النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه
كتاب اللقطة والضوال والإباق
باب في اللقطة والعمل فيها وهل يأخذها؟
ومن أخذها ثم ردها؟ وكيف يعرف بها؟
وكيف ما أنفق أو أكل منها؟
قال ابن حبيب: حدثني ابن الماجشون عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن
عمر سأله رجل وجد قلما م ذهب قال: عرفه قال: قد فعلت قال: عرفه قال: قد
فعلت قال: عرفه قال: قد عرفته فلم أجد من يعرفه أفأدفعه إلى الأمير؟ قال:
إذا يأخذه قال: أفأتصدق به؟ قال: تغرم إن جاء صاحبه قال: فما أصنع به؟ قال:
لو شئت لم تأخذه. قال نافع: كان ابن عمر باللقطة فلا يأخذها.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: قال مالك: لا أحب أن يأخذها من وجدها إلا
أن يكون لها قدر، وقاله في موضع آخر أو لذي رحمه، قال عنه ابن القاسم: أما
الشيء الذي له بال: فأرى له أخذه، وفي رواية أشهب: إن كانت دنانير لها بال
أو شيء له بال فأحب إلي أن يأخذه ويعرفه. وليس كالدرهم وما لا بال له، وقال
في الدرهم يجده: أحب إلي أن لا يأخذه، ولو أعلم أنه يجد
[10/ 467]
(10/467)
صاحبه أمرته بأخذه، ولو وجد/من يأمره بذلك
رأيت ذلك. قال عنه ابن القاسم: قال له رجل: وجدت سيفا في المسجد فتركته
قال: لو أخذته فأعطيته بعض نساء المسجد يعرفنه كان أحب إلي، وكذلك الرجل
يجد الشيء فإن كان لا يقوى عليه، فإنه يجد من يقلبه منه ويعرفه إذا كان
الشيء له بال فليأخذه، وأما اليسير فليتركه، قال ابن القاسم: إذا دفعه إلى
مثله في الأمانة والثقة ثم جاء ربه فلا يضمن من وجده.
ومن وجد ثوبا فظنه لقوم يراهم فليأخذه ويسألهم عنه فلا يدعونه. فله رده حين
وجده، قال ابن القاسم: ولو كانت دنانير أو دراهم كان له أخذها، والتعريف
بها أحب إلي.
قال مالك: وإذا وجد مثل المخلاة والدلو والحبل أو شبهه، فإن كان في طريف
وضع ذلك في أقرب الأماكن إليه يعرفه، وإن كان في مدينة فلينتفع به ويعرفه،
وأحب إلي لو تصدق به، فإن جاء ربه وداره.
ومن سماع أشهب: وعمن وجد العصا والسوط أيعرف به؟ قال: لا يأخذه، قيل: فقد
أخذه. قال: يعرف به، فإن لم يعرف فأرجو أن يكون خفيفا، ومن وجد حديدة
فليعرف بها، فإن عرفت وإلا تصدق بها وضمن قيمتها لربها إن جاء قال: وله أن
يتصدق بها بعينها أو يبيعها ويتصدق بثمنها قيل: فإن كانت سكينا تصلح
للسفهاء قال: والعصا قد يقاتل بها، أرأيت لو ورثها ألا يبيعها؟ وإنما يكره
ذلك في موضع يباع للعدو. قيل له لما خرج حين أقمت ذلك ثم كسرته أفيجزئ أن
أتصدق بثمنه؟ قال: نعم. قيل: أتعرف/اللقطة في المساجد؟ قال: ما أحب رفع
الصوت في المسجد، وإنما أمر عمر أن تعرف على باب المسجد، ولو مشى هذا الذي
وجدها إلى الخلق فخبرهم ولا يرفع صوته لم أر بأسا.
[10/ 468]
(10/468)
ومن سماع عيسى: قال ابن القاسم وابن وهب في
الحاج يجد القطعة مثل عشرين دينارا فيعرفها سنة فلم يجد لها طالبا، أو كان
مثل دينار أو عشرة دراهم أو نصف دينار كم يعرف بها؟ قال ابن وهب: بلغنا أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال في اللقطة: يعرفها سنة فإن جاء لها طالب وإلا
أنفقها ثم إن جاء ربها أداها إليه وإن لم يجد أتبعه وكان أسوة غرمائه. وإن
مات ولا شيء له فهو في سعة إن شاء الله لأن النبي عليه السلام أذن في
أكلها، قال: وأما الدنانير والديهمات فليعرفها فإن يأت صاحبها أنفقها على
نفسه إن كان محتاجا، وإن كان غنيا تصدق بها عن ربها، وقال ابن القاسم: لا
ينفقها قليلة كانت أو كثيرة.
قال: وما وجد مما يلفظه البحر فإن كان من متاع المسلمين عرف به، وإن كان
لأهل الشرك فليس لمن وجده وأمره إلى الإمام، وإن شك فليعرف به ثم يتصدق به.
وقال أشهب في كتبه: ما كان من متاع الجاهلية فلا زكاة فيه وإنما فيه الخمس.
ولا تعريف فيه على من وجده.
ومن سماع يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن وجد لقطة فعرف بها سنة أيأتي
الإمام/ليأمر بصدقتها؟ قال: لا وما للإمام وما لها، ولو تعدى الإمام فأخذها
فباعها وتصدق بثمنها ثم جاء ربها فله تضمينه الثمن إن شاء كما لو فعل ذلك
ملتقطها.
وروى موسى بن معاوية عن ابن القاسم عن مالك في اللقطة توجد في قرية ليس
فيها إلا أهل الذمة، قال: تدفع إلى أحبارهم.
ومن سماع ابن القاسم؛ وإذا عرف باللقطة سنة فلم يأت ربها فأنفقها ثم يأتيه
الموت فيوصي بها وعليه دين يحيط بماله؟ قال: يحاص بها غرماءه، وقال
[10/ 469]
(10/469)
عبد الملك بن الحسن: قال ابن وهب: وليحاص
بها السلطان في تفليسه، وقاله أشهب ولم يذكر السلطان. وقال أشهب في كتبه:
سواء أكلها أوتصدق بها قبل الأجل أو بعده، كان ذلك في ذمته وفيها في يديه
من مال.
