النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الجراح الأول (1)
القول في ديات الأعضاء،
وديات الجراح، وأسمائها، وصفاتها،
وذكر ما فيه الاجتهاد منها، ومن
الكسر،/ والضرب، والحلق (2)
من المجموعة، وكتاب ابن المواز مثله، إلا ما نسب إلى سحنون. قال ابن القاسم، وابن وهب: قال مالك: الآمر عندنا في الجراح على ما في الكتاب الذي كتبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم، حين بعثه إلى نجران (3). قال سحنون: واجتمع العلماء على ما فيه؛ أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف، إذا أوعي (4) جدعا، مائة من الإبل، وفي العين خمسون من الإبل، وفي اليد خمسون من الإبل، وفي الرجل خمسون من الإبل، وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل.
__________
(1) أنجزنا مقابلة هذا الكتاب من نسخة الخزانة العامه بالرباط المسجلة تحت رقم 425 ق وسمي فيه بكتاب الدماء عوض كتاب الجراح وسنرمز لها بحرف ع.
(2) في ع (والخنق) والصواب في الأصل.
(3) بهذا الكتاب الموجه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم بدا الإمام مالك في موطئه كتاب العقول.
(4) (أوعي): أخذ كله.

(13/395)


وفي المأمومة (1) ثلث النفس، وفي الجائفة (2) ثلث النفس، وفي المنقلة (3) خمس عشرة فريضة، وفي الموضحة (4) خمس من الإبل وفي السن خمس من الإبل.
قال مالك: وأجمع الناس على أن في اللسان الدية، وفي الذكر الدية، وفي كل فرد من هذه الدية كاملة. [وأخف ذلك الحاجبان، وثديا الرجل. قال عنه ابن وهب: وبعض ذلك أبين من بعض؛ ليس ثديا الرجل كثدي المرأة، ولا الجاجبان كالعينين.
قال مالك: بلغني أن في ثدي المرأة الدية كاملة] (5)، وفي الأنثيين الدية كاملة. قال مالك: وفي كل زوج من الإنسان الدية كاملة. قال أشهب: في إليتيها الدية كاملة، وهما أعظم ضررا من ثدييها؛ فإن ما يبقى منهما بعد الثديين أكثر نفعا وجمالا مما يبقى بعد الإليتين.
وأما إليتا الرجل؛ ففيهما حكومة، على قدر ما شانه، وأضر به، وليس كالمرأة فيهما، كما يفارقها في الثديين.
قال ماللك: في الحاجبين، وثديي الرجل حكومة.
ومن المجموعة، قال أشهب والمغيرة: والحاجبان من الرجل والمرأة سواء؛ فيهما حكومة. وقال أشهب: كأشفار العينين، واللحية، والشاربين. قال مالك: ليس في الحاجبين- وإن لم ينبتا- إلا الاجتهاد. قال ابن القاسم: وكذلك إليتا المرأة.
__________
(1) المأمومة: الشجة التي تبلغ أم الدماغ حتى يبقى بينها وبين الدماغ جلد رقيق وهي التي تعرف بالدامغة وقد تقدم شرحها في الجزء الأول من كتاب الجنايات.
(2) الجائفة: الشجة التي تصل إلى جوف الدماغ.
(3) المنقلة: الشجة التي تنتقل منها العظام وقد سبق شرحها في الجزء الأول من الجنايات وسيعرف بها المؤلف فيما بعد مع سائر أنواع الشجاج.
(4) الموضحة: الشجة التي تكشف عن العظم وتوضحه وقد سبق التعريف بها.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/396)


