النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
كتاب القضاء في نفي الضرر
فيما يحدثه الرجل في ملكه مما يضر بجاره
من بناء أو حفر ماء وكوة
ومن أحدث أندراً أو بنى بجوار أندر لغيره
وشبه هذا القول في الضرر القديم
من المجموعة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا ضرر ولا ضرار" (1)
قال ابن القاسم فيما يحدثه الرجل في عرصته مما يضر بجيرانه من بناء حمام أو
فرن الخبز أو لتسييل الذهب والفضة أو كِيرٍ لعمل الحديد أو رحىً أو رحبة
تضر بالجدار فلهم منعه، قاله مالك في غير شيء من ذلك، وفي الدخان وأرى
التنور (2) خفيفاً، قال أشهب: وما احتفره الرجل في مِلكِه مما يضر بجاره
فليس له ذلك إن كان يجد من ذلك بداً ولم يضطرَّ إليه، فأما إن كان به إلى
ذلك ضرورة ولم يجد عنه مندوحةً فله أن يحتفره في حقه وإن أضرَّ بجاره لأنه
لا يضرُّ به منعُه كما أضر بجاره حفره فهو أولى أن يمنع جاره أن يضر به في
منعه له من الحفر في حقه لأنه ماله، وكذلك قال لي فيه مالك، وتقدم هذا في
باب حريم البئر.
قال ابن القاسم: وإن فتح في غرفته كُوىً أو أبواباً أشرف منها على دار جاره
أو عياله أو بنى غرفاً ففتح فيها ذلك فإنه يُمنع من ذلك، وقاله مالك، وقضى
عمر أن يوضع وراء تلك الكوى سرير ويقف عليه رجل فإن نظر إلى ما في دار
__________
(1) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد فيما أسنده لعبد الله بن عباس رضي الله
عنهما.
(2) التنور: الذي يخبز فيه.
(11/37)
جاره مُنع منه وما كان من ذلك لا يضر به لم
يُمنع، قال مالك: فإذا كان يتناوله بالنظر مُنع وأما ما رُفع من البناء
فمنع جاره من الشمس ومهب الرياح فقال/ فلا يُمنع من هذا، وقاله ابن نافع
وأشهب عن مالك، وقال هذا جداره في جهة الغرب وهذا في جهة الشرق ففي طلوع
الشمس يمنع هذا جاره منها بنيانه وعند غروبها يمنع الآخر جاره فلا حجة لهما
في هذا.
وفي كتاب البنيان وكذلك روى ابن القاسم عن مالك قال ابن كنانة إلا أن يكون
إنما يرفع بناءه ليُضِرَّ جاره في شمس يمنعه منفعتها أو لضرورة يدخلها عليه
ولا نفع له هو في بنائه فإنه يمنع من هذا.
قال ابن القاسم: وإن كانت له كوة قديمة تضر بجاره لم أمنعه من القديم. قال
سحنون وسأل حبيب سحنوناً عمَّن فتح كوة في غرفة يرى منها ما في دار جاره
فقضى عليه بسدها فطلب أن يسدَّها من خلف بابها قال: ليس ذلك له وليقلع
الباب ويسده فتركُ الباب يوجب له حيازة بعد اليوم يشهدون له أنهم يعرفون
هذا الباب منذ سنين كثيرة فيصير حيازة فلابد أن يُقلع.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن بنى على شرف يطل منه على مورد
القرية على قدر غلوةٍ (1) أو غلوتين فإن كان ذلك فعليه فتح بابها إلى
المورد أو كوة فتحها وشبه ذلك مُنع، فإن كان لإشراف مكانه فقط لم يُمنع وإن
وجد عنده مندوحة، قالا: وإن كان يطل من بنيانه على دور جيرانه فلا يُمنع
هذا إذا كان من ذلك الشرف على دورهم قبل هذا البناء، وقاله أصبغ.
وقال مطرف وابن الماجشون في الرجل يكون له أرض لاصقة بأندر رجل فأراد أن
يبني فيها بناء وذلك يقطع الريح عن الأندر ويُبطل نفعه فقالا/: لا يُمنع من
ذلك لأن الأندر نفعه تنصرف منافعها إلى غيره، ذلك ولو منفعتُه من هذا كنتُ
مضراً به، وقال مثله أصبغ.
__________
(1) الغلوة مقدار رمية السهم وفي حديث ابن عمر بينه وبين الطريق غلوة وهي
مأخوذة من قولهم غلا السهمُ نفسُه ارتفع في ذهابه وجاوز المدى وكذلك الحجر
والجمع غلوات وغلاء.
(11/38)
قال ابن عبدوس قال بعض أصحابنا وهو في
العتبية (1) من رواية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم قال في الكتابين إنه
يُمنع مما يضر في قطع مرافق الأندر (2) الذي قد تقادم نفع صاحبه به
فالأنادر عندنا كالأفنية لا يجوز لأحد التضييق فيها ولا قطع منافعها، قال
ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن أحدث أندرا إلى جانب جنان رجل وهو
يضر به في تذرية (3) التبن قال: يُمنع عن ذلك وهذا كمن أحدث إلى جانب جاره
فرناً أو حماماً فيضر بمن جاوره دخانه إلا أن يأذن في ذلك كل من يصل إليه
أذاه فذلك له، قالا: وأما الغسال والضراب يؤذي جاره وقعُ ضربهما! قالا: لا
يُمنعان من هذا، وأما الدباغ يؤذي جيرانه ريحُ دباغه ونتنه فهذا يُمنع من
ذلك كالفرن والحمام يحدثه، قالا: ولو أحدث جناناً إلى جانب الأندر وتبن
الأندر يضر به فذلك سواء ويُمنع صاحب الأندر من الضرر كما كان له أن يمنعه
قبل البناء وقوعُ التبن في أرضه فذلك له بعد البناء.
ومن العتبية (4) قال سحنون في الأندر يبني رجلٌ إلى جانبه بناء يكنه من
الريح ويضر برب الأندر، فإن كان الأندر قبل البنيان فلا يغيره الأندر عن
حاله وللباني أن يبني ولا يمنع لما ذكرت من أنه يستره عن الريح كما لا
يُمنع من رفع بنائه فمنع جاره من ضوء الشمس وهبوب الرياح. وإن كان البنيان
قبل الأندر ثم أحدث هذا الأندر فأضر بالذي بنى وصار التبن يقع في داره أو
كان جناناً أو/ مبقلةً فليس لرب الأندر أن يحدث أندراً إذا كان يضر به كما
ذكرت ثم ذكر مثل ما ذكر مطرف وابن الماجشون.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 261.
(2) الأندر: البيدر وهو المكان الذي تداس فيه الحبوب والجمع أنادر.
(3) التذرية هنا من ذرت الريح التراب أو التبن أطارته وفرقته ويقال أيضاً
ذرى الفلاحُ الحنطة إذا نقَّاها في الريح.
(4) البيان والتحصيل، 9: 261.
(11/39)
قال: ويُمنع من ذلك بالقضاء، ولو أن أندَرَ
الرجلِ بجوار أندر الآخر فنصب فيه قشاقرة (1) يريد حال الزرع فاشتكى جاره
أن القشاقر تمتعها الريح وطلب أن يزيلها قال: ليس ذلك له، وقال ابن نافع:
الأندر ليس لمن في جواره أن يُحدث بنياناً يضر بصاحب الأندر وليُنَحِّ ذلك
إلى مكان يرتفع به الضرر عن الأندر وسواء احتاج إلى البنيان أو لم يحتج.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار (2). قال العتبي: وقد
قال سحنون مثل هذا الأول إنه يُمنَعُ أن يبني من ناحية الريح، وهو خلاف قول
الأول، وهو أحسن.
ومن كتاب ابن سحنون وكتب شجرة إلى سحنون فيمن احتفر في داره بئراً ثم بنى
جاره إلى جانب البئر حائطاً فتهورت البئر فقال الذي بنى: تهور البئر يضر
بحائطي، قال: فليعدها كما كانت وينفي عنه الضرر، وعمن تهورت بئره فقام رجل
فقال أخاف أن يسقط مسكني وهو بقرب البئر، قال: إن عُرف أن ذلك مخوف مُنع أن
يُضر به، قيل: فإن كان رب البئر عديماً؟ قال: يُؤمر أن يبيع ممن يصلح.
وسأله حبيب عن قناة في حائط رجل قديمة وهي مضرة لجاره فقام عليه فقال: لا
يغير القديم وإن أضر بجاره، وسأله سائل عن أفران توقد للفخار بين الدور
منها القديم والمحدث فربما شكا جيرانها أذى دخانها وربما أمسكوا فكتب إليه
القديم منها لا يعرض له، وروى يوسف بن يحيى عن ابن مدين أن ما كان من الضرر
يبقى على حال واحدة لا يزيد كفتح/ الأبواب والكوى وشبهه فإنه يستحقه من
أحدثه بطول الزمن وما كان مما يحدثه فيمسك عن جاره ثم يقوم عليه بعد زمان
فإن ما كان ضرورة بينة لا تحاز بطول الزمان، من ذلك الكنيف يحدثه
__________
(1) في كتاب الجدار لعيسى بن موسى التطيلي الذي حققه الدكتور إبراهيم بن
محمد الفائز عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض وردت هذه الكلمة
بالفاء قبل الشين لا بالقاف أي على شكل فشاقرة (انظر: الكتاب في طبعته
الأولى عام 1996، ص. 203).
