النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه

كتاب الاستحقاق
في العبد أو السلعة تهلك بيد المبتاع أو مودع، ثم يستحق
من المجموعة: قال مالك وابن القاسم وأشهب وابن كنانة: إذا ماتت الأمة بيد مبتاع من غاصب ولا يعلم، فلا شيء عليه، وكذلك الدابة أو المبتاع والطعام فيما هلك عنده.
قال ابن القاسم: ويصدق فيما لا يغاب عليه ولا يصدق فيما يغاب عليه، ويحلف: لقد هلك، ثم يضمن قيمته يريد: إن لم يرد أتباع الغاصب بالثمن ولا بالقيمة، ولو أقام بينة بهلاك ذلك من غير سببه برئ، ولو باع ذلك لم يضمن غير الثمن ويصدق في مبلغه، ولأن الشيء يعرف في يديه ثم يتغير عنده بكبر وغيره، والمسألة من أولها عن عيسى عن ابن القاسم في العتبية، ولو أن الغاصب أودع السلعة لم يضمن المودع هلاكها من غير فعله، قال أشهب: أو يكون على أن مودعها له غاصب فيكون ضامنا، قالا: ما أصاب الأمة عن مبتاع بغير معيبه من عمى أو عور أو نقص بدن وسوق فلا يضمن، وإما أخذها ناقصة أو اتبع للغاصب بالثمن وإن شاء بقيمتها يوم الغصب إلا في حوالة السوق فلا يضمن قيمتها.
[10/ 375]

(10/375)


قال أشهب: ولا يضمن المشتري إلا جنايته، قال مالك: وكذلك الدار تهدم وتحترق بيد مبتاع فلا شيء عليه، وإما أخذها بحالها ولا شيء له مما/أصابها وإلا أتبع الغاصب بالثمن، وقال ابن القاسم وأشهب: وكذلك الأمة يدخلها عيب وليس له ما نقصها عليك، ولا على الغاصب وإذا سلمها رجع على الغاصب بالأكثر من قيمتها يوم الغصب، أو الثمن الذي أخذ، وإن أخذها منك رجعت على بائعك بالثمن كله، قال ابن القاسم، ولو جعلت له إذا أخذها معيبة أو يرجع على الغاصب بنقصها لكان الغاصب يؤدي أيضًا جميع الثمن للمبتاع ولا يرجع بما ودي في نقصها على أحد، قال أشهب: والغاصب نفسه لو فقأ عينها لم يكن لربها إذا أخذها أن يغرمه نقصها، وأما أخذها ناقضة، أو ضمنه قيمتها كاملة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن اشترى أمة من غاصب ولم يعلم فماتت عنده ثم استحقت لم يرجع المشتري على الغاصب بشيء، ورجع عليه المستحق بالقيمة أو بالثمن. قال أشهب: ولو أستحقت أنها حرة رجع المشتري على الغاصب بالثمن، ولا يرجع عليه في المدبرة بشيء، وتكون كالأمة تموت عنده. قال محمد: وكذلك الكاتبة، عندي قال: وإذا استحقت بحرية وكانت (كذا)، فافتضها قال: لا صداق لها، وقال المغيرة في كتاب محمد: لها صداق المثل وانفرد بذلك. قال محمد: ولو قذفها ثم استحقت بحرية لحد لها، ولو قطعت يدها فأخذ ما نقصها لودي إليها وطالبت هي بالدية العاقلة في الخطأ/والقصاص لها في العمد فقط.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في العبد يشترى من الغاصب فمات بيد المبتاع فترك مالا: سيده إن شاء أخذ ماله فقط ورجع المبتاع على البائع بجميع الثمن، وإن شاء ترك ماله وأخذ من الغاصب القيمة أو الثمن.
[10/ 376]

(10/376)


فيمن أقام بينة فيما ادعى من عبد أو غيره بيد مبتاع، أو متعد فلم يقض له به حتى هلك ذلك، وعلى من نفقة ذلك في الإيقاف
من العتبية: قال سحنون: قال مالك: ومن أقام بينة في عبده أنه غصب منه وهو بيد مشتر فمات العبد بعد قيام البينة فإن مصيبته ممن استحقه، قال سحنون: وأنا أقول: هو من المبتاع حتى يقضى به لمستحقه.
قال مالك في سماع ابن القاسم: مصيبة الأمة من الذي أقام فيها البينة ولا شيء له في الثمن، قال ابن القاسم: ويرجع المبتاع بالثمن على بائعه، وذلك إن كان الذي هي في يديه ينتفي من وطئها أو من حمل إن كان بها، وأما إن أقر بؤطئها ولم يدع استبراء أو ماتت قبل أن تستبرأ فهي ممن كانت بيده. قال ابن حبيب عن أصبغ مثل ما قال مالك: إن مصيبة العبد من الذي أقام فيه البينة، لأنه كان مخيرا بين طلبه العبد بعينه وبين طلبه الغاصب، إما بالقيمة أو بالثمن، فاختياره لطلب العبد وإقامة البينة فيه ترك منه للثمن أو القيمة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن ادعى في عبد أو دابة بيد رجل ذكر أن أودعه ذلك فجحده من/ذلك في يديه فخاصمه في ذلك فيموت العبد أو الدابة قبل القضاء بها للطالب: أن ضمانها من الجاحد ويغرم القيمة، لأن جحوده الغصب، وكذلك ولو كانت دارا فجحدها له فانهدمت أو غرقت أو احترقت بعد الحجود فهو ضامن بقيمتها يوم الجحود في الوديعة ويوم الغصب في الغصب.
ومن سماع ابن القاسم: ومن اعترف دابة وأقام فيها شاهدا فأوقفت ليأتي بشاهد آخر فإن نفقتها في الإيقاف على من تكون له، وكذلك في الجارية، وروى ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم مثل رواية عيسى عنه والدابة تموت والدار تعطب بيد الجاحد في الخصوم وقال: قال أصبغ: ومن ادعى في غنم بيد الغاصب فلتوقف له في وغلتها حتى تأتي البينة، وإن ادعاها بيد من ليس بغاصب وادعاها بوجه خرجت بها من يديه، فإن جاء بشبهة بينة وأمر ظاهر
[10/ 377]

(10/377)


وقفت له وإلا لم يوقف وإذا وقفت أو أوقفت غلتها قال: ورعيتها على من تصير له، وكذلك نفقة الرقيق والكسوة وعلوفة الدواب إذا وقفت بالدعوى الظاهرة البينة أو دعوى قبل غاصب وتجتهد في إخراج النفقة من سلف أو من بيت المال، فإن لم يكن ينفق من هي بيده فإذا تم عليه الحكم رجع بما أنفق على المقضي له.
وفي الجزء الثاني من سير القضاة باب في هذا المعنى مستوعب وفيه الاختلاف على الإيقاف.

فيمن ابتاع سلعة فجني عليها هو أو غيره، أو انتفع بها، أو أفاتها بعتق أو غيره ثم استحقت/
من المجموعة: قال ابن القاسم: إذا هلكت بيد المبتاع بجنايته فلمستحقها أن يضمنه قيمتها مثل الطعام يأكله والثوب يلبسه ولا يضمنه ما هلك بغير جناية.
قال أشهب: قتلها عمدا أو خطأ لأنها جناية ولا يضمن إلا ما جني، ولو هبها أو تصدق بها لم يضمنها بذلك وكذلك لو باعها أو ماتت عنده لم يضمنها ولكن يضمن ما ودي فيها ولا يرجع به على أحد. قال ابن كنانة: ولو كان بعيرا فنحره لضمنه كالطعام يأكله والثوب يلبسه، فإن غرمه قيمة ذلك يوم لبس أو نحر ومثل الطعام يوم أكله رجع بالثمن على بائعه. قال هو وأشهب: وإنما ضمن الطعام يأكله والثوب يلبسه والبعير ينحره لأنه وفي به ماله ولو لم يفعل هذا الأكل ولبس من ماله فطولب من منافعه ولا يضمن المبتاع ما هدم من الدار وكذلك لو وهبها فهدمها الموهوب لم يضمن واحد منهما، وإما أخذها ربها مهدومة وإلا طلب الثمن من بائعها ولا شيء على المشتري الواهب لأنه غير متعدى بالهبة وكذلك لو هدمها أجنبي تعديا ظلما لم ظلما لم يضمن إلا المتعدي ولو أخذ من المبتاع لذلك
[10/ 378]

(10/378)


شيء فللمستحق أخذه من المبتاع، فإن كان حاباه في القيمة فلهذ أخذ المحاباة من الهادم ولا شيء عليه في وطئه الأمة بكرا كانت أو ثيبا استحقت بملك أو بحرية، وقاله مالك وأشهب وقال المغيرة في موضع آخر: عليه للحرة صداق مثلها، قال أشهب: وإنما ضمن في ردها بالعيب في البكر/ما نقصها وطؤه لأنه كان ضامنا لها بشرائه إياها من ربها ولم يكن يضمنها حين اشتراها من غير ربها ولم يره كالثوب يلبسه فللمستحق أخذه وما نقصه اللبس يوم يلبسه، ويرجع المشتري على البائع بجميع الثمن أو يدع الثوب ربه، قال أشهب: ويرجع بالأكثر من قيمته يوم غصبه أو ثمنه على الغاصب، قالا: ولو قطع المشتري يد الأمة فكذلك يأخذها ويأخذ ما نقصها القطع من المشتري، ورجع المشتري بالثمن، فإما تركها وأخذ الغاصب، قال ابن القاسم بالأكثر كما ذكرنا في الثوب، قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية مثله إن كان القطع عمدا فإن كان خطأ فليس له إلا أخذ العبد مقطوعا ولا شيء له على المشتري ولا على الغاصب، وفي أول الباب مسألة أشهب في قتل المبتاع للعبد فساوى بين العمد والخطأ في أن لربه تضمينه، قال اشهب: ولو قتلت عند المبتاع فأخذ قيمتها فإن شاء المستحق أخذ الغاصب بالثمن أو بالقيمة، وإن شاء أخذ القيمة المأخوذة من القاتل ورجع المبتاع بالثمن على بائعه. قال ابن كنانة: وإذا اختار أخذ قيمتها من الغاصب لم يكن له رجوع إلى أخذها بعينها من المبتاع وقد أولدها.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا لبس المشتري الثوب فإن أبلاه فلا خيار له ولا عليه، ويلزمه جميع قيمته إذا ذهب أكثر منافعه في لبس الثوب، أو بجناية على العبد يرضى باتباع الغاصب وليس له على المشتري إلا تضمينه قيمته أو أخذه بحاله،/وكذلك قال أشهب وهو مذهب مالك، وإن كان ما نقصه يسيرا والجناية على العبد إذا لم يرض بإتباع الغاصب وليس له على المشتري إلا تضمينه، فليس له
[10/ 379]

(10/379)


تضمين المبتاع القيمة وما أخذ ذلك مع قيمة ما انتقص وإلا أتبع الغاصب، وهذا كجناية أجنبي لا كجناية الغاصب، والجناية الكثيرة كذابح الشاة أو كاسر العصا وساق والثوب. قال محمد: وكذلك المشتري يقطع الثوب فللمستحق تضمينه جميع القيمة، قاله مالك وفرق بينه وبين هدم الدار وكسر الحي لأن هذا تمكن إعادته ولا يمكن ذلك في الثوب. وإذا ابتاع عبد فجنى عليه عبدا فاقتص منه ثم استحق فالمستحق مخير أن يأخذ عبده ولا شيء له على المشتري من بعض الجناية ثم رجع المشتري بجميع الثمن على الغاصب، قال محمد: وللمستحق أخذ العبد الجاني بجنايته إلا أن يفديه سيده ويرجع من صار له العبد الجاني من سيده إن فداه. أو المستحق إن أسلم على من اقتص من سلطان أو مشتري بما نقص القصاص قال: والمشتري للأمة وإذا قتلها فلربها إن شاء أخذه بقيمتها يوم القتل، وإلا تركه وأخذ الغاصب بقيمتها للمبتاع أخذ الثمن من الغاصب، وإن كان أكثر فما غرم في قتلها، ولو قتلها عند المبتاع أجنبي فلربها طلب الأجنبي بقيمتها يوم القتل، فإذا أخذ ذلك رجع المبتاع بالثمن على الغاصب كان أقل أو أكثر، ثم ليس لربها غير ذلك إلا على/الغاصب ولا على المبتاع، وإن شاء لم يتبع إلا الغاصب بالثمن أو بالقيمة يوم الغصب، فإن أخذ ذلك من الغاصب فليس للغاصب رجوع على أحد بشيء، ولم يرجع المبتاع على قاتلها بقيمتها يوم القتل، ولو جنى عليها المبتاع ولم يقتلها فربها مخير إن شاء أخذ من المبتاع قيمتها يوم جنايته وإلا أخذها وما نقصها الجناية، وإن شاء تركه وأخذ الغاصب بقيمتها يوم الغصب أو بالثمن، وإذا جنى عليها جان عند المشتري فأخذ لها أرشا، أو كان ذلك عند الغاصب فأخذ لها أرشا فلربها أخذها وأخذ ما أخذ بها من أرش، وإنما تختلف جناية الغاصب عليها وجناية المشتري فله في
[10/ 380]

(10/380)


المشتري أخذها وما نقصها. واختلف ابن القاسم وأشهب في جناية الغاصب عليه وقد ذكرناه في كتاب الأقضية.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم وأشهب في مبتاع العبد من الغاصب إذا أعتقه فلربه أخذه ورد عتقه أو أخذ الثمن من الغاصب. قال أشهب: ولو كان ليس له رد العتق لكان داعية إلى زوال الناس من أيديهم بأن يجعل العبد من يبيعه ممن يعتقه.
قال ابن القاسم: وكذلك من بنى داره مسجدا ثم استحقها رجل فله أن يهدمه كالعتق يرده.
قال سحنون: هذا فيمن بنى في غصب بلا شبهة، فأما بشبهة فإنما يقال له: أعطه قيمة النقص قائما. قلت لسحنون: كيف يأخذ قيمة النقص وقد جعله حبسا؟ قال: يجعل ذلك في نقض مثله يجعل في مسجد آخر. . قال: محمد: ووجه جواب ابن/القاسم: أنه لما صار له وأبانه عن نفسه لم ير أن يأخذ فيه ثمنا، ورأى أن يهدم وإن كان بشبهة، ورأيته عنه في بعض الكتب.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الأمة بين الرجلين يبيعها أحدهما تعديا فأولدها المبتاع أو أعتقها فالشريك مخير بين إن شاء أخذ من المبتاع نصف قيمتها يوم حملت ورجع هو بنصف ثمنه على بائعه، وإن شاء أخذ الشريك بنصف الثمن الذي باع به أو بنصف قيمتها يوم باع [وإن فاتت بيد المبتاع فله أن يأخذ منه نصف ثمنها وإلا تركه وأخذ المتعدى بنصف قيمتها يوم باع] أو نص ثمنها الذي باع هو به، فإن ماتت بيد المبتاع فلا طلب له عليه ويأخذ المتعدي بأخذ الأمرين، فإن لم يفت إلا بنماء فليس له إلا أخذ نصف الثمن من
[10/ 381]