قالوا عن مالك: في العقل الدية [وقد جاءت الدية] (1)، فيما هو أيسر منه. قال أشهب: وروي ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه فيه مائة من الإبل، وعن عمر، وغيره.
[قال على/، عن مالك] (2): لم أزل اسمع أن في الضرب [الدية إن انقطع] (3) وما نقص منه، فبحسابه. وقاله المغيرة. قالوا: قال مالك: وفي الصلب الدية، إذا أقعد عن القيام، فإن برئ على انحناء، ففيه قدر ذلك. ابن القاسم: كأصل اليد. قالوا عن مالك: وفي الأذنين الدية، إذا ذهب السمع؛ اصطلمتا (4) أو بقيتا، وكذلك العين؛ يذهب نظرها، [وتبقى قائمة] (5)، ففيهما نصف الدية.
قال أصحاب مالك عنه: إن الأمر المجتمع عليه عندنا؛ أنه ليس فيما دون الموضحة من شجاج الخطإ (6) عقل مسمى، وإنما انتهى النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الموضحة فيما له عقل، وليس أجر الطبيب بأمر معمول به (7) قال عنه ابن نافع (سئل) (8) عمن كسرت فخذه، ثم انجبرت مستوية: أله ما أنفق في العلاج؟ قال: (ما) علمته (9) من أمر الناس، أرأيت إن برئ على شين، أيأخذ ما شأنه. وما أنفق؟ قال: لا يكون قضاء مختلف في شيء واحد، وإنما فيه ما شأنه.
__________
(1) عبارة (وقد جاءت الدية) ساقطة من الأصل.
(2) المراد به علي بن زياد كما هو مشار إليه في ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) أي قطعتا واستؤصلتا: يقال اصطلمهم الدهر أي استأصلهم.
(5) في الأصل (ويبقى قائما) والصواب ما أثبتناه من ع.
(6) في الأصل (من الشجاج) بغير تقييد بالخطأ وقد أثبتنا ما في ع.
(7) في الأصل (بأمر معلوم).
(8) لفظة (سئل) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(9) في الأصل قال علمته بإسقاط (ما).

(13/397)


ابن القاسم، وأشهب، عنه: وليس في الباضعة (1)، والدامية، والسمحاق (2)، والملطاة (3) شيء، إذا كانت خطأً، وبرئ إلا إن برئ على شين، ففيه حكومة. قال أشهب: يقوم ذلك أهل المعرفة، بقدر شينه وضروره.
ومن كتاب آخر ذكر ذلك فيه عن بعض أصحاب مالك، في تفسير الحكومة؛ أن يقوم المجروح على أنه عبد صحيح، ويقوم وبه ذلك الشين، فما نقص، فمثله من ديته. ومثله في كتاب الأبهري.
قال ابن حبيب، في أسماء الجراح في الوجه والرأس: وهي عشرة؛ أولها الدامية؛ تدمي الجلد بحدس (4) أو حرش (5)، ثم الجارضة؛ تجرض الجلد؛ أي تشقه، [وهي السمحاق، وهي تشق الجلد، كأنه تكشطه] (6) عن اللحوم، ثم الباضعة؛ تقطع اللحم بعد الجلد؛ أي تشقه، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت من اللحم، فقطعت في غير موضع، ثم الملطاة (7)، بينهما وبين العظم صفاق رقيق. قال غيره: وهي السمحاق، وكل جلدة رقيقة؛ فهي سمحاق، وهو مشتق من السحاب الرقيق. ابن حبيب. ثم الموضحة؛ وهي التي توضح عن العظم، ثم الهاشمة؛ تهشم العظم،/ ثم المنقلة؛ التي تطير فراش العظم مع الدواء، أو هشمته، وإن لم يطر، أو صدعته (8)، وبينه وبين الدماغ صفاق صحيح، ثم المأمومة؛ وهي ما أفضى إلى الدماغ.
__________
(1) الباضعة: الشجة التي تبضع الرأس ولم تسل الدم فإذا بضعت اللحم وأسالت الدم فهى الدامية.
(2) السمحاق: هي الشجة التي تعمل في اللحم ولا يبقى بينها وبين العظم إلا جلد رقيق.
(3) الملطاه: الشجة التي يبقى بينها وبين انكشاف العظم ساتر رقيق وقد تقدم شرحها وتسمى أيضا الملطى بالقصر والملطاء بالمد.
(4) الحدس مصدر حدس فلانا يحدسه إذا صرعه. وحدس الشي برجله إذا وطئه.
(5) الحرش: الخدش من حرشه يحرشه حرشا وتحراشا إذا خدشه وقد جاءت في الأصل بالسين المهملة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) ما بين معقوفتين جاء في ع على الشكل التالي (ثم السمحاق وهي سلخ الجلد كأنها تكشطه).
(7) كثرت في ع (الملطاء) بألف الثأنيت الممدودة وقد أشرنا من قبل إلى أنها لغة في الملطاة.
(8) كذا في ع وجاءت في الأصل (أو جدعته) بالجيم عوض الصاد.