(2) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد.
(11/40)
فإذا شكا جاره الضرر به بعد طول الزمان فله
أن يغير لأن الكنيف يوهن ما يليه عاماً بعد عام وكذلك ما يفتحه لمستنقع
المياه لأن ذلك كلما طال أضر بطوله لما يدخل من الرطوبة والبلة في بناء
جاره، وكذلك الدباغ لأن ضرره يتزيد بطول المدة.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن له قطعة من أرض في فحص والقرية منها نائية
فأراد أن يبني في عرصته تلك وقال الذين حوله لا يبني فيها فإنك تضر بزرعنا
قال: لا يُمنع أن يبني ما شاء إذا كان له مخرج إلى الطريق في أرضه.
وقال فيمن أراد أن يبني بيتاً أو مسجداً في قرية أو مدينة فمنعه جيرانه
وقالوا يضر ذلك بنا وعسى أن يكون ذلك عند موردهم قال: لا يُمنع أن يبني في
أرضه ما أحب. قال ابن سحنون وسأل حبيب صاحب المظالم سحنوناً عن دارين
بينهما زقاق مسلوك وفي أحدهما كوة يُرى منها ما في الدار الأخرى فبنى الذي
ليس في داره كوة غرفة قبالة الكوة وفتح كوة قبالة الكوة يرى منها ما في
غرفة الأول إذا فُتٍحَت فطلب الأول سد الحديثة فقال له الآخر وسُدّ أنت
القديمة فإني إنما سكتُّ عنها خمس سنين أو أربعاً (1) على حسن الجوار وقد
نظر ذلك من أمرتُه فقال يرى من كل كوة ما في غرفة الآخر قال: يحلف صاحب
الكوة الحديثة أنه ما ترك القديمة في هذه المدة إلا على حسن الجوار غير
تارك/ لحقه ثم يس بعضُهما على بعض إن شاء.
ومن كتاب البنيان مما حدثنا به أبو بكر بن محمد عن يحيى عون عن عون ابن
يوسف عن عبد الله بن عبد الحكم عن ابن القاسم قال: ومن بنى داراً يفتح فيها
كوىً فمنعه جيرانه فإن كانت من كُوى الضوء لا يتشرف منها ولا يتطلع لاصقه
بالسقوف أو تقاربها فليس لهم منعك وأما ما يتشرف منها عليهم ويتطلع فإنك
تمنع من ذلك.
__________
(1) في الأصل أو أربعة.
(11/41)
قال ابن وهب عن مالك: وليس له أن يفتح كوة
في جداره أو سطحه يتطلع منها على جاره ولا يكلف الأسفل أن يطيل بنيانه حتى
لا يراه الآخر إلا أن يكون صاحب الكوة أراد منها الروح ولا يطلع منها على
جاره، قال يعني ابن القاسم: وإذا فتحت عليه كوة فلم يكن له منعك فطلب أن
يبني في حقه ما يسدها به فذلك له كما لا يمنع أحدهما الآخر أن يرفع بناءه
حيث شاء وإن ستر به الريح والشمس وإن سد الضوء.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن له غرفة يطل منها ومن كواها على
جاره قال: إن بُنيت الغرفة واتخذت كواها قبل أن تُبنى الدارُ التي تطل
عليها لم يُمنع رب الغرفة فيما جاز منفعته وسبق إليه وقيل للآخر استُر على
نفسك، وإن كانت الغرفة أو الكوى هي المحدثة مُنع صاحبُها وأُمر أن يستر باب
غرفته وكواها أو يجعل أمام ذلك ما يستره حتى يواريها، ولو كان يوم بنى هذه
الغرفة واتخذ الكوى دار الآخر قائمة فقام عليه، قال وهذا يضر بي إذا بنيت
فلا حاجة له بذلك قبل أن يبني ولا يعود إلى ذلك بعد أن يبني وهو/ منفعة سبق
إليها الآخر وحازها فلا يُمنع.
وقال مطرف: له أن يمنعه قبل أن يبني وبعد أن يبني لأنه حق يذب عنه مما يضر
به إذا بنى ولو ترك أن يمنعه قبل أن يبني كان له أن يمنعه إذا بنى ولا يكون
تركه قبل أن يبني عليه حجة إلا أن يكون صاحب الغرفة اشتراها على ذلك فليس
لهذا منعه وإنما له منعه عند الإحداث لها أو برفقة يفتحها على أنه متى شاء
منعه فيجوز ذلك بينهما.
وقال أصبغ وابن حبيب مثل قول مطرف وابن الماجشون فيمن باع داره وقد أحدث
عليه جاره كوة أو مجرى ماء أو غيره من وجوه الضرر والذي كان له فيه القيام
فلم يقم عليه حتى باعها فليس للمشتري أن يقوم في ذلك ولو كان البائع قد قام
في ذلك وخاصم فلم يتم له الحكم حتى باع فللمشتري أن يقوم ويحلَّ محله،
وقاله أصبغ.
(11/42)
قال ابن سحنون وسأل حبيب سحنوناً عمَّن بنى
مسجداً على ظهر حوانيت له وجعل له سطحها فكل من صار في السطح يرى ما في دار
رجل إلى جانبه فقام عليه بذلك قال: يُجبر باني المسجد على أن يستُرَ على
سقف المسجد ويُمنع الناس الصلاة في المسجد حتى يستر هذا جاره.
وسأله عمن قام على جاره فقال له: الحائط الذي بين داري ودارك كان لك على
سترة تسترني فأزلها فقال الآخر: الحائط لي ولم يكن عليه سترة فأتى المدعي
ببينة شهدت أنهم رأوا على هذا الحائط سترة ارتفاعها كذا وكذا ولا يدرون لمن
هي ولم نرها عليه الآن، قال: يُقال لرب الحائط إن سماء الحائط لك فأعد
السترة إن ادعيتها/ ويحتمل أن يكون سماؤها لصاحبك والبينة قد شهدت بإثبات
السترة فأما أن تبنيها وهي لك وإلا قيل للآخر ابنها وهي لك.
وقال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن صعد إلى الشجرة يجنيها فيرى
منها ما في دار جاره فلا يُمنع من هذا ولكن لا يُؤذي جاره بصعوده، وإن كانت
في وسط داره وهي قديمة أو حديثة فخلاف الغرفة، وقاله أصبغ. وروى عبد الملك
بن الحسن في العتبية (1) عن ابن وهب نحوه وهو في باب آخر.
في إحداث العساكر (2) والرواشن (3)
والأبواب في السكك والروائغ (4) والشوارع
أو يفتح بابا في حائط هو بينه وبين آخر
من العتبية (5) قال سحنون فيمن له دار عن يمين الطريق ودار عن يسارها
متقابلتين فأراد أن يبني على جداري دارية ساباطاً يتخذ عليه غرفة أو مجلساً
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 408.
(2) العساكر جمع عسكر وهو الإخراج المعمول على الحائط في الطريق ويقال له
الجناح أيضاً.
(3) الرواشن جمع روشن وهو الكوة.
(4) الروائغ جمع رائغة وهي الطريق المائلة وفي حديث الأحنف فعدلت إلى رائغة
من روائغ المدينة أي طريق يعدل ويميل عن الطريق الأعظم ذكر ذلك ابن منظور
في لسان العرب.
(5) البيان والتحصيل، 9: 298.
(11/43)
فذلك له ولا يُمنع من هذا أحد وإنما يُمنع
من تضييق السكة وأما ما لا ضرر فيه على السكة فلا يُمنعُ.
من المجموعة قال ابن القاسم قال مالك: لا بأس بإخراج العساكر والأجنحة على
الحيطان إلى طرق المسلمين.
قال ابن القاسم وهو يعمل بالمدينة فلا ينكرونها فاشترى مالك داراً لها عسكر
قال مالك في جناح خارج في الطريق فسقط على رجل فمات فقال مالك: لا شيء على
من بناه. قيل له: فأهل العراق يضمنونه وقالوا لأنه جعله حيث لا يجوز له
فأنكر قولهم. قال: ومن أخرج حتى جاء أسفل الجدار حيث يضر بأهل الطريق مُنع
من ذلك.
وروى عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب/ فيمن داره لاصقة بسكة نافذة أو غير
نافذة فطلب أن يحول باب داره من موضعه إلى موضع آخر من داره هو أرفق به
فمنعه جاره الذي يلي داره وقال: بين بابي وبابك مجلس لي ومربط لدابتك ومنزل
لأحمالي وأنا في سترة إن فتحت بابي فإذا أدنيت بابك مني زال عني هذا، وقال
الآخر إنما أفتح في جداري فلا حجة لك علي. قال: إن كانت السكة غير نافذة
وقد فتح باباً قبالة باب جاره حتى يكون الداخل والخارج ومن خلف الباب
يُعينه أو كان الفتح قريباً من جاره (1) وكان مضراً به ضرراً بيناً يُعرف
فليُمنع منه، وإن كانت طريقاً سالكة وسكة واسعة حتى يكون هو وغيره من
المارة في الفتح في داره والمرور بها والنظر سواء ولا يضر به في غير ذلك لم
يُمنع من الفتح.
