النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على
سيدنا محمد وآله وصحبه
الجزء الأول
من كتاب الجنايات (1)
/في القصاص بين العبيد في النفسوالجراح
وهل بينهم وبين الحر قصاص، وذكر جناتهم
على الأحرار والعبيد
قال أبو محمد من كتاب ابن المواز، قال مالك وعبد العزيز، القصاص بين العبيد
في النفس والجراح في العمد، فإن استحياه سيد المقتول، فالخيار لسيد القاتل
في فدائه وإسلامه، وإن طلب في الجرح ما نقص عبده، وأبى القصاص، فذلك له إلا
أن يسلم إليه الجارح.
قال مالك، ولا قود بين حر وعبد في الجراح، جرح العبد أو جرح، وأما النفس
فيقتل العبد بالحر إن شاء ذلك الأولياء، ولا يقتل به الحر.
وقال عبد العزيز، يقاد للحر من العبد في الجراح إذا رضي الحر، ولا يقاد
للعبد فيها وإن رضي الحر، وأبى هذا مالك في الجراح، وقول مالك قول ابن
شهاب، وروى عمرو بن شعيب (2) أن حرا قتل عبدا في زمن النبي صلى الله عليه
وسلم فأمر به صلى الله عليه وسلم أن يجلد مائة وألا تقبل له شهادة (3).
__________
(1) سنقابل هذا الجزء بنسخة المكتبة الوطنية بتونس وسنرمز لها بالحرف ت
ونسخة الصادقية وسنرمز لها بالحرف ص.
(2) في ص وت (عمر بن شعيب) والصواب ما في الأصل.
(3) جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجوز شهادة خائن ولا محدود في
الإسلام ولا ذي غمر على أخيه» من الجزء الثاني، صفحة 208.
(13/275)
قال ابن سحنون عن أبيه عن أشهب، في عبد قطع
يد حر ويد عبد عمدا، فليقطع بالعبد، ويخير سيده في فدائه من الحر بخمسمائة
دينار وإسلامه، ولو عفا (1) سيد العبد على الأرش خير بين فدائه منها بما
نقص العبد، ودية اليد أو إسلامه إليهما، فيكون بينهما بقدر دية اليد، وما
نقص العبد المجني عليه.
وقال أصحابنا،/ عبد الرحمن وغيره، وإذا قتل العبد حرا وعبدا عمداً، قتل
بهما إن اختار ذلك ولي الحر وسيد العبد، وإن أبقياه وطلبا الأرش، خير سيده
في أن يفديه بدية الحر وقيمة العبد، أو يسلمه فيكون بينهما بقدر القيمة
والدية، وإن اختلفا فمن طلب القتل فذلك له ويبطل حق الآخر، وليس كما قلنا
في قطع اليد، لأنه ليس بين الحر والعبد قصاص في الجراح، فإذا قطع للعبد بقى
جرح الحر في يده قائما في رقبته.
قال ابن سحنون عن أبيه، لم يختلف العلماء في القصاص بين العبيد في النفس،
قال مالك وإذا استحيا سيد المقتول القاتل، فلسيده فداه أو يسلمه، فإن أسلمه
لم يكن لسيد المقتول قتله.
قال ابن سحنون، ومن منع من القصاص بين العبيد في الجراح خصم بإجماعهم على
أن ذلك بينهم في النفس، وإن كانوا أموالا وعلى اختلاف قيمتهم.
قال ابن شهاب، إذا قتل عبد عبداً خطأ والقاتل أعلى قيمة، فليس لسيد المقتول
إذا وجد قيمة عبده غير ذلك، وإن كان المقتول أغلى فأسلم إليه القاتل، فلا
حجة له.
قيل لسحنون، فلم تركت ما قاله السبعة من فعهائنا؟ - يعني أهل المدينةـ، لا
قصاص بين العبيد في الجراح، وقاله العراقيون،
قال سحنون، لما روينا عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب
وسالم، ولما ذكرنا من الاستدلال، قيل له، قال بعض الناس بهذا إلا أنه
__________
(1) في ص وت (ولو عصا).
(13/276)
قال، فإن طلب السيد قيمة/ المقتول، كان ذلك
في رقبة القاتل يبيعه سيده فيها، قال ليس له أن يبسط يده فيه ببيع حتى
يفديه، قال: وقال جميع أصحابنا في عشرة أعبد لعشرة رجال قتلوا عبدا لرجل،
فإن شاء قتلهم، وإن شاء أخذ قيمة عبده، فكان على كل واحد عشر قيمته، إما
ودى ذلك سيده أو أسلمه فيه، ولرب المقتول قتل من شاء منهم ويعفو عمن شاء
على اخذ حصته من القيمة على الأعشار لا ينظر إلى تفاوت قيمتهم، وكذلك في
كتاب ابن المواز.
قال ابن القاسم، ولو كانت قيمة أحدهم ألف دينار، فلسيده فداه بعشرة دنانير
التي هي عشر قيمة المقتول.
قال سحنون، ولا أعلم بين العلماء اختلافا أن لو ماتوا قبل قيام سيد
المقتول، أنه لا طلب له على ساداتهم، قال أبو محمد، يريد إلا أن يترك مالا.
قال: وإن قتل حر وعبد عبداً، عوقب الحر ولم يفد منه، وودى نصف قيمة العبد،
ولسيد المقتول قتل العبد القاتل أو يستحييه (1)، ويكون له في رقبته نصف
قيمة عبده، ويفديه بذلك سيده أو يسلمه إليه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ربيعة، وإذا فقأ عبدان عين عبد، أنه يفقأ عينهما،
قال هو ويحيى بن سعيد، تقتل مائة عبد بعبد إذا اجتمعوا على قتله، فإن
استحياهم سيده، فليس له إلا قيمته.
قال مالك، وإنما ينظر إلى قيمة الجرح بعد البرء، فإن كان بعبد والجاني حر
أو كان بحر والجاني عبد أو إذا جنى حر على عبد، فينظر إلى ما نقص يوم
البرء/ أن لو كان هكذا يوم الجناية لا يوم البرء مع الأب- يريد في العمد-
ولو برئ على شين فلا شيء فيه غير الأدب في الحر والعبد، وإذ لا قصاص بين حر
وعبد، وإن جنى عبد على حر، نظر إلى دبة ذلك بعد البرء في العمد والخطإ،
فيكون في رقبة العبد إلا أن يفدي بذلك، وفي العمد الأدب، وإن برئ الحر على
__________
(1) في ص وت (أو يسجنه).
(13/277)
غير شين فلا شيء فيه إلا الأدب، وإن برئ
على شين فذلك في رقبة العبد، وإن كان المجرم عبدا والجاني حرا، فذلك الشين
في ماله- يريد في غير الموضحة وشبهها.
في العبد يجني على الحر فيفدى ثم يبرأ
ما جرحه إلى أكثر منه أو يموت الحر
من كتاب ابن المواز، وهو في كتاب ابن سحنون لأشهب، وفي المجموعة لابن
القاسم وأشهب، وإذا جرح حرا عبد فبرئ على شين ففدى العبد سيده، ثم انتفض
الجرح فمات منه، فليقسم ولأنه لو مات منه إن طلبوا إتمام الدية في الخطإ أو
القصاص، فإن استحيوه في العمد بعد القسامة عاد كالخطإ، إما أسلمه سيده
وارتجع ما دفع أولا وإما فداه بالدية ويحسب له ما كان دفع، وإذا أسلمه وطلب
ما دفع، والمقتول مديان، فليس لغرمائه الدخول معه في العبد حتى يوفوه من
ثمنه إن لم يكن ثم مال غير ما كان دفع أولا في الجرح، وليس لأولياء المقتول
أن يلزموك أيها السيد بتمام الدية على ما كنت وديت في الجرح، ولكن/ لهم أن
يتمسكوا بما وديت في الجرح، ويدعوا لك العبد إذا كان ما وديت مثل دية النفس
فأقل، إلا أنه إن كان مثل الدية لم يكن لك عليهم قسامة لأنه خطأ، وعندهم
مثل الدية إلا أن يكون عمدا، ويطلبوا القصاص، قال، ولو وديت في الجراحة
أكثر من الدية ثم انتفض جرحه فمات وقد نقد العبد عندك أو جنى او هو بحاله،
فأردت أن ترجع بالنائف على دية النفس، فأما أشهب فقال لك ذلك إذا استحيوه
في العمد وأقروا أن ميتهم مات منها، أو أقسموا على ذلك ثم استحيوه بعد ذلك،
وليس لك أن تسلم أنت عبدك وتأخذ كل ما كنت دفعت إلا أن تريدوا قتله، فلك
أخذ جميع ما كنت دفعت من مال المقتول، وبعد هذا باب في العبد يجني فيفي ثم
يجني ثم تنتقض جراحات الأول، وقال أيضا أشهب فيمن قطع يدي رجل ورجليه وفقأ
عينيه خطأ ثم مات، أن لولاته أن يحلفوا أن صاحبهم ما علموه مات من هذه
الجناية يمينا واحدة، ثم لهم ثلاث ديات على عاقلة الجاني، [فإن نكلوا حلف
عاقلة
(13/278)
الجاني، والجاني معهم لمات منها، وودى دية
واحدة، قال أصبغ] (1)، على عاقلة الجاني ثلاث ديات، بلا قسامة ولا يمين،
وإن كان عمدا فلولاته القصاص من الجراح، وإن شاؤوا القتل فليس لهم ذلك إلا
القسامة أنه مات منها./ ومنه من المجموعة قال أشهب، وإذا جرح عبدك حرا
جراحات تبلغ دية ونصفا (2) ففديته بذلك، ثم انتقضت الجراح فمات، فإن أقسم
ولاته لمات منها، وقتلوا العبد، ردوا ما أخذوا، وإن أبوا ذلك وتمسكوا بما
أخذوا، ولم يدعوا أنه مات منها في العمد ولا في الخطأ، فقمت عليهم بما زاد
على الدية، لأنها نفس، فلهم أن يحلفوا يمينا واحدة ما علموه مات من ذلك،
ويتمسكوا بالجميع، فإن أبوا، فلك أن تقسم قسامة [واحدة] (3) لمات منها.
قال في كتاب ابن سحنون والمجموعة، فإنه يحلف لمات منها، ويأخذ الزائد على
الدية، فإن نكل لم يأخذ شيئا، وبقي الأمر على ما كان.
قال في كتاب ابن المواز، إذا أقسم لمات منها فإنه يأخذ الخمسمائة الزائدة
أو يسلم العبد ويأخذ الألف وخمسمائة، قال في موضع آخر، إلا أن يشاء أولياء
القتيل أن يتمسكوا بالدية ويردوا الفضل، فذلك لهم، ولعل العبد قد نقص أو
جنى جناية أخرى، فلا يكون لك إسلامه إن ردوا عليك الفضل، فإن لم تحلف أنت
فلا شيء لك مما كان دفعت، ويبدأ باليمين أولياء المقتول يحلفون يميناً
واحدة ما علموه مات من تلك [الجراحات] (4) فإن نكلوا حلفت أنت قسامة أنه
مات منها، وأخذت الفضل إلا أن يقر الأولياء أنه مات منها ثم استحيوه، أو
نكلوا فليردوا الفضل بلا يمين، قال أشهب، فيمن منقلة (5) فذهب فيها/ سمعه
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) في الأصل (ونصف) وفي ص وت ونصف دية.
(3) (واحدة) ساقطة من الأصل.
(4) (الجراحات) ساقطة من الأصل.
(5) المنقلة: هي الشبحة التي تخرج منهار صغار العظام وتنقل عن أماكنها وقد
كتبت في ص وت (المثقلة) وذلك خطأ في النسخ.
(13/279)
وبصره، ثم مات من فوره، فلأوليائه على
عاقلة القاتل دية السمع والبصر والمنقلة، قال أصبغ هذه أصوب من التي قبلها.
قال أشهب في كتاب ابن سحنون، وإذا أسلمت عبدك إلى الحر في جرحه إياه ثم
ترامى جرحه إلى أكثر منه أو إلى النفس، فأما ما دون النفس، فلا شيء عليك لا
في العمد ولا في الخطإ، لا قود بين العبد والحر في الجرح، ولا لك أن ترجع
فيه، وتؤدي جميع الجرح وما ترامي إليه، ولو جرح آخر بعد إسلامك، فالذي
أسلمته إليه مخير بين فدائه أو إسلامه، وكذلك لو ترامت جراحه الأولى إلى
النفس إذا كانت خطأ، وإن كان عمدا، فلولاته أن يقسموا ويقتلوه، فإن لم
يقسموا أو أقسموا ثم استحيوه عاد الأمر على ما ذكرنا في الخطإ.
ومن العتبية (1)، روى يحيى عن ابن القاسم، في مدبر جرح عبدا، ثم نزي (2) في
جرحه فمات بعد أن عتق المدبر، أن سيد العبد يحلف يمينا واحدة لمات منه،
ويرجع بقيمته على المدبر في ذمته، لأنه لا قسامة في العبد، ولو لم يعتق
المدبر في الثلث، لأسلم سيده خدمته أو فداها ...
في العبد أو من فيه بقية رق يجرح عمدا ثم
يموت مكانه أو بعد أن عاش أياما، أو يتنامى
الجرح إلى أكثر منه، أو جرحه رجلان ثم مات،
وكيف إن أقام بالجرح أو بالقتل شاهدا أو شاهدين
/ قال ابن سحنون عن أبيه عن أبي زيد الأنصاري عن المغيرة، وذكر مثله عيسى
عن ابن القاسم في العتبية (3)، في عبد شج عبدا موضحه أو منقلة، وثبت الجرح
بشاهدين، قال في رواية عيسى، إن مات من فوره فله قيمته بلا يمين، قالا،
__________
(1) البيان والتحصيل،6: 149.
(2) يقال نزي الرجل ينزي: نزف وسال دمه ويقال أصابه جرح فنزي منه بالبناء
للمفعول.
(3) البيان والتحصيل، 16: 115.
(13/280)
وإن عاش ثم نزي فيه فمات، فليحلف سيده
يمينا واحدة لمات منها، وتصير قيمته في رقبة العبد الجارح، فيفديه سيده أو
يسلمه، قال المغيرة، وإن شاء اقتصر على طلب الشبحة دون النفس، ولا يحلف
فيفديه بها السيد أو يسلمه، وإن طلب يمين سيد الجارح أن العبد لم يمت من
الشجة فذلك له، وإن حلف برئ إلا من الشجة، وإن نكل أسلم عبده أو فداه بقيمة
العبد الميت، ولو أقر العبد إن منها مات، فلسيد الميت قتله، فإن استحياه
كان لسيده افتداؤه أو إسلامه، وإذا أقام شاهدا أن حرا أوضح عبدا، حلف معه
سيد العبد دون العبد، واستحق أرش ذلك، فإن نكل حلف الحر وبرئ، فإن نكل ودى
الأرش فبرئ، ثم قال سحنون في المجلس قال المغيرة، إذا شهد شاهد على عبد أنه
قطع يد عبد آخر، فإن طلب سيده القصاص حلف العبد، واقتص له، وإن أراد السيد
العقل حلف السيد وأخذه، وقال مالك، يحلف السيد في الوجهين، وكذلك روى عنه
ابن القاسم، إذا أقام شاهدا في جرم عبده عمدا أو خطاً، أن السيد يحلف ...
وروى ابن وهب عنه مثله في الخطإ ...
/ وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية (1)، مثل قول المغيرة، قال ابن
القاسم في رواية عيسى، وإذا أقام شاهدين على ما أصاب له عبده من موضحة أو
منقلة، فعاش أياما ثم مات، فأبى أن يحلف أنه مات منها فله على عاقلة الجاني
قيمة الجرح بلا يمين، ولا يستحق فيه العبد إلا باليمين، قال بعض الناس بغير
يمين ولا أداء ذلك، وكذلك في جرح النصراني يبرأ فيه فيموت، فليحلف ولاته
يمينا واحدة، ويستحقون ديته، وإلا فليس له إلا عقل الجرح، قاله مالك، وقال:
ولو أقام شاهدا على قتل العبد أو النصراني وقيمة العبد، وإن كان يرث
النصراني جماعة، ويملك العبد جماعة، فلابد من يمين كل واحد منهم مع الشاهد،
وكذلك مع شهادة شاهدين على الجرح وقد عاش بعده، وإذا شهد شاهد على أن عبدا
جرح عبدا
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 199.
(13/281)
فبرئ فيها فمات ولم يشهد على القتل فليحلف
سيد الميت يمينا واحدة لمات منه، ويستحق العبد ولا يقتله.
قال أبو محمد، أراه يريد يحلف لقد ضربه، ولمن ضربه مات، ولو قام شهيدان
بالضرب لم يحلف وحلف ومات منه.
قال ابن حبيب عن أصبغ نحو ما ذكر عيسى عن ابن القاسم، في العبد يقوم شاهد
أو شاهدان على أنه جرحه الحر ثم يموت العبد، وقال إذا أقام بالجرح شاهدين
(1)، ولم يمت مكانه فأبى السيد اليمين أنه مات منه/ فله ما نقصه في غير
الجراح الأربعة، وإن كان من أحد الجراح الأربعة، فله بقدر ذلك من دية الحر
في قيمة العبد، وإن كان ضرباً بلا جرح فلا شيء فيه إلا العقوبة من الإمام،
وإن قام شاهد على الجرح، ومات مكانه حلف أنه جرحه وأخذ قيمته، فإن أرنت ثم
مات، فليس له أن يحلف أنه مات منه، ويأخذ قيمة العبد، ولكن يحلف أنه جرحه،
ويأخذ قيمة الجرح كما لا يجب في الحر في مثل هذا قسامة، وإن كان ضربا بلا
جرح فلا يمين فيه، قال ويلزم الجاني ضرب مائة، ويسجن سنة في الموضع الذي
للسيد أن يحلف فيه ويأخذ قيمة العبد، حلف السيد أو نكل، وقاله ابن القاسم
وابن الماجشون.
قال ابن حبيب قال أصبغ، ومن ضرب عبدا فمات قعصا (2)، فإن ثبت ذلك بشاهدين
فلربه قيمته بلا يمين، ويضرب القاتل مائة ويسجن سنة، وإن لم يمت قعصا، ومات
بعد أن أرنت، حلف السيد يمينا واحدة أن من ضربه أو من جرحه مات وأخذ قيمته،
وضرب القاتل وسجن كما ذكرنا، فإن نكل السيد فلا شيء له، ولم يحلف الضارب
أنه لم يمت من ضربه، وعليه الضرب والسجن كما ذكرنا.
__________
(1) في الأصل (إذا أقام بالجرح شاهدان) والصواب ما أثبتناه.
(2) يقال مات فلان قعصا إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه وفي الحديث «من
قتل قعصا فقد استوجب المآب» (عن الرازي من مختار الصحاح) وقد كتبت في ت وص
(بعضا) وذلك تحريف واضح.
(13/282)
وإنما ترجع اليمين على المدعى عليه إذا شهد
شاهد على القتل، أو على قول القتيل، فنكل الولاة عن القسامة، فها هنا ترجع
الأيمان على المدعى عليه، لأن القتل لم يثبت، فأما إذا ثبت الضرب ببينة أو
بقول القتيل فعاش ثم مات فنكل/ الأولياء عن القسامة فلا ترجع ها هنا
الأيمان على المدعى عليه، لأنه لا يقال له احلف أنه ما مات من ضربك، وفي
الأول إنما يقال له احلف إنك لم تقتله.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، وإن قتل عبد ذمي عبد فلان الحر عمدا،
فليسجن حتى يستبرأ أمره ثم يحلف يمينا واحدة، ويبرأ، لأن العبد مدع (1)
لغيره.
ولو قال صبي قتلني فلان لسجن حتى يستبرأ أمره، ثم يحلف هذا خمسين يمينا أنه
بريء من دمه، ولا يقسم على قول الصبي.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، ومن أقام شاهدا أن حرا أو عبدا قتل عبده،
حلف يمينا واحدة واستحق قيمته، ولا يستحق دمه إلا بشاهدين، وليس فيه قسامة
في عمد ولا خطإ.
قال مالك، وإذا شج عبد عبداً فتنامى إلى أعظم منه، فإن شاء سيده أخذ ذلك
كله، وإن طلب القود فإنما يستقيد بمثل الجرح الأول بغير تنام، كالحر، فإن
تنامى إلى مثل ذلك أو أكثر فلا شيء له ولا عليه، وإن قصر عنه بعقل ما
بينهما في رقبته، إن شاء سيده أسلمه كله بذلك أو فداه بدية الزيادة، وهذا
في تنامي الجرح إلى أكثر منه، مثل أن يجرح ملطاء (2) فتصير موضحة (3) أو
منقلة، أو شجة موضحة، فيترامى إلى منقلة أو مأمومة (4)، فيقتص من الجرح
الأول، وينظر
__________
(1) في النسخ كلها (تدعي) بإثبات الياء والصواب حذفها.
(2) الملطاء ويقال لها الملطى بالقصر والملطاة بالتاء: الشجة التي يبقى
بينهما وبين انكشاف العظم ساتر رقيق.
(3) الموضحة: الشجة التي تكشف العظم.
(4) المأمومة هي التي تصل إلى أم الدماغ وهي أشد الشجاج.
(13/283)
إلى أرش ما تنامى إليه كاملا، فيطرح منه
دية الجرح المقتص منه إن لم يتنام (1) في القصاص إلى مثل ذلك، وإن تنامى
المقتص منه إلى دون ذلك، كان ما بقي/ محسوبا له في رقبة الجارح، فأما إن
تنامى إلى غيره، مثل أن يجرحه في رأسه فيذهب منها عينه أو يده، فإنه إذا
اقتص فمن الشجة، ثم يكون في رقبة الجارح دية العين أو اليد، أو يفديه سيده
بدية ذلك كله أو يسلمه.