(13/398)


وقال ابن المواز: الملطاة؛ هي السمحاق، وهي التي لا تقطع الجلد، وهي تهشم اللحم، وتنتف الشعر، وتدمي، ولا تقطع من الجلد شيئاً [والدامية تدمي ولا تقطع شيئا من الجلد] (1)، ولا تهشم من اللحم (2) شيئا ولا تبينه، والباضعة؛ التي تبضع في الرأس، ولا تبلغ العظم. جراح
ومن المجموعة- وأكثر في كتاب ابن المواز- قال مالك: وقد وقت قوم في هذه الجراح؛ التي دون الموضحة توقيتا من الدية، والذي يجتمع عليه (3) أنه ليس فيما دون الموضحة إلا الاجتهاد. قال مالك: وذلك التوقيت لا أصل له، وأول من كتب به معاوية، ثم طرحه عمر بن عبد العزيز حين ولى.
ومن كتاب آخر: وقد أنكر مالك ما روى عنه؛ أنه حدث به عن عمر وعثمان في الملطاء، وقال: ما تحدثت بهذا قط. قال في المختصر: ولو جرى أهل بلد على عقل مسمى فيما دون الموضحة، لرأيت أن يبطل ذلك الإمام، ولا يحكم به.
قال ابن عبدوس: قال المغيرة: ليس في الصدر إذا أوهن إلا الاجتهاد. قال علي [بن زياد] (4)، عن مالك، فيمن ضرب رجلا، ففتقه، فوقعت مصارينه في أنثييه: فإنما في ذلك حكومة. ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال ابن القاسم [وأشهب] (5)، في حلق الرأس خطأً إذا لم ينبت: ليس فيه إلا الاجتهاد. وكذلك في اللحية، والشاربين، والأشعار، وما ينبت من ذلك: فلا شيء فيه، وليس في عمده قصاص، وفيه الأدب.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) في الأصل (ولا تهري من اللحم) والصواب ما أثبتناه من ع.
(3) في الأصل (والتي يجتمع عليه) بوضع التي عوض الذي وذلك خطأً بين والعبارة في ع (والمجتمع عليه).
(4) (ابن زياد) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) لفظة (وأشهب) ساقطة من الأصل.

(13/399)


وذكر أبو الفرج البغدادي في كتابه، عن ابن الماجشون: أن في الشواة (1)؛ وهي جلدة الرأس، الدية، وكذلك في الصدر إذا هدم، ولم يرجع إلى ما كان عليه. قال فيه وفي كتاب الأبهري: إذا ضرب الأنف، فأذهب شمه، والأنف قائم: أن فيه الدية كاملة. [وقاله أبو الفرج، وقال ابن نافع، عن مالك: أنه لا دية فيه] (2) حتى يستأصل الأنف من أصله. يقول: لا تكمل فيه الدية إلا بهذا، وهذا شاذ. قال أبو الفرج: وخالف ابن الماجشون مالكا، فقال في الذكر والأنثيين [الدية وكذلك] (3)، إذا قطع أحدهما قبل الآخر: أن الثاني/ فيه حكومة. وقال أبو بكر الأبهري: إن قول مالك اختلف فيه؛ فقال مرة: هذا [إذا] (4) كان في قطع واحد أو قطعين. وكذلك قال ابن حبيب، وقد ذكرناه في باب دية الذكر.
ومن المجموعة، وأكثره من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، عن مالك: وليس في شفر العين، وحاجبها [إلا] (5) الاجتهاد، إلا أن ينقص نظر العين، وكذلك في الأشفار، والجفون، وليس في أشراف الأذنين إلا الاجتهاد إذا أبقى السمع. قال ابن نافع عنه: وإن أعيدتا، فنبتتا، فلا شيء فيها.
قال عنه ابن القاسم: وإنما في كسر الضلع، والترقوة الاجتهاد، وكل ما كسر من عظام الجسد، فبرئ، وعاد لهيئته، فلا شيء فيه. وإن نقص أو برئ على عثل (6) فإن كان شيء جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم- توقيت دية، ففيه منها بحساب ذلك- يريد ما نقص- قال أشهب وعنه وليس في هذا حكومة، ليسن إن كان في اليد والرجل، لكن بقدر ما نقص من ديتها برئت على شين، أو غير شين.
__________
(1) في ع (إن في الشوى) عوض أن في الشواة الموجودة بالأصل وهما لغتان وفي مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي إن الشوى جمع والشواة مفرد.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) (إذا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) (إلا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(6) في الأصل (برئت على غل) وهي محرفة عن قوله (برئت على عثل) من قولهم عثلت يده عثلا أي انجبرت على غير استواء.