وذكر ابن القاسم في المجموعة نحوه وإنه إن كانت السكة نافذة فليفتح ما شاء
ويحول بابه حيث شاء، وقال أشهب: إن كان تقديم الباب يضر بجاره على ما وصفتُ
فليس ذلك له، فأما إن قدمه تقديماً يكون فيما بقي لا يقطع عنه المرفق الذي
يتسع وليس بمضطر إلى أكثر منه فليس له أن يمنعه إذ سد الباب الأول
__________
(1) في ص، من داره.
(11/44)
وهذا في زُقاقٍ غير نافذ، فأما في سكة
مسلوكة نافذة فله أن يفتح ما شاء من الأبواب في جُدرِه ويقدم ما شاء من
أبوابه.
قال ابن وهب: ولو فتح حوانيت في جداره إلى سكة من سكك الناس ولرجل دارٌ
يقابل بابها تلك الحوانيت فشكا ضرورة ذلك، قال: فذلك على ما ذكرتُ لك في
السكة النافذة، وقال أشهب: إن كانت نافذة فله أن يفتح ما شاء ويعمل/ ما
أحب.
ومن المجموعة قيل لابن كنانة: فهل يفتح رجل باب داره قبالة باب دار رجل
قال: إن لم يضر بالرجل لم يُمنع ما لا يضر بأحد فيه، قال ابن سحنون وسأل
حبيب سحنوناً عن الطريق الشارع يفتح فيه رجل باب دار لم يكن له قبالة باب
رجل قال: يُمنع من ذلك وينكب عنه، قيل: قدر ذراع أو ذراعين قال: بقدر ما
يرى أن يُزال به الضرر عن الذي في قبالته.
ومن كتاب البنيان الذي ذكرنا فيه رواية عون قال ابن القاسم: ليس لك في
الزقاق غير نافذ أن تفتح باباً أو تقدمه، قيل له: فهل له أن يفتح في الطريق
النافذة بابا قبالة باب آخر متنحياً عنه؟ له أن يفتح فيها ما شاء ما لم يكن
ضرراً بيناً فيُمنع.
قال أشهب عن مالك في المجموعة في زقاق غير نافذ فيه رجلان أحدهما بابه على
فم الزقاق والآخر بابه في أقصاه فطلب القاضي أن يقوم بابه في بناء نفسه
قال: إن أضر ذلك بصاحبه فليس له ذلك، الناس يُقبِلون ويُدبِرون والسرق يكون
في مثل هذا.
ومن العتبية (1) قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن بنى داره ففتح
بابها قبالة باب جاره فمنعه فإن كان ذلك مُضرِاً لجاره مثال أن يكون ليس له
مصرف ولا مدخل ومخرج (2) إلا بالنظر في منزله والتطلع على عياله مُنع من
فتحه، __________
(1) البيان والتحصيل، 9: 399.
(2) في النسخة الأصلية هكذا وفي ص، ليس له مصرفاً إلخ وهو خطأ واضح.
(11/45)
وإن كان ليس كذلك إنما يبقى أن يتطلع إليه
منه لم يُمنع وقيل للآخر استُر على نفسك أو يعلم ما قلت من تطلعه فيُزجَرُ
وإن عاد أدب بعد التقدمة وهذا بمنزلة ظهر السطح أو بناء يرفعه عليه فيقول
نخشى أن يتطله منه أو كوة يفتحها للضوء فيقول هذا/ نخشى أن يتطلع فليس له
في هذا حجة، قال أشهب: إن كان يناله المار فليُمنَع حتى يرفع بقدر ما لا
يناله النظر من المار ثم إن تطلع منه لغير حاجة مُنِعَ.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ولا يُمنع أحد من إخراج العساكر
والوقوف على الطريق ما لم يُضر ذلك بأحد، وقاله أصبغ. ومن المجموعة قال ابن
القاسم وأشهب في دار فالداخلة لقوم والخارجة لآخرين فلأهل الداخلة الممر في
الخارجة فإذا أراد أهل الخارجة تضييق باب الدار وتحويله قالا: ليس لهم
تضييقه، قال أشهب: لأنه جزاء لجميعهم، ولو سرق الباب لزم أهل الخارجة أن
يجعلوا عليها باباً بالقضاء وإن أرادوا تحويله وكان تحويله إلى موضع هو مثل
الأول في الممر والقرب في خواء يحميهم ليس بين ذلك اختلاف في أمر يُعرف له
وجه فذلك لهم وإلا فلا يفعلوا ذلك إلا بإذن أهل الداخلة، وقال ابن القاسم
نحوه، قال سحنون: ليس هذا أصلهم وليس لهم تغيير باب الدار إلا برضاء أهل
الداخلة، ألا ترى أن حديث محمد ابن سلمة لم يأخذ به مالك.
وسأل حبيب سحنوناً عن درب كبير غير نافذ هو مثل زنقة غير نافذة؟ قال: نعم،
قيل فإن كان فيه زنقة في ناحية منه غير نافذة وللرجل في أقصاها باب فأراد
أن يقدمه إلى طرف الزنقة فمنعه أهل الدرب؟ قال: لهم أن يمنعوه ولا يحركه من
موضعه إلا برضاء جميع أهل الدرب، وكتب إليه شجرة في دار عظمى بين رجلين
يسكن كل واحد في نصفها وبين مسكنيهما زقاق يخرج فيه أحدهما فأراد الآخر أن
يفتح فيه باباً يخرج منه فمنعه/ شريكه ولهما بابٌ يخرجان منه جميعاً فقال:
الباب بينها مشاع وإنما سكناً على التهاب (1) ولا يُفتح في الشارع بابٌ
__________
(1) في ص، على المُهايأة محققة من التهايؤ وهما معاً منسجمان مع المعنى جاء
في المصباح المنير للفيومي ما يأتي: تهايأ القوم تهايؤاً من الهيئة جعلوا
لكل واحد هيأة معلومة والمراد النوبة وهايأته مهايأة وقد تبدل للتخفيف
فيقال هاييته مهايأة.
(11/46)
إلا باجتماعهما، قال يوسف بن يحيى في الدرب
التي ليست بنافذة والروائغ التي لا تنفذ، ذلك كله مشترك منافعه بين ساكنيه،
قال: ليس لهم أن يحدثوا في ظاهر الزقاق ولا باطنه حدثاً إلا باجتماعهما في
فتح باب أو إخراج عساكر أو حفرة يحفرها ويواريها.
جامع القول في الأفنية والطرق
وذكر ما يحدث فيها أو ينقص منها
وهل تُقسم وغير ذلك مما يشبهه
والتداعي في الطريق
من المجموعة والواضحة روى ابن وهب أن النبي عليه السلام قال "من اقتطع من
طريق المسلمين أو أفنيتهم شبراً من الأرض طوقه الله يوم القيامة من سبع
أرضين" (1) وقضى عمر بالأفنية لأرباب الدور، قال ابن حبيب: "وتفسير هذا
يعني بالانتفاع للمجالس والمرابط والمساطب وجلوس الباعة فيها للبياعات (2)
الخفيفة في الأفنية وليس بأن يحاز بالبنيان والتحصين وقاله لي من أرضى من
أهل العلم وقد مر عمر بكير حداد في السوق فأمر به فهُدم وقال: يُضيقون على
الناس السوق.
ومن المجموعة روى ابن وهب عن ابن سمعان أن من أدرك من العلماء قالوا في
الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها أن أهلها الذين هم أقرب الناس منها
يقتطعونها بالحصص على قدر ما شرعوا فيها من رباعهم فيُعطى صاحب الربعة
الواسعة بقدر ما شرع فيها من ربعة،/ وصاحب الصغيرة بقدرها فيتركون لطريق
__________
(1) جاء في مسند الإمام أحمد ابن حنبل عن أبي هريرة باللفظ الآتي: من اقتطع
شبراً من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين.
(2) البياعات: يراد بها السلع التي تباع في الطرق ولا تضر بها مثل السلع
الموجودة عند بعض البائعين المتجولين الذين يجعلونها في بعض الحقائب أو
المحامل غير المضرة بالمارين.
(11/47)
المسلمين ثمانية أذرع، ورُوي أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: إذا اختلف الناسُ في الطريق فحدها سبعة أذرع (1).
قال ابن حبيب قال أصبغ: وقضى عمر بالأفنية لأرباب الدور فالأفنية دور الدور
كلها مقبلها ومدبرها ينتفعون بها ما لم يُضيق طريقاً أو يمنع مارة أو يضر
بالمسلمين، فإذا كان لهم الانتفاع بغير ضرورة حموه إن شاؤوا فإذا كان لهم
أن يحموه فابتناه منهم مبنى وأدخله في بنيانه لم يُمنع إن كانت الطريق
وراءه واسعة لا يضيق بوجه من الوجوه، وأكرهه له ابتداء مخافة الإثم عليه
فإن فعل لم أحكم عليهبزواله وقال لي أشهب مثل ذلك وروى عن مالك أنه كرهه،
وقال مطرف وابن الماجشون: لا يكون له أن ينتقص الفناء والطرق ولا يدخله في
بنائه وإن كانت خلفه صحراء واحتج بالحديث فيمن اقتطع من الطريق شيئاً.
ومن المجموعة قال ابن وهب قال ربيعة فيمن بنى مسجداً من طائفة داره فلا
يتزيد فيه من الطريق، وقال مالك: إن كان لا يضر بطريق للناس فلا بأس بذلك.
