النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
كتاب القضاء في الكلإ والآبار
والأدوية والبرك والأنهار
في بيع بئر الماشية وغيرها من الآبار
ولبيع مائة وذكر الكلإ وبيع الكلإ باب آخر
قال الفقيه أبو محمد/ من المجموعة وكتاب ابن حبيب روى مالك أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال "لا يمنع فضا الماء ليمنع به الكلأ" (1)، قال مالك
ومعنى ذلك في آبار الماشية لأنه إذا منع فضل الماء لم يرع ذلك الكلأ الذي
بذلك الوادي إذا لم يجد ما يسقي به فصار منعاً للكلأ وذلك في آبار الماشية
التي في الفلوات لا تُباع ولا تورث وصاحبها الذي احتفرها أو ورثته أحق
بمائها يسقون منها قبل غيرهم ثم ليس لهم (2) منع الناس أن يسقوا بفضلها.
قال ابن حبيب وهو قول ابن الماجشون وقال ابن عبد الحكم وهو قول جميع
أصحابنا وهو قول مالك وقال أصبغ. قال مالك في المجموعة ولا يمنع الأعراب من
يرد عليهم من أهل المواشي فضل مائهم وهم يبدؤون ولو أشركوهم فيه ما انتفعوا
بمائهم دون غيرهم
__________
(1) رواه ابن ماجه في سُننه في كتاب الرهون باب النبي عن منع فضل الماء
ليمنع به الكلأ ورواه أبو داود في سُننه في كتاب البيوع باب في منع الماء.
(2) لهم ساقطة من الأصل.
(11/5)
وأضر ذلك بهم، قال ابن الماجشون في بئر
الماشية للأعراب لا يُباع ولا يُوهب ولا تقع فيها المواريث بمعنى الملك لا
حَظَّ فيها لزوج ولا زوج من بطنٍ على بطن ولا يشرب منه غيرهم إلا ما فضل
عنهم وما استغنى عن الشرب منهم فليس له أن يعطي حظه أحداً ومن حضر من أهل
البئر أولى منه ومن غاب، قال: وإن تشاحوا (1) فيمن يبدأ بالشرب فإن لم تمض
له سنة فيمن يبدأ بالشرب من كثير الماء على قلته أو قوم على قوم أو كبير
على صغير فليستهموا (2) وإلا فأمرهم (3) على ما مضى من سنتهم، قال: ولو نزل
بلدهم من لا يضرهم نزوله قال: يشرب ما/ فضل منهم وهو قوله صلى الله عليه
وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (4)، فإنما أباح ما هو فضل لولا ذلك
لكان يقول لا يمنع ماء قال ولهم الشرب ببئر لا يسقون فيه أو في يوم لا
يردون فيه وقد جاء لا يمنع فضل بئر وهو من رهو (5) بئر لا يمنع.
ومن كتاب ابن سحنون قال ابن القاسم وأشهب فيما جاء لا يمنع فضل ماء ذلك في
الأرض ينزلونها للرعي لا للعمارة فصار الناس في الرعي سواء ولكنهم يبدؤؤن
بمائهم فما فضل منهم فالناس فيه سواء. لا يمنعوه. ومن المجموعة قال أشهب
سُئل مالك عمن هلك وورثه أخواه وأختاه وله قليب (6) ماشية وأوصى لابن أخيه
بثلثه وأخذ ثلث ما ترك من مال وغيره ثم طلب أن يأخذ في القليب، قال القليب
لا يورث ولا يباع وهم أجمعون فيه سواء [لا شيء لهم فيه إلا الشرب يسقون فيه
سواء] (7).
__________
(1) تشاح القوم على الأمر: لا يريدون أن يفوتهم.
(2) في ص، فليقتسموا.
(3) في ص، فأجرهم والصواب ما أثبتناه.
(4) سبق تخريجه.
(5) الرهو: الجوبة تكون في محلة القوم يسيل فيها ماء المطر وفي الحديث أنه
قضى أن لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة ولا ركح ولا رهو والمراد
بالمنقبة الطريق بين الدارين والركح ناحية البيت من ورائه وربما كان فضاء
لا بناء فيه.
(6) القليب: البئر قبل أن تطوى يعني قبل أن تبنى بالحجارة ونحوها تذكر
وتؤنث وقال أبو عبيدة هي البئر العادية القديمة.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(11/6)
ابن القاسم وأشهب وابن وهب (1) وابن نافع
عن مالك قال أما بئر النخل والزرع فلا يُجبر أحدٌ على أن يبيح فضله لمن
يسعى به إلا أن تهور (2) بئر جاره فيخاف على نخله أو زرعه فيُقضى له أن
يسقي بفضل ذلك الماء حتى يصلح بئره وأما بئر الماشية فيمنع فضله لا يجوز
لأنه من الكلإ المباح، قال مالك ويباع بئر الزرع ولا يجوز بيع بئر الماشية
(3)، قال أشهب: لأنه إذا كان فضلها لغيره فإنما اشترى من مائها ما يرويه
وذلك قد يقل لقلة غنمه ويكثر لكسميها، قال ابن القاسم: لا تباع بئر الماشية
لأن للناس فيها حقاً. ابن وهب.
قال مالك في جباب (4) أهل البادية التي تكون للماشية/ فلا ينبغي أن يمنع
فضل مائها ليمنع به الكلأ قيل له فالجباب التي تجعل لماء السماء قال: ذلك
أبعد قال عنه ابن القاسم: لا تُباع آبار الماشية كان حفرها قريباً أو كان
بعيداً إلخ الجاهلية أو في الإسلام ولا يورث ولا يوهب مثل مياه الأعراب
التي كانت لأبائهم فلا تباع، [قيل: إنه لا يملك غرسها وقد احتاج، قال: لا
تباع] (5) وإن احتاج وإنما ينتفع به هو والناس. قال ابن القاسم: يعني الماء
الذي يكون في البادية وحيث الكلأ، قال سحنون وقوله كانت لآبائهم يعني أنهم
احتفروها وليس على أنهم يملكونها.
قال أشهب عن مالك في العتبية (6) في بئر الماشية لا يكون فيها بيع ولا عطية
وإنما يشرب بها ويشرب بها أبناء السبيل قال ابن القاسم عن مالك في
المجموعة: لا يُباع بئر الماشية وإن حُفرت يريد في قرب المنازل إذا حفرها
للصدقة وأما ما حفرها في أرضه لمنفعته فله بيعها يبيع مائها وإنما التي لا
تباع ما حفرت في الفيافي، قال سحنون: والذي جاء: لا يمنع فضل الماء ليُمنع
به الكلأ (7) إنما ذلك في أرض __________
(1) ابن وهب ساقط من ص.
(2) تهور: تسقط وتنهدم من هار الجرف من باب قال وهوره فتهور وانهار أي
تهدم.
(3) جاء التعبير في ص على الشكل التالي: ويباع بئر الزرع ولا يباع بئر
الماشية.
(4) الجباب جمع جُب: وهو القليب هو البئر قبل أن تطوى وقد تقدم شرحه.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(6) البيان والتحصيل، 10: 250.
(7) حديث سبق تخريجه.
(11/7)
الأعراب. قال المغيرة: ومن حفر بئراً حيث
الكلأ وحيث ترعى الناس فهو أحق بما يصلحه ويصلح ماشيته ولا يمنع ما فضل عنه
ولا يبيعه، وإن حفر في قريته وفي حقه وفي غير مسارح الأنعام ومواضع الكلأ
فله أن يبيع ذلك ويصنع فيه ما شاء، وإذا حفر جُباً فله منعه إلا يشرب منه
غيره وليس كالبئر. قال ابن كنانة: ولا تُباع مياهُ البادية ولا يُمنع فضلها
وليس لأحد أن يغرس عليها غروساً.
/ قال ابن القاسم في آبار الشفة (1) إن ما حفره في داره أو أرضه لنفسه،
وأما ما عمل في الصحاري وفيافي الأرض مثل مواجل (2) طريق المغرب فكان يُكره
بيعُها من غير تحريم، وهي مثل آبار الماشية التي تُحتفر فيها فليس لأهلها
منعُ (3) فضلها. وأما المارة فلا يُمنعون لشفاههم ودوابهم. ومن أدرك مثلاً
في المعدن فله منعه بخلاف الماء.
في البئر المملوكة التي يجوز بيعها أو غيرها
هل يُمنع المسافرون لشفاههم أو دوابهم؟
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك لا يمنع الماء لشفة ولا لسقي كبد إلا
ما لا فضل فيه عن أصحابه ولا ينبغي أن يمنع أهل البركة والغدير من ذلك. قال
عنه ابن وهب ولا يُمنع أبناء السبيل من بئر الماشية، قال ابن القاسم في
المسافرين يمنعهم أهل بئر الماشية الفضلة لدوابهم وشفاههم ويخافون على
أنفسهم إلى بلوغ ماء آخر فليجاهدوهم. قال أشهب في مسافرين وردوا ماءً
يمنعهم أهله من الشرب فليس ذلك لهم ولا أعلم أنه يصيبهم من الإضطرار إليه
ما يجوز لهم معه سفك الدماء ولست أرى أن يبلغوا ذلك فإن قدروا أن يغلبوهم
عليه بغير فساد فذلك لهم جائز ومانعهم ظالم متعد ولقد كره مالك قتالهم على
ذلك.