(10/381)


متعدي إن أخذ نصفها ولا سبيل إلى القيمة، وإن فاتت بنقصان فله أخذ نصفها فقط، وإنما أخذ من المتعدي نصف الثمن أو نصف القيمة. وتمام هذه المسألة في آخر الكتاب. وفي باب الأمة تلد من المبتاع من هذا المعنى.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ابتاع جارية من غاصب ولا يعلم فأعتقها فوارثت الأحرار وشهدت السهادات ونفذت أمورها لها وعليها على أمور الأحرار، ثم استحقها ربها فاختار أخذ قيمتها من الغاصب ليقر ما في يدها، أو لم تتغير بشيء فاختار أخذ الثمن منه ليقدر أمورها المتقدمة على أمور الأحرار، وكذلك ولو أولدها المبتاع صارت له أم ولد لا قيمة له في ولدها، وليس على أن البيع والعتق اليوم/جاز، إنما العتق والبيع جائز حتى يرد كالمولى عليه يتزوج بغير إذن وليه أو عبد بغير إذن سيده فيجيزه فهو جائز بالعقد الأول، وكذلك الأمة وقد كانت في ضمان المبتاع، فلو كانت يؤتنف فيها البيع لم تكن في ضمانه قال: وإذا أخذها سيدها ردت أفعالها كلها إلى حكم الرق ولو كان قد اقتص لها بقاطع من حقها لرجع المقتص منه على عاقلة الإمام يديه كفه، ورجع المستحق بها على قاطع كفه بما نقصها، وترد ما ورثت فترجع أحكامها فيهما مضى وفيما يستقبل أحكام الإماء، ويرد ما تقدم، وفي كتاب الغصب باب يشبه هذا الباب.
[10/ 382]

(10/382)


في المستحق السلعة بيد مبتاع فأراد أن يجيز البيع وكيف إن هلكت السلعة؟
وكيف إن ابتاعها الغاصب أو غيره بعد ذلك من ربها؟
من المجموعة: قال ابن القاسم: قال مالك في المستحق للأمة بيد مبتاع من غاصب، فإن شاء أجاز البيع ورجع بالثمن على الغاصب. قال سحنون: ولا تزول عن الغاصب العهدة - قال ابن القاسم وأشهب: ويلزم المبتاع البيع. قال: مالك: وأما في غيبة رب الأمة وقد أثبتت عليه في البيع فللمبتاع إذا علم ذلك الرد، قال مالك: ولو ماتت بيد المبتاع لم يكن لربها عليه شيء ويأخذ من الغاصب إن شاء الثمن أو قيمتها يوم الغصب، وإذا أجاز البيع لم ينظر أزادت عند المبتاع أم نقصت أو ولدت؟ /إنما يجيز أمرا كان يوم البيع والأمة من يومئذ للمبتاع، له نماؤها وعليه بوارها، قال أشهب: فكما له إذا وجدها ناقصة أخذها إن شاء أو قيمتها يوم الغصب، فكذلك إن وجد ثمنها إن شاء أخذه كما كان يأخذها وإن أخذ قيمتها بعيب للمبتاع بما فيها من نقص أو نماء أو لود، قالا: ولم يزل البيع جائزا حتى يرد فإذا لم يرده كان ما تقدم للمبتاع فيها من عتق وإيلاد نافذ تام الحكم. قال أشهب: ولم يجز البيع لأنها أجازه لو كان هذا كان مفسوخا ولكن هو بيع جائز حتى يرد وقد دخلت في ضمانه، وكذلك العبد يتزوج بغير إذن سيده، والسفيه بغير إذن وليه، فإن رداه رد وإلا كان جائزا. قال ابن القاسم: والكراء كالبيع إذا شاء أمضى الكراء فذلك له، قال أشهب: إذا باعها الغاصب ثم باعها المبتاع بأكثر من ذلك فللمستحق أن يجيز البيع الثاني ويأخذ الثمن ممن يأخذه ويرجع هو على بائعها بثمنه.
من العتبية: وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن سرق عبدا فباعه: أن ربه إذا أجاز البيع وأخذ الثمن فلا حجة للمبتاع في رده، وعهدته على سيده دون
[10/ 383]

(10/383)


السارق، وقاله أصبغ. وذلك ما لم يدخل العبد فوت حتى يصير المستحق مخيرا في الثمن أو القيمة ليس في العبد لفواته، فإن اختار القيمة من السارق: فالعهدة على السارق، وإن اختار الثمن فالعهدة عليه أيضًا، وقال عنه يحيى بن يحيى فيمن تعدى فباع أمة رجل في غيبته، فلما علم المبتاع أراد ردها قبل قدومه وطلب البائع التربص إلى قدومه وقال: أستجيز البيع فللمبتاع تعجل ردها وإن لم يعثر/على هذا حتى قدم فأجاز فذلك ماض لا يرد وكذلك الشركاء في الأمة يبيع جميعها بعض من حضر من الشركاء وواحد غائب. ثم يعلم، والمشتري فليردها قبل قدوم الغائب، فإن لم يردها حتى قدم فيمسك بحظه فليس لشركائه أن يلزموه بنصيبهم منها للضرر عليه في دخول الشركة، وأما إن باعوا كلهم جارية من رجل فاستحق حظ أحدهم بعينه فليس له رد حظوظ بقيتهم لأنه إنما اشترى من كل واحد نصيبه خاصة ولو استحق ربعها مطلقا أو خمسها بحرية أو ملك فله رد ما فيها على جماعتهم خلاف استحقاق سهم أحدهم بعينه. وفي كتاب الوكالات زيادة في هذا المعنى.
قال سحنون في المجموعة: قال ابن القاسم فيمن استعار دابة إلى بلد فباعها في الطريق بعشرة وتمادى، فلما رجع اشتراها بأربعة وهي أحسن حالا مما كانت، فإن شاء ربها أخذ ثمنها الأول، وإن شاء أخذها مع الستة الدنانير الفاضلة بيد المتعدى. وقال أشهب: إنه إن أخذ الدابة فلا شيء له في الستة دنانير، ورأيت في كتاب في البيوع ينسب إلى ابن سحنون: إذا وجد العبد بيد مبتاع من غاصب فأجاز البيع أن له أخذ الثمن من المبتاع، ويرجع المبتاع به على الغاصب، وهذا ما أعرفه في غير هذا الكتاب، وقول مالك وأصحابه فيما علمت: أنه إما يتبع بالثمن الغاصب قال: وسمعت بعض أصحابنا يقول: ترد الستة دنانير التي اشتراها أولا من المتعدي، لأن ربها لما أخذ دابته انفسخت البياعات كلها، ولو اشتراها المتعدي منه بدراهم/أو بعرض أو دنانير مخالفة للدنانير الأولى أو مثلها
[10/ 384]

(10/384)


عينا ووزنا بأكثر. ثم لم يذكر في الأم تمام الجواب، وينبغي على أصله أن تستقصى البياعات ويرد هذا ما أخذ من عرض أو دارهم وما خالف النقد، ويأخذ بنقده من الذي كان باع منه، وذكرها ابن المواز وفرق بين شرائها لنفسه وبين شرائها لربها. وقد ذكرتها في العارية. وقال ابن القاسم في العتبية من رواية عيسى وسحنون عن ابن القاسم مثل ما ذكر هاهنا.
قال ابن القاسم وأشهب: ومشترى السلعة من غاصبها إذا باعها من آخر فربها أن يأخذ الثمن من الغاصب الذي باعها له، وإن شاء أخذ من البائع الثاني ما باعها به، ولو باعها بعروض أو حيوان فإنما يأخذ ذلك بعينه زاد سوقه أو نقص لأن ثمن سلعته بخلاف ما حال سوقه من عوض السلعة ترد بعيب يريد: أو تستحق فيأخذها ربها، قال أشهب: كما لا يضمن مبتاع المغصوبة موتها ولا يفيتها عتقه لها، كذلك لا يفوت عوضها إذا شاء ربها أخذه.
قال ابن عبدوس: قلت لسحنون فيمن باع عبدا بأمة فأعتقد العبد مبتاعه واستحق الأمة رجل فقال: أنا أجيز بيعها وأنقض عتق العبد، قال ذلك ثم فكر فقال: إنما له قيمة العبد على معتقه لأنه ضامن وعليه العهدة.
قال ابن القاسم وأشهب: ولو غصبه أمة بعينها بياض فذهب عند المبتاع ثم أجاز ربها البيع ثم قال: لم أعلم بذهاب البياض ولا أجيز، فليس له ذلك.
قال أشهب: ولو أبق العبد من غاصبه لم يكن أخذ ربه منه قيمته/كبيع الآبق، وإنما هو أوجبه الحكم ولو رجع لم يكن له فيه قيام، ولو كان لك عبد به خنق فانقطع عنه ولم يعلم به سيده فباعه ثم علم، فليس له رجوع في بيعه.
قال أشهب: وإن غصبت أمة فبعتها ثم ابتعته من ربها فإن كنت وهو لا تدريان أي هي فلا يجوز بيعكما، ولربها أن يجيز بيعك ويأخذك بالثمن إن
[10/ 385]

(10/385)


كانت لم تتغير، وإن تغيرت أخذت بالأكثر من الثمن أو القيمة أو جاريته إن شاء، ولا شيء له في مغرمها، وإن كنت اشتريتها منه وقد علم أنك غصبتها منه فلا شيء لك على الذي يعتمد منه، لأن ربها جوز لك بيعك إما بزيادة زدته أو نقصان نقصك، قال أشهب: ومن غصب جارية فذهب بها إلى بلد ثم أتى إلى ربها فقال: جاريتك عندي فبعينها فباعها منه، فإن باعها بغير ما وجب عليه من قيمته وقد عرف قيمتها يوم الغصب، فذلك جائز، وإن جهلاها لم يجز لأنك ابتعت منه قيمة لزمتك لا تعلماها. قال ابن القاسم: إذا اشتراها الغاصب من ربها بعد أن باعها لم يكن له رد بيعه لأنه تحلل صنيعه من ربها، وإنما ينقض بيعك لها ربها أو مشتريها منك يعلم بنقدتك وربها غائب، وأما شراء غيرك إياها من ربها وقد رآها المبتاع وعرف شأنها وهي بيدك أو بيد مبتاعها منك، فيجوز يكن له نقض بيعك أيضًا، قال سحنون: وإنما يجوز هذا إن كانت بيد الغاصب أو المبتاع منه وهو حاضر مقر، وإلا فذلك خطر وشراء خصوم.
قال ابن القاسم وأشهب: من/تعدى على متابع عنده وديعة فباعه فلم يقبض الثمن حتى مات ربه فكان البائع وارثه: أن له رد البيع إن شاء كما كان للميت، وكما لو روثه غيرك فله نقضه وكذلك لو بعته شقصا أخوك شفيعها فلم يقم حتى مات قبل انقطاع الشفعة. فلك القيام بها، قال أشهب: كما لو بعت سلعة لرجل على أنه فيها بالخيار فمات، فكنت أنت وارثه فلك منه الخيار ما كان له، وخلاف العبد يتزوج بغير إذن سيده فيعتقه قل يعلم، فهذا يتم نكاحه، وكذلك السفيه ينكح بغير إذن وليه فلا يفسخ حتى ولي نفسه. وبعد هذا باب فيه شيء من ذكر من أفتيت عليه ببيع متاعه بغير أمره.
[10/ 386]

(10/386)


في الأمة تلد عند الغاصب أو عند المبتاع ثم استحقت، وكيف إن مات أحدهما؟ وكيف إن ماتت وبقي مالها أو خراجها؟ وذكر مال العبد المستحق
من كتاب ابن عبدوس عن ابن القاسم وأشهب ونحوه في كتاب ابن المواز ومثله في رواية عيسى عن ابن القاسم في العتبية قال: ومن اشترى أمة من غاصبها ولم يعلم فولدت عنده ثم ماتت فلربها إن شاء أخذ الولد ولا شيء له على الغاصب، فيرجع المبتاع بجميع الثمن على الغاصب، وإن شاء ترك الولد وأخذ من الغاصب الأكثر من قيمتها يوم الغصب أو الثمن، قال عنه عيسى: وكذلك لو كان عبد فمات عنده وترك مالا فإما أخذ ماله ولا شيء له/ورجع المبتاع بجميع الثمن، وإلا ترك المال للمبتاع وأتبع الغاصب بالثمن أو القيمة، قال أشهب في كتاب ابن المواز وابن عبدوس: ولو ولدت عند الغاصب فباعها بولدها فلربها إن شاء أخذ من الغاصب الثمن كله أو قيمتها وحدها يوم الغصب، ولا شيء له في الولد من ثمن ولا قيمة لأن أخذ قيمتها قبل كون الولد، وإن شاء أخذها مع ولدها، قال عنه ابن المواز: وإن شاء أخذ ثمن بعضهم وأسلم بعضهم، وإن شاء أخذ الأم وثمن الأولاد، وإن شاء أخذ بعض الولد وأخذ من الغاصب ثمن الأم وثمن باقي الولد بعد أن يفض الثمن على قيمتهم ما لم ين الذين أجاز بيعهم أقل من نصفهم فيكون للمبتاع حجة في قبوله أو رده، فإن رده رجع بجميع الثمن على الغاصب، وإن حبسه رجع بحصة ما أخذ المستحق من الثمن، ويزيد محمد في إجازة البيع في الولد خاصة: إن كانوا ممن تجوز فيهم التفرقة، قال: وله أخذ قيمة الأم من الغاصب لدخول النقص فيها بالولادة ثم لا شيء له في الولد، لأن له أخذهم بأعيانهم إذ هم عند المبتاع ولم يدخلهم نقص أو غيره، أو ماتوا فإن شاء أخذ حصتهم من الثمن الغاصب وإلا فله أخذ قيمتم من الغاصب يوم ولدوا الأكثر من ذلك. قال
[10/ 387]

(10/387)


