كرهن بثمن سلعتين تستحق أحداهما أنه رهن كله بحصة الباقية،
وكالمرأة رهنا بالصداق ثم تطلق قبل البناء فجميعه رهن بنصف الصداق، فإن
قلت: هذا أصله جائز قيل لك: فمن دفع دينارا في دارهم إلى أجل وأخذ رهنا ثم
فلس الراهن فالمرتهن أحق بالرهن حتى يأخذ ديناره أو قيمة الدراهم التي رضي
بها أقل الأمرين، ولو أن له دينارا وبيده رهن فقال له قبل
[10/ 193]
(10/193)
الأجل: زدني في الأجل وأرهنك رهنا آخر فإن
كان الرهن الأول فيه وفاء لا شك فيه مأمون فذلك جائز وإن لم يكن فيه وفاء
لم يجز.
ومن العتبية: روى أبو زيد عن ابن القاسم وعمن ارتهن رهنا في سلعة عليه لرجل
إلى أجل فأتى الراهن إلى رجل فطلب شراء سلعة منه ليقبضها الرجل ويأخذ رهنه
فطلبه التابع حميلا فلم يجد إلا صاحب رهنه فلا ينبغي للمرتهن أن يتحمل عنه
بذلك كمالا يبيعه شيئا يرجع إليه قضاء من حقه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن باع عبدا أو ثوبا أو دارا واشترط البائع أن ذلك
بيده رهنا بقبض ثمنه فلا يجوز ويفسخ البيع، ولو جعله بيد غيره بهذا الشرط
فذلك جائز وهو رهن قاله مالك. ولو اشترى على أن لا يبيع ولا يهب حتى يوفيه
حقه إلى أجله أن ذلك جائز، قال محمد لا أحب ذلك يريد: من الوجهين، ومن
اشترى شيئا لا يدري متى يقبضه لم يجز ذلك، وذكر ابن حبيب المسألة من أولها
فقال: روى ابن وهب عن مالك في العبد أنه لا يجوز.
وروى عيسى وأبو زيد عن ابن القاسم فيمن/له عليك عرض مؤجل رهنته به رهنا
فابتعت من غيره عرضا بثمن مؤجل على أن ترهنه رهنك الذي عند الأول يعني
ليقضيه الآخر على أن يتحمل بك في الثمن الذي رهنك عنده لم تجز كما لا يجوز
أم تشتري منه ما لا ترده إليه قضاء من حقه. أخبرني به أصبغ عن ابن القاسم
مثله في العروض والحيوان، وأما في الدور والأراضين الذي يجوز بيعه وتأخير
قبضه إلى أجل، فذلك جائز فيه، ويبقى رهنا بيد البائع إلى أجله رهنا محوزا،
ولو وضع الحيوان ولعروض بيد غيره كان جائزا.
[10/ 194]
(10/194)
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: ومن
ابتاع عبدا بيعا فاسدا فعتق عليه وقد فلس البائع فإنه يفسخ ويباع للمتباع
في ثمنه يكون أولى به من الغرماء بخلاف لو ابتاعه بيعا صحيحا فرده بعيب
لأنه فيه مخير، ولو رضيه كان لو، فإذا اختاره رده كان أسوة الغرماء والأول
يقضي عليه برده وليس فيه مخير وكذلك قال سحنون: إنه أحق بها في البيع
الفاسد، وقال ابن المواز: لا يكون أ؛ ق بها وهو أسوة الغرماء.
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: ومن ابتاع بيعا فاسدا على أن يرهن
بالثمن رهنا صحيحا أو فاسدا فإنه أحق به من الغرماء لأنه عليه وقع البيع
وكذلك إن كان البيع صحيحا والرهن فاسدا كمن قال: إن جئتك بالثمن إلى سنة
وإلا فالرهن لك بالثمن فهو أحق بالرهن، وإذا وقع الرهن فاسدا بعد تمام
البيع ولم يشترط في البيع رهنا فلا يكون أولى به لأنه لم يخرج من يده بهذا
الرهن شيئا، ومن اشترط الانتفاع برهن أخذه في سلف فلا يكون أولى به وكذلك
الرهن بعد السلف يشترط الانتفاع به ومن باع أو أسلف وأخذ رهنا في أصل البيع
وعلى أن يكون/رهنا أيضًا بدين له عليه قبل ذلك فلا يجوز ويكون الرهن رهنا
بالبيع الآخر والسلف دون الدين الأول وهو الذي رجع إليه ابن القاسم في
المسألة كلها وقاله معه أشهب.
قال مالك فيه وفي العتبية: ومن لك عليه دنانير بآجال مختلفة، فبعته
[10/ 195]
(10/195)
بيعا على أن يرهنك بذلك كله رهنا ويجعل
آجالها أجلا واحدا فلا يجوز، محمد: ويدخله سلف بزيادة وبيع وسلف لأنه أخره
بالدين الأول بما زاده في ثمن السلعة.
قال أشهب: ولو كان الأول سلفا وباعه بيعا على أن يرهنه بالمالين ولا يؤخر
الأول عن أجله كان جائزا عنده، ولو كان الأول من بيع فأسلفه سلفا على أن
يرهنه بالمال الأول لم يجز وقد كرهه في الوجهين مالك وابن القاسم لأنه لو
كان لك دين على رجل إلى أجل فأعطيته دينارا أو حططته منه على أن يرهنك به
لم يجزه وكذلك البيع لأنه يضع من ثمن السلعة ليرهنه ولم تسقط أيضًا الحمالة
بالجعل والحمالة والرهن فيه سواء وقاله أصبغ وكذلك قوله: أبيعك سلعتي على
أن تتحمل لي بثمنها وبديني الأول إلى أجله وكذلك أسلفك على هذا وهو أشر،
وهذا الذي ذكر عن مالك وعن ابن القاسم وحجته كله في العتبية عنهما.
باب ضمان الرهن يستعار ليرهن، وضمان رهن الكفيل
بإذن من كفل عنه أو بغير إذنه
ومن المجموعة: ومن استعار رهنا ليرهنه فتلف بيد مرتهنه غرم قيمته المستعير
للمعير وكانت قيمته على المرتهن يوم يطلب/منه، وإن تلف بيد عدل وضع على
يديه لم يضمنه إلا المستعير للمعير يوم طلب منه، ولو بيعت من يد المرتهن
بأمر جائز فإنما يتبع المعير المستعير بمبلغ ما بيع به إن ودى عنه كله، وإن
ودى عنه بعضه وتلف بغيبته بعد أمر السلطان ببيعه فما تلف من ثمنه ربه وله
على المستعير ما قضى عنه من ثمنه.
قال أشهب: ومن تكفل بدين أو رهن فيه رهنا بأمر المطلوب وضاع الرهن بيد
مرتهنه فليس للكفيل أن يتبع المكفول عنه بقيمة الرهن ولكن يتبعه بمبلغ
[10/ 196]
(10/196)
الدين فقط ويرجع على المرتهن بالفضلة
ويتبعه بها في عدمه ولا يتبع المكفول عنه لأن المتهم فيه غيره، وأزيدك أن
هذا الرهن لو وضع على يد الذي عليه الحق ما ضمنه إن تلف وما أراه رهنا
مقبوضا، وإن كانت قيمة الرهن أقل من الحق كان له قصاصا من حقه واتبع الذي
له الحق الكفيل بما بقي إلى الأجل واتبع الكفيل الذي عليه الحق بقيمة رهنه.
في الذين يوضع على يديه الرهن
هل يضمن ما نقص الرهن أو ما نقص الدين؟
من كتاب ابن المواز: ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وقال في الأمين يوضع
على يده الأمة الرهن على أن يضمنها للمرتهن فيقول له: أنا لرهنك ضامن قال:
فلا يضمن الموت ولا ما يدخلها من عور وعمى وعيب ينقصها وإنما يضمن ما دخلها
قبل الرهن من أمر يبطل رهنه من بيع أو رهن قبل ذلك.
وفي العتبية: أو/رهن وشبه ذلك ومثله ذكر عن ابن حبيب وقال: قال مطرف وابن
الماجشون عن مالك: ويحلف أنه لم يضمن إلا حيازته وأن لا يضيع ولا يرجع إلى
صاحبه وأنه ما أراد الموت ثم رجع إلى الكتابين الأولين، ولو قال: أضمن لك
كل شيء إلا الإباق والموت لم يلزمه ضمان ما يصيبها من عمى أو عور إلا أن
يقول: أنا ضامن لرهنك أو قال: لما نقص من رهنك فإنه يضمن كل شيء إلا الموت
والإباق والعور وغيره، قال سحنون في العتبية: وهذا أحب غلي، قال ابن
المواز: وبه أخذ ابن عبد الحكم وأصبغ.
[10/ 197]
(10/197)
قال ابن القاسم وكان عند مالك: قوله: أنا
ضامن لما نقص من رهنك أقوى من قوله: أنا ضامن لرهنك ثم قال: يضمن في
الوجهين.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز، وكتاب ابن حبيب مثل قول البائع بعد البيع
للمبتاع حين استغلى: بع ولا نقصان عليك: أنها إن ماتت أو دخلها عيب فهي من
البائع، وهذا الذي ذكر محمد وابن حبيب عن أصبغ قد ذكر ابن المواز خلافه أنه
لا يضمن الموت والعور، وقد بينا ذلك في البيوع وذكر مثله ابن الماجشون
ومطرف.
قال ابن حبيب عن ابن القاسم عن مالك: إذا قال: أنا ضامن لما نقص من حقك أنه
يضمن الموت وبه أخذ ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ وقد كان مالك يقول: لا
يضمن الموت وإن اشترط هذا عليه وأخذ به ابن عبد الحكم وبالأول أقول.
قال ابن المواز: قال أشهب: إذا ضمن له الرهن حتى يستوفي حقه فمات الرهن أو
استحق/أو بيع بأقل من الثمن فهو ضامن ولا يضمن النقصان، وقال مثله أصبغ في
العتبية وقال في النقصان اختلاف.
ومن العتبية قال مالك: وإذا قال الأمين: قد حزت لك رهنك وقبضته فدفع بقوله:
إنه ضامن قال ابن القاسم: ضامن لقيمة الرهن.
قال ابن المواز: وإنما يضمن قيمة الرهن يوم رهنه، فإن بيع بدون ذلك أتمه
ولا يضمن تمام الحق.
ومن العتبية: قال مالك: وإذا قال: أنا ضامن لما أصاب العبد إنه يضمنه إن
مات قيل: فإن قال: أنا ضامن لما نقص من رهنك قال: ما أحرى أن يضمن والأول
أبين.
[10/ 198]
(10/198)
قال مالك: ولو قال: أنا حميل لما نقص من
رهنك فحل الحق وأمر ببيع الدار الرهن فبعيت بنقص من الحق فأمر بوقف البيع
شهرين لطلب الزيادة فطلب الطالب تعجيل تغريم الضامن، وقال الضامن: حتى
تنقضي الشهران لما عسى أن يزاد فيها، فذلك للضامن.
قال ابن المواز: قال ابن الماجشون: إذا تحمل الموضوع على يديه فاستحق الرهن
الأقل من قيمته أو الحق يغرمه حالا كأنه أسلمه إلى راهنه ثم لا يجرع على
المديان حتى يحل الحق إلا أن يكون الراهن كان عارفا فتعدى عليه فليرجع عليه
بما يؤدي مكانه فإن لم يعلم فلا، ويحلف الراهن إن اتهم.
ومن العتبية: روى يحيى عن ابن القاسم فيمن ارتهن رهنا على أن يضمن له رجل
ما نقص الرهن فحال السوق أو هلك الرهن فإنه يضمن ما أصابه من موت أو مرض أو
عطب أو نقص سوق فإنه يضمن جميع الحق يريد: أو ما نقص/عنه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: إذا ضمن له كل نقص إلا الموت فمات فينظر إلى قيمته
يوم رهنه فإن كانت مثل ما تحمل به فلا شيء عليه، وإن عجز عن ما تحمل به غرم
فضل ذلك للذي تحمل له، واتبع بذلك الغريم ورجع المرتهن على الغريم بقيمة
الرهن، ولا يلزم الحميل شيء إلا ما نقص الحق عن قيمته يوم ارتهنه، قال
أصبغ: يوم مات وهو القصد في الحمالة، ولو كان ضمان قيمته يوم تحمل لم يراد
الحميل فهو على قيمته يوم يموت حتى يتبين أنه قصد قيمته يوم تحمل.
ومن المجموعة: قال عبد الملك: وإنما ضمن الأمين الرهن ولم يضمن الحق وقبض
الرهن فلا ضمان عليه فيه مات أو أبق، وما فرط في قبضه حتى أفاته الراهن
ببيع أو غيره أو قبضه فأضاعه فهلك فليضمنه فيؤخذ منه الأقل من قيمته
[10/ 199]
(10/199)
أو الحق، وإن كان ضمن الحق والرهن غرم قيمة
الرهن فإن بقي من الحق شيء وداه الغريم فإن لم يكن عنده شيء وداه الحميل.