ومن العتبية (2) قال سحنون في عبد جرحه رجل موضحة وآخر منقلة، أو قطع يده
فمات ولم يدر من أيهما مات، فسيده مخير إن شاء أخذ من الأول قيمته تامه،
ويرجع الأول على الثاني فيأخذ منه ما نقص جرحه من قيمة العبد، لأنه غرم
قيمته تامة، وإن شاء سيده أخذ من الثاني بالجرح الأول، ويأخذ من الأول ما
نقص من جرحه.
قال أبو محمد، أراه يريد بعد يمينه فيما ادعى أنه مات منه. قال العتبي (3)،
قال أصبغ، وإن جرح رجلان عبداً موضحتين عمدا، وثبت ذلك ببينة، فإن عرف
الضارب الأول حلف يمينا واحدة أن من ضربه مات، وأخذ منه قيمة العبد، ثم
يرجع الضارب الأول على الثاني بنصف عشر قيمته للموضحة، وإن شاء حلف على
الثاني، وأخذ منه قيمته مغضوبا، ويأخذ من الأول قيمة الموضحة، وإن جرحاه في
فور ولم يدر الأول، فعلى كل واحد نصف قيمته بعد يمين كل واحد أنه ما يعلم
الأول.
قال مالك في عبد ضربه قوم أحرار أو جرحوه فمرض من ذلك فمات أن سيده يحلف
لمن ضربهم، فإن نكلوا ضمنوا قيمته.
__________
(1) في الأصل (إن لم يتنامى) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.
(2) البيان والتحصيل، 16: 179.
(3) البيان والتحصيل، 16: 170.
(13/284)
قال سحنون، في الرجل/ يقتل، فيقول دمي عند
عبد فلان قتلني عمداً، فنكل ولاته عن القسامة، فإن كانوا ادعوا العمد
فليحلف العبد خمسين يمينا ويبرأ، ولا يحلف السيد، فإن قال الأولياء نحن
نحلف السيد أنه لم يمت من ضربه، ويدع القتل ويأخذ الدية، حلف السيد خمسين
يمينا، فإن نكل قيل له افتك عبدك أو ادفعه.
في الجارح أو المجروح يعتق بعد الجرح، ثم يموت المجروح
أو يتنامى جرحه أو يصح
من كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا أعتق [المجروح] (1) بعد الجرح، فإنه
ينتظر به (2) حتى يصح، فإن برئ الجرح ولم يتنام (3) إلى غيره أو نقص،
فللسيد مبلغ ذلك من دية عبد، إلا أن يجب القود، وإن تنامى الجرح بعد العتق
(4) إلى أكثر منه، فالزيادة للعبد، على أن الزيادة من دية حر، فأما إن جرحه
وهو عبد، ثم تنامى ذلك بعد العتق إلى زوال جارحة أخرى مثل فقء (5) عينه،
فالشجة الأولى للسيد إن شاء اقتص منه، أو أخذ أرشها، وفي العين دية عين حر
خمسمائة دينار للعبد المعتق في رقبة الجارح إن كان عبدا، وإن كان حرا ففي
ماله، فأما تنامي باضعه إلى منقلة بعد العتق، فإن في الباضعة قدر ما نقصت
من عبد، يكون ذلك للسيد، وإن شاء استقاد، فإن لم يستقد طرح أرش الباضعة من
عبد من عقل منقلة حر، وما بقي أخذه العبد المعتق، وأما إن ذهبت من ذلك
العين كما ذكرنا، فلا يحط من دية العين شيء/ بسبب الجرح الأول، ولو عتق
الجارح مع هذا قبل تنامي الجرح، فأراد سيد المجروح القود، وأخذ عقل
التنامي، فذلك له، وليس عتق الجارح يحمل من ذلك شيئا، ويحلف سيده ما أعتقه
ليحمل عنه ما
__________
(1) (المجروح) ساقطة من الأصل.
(2) في ص وت (فإنه ينظر فيه).
(3) في الأصل (ولم يتنامى).
(4) في ص وت (بعد العقد).
(5) في النسخ كلها (ففي عينه) بقلب الهمزة ياء.
(13/285)
لزمه من ذلك، فإن لم يحلف تم له العتق،
وغرم السيد كل شيء، وإن حلف رد رقيقا وطلب سيد المجروح دية ما وجب له قبل
عتقه، وطلب المجروح تنامي جرحه بعد عتقه، فإن أسلم سيد الجارح عبده بما جنى
كان بين السيد وبين العبد المجروح، فإن كانت موضحة تنامت بعد العتق إلى
منقلة، فله نصف عشر قيمته عبدا يوم جرحه، وللمعتق ثلثا (1)، عقل منقلة حر،
فيضربان في العبد بقدر ذلك، ولو تنامت في هذه المسألة إلى زوال عينه، فأسلم
الجارح سيده، ضرب فيه لسيده بنصف عشر قيمة عبده، وضرب المجروح المجروح بدية
عين حر، وإن سيد الجارح فداه بعد أن حلف ما أراد بعتقه حمل جنايته، لعتق
عليه، وكذلك لو أبى اليمين كان عليه أن يسلم إلى سيد المجروح المعتق نصف
عشر قيمة رقبته عبدا يوم الجرح ويسلم إلى المجروح دية عين حر، وإن كانت
منقلة فثلثى قيمة منقلة، وإن تنامى جرح العبد بعد أن عتق إلى أن مات، فها
هنا يسقط الجرح، ويدخل في النفس، وليس للسيد قصاص الجرح ولا أرشه، لأنه
يقال في هذا عمد القتل بالضربة، ولا يقال تعمد ذهاب العين بالموضحة،/ وقد
اختلف فيه، فقال ابن القاسم، فيه دية حر يرثها ورثته بعد أن يقسموا لمات
منها، وبلغه ذلك عن مالك، ويكون ذلك في رقبة الجارح إن كان عبداً، فيفدى
بها أو يسلم، وفي مال الحر إن كان حرا، وليس على العاقلة منه شيء في عمده
ولا في خطئه، وإنما ترك فيه القتل لعظيم القتل، ولما فيه من الشبهة، وبه
أقول، وقال أشهب وابن عبد الحكم بخلافه، فقالا في العبد أو النصراني يجرحان
بعتق العبد، ويسلم النصراني وينزيان في الجرح، فيموتان، فإنما الحكم فيهما
يوم الجرح لا يوم الموت، فالدية دية نصراني وقيمة عبدٍ.
وقال عبد الملك وأصبغ بقول ابن القاسم، وقال أصبغ القياس قول أشهب ولا
أقوله، وهو قول [عراقي، قال ابن القاسم، ولو أنفذ جارح العبد مقاتله ثم عتق
ثم مات فإنه يوارث بالحرية، وكذلك] (2) ينبغي أن تكون ديته دية حر، وفي
كتاب
__________
(1) في الأصل (وللمعتق ثلثي عقل) والصواب ما أثبتناه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.
(13/286)
الديات باب في المعنى، وفي آخر هذا الكتاب
باب في الأمة تلد من السيد بعد الجناية.
في جنايات العبيد ودياتهم، والجناية عليهم،
ومن أمر رجلا بقتل عبده، ومن أخصى عبد رجل
قال مالك، جراحات العبد كلها إنما فيها ما نقصها، إلا في مأمومته ومنقلته
وموضحته وجائفته، ففيهن من قيمته يوم جرح، بقدر جرحهن (1) من دية الحر،
وفيما سوى ذلك ما نقصه،/ ولا يقام حتى يبرأ، فينظر ما قيمته يوم الجرح
صحيحاً؟ أو ما قيمته أن لو كان به يومئذ هذا الجرح؟ [= يريد نازيا] (2) فما
نقص كان له، وإن جاوز دية الحر، وكذلك الأمة، وفي جنينها نصف عشر قيمتها.
قال أشهب عن مالك، وإذا جرح عبداً بما يفسده كفقء (3) عينه أو قطع يديه
لزمته قيمته وعتق عليه قال أشهب، [وكذلك] (4) اليد والرجل جميعا، وليس
للسيد في هذا إلا أن يسلمه، ولابد من عتقه على جارحه، وأما جرح لا يفسده
فليس لربه إلزامه قيمة جميعه إذا أبى، ولا على سيده ذلك إن طلب ذلك الجارح،
وبهذا قال أبو الزناد، أنه إن قطعت يده أن قيمته تلزمه ويعتق عليه ويعاقب.
أشهب، ولقد قال مالك، إذا قطعت يده أو فقئت عينه عمدا، أن لربه إن شاء أخذ
ما نقصه، وإن شاء ضمنه قيمته صحيحا ثم يعتق عليه، أخبرنيه عنه ابن كنانة،
ولا أقول به، وهو يرد قول الذي قال، وإن فقئت عيناه أو قطعت يداه ليس فيه
إلا ما نقص، وأما إن كان في قطع يد واحدة وقد أذهب أكثر منافعه فقد لزمته
قيمته كلها، وإذا بقي فيه بعض المنافع، فأرى أن يحمل فيه على المتعدي فيكون
سيده بالخيار على ما قال مالك، وهو استحسان، والقياس ما أخبرتك.
__________
(1) في الأصل (بقدر جزء من دية الحر).
(2) ما بين معقوفتين غير واضح في الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) في النسخ كلها كفقي عينه بقلب الهمزة ياء.
(4) (وكذلك) ساقطة من ص وت.
(13/287)
قال أشهب وابن وهب عن مالك، أنه إن كان في
جائفته ومأمومته، ومنقلته وموضحته عقل بعد البرء، لم يزد فيهن على عقل
الجرح. ابن عبد الحكم عن ابن القاسم وأشهب، أنه يزاد بقدر/ الشين، قال
محمد: وأظن هذا غلط عن أشهب، لأن قوله في كتبه وما ذكرنا عنه أصح، أنه لا
يزاد في ذلك ما روي عن النبي عليه السلام في دية الموضحة في الحر (1)، وقال
ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ أن يزاد للشين، والرأس عندهم من الوجه
(2)، وإذا برئ جرح العبد وعاد لهيئته فلا شيء عليه غير الأدب، إلا في
الأربع جراح التي ذكرنا (3)، وروى ابن القاسم وابن عبد الحكم [عن مالك، قال
إذا كسرت رجلا العبد ويداه، ثم صح كسره فلا شيء على الباغي، وإن أصاب كسره
نقص أو عيب فعليه بقدر ذلك النقص، ولم ير مالك أجر] (4) الطبيب في جراح
العبد إذا برئ، وضعفه، قال مالك، وقوم يقولون ذلك، ويقولون وطعامه، ولم ير
ذلك شيئا. قال ابن القاسم، وإذا جرح العبد وقيمته مائة، ثم مات وقيمته أقل
من مائة، أو قيمته ألف، فليس فيه إلا قيمته يوم جرح، وهو يوم ضمنه، قالوا
ولو قطعت يده بعد جناية الأول عليه، أو فقئت عينه، أو ضربت عنقه، فأما إن
ضرب عنقه آخر، فعليه قيمته (5) يومئذ على انه مجروح، ويأخذ السيد من الأول
قيمة جرحه ما لم يكن أولا قد أنفد مقاتله، فتكون عليه قيمته، ولا يكون على
ضارب عنقه إلا الأدب، وأما إن لم يكن جرحها مبلغا المقتل، فإن السيد إن شاء
حلف عليهما [لمات منهما، وإن شاء على أحدهما إن كان جرح كل واحد معروفا،
فإن حلف عليهما] (6) فله أن يضمنها/ قيمته، وتكون نصف قيمته على الثاني
منقوصة- يريد ويغرم الأول أيضا نصف ما نقصه جرحه بالجرح الأول- فإن شاء حلف
على الجارح الأول لمن جرحه
__________
(1) أي على خمس من الإبل كما جاء في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله
عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول وقد تقدمت الإشارة إليه في أول هذا
الكتاب.
(2) في الأصل (والرأس عندهم مثل الوجه).
(3) أي الجائفة والمامومة والمنقلة والموضحة.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) (فعليه قيمته) حرفت في ت إلى (فليس قيمته).
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/288)
مات، وأخذ منه قيمته إلا ما نقصه جرح
الثاني، فيحسب ذلك على السيد يتبع به السيد الجاني الثاني، وإن شاء حلف لمن
جرح الثاني مات، وأخذ منه قيمته مجروحا، وأخذ من الأول ما نقصه جرحه يوم
جرحه، وقد قال بعض من قال انه يأخذ من الأول قيمته صحيحا لا يحاصه بشيء،
ويرجع الأول على الثاني بما يلزم الثاني من دية جرحه، ولا أقول به، ولكن
يحسب الأول ذلك على السيد كما ذكرنا.
قال محمد بن عبد الحكم، إذا جرح رجل عبدا قيمته مائة دينار فمرض العبد، فلم
يزل ينقصه المرض كل يوم حتى مات، ولم يبرأ الجرح حتى مات، وقيمته عشرة
دنانير، فعلى جارحه قيمته مائة دينار، ولو زاد قيمته فصار يسوى أكثر من
مائة، لم يكن إلا قيمته يوم جرحه، ولو قطع أصبعه أو يده ثم أقام أياماً لم
يبرأ، فجنى عليه رجل آخر بجرح أو قطع يد فإنه يحكم على القاطع الأول بما
نقص العبد القطع الأول، ويغرم الثاني ما نقصه القطع الثاني، ثم ينظر إلى ما
بقي من قيمته بعد ذلك، فيغرمانه جميعا لا أبالي كان الجرحان جميعا سواء، أو
أحدهما أعظم من الآخر، مثل أن تكون قيمته أولا مائة فنقصه الجرح الأول
عشرة، ونقص الثاني عشرين، فصار يسوى سبعين، ثم مات من الجرحين فليغرم الأول
عشرة،/ والثاني عشرين، ويغرمان جميعا سبعين دينارا بينهما بالسواء، لأنه
تلف من جرحتهما، ولو قطع الأول يده فنقص من قيمته خمسين دينارا، ثم زادت
قيمته فصار يسوى مائتي دينار، ثم جنى عليه جان جناية نقصت منه مائة دينار،
ثم مات من الجرحين، فليغرم الأول خمسين دينارا (1) لما نقص من جرحه، ويغرم
الثاني مائة دينار لما ينقص جرحه من العبد، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد،
وهو بعد يسوى مائة دينار جناية فلم يمت حتى صار يسوي عشرة دنانير فصار يسوى
مائتي دينار، فليس عليه إلا قيمته يوم جنى عليه، فيقول الجاني إنما بقي من
العبد [مما بقي من بعد جناية الأول خمسون دينارا، وقد ذهب منها خمسة
وعشرون] (2)
__________
(1) في النسخ كلها (فليغرم الأول خمسون دينارا) والصواب ما أثبتناه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/289)
لجناية الثاني، فعلى الأول نصف ما بقي بعد
الجرحين من قيمته يوم الجرح الأول، فيغرم اثني عشر دينارا ونصفاً (1)،
فيصير كل ما يغرم اثنين وستين دينارا ونصفا (2)، وعلى الثاني مائة وخمسون
دينارا.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية (3) من سماع ابن القاسم، قال مالك، في
العبد يخصى، فإن نقصه ذلك، فلربه ما بين القيمتين كجراحه، وإن زاد فيه ذلك
فلينظر إلى ما ينقص الخصي من مثله من أوسط صنفه، فيغرمه، وذلك أن ينظر إلى
ما نقص الذي زيد فاجعله جزءا من ثمنه إن كان عشرا، فله عشرة على هذا النحو
وروى أصبغ في العتبية (4)،/ عن ابن القاسم، فيمن قطع يداً واحدة من عبد
فاره صناع (5)، فإنه يضمن قيمته لربه ويعتق عليه.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، إن قطع يد عبد [نساج أو صانع] (6) بيده ضمن
قيمته أجمع، ويأخذه، وإن كان على غير ذلك فإنما عليه ما بين القيمتين،
وكذلك البغل الفاره، والحمار الفاره الذي هو مطية يقطع أذنه أو ذنبه، فعلى
قاطعه جميع ثمنه، وإن كان ممن يحمل عليه الأحمال فعليه ما نقصه،
ورأيت لسحنون، فيمن أخصى عبدا لرجل فزاده الخصاء قال، ينظر إلى عبد دنئ
وعبد ممن ينقص مثله الخصاء، قال، ينظر إلى عبد دنيء وعبد ممن ينقص مثله
الخصاء، فيقال ما ينقصه الخصاء أن لو أخصي فيقال خمسة، غرم الجاني قيمة
العبد الذي جنى عليه- أراه يريد إن تمسك به ربه ولم يرد تضمينه- وقال ابن
عبدوس، إذا لم ينقصه الخصاء فلا غرم على الجاني، إلا أن الإمام يزيد في ذلك
على قدر ما يرى.
__________
(1) في النسخ كلها (ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(2) في النسخ كلها (إثنان وستون دينارا ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(3) البيان والتحصيل، 16: 88.
(4) البيان والتحصيل، 16: 200.
(5) حرفت العبارة في ص وت إلى قوله (فأراه ضاع) والصواب ما أثبتناه.
(6) ما بين معقوفتين غير واضح في النسخ الثلاثة توقعنا أن ذلك هو المقصود
فأثبتناه والله أعلم.
(13/290)
[والذي قال سحنون، نحوه في رواية علي بن
زيد عن مالك، وفي سماع ابن القاسم] (1)، ومن كتاب ابن حبيب وقال أصبغ، ومن
أمر رجلا بقتل عبده ففعل، لزمه ثمنه لحرمة الدم، كما يلزمه دية الحر إذا
قتله بإذن وليه فعفي عنه، ويلزم الآمر والمأمور ضرب مائة، وسجن سنة، وعتق
رقبة- يريد على كل واحد.
في العبد ومن فيه بقية رق، يقتل رجلا عمدا،
فعفي عنه على استرقاقه
من المجموعة/ قال مالك، في العبد القاتل عمدا، يعفى عنه على استرقاقه، أن
الخيار يرجع إلى سيده في أن يسلمه أو يفديه. وكذلك المكاتب إلا أن يؤدي
الدية، فيبقى على كتابته، قال ابن القاسم، ولو عفوا عن أم الولد والمدبر
على استرقاقهما لم يسترقا (2)، وإن رضي السيد، أن لا يسلم رقابهما، ولهما
في المدبرة أخذ خدمتها إلا أن يفديها السيد، ولو عفوا في أم الولد على أن
يأخذوا قيمتها من السيد، فأبي، فله ذلك، وليس لهم إلا القتل، وقاله مالك في
الحر إذا أبى أداء الدية، واختلف فيه قول مالك في موضع آخر، وقال أشهب،
تلزمه الدية في ماله، قال سحنون، أم الولد بخلاف الحر، وعلى السيد الأقل من
قيمتها أو أرش الجناية، وقال غيره إذا استحياها الولي في الحر، أو سيد
العبد، في قتل العمد على أن يأخذ العقل، رجعت إلى السيد، لأنه إنما يفديها
حين لا يجوز له إسلامها، فأما وقد أسلمها للقتل، فليس عليه غير ذلك، وليس
العفو عنها يوجب عليه ما لا يلزمه، قال ابن وهب عن مالك في القاتل عمدا
يسلم فيؤخذ رضي بأخذ العقل، أنه ليس للأولياء قتله بعد ذلك.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) في الأصل (لم يسترق).
(13/291)
في العبد يجني أو يستهلك مالا وجنايته فيما
يؤتمن عليه، وجنايته على ولده أو والديه
/ من المجموعة، روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك، قال كل ما جنى العبد على
أحد من جرح أحدثه أو حرسة احترسها، أو تمر معلق أخذه أو أفسده، أو سرقة لا
قطع فيها، أو وطئ امرأة غصبا فلزمه ما نقصها، في الأمة وفي الحرة صداق
مثلها، فذلك في رقبته قل أو كثر، فإن شاء سيده فداه بها أو أسلمه، ومثله في
كتاب ابن المواز، وقد اختلف في العبد ففي ذمته، لأن أصله أمانة.
من غير كتاب ابن المواز، وقد اختلف في العبد يؤتمن فيتعدى فيما أؤتمن عليه،
[فقيل هذا في ذمته وقيل في رقبته. قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون، كل عدي
كان من العبد فيما أؤتمن عليه] (1)، من وديعه أو بضاعة، أو ما استؤجر على
عمله، أو في عارية أو كراء، أو ما صار بيده بإذن أهله، فذلك في ذمته إلا في
وجه واحد [إلا أن يتعمد] (2) فساد ذلك الشيء من تعمد قطع الثوب وعقر البعير
وشبهه، فهذا في رقبته، فإما إن يبع ذلك الشيء ويأكله أو يأكله إن كان طعاما
فذلك في ذمته،
[وقال أصبغ لم يكن ابن القاسم وأصحابننا يميزون بين ذلك، وكانوا يجعلون ذلك
كله في ذمته، قال وكل ما لزم العبد في رقبته] (3) لزم مثله اليتيم في ماله
وذمته، وما لا يلزم العبد إلا في ذمته فلا يلزم اليتيم في ماله ولا في
ذمته، وقاله/ ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم في عبد قال لرجل بعثني سيدي يسألك ألف
دينار (4)، سلفا، فدفعها إليه ببينة، فأتلفها، وأنكر السيد أنها في رقبته
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) في الأصل (وأما أن يبيع) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) في ص وت (ألف درهم).
(13/292)
إن لم يكن للعبد مال، وليس هذا بشيء، وقوله
الآخر أنها في ذمته، وقول أصحابه أصوب.
