النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه

كتاب العارية
في ضمان العارية وفيمن شرط دفع ضمانها
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في العارية تهلك عند المستعير وهي مما يغاب عليه فليضمنها ويصدق في صفتها مع يمينه، فإن نكل وصفها المعير وحلف إن لم تكن له بينة.
ومن استعار ثوبا أو فأسا أو غيره مما يغاب عليه فيأتي به مكسورا يقول: بأن ذلك فيما استعرته له أنه ضامن ولا يصدق، وقاله ابن وهب، وقال عيسى: لا يضمن إذا ذكر ما يشبه ويرى أن مصيبته في ذلك العمل وذلك لا يخفي.
وقال أشهب في كتابه في السيف يستعيره ليقاتل به فيأتي به مكسورا يقوله: نابه ذلك فيما استعرته فهو ضامن.
وقال ابن القاسم في العتبية في السيف العارية ينكسر في القتال: إن ريى معه في القتال لم يضمن، قال سحنون: ولعله صوب به صوتا أخرق به، وذكر
[10/ 457]

(10/457)


ابن حبيب عن مطرف وأصبغ مثل قول عيسى وتفسيره في الفأس والسيف والصحفة وما يغاب عليه: لا يضمن إذا جاء بما يشبه، وأن ابن القاسم يضمنه، وبقول مطرف أقول.
قال ابن المواز: ومن استعار دابة بسرجها أو لجامها فقال: ضاعت وما عليها فلا يضمن الدابة ويضمن السرج واللجام.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن استعار ثوبا يلبسه/أو أكراه مرتفقا أو ذنبا فأمسك مصباحا فيسقط عليه فيفسده فهو ضامن، فإن كان يسيرا أصلحه وإن كان كثيرا ضمن قيمة الثوب، ولو سقط منه على ثوب رجل إلى جنبه لضمنه أيضًا.
وقال ابن حبيب فيمن استعار بازا للصيد فزعم أنه مات أو سرق أو طار فلم يرجع في حين اصطياده أو في غير حينه فهو مصدق ولا يضمن لأنه حيوان، وقاله أصبغ.
وقال مطرف فيمن استعار دابة أو أكراها على أنه ضامن لها فالشرط ساقط ولا يضمن إلا أن يكون ربها يخاف عليها من أمر يظهر مثل طريق مخوفة من لصوص أو غيرها فيضمن في مثل هذا بالشرط إن هلكت فيما خاف فيها، وإن هلكت في غير ذلك لم يضمن، فإن كان لغير سبب لم يلزمه الشرط. وقال أصبغ: لا ضمان عليه بكل حال، وقال ابن حبيب بقول مطرف.
ومن العتبية: روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن اشترط في عارية الحيوان الضمان: أن الشرط ساقط، وقاله أصبغ، وقال: لأنه شرط فيه خلاف سنتها.
وروى عنه عيسى في رجل باع كساءه أو رداءه بدينار وانتقد الدينار فقال البائع للمشتري: أبلغ به البيت آخذ على نفسي ثوبا ثم آتيك بكسائك واختلس منه الكساء: أن مصيبته من المشتري وليس من البائع إذا قامت البينة على ذلك.
[10/ 458]

(10/458)


باب التعدي في العارية وكيف إن باعها ثم اشترها أو ردها إليه مع رسول فهلكت؟
من العتبية/من سماع ابن القاسم: ومن استعار ثوبا ليلبسه يومين أو ثلاثة فلبسه أكثر من ذلك فعليه ما نقص من قيمته يوم التعدي، يريد: وإن شاء كراء ما لبسه. قال سحنون: أخبرني علي بن زياد عن مالك فيمن استعار دابة يركبها إلى بلد فركبها إلى بلد غيره فعطبت، فإن كان مثله في السهولة والحزونة لم يضمن.
وقال أشهب في كتبه: ومن استعار دابة ليركبها إلى موضع فركبها وأردف خلفه رديفا فعطبت فالمستعير ضامن، وإن سلمت الدابة ولم ينقصها ما فعل فكراء الرديف على المستعير وإن كان مفلسا، ولا يلزم الرديف من كراء ركوبه شيء، وإن كان المستعير عديما وقد أخطأ من ألزمه الكراء في عدم المستعير، ولو كان الرديف عبدا للمستعير أو غيره لم يكن شيء من ذلك في رقبته ولا في ذمته هلكت الدابة أو سلمت لأنه ركب بوجه يجوز له ولم يتعد ولا ضمان في شيء من الحيوان إلا على متعد.
ومن كتاب الإقرار لابن سحنون: قال ابن القاسم وأشهب فيمن استعار دابة إلى موضع معلوم فلما بلغه تعدى بها إلى مثل ميل ونحوه ثم ردها إلى الموضع الذي استعارها إليه ثم رجع. يريد: ردها إلى ربها فعطبت في الطريق أنه يضمن الدابة بتعديه.
ومن العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم فيمن استعار حمارا ليحج عليه فباعه في سيره بعشرة دنانير ثم اشتراه حين رجع بخمسة أن ربه مخير إن شاء أخذ منه/حماره وخمسة دنانير وإلا تركه وأخذ منه العشرة التي باعه بها. وروى عنه سحنون مثله، قال: ويلغني عن مالك وذكر ابن المواز مثله إلا أنه قال: هذا إذا اشتراه لربه، فأما إن اشتراه لنفسه أو لمن آجره: فالخمسة له، وليس لرب الحمار
[10/ 459]