(13/400)


وكذلك العين يخرج حاجبها، فيبرأ على شين، وقد نقص نظرها (1)، فإنما فيه بقدر ما نقص من نظر العين، من ديتها، إلا أن يوضح الحاجب (2)، فتكون فيه دية الموضحة، مع ما نقص من العين.
وجراح الجسد كلها غير الرأس؛ إنما فيها في الخطأ الاجتهاد، إلا الجائفة، ففيها ثلث الدية. قالوا عن مالك: وليس في النافذة في عضو من الجسد إلا الاجتهاد.
قال عنه ابن وهب: وليس في الظفر؛ يقلع (3) إلا الحكومة، إذا لم ينبت. قال عنه على: أو خرج مشققا، لا يزال. قال عنه ابن القاسم: وإن عاد لهيئته، فلا شيء فيه.
قال عنه [ابن القاسم] (4)، وابن وهب: ومن ضرب رجلا، حتى أحدث، فليس فيه إلا الأدب، وأنكر ما روي فيه.
وفي كتاب القصاص، باب ما فيه القصاص، باب ما فيه القصاص، وما لا قصاص فيه، من الجراح، وغيرها؛ فيه بقية من هذا المعنى.
__________
(1) في ع (وقد نقص بصرها).
(2) في الأصل (يوضح العين) وأثبتنا ما في ع.
(3) في الأصل (في الظفر يقطع) وأثبتنا ما في ع.
(4) (ابن القاسم) ساقطة من ع.

(13/401)


في دية الأنف والأذنين [والعينين] (1)،
ودية العقل تؤخذ، ثم تعود/
من المجموعة، قال أشهب: روي للنبي- صلى الله عليه وسلم- في الأنف، يقطع مارنه؛ قضى فيه بالدية كاملة (2) وروي ذلك عن علي، (ابن أبي طالب) (3)، وغيره، [وروي ذلك عن الشيخة السبعة. ومنه، ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيره] (4)، عن مالك: والذي فيه الدية من الأنف، أن يقطع المارن، دون العظم، ولو استؤصل من العظم، فإنما فيه الدية فقط. قال أشهب: المارن هي الأرنبة، وهي الروثة (5) وذكرنا في الباب الأول، من رواية شاذة، عن مالك، أن الدية في استئصال العظم. قال مالك في الكتابين: وإذا قطع بعضه، فإنما يقاس من المارن كالحشفة.
ومن كتاب محمد: وإذا خرم أنفه، فإن خرم العظم، وسلخ المارن، ففيه حكومة، إن برئ على عثم (6) أو شين، فإن خرم ما دون العظم، فذلك الخرم كالقطع، له من الدية بحساب ذلك ما ذهب من مارنه، بعد البرء. وإن برئ على غير شين، فلا شيء فيه، في الخطأ. وفي العمد القود.
قال مالك فيه، وفي المختصر: وليس في أشراف الأذنين إلا حكومة، إلا أن يذهب السمع بذلك، ففي ذلك دية واحدة، وأما قطعهما أو سماخيهما (7)، فحكومة. وذكر بعض البغداديين أن قول مالك اختلف فيها؛ فروى مرة أن في أشرافهما الدية. وقال: بل حكومة حتى يذهب السمع.
__________
(1) (والعينين) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) لم ينص الإمام مالك على ذلك في كتاب العقول في الباب المخصص لما فيه الدية كاملة.
(3) (بن أبي طالب) ساقطة من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(5) الروثة: طرف الأرنبة من الأنف.
(6) العثم: انجبار العظم على غير استواء وهو العثل أيضا حسبما سبقت الإشارة إلى ذلك في بعض التعليقات.
(7) السماخ بالسين والصماخ بالصاد: خرق الأذن الباطن إلى الرأس في الأصل (فليس فيه) وأثبتنا ما في ع.