وقال أصبغ، هذه جناية، ولا فرق بين الخديعة والجناية، وذلك في رقبته.
وروى سحنون في العتبية (1) عن أشهب، قال هذه خناية، وذلك في رقبته، ادعى أن
ذلك تلف أو دفعه إلى سيده والسيد منكر، وذكر مثله عن أشهب ابن القاسم إلا
أن يقر السيد، وذكر أن مالكا قال في الذي آجر عبدا بإذن سيده ليؤدي له
بعيرا إلى منهل، فنحره وقال خفت عليه الموت، قال مالك، ومن يعلم هذا؟ أراه
في رقبته.
وكذلك في سماع أبي زيد عن ابن القاسم عن مالك فيه إذا آجره على أن يعلفه
فباعه أو نحره، وأكل منه، قيل: أليس أصله أمانة؟ قال: هو كما لو آجره على
رعاية غنم فذبحها، أو على حراسة حائط فجره، أو على أن يحمل له شيئا إلى
بيته فسرق من البيت ثوبا، ولم يره كالصباغ يقول ذهب المتاع.
قال ابن القاسم، في المأذون إذا أحبل أمة بينه وبين رجل، فذلك في رقبته،
إما فداه سيده بنصف قيمتها أو أسلمه بمالها.
قال عيسى عن ابن القاسم، إذا وطئ/ العبد أم ولد ابنه الحر، درئ عنه الحد،
وقيمتها في رقبته قيمة أمة، لأنه حرمها على الابن، وتعتق، فإن لم يفده سيده
وأسلمه عتق على الابن، فإن قيل إنه يتهم أن يرجع على الابن فيعتق؟ قيل ليس
كذلك، وهو لو قطع لها جارحة، أو لأمة ابنه، أو سرق من ماله لكان في رقبته،
فذلك ما حرمه عليه، قال ابن القاسم، وإن وطئ أمة للابن، فأما البكر فذلك في
رقبته إن نقصها الافتضاض، فإن لم تكن بكرا فلا يكون في رقبته من ذلك شيء.
وقد قال في غير العتبية، أنه قد حرمها عليه، فله أن يحبسها، ويكون ما نقص
البكر في رقبته، ثم لا تحل له أو يلزمه قيمتها، ويكون ذلك في رقبتها (2).
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 165.
(2) في الأصل (في رقبته) والمناسب للكلام ما أثبتناه من ص وت.
(13/293)
ومن العتبية (1) روى يحيى بن يحيى عن ابن
القاسم، في عبد قتل أباه الحر عمدا، فليسلم إلى أولياء أبيه وهم إخوة
العبد، فيستحيونه، فإنه لا يعتق عليهم، ولكن يباع فيعطون ثمنه، ولو كان
القتل خطأ فأسلم إليهم [يعتق عليهم ولا يرث في الوجهين، ولو جرح أباه الحر
عمدا أو خطأ فأسلم إليه] (2) لعتق عليهم.
قال عنه سحنون، ولو فعل العبد بابنه العبد (3) كما فعل المدلجي (4)، كان
مرتهنا بالجناية، فإن أسلم بيع ودفع ثمنه إلى ورثة الابن، ولو قتله خطأ،
فأسلم إليه بالجناية يعتق عليه.
في إقرار العبيد ومن فيه بقية رق بالجنايات
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم عن مالك، أنه قال في عبد أقر على نفسه
بالقتل، قال فللأولياء قتله بإقراره،/ فإن استحيوه، بطل إقراره، ولا شيء
لمن أقر له، قال، وإقراره بجرح الحر باطل، لأنه لا قود بينه وبينه، وكذلك
لو أقر بجرح عبد عمدا، فإن لسيده القصاص، فإن ترك القصاص، فلا شيء له، قال
محمد، إلا أن يكون مع إقراره سبب بذلك، كما قال مالك في عبد كان راكبا على
دابة فأصاب صبيا بموضحة، فأتى والصبي متعلق به، والعبد مقر وليس عنده بينة،
قال أما ما يكون قريبا هكذا أو يأتي وهو متعلق به فأرى ذلك لهم، وأما إذا
لم يكن معه الصبي فيأتي فيقر له، فليس بشيء، وقاله ابن القاسم، وقال أشهب
في إقراره بالقتل إذا أتي بما يعرف مثل أن يكون هناك قدري يتبعه، فذلك لازم
ويحلف ولي القتيل، فأما إن لم يكن [إلا قوله فلا قول له، قيل أظهر عينه
فقال قتلته وما هو
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 11.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) في الأصل (بابنه الحر) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(4) قضية المدلجي رواها الإمام مالك في الموطأ فيما جاء في ميراث العقل
والتغليظ في الدية وقد أشار إليها العتبي في كتاب الديات الثالث ويوجد
تعليق مفيد حولها للأستاذ أحمد الحبابي أثناء تحقيقه للجزء السادس عشر من
البيان والتحصيل.
(13/294)
ذا، قال لا يقبل منه إلا أن يكون] (1) معه،
ويرى يتبعه ونحوه، أو قام شاهد حلف سيد المقتول معه واحدة، لأنه الآن مال،
قال ابن القاسم، في عبد قتل حرا فلم يعلم سيده حتى أعتقه ثم أقر بذلك
العبد، فإن كان خطأ لم يقبل منه، لأنه يرق نفسه، وقيل وإذا جنى على عبد
بموضحة فأقام أياما ثم مات، فاعترف عبد أنه جرحه، فليكشف عن ذلك، ولا يكون
لسيده أن يحلف إلا أن يأتي بشبهة، فإن أتى بشاهد حلف، وصار له، فإن نكل ورد
اليمين على سيد المقر، فما أظن ذلك له.
قال أشهب وإذا أقرالحر أنه شج/ عبدا وأقام أياما ثم مات [فعليه قيمته] (2)
وليس على سيده يمين لمن ضربه مات، لأنه مقر بضربه.
قال محمد، وأحب إلي ألا يكون له شيء حتى لمن ضربه مات.
ومن كتاب ابن شعبان، وأعرفها في غيره من كتب أصحابنا في المدبر يقر بجناية
تكون في خدمته، فلا يقبل إقراره، ثم مات السيد بعد ذلك بمدة ولم يدع غيره،
فإنه يعتق ثلثه، ولا يتبع بثلث الجناية كلها، لأنه يقول لو قبل إقراره
اختدمت في تلك الجناية، وقد منعكم السيد خدمته، فلا تلزمني حصة ما كان يسقط
بها عني، فإنه ينظر إلى قيمة ثلث الخدمة، فإن كانت مثل ربع الجناية،
فالباقي ثلاثة أرباعها، فعلى الثلث العتيق ربع الجناية، ولو حمل الثلث
جميعه لأتبع بثلاثة أرباع الجناية.
قال ابن المواز، قال ابن القاسم، ويقبل إقرار المكاتب بالدين، ولا يقبل في
الجناية، قال أشهب، في الجناية، إن للسيد أن يبطل عنه ذلك قبل عتقه، فإن
عتق قبل أن يبطله لزم ذلك المكاتب يلزمه الأقل من قيمته أو من دية ذلك
الجرح، ولو كان قد أبطله السيد سقط ذلك عنه، إلا أن يقر به بعد عتقه،
فيلزمه
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاءت العبارة في الأصل على الشكل الآتي
(وإذا أقر الحر أنه شج عبدا وأقام أياما ثم مات فليس على سيده يمين).
(13/295)
وقال ابن القاسم، إقراره باطل قبل عتقه
[وبعد عتقه] (1)، قال محمد، وهذا الصواب، لأن جنايته برقبته، فإما فداه
سيده أو أسلمه، هذا أصل مالك وأصحابه.
قال أحمد، قول أشهب أصح، بخلاف العبد/ يقر بالجناية بعد عتقه، لأن جناية
العبد في رقبته، وجناية المكاتب في ماله إن كان يؤديها، وإن لم يرض سيده،
ولا تكون على سيده إلا بعد عجزه،
ومن العتبية (2)، روى أشهب وابن نافع عن مالك، وإذا اعترف عبد بقتل- يريد
خطأ- فليس على سيده شيء ولا يمين، قال، وإن أقام سيد المقتول شاهدا حلف
معه، قيل فإن نكل أيحلف سيد المقر؟ قال، ما أرى ذلك.
في العبد ومن بقية رق يجنى وله مال،
وكيف إن مات عن مال وهو عبد أو مكاتب أو
أم ولد أو مدبر، أو من فيه بقية رق؟
من العتبية (3) قال أصبغ، اختلف قول ابن القاسم، في العبد يسلم للقتل
فاستحيي وله مال، فقال مرة لا يكون ماله تبعا، لأنه للقتل أسلم كما لو قتل.
ومرة قال يتبعه ماله إن استحيي، والأول أحب إلي، ثم رجع أصبع فقال بل يسلم
بماله لأنه ما عفى عنه صار بمنزلة الخطإ، وسواء قتل حرا أو عبدا، أو كان
جرحا أو نفساً.
وقال أشهب يؤخذ ماله في العمد والخطأ إلا أن يستقاد منه فيقتل.
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب عن مالك، إن مال العبد الجاني معه في
الجناية، وكذلك ما أفاد بعدها أو كسب، قال أشهب كما يكون في مال الحر
__________
(1) (وبعد عتقه) ساقطة من ص وت والظاهر أن حذفها أقرب إلى الصواب.
(2) البيان والتحصيل، 15: 466.
(3) البيان والتحصيل، 16: 11.
(13/296)
إلى ثلث الدية فيكون ما زاد على عاقلته،
وهو لا يسترق، والعبد/ يسترق، ففي رقبته وماله.
قال سحنون، قال غيره إن كان ماله عينا لم يجبر سيده، ووديت من ماله إن
حملها، وأما إن لم يحملها أو عروضا أو عينا غائبا، فيجبر سيده، وقال مالك،
وإن كان مديانا فدينه أولى بماله.
قال أشهب ويكون في رقبته لأنه كمن لا مال له، لأن المال مال غرمائه، ألا
ترى أن عتق المديان، وصدقته إن كان لها بال، لا يجوز لأنه كأنه أنفذ مال
غيره.
قال المغيرة، لأنه إنما أسلم إلى المجروح ما كان يتسلط عليه السيد منه، فهو
لم يكن ينزع مال عبده المديان، ولم تكن الجناية كالبيع الذي يبقى ماله
لبائعه، لأنه لا عمدة فيه ولا تبرأ من عيب، ولا رد به، ولم يكن يدعي بيعا-
يريد- أخذ به عوضاً-.
قال ابن نافع عن مالك، وإن أسلمه للقتل في قتل العمد بلا مال فاستحياه،
وأخذه فرجع الخيار إلى سيده فأسلمه، فقال فلو أسلمه في الخطأ أليس بمال؟
قيل أفتراه مثله؟ قال ما هو بالبين،
وقال عبد الملك، وإذا استحياه فله أخد ماله، وإن قتله فلا شيء له في المال،
لأنه لم يملكه بالقتل عظم رقبته، وكأنه قتله وملك سيده عليه، فإنما أسلم
إليهم للقتل كما يسلم الحر، ألا تراه لو استحياه كان لسيده أن يفديه
بالدية، فلو كان قد ملكه إياه ما كان له فداه،
وقال بعض كبار أصحاب مالك، إن مات الجاني- يريد بغير قتل- وله مال/ فماله
بدل منه، إما أن يفديه سيده أو يسلم ماله كله عينه وعرضه غائبه وحاضره، ولو
كان معتقاً بعد خدمة مؤجلة، قيل للمخدم افد ماله أو أسلمه.
قال عبد الملك، وإن كانت أم ولد وتركت عينا، ودى منه الأرش، فإن لم يف به
لم يكن له غيره، وإن كان عرضا خير السيد في فدائه او إسلامه،
(13/297)
قال ابن القاسم، لا شيء للمجروح في مالها
لأنها عنده لو كانت حية إنما تقوم بغير مالها.
وقال ابن نافع عن مالك، وإن أسلم المدبر بجنايته يخدم فيها، فمات عن مال،
فليأخذ المجروح منه ما بقي له من عقل جرحه، وما بقي فللسيد، قال، والمكاتب
الجاني إن مات عن مال يخير سيده في أداء الجناية وأخذه او تركه لهم، وإن
كان مديانا، فما فضل بعد الدين يعمل فيه كذلك.
قال ابن المواز قال أشهب في أم الولد أنها تقوم بغير مالها، وروي عن البرقي
أنه قال: قال مالك لا يقوم بمالها.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا استحق قتل العبد في قتل عمد ببينة أو بقسامة وله
مال، فإن قتل فماله لسيده، ولم يختلف في هذا،
قال فإن عفى عنه فقد قال ابن القاسم مرة إن أسلمه سيده فعليه أن يسلمه
بماله لأنه لم يستحق في القتل إلا رقبته، قال وكذلك إذا جرح، ثم رجع ابن
القاسم فقال يسلم بماله استحساناً، وقال أصبغ، يسلم ماله، وعليه جماعة من/
الناس، والقتل وغير القتل فيه سواء، والجرح أقوى وهو سواء، لأن القتل العمد
إذا عُفي عنه كان كقتل الخطأ، وهو لو جرح عبدا لاقتص منه بلا مال إن شاء رب
المجروح، فإن اختار إسلامه أسلمه بماله، وهذا كله قول عبد الملك.
قال أشهب كل جان فماله في جنايته إلا الحر.
قال ابن وهب عن مالك، العبد يسلم بماله.
ومن كتاب ابن حبيب ذكر أصبغ، اختلاف ابن القاسم في العبد يسلم للقتل، فمرة
قال لا يتبعه ماله وإن استحيي، ومرة قال إن استحيي فماله تبع له، وبالأول
قال أصبغ، قال ابن الماجشون إن قتل بقي ماله لسيده، وإن استحيي فماله تبع
إن أسلمه سيده، وله أن يفديه بدية الميت، وإن أسلمه لم يكن له التمسك
بماله، ولا حجة له بإسلامه للقتل، وبه قال ابن حبيب، قال ابن
(13/298)
الماجشون، وإذا جنى العبد جناية تلزم رقبته
وماله، ثم أخذ السيد بعض ماله قبل الحكم في أمره، لم يخير في إسلامه، فإنه
إن أسلمه فليرد ما كان أخذ منه، وقاله أصبغ، قال مالك، وإذا جنى العبد وله
مال وعليه دين، فالمجروح أولى برقبته، والغرماء أولى بماله، قال عنه أشهب،
إلا أن تكون رقبته أقل من دية جنايته، فيحاص المجروح ببقية دية جرحه غرماء
العبد في ماله.
وقال ابن القاسم وأشهب، ليس للمجروح مع الغرماء في ماله حق، وأما الحر يجرح
فغرماؤه والمجروح يتحاصون في ماله.
قال أشهب عن مالك، في العبد يجني فيسلمه سيده ولا مال له/ يعلم، ثم طهر له
مال، وطلب المجروح أخذه، فسيده مخير، إن شاء دفع دية الجرح وأخذ عبده
وماله، إلا أن يرضىالمجروح بحبسه بلا مال، وإن شاء أسلم إليه المال مع
رقبته، وقال أشهب، فإن أراد السيد أخذ عبده ودفع الجناية، فذلك له، إلا أن
يرضى المجروح أن يحبسه بلا مال، وقال ابن القاسم، ليس له ذلك إلا أن يرضى،
وما ظهر له فهو للذي أسلم إليه، قال محمد: قول مالك وأشهب أصوب، وأما
المدبر يعتق نصفه من الثلث وله مال، فإنه يؤخذ من مال الجنايات.
قال محمد وذلك فيما جنى قبل يعتق، لأن كل مدبر يجنى فيبدأ بماله في جنايته،
فإن لم يقم به حتى مات السيد، فجرح حرا أو بعضه، أخذ ذلك من ماله، فأما ما
جنى بعد أن عتق بعضه، فكالمعتق بعضه يجني، فما فضل من كسبه بعد عيشه
وكسوته، فيؤخذ منه عما يصير على حرية المعتق، وإن استوعب ذلك كل ما يبقى
بيده، فإن فضل منه شيء بعد قضاء نصف الجناية، أوقف بيده.
قال أشهب، وعند مالك في المجموعة، إذا جنى المدبر وله مال، فلتؤد الجناية
من ماله، شاء السيد أو أبى، وليس للسيد أن يسلمه بماله ولا ينزع ماله،
وتسلم خدمته، ولكن إن عجز عن ذلك ماله، خير السيد في فدائه أو إسلام خدمته
في ذلك، قال ابن القاسم، في المعتق نصفه حر، أن سيده مخير في نصفه، وإن كان
(13/299)
للعبد مال أخذ منه عما يلحق النصف العتيق،/
وكذلك المدبر يجنى، فيموت السيد ولا يحمل الثلث إلا نصفه، فإن كان بيده
مال، ودى منه عن حصه ما عتق منه، وأوقف الفضل بيده، وإن قصر أتبع في حصة
الحرية من كسبه فيما يفضل عن عيشه وكسوته، كالدين، وأما ما رق منه فهو رق
لهم، وعليهم نفقة ما رق لهم منه، قال غيره، هذا فيما أفاد المدبر في مرض
السيد أو بعد موته، فأما ما أفاد في صحته قبل يجني أو بعد، فهو لأهل
الجناية حتى يستوفوا منه جنايتهم،
وقال ابن عبدوس، قال بعض كبار أصحابنا، في العبد المخدم أجلا ثم هو حر،
فجنى وله مال، أنه لا يؤخذ ماله في الجناية، وليخبر المخدم إما أسلمت خدمته
أو فديتها بالأرش، وأما أم الولد فلا يؤخذ عقل جرحها من مالها، وإن لم يكن
للسيد مال إلا أن يأخذه السيد، فإن أبى انتزاعه لم يؤخذ منها في الجناية،
وتوبع السيد فيها بالأقل، قال أشهب هي بخلاف المدبر، لأن جنايتها على
السيد، قال هو وابن القاسم إلا أن تكون قيمتها بغير مالها أقل، فلا يلزمه
إلا ذلك، وقاله مالك، وقال المغيرة وعبد الملك تقوم بمالها كما لو كانت
تسلم، لأسلمت به، فالقيمة بدلا من الإسلام، قال غيره في ولد المقرور إذا
غرم أبوه قيمته، فإنما يقوم بغير ماله، وقد اختلف فيه.
في العبد ومن فيه بقية رق يجني ثم
يعتق، أو يتقدم العتق جناية
/ من كتاب ابن المواز قال مالك، وإذا جرح العبد رجلا ثم أعتقه السيد، فإن
أراد حمل الجناية عنه لزمه، وإن قال لم أرد حملها أو قال ظننت أن عتقي
يسقطها، أو قال لم أعلم بالجناية، فليحلف على ذلك، ويرد عتقه، فيخير سيده،
فإن فداه كان حرا وله إسلامه، فإن كان للعبد مال يؤدى منه أو يرجو معونة من
أحد، تلوم له بقدر ما يرجو، ولا يكثر له التلوم، فإن لم يوجد له ذلك رد
رقيقا، قال ابن القاسم، إلا أن يكون في رقبته فضل عن دية الجرح، فيباع منه
بقدره
(13/300)
ويعتق ما بقي، قال محمد، وإن كان للسيد مال
يعتق فيه ما بقي عتق العبد كله، وودى السيد دية الجرح، وذلك إن كان في
قيمته فضل على الجرح.
من المجموعة قال المغيرة، إذا أعتقه عالما بالجناية فهو لها ضامن، كما لو
أولد الأمة، قال ابن القاسم، وإن جرح رجلين فعلم السيد بأحدهما فأعتقه رضي
بحمل الجناية التي علم، ثم قال قام الثاني، فإن كانت الجنايتان (1) سواء،
فعليه أن يعطي الثاني إما أرش جرحه أو نصف قيمة العبد، إن كان أكثر من ذلك،
ويأخذ ما بقي، لأنه فدا منه جميعه، ويظهر انه إنما يستحق نصفه وهو لا يقدر
أن يسلم إليه نصفه بما أحدث فيه من العتق فلزمه عتق جميعه،
وذكرها ابن عبدوس فقال/ عن بعض أصحابنا، إلا أنه قال، إذا قام صاحب الجناية
الآخر أحلف السيد بالله ما علم بها، فإن حلف مضى نصفه حرا ورق نصفه، وخير
في ذلك النصف فيفتكه أو يسلمه، فإن أسلمه وكان له مال عتق عليه بالسنة،
وأعطى للمجروح نصف قيمته، وإن فداه عتق عليه كله وإن لم يكن له مال وأسلمه،
[صار نصفه حرا ونصفه رقيقا] (2)، إذا كان له مال يحمل جرح الذي رضي بحمله،
وإن لم يكن له غيره، وليس فيه فضل عن جرحيهما، بيع لهما بقدر جرحيهما، وعتق
ما بقي.
ومن كتاب ابن المواز، وقال لي ابن عبد الحكم، في الذي أعتقه وقد جنى، فحلف
ما أراد حمل جنايته، وخير فيه ففداه، أنه يبقى عبدا له، وهو عبد إن أسلمه،
فعجبت من قوله، ثم أخبرت بمثله عن أشهب.
وقال في مدبر قتل عبدا لرجل عمدا، فأعتقه سيده، قال فلسيد العبد قتل
المدبر، قال وميراثه لورثته الأحرار، لأنه قتل وهو حر، فإن عفي عنه حلف
سيده ما أراد حمل الجناية عنه، أو يقول ظننت أن عتقي له يحمل عنه الجناية
ويحلف،
__________
(1) في النسخ كلها فإن كانت الجنايتين.
(2) في النسخ كلها (صار نصفه حر ونصفه رقيق) والصواب ما أثبتناه.