قال ابن حبيب: قال مطرف: ومن التقط مالا يبقى من طعام في الحضر وحيث الناس
فالصدقة به أحب إلي من أكله، فإن تصدق به لم يضمن لربه إن جاء لأنه مما
يؤول إلى فساد، ولو كان أكله ضمنه لصاحبه وإن كان تافها لانتفاعه به، ولو
كان في السفر وحيث لا بأس بأكله فلا يضمنه لربه إذا كان مما لا يبقى ولا
يحمل حملا يرضى بقاؤه، ويزوده إلا اليوم وشبهه ويصير كالشاة بالفلاة وأكله
حينئذ أفضل من طرحه بالعراء، فأما إن كان يبقى وتزوده فإنه يضمنه أكله أو
تصدق به، وقاله أصبغ. لقطة
ومن كتاب آخر: قال ابن القاسم/وابن نافع عن مالك: إذا وجد ما لا يبقى في
أيدي الناس من الطعام فليتصدق به وإن كان تافها وقاله أشهب في كتبه. قال
ابن القاسم: فإن أكله أو تصدق به لم يضمنه لربه إن جاء. قلا أشهب في كتبه:
التافه وغير التافه سواء في أكله وإنما ذلك إذا وجده في فيافي الأرض، كمن
يجد الشاة في الفلاة فأما في غير الفيافي فإنه يتبعه ويعرفه به، فإن جاء
ربه دفع إليه الثمن وليس له غير ذلك.
وقال أشهب في كتابه في الدرهم وما أشبهه لا بأس أن يتصدق به قبل السنة. وفي
باب ضالة الإبل مسألة من وجد ضالة ما بالفلاة فحمل ذلك إلى العمران.
[10/ 470]
(10/470)
باب ما تستحق به اللقطة من صفة لعفاص
والوكاء، ومن سقط له دينار في موضع فوجد فيه دينارا هل يأخذه؟
ذكر بعض أصحابنا أنه روى أنه نافع عن مالك قال: ينبغي للذي يعرف اللقطة أن
لا يريها أحدا ولا يسميها بعينها، وليفعل من يعرف دنانير أو دراهم أو جزورا
أو شاة أو حليا أو عرضا لكي يعمي بذلك لئلا يأتي مستحل فيصفها بصفة المعرف
فيأخذها وليست له، وليعرفها بين اليومين والثلاثة وكلما تفرغ، ولا يجب عليه
أن يدع ضيعته ويعرفها. وقال أشهب في كتبه نحوه.
وقال ابن القاسم وأشهب: ومن وجد لقطة فوصف رجل العفاص والوكاء والعدد: أنها
تدفع إليه، قال أشهب في كتبه: ولو أخطأ في صفته/لم يعطها، وإن وصفها مرة
أخرى فأصاب لم يأخذها إلا باليمين: أنها له، فإن نكل لم يأخذها وإن عاد إلى
أن يحلف. وإن لم يعرف العدد وعرف العفاص والوكاء أو عرف العفاص والعدد ولم
يعرف الوكاء أو عرف الوكاء ولم يعرف ما سوى ذلك فذلك يجزيه إذا حلف. قال:
ولو وصف العفاص والوكاء وأخطأ في ضرب الدنانير أو الدراهم لم أر أن يعطى
منها شيئا.
قال محمد بن عبد الحكم: لو أصاب تسعة أعشار الصفة وأخطأ في العشر لم يعط
إلا في معنى واحد: أن يصف عددا فيصاب أقل، وأشهب يعطيه إياها، وقال: أخاف
أن يكون اغتيل فيها. وما روي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: اعرف عفاصها
ووكاؤها فالعفاص: الرباط، والوكاء: ما فيه اللقطة من خرقة أو غيرها.
ومن العتبية: قال أصبغ: وإذا أتى من يعرف اللقطة فعرف العفاص وحده فليستبرأ
ذلك فإن لم يأت أحد أعطيها هذا، وما ذكر في الحديث: أعرف
[10/ 471]
(10/471)
العفاص والوكاء، ليس على أن لا يستحقها إلا
بمعرفتها كما جاء في شرط الخليطين أصناف تجري وإن انخرم بعضها، ورأيت لبعض
أصحابنا من رواية عون: لا يأخذها إلا بمعرفة العفاص والوكاء، قال أصبغ: وإن
قال في خرقة حمراء وخيط أبيض، فوجد الخرقة حمراء والخيط أسود فقال: يستبرأ
أيضًا أمرها ثم رجع فقال: هذا أكذب نفسه في أدعائها المعرفة فلا يصدق
وإنما/يصدق لو أصاب في بعض وادعى الجهالة في بعض، استبرأ الآن، فإن لم
يدعها أحد أخذها، ولو وصف العفاص والوكاء كما هو وقال: وفيها دنانير فأصيبت
دراهم قال: فلا يعطى شيئا قال: وكذلك لو قال: دنانير شامية فوجدت عتقا فلا
شيء له، ولو عرف واحد العفاص والوكاء ووصف آخر عدد الدنانير ووزنها كانت
لمن عرف العفاص والوكاء، وكذلك لو لم يعرف إلا العفاص وحده كان أحق بها بعد
الاستيناء. وروى ابن حبيب عن أصبغ مثله في الذي عرف العفاص والوكاء وزاد:
ولكني أستحسن أن تقسم بينهما كما لو اجتمعا على معرفة العفاص والوكاء
ويتحالفان: فإن نكل أحدهما دفعت إلى الآخر.
وقال ابن حبيب في غير باب اللقطة في كتاب آخر: إذا اعترف اللقطة فعرف
العفاص والوكاء أنه يحلف مع ذلك، ولم يذكر غيره اليمين.
وقال سحنون في كتاب ابنه: إذا وصف سكة الدنانير اللقطة طالبه لم يستحقه
بذلك حتى يذكر علامة في غير السكة من أثر أو شق أو شيء غير السكة.