__________
(1) آبار الشفة المراد بها الآبار التي تستعمل للشرب لا التي تستعمل لسقي
الأرض.
(2) المواجل جمع ماجل بكسر الجيم وهو مستنقع الماء.
(3) في الأصل، بيع فضلها.
(11/8)
قال ابن نافع: سُئل مالك عن بيع أهل المياه
الذي على الطريق بين مكة والمدينة. حتى إنه يمنع الناس قرب مكة بالأبطح.
قال: ما أرى ذلك لهم وليمنعوا من ذلك. قيل أفيقاتلون على ذلك؟ / قال أما
القتال فلا أدري. قال أشهب: فإن وردوا مياه المواجل فمُنعوا فهي والآبار
سواء وقد فسرت لك ذلك ولا يجوز بيعها ولا بيع مائها من بئر أو ماجل لأنه
مُرتفق بين المسلمين وليسقوا دوابهم من فضل مائها والمواجل والآبار إلا أن
يكون فيه فضل وقد اضطروا إليه والمسافة بعيدة فيكون ذلك بينهم أسوة إلا أن
يكون لأهل تلك المياه غوث أقرب من غوث السفر فيكون السفر أولى (1) به
لأنفسهم ودوابهم.
وقد كتب عمر بن عبد العزيز في الآبار التي في الطريق بين مكة والمدينة أولى
من شرب منها ابن السبيل، وهذا حسن للضرورة إلى ذلك ولتزودهم منه وأنه ليس
بأهله إليه من الضرورة مثل ما بالمسافر يُقرِب غوثهم وصار بئرهم وأنه بين
أظهرهم والمسافرون يرحلون عنه، قال ابن نافع عن مالك سُئل عن بيع الماء
قال: أما المياه التي تسقي الأرض فلا بأس ببيع فضلها وأما الآبار التي
للشفة فلا أحب أن يُمنع ذلك ولا أراه لهم وقد كان يكتب على من احتفر بئراً
أن أولى من يشرب بهذه الآبار المحدثة أبناء السبيل.
وروى ابن وهب أن عمر قال من أحل فلاة (2) من الأرض فالحجاج والمعتمرون
وأبناء السبيل أحق بالظل والماء فلا تحجروا على الناس من الأرض، وكان علي
بن أبي طالب أمر أهل المياه بسقاية المارة من غير بيع ولا يُباع فضل الماء
من أحد احتاج إليه من أهل الإسلام، ورُوي أن عمر هدر (3) جراحات أهل الماء
وأغرمهم جراحات أبناء السبيل حين اقتتلوا عليه وقال: أبناء السبيل أولى
بالماء من الباني عليه حتى يروون وروى ابن وهب أن/ النبي صلى الله عليه
وسلم قال: لا يُقطع __________
(1) في ص، إن أول ما شرب منها.
(2) الفلاة: المفازة والجمع الفلا والفلوات.
(3) هدر جراحات أهل الماء: أي جعل جراحاتهم هدراً ولم يعاقب أبناء السبيل
وسامحهم فيما ارتكبوه من عنف من أجل الحصول على الماء.
(11/9)
طريق ولا يُمنع فضل ماءٍ (1) ولابن السبيل
عارية الدلو والرشاء والحوض إن لم تكن له أداة تعينه ويخلى بينه وبين
الركية (2) فيسقي.
فيمن هارت بئره وخاف على زرعه هل يسقي ببئر جاره؟
أو لبئر جاره فضل فاحتاج إليه
وفي البئر بين الرجلين كيف بما فضل
من ماء أحدهما أو استغنى عنه؟
من كتاب ابن حبيب روى مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يُمنع نقع
بئر. وفي حديث غيره ولا رهو ماءٍ (3)، قال أبو الزناد الرهو والنقع الماء
الواقف الذي لا يُسقى عليه أو يُسقى عليه وفيه فضل ومن ذلك حائطين وهي
لأحدهما يسقي بمائها وفيها فضل ورب الحائط الآخر محتاج إلى أن يسقي بها فله
أن يسقي بغير إذن صاحبها. قال ابن حبيب فسألت مطرف عن تفسير ذلك فقال: ذلك
عندنا. وقاله مالك لي هو في البئر بين الشريكين يسقي هذا يوماً وهذا يوماً
فأقل من ذلك أو أكثر فيسقي أحدهما في يومه فيروي إبله أو زرعه في بعض يومه
أو يستغني ذلك اليوم عن السقي فيريد صاحبه أن يسقي في ذلك اليوم فيمنعه
صاحب اليوم وقال هو حظي من السقي إن سقيتُ به سقيتُ وإن استغنيتُ عنه
منعتُه منك فليس له ذلك وليس له منعه مما لا نفع فيه ولا يضره تركه فهو
معنى قوله لا يُمنع بئر ولا رهو بئرٍ (4).
قيل لمطرف فإن كانت البئر لأحد الرجلين فيحتاج جاره أن يسقي حائطه بفضل
مائها. قال مالك: ليس له ذلك إلا أن تهور (5) بئر جاره/ فله أن __________
(1) لم نقف عليه بهذا اللفظ لكن محتواه موجود في كثير من أحاديث الرسول صلى
الله عليه وسلم.
(2) الركية: البئر القليلة الماء.
(3) صدر هذا الحديث رواه ابن ماجة في سُننه في كتاب الرهون باب النبي عن
منع فضل الماء يمنع به الكلأ.
(4) تقدم تخريج هذا الحديث.
(5) في ص، تغور.
(11/10)
يسقي بفضل بئر جاره إلى أن يصلح بئره
ويُقضى له بذلك، ويدخل في معنى قول الحديث "لا يُمنع نقعُ بئر" وليس له
تأخير إصلاحه استمر (1) على ماء جاره وليؤمر بالإصلاح ولا يؤخر، قال مالك:
وذلك في النخل والزرع الذي يخاف عليه لهلاك إن مُنع السقي إلى إصلاح بئر،
فأما إن أراد أن يحدث عملاً من زرع أو غرس ويسقيه بفضل ماء جاره إلى أن
يصلح بئره فليس ذلك له. وقال ابن الماجشون مثله كله، وقال ابن عبد الحكم
وأصبغ إنه قول ابن وهب وابن القاسم وأشهب وروايتهم عن مالك.
ومن العتبية (2) روى ابن وهب أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فقال إن لي
زرعاً قد كاد يُصرم فانهارت بئري، قال: انظر أدنى بئر من حائطك فاهدم جدارك
الذي بينك وبينها ثم اسقه منها حتى تصرمه وقضى بذلك في النخل فيها ثم ثمر
يُخشى هلاكه إلى أن يصلح بئره، وروى ابن القاسم وأشهب وابن نافع عن مالك
فيمن هارت (3) بئر جاره فإنه يكره على أن يسقيه فضل مائه حتى يصلح بئره،
قال مالك: وهو يشبه قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يُمنع نقعُ بئرٍ" (4)
وأما إن لم يقضُلْ من مائه عن سقي ورعه فلا شيء لجاره عليه وليس له أن
يأتنف غرس ودي (5) لسقيه من فضله.
قال أشهب في بئر الزرع أسقي منها أرضي وفيها فضل هل لجاري السقي بفضلها؟
قال لا إلا أن يبيع ذلك الفضل وليس ذلك عليك إلا أن يضطر جارك فيخاف على
نخله أن يهلك لانهيار بئره فذلك عليك في فضل مائك [إن كان عنده ثمنٌ أداه
في ذلك وإن لم يكن عنده ثمنٌ وقد خيف على نخله سقيت/ له __________
(1) كذا.
(2) البيان والتحصيل، 9: 24.
(3) في ص، غارت.
(4) تقدم تخريجه.
(5) الودي: صغار الفسيل الواحدة ودية.
(11/11)
فضل مائك] (1) بغير ثمن، وإن كرهت إلى أن
يصلح بئره قريباً، وكذلك قال مالك: وليس له أن يسقيها إن كانت ودياً حتى
تبلغ وإنما يُنظر في هذا على قدر ما ينزل منه، قال ابن القاسم في الذي هارت
(2) بئره ويخاف على حائطه، أن له أن يسقي بئر جاره بغير ثمن ويُقضى له
بذلك، قال: والفرق بين بئر الماشية أن الناس أولى بفضلها وأما بئر الزرع
فربه أولى بفضله ولأن من زرع إلى جنب رجل على غير أصل ما يريد إن فضل ماءُ
جاره فهو مضار وليس له ذلك إلا بالثمن والذي له بئر فانهارت قد زرع على أصل
ما يُقضى له بالفضل.
في البئر أو العين بين الشريكين تهور البئر أو تغور العين
أو ينهدم جدار بينهما فيأبى أحدهما العمل
وفي السفل ينهدم والعلو لآخر
أو يقسم البئر بالمناضح فزال الماء من أحد المناضح
وفي بئر الماشية يريد الكنس
من كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون عن مالك وهو قول جميع أصحابنا في
البئر أو العين بين الشريكين ينقص ماؤها فطلب أحدهما العمل وأبى الآخر أنه
يقال له إما أن تعمل وإلا فبع ممن يعمل وإلا قلنا لصاحبك اعمل وما زاد عملك
في الماء فهو لك خالصاً حتى يعطيك صاحبك نصف ما أنفقت.