قال عبد الملك: وإذا تحمل العبد الرهن ثم أسلمه إلى ربه فباعه أو مات عنده
ثم أخذه الطالب من المطلوب من غرمائه بعض حقه وبقيت له من حقه خمسون وقيمته
العبد خمسون فطلب أخذها من الحميل فذلك له وكان مثل له قضاه الغريم والعبد
بيد الحميل ثم رده إلى ربه كان ضامنا للأقل من بقية الحق أو قيمة جميع
العبد وقال: ومن بيده رهن بدينه ثم تحمل لرجل آخر بذلك الرهن ممن له على
غريمه دين ثم قال: ضاع عبدي فطلبه الثاني بقيمته وقال الأول: إنما تحملت
بقيمته يوم/قبض لمالي فيه من الدين فليحلف ولا يلزمه إلا ما فضل عن حقه فيه
يدفعه إلى الطالب الثاني لأن الثاني إنما دخل فيه على أنه رهن بكذا.
في العدل يتعدى فيدفع الرهن الموضوع بيده إلى
الراهن أو إلى المرتهن، وكيف إن تركه بيد الراهن وقد ضمن الرهن
والدين؟ وكيف إن كان أمة فوطئها الراهن؟
من كتاب ابن المواز: وإذا دفع الموضوع على يديه الرهن إلى ربه بأجرة أو
بغيرها بغير إذن رب الحق ثم قال ليرتجعه فذلك له، فإن فات الرهن بموت أو
فلس وقام غرماء الرهن بموت أو فلس وقام غرماء الراهن أو لم يوجد الرهن ضمن
الأمين، وإن حاص الطالب الغرماء فنابه عشرة دنانير وهو نصف حقه وقيمة الرهن
عشرة فليرجع على العدل بتمام ما كان يصير له مع الغرماء بعد الذي يصير له
من رقبة الرهن ولو لم يسلمه فقد كان لو أخذ ثمن الرهن عشرة فحاصهم بعشرة
[10/ 200]
(10/200)
فليأخذ نصف العشرة التي في يده كما أخذ كل
غريم نصف حقه ثم انقطع الكلام من كتاب ابن محمد: وإنما بقي إذا ضمن الأمين
قيمة الرهن عشرة وأخذها منه وهي نصف حقه فكان يجب له الحصاص بعشرة [فيرد
خمسة ويحاصهم فيها بخمسة] فنصيبه منه ديناران إلا ثلث.
ومن المجموعة: قال عبد المالك: وإذا رد الأمين العبد الرهن إلى الراهن فمات
عنده فإن العدل يضمنه فليس له حجة بالموت كما أنه لو مات/بيد من اشتراه من
الراهن لكان الأمين ضامنا بأول تعديه.
ومن العتبية: روى أبو زيد وعيسى عن ابن القاسم في العدل يرد الأمة الرهن
إلى الراهن أو أرسلها إليه فوطئها فحملت فإن كان الغريم مليا أخذ منه الحق
معجلا وصارت له أم ولد، وإن لم يكن له مال غرم الأمين قيمتا يوم الوطء ورجع
الأمين على الغريم بما ودى عنه، وإن لم يكن له مال ولا للغريم بيعت الأمة
بعد الوضع فقضى حق الغرماء أو بيع منها حق الغريم إن كان فيها فضل وعتق ما
بقي والولد يتبع أباه وهو حر ولا يباع، وإن لم تحمل وكان يطؤها ففلس فإن
كان للأمين مال ضمن قيمتها للمرتهن وكان الأمين أسوة الغرماء فيها وفي
غيرها، قال عيسى: وإن لم يكن للأمين مال فالمرتهن أحق بالأمة وهذا كله إن
لم يعلم المرتهن بردها فإن كان علم فلا رهن له. قال: ولو أن الأمين على
الرهن ضمن للمرتهن قبضه وحوزه وتحمل له أيضًا بالحق إلى أجله فتركه الأمين
عند الراهن فقام المرتهن على حيازة الرهن فقال الحميل: إنما تركته عنده
وفقا به وأنا له وللحق ضامن، فالقول قول المرتهن لما يخاف من فلس الحميل
والغريم ويجبر الحميل على
[10/ 201]
(10/201)
قبض الرهن، فإن أبى نزع وجعل بيد غيره
والحمالة بالحق كما هي، قال: ومن رهن عبدا لامرأته برضاها وضمنه رجل
للمرتهن إلا في الموت على أنه يعطيه حقه عند الأجل فأقر الحميل العبد عند
المرأة على الأجل ثم طلب بيعه فمنعته المرأة إذ لم يقبض عنها واحتج/الحميل
بإذنها في رهنه، قال: يغرم الحميل الحق لأنه حل، ويرجع به على زوجها لا
عليها، ولو تركه عندها أياما ثم طلب أخذه فله ذلك بخلاف حلول الأجل.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في الموضع على يديه الأمة الرهن فيعيرها للراهن
فيطأها فتحمل فليغرم السيد الحق في ملئه ويعجله إلا أن يكون ما عليه طعام
أو عرض فيأتي برهن ثقة، وعن الأمين على الرهن يأتيه صاحب الحق في حلول
الأجل في غيبة الغريم فيسأله أن يدفع إليه الرهن لبيعة ويأخذ حقه فيدفعه
إليه فيضيع فالأمين ضامن للرهن ولا شيء على الذي ضاع عنده الرهن لأنه مؤتمن
يعني أئتمنه العدل الضامن. الرهون 13
ومن المجموعة: قال أشهب في الرجلين يرتهنان ثوبا من رجل فرضي ربه أن يكون
بيده وأخذ منهما بعينه فدفعه الذي هو بيده إلى صاحبه فتلف فإنه يضمن جميعه
للراهن ولا يضمن الآخر إلا نصفه ويتبع الراهن الأمين بنصف قيمته بكل حال،
وهو مخير في النصف الآخر فإن شاء اتبع به الآخر وانقضى ما بينهما، وإن شاء
أخذه من [الأمين ورجع به] الأمين على صاحبه.
قال سحنون في العتبية: وعن العدل بيده الرهن فيريد سفرا قيل أجل الدين
فليرفع ذلك إلى الإمام ليجعله بيد عدل برضاه، فإذا حل الأجل ولم يقبضه
الغريم باعه الإمام ولا يبيعه من جعله الأمين على يديه.
[10/ 202]
(10/202)
في الراهن يتعدى على الرهن فيبيعه، أو
يهبه، أو يعتقه، أو يدبره، أو يكاتبه، قبل يجاز أو بعد،/وفيمن أعارك رهنا
ثم أعتقه، أو تزوجه، وكيف إن طلب الراهن بدل الرهن أو أذن له المرتهن في
بيعه؟
من كتاب ابن المواز: قال: وإذا تعدى الراهن فباع الرهن قبل يقبضه المرتهن
أو بعد فمختلف فأما بيعه قبل يجاز عنه فالبيع نافذ وإن قرب فات أو لم يفت،
وإن لم يحل الحق فالتمر للراهن يأخذه ولا يعجل للمرتهن حقه ويوضع له رهن
مكانه ولا ينفض ما بينهما من بيع أو سلف وقد كان للمرتهن لو لم بيع أن يقوم
فيحوزه وهذا كله قول مالك وابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم عن مالك.
قال عبد الملك في المجموعة: كان بيعه بتفريط من وضع على يديه أو بغلبة عليه
حتى بيع فالبيع نافذ.
ومن كتاب ابن المواز: وتعديه في العتق كتعديه في البيع عن مالك قبل قبض
الرهن أو بعده إن كان مليا، وقاله ابن القاسم وأشهب، وقال ابن القاسم في
الكتابة: هي كالعتق يمضي ذلك ويعجل للمرتهن حقه إن كان بعد أن قبض الرهن
وأما التدبير فإنه يبقى رهنا بحاله بيد مرتهنه لأن المدبر يرهن، محمد:
وكذلك الكتابة مثل التدبير، وقال أشهب: هما مثل العتق إن كان مليا أخذ منه
الحق معجلا إن كان ذلك بعد الحيازة، فإن كان مليا بقي ذلك بيد المرتهن
بحاله،
[10/ 203]
(10/203)
فإن ودي الدين نفذ ما صنع الراهن فإن لم
يوفيه بطل صنيعه وبيع ذلك فإن كان في بعض ثمنه وفاء بيع في العتق بقدره
وعتق ما بقي.
قال أشهب: وأما في الولادة والتدبير والكتابة فيباع كله،/فيكون فضل ثمنه
لسيده إذ لا يكون بعض أم ولد ولا بعض مكاتب ولا مدبر.
قال محمد: وأما في التدبير والكتابة فيبقي رهنا بحاله لأن الكتابة مما يباع
فإن حل الأجل وفيها وفاء بيعت وإن كان فيها فضل لم يبع منها إلا بقدر الدين
وإن لم يكن فيها وفاء إلا ببيع الرقبة بيعت الرقبة، وكذلك المدبر إذا حل
الأجل بيع كله ولا يحوز بيع شيء منه على أنه مدبر على حاله ولا عرى أن
يقاويه فيه، وأما إذا أولد الراهن الأمة فيجوز أن تباع بقيتها ويبقى ما
فيها بحساب أم الولد.
قال فيه وفي المجموعة: قال أشهب: وإن كان هذا كله قبل حوز الرهن فهو كله
نافذ ولا رهن له في العتق وحده ولا يعجل له الحق، وأما في الكتابة والتدبير
فللمرتهن قبض رهنه فيبقي بيده رهنا وهو مكاتب أو مدبر وتكون الكتابة رهنا
معه، ولا تكون خدمة المدبر رهنا إلا أن يشترطها في أصل الرهن، وأما الكتابة
فالرقبة لا كالغلة والخدمة إلا أن يشترطها المرتهن، قال محمد: الكتابة
كالغلة لا تكون رهنا إلا أن يشترط في أصل الرهن قال: ولو كان عتق الراهن
بعد قبض المرتهن للعبد وليس بملي، فإن لم يكن في ثمنه فضل لم يبع منه شيء
ولم يعتق منه شيء حتى يحل الدين، وقاله مالك، وإن كان فيه فضل ووجد من يباع
منه بيع منه بقدر الدين وعتق ما بقي، وإن لم يوجد من يبتاع بعضه بيع كله
فما فضل
[10/ 204]
(10/204)
عن الدين فلسيده يصنع به ما يشاء، قال
أشهب: ويباع/منه بقدر الدين وإن لم يحل الدين وإن لم يكن فيه فضل لم يبع
حتى يحل حقه فيصنع فيه كما ذكر مالك، وقال أبو الزناد: وإن كان السيد مليا
عتق مكانه وقضى الدين وإن لم يكن له مال فقضى العبد من ماله الدين فهو حر
أيضًا، ولا رجوع له بذلك على سيده، وإن لم يكن ذلك فلا عتق للعبد.
قال: ووطء الراهن الأمة بعد أن حيزت بإذن المرتهن كوطئه قبل أن تحاز بغير
إذنه، إن حملت بطل الرهن ولا يعجل الحق (مليا كان أو معدما، وإن وطئها بغير
إذن المرتهن بعد أن حازها فحملت فروى ابن القاسم عن مالك قولين فقال: إن
كانت تذهب وتجيء في حوائج المرتهن بطل الرهن ولم يعجل الحق] ورجعت إلى
الراهن أم ولد فأما إن وطئ غصبا أو تسورا ولا مال له بيعت بعد الوضع والولد
حر، ولو كان له مال عجل الدين وكانت له أم ولد، والقول الآخر: إن لقيها
فوطئها فلتبع دون الولد إلا أن يكون له مال، وقال أشهب: إن لم يكن له مال
فلا تباع حتى يحل الأجل فتباع كلها إذا وضعت وإن كان فيها فضل، وما فضل من
الثمن فلسيدها إذ لا يكون بعض أم ولد.