وذكر يحيى بن عمر أنه قال: ما تبين لي قول سحنون، وأرى إذا وصف السكة في
الدنانير وذكر نقص الدنانير إن كان فيها نقص فأصاب بذلك أنه يأخذها.
[10/ 472]
(10/472)
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن دخل
حانوت رجل فوجد رب الحانوت دينارا في حانوته بعد خروج الرجل فعرضه عليه
وقال: ما دخل/إلي اليوم غيرك فنظر ضربه فافتقد دينارا، قال مالك: لا أدري
إن أيقن أنه ديناره فليأخذه وإلا فليدعه.
باب في اللقطة يصفها رجل فيأخذها ثم يأتي من
يصفها أو يقيم بينة
قال ابن القاسم: إذا وصف اللقطة رجل بما يجب فأخذها ثم جاء آخر فوصفها أو
أتى ببينة لم يضمن الدافع شيئا، وقال أشهب في كتبه: لا يضمن الدافع إلا أنه
إن كان الثاني إنما وصفها فلا شيء له، وإن كان أقام بينة فهي له ويأخذها من
الأول كما لو ادعاها ملتقطها ثم جاء من أقام بينة فهو أحق بها ولا يستحقها
بالصفة، قال: ولو أخذها الأول من ملتقطها ببينة بأمر سلطان أو بغير أمره ثم
جاء ثان فأقام بينة أنها له فهي لأولهما ملكا بالتاريخ، فإن لم يكن لذلك
تاريخ فهي لأعدلهما بينة، فإن تكافآ كانت للذي هي في يديه وهو الأول بعد
يمينه: أنها له ما يعلم لصاحبه فيها حقا، فإن نكل حلف صاحبه وأخذها، فإن
نكل فهي للأول بلا يمين.
وقال ابن الماجشون: إذا دفعها الملتقط إلى رجل وصفها ثم أتى من يدعيها
ووصفها أو جاء ببينة وطلب من ملتقطها أن يجمع بينة وبين الذي أخذها بالصفة
فقال: دفعتها إليه ولم أشهد عليه ولا أعرفه فلينظر فإن جاء الثاني بصفتها
أو حلف عليها أو جاء ببينة: أنها له وأنها التي رأوا عند/فلان ضمن الذي
دفعها بغير بينة قيمتها للثاني كانت قليلة أو كثيرة، وإذا ثبت أن ملتقطها
دفعها إلى الأول بما ينبغي أن يدفعها به من بينة أو صفة لم يلزم الملتقط
شيء إذا كان دفعه ببينة وتبقى الخصومة بين المدفوع إليه الأول والطالب، ولو
دفعها على الصفة ولم
[10/ 473]
(10/473)
يحلف واستحقها الآخر فإنها تطلب من الأول
حتى يحكم بينهما فيها فإن أغرم أو أفلس ضمها دافعها.
باب في الملتقط يدعي ضياع اللقطة أو قال: رددتها إلى موضعها أو إلى من
يعرفها، أو أعطى منها لمن يعرفها، وكيف إن قال ربها: التقطتها لتأخذها
من غير كتاب: قال ابن القاسم وأشهب وابن نافع في ملتقط اللقطة يدعي ضياعها
فلا شيء عليه. قال أشهب وابن نافع: وعليه اليمين، وقال أشهب: إذا قال:
التقطت اللقطة لأعرفها بها وقال ربها: بل أخذتها لتذهب بها فالملتقط مصدق
بلا يمين ولم يذكر ابن القاسم يمينا.
وقال أشهب في مسألة مالك في الكساء الذي أخذه بأثر جواز رفقة وصاح بهم:
أهذا لكم؟ فقالوا: لا، فرده فلا شيء عليه، قال ابن القاسم: ولو رده بعد أن
ذهب به وأحرزه لضمنه، قال أشهب: لا يضمن رده بقرب ذلك أو ببعد ولا إشهاد
عليه في رده وأكثر ما عليه أن يحلف: لقد ردها في موضعها فإن ردها في غير
موضعها ضمنها، وروى ابن وهب عن مالك/أنه إذا قال: ليس لنا فلا بأس أن يرده
إلى موضعه.
قال ابن القاسم: وإذا دفع الملتقط إلى غيره ليعرف بها فضاعت فلا شيء على
الملتقط اللقطة. قال ابن كنانة: وكذلك لو دفعها إليه ليعمل بها ما شاء فلا
شيء عليه.
قال ابن نافع عن مالك: فإن أعطى منها شيئا لمن يعرف بها فلا غرم عليه فيه
إن جاء بها. قال غيره عنه: إذا لم يسرف في العطاء.
[10/ 474]
(10/474)
قال سحنون فيمن وقع له ثوب في بئر وجب فنزل
رجل فأخرجه فأتى ربه فطلب منه مخرجه أجره فامتنع فرده مخرجه في البئر أو
الجب فطلبه فيه ربه فلم يجده قال: يخرجه الذي كان رده فيه وإلا ضمنه، قال
أبو محمد: فإذا أخرجه فينبغي أن تكون له أجرة إذا كان ربه لا يصل إلى ذلك
إلا بأجر.
باب في العبد ومن فيه بقية رق يستهلك الوديعة
اللقطة قبل السنة أو بعدها
من غير كتاب: قال مالك في العبد يستهلك اللقطة قبل السنة: إنها في رقبته،
قال ابن القاسم وأشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ: سواء أكلها أو أكل ثمنها
أو تصدق بها أو وهبها، قال أشهب والمغيرة: وكذلك المدبر فإن أسلم سيده
خدمته فيما اختدمه فيها ثم عاد إلى ربه، فإن مات ربه قبل استيفاء ربها
قيمتها من خدمته عتق في ثلث سيده وأتبع بما بقي، قال أشهب: وإن كان مكاتبا
فهي في رقبته، إما أن يؤدي قيمتها وإلا عجز ثم خير سيده في إسلامه بها عبدا
أو افتدى به ويبقى له عبد،/وإن استهلكها بعد السنة فكالجنابة يضمن سيدها
الأقل من قيمتها وقيمة اللقطة، وكذلك لو اجتمعت مع اللقطة تستهلك قبل السنة
جناية فإن ذلك كله في رقبة من ذكرنا ممن فيه بقية رق.