ومن العتبية (3) والمجموعة قال سحنون قال ابن القاسم في قول مالك في الماء
بين الرجلين فيهور. فيقال لأحدهما اعمل ولك الماء كله أو اعمل مع صاحبك. إن
كل أرض مشتركة لم تُقسم من نخل أو أصيل أو أرض فيها زرع زرعاه فهارت البئر/
فليقل لمن أبى العمل اعمل مع صاحبك أو مع حصتك من الماء الأصل __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص، غارت.
(3) البيان والتحصيل، 10: 441.
(11/12)
أو قاسمه فتأخذ حصته ويأخذ حصتك، فيؤمر فمن
أحب أن يعمل عمل، ومن أحب أن يترك ترك، ومن عمل منهم كان له الماء كله حتى
يعطيه شريكه ما يصيبه من النفقة فيرجع على حقه من الماء.
وإن كان بينهما طرع أو شجر بثمره في أرض لهما فإن من أبى العمل يُجبر على
ما أحب أو كره أو ببيع ممن يعمل، وأما الأرض المقسومة أو الشجر المقسوم (1)
أو زرع لرجلين في أرضي بينهما إلا أن ماءهما واحد فتهور البئر وتنقطع العين
فيأبى أحدهما العمل ويرضى بهلاك زرعه أو أصوله يريد زرعه مغروراً وكذلك
أصوله فإن ذلك له ولا يكلف النفقة معه ويقال للآخر اعمل ولك الماء كله إلا
أن يأتي شريكه بما يصيبه من النفقة في نصيبه فيرجع على حقه في الماء.
والشريكان في الأصول والزرع إذا انهارت البئر كالشريكين في الدار تنهدم
فإما بنى مع صاحبه وإلا قاسمه العرصة.
قال سحنون وقال ابن كنانة وابن نافع والمغيرة: إنما هذا في البئر ليس عليه
حياة من زرع ولا نخيل ولا غيره فأما بئر عليها حياة من نخل أو زرع فيهور
فيأبى أحدهما أن يعمل فإنه يُجبر أن يعمل أو يبيع ممن يعمل كالعلو لرجل
والسفل لآخر فينهدم فإنه يُجبر أن يعمل أو يبيع ممن يعمل وإلا بيع عليه.
ومن المجموعة قال أشهب عن مالك في رجلين لهما بئر أو عين فخربت فدعا أحدهما
صاحبه إلى عملها فأبى الآخر فقال إنما تكلف/ أن تعمل معه إن لم تخرب العين
أو البئر وإنما قل ماؤها وكاد ينقطع ويخرب، فهذه من دعا إلى عملها جبر
الآخر على ذلك، لأنه إذا أبى ذهب بقية مائها فماتت كلها فلا يُترك وذلك،
وهذا من الضرر، فإن أبى ضرب حتى يعمل أو يبيع.
وأما الذي لا يُجبر على العمل مع شريكه فهو أن يخرب البئر أو العين وينقطع
ماؤها فلا يُجبر على العمل في هذا فإن شاء شريكه أن يعمل ويكون له
__________
(1) في الأصل، أو الشجر المقسومة.
(11/13)
الحق بجميع الماء حتى يُعطيه شريكه نصف ما
أنفق فذلك له فإذا أعطاه كان الماء بينهما فيما يستقبلان (1) ولا شيء على
العامل فيما شرب قبل ذلك، قيل: فإن عمل جميع البئر وطلب أن يكريها كلها
وبياض الأرض حتى يعطيه نصف النفقة فقال: إنما له [الماء] (2) الذي أحيا
وليس له بياض أرض شريكه، قيل: فما الذي انتفع به؟ قال: إحياء الماء يسقي به
أرضه، قيل: فالأرض مشتركة، قال: يقاسمه أو يكري منه أو يسقي بقدر مصابته
منها وله الماء كله وليس له أرض شريكه. ع (3) انظر قوله يقاسمه نصيبه أو
يكري أو يسقي قدر نصيبه إن الألف وقفت غلطاً لأن له أن يُجبره على القسم
ليجعل له أرضه خاصة وهو لم يجعل له النفع بأرض شريكه ولا يصل إلى أرضه إلا
باقتسام.
وذكر سحنون أيضاً في المجموعة ما تقدم من قول ابن نافع والمخزومي ثم قال
سحنون بإثر كلامهما: وكذلك الحائط بين الرجلين قياس ذلك وقياس السفل والعلو
والبئر التي عليها واحد وهو أصل قولنا. ولا يفرق بينهما إلا شهر إذا انهدمت
البئر أو الحائط أو السفل يجبر صاحبه أن يعمل فإن أبى عليه السفلي/ والدار
والبئر والأرض، وهو قول كبار أصحابنا وذكره سحنون عن غير المغيرة وابن نافع
في جدار بينهما انهدم فدعا أحدهما الآخر إلى بنائه فذلك له ويُجبر أن يبني
معه أو يبيع نصيبه من الدار ممن يبني، وليس يبيع نصيبه من الحائط فقط إذ لا
يشتري ذلك أحد.
وكذلك العين الحية ليس فيها من الماء ما يكفي أحد الشريكين فإن من دعا إلى
عمارتها فذلك له ويُجبر على ذلك صاحبه وإن لم يكن عنده مال أُجبر على بيع
نصيبه ممن يعمر لأنه يخاف عليها الخراب وأما التي قد خربت فهذه التي قال
مالك فيها لا يُجبرُ على العمارة، وأما العين يقل ماؤها ويسقي منها ما يكفي
بعض الشركاء لقلة نخله ولا يكفي صاحب الكثير فهذا لا يجبر صاحب القليل على
__________
(1) كذا ولعلها محرفة عن قوله فيما يسقيان.
(2) الماء ساقطة من الأصل.
(3) ع رمز يستعمله أحياناً في كتابه وهذا ولعله يقصد به العتبي.
(11/14)
العمل ويعمل الآخر ويكون للذي لم يعمر قدر
حصته من الماء القليل ويكون باقي الماء للذي عمر حتى يعطيه حصته من النفقة،
قال ابن نافع قال مالك: يُعطونه (1) حصصهم بما أنفق عى غلاء ذلك يوم أنفق
ورخصه، وأنا أرى أن يعطوه قدر ذلك من قيمة العمارة، من كان له الربع أعطاه
ربع القيمة يوم يأخذ لأن المنفق قد أبلى ما أنفق وأخلق فليس له أن يأخذ ثمن
ذلك جديداً وإنما يقوم يوم يقوم وقد بلي ذلك وخلق والقيمة في هذا وشبهه
أعدل إن شاء الله.
ومن سماع أشهب عن مالك في قوم لهم بئر يسقون عليها فاقتسموها على مناضح
خمسةٍ وكل واحد يسقي بمنضحة ثم إن واحداً منهم انقطع من ناحية منضحته
الماءُ وارتفع ملقاه التراب/ يُرسل الدلو فيخرج لا ماء فيه ولا يقدر أن
يسقي، ومنهم من يسقي على مائه أيسقي معهم من مناضحهم أم حتى يسقوا جميعاً
وقد دعاهم إلى ذلك فأبوا عليه وقالوا اضرب لنفسك.
قال مالك: إني لأرى لمثل هذا فيه سنة جارية. قيل له: إنه قد اختُلف في ذلك،
قال: إن أصوب ذلك أن يضربوا في البئر حتى يسقوا جميعاً، وروى عيسى عن ابن
القاسم في الماء بين الرجلين يعمل أحدهما ويأبى الآخر، فلما عمل نصف العمل
قال له الآخر أنا أعمل معك الساعة فإن خرج الماء أعطيتك نصف ما أنفقت وإلا
فلا شيء لك. قال: ليس ذلك له ولا يعمل معه حتى يعطيه نصف ما عمل ويستقل
العمل معه فيما بقي خرج الماء أو لم يخرج.
ومن المجموعة وهو في المدونة في بئر الماشية يحتاج إلى الكنس فيأبى بعضهم
إنه كبئر الزرع في أخذ من كنس بما زاد [حتى يرووا فإذا رووا كان شركاؤهم
والأجنبيون سواء.] (2) حتى يُعطوهم ما يصيبهم من النفقة فيكونوا حينئذ
شركاء في الماء كله بقدر ما كان لهم فيه ثم الناس كلهم في الفضل سواء.
__________
(1) في الأصل، يعطوه بحذف نون الرفع.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(11/15)
وقاله كله أشهب وقال: ومن فضل له من مائه
من ماء هذه البئر شيء لم يحل له منعه لا ممن يشركه في البئر ولا من غيرهم
وإنما يفترق بئر الماشية من بئر الزرع أن بئر الزرع يمنع ربه ما فضل منه
وهذا لا يجوز منع فضله لنهيه صلى الله عليه وسلم عن منع فضل الماء ليمنع به
الكلأ وهو بئر الماشية.