ومن العتبية (2) قال ابن القاسم عن مالك في الأفنية التي تكون في الطرق أن
يكريها أهلها؟ قال: أما البناء الضيق إذا وُضِعَ فيه شيء أضر بالناس في
طريقهم فليُمنع من ذلك، وأما كل بناء إن انتفع به أهله لم يُضيق على
المسلمين شيئاً لسعته فلا بأس بذلك.
__________
(1) رواه البخاري عن أبي هريرة باللفظ التالي: قضى النبي إذا تشاجروا في
الطريق الميتاء بسبعة أذرع في المظالم باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء
والميتاءُ قيل اعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس بها وقيل الواسعة وقيل
العامرة ورواه مسلم عن ابي هريرة في المساقاة بلفظ: إذا اختلفتم في الطريق
جعل عرضه سبع أذرع.
(2) البيان والتحصيل، 9: 405.
(11/48)
ومن العتبية (1) قال ابن القاسم عن مالك في
الأفنية قال النبي عليه السلام "لا ضرر ولا ضِرار" (2) وروى ابن القاسم عن
مالك في/ الرجل يبني داره فيريد أن يدخل فيها من الفناء الواسع، قال: ما
يعجبني ذلك، وقال عن مالك فيمن له داران في رحبة واحدة والمارة بها
فيرتفقون بفناء الرحبة إذا ضاق الطريق فأراد، صاحب الفناء أن يجعله بابا
ويدخله إليه ولم يكن على الرحبة، قال: ليس ذلك له.
ومن المجموعة وقال ابن كنانة: ليس لأحد أن يزيد من الطرق والفنية في
المدائن والقرى في بنائه ولا أن يعمل فيها حانوتاً إلا أن يزيد شيئاً
يسيراً لا يُضِرُّ فيه بأحد ويترك الناس من سعة الأزقة والطرق بقدر ما يمر
فيه أوسع شيء يمر فيها مما تجري به منافع الناس.
ومن كتاب ابن سحنون وسأل حبيب [سحنوناً] (3) فيمن أدخل في داره من زقاق
المسلمين النافذ شيئاً فلا تشهد به البينة (4) إلا بعد عشرين سنة قال: إذا
صحت البينة فليرد ذلك إلى الزقاق ولا تحازُ الأزقة. قال أبو محمد: وأعرف في
موضع آخر أن شيئاً يبني مما فيه الضرر البين على الطريق ولا عذر للبينة في
ترك القيام بذلك فهذه جرحة.
قال أبو بكر بن محمد: اختلف أصحابنا فيمن يزيد في بنيانه من الفناء الواسع
لا يضر فيه بأحد فروى ابن وهب عن مالك: أنه ليس له ذلك وقال عنه ابن القاسم
ما يعجبني ذلك وقال مطرف وابن الماجشون ليس له ذلك وبه أخذ ابن حبيب، قال
أصبغ: أكرهه له أن يفعل فإن فعل لم يعرض له.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 412.
(2) سبق تخريجه من مسند الإمام أحمد بن حنبل فيما أسنده لعبد الله بن عباس
ورواه مالك في الموطإ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله
عليه وسلم.
(3) ساقطة من الأصل.
(4) كتبت العبارة في ص على الشكل التالي فلا يشهد له الجيران.
(11/49)
ومن العتبية (1) روى عبد الملك بن الحسن عن
ابن وهب فيمن زاد من طريق المسلمين في داره ذراعاً أو ذراعين فقام عليه
جاره الذي يقابله أو غيره وقد بقي الآن في سعة الطريق ثمانية أذرع أو/ تسعة
قال: يُهدمُ، وليتقدم الإمام في ذلك ألا يزيد أحد من طريق المسلمين شيئاً،
وقد هدم عمر كير حداد بناه في الطريق. وقال أشهب: يهدم، قام عليه جيرانه أو
غيرهم، كان في الطريق سعة أو لم يكن، كان ما يزيد مضراً أو لم يكن.
وقال أصبغ عن أشهب في العتبية (2) مثل ما ذكر عنه أصبغ في كتاب ابن حبيب
فيمن هدم داره وفناؤه واسع فزاد منه فيها أنه لا يعرض له إن كان البناء
واسعاً رحراحاً لا يضر (3) الطريق، وقد كرهه مالك وأنا أكرهه بدءاً ولا
أقضي عليه بهدمه إذا كان الطريق واسعاً لا يضر شيء منه، قيل لأصبغ فيمن
أدخل من الطريق في داره الجرح بذلك قال إن اقتطع ذلك وهو يضر بالطريق وهو
يعرف ذلك لا يجهله أو وقف عليه فلم يبال لم تجز شهادته وليهدم ذلك أن أضر
جداً، وإن كانت الطريق واسعة جداً وقد أخذ اليسير لا يضر فيه فلا يهدم،
وقاله أشهب فيه، وقد نزلتُ وسألتُه فأفتى فيها بهذا.
ومن المجموعة وسُئل سحنون عن طريق الفدادين قال يُنظر فإن كان أمراً
معروفاً فهو على ذلك وإلا فانظر فإن كان الفدادين يشق منهم إلى حرث فدانه
لم يقدر أحد أن يشقه ودار أصحابه من وراء ذلك فليس لأحد على أحد طريق وإن
كان إذا حرث أحدهم شقوا حرثه وأخذوا فيه طريقاً مسلوكاً قد عرف ذلك فهو على
ما عرفوا ليس لأحد أن يغير ذلك.
ومن العتبية (4) قال سحنون فيمن له أرض فحجر عليها وغرسها وكان أهل المنزل
وغيرهم يستطرقونها فقاموا عليه في الطريق فأقاموا بينة بأنهم يعرفون فيها/
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 405.
(2) البيان والتحصيل، 9: 412.
(3) الرحراح والرحرح: الواسع يقال عيش رحرح ورحراح أي رغد متسع.
(4) البيان والتحصيل، 9: 297.
(11/50)
طريقاً مسلوكة منذ عشرين سنة وأقام هو بينة
أنها طريق محدثة بغير حق فقال سحنون: هذا كثير ما يختصم فيه أهل المنزل
وربما قطعوا الطريق الحرث حتى ربما تُؤتي القرية من غير طريقٍ وربما تساهل
الناس في أرضهم لاستبعادهم عن ذلك فإن ثبت أن هذه الطريق من هذا المعنى
فليست بلازمة لرب الأرض إلا أن تكون الطريق الخاملة التي تُركت من غير وجه
ويطول أمرها وينقطع عنها الزرع في اتساعها وطول زمانها الخمسين سنة والستين
فأما الطريق المختصرة فليست بحجة على صاحبها إذا ثبت له ذلك كما ذكرنا.
قال ابن حبيب عن أصبغ في أرض لرجل في وسط أراضي قوم كان يحرثها ويدخل إليها
على أرض لم تُحرث فأراد أن يبني فيها بنياناً فمنعه أصحاب الفدادين المحيطة
به وقالوا: تطرق علينا إذا زرعنا قال: لا يُمنع من البناء وليمر إلى أرضه
من حيث كان يمر مرة من هذه الأرض إن لم يزرع ومر على الآخر إذا زُرعت تلك
ويُمنع أن يضر بهم في زروعهم، قلت: فإن أراد كل واحد منهم أن يُعلق على
أرضه بنياناً أو تحظير بستان كيف يعمل صاحب الأرض المتوسط قال: يُمنعون من
ذلك حتى يجتمعون على ممر يتركونه له من أرض من شاء منهم وذلك على كل من كان
هذا المتوسط يُختلف على أرضه فإن اختلفوا معه في سعة الممر فطلب هو ما يحمل
ماشيته وجميع حوائجه وأبوا من ذلك فإنه يُحكم له عليهم بمثل الممر الذي كان
له منهم ومنه قبل البناء على ما كان/ يُختلف ببقره على الحرث ونقل الزرع
وماشيته إن كان يدخلها أرضه لرعي كلئها وإن لم يكن يختلف إليها بالماشية لم
يكن عليهم أن يتركوا له ممر الماشية، وكذلك إن أراد هو وحده البنيان دونهم
ولم يريدوا هُم أن يبنوا واحتاج هو من المنافع في الدخول والخروج إلى أكثر
مما يحتاج له أولاً إذا كان يختلف للحرث فقط فإنه يُمنع من البنيان لأن هذا
استحقاق لأكثر من حقه، وقال ابن القاسم مثله كله.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن بنى أبرجه في الطريق ملاصقة
بداره فليس ذلك له أن ينقص الطريق وإن كان مانعاً منها واسعاً وليهدم ما
بناه قالا: وما حفر بلصق جداره من الكنف فإن واراها وغطاها واتقن غطاءها
(11/51)
فلا بأس بذلك إذا ساواها بالطريق حتى لا
يضر ذلك بأحد وما كان من ذلك ضرر مُنع منه، وقاله أصبغ وقال في الأبرجة إذا
كان ما بقي من الطريق واسعاً فلا تُهدم لأن للناس الارتفاق بأفنيتهم من غير
ضرر.