(13/301)
فإنه يرد عتقه، فإن كان له مال وديت منه
الجناية، وإن لم يكن له مال أو عجز ماله عن تمامها، خير سيده، فإما فداه،
أو أسلم خدمته، فإن استوفى من خدمته في حياة السيد خرج حرا، ولم يضره دين
مستحدث، وإن مات سيده قبل ذلك عتق في الثلث، ونال عتق الصحة، وأتبع بما
بقي، وهو كعبد/ جنى فأعتقه ربه، وحلف أنه لم يرد حمل ذلك، ثم فداه، فإنه
يعتق، وكذلك لو نكل عن اليمين العتق، وإن لم يفده وصار ملكا لغيره رق.
وإذا جنى عبد فأسلمه سيده أو فداه، ثم تثبت البينة أنه أعتقه قبل يجني، فإن
كان أسلمه، فسواء أقر أو جحد فهو حر، ويستقاد منه، وإن كان أفتداه، افترق
إقراره وإنكاره، فإن قال لم أكن علمت ولا ذكرت حتى فديته، فليس للمجروح غير
القود، وإن طلب ذلك سيد العبد وكان له عذر بين في دفعه، ويرد إلى السيد ما
أخذ منه، وإن جحد السيد، فالمجروح بالخيار، إن شاء قام بما أخذ، وإن شاء رد
ما أخذ، واستقاد.
وفي باب الأمة توهب لرجل وما في بطنها لآخر، من مسائل هذا الباب.
ومن العتبية (1) قال سحنون، في رجل شهد لعبد أن مولاه أعتقه، ثم إن العبد
ضرب الشاهد ففقأ عينه، قال لا شيء للمجني عليه في العبد، والعبد لسيده، وفي
باب جناية أم الولد، وباب جناية المدبر ذكر عتق السيد إياهما بعد الجناية.
في العبد يجني، فيفديه سيده، ثم يجني، ثم
ينتقض جرح الأول، أو لا يفديه حتى جنى فأسلمه،
أو جنى على رجلين، أو على عبد لرجلين أو عبدين
من كتاب ابن المواز، وهي في كتاب ابن سحنون والمجموعة،/ وإذا جرح عبدك
رجلا، ففديته بأقل من دية النفس، ثم جرح آخر، فلم تسلمه حتى انتقض
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 180.
(13/302)
جرح الأول فمات، أو ترامى إلى أكثر منه،
فأما في الخطأ فهو سواء، فلولاة الأول الخيار، إما تمسكوا ولا يتبعونك في
عبدك بشيء، فذلك لهم، ثم تخير أنت في عبدك في الجرح الثاني فقط، أن تفديه
أو تسلمه كله، فأما لو أتبعوك أولياء الأول بما ترامى إليه جرح وليهم، على
أن ينقضوا الجرح (1)، الأول، فإنه يدخل معهم المجروح الآخر (2) في رقبته،
ويردون ما أخذوا من السيد، ويكون العبد بينهم بقدر جناية كل واحد منهما،
ويسلمه إلى أولياء الأول وأولياء الثاني فيكون بينهما على قدر جرحيهما ما
ترامى ذلك إليه، يتحاصان في العبد، وترجع أنت بما كنت فديته أولا، وإن شئت
فديته منهما بدية الجنايتين، وتحسب على الأول بما دفعت إليه، وإن شئت فديته
منهما بدية من الأخر بدية جرحه، وأسلم إلى الأول من العبد قدر ما كان يقع
له من الأخر لو أسلمته إليهما، وتأخذ منه ما كان أخذ منك، وإن شئت فديت من
الأول بقدر ما يصير له من العبد تحسب عليه فيه ما أعطيته، وتسلم إلى الآخر
ما كان يقع له من العبد مع الأول، وسواء ترامى جرح الأول إلى النفس أو إلى
جرح أعظم منه، فإن شاء المجروح الأول المتمسك بما بيده ويدع زيادة/ الجرح،
فذلك له، وتخير أنت في إسلامه إلى الآخر، وإن أراد أن يرد ويطلب ما تنامى
إليه الجرح ويدخل مع الثاني، فذلك له، وليس أحدهما أحق من صاحبه، وهذا في
الخطأ والعمد من الجراح، لأنه ليس بين حر وعبد قصاص فيهما، إلا أن يترامى
في العبد إلى النفس، فللأولياء أن يقسموا ويقتلوا، ويبطل حق الثاني، ولا
يكون له شيء لا على السيد ولا عليهم، ويرجع سيد القاتل بما كان فداه به إن
قتلوه، وإن استحيوه فهو على ما ذكرنا في الخطإ.
وقال أشهب في كتاب ابن سحنون، وإذا فديته بدية الجرح ثم جرح رجلا آخر،
وانتفض جرح الأول فمات، فإن كان خطأ حلفت أولياءه يمينا يمينا (3) ما علموه
مات منها، وكان لهم ما أخذ منك وليهم، ثم تخير في فداء عبدك من الثاني
__________
(1) في الأصل (الأمر الأول) ونحن أثبتنا ما في ص وت.
(2) في الأصل (المجروح والأخر) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(3) هكذا بالتكرار أى يحلف كل ولي يمينا والعبارة في ت (يمينا واحدة)
والصواب ما في الأصل.
(13/303)
بدية جرحه، أو تسلمه إليه، وكذلك إذا لم
يحلف ولاة الأول، إلا أنهم إن لم يحلفوا حلفت على ما علمت، ورجعت عليهم
بالفضل عن دية المقتول.
وقال أشهب في المجموعة، إذا كنت فديته بأكثر من الدية حلف، ورثة الميت
يمينا يمينا ما علموه مات من الجناية (1)، فإن نكلوا حلفت أنت على ما علمت،
ورجعت بفضل الدية عليهم، [وتخير في الثاني في إسلامه العبد إليه] (2)، أو
افتدائه، ولو كنت أسلمت/ العبد إلى الأول ثم انتفض جرحه فمات، أو ترامى إلى
أكثر منه في العمد والخطأ، فليس عليك أكثر من إسلامه، ولا لك في الخطأ أن
ترجع في العبد، وتؤدي جميع جراحه وما ترامت إليه، فإن كان العبد قد جرح
آخر، فذلك على من صار إليه، يخير في إسلامه أو فدائه، ولكن إن مات في العمد
من جراح الأول، فلولاته أن يقسموا ويقتلوا العبد، فإن لم يقسموا واستحيوه
فهو مثل ما قلنا في الخطأ.
من كتاب ابن المواز، وإذا جرح عبد رجلين جرحين مختلفين فأسلمه سيده، فهو
بينهم بقدر جرحيهما، وكذلك لو قتل حرا وعبدا فأسلمه، فهو بين ورثة الحر
وبين سيد العبد بقدر قيمة العبد [من دية الحر، فإن فداه بدية الحر وقيمة
العبد] (3)، وإن شاء أسلمه إلى أحدهما، فينظر، فإن كانت قيمة العبد مائتي
دينار، فذلك سدس الجميع، فإن شاء فدى خمسة أسداسه من ورثة الحر بألف دينار،
وأسلم سدسه إلى سيد العبد أو يفدي من ورثة العبد قدر منابته من العبد بما
يقع لذلك من الدية، على أن خمسة أسداس العبد [دفعت بألف دينار، وكذلك جرحه
لرجلين بقسم العبد] (4) على قيمة الجرحين، ثم له أن يفدي بدية أى جرح شاء،
ويكون (5) له من العبد بقدره، قال مالك، ولكن لو جرح العبد
__________
(1) في ص وت (من الجراحة).
(2) العبارة في ت (ويخير الثاني في إسلام العبد إليه).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) في ص وت (ويصير له).
(13/304)
عبداً/ خطأ، ثم قتل آخر عمدا، فإن قتل لم
يكن لسيد المجروح شيء (1) لا على من استقاد ولا على غيره.
وإن استحياه دخلا فيه بقدر الجنايتين مثل ما قلنا في الخطأ، قال مالك، وإن
شج جماعة فقام أحدهم فأسلم إليه، فللباقين الدخول معه فيه من قديم أو حديث،
ولا شيء على سيده إلا أن يفتكه، ثم يجرح فيوتنف الأمر على سيده أن يفديه أو
يسلمه أو يفتك من بعضهم، وإن أسلمه ثم يجرح ثانية، خير من أسلم إليه، وكذلك
إن أسلم بعضه ثم جنى، فإنه يخير من له فيه شرك، بخلاف المدبر تسلم خدمته ثم
يجني.
ومن كتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون لأشهب، وإن جرح عبدك عبدين لرجل
موضحة موضحة (2) فليس لك أن تفدي نصفه بأرش أحد الموضحتين، وتسلم نصفه
بالآخر، كما لو جرح سيدها جرحين، فإما فداه كله أو أسلمه كله، بخلاف أن لو
جرح رجلين، وليس العبد أيضا لرجلين، فيكون لمن شاء فداء نصفه.
قال، وإذا جنى عبد لرجل واحد على رجل في بدنه أو ماله أو في عبيده فليس
لسيده أن يبعضه على المجني عليه، وإذا جنى عبدك على عبد لرجلين موضحة، فلك
فداء نصفه من أحدهما بنصف دية الموضحة، وتسلم نصفه للآخر.
وإذا قتل عبدك حرا وارثه واحد فليس لك فداء بعضه، لكن فداء جميعه، ولو كان
له ورثة/ فلك فداء نصيب من شئت منهم بقدر ما يصير له من العبد، وليس لك أن
تفدي من أحد الورثة بعض مصابته، ولكن كلها، ولو جنى عبدك
__________
(1) في النسخ كلها (شيئا) والصواب ما أثبتناه.
(2) كلمة (موضحة) هنا مكررة في الأصل أي أنه جرح كل عبد من العبدين موضحة
ولذلك كان تكرارها ضروريا لمطابقة الكلام للمقصود منه وقد جاءت في ص وت غير
مكررة والصواب ما في الأصل وتكرارها شبيه بالتعبير الذي استعمله المؤلف من
قبل أثناء تحليف الأولياء حيث قال: فإن كان خطأ حلفت أولياءه يمينا يمينا
أي حلفت كل واحد يمينا.
(13/305)
على رجلين أو رجلين أو على عبدين لرجلين
موضحتين، فلك أن تفدي من أحدهما، وتسلم إلى الآخر، فيكون لك من العبد بقدر
ما فديت، مثل أن تكون قيمة أحدهما مائة دينار، والآخر مائتين فموضحة هذا
خمسة، وهذا عشرة، فالعبد بينهما أثلاثا، فإن أسلمه إليهما كان بينهما
أثلاثا، وإن فداه من صاحب الخمسة، وأسلم إلى صاحب العشرة صار له ثلثا العبد
(1)، ولربه ثلثه، وإن أسلم إلى صاحب الخمسة صار له ثلثه، ويصير لسيده إذا
فداه من الآخر ثلثاه.
ومن كتا ابن المواز، وإذا قتل عبدك قتيلا بعد قتيل خطأ، وقطع يد رجلين فلكل
ولي قتيل منهم ثلث العبد، ولكل مقطوع يده سدس العبد، فمن شاء سيده فدى منه
ما يصير له منه، وكذلك لو كان بين كل جنايتين سنة أو أكثر، فذلك سواء،
وكذلك لو اجتمع على عبد جنايات من جراحات، وإن كانت قتلا (2) وغصب امرأة
نفسها أو مالاً أو خلسة أو حراسة جبل، أو تمرا معلقا أفسده، أو جذه أو سرقه
من غير حرز، فذلك كله في رقبته يخير سيده، فإما أسلمه في ذلك أو فداه، أو
فدى بعضه من بعضهم بما يقع له منه في الحصاص، فإن أسلمه تحاصوا فيه بقدر ما
لكل واحد،/ وفي أول الكتاب مسائل العبد يجني على الحر فيفدي ثم ينتقض الجرح
فيموت الأول.
ومن المجموعة، وقال بعض أصحابنا في العبد يجرح جماعة، فأسلم إلى أحدهم، ثم
قام الآخرون، فإنهم يدخلون مع الأول بمقدار عقل جراحهم إلا أن يشاء السيد
أن يعطيهم ذلك، ويكون له من العبد بقدر ما كان يصير لهم منه، فذلك له، ولو
دخل هؤلاء مع الول في رقبته لم يكن لهم عليه فيما اختدمه قبل قيامهم شيء،
إلا أن يكون كان عالما بهم، فليرجعوا عليه بقدر نصيبه من الخدمة.
قال غيره، وإذا جنى على رجلين، فأسلمه السيد إلى أحدهما، وهو بالآخر عالم،
فهلك بيد الأول، فالسيد ضامن لجرح الثاني، لأنه متعد (3) في إسلامه
__________
(1) في النسخ كلها (صار له ثلثي العبد) والصواب ما أثبتناه.
(2) في النسخ كلها (وإن كانت قتل) والصواب ما أثبتناه.
(3) في الأصل (متعدي) بإثبات الياء والصواب ما أثبتناه.
(13/306)
لواحد، وكان عليه أن يرفع ذلك إلى السلطان،
وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية (1)، إذا أسلمه إلى واحد ولم يعلم
بالآخر، ثم قام، فله الدخول مع الأول، وليس للسيد أن يفتك منه نصيبه من
العبد، لأن العبد لو مات قبل قيامه لبطل جرحه، إلا أن يكون السيد أسلمه
عالماً بالثاني، فيكون ضامنا للثاني جرحه.
ومن المجموعة، ابن نافع عن مالك، في عبد جرح عبدا خطاً، وقتل عبدا أخر
عمداً، فإن قتل فلا شيء للمجروح على سيده ولا على المستقيد، ولا له أن
يمنعه من قتله كالحر، قال غيره في عبد جرح عبدا موضحة عمدا ثم جرح حراً
موضحة/ عمداً، أو عبداً موضحة خطاً، فاقتص رب المجروح عمدا، فإن السيد يخير
في الجرح الآخر (2) فيفديه أو يسلمه، ولو مات من القصاص بطل حق من بقي.
قال أشهب، ولم يختلف في العبد يفدى ثم يجني، أن يخير سيده في فدائه، قال هو
وابن القاسم، وعبد الملك، في المدير يجني فسلم خدمته، ثم يجني، أنه لا يخير
سيده ولا من أسلم إليه، وليدخل مع الأول من ذي قبل في خدمته، لأنه لم يسلم
رقبته،
قال عبد الملك، وكذلك لو جنى قبل يسلم إلى الأول فأسلم إليهما، قال مالك،
ولو مات عن مال تحاصا فيه بما بقي لكل واحد، قال أشهب، ولأن الأول لم يجز
خدمة المدبر، وإنما جاز منها ما اختدم، ولو وهب للمدبر مال أو وجده، ويجوز
له أخذه، لودى منه باقي الجناية، ورجع إلى سيده، وليس للمجروح أو العبد أن
يأبيا ذلك، ولا يأباه السيد، وذكر ما يكون من أم الولد من جناية مذكور في
باب جنايتهما، وكذلك ما يكون من جناية المكاتب جناية بعد جناية في بابه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 189.
(2) في ت (في الجرح الثاني) وما أثبتناه من ص والأصل.
(13/307)
في العبد أو العبدين يقتلان رجلا، فيعفو
أحد الأولياء،
أو يعفو الولي عن بعض الدية، أو يوصي بالعفو،
أو يفدي من أحد الوليين حصته
من كتاب ابن المواز، ولو أن عبدين لك قتلا رجلا خطاً، ورثه وارثان يرثانه
(1) بالسواء، وقيمة العبدين مختلفة، قال مالك، ولك أن تفدي من شئت منهما،
أرفعهما أو أدناهما إن/ كان بينهما تفاوت بنصف الدية، وإن شئت فديت نصف كل
عبد من أحد الوارثين بنصف الدية، ولك أن تفدي من أحدهما نصفه بربع الدية،
وأسلمت نصفه للآخر، وأسلمت الآخر بينهما، وإن شئت فديت أحدهما كله منهما
بنصف الدية، ونصف الآخر من أحدهما بربعهما، وليس لك أن تفدي من أحدهما بعض
مصابته من أحد العبدين، ولا بعض مصابته من العبدين، إلا مصابته كلها من هذا
العبد أو منهما، وكذلك لو قتل عبدك رجلا له وليان، فلك فداء نصفه من
أحدهما، وليس لك فداء نصفه من كليهما، [ولو قتل رجلين وليهما واحد فليس لك
أن تفدي إلا جميعه بالديتين] (2) ولو قتل قتيلين فعفا أولياء أحدهما على
الدية، فلأولياء الآخر القتل، ثم لا يكون لأولياء العافي على الدية شيء (3)
ولو عفا بعض أولياء كل واحد فلا سبيل إلى القتل، وكان كالخطأ في الإسلام
والفداء، ولو عفا من كل فرقة بعضهم على غير شيء فمصابة من عفا على ذكرنا،
ويخير فيما بقي، فإن شاء فدى ما بقي من العبد بجميع حق من لم يعف، وإن شاء
أسلم إليهم من العبد قدر ما كان يكون لهم مع أصحابهم،
وإذا قتل عبد رجلا له ولي واحد فوضع نصف حقه، فهو كعبد عند رجل رهنا في حق،
فوضع نصف حقه أو قبض نصفه، فليس لربه أخذ نصف العبد،
__________
(1) في النسخ كلها (يرثاه) بحذف نون الرفع والصواب إثباته.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) في النسخ كلها (شيئا) والصواب ما أثبتناه.
(13/308)
ولو أن الحق لرجلين والعبد رهن لهما، فوضع
أحدهما للغريم حقه أو قضاه إياه، فله أخذ نصف عبده، ويبقى للآخر نصفه
رهناً.
قال/ أشهب، وإذا قتل عبدك رجلا خطاً، فأوصى أن يعفى عنه ويرد إليك، ولا مال
له،
ولم يجز الورثة، فقال إن شئت فديت جميعه بثلثي الدية لأن ثلثها لك بالوصية،
وإلا أسلمت جميع العبد بثلثي الدية (1)، كما لو جرح حرا جرحا ديته مائة
دينار، فوضع عنك نصفها، فأنت مخير أن يقتل جميعه بالخمسين أو تسلم جميعه
بالخمسين، بمنزلة الرهن يضع المرتهن بعض حقه فهو رهن بما بقي، قال وخالف
أصبغ أشهب، في وصية المقتول بالعفو فقال، ليس للورثة إلا ثلثا العبد بثلثي
دية، إن شاء أسلم سيده ثلثيه، أو افتك ثلثيه بثلثي الدية، وثلث العبد لسيده
بالوصية أسلم أو فدى بخلاف المجروح، وقوله في المجروح كالرهن كما قال.
قال محمد، وقول أصبغ جيد لأنه لو تمسك الورثة بجميع العبد بثلثي الدية
ولعله لا تسوى، لم ينفذ للميت من وصيته شيء، ولأنه لو أوصى المقتول بالعبد
لأجنبي ولا شيء له غيره، لكان له ثلثه بثلث الدية إن فدى منه كذلك فهو له،
وإلا فله ثلث الرقبة، وكذلك سيده، قال أصبغ، وقال أشهب مثله في وصيته به
لأجنبي، وزاد أن له أن يفتك من الموصى له ثلثه بثلث الدية، أو يسلمه إليه،
ومن افتك من الورثة ثلثيه بثلثي الدية، فلا يدخل الموصى له عليهم في ذلك
وله أن يفتك من بعض الورثة بقدر نصيبه، وأسلم نصيب باقيهم، وإن شاء افتك من
بعض الموصى لهم إن كانوا/ غير واحد، وأسلم إلى بعضهم، قال أصبغ، صواب كله.
محمد، فهذا كوصيته بالعفو عن قاتله.
__________
(1) في النسخ كلها (إلا ثلثي العد) والصواب ما أثبتناه.
(13/309)
في العبد ومن فيه بقية رق يجني على رجلين،
فسلم إلى أحدهما أو يفدى، ثم قام الآخر أو لم يقم
حتى جنى على ثالث
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، قال مالك، وإذا جرح عبد جماعة معا أو
متفاوتين، وبين ذلك [سنة] (1) أو أكثر، فهو بينهم بقدر قيم جراحاتهم، ولو
أسلم إلى أحدهم لقيامه، كان حق من لم يقم في رقبته هكذا، ولا شيء على السيد
إلا أن يفتكه ثم يجني، فيؤتنف فيه التخيير أو فيما فدى منه، وإن كان قد
أسلم بعضه، خير من أسلم إليه في ذلك البعض.
ومن كتاب ابن حبيب والعتبية (2)، قال أصبغ عن ابن القاسم، إذا جنى على
رجلين فأسلمه السيد إلى أحدهما، ولم يعلم بالآخر، فجنى عبده ثم قام الذي لم
يعلم به، فإنه يكون له من العبد بقدر جرحه، ثم يخير هو والمسلم إليه أن
يفدياه أو يسلمه إلى الثالث، أو يسلم أحدهما ويفدي الآخر، ولا شيء للسيد
الأول من ذلك.
قال ابن المواز وسحنون في كتاب ابنه، إسلامه العبد الأول إسلام لنصفه إليه،
إذ هو الذي كان يجب للقائم فيه، فيقال للذي أسلم إليه أولا إنما كان يجب لك
نصفه فأسلم نصفك هذا إلى الثالث أو افده، فإن أسلم نفسه إلى الثالث قيل
للثالث قد صار إليك/ نصف جرحك وبقي لك نصفه، وبقي للذي لم يعلم به ولم يقم
جرح كامل ودية جراحاتهم سواء، قال سحنون، فيقال للسيد في النصف الآخر إما
فديته بجميع أرش الثاني وبنصف أرش الثالث وإلا فأسلمه إليهما،
قال في الكتابين، فيكون النصف الباقي من العبد بين الثاني والثالث على
ثلاثة، للثالث ثلث ذلك النصف وهو ثلث العبد، ويصير ثلث العبد للثالث، لأنه
__________
(1) لفظة (ستة) محذوفة من الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 16: 189.