قال ابن نافع عن مالك في عين بين رجلين زرع عليها أحدهما فقل ماؤها فأراد
أن يرفع في العين/ ليستغزر في الماء في الماء فأبى ذلك صاحبه وقال: أخاف أن
يضر ذلك بالعين قال: يسأل عنه الناس فإن كان يضر بالعين فليس له ذلك. قال
ابن القاسم عن مالك فيمن اكترى أرضاً يزرعها سنة بزرع فخربت بئرُها فصاحب
الزرع مخير فإن شاء أنفق الكراء كله في إصلاح البئر لصلاح الزرع فذلك وله
ولا شيء لرب الأرض، فإن شاء ترك زرعه تهلك ويرجع بالعشرة فذلك له، وبعد هذا
باب في الساقية تسقي أجنة قوم فارتدمت كيف تُكنَسُ فيه من معاني هذا الباب
في ساقية أجنة قوم فارتدمت
على من كنسها؟
وفي كنس القناة تجري بالأثفال في الأفنية وفي الدور
من العتبية (1) سُئل أصبغ عن قوم لهم مجرى ماء وهم فيه أشراك ولبعض الناس
عليه أجنة كثيرة ولبعضهم عليه جنان (2) أو جنانان فارتدمت الساقية كيف
تُكنس أعلى الجماجم (3) أم على الأنصبة؟ قال: بل على الأنصبة والحقوق ولا
تباع كالشفعة وحق القاسم ولا أقول فيه بقول ابن القاسم أنه على الجماجم ولا
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 327.
(2) الجنان: البستان وهو يستعمل في المغرب والأندلس للدلالة على المفرد وإن
جاء على صيغة الجمع شأنه في ذلك شأن الرياض ويجمع جمع مؤنث فيقال جنانات.
(3) على الجماجم أي على قدر كثرة العيال وقلتهم وهو تعبير مجازي من إطلاق
البعض وإرادة الكل والجُمْجُمة في الأصل عظم الرأس المشتمل على الدماغ.
(11/16)
أعلم شيئاً من هذا يكون على الجماجم إلا
كنس المراحيض لأن الانتفاع بها سواء ولا يُحاط فيه بعلم ذلك معرفة.
وابن القاسم يرى في المرحاض الكنس على من له رقبة البئر أو على قدر أملاكهم
من رقبته، قال أصبغ: فإن انسدت الساقية وبعضهم ينتفع بأعلاها وبعضهم
بأسفلها فقال الأسفلون للأعلين اكنُسُوا معنا لأنها إذا اجتمعت من/ عندنا
أضرت بكم وقال الأعلون لا حاجة لنا بالكنس ولا ضرر علينا قال: أرى أن
يكنسوا معهم لأن ماءهم ووسخهم فيها كلها، قال فإن انسدت في الأعلى لم يكن
على الأسفلين عون الأعلين في الكنس لأنهم لا ماء لهم في أعلاها.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب في قوم لهم قناة فاحتاجت إلى الكنس فأبى
بعضهم وفي ذلك ضرر بالماء ونقص فإنه إن كان من مائها ما يكفيهم جميعاً قال
أشهب ولم يُخف على باقي مائها الذهاب بترك كنسها قالا: فلا نرى أن يُكلف
أحدٌ ممن أبى الكنس أن يكنس ويقال للذين أرادوا الكنس اكنسوا إن شئتم ثم
يقتسمون الماء الذي كان قبل الكنس على ما كان بينهم وما زاد في الكنس فهو
للذين كنسوا أبداً دون الذين لم يكنسوا ما لم يُعطهم الذين لم يكنسوا
نصيبهم من النفقة، قال أشهب: فإن كان المنفق واحداً منهم فمن أعطاه منهم
نصف الذي أنفق صار الماء بينهما يوم أعطاه ومن أعطاه منهم قدر مصابته من
القناة كانت له قدر مصابته من الماء ولا شيء عليه فيما لا يكلف من أبى
الكنس فأما إن كان ذلك تافهاً يسيراً فإنهم يكلفون ذلك شاءُوا أم أبوا.
ابن القاسم وقد قال مالك في قوم بينهم ماء فقلَّ ولأحدهم نخل يسيرة فقال في
مائي ما يكفيني ولا أعمل معكم قال: يقال للآخرين اعملوا ولكم ما زاد الماء
على القدر الأول حتى يُعطيكم حصته من النفقة فيكون له من فضل الماء قدر
حصته من الآن.
قال أبو بكر بن محمدٍ/ قال سحنون في كنس القناة التي تجري من قوم إلى
(11/17)
قوم في الأزقة والطرق بالتفل (1) أو
الغُسالات (2) قال فإن الأول يكنس حتى يصل إلى الثاني ثم على الأول والثاني
الكنس حتى يبلغا إلى الثالث ثم على الأول والثاني والثالث الكنس حتى يبلغوا
إلى الرابع هكذا حتى يبلغوا إلى آخرها لأن الأول ينتفع بها قبل انتفاعهم
بها وماؤه يسلكها كلها ولا يسلكها الثاني بشيء إلا من موضعه وكذلك الثالث
ومن بعده وهي تجري أيضاً في غير ملك أحد، وأما ما كان يسلك في دار غيرك
ويجري في داره الكنس إلا أن يكون موضعها من دار الرجل مِلكاً لمن يجري عليه
فيكون ذلك على من له المِلكُ، وعلى قول ابن وهب الكنس على قدر المنافع ولم
يراع مالك البقعة.
وروى أبو بكر بن محمد عن سحنون في قناة تجري تحت أربع أدورٍ فانسدت فأرادوا
إصلاحها هل يُصلِحُ كل واحد ما في داره أو يشتركون (3) في نفقتها؟ قال
سحنون يصلح الأول ما في داره ثم يصلح الأول والثاني مع الثالث ثم يصلحون
كلهم مع الرابع لأن ماء الأول قد سلك فيها كلها فهو يصلح مع كل واحد وهذا
إن كان ماء الدور يجري في القناة فإن كانت لرجل واحد تجري في دور هؤلاء فإن
إصلاحها على الذي هي له دونهم، قال يحيى بن عمر في قوم لهم قناة يجري ماء
كل قناة على قناة جاره هكذا حتى يصل ماؤهم إلى أم (4) يخرج منها إلى الخندق
فانسدت قناة/ فكنس الأول فلم يجر ماؤه في قناه جاره فقال لجاره اكنس قناتك
حتى تجري قناتي فأبى ذلك جاره وكذلك من بعده ممن يليه.
قال يحيى: أرى أن يُجبر كل من استدت قناته على كنس قناته حتى يمر عليه ماء
جاره هكذا يلزمهم حتى يخرج ماؤهم إلى الأم (5) التي يخرج منها إلى الحندق،
وأما كنس الأم التي يجتمع فيها ماؤهم فالكنس فيها عليهم أجمع ويُنظر
__________
(1) كذا في النسختين ولعل المراد بالتفل الوسخ.
(2) الغُسالاتُ جمع غُسالة وهي من الشيء ماؤه الذي غسل به أي الماء الذي
توسخ بعد الاستعمال.
(3) في الأصل بحذف نون الرفع ويقع هذا الحذف في الكتاب كثيراً
(4) في الأصل، إلى أمر وهو تحريف واضح.
(5) في الأصل، إلى الأمر وهو تحريف شبيه بالذي وقع من قبل.
(11/18)
فإن كان إنما يجري فيها ماء المطر فقط
بالغرم على عدد الدور لا على عدد العيال وإن كان يجري في هذه القنوات التفل
من الغائط والبول فالغرمُ في كنس تلك على قدر كثرة العيال وقلتهم كسكان في
دارٍ وكنيفهم (1) واحدٌ.
في منع الكلأ أو بيعه
والحيتان التي في الغُدرِ والأنهار
من المجموعة قيل لابن القاسم في الحديث الذي جاء لا يُمنع فضل الماء ليمنع
به الكلأ (2) قال: إنما ذلك فيما أحسب في الصحاري والبراري وأما في القرى
والأرض التي عرفها أهلها وقسموها فلهم منع كلئها عند مالك إن احتاج إليه
وإلا خَلى بين الناس وبينه، قال مالك: وله بيع مراعي أرضه سنة بعد أن تطيب
ويبلغ أن يُرْعَى ولا يبيعه عامين.
من العتبية (3) من سماع ابن القاسم في الأرض فيها العُشبُ أن له أن يحييها
إن كان له بها حاجة وإلا فليس له ذلك، قال عيسى: سألتُ ابن القاسم عن قول
مالك وكذلك قال ابن حبيب: سألتُ مطرف عن قول مالك/ إن كان لرجل أرض فله منع
كلئها إن احتاج إليه وإلا فليُخَل بين الناس وبينه، وعن قوله لا بأس أن
يبيع الرجل خصب أرضه عامه ذلك إذا بلغ أن يُرْعَى وأي خصب يبيعه للناس؟ وأي
خصب يمنع (4)؟ فقالا: الذي يبيعه ويمنع الناس منه وإن لم لم يحتج إليه فما
من مروجه وحماه، فأما الذي لا يبيعه ولا يمنعه إلا أن يحتاج إليه فما سقى
المرج والحمى من خِصْبِ فدادينه وفحوص أرضه.
__________
(1) الكنيف: المرحاض وأصله في اللغة الساتر وسمي به المرحاض لأنه يستر من
دخل إليه.
(2) سبق تخريجه.
(3) البيان والتحصيل، 10: 244.
(4) في الأصل، وأي خصب يبيع.