قال ابن سحنون وسأل حبيب سحنوناً عمن يحدث في طرق المسلمين من الكنُفِ
والحمامات وغيرها ويطول فيه الزمان نحو عشرين سنة وأكثر لا يُرفع إلى
الحاكم قال: لا حيازة في طرق المسلمين بخلاف حيازة بعض الناس على بعض إلا
أن يتطاول أمر هذه القناة بمثل الستين سنة ونحوها فيترك أو لا يعلم بأي
معنى وضع ذلك ومن بنى على باب داره في السكة دكاناً وهي لا تضر بالزقاق غير
أنها قبالة دار رجل وهي تضر به لأنه يقعد عليها/ ويقعد ناس فقال: يُمنع من
بنيانها إذا كانت تضر بالآخر.
قال ابن عبدوس قال سحنون فيما يُحدث الناس من آبار الكنُف في الأفنية في
الطريق قال إنما ينبغي أن تكون الحيطان إلى داخل الدور فيُخرج منها إلى
الطريق قدر ما يدخله منه القلة فيستقي بها وكان يكره غير ذلك ويراه من
الضرر البين.
قال ابن سحنون وكتب شجرة إلى سحنون يسأله عن حوانيت في شرق الجامع وأحسبها
صافية وبين يديها سقائف على عمد لاصقة بالطريق والناس يسلكون تحتها وهي
نافذة وبين يدي الحوانيت دكاكين والطريق بين الدكاكين وبين العمد فأراد أهل
الحوانيت قطع الطريق بالبناء أو أراد كل واحد أن يجعل حائطاً من حائطه إلى
العمد من الجانبين ليدخل إليه من العمد فكتب إليه: ليس لهم قطع الطريق
ببناء في هذه السقائف ولا في حانوت منها إن كره ذلك أهل الحوانيت، وكذلك لو
لم يكن هذا الجنب أصلاً.
وكتب إليه في حوانيت على هذه الصفة مملوكة فأراد أهلها سد الطريق من
السقائف واتخذوا دكاكين أمام العمد نصبوا عليها ركائز فكتب إليه تُرد على
حالها ويُمنع من تضييق الطريق، وأما هذه الحوانيت فهي لأهلها وهم إذا قطعوا
هذه
(11/52)
الطريق تزيدوا أمام السواري ما يضر بالطريق
فليس ذلك لهم وإنما موضع السواري فناؤهم ومدخل الناس إليهم فإذا فعلوا ما
ذكرت وزادوا بناءً من الطريق فإنما الذي بين يدي هذه الحوانيت أفنية سُقفت
والأفنية لا تُقسم/ وهي كذلك قديمة فتبقى على حالها، وأما ما أرادوا من منع
أهل البادية أن يلبثوا بدوابهم تحت تلك السقائف فلهم ذلك لضرر الدواب
وأزبالها، وأما حوانيت مال الله فلا تُغيرُ عن حالها.
وكتب إليه فيمن رفع إلى الحاكم أن رجلاً غائباً يومئذ اقتطع طريقاً
للمسلمين وأقام بذلك بينة أنهم يعرفونها طريقاً للمسلمين مسلوكة منذ عرفوها
فكتب إليه إنما يقطع هذه الشهادة العامة وما كثر من الناس وإن كان المدعي
قريب الغيبة أحضره وأسمع منه.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: لم يكن مالك يجيز قسمة الفناء
والمباح فيكون أمام دور القوم عن جانب الطريق وإن اجتمعوا ورضوا بذلك لأنه
مما للناس من عامة، فيه المنفعة، ربما ضاق الطريق بأهله وبالدواب فيميل
الراكب أو الرجل وصاحب الحمل عن الطريق إلى تلك الأفنية والرحاب التي على
الأبواب فيتسع فيها وليس لأهلها تغييرها عن حالها، وقال أصبغ، أكره لهم ذلك
ابتداء فإذا فعلوا مضى ذلك لهم لأنهم أحق به من غيرهم وإنما للناس فيه
المنفعة في بعض الأحايين فلهم قطع تلك المنفعة، وأنكر ابن حبيب قول أصبغ
ولم يأخذ به.
فيمن له ممر أو طريق في أرض رجل
كيف العمل فيه وكيف إن أراد تحويله
في أرض الرجل أو يجري الماء في أرض آخر
وفي طريق لرجل وللمسلمين هل يُحول؟
والقضاء بالمرفق في غرز الخشب وغيرها
من المجموعة روى ابن نافع قال في غيرها وأشهب عن مالك فيما رُوي من المرفق/
بغرز الخشب لا يمنع ذلك جاره. إن ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم على
الوصية
(11/53)
بالجار والترغيب في ذلك ولا يقضي به، وقد
كان ابن المطلب يقضي به عندنا وما أراه إلا دلالة على المعروف وإني منه لفي
شك، وقال عنه ابن القاسم: لا يقضي به وإنما هو على المعروف، وقال عنه فيمن
له حائط هل لجاره أن يبني عليه سترة؟ قال: لا إلا بإذنه.
قال ابن القاسم عن مالك في رجل له ماءٌ وراء أرضي وله أرض دون أرضي فأراد
أن يجري ماءه إلى أرضه في أرضي قال مالك: فليس ذلك له، قال: ولو كان له
مجرىً في أرضك أو دارك فأراد أن يحوله إلى موضع آخر من أرضك هو أقرب إلى
أرضه لم يكن له ذلك ولم يأخذ بما رُوي عن عمر في ذلك. قال عنه أشهب: كان
يقال يُستحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من الفجور قال مالك وأحدثه من
يوثق برأيه ولو كان الشأن معتدلاً في أزمنتنا هذه كما عند الذي في زمن عمر
رأيت أن يُقضى له بإجراء مائه في أرضك لأنك تشرب به أولاً وآخراً ولا يضرك
ولكن فسد الناس واستحقوا التهم ويخاف أن يطول الزمن ويُنسى ما كان عليه
جريُ الماء وقد يدعي جارك عليك به دعوى في أرضك. وقال ابن كنانة نحوه لا
يقضى بحديث الضحاك بن خليفة لأن الناس قد فسدوا.
ومن كتاب آخر روى زياد شبطون عن مالك في مثل ربيع عبد الرحمن بن عوف الذي
كان له في أرض جد عمرو بن يحيى المازني فأراد تحويله في أرضه إلى مكان هو
أقرب إلى أرض عبد الرحمن فأبى عليه رب الأرض فقضى عليه عمر/ أن يجريه، وفي
حديث الضحاك بن خليفة الذي أراد أن يمر به في أرض محمد بن سلمة فمنعه فقضى
عليه عمر أن يمر به فيها.
قال مالك وفي رواية زياد أنه إن لم يضر به فليقض بمروره في أرضه وإن أضر به
فليمنع من ذلك، قال: والربيع هو الساقية، قال ابن نافع: وهذا فيما يُراد
تحويله فأما ما يُبتدأ عمله فليس ذلك.
قيل لأشهب: فلو أن لي أرضاً إلى جانبها أرضٌ لغيري ولي خلف أرضه عينٌ وليس
لي إليها ممر إلا في أرضه فمنعني الممر إليها قال: إن كانت أرض جارك
(11/54)
أحييت بعد إحيائك العين وأرضك فلك الممر في
أرضه وأن تجري ماءك فيها إلى أرضك بالقضاء، وإن كانت أرضه كانت قبل عينك
وقبل أرضك فليس لك في أرضه ممر إلى عينك ولا لعينك ممر في أرضه إلى أرضك.
قال أشهب عن مالك فيمن مات عن أرض كانت عفاءً لا غرس فيها ولا ماء فاقتسمها
الورثة وباعوا وغرسها المشترون فمنهم من اشترى ماء فساقه ومنهم من اكتراه
وأمنحه فأقاموا بذلك نحو أربعين سنة حتى عَمِيَ ذلك عليهم ثم باع بعضهم حقه
فقال المشتري لمن يمر منهم بمائه عليه لا أدعك تمر به وقال الذي يمر بمائه
هذا الماء لم يزل هكذا منذ أربعين سنة، قال مالك: أرى أن يدعوهم القاضي
بأصل القسم فيحملهم عليه وإن لم يكن إلا ما هو عليه أقروا على ذلك ولم يكن
له أن يمنعه.
قال ابن القاسم عن مالك في دار بين رجلين اقتسماها ولرجل إلى جنب أحد
النصيبين دار بابها إلى الطريق الآخر فاشترى هذا الرجل النصيب الذي يلاحقه/
ففتح فيه باباً وأحدث ممر داره في طريق هذا النصيب فمنعه صاحب النصيب
الآخر. قال: ليس له أن يمنعه إذا جعل ذلك ليرفق به هو ومن يسكن معه وإن كان
إنما أراد أن يجعلها سكة نافذة للناس يدخلون من باب داره فحرفوا ذلك إلى
مخرج النصيب قال: فليس ذلك له، قال ابن القاسم فاحتجبتُ عنده بما اختُلف
فيه عندنا فقال: أرى ذلك له.
قال ابن القاسم: ولو لم يقسم الدار ولك دارٌ إلى جانبها لم يكن لك فتح باب
في الدار التي بينك وبينه لأن الوضع الذي يفتح فيه معك فيه شريكٌ. وقاله
أشهب عن مالك. ومسألة رجلين عن أرضين له متصلتين ولقوم بينهما طريق إلى ماء
آخر بيني وبينه وقد غرستُ في أحد الأرضين وادياً فمرورهم به يضر بالوادي
فأردتُ رفع الطريق إلى أرض الآخر إذ هو أرفق بي وبهم، قال: ليس ذلك لك إلا
بإذنهم، فقال: إني إنما أقدم الطريق عن الوادي في بياض قدر عظم الذراعِ
قال: إن كان قريباً هكذا ولا يضرهم فذلك لك وإلا فاستأذنهم.