باب في الصبي الصغير تدعي أمه أنه التقط دنانير
من كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون في امرأة أتت بابن لها صغير معه
أربعة دنانير فزعمت أنه التقطها من الطريق في غير صرة فدفعتها على يدي ناس
فأتى من ادعاها ووصف سكة بعضها ولم يصف البعض، فكتب إليه: الأم مقرة أن
الصبي فليس لها أن تقر على غيرها، فأرى الدنانير للصبي، وما كان من لقطة
معروفة فوصف المدعي لها بعضها ولم يصف بعضا فلا شيء له.
[10/ 475]
(10/475)
باب فيمن وجد في دار
ابتاعها مالا دفينا أو عمدا
من العتبية: روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم فيمن اشترى دارا وشرط على
البائع أني اشتري منك فإن كان فيها من مجهول ومعلوم قل أو كثر فوجد فيها
المبتاع مدفونا صخرا أو عمدا أو دراهم أو فضة أو آنية فلا شيء في ذلك
للمبتاع، فأما الذهب والفضة والجوهر والآنية: فإن كانت من بلد عنوة فهي
للمسلمين وإن كانت بلد صلح فهي لأهل ذمة تلك القرية الذين صالحوا عليها إن
كان ذلك من دفن الجاهلية، فإن/كان من دفن الإسلام فهو لقطة يعرف بها سنة
فإن لم يأت أحد لم أحب أن يأخذها وليحبسها إلا أن يشاء أن يتصدق بها على أن
يضمنها لربها، وأما العمد والصخر والخشب وإن لم يعرف من دفن الجاهلية فهي
كاركاز، فإن كانوا أهل صلح فهو لأهل تلك الذمة المصالحين، وإن بادوا فلم
يجد منهم أحدا تصدق به، وإن كانت عنوة فهو للمسلمين يتصدق به من وجده، وإن
كان للمسلمين فهو كاللقطة إن لم يدعه المبتاع، وإن ادعاه وأقام بينة فيه
كان له.
وقال مالك فيما وجد في قبر من ذهب أو فضة فهو لأهل ذلك الجيش الذي بسببه
أصابه. وقد جرى في كتاب الشهادات وفي كتاب المحاربين ذكر ما يوجد بأيدي
اللصوص من متاع والدعوي فيه.
[10/ 476]
(10/476)
باب في ضالة الإبل
وغيرها وذكر نسلها والنفقة عليها، وكيف إن بيعت أو
تصدق بها ثم جاء ربها؟
وهل لمن وجدها جعل؟
قال ابن حبيب: ذكرت امرأة لعائشة أنها وجدت شاة فقالت لها: عرفي واعلفي
واحلبي واشربي.
ومن العتبية من سماع أشهب: قال مالك فيمن وجد بعيرا ضالا يريد: فأخذه
فليرسله حيث وجده وليس عليه أن يشهد على إرساله. قال ابن نافع: وأحب إلي أن
يشهد على إرساله، قال مالك: ولو عرف به فلم يعرف فليحله حيث وجده، قيل:
فيشهد على ذلك، قال: أما المتهم فهو خير له، وليس ذلك على المأمون، قال:
وكذلك الآبق إذا عرفه/فلم يعرفه أحد فليخله خير له من أن يبيعه فيهلك ثمنه
أو يسجن فلا يجد من يطعمه. وكان عمر ينهي عن أخذ الضالة، وإنما الضالة في
الإبل لا يقال ذلك في العبيد.
ومن كتاب آخر: قال مالك: كان عثمان إذا لم يجد رب الضوال باعها وحبس
أثمانها لأربابها. قال مالك في رواية أخرى: وكان علي بن أبي طالب قد بنى
للضوال مربدا يعلفها فيه علفا لا يسمنها ولا يميز لها من بيت المال، فمن
أقام بينة على شيء منها أخذه وإلا بقيت على حالها لا يبيعها، واستحسن ذلك
ابن المسيب.
قال مالك: ومن وجد بعيرا ضالا فليأت به إلى الإمام وينبغي للإمام أن يبيعه
ويجعل ثمنه في بيت المال حتى يأتي ربه ولا يوكل بذلك من وجده ليكون
[10/ 477]
(10/477)
الثمن عنده. ولكن عند الإمام ليكون أمكن
لربه إذا أتى. قال أشهب في كتبه: إن كان الإمام غير عدل فليخلها حيث وجدها
وإن كان عدلا رفعها إليه.
ومن العتبية من سماع أشهب: قال مالك: ومن جد ضالة فباعها وتصدق بثمنها ثم
جاء ربها قال: لم أقل في هذا شيئا ولو جوز هذا للناس لأكل ثمنها الفاجر وقد
تصدقت، وقال أيضًا: وضالة المواشي إذا عرف بها فلم يأته أحد تصدق بثمنها،
وقال: يتصدق بها ولا يحبس لنفسه منها شيئا، ثم إن جاء ربها فلا شيء له
بخلاف المال، قال: ولو نتجت عنده فلا يأكل من نتاجها،/وأما اللبن فعسى قال:
وعثمان الذي أمر ببيعها قال: ويعرف صفتها وتباع وتحبس أثمانها فإذا جاء
ربها أخذه، وإن لم يأت طالب تصدق به.
وقال سحنون فيمن وجد شاة اختلطت بغنمه فهي كاللقطة يتصدق بها ثم إن جاء
ربها ضمنها له قال: وله شرب لبنها، قال: وهذا خفيف.