(11/19)
قال مطرف: البُور (1) والعفاء (2) فإنه لا
يجوز بيعه ولا منعه قالا: وهذا يُجبر على إباحته للناس إن استغنى عنه إلا
أن يكون عليه في وصول الناس إليه بدوابهم مضرة مثل فدان فيه خصب وحواليه
الزرع فله منعهم منه للضر. قال ابن حبيب: وسألتُ عن ذلك ابن الماجشون فساوى
بين الوجهين وقال: هو أحق بخصب أرضه البيضاء (3) كلها التي يزدرعها وإن لم
تكن حمىً ولا مروجاً وإن شاء باع أو أو رعى، وإنما الذي لا يحل بيعه ومنعه
إن لم يحتج إلى رعايته خصب العفاء من منزله.
وقال أصبغ: رأيتُ أشهب ينكر رواية ابن القاسم عن مالك أن للرجل بيع خصب
أرضه عامه ذلك إن بلغ أن يُرْعَى وكان لا يجيز بيع الكلأ على حال وإن كان
في أرضه وحماه ومروجه قال: وإنما الكلأ كالماء العذب الذي يخرجه الله على
وجه الأرض فلا يملك ولا يباع وهو لمن يأتيه الله في أرضه فينتفع به وله أن
يحميه/ ويذب عنه لمنافعه به فإن استغنى عنه لم يجز له منعه ممن احتاج إليه
ولا يبيعه إلا أن يجذه ويحتمله كما يفعل الناس في بيعه، فأما نابتاً قائماً
فلا يبيعه ولا يمنعه ولو جاز هذا لمن له أرض جاز للإمام ذلك في أرض العنوة
أن يمنع كلأها يجعله كالسواد، وبهذا قال أصبغ، ابن حبيب، وقول مالك ومطرف
وابن القاسم أحب إلي.
وروى أصبغ للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلمون شركاء في ثلاثة
الماء والكلأ والنار (4). ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في رجل يكون
له الغدير أو البركة أو البحيرة فيها الحيتان فلا يُعجبني بيعه ولا ينبغي
أن يمنع من يصيد فيه، وكذلك في بحيرات عندنا يبيع أهلها سمكها ممن يصيد
فيها سنة.
__________
(1) البُورُ من الأرض: ما لم يزرع.
(2) العفاء: التراب.
(3) الأرض البيضاءُ: الأرض الملساءُ التي لا نبات فيها كأن النبات كان
يُسودها وقيل هي التي لم تُوطأ وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع
الأرض البيضاء سنتين أو ثلاثة. رواه أحمد بن حنبل في مُسنده بسند جابر بن
عبد الله.
(4) أثبته ابن ماجة في سننه في كتاب الرهون باب المسلمون شركاء في ثلاثة.
(11/20)
قال مالك: لا يعجبني لأنه يقل ويكثر ولا
أحب لهم أن يمنعوا الناس من الصيد فيها، قال أشهب: إذا كان لك غدير أو بركة
أو عين فيها سمك فإن كنت أنت طرحت فيها سمكاً فتوالد ولم يأتها ذلك من غياث
الله سبحانه فأنت أولى به، وإن كان ذلك جاء مع الماء إذ جاء فليس لك أن
تمنع من الصيد فيها إلا أن يكون في صيد فيها ما يفسد عليك غير ذلك من ملكك
فليس ذلك لهم.
قال سحنون: له أن يمنع مراعي أرضه وحيتان غديره لأن ذلك في ملكه وحوزه وذلك
سواء. قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ما كان من ذلك ملكاً لأهله وفي
حوزهم وملكهم فلهم أن يمنعوا الناس منه وما كان منها في الخلج والأنهار
التي لا تملك فليس لمن دنا إليها بسكناه/ وحقه أن يمنع منها من طرأ وقال
مثله ابن حبيب، وكذلك قالا في مصايد الحيتان في الأنهار والبحيرات والغدر
والبرك والخليج أن لهم منع الناس من الصيد فيها إن كان ذلك فيما يملكون من
أرضهم، وإلا فليس لهم المنع منها.
قلت: فلو عملوا فيها مصايد بقصب وخشب وما عرفه أهل الاصطياد؟ قال: ليس لهم
أن يتحجروها عن الناس ولكن يبدؤؤن بالاصطياد فيها فإذا أخذوا حاجتهم خلوا
بين الناس وبينها والصيد فيها.
قال أصبغ: وابن القاسم ساوى بين ما كان في ملكهم وغير ملكهم كالكلأ. ومن
المجموعة قال عبد الملك للرجل أن يُكري مراعي أرضه فإن شاء باع وإن شاء وهب
إذا حضر وقت الرعي فإن كانت الأرض مسلم قوم من القرية فليس لهم أن يكروها
ولا يمنعوا فضل مائها ليمنعوا به الكلأ.
قال سحنون: وفيها جاء الحديث فيما لا يُمنع ولا يجوز بيعه وكما لا يباع
البئر في أرض الأعراب فكذلك كلؤها وكما يباع البئر في الأرض المملوكة، كذلك
يباع كلؤها، هكذا بلغني عن سحنون أن مسلم القوم إن لم يكن في كلئه فضل عن
ماشيته لضيق المسلم أو لكثرة الماشية فليس لغيرهم أن يدخل عليهم بالرعي
فلهم منعهم لأنه من دفع الضرر ولكن ليس لهم بيعه كما لا يبيعون بئر ماشيتهم
(11/21)
وهم يبدؤؤن بالشرب وكذلك في الكلأ. والناس
في فضل هذا وهذا سواء ولا يباع ذلك، وكذلك لا يعجبني بيع أطراف مسلماتهم
لأن بيع/ ذلك منع لمنافعه وكلئه، وهم ليس لهم منع ما فضل عن حاجتهم، فكيف
يبيعون ما لا يملكون ولا يورث عنهم؟ إلا أن يبيعوا ذلك ويقتسموه (1)
بالسلطان فيكون ذلك كأنه قطعه لهم. وإن كان ذلك مما يحتاجون إليه مما لا
يدخل فيه القطائع فليس ذلك لهم لأن بيع ذلك قطع لمنافعه عن نسلهم وعن
الغائب عنهم وملكهم فيه ملك منعةٍ ليس ملك حقيقة.
في حريم الآبار والعيون وحريم النخلة
وفيمن حفر في داره ما يضر جاره
من المجموعة ابن وهب عن مالك فيمن له بئر في أرضه يسقي بها حرثه وحائطه
فيريد جاره أن يحفر بئراً قريباً منها، قال: ينظر فيه الإمام فرُبَّ أرض
رقيقة إن حُفر بقربها ذهب ماؤها وأخرى جبل لا يضر ما حُفر بقربها فما كان
فيه ضرر منعه الإمام وإلا تركه. وروى مثله ابن القاسم في بئر الماشية
والعيون إن حريمها علي قدر اجتهاد الإمام بقدر حدة الأرض ورقتها، وفي سماع
ابن وهب قال وذكر له ما جاء عن ابن المسيب فقال: ما علمتُ ذلك.
وذكر ابن نافع عن مالك في المجموعة وهو في العتبية (2) من سماع أشهب عن
مالك أنه سُئل عن حريم الآبار والعيون فقال: إنما الحريم في الفلوات وحيث
لا يُملك فأما ما احتفر رجل من بئرٍ أو عين في حقه فله ذلك إلا أن يضر ذلك
بجاره ضرراً بيناً، فقد يحفر بئراً يستفرغ بحفره بئر جاره فهذا يثمنع وأما
في الفلوات فليس لذلك حريم معلوم ولكن ما صار إلى الضرر/ مُنع منه ولا بأس
بما لا يضر أما الأرض الشديدة الصخر فلا يكاد يضر الحفرُ فيها وإن تقاربت
الآبار، وأما __________
(1) في الأصل ويقتسمونه بإثبات نون الرفع.
(2) البيان والتحصيل، 10: 250.
(11/22)
الأرض البطاح اللينة فإنها إذا تقاربت
انتشف بعضها ماء بعض فليُبعَد عنها ما لا يضر بها بغير حد معلوم إلا ما فيه
الضرر.
قال ابن نافع: وبلغني في حريم البئر العادية (1) خمسين ذراعاً وفي البئر
البادية خمسة وعشرين ذراعاً أخبرنيه ابن أبي ذيب عن ابن شهاب عن النبي صلى
الله عليه وسلم فقال أشهب: قد جعل لها العلم حريماً (2) وجرى ذلك بينهم
قديماً وذكر هذا الحديث عن سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن النبي صلى
الله عليه وسلم في حريم بئر الزرع خمسمائة ذراع (3).
قال ابن شهاب: لا أدري ذكر حريم بئر الزرع أفي الحديث هو أم من قول سعيد؟
وذكر ابن وهب الحديث عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب وذكر عن قول ابن
المسيب في البئر العادية وبئر البدو مثل ما تقدم من نواحيها كلها.
قال ابن المسيب: وسمعت الناس يقولون: حريم العيون خمسمائة ذراع، وكان يقال:
حريم الأنهار ألف ذراع، وفي حديث آخر لابن وهب عن عمر بن الخطاب في البئر
العادية وبئر البادية كما تقدم، وقال: في العيون خمسمائة ذراع وفي بئر
الزرع المناضح ثلثمائة ذراع، وقال ابن شهاب عمن أدرك من العلماء كانوا
يقضون في غياض العيون في رقاق من الأرض بتسعمائة (4) ذراع وإن كانت في جلد
من الأرض فأربعمائة ذراع وخمسون ذراعاً.