(11/55)
قال ابن القاسم وأشهب: وإذا كانت لك نخلة
في أرض فأردت أن تجذها فقال رب الأرض لا تتخذ في أرضي طريقاً قال: ليس لهم
منعك من الطريق إلى نخلتك في سقيها وجذاذها وإبارها (1) ومصلحتها.
قال أشهب: ولك أن تخرق زرعه بأيسر ما تقدر عليه وأبعده من الضرر، قال: ولك
أن تدخل إلى نخلتك في غير حين إفلاحها وتنظر إليها وتتعاهدها وإن كنت إنما
تمر مرور الضرر مُنعت من ذلك ولك أن تمر معك بمن يعينك على أمرها/ أو
تستشره فيما يحتاج إليه منها.
قال ابن القاسم وليس لك أن تجمع نفراً من الناس يفسدون عليه زرعه لجذاذها،
وقد قال مالك فيمن له أرض في وسط أرض رجل إنه ليس له أن يخرق زرعه بماشيته
لرعي خصبها، قال ابن القاسم: ولا يمنع من احتشاشه.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم فيمن له أرض بيضاء (2) والطرق تشقها فأراد أن
يحول الطريق إلى موضع آخر منها أرفق بها وبأهل الطريق فليس ذلك له وليس
لأحد أن يحول طريقاً وإن كان إلى أسهل من الأول وإن رضي له بذلك [من جاوره
من اهل القرى لأنها طريق لعامة المسلمين فلا يأذنه] (3) فيها بعضهم إلا أن
يكون طريقاً لأقوام بأعيانهم فيأذنوا في ذلك، قال ابن الماجشون: ينظر
الإمام فيها، فإن رأى في تحولها منفعة للعامة في مثل سيولتها وقربها أو
أقرب وأسهل، وإن رأى في ذلك ضرراً بأحد من المارة أو ممن جاورها منع من ذلك
وإن حولها بغير إذنه فليتعقب ذلك الإمام فما كان صواباً أمضاه وإلا ردَّه.
من المجموعة قال عبد الملك: ومن له أرض مرتفعة ولآخر تحته أرض منصبة فيأتي
المطر فيجيء من المنصبة إلى أخرى تحتها وهما مزروعتان يشربان كثيراً من
الماء فاشترى المنصبة ناس فبنوا فيها وقرمدوا بيوتهم بالقراميد فكثر ما
ينصبُّ منها __________
(1) إبار النخل وتأبيره: تلقيحه يقال نخلة مؤبرة بالتشديد ومأبورة.
(2) الأرض البيضاء: الأرض الملساء التي لا نبات فيها وقد تقدم شرحها.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(11/56)
فقال من تحته لم يكن يجري عليّ منها هذا
الماء كله وقد بقيت التي تحته أو بقيت مزدرعة فلا حُجة له بهذا والماء يجري
على ما كان بالواجب قلّ أو كثر.
قال ابن كنانة فيمن في داره بئرٌ ولرجل فيه شراب أية ساعة شاء فقال الذي له
البئر للذي له الشرب/ أنا أحفر لك بئراً في دارك وأقطع عني شُربكَ، قال:
ليس له ذلك إلا أن يصطلحا على ذلك وذلك أن البئر ربما أفسدت دار الرجل
وضيقتها. قاله سحنون.
وسأل حبيب سحنوناً عمن له قناة تجري إلى زقاق نافذ (1) فأراد أن يحولها إلى
زقاق أخر مثله فمنعه أهل الزقاق. قال: لهم منعُه، قيل: فإن أجراها فأقامت
ثلاث سنين ثم قاموا؟ فقال: هذا قليل ولهم القيام.
فيمن له ممر في حائط لرجل أو له فيه شجر
ولا تحظير عليه فأراد ربه تحظيره
وأن يجعل عليه باباً
ومن العتبية (2) من سماع أشهب وهو عن ابن نافع عن مالك في المجموعة فيمن له
ممر في حائط لرجل إلى مال له ورأى ذلك الحائط ولم يكن الحائط مُحظراً (3)
فأراد ربه تحظيره وأن يجعل عليه باباً، قال: ليس له ذلك إلا برضاء صاحب
الممر فيه لأنه إذا جعل هكذا لم يدخل الذي لم الممر متى شاء وقد يأتي ليلاً
فلا يفتح له ويقال لا تُفتح في مثل الساعة لأحد وإذا كان مطراً لم يقعد
ينتظر صاحب الطريق فما أرى ذلك إلا برضاء صاحب الممر.
__________
(1) الزقاق: الطريق الضيق دون السكة نافذاً كان أو غير نافذ.
(2) البيان والتحصيل، 9: 188.
(3) أي لم يكن محاطاً بشيء يحرسه ويحول بينه وبين المارة والحظيرة الشيء
المحيط بشيء آخر سواء كان خشباً أو قصباً.
(11/57)
قال: ولو حظر على الحائط حظيرة ولم يجعل
عليه باباً يُغْلقُ؟ قال: إذا حظر وجعل له باباً يدخل منه ويخرج ولا يُغلق
فيوشك أن يأتي من له الممر فيه فإذا رأى الحائط محظراً لم يمر وقد يطول هذا
ويتشاحن هذا ويجعل ذلك الباب باباً ويصير صاحب الممر يكلف البينة على
الممر.
قال ابن حبيب: كتبتُ إلى أصبغ أسأله عمَّنْ له شجرة أو شجرات في أرض رجل
فيريد ربُّ الأرض/ التحظير على ارضه بجدار، أو بينهما دارٌ أو يغلق على شجر
الرجل فيأبى ذلك الرجل ويقول: هذا يحول بيني وبينها وقال صاحبه: أنا أشهد
لك بحقك وأفتح إذا جئت إليها.
قال أصبغ: إن كانت الشجرة أو الشجرات التي للرجل مجتمعةٌ بناحية من الأرض
غير متفرقة ومتبددة فيها منع صاحب الأرض من دخول ذلك في الحظيرة ويحظره ما
شاء ويدع شجر هذا وذلك إذا كان لصاحبها طريقٌ إليها على حال ما كان قبل ذلك
في قرب ذلك أو بعده أو سهولته أو منفعته، وإن كانت الشجرة أو الشجرات
متوسطة للأرض أو مبتددة فيها لا يقدر رب الأرض أن يفرد حقه فيحظره إلا
بدخول الضرر عليه والشجرات قليلة غير شاغلة للأرض كلها والأرض واسعة فليس
لرب الشجر أن يمنعه من الانتفاع بأرضه.
وإن قال: يضرني تحظيره على شجري قيل له ويضره هو تركه، فإذا اجتمع الضرران
على مشتركين في شيء كان أولاهما باحتماله أيسرهما نصيباً منه ويصير هو
مضاراً بصاحبه إن منعه لها كان عظيم الضرر عليه وقيل لرب الأرض حظر على
أرضك وافتح لصاحب الشجر باباً يدخل منه إلى شجره على أقرب الطريق وأسهلها
إليه ويكون غلقه بيده إن طلب ذلك ولم يرد أن يكون مدخله من مدخل صاحب الأرض
وقيل لرب الأرض احتفظ من مدخل هذا عليك إن شئت التحظير.
قال: وإن كانت الشجر كثيرة قد عمت الأرض يتبددها فليس لصاحب الأرض أن يحظر
عليها لأن أكثر الضرر في/ هذا لصاحب الشجر إذ أغلق عليها
(11/58)
ولم يأتها إلا من ناحية واحدة، واحتج بقول
مالك في النخل تُباع وقد أبر بعضها أنه يغلب الأكثر على الأقل فكذلك يغلب
أكثر الضرر على أقله وإن جاء لا ضرر ولا ضرار كما جاء من باع نخلاً قد أبرت
فتمرها للبائع ولا حد في هذا ولا هذا.
فيمن له شجرة إلى جنب جدار رجل
فتضر به أو تخرج فروعها إلى أرض جاره
ومن له في حائط رجل شجرة فانقلعت
هل يرد غيرها؟ وكيف إن نبت مكانها خلوف؟
ومن له بئر أو عين فنبع في أرض جاره عيون من ذلك؟
أو خرج من حائطه شجرة من أصل شجر لك؟
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في الشجرة تكون إلى جانب جدار الرجل
فتضر به أتقطع عنه؟ فقال مطرف: إن كانت أقدم من الجدار إلا أن يحدث لها
أغصان بعد بناء الجدار يضر بالجدار فليُشمر (1) منها كل ما ضر مما حدث بعد
بنائه، وقال ابن الماجشون: إن كانت هي أقدم من الجدار تُركت وما حدث من
أغصانها وزاد فيها من الانبساط والانتشار وإن أضر ذلك بالجدار لأنه قد عُلم
هذا من شأن الشجرة أنه يكون منها فقد صار، هذا من حريمها وهو أيضاً قبل
بناء الجدار، وقال أصبغ كقول مطرف، وقال مثله عيسى بن دينار في كتاب آخر،
وقال به ابن حبيب وقالوا أجمع: وإن كانت الشجرة محدثة بعد الجدار فإنه يقطع
منها/ كل ما آذى بالجدار وأضر به من قليل أو كثير.