محمد: وقول ابن القاسم أحب إلي، لأنه لا يضمن ما لمك من الولد، كما لو أخذ الأم وقد ذهب منها عضوا أو غيره لم يضمن ذلك الغاصب. قال أشهب في كتابه في الغصب: وإذا لم يدخل الولد نقص لم يكن له فيهم غير أخذهم أو أخذ حصتهم من الثمن. قال ابن عبدوس: وقال أشهب في كتاب/ابن القاسم: وإذا وجد الأم قد ماتت وبقي الولد أو مات الولد وبقيت الأم: فله أخذ من بقي منهم وحصة الميت منهم من الثمن على الغاصب، ومن مات من الولد فليس له أن يأخذ من الغاصب إلا الأكثر من قيمته أو ثمنه، قال ابن عبدوس: وهذا خير من قوله في كتاب الغصب وقال أشهب في كتابه في الغاصب: إن ماتت الأم فله أن يأخذ من الغاصب الأكثر من ثمنها أو قيمتها يوم الغصب، ويأخذ الولد ويرجع مبتاعهم بحصته على بائعه، وإن كان الولد هو الذي مات فإنه على الغاصب الأكثر من حصته من الثمن، أو قيمته يوم ولد، وهذا الذي أنكره ابن المواز وابن عبدوس. قوله في تضمين من مات من الولد وقوله مع ذلك: إذا أخذ قيمة الأم: إن له أخذ الولد وهو إنما يأخذ قيمتها من الغاصب يوم الغصب وتصير كأنها ولدت في ملك الغاصب.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا ولدت الأمة عند الغاصب أو عند من اشترى منه ولم يعلم بغصبه ثم ماتت الأم أو مات الولد. فذلك كله سواء عند ابن القاسم فإن شاء صاحبها أن يأخذ من خدمتها ثم لا له على الغاصب من قيمة ولا غيرها ولا على المشتري ما لم يكن الولد منه فيكون له إن شاء قيمته مكانه إن كان حيا مع أخذ الأم، ولو كان من الغاصب فهو كالزنا يأخذه معها فإن ماتت الأم فشاء أخذ الولد فلا قيمة له في الأم، وكذلك إن شاء أخذ قيمة الولد من المشتري وقد ماتت الأم فلا شيء له عليه من قيمة الأم ولا على الغاصب، ويرجع المبتاع/بجميع الثمن على الغاصب، ولو مات الولد وحده عند المبتاع وقد ولدت منه أو من غيره فليس له إلا الأم إن شاء، وإن أخذ الأكثر من ثمنها أو من قيمتها يوم الغصب، قال محمد: فإن ماتت عند الغاصب أو قتلها الغاصب وبقي الولد فإن شاء أخذ الولد فلا حق له في الأم، لأن الغاصب ضمن قيمتها يوم الغصب، فليس
[10/ 388]

(10/388)


له أن يأخذ بتلك القيمة ولدا ولا غيره، وإذا لم يجد إلا الأم لم يكن له غيرها لا خيار له في غير ذلك إن لم يتغير ولا قيمة له في الولد، قال محمد: وقيل: إن الولادة تغيرها فإن تغيرت فإما أخذها ولا شيء له غيرها، وإما أخذ قيمتها يوم الغصب ولا شيء له غيرها، وإما أخذ قيمتها يوم الغصب ولا شيء له فيما ولدت بعد ذلك، وابن القاسم يقول: إذا لم تدخلها الولادة فلا يجب لربها قيمتها غلا أن تغيرها الولادة وتنقصها. وقال أشهب: الولادة تحطها وتغيرها وتوجب له قيمتها إن شاء.
ومن كتاب ابن المواز أيضًا: وإذا تغيرت الأمة من الولد أو من غيره بيد الغاصب فرضي ربها بأخذها ناقصة فله مع أخذها ما يجد من ولدها وما هو قائم من غلتها فأما ما مات بسببه أو بنفسه من ولد أو غلة فهو يضمنه، وكذلك من قتل هو من ولدها وما أكل من نسل الحيوان وأكل من الغلة في الرقيق والحيوان إذا كانت الأم قائمة ورضي بأخذها، ولا يقبل قول الغاصب في تلك الغلة: أنها هلكت بغير سببه إلا ببينة وما هلك/بغير سببه فلا يضمنه، وإذا هلكت الأمهات فلا شيء له من غلاتهن وأولادهن وإن كان قائما إذا رضي بأخذ قيمة الأمهات وكذلك إذا كانت الأمهات قائمة وتغيرت وشاء أخذ قيمتها، ولو رضي في هلاك الأم أن يأخذ ما وجد من الأولاد ويدع قيمة الأم فذلك له. قال محمد: وأما قول أشهب: إذا ولدت عند الغاصب ومات الولد إنما لربها أخذها ويغرمه قيمته الولد يوم ولدوا فكيف يقول هذا وهو يقول: لو نقصت أو زال لها عضو: أن لا يضمنه؟ وإما أخذها ناقصة أو ضمنه قيمتها يوم الغصب بالولد كعضو منها ولو كان بجناية جان اتبع المستحق الجاني، وإن أخذ فيه الغاصب إن شاء كان للمستحق معها إن أخذها، ولو باع ولدها كان له أخذ الثمن ولا يضمنه قيمة، ولو وجده بيده مبتاعه فله إن يجيز أو يأخذه بعينه ويأخذ الأم وليس كالمفلس، وقد اشترى أمة أورمكة فولدت عنده وباع الولد ثم فلس فالمبتاع أخذها ولا
[10/ 389]

(10/389)


شيء له في الولد وإن كان بيد مبتاعه ولا في ثمنه، قال مالك: وتصير كالغلة. ولو لم تبع كان له أخذها معها إلا أن يعطيه الغرماء الثمن، قال: وما قتل الغاصب من ولدها فإن أخذ ربها الأم أخذ منه قيمة الولد يوم قتله ولو قتل الأم لم يلزمه إلا قيمتها يوم الغصب وهو لا يضمن الولد إلا بتعديه، وفي قول أشهب: إذا ماتت الأمهات أن له قيمتهن يوم الغصب مع ما وجد من ولد. وقيمة ما هلك من ولدها يوم ولدتهم، وما تلف/في إيقاف بغير سببه فعليه قيمته، والذي قال مالك وابن القاسم هو الصواب. قال محمد: ولو كان الولد هو الغاصب فهو مثل ما ولدت عنده، ولو طلب من قيمتها لتغيرها بالولد فإنها تباع عليه هي وولدها في قيمتها لأنه غير لاحق به وعليه الحد.
ومن العتبية: قال عيسى بن دينار: وإذا وجدها بحالها عند الغاصب فليس له غيرها وليس له قيمتها إن طلبها، ولو [دخلها نقص فليس له أخذها مع ما نقصها وإما أخذها] ناقصة وإلا فقيمتها يوم الغصب إلا أن يكون نقصها شيء فعله بها الغاصب. فله أن يغرمها ما نقصها ويأخذها، ولو فعله أجنبي فله إذا أخذها اتباع الجاني، وإذا باعها الغاصب وباعها المبتاع من رجل ثان وهي بحالها فلربها إن شاء أخذها ولا يضمن الغاصب شيئا، وإن شاء أخذ أي ثمن شاء من أثمانها ويرجع المأخوذ ذلك منه على بائعه بما دفع إليه، وباب الغلة في الاستحقاق ذكر في مال العبد.
ومن المجموعة: قال ابن نافع عن مالك وقاله ابن القاسم وابن كنانة في العبد يأبق فيبيعه متعدي أو يبيعه من غصبه فيفيد مالا: أن لربه أخذه مع ماله وكذلك الأمة، وأما ما أعطاه المشتري عن طوع يده فللمشتري أخذه منه. قال ابن كنانة: مثل من يهدي لزوجته ثم توجد ذات محرم منه فيفسخ نكاحه فله ارتجاع ما أهدى، وأما الصداق: فإن كان بني بها فهو لها وإلا فلا شيء لها. وما استخدم المشتري واستغل/فلا شيء عليه فيه بخلاف الولد.
[10/ 390]

(10/390)


ومن المجموعة: قال عبد الملك في العبد المستحق وبيده من المال وما بيع معه من ولد فوجدوا بيد مبتاع أو بعضهم، فإن وجدوا هم فله أن يجيز بيعهم ويأخذ ثمنهم من الغاصب، فإن شاء أخذهم ورجع المبتاع بثمنهم على بائعه، وإن مات العبد بيده المبتاع فلربه أن يجيز جميعهم ويأخذ الثمن من الغاصب، وإن شاء أخذ الولد الباقي ورجع المبتاع بحصته من الثمن على بائعه، وأخذ في العبد الميت إن شاء حصته وإن شاء قيمته معهم يوم قبضه كان أكثر من ثمنها أو أقل أو موافق لثمنه. وإذا مات العبد بيد المبتاع وبقي بيده رقيق العبد وماله فإن اختار أخذه فكأنه أخذ العبد لأن المال تبع. فيرجع المبتاع بجميع الثمن على بائعه، ولو وجد ذلك بيد الغاصب فأخذه كان له تضمينه قيمته العبد كما لو قتله لودي قيمته ويأخذ ربه ماله، والمبتاع إنما صار له المال بالاشتراط بغير حصة له من الثمن، وليس له أخذ المال من المبتاع وتضمين الغاصب قيمة العبد لأن ذلك يوجب للمبتاع الرجوع بجميع الثمن إذ لا حصة للمال، فجمع على الغاصب غرم الثمن مع القيمة، وهذا ليس عليه لأنه إذا ودي القيمة صح له الثمن وإن أخذ منه الثمن زالت القيمة.

باب في الأمة تستحق وقد ولدت من المبتاع أو من غيره وقد ماتت أو مات الولد، وبقية القول فيها وفي ولدها
من المجموعة وكتاب ابن المواز: قال ابن القاسم/قال ملك في الجارية تستحق من يد مبتاع وقد أولدها المبتاع، فلربها أخذها وقيمة ولدها ثم رجع فقال في المجموعة: إنه رجع فقال: يأخذ قيمتها وقيمة ولدها يوم الحكم إلا أن يكون عليه - أراه يريد المبتاع - في ذلك ضرر لأن أخذها فيه مضرة عليه وعلى ولده، وإذا أخذ مستحقها قيمتها أخذ حقه، وامتناعه في ذلك هو فيه مضار. قال ابن
[10/ 391]

(10/391)


القاسم وفي القول الذي قال فيه يأخذ قيمتها وقيمة ولدها إنما هو قيمتها يوم الاستحقاق وكذلك قيمة الولد، وقال في كتاب ابن المواز: وفي قول مالك: يأخذها وقيمته ولدها يوم الحكم كان الولد يومئذ صغيرا أو كبيرا صحيحا أو سقيما قلت قيمته أو كثرت، وإن جاوزت الدية ولا قيمة عليه فيمن مات منهم، واجتمع على هذا ابن القاسم وأشهب. قال أشهب في الكتابين وعليه جماعة الناس وهو قول علي بن أبي طالب، ورجع مالك فقال: يأخذ قيمة أمته فقط إلا أن يكون عليه في إسلامها ضرر، قال أشهب: ثم رجع إلى القول الأول، قال ابن كنانة في المجموعة: وعلى هذا كان حتى مات، قال في الواضحة وغيرها: وهذا إذا لم يجب أن يأخذ من الغاصب الذي باعها ثمنها ولا قيمتها، قال ابن حبيب: أول قول مالك: إن شاء أخذها وأخذ قيمة ولدها، وإن شاء قيمتها يوم الاستحقاق مع قيمة ولدها يومئذ. وبه أخذ المصريون من أصحابه مع مطرف، ثم رجع فقال: ليس عليه إلا قيمتها يوم وطئها ولا قيمة عليه في ولدها، وبه أخذ ابن دينار/وابن الماجشون وابن أبي حازم وابن كنانة وبه نقول. وفي غير كتاب ابن حبيب أن المغيرة يقول: يأخذها وقيمة ولدها يوم ولدوا كانوا أحياء أو قد ماتوا، وقد ذكرنا ما ذكره ابن عبدوس عن ابن كنانة خلاف ما ذكره عنه ابن حبيب.
قال أشهب في المجموعة: وله إذا طلب المستحق قيمتها وقد ولدت من المشتري لم يلزمه ذلك إلا أن يرضى كما ليس له أن يضمنه إياها إن وجدها نقصت أو نمت. وكذلك إذا أولدها أو أعتقها، ويقال له: إن شئت فخذ الثمن من الغاصب إذا، وقال ابن القاسم فيه وفي كتاب ابن المواز: إذا رضي بأخذ قيمتها وقيمة ولدها خير المشتري على ذلك في قول مالك جميعا وتكون قيمتها يوم الاستحقاق، وقال أشهب: هذا خطأ وإنما كنت لو قلت بهذا عليه قيمتها يوم أحبلها ثم لا قيمة له في ولدها لأنه في ملكه ولد. قال ابن المواز: والقياس أن ليس له عليه قيمتها في نقص الولادة وإنما له أن يلزمه ذلك إن جني عليها أو
[10/ 392]

(10/392)


قتلها هو، ولو قتلها غيره لم يلزمه هو قيمتها لأنه غير غاصب، غير أن ابن القاسم قال ذلك لاختلاف قول مالك في هذا الأصل.
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: فأما إن ماتت وبقي ولدها فليس له في قول ملك الأول إلا قيمة ولدها الباقين، قال: وكذلك قال في كتاب ابن المواز: ليس له غير قيمة من وجد منهم يأخذها ليس له قيمة الأم لا على الغاصب ولا على المشتري؛ قال ابن المواز: ثم يرجع المشتري على بائعه بجميع ثمن الأمة ولا شيء للمستحق منه. وإن شاء المستحق ترك المشتري/فلم يأخذ منه شيئا واتبع الغاصب إن شاء بالثمن أو قيمة الأم.
قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: وأما في قول مالك الآخر: فلربها إتباع المشتري بقيمة الأمة يوم وطئها لأنه ضمنها يومئذ ولا شيء عليه من قيمة ولدها، وإن كانوا قياما كواطئ أمة أبيه أو أمة له فيها شرك؛ وقال ابن المواز: لا شيء عليه من قيمة ولدها فيها إذا ماتت في قول مالك الذي قال فيه: وهي حية ليس له إلا قيمتها فقط لأنه ليس عليه فيها ضمان، قال: وإذا مات الولد وحده عند المشتري وقد ولدته منه أو من غيره فليس له إلا الأم إن شاء. وإلا اخذ من الغاصب الثمن أو القيمة.
ومن العتبية من مسائل عيسى بن دينار ومثله في كتاب ابن المواز عن ابن ابن القاسم قال: وإذا ولدت من المشتري فقام ربها وهو مخير على الغاصب في وجهين وعلى المشتري في وجهين إن شاء أخذ من الغاصب قيمتها يوم غصبها، وإن شاء فالثمن الذي باعها به، فما أخذ فيها فقد مضت لمبتاعها فإن ترك الغاصب فله أن يأخذ من المشتري أمته وقيمة ولدها ميتة وإن شاء قيمتها وقيمة ولدها فما أخذ من ذلك فليرجع المشتري على الغاصب بالثمن ولا يرجع عليه الولد بشيء، وإن ماتت الأم عند المشتري فليس له عليه إلا قيمة ولدها إن شاء، وإن كره ذلك فله على الغاصب الثمن أو قيمة الأمة، وإن وجد الولد قد ماتوا فلا شيء له فيهم، فإن قتلوا فدياتهم لأبيهم وللمستحق/عليه الأقل من ذلك يوم
[10/ 393]

(10/393)