__________
(1) البئر العادية: البئر القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك فيقع
فيها الإنسان أو غيره وجاء في لسان العرب لابن منظور أنها هي المرادة من
قوله عليه الصلاة والسلام: البئر جُبارٌ أي هدر وذكر لهذا الحديث تفسيراً
آخر.
(2) في ص، قد جعل أهل العلم لها حريما.
(3) لم يتيسر لي تحديد حقيقة هذا الحديث إلا أنه يوجد في سنن الدارمي في
باب حريم البئر عن عبد الله بن معقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال: من احتفر بئراً فليس لأحد أن يحفر حوله أربعين ذراعاً عطناً لماشيته.
(4) في ص، سبعمائة بتقديم السين.
(11/23)
قال أشهب: وإنما هذا حكومة سواء في كل ما
نزل وفيما ذكر عمر في ذلك يقاس عليه/ كما يُروى في جزاء الصيد ويؤتنف فيه
الحكم فيجتهد في ذلك كله في بئر العادية وبئر البادية وبئر الزرع وبئر
الماشية ويقدر ما لا يضر من ذلك بمن سبق وليحتفر وإن كان أقل مما مضى من
حده، وإن كان مما يضر فليمنع وإن كان أبعد مما مضى فيه من الحد لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال "لا ضرر ولا ضِرار" (1)، وكذلك حريم العيون
والأنهار مختلف باختلاف الأرض في لينها وشدتها وهذا في إحياء الموات وما
احتفر الرجل في حقه أو [مما اختلط إياه أو ابتاعه] (2) فإنما يراعي ألا يضر
ما فعل بجاره إن كان يجد بداً من احتفار ذلك ولم يضطر إليه فإن كان لضرورة
ولا مندوحة له منها فليحتفر في حقه وإن ضر ذلك بجاره لأنه قد أضر به تركه
كما يضر بجاره حفره وهذا حقه أن يمنع جاره أن يضر به في منعه الحفر لأنه
ماله، وهذا أيضاً قول مالك.
قال ابن القاسم في البئر في أرض صلبة فأراد أحد أن يحفر قربها أو يبني بناء
فقال أهل البئر: هذا عطنُ إبلنا ومرابض غنمنا (3) وبقرنا [وذلك لا يضر ماء
البئر] (4)، قال: يُمنع من ذلك لأنه حق لهم إذا أضر بهم في معاطنهم فهو
كالضرر بهم في مائهم. وقال أشهب: هذا في إحياء الموات فيما يُحتضر ويُحرث
ويُبنى فليس لمحيي الموات (5) أن يحيى ما كان مُضراً بمن قاربه ولا ينظر
فيه إلى قول الحافر ولا قول أرباب الماشية ولكن إلى ما كان فيه الضرر
بعطنهم فإن لم يضربهم فله أن يحتفر.
قال ابن القاسم وأشهب فيمن له بئر خلف حائطه أو وسط داره فحفر جاره في داره
بئراً أو كنيفاً أضر ببئر جاره فإنه يُمنع. قال أشهب لأنك أحييت __________
(1) رواه الإمام مالك في الموطإ مرسلاً عن عمر بن يحيى عن أبيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم ورواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده فيما أسنده عن عبد
الله بن عباس رضي الله عنهما.
(2) العبارة جاءت في الأصل مضطربة فأثبتناه على الصورة التي ذكرنا.
(3) في ص، هذا عطن لإبلنا ومرابض لغنمنا.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) في الأصل، فليس غير الموات وهو تحريف والصواب ما أثبتناه من ص.
(11/24)
ذلك لما قبله/ فليس له أن يُحيي ما يقطع
عليك ما أحييت قبله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضِرار (1).
وقال في نهر يمر في أرض قوم فأرادوا أن يغرسوا في حافتيه فمنعهم صاحب النهر
فليس له منعهم، وقال أشهب: لأنهم يغرسون في حقهم ولا يضر ممر نهره وإن شرب
منه الغرس إلا أن يغرس في موضع لك أن تلقى طين نهرك فيه فلك منعُهُم لأن لك
فيه حقاً.
قال ابن القاسم فإن غرس ولم يقدر أن يُلقى الطين على غيره الشجر لكثرته
فليُلقه على الشجر إذا كان شأنهم إلقاء الطين في حافيته هذه سنة بلدهم. ومن
كتاب ابن غانم وسؤاله مالكاً قال: وسألته عن حريم النخلة قال: قدر ما يرى
أن فيه مصلحتها ويترك ما أضر بها، قال: وسُئل عن ذلك أهل العلم به وقد
قالوا: من اثني عشر ذراعاً من نواحيها كلها إلى عشرة أذرع وذلك حسن وسُئل
عن الكرم أيضاً وعن كل شجرة أهل العلم بها فيكون لكل شجرة بقدر مصلحتها.
في سيل الأودية والأنهار إذا تشاح فيها أهلها
من المجموعة ذكر من رواية ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيما رُوي عن النبي
صلى الله عليه وسلم في سيل مهزور ومذينب (2) أن يمسك الأعلى على الأسفل [ثم
يرسل الأعلى على الأسفل، وفي حديث ابن وهب: يُمسك الأعلى على الأسفل، الماء
في حائطه إلى الكعبين ثم يرسل على الأسفل] (3) ثم يعمل من كان أسفل منه
كعمله __________
(1) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد.
(2) مهزور ومُذينب واديان يسيلان بماء المطر خاصة، وفي مهزور اختُصم إلى
النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي مالك بن ثعلبة عن أبيه أن النبي صلى
الله عليه وسلم أتاه أهل مهزور فقضى أن الماء إذا بلغ الكعبين يحبس الأعلى.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(11/25)
حتى ينقص الأموال (1) أو ينفد (2) الماء.
قال المسور: فمضت بذلك السنة في شرب الحوائط/ بالسيول على هذا وعملوا به ثم
تشاح الناس. قيل لمالك في قوله صلى الله عليه وسلم: يُمسك الماء حتى
الكعبين ثم يرسله على الأسفل (3) يلزم ذلك الأئمة الناس في كل ما كان مثل
العوالي في ماء السماء، قال: أما السيل فإنه يُقضى به في كل مكان. وأما
النيل (4) فلا أدري. قال ابن نافع: وأرى ذلك في النيل أيضاً قال: وقد كان
في سيل مهزور ومذينب يومئذ أصل نخل قال: نعم.
قال ابن كنانة، وبلغني أن السيل إن كان يُسقى به الزرع مثل سيل مهزور
ومذينب أنه يُحبس حتى شراك النعل ثم يرسل الأعلى على الأسفل فأما ما سقى
النخل والشجر التي لها أصل فليُحبس إلى الكعبين، قال: وليُمسك الزرع والنخل
والأصول إلى الكعبين أحبُّ إلينا لأنه أحرى أن يروى ما يسقى به، وتفسير أن
يمسك السيل على نخل الرجل وزرعه قبل يدخله السيل فإذا بلغ إلى الكعبين أرسل
حتى يسقي ما تحته من نخل أو زرع لغيره فإذا سقاه أمهل أيضاً عن نخل من هو
أسفل منه وزرعه فيفعل هكذا حتى يسقي كل ما تحته فيُحبس لنخل كل رجل وزرعه
مرة ولا يحبس مرة واحدة لها كلها.
قال سحنون ومهزور ومذينب واديان بالمدينة يسقيان بالسيل ليس ملكهما لأحد
فيتشاح الناس فيها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ الأعلى فيحبس
الماء إلى الكعبين وإنما يراد بذلك أن يرسل الأعلى السيل ويحبس الماء الذي
بلغ في أرضه إلى الكعبين فلا يرسله. قلت له: فإن كانت أرض الأعلى غير
معتدلة بعضها أشرف من بعض؟ قال: يُؤمر أن يعدل أرضه وليس له أن يحبس/ على
أرضه كلها __________
(1) كذا في ص وهي ممحوة من الأصل. واللفظ عند ابن ماجة في كتاب الرهون (حتى
تنقض الحوائض أو يفنى الماء).
(2) في ص، يبعد وفي الحديث المذكور سابقاً: يفنى.
(3) ورد في الموطإ في باب القضاء في المياه ورواه أبو داود في كتاب الأقضية
وابن ماجة في كتاب الرهون باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء.
(4) كذا في ص وجاءت العبارة فيالأصل وأما السيل.
(11/26)
فوق الكعبين وهو الحكم في كل عين غير
مملوكة وهي تسيل سيحاً، وكذلك حكم السيول من ماء المطر مما يأتي من الجبال
والأرض التي ليس بمملوكة إن قدر الأعلى أن يمسك الماء حتى الكعبين فذلك له
ثم يرسل على من تحته ما بعد الكعبين وكل عين مملوكة ملكها لقوم فإنهم
يقتسمون ماءها على قدر ملكهم فيها لا يكون الأعلى أولى بها حتى يبلغ
الكعبين ولكن يُقسم بالقلد (1) وهي القدر ويأخذ كل واحد ماءه فيصنع به ما
شاء كان أسفل أو أعلى.
وكذلك السيول التي تأتي من ماء المطر من أرض الناس المعروفة لهم فلكل واحد
أن يمنع ماءه ويحبسه في أرضه قل أو كثر ولا يرسل من تحته شيئاً ولا حجة لمن
تحته عليه إلا أن يتطوع له بذلك.