(13/402)


قال ابن المواز: وإن قطع من أشرافهما ما أذهب ببعض السمع، وإن قل، فليس فيهما (1) إلا بقدر ما أذهب من السمع، وليس فيما اصطلم منهما شيء. وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، عن مالك، في العتبية (2)، في هذا السؤال: إنما له بقدر ما نقص من سمعه، ومن عقل ما نقص من الأذن الاجتهاد. قيل: فإن ذهب السمع كله، واصطلمتا؟ قال: ففي ذلك دية واحدة. فقيل: عقلهما، وعقل السمع، لم يتم؟ قيل: كأنما تجعل عليه الاجتهاد، فيما جاوز ما ذهب من السمع؟ / فلم يذكر جوابا. قال: وقد روي أن أبا بكر الصديق قضى في أشراف الأذنين بالإجتهاد؛ خمس عشرة فريضة.
ومن كتاب ابن المواز، قد رأى عمر بن عبد العزيز، وأبو الزناد فيهما الدية، وذكره أبو الزناد عن غير واحد من العلماء، وذلك لما في ظاهر حديث ابن حزم (3): وفي الأذن خمسون. محمد: ولا حجة في ذلك؛ لأنه قال فيه، وفي العين، وإنما يعني النظر. وفي اليد، وإنما يعني الأصابع.
وذكر ابن شهاب، للنبي- صلى الله عليه وسلم- أنه إنما أريد بذكر الأذنين السمع، وهو معروف من كلام العرب: أذنت لك؛ أي: اسمتعت لك.
قال مالك في هذا الكتاب: وفي العين؛ يذهب جميع بصرها، الدية. وفي جميع نظر العين الدية؛ ألف دينار، سواء اخسفت (4)، أو نزرت. أشهب: ولا يزاد لذلك شيء.
__________
(1) في الأصل (فيه) بإعادة الضمير على القطع لا على الأذنين.
(2) البيان والتحصيل، 16: 156.
(3) يقصد بذلك الحديث النبوي الشريف الذي يتضمن الكتاب الموجه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم وقد ذكره الإمام مالك في موطئة في أول باب من أبواب كتاب العقول كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أحد التعاليق السابقة.
(4) أخسفت عينه: عميت وكذلك انخسفت وقد جاءت الصيغة الأولى في الأصل والصيغة الثانية في ع.

(13/403)


وقال أشهب في كتاب ابن المواز: وهو في العتبية (1)، من رواية أصبغ: ومن ضرب، فذهب عقله. قال: يستأني به سنة. قيل: فإن أخذ العقل بعد تمام السنة، ثم رجع إليه عقله؟. قال: هو حكم قد مضى. محمد: يريد لا يرد [شيئا] (2).

[باب] (3) في دية اللسان، والشفتين، والأسنان
من المجموعة، [وغيرها] (4)، (قال ابن وهب) (5)، عن مالك: وإذا قطع من اللسان ما منع الكلام، ففيه الدية كاملة، وإن منع بعضه، ففيه بقدر ما منع من كلامه. ابن المواز: وإنما الدية فيه، بقدر نقص [الكلام لا بقدر نقص] (6) اللسان، [وشيء آخر، أن بعض الحروف لا حظ للسان فيها؛ مثل الميم، والحاء، ونحوها، ومراعاة الكلام أشبه] (7).
ابن القاسم، وأشهب، في المجموعة: لا ينظر إلى عدة الحروف؛ لأن بعضها أثقل من بعض، ولكن بالاجتهاد. أشهب: بقدر ما يرسخ في القلب من نقصان ذلك.
ابن حبيب: قال مجاهد: تجزا (8) الدية على عدد حروف المعجم، ثمانية وعشرين/ حرفا، فما نقص من هذه الحروف، عقل بحسابه. ابن حبيب: وقال في مثله جماعة من العلماء، ممن سألته، وقاله أصبغ. ابن حبيب: والحرف؛ الثقيل والخفيف سواء.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 150.
(2) (شيئا) ساقطة من الأصل.
(3) (باب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) لفظة (وغيرها) ساقطة من ع.
(5) في ع (قال ابن القاسم) عوض قال ابن وهب الموجود بالأصل.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(8) في الأصل (نحن نرى الدية) عوض (تجزا الدية) التي أثبتناها من ع.