قيمتهم، يريد: يوم القتل، ولو كان المشتري زوجها فولدت من الزوج فلربها أخذها مع الولد إن شاء وإن شاء أخذ من الغاصب الثمن أو القيمة، ولو كان الولد ولدته عند الغاصب منه أو من زوج أو زنا فله أن يأخذ منه قيمتها يوم الغصب، وإن شاء أخذها وجميع الولد ويحد الغاصب في وطئه، وإن مات الولد فليس له أخذ قيمتهم منه إن أخذ الأمة، وقال أشهب: عليه قيمتهم يوم ولد.
وقال ابن القاسم في كتاب ابن المواز: إذا مات الولد عند الغاصب فله قيمتهم يوم ولد فليس له إلا الأم أو قيمة الأم إن تغرت بالولادة أو بغيرها، وقال أصبغ: يأخذ ما وجد منهما وقيمة من مات كان الأم والولد وكأنه غصبهما وليس كالغلة، وإنما قيمتهم الولد يوم ولدتهم وهو قول أشهب، قال محمد: وهذا خلاف قول ملك وأصحابه، وهو غلط لأنه إن أخذ الولد وقيمة الأم يوم الغصب فقد صار حدوث الولد وهي مقومة على الغاصب يوم الغصب فكيف يلزمه لما تلف بعد ذلك شيء؟ فإن قال: أنا آخذ قيمتها يوم ماتت وولدها لم يكن له ذلك وأما إن وجدها معيبة فقال: يأخذها بنقصها مع ولدها فله ذلك وليس له في نقصها شيء على الغاصب قال: وإنما اختلف ابن القاسم وأشهب إذا ولدت عند الغاصب وقد اتفق قولهما فيه إذا ولدت عند المشتري ولدا من غير المشتري: إنما وجد عنده من ولد أو أم وقد مات الآخر ورضي أخذها وحدها فليس له غيره عليه ولا علي الغاصب ويرجع المبتاع بالثمن على الغاصب/، وإن ترك ربها المشتري أخذ من الغاصب الثمن أو القيمة، وقال أصبغ: إذا ماتت الأم عند المبتاع وبقي الولد فلربها أخذ الولد ويأخذ الغاصب بقيمة الأم أو بالثمن الذي أخذ فيها ويرجع فيما زعم المشتري على الغاصب بحصة الولد من الثمن كأنه اشتراه معها في صفقة كما لو ولدت عند مشتر وماتت وقام بعيب فيهما فيجعل
[10/ 394]

(10/394)


كأنه اشتراهما معا، قال محمد: هذا كله غلط وخلاف لقول مالك وابن القاسم وأشهب.
قال أصبغ: ولو وجد الأم عند المشتري وقد مات الولد لم يكن له غير الأم إن شاء أو لا شيء له في الولد. قال محمد: وقوله في التي اطلع على عيب وقد ماتت وبقي ولد ولدته عنده ليس بصواب، وإنما يرجع بقية العيب إلا أن يرضى البائع اخذ الولد ورد جميع الثمن فذلك له، وفي كتاب أمهات الأولاد كثير من هذا الباب وزيادة فيه.

جامع القول في ولد المغرور بالشراء أو بالنكاح، وكيف إن شرط حرية ولده في أمة تزوجه فاستحقت؟
من المجموعة: قال أشهب في ولد المغرور بالشراء أو بالنكاح إنما لزوج الأب قيمتهم إذ ليسوا بغلة فيكون لهم حكم الغلة ولا يرقوا فيأخذهم سيد الأم وجعلت قيمتهم يوم الحكم لأنهم أحرارا في الرحم ولا قيمة لهم يومئذ، وإذا لم اجعلها يوم الحكم جعلت الأب ضامنا لهم ولا يضمن إلا المتعدي ويدل أنه لا يكون يوم ولدوا: ما روي عن عمر من القضاء بأمثالهم فقال:/أيادهم، وفي حديث آخر: قيمتهم فكأنه يقول على مقاديرهم بالأشبار، ولما لم يضمنهم كان كأنه يفديهم من طالبهم بقيمتهم يوم قيامه كأم الولد حتى إذ لا سبيل إلى إسلامهم رقا، ولو كانوا يخرجون بالقيمة من رق كان ولاؤهم
[10/ 395]

(10/395)


للمستحق ولكان لو أن وجدهم أو جدتهم أن يعتقوا عليه بالرحم فليس كذلك بل هم أحرار بسبب أبيهم، وللمستحق سبب لا يصل به إلى رقهم، فكان أمثل ذلك القيمة يوم الحكم، وهذا قول مالك وابن دينار وابن القاسم وغيره من أصحاب مالك إلا ما ذكرنا من الاختلاف عن المغيرة في قيمتهم يوم ولدوا في الباب الذي قبل هذا.
قال ابن القاسم: وإن كانت حاملا يوم قيامه انتظر أن تلد فيأخذ قيمته يوم تلده. قال ابن القاسم: ولهم أحكام الأحرار في القتل والجراح والحدود، وعليهم قبل الاستحقاق وبعده، ومن قتل منم عمدا فقتل قاتله فلا شيء له فيه، ولو صالح أبوه من قتله عمدا على أقل من الدبة أو على الدية غرم للمستحق قيمته ما لم تكن أكثر مما أخذ فلا يلزمه غيره، ويرجع المستحق على القاتل إن كان صلحه على أقل من الدية بالأقل من بقية القيمة أو الدبة. غصب 29
قال ابن المواز: وقال أشهب لا شيء على الأب فيما أخذ في الولد إن قتل لأنه اخذ دية حر كما لو مات ولا قيمة يده إن قطع ولا عليه قيمته يوم القطع.
ومن المجموعة: وذكر مسألة ابن القاسم في الولد تقطع يده فيأخذ أبوه لها دية فيؤدي للمستحق قيمته/الآن أقطع، والأقل من قيمة يده يوم القطع أو مما أخذ فيها وما فضل كان للأب، فقلت لسحنون: لم كان هذا وهذا ولد حر له دية يده دون هذا الأب وإنما على الأب قيمته في ملائه لا على ولده وقوله: ويكون الفضل للأب؟ فكأني رأيت سحنون إنما يرى للولد ما فضل ولأن ذلك إنما استحقه السيد لأنه لولا ذلك لم يكن على الأب شيء في يد قد زالت، ولا وصل إليه من ديتها شيء، فيكون فيما وصل إليه وللولد المجني عليه فإن ماله من
[10/ 396]

(10/396)


بعدما يستحقه السيد من ذلك، وكذلك في النفس ليس لورثته من ديته إلا ما نفذه فيه. قال ابن كنانة: وإن كان للولد مال كسبه لم يقوم بماله لكن بغير ماله كقيمة عبد فإن كان عند الأب مال ودي قيمتهم وإلا أتبع بها دينا ولا يؤخذ من مال الولد شيء. قال ابن القاسم وأشهب: يؤخذ من مال الابن في غرم الأب ولا يرجع بها على الأب. قال أشهب: أستحسن أن يؤخذ من الابن في غرم الأب كما لو اشترى لابنه جارية بماله فهو إن وداه كانت للابن ولا شيء عليه للأب، وإن لم يكن للأب مال لم يكن على البائع تسليمها حتى يأخذ المال، فإن وداه الابن كانت له، وقال غيره ذلك على الأب في العسر واليسر. قال سحنون: ويحكم عليه في عدمه، ثم إن مات ابنه بعد الحكم لم يزل عنه ما لزمه من القيمة، وكذلك في جناية أم الولد والسيد عديم، وكذلك من يحكم عليه في العاقلة بشيء رآه الحاكم ثم أعدم فلا يزول عنه. قال أشهب فيه/: ولو قام وقد مات الأب قضي بقيمة الولد في تركته لا من مال الولد. قال سحنون: وفي قول غيره: لا شيء على الولد.
ومن كتاب محمد: قال: وإن لم يدع شيئا أتبع به الولد: فمن أيسر منهم اخذ منه حصة نفسه فقط يوم كان الحكم، وإن طرأ للأب مال ما تتم به قيمته فليتبع به المستحق كل واحد منهم ما يتم به قيمته لا يأخذ من بعضهم عن بعض ولو كان عديمين: الأب والابن اتبع أولهما يسرا ثم لا رجوع للغارم على الآخر بشيء، وإن أيسر الابن فلم يؤخذ منه شيء حتى أيسر الأب فعلى الأب الأداء، وإذا قتل الولد خطأ فكانت لورثته ديته منجمة كان للأب منها قيمته يأخذ فيه أول نجم منها، فإن لم يتم اخذ تمامه من الثاني ثم مما يليه حتى يتم، ثم يورث عن الابن ما فضل، وما اقتص فيه الأب مما جني على الولد في نفس أو جرح فلا حجة للسيد فيه ن وإن قطعت يده أخذ قيمته مقطوعا من الأب، وإن أخذ في قطعها خطأ دية أخذ منه قدر نقصه القطع من قيمة عبد ثم ما فضل من الدية فللابن دون الأب.
[10/ 397]

(10/397)


ومن المجموعة: قال أشهب: وإن كان على الأب دين فللمستحق أن يحاص غرماءه بقيمة الولد.
وإذا استحقت أنها أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة وقد ولدت فقد ذكرنا ذلك في كتاب أم الولد.
قال سحنون في الأمة تغر من سيدها فتزوجها على أنها حرة فأولدها فإن عليه قيمتها للابن ولا قيمة للولد عليه ولا صداق المثل ولا المسمى، وليس النكاح فيها نكاح وهو كما لو وطئها يظن/أنها لو أو متعمدا وهي له أم الولد بذلك، وأما الابن تغره أمة الأب فهو كالأجنبي يأخذها سيدها ويأخذ منه صداق المثل ولا قيمة عليه في الولد.
قال أشهب: وإذا غرت الأمة عبدا أو مكاتبا أو مدبرا أو معتقا إلى أجل:
فإن أولادهم رقيق وتبع لها.
قال أشهب: وإذا غرت أمة الابن الأب فولدت منه فودى قيمتها يوم استحقت فعليه للمستحق قيمة ولده وتسلم الأمة إليه ويرجع على الابن بما أخذ منه من قيمتها، وإن غصب رجل أمة فباعها ممن يعلم بغصبه إياها فأولدها فلربها إن جاء وأثبت ذلك اخذها وأخذ الولد لأن المبتاع قد علم أنها لغير البائع وعليه الحد ولا يعذر بقوله: ظننتها تحل لي بالشراء، وإذا قالت له أمة: إني حرة فتزوجها وهو يعلم أنها أمة فإن ولده رقيق، فإن كان ذلك ليس إلا بإقرار منه يريد: بعد ولادتهم فإن أولاده لا يرقون، ولو كان إقراره بذلك قبل أن يولدوا فهم رقيق، وإن أقروا بعد أن ولدتهم ولا يعلم بعد مكانهم عنده فإنه يضمن من مات منهم وقيمة من وجد منهم. وإن لم يكن له مال لم أستحسن أن يرجع على
[10/ 398]

(10/398)


ولده بقيمتهم لأن إقراره لا يلزمهم. أشهب: وإذا أبقت أمة فغرت رجلا فتزوجها على أنها حرة فأولدها ثم استحقت فلربها والولد حر يلحق نسبه وإن لم يقم الزوج بينة على أنه تزوجها على أنها حرة ويصدق في هذا ولو كذبته حددته ولم ألحق به الولد وعلى السيد البينة: أنه تزوجها على أنها أمة إن ادعى ذلك ويأخذ الولد/وإلا فهو حر وله قيمة حالة. قال أشهب في كتاب ابن سحنون: حالة على الأب يوم يقضى بذلك للمستحق، فإن لم يكن للأب مال فأستحسن أن يكون في مال الولد.
ومن المجموعة قال أشهب: وإن أقمت بينة أنه غصبك هذه الجارية وقد ولدت منه قضي لك بها وبولدها ولا حد عليه ولا على شاهديك، وكذلك يقضى بذلك بشاهد ويمين، وأنت فلم تقل: وطى ولا قال من شهد لك أنه زنا وهو يقر ويقول: وطئت وطئا يجوز لي فأدرا عنه الحد بالشبهة وأعاقبه بما حق عليه من الغصب، ولو شهد عليه أربعة أقمت عليه الحد ولا يثبت نسب الولد بكل حال شهد عليه شاهدن أو أربعة. وقال ابن القاسم: إذا ثبت أنه غصبه الجارية بالبينة فعليه الحد إن أقر بالوطء ولا يثبت نسب الولد، قالا: وأما إن كان ولدها من غيره بنكاح أو بشراء فنسبهم ثابت وعلى الأب قيمتهم إن نكح على أنها حرة أو اشترى، وإن نكح على أنها أمة فولدها تبع لها.
قال ابن القاسم: ومن تزوج أمة على أن ولده حر فاستحقت فإن ولدها رقيق لمستحقها وليس للأب أن يجبرهم على أخذ قيمتهم منه ولا ذلك للسيد إن طلبه حتى يجتمعا جميعا.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج أمة على أنها إن تلد منه حرة فتلد ثم تستحق، قال: فولدها رقيق وليس لأبيهم أن يفديهم بالقيمة إلا
[10/ 399]

(10/399)


أن يشاء السيد، ولو شاء ذلك السيد وأباه الأب فليس للسيد، قال: وإذا غر منها الغاصب فزوجها على أنها حرة رجع عليه بما غرم في الصداق لا في قيمة الولد مع الأب، وكأنه باعه البضع فيرجع عليه/بما أخذ فيه، ولو غره منها أجنبي وهو يعلم أنها أمة وعقد لها لرجع عليه إلا أن يعرف أنه غير ولي لها، وإذا لم يعلم أنها أمة لم يكن عليه شيء ولو كان وليا. ولو علمت هي أيضًا فلا ترجع غلا على الولي الذي غره، ولو أخبره أنه غير ولي لها أو عرف ذاك الزوج فلا يرجع على الذي زوجه كالمنادين لا عهدة عليهم [وإن لن يبينوا لأنهم معروفون، وأما غيرهم فعليهم العهدة حتى يتبين أنه ممن لا عهدة عليه] وأنها على ربها من الأوصياء والوكلاء. ويرجع فيؤخذ من الأمة ما زاد على صداق المثل، وقد قيل: يأخذ منها كل ما يصدقها لا مثل ما تستحل به، وإن غره منها الولي وولي العقد غيره فلا شيء على الولي، وقيل عليها. قال محمد: بل ذلك لازم له ها هنا لأن الولي ها هنا هو السيد ولأن وكيله عقد بأمره فكأنه هو العاقد فليرجع عليه بالصداق كله. قال: ولو زوجها الولي بعد علمه بما غرته إلا أنه زوجه على ما قالت، قال: فيلزمه الصداق كله أيضًا كمن زوج امرأة في عدتها وهو وهي عالمان بذلك فالرجوع عليه دونها إذا كان وليا، وإن لم يكن هو عالما فلا شيء عليه ويؤخذ منها إلا قدر ما تستحق به.
[10/ 400]

(10/400)