وإن أرسل رجل ماء أرضه إلى جاره فللمرسَل إليه أن يحبسه في أرضه ولا يخلي
منه شيئاً إلى من تحته. وسُئل بعض أصحابنا عن النهر الصغير عليه الأرحية
والأجنة فيسقي به أهل كل قرية شجرهم وبعض الأجنة فوق بعض إلى آخر النهر
والقرى على النهر يشربون من مائه ويردون بمواشيهم فيقل ماؤه في الصيف لما
يكثر عليه من سداد الأرحية والأجنة فيسقي به أهل كل ملايا في القرى السفلى
ما يسقون ويردون بمواشيهم وربما حفت شجرهم قال وأرى أن يهدم الوالي تلك
السداد إذا علم أن الماء يسعهم بهدم السداد، وإن كان لا يعمهم إن خرقها فلا
يخرقها إلا أن يخرج الماء من أرض قوم وحوزهم فيكون أولئك أحق بمائه حتى
يفرغوا من حاجتهم فيكون فيه الأسفلون بالسوية/ القرى كلها يقسمون ثم يقسم
أهل كل قرية ماءهم إذا احتاجوا إليه على قدر ما لهم في القرية، وإن كان
لأحدهم شرب معلوم من الأسفلين أعطيه إن ثبت ذلك ببينة عادلة وسواء كانت
ترده الماشية أم لا.
__________
(1) القلد بفتح القاف مصدر لقلد الماء في الحوض إذا جمعه والقلد بالكسر يوم
السقي المحدد لشخص ما على التناوب وفي حديث عبد الله بن عمرو أنه قال:
لقيمه على الوخط إذا قلدك من الماء فاسق الآخر الأقرب فالأقرب أي إذا سقيت
أرضك فأعط من يليك. ذكره ابن منظور في لسان العرب.
(11/27)
قيل فقد تكثر عليه الأرحية فيقل ماؤه في
الصيف فيسد الأعلى رحاه فيحبس الماء ليلة أو بعض يوم ثم يرسله فيطحن رحاه
ويسقي شجرة ثم يتولاه الذي يليه فيفعل مثل ذلك فربما بقي الأسفل لا يطحن
رحاه أياماً قال فليوكل الوالي أمناء على كل قوم بناحيتهم فيمنعون من سد
ذلك الماء ويرسلونه إذا كان في إرساله منفعة للأسفلين في طحينهم وسقي شجرهم
وإن لم تكن لهم فيه منفعة تركوا وذلك، لا يُمنعون من منافعهم إذا لم يضروا
فيها بأحد.
ومن العتبية (1) قال عيسى وسُئل ابن وهب وهو في المجموعة إلا أنه قال وسُئل
بعض أصحابنا عن قوم لهم مرج يزرعون فيه وللمرج واد فإذا كان السيول في
مرجهم وأن ذلك الوادي انصرف عن مرجهم فهل لهم أن يسدوا مصرفه عن مرج
الآخرين؟ قال: إن دخل الماء أرضهم قبل انصرافه فهم أحق به حتى يسقوا ما
عندهم ثم يرسلوا الفضل إلى إخوانهم وإن انصرف عنهم قبل أن يدخل أرضهم فليس
لهم قطعه عن إخوانهم إلا ان تكون فيه سعة لهم جميعاً لأن الماء غيث يسوقه
الله تعالى إلى ما يشاء قال الله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَفنَاهُ بَيْنَهُمْ
لِيَذَّكَّرُوا) [الفرقان: 51] يريد المطر فلا يقطع عن قوم ما صرَّفه الله
إليهم ولا ينقلونه من مكان بعيد فيصرفونه إليهم دون ما هو أقرب إليهم
منهم/.
قال في العتبية (2) وقال ابن القاسم مثله وفي أبواب الأرحية شيءٌ من معنى
هذا الباب.
ومن الواضحة وسألتُ أصبغ عن العين لرجل في أرضه ولجاره أرض إلى جنب عينه
فينبع في تلك الأرض عيون من تلك العين فيريد صاحب العين سدَّ ما نبع منها
في أرض جاره ليُعزر عينه، قال: إن كان جاره لم يستحدث ذلك ولم يحتفره كي
يجر ماء العين لنفسه فليس ذلك له لأنه شيء ساقه الله إليه وإن كان
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 265.
(2) البيان والتحصيل، 10: 265.
(11/28)
هو الذي احتفرها واجتر الماء إلى أرضه بحفر
أو شيء صنعه فليس ذلك له ولرب العين منعه وإن بسد ينابيع الماء في أرضه.
وقال ابن القاسم مثله وهو من كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب سحنون عن جنانين
في زقاق من أزقة واحد أعلى وآخر أسفل فيأتي المطر فيريد صاحب الأعلى حبس
الماء كله قال: هو أولى بالماء كله حتى يصير إلى الكعبين إن كانت أرضه
مستوية ثم يسرح الماء إلى الأسفل قبل الجنان الأسفل كبئر يحمل الماء قال:
وإن كثر فليس له منه إلا ما فضل عن الكعبين، قيل: فإن كان الجنانان
متقابلين قال: يُقسم الماء بينهما، قيل: فإن كان الأسفل مقابلاً للأعلى؟
قال: يعطي ما خرج عنه ما يسقي إلى الكعبين، يريد بذلك الخارج ثم يُقسم
الماء بينهما، قيل: فإن كان بعض الأجنة ٌأقدم من بعض؟ قال: والقديم أحق
بالماء.
في البئر أو العين في جنان الرجل
أو في داره المهدومة شركة للناس
ينتفعون به زماناً ثم أراد منعهم
ومن أقطعته عيناً من واديك ثم قام فيه ورثته
/ من العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن انهدم حائط حجرته
وفيها بئر يشرب منها جيرانه زماناً حتى مات الآباء وشرب منه الأبناء حتى
طال الزمان ثم أراد منعهم وبناها كما كانت، قال: إن كانت معروفة في غلقه
وحجرته حتى انهدم الجدار فتركها شرباً لجيرانه ردَّها إن شاء وإن طال
الزمان إلا أن يأتوا بأمر يستحقونها به، وإن كان أمر الجدار مجهولاً وتقادم
الأمر فيه جداً لا يمنع أحداً أن يشرب منها يبقى كذلك إلا أن تقوم بينة (2)
على إرفاقٍ (3) أو عارية أو أمر يستحقها به دونهم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 310.
(2) في ص، إلا أن تكون له بينة.
(3) الإرفاق إعطاء منافع العقار وفي الصباح المنير للمنوفي ارتفقت بالشيء
انتفعت به.
(11/29)
قال عبد الملك بن الحسن: سألت ابن وهب عن
حائط رجل ليس عليه جدار قال وفيها عين يغسل فيها من يجاوره من النساء
ثيابهن ويُقصرن شققهن ويرتفقن ومضى لذلك زمان ثم طلب رب الجنان أو مبتاعه
منه أن يحظر عليهن (1) الحائط ويقطع عمن كانوا يرتفقون (2) بالعين مرافقهم
بالغسل والوضوء وغير ذلك وادعوا أن لهم هذا المرفق منها وقامت لهم بذلك
بينة وقال رب الجنان كنت تركتهم وقد أضر بي اختلافهم إليها قال: فله منعهم
من ذلك وإباحته إذا شاء وليس ما أباحهم من ذلك أولاً لجيرانه وللمارة
وللناس مما يقطع نفعه من ذلك ولا منعه، وصرَّفه حيث شاء إذا كان ما تقدم
منه معروفاً صنعه ولم يكن صدقة بأصل العين أو تحبيساً على الناس فله منع
ذلك إن شاء، وسواء كان هو أنبطها أو اشتراها وإنما هي كبئر الزرع والأجنة
ولا أحب له أن يمنع الشرب منها من غير أن أقضي عليه.
وقال أشهب: له ذلك/ ليس لهم أن يدخلوا عليه في حظيرة (3) ولم يكن له قبل
الحظر معهم من غسل ثيابهم في العين إلا أن يكونوا يغسلون ثيابهم في موضع من
الحائط يخاف على بعض ما فيه منهم فله منعهم، وإن لم يكن الحائط محظراً.
ومن سماع أشهب وابن نافع عن مالك فيمن له واد فأقطع رجلاً منه عيناً ثم
ماتا فطلب أبناء القاطع منع أبناء المقطع ولا يُدرى كيف أقطعه إلا أن ذلك
بيده سنين ببينة قال مالك: أقطعهم عيناً ولم يحدثوا فيها شيئاً بحضرته
يحتجون به إنا أحدثنا ذلك وأنتم تنظرون هم يريدون اقتطاع الوادي كله فليس
هكذا يكون، وكذلك من أعطى رجلاً بيتاً فأي بيت هو وما درعه؟
__________
(1) في الأصل، عليه.
(2) في الأصل، عمن كان يرتفق.
(3) الحظيرة: الشيء المحيط بشيء آخر سواء كان خشباً أو قصباً.