وفي المجموعة: نحو ما ذكر في العتق والوطء والكتابة عن ابن القاسم وأشهب،
وذكر قول مالك إذا وطئها بغير إذنه تسورا وله مال عجل الحق وكانت له أم
ولد، قال سحنون: هذا إن كان دينه عينا فإن كان طعاما من سلم فالمرتهن
بالخيار إن شاء تعجل حقه وسلم الجارية وإن شاء حبسها رهنا وأرجا الطعام إلى
أجله، وقال/سحنون: وتدبيره إياها كالعتق في رواية ابن وهب عن مالك وهو أحسن
من قول ابن القاسم الذي قال فيه: تبقي مدبرة كما يرهن المدبر قال سحنون
هنا: والتدبير سابق للرهن فدخل فيها على الأتباع بعد موت الراهن
[10/ 205]
(10/205)
وهذا أحدث التدبير فأضر به بتأخير بيعها في
عدمه وقد يحل حقه إلى قريب وأما الكتابة فتمضى إن كان له مال يؤخذ منه
الدين، وإن لم يكن له مال وفي الكتابة إن بيعت وفاء الدين جازت وبيعت، وقال
أشهب: إن لم يكن له مال بقيت رهنا حتى يحل الدين فتباع إن لم يكن له مال
وكذلك في التدبير فإن فضل من ثمنها شيء كان للسيد، وأما في العتق فلا يباع
منها إلا بمقدار الدين ويعتق ما بقي.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا وهب المرتهن الرهن فإن كان للثواب فهو كالبيع
وقد ذكرنا البيع.
ومن أعارك عبدا لترهنه فرهنته ربه فاختلف فيه فقال ابن القاسم: إن كان له
مال جاز عتقه وغرم الأقل من قيمته، أو من الدين فيعجله المرتهن فيرجع
ببقيته على الراهن إذا حل الأجل ولا يرجع المعير على المستعير بما دوي حتى
يحل الأجل، ولم يره أشهب مثل ربه، ورآه مثل من أعتق عبده بعد أن جنى يحلف
المعير: ما أعتقته لأؤدي الدين ويبقي رهنا حتى يقبض حقه من ثمنه إن بيع أو
بيدأ فينفذ فيه العتق، وإن نكل غرم الأقل من قيمته أو الدين ونفذ عتق
العبد.
قال محمد: قول ابن القاسم أحب إلي/لأن الجناية أخرجت العبد من ملك ربه إلا
أن يفديه، وهذا لم يخرجه على ريبة من ملكه ولا من ماله وغيره يعديه إلا أن
يكون المستعير قد هلك عن إياس أن يكون له شيء فيكون كما قال أشهب.
قال ابن حبيب: قال اصبغ: سمعت ابن القاسم وأشهب يقولان: إذا أقر الراهن في
عبد رهنه أنه لغيره فإن ثبت إقراره قبل أن يقبضه المرتهن فالمقر له أولى به
كان الراهن مليا أو معدما، وإن كان بعد أن حيز فإن كان للمقر مال عجل دين
المرتهن وأخذ رب العبد عبده، وإن لم يكن له مال فالمقر له مخير بين أن
يضمنه قيمته ويتبعه بها دينا، وبين أن يؤخره حتى يمكنه أخذه، فإن حدث له
مال
[10/ 206]
(10/206)
وودي دينه أخذ هذا عبده وإلا بيع للدين بعد
الأجل واتبعه ربه بقيمته يوم أقر له به.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: ليس للراهن أن يزوج الأمة الرهن وقال
أشهب: ويفسخ إن فعل ما لم يبن فإن بنى بها بعلمك فسد رهنك، وإن لم تعلم فلك
أن تحول بينه وبينها ما كانت رهنا ويثبت النكاح ولها الأكثر من صداق المثل
أو ما سمي لها.
قال سحنون: ولو كان فاسدا ما صح بالبناء لأن فساده في عقده وأرى النكاح
جائزا بمنزلة أن لو أعتقها وتعجل للمرتهن دينه بمنزلة أن لو قتلها عمدا
فأما خطأ فلا شيء عليه، والدين إلى أجله، ولا يؤخذ منه القيمة فيوضع رهنا
لأنه لا يضمن ملكه.
قال محمد بن عبد الحكم: إذا زوجها الراهن وهي في حوز المرتهن ولم يرض، فسخ
النكاح/لأن ذلك يعيب رهنها وينقص قيمته وليفسخ دخل أو لم يدخل ولو بنى بها
بغير علم المرتهن فافتضها فعليه صداق المثل يوقف معها في الرهن كالحمالة
عليها وإن نقصها الافتضاض أكثر مما أخذ من الصداق غرم ذلك اليسد فيوقف من
الصداق رهنا معها.
وقال أشهب: يفسخ قبل البناء فإن بنى بها فلا يفسخ ولكن يحال بينه وبينها أن
يطأها ما كانت رهنا ولها الأكثر من المسمى أو صداق المثل، ولو افتكها السيد
قبل البناء لم يفسخ، قال محمد بن عبد الله: قول أشهب هذا ليس بقياس وليفسخ
دخل بها أو لم يدخل لأنه نقص الرهن، ولو لم يكن نقصا لكان منعه من الوطء
يفسد النكاح كمن تزوج امرأة على أن يطأها سنة فهذا فساد في العقد لا
[10/ 207]
(10/207)
في الصداق وقول مالك: إنه لا يجوز نكاحها.
وإذا قلت: كل من لا يحوز وطؤها إلى مدة لم يجز نكاحها، قلت ذلك في التي
واجرت نفسها سنين أو تؤاجر نفسها للرضاع فتتزوج أن ذلك يفسخ قبل البناء أو
بعدة، وعلى قول أشهب: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده وبمنع من الوطء حتى تنقضي
الأجرة وتخرج الأمة من الرهن، وإذا استؤجرت ذات الزوج لعمل تعلمه أو لرضاع
صبي فمات وزجها وهي في ذلك فإنها تقيم في منزلها في الليل ولا تخرج منه
للعدة ويفسخ رضاعها للصبي إن طلبوا ذلك ليس عليهم أن يصيروا الصبي إليها في
منزلها، فإن رضوا أن يرسلوه إليها ترضعه في منزلها فإن مضت العدة وبقي من
مدة الرضاع بقية فقالت: أنا أرضع/لكم فكرهوا أو كرهوا هم ذلك وأرادت هي
فإنها ترجع إلى الرضاع في بيت الصبي بقية مدة الإجارة.
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم وأشهب: لو رده إلى الراهن بإجارة أو
إيداع أو غيره فباعه كبيعه قبل أن يحاز، وهو قول مالك، وأما لو باعه وهو
بيد المرتهن أو بيد أمين بمثل الحق فإنه يعجل للمرتهن حقه إن لم يحل وينفذ
البيع ولا حجة للمرتهن في رده، وقاله مالك إلا أن يباع بأقل من حقه فله أن
يرده أو يمضيه فلا يتعجل الثمن ويطلب بما بقي، قال محمد: وكذلك إن باعه
بثمن خلاف حق المرتهن قال: وقد كان من رواية ابن القاسم وأشهب أنه إذا باعه
قبل/يحاز فالبيع أولى به، وإن باعه بعد الحوز فلا بيع له ويرد، والقول
الآخر لمالك أحب إلي وعليه أصحابه: إنه ينفذ ويعجل الحق ولا حجة للمرتهن إن
كان حقه عين وبيع بمثله، قال أشهب: وليس للراهن أن يقول: لا أعجل حقك وإما
أن يرد البيع أو يجيزه ويبقى الحق إلى أجله. محمد: لأنه مضار لا نفع له في
ذلك.
وروى لنا عن أشهب بعض الخلاف لهذا، وهذا الثابت عندنا من قوله وعليه
أصحابه.
[10/ 208]
(10/208)
قال أشهب: وإن استهلك ثمن الرهن قبل يدفعه
إلى المرتهن فإن كان عنده وفاء به وداه وتم البيع وإلا فللمرتهن رد البيع.
قلت: فإن كان المرتهن وصله إلى الراهن حتى باعه فقلت بيعه جائز ولا يعجل
الحق كما لو باعه قبل الحوز أرأيت إن قال المرتهن: إني إنما وصلته إليك
لتبيعه لتعجل حقي، وأنكر الراهن؟ قال: قال أشهب: يحلف المرتهن والقول قوله
ولا يضر قيام الغرماء إن كان/ذلك بقرب دفعه إليه، وإن كان ذلك ليس بقربه
فقام الغرماء قبل أخذك الثمن فهم أحق بالثمن.
ومن المجموعة: قال أشهب: وإذا باعه بغير إذن المرتهن لم يجز إلا أن يجيزه
فإن أجازه جاز وعجل له دينه من الثمن وإن لم يحل إلا أن يكون مليا فيجوز
بيعك ويعجل الثمن من مالك أو من الثمن إن كان فيه وفاء، وهو كما لو أعتقه،
وليس لك أن تقول: أعطيك رهنا مكانه ولا أن يقول: أبقي الثمن رهنا، وإن بعته
بإذن المرتهن فلا أرى الثمن به رهنا إلا أن يكون اشترط ذلك عليك فيكون
الثمن رهنا، وإن اشترط عند الإذن أن يقبض حقه فإن ذلك لا يصح وأراه رهنا
إلى أجله، ومنه ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا طلب الراهن أن يبدل
الرهن وهو جارية رغب في بيعها إذ لا توافقه وأعطاه بدلها دارا أو أصولا
فأبى، فليس للراهن ذلك إلا برضي المرتهن، ولو باعها عجل للطالب حقه وتم
البيع، وقاله اصبغ وسحنون.
وروى أشهب عن مالك في الحائط النخل يطرح الريح منها نخلا فطرحها فطلب
الراهن بيعها فللمرتهن منعه فإن كانت تبقي ولا تفسد إلى محل الحق بقيت في
الرهن ولا تباع إلا باجتماعهما ويوضع الثمن بيد عدل، وإن خيف فسادها بيعت
ووضع الثمن بيد عدل.
[10/ 209]
(10/209)
قال أبو زيد عن ابن القاسم قال: وإذا طلب
الراهن المرتهن أن يرد عليه العبد الرهن ويعطيه غيره فلا بأس به.
وروى عنه عيسى فيه: إن أعتقه الراهن أو دبره فإن كان مليا ودفع إلى المرتهن
حقه نفذ/عتقه وتدبيره، فإن لم يكن مليا فلا عتق له ولا تدبير فيه.
فيمن رهن رهنا فاستحق جميعه أو بعضه، أو مات، أو استلحقه الراهن إن كان
عبدا، ومن باع على رهن أو حميل فلم يجده
من كتاب ابن المواز: ومن رهن رهنا فاستحق فإن كان قبل يحوزه المرتهن يريد
محمد: والرهن بعينه فالمرتهن مخير فإما أمضي بيعه أو أسلفه بلا رهن وإن شاء
رد ذلك ولو فات الشيء المبيع بيده مبتاعه ولم يرض البائع إلا برهن فله
قيمتها معجلة ويفيتها العيوب المفسدة إلا أن يأتي الراهن برهن مثله يشبه
فيثبت الأمر إن شاء المرتهن أو أبى وإن كان الاستحقاق بعد أن حازه لم ترد
المعاملة ويبقى الحق إلى أجله. وليس عليه رهن غيره ولا أن يعجل حقه قال عبد
الملك: إلا أن يعلم أن الرهن رهنه عالما أنه ليس له وإنما عيبه عليه ظلما
فعليه أن يأتي برهن غيره. محمد: فإن لم يفعل فالمرتهن مخير بين أن يجيز
البيع أو يرد السلعة فإن لم يجدها أخذ قيمتها، قال عبد الملك: فإن لم تقم
بذلك بينة واتهم فليحلف: أنه ما علم استحق بملك أو حرية أو صدقة قال: وإن
استحق نصفه فحلف الراهن أو كان ثقة فإن الباقي رهن بجميع الحق إلى أجله،
وقاله أشهب فإن
[10/ 210]
(10/210)
طلب المستحق البيع: قيل للمرتهن والراهن:
بيعا معه أو يأخذه أحدكما بما يعطى به فإن بيع كله كان ما يقع للراهن
موقوفا بيد ثقة للمرتهن إلى أجله فيشترى لربه ما كان له، وإن كان حقه عين
عجل له حقه.
ومن المجموعة: قال ابن الماجشون:/وإذا بعته شيئا وشطر لك رهنا بعينه فاستحق
ولم يغرك فلا بدل عليه وإن اتهم أن يكون غرك حلف: انه ما رهنك عالما بذلك
فبه، وإن قامت بينة فعليه البدل وإذا قبضت الرهن بعيه فمات فلا شيء لك غيره
والبيع تام والدين إلى أجله، وقاله ابن القاسم وأشهب.
قال ابن القاسم: وإن مات بيد راهنه قبل يجاز فإنه مخير بين إمضاء البيع أو
رده لأنه باعه على أن يوصله إليه ألا ترى لو فلس قبل دفعه لم يكن له أخذه
وإن كان بعينه فإن رددت فليس له أن يأتيك برهن غيره ليتم البيع كما ليس له
بدل الرهن إذا تم البيع إلا برضاك.
قال أشهب: إذا استحق الرهن فإن غرك منه فعليه رهن سواه وإلا رجعت بسلعتك
التي بعت إن شئت، وإن لم يغرك فلا رهن لك، وكذلك في الحميل يدلس به في أنه
عبد مولى عليه وأما في موت الحميل أو الرهن فلا حجة لك.