قال ابن نافع في موضع آخر. قال مالك في الرجل يكون في غنمه وباديته فيجد
شاة بفلاة من الأرض. فأرى أن يحبسها مع غنمه ولا يأكلها سنة أو أكثر منها
وله حلابها، ولا يتبع إن جاء ربها إلا بها وبنسلها، يريد: إن كان قائما فإن
ذبحها قبل السنة ضمنها لربها إلا أن يخاف موتها فيركبها ولا شيء عليه إلا
أن يقدر على بيع لحمها، وقال عبد الملك في غير رواية ابن نافع: فإن ذبحها
وأكلها بعد السنة ثم جاء ربها فعليه غرمها له. وأحب إلى أهل العلم أن لا
يأكلها بعد السنة بل يتصدق بثمنها. قال غيره: وإن التقط طعاما في فيافي
الأرض فحمل ذلك إلى العمران فليبع الطعام ويوقف ثمنه، فإن جاء طالب ليأخذه
فإن أكل الطعام أو الإدام بعد قدومه به إلى العمران فإنه يضمن ذلك لربه.
وقال أصبغ في العتبية: إذا وجد شاة بفلاة فذبحها ثم أتى بلحمها إلى الأحياء
فله أكله كان غنيا عنه أو لم يكن ويصير لحمها وجلدها مالا من ماله، ويطيب
له وليس عليه/أن يعرفها، فإن أكلها ثم اعترفها ربها فلا ضمان عليه إلا
[10/ 478]
(10/478)
أن يأتي ربها وذلك في يديه فهو أحق به،
وأما لو قدم بها الأحياء وهي حية كان عليه التعريف أو يضمها إلى أهل قرية
يعرفونها ولا يأكلها الآن وتصير كاللقطة.
وقال أشهب في كتبه: قال مالك في ضالة الغنم يجدها الرجل فما كان قرب القرى
فلا يأكلها وليعرف بها في أقرب القري إليه، وما كان في الفلوات والصحاري
فإن تلك تؤكل وليس عليه أن يحملها فيعرفها، فإن جاء صاحبها بعد أكله إياها
لم يضمن له شيئا، قال أشهب: وبلغني عن عبد العزيز أنه قال: إن أخذها ثم أتى
ربها أغرمه قيمتها.
قال ابن حبيب عن مطرف في ضالة البقر والغنم عن مالك: إذا وجدها بالفلاة فله
أكلها ولا يضمنها لربها، وإن وجدها قرب العمران ضمها إلى أقرب القرى إليه
يعرفها أو يدفعها إلى من يعرفها، فإن جاء ربها وإلا فأحب إلي أن يتصدق بها
ولا يأكلها، فإن تصدق أو أكل ضمن لربها - إن جاء - قيمتها يوم تصدق، قال
مطرف: والصدقة بثمنها أحب إلي من الصدقة بها، والاستيناء بثمنها أحب إلي من
الاستيناء بها، وليس بواجب ونسلها مثلها، وأما اللبن والزبد فإذا كان بموضع
لذلك ثمن فليبع ويصنع بثمنه ما يصنع بقيمتها، فإن كان له بها قيام وعلوفة
فله أن يأكل منه بقدر ذلك، وأما بموضع لا ثمن فليأكل ولا بأس أن يكري البقر
في علوفتها كراء مأمونا من العطب./وأما الصوف والسمن فليتصدق بثمنه أو به.
وقال أشهب في كتبه: فإن كان للبقر من منعة أنفسها والعيش في المرعى والمشرب
مثل ما للإبل فهي كالإبل لا يأخذها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في
الإبل، وإن لم تكن للبقر منعة فهي كالغنم ولا يغرمها إن أكلها إن جاء ربها.
قال ابن القاسم: وما التقط من الخيل والبغال والحمير فلتعرف فإن لم يجيء
لها طالب تصدق بها.
[10/ 479]
(10/479)
وقال أشهب في كتبه: لا تؤخذ الخيل والبغال
والحمير فإن أخذها أحد عرفها سنة ثم تصدق بها.
قال ابن كنانة: لا ينبغي لأحد أن ينفق على الدابة الضالة ولا يأخذها ولا
يعرض لها لأن النفقة عليها سبب إلى إخراجها من يدي ربها وربما جاوزت النفقة
ثمنها، قال ابن حبيب: وضالة الدواب له أن يركبها من موضع وجدها إلى موضعه
فأما في حوائجه فلا، فإن فعل ضمنها وله كراؤها في علفها كراء مأمونا لا يجر
إلى عطب ما بينه وبين أن يبيعها ويتصدق بثمنها أو يأتي صاحبها وليس بقدر
حبسه إياها هي والمواشي حد إلا على اجتهاده وصبره، وإذا شاء يصفها فأحب إلي
رفع ذلك إلى الإمام إن كان مأمونا إلا فيما خف من الشاة والشاتين فلا بأس
أن يليه ويشهره، وقال أصبغ فيه كله نحوه. لقطة 3
ومن كتب أشهب وغيرها/: قال أشهب: وإذا أنفق الملتقط على الدواب والإبل
والبقر والماشية فربها مخير بين غرم النفقة وأخذها أو إسلامها فيها، فإن
أسلمها فيها ثم بدا له أن يطلبها ويؤدي النفقة فليس له ذلك، وكذلك في الآبق
إذا أنفق عليه ثم أسلمه في النفقة، وإن كان لسيده غرماء ولا وفاء له بدينه
فأراد إسلامه بما أنفق عليه ملتقطه أو السلطان أو افتدائه نظر فإن كان قد
بان فلسه فلا كلام له في العبد وذلك إلى غرمائه على النظر، فإما أسملوا
العبد بالنفقة ولا قول للسيد إلا أن يكون في افتدائه رد فذلك له إن شاءوا
ودوا ذلك من ماله، وإن كان عليه في فدائه ضرر فله إسلامه بذلك. ولا قول لهم
إلا أن يضمنوا له ما وضعوا فيه فله ما ربحوا فيه.
قال ابن القاسم: وإذا باع الدواب بعد السنة ثم جاء ربها ولم تفت فليس له
إلا أخذ الثمن، وإن كان باعها بغير أمر السلطان بعد السنة فإن جاء ربها فله
نقض البيع فإن لم يقدر عليه فلا شيء له غير الثمن إن باعها الملتقط خوفا من
[10/ 480]
(10/480)
الضيعة عليها، وأما إن باع الثياب وما لا
مؤنه في بقائها فربه أحق به إن وجد بيد المبتاع وإن لم يجده فله إن شاء أخذ
الثمن من البائع أو القيمة يوم بيعه إذا لم يبعه من سلطان ولا ضرورة إلى
ذلك وكل ما باع من هذا كله بأمر سلطان مضى البيع وليس لربه أخذه إلا الثمن.