في الغلة في الاستحقاق من يد مشتر أو موهوب أو غيره، وذكر الخدمة والسكني، وذكر مال العبد ونسل الحيوان والثمار، وكيف إن قام والثمرة لم تجد ومدة الكراء لم تتم؟ وفيمن ابتاع ممن قال: أنا وكيل على البيع
من المجموعة/: قال ابن القاسم: ومعنى ما قيل: إن الغلة بالضمان: أن المشتري للشيء إذا غتله هلك في يده كان منه وذهب الثمن الذي نقد فيه، فالغلة له بضمانه. قال غيره: ولا غلة للموهوب الذي وهب له الغاصب إذا لم يضمن هو ثمنا نقده، ولا من وهبه ممن تجب له الغلة بضمانه.
في المجموعة: لأن الغلة إنما تجب بضمان الشراء لا بضمان الغصب لها، قال في الحديث: وليس لعرق ظالم حق، قال ابن المواز: وقال أشهب: إن من وهبه الغاصب أن له الغلة إذا لم يعلم بغصب الواهب كالمشتري، قال: ولم يختلف ابن القاسم وأشهب أن ما استغل المشتري من قليل أو كثير أو مسكن أو زرع له ولا شيء عليه من غلة أو كراء، ولا على الغاصب، فيرجع المبتاع بجميع الثمن على الغاصب لا يحاسبه بشيء من غلة أو كراء إلا أن يعلم المشتري بغصبه، يريد: قبل الشراء فيكون كالغاصب في رد الغلة. ومن أكرى الغاصب فليس للمستحق إلا اخذ ذلك الكراء بعينه، فإن حابى في الكراء كان كمن أسكن غيره باطلا، وأشهب لا يرى عليه ولا على المكتري شيئا ويراه كالمشتري. قال ابن القاسم: يغرم ذلك المشتري في ملائه فإن لم يجد طولب به الساكن. وقال ابن القاسم: ومن غصب نجلا فوهبها لرجل فاغتلها سنين فلربها أخذها وأخذ غلها من الغاصب، فإن لم يجد عنده شيئا أخذ ذلك من الموهوب كالمشتري ولا غلة عليه. ومن المجموعة/:
[10/ 401]

(10/401)


قال ابن القاسم: وكذلك ما وهبك الغاصب فأكلته أو أكلت ثمنه فلربه طلب الغاصب، فإن كان عديما رجع عليك إلا أن تعلم أن ذلك هلك في يديك بغير سببك وإيقاعك فلا شيء عليك، وإن هلكت بيد الغاصب ضمنها ولا تضمنها أنت حتى تأخذها وأنت تعلم بالغصب. قال هو وعبد الملك: وإذا جهل مكري هذه الأشياء هل هو غاصب أو مشتري؟ فهو على الشراء حتى يعلم أنه غاصب أو صارت إليه من غاصب، ولو ورث الأرض عن أبيه فأكراها ثم أتى ابن أخيه الوارث في إبان الحرب أو غير غبانه فالكراء له لأن ضمانها كان منه. ولم يكن ذلك الوارث ضامنا لها وإنما ظن أنه وارث والوارث غيره، وكذلك لو جاء شريك معه في ذلك، وأما المستحق من يد مشتر أو وارث عن مشتر فلا غلة له إلا من يوم يقضى له.
قال عبد الملك: ولو استحقها رجل غير وارث ورجل وارث كان نصفها له حكم المشتري ونصفها له حكم الوارث.
قال ابن القاسم: ولو استحقها وارث يشارك الذي ورثها رجع عليه بما تقدم من الكراء، ولو كان فيه محاباة رجع بهؤلاء على أخيه إذا لم يعلم بأن له أخ ولم ير عليه أنه لو سكن كراء إذا لم يعلم، وروي عن مالك: أن عليه نصف الكراء.
قال عبد الملك: وإذا زرع الأرض الآخر فقام فليس له قلع الزرع وإن كان في إبان الحرث، وله الكراء لأنه هو الضامن، ولم أقلع الزرع لأن زراعه زرعه بوجه شبهة فلذلك تركته لا لأنه ضامن. قال أشهب/: وإذا أسكنك الغاصب أو أزرعك أو أكرى منك فحاباك لم يرجع المستحق بكراء ولا محاباة لا عليك ولا على الغاصب، وليس على الغاصب إلا ما أخذ في كرائها إن أخذ شيئا وجعله كما لو باعه إياها. وقال سحنون: عليه الكراء فيما أسكنه بلا كراء وغرم ما حابى في
[10/ 402]

(10/402)


كرائه لأنه ليس بضامن، وكما لو وهبه طعاما غصبه فأكله أو ثوبا فلبسه. قال سحنون: ولهم حكم آخر في الغسال يخطيء فيدفع الثوب إلى غير ربه، والمولي عليه يبتاع الشيء فينفقه فيما لا غنى به عنه مما صان به ماله، ولولا ذلك لم يكن بد من أن ينفقه من ماله مثله.
قال ابن القاسم في المجموعة ومثله في رواية عيسى في العتبية: ومن كاتب عبده وأخذ الكتابة ثم استحق بالحرية فذلك كالغلة والخراج الاستخدام لا يرجع به عليه، وأما لو كان انتزع منه مالا لرجع به عليه كان اشتراه به أو أفاده عنده من فضل خراجه أو عمله أو وهب له لأن رقبته لم تملك، وكذلك يرد ما أخذ له من رأس في جرح أو قطع يد لأنه لم يكن نصيبه لو مات عنده ثم ظهر أنه حر رجع على بائعه بالثمن. فإن قيل: فكذلك يرد عليه كما أنه لا يضمن رقبته.
قيل له: الفرق بينهما: أن من يشتري عبدا إنما يشتريه للغلة لا لينتزع ماله
فهذا فرق بين الانتزاع والاغتلال. ورأيت في غير المجموعة: أن المغيرة يقول: يرد عليه ما اغتل منه. قال ابن القاسم في المجموعة: فأما ما وهبه السيد فله أن ينتزعه منه بعد ثبات حريته، وله/أيضًا أخذ ما ربح فيما استتجره به إلا أن يكون استتجره بمال على أن ربحه للعبد فلا يأخذ منه غير رأس ماله.
وروي عن مالك فيمن أعتق عبده في سفر بمحضر بينة ثم قدم فاغتله ثم مات فكاتبه الورثة ولم يعلموا، ثم جاءت البينة بالعتق فلا شيء له من غلة ولا من كتابة. قال سحنون: وخالفه الرواة ويرون له أخذ الغلة وأن له حكم الحر.
قال ابن القاسم وأشهب: ومن اشترى نخلا قد أبرتموها أو لم تؤبر ثم استحقت فإن كان حين الشراء فليأخذها بتمرها ويرجع المبتاع على بائعه بالثمن، فإن قام بعد أن سقى هذا وعالج والثمرة لم تؤبر أو أبرت وأزهت فله أخذ النخل
[10/ 403]

(10/403)


بتمرها، ويغرم ما سقى وعالج، وإلا فلا سبيل له إلى أخذها ويرجع بالثمن، قال أشهب: إنما يغرم السقي والعلاج إن كان قد بلغ عمله أو زاد في التمرة أو في نبات وحبالها، وإن لم تؤبر عمله، ذلك وتؤبر بعمل لم يضمن ذلك فلا يرجع بشيء وله طلب الثمن من البائع، والثمرة للمستحق إن أخذ النخل، كأن المشتري اشترى النخل بتمرها بعد الزهو أو بغير ثمره ولم يشترطها إلا أنه لم يكن على المشتري سقي ولا قيام، إنما ذلك على البائع، فإذا سقى كان له أن يدعه وقام قبله على المستحق ما كان يكون لبائع الأصل لو كان هو الساقي والقائم.
من كتاب ابن المواز: ومن استحق نخلا من يد مشتر وفيها تمره فله التمرة ما لم تيبس أو تقارب اليبس فيكون مثل ما جده فليس له أخذها، وهي وإن لم تيبس فهي لمستحق وإن تقارب وعليه للمبتاع ما سقى وعالج، ولو كانت بيد غاصب لأخذها/وإن جدت ويطلبه بكل ثمرة تقدمت، وقال ابن القاسم: ويعطى ما أنفقه بأخذه من غلتها، وكذلك رعاية الغنم ونفقتهم فمن غلتها لا من نتاجها، ثم رجع فقال: يأخذ جميع غلتها ولا شيء للغاصب في نفقته وعلاجه كان ذلك نخلا أو دورا أو حيوانا. وقال أشهب: يعطى الغاصب نفقته من الخلة.
قال ابن القاسم: ومن ابتاع نخلا فيها ثمرة لم تؤبر أو شيء فيها فقام المستحق وفيها تمرة قد طابت فإنه يأخذها ما لم تيبس أو تجد، فإن يبست أو جدت فهي للمبتاع، ولو كان قد أبرت يوم الشراء فاشترطها المبتاع فهي للمستحق جدت أو لم تجد أو بيعت أو أكلت، ويرد المثل فيها إن عرف مكيلتها، وإلا فالقيمة، وإن بيعت أخذ ثمنها وله فيما ذكرنا قيمة ما سقى وعالج.
[10/ 404]

(10/404)


وروى أبو زيد عن ابن القاسم في المستحق أصولا من يد مبتاع فإنه يأخذ التمرة ما لم تفارق الأصل، وإذا أخذها ودي للمبتاع قيمة ما سقى وعالج.
ومن العتبية وذكر مسألة ابن القاسم في مستحق الأرض وقد أكريت سنين أو سنة وقد أزرعت، فإن كان لم تفت الزراعة فله كراء السنة، وليس له فسخها، وهو مخير فيها بقي أن يجيزه أو يرده، وإذا كانت تزرع السنة كلها فله الكراء من يوم تستحق، ويخير فيما بقي، وإن فات الإبان فلا شيء له من كراء تلك السنة.
قال عد الملك: إذا قام بعد أن زرع ولم يفت الحرث أكراها سنة، فإن قبض الكراء وهو غاصب رده كله، وإن كان مشتريا فله حصة ما مضى/بضمانه إلى يوم الاستحقاق، وحصة ما بقي منه للمستحق يأخذه إن أجاز الكراء، وإن لم يجزه أخذ في بقية الشهور إلى تمام حصاده كراء المثل في ذلك يتبع به المكتري ولو أتى بعد مضي الإبان فلا كراء له. وفي باب الأمة تلد عند غاصب أو مبتاع ذكر من حال العبد المستحق.
وفي كتاب آخر: قال سحنون فيمن باع سلعة تعرف برجل وزعم أنه وكيله على البيع وغاب ولا يعرف ذلك إلا بقوله، فاشترى منه رجل على هذا وهو يعلم أن الدار للغائب ثم قدم فأنكر اغتلها المبتاع، فإن كان الوكيل يقوم في الدار ويعمل وينظر حتى تثبت له شبهة الوكالة: فالغلة للمبتاع، وإن لم يقدم على شبهة كما قلنا فالمشتري كالغاصب، وكذلك من هلك عن أطفال معهم أمهم وهي غير وصية فتبيع حقا لهم من رجل فيقبله، ثم يبلغ الأطفال، فإن كانت الأم تقوم وتحوط وتنظر في الدار فباعت وهي كذلك فالغلة للمشتري.
[10/ 405]

(10/405)


باب في المشتري أو من دخل بشبهة، والغاصب يحدث في الأرض عمارة، أو بني في الدار، أم هدمها، أو في السلعة عملا ثم تستحق أو تنمو بيد المبتاع
من المجموعة: قال ابن القاسم في المبتاع للأرض يبنيها ثم يستحقها رجل، فإن ودي قيمة العمارة أخذها وإلا أعطاه الآخر قيمة أرضه، فإن أبيا كانا شريكين. قال مالك: تقدر قيمة الأرض بلا عمارة وقيمة العمارة.
ومن العتبية/: قال أشهب عن مالك: إذا بنيتها فليعطك ما عمرت مما يشبه عمل الناس، فأما شأن؟ قال: كل بقعته، قال: ولا شيء عليه فيما هدم، ورواها ابن نافع عن مالك. في المجموعة، وقال: قال ابن نافع: إنما يغرم قيمة ما عمر لا ما أنفقه الآخر فيه كان البناء قليلا أو كثيرا جيدا أو رديئا.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم أنه إذا بنى وغرس فقيل للآخر: أعطه قيمة عمله وغرسه فقال: [ما معي اليوم وإنما أدعه يسكن وينتفع حتى أخذ ما أعطيه] وأبى الآخر من الصبر فذلك له ويقال له: أعطه قيمة أرضه، فإن أبى أو كان معدما كانا شريكين، فقيمة الأرض لهذا وقيمة العمران لهذا، وكذلك لو كانت أرض عمرها يظنها مواتا ولم يتراضيا على أن يبقى ينتفع بالعمارة والأرض لم يجز، لأنه حق له معجلا من أخذ قيمة العمارة فوخره به على أن ينتفع فهو كالسلف بنفع، قال أشهب في المجموعة: إذا باعها الغاصب من رجل أو وهبها فعمرها فربها مخير في أخذ الثمن من الغاصب أو القيمة لأنها حالت بما أحدت فيها وبنى، وإن شاء أخذ داره وأعطى للثاني قيمة بنائه اليوم على حاله شاء الثاني
[10/ 406]

(10/406)


أو أبى، ولا ينظر إلى ما أنفقه فيها وإن كثر، فإن أبى قيل للبائع: أعطه قيمة أرضه يوم بناها شاء المغصوب أو أبى، فإن أبى كانا شريكين إن شاء المغصوب على قيمة داره وقيمة/بناء الآخر الساعة وقيمة الأرض الساعة بلا بناء، فإن كانت قيمتها اليوم بلا بناء ألفا، وقيمة بناء اليوم بلا أرض خمسمائة فهي بينهما على الثلث. قال سحنون: وإذ أبى المغصوب منه أن يعطيه قيمة بنيانه فلا يكون للباني أن يعطيه قيمة داره على مما أحب أو كره، ولكن يكونان شريكين، وهذا الذي قال سحنون ذكر مثله ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف وروياه عن مالك والمغيرة وابن دينار. قالوا: إذا باعها الغاصب فبناها المشتري فلينظر إلى قيمتها قبل العمل وقيمتها بعد العمل، فإن شاء ربها دفع ذلك إلى الثاني وإن شاء كان الثاني به شريكا، وليس للذي بنى أن يعطي المستحق قيمة أرضه إذا أبى ذلك ولكن يكونان شريكين، وهذا مذكور في كتاب السرقة.
وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية في عبد باع أرضا لسيده: إن أعارها لرجل فبني فيها أو غرس ثم علم السيد فأخذ الأرض، فإن شاء تماسك بالبناء أو الغرس وودي قيمته مقلوعا ويرجع المبتاع في دية العبد لا في رقبته.
ومن المجموعة: قال أشهب في مبتاع القمح من غاصب فطحنه أو سويقا فلته أو ثوبا فصبغه فقام ربه، فإما أجاز البيع وأخذ الثمن من الغاصب.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا هدم المشتري الدار فإن ترك الغاصب فإنما له اخذ العرصة مع النقض على أن لا شيء له غير ذلك لا على المشتري ولا على الغاصب، ولو هدم وباع النقض مفرقا إن شاء اخذ العرصة وثمن النقض فقط، ويرجع المبتاع بالثمن على الغاصب، إلا ترك المشتري وطلب الغاصب إن شاء بالثمن أو بالقيمة يوم الغصب، ولو أن المبتاع بعد أن هدمها بناها حتى يدفع إليه قيمة بنائه قائما كان بناها ينقض، ويطالبه بقيمة نفضه منقوضا وإلا أخذ من المشتري قيمة العرصة براحا، وقيمة نقضه منقوضا لأنه ليس بمتعد في هدمه، ثم يرجع المشتري بالثمن على الغاصب، قال: ومشتري الدار إذا أكراها فهدمها