(11/30)
فيمن غرس على ماء رجل
أو على فضل مائه فلم يمنعه
ثم أراد منعه
أو غرس على ماء أحياه
ثم أراد أن يغرس عليه
من العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن له ماء يسقي به وفي الماء فضل
يجري على قوم فغرسوا عليه غرساً ثم بدا لرب الماء أن يحبسه عنهم ويحفر له
بركا يحبسه فيها قال: ليس ذلك له، قال محمد بن خالد عن ابن القاسم إن كان
يعطيه منه لهم فهو أولى به إن احتاج إليه وإلا فليس ذلك له. قوله يعطيه
يريد كالعارية لا يريد التمليك والعارية في مثل هذا على التأييد إلا أن
يحتاج إليها لأن هؤلاء بنوا وغرسوا وهو يعلم ولا ماء لهم غيره فهذا كأنه
سلم إلا أن يكون بين لهم وجه العارية. وأعرف لسحنون نحوه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن له أرض قريبة من ماء قوم فغرس عليه/ فنبت
الشجر وأهل الماء يعلمون ثم أرادوا حبسه عنهم فقالوا تركتمونا حتى غرسنا ثم
تحبسوه عنا، وقال أهل الماء غرستم عليه وهو مما لا نقدر على حبسه، قال: ليس
لأهل الماء حبسُه وليرسلوه إلا أن يحفر هو بئراً أو ينتظروا ماء إلا أن
يكون ليس في الماء فضلة عن حاجة أصحابه، وإن أخذ منه شيءٌ منهم دخل عليهم
الضرر والهلاك في علمهم فيكونوا أولى بمائهم، وقد قال مالك فيمن انهارت
بئره ولجاره فضل ماء أنه يعطي له فضل مائه بغير ثمن حتى يصلح بئره.
ابن القاسم: وإن لم يعلموا بذلك فأرادوا صرف مائهم وفيه فضل فإن كان ليس
لهم في الفضل منفعة تأتيهم يريد فأهل الغرس أولى به وإن كانت لهم فيه منفعة
فهم أحق بمائهم وليس لأهل الغرس في ذلك قول وإن باعوه يريد أهله إلا أن
يرضوا أن يبيعوه منهم، قال عيسى: أرى أهل الغرس أولى بالماء بالثمن الذي
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 319.
(11/31)
يبيعونه به، قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن
غرس في واد فكان يسقي بمائه فجاء غيره فغرس في ذلك الوادي، قال: ليس له أن
يحدث على الأول ما يقطع ماءه إلا أن يكون في الماء ما يكفيهما، قال أصبغ:
وذلك إذا استرسل الأول بالإحياء والغرس والانتفاع بالماء، وفي باب من أذن
لرجل أن يجري الماء في أرضه إلى رحىً يجريها مسائل من معنى هذا الباب
في العين المشتركة
يريد أحدهما صرف مائه منها إلى أرض أخرى
ومن عليه في حائطه مجرى ماء لرجل
فأجراه في حائط آخر
أو أراد قطعه هل له ذلك؟
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب في أرض لقوم وقد عرف كل/ رجل منهم حصته
من الأرض ولهم عين هم فيها أشراك وهي شِربٌ لأرضهم فأراد أحدهم أن يصرف
شِربه إلى أرض له أخرى قال ذلك له، عطَّل مصابته من الأرض التي بينهم أو لم
يُعطلها يريد والأرض مقسومة، قال لأن له أن يمنع ذلك الماء وكذلك له أن
يسوقه إلى أرض له أخرى إذا كان لا يسوقه في شيء من خطوطهم فإن كان إنما يمر
به في شيء من خطوطهم فليس له ذلك إلا برضا من يمر به في خطه.
ابن القاسم قال مالك: ولأحدهم بيع مصابته منه ولا شفعة فيه إذا قُسِّمَتْ
الأرض فهذا يدلك على ما ذكرنا، وقال ابن كنانة فيمن في حائطه ربيع (1) لقوم
فجروه وأجروه في حائط غيره خمس سنين ثم أراد الأول (2) أن يجره إلى مجراه
الأول لمنفعته به في حائطه قال: ليس ذلك له وحجة الذي يجري في حائطه الربيع
آخر __________
(1) الرَّبيعُ: الساقية وسيأتي التعريف بها عند المؤلف فيما بعد.
(2) في الأصل، ثم أرادوا أن يجره وذلك غفلة من الناسخ.
(11/32)
مرة أقوى ولا أرى أن يُنْقَلَ عنهم إلا أن
لا يكونوا أحيوا عليه شيئاً فيكون الأول أولى به.
وقال فيمن له العين تجري إليه من مكان بعيد أو قريب فأراد بعض من وجد تلك
القناة في دار أو أرضه فوقه قطعها عنه ويحتج بأني قد وجدت في داري وقناتي
فلا أمنع منه، قال: ليس له ولا لغيره أن يقطعها عن الذي ظهرت عنده ولا عمن
ينتفع بذلك الماء ظهر ذلك الماء أو لم يظهر ولكن للذي فوقه أن يشرب وينتفع
من غير أن ينقص ماؤها نقصاناً يضره وليس له أن يقطعه كان قريباً أو بعيداً.
في النهر ينكشف (في) (1) بعض أرضه
أو في أرض رجل. لمن يكون ما انكشف منه؟
من العتبية (2) / روى عيسى عن ابن القاسم، وذكره ابن حبيب عن ابن الماجشون،
في النهر إلى جانب قرية فيبس منه في ناحية من نواحيه شيء، قال ابن
الماجشون: في كل سنة؟ قالا: حتى صار أرضاً بيضاء يعتمل لمن ترى ذلك؟ قال:
لصاحب الأرض التي تلي النهر من الناحية التي يبست إن كانت تلك الأرض لرجل
وإن كانت بوراً لقوم فهو بسبيل البور قالا: وإن مال النهر إلى ناحية من
مجراه فصار مجراه بأرض رجل كان يليه بأرضه قال: فالأرض التي انكشف النهر
عنها للرجلين اللذين كانا يليان بأرضهما من جانبيه كما كان النهر بينهما في
منافعه ثم قد صار النهر الذي قد صرفه الله تعالى إلى أرضه فشقها.
قال سحنون في العتبية (3) أرى مجرى النهر مواتاً لا يكون لمن يليه من الأرض
إلا بقطيعة من الإمام.
__________
(1) (في) ساقطة من الأصل أثبتناها لينسجم بها الكلام.
(2) البيان والتحصيل، 10: 285.
(3) البيان والتحصيل، 10: 300.
(11/33)
قال ابن عبدوس ومن كتاب شجرة إلى سحنون في
واد مجراه يميل إلى أحد ناحيتيه فيكسر الأرض كسراً شديداً ويرمي في الناحية
الأخرى الرمل والطفل فيذهب بأرض كثيرة إلى الناحية الأخرى وحد كل طائفة إلى
الوادي قديماً تبدل مجراه وقد يكون مجراه اليوم غير مجراه فيما خلا قال:
مجراه الذي أدركتموه هو مجراه وما أفسد في أرض أحد فهو مصيبة [نزلت] (1) به
وما أصلح في الأخرى فهو له وما انكشف من أرض الوادي فسبق إليه أحدهما فأخذه
فحرثه فهذا هو الذي قرب من العمران ولا يكون لمن أحياه إلا بإذن الحاكم
ينظر فيه بما هو أصلح للعامة.
ابن حبيب قال مطرف: سواء يبست ناحية النهر أو يبس النهر كله او تحول عن
مجراه إلى مجرى آخر فصار أرضاً بيضاء فإنها ليست لمن كان يلي النهر بأرضه
ولكن للإمام/ أن يقطعها لمن رأى كالعفاء والموات وهي كالطرق وهي لجميع
المسلمين مقرة ليرجع إليها الماء أو ينتفع بها المسلمون ينظر فيها الإمام
وليس حقوق من يلي النهر بأن ينصبوا عليه الأرحاء وشبهها من ذلك لأن ذلك يقع
بالماء وحده.
وأما الأرض تنكشف فهي للمسلمين بخلاف البور والشعراء إلى جانب القوم والناس
في النفع في النهر سواء في جري السفن وممرها فهو إذا انكشف للمسلمين، وقال
أصبغ مثل قول مطرف، وقال ابن حبيب: هذا هو الأصل لو كان للناس إمام ينظر
فيه فإذا لم يكن لهم ذلك فقول ابن الماجشون أحب إلي، قال مطرف وابن
الماجشون: وإن كان النهر لاصقاً بالطريق والطريق لاصق بأرض رجل يحفر النهرُ
جميع الطريق ودخل في أرض الرجل هل للناس أن يتطرقوا طريقاً في أرضه لاصقاً
بالنهر كما كان الأول، قال: ليس لهم ذلك إلا بإذنه وله منعهم إن قدر، قيل:
فإن يأخذ الناس ولا منفذ لهم قال: ينظر لهم الإمام ويحتالوا لأنفسهم ومن مر
في ذلك فليتحلل صاحب الأرض ةتحلله قبل ذلك أحب إلي.
__________
(1) ساقطة من الأصل.
(11/34)
قال ابن عبدوس قال سحنون في نهر إلى جانب
طريق الناس وإلى جانب الطريق أرض لرجل فمال النهر على الطريق فهدمها، قال:
إن كان للناس طريق قريب يسلكونها لا ضرر عليهم في ذلك فلا أرى لهم على هذا
الرجل طريقاً وإن كان يدخل عليهم ذلك الضرر رأيت أن يأخذ لهم الإمام طيقاً
في أرضه يعطيه قيمتها من بيت المال.
تم الكتاب بحمد الله وعونه وتأييده
وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً
(11/35)
صفحة بيضاء
(11/36)
|