ومن كتاب ابن المواز: قال: وإذا أسلم عبد النصراني فرهنه قال محمد: أو أسلم
في الرهن فإن لم يأت سيده ثقة أو مثله: بيع فتعجل الحق.
محمد: إلا أن بياع بغير نوع ما على سيده فيوقف له ذلك حتى يحل الحق وليس
على سيده غير ذلك، وهذا الذي قال محمد هو في المجموعة لأشهب، وقال في أول
المسألة وقال غيره أولا ثم تلاه بقول أشهب.
[10/ 211]
(10/211)
ومن العتبية: قال سحنون فيمن باع سلعة
وارتهن عبدا فاستحق، فإن غره عجل له الحق وإن لم يغره فهو كموته ولا شيء
عليه، هذا إن كان رهنا بعينه، وإن كان بغير عينه أتاه غيره ثقة حقه.
/ومن سماع عبد الملك بن الحسن: قال ابن القاسم: ومن رهن عبده ثم استلحقه
أنه ابنه فإنه يلحق به، ويتبعه الطالب بحقه، فإن لم يكن له مال فليبع ما
عسى أن يطرأ له.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في الرهن بيد أمين يبيعه ويقضي للطالب حقه كما
أمر ثم استحق الرهن، فاللمشتري أن يرجع بالثمن على الراهن، فإن لم يكن له
مال رحع به على من بيع له ويأخذ الثمن كالمفلس يباع ماله ثم يستحق شيء منه.
وقد جرى في باب رهن المشاع شيء من استحقاق بعض الرهن.
قال أشهب: فإذا كان ذلك ثيابا أو دابة وما يزال به ولم يرض المستحق يكون
ذلك في يديك ايها المرتهن فليقسم فإن كان لا ينقسم بيع عجل لك حقك إن بيع
مالك من دنانير أو دراهم فإن بيع بدنانير ولك دراهم أو بدراهم ولك دنانير
فليوقف ذلك لك إلى أجل فيباع حينئذ في حقك لما يرجى من غلاء ذلك وإن كان
حقك غير الدنانير والدراهم فبيع بدنانير أو بدراهم أو بعرض مثل حقك أو
مخالفا له وضع ذلك لك رهنا وليس لك تعجيله بغير رضاه وإن بيع شيء من طعام
أو شراب أو إدام وهو مثل الذي لك معه جنسا وجودة، فإني استحسن أن لك تعجيله
وإن أبى صاحبك لأنه إنما يعطيك مثله إذا لم يعطكه.
[10/ 212]
(10/212)
واحتج أشهب في تعجيل الحق بمسألة مالك في
الرهن يبيعه تعديا وقد جعل بيد أمين فتؤخذ قيمته فليعجل لك حقك إن فات
الرهن ولم يوجد، وبمسألة من أرهن فضلة رهن له بيد مرتهن آخر فلم يعلم/الأول
فحل الحق الثاني قبل الأول فليباع الرهن فيقضى هذا حقه ويعجل للأول حقه
فهذا مثله.
قال سحنون: وإنما تفسير قول مالك في الراهن يستحق نصفه فأما مسألة الرهن
برهن فضلة فيحل حق الثاني فبيع له فإذا إذا وقف للأول بمقدار حقه ودفع
الفضلة للثاني فقد يتغير ما يوقف للأول حتى إن بيع عند أجله نقص من حقه،
قال ابن عبدوس: فكأنه يرى فيما رأيت أنه إن كان لهذا يباع بخلاف حق الأول
أن لا يباع إلى أجله لأنا بعناه بخلافه أوقف الرهن كله ولم يتعجل منه
الثاني شيئا فيصير كأنه لا فضل فيه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن مات وبيده رهن فأعطاه وصيه لبعض
من ولي عليه ليقضى به دين فتعدى فيه فرهنه فقام فيه وصيه فليحلف الوصي ما
أمره برهن ويأخذه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن باع على رهن يساوي مائة دينار فلم يقدم المشتري
على شيء فالبائع مخير أن يمضي ذلك بلا رهن أو يرد، قال أشهب: وكذلك في
الحميل، قال محمد: ويجبر أن يعطى رهنا أو حميلا إن طلب البائع
[10/ 213]
(10/213)
حتى يعلم أنه لا يقدر على ذلك، وإن لم يسم
فيه أعطاه ثقة من حثه وكذلك الحميل، قال أشهب: فإن تبين بعذر بين أنه لم
يجد فالبائع مخير كما ذكرنا، قال ابن القاسم: فإن باعه إلى أن يرهنه عبدا
غائبا فجائز وتوقف السلعة حتى يقدم العبد، فإن تلف العبد الغائب لم يكن
للآخر أن يقول: أنا أدفع لك رهنا مكانه ألا برضي البائع، قال أشهب: وإن
كانت غيبة الرهن بعيدة لم يجز إلا أن يكون الرهن دارا أو أرضا ويقبض السلعة
المشترى لأن النقد/في بيع الدور الغائبة يجوز، وأما إن كان العبد الرهن
قريب الغيبة مثل يوم ويومين فالبيع جائز، فإن مات العبد الرهن قبل يقبض لم
ينقض البيع وليس عليه رهن غيره وكذلك لو مات الحميل لم يكن عليه غيره ولو
لم يمت وأبى أن يحمل فالبائع مخير وليس للآخر أن يقول له: أعطنا حميلا
غيره.
وقال ابن القاسم: إذا مات الراهن قبل نقده فالبائع مخير في رد البيع وإن
مات العبد بعد أن قبضه فلا رهن له عنده وإن باعه على أن يأخذ فلانا الغائب
حميلا فإن كانت غيبته قريبة فجائز ولا يقبض السلعة حتى يقدم الحميل فيتحمل
فإن أبى فالبائع بالخيار.
في تعدي المرتهن أو الموضوع على يده الرهن
يتعدى فيه ببيع أو وطء أو إنكاح أو إيداع أو عارية، وتعدي الأجنبي
فيه باستهلاك أو غيره
من كتاب ابن المواز: إذا تعدى المرتهن فباع الرهن فلزمه نقض ذلك وأخذه حيث
وجده ويدفع ما عليه، وأراده يريد: يدفع ما عليه إلى المشترى إن كان
[10/ 214]
(10/214)
مثل ثمنه فأقل قال: ويتبع المشترى الذي غره
بالثمن، قال محمد: إن بقي له شيء وقاله ابن القاسم وأشهب.
وقال أشهب: فإن غرم المرتهن قيمته يوم باعه أو يوم رهنه إلا أن يكون ما
باعه به أكثر فيأخذ ذلك منه الراهن ولا يعجل له من حقه شيئا إلى أجله لأنه
فسخ رهنه، وأما لو باعه الأمين الموضوع على يده وفات الرهن فلم يوجد فيأخذ
المرتهن حقه حالا إن بيع بمثل ماله من العين وبيع بمثل قيمته فأكثر، فإن
كانت قيمته أكثر/غرم العدل تمام قيمته للراهن وعجل للمرتهن دينه، فإن وجد
الرهن لم يفت نقض أخذت منه القيمة فقال ابن القاسم: فإن جاء ربه برهن
فأحرقه فإن ثبت ذلك ببينة أخذت منه القيمة فقال ابن القاسم: فإن جاء ربه
برهن مثله أو بما فيه ثقة من الحق القيمة، قال محمد: وبه أقول إلا أبن
أقول: إن كانت القيمة دراهم عجلها له وكذلك إن كانت دنانير وحقه دنانير،
وإن كان على غير ذلك كان رهنا إلى أجله قال أشهب: قامت على ذلك بينة أو لم
تقم فالمرتهن ضامن وهو يطلب المتعدي وللراهن أن يقاصه لآن بقيمته وليس عليه
أن يخرج القيمة فيبقى رهنا إلى الأجل لأن دينه مثلها دنانير أو دراهم، ولو
وطء المرتهن الأمة الرهن كان زانيا وولده رقيق، قال أشهب: ولا يعذر إن قال:
ظننت أنها تحل لي، وكذلك الأجير، قال أشهب: وعليها ما نقصها كانت بكرا أو
ثيبا إن غصبها على الوطء، ويدفع ذلك إلى ربها إن لم يحل الدين، وإن طاوعته
فلا شيء عليه كانت بكرا أو ثيبا، قال ابن القاسم: غصبها أو طاوعته، فعليه
ما نقصها إن كانت بكرا، ولا غرم عليه في الثيب إذا طاوعته، قال أشهب: لو
جعلت عليه شيئا في طواعية البكر لجعلته في طواعية الثيب، لأن ذلك نقصها،
وهو في البكر
[10/ 215]
(10/215)
أنقص، وللزمني أن أجعل عليه الصداق في
طواعية الحرة البكر، لأنها مولى عليها، ولزمني مثله في الثيب المولى عليها.
قال: ولو زوج المرتهن الأمة الرهن بغير إذن سيدها فولدت فماتت في نفاسها،
قال: قال ابن القاسم: قال مالك: [فلا يضمن المرتهن، قال أصبغ: لأنه لم يتعد
في/الحمل، وليس عن كل وطىء يكون الحمل، قال مالك:] وليس لربها أن يزوجها،
ورواها عيسى عن ابن القاسم في العتبية قال ابن القاسم: ولدها لسيدها، وهم
وهن مع أمهم ويفسخ النكاح، وإن ماتت من النفاس فبلغني عن مالك أنه قال: لا
يضمن، وأنا أراه ضامنا إن ماتت من قبل الحمل، قال ابن القاسم في سماعه: قال
مالك: وليس لسيدها أن يطأها ولا يزوجها وقد رهنها.
ومن كتاب الإقرار لابن سحنون: قال محمد في المرتهن يعير المرتهن الرهن بغير
إذن ربه. فهلك عند المستعير، فقال ابن القاسم: إن لم يعطب في عمل المستعير،
فلا ضمان على واحد منهما، وكذلك إن مات من أمر الله سبحانه، وقال سحنون:
يضمن المعير إذا عطب عند المستعير لأنه متعد، كان العمل يعطب فيه أو لا
يعطب فيه.
ومن المجموعة: قال سحنون: وإذا تعدى المرتهن فأودع العبد الرهن أو أعاره
بغير إذن ربه، فإنه يضمنه هلك بأمر من الله أو من غير ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتهن عبدا فأودعه غيره فمات فلا ضمان عليه.
[10/ 216]
(10/216)
ومن المجموعة: قال سحنون: وإذا باع المرتهن
الدين الذي على الرهن، فسأله المشترى دفع الرهن إليه، فليس ذلك له وإن فعل
ضمن.
فيمن اشترط في الرهن أن يبيعه المرتهن بلا مؤامرة
من كتاب ابن المواز والمجموعة والعتبية من سماع ابن القاسم قال مالك: إذا
أشهد الراهن للمرتهن إن لم يوفه إلى أجل كذا فقد وكله على بيع الرهن
ويستوفي، قال: لا يباع إلى بأمر السلطان، كان على يد المرتهن أو على يد
غيره، وإن كتبوا أنه يبيع بلا مؤامرة ولا حرج/عليه فلا يفعل وشدد فيه،
وبلغني عن مالك أنه قال: إن أصاب وجه البيع أنفذ فات أو لم يفت، ثم قال:
أما الشيء التافه فيمضي فات أو لم يفت، وأما ماله بال من الدور والأرضين
فيرد إن لم يفت، وأجب قوله إلى أن يمضى إذا أصاب وجه البيع كان مما له بال
أو لم يكن، لأنه بيع بإذن ربه، وضمنه صاحبه، وذكر ابن المواز عن أصبغ عن
ابن القاسم أنه قال: يمضى ذلك إلا أن يكون مما له بال مثل الدور والأرضين
والرقيق والحيوان، وماله بال في العدد أيضًا فليرد إن لم يفت، فإن فات أمضي
إلا أن تعلم له صفه هي أكثر مما بيع به فيضمن الفضل، وبلغني ذلك عن مالك.
وروى أشهب عن مالك في كتاب ابن المواز والمجموعة: أما القصب والمقناة وما
يباع من الثمار شيئا بعد شيء: فليبع بمحضر قوم، وأما الرقيق فللسلطان، قال
أشهب: ولأن مثل هذا إذا وخره لم يؤمن فيه الفساد والنقص ودخول الآفات
فليبعه بغير أمر السلطان كما شرط، وأما الدور والثمار والعبيد فلابد
[10/ 217]
(10/217)
من السلطان لأن له نظر في بعض الأمور أن لا
يعجل عليه ببيع عبده وربعه وعرضه، ولعله تفلسا عليه أن يملك، ورأي السلطان
أولى.
وقد قال مالك في السيف الرهن يبيعه المرتهن فليس له ذلك ويضمنه، قال أشهب:
إن لم يفت رد، قال أشهب: وهذا بموضع السلطان، فأما بلد لا سلطان فيه أو فيه
سلطان يعسر تناوله فبيعه جائز إذا صح وأبلى المعدل.