[10/ 407]

(10/407)


المكتري وأخذ بردمها المشتري النقض والتعدي ثم قام ربها فله أتباع الهادم بقيمة الهدم، وإن كان اتبع ذمته، وكذلك لو اشتري عبدا فسرقه رجل منه أو قتله فترك له قيمته فلربه طلب السارق والقاتل بقيمته ولا شيء له على المشتري، يريد: وإن شاء طلب الغاصب بالثمن والقيمة، ومن اشترى دارا فهدمها أو وهبها لرجل يهدمها ثم استحقت فليس لمن استحقها على الهادم في الهدم شيء، فإما أخذها مهدومة بنقضها أو ما وجد منه ولا من شيء فيما تلف منه، وإلا طلب الغاصب، ولو باعها الهادم فلربها اخذ ثمن النقض مع العرصة، ولو وجد النقص قائما بيد المبتاع، فإن شاء نقض فيه البيع وأخذه وإلا أخذ ثمنه، ولو استحق نصفها فلا شيء له على الهادم إلا أن يكون باعه، فإن كان فات فليس له فيما استحق إلا نصف الثمن، وإن لم يفت فله أن يجيز بيعه ويأخذ حصته من ثمنه، وإن شاء رد الثمن لا يحط عنه الهدم ويأخذ النقض إن وجد أو ما وجد فيه. ولو تلف النقض كله أو بعضه لم يكن لذلك شيء إذا تلف بغير سبب المشتري، فإن أخذ فيه المشتري ثمنا فللشفيع أخذ ذلك الثمن، ولا ينقض بيع انتقض وإن كان قائما بيد مبتاعه لأن بيع المشتري جائز. قال محمد وهل له بعد الشفعة في النقض فهي في الأرض وله أخذه كشفعته إن لم يفت فإن فات بيد من اشتراه نظر ما ضمنه النقض من قيمة العرصة يوم الشراء فيقسموا الثمن على ذلك فيأخذ العرصة بالشفعة بما وقع عليها. محمد: وهذا أحسن ما ثبت فيه من قول أصحابنا، ولو وجد النقض النصف الآخر بالشفعة أخذ نصف العرصة مخير في رده أو إجازة بيعه، وإن أخذ النصف الآخر بالشفعة آخذ نصف العرصة ونصف النقض. وخير في رده وإجازة بيعه وإن أخذ النصف الآخر. وليس له أن يأخذ ثمن النقض الذي أخذ بالشفعة مع العرصة وإنما يأخذه بعينه، فإن فات سقط ما قابله من الثمن، وليس له في الشفعة أخذ ثمن النقض فيما يأخذ بالشفعة ولا يؤخذ الأثمان بالشفعة، قال: وإن كان المشتري بعد أن هدم الدار بناها على ما كانت أو غيرها بالبناء عن حالها الأول فليس للمستحق أخذ نصفه الذي استحق حتى
[10/ 408]

(10/408)


يدفع إلى المشتري نصف قيمة البناء، وإنما يرد يوم الحكم ويحسب له على المشتري قيمة ما انتفع به من نقضه مطروحا، أو قيمة ما سلم منه إن لم يسلم كله فقيمة ذلك، يريد: يوم إقامته وبنائه، قال: وكذلك في النصف الآخر سواء إن شاء أن يأخذه بالشفعة فله أن يؤدي نصف الثمن وقيمة البناء فإنما يريد: يوم الأخذ الشفعة، ويحسب له قيمة البناء الذي هدم المشتري فيما سلم منه نقضا، قال في الكتاب: يوم بنائه وإنما ينبني على الأصل في النقض في الشفعة يحسب عليه قيمة نقصان قيمة العرصة من الثمن يوم الصفقة إن كان سلم النقض كله أو ما سلم منه، قال محمد: وأبى المشتري أن يدفع فيما استحق قيمة نصف البناء قائما يوم الحكم فلا شفعة له. ويقال للمشتري: ادفع إليه نصف قيمة العرصة يومئذ، ويرجع المستحق على المشتري بنصف قيمة النقض الذي هدم منقوضا وترجع أنت أيها المشتري على البائع بنصف الثمن، وإن شاء المستحق ترك ذلك كله ورجع على الغاصب إن شاء بالقيمة أو بالثمن الذي أخذه، قال محمد: وإذا صار شريكين في النصف المستحق بما ذكرنا فله نصف النصف الآخر بالشفعة إن شاء بنصف الثمن أو بنصف قيمة ما بنى قائما، يريد: له يوم الحكم ويحسب له على المشتري قيمة ربع نقض جميع الدار منقوضا، وهو الذي انتفع به وينبغي أن يكون، يعني محمد: رفع قيمة النقض منقوضا من قيمة العرصة يوم الصفقة من الثمن لما يتقى أن يكون استرخص إذا تولاه.
ومن اشترى سوارين فكسرهما ثم أعادهما فليس لربهما أخذهما حتى يدفع إليه قيمة صياغتهما لأنه غير متعد في كسرهما، ولو وجدهما مكسورين فإنما له إن شاء أخذهما منه مكسورين ولا يضمنه بكسرهما شيئا، أو يدعهما ويأخذ من الغاصب
[10/ 409]

(10/409)


قيمتهما مصوغين. قال محمد: ما أحب أن يدفع قيمة الصنعة ولا يظلم عمله، وأرى إن شاء أن يأخذ منه مثل وزنهما مكسورين وإلا أخذ من الغاصب قيمتهما مصوغين يوم الغصب أو الثمن، وهما مثل الدار يهدمها ثم يبنيها إلا أنه إذا أخذهما وودي الصيغة صار أن أخذ مصوغين غير مسكورين له وودي ثمنا للصياعة.
وفي كتاب الغصب ذكر كسر الغاصب لهما وهدمه للدار.
قال: وإذا اشترى من الغاصب قمحا فطحنه فقد قيل: لزمه أخذه منه غرم طحين وإن شاء تركه وأخذه من غاصبه مثل قمحه أو الثمن. قال محمد: وهذا غلط وليس له إلا أن يأخذ مثل قمحه من المشتري، أو يأخذ من الغاصب مثل قمحه أو الثمن، وإن كان الغاصب عديما ورجع على المشتري فالمشتري مخير إن شاء أعطاه مثل قمحه وإلا اسلم إليه الدقيق ورجع على الغاصب بالثمن كله، ولو طحنه الغاصب فلربه أخذه دقيقا أو يأخذ منه مثل قمحه.
ومن المجموعة: قال أشهب في مبتاع القمح من غاصب فطحنه أو سويقا فلته أو ثوبا فصبغه فقام ربه، فإما أجاز البيع وأخذ الثمن من الغاصب أو قيمة الثوب أو المثل في المكيل إن كان بائعا، وإن كان واهبا للغاصب أن يرجع على الموهوب/بما وهب له إن كان قائما وكان له مثل ما للمغصوب على الموهوب له، وإن شاء ترك الغاصب ودفع إلى المبتاع أو الموهوب قيمة الصبغ حين يقوم وقيمة الطحين حين يقوم، وكذلك اللتات، وقال: يدفع أجر ما لته ويأخذ جميع ذلك شاء ذلك الذي في يديه أو أبى، وإن أبى الغاصب فليعطه هذا مثل قمحه أو سويقه أو قيمة ثوبه، فإن أبيا كانا شريكين هذا بقيمة ثوبه وهذا بقيمة ما أحدث فيه، ثم يرجع المبتاع على بائعه بالثمن.
[10/ 410]

(10/410)


وروى غيره عن مالك في مبتاع الجمل يعلفه حتى يسمن ثم استحق، فربه مخير في دفع ما أنفقه عليه أو يأخذ قيمة جمله يوم قبضه الرجل.
وقال أشهب: وإذا اشترى غلاما صغيرا لا صنعة له فرباه وأنفق عليه، ثم يستحق حرا أو عبدا فإنه لا يتبع فيه بشيء، قال سحنون: وفي هذا الأصل اختلاف.
قال ابن القاسم: وإذا استحقت الأرض وقد قلبها المشتري وأنهم حرثها فالمستحق مخير إن شاء أعطاه قيمة عمله وأخذها وإلا قيل للآخر: أغرم كراءها وإلا فأسلمها بما فيها من العمل ولا شيء عليه.
قال سحنون: وإذا زبل الأرض وغرم في ذلك نفقة فزاد ذلك في ثمنها ثم استحقت، فلا شيء للذي زبلها لأنه مستهلك، وكذلك مشتري الدابة العجفاء والصبي الصغير أو الودي الصغار وينفق على ذلك حتى يكبر أو تسمن فلا شيء فلا ذلك على مستحقه.
قال ابن القاسم: ومن اشترى أرضا محبسة ولم يعلم مثل حبس الكنائس أو للمسلمين/ببناء وغرس ثم استحق ذلك فليقلع عمله، وقاله سحنون: فقلت له: كيف يقلعه وقد بنى بشبهة؟ قال: فمن يعطيه قيمة بنائه؟ قلت: فيكونان شريكين فأنكر ذلك، وقال بعض من حضر: إذا يكون هذا كبيع الحبس وهو يسمع ولم ينكر، قيل: أفيعطيه مستحق الحبس قيمة بنائه؟ فلم ير ذلك. وقال: مالك يقول: من بنى في الحبس فليس له فيه إذا خرج فإذا جعلنا لهذا أن يعطيه قيمته وخرج وخلف غيره، أيؤدي الثاني أيضًا قيمته؟
[10/ 411]

(10/411)


في الموهوب له الشيء، أو المعار له، أو المواجر ينتفع به أو يستهلكه أو يحدث فيه شيئا ثم يستحق، والهبة تستحق فرجع الواهب بالثمن، لمن يكون؟
من المجموعة: قال ابن القاسم في الموهوب له طعاما فأكله أو ثوبا فلبسه فإنما للمستحق تضمين الواهب إن كان مليئا فعليه يرجع، وإن كان عديما أولا يقدر عليه فله تضمين الموهوب ولا يرجع الموهوب بما ودي على الواهب. قال ابن عبدوس: إنما يضمن الواهب أولا إن كان غاصبا، فأما إن لم يكن غاصبا أو لا يعلم أنه غصب فلا يضمن، ولكن يتبع المستحق من استهلك ذلك.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن غصب شاة فأهداها لرجل فأكلها، فإن كان الطالب مليئا فعليه يرجع بقيمتها دون الموهوب، وإن كان عديما رد الذي أكلها قيمتها، يريد: يوم أكلها ولو وهبها الغاصب بعد أن ذبحها فعليه يرجع أولا/بقيمتها، فإن كان عديما أخذ من الموهوب قيمتها مذبوحة ورجع على الغاصب بما بين قيمتها مذبوحة وقيمتها حية يوم الغصب يتبع.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم: والمستحق يرجع في العارية أولا على المعير بما نقص ثوبه، فإن كان عديما فعلى اللابس وإذا كان المعير غير غاصب [فلا شيء عليه عديما كان أو مليئا. وقال أشهب وسحنون: وإن كان المستعير غاصبا] فليس لربه تضمينه النقص، وإنما له أن يضمنه الجميع ولا شيء على المستعير إن كان للغاصب مال، فإن كان عديما بيع الثوب في القيمة وأتبع المستعير بالأقل من تمام القيمة وما نقص لبسه الثوب لأنه كمن استعار من مديان ثوبا فلبسه ولا مال له يفي بدينه إلا أن يكون قد كان للغاصب مال في وقت لباس المستعير ثم زال المال فلا يضمن المستعير شيئا، فإن شاء المستحق أخذ الثوب ويأخذ النقص من
[10/ 412]

(10/412)


المستعير فذلك في عدم الغاصب وملائه لأن النقص لم يجب له على الغاصب، فيكون ليس له طلب المستعير حتى لا يجد شيئا عند المعير. غصب 35
قال: ومذهب ابن القاسم أن النقص إذا كان من فعل الغاصب ماله اتباعه ويأخذ ثوبه، فإذا كان هو الذي أباحه ذلك فكأنه هو الفاعل فيتبع بالنقص المعير، فإن لم يجد عنده شيئا على المستعير، قال ابن القاسم في الغاصب يؤاجر الثوب فينقصه الثمن فلربه تضمين الغاصب إن يجز الإجارة وإن شاء أخذ ثوبه/وما نقصه اللبس من اللابس، ويرجع اللابس بالإجارة على الغاصب، وذلك كما قال مالك في البيع، وإن أجاز الإجارة أخذ ثوبه وأتبع الغاصب بما أخذ في الإجارة في عدمه وملائه، وإذا لم يكن المكري غاصبا فلا يضمنه وإنما له أن يجيز الإجارة ويتبعه بها أو يأخذ ثوبه وما نقصه من اللبس، وليس له في الغاصب أن يأخذ ثوبه ويتبع الغاصب بما نقصه اللبس، لأنه قد ملك تضمينه الجميع في قول أشهب وسحنون وقال أشهب: وإذا وهب الغاصب الطعام أو الثوب لمن استهلكه فلربه أن يتبع من شاء منهما اللابس في الثوب يوم لبسه والغاصب يوم غصبه، وبه قال سحنون واحتج بالبيع أن لمستحق الطعام طلب الغاصب به أو طلب المشتري الذي أكل إذا لم يجز البيع، وكذلك في كتاب ابن المواز واحتج بالبيع، وقاله مالك، وقال ابن القاسم: يرجع أولا على الغاصب فإن لم يكن عنده فعلى الموهوب.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا أسكنك الغاصب أو وهبك فسكنت أو اغتللت، فقال أشهب: لك الغلة كالمشتري إذا لم يعلم بالغصب ولا كراء عليك فيما سكنت ولا على الغاصب وإنما لقائم أخذ داره. وقال ابن القاسم: ليس كالمشتري إذا لم يضمن ثمنا أخرجه، وللقائم أخذ الكراء من الغاصب، فإن عاد أو عدم أخذه من الموهوب.
وهذا قد تقدم في باب قبل هذا.
[10/ 413]

(10/413)


قال أشهب: وإذا هلك الطعام أو الثياب عند الموهوب أو المشتري بأمر من الله لم يكن على واحد منهما شيء إلا أن يهلك ذلك بأكله ولباسه، ويتبع أيهما شاء، فإن أتبع الغاصب أخذه إن شاء بالثمن وإن شاء بقيمة الثوب والمثل في الطعام، فإن أغرمه القيمة وهي أقل من قيمة الثوب يوم لبسها الموهوب، لم يرجع عليه الغاصب ولا المستحق ولا على المشتري بشيء، ولو كان إنما أغرم الموهوب أو المبتاع القيمة فكانت أقل من قيمة الثياب يوم الغصب، أو الثمن الذي أخذ الغاصب من المشتري، لم يرجع المستحق على الغاصب بفضل ذلك، ورجع المشتري على الغاصب بما دفع إليه إلا أن يكون الثمن الذي دفع إليه أكثر مما غرم للمستحق فلا يرجع عليه إلا بمثل ما غرم ويكون فضل ذلك للمستحق، وأما الموهوب: فلا يرجع على الغاصب بشيء مما غرم، وكذلك إن كان الغاصب الغارم فلا يرجع بشيء على الموهوب، قال محمد: وأعرف ذلك أنه إن رجع على المشتري وكان ما لزم الغاصب من القيمة أو الثمن أكثر فليرجع المستحق على الغاصب بالفضل، فأما إن أخذ من الغاصب القيمة أو الثمن فلا يكون له ولا للغاصب الرجوع على المشتري بشيء، ومن وهب جارية فاستحقت فرجع الواهب بالثمن فإنه له أو لورثته وليس للموهوب منه شيء.