قال ابن القاسم: وإن تصدق باللقطة/بعينها على المساكين ثم جاء ربها فله
أخذها منهم إن لم تفت فإن أكلوها لم يضمنوا. وقال أشهب: إن تصدق بها عن
ربها فليس له إلا أخدها إن تفت فإن نقصت فله إن شاء أخذها وإلا أخذ قيمتها
من المتصدق بها يوم تصدق بها، وإن أخذها ناقصة فلا شيء له على الملتقط من
نقصها، فإن أخذه بقيمتها رجع ملتقطها فأخذها بنقصها من المساكين ولا شيء له
عليهم، وإن تصدق بها عن نفسه فلربها أخذها على ما وجدها ولا شيء له على
ملتقطها، أو يأخذه بقيمتها إن تغيرت ثم لا شيء لملتقطها على المساكين، قال:
فإن لم تفت عندهم بشيء فليس لربها إلا هي ولو أكلها المساكين فلربها
تضمينهم مثلا أو قيمة إلا أن يبيعوها فليس له إلا الثمن إن شاء، وإن شاء
أخذ ملتقطها بقيمتها يوم تصدق بها عن نفسه أو عن ربها، قال ابن القاسم: وإن
وجدت بيد من ابتاعها من المساكين فله أخذها منه ثم يرجع المبتاع على من
تصدق بها عليهم، وكذلك لو ماتت، قال غيره: يرجع عليه بالأقل من الثمن الذي
وقع إلى المساكين أو من قيمتها يوم تصدق بها الملتقط، ثم إن كان ثمنه أكثر
رجع بالقيمة على المساكين، قال أشهب في كتبه: ومن كان شأنه طلب الدواب
الضوال والأمتعة والرقيق فيردها على أربابها فله جعل مثله في ذلك على قدر
غنائه فيه إن أراد رب ذلك أخذه وإن كره أخذه فلا شيء فيه إلا أن يكون جعل
فيه/فعليه ما جعل فيه شاء أو أبى ولولا فساد الناس وأنه يخاف على من أخذ
شيئا أن لا يرده إذا لم يجعل له فيه جعلا لم أر لمن أخذ ذلك فيه جعلا إلا
أن يكون صاحبه قد جعل فيه جعلا فيلزمه وقاله مالك.
[10/ 481]
(10/481)
باب في النفقة على
اليتيم واللقيط وولد الغائب وغيره، وفيمن وقفت
دابته فأنفق عليها رجل وحمل متاعه
من غير كتاب: قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك: من أنفق على يتيم فله أن
يرجع بما أنفقه في ماله، وإن لم يكن له يوم الإنفاق مال لم يرجع عليه بشيء
وهو كالمحتسب قال عنه ابن نافع: وإنما يرجع في ماله بعد يمينه أنه أنفق
ليرجع عليه، وقاله أشهب كله.
قال ابن نافع عن مالك في يتيم تنفق عليه أمه أو قريب له وهو لا يعلم له
قال: فلا رجوع له عليه وإن علم أن له مالا وأشهد أنه أنفق ليرجع فيه فله
ذلك وإن لم يشهد فلا يرجع بشيء، وهذا خلاف قول ابن القاسم وروايته. قال
أشهب: إذا علم المنفق أن له مالا رجع فيه وإن كان له مال ولم يعلم به
المنفق فلا يرجع له عليه بشيء، قال ابن القاسم: وإذا لم يكن له مال فقال:
أنفق عليه واتبع ذمته فلا شيء له. قال أشهب: وإني لأرى لو ابتلي بذلك فلم
يجد من ينفق عليهم إلا من يتبعهم وخيف عليهم الهلاك لرأيت أن يؤخذوا بذلك
ويتبعوا به بشرطهم، وقال في موضع آخر، إلا أن يجعله السلطان لهم لما خيف
عليهم من الضيعة فيتبعون له.
قال ابن القاسم: ومن إلتقط لقيطا فأنفق عليه فأتاه من أقام البينة على أنه
أبنه فله أن يبيعه إن تعمد طرحه، وإلا فلا شيء له عليه. وقال أشهب: لا شيء
على الأب بحال لأن المنفق محتسب.
قال سحنون: إن أنفق عليه ليتبعه فطرأ له أب تعمد طرحه أتبعه، وإن أنفق حبسه
لم يرجع بشيء، وقال أشهب فيمن أنفق على ولد غائب صغار بغير أمره والأب
يؤمئذ مليء فللمنفق أتباعه إن أنفق وهو يرى أن له مالا ثم وجده كذلك إذا لم
ينفق حسبة بعد أن يحلف: ما أنفق احتسابا، فإن تكل فلا شيء له، وإن أنفق وهو
لا يرى أن له ملا لم يرجع عليه بشيء، وإن كان يوم الإنفاق مليا لأنه
[10/ 482]
(10/482)
كالمحتسب. وابن القاسم لم يراع إلا أن يكون
الأب مليا يوم انفاقه، قال أشهب: واقوي للمنفق أن يشهد بما أنفقه ليرجع على
أبيهم، ومسألة من وقفت دابته في فلاة فتركتها مؤيسا منها فأتي من أنفق
عليها وقام بها حتى صلحت وماتت دابته فحمل له متاعه إلى بيته ثم جاء فوجده،
قال ابن القاسم عن مالك: يعطيه قيمة حمل متاعه وما أنفق على دابته ليأخذ
ذلك، وأما في قيامه عليها فلا شيء له إلا ما أنفق، وقد كتبناها في كتاب
الإجارة.
وقال مالك في الذين خافوا غرق مركبهم فطرحوا متاعهم فوجده آخرون بضفة البحر
قال: يأخذه أهله.