وقال في كتاب ابن المواز عن مالك: إذا رهنه حائطا وأشهد له أن بيعه إليك
وأنت مصدق مأمون، ثم طاب ثمره فأرسل إليه ربه: إنني بعت/الثمرة من هذا
الرجل باثنين وعشرين دينارا فاقبضها منه وسلم إليه الثمرة، فقال المرتهن:
حتى أنظر، ثم قال لرجل آخر عنده: أعندك زيادة؟ قال: نعم، دينار، فباعه منه
المرتهن بمحضر رسول الراهن، فأبى الراهن أن يجيز البيع، فذلك له، لأن
الرهان لا تباع إلا بأمر السلطان.
ومن كتاب ابن عبدوس: قال غيره: إذا أمر الإمام ببيع الرهن، فأما الرهن
اليسير الثمن، فإنه يباع في مجلس، فأما ما أكثر منه ففي الأيام، وأما أكبر
منه ففي أكبر من ذلك، وأما الجارية الفارهة والدار والمنزل والثوب الرفيع
فبقدر ذلك حتى يشتهر ويسمع به ويفشو، وربما نودي على السلعة الشهرين
والثلاثة، وكل شيء بقدره.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أمر الإمام ببيع الرهن فبيع بغير العين من عرض
أو طعام، قال ابن القاسم: لا يجوز ذلك، وقال أشبه: إن باعه بمثل ما عليه،
ولم يكن في ثمنه فضل، فذلك جائز، وإن كان فيه فضل لم يجز بيع تلك الفضلة،
والمشتري بالخيار فيما بقي، إن شاء تمسك أو رد لما فيه من الشركة، وإن باعه
بغير ما عليه فلا يجوز.
[10/ 218]
(10/218)
في الرهن يرتهنه الرجلان فيقوم أحدهما
بحقه، وقد أنظر الآخر الغريم، ومن قيم عليه بدين قد حل وله فضل رهن بدين لم
يحل
من المجموعة من رواية ابن القاسم عن مالك، ومن كتاب ابن المواز، وهو في
العتبية من رواية عيسى وأبي زيد عن ابن/القاسم في الرجلين يرهنان رهنا
بينهما، يريد: ودينهما سواء، فقام أحدهما على الغريم ببيع الرهن في حقه،
وقد كان أنظره الآخر سنة، فإن قدر على قسم الرهن بما لا ينتقص به حق القائم
بحقه، قسم فبيع لهذا نصفه في حقه، وأوقف النصف الآخر لصاحبه، فإن كان قسمه
بنقص حق القائم بيع كله وأخذ القائم من نصفه حقه كله، وإن طابت نفس الذي
أنظره أن يدع الرهن يأخذ باقي الثمن إلى الأجل فعل، وإلا حلف: ما أنظرته
إلا ليوقف لي رهني، ثم عجل له حقه فلا يوقف، لأن إيقافه ضرر بلا منفعة
للراهن.
قال ابن القاسم في العتبية قال مالك: إلا أن يأتي الراهن برهن فيه وفاء حق
الذي أنظره فيكون له أخذ الثمن.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن أرهن دارا أو رقيقا في حق عليه إلى أجل، فقام
عليه قبل الأجل غريم آخر، يريد: ولا شيء عنده، قال: فإن كان في الرهن فضل
عن ما رهن فيه، بيع فقضى المرتهن حقه معجلا، وقضي الغريم الآخر، فإن لم
يمكن فيه فضل لم يبع حتى يحل أجل المرتهن.
[10/ 219]
(10/219)
وقد تقدم باب رهن فضلة الرهن لرجل فيحل حق
الآخر قبل الأول.
في الراهن يقضي بعض الحق أو بعض أحد الحقين، أو يرهن عند رجلين فيقضي
أحدهما، هل يأخذ من الرهن شيئا؟ وفي أخذ رهن من رحلين أو رها من رجل
من المجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: وإذا قبضت المرأة رهنا بصداقها ثم طلقت
قبل البناء، فالرهن كله رهن بنصف الصداق. قال:/ومن عليه لرجل دين دراهم،
ولآخر شعيرا، ولأخر ثمن سلعة، وهذا قرض، فأعطاهم بذلك رهنا واحدا، فذلك
جائز، قال ابن القاسم: إذا كان بينهما وقع بصحة ولم يكن أقرضه هذا على أن
باعه هذا فذلك جائز عند مالك، ولو أقرضاه معا على أن يرهنهما فذلك جائز،
قال أشهب: فإذا حل دينهما ولواحد شعير والآخر دراهم، قوم الشعير، فإن كانت
قيمته مثل الدراهم بيع الرهن. وكان ثمنه بينهما نصفين، فأن تفاضل ذلك
فبحساب ذلك فيشتري لصاحب الشعير بما وقع له شعيرا وللآخر دراهم، وذلك جائز
أن يكون رهنا من [جماعة] أو رهونا من رجل واحد، أو يرتهن رجلان جميعا رهنا
من [جماعة أو رهونا من] رجل واحد و [يرتهن] من رجال من بيع أو سلف أو منهما
ما لم يكن شرط سلف يدفع له أو لغيره، فإن قضى الواهن أحد الرجلين فله قبض
حصة دينه من الرهن إن
[10/ 220]
(10/220)
انقسم وإلا أقر، ولا يكون منه رهنا إلا
بمصابه من لم يقبض شيئا، ولا يضمن ما فيه ما فوق ذلك، كذلك لو كان الرهن
لرجلين عند رجلين فقضاهما أحدهما فله أخذ مصابته منه إن قدر، وإلا أقر ولم
يكن منه رهن غير نصيب الآخر، وهذا إذا حاز الذي لم يقتضي للذي اقتضى. قال
ابن القاسم: فأما لو كان الدين من شيء واحد أصله بينهما كان بكتاب أو بغير
كتاب، فليس لأحدهما اقتضاء دون صاحبه. قال عبد الملك: ومن رهن حائطه رجلا
ثم رهنه آخرا من بعد حقه على يدي الأول، ثم رهنه ثالثا من بعد حق الأولين،
أو كانت الحقوق لرجل فبدأ بعضها قبل بعض، ثم قضى الغريم/الحق الأول، فإن
صحة ذلك الحق من الرهن فارغا يرهنه الغريم لمن أراد، ولو فلس أو مات كان
لغرمائه، كانت الحقوق لرجل أو لرجال، لأنه إنما رهن الثاني فضل ما فضل عن
الأول، وكذلك الثالث بعد وقدر ما يؤدي عليه، وإن قضى من كل حق بعضه فإنه
يكون الباقي من بعض كل حق شاغلا لذلك الموضع كله كرهن واحد اقتضى بعضه
والباقي شاغل له أجمع.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: فإن رهن رجلان دراهم ثم مات أحدهما فقد حل
ما عليه، ويبقى بقية الرهن على صاحبه، والرهن أولى من الكفن.
[10/ 221]
(10/221)
في الانتفاع في
الرهن بشرط أو بغير شرط
من كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن باع سلعة إلى أجل أو ارتهن رهنا وشرط
الانتفاع به، فأما في الدور والأرضين فلا بأس به، [ولا يجوز أن يشترط ذلك
في السلف]، ويجوز في البيع بأجل مضروب أكثر من أجل الدين أو دونه أو إليه،
وذكر مثله عن أصبغ عن ابن القاسم في العتبية.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: فإن لم يشترط ذلك فلا يحل له أن ينتفع بشيء
منه، وإن كان سلاحا ونزل به عدو لا يفعل، ولا ينظر في المصحف ولا كتب العلم
إن كانت رهنا.
وكذلك في العتبية عن مالك.
قال محمد: يشترط الانتفاع بالرهن في البيع في الحيوان والعروض [والثياب ما
خلا المصحف والكتب وما خلا ذلك فجائز في كل ما تجوز فيه الإجارة إذا كان
يعرف وجه النفع به/وضر أجلا، واختلف قول مالك في غير الربع، فقال: لا يشترط
النفع في] الحيوان والعروض والسلاح ولا ما سوى الدور والأرضين، فإنه يدخله
اختلاف في القيمة، وقال أيضًا: كل ما للانتفاع به من العروض وجها معروفا
فلا بأس أن يشترطه عند البيع إلى أجل معلوم، وأجازه أشهب وأصبغ في الثياب
والحيوان والعروض لأنه إجارة وبيع، قال: ولا خير في أن
[10/ 222]
(10/222)
يشترطه يوم تمام البيع حين يرهنه الرهن ولا
بعد ذلك، لأن فيه اصطناع من رب الرهن لرب الدين لئلا يعجل عليه أخذه يحقه،
قاله ابن القاسم وأشهب، قال أشهب: وإن لم يحل فهو يحمل أنه يطمع بالإنظار،
وإن أذن له بعد أن حل فهو مخافة ألا يطلبه بحقه، وإن سلم هذا من ذلك فهو
ذريعة لغيرهما.
محمد: وأما المصحف فلا يحوز شرط القراءة فيه، لا في عقد البيع ولا بعده،
ولا تجوز إجارته، وقد أجاز ابن القاسم في المدونة إجارته، وكرهه في كتاب
الرهن أن يشترط بعد البيع، وكل ما تقدم في أول الباب من شرط النفع بالرهن
في سلف أو بيع فمثله في المجموعة عن مالك من رواية ابن القاسم وابن وهب،
وذكر اختلاف قوله في شرط الانتفاع برهن الحيوان والعروض، وذكر أن ابن
القاسم روي عنه أنه كره اشتراط الانتفاع بالرهن في البيع، وفي رواية لابن
وهب عن مالك أنه قال: وإن فيه مع ذلك لشيء إذا اشترط سكنى الدار الرهن
وخدمة العبد فمات العبد أو احترقت الدار، بطل ما كان يشترط، وما وضع من
سلعته للانتفاع/الذي شرط بالهن.
قال ابن حبيب: قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن ارتهن ثوبا في سلف ثم سأل ربه
أن يلبسه، فأذن له، فإن كان يجري ذلك بينهما قبل الرهن، وكان لو سأله ذلك
قبل ذلك فلا بأس له.
في جناية الرهن والجناية عليه
من كتاب ابن المواز: وقال في العبد الرهن يجرح فسيده يخير بين أن يفديه
ويبقى رهنا، أو يسلمه، فإن أسلمه خير المرتهن فيه في ثلاثة أوجه: إما أسلمه
واتبع غريمه بدينه إلى أجله، وإن شاء افتكه بزيادة درهم فأكثر على دية
[10/ 223]
(10/223)
جرحه، ويكون له بتلا، ويسقط من دنه الدرهم،
ويتبع غريمه بدينه إلا الدرهم الذي زاد فيه إلى أجله، وإن شاء افتكه بدية
جرحه فقط، ليكون بيدك رهنا بما اتفككته به وبدينك الأول، على أن سيده لا
يضمن ما افتككته به إن مات أو نقص، ثم لا يأخذه سيده حتى يدفع إليك ما
افتككته به، ثم دينك الأول إن كان ثمنه قدر الجناية ونقص ذلك ابتعت الغريم
بباقي دينك، ولو كان للعبد مال، فطلب المرتهن أن يفدي منه الأرش ويبقى
رهنا، قال مالك: فليس ذلك إلا بإذن سيده، فإن أبى اسمله بماله وإن كان
أضعاف الجناية، ثم خير المرتهن في الوجوه التي ذكرنا فإن افتككته فماله رهن
لك بدية جنايته وحدها مع رقبته لا بالدين، لأنك لم تشترط ما له بدينك رهنا،
ويبقى المال بيده كما كان قبل يجني يتصرف فيه بالمصلحة ويأكل ويكتسي، وقد
كان اختلف/قول مالك في ماله إذا فدى المرتهن العبد، فقال: لا يكون ماله
رهنا بجناية ولا دين، ويقال لك: إن شئت أخذت العبد بدون ماله بدية الجرح
وبدينك الأول وإلا فدعه، ويرجع مال العبد لسيده، وبهذا أخذ ابن القاسم وابن
عبد الحكم، والقول الآخر به يأخذ أصحابنا ونحن، وهو الصواب لأنه إنما فدى
منه ما كان بالجناية مرهونا، قال مالك: ولا يدخل ما فداه به على سيده، قال
محمد: يريد: إذا بيع بماله بأقل مما فداه به المرتهن لم يكن ما نقصه على
السيد، ولا يلزمه إلا الدين الأول، وإن فضل عن الثمن شيء بعد الجناية كان
في الدين القديم، إلا أن يكون عليه دين لغرماء غيره فليدخلون معه فيما زاد
العبد في ثمنه بعد الجناية ينظر فإن زاد المال مثل نصف ثمنه نظر ما فضل بعد
ثمن الجرح فيكون نصفه للمال،
[10/ 224]
(10/224)
ونصفه للرقبة، فما كان للرقبة كان للمرتهن،
وما كان للمال دخل فيه جميع الغرماء ودخل معهم فيه المرتهن بما بقي له إن
بقي له شيء، وكذلك إن زاد المال فيه الثلث أو الربع حسب على هذا، قال محمد:
إلا أن يفديه مرتهن من الجناية بإذن سيده، فقد روى ابن القاسم عن مالك أنه
يتبع سيده بالجناية وبالدين الأول، ويكون العبد بذلك كله رهنا [بماله
فداه]، وقاله ابن القاسم وأشهب، إلا أن أشهب قال لا يكون رهنا بما فداه،
ولا يبدأ بما افتداه به إلا يشترط ذلك على سيده [فيكون رهنا بهما، قال
محمد: وهذا أحب إلينا إلا أن يكون رهنا بما فداه به، لأنه سلف منه لسيد،
إلا أن يشترط ذلك على سيده].