باب في الرجل يموت فتنفذ وصيته، ويقسم ماله، ثم تستحق رقبته، أو ينعى فتباع تركته، ثم يقدم حيا.
من المجموعة/ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: فيمن مات فأنفذت وصيته بحج أو غيره ثم استحقت رقبته، فإن كان معروفا بالحرية - ابن المواز -: ويظهر ذلك وينتشر، لم يضمن الوصي ولا متولي الحج شيئا، ويأخذ ما وجد من تركته، وما بيع أخذه بالثمن ورجع بذلك الثمن على البائع، قال ابن المواز: إذا باع الوصي فإنما يرجع المستحق على الوصي بما عنده من الثمن، يريد محمد: إذا أخذ سلعته ودفع الثمن. ومن الكتابين: قال ابن عبدوس من رواية
[10/ 414]

(10/414)


ابن القاسم وابن وهب عن مالك: ومن شهد بموته فبيعت تركته وأعتق رقيقه ونكحت امرأته ثم قدم، فإن شهدوا بزور فله أخذ ماله حيث وجده بلا ثمن، وإن شاء أخذ الثمن ممن قبضه، وله أخذ أمته التي قد أولدها المبتاع ويأخذ منه قيمة الولد، قال ابن المواز: جعله مالك كبيع الغاصب إذا شهدوا بزور أو كانوا غير عدول ويرد ما أحدث فيه عتق أو تدبير أو كتابة، وأما العدول وقد شبه عليهم فلا يرد من ذلك إلا ما لم يفت، وما فات بموت أو بعتق أو ولادة أو تدبير أو كتابة والصغير يكبر وما تغير عن حاله عند مبتاعة ولا يرد، وله الثمن على ما قبضه، وزوجته ترد إليه في الوجهين، وعليها ثلاثة قروء إن وطئت، وما لم يفت من ماله فلا يأخذه إلا بالثمن، ويرجع هو بالثمن على من قبضه. وفي الأول من الوصايا هذه المسألة مستوعبة. غصب 36
قال عبد الملك في المجموعة: وإذا نعي الرجل ثم قدم حيا فإن ما بيع من ماله ماض وقد بيع بشبهة/وطئ بها الفرج واستحل ووقع به الضمان. وأما الزوجة فترد إليه وما أنفدته من عتق مدبرته فأجزه وكذلك أم ولده.
ومن كتاب ابن المواز: من أفتيت رقيقه وداوبه وثيابه بغير إذنه، فأما الثياب إن لبست فله أخذها وأخذ ما نقصها اللباس من المشتري إلا أن يبليها فله قيمتها حالة قال: وأما النخل فلا شيء له فيما مضى من الغلة، وله من الثمرة ما في رؤس الشجرة ما لم تيبس وتستجد ولا يأخذه، وإذا أخذ ما لم يستجد ودي قيمة السقي والعلاج، ويأخذ الحيوان كله ونسله.
[10/ 415]

(10/415)


باب فيمن باع سلعة بثمن، أو أسلفها في شيء، أو وهبها على عوض، أو صالح بها، فاستحقت السلعة، أو ما أخذ فيها، أو وجد بها عيبا، أو استحق ما أخذ، أو دفع من العين وقد أخذ غير ما باع.
من المجموعة: قال ابن القاسم عن مالك: وإذا استحقت السلعة المشتراة بسلعة، أو ردها بعيب، رجع من استحقت من يديه بسلعته، فإن فاتت وتفيتها حوالة الأسواق فاغلي فله قيمتها يوم قبضت، وإن كانت مما يكال أو يوزن فله مثلها في الطعام وغيره. قال أشهب: إلا أن يكون ابتاعها بجزاف ففيه القيمة يوم البيع كالعروض. وقال ابن القاسم: وإذا استحق العين رجعت بمثله، ولو استحق ما ابتعت من مكيل أو موزون انتقض البيع ورجعت بعوضك فأخذته، وإن فات بتغير سوق فأكثر فقمته أو المثل فيما فيه المثل،/فإذا استحقت الفلوس في البيع رجع بمثلها ولا ينتقض بيع ولا سلم، وقاله كله أشهب، وقال: والحلي المكسور والذي ليس فيه جوهر هو كالعين في الرجوع بمثله، ولا ينتقض السلم والحلي بمنزلة العروض، قال سحنون: ومن لا يجيز القراض بالتبر يري أنها إذا استحقت انتقض السلم.
قال ابن القاسم: وإذا قبضت طعاما أو حيوانا أو عرضا واستحق رجعت بمثله ولم ينتقض السلم، لأن ذلك شيء في ذمته لن تبرأ منه بما استحق من يدك، وقاله أشهب.
قال ابن القاسم عن مالك: ومن باع سلعة بدنانير فأخذ فيها دراهم فاستحقت السلعة فليرجع بالدراهم، ولو أخذ عرضا لرجع بالدنانير، ولو شاء المستحق أن يجيز البيع ويأخذ الدنانير من المشتري لأنها لم تقبض منه فذلك له،
[10/ 416]

(10/416)


فيرجع المشتري على البائع بالدنانير، لأنه صرف ينتقض وليس للمستحق أن يضمن للبائع الدنانير لو كان وهبها للمشتري، قال ابن حبيب في أخذه الدنانير عرضا فاستحقت السلعة فليرجع بالدنانير. قال ابن حبيب: إلا أن يتجاوز في العرض فلا يؤدي إلا قيمته يوم قبضه إن فات، ولو استحق العرض المأخوذ في الدنانير رجع بالدنانير بكل حال تجاوز فيه أو لم يتجاوز، قاله مالك وأصحابه.
ومن المجموعة: قال ابن القاسم في الذي أخذ بالدنانير عرضا فوجد به عيبا أو استحق فليرجع بالدنانير، إذ ليس هذا العرض ثمنا للسلعة الأخرى، وبلغني عن سحنون أنه قال: من باع سلعة بمائة دينار ثم أخذ ألف درهم فاستحقت/الدراهم: أنه يرجع بالمائة دينار التي باع بها السلعة، فكأنه رآه صرفا لا يرجع فيه بمثل الدراهم، لأن مالكا قال: إذا استحقت السلعة رجع المشتري بالدراهم على البائع لأنه لو رجع بالدنانير صار صرفا مستأخرا، وكذلك قال أشهب: لو صرف دينارا دراهم ثم أخذ بالدراهم سلعة فوجد بالسلعة عيبا فردها أنه يرجع بديناره ولو رجع بالدراهم صار صرفا مؤخرا، وبلغني عن سحنون أنه قال فيمن باع عبدا بثوب ثم أخذ في الثوب دراهم ثم استحق العبد: أنه يرجع بالدراهم التي دفع.
قال ابن القاسم: ولو أن لك ألف درهم على رجل فصالحته على حطيطة خمس مائة درهم على أن أعطاك بهما عبده ميمونا فذلك جائز، فإن استحق رجعت بالألف كلها، لأن العبد وقع في الصلح في عقد واحد.
قال ابن القاسم: ومن وهبته هبة فعوضك عوضا فاستحق العوض فلك الرجوع بهبتك إلا أن يعوضك مثل قيمتها فلا حجة لك وإن كان العوض الأول مثل قيمتها، قال أشهب: إن أثابك ذلك بعد ما لزمتك هبتك بقيمتها، أو إنما باعك ذلك بيعا بالقيمة فإنما لك عليه إذا استحق ذلك بيدك قيمة هبتك، وإن كان إنما أثابك ذلك مثل أن يلزمك قيمة الهبة فذلك بيع للعروض بسلعتك،
[10/ 417]

(10/417)


فإنما لك عليه قيمة ما أخذ منك بسلعته المستحقة كمن باع سلعة، ولو أثابك دنانير قبل أن تلزمه السلعة بقيمتها فاستحقت الدنانير فإنك ترجع بمثل تلك الدنانير، ولو أثابك بعد أن لزمته هبتك بالقيمة، فإنما توجه عليه/بقيمة سلعتك وما كان زادك أولا منه ليس لك الرجوع بها، وكمن تزوج بتفويض فدفع إليها دنانير أو عروضا في صداقها فاستحق من يدها، فإن كان ابتنى بها قبل ذلك فلترجع عليه بصداق المثل يوم عقد النكاح، وإن دفع إليها ذلك قبل البناء رجعت عليه بجميع ما اعترف في يديها الذي كان أصدقها، ولو أتى بك من هبتك دنانير أقل من قيمتها فقبلتها ثم استحقت الدنانير فلترجع بمثل الدنانير لا بهبتك ولا بقيمتها في قولها، ولو أثابك عرضا فأنت على هبتك ما لم يثبك مثل قيمتها أو تفوت فلك عليه قيمتها يوم الهبة.
قال ابن القاسم وأشهب: ولو بعت منه سلعة بثمن على أن تهبه أنت مع السلعة، فإن كانت الهبة شيئا معلوما فذلك جائز، فإن استحقت السلعة وقد فاتت الهبة فليفض على السلعة والهبة وترجع بحصة السلعة من الثمن، وفي كتاب الصلح مسألة من صالح من دعواه على شيء فاستحق ذلك، أو استحق ما فيه الدعوى.
باب فيمن نكح أو خالع أو صالح من دم عمد على عرض، أو قاطع به مكاتبا ثم استحق العرض، وفي الصلح على إقرار وإنكار يقع فيه الاستحقاق.
من المجموعة: قال ابن القاسم في الرجل يصالح من دم عمد على عبد، أو يتزوج به أو يخالع به امرأته ثم يستحق العبد فإنما يرجع في هذه الثلاثة أوجه من أخذ العبد بقيمة العبد، لأنه لا ثمن لذلك يعلم إلا ما أخذه فيه، وقاله مالك في النكاح، ولو/تزوجت بشقص فالشفعة فيه بقيمته لا بصداق المثل، ولو تزوجت بعبد فاستحقه حرا رجعت بقيمته، وقال أشهب: لا بصداق المثل بخلاف
[10/ 418]

(10/418)


البيوع وليس صداق المثل لها في كل زوج سواء، ولو حدث عندها به عيب ثم استحق بحرية فلا شيء لها للعيب، وترجع بقيمة العبد صحيحا يوم النكاح، وقال المغيرة: إذا استحق بملك رجعت بقيمته لأن ربه لو تركه للزوج لم يكن لها غيره، وإن استحق بحرية رجعت بصداق المثل وكأنه لم يمهرها شيئا ولو مات في يديها ثم استحق، فإن استحق بملك فلا شيء لها ترجع به على الزوج، وإن استحق بحرية رجعت بصداق المثل لأنه لم يعطها شيئا، يريد: ملكه بحياته وموته سواء. قال: ولو باع عبدا بعبد فاستحق أحدهما فإنما ينظر إلى قيمة الذي لم يستحق فيرجع بقيمته، يريد إذا فات الرقيق.
قال عبد الملك: وإذا تزوجها بشيء يكال أو يوزن بعينه فاستحق فلترجع بمثله ولو كان مما فيه القيمة رجعت بقيمته.
قال ابن القاسم وأشهب عن مالك فيمن قاطع مكاتبه على عرض فاستحق العرض، قال عنه ابن القاسم: أو وجد به عيبا فإنما يرجع بقيمة العرض لأنه ليس بدين قاطع عليه وهو كالنكاح، به قال عنه أشهب: إلا أن يكون المكاتب تعمد ذلك فاستعار عبدا فتعدى فيه فليرده إلى ربه العبد إلى كتابته ونجومه.
قال ابن القاسم: وإن كاتبه على عبد موصوف أو طعام موصوف فوداه ثم استحق ذلك فأحب إلي أن لا يرد في الرق، ويرجع عليه/بمثله، ولو عتق عبده على شيء من ذلك أو باعه به نفسه ثم استحق أو وجد به عيبا فلا يرجع عليه بشيء، وهو كالانتزاع، ولو باعه نفسه بما لم يكن لعبد يومئذ فهذا يرجع بقيمة ذلك كالمكاتب.
قال ابن القاسم: من ادعى شيئا بيد رجل فاصطلحا على الإقرار فاستحق ما في المدعي فليرجع فيما أقر له به الآخر، فإن فات ذلك بزيادة أو نقصان أو حوالة سوق رجع عليه بقيمته، ولو اصطلحا على إنكار فاستحق ما بيد المدعي
[10/ 419]

(10/419)


عليه فليرجع على صاحبه بما أعطاه، فإن فات بحوالة سوق أو بدن رجع بقيمته، وقال أشهب: ومن ادعى عليك شيئا في يديك فصالحته على شيء أعطيته على إقرار منه أو إنكار، ثم استحق ما في يدك بالبينة والحكم، فلترجع أنت على الأول بما كنت أعطيته في الذي قضي به الثاني، لأن الثاني أقام بينة فلا تبالي كان الصلح من الأول بإقرار أو بإنكار أو تقوم بينة أولى من بينة الثاني.
ولو اشتريت من رجل سلعة وأنت تعلم أنها لو فأقام رجل البينة أنها له فحكم له بها وأنت تعلم بكذب البينة، فلك الرجوع بالثمن على بائعك، لأن الظلم وقع عليه دونك، لأن البينة تقول: إنه باع ما ليس له. وقال ابن القاسم: والصلح على الإنكار، ثم استحقت السلعة فإن كان ذلك بحضرة الصلح رجع من استحقت من يده السلعة على الآخر بما دفع إليه، وإن كان قد تطاول ذلك في مثل ما تهلك فيه البينات فإن من استحقت السلعة من يديه لا يرجع على صاحبه بشيء، لأنه يقول: قد كانت/لي بينة عادلة فمنعني بما أعطي القيام بها، فلما هلكت وأخذ ما في يديك بالجور يريد: أن ترجع علي فليس له ذلك.
وفي كتاب الشرح لابن سحنون عن أبيه: وإن استحق ما بيد المدعي [الصلح على الإنكار رجع بمثل ما أخذ في الصلح أو قيمته إن كان مما لا يقضى بمثله، وإن استحق ما بيد المدعي] عليه لم يرجع على المدعي شيئا لأنه إنما دفع عن نفسه خصومته بما أعطاه لا بشيء وجب له، وقد قيل يرجع عليه بما دفع إليه بمثله أو بقيمته إن كان مما يقوم، قال: والأول أبين.
[10/ 420]

(10/420)