باب في اللقيط هل ينزع ممن التقطه؟ /
وهل يقبل قول من ادعاه؟
وما حكم القيط في دينه وحريته؟
قال ابن القاسم في ملتقط اللقيط ينتزعه منه رجل فخاصمه فيه فلينظر الإمام
فإن كان ملتقطه قويا على مؤنته وكفايته رده إليه، وإن كان الذي انتزعه أقوى
على أمر الصبي وهو مأمون نظر فيه بما يرى، قال أشهب: إن كانا سواء أو
متقاربين: فالأول أحق به فإن خيف أن يضيع عند الأول فالثاني أحق به.
قال أشهب: ومن التقط لقيطا فليس له تركه إذا كان أخذه ليمر به، فأما إن
أخذه ليرفعه إلى السلطان فأبى السلطان أن يقبله، فليس عليه ضيق في رده إلى
موضع أخذه.
قال ابن القاسم: ومن التقط لقيطا في قرية ليس فيها إلا الاثنان والثلاثة من
المسلمين فهو للنصارى إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه.
قال أشهب: هو مسلم التقطه مسلم أو نصراني أو غيرهما من أهل الأديان حين لم
يدر أحر هو أو غير حر؟ فكذلك أجعله مسلما، قال مطرف وأصبغ: وإذا التقط
النصراني لقيطا فلينزع منه لئلا ينصره أو يدرس أمره فيسترقه. وقال
[10/ 483]
(10/483)
أشهب في الرجل والمرأة يدعي لقيط أنه ابن
أحدهما فإنه يصدق إلا أن يعلم كذبه، وإن ادعاه ملتقطه أو غيره أنه عبده لم
يصدق واللقيط حر كما قال عمر.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب/شجرة إلى سحنون في نصرانية التقطت صبية فربتها
حتى بلغت على دينها قال: إن ثبت أنها لقطة فردها إلى الإسلام وهي حرة.
باب في حبس الآبق والنفقة عليه وهل لسيده بيعه؟
من العتبية: روى عيسى عن ابن القاسم قال: السنة في الآبق أن يحبس سنة إلا
أن يخاف أن يضيع فيباع، وإذا بلغ السنة بيع إن لم يخف عليه ضيعة.
قال مالك في سماع أشهب في الآبق إذا عرف به فلم يعرفه أحد أن يخليه خير من
أن يبيعه فيهلك ثمنه ويؤكل، أو يحبس فلا يجد من يطعمه، وقال مالك في كتاب
آخر: إذا حبس الآبق الإمام سنة وأنفق عليه فلم يأت له طالب بيع فأخذ من
ثمنه ما أنفق وحبس الباقي، وقال: وقاله أشهب من كتبه إلا أنه قال: إن لم
ينفق عليه الإمام في السنة وخيف عليه الضيعة بيع قبل السنة إلا أن يخاف علي
ثمنه فإن خيف على ثمنه خلوا سبيله إن لم يجد من ينفق عليه.
وروي عن سحنون: أنه قال: من ينفق عليه في السنة؟ وقد يكون هذا ضررا بسيده
إذ قد تغترق النفقة كثيرا من ثمنه.
قال سحنون: لا أرى أن يوقف سنة ولكن بقدر ما يتبين أمره ثم يباع ويكتب
الحاكم صفته عنده حتى يأتي له طالب.
[10/ 484]
(10/484)
قال ابن القاسم: لا يجوز لسيد/الآبق بيعه
إلا أن يأتيه رجل فيقول: هو عندي على صفته أو على صفة يذكرها حال عليها
فيجوز بيعه حينئذ منه ومن غيره ولا ينقد الثمن إن كان بعيدا، وقال أشهب في
كتبه: لا يجوز فيه النقد وإن كان على مسيرة ليلة.
قال أبو محمد: وليس هذا قول مالك في شراء الغائب. قال سحنون: وإن وقع الآبق
عند حاكم عدل فحبس ينتظر به مولاه فباعه مولاه وهو في السجن فلا يجوز بيعه
إياه، لأن فيه خصومة، لأن مولاه لا يأخذه بدعواه إلا ببينة فباعه مولاه قبل
أن يستحق.
باب في الآبق يأخذه أحد ثم يخليه أو يأبق منه
أو يرسله في أمره فيأبق، وهل يأخذه من وجده؟
قال مالك: ومن أخذ آبقا فأبق منه فلا شيء عليه، وأما إن خلاه فهو يضمنه،
وقاله ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون وابن عبد الحكم، قال ابن الماجشون:
سواء كان ممن يأخذ الجعل على الإباق أو لم يكن، قال عبد الله بن عبد الحكم:
ولو خلاه بعد أخذه لعذر خاف أن يقتله أو يضربه فلا شيء عليه وإن أرسل لسيده
النفقة فهو ضامن.
قال أشهب في كتبه: وإن أرسله في حاجته فأبق في الحاجة والحاجة يؤبق في
مثلها فهو ضامن، فأما حاجة خفيفة في قربها فلا شيء عليه.
قال ابن نافع: ومن أخذ آبقا ثم قال: أبق مني. قال: يكشف أمره إن كان من أهل
التهم فإن ظن أنه أطلقه لو داهن/ضمنه وإلا لم يضمن، وسواء جعل له طلبه جعلا
أو لم يجعل.
قال ابن الماجشون: إذا قال: انفلت مني كلف البينة على ذلك وليحلف: لقد
انفلت من غيره تفريط ولا إضاعة.
[10/ 485]
(10/485)
قال أشهب في كتبه: ومن وجد آبقا أو آبقة
فإن كان مكان سيده بعيدا فتركه أحب إلي له، وإن أخذه فهو في سعة، وإن كان
سيده قريب المطلب فليأخذه أحب إلي من تكره فيتلف، وإن تركه فهو في سعة.