(10/459)


إلا الرضا بالبيع الأول ويأخذ عشرته أو يأخذ حماره فقط، وقد تقدم هذا في الوديعة.
قال ابن حبيب عن مطرف: ومن استعار دابة من رجل ثم ردها إليه مع عبده أو أجيره أو جار فتعطب أو تصاب فلا يضمن، لأن شأن الناس على هذا أن يردوا ذلك السحب الدنيء من عبد وأجير وشبهه، وإن لم يعرف ضياعها إلا منزله أو إلى الرجاء فيرسلها مع عبده أو أجيره أو جاره فلا يضمن عطبت أو انفلتت إلا أن يكون ذلك من سبب فعل الرسول فيضمن وهو مصدق أنها انفلتت أو سرقت كان مأمونا أو غير مأمون، وكذلك من ابتاع عبدا أو دابة بخيار فردها مع رسوله مثل ما ذكرنا وأكثر ما فيه يمين الرسول.

باب في العبد يستعير لسيده العارية فتهلك بيده، والسيد منكر لإرساله، وكيف إن أخذها من العبد حين أتى بها؟
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم في الأمة أو الحرة تأتي قوما تستعير منهم حليا لأهلها وتقول: هم بعثوني فيتلف ذلك فإن صدقهم أهلها/فهم ضامنون ويبرأ الرسول، وإن جحدوا حلفوا ويبرءون وحلف الرسول: لقد بعثوه ويبرأ، لأن هؤلاء قد صدقوه أنه مرسل، وإن أقر الرسول بأنه تعدى وهو حر ضمن، وإن كان عبدا كان في ذمته إن عتق يوما ما ولا يلزم رقبته، ولو قال الرسول: أوصلت ذلك إلى من أرسلني لم يكن عليهم ولا عليه غير اليمن، وكذلك من بعث رجلا يستعير له ثم أنكر، وقال سحنون عن أشهب: إذا قال العبد: سيدي أرسلني وأوصلت إليه العارية أو تلفت والسيد منكر قال: ذلك
[10/ 460]

(10/460)


في رقبته كالجناية ولو كان حرا كان في ذمته، وقال ابن القاسم: إن أقر السيد غرم وإن أنكر فذلك في رقبته لأنه خدم القوم.
ومن سماع ابن القاسم في أمة جاءت إلى جارتها بقلادة استعارتها لها فأنكرت وقبلتها منها لتردها على أهلها فتلفت فهي ضامنة لقبولها لها، والقول في صفتها، يريد: ووزنها قول الضامنة.

باب في اختلاف المعير والمستعير، وشهادة الرسول في ذلك، والدعوى في رد العارية
من سماع ابن القاسم: وقال فيمن استعار دابة إلى بلد ادعاه، وقال المعير: إنما أعرتك إلى غيره، فإن أشبه ما قال المستعير صدق مع يمينه، قال ابن القاسم: وذلك إذا ركب ورجع، وإن لم يركب بعد فالمعير مصدق مع يمينه، وكمن أسكنته دارا أو اخدمته عبدا، فبعد سنة قال: هو مدة سنة، وقلت أنت: ستة أشهر فهو مصدق عليك مع يمينه إلا أن يدعي/ما لا يشبه ولو لم يقبض المسكن ولا العبد فأنت مصدق مع يمينك.
وروى عيسى عن ابن القاسم في التي استعارت حجلة من امرأة فغابت عليها سنين ثم ماتت، فقامت المعيرة على ورثتها فأنكروا وشهد بالعارية امرأتان وقد غابت الحجلة، قال: تحلف المعيرة معهما أنها أعارتها إياها وأنها ما رجعت إليها ولا خرجت من ملكها ببيع ولا هبة وتستحق ذلك في تركة المستعيرة.
قال ابن حبيب: سمعت من أرضى يقول فين استعار من رجل دابة فمضى لها عنده يومان ونفقت في اليوم الثالث، فقال المعير: إنما أعرتك يوما وقال المستعير: بل يومين: أن كل واحد منهما مدع على صاحبه، فالمعير يدعي
[10/ 461]