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في العبد الرهن يجرح: أن المرتهن أولى
بخراجه حتى يأخذ دينه، لأن ذلك نقصا من ثمنه/وكذلك روى عنه أبو زيد أن عقله
رهن معه يوضع بيد من هو على يديه، قال: وإذا جنى فأسلمه السيد ولم يحل
الدين، فإن الدين يبقى إلى أجله إن كان السيد مليا.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم وأشهب: ومن رهن عبدين فقتل أحدهما الآخر،
فالقاتل رهن بجميع الحق، قال سحنون: فإن قتله عبد الراهن بيد مرتهن أخر بقي
القاتل بيد مرتهنه، وليس للسيد أن يقتله في العمد، لأن المرتهن فيه حق،
وليس له في قتله منفعة، إلا أن يدفع إلى المرتهن دينه ويقتله، وكذلك لو
قتله، عبد له ليس برهن، فله قتله، فإن عفي عنه أو كان قتله خطأ لم
[10/ 225]
(10/225)
يكن عليه في العبد القاتل شيء ولم يقال له:
أسلمه أو افتده، ولو قتله رجل حر عمدا أو خطأ ودى قيمته فكانت رهنا، ولو
قتله عبد أجنبي، فإن قتله عمدا واجتمع الراهن والمرتهن على قتله قتلاه،
وقيل لسيد القاتل: أفده أو أسلمه، فإن أسلمه أو فداه كان ذلك رهنا، وكذلك
إن قتله خطأ.
في ارتهان العين وما يكال ويوزن من الطعام
وغيره، وارتهان الثمرة والزرع وما لا يحوز بيعه من.
من المجموعة: قال أشهب: لا أحب ارتهان الدنانير والدراهم والفلوس إلا
مطبوعة للتهمة ف سلقها، فإن لم تطيع لم يفسد الرهن ولا البيع، ويستقبل
طبعها إن عثر على ذلك، وأما على يد أمين فلا تطبع. وما أرى ذلك عليه في
الطعام والإدام وما لا يعرف بعينه، وإن كانت تجري مجرى العين، لأنه لا يخاف
من ذلك/في غير العين ما يخاف في العين لأن تفعك في العين أخفي وأمكن، ولا
يكاد يخفي في الطعام وشبهه، وإنما هو موضع تهمة، وما قوي منها أبين فيما
بيقى، ولو تعدينا بالتهمة في غير ذلك لأقمناها في الحلي لأنه قد يلبس
والعيد يختدم، ولكن يصرف إلى أمانتهم.
ومن العتبيه من سماع ابن القاسم: وم اشترى ثوبا بدينار فرهته الدينار وهو
فيه يا لخيار، فلا أحب ذلك إلا أن يطبع عليه أو يجعله على يد
[10/ 226]
(10/226)
غيرن وكذلك إن تسلف منه دراهم ورهنه
دينارا: قال أشهب: وإن وهن عنده دينارا ثم أراد أن يصرفه منه فلا يفلا يفعل
إلا بخضرة المرتهن. قال ابن القاسم: ويجوز ارتهان التمر والزرع وارتهان
الثمرة سنين، ولا يعم الحوز إلا بقبض الأرض والأصل، ولا رهن لك في ولا أرض،
والمرتهن يحوز الرقاب ويسقبها بماء الراهن ونفقته.
قال غيره: ولا بأس أن يرتهن الرجال الرهن من رجل، وغلته وخراجه من رجل آخر،
إلا أن يشترطها المرتهن. ولا بأس أن يرهن الأصول من رجل والثمرة من آخر
ويحوز الأصول مرتهن الأصول ويكون حوزا للراهنين، وليس لربه أن يسترجع الأصل
من يد مرتهنه فتبطل حيازة الثمرة، ولكن يكون الأصل بيد من يرضيان به.
قال أشهب عن مالك فيمن ارتهن من امرأته حائطا تصدق به عليها حياتها قارتهن
ثمرتها في تلك الصدقة من سنة إلى سنة كذا، فذلك جائز، وإن مضت السنون فله
أخذها يحقه حالا ولا يؤخرها إلى الثمرة، قال أشهب: ذلك جائز إذا قبض الحائط
أو قبض له، وكذلك رهن/غلة الدار إذا قبض الدار.
ومن كتاب ابن المواز: ويجوز رهن الثمرة قبل الزهو وقبل أن تكون طعاما إذا
قبض النخل، ويجوز رهن المدبر، ولا يجوز بيعه.
وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن باع بيعا فرهنه المبتاع خدمة
مدبره، قال: ما يعجبني إلا أن يكون أمرا ناجزا أو مخارجا، ويرهنه خراجه فقد
أجازه في كتاب آخر.
[10/ 227]
(10/227)
قال ابن حبيب: قال أصبغ: ومن أرهن مدبره
فحل الأجل ولا مال له، قال: يؤاجر له المدبر ويكون أولى به من الغرماء، فإن
قبض دينه من خراجه قبل موت السيد أو يسره رد إليه، وإن مات السيد قبل ذلك
بيع المرتهن فيما بقي له من دينه.
ومن كتاب ابن المواز: ويجوز ارتهان البعير الشارد والعبد الآبق إن قبضة قبل
موت صاحبه وقبل مكسبه ذلك، ويجوز ارتهان ما تلد هذه الجارية أو هذه الغنم
أو البقر، فلم يذكر محمد فيها جوابا، والمعروق لمالك أنه لا ترتهن الأجنة،
وقال أحمد بن ميسر: ذلك جائز كما يرتهن العبد الآبق والبعير الشارد، ويصح
ذلك بالقبض، وكذلك إذا ولدت الغنم كان الأولاد رهنا، وإن كان أوله مكروها.
قال ابن القاسم وأشهب: لا يجوز أن يرتهن المسلم من ذمي خمرا ولا خنزيرا،
قال أشهب وأقبضه ثم فلس الذمي فلا رهن له فيه. لأن رهنه لم يكن يجوز في
الأصل، والغرماء فيه أسوة. قال سحنون: إلا أن يتخلل فيكون أحق بها، وإذا
الذمي، ولو أراد المسلم إيقافها بيد نصراني إلى أجل دينه لما يخاف من عدمه،
فلا أرى ذلك، ولو غفل عنها حتى تخللت كان أحق بها،/ولو ارتهن نصراني من
مسلم خمرا أهريقت عليه، ولا يكون على المسلم أن يأتيه برهن ثان.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن ارتهن مسلم عصيرا فصارت خمرا رفعت إلى السلطان
فتهراق، قال أشهب: إن كان مسلما وإن كان غير مسلم ردت عليه ويبقي الحق إلى
أجله.
قال مالك: ولا ترتهن جلود الميتة وإن دبغت، وترتهن جلود السباع إذا ذكيت.
[10/ 228]
(10/228)
ومن كتاب ابن المواز: ومن ارتهن زرعا قبل
يبدو صلاحه فأصابته جائحة، فقال له صاحب الزرع: زدني ما أصلح به زرعي، فأبى
فتسلف لذلك من غيره، قال: الأول من الثاني، ثم الثاني، ثم الثالث، وقد
ذكرنا الاختلاف في هذا في كتاب التفليس.
في الراهن والمرتهن يختلفان في الدين وقد هلك
الرهن بيد المرتهن أو لم يهلك
من العتبية من سماع أشهب عن مالك، ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ومن
ارتهن ثوبا بعشرة بمحضر بينة، ثم اختلفا عند الأجل، فقال المرتهن: ازددت
مني خمسة أخرى سرا والرهن يسوى خمسة عشر، وأنكر الراهن، فإن قامت بينة وإلا
حلف الراهن وصدق، وهو بخلاف ما لم تكن فيه بينة في أصل المعاملة [والرهن.
قال ابن المواز: وإنما يصدق المرتهن فيما ادعي فيما بينه وبين قيمة الرهن]
إذا كان الرهن قائما، كان الرهن يغاب عليه أو لا يغاب عليه، كان مما يضمن
أو مما لا يضمن، كان على يديه أو على يدي أمين غيره.
قال أصبغ في العتبية: إذا كان الرهن بيد أمين ثم اختلفا فيما رهن به،
فالقول قول الراهن مع يمينه، لأنه لم يبله في يده.
فال ابن المواز: ونحوه رواه يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، ولكن لو تلف الرهن
لاختلف القول فيه، فإن كان مما يضمن فتكون قيمته مكانه، وإن كان من
[10/ 229]
(10/229)
الحيوان أو مما لا يلزم المرتهن قيمته
لقيام البينة على ما يغاب عليه منه، أو لأنه كان على يد غيره، فلا يكون على
الراهن إلا ما أقر به إذا حلف قل ذلك أو كثر [قال محمد: وإن علم أن الرهن
كان سواه أكثر] فهو سواء ونحوه روى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية في
الحيوان يهلك، وروى مثله عنه يحيى بن يحيى في الحيوان، وروي في الثياب تقوم
على هلاكها بينة، مثله.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، وإذا اختلفا في مقدار الدين والرهن قائم
بيد المرتهن، فقال المرتهن: بعشرين وقال الراهن في عشرة، فصدقنا المرتهن
فيما بينه وبين قيمة الرهن، فقال الراهن: أنا أقضيك خمسة عشر وآخذ رهني،
فليس ذلك له إلا بدفع عشرين، وإلا للمرتهن إلزام الراهن خمسة عشر إذا برئ
الراهن من الرهن إلى المرتهن، ولا يجبر على أخذه إلا أن يرضى المرتهن
بعشرة، وإلا بقي للمرتهن.
[وقال ابن نافع: إن الراهن إذا دفع إلى المرتهن قيمة الرهن كان أولى به،
وهو تفسير قول مالك في الموطأ].
وقال ابن نافع في غير هذا الكتاب إنما ينظر إلى قيمته يوم [الحكم إذا كان
الرهن قائما، فإما إن ملك إنما ينظر إلى قيمته] يوم قبضه، ويصدق في قيمته
مع يمينه، ويصدق من دعواه في الحق إلى مبلغ ذلك.
وقال مالك في الموطأ: إن قال الراهن هو في عشرة، وقال المرتهن في عشرين،
وقيمة/الرهن عشرون، حلف المرتهن ثم كان له أخذ الرهن بحقه إلا أن يشاء
الراهن أن يعطيه عشرين وأخذه.
[10/ 230]
(10/230)
في كتاب ابن عبدوس: قال: وإذا كان الرهن
قائما والرهن يسوى أكثر مما قال الراهن وأقل مما قال المرتهن، فإن شاء أن
يعطي ما قال المرتهن وإلا بعت الرهن أو دفعت إليه من ثمنه ما ذكر، قال ابن
المواز: إذا كان الرهن يسوى عشرة، وهي ادعى المرتهن أو أكثر، لم تكن اليمين
إلا عليه وحده، وإن كان الرهن يسوى ما قال الراهن فأقل، لم يحلف إلا الراهن
وحده، لأن يمين المرتهن لا تنفعه، فإن كانت قيمته أكثر مما أقر به الراهن،
أقل مما ادعى المرتهن، فها هنا يحلفان، يبدأ بالمرتهن باليمين، لأن الرهن
كالشاهد له على قيمته، فإن حلف فليحلف الآخر، فإن نكل لزمه كل ما ادعاه
المرتهن وحلف عليه، وإن كان أكثر من قيمة الرهن أضعافا، فإن حلف برئ من
الزيادة، والمرتهن أولى بالرهن، إلا أن يدفع إليه الراهن قيمته ويأخذ رهنه
فذلك له، ولا حجة للمرتهن أن يقول: لا أدفعه إليك إلا بحقي، ولكن لو قال
المرتهن من أول: لا أحلف إلا على مقدار قيمته، إذ لا آخذه إلا بقيمته. فذلك
إليه، فإن نكل المرتهن عن اليمين بما ادعى، أو بمبلغ قيمة الرهن حلف الراهن
ولم يغرم إلا ما حلف عليه، فإن نكل فعليه قيمة الرهن فقط، إن أحب أخذ رهنه،
وإلا فالمرتهن أولى به ويكونان إذا نكلا بمنزلتهما إذا حلفا، قال: ولا ألزم
الراهن إذا نكل ما ادعاه المرتهن كاملا، لأني إنما أحلف المرتهن في
الابتداء ليستوجب ما بينه وبين قيمة الرهن لا ما زاد على ذلك، لأن الراهن
إنما يشهد له/بمبلغ ذلك، والراهن إنما استحلفه للزيادة على قيمة الرهن،
فلما نكل لم ألزمه الزيادة حتى يحلف عليها مدعيها، فلما تقدم نكوله عنها لم
يكن له منها شيء ورجعا إلى قيمة الرهن، بخلاف من أقام شاهدا فنكل عن اليمين
معه، فأحلف المدعى عليه فنكل، هذا يغرم الجميع، لأن الشاهد يشهد له بجميع
الدين.