(13/310)
أسلم إليه الأول نصفه، وأخذ ثلث النصف
الآخر وهو السدس، وذكرها سحنون كلها عن عبد الملك.
قال أصبغ في العتبية (1)، وكتاب ابن حبيب، قال ابن القاسم، ولو لم يجرح
ثالثا حتى قام الثاني- يريد بعد أن أسلمه إلى الأول- فإن له منه بقدر جرحه،
ثم ليس للسيد أن يفتك منه نصيبه، إذ لو مات العبد قبل يقوم بكل جرحه، لأن
السيد لمن يعلم به، ولو علم به فأسلمه إلى القائم دونه فمات بيده ضمن للسيد
الذي لم يقم جرحه، قال أصبغ، وقاله ابن نافع وبه أقول وهو لعبد الملك في
المجموعة.
ومن كتاب ابن المواز، وليس للسيد أن يفدي من الأول ما حصل له منه كمشتريه
يستحق نصفه من يده، فلا يكون للبائع خيار في رد ما بقي منه، بل الخيار
للمبتل لولاء ما قال به من الجناية المحدثة، وأما النصف الذي استحقه الثاني
فلم يقع/ فيه إسلام ولا فداء حتى جنى، فإن شاء فدى هذا النصف بجميع دية جرح
الثاني ونصف دية جرح الثالث، وإن شاء فدى ثلثي هذا النصف من الثاني وهو ثلث
العبد بدية جرحه كله، وأسلم ثلث النصف إلى الثالث بنصف، قال، ولو أن السيد
إنما كان فداه كله من الأول ولم يعلم بالثاني، ثم جنى على ثالث، فللسيد أن
يرجع على الأول بنصف ما دفع إليه، ولو لم يفد بالجناية الثالثة لكان له رد
ما يجب له منه مع الثاني، وخدمته جميع ما دفع إليه، ولكن إن فات رد ما يصير
له منه بالجناية الثانية، ثم يكون المجني عليه الأول إذا رد نصف ما قبض
مخير في رد ما بقي وطلب ما يصير له من العبد وهو نصفه أو قيمته، أو مات وقد
فات بالجناية الثالثة فله أن يأخذ قيمة ذلك النصف وما بيده، ويرد ما بقي،
لأنه يقول لو لم أكن رضيت بإسلام ما يصير لي من العبد حتى قبضت جميع
جنايتي، فإذا رجعت إلى نصفها فلي التمسك بما صح لي من العبد آخذه، فإن فات
فلي قيمته يوم فداه السيد لأنه شراء، وأتمسك بنصف ما قبضت، فله الأكثر
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 189.
(13/311)
من الوجهين، ثم للسيد أن يفدي هذا النصف من
الثالث، لأنه صار الثالث وحده أحق به بنصف جرحه، فإما أسلمه إليه السيد أو
فداه بنصف جرحه، وللسيد أيضا في النصف الذي كان يصير للثاني أن يفديه
منهما، تعطى للثاني جميع جنايته، وللثالث نصف جنايته، وإن شاء فدى من
أحدهما/ ما يصير له من هذا النصف بماله فيه، وإن شاء أسلمه إليهما فكان
للثاني ثلثاه، وللثالث ثلثه وهو السدس مضافا إلى النصف الذي أسلم إليه،
فيصير له ثلثا العبد، وللثاني ثلثه.
ومن العتبية (1) روى أصبغ عن ابن القاسم، في مدبر جرح رجلين ففداه السيد من
أحدهما ولم يعلم بالآخر ولا علم بذلك صاحبه، ثم مات السيد ولم يدع غيره،
فعتق ثلثه، ثم قام الآخر، فإنه يأخذ من الورثة نصف ما أخذ الأول، ويخير
الورثة في إسلام ثلثيه إلى المجروحين أو افتدائه بما يجب لكل واحد، فإن
أسلم الثلثين إليهما تحاصا في ذلك، فضرب فيه الأول بنصف جرحه، والذي قام
الآن بجرحه كله، ويتبعان الثلث العتيق منه يتبعه الذي لم يأخذ شيئا بثلث
دية جرحه، والآخر بسدس دية جرحه.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا قتل عبد رجلين أحدهما عمدا والآخر خطاً، فإنه إن
قتل بالعمد فلا شيء لصاحب الخطأ، والقتل يأتي على الجميع، وإن استحيوه كان
بينهما نصفين.
في العبد يجني على رجلين فيفديه السيد من أحدهما،
ثم أعتقه أو باعه، ثم جرح ثالثا، ثم قام الثاني،
وكيف إن باعه قبل أن يجني على الثاني ثم جنى؟
من كتاب ابن المواز، وإذا جنى عبد لرجل على رجلين، ففداه من الأول ولم يعلم
بالثاني، فأعتقه ثم جرح ثالثا (2)، ثم قام/ الثاني والثالث، وجراحاتهم
واحدة،
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 187.
(2) في ص وت (ثم خرج ثالثا) وذلك خطأ واضح.
(13/312)
فإن كان السيد مليا، فالقصاص بينه وبين
الثالث، لأنه جرحه، وهو حر بملأ السيد، ثم يرجع على الأول بما دفع له،
فيترك له منه نصف قيمة العبد يوم فداه، أو نصف دية الجرح الأول يوم برئ،
ويأخذ منه ما سوى ذلك، ثم يكون على السيد الثاني نصف قيمة العبد يوم دفع
إليه ويوم يقع له الحكم فيه، على أن في رقبته جرحا (1) للثالث يقتص منه إن
كان عمدا، لأنه لو اقتص منه قبل قيام الثاني، لم يكن له إلا نصف قيمته
مقطوعا (2)، لأنه يومئذ استحق نصفه،
ولو مات قبل ذلك وقبل المعتق، ما كان للثاني فيه شيء ولو كان جرح الثالث
(3) خطأ مما لا تحمله العاقلة، كان للثاني نصف قيمته على أن عليه دين دية
هذا الجرح، ولو كان تحمله العاقلة لزمه نصف قيمته صحيحا لا شيء عليه يوم
يحكم له فيه، إلا أن يرضى أن يدفع إليه دية جرحه، قال، وإن كان حين افتكه
من الأول ولم يعلم بالثاني، أعتقه ثم علم بالثاني ولم يجرح ثالثا، فإن كان
جرحهما سواء، فللثاني على السيدنصف قيمته يوم الحكم ما بلغ إن كان مليا،
إلا أن يرضى بدفع دية جرحه إليه، ولا يمين عليه إن رضي بدية الجرح، وإذا لم
يدفع إلا نصف قيمة العبد، حلف ما أعتقه رضي بحمل جنايته على الثاني، أو
يحلف أنه ما علم يوم أعتقه، ثم يدفع نصف العبد يوم يحكم/ عليه، فإن نكل غرم
دية الجرح الثاني، قال، وإن لم يقم الثاني حتى فداه من الأول وأعتقه، فلا
طلب للثاني على السيد، لأنه حقه يوم يحكم فيه، ويأخذ السيد من الأول مما
دفع إليه ما كان يستحقه الثاني معه، وكذلك لو كانت أمة فجنت فحملت من السيد
وماتت قبل قيام المجروح، فلا شيء له إلا أن يكون علم السيد بالجناية يوم
الوطء، فيحلف ما كان ذلك رضى بحمل الجناية، فإن نكل غرم، قال، وإذا فداه من
الأول ولم يعلم بالثاني ثم أعتقه، ثم جرح ثالثا، والسيد عديم وعليه دين،
فرجع على الأول بما ذكرنا، لم يكن الثاني والثالث أحق به، ولكن الغرماء
أولى به، ويرد
__________
(1) في الأصل (جرح) والصواب ما أثبتناه.
(2) في النسخ كلها (مقطوع) والصواب ما أثبتناه.
(3) في ص وت (ولو كان جرح الثاني خطأ).
(13/313)
من عتق العبد ما كان يستحقه الثاني مع
الأول، [وينفذ عتق الأول] (1)، وتكون مصابة الثاني بينه وبين الثالث
أثلاثا، للثالث ثلثه وللثاني ثلثاه (2) على ما ذكرناه، ويتبع الثالث العبد
في نصفه العتيق بنصف دية جرحه، قال، ولو أنه فداه من الأول ولم يعلم
بالثاني حتى باعه، فجنى عند المبتاع على ثالث، فليرد السيد ثلث الثمن على
المبتاع، لأنه يستحقه الثاني من العبد بجرحه، إن كانت الجراحات سواء، وإن
كانت مختلفة نظر ما كان يصير للثاني مع الثالث الآن من رقبة العبد،
فبمقداره يرجع المبتاع على البائع السيد، ويرجع السيد على الأول فيما دفع
إليه فيأخذ منه ما زاد على نصف قيمته،/ ولا يغرم السيد للمبتاع إلا ثلث
ثمنه، لأن الثالث قد استحق ثلثيه عن المبتاع، وليس على البائع منه شيء، لأن
الثالث يستحق مصابة الأول وهو نصفه، ويدخل أيضا مع الثاني فيما كان يصير
للثاني مع الأول، يضرب فيه باقي جرحه، والثاني بجرحه كله، فما استحق منه
الثاني بحصته من الثمن، يرجع المبتاع على البائع، ثم يخير المبتاع بعد
المعرفة بذلك في إسلام العبد إلى الثالث والثاني، فيكون بينهم، للثالث
ثلثاه وللثاني ثلثله إن تساوت الجراح، وبقدر ذلك يرجع المبتاع على البائع،
فإن اختلفت الجراح فبقدر ذلك، ثم إن شاء المبتاع فداه منهما بجناية كل
واحد، أو يفدي من أحدهما ما يصير له، ويسلم إلى الآخر ما وقع له منه، ويرجع
المشتري على البائع بقدر ما صار للثالث منه، إن كانت جنايته عند البائع
عمدا.
ومن العتبية (3) روى أصبغ عن ابن القاسم، في عبد جرح رجلا خطاً فباعه ربه
قبل يقام به، ثم جرح آخر خطاً عند المبتاع، ثم قام، فيقال للبائع إن أعطيت
الأول دية جرحه ثم البيع، ولا حجة للمبتاع بسبب عيب، لأن الجرح خطأ، ثم
يخير المبتاع في إسلام العبد إلى الثاني كله أو فداه، فإن أراد البائع
الأول أن يعطي الأول دية جرحه، قيل له فتسلم إليه الثمن كله، فإن شاء أخذه
بدية
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ت مثبت من الأصل وص.
(2) في الأصل (وللثاني ثلثيه) وفي ص وت ثلثه والصواب ما أثبتناه.
(3) البيان والتحصيل، 16: 200.
(13/314)
جرحه ويتم البيع، ثم يكون ما ذكرنا، فإن
أبى قيل للمشتري إن شئت فافده من/ الآخر، ويبقى العبد لك وخذ الثمن كله من
البائع، وأسلم العبد إلى المجني عليه الأول، وإلا فافتك منهما جميعا بدية
جرحيهما، أو يصير العبد والثمن كله لك، فإن أبى المشتري، من هذا كله نظر
إلى قيمة العبد صحيحاً وقيمته وقد جنى عند المشتري، فما بقي رجع على البائع
من الثمن بقدر ذلك، لأن المبتاع كان ضامنا لما جنى عنده (1)، ثم يصير العبد
بين المجني عليهما جميعا يقتسمانه، يضرب فيه المجني عليه أولا عند البائع
بقيمته صحيحا لا جناية فيه، ويضرب فيه الثاني بقيمته على أن فيه الجرح
الأول- يريد وجرحاهما سواء-.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا جنى عبد فباعه السيد، ثم جنى عند المبتاع على
آخر مثل جرح الأول، فليس للمبتاع على البائع إلا نصف الثمن ونصف قيمة
العبد، إن كانت الجناية عمدا، إلا أن يدفع البائع الأول دية جرحه، فيتم
البيع ويتبعه المبتاع حينئذ بالعيب كله، إلا أن يقتل البائع المبتاع في نصف
العبد، ويدفع نصف قيمة العيب، فليس للمبتاع حجة.
قال، وإذا دفع البائع إلى المشتري ثمن ما استحقه المجروح الأول من رقبة
العبد، فالمبتاع مخير في إسلام العبد إلى المجروحين أو يفديه منهما أو من
أحدهما بقدر ما يقع له منه بجميع دية جرحه، فإن فداه كله، فليس له رده على
بائعه، ويأخذ منه بقية الثمن إلا أن يكون ما جنى عند البائع عمداً فله أن
يرد/ نصف العبد فقط ويأخذ بقية الثمن، لأن نصفه الذي كان يصير منه للمجني
عليه الأول قد أسلمه البائع له، ورد على المشتري به نصف ثمن العبد، فافتداه
المشتري من المجني عليه الأول، ومنه أخذه، وعليه عهدته لا من البائع، وإن
كان الجرح الأول خطاً لم يكن للمبتاع حجة في رد ولا قيمة عيب، وإن كان
الأول عمدا والثاني الذي أحدثه (2) عند المشتري عمدا، فله رد هذا النصف بلا
قيمة عيب عليه، لأنه كان عند البائع، فقال كذلك، وليس للبائع أن يقول لا
أقبل إلا جميع
__________
(1) في الأصل (كان ضامنا لما جنى عبده).
(2) في ص وت (الذي أخذ به) والظاهر أن الصواب ما أثبتناه من الأصل.
(13/315)
العبد، ولأنه لم يبع منه إلا نصفه، وأسلم
للمجني عليه نصفه حين رده على المشتري به نصف الثمن، فصار نصف المجروح
الأول للمبتاع من قبل المجروح لا من قبل بائعه، وكذلك إنما حجة المشتري على
البائع في نصف العبد فقط، لأنه لم يبع منه غيره، وكأنه اشترى العبد من
رجلين. قال، وللمبتاع أن يرد على البائع النصف الذي فداه من المجروح الآخر
بعيبه الأول، فإنه قد [فداه بعد علمه بعيبه] (1) الأول، قال، ذلك له لأنه
لم يحدث في النصف الذي يرده عوضا (2) للبيع ولا غير ذلك مما يكون منه رضاء
به، وقد كان ممنوعا من رده قبل افتداء نصفه الآخر، وقد كان مرتهنا بجنايته
حتى افتداه، ولو أعتقه المبتاع قبل علمه بالجرح الذي كان عند البائع وقتل
بجرح عنده، فإن الجرح الأول في رقبته أولى من العتق، فإن شاء البائع دفع
إلى المجني عليه الأول دية جرحه كله فيتم العتق، وإن شاء رد نصف الثمن على
المبتاع إذا/ كان الجرحان سواء، فإذا دفع جناية الأول، صار جرح الثاني جرح
حر، وإن اختار رد نصف ثمنه على المشتري، فإن كان المشتري موسرا، فقد نفذ
أيضا عتق العبد كله، ولزم المشتري للمجروح الأول لأقل من نصف قيمة العبد أو
دية جرحه، ولا شيء للمجروح الآخر على المشتري، وإنما حقه على جارحه
فليتبعه، وإن كان عمدا اقتص منه، ثم يكون للمبتاع [على البائع] (3)، جميع
قيمة عيب جناية العبد في العمد، إن اختار دفع جناية الأول إليه، وأما إن رد
المشتري نصف الثمن، فليس عليه إلا نصف قيمة العيب، وإن كان المبتاع عديما
وعليه دين أحدثه بعد شرائه وبعد عتقه، فإنه إن اختار البائع دفع جناية
الأول، فقد تم عتق الجناية، وصارت جنايته على الثاني جناية حر، وإن لم يختر
ذلك، فإن الأول يرجع في رقبة العبد، ويحاصه فيه المجروح الثاني، لأن جناية
الأول في رقبته قبل العتق، ولا يرق منه شيء بجناية الثاني لأنها بعد العتق،
فعتق نصفه تام، ويرق نصفه للأول، ويدخل معه الثاني
__________
(1) العبارة في ص وت (فداه من المجروح الآخر بعيبه).
(2) في الأصل (عرضا للبيع) وما أثبتناه من ص وت.
(3) (على البائع) ساقطة من ص.
(13/316)
فيكون بينهما نصفين، ويتبعان جميعا العبد
في نصفه العتيق بجناية الثاني، وما رجع به المبتاع على البائع من نصف الثمن
ومن قيمة نصف العيب، فهو لغرمائه هو أحق من عتق رقبته، ولو لم يكن عليه دين
كان ذلك في عتق بعينه، وتم له عتقه الأول، وكان المجني عليه الأول أحق به،
ويتبع الثاني العبد بجنايته كلها،/ وقد كان أشهب يرقه كله بالمحاصة، وأبي
ذلك ابن القاسم، وهو قول مالك في الدين، وهو أحب إلينا، ولما للعبد فيه من
الحق والحجة.
في الأمة تجني ثم تباع فتلد من المبتاع، ثم يعلم بذلك
أو يدعي ربها أنه باعها من رجل، وقال الرجل
بل زوجتنيها
من العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم، في الأمة تقتل رجلا أو تجرحه، ثم
باعها السيد وهو يعلم أو لا يعلم، فأولدها المبتاع، ثم قيم ذلك، فإن كان
القتل عمدا فللأولياء قتلها، فإن قتلوها نظر، فإن كان في قيمة ولدها مثل
الثمن أو أكثر منه فلا شيء للمشتري على البائع، ولا للبائع على المشتري شيء
في الفضل، وإن كانت قيمة الولد أقل من الثمن رجع المبتاع بما نقص على
البائع، وإن استحيوها خيروا بين أخذ الثمن الذي بيعت به من البائع، أو أخذ
قيمتها يوم الحكم من المبتاع، فإن أخذوا الثمن من البائع فلا شيء لهم على
المبتاع، وإن أخذوا القيمة من المبتاع، رجع المبتاع على البائع بالثمن كله،
كان ما غرم من القيمة أكثر منه أو أقل، كالاستحقاق، ولا ينظر إلى قيمتها
للبائع إذا استحييت، ولا يوضع عنه من الثمن لذلك شيء،
قال: وإن شاء البائع أن يؤدي دية الحر ألف دينار، ويبقى له الثمن كله، فذلك
له، قال، وإن كان البائع عديما والثمن أكثر من القيمة، فطلبوا أخذ القيمة
من المبتاع، وطلب البائع ما في الثمن، فليس/ لهم ذلك، وإما أخذوا القيمة
ولا
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 117.
(13/317)
طلب لهم على البائع، فإما طالبوا البائع
بالثمن ولا شيء لهم على المبتاع، وإن فاتت القيمة على الثمن، وإما أخذوا
القيمة من المبتاع ولا شيء لهم على البائع، وإن كان الثمن أكثر من القيمة،
والثمن كله للمبتاع يأخذه إذا ودى القيمة، إلا أن يرضى البائع بأداء الدية،
ويبقى له الثمن، فذلك له، ثم لا طلب للمشتري ولا لأهل الجناية في الثمن،
وإذا كان القتل (1) خطاً أو كانت جنايتها جرحا، وهو مما فيه العقل، كان ذلك
عمداً أو خطاً فهو سواء، فإن ودى البائع جنايتها مضى البيع، قال عنه أصبغ،
فإن أبى ودى الثمن وأخذ المجني عليه، إلا أن تكون القيمة لها أكثر، فليرجع
على المبتاع ببقية القيمة، لأنه كان له أن يأخذ من المبتاع جميع القيمة.
قال أصبغ، فإن أخذ بقية الثمن من المبتاع، رجع المبتاع على البائع بقيمة
العيب فقط، إن لم يكن المشتري علم به، وهو ما بين قيمتها جانية وقيمتها غير
جانية، ويرجع بقدره من الثمن، إلا أن يكون قيمة العيب أقل، فليس على البائع
غيره مع الثمن الذي أخذ منه، فإن وجد المجني عليه البائع عديما أخذ القيمة
من المبتاع كلها، ورجع المبتاع بالثمن على البائع وبما بين القيمتين على ما
فسرنا، والقيمة التي تؤخذ من المشتري قيمتها يوم قام المجني عليه، وليس يوم
جنت (2) ولا يوم الشراء، ولا يوم الحمل، إذ لو ماتت قبل ذلك/ لم يلزم
المبتاع، ولو ماتت بيد البائع ولم يبع لم يلزمه شيء من الجناية.
ومن كتاب ابن المواز قال، وإذا جنت الأمة فباعها سيدها ولم يعلم، فأولدها
المبتاع، فإن ودى البائع دية الجناية بعد البيع، ولا شيء للمشتري إلا أن
يكون الجرح عمدا فهو عيب، فيرجع بقيمة العيب، وإن كان خطأ فليس بعيب، فإن
لم يؤدي البائع قيمة الجناية، فعلى المشتري فداء أم ولده بالأقل، ثم يرجع
__________
(1) في ص وت (إذا كان القتل) بدون واو ولعل الصواب إثباته.
(2) في ص وت (يوم حنث) ولا معنى لذلك.
(13/318)
على البائع بالثمن إلا ما يقع على المشتري
من قيمة الولد، [فإن مالكاً قال ينقص الثمن عليهما] (1)، كأنه اشتراهما في
صفقة، فما وقع على الأم من الثمن رجع به على البائع، أو يعطي البائع دية
الجناية وقيمة العيب إن كان عمداً.