ومن العتبية (2) روى عبد الملك ابن الحسن عن ابن وهب في شجرة في دار رجل
فطالت حتى صار يتشرف منها على دار جاره إذا طلع بجنبها أو غرسها __________
(1) أي فليقطع منها يقال شمر الشيء قطعه وشمر النخل: صرم ثمره وشمر الثوب
عن ساقه رفعه.
(2) البيان والتحصيل، 9: 408.
(11/59)
قريب من جدار جاره فيزعم صاحبه أن موضع
الشجرة يضر به لأنه يخاف أن يطرق منها فيدخل عليه في داره وقد يكون قد
تقادمت ومضى لها أعوام وهي تتزيد، قال: إن لم تكن له حجة إلا ما ضاق من
الطرق من ناحيتها أو من يطلع من تحتها فلا حجة له بذلك ويمنع من يجنيها من
التطلع والضرر إن عُلم ذلك منه وليس له قطع الشجرة، وأما إن انتشرت وعظمت
حتى تخرج فروعها من أرض صاحبها وتصير في أرض جاره فليقطع ذلك الذي أضر به
ووقع في حده وآذاه فقط.
وروى ابن القاسم عن مالك فيمن له شجرة في أرض رجل فسقطت فنبت فيها خلوف
لها، قال: ذلك لصاحبها، قبل فله أن يغرس في مكانها شجرة أخرى؟ قال: نعم.
ومن المجموعة قال بعض أصحابنا وهو في كتاب ابن حبيب لأصبغ بن الفرج فيمن له
شجرة في حائطه قد أنشأها فتعظم وتنبسط وتضر بجنان جاره فلا ينتفع بأرضه.
قال في كتاب ابن حبيب فيضر بأرض جاره أو داره، وقال في الكتابين: إن كان
عِظَمُها إنما هو امتداد صاعد في السماء يمد في أرض جاره فلا يغير عن حالها
كالبنيان يرفعه الرجل في حقه فيستر به الريح والشمس عن جاره، وإن كان إنما
مُدت في أرض جاره وأضرت به فلتشمر ويُقطع منها وتُرد إلى حالٍ لا يُؤذي.
قال سحنون كل ما يخرج/ منها إلى أرض جاره فليُقطع حتى يعود فروعها إلى جدار
أرض صاحبها، لأن هواء الأرض التي حدث فيها الفرع لرب الأرض.
قال أصبغ في كتاب ابن حبيب: وأما الشجر التي تكون للرجل في أرض الرجل
بميراث أو شراء أو قسم أو غيره فامتدت ارتفاعاً وانبساطاً حتى أضرت بالأرض
فلا قول لصاحب الأرض في ذلك، وقاله ابن القاسم.
ومن المجموعة قال مالك فيمن له شجرة في أرض رجل فسقطت فنبت فيها خلفة شجرةٌ
أخرى فهي لرب الأولى وإن كانت الأولى نخلة فلربها أن يغرس مكانها نخلة
أخرى. قال ابن كنانة وأشهب مثله، قال أشهب: لأن له أرض النخلة، قال
(11/60)
ابن كنانة: إلا أن تكون النخلة في يديه
حُبُساً أو كان إنما له تَمرها دون الأصل وليس ذلك له.
قال ابن القاسم: وليس له أن يغرس ما يعلم أنه يكون أعظم انتشاراً من
الأولى، وله أن يغرس ما ضرره من الشجر كضرر نخلته وأقل وما هو مثل نخلته.
قال ابن القاسم: ومن له بئر أو عين ولصيقها أرض لرجل فنبع في أرض الآخر
عيون من العين أو البئر فأراد ربُّ العين سدَّها فقال: إن لم يستحدث ذلك
ولم يحفره وإنما هو شيء ساقه الله إليه فلا يعرض له، وإن كان هو احتفرها
وأجرى الماء مُنِعَ من ذلك وسُدت عليه.
قال وقال بعض أصحابنا وهي لعيسى عن ابن القاسم في العتبية (1) ونحوه في
كتاب ابن حبيب عن أصبغ فيمن في حائطه شجرةٌ فيخرج منها قضبان تحت الأرض/
فتظهر في أرض جاره وتصير شجراً مثمراً، فإن ثبت أنها من أصل الرجل خُير من
ثبتت في أرضه بين أن يقلعها عن أرضه أو يُعطي الذي تفرعت من شجرة قيمتها
مطروحة. قال ابن القاسم في الكتابين: إلا أن يكون لصاحب الشجرة فيها منفعةٌ
لو قلعها وغرسها بموضع آخر لتنبت فله ذلك، وإن كان لا منفعة له فيه ولا
مضرة عليه فهو لرب الأرض إلا أن يكون قد بلغ فيكون لو قُلع كان لخشبه قيمته
فلرب الأرض أن يعطيه قيمتها مطروحة، قال في المجموعة: إذا كان ليس في
بقائها مضرة على رب الشجرة الأولى فإن كان عليه فيها مضرة لأن عروق القديمة
تُسقى منه الخلوف فتنتشر هذه فله قلعها إلا أن يشاء الذي ظهرت في أرضه أن
يقطع عروقها المتصلة بشجرة الأولى حتى لا يضر بها ويعطيه قيمتها مقلوعة
فذلك له.
وقال في العتبية (2) قال عيسى: إلا أن يكون بقاؤها مضرّاً بأصل الشجرة فليس
له ذلك إلا برضاء ربها.
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 263.
(2) البيان والتحصيل، 10: 263.
(11/61)
وسُئل عن شجر ينبت في هدف بين حائطين
والهدف يُعرف برجل أو لا يُعرف بأحدهما وهما يدعيانه جميعاً والشجر مشتبكة
أو متباعدة قال: إن عُرف أن الهدف لأحدهما فما ثبت عليه فهو له ويُنظر إلى
أصول تلك الشجر إن قدر أن يختبر من غير فساد فمن أي شجر هي أعطى صاحبها
قيمتها مقلوعة أو يأمره بقلعها عن أرضه إن كان لها ثمن، وإن لم يُعرف لمن
الهدف منهما وكانت الشجر تحمل القسم وكانت متباعدة قُسم الهدف بينهما
بالشجر/ فيبيع كل واحد منهما ما شاء وإن كانت مشبكة جداً حتى لا يُعرف ما
أسقطته الريحُ من حَبها من أيهما هو فأرى أن تُباع من رجل واحد ويُقسم
ثمنُها بينهما أو يتقاومانها بينهما.
في إحداث الأبرجة
وفي حمام الأبرجة يُؤذي ما حولها من الزرع
وفي دخول بعضها في بعض
ودخول الصيد في منصبة الرجل أو في داره
من المجموعة سُئل ابن كنانة عمن يتخذ برج الحمام فيتأذى به جيرانه في زرعهم
وثمارهم قال: فلا يُمنع من ذلك وأكره أن يُؤذي أحداً، وسُئل بعض أصحابنا عن
حمام الأبرجة وعصافيرها يُؤذي زرع أهل القرية وغيرها وبخاصة العصافير في
شدة إيذائها قريبة من الجراد، قال: لا أرى أن يمنع صاحب البرج من اتخاذ
منافعه في جداره وبرجه وعلى أهل الزرع حرس زرعهم بالنهار والذب عنه. قيل
فالدجاج والإوز يتخذها فتُفسد الزرع قال: لا يُمنع من ذلك وعلى أهل الزرع
حرسُ زرعهم بالنهار.
قال ابن القاسم عن مالك في الأبرجة يدخل حمام بعضها في بعض فإن قدر على رد
كل حمام إلى برجة رد ذلك، فإن لم يقدر فلا شيء عليهم في ذلك وهي لمن
(11/62)
ثبتت في برجه، وكذلك النحل تخرج من جبح (1)
هذا إلى جبح هذا إن استُطيع ردها وإلا فهي لمن ثبتت في جبحه، وقاله كله،
وقال: وهي في النحل أجوز إذ لا يُعرف أبداً ولا يقدر على ردها.
قال ابن عبدوس وقال بعض أصحابنا وذكره ابن حبيب عن مطرف في البرج يتخذ
للحمام فيه الكُوَى خارجاً/ في جداره فيأوي الحمام إلى البرج في داخله
وخارجه إلى الحمام الذي وضعه الرجل في برجه ولا يعرف تلك الحمام بعينها هل
يأكل فراخ حمام البرج؟ قال: إن عرفها بعينها وعرف ربها ردها إليه وإن لم
يستطع ردها ولا أخذها فإن عرف موضعها إذا أفرخت رد فراخها على صاحبها، وإن
ازدوجت حمامة مع حمامة لجاره فعرفها وعرف عُشها الذي تفرخ فيه ولا يقدر على
ردها ولا أخذها فليرد نصف ما أفرخت. قال: وكذلك إن كانت حمامة جاره ذكراً
لأنه إنما يكون ذلك على وجه الحضانة لا على وجه البيض فليرد على صاحبه (2)
فرخ حمامته ذكراً كان أو أنثى ويمسك فرخ حمامته ولا يكون هذا إلا في الحمام
فقط من جميع الطير والبهائم وإن اشتبهت بحمامة فلا يعرفها أو يعرفها ولا
يعرف عشها ولا يقدر على ردها فلا شيء عليه وله كل ما أوى إلى برجه، وقاله
من أرضى من العلماء.