(13/404)


ومن العتبية (1)، قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: إنما نقدر نقصان الكلام. والعقل باجتهاد الناظر على ما يفهم عند الاختبار، ويقع في نفسه، أنه ذهب نصف كلامه، أو ثلثه. فإن شكوا، فقالوا: هو الربع، أو الثلث، أعطي الثلث حملا على الظالم. وكذلك في العقل إن قالوا: يفيق أكثر (2) نهاره ثلثيه، أو ثلاثة أرباعه، أو نحوه، أعطي [بقدر ما رأوه فإن شكوا احتيط فيه] (3)، على الجاني كما ذكرنا [وقال بعض الناس على الأحرف في الباء والتاء وهو، أحب ما سمعت إلي] (4).
ابن القاسم، وأشهب في المجموعة: وإن قطع منه ما لا يمنع الكلام، ففيه الاجتهاد، بقدر شينه. محمد: وجاءت السنة بأن في الشفتين الدية (5)؛ في كل واحدة نصفها. وقاله مالك، وجميع أصحابه، فيما علمنا، ولم يأخذ مالك بقول ابن المسيب؛ أن في السفلى ثلثي الدية. قال في المجموعة: ولم يبلغني من فرق بينهما غيره، وأراه وهما عنه، ولو ثبت عنه لما كان فيه حجة، لكثرة من يخالفه. والحجة فيه أنه إن قال: السفى أحمل للطعام، واللعاب. فإن في العليا من الجمال أكثر من ذلك. وقد تختلف يسرى اليدين واليمين في المنافع، وتتفقا (6)، في الدية. وفي [بعض] (7) الحديث عنه- صلى الله عليه وسلم-: «وفي الشفتين الدية» (8). ولم يخالف بينهما، وقضى به عمر بن عبد العزيز، وقاله عدد كثير من التابعين.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 150.
(2) لفظة (أكثر) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (بعدما يروى احتياطا) ولا معنى لذلك.
(4) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع ومن البيان والتحصيل وأما في الأصل فقد جاءت العبارة مضطربة.
(5) ينظر في ذلك في كتاب الموطإ للإمام مالك كتاب العقول ضمن الباب المخصص لما فيه الدية كاملة.
(6) في الأصل ويتفق في الدية ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) (بعض) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(8) تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث وبه اتبدأ الإمام مالك كتاب العقول من موطئه.

(13/405)


ومن الكتابين، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيرهما، عن مالك: أن العقل في الأسنان في مقدم الفم، والأضراس سواء؛ لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «وفي السن خمس من الإبل، والضرس سن» (1).
وقال في كتاب ابن المواز، قال ابن عباس: كما دية الأصابع سواء. أشهب: وكما كانت الثنية والرباعية والناب سواء، وإن كان قد/ اختلف في ذلك؛ فروي عن ابنه عمر (2): وفي الضرس جمل، وروي عن معاوية: وفي الأضراس خمسة أبعرة. ابن المسيب: والدية تزيد في قضاء معاوية، وتنقص في قضاء عمر. ولو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين، فيتم عقل الفم الدية كملا. واستحسن هذا عمر بن عبد العزيز.
قال ابن مزين الأضراس عشرون، الأسنان اثنا عشر؛ أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب. وغير ابن مزين يقول: الأضراس ستة عشر، ويزيد في الأسنان؛ أربع نواجد (3)، وهي التي تلي الأنياب، وتتصل بالأضراس. جراح2
ومن الكتابين، قال أشهب: وقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «وفي السن خمس من الإبل» (4) أمر كاف، ولو افترق السن من الضرس لبينة النبي- صلى الله عليه وسلم-. قال أشهب: وإذا طرحت السن من سنخها (5)، ففيها ديتها كاملة، وكذلك إن كسرت من أصل ما أشرف منها، ولا يحط لما بقي من السنخ، مما كسر شيء، كبقية الذكر حد الحشفة. وإذا ضربت، فاسودت، تم عقلها. قيل لابن القاسم: فإن احمرت، أو اخضرت، أو اصفرت؟ قال: إن كان كالسواد [تم عقلها] (6)،
__________
(1) موطأ الإمام مالك كتاب العقول.
(2) في ع (فروى عن عمر).
(3) في الأصل (أربع ضواحك) وقد أثبتنا ما في ع.
(4) الحديث منصوص عليه في موطإ الإمام مالك في كتاب العقول.
(5) النسخ من السن منبتها ويقال سنخت الأسنان من باب فرح: اؤتكلت وسنخ الفم: ذهبت أسنانه.
(6) (تم عقلها) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.