ومن العتبية: قال أصبغ في المتراهنين يختلفان في الدين فيقول المرتهن: هو
رهن بمائة دينار، وقيمة الرهن مائة دينار فأكثر، وقال الراهن: بل بمائة
إردب
[10/ 231]
(10/231)
من قمح بيعا أو قرضا، فإن كانت المائة إردب
هي أكثر من مائة من مائة دينار، فالراهن مصدق، وتؤخذ منه وتباع، ويوفي هذا
مائة، وإن كانت أقل فالمرتهن مصدق كما أصدقه في كثرة النوع إن سوى الرهن ما
قال، كان اختلافهما في نوعين أو في نوع واحد من جميع الأشياء.
ومن كتاب محمد: وإذا تصادقا أن له عنده ألفا وبيده رهن قيمته خمسمائة، فقال
الراهن: هو بخمسمائة رهنا وخمسمائة بلا رهن فيها، فخذ مني الخمسمائة وأجل
الألف لم يحل فخذها، وقال المرتهن: بل هو في ألف كله، قال ابن القاسم:
القول قول الراهن ويحلف، وقال أشهب: لا يأخذ الرهن حتى يدفع الألف كلها بعد
يمين المرتهن، قال محمد: والصواب قول ابن القاسم.
في الراهن يقول: رهنتك هذا الثوب، ويقول المرتهن: بل هذا، أو قال: رددت
الثوب، وجحد ذلك الراهن، أو رد الرهن، وادعى أن حقه لم يقبضه
من كتاب ابن المواز: قال مالك في الرهن يضيع عند المرتهن فاختلفا/في مصفته،
واتفقا في الدين، فالمرتهن مصدق يصفه ويحلف، ويقول ما وصف أهل المعرفة، فإن
نقصت عن الدين ودي الراهن ما بقي. قال محمد: يقبل قوله، وإن كانت قيمة ذلك
يسيرة، إلا في قول أشهب فقال: إلا أن يتبين كذبه لعلة ما ذكر حدا.
ومن العتبية: قال أصبغ فيمن رهن رهنا بألف دينار فجاء ليقضيه فأخرج رهنا
يسوى مائة دينار، وقال الراهن: قيمة رهني ألف وذكر صفة تشبه
[10/ 232]
(10/232)
ألفا وليس هو هذا، فالراهن مصدق ويحلف لأنه
ادعى ما يشبه، وادعى المرتهن ما لا يشبه، ويحلف الراهن على صفة ثوبه ويسقط
عنه من الدين مقدار قيمته، وقال أشهب: القول قول المرتهن وإن لم يساو إلا
درهما واحدا. وليس هذا بشيء، قال ابن حبيب: قال ابن عبد الحكم: القول قول
المرتهن، وذكر عن أصبغ ما ذكر العتبى، وأخذ ابن حبيب بقول ابن عبد الحكم.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الراهن يقول: رهنتك ثوبا جديدا،
وقال المرتهن: كان خلقا، وهو هذا، واتفقا في مبلغ الدين، فالمرتهن مصدق مع
يمينه.
وقال ابن القاسم: من ارتهن وهنا بغير بينة ثم زعم أنه قد رده إلى صاحبه
وأخذ الذين فأنكر الراهن رده، فليحلف الراهن ويضمن المرتهن الرهن.
ومن سماع ابن القاسم وهو في كتاب ابن المواز في الراهن يقبض الرهن، ثم قام
المرتهن يطلب دينه أو بعضه فليحلف الراهن ولا شيء عليه وقال سحنون في
العبية: إن ادعي الراهن أنه لم يقبض الرهن إلا/بعد دفع الحق، وقال المرتهن:
بل سرقته مني، أو اختلسته، أو أعرتك إياه، أو دفته إليك على أن تأتيني
بحقي، فالقول قول المرتهن بجميع ما ذكر من العذر إذا كان قيامه يحدثان حلول
الأجل مع يمينه، فإن تكل حلف الراهن وبرئ كالصانع يقوم بالأجر يحدثان دفع
المتاع، قال: ولو كان الحق حالا متي شاء الطالب أخذه فأبقى الحق بيد الراهن
فقال: قبضته منذ أشهر ودفعت إليه الحق، وقال المرتهن: دفته إليه بالأمس،
فإنه يكشف عن ذلك فإن عرف كان الأمر على ما ذكرنا، وإن جهل فالمرتهن مصدق
مع بيمنه، لأن قيامه عليه كحلول الأجل، فإن تكل حلف الراهن وبرئ.
(10/233)
ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم في
امرأة ارتهنت حليا لها فرهنه المرتهن عند غيره، فكسره وباعه، وادعت صاحبته
فيه مالا، فإن كانت لها بينة وإلا حلف الذي كسره على ما وجد فيه، قال محمد:
بل يحلف المرتهن الأول للمرأة لأنها نقول: لا أثق إلا بيمين صاحبي، ويحلف
الثاني أيضًا لها، لو افتات المرتهن فباعه، وقال: بعته بأقل من حقي، وادعى
الراهن أن فيه أكثر، فإن لم تكن بينه، ولا تعرف للرهن صفة، فالمرتهن مصدق
مع يمينه.
في المرتهن يموت وبيده رهن
لا يعلم ورثته في كم هو، ويدعي الراهن أنه في كذا، أو قال: لا أدري، أو
قال: وديت بعض الذين
من كتاب ابن المواز، ومن العتبية من سماع ابن القاسم، وعمن هلك وعنده سيف
رهن قيمته خمسة دنانير، وقال ربه: وهنته ذلك في دينارا، ولو قال: رهنته
بخمسة وقضيت أربعة، لم يصدق، ولا يأخذه حتى يؤدي خمسة إذا كان يسوي خمسة،
قال ابن القسم: لإقراره بأصل الحق، قال محمد: سوى السيف خمسة أو دينارا أو
أقل، قال محمد: وأرى يمين الراهن ضعيفة، إذ لا يدفع أحد قوله فيما أدعى أنه
رهنه فيه، يريد محمد: في مسألته إذا قال: رهنته في دينار، ورواها سحنون عن
أشهب في العتبية، وقال: إن سوى الرهن عشرة وادعى الراهن أنه أرهنه في
دينار، وذكر مثل الجواب.
[10/ 234]
(10/234)
قال سحنون: وإن قال: كان الدين عشرة قضيت
منها خمسة، فعليه عشرة، ويحلف من كان بالغا من الورثة يظن به ذلك: أنه ما
علم أن أباه اقتضى منه شيئا، ولا يمين على صغير أو غائب.
وقال أشهب في كتاب ابن المواز: إن ادعى الورثة أنه مرهون بأكثر مما أقر به
صاحب الرهن، فالورثة بمثابة الميت يحلفون إن أيقنوا ويصدقون إلى مبلغ قيمة
الرهن، وكذلك لو سمى الميت ما ارتهنه به أقام الورثة مقامه، فإن كان الورثة
ها هنا صغارا، وأنكر الراهن ما سمى الميت، فإن شاء أن يدفع ما أقر به مع
يمينه، ثم لا يأخذ كبارا حلف الكبير وقضى له بقدر مصابته، إلا أن يدفع إليه
الراهن قيمة مصابة هذا الكبير الحالف من الرهن، ثم يحاص للراهن من رهنه
بقدر مصابة الحالف ويغرم من مصابة الصغير على قدر ما أقر به، ويوقف مصابة
الصغير حتى يكبر ويحلف ويستحق مثل/ما استحق الكبير.
ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم وهو في كتاب ابن المواز فيمن جاء
بسيف إلى ورثة رجل فقال: إن أباكم رهنني هذا بكذا، فقالوا: ما نعلم ما تدعي
من الدين فادفع إلينا سيف أبينا، قال: إن أقام بينة وإلا دفع إليهم السيف
وحلف منهم من يظن به علم ذلك على علمه.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن بيده سوار رهن، وغاب عنه وعن الراهن في كم
هو رهن، فليدفع ربه قيمة الرهن، ثم هو أعلم بعد إن شاء أخذ وإن شاء ترك،
ولكن لا يأخذه إلا بعد دفع قيمته.
ومن كتاب ابن المواز: قال أصبغ: قال ابن القاسم: ومن أوصى أن له قبل فلان
مائة دينار بذكر حق، ومائة أخرى برهن هذا المتاع، وقال الراهن: ليس له علي
إلا لمائة التي يذكر الحق والرهن بها رهن، ولم أشهد على ذلك، وليس في
[10/ 235]
(10/235)
الذكر الحق رهن مكتوب، فقال مرة: القول قول
الراهن، لأنه لو قال: هو رديعة لكان القول قوله، قلت: إن هذا لم يقر برهن،
ومسألتي قد أقر أنه رهن، إلا أنه ادعى أنه في ذكر الحق، والذكر الحق
لايحتاج فيه إلى إقراره فيها ولا في الرهن، فهو مدع، ففكر ثم رجع فقال:
تلزمه المائتان جميعا، لأنه صدقه أن متاعه رهن، قال: فإن كان لا يسوى فليس
عليه فيه إلا مبلغ قيمة الرهن، يريد: بعد اليمين.
في الرهن يدعى أحدهما أنه رهن، ويقول الآخر فيه المبايعة
قال ابن حبيب عن أصبغ في الرهن يقول المرتهن: [فيها نظرا رآه، يريد: القول
قول المرتهن في أخذه الدراهم، لا على أن المرتهن حكم الرهان لأنه يكون أحق
به من الغرماء]، قال: ولو قال صاحبه: بعتكه ولم انتقد، وقال الآخر: بل
بعتنيه بكذا، وقد دفعت إليك ذلك، فلا قول لواحد منهما، وترجع السلعة إلى
ربها.
قال أصبغ: وإذا قال رب الثوب: رهنته عندك بخمسة، وقال الذي هو في يديه:
بعته مني بعشرة، فالقول قول مدعي الرهن مع يمينه.
في اختلاف الراهن والمرتهن مع الرسول في الدين
والقبض
من كتاب ابن المواز: ومن العتبية من سماع ابن القاسم، قال مالك فيمن بعث مع
رسول ثوبا ليرهنه، فطلب المرتهن عشرة، وقال الباعث: أوصل إلي خمسة وبها
أمرته، وأقر الرسول أو أنكر، فإن كان الثواب يسوى عشرة لم يأخذه
[10/ 236]
(10/236)
إلا حتى يؤدي عشرة، قال محمد: أو قيمة
الثوب، قال مالك: ويكون للآمر الرجوع على الرسول بخمسة، إلا أن يزعم أنه
دفع إلى الآمر عشرة فيحلف وييرأ فأن قال الرسول: لم آخذ من المرتهن إلا
خمسة حلف وبرئ، ومصيبته تمام العشرة من الآمر. وقاله ابن القاسم.
قال في كتاب محمد: وإن ادعى عشرين وأقر الآمر بخمسة، فقال الرسول: بخمسة
عشر وقيمة الثوب عشرة، فليحلف المرتهن، ثم يحلف رب الثوب، فإن شاء الآمر
ثوبه فليؤد عشرة، ثم يحلف الرسول يمينين، ويغرم خمسة التي زادت على قيمة
الثوب، وأنه أقر أنه قبض من الآمر خمسة عشر من المرتهن، ويحلف الأمر بيمين:
لقد أوصل إليه عشرة، وأخرى للمرتهن: أني ما قبضت منك إلا خمسة عشر.