وكذلك الحمام التي خارج البرج في كُواه هي لصاحب البرج وله كل ما آوى إليها
من العصافير وفراخها وله منع كُواه من غيره، والنحل مثل الحمام إذا آوت إلى
خلية الرجل خلية لجاره فيقال لربها إن عرفت نحلك فخذها وإلا فلا شيء لك ولا
يكونان شريكين، قال ابن حبيب قال لي أصبغ مثله كله، ورواه عن ابن القاسم.
من المجموعة، وقال ابن كنانة في برج الحمام والجبح إذا وقع فيه ما يُغلبُ
صاحبه فلا يعرف/ شيئاً بعينه فله أكل ذلك كله، قال ابن القاسم __________
(1) الجبح: خلية العسل ويجمع على أجبح وأجباح وجباح.
(2) في ص، على جاره.
(11/63)
وأشهب: ولا تصاد حمام الأبرجة ولا يُنصب
لها ولا تُرمى قال ابن القاسم فإن صاده فليرد أو ليعرف به ولا يأكله، قال
أشهب: وإن قتله غرم ما قتل إن عرف البرج وربه وإلا تصدق بالقيمة.
قال ابن كنانة: وأكره أن ينصب الرجل جبحاً في مكان قريب من جباح الناس وحيث
ترعى نحلُهم وتسرح وتأوي إليه ولا بأس أن ينصبها بعيداً من العمران وهذا
بقدر ما يعلم أهل البلدان مما يضر به في نحلهم ومصايدهم من نحل القرية التي
ليست لهم أو من نحل الناس التي يُتخوف أن يكون من جباح غيرهم.
قال ابن القاسم عن مالك: ومن نصب جبحاً في الجبال فدخله النخل فهي لمن وضع
الجبح، وقاله أشهب وإن كانت نحل جبلية (1) ليست لأحد وإن كانت من نحل قوم،
ولا أرى أحد أن يفعل ذلك، فمن فعل ذلك لم أره له ورأيت أن أهل تلك النحل
أسوةً فيما دخل في الجبح وإن كان ذلك الجبل به نحل كثيرة ليست لأحد وبه نخل
للناس لم أر بأساً أن ينصب أجباحه وله ما دخل فيها من أجباح الناس إلا أن
يعرف شيئاً بعينه فليرده. قال ابن القاسم: كل من نصب لصيد منصباً له ما وقع
فيه فإن وجده غيره فليس له أن يأخذه منه، وكذلك من وجد حجراً فسده وذهب
ليأتي بما يحفره فأتى من فتحه وأخذ ما فيه فالذي سده أولى بذلك، فإن قالوا
ومن يعلم أنك سددته؟ قيل لهم ادفعوا ذلك إليه حتى تأتي من يدعي أنه يسده
وأنتم لا تدعون ذلك، وكذلك في الجبح إن قالوا ومن يعلم أنك وضعته.
قال ابن كنانة في الرجل يجد النحل في شجرة أو صخرة فلا بأس أن ينزع عسلها
إذا لم يعلم أنها لأحد، ولا يحل لك أن تأكل عسل جبح نصبه غيرك لا في عمران
ولا في مفازٍ ولا أكل حمام لغيرك إذا عرفته بعينه، قال: وأكره أن يأخذ
الرجل من شجرة غيره غرساً إلا أن يأمره، وذكر قول ابن القاسم في الذي يطلب
__________
(1) جبلية ساقطة من ص.
(11/64)
الصيد حتى يدخل دار رجل أو منصبته أنه إن
اضطرته الكلاب أو الرجل رهقه لأخذه فهو له وإلا فهو لرب الدار أو المنصب
بالجبالات.
وقال أشهب أرى الصيد الذي دخل الدار للطالب دون رب الدار لأنه هو الذي
أحرزه في الدار ولم يجرزه ربُّها بوجه من الوجوه. قال سحنون: وهذا بخلاف ما
طلبته الكلاب والكلاب كلهم إذا كانت في حومة الكلاب لم يتباعد بعضهم من بعض
حتى تنقطع معونة بعضها لبعض، وفي كتاب الصيد شيءٌ من معاني هذا الباب وفي
الباب الذي يلي هذا من معنى هذا الباب.
في تحظير الحوائط
وما على أهلها من حفظها من المواشي بالنهار
وما على أهل المواشي من حفظها بالليل
وفي أذى النحل والحمام وغيرها
وكيف يضمن الزرع الأخضر إذا فسد؟
قال ابن حبيب روى ابن شهاب عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى
أن على أهل الحوائط حفظَ حوائطهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظَ مواشيهم
بالليل (1)، وفي حديث آخر من رواية مالك عن ابن شهاب وأن ما أفسدت المواشي،
بالليل ضمانه على أهلها. قال مالك: وعلى/ ذلك الأمر عندنا.
قلتُ لمطرف: فإن الزرع عندنا كثيرٌ منبسط جداً لا يطيق أهله على حراسته،
قال: سُئل عن ذلك مالك فقال: الحكم في ذلك واحد على حكم __________
(1) ورد هذا الحديث في سنن ابن ماجة كتاب الأحكام باب الحكم فيما أفسدت
المواشي بلفظ آخر عن ابن شهاب أيضاً حيث ذكر أن محيصة الأنصاري أخبره أن
ناقة للبراء دخلت في حائط قوم فأفسدت فيه فكلم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقضى أن حفظ الأموال على أهلها بالنهار وعلى أهل المواشي ما أصابت
مواشيهم بالليل ويوجد هذا الحديث أيضاً بالموطإ كتاب الأقضية باب القضاء في
الضوراري والحربة.
(11/65)
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مالك في
البقرة أو الناقة الضارة بالزرع فليأمر الإمام ببيعها وإن كره ربها.
وسُئل مطرف عن النخل يتخذها الرجل في القرية وهي تضر بشجر القوم إذا نورت
أو تجد برجاً في القرية وتتخذ فيه الكُوى للعصافير تأوي إليه ويأخذ من
فراخها وهي والحمام في إيذائها وفسادها للزرع هل يُمنع من ذلك؟ قال: أرى أن
يُمنع من اتخاذ ما يضر بالناس في زروعهم وفي شجرهم، قلت: أفلا يكون ذلك
كالماشية؟ قال: لا، لأن هذه طائرة ولا يقدر على الاحتراس منها كما يُستطاع
ذلك في الماشية، وقد قال مالك في الدابة الضاربة بفساد الزرع التي لا يحترس
منها أنها تُخرج وتُعرف وتُباع فالنحل والحمام أشد وكذلك الدجاج الطائرة
والإوز وشبهها مما لا يُستطاع الاحتراس منه فأما ما يُقدرُ على الاحتراس
منه كالماشية فلا يؤمر صاحبُه بإخراجه.
وقال أصبغ: النحل والحمام والدجاج والإوز كالماشية لا يمنع صاحبُها من
اتخاذها وإن ضرت وعلى أهل القرية حفظ زرعهم وشجرهم، وكذلك قال ابن القاسم.
وقال ابن حبيب بقول مطرف.
قال أبو محمد عبد الله: وقد ذكرنا في باب إحداث الأبرجة قول ابن كنانة
وغيره في الأبرجة والأجباح وضررها وضرر الدجاج والإوز.
قال ابن حبيب: قلت لمطرف فما أفسد من الزرع الأخضر كيف يقوم؟ قال مالك: على
الرجاء والخوف أن يتم أو لا يتم يريد لو جاز ذلك فيه، قال: فيغرم قيمته ولا
يُستأنى بالزرع أن ينبُتَ كما يُصنع بسن الصغير، قال مطرف: فإن عاد الزرع
بعد الحكم بقيمته إلى حالته الأولى قال: تمضي القيمة لصاحب الزرع لأنه حكم
قد نفذ. قُلت: فلو لم يُحكم فيه حتى عاد لهيئته؟ قال: إذا تسقط القيمة التي
وصفت لك وليس على المعسر إلا الأدب بقدر سفهه وإفساده إلا أن يكون ما أفسد
من ذلك كان يُرعى ويُنتفع به فتكون عليه قيمتُه ناجزة لا على الرجاء والخوف
وعليه الأدب، وقال أصبغ عن ابن القاسم عن مالك في صدر المسألة مثل قول
مطرف.
(11/66)
قال أصبغ: وإذا عاد لهيئته قبل الحكم فيه
فهو عندي مثله يُقوم على الرجاء والخوف نبت أو لم ينبت كان ذلك ذلك قبل
الحكم أو بعده قال ابن حبيب: وقول مطرف أحب إلي، قال ابن حبيب قال الشعبي:
دخلت شاة بيت حائك فأفسدت عمله فرفع ذلك إلى شريح فقال (وداود وسليمان إذ
يحكمان في الحرث إذ نفشت (1) فيه غنم القوم) [سورة الأنبياء: 78] لا يكون
النفش إلا بالليل، وفي كتاب الأقضية باب من هذا مفرد يصلح أن يضم أحدهما
إلى الآخر.
__________
(1) نفشت الإبل والغنمُ تنفش من باب جلس: رعت ليلاً بلا راعٍ وكذلك نفشت
تنفش بالضم نفشاً بفتحتين.
(11/67)
صفحة بيضاء
(11/68)
|