ومن العتبية (2)، وكتاب ابن سحنون، سئل سحنون عن أمة جنت ثم باعها ربها،
وهو عالم بالجناية، من رجل، فأولدها وهو ينكر الشراء ويقول زوجتنيها، قال،
يحلف للبائع ما باعها- يريد حمل الجناية- فإن حلف قيل له لا يزيل الجناية
من رقبتها ما ادعيت من البيع، وقد أنكر المبتاع، فأنت مخير، إما أن تفكها
وأنت على خصومتك وإلا فأسلمها برقبتها، وإن نكل غرم الأرش وهو على خصومته،
وإن كان عديما، كانت الأمة لصاحب الجناية، ولا يزول بدعواه ما لزم رقبتها،
وليس مما يفدي، وهو يقر أن البيع لا يتسلط عليها إذ هي أم ولد، ولو جنت عند
الثاني، قيل للسيد إن شئت فافتد أو أسلم، وليس في الولد جناية،/ وقال بعض
أصحابنا أن الولد أحرار.
ومن كتاب ابن سحنون ذكر مسألة الأمة تجني ثم تباع، فيولدها المبتاع، فإن
كان البائع عالما بالجناية حلف ما باعها وهو يريد حمل الجناية، فإن نكل
وداها وتم البيع، وإن حلف قيل له افدها ويتم البيع، وإلا أسلمها، فإن
أسلمها نقض البيع وأخذها المجني عليه إن كانت الجناية خطأ، ورجع المبتاع
على البائع بالثمن، إلا أن يكون عند المشتري من ولدها شيء، فيقاصه بقيمتها،
فإن زادت قيمة الولد على الثمن، فلا يرجع البائع بذلك، ولو رضي المبتاع أن
يعطي أرش الجناية، فذلك له، ويرجع على البائع بالأقل من ذلك أو من الثمن،
فذلك له، ويقاصه بقيمة ولده كما ذكرنا.
قال سحنون، وقد رأيت أن البائع إذا حلف وأسلمها، أن المبتاع يؤدي لأقل من
قيمتها أو من الأرش، ولا يرد إلى رق، ويرجع على البائع بالأقل مما ودى أو
__________
(1) في ص وت (فإن مالكاً نقص الثمن عليهما) وعبارة الأصل أسلم وأدق.
(2) البيان والتحصيل، 16: 173.
(13/319)
الثمن، ويقاصه فيه بقيمة الولد إن كان
ولدا، وإذا كان القتل عمداً فقتلت بطل البيع، ورجع المبتاع على البائع
بالثمن، وقاصه فيه بالولد.
وقال أيضا سحنون، إذا حلف وأسلمها والجناية خطأ، وطلب أهل الجناية أخذها،
وطلب المشتري أن يفديها ففدى، اختلف في ذلك أصحابنا، فقال بعضهم، ليس له
ذلك، ورأيت أنا أن ذلك له على ما ذكرنا، ويرجع بالأقل مما ودى أو الثمن،
ويقاص فيه بقيمة الولد،
وذكر ابن حبيب عن أصبغ مسألة الأمة تجني ثم يبيعها عالما/ أو غير عالم،
فتلد من المبتاع، ثم قيم بالجناية، فإن كان قتل عمدا فلهم قتلها، وإن
استحيوها صار العمد والخطأ سواء كان قتل أو جرح، فيبدأ بالبائع، فإن شاء
ودى العقل وله الثمن، ولا شيء للمبتاع، إلا أن تكون الجناية عمدا ولم يبرأ
منه، فيرجع عليه بما بين القيمتين، وهي أم ولد للمبتاع، وإن أبى البائع
فداها، أسلم الثمن، ويكون كإسلامها، فإن يشأ أهل الجناية أخذوه مكانها،
وإلا أخذوا قيمتها اليوم من المبتاع، لقوتها بالولادة (1)، وإن أخذوا
الثمن، فلا شيء لهم على المبتاع من الولد ولا من غيره، ولا المشتري على
البائع، لخروج الثمن كله من يديه، وإن أخذوا قيمتها من المبتاع، وتركوا له
الثمن، فلا رجوع له بسبب من العيب في العمد على البائع، لأن جميع الثمن قد
أخذ منه، ولو كان البائع عديما فأخذت القيمة من المبتاع فله الرجوع على
البائع بالأقل مما أخذ منه أو من الثمن، فإن كانت القيمة أقل رجع أيضا عليه
بقيمة العيب، لأن الثمن بقيت له منه بقية، فالبيع بيعه كما هو، يرجع بما
بين القيمتين حتى يحيط بفضل الثمن الذي بقي في يد البائع، فإن زاد، فذلك
عليه، لأن البيع يتبعه بعد، ولأن القيمة لو كانت أقل، لم يؤخذ منه غير
الأقل، فكما يكون له الفضل، يكون عليه الدرك، وإن كانت المأخوذة من المبتاع
أكثر من الثمن، رجع بالثمن كله على البائع، ولم يكن عليه له قيمة عيب ها
هنا، وليس في الولد في شيء من هذا محاسبة، وإن رجع بالثمن في
__________
(1) في الأصل عوض (لقوتها بالولادة) (أقر بها بالولادة) وسياق الكلام يقتضي
ما أثبتناه من ص وت.
(13/320)
الاستحياء في/ العمد أو الخطأ، لأن ذلك
إنما يقع على ذمتها، والولد لغو، ولو جعلت فيه المحاسبة لجعلها بالغة ما
بلغت، فيصير البائع في بعض الأحوال غير غارم، بل رابحا.
وقال ابن القاسم، يحاسب بالولد إن كان كفافاً أو دون، فإن كانت قيمة الولد
أكثر لم يرجع البائع بشيء، وهذا منكسر على ما بينا،
وكما لو ولدت من غير السيد، مثل أن يزوجها المشتري فتلد عنده، ثم يستحق
فيها ما استحق من هذا، فلا يدخل ولدها في الجناية، ولم يحاسب فيه بشيء،
وكأن للمبتاع، عفوا، إن ولد عنده أو للبائع إن ولد عنده، قال وهذا قول
مالك، قال: وإذال كان البائع مليا فأسلم الثمن، واختار أهل الجناية الثمن،
والجناية عمدا، فعليهم يرجع المبتاع بقيمة العيب، لأنهم كأنهم البائعون
بتجويزهم البيع وأخذهم الثمن.
في العبد أو من فيه بقية رق يجني على سيد أو
على أحد سيديه، أو عليهما، وكيف إن جنى على
أجنبي مع ذلك، أو ادعى السيد أنه جرحه ثم مات
من العتبية (1)، روى عيسى عن ابن القاسم، في عبد بين رجلين شج أحدهما
موضحة، فإنه يقال للآخر افد نصفك بنصف الجناية أو أسلمه، وإن جنى على
أحدهما وعلى أجنبي موضحتين أو منقلتين أو جائفتين، فإنه يصير للأجنبي ثلاثة
أرباع العبد، وللسيد ربعه، قال عيسى، ولو جرح أحد سيده موضحة والآخر منقلة،
فإنه يقال للمجروح موضحة إن شئت فافتك/ نصفه بخمسين ديناراً وإلا فأسلمه،
ولهذا تفسير، قال ابن سحنون عن سحنون وأصبغ، في العبد بين رجلين نصفين، يشج
كل واحد منهما موضحة موضحة، فإنهما ساقطتان،
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 112.
(13/321)
والعبد بينهما، ولو شج أحدهما موضحة، قيل
للآخر افد نصفك بنصف الجناية أو أسلمه، وإن شج أحدهما موضحة والآخر منقلة،
فإنه يسقط من دية المنقلة خمسون أرش الموضحة، فتبقى مائة من المنقلة نصفها
على كل نصف، فيقال للمشجوج موضحة افد نصفك بخمسين أو أسلمه، وإن شج أحدهما
وأجنبيا موضحة موضحة، فيقال للذي لم يشج افد نصفك بنصف عقل موضحة لهذا ونصف
عقل موضحة وسلم للآخر، ثم يقال للمشجوج إن نصيبك عليه من كل موضحة نصفها،
فيسقط ما وقع على نصيبك من موضحتك، وبقي نصف موضحة الأجنبي على نصيبك، فإما
فديته أو أسلمته، فإن افتديا جميعا صار العبد بينهما كما كان، وإن أسلم
الأول وافتدى هذا فله من العبد ثلاثة أرباعه، وللأجنبي ربعه: وإن أسلم هذا
مع إسلام الأول كان للأجنبي ثلاثة أرباعه وللسيد المشجوج ربعه.
ومن كتاب ابن المواز، وقال في عبد بين رجلين قتل رجلا ثم قتل أحد سيديه،
فليخير ورثة المقتول في فداء نصفهم بنصف دية الأجنبي، أو يسلموا مصابتهم
[كلها إلى الأجنبي وحده، وبهم/ افتدى، ولا حجة لهم أن يطلبوا من مصابتهم]
(1) أن يشتركوا فيها مع الأجنبي بقتل صاحبهم، لأنه ماله قبله، ويبقى
للأجنبي نصف ديته في نصيب السيد الباقي، ويبقى لورثة السيد المقتول في نصف
السيد الباقي نصف الدية، لأن نصف ديته سقطت باشتراك نفسه مع نصف صاحبه في
فتله، وإن شاء الباقي أسلم نصفه، فكأن بقي العبد بينهما لورثة الأجنبي
ثلاثة أرباعه، ولورثة السيد المقتول ربعه، وإن شاء فدى نصيبه وهو النصف من
كل فريق بما يصير لهم، وهو ربع العبد بنصف دية كاملة.
ومن كتاب ابن المواز أيضا، ومن قال قتلني عبدي أو مدبري أو مكاتبي، أو
معتقي إلى أجل، ثم مات، فإنه إن أقسم ولاة السيد قتلوا من كان ممن
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/322)
ذكرت، فإن عفوا بطل عتق المدبر حمله الثلث
أو لم يحمله، إلا أن يشاء الورثة عتقه، ولا يتبعوه من الدية بشيء، وأما
المكاتب فاختلف فيه، فقال ابن القاسم، لا يتبع إلا بالكتابة إن استحيوه،
إلا ان يتراضوا، وقال عبد الملك، بل يكون على المكاتب كجناية على أجنبي إما
ودى الدية معجلة وإلا عجز. قال محمد، وأما العتق إلى أجل، فيحتسب الورثة
بخدمته إلى الجل، ثم يخرج حرا، ويتبع بما بقي،، بخلاف المدبر، لأنه بموت
سيده يعتق، فأبطل عتقه بما أحدث، كما لا يرث القاتل لما أحدث من القتل الذي
هو سبب الميراث، وأما المعتق إلى أجل فخدمته قائمة تكون فيها الجناية،
ويتبع بما بقي./ وذهب عبد الملك إلى أنه لا يحسب على الورثة خدمته، وأما ام
الولد، فإن قتلته خطً فلا شيء عليها، وتقتل به في العمد فإن استحييت، لم
تتبع بشيء [كا لعبد، وكذلك المكاتب، والمعتق بعضه يستحيي فلا يتبع بشيء]
(1)، إلا أن يتراضوا على شيء، فيكون في نصفه الحر.
قال سحنون في العتبية (2)، في أم الولد إذا قتلت سيدها خطاً، عتقت في رأس
ماله، واتبعت بالدية ديناً، وليس على عاقلها منها شيء، ولا قتل به في العمد
إلا أن يصطلحوا على شيء.
قال ابن حبيب قال أصبغ، فإن عفى عنها في العمد كانت حرة لا تسترق، بخلاف
المدبر.
وإن قتلته خطاً، قال ابن القاسم، تعتق ولا تتبع هي ولا عاقلتها بشيء، وأنا
أرى أن تتبع بالدية وتكون في مالها، وهي في الخطأ تشبه عندي المدبر بقتله
خطاً، وفرق ابن القاسم فيه بينهما، قال لأن المدبر في جنايته على غير السيد
تكون عليه، ولا يؤخذ من السيد، وجناية أم الولد يؤخذ من السيد الأقل.
قال ابن نافع، إنما للورثة عليها في الخطأ قيمتها التي كانت تكون على السيد
في جنايتها على غيره. قال ابن حبيب: وقول أصبغ أحب إلي،
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) البيان والتحصيل، 15: 502.
(13/323)
قال ابن المواز، قيل لعبد الملك، فقد نالت
أم الولد بقتلها منفعة، فقال، ليست كالمدبر لأنه من الثلث وهذه من رأس
المال بأمر ثبت لها في الصحة لا يتغير، وقد يعتقها المولى عليه فيمضي ذلك
لما ثبت لها، ولم يبق فيها غير المتعة، إلا أنه قال أنها تتبع بدية السيد،
وأباه ابن القاسم.
/ في العبد بين الرجلين يجني عليه أحدهما
عمداً والآخر بعده أو قبله خطاً
من العتبية (1)، قيل لسحنون، في العبد بين الرجلين يفقأ أحدهما عينه عمداً
ثم فقأ الآخر عينه الأخرى خطاً، وكان العمد بعد الخطأ، ولا تعلم البينة
أيهما أولا الخطأ أم العمدُ؟ [ولا أيهما الأول] (2)، والسيدان منكران، أو
أقر كل واحد بالخطأ ونسب العمد إلى شريكه، فإن سقطت المسألة وسقطت شهادة
الشهود- يريد بهذا التناكر- ولم تتم الشهادة.
قال سحنون، ولكن إن اعترف واحد منهما أنه هو الذي فقأ عينه أولا عمدا، ثم
الآخر بعده خطاً، فلينظر ما قيمته يوم فقأ الثاني،؟ فيقال عشرون، وما قيمته
بعد جنايته؟ فيقال عشرة، فيرجع الأول على الثاني بخمسة، ثم ينظر قيمته يوم
القيام بالحكم، فإن كان عشرة ضمن الأول نصفها للثاني، وعتق على الأول
بالمثلة، لأنه في المثلة إنما يعتق يوم الحكم لا يوم المثلة،- يريد في
قوله، وقد قيل يوم المثلة-
قال ابن القاسم، ويغرم الأول لصاحبه نصف قيمة ما نقصته جناية العبد، وإن
كان الأول هو الفاقئ خطأ، غرم الأول للثاني نصف ما نقصه يوم ينظر إلى قيمته
يوم يقام به، فيعتق على المتعمد، [فيغرم نصف ذلك لشريكه، ويعتق على
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 176.
(2) عبارة تؤدي نفس ما ذكر قبلها فهي في الواقع زائدة.
(13/324)
المتعمد] (1)، قال، فإن جحد المتعمد ولم
يعرف وحلفا، غرم الجاني الأول نصف ما نقصه للثاني يوم جنى عليه، وغرم الآخر
لصاحبه (2) نصف ما نقصه يوم جنى عليه.
/في العبد يجني ثم يأبق أو يأسره العدو،
ثم يقع في المقاسم، وفي أم الولد تقع في
المقاسم مرة بعد مرة قبل أن تفدي
من العتبية (3)، روى عيسى عن ابن القاسم في العبد يجني ثم يأبق، فطلب
المجروح أن يسلم إليه الآبق يكون له من الآن أو يفديه، فلا خير في ذلك-
يريد وإن رضيا- وبلغني أن مالكاً قاله.
قال سحنون في العبد يجني وعليه دين وهو مأذون، فيأسره العدو، ويقع في سهمان
رجل، فلسيده أن يفتكه بالأكثر من الأرش أو مما صار به لهذا في سهمه، فإذا
كان الأرش عشرين وصار لهذا بعشرة، ودى عشرة لصاحب الأرش، ولصاحب السهم عشرة
وإن كان صار لهذا بعشرين، والأرش عشرة، فليأخذ العشرين صاحب السهمان، ولا
شيء لصاحب الجناية، وذكر عنه ابن عبدوس نحوه، وقال وللسيد أن يفديه ممن صار
به في السهمان أو يسلمه، فإن أسلمه، فلصاحب الجناية أن يفتكه بما صار به في
السهمان أو يسلمه، وتبطل الجناية، وإذا فداه السيد فداه بالأكثر من الجناية
وما وقع به في المقاسم، فإن فضل من ذلك شيء عما وقع به، كان للمجني عليه،
وإلا فلا شيء له، وبدأنا صاحب السهم لأنه أحدث ملكاً، ولو جنى بعد إن صار
في السهم، خير السيد في إسلامه أو فدائه، فإن افتكه افتكه بالأكثر، فإن كان
ما في السهم أكثر أخذ منه
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) في ص وت (وعزم الأول لصاحبه).
(3) البيان والتحصيل، 16: 124.
(13/325)
صاحب الجناية أرشه، وما فضل فلصاحب/ السهم،
وإن كان كفافاً أو كانت الجناية أكثر، فلا شيء له، وإن لم يفتكه خير صاحب
السهم في فدائه بفضل جرحه أو إسلامه، ولو جنى ثم صار في السهمان ثم جنى،
فإن بعضهم لا يرجع على بعض، والآخر منهم مبدأ.
قال سحنون في العتبية، وكذلك أم الولد تسبى فتعنم وتصير في سهم [رجل
بمائتين ثم سبيت ثانية وتصير في سهم رجل آخر بمائة ثم سبيت فصارت في سهم]
(1) آخر بخمسين، ثم قام السيد، فهو أولى بالخيار يأخذها بأكثر ذلك وهو
مائتان يأخذ منها التي هي بيده خمسين، لأنه أحدثهم ملكا، ثم الذي يليه
مائة، ثم للأول ما بقي، وإن كانت صارت للأول بخمسين وللثاني بمائة، وللثالث
بمائتين، فالمئتان يأخذهما الثالث، ويسقط حق صاحبيه، وكذلك لو كان في موضع
أم الولد عبد، فهو كما قلنا في أم الولد.
قال سحنون في المجموعة، في عبد جنى ثم سبي، فوقع في سهم رجل بعشرين، ففداه
بها السيد ولم يعلم بالجناية، وقيمة الجناية ثلاثون (2) ثم قام المجني
عليه، فيقال للسيد إن شئت فأعط المجروح عشرة تمام الثلاثين، وإن شئت فأسلم
إليه العبد وخدمته العشرين التي فديته بها من السبي، فإن أبى المجروح فلا
شيء له، قال ابن عبدوس سألت سحنون عن أم ولد وقعت في المغنم في سهم رجل ثم
جنت، قال، يؤدي سيدها ما صارت به في السهم، فيأخذ من ذلك المجني عليه الأقل
من قيمته أو من الأرش، وما فضل فلصاحب السهم، وإن لم يفضل شيء فلا شيء له،
وإن صارت به/ في السهم أقل مما ذكرنا من الأقل من الأرش والقيمة، فإن على
السيد المجني عليه تمام الأقل من الأرش والقيمة، ولا شيء لصاحب السهم، ولا
للذي صارت في سهمه، وتصير الجناية مصيبة دخلت عليه، كما لو سبيت ثانية
فصارت لآخر بأكثر مما صارت به للأول، أنه لا شيء
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص.
(2) في الأصل (ثلاثين) والصواب ما أثبتناه.
(13/326)
للأول، وأما لو كانت جنت قبل السبي ثم صارت
في سهم رجل، فإن على السيد الأقل من قيمتها أو الأرش، فيأخذ منه صاحب السهم
ما صار له به، وما فضل للمجني عليه، وإن لم يفضل شيء فلا شيء [له، وإن كان
ذلك أقل ما صارت به في السهم فعلى السيد تمام ما صارت به في السهم ولا شيء
عليه] (1) للمجني عليه.
في العبد بين الرجلين يجني أو كان لواحد
فجنى على رجلين
قال ابن حبيب قال أصبغ، قال ابن القاسم، في عبد بين رجلين يجني على رجل،
فلكل واحد من سيديه أن يفتك نصيبه دون صاحبه بنصف العقل، ولو كان لواحد لم
يكن له أن يفتك نصفه بنصف الجناية، ولم يكن له إلا افتكاك جميعهما، أو يدع،
وإذا كان لواحد فجنى على رجلين، فله أن يفتك نصيب من شاء منهما، وقد جرى
معنى هذا الباب في أبواب تقدمت ...
في العبد بين الرجلين يجرحه عبد لهما أو لأحدهما،
أو يجرح عبدا بين أحدهما ورجل آخر
من العتبية (2) من رواية عيسى وأصبغ عن ابن القاسم، وكتاب ابن المواز قال،
وإذا جرح عبدك عبدا بينك/ وبين آخر، فإنه يقال لك إما أسلمته كله إلى شريكك
وإلا فافده بنصف العقل، قال محمد، وليس لك فيما خرج من نصيبك شيء، لأن مالك
جرح مالك، قال في كتاب محمد، وكذلك لو جرح عبد بينكما عبدا لك خالصا،
فلشريكك أن يسلم مصابته من الجاني بنصف قيمة عبدك، وإن شاء فدى ذلك بنصف
قيمة عبدك، لأن نصفك ونصفه قتلا عبدك.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(2) البيان والتحصيل، 16: 195.
(13/327)
قال ابن سحنون قلت لسحنون، فعبد الرجل يجني
على عبد بينه وبين آخر، فإنه يقال لرب العبد ادفع إلى شريكك في المجروح نصف
قيمة الجرح، أو أسلم إليه جميع عبدك، قال هذا على أصله الذي خرج فيه عن
مذهبنا في قوله، في عبد يجرح رجلين ففداه من أحدهما، أنه إما أعطى الآخر
أرش جرحه، أو أسلم إليه جميع العبد، وهذا قولنا، ولو جرح عبد بينهما عبدا
لأحدهما، فيخير الذي لا حق له في المجروح بين فداء نصيبه من العبد بنصف
قيمة الجرح، أو إسلام نصيبه من العبد، ولم يختلف في هذا أصحابنا.