باب في العبد الآبق يأتي من يدعيه بحكم في يديه بعبد آبق له على صفته، أو
ادعاه ووصه، ولم يأت ببينة ولا بحكم
قال ابن القاسم وأشهب فيمن أتى إلى القاضي يذكر أن عبده أبق وقد عقل ببلد
كذا وأقام بينة أن عبدا أبق له من صفته كذا وكذا وكتب له القاضي إلى قاضي
ذلك البلد: إن حامل كتاب هذا أبق له عبد صفته كذا وكذا فخلاه وعن المكتوب
إليه عبد آبق محبوس على هذه الصفة: أن يقبل الكتاب والبينة الذين شهدوا فيه
ويأخذ القيمة مالا، وقبل القاضي الأول منه البينة على الصفة ويكتب بها إلى
القاضي الآخر، قال ابن القاسم: وإن ادعاه ولم يقسم بينة عليه فلينتظر
الإمام ويتلوه فهي فإن جاء أحد يدعيه وإلا دفعه إليه وضمنه إياه، قال أشهب
في كتبه: لا يدفع إليه إلا أن يقر له العبد بالملك لأنه لو اعترف بالرق
لغيره/لكان له ولم ينفع هذا ما عرف من صفته وحليته.
ومن كتاب ابن سحنون: وسأل حبيب سحنونا عن الآبق يطرحه الحاكم في الحبس فأتى
من يزعم أنه له وأقر لع العبد قال ك فليرجع إليه ولا يكلف بينة إذ لا حكم
له فيه إلا أن يأتي بحدثان ما صار إلى الحاكم فليتلوم له قليلا خوفا أن
يأتي
[10/ 486]
(10/486)
له طالب غيره، فأما أن مكث أياما في الحبس
فهذا يلزم، فإن طال مقامه في الحبس فهو أبين أن يدفعه إليه ولا يتلوم له،
لأن طول سجنه تلوم فيدفعه إليه ولا يكلفه بينة، ثم رجع سحنون فقال: لا يدفع
إليه إلا ببينة عدلة طال مكث أو لم يطل.
قال ابن كنانة فيمن أبق له غلام من مصر فوقع بالأندلس فأقام بينة عند قاضي
مصر أن غلاما له أبق من مصر يعرفونه بعينه واسمه ونعته وخرج منها في زمن
كذا، لم يخرج من ملكه، يريد: فيما علموا إلى الآن فأخذ منه كتابا إلى قاضي
الأندلس وثبته عند قاضي الأندلس فوجد العبد بتلك الصفة والنعث وأنكر العبد
أن يكون هذا سيده قال: لا يأخذه حتى ينظر إليه الشهود ويعرفون أنه هو فإن
أتوا من مصر حتى يثبتوه وإلا فلا، وإنما ينفذ/مثل هذا بالكتاب في عبد لا
يدعي أحد ولا يدعي هو في نفسه مقر بالعبودية، يريد: لمن قام فيه، أو أرض
معروفة لرجل لا يدعيها أحد، أو دين على رجل، فأما عبد بيد رجل أو عبد يدعي
الحرية، أو قرية في يد رجل معروفة في يديه فيريد الطالب أن يدرك ذلك بكتاب
قاض فيه صفة موافقة لصفة ما يطلب من غير أن يعاين الشهود. فهذا لا يكون ولم
أسمع من قضى به.
قال ابن عبدوس: وابن القاسم: يجيز الحكم بالكتاب بصفة العبد المنكر، وقال
ابن القاسم وأشهب وابن الماجشون فيمن أثبت عند قاض بينة على غائب بحد أو حق
أو قصاص فكتب القاضي بذلك إلى قاض آخر فليقبل المكتوب إليه ما في كتابه
ويقضي بذلك على المذكور يريد: ويثبت الكتاب ببينة. قال ابن الماجشون: ولولا
ذلك ما انتفع أحد بشهادة شهادة إلا شاهدا معه في قريته هذا لا بدمنه وما لا
غنى عنه.
قال ابن القاسم وأشهب: ومن أقام شاهدا على آبق له حلف وأخذه وإن لم يقم
شاهدا فإن صدقه العبد دفع إليه. قال أشهب في كتبه: بعد أن يحلف مدعيه ثم إن
جاء طالب لم يأخذه إلا ببينة عادلة، وإن أقر له العبد بمثل ما أقر به للأول
من الرق.
[10/ 487]
(10/487)
قال ابن القاسم وأشهب: ومن أقام شاهدا على
آبق له حلف وأخذه وإن لم يقم شاهدا فإن صدق العبد دفع إليه. قال أشهب في
كتبه: بعد أن يحلف مدعيه ثم إن جاء طالب له لم يأخذه إلا ببينة عادلة، وإن
أقر له العبد بمثل ما أقر به للأول من الرق.
قال ابن القاسم في الآبق إذا اعترفه ربه من يدك ولم تعرفه فأرفعه إلى
الإمام إن لم يخف ظلمه، قال أشهب: إن أقر له العبد بالملك فأنت في سعة من
دفعه إليه ودفعك إليه بأمر الإمام أحب إلي، وإن جحد أن تكون سيده/فلا تدفعه
إليه فإن فعلت ضمنت العبد.
باب فيمن استعمل آبقا بأجر أو بغير أجر
قال ابن القاسم عن مالك: ومن آجر آبقا فعطب في عمله ضمنه لربه وإن لم يعلم
أنه آبق، وكذلك في تبليغ فهلك فيه، وإن سلم أخذ قيمة عمله يريد: إلا أن
تكون الإجارة أكثر، وقال أشهب في كتبه: لا ضمان عليه إذا علم أنه لم يعلم
أنه مملوك، وإنما يضمن من استعمل عبدا أو مولى عليه وهو يعلم بذلك عملا
مخوفا فتلف فيه.
قال المشايخ السبعة: كل من استعان أو استأجر صبيا أو مولى عليه أو عبدا لم
يأذن له ربه أن يؤاجر نفسه في مثل ذلك ضامن لما أصابه، فإن كان العبد أذن
له ربه في الإجارة في مثل ذلك فاستعانه أحد فيه بغير أجر فهو ضامن له، وإن
كان بأجر فلا يضمن.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في رجل وجد مملوكا قد أبق من سيده فأجره في
عمل فهلك العبد في ذلك العمل أو انكسر، فإن كان العبد لصديقه الملاطف واجره
على حسن النظر له والتخفيف عنه لكيلا تجتمع النفقة عليه وأجره في عمل مثله
وما يحسنه فلا ضمان عليه وإلا فهو ضامن.
[10/ 488]
(10/488)
|