(13/406)


[وإلا فله، فبحسابه] (1) وقال أشهب: [الخضرة إلى السواد أقرب، ثم الحمرة] (2)، ثم الصفرة، وفي ذلك بقدر ما ذهب من بياضها [إلى ما بقي منها، من سوادها] (3). وقال ابن القاسم في العتبية (4) نحو قول أشهب. قالا: وإن أصيبت السن التي اسودت بعد ذلك، ففيها ديتها [كاملة] (5). قال أشهب: وقد قال عمر، وعلي، وابن المسيب، وعدد من [الصحابة] (6)، والتابعين: إنها إذا اسودت، تم عقلها. ولم يبلغني عن أحد من العلماء خلافه. قال أشهب، في كتاب ابن المواز: وفيها إذا طرحت بعد سوادها بعض الاختلاف. قال ابن شهاب، وأبو الزناد: فيها حكومة كالعين القائمة. محمد: العين [القائمة] (7) لم يبق فيها من منافعها شيء، والسن/ السوداء، بقيت قوتها، وأكثر منافعها. قال مالك: وإذا ضربت، فتحركت، فإن كان اضطرابا شديدا، تم عقلها، وإن كان خفيفا، عقل لها بقدره، وينتظر بالشديدة الاضطراب سنة. [قال أشهب: فإن اشتد اضطرابها بعد السنة، فهي كالمسودة (8)، تم عقلها، ثم إن طرحها بعد ذلك، السنة، على غير ذلك، ففيها حكومة، بقدر ما ذهب من قوتها، إلى ما بقي، ثم إن أصيبت بعد ذلك، ففيها ما بقي بعد تمام ديتها، وإن ضربت، فاسودت، أو اسود بعضها، أو اضطرابت بعد ذلك اضطرابا شديداً، ففيها ديتها لا يزاد عليها، ولا يكون ذلك أشد من طرحها، ولو اسود نصفها، ولم يشتد اضطرابها، كان له الأكثر مما وجب فيها من قوتها، واسودادها، مثل أن يسود نصفها، ويذهب ثلث قوتها، فله
__________
(1) في ع (والأول بحسابه).
(2) ما بين معقوفتين كتب في ع على الشكل التالي (الخضرة أقرب من الحمرة).
(3) ما بين معقوفتين كتب في ع على الشكل التالي (إلى ما بقي منه إلى اسودادها).
(4) البيان والتحصيل، 16: 105.
(5) (كاملة) ساقطة من ع.
(6) (الصحابة) ساقطة من ع.
(7) (القائمة) ساقطة من ع.
(8) (كالمسودة) مطموسة في الأصل غير موجودة في ع وقد آثرنا استعمالها لتشابه حكمها وحكم المضطربة اضطرابا شديداً.

(13/407)


نصف ديتها، وكذلك إن ذهب من القوة النصف، واسود ثلثها، وكذلك إن اسودت كلها، وذهب نصف قوتها، فله ديتها كاملة.
ابن نافع في المجموعة: وإن ضربت فسلم منها، فله بقدر ما سلم منها؛ من ديتها] (1). وقال أشهب في الكتابين: وإنما يحسب ما ذهب منها مما بقي، مما أشرف منها، لا من سنخها، فإن اسود مع ذلك باقيها، أو اضطرابا شديدا تم عقلها، وإذا انكسر في ذلك نصفها، فاسود نصف ما بقي منها، أو اضطربت، فذهب منها نصف قوته، فله نصف عقلها، فيما انكسر، والربع فيما اسود، واضطراب، فذلك ثلاثة أرباع ديتها.
ومن كتاب ابن المواز، قال إذا ضرب (2) الفم، فطرح جميع ما فيه؛ من سن، وضرس، فله في كل واحدة خمسة أبعرة. وقاله أصبغ. وقال أشهب: وإن كسير بعض السن، واسود ما بقي منها، أو اشتد اضطرابه، تم