ومن كتاب ابن المواز، وإن جرح بينكما عبدا بينكما، كان الجارح بينكما
بحاله، إلا تختلفا (1)، فيقول أحدكما أسلم مصابتي، ويريد الاخر أن يفتدي،
فعلى الذي فدى ربع قيمة المقتول، أو ربع دية/ الجرح إن كان جرح، لأنه يقول
نصفك ونصفي جرحا نصفك، ويقال للذي لم يفد أسلم نصيبك كله بربع مصابة صاحبك،
أو بما يقع عليهما من الجناية، فيكون جميع الجارح للذي فداه، وإنما دفع فيه
ربع قيمة المجروح والمجروح بينهما على حاله.
قال ابن سحنون عن أبيه، وقال أصحابنا أجمع إلا عبد الملك، يكون على الذي
فدى ربع قيمة الجرح، ويبقى بيده نصفه الذي له من نصف العبد، وقد أسلم إليه
صاحبه مصابته وهو ربع العبد، فيصير للذي فدى ثلاثة أرباع العبد، وللذي أسلم
ربعه، وقال عبد الملك، يكون جميع العبد للذي فدى.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية (2) من رواية عيسى عن ابن القاسم، وإذا
جرح عبد بينكما عبدا بينك وبين أجنبي، قال في العتبية (3)، فإنه يقال للذي
معه نصف الجارح افد نصفك منهما بنصف الجرح، أو أسلمه إليهما، ولك أن تفتك
من أحدهما قدر نصيبه، وتسلم إلى الآخر، وأما أنت فنصفك فيه قد جرح
__________
(1) في ص وث (إلا أن تلحفا) والصواب ما أثبتناه.
(2) البيان والتحصيل، 16: 195.
(3) البيان والتحصيل، 16: 195.
(13/328)
من العبد نصفك الآخر، فذلك باطل لأن مالك
جرح مالك، وقد جرح نصفك فيه نصف شريكك في الآخر فإن شئت فافتكه منه بنصف
دية الجرح أو أسلمه إليه،
وقال في كتاب ابن المواز، أنه يبدأ بك كما لو جرحك وجرح أجنبيا، لبدئ بك،
فإما أن تسلم نصفك من الجارح لشريكك في المجروح، [/ (1) أو افد به بنصف
قيمة الجرح، ثم يقال لشريكك في الجارح إما أن تسلم نصفه فيه فيكون بينك
وبين الأجنبي، أو يفديه بينكما لأنه بقي لصاحب نصف المجروح نصف حقه واستوفى
نصفه بما أسلمت إليه من نصف الجارح، وأنت كذلك، لأن نصف حقك سقط، وبأن مالك
جرح مالك، فإذا أسلم شريكك في الجارح نصفه إليك وإلى شريكك في الجارح صار
لك في الجارح ربعه بما أسلم إليك، وللآخر ثلاثة أرباعه فما أسلمت أنت إليه
وشريكك في الجارح، وأما المجروح فبينكما نصفين بماله، وهذا كعبد لك قتل
عبدا لك وعبدا لأجنبي، فلا يكون لك بسبب عبدك المقتول محاصة في القاتل
ويأخذه الأجنبي كله إلا أن يفديه بقيمة عبده. وقال أشهب: يبدأ بالذي ليس له
في المجروح. وذلك يرجع إلى معنى واحد. ولو أن عبدا لك وعبدا لغيرك فعليك
إسلام عبدك كله ينصف عبد الأجنبي يطلب نصف قيمة عبدك المقتول من عبد
الأجنبي، ولو أن عبدين بينك وبين رجل جرحا عبدا بينك وبين ثالث فإنه يقال
لشريكك في الجارحين أسلم مصابك في العبد إلى صاحبي المجروح، وافتك منهما
بنصف قيمة الجرح، أو افتك ممن شئت منهما، ثم يقال لك وأنت الذي لك نصيب في
الجارحين وفي المجروح، إما سلمت نصيبك في الجارحين إلى شريكك في المجروح أو
افتديت ذلك بنصف قيمة الجرح، ولا يحاصه بشيء مما بقي لك أنت فيه من الجرح،
وكذلك لو جنى عبدك على عبد بيني وبين آخر، فإنه يقال لي أسلم عبدك كله
لصاحبك بنصف الجناية، وإما أن تفديه كله بنصف الجناية.
__________
(1) ما بين هذه المعقوفة وأختها- وهو يقرب من الورقتين- ساقط من الأصل
أثبتناه في ص وت.
(13/329)
في عبدين قتلا رجلا أو جرحاه ثم قتل
أحدهما صاحبه
من كتاب ابن المواز: وقال في عبدين قتلا رجلا
أو جرحاه ثم قتل أحدهما صاحبه، فليس على صاحب الباقي إلا إسلامه فإن
كان سيدهما واحداً كان الباقي لورثة المقتول خاصة، وإن لم يكونوا لواحد كان
هذا الذي أسلمه سيده بين ورثة الحر المقتول وبين سيد العبد المقتول بالحصص.
يحاص ورثة الحر بالدية والسيد بقيمة عبده، لم يخير سيد العبد المقتول فيما
صار من العبد الباقي فإن شاء أسلم ذلك بعينه إلى ورثة الحر المقتول وكان
العبد لهم كله، وإن شاء فدا ذلك بنصف الدية وإن أحب سيد العبد الباقي أن
يفتكه بدية الحر وقيمة العبد ويكون سيد العبد المقتول فيما يأخذ من قيمة
عبده مخيرا أن يسلمها لورثة الحر او يدفع منها نصف دية الحر ويحبس ما بقي
إن كان فيها ولو كان العبدان له فأراد فداء الباقي منهما فدية الحر وحده،
وإن شاء فبنصف دية الحر وقيمة العبد ما بلغت قال. ولو قال سيدهما أنا أسلم
هذا الباقي وافتك المقتول] / ثم أرجع بقيمته مع أولياء الحر في رقبة هذا
العبد الباقي الذي أسلمته، فأحاص فيه بقيمة العبد المقتول، فليس ذلك له،
لأنهما عبداه قتل أحدهما الآخر، ولو كان كل عبد منهما لرجل، فقال رب الباقي
أنا أفديه من أيهما شئت، وأسلم إلى الآخر ما يصير له منه، فذلك له، فإن
فداه من سيد المقتول، فبقيمة العبد المقتول يوم قتله، ويكون له من عبده
بقدر قيمة العبد المقتول من نصف دية الحر، وكذلك إن فداه بنصف دية الحر،
وأسلم لرب العبد كان بينهما لسيده فيه بقدر دية الحر، ولرب العبد المقتول
بقدر قيمة عبده، ثم يخير رب العبد المقتول فيما صار له منه أن يسلمه أو
يفديه بنصف دية الحر [وأسلم لرب للعبد كان بينهما لسيده فيه بقدر دية الحر
ولرب العبد المقتول بقدر قيمة عبده، ثم يخير رب العبد المقتول فيما صار له
منه أن يسلم أو يفديه بنصف دية الحر] وهذه المسألة من أولها في كتاب ابن
سحنون عن أبيه مثل ما ها هنا، وها هنا أتم معنى وأزيد، وقال في عبدي قتل
(13/330)
عبداً لأخي ثم عمد لأخي (1)، فقتل عبدي،
فإنه يقال لك ارض أخاك، واطلب قاتل عبدك، فإن لم ترض أخاك، كان لأخيك على
قاتل عبدك، مثل الذي كان له، ومثل الذي كان له على عبدك من القتل أو
الاستيفاء، فإن استيحاه أخوك، فربه مخير، إما فداه أو أسلمه إليه، فإن
أسلمه، كان لأخيك كله عبدا.
قال محمد، وإن فداه فبقيمة عبدك أنت، لأنه هو الذي قتله هذا، فيكون ذلك
لأخيك، قل أو كثر، لأنك قد سلمت إليه ما كان لك على قاتل عبدك، وإلا إن
أخاك يقول لو علمت ما يرجع إلى إلا قيمة عبدي لقتلت، وإنما استحييت على/
قيمة عبد أخي، فإن أصبتها وإلا رجعت إلى القتل، ولو أن عبدين لكل رجل عبد،
جرح كل واحد منهما الآخر موضحة، فإن [تساوت] (2) قيمها، فهذا بهذا، ولا
تخير بينهما ولا إسلام، وإن اختلفت، قيل لصاحب الوضع إما أن يفتكه بما فضلت
موضحة الرفيع أو يسلمه، وكذلك ذكر ابن سحنون عن أبيه عن ابن القاسم.
قال محمد بن المواز، أحب إلي أن يخير رب الجارح الأول أن يسلمه أو يفديه،
فغن أسلمه، فالعبدان لرب الجارح الآخر بلا غرم، ولا شيء لرب الجارح الأول،
لأن عبده إنما جرح بعد أن صار مرتهنا بجرح الأول، فصار ما يحدث له وفيه
مرتهن يسلم في ذلك بما له من دية جرح ومال، وليس للجارح الآخر أن يبطل ذلك
عن سيده، ولا ان يقتص لنفسه، قال وإن فدى عبده الجارح الأول، وطلب جرح
عبده، قيل لرب الجارح الآخر، افداه أو أسلمه.
قال ابن المواز، وأظن ابن القاسم أجاب على أنه لا يحرم من شج منهما أولا،
كالمصطدمين، وقد قال في العبدين المصطدمين إن ماتا فهذا بهذا، ساوت القيمة
القيمة أو اختلف، إلا أن يكون لهما أموال، فيكون كالجارح حينئذ (3)،
__________
(1) في ص وت (قتل عبدا لأجنبي) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(2) (تساوت) ساقطة من الأصل.
(3) في ص ى ث (كالجراح حينئذ).
(13/331)
قال ابن المواز، وذلك إذا لم يكن قتل
أحدهما قبل صاحبه، ولا أنظر إلى أرفعهما قيمة، إنما انظر إلى مال أقلهما
قيمة، إن صار له مال، وكذلك في كتاب ابن سحنون في المصطدمين،
وقال، ولا أنظر إلى اختلاف بينهما في الموت.
في عبد وحر حفرا بئر فانهارت فقتلتهما
/ من المجموعة، قال بعض أصحابنا، وإذا كان عبد وحر في بئر يحفرانها،
فانهارت، فقتلتهما، فنصف قيمة العبد مثل نصف دية الحر أو أقل، فلا تباعد
بينهما إلا نصف دية الحر في رقبة العبد الذاهب، إلا أن يكون له مال فتستوفى
زيادة نصف دية الحر من مال العبد، وإن كان نصف قيمة العبد أكثر من نصف دية
الحر، فإن ما زاد على نصف دية الحر في مال الحر، وكذلك الحر مع أم ولد أو
مع مدبر، مثل ما ذكرنا في الحر والعبد، إن نافت نصف قيمتها على نصف دية
الحر أخذ، ذلك من مال الحر، وإن كان مثلها فأدنى فلا رجوع عليه.
في العبد يجرح عبداً أو حراً، ثم يقتله المجروحُ
أو يقطع له عضواً
من المجموعة وكتاب ابن سحنون، قال سحنون، في عبد قطع يد عبد لرجل خطأً، ثم
إن المقطوعة يده قتل العبد القاطع خطأً، فليخير سيد القاتل في افتكاك عبده
بدية الجناية، أو يسلمه، فإن افتكه بقيمة المقتول أخذ من تلك القيمة ما
نقص، قطع اليد من قيمة القاتل، إلا أن يجاوز قيمة المقتول، فليس عليه أكثر
من ذلك، وإن أسلمه ولم يفتده، وقف موقف العبد المقتول، فإما فداه من أسلم
إليه بما نقص القطع أو أسلم إليه.
ومن المجموعة قال غيره، وإذا قتل عبد عبداً عمداً، ثم عدا حر فقتل القاتل
عمداً أو خطأً، فهو سواء، ويقال لسيد المقتول الآخر ارض سيد العبد/ الذي
(13/332)
قتله عبدك، وخذ قيمة عبدك، فإن لم ترضه،
فقيمة [العبد المقتول آخراً] (1) لسيد المقتول [أولاً وليس لسيد] (2) العبد
الذي قتله الحر أن يقول لسيد العبد المقتول أولاً أنا أؤدي إليك قيمة عبدك
وآخذ قيمة عبدي، وإذا كان قتل العبد الأول خطأً وقتل الحر الآن عمداً أو
خطأً، فسيد الآخر مخير في أن يغرم للأول قيمة عبده، ويكون له قيمة عبده على
الحر القاتل، وبين أن يسلم إلى سيد المقتول الأول قيمة عبده ويبرأ.
وإذا قتل الأول خطأً فعدا عبد آخر فقتل عبد هذا القاتل عمداً، فسيد المقتول
عمدا مخير، فإن شاء غرم قيمة العبد المقتول الأول خطأً، وأخذ قاتل عبده
فقتله أو استحياه، وإن شاء أسلمه فأخذه سيد المقتول خطأً فقتله أو استحياه
إن شاء.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ، في العبد يجرح عبد الرجل، ثم يجرح المجروح
الجارح، فلينظر إلى أرش جرحيهما ثم يتقاصان، فإن كان لأحدهما فضل، كان ذلك
في رقبة الذي في جنايته الدرك، ثم خير سيده في إسلامه أو افتكاكه، ولو أن
عبداً قطع أصبع حر ثم فقأ عينه، فقد فقد علمت أن دية الأصبع مائة دينار،
فإن نقص العبد ففي عينه خمسون ديناراً، فالخمسون (3) الزائدة في رقبة
العبد، يسلم بها، أو يفدي، وإن زاد نقص العين على المائة كان ذلك على الحر.
في العبد أو من فيه بقية رق يجني، ثم يجني
عليه المجني عليه أو غيره، وكيف إن جنى هو
بعد ذلك؟
من المجموعة قال أشهب،/ إذا جرح عبدك حراً، ثم جرحه ذلك الحر أو غيره من
عبد أو حر، فأنت مخير في أن يفديه بدية جرح الحر، ويرجع على
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(3) في الأصل (ففي عينه خمسين دينارا فالخمسين الزائدة) والصواب ما
أثبتناه.
(13/333)
جارحه بما نقصه الجرح، أو يسلمه إلى المجني
عليه مع ما وجب لك في أرش جرحه، وقاله غيره من كبار أصحابنا.
قال أشهب، ولو جرح عبدك رجلين واحداً بعد واحد، ثم جرحه الآخر، فإن أسلمته
إليهما، فأسلم معه ما نقصه جرح الآخر فكان بينهما، وإن فديته فلك أرش جرحه
بينك وبين من أسلمته إليه نصفين. وأما لو جنى على العبد، ثم جنى عليه،
فأسلمه إليهما، فإن ما نقص العبد يرجع به السيد على جارحه فيكون بينه وبين
الأول نصفين، وأنكر هذا سحنون وابن المواز في هذا بعد هذا، وذكر ابن عبدوس،
أن بعض كبار أصحابنا قال، أنه إذا أسلمه إليهما، أسلم ما أخذ في أرش جرحه،
فاخذه الأول في جرحه، فإن لم يف، تحاص هو والآخر في العبد الأول بما بقي
له، والثاني بجميع جرحه، وبه أخذ سحنون، وهذا قد ذكرته بعد هذا من كتاب ابن
سحنون بتمام ما بقي من شرحه.
ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز، قال أصبغ عن ابن القاسم، في العبد يجرح
رجلا فلم يقض عليه حتى جرح العبد، وأخذ السيد عقل جرحه، ثم قيم به، فإن شاء
سيده فداه بدية الجرح أو يسلمه مع ما أخذ في جرحه، ولو أنه هو جرح آخر بعد
ذلك، ثم قاما، فالسيد مخير، أن يفديه بأرش جرحيهما، وإلا أسلمه إليهما مع
ما أخذ في جرحه/ الأول خاصة، ويقتسمان العبد بينهما على قدر جرحيهما، لا
يحسب على الأول ما أخذ من قيمة جرح العبد، لأن الثاني إنما جرحه عبد مقطوع
قد وجب جرحه للأول، ثم رجع ابن القاسم فقال، يتحاصان في رقبته وفي نمو
جرحه، لأن قيمة جرحه كبعضه، والحكم إنما وقع الآن. وقال أشهب، إذا أسلمه
كان بينهما، وكانت دية الجرح نصفها للأول ونصفها للسيد، قال لأنه جرح الأول
صحيحا [فله نصفه صحيحا] (2)، وجرح الثاني مقطوعا أو مفقوءا، فله نصفه كذلك،
وبقي نصف الجرح لا يستحقه أحد
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 191.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(13/334)
منهما، فكان للسيد، قال محمد، لا يعجبنا ما
قال ابن القاسم، ولا قول أشهب، وقد أعطى أشهب للسيد من العبد ما ليس له،
وأحسن ما فيه ما قال عبد الملك وأصبغ، أن جميع دية الجرح للأول كله، وينظر
كم هو من العبد حر (1)، فإن كان قدر ثلث رقبته، فقد صار للأول ثلث حقه، ثم
يضرب في العبد على حاله الآن بثلثي دية جرحه، والثاني بدية جرحه، وكذلك ذكر
العتبي عن أصبغ.
قال محمد، ويكون القياس في ذلك أن يكون سيد العبد في قيمة جرح العبد
بالخيار، إذا عدلت مع قيمته، ولكن الإستحسان ألا يكون للسيد فيها خيار،
ويكون للمجني عليه الأول وحده ما لم يفده منه السيد، وهذا كعبدين جرحا رجلا
ثم قتل أحدهما، ثم عدا الثاني على آخر فجرحه، فإن قيمة المقتول منهما
للمجروح الأول، ويحاص في الثاني بما بقي له، فكذلك ما قطع/ من العبد قبل
جنايته على الثاني أرشه للأول وحده، ويحاص بما بقي له المجني عليه بعد ذلك،
قلت فقد أدخلت الثاني فيما جنى على العبد الأول بمرفق، وتقع إذ لولا ذلك ما
كان للثاني إلا نصف العبد مجروحا، فلما صار الجرح للأول قل نصيبه في
الرقبة، وكثر نصيب الثاني فانتفع بذلك، قال لا حجة لك بهذا، لأنه لو كان
مكان يده التي قطعت عنه خرج معه الأول، ثم جرح أحدهما رجلا آخر، لكان قد
انتفع المجروح الثاني بالعبد الذي لم يجرحه، لأن المجروح الأول يصير حقه
على العبدين، فيقل حقه في العبد الذي جرح.
قال محمد، ولكن لو وجد قاطع يد العبد عديما، أو ذهبت بأمر من الله، لكان
جرح الأول كله فيما بقي من العبد، ويتحاص فيه الأول والثاني كل واحد بجرحه
كله، وليس كذلك العبدان (2) ها هنا يجرحان رجلا، ثم يموت أحدهما، ثم يجرح
الباقي رجلا آخر، فإن المجروح الأول لا يحاص الثاني إلا بنصف جرحه، والفرق
في ذلك أن العبد الباقي لو لم يجرح أحداً غير الأول، لم يكن للأول فيه إلا
__________
(1) في النسخ كلها (كم هو من العبد حرا) والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأصل (وليس كذلك العبدين) والصواب ما أثبتناه.
(13/335)
نصف جرحه، لأنهما عبدان جرحاه، واليد إذا
لم يصر، للأول من ديتها شيء لم يحسب عليها شيء.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون في مسألة العبد يجني، ثم يُجني عليه، ثم
يجني قبل قيام الأول، وقد أخذ السيد في الجناية عليه أرشا، فإنه يدفع إلى
الأول، فإن كان فيه/ كفاف جرحه ففدي أخذ حقه، وإن كان فيه فضل أخذه السيد،
ثم يخير السيد في فداء العبد الثاني أو إسلامه، وإن كان ليس فيها، أخذ من
جرح العبد، وقام الجرح الأول، نظر كم هو من قيمة جرح الأول؟، فإن كان النصف
أخذه، وبقي له نصف جرحه، فإما أسلم السيد العبد إليه وإلى الثاني فيحاصان
(1) فيه، هذا بما بقي له، والثاني بأرش جرحه كله، وإلا فداه منها، ولو أن
الجاني على العبد عبد (2) ففداه سيده، فعلى ما ذكرنا، ولو أسلمه، خير السيد
في إسلامه العبدين أو فداهما بأرش الرجلين، أو يسلم إليهما العبدين، فإن
أسلمهما إلى الرجلين وجرحاهما موضحة موضحة (3)، نظر إلى قيمة العبد الجارح
الأول فإن قيل خمسون، قيل وما قيمة العبد الثاني؟، فإن قيل خمسة وعشرون
(4)، [دفع] (5) إلى المجروح الأول، فكان مستوفيا لنصف أرشه، ويحاص في العبد
الآخر بما بقي له، ويحاص الثاني بجميع جرحه، [قال سحنون، وهذا خير من قول
أشهب، وقول أشهب غلط في هذا الأصل] (6).
ومن كتاب ابن المواز، قال، في مدبر جرح حرا ثم جرحه آخر، [ثم جرح هو آخر]
(7)، أن دية جرح المدبر للسيد، ولو كان إنما أصيب المدبر بعد أن
__________
(1) في النسخ كلها (فيحاصا) بحذف النون.
(2) في النسخ كلها (عبدا) والصواب ما أثبتناه.
(3) (موضحة) غير مكررة في ص والصواب تكرارها كما هو الحال في الأصل وت.
(4) في الأصل (خمسة وعشرين) والصواب ما أثبتناه.
(5) (دفع) ساقطة من ص وت.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/336)
جرحهما، لم يقل للسيد أسلم منه شيئا، إذ لا
يقدر أن يسلم رقبته، وكذلك لو جرح بعد أن أسلمه،
قال كتاب ابن المواز، وذكره سحنون في كتاب ابنه لأشهب، قال، ولو/ جرح عبد
لك رجلا حرا ثم جرحه ذلك الرجل، فأنت مخير، إن شئت أن تسلمه إليه مجروحا
فعلت، ثم لا شيء له عليك، ولا لك عليه، لأن حقه قد كان وجب في رقبة العبد،
وإن شئت فديته بدية جرح الحر، ثم لابد أن يغرم الحر ما جنى على عبدك.