(10/461)


تضمين المستعير، والمستعير يدعي سقوط الكراء عنه، فأرى أن يحلفا جميعا، ويلزم المستعير كراء اليوم الثاني ولا يلزمه الضمان إذا حلف.
وقال أشهب في كتبه فيمن استعار دابة فركبها إلى برقة، وقال المعير: إنما أعرته إلى فلسطين، فالقول قول المستعير في إسقاط الضمان مع يمينه، وينظر إلى مسافة الموضعين فإن كانت مختلفة كان للمعير فضل ما بين كراء برقة على كراء فلسطين مع يمينه، قال: ومن بعث وسولا إلى رجل يعيره دابة إلى برقة فأعاره فركبها المستعير إلى برقة فعطبت فقال المعير: إنما أعرته إلى فلسطين، وقال المستعير: بل إلى برقة، فشهادة الرسول ها هنا لا تجوز للمستعير ولا عليه، لأنه إنما يشهد على فعل نفسه، ويحلف المستعير له/: أنه ما استعارها إلا إلى برقة ويسقط عنه الضمان، ويحلف رب الدابة: ما أعاره إلا إلى فلسطين ويكون له على المستعير فضل ما بين كراء برقة على كراء فلسطين. ولو قال المستعير للرسول: اذهب إلى فلان فاستعر لي دابة أركبها إلى برقة، فقال له الرسول: يسألك فلان أن تعيره دابتك إلى فلسطين فأعاره فركبها المستعير إلى برقة لا يدري فعطبت، فإن قامت للمعير بينة أن الرسول قال له: إلى فلسطين فلا ضمان على المستعير لأنه يقول: إلى برقة استعرتها، وعليه فضل كرائها على ما فسرنا، ولا يمين على رب الدابة لأن البينة قد قامت له بذلك، وأما الرسول فإن قال: ما أمرني المستعير إلا إلى فلسطين حلف ولم يضمن هو وال المستعير. وإن قال الرسول: إنما أمرني إلى برقة فقلت لرب الدابة غير ذلك، ضمن الرسول الدابة إن كانت مسافة برقة أشد من مسافة فلسطين في البعد أو في التعب. ولو كانت مسافة برقة مثل مسافة فلسطين في البعد والخزونة فهلكت تحته لم يضمن.
وقال أشهب: من ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه أعاره إياها، وقال ربها: بل أكريتها منه فالقول قول ربها كان ممن يكري أولا يكري ويحلف الراكب: ما تكاراها منه لأنه مدعى عليه في الكراء ويحلف رب الدابة: أنه أكراه إياها ويكون له كراء مثلها إلا/أن تكون الدابة للرجل الشريف العظيم القدر الذي مثله يأنف عن كراء دابته فيصدق الراكب مع يمينه، وإن نكل عن اليمين
[10/ 462]

(10/462)