ومن العتبية: قال سحنون وعيسى بن دينار، ورواه عيسى عن ابن القاسم: وإذا
قال الراهن بخمسة أمرته، وأقام بينة وصدقه الرسول، غرم خمسة وأخذ رهنه،
وحلف الرسول للمرتهن فبرئ، ولم يطالبه المرتهن بشيء، وإن لم تكن بينة وقال
المرتهن: بعشرة، فالمرتهن مصدق فيما بينه وبين قيمة الرهن مع يمينه، ثم
يقال للآمر: افتك رهنك بقيمته، أو دعه بما فيه، فإن كانت دعوى المرتهن أكثر
من قيمة الرهن أحلف الرسول: ما أرهنه إلا بخمسة، وبرئ، ولم يطالبه الأمر
ولا المرتهن بشيء [كثرت أو قلت]، قلت لابن القاسم: فإذا أقام الراهن بينة
وأخذ رهنه وودى خمسة لم لا يرجع المرتهن على الرسول بخمسة إذا كان الرهن
يسوى عشرة؟ قال: لأن الرهن الذي كان يصدق به قد انتزع منه بالبينة، فإنما
هو مدع لا حجة له بقيمة الرهن، وقد حلف له الرسول، وكل رهن استحق فأخرج من
يد المرتهن فلم يبق له ما يصدق قوله به، فالقول فيه قول الراهن مع يمينه
فيما
[10/ 237]
(10/237)
يقول: إنه رهنه فيه، وقد قال مالك: إذا مات
العبد الرهن وكان قيمته عشرة، وقال المرتهن: هو في عشرة، وقال الراهن في
دينارين: إن الراهن مصدق مع يمينه، وكل رهن رهنه رجل وكان عنده وديعة أو
عارية فاستحقه ربه فأخذه، فإنه يرجع القول قول الراهن في الدين، يحلف. هذا
قولنا، وقول العراقيين أجمع: إن المرتهن مدع، وإن كان الرهن قائما بيده وفي
قيمته ما يدعى، وكذلك من مات وبيده رهن فقال/لورثته: هو رهن لفلان، ولم
يذكر في كم هو رهن، فإن القول قول الراهن في الدين مع يمينه، ولا ينظر إلى
قيمة الرهن في هذا، ولو قال الرسول: أمرني بخمسة، فرهنته بعشرة، وللآمر
بينة فليؤدى خمسة ويأخذ رهنه، واتبع المرتهن الرسول بخمسة إن لم تكن بينة،
وله بينة على أن ارهن له أحلف: ما أمرته إلا بخمسة، ثم غرم قيمة الرهن إن
كانت ما بينه وبين عشرة، وأخذ رهنه، واتبع المرتهن الرسول بما نقص من
العشرة، واتبعه الراهن بما غرم من فوق خمسة، ولو قال الرسول: أمرني بعشرة،
وقال الآمر: بخمسة، حلف الرسول، وإن شاء هو أن يفتك رهنه فعل، فإن فداه لم
يتبع الرسول إذا حلف: أنه أمره بعشرة بشيء.
قال عيسى عن ابن القاسم: وإن قال الرسول: رهنته بخمسة، وصدقه المرتهن، وقال
الراهن: أمرتك بدينارين، فإن كان للراهن بينة ودي دينارين وأخذ رهنه، واتبع
بدينارين، وقال الرسول بثلثه، وإن لم تكن بينة بما أمره به وله بينة أن
الرهن له، وقال: أمرته بدينارين، وقال الرسول: أمرتني بدينارين ورهنته
بخمسة أحلف يعني: الراهن أنه لم يأمره إلا بدينارين وغرم قيمة الرهن إن
كانت قيمة أقل من خمسة، واتبع المرتهن الرسول بما نقص من الخمسة دنانير،
واتبعه الراهن بما غرم فوق دينارين التي زعم أنه رهنه بها، وإن قال الرسول:
أمرني بخمسة، وقال الآمر: لم آمرك إلا بدينارين، فالرسول مصدق مع يمينه،
وقيل لهذا: افد رهنك أو فدعه، فإن فداه لم يتبع الرسول/بشيء إذا حلف: أنه
أمره بخمسة.
[10/ 238]
(10/238)
ومن كتاب ابن المواز: ومن رهن رهنا بدينار
فرهنه المرتهن عبدا آخر في ثلاثة، ثم مات المرتهن الأول، ثم قام صاحبه، فإن
وجد بينة أخذ رهنه ودفع دينارا إلى الثاني، فإن كان للثاني بينة اتبع الميت
بدينارين، قال أصبغ: وإن لم تكن له بينة لم يصدق إن عرف أنه رهن في يديه،
ولم يكن الرهن ها هنا شاهدا يصدق فيه إلى مبلغ قيمته، لأن الرهن قد بطل
عنه، وهو كموت الرهن، ثم اختلف فلا يكون الرهن إذا مات شاهدا، وقاله ابن
القاسم في موت الرهن.
جامع أقضية في الرهان وفي التداعي فيها، وباقي
مسائل مختلفة في الرهون
من العتبية من سماع ابن القاسم، وعن رجل أسلف رجلا مالا وأخذ منه دارا رهنا
جعلها على يد رجل، وضمن له الرجل ما نقص من الرهن، ثم أسلفه مالا آخر ورهنه
رهنا آخر وبضعه بيد الرجل بلا حمالة، ثم قضاه بعض حقه، ثم اختلفا، فقال:
قضيتك من حق الحمالة وعرفتك ذلك، وقال القابض: بل هو من الحق الآخر، قال:
يقسم ما قبض بينهما، وإن كان الأول ستون والثاني ثلاثون جعل للأول ثلثي ما
قبض بالحصص.
وروى عيسى عن ابن القاسم، وعن من باع بيعا وأخذ بالثمن رهنا، وشرط أن يجعله
بيد عدل، ثم زعم المرتهن أن الرهن ضاع بيد الأمين، وصدقه الأمين، وقال
الراهن: لم/تضعه عند أحد، وإنما هلك بيدك ولا بينة له: أنه وضعه عند أحد،
قال: إن كان الذي وضعه على يده عدلا، فلا ضمان عليه، ويرجع بجميع حقه على
الراهن، وذكر ابن حبيب عن اصبغ عن ابن القاسم مثله، وقال أصبغ: أراه ضامنا،
وإن أقر له الأمين، ولا يبرأ ببينة على دفع ذلك إليه، وبه أخذ ابن دينار.
[10/ 239]
(10/239)
ومن كتاب ابن المواز: إذا اشترى المقارض
بجميع مال القراض عبدا ثم ابتاع عبدا آخر بدين ورهن فيه الأول، فإن اشترى
الثاني لنفسه فلا رهن في الأول وليأته برهن غيره، إلا أن يعلم المرتهن أنه
لغيره فلا رهن، وإن اشتراه للقراض فلرب المال أن يجيره فيصير رهنا أو يرده
فيسقط الرهن.
ومن المجموعة: قال ابن وهب: قال مالك: ومن رهن جارية عبد له أن رهنهما
جميعا فليس للعبد أن يطأها، قال أشهب: لأن الراهن قد كان يملك أن يمنع عبده
أن يطأها وأن يمنع نفسه ذلك منها، ومن وطئها منهما فقد فسد الرهن بذلك،
ووطء السيد أشد إفسادا لرهنك.
قال ابن وهب: قال مالك: وإن قام غرماء العبد على ما فضل من ثمن الجارية عن
ما رهنها به السيد فلهم أخذ ذلك الفضل. قال أشبه: ولو كان إنما رهن العبد
وحده فله أن يطأ جواريه وهو مرهون بخلاف وطء الجارية الرهن.
ومن ارتهن عبدا على أنه إن لم يوفه حقه إلى أجل كذا فالرهن له بحقه، لم
يجز، وإن حل الأجل فأخذه فسخ ذلك، وإن فات في يده فعليه قيمته/قيل: يوم
فات، وقيل: قيمته يوم حل الأجل، قال ابن عبد الحكم: وهذا أحب إلينا.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أسلم في طعام أو عروض وأخذ رهنا يغاب عليه فهلك
الرهن، فأرادا أن يتتاركا، فإن كان السلم في عروض ورأس المال عينا، والرهن
عروض فذلك جائز، وإن كان الرهن عينا لم يجز، إلا أن يكون مثل رأس مالك
سواء، وإن كان المسلم في طعام لم يجز كائن ما كان رأس المال، وكائن ما كان
الرهن، لأنه وإن كان قيمة الرهن مثل رأس المال، لأنه إنما ضمنه لغيبة أمره،
فإما أن يكون لم يتلف فلا يجل لك أخذه من الطعام، أو يكون هلك فلا شيء
عليك، والطعام لك، ولو كان للذي لك عليه القمح على رجل عشرة دنانير فأحاله
بها عليك، فلا بأس أن يقابله بها.
[10/ 240]
(10/240)
وروى ابن القاسم عن مالك فيمن تعلق بمديانه
وقد أراد فأعطاه رهنا، والدين محيط به، فاختلف فيه قول مالك، فقال: لا يكون
أولى به، ثم رجع فقال: هو أولى.
قال محمد: ولا يحوز رهن المريض بدين عليه متقدما رهنا، ويجوز أن يرهن بدين
يستأنفه كشرائه، ولا يقضي بعض غرمائه دون بعض.
قال أحمد وقد اختلف فيها قول مالك، فقال مرة في إقرار المريض: ليس المليء
كالمعدم، ثم رجع فقال: إقراره جائز إلا لمن يتهم عليه.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن باع أرضا بثمن إلى أجل، يأخذ في
كل شهر دينارا، وإذا حل الأجل أعطاه باقي الثمن، وجعلها له رهنا بيد رجل،
فمات/المشتري قبل الأجل، قال: حل ما عليه وتباع الأرض، والمرتهن أولى
بثمنها من الغرماء، فيأخذ ما بقي له.
وعمن رهن سوارين لامرأته بغير أمرها فلما علمت قامت فيهما، فقال: سأفتكهما
لك، فسكتت زمانا ترجو ذلك، فلم يفتكهما، فقامت على المرتهن لتأخذهما، فإن
قامت بحدثان ما علمت فذلك لها، وتحلف: ما أذنت ولا علمت، وإن تطاول ذلك بعد
علمها فلا قيام لها، قال عنه أصبغ: إذا أنكرت حين علمت، فوعدها أن يفتكه
فسكتت حتى مات الزوج، قال: تحلف: ما رضيت ولا سكتت تركا لها، وتأخذه حيث
وجدته ويتبع المرتهن مال الميت. قال أصبغ: وذلك إذا عرف أن ذلك لها.
ومن سماع ابن القاسم: ومن باع من عبده سلعة بدين وأخذ منه رهنا فلحق العبد
دين، فإن كان دين السيد معروفا ببينة، وكان دينه بقدر مال العبد، فهو
[10/ 241]
(10/241)
أحق بالرهن وإن كان على غير ذلك، وإن قامت
له بينة لم يكن أحق به من الغرماء.
قال عيسى: يفسخ البيع رهنه لما لم يكن على وجه البيع وكان على وجه التأليج
فيحاص بقيمة ما باع من عبده الغرماء فيما ارتهن وفيها بقي، ولا يكون أولى
بالرهن، وهو بخلاف الأجنبي.
قال سحنون: إذا ثبتت المحاباة في العبد فالرهن له رهن بقيمة السلعة دون
الزيادة، وتبطل الزيادة.
قال سحنون: سئل مالك عمن ارتهن شقصا من ارض فحل الأجل فأراد شراء بدينه،
فخاف من الشفعة وأكرى/منه الشقص سنين يقاصه في الكراء بدينه فلا خير فيه.
وروى أشهب عن مالك فيمن ترك رهانا لها زمانا، ولا يدري أهلها، لا في كم هي،
وقام غرماء، قال: تباع هذه الرهون وينتظر أصحابها سنة، وبقدر ما يرى مما
يرجي، فإن لم يأت أحد قصى الغرماء أثمانها، ثم إن استحق أحد منها شيئا رجع
بما وجب له على الغرماء.
ومن سماع ابن القاسم: قال مالك: ومن ترك رهنا في دين عليه وليس له ما يكفن
فيه، فالدين أولى به من الكفن، قال سحنون: إلا أن يكون فيه فضل، وإلا فهو
من فقراء المسلمين، قال في كتاب آخر: وإن لم يكن رهنا فالكفن أولى من
الدين. قال غيره: ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث.
[10/ 242]
(10/242)
ومن سماع ابن القاسم: ومن عليه دين فأعطى
به رهنا حائطا له، وحلف بالطلاق: ليوفينه إلى أجل كذا، فقرت أجله وخاف
الحنث ولم يجد فباع منه الحائط بدينه، ثم قام عليه بعد ذلك وقال: إنما خفت
الحنث وأنا أظن أنك ترده إلي، وقال الآخر: قد ابتعت بالبينة، قال مالك: إن
طابت نفسه بالحنث نظر فإن كان مال رابح كثير الفضل لا يشبه تغابن الناس
فليرد عليه حائطه، ويقضه هذا دينه ويحنث.
[10/ 243]
(10/243)
صفحة بيضاء
(10/244)
|