قال محمد بن المواز، بل ينظر إلى جناية الحر على العبد إن فداه السيد، فإن
كانت أكثر من دية الجرح العبد للحر، تقاصا، وغرم الحر الفضل وإن كره، وذلك
أن يقوم العبد بعد برئه كم يسوى بادئا هكذا يوم الجناية، على أنه ليس في
رقبته جناية الحر، إلا أن تكون عمدا، فهو عيب يقوم به، فإما على أن في
رقبته جناية، فلا لأن السيد قد فداه منها، وننظر قيمته غير مجروح يومئذ،
فإن كان ما نقص من قيمته على هذا أكثر من دية جنايته على الحر تقاصا، فأخذ
السيد من الحر ما فضل له، وإن كان للحر فضل، فالسيد مخير في ثلاثة أوجه:
إما فداه كله بذلك الفضل، وإن شاء أسلمه كله، وإن شاء قال أجعل ما نقص عبدي
بجنايتك إن نقصته نصفه فذلك بنصف جنايتك، وافتده الآن بنصف جنايتك الباقية،
فذلك للسيد، لأنه لو مات العبد، فقد سقط نصف حقه، كعبدين لك قطعا يد حر ثم
قتل الحر أحدهما، فسيده مخير إن شاء حاسب الحر بقيمة عبده المقتول يقاصه،
وإن شاء حسبه عليه بنصف دية يده، قال أشهب في كتاب ابن سحنون في أول
المسألة، وذلك كعبد لك جرح حرا ثم عدا حر آخر أو عبد فجنى على عبدك، فإنك
إن فديت عبدك/ كان لك أجر ما نقصه من الجراح الجارح له، وإن كان عبدا سلمه
إليك سيده أو فداه بما نقص عبدك، وإن أسلمت عبدك للمجروح أسلمت إليه معه
وما وجب لك على جارح عبدك، مثل أرش الجرح الذي جرحه عبدك أو أكثر، فأدفع من
ذلك إلى الحر أرشه، ولك
(13/337)
ما فضل، ويسقط التخيير، وإنما يكون التخيير
إذا كان ما يأخذ في أرش عبدك أقل من أرش الحر، ويقع التخيير أيضا إذا كان
الجارح لعبد عبدا، فأسلمه سيده إليك، ويقع التخيير أيضا إن أخذت من الحر
الجاني على عبدك عوضا فيما نقصه.
ومن كتاب ابن المواز وابن سحنون عن أشهب، ولو برئ الحر بجرح العبد، ثم جرحه
العبد، فلربه دية جرح عبده، أسلمه أو فداه، لأنه وجب ذلك لسيده قبل يصير في
رقبته جناية، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية (1)، وقال، ثم إن
شاء فداه أو أسلمه إليه، وكذلك في المجموعة عن أشهب قال، وكذلك لو جرحه
العبد وجرح حرا آخر أو عبداً، فللسيد ما نقص عبده، ويخير في العبد في فدائه
أو إسلامه إليهما.
ومن كتا ابن المواز وهو في غيره لأشهب قال، ولو برئ العبد فجرح الحر، ثم
جرحه الحر، ثم جرح العبد حراً آخر مثل جرح الأول، فإنه يحط عن المجروح
الأول ما جنى هو على العبد، لأن الثاني قد شاركه في بقية العبد، فينظر ما
بقي/ للأول من دية ما جنى عليه، ثم يخير السيد، فإما أسلمه إليهما، فينظر
ما نقص العبد بجناية الحر الأول عليه، وإن كان ثلثه، فذلك بثلث ما جنى عليه
العبد، فبقي للحر ثلثا جناية العبد عليه، وليس له أن يحسب عليه الجناية ما
بلغت، لأنه وصى بإسلام العبد كله، فإن شاء سيده أسلمه إليهما، فكان بينهما
أخماسا للأول خمساه، وللثاني ثلاثة أخماسه، وإن شاء فداه ممن شاء منهما،
فيفدي من الثاني ثلاثة أخماسه بدية جرحه كله، ويسلم للأول خمسيه، أويفتدي
خمسيه من الأول بثلثي دية جرحه، لأنه صار له ما أتلف من العبد بثلث جنايته،
أو يفديه منهما على ما وذكرها ابن سحنون في كتابه فأدرج الجواب فيها لأشهب
على أصله الذي تقدم ذكره، وقد أجابه ابن المواز وسحنون، وقال سحنون مثل ما
تقدم له من أصله، أنه ينظر إلى ما جنى الحر الأول على
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 122.
(13/338)
العبد، فإن كان فيما لزمه من ذلك مثل قيمة
ما جرحه العبد ففدى، أخذ حقه، وإن كان فيه فضل أخذه السيد، ثم يخير السيد
في إسلام العبد ناقصا إلى الثاني أو افتدائه، ولا يدخل الثاني في شيء مما
أخذ في جرح العبد، لأنه إنما جرح الثاني وهو عبد مقطوع، قال، وإن كان فيما
لزم الحر الأول للعبد قدر ما جنى عليه العبد، خير السيد بين إسلامه إليه/
وإلى الثاني، فكان بينهما بالحصص للأول ثلثه، وللثاني ثلثاه (1)، وإن شاء
فداه منهما، قال سحنون، والأصل الذي أقوله في العبد يجني عليه، أنه إن كان
فيما جني عليه مثل جناية العبد فأكثر، فلا تخيير ها هنا، ويأخذ من ذلك
المجني عليه دية جرحه، وما بقي للسيد، وإن كان ما أخذ فيه أقل من حق المجني
عليه، كان التخيير، فإما أسلمه مع ما أخذ فيه وإلا فداه، وقد قال المغيرة
ما يدل عليه في أمة جنت ثم ولدت، سلمها بولدها أو يفديهما، ولو جنت على ثان
بعد أن ولدت ثم قاما، قال تقوم الجارية وولدها، فينظر ما الولد من ذلك؟
فتقسم الجناية عليهما، فما صاب الولد منها أخذه المجني عليه بذلك، ثم ينظر
ما يبقى له، فيحاص به الثاني في الأمة وحدها، فما وقع له منها، كان به
شريكا للثاني، وقال إذا جنت الأمة ثم جني عليها، فأخذ له السيد عقلا ثم قام
المجني عليه، فإنه يسلمها إليه السيد مع ما أخذ فيها أو يفديها، ولو جرحت
ثانيا قبل ذلك، فليسلمها إليه ما أخذ فيها، ثم يكون الأمر على ما ذكرت لك،
وقال أشهب وابن القاسم، لا يكون الولد معها في الجناية، لأن المجني عليه
إنما يستحق الجناية يوم قيامه، وقد قام بعد أن زايلها الولد، وهي لو ماتت
قبل قيامه بطل حقه.
في الأمة الحامل تجني ثم جنت على ثان بعد الوضع
/ قال سحنون، وإذا جنت الأمة على رجل وهي حامل أو قبل أن تحمل، ثم جنت على
ثان بعد الوضع، ثم قاما، فعلى قول ابن القاسم وأشهب، تسلم
__________
(1) في النسخ كلها (وللثاني ثلثيه) والصواب ما أثبتناه.
(13/339)
وحدها دون ولدها فيكون بينهما نصفين، وعلى
قول المغيرة، يقوم الولد والأم، فإن كان الولد النصف، خير السيد، فإن
أسلمها، فالولد للأول في نصف جنايته، ويحاص هو والثاني في الأم، هذا بنصف
جنايته، والثاني بجميع جنايته، فإن شاء افتكها بذلك، وإن قال أنا أفتك
الابن وحده بقدره من أرش جناية الأول، فليس له إلا أن يفتك الابن مع ثلث
الأم بأرش الأول، لأن ذلك هو المرتهن بجناية الأول، قال عبد الملك، إن
فداها منهما فلا كلام لهما، وإن فداها من أول أسلمها وحدها إلى الثاني، وإن
فداها من الثاني أسلمها بولدها إلى الأول، وإن أسلمها إليهما كان الأمر على
ما ذكرنا من قول المغيرة، من أخذ الأول الولد بحصته، والتحاص في الأم مع
الثاني، كما تقدم،
ومن كتاب ابن المواز، قال وإن جرح العبد حرين موضحة موضحة، ثم جرحه أحدهما،
فإنه جرحه بعد أن صار حقهما في العبد سواء، فتصير الجناية على العبد بينهما
مع رقبته، فإن شاء السيد أسلمه إليهما فكان بينهما، ورجع الذي لم يجن على
العبد أنا أحسب على جارحه ما نقص من العبد،/ يجعل جزء من جرحه، ثم لا
يحاصصني (1) إلا بما بقي، فليس له ذلك في نصفه، لأنه كعبد غيره جنى عليه،
فلابد من دية ذلك ما بلغت، وإن شاء السيد فداه منهما أو من أحدهما، وله أن
يفدي نصفه من الذي لم يجن على العبد بدية جرحه كله، ويسلم للثاني نصفه،
ويأخذ منه السيد نصف ما نقص من العبد من جنايته على العبد التي كانت تصير
للثاني ما بلغت، وإن فداه من الجاني، وأسلم للذي لم يجن، كان للذي لم يجن
نصفه، ونصف ما جنى على العبد ما بلغت، وللسيد النصف على الجاني، ثم السيد
مخير، إن شاء قاص الجاني وترادا الفضل، فإذا فداه وقعت المقاصة، فإن شاء
هذا حبس ما هو من العبد الحر (2)، فيسقط بقدر ذلك الجزء من
__________
(1) في ص وت (ثم لا يحاص إلا بما بقي).
(2) في النسخ كلها (ما هو من العبد حرا) والصواب ما أثبتناه.
(13/340)
دية جرحه، فإن نقصه جرحه للعبد ثلث قيمته،
دفع إليه السيد خمسة أسداس دية جنايته، لأن السدس الآخر يصير للمجروح الآخر
يأخذ منه فيه نصف ما نقص من العبد، إلا أن يفدي السيد أيضا من الذي لم يجن
على العبد بدية جنايته كلها، فيكون للسيد ما يصير له من العبد ومن قيمة جرح
العبد كله، قال، وإن جرح العبد حرا ثم جرحه الحر، ثم جرح العبد حرا آخر، ثم
جرحه هذا الحر الجاني بمثل جرح الأول أو خلافه/ فليحسب على الأول ما جنى
على العبد، فيسقط بقدر ذلك من دية جناية العبد عليه، فإذا عرفت ما بقي له
من دية جنايته بقدر ذلك، فيضرب به مع الثاني في رقبة العبد، وفيما لزم
الثاني من جنايته على العبد، لأن على الثاني أن يخرج قيمة جنايته على
العبد، لأنه جرحه وليس له كله، قد كان له فيه شريك يوم جنى عليه، فمن فدى
السيد منهما، دخل السيد مع الثاني مدخل من فدى منه إن فدى من الأول، وإن
شاء قاصه بقيمة دية جناية كل واحد ما بلغت، فيتراد الفضل، وإن شاء السيد
نظر ما نقص العبد بجنايته الأول عليه، فإن كان ثلاثة صار هذا مستوفيا لثلث
دية جرحه، لأنه قد صار إليه ثلث العبد، ويدفع إليه ثلثي جنايته، ويضرب
السيد مع الثاني ثلثي جناية الأول في رقبة العبد، وفي قيمة ما لزم الثاني
من جنايته على العبد، وللثاني من ذلك قيمة دية جناية العبد عليه كلها.
وكذلك إن تقاص الأول مع السيد، فلا يكون السيد مع الثاني [في رقبة العبد
وفي قيمة جناية الثاني] (1)، إلا ما كان يكون للأول فيه مع الثاني بعد أن
يخرج من دية الأول ما لزم من جنايته على العبد على الآخر، وإن سلم للأول
وفدى من الثاني، فليس عليه أن يسلم إليه، إلا أن تكون دية جناية العبد أكثر
من جنايته على العبد، فيسلم حينئذ بهذا الفضل من العبد قدر ما تكون له مع
صاحبه/ الأول على ما ذكرنا.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/341)
قال وإن كان الحر قد جرح العبد أولاً ثم
جرحه العبد، ثم جرح العبد حرا آخر فجرحه، ثم جرحه العبد، فهذا إن أسلمه
السيد إليهما أو فداه، فلابد أن يكون للسيد على الأول دية ما جنى على عبده
بكل حال، ويكون جرم الثاني على العبد للمجروح الأول كله وحده، ويحسب ذلك
عليه فيطرح من حقه، ويحاصه في رقبة العبد بما بقي، وإن شاء أن يفديه من
الأول، فليدفع إلى الأول ما يفضل من دية جناية العبد عليه، على قيمة جنايته
هو على العبد، فإن كان له فضل لم يكن له في العبد شيء ولا على السيد، وإن
كان عليه فضل غرمه، ثم يكون للسيد على الثاني دية جناية الثاني على العمد
ما بلغت يوم جنى عليه، ثم إن شاء السيد أسلم الثاني من العبد قدر ما يصير
له مع الأول، ويؤخذ منه ما جنى على العبد، ثم يدخل للسيد مع الثاني مدخل
الأول، وإن أراد أن يفدي من الثاني، نظر كم يصير له من رقبة العبد مع
الأول، أو أسلم إليهما، فيفدي ذلك السيد بدية ما جنى العبد على الثاني، دية
جنايته كلها على الثاني، ولابد أن يلزم الثاني دية ما جنى هو على العبد،
لأنه جنى عليه قبل أن يجني العبد عليه، فصار ما وجب للثاني للأول على إن لم
يفد منه السيد، وإن فدى منه فذلك للسيد، فلابد للثاني أن يغرم ذلك، فدى منه
أو أسلم إليه.
في العبد أو المدبر، ومن فيه بقية رق
/ يجني، ثم يقتله سيده
من كتاب ابن المواز، قال في العبد أو المدبر يجني ثم يقتله (1) سيده خطأً
أو عمداً، فعليه قيمته الآن يفديها بدية الجناية، ولو قتله أجنبي فإن كان
خطأً فعليه قيمته، إلا أن يفديها السيد بدية الجناية، وإن كان عمداً فإن
شاء سيده دفع قيمة الجناية، وكان الأمر إليه فيمن قتل عبده، وإن شاء ترك
فكان القضاء فيه لأولياء المقتول الأول، إن شاؤوا قتلوا أو استحيوا، وكذلك
الحر يقتل الحر عمدا فيقتله آخر عمدا أو خطأً، أن ديته لأولياء المقتول
عمداً، ولو كان على عبده دين
__________
(1) في ص وت (ثم يفتكه) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(13/342)
فقتله عمداً، فلا شيء عليه لأهل ديته، إذ
لم يكن لهم في رقبته شيء، ولو قتله أجنبي عمداً أو خطأً، فقيمته لسيده، ولا
شيء لأهل ديته عبدا كان أو مدبرا أو مكاتبا، أو أم ولد. وإذا جنى على العبد
ثم أعتقه بعدما علم، فدية الجرح للسيد، وكذلك إن وهبه بعدما جرح، فدية جرحه
لسيده.
في العبد ومن فيه بقية رق يقتل رجلا له
وليان، أو رجلان لكل واحد أولياء
قال ابن سحنون عن أبيه، قال ابن القاسم وأشهب، وإذا قتل العبد رجلا له
وليان عمداً، فلهما القتل أو العفو على رقه، ثم لسيده بعد ذلك فداه بالدية
أو إسلامه، وله أن يفديه من أحدهما، وكذلك له في الخطأ، وقد كان ابن القاسم
قال، هو غير هذا، وهذا أصح./ قال ابن حبيب قال أصبغ قال ابن القاسم، ولو
جنى على رجلين وليهما واحد، فليس لسيده أن يفتكه إلا منهما، وأنا أرى له أن
يفتدي من أحدهما ويسلم للآخر، [كالوليين، وإذا كانت الجناية على اثنين،
فسواء كان وليهما واحد أو اثنين، له أن يفتك بأحد القتيلين ويسلم بالآخر،
أو يسلم بهما جميعا] (1)، وبه قال ابن حبيب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب، وإن كانت أم ولد، فعفا أحدهما فليفدها
من الآخر بالأقل من نصف قيمتها أو نصف الأرش، وليس له أن يقول إنما لكم
القتل، كما لو كان القاتل حرا فعفا أحد الأولياء، أنه يخير على إعطاء نصيب
الآخر من الدية، قالا، ولو قتل عبد قتيلين عمدا فعفا (2) أولياء أحدهما،
فلأولياء الآخر القتل، [فإن استحيوه فلسيده أن يسلمه أو يفديه. قال أشهب،
وكما لو كان حرا، كان لأولياء الآخر القتل] (3)، ولو أراد بعض أولياء كل
قتيل العفو على استرقاقه، بطل القتل، وإما فداه السيد أو أسلمه.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت وعوض فيهما بقوله (كالجناية على رجلين).
(2) في ص وت (ففد أولياء أحدهما).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/343)
ولو كان عفو من عفا من أولياء كل واحد على
غير استرقاقه، فإن ما كان يصير لكل عاف من العبد يصير للسيد.
قال ابن سحنون، وقلت له قال عبد الملك، وإذا جرح العبد رجلين جرحين
متساويين، ففداه ربه من أحدهما، وأراد إسلامه نصفه إلى الآخر، وأبى الآخر
إلا أن يعطيه الآرش أو يسلم إليه جميعه، قال، فذلك للآخر على/ سيده، قال
سحنون، قد زال عن مذهبنا في هذا، ولا يسلم إليه إلا نصفه، وكذلك في كتاب
ابن المواز مثل قول سحنون، ولم يذكر القول لا عن عبد الملك ولا عن غيره،
قال، ولو جرح الثاني بعد أن فداه من الأول، لم يكن له بد من إسلام جميعه أو
فداه، ولو جنى على رجلين، ففداه من أحدهما ولم يعلم بالآخر، فله أن يرجع
فيأخذ ما دفع إليه، ويسلم العبد إليهما وقال سحنون في العبد يقتل قتيلين
خطأً لكل واحد منهما وليان، فله أن يسلمه إليهم أو يفديه منهم، أو يفتدي من
أولياء أحدهما نصفه بالدية ويسلم من الآخر من نصفه، أو يفدي من أحد هذين
ومن أحد هذين ربُعا ربُعا بالدية بينهما، فيصير له نصفه، ولكل واحد من
الباقين ربعه، أو يفدي من واحد من أولياء أحدهما ربعه بنصف الدية، ويسلم
إلى الباقين ثلاثة أرباعه، [أو يفدي من ثلاثة ثلاثة أرباعه] (1) بدية ونصف،
ويسلم إلى الباقي رُبُعُه، وإن كان عمداً فاجتمعوا على القتل، فذلك لهم،
فإن استحيوا كان فيه ما ذكرنا في الخطأ، وإن طلب أولياء أحدهما الاسترقاق
أو بعضه، وأولياء الآخر القتل فلهم، القتل، ولو طلب واحد من أولياء كل قتيل
الاسترقاق، فلا سبيل إلى القتل، ويكون الأمر مثل ما قلنا في الخطأ، وإن كان
عفوا على غير شيء، فنصيب العافين للسيد وهو نصف العبد.
وإن كانوا ثلاثة/ أرباعه، ويخير السيد في نصيب من لم يعف فيفديه أو يسلمه،
يفدي نصفه من الاثنين بالدية، وثلاثة أرباعه بدية ونصف.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(13/344)
في الأمة تجني ثم تُسبى، ثم تُعْنَمُ فتقعُ
في المقاسم
وإذا جنت الأمة فلم تفد (1) حتى سبيت، ثم غنمت، فصارت في سهم رجل، ثم قام
السيد وولي الجناية، فللسيد أن يفديها أو يسلمها، فإن اختار أن يفديها
فليغرم السيد الأكثر من الأرش أو ما وقعت به في السهم، فإن كان الأرش أكثر
وداه، فأخذ منه صاحب السهم ثمنها، وما بقي فللمجني عليه وإن كان ثمنها في
السهم أكثر، وداه ولا شيء للمجني عليه، وإن أسلمها السيد فالمجني عليه مخير
أن يفديها بثمن السهمان او يسلمها للذي صارت في سهمه، ولو فداها السيد من
صاحب السهم بعشرين ولم يعلم بالجناية، وقيمة الجناية ثلاثون، ثم قام المجني
عليه، فالسيد مخير، إن شاء ودى للمجني عليه تمام الثلاثين، وإلا قيل له
فأسلمها إليه إن دفع إليك العشرين التي وديت، ولو لم يجن إلا عند الذي صارت
في سهمه، فالسيد مخير أن يسلمها أو يفتكها، فإن افتكها فعليه الأكثر من
الأرش أو ما وقعت به في السهم، فإن كان الثمن أكثر أخذ منه المجني عليه
أرشه، وصاحب السهم ما بقي، وإن كان الأرش أكثر، وداه للمجني عليه، ولا شيء
لصاحب السهم،/ وكذلك إن تساويا، فإن أسلمها، خير صاحب السهم فيفديها أو
يسلمها،
ولو جنت ثم صارت في السهمان، ثم جنت لم يدخل بعضهم على بعض.
[والآخر منهم مبدأ] (2).
تم الجزء الأول من كتاب الجنايات
بحمد الله وعفوه،
ويتلوه في الجزء الذي يليه
إن شاء الله الثاني من الجنايات
__________
(1) في ص وت (فلم يفدها سيدها).
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(13/345)
صفحة بيضاء
(13/346)
|