حلف رب الدابة وأخذ منه الكراء الذي زعم أنه أكراه، فإن نكر لم يأخذ ما ادعى من الكراء ولكن يأخذ من الراكب كراء مثلها إلى الموضع الذي ركبها إليه، لأنه مدع في عارية ركوبها فكانت عليه البينة واليمين على صاحبه فنكل صاحبه عن اليمين فكانت مردودة عليه وقد نكلا عنها فلزمه غرم ركوبها في التعدي وهو قيمة ذلك.
قال ابن حبيب عن مطرف في المستعير يقول: رددت العارية إلى ربها، أو أرسلتها إليك وقبضتها وأنكر المعير، فأما ما يغاب عليه فعلى المستعير البينة بردها منذ استعارها ببينة أو بغير بينة، وأما الحيوان وشبه فإن أعاره ببينة لم يبرأ المستعير إلا ببينة على الرد وإلا ضمن، وإن لم يكن أشهد فهو مصدق مع يمينه ادعى أنه هو ردها أو رسوله، وقاله أصبغ كله إلا في قوله: رددتها إليك مع رسول فقال: لا يصدق وإن كان حيوانا، وإن لم يكن المعير أشهد حين أعار فلا يبرأ المستعير إلا ببينة، وبقول مطرف أقول لأنه يقبل قول الرسول في انفلات الدابة أو سرقتها وإن لم يكن مأمونا. وكذلك في دعواه ردها.
وقال مطرف: قال مالك: وعلى الصناع البينة في رد المتاع أخذوه ببينة أو بغير بينة لأن عليهم الضمان، وكذلك ما يضمنه من عارية ما يغاب عليه أو رهنه وما كان لا يضمنه فهو مصدق في رده إلا أن/يكون قبضه ببينة مثل الوديعة والقراض وشبهه، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
باب فيمن أعار حمل جذوع، أو عرصة لبناء، أو مرفقا ثم أراد نزعه
من العتبية من سماع أشهب: قال مالك فيمن أذن لجاره في غرز خشب في جداره ثم أراد نزعها فليس له ذلك وهذا من الضرر الذي نهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم
[10/ 463]

(10/463)


إلا أن يكون احتاج إلى جداره مما لم يرد به الضرر، وأما إن أراد البيع فأراد نزعها ليزيده المشتري في الثمن فليس له ذلك، أرأيت إن كان المبتاع عدوا له قبل فإن ذلك على الصحة؟ قال: ليس له ذلك ز
وقال: من أرفق رجلا مرفقا ثم أراد نزعه فإن كان لحاجته إليه فذلك له، أو يريد رفع جداره لأمر أضر، به فأما على وجه الضرر بجاره فلا.
قال ابن القاسم في المدونة فيمن أذنت له في البناء في عرصته أو أن يغرس ففعل ثم شئت إخراجه فإن لم يمض من الأمد ما يبني ذلك لمثله لم يكن ذلك إلا أن يعطيه ما أنفقه، وقال في موضع آخر: قيمة ما أنفقه. قال أبو بكر بن محمد: وروى عنه أصبغ: يعطيه قيمة ما أنفق، وروى عنه الدمياطي: أنه وإن لم يضرب أجلا فليس له إخراجه بحال وإن أعطاه ما أنفقه، ولكن ينظر إلى ما تعاد إلى مثله من الأمد فيكون عند فراغ الأمد كفراغ الأجل المشترط، وذكر أشهب في كتبه: أن المستعير إذا فرغ من بنائه وعرصته فلرب الأرض أن يخرجه فيما قرب أو بعد لأنه/أعاره إلى غير أجل وهو فرط إذ لم يضر أجلا، ويعطيه رب الأرض قيمة ذلك مقلوعا ويأخذه أو يأمره بقلعه، وروى الدمياطي عن أشهب: أن له إخراجه متى شاء إذا كان لحاجته إلى عرصته إلى بيعها سواء تقدم بينهما شر أم لا، وإن كان لغير حاجة ولكن لشر وقع بينهما فليس له ذلك. وقال أصبغ: إذا لم يسكن فليس له أن يخرجه أصلا وإن أعطاه قيمته قائما إلا برضاه وبه أخذ يحيى بن عمر. قال سحنون: ومن أصحابنا من يقول: يعطيه قيمته قائما وهو المغيرة وابن كنانة.
قال ابن حبيب في كتبا الصدقة، وقد روي ابن الماجشون ومطرف عن مالك: إن كل بان أو غارس في أرض قوم بإذنهم أو علمهم فلم يمنعوه فله قيمة ذلك قائما كالباني بشبة.
[10/ 464]

(10/464)


قال ابن القاسم وأشهب: وإن ضرب لعاريته أجلا فليس له إخراجه قبل الأجل، وإن أعطاه قيمة ذلك قائما، وكذلك لو لم يبن ولم يغرس فأراد إخراجه قبل الأجل فليس له ذلك قبل الأجل ولو لم يضرب أجلا كان ذلك له قبل البناء والغرس. قال أشهب في كتبه: وكذلك من قال لرجل: أعرتك دابتي فإن قال: إلى موضع كذا وكذا يوما أو حياتك فليس له أن يرجع في شيء من ذلك إلى الأجل الذي سمى وإن لم يزد على أن قال: قد أعرتك فله أن يرجع متى شاء.