فيمن اشترى سلعا كثيرة، فيستحق بعضها، أو يوجد به عيب، أو كانتا سلعتين فكان ذلك في أحدهما، والسلعة الواحدة يستحق بعضها أو يستحق نصيب أحد الشريكين فيها.
قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك فيمن باع سلعتين أو سلعا بثمن، وسمى لكل سلعة تسمية من ذلك ثم استحقت واحدة منها، أو وجد به عيب فلا ينظر إلى ما سمى لها من الثمن لأنه لا يبيع هذه بكذا إلى على أن الأخرى بكذا فبعضها يحمل بعضا ولكن يقسم جميع الثمن، على قيمة السلع يوم الصفقة فيرجع بحصتها كان أقل مما سمى لها من الثمن أو أكثر. وقاله أشهب وعبد الملك، قال ابن القاسم: وكذلك لو كانت صبرة شعير وصبة قمح بكذا وسمى لكل صبرة تسمية فاستحق أحدهما قال مالك: ولو واجر عبده عامين العام الأول بعشرة/والثاني بخمسة، فإن كان ذلك شيئا واحدا فلا بأس به ويقع لكل شهر سبعة ونصف فإن أراد أن يجعل للعام الأول عشرة مرتبة على أنه أصيب العبد يريد: بعد سنة لم يرد إلا خمسة فلا خير فيه.
قال ابن القاسم: ومن اشترى سلعا من دواب أو رقيق وثياب في صفقة فأصاب بالعبد عيبا وقيمته خمسون، وقيمة كل سلعة سواه نحو الثلاثين، فليس العبد بوجه الصفقة الذي ينتقص برده البيع إن شاء، ولو كان قيمته سبعون أو ثمانون وجميع الثمن مائة وجه الصفقة فله رد الجميع أو يحبس الجميع.
قال ابن المواز: إذا كان قيمته أكثر من نصف الثمن فهو وجه الصفقة، ولو اشترى مائة إردب فاستحق فيها خمسون فأنت مخير في رد ما بقي أو حبسه بنصف الثمن، ولو أصيب بخمسين عيبا أو بالثلث فليس لك إلا أن ترد الجميع أو تحبس الجميع، وليس له حبس الجيد بحصته. قال سحنون في غير المجموعة:
[10/ 421]

(10/421)


إلا أن يرضى به البائع فيجوز لأنه مكيلا يعلم ما يصيبه من الثمن بخلاف السلع.
قال مالك: وإذا اشترى صبرة كيلا أو جزافا فوجد أسلفها مخالفا لأولها فإن كان هو شأن الصبر ولم يكن بالمستنكر فلا كلام له، وأما إن كان كثيرا فليس له حبس الجيد بحصته وليأخذ الجميع أو يرده ولا يأخذ الجيد بحصته إلى برضي صاحبه وليس ذلك لواحد منهما حتى يجتمعا جميعا، قال أشهب: هذا صحيح لأنه يقول: أبيع بعضه ببعض، وأما ما روى بعض أصحابنا أنه في الطعام يستحق نصفه أو له رد باقية وهو لا يقول ذلك في الرقيق وهي أولى بالرد والضرر عليه فيها أكثر، وقد يتعمد في الرقيق شراء ما استحق بعينه، ولا يغفل هذا في الطعام حتى يستحق أكثر ذلك وما يرجي فيه الفضل، وأخذ سحنون بقول ابن القاسم لأنه قد يرغب في الجملة، وقد عرف في الناس أن الجملة يرغب فيها ويزاد في ثمنها، وذكر مسألة العبدين والشاتين والفرس، وذكر ما يوجد به عيب وما يستحق، أو يوجد غير ذكر، وماله أن يمسك بباقيه وما ليس له مما يشترى على كيل أو وزن، وكله في المدونة.
قال ابن القاسم في الدارين تشترى في صفقة يستحق بعض أحدهما وهو يسير منها، فليرجع بحصة ذلك من الثمن، وليس له رد شيء من الصفقة كانت تلك الدار وجها أو لم تكن، وإن كان ما استحق من الدار أكثرها وليس بوجه الصفقة رد تلك الدار كلها بحصتها من الثمن، وإن كانت وجه الصفقة رد الدارين إن شاء أو حبسها ولا شيء له قال سحنون في كتاب آخر: إذا كان المستحق أكثرها ليس بوجه الصفقة لم يرد إلا ما استحق منها فقط.
[10/ 422]

(10/422)


قال أشهب: فإن اشتريت عبدا بثوبين فهلك أحد الثوبين ووجد بالآخر عيبا، فإن كان المعيب من الثوبين النصف أو الثلث أو أقل أو أكثر رده ورجع بحصته ذلك في قيمة عبده، وفي غير هذا الكتاب عن أشهب: يرجع في العبد نفسه يكون فيه شريكا بذلك، وقال ابن القاسم/: إن كان المعيب وجه الصفقة رد قيمة الهالك وأخذ عبده، وإن كان ثلث الصفقة أو ربعها رده ورجع بحصة ذلك في قيمة العبد، وإن لم تفت قال في كتاب ابن المواز. فإذا فات والثوب المعيب وجه الصفقة رجع بحصته من الثمن في قيمة العبد [وإنما يرد قيمة التألف إذا كان عبده قائما له أخذه، وهذا كله مستوعب في كتاب العيوب] وقال أشهب في مثل هذا في القسم: إذا استحق نصف أحدهما فإنما يرجع بنصف ما استحق في نصيب صاحبه يشاركه فيه فإن كان ما استحق أقله أو أكثرة أو ما فيه ضرر أو ما لا ضرر فيه، ولا ينقض القسم على أي حال كان من ذلك وأعاب قول من قال: ينتقض القسم لأن الذي بقي بيد المستحق قد فات بالبناء فلا يقدر على رده فكيف ينتقض القسم وهو لم يرد عليه شيئا مما أخذ منه؟ قال ابن القاسم: ولو وجد عيبا بالعبد الذي اشتراه بالثوبين فرده وقد هلك أحدهما، فإن كان الباقي وجهها أخذه وقيمة التالف، وإن كان أدناهما أخذ قيمتهما جميعا، وقال أشهب: بل يأخذ الباقي وقيمة التالف كان أرفعهما أو أدناهما إلا أن يتغير الباقي في سوق أو بدن فيأخذ قيمتهما.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم: ومن ابتاع دابة بثوبين قيمتهما سواء، فاستحق أحدهما والدابة قائمة لم تفت بشيء فإنه يرجع بنصف قيمة الدابة ولا يرجع فيها فاتت أو لم تفت.
قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن اشترى عبدا بعينه/وعبدا في ذمة وصفه في صفقة بمائة دينار فاستحق المعين فإنه ينظر ما أصابه من المائة على قدر صفة
[10/ 423]

(10/423)


الآخر وبعد أجله وقربه، فما أصاب المستحق رجع بحصته من المائة إلا أن يكون المستحق وجهه الصفقة فينتقض البيع كله قاله اصبغ.
قال ابن القاسم في المدونة فيمن أسلم ثوبين في فرس فاستحق أحدهما فإن كان وجهها انتقض السلم ورد الباقي، وإن كان أقلهما ثمنا غرم القيمة وتم السلم، وروى عنه ابن المواز: أن يرجع بحصته من قيمة الفرس في صفقته إلى أجله.
قال ابن القاسم عن مالك في العبد يستحق منه جزء وإن قل فللمشتري رده أو التمسك بما بقي منه، وكذلك الأمة لضرر الشركة في ذلك، قال ابن المواز: وأما رقيق يستحق جزء منهم شائع فإن انقسموا على ذلك الجزء لم تنقض الصفقة باستحقاق القليل منهم، وإن لم ينقسموا على ذلك الجزء فله رد الجميع.
ومن المجموعة: قال مالك: وأما الدار يستحق منها البيت أو نخلات من حائط مخير في التمسك بما بقي بحصته أو رد الجميع، قال سحنون: ذا فيما استحق على الأجزاء فأما على شيء بعينه فقد بيناه قبل هذا. قال: واستحقاق بيت من دار قد يكون ضررا في بعض الدور وليس بضرر في أخرى مثل الدار العظمي ذات المقاصر والحجر كالفنادق فلا ضرر في هذه، ورب دار جامعة صاحبها كثير العيال يضربها من/يسكن معه، فهذا فيه ضرر وإنما يعرف هذا عند نزوله.
ويعتبر الكراء كذلك مثل البيوع فيما يستحق فيه، قال غيره: لا يشبه الكراء البيوع وإن كان ما استحق منه النصف أو الجل فليس للمستكري أن يتماسك بما بقي لأنه مجهول.
قال ابن القاسم: ومن اشترى عبدا فباع نصفه ثم استحق رجل ربعه فقد وقع الاستحقاق على النصف الذي باع والذي أبقى، ويرجع المبتاع بحصة ما استحق من يده من الثمن إن تماسك بباقية وإلا فله رد جميعه.
[10/ 424]

(10/424)


قال أشهب في العبد فيستحق بعضه فلك رد باقيه وليس لك حبس بعض ما لم يستحق منه ورد بعضه، وأما الذي باع نصفه ثم استحق ربع جميع العبد فباع نصفه ثم استحق ربع البعد، فليس لمشتري النصف على بائعه رد وله جزءه الذي باع منه بحاله، وليس له حبس بعض ذلك النصف ورده نصفه، ولو شاء أن يرد عليه جميع الثلاثة أرباع الباقية فذلك له، وإن لم يرد الثلاثة الأرباع فليس ذلك له وليرجع بربع الثمن لما استحق ربع العبد، وكذلك لو استحق نصفه وثلثه فشاء الرجوع بحصة ذلك من الثمن وليس للمستحق أن يأخذ من النصف المشتري من العبد شيء كعبد بين رجلين باع أحدهما نصفه فليس للآخر أن يدخل معه فيما باع بأن يقول: بعت نصف عبد والعبد بيني وبينك. فيعلم نصف الثمن، وليس هذا مثل طعام بينهما فباع أحدهما نصف الطعام وكاله لصاحبه، لأن الطعام كان القسم فيه ممكنا قبل البيع/والعبد لا قسمة فيه فكان كل واحد في بيع نصيبه منه كالمقسوم الثمن، وكذلك إذا باع ربعه ولا يعلم لأحد فيه شيء، فإن وقع البيع على ما يملك لا على ما ملك عليه وأعجب هذا القول سحنون، وقال به.
قال ابن القاسم: ومن اشترى أمة فأولدها ثم استحق نصفها بحرية فليس له أن يرد النصف المملوك وهو عليه بنصف الثمن، إلا أن يكون نصف الثمن أكثر من نصف قيمتها، على أن نصفها حر فلا يزاد على نصف القيمة، ويعتق النصف على المشتري لأنها حرمت عليه.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم: وإذا استحق عبد رقيق أو عبدين بأعيانهما وذلك يشري جملة الرقيق فهو كما ذكرنا. قال أبو محمد: يريد: يلزمه ما بقي، قال: وسواء إذا كان ذلك يسيرا استحق عبيدا بأعيانهم أو جزءا شائعا في جميع الرقيق إذا كان ينقسم بينهما فالبيع يلزمه ويقال له: قاسم شريكك وإذا كان هذا مما لا ينقسم رد الجميع كان المستحق يسيرا أو كثيرا في الرقيق والحيوان، قيل: فإن كان ذلك فيما لا ينقسم من غير الحيوان من الشجر
[10/ 425]

(10/425)


والثوب؟ قال: هو مثله وهو تفسير قول مالك، وإذا استحق من الدار عشرها شائعا: قال مالك: ينظر الإمام فربما كان العشر منها لا يضر، وربما كان يضر فينظر فيه باجتهاده، فإن كان ضررا رده فإن لم يضر رجع بمقدار ذلك من الثمن.

جامع في الاستحقاق
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الرجل أو المرأة في/حال الصغر أو حال الكبر يقران بالمملكة فيباعان فتوطأ المرأة فتلد وقد مات بائعها أو فلس، وسقط من الأم كلام معناه: وقد استحقا بحرية على من يرجع بالثمن؟ قال ابن القاسم: أرى ذلك يكون دينا على الكبيرين ولا شيء على الصغيرين يريد: لعدم البائع وأن هذين سبب لتلاف المال حين أقرا بالمملكة وهما حران.
ومن المجموعة: قال أشهب عن مالك فيمن له جارية فأتاه قوم فذكروا أنهم يعلمون أنها لفلان وأنها سرقت له. ثم كفوا عنه، ثم لقيهم وطلب منهم المضي إلى السلطان فأبوا وذهبوا إلى بلدهم فقال: هل أبيعها؟ فقال له مالك: فرطت حتى ذهب القوم اشتهر هذا، ولو بعتها ثم سمع أن قيل هذا فيها لردت عليك فلا أدري ما هذا؟ وأنا لا آمرك أن تبيعها. وعمن سرقت دابته فوجدها في الصحراء أيأخذها بغير إذن الإمام؟ قال: نعم.
ومن العتبية من سماع سحنون عن ابن القاسم: قال ابن القاسم في ثلاثة إخوة اقتسموا ثلاثة أعبد بميراث فأخذ كل واحد عبدا فمات عبد أحدهم واستحق عبد الآخر، فأما الذي مات عبده فلا يرجع بشيء ولا يرجع عليه بشيء، وأما الذي استحق عبده: فليرجع على الذي بقي عبده بيده فيكون له منه ثلثه، فإن رجع في المستحق بثمن كان ثلثا الثمن للذي استحق العبد من يده، وثلثه للذي عبده في يديه ورجع فيه أخوه بثلثه، وقد كتبت هذا المسألة لابن القاسم وهي لمالك وبالله التوفيق/.
[10/ 426]

(10/426)


فيمن استحق من يده شيء وهو مقر أن بائعه باعه ما نتج عنده أو خطة جده هل يرجع عليه بشي؟ ووجه الشهادة في الاستحقاق
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم: وعمن استحق من يده عبد فزعم أنه ببلاده عند بائعه، أو كان ثوبا فشهد المبتاع أنه مما نسج عند بائعه، أو كانت دارا فقال: هي من خطة جد البائع هل يرجع عليه بالثمن؟ وهو يقول: كيف يرجع علي الثمن وأنت تعلم أنه محق فإن المستحق ظالم أخذ ذلك منك بظلم؟ قال: ليس له أن يرجع عليه في هذا كله، وكذلك عنه في المجموعة قال فيها أشهب: له أن يرجع علي بائعه بالثمن، لأن الظلم ليس هو علي المشتري وإنما هو علي البائع لأن البينة تزعم أنه باع ما ليس له.
ومن العتبية: قال مالك في سماع القاسم في الشهود يشهدون بالسرقة تسرق من رجل فإنما يشهدون أنها لفلان ما علموه باع ولا وهب على علمهم. قال ابن القاسم: ولا يقطع السارق بهذا حتى يشهدوا أنهم رأوه يسرق.
ومن المجموعة: قال أشهب: وإن اشتريت من رجل سلعة وأنت تعلم أنها له فأقام رجل البينة أنها له فقضي له بها وأنت تعلم بكذب البينة، فلك الرجوع بالثمن على بائعك، لأن الظلم وقد وقع عليه دونك، لأن البينة تقول: إنه باع ما ليس له. .
تم كتاب الاستحقاق والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وأصحابه وأزواجه وسلم
[10/ 427]

(10/427)


صفحة بيضاء

(10/428)