باب فيمن بنى في أرض رجل بإذنه إلى أجل أو لم يذكر أجلا وهو معار أو مكترى، أو بنى بغير إذنهم، والحكم في بنيانه، وكيف إن شرط/أنه إن تم الأجل فله قلع نقضه؟
قال ابن حبيب في كتاب الصدقات: قال مطرف وابن الماجشون: قال مالك: وكل من بنى في أرض قوم أو غرس بإذنهم أو علمهم فلم يمنعوه فله قيمة ذلك قائما كالباني بشبهة، وإن بنى بغير إذنهم ولا علمهم فإنما له قيمة ذلك منقوضا، وكذلك من تكارى أرضا أو منحا إلى أجل أو إلى غير أجل ثم بنى فيها بإذنهم أو بعلمهم ولم يستأذنهم فلم ينهوه ولا منعوه فإن له قيمة بنيانه قائما إن أراد أو إخراجه، وكذلك من بنى في أرض بينة وبين شركائه بإذنهم أو بعلمهم فله قيمة علمه قائما، وكذلك من بنى في أرض امرأته بإذنها أو بعلمها ولم تنكر، وأما كل من بنى في أرض غيره من زوجة أو شريك أو غيره بغير إذن ربها أو علمه فله قيمة عمله منقوضا، قال: قلت لهما: روي لنا عن مالك: أن له قيمة عمله منقوضا بنى بإذن رب الأرض أو بغير إذنه، قال: ما علمنا أن مالكا اختلف قوله في هذا ولا أحد من أصحابه: ابن أبي حازم والمغيرة وابن دينار وغيرهم وبه يقضي قضاة المدينة قديما وحديثا، وقد وهم ناقل هذا عن مالك، قال ابن حبيب: وهو قول ابن كنانة وابن نافع وجميع المدنيين، وقال ابن القاسم بالقول الآخر ورواه عن مالك ولسنا نقول به وبقول لمدنيين نقول، وروي مثله عن ابن مسعود وشريح، وروى ابن وهب ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاله.
[10/ 465]

(10/465)


وقال مطرف وابن الماجشون: وإن غرس العبد أو بنى في أرض سيده/بإذنه أو علمه ثم كاتبه فودي كتابته فأراد إخراجه فله ذلك وعليه قيمة بنائه قائما لأنه لما كاتبه تبعه ماله وقد علم أنه بنى في أرضه فكأنه أذن له وهو مكاتب فهو كإذنه للأجنبي، وكذلك كل من بنى في أرض رجل بإذنه أو بشبهة من الشبه فله قيمته قائما إلا أن يكون متعديا وقاله مالك، قال ابن حبيب: وقال أصبغ بقول ابن القاسم.
قال مطرف وابن الماجشون فيمن أذن لرجل أن يبني في عرصته على أن يسكن إلى أجل يوقته على أنه إذا خرج قلع بنيانه وذهب به وترك عرصته، قالا: فالشرط باطل لأنه من الضرر، وله قيمته قائما إذا تم الأجل. قالا: ولو شرط في أصل البناء: أن له إذا تم الأجل قيمته قائما فإن الشرط يفسده كأنه أكراه الأرض تلك المدة بما يغادر فيها من البناء بقيمته يوم يتركه، وهذا من الغرر والسلف يجر منفعة، فإذا بنى على هذا فله الأقل من قيمة بنيانه قائما يوم فرغ منها أو ما أنفق فيه، ثم يكون لرب العرصة قيمة كرائها مبنية من يوم سكن، وقال أصبغ مثل قولهما إذا شرط له قيمة بنائه قائما، وأجازه إن شرط أن له قيمة بنائه منقوضا.

باب فيمن أعار رجلا على أن يعيره الآخر أو يرفقه مرفقا بعوض
من سماع ابن القاسم: ومن قال: أعني بغلامك أو ثورك في حرثي يوما أو يومين، وأعينك بغلامي أو ثوري يوما أو يومين فلا بأس بذلك/ورآه من الرفق، وكان هو الذي يطلب ذلك.
وقال عيسى بن دينار في جدار بين دارين فمال فسأل الذي هو له ربه أن يدعه يهدمه ويبنيه له على أن يدعه يجعل فيه خشب بيته فيفعل أذلك كالعارية يزيلها إذا احتاج إليها؟ قال: لا بل هو كالشراء ليس له زوال خشب جاره بحال.
[10/ 466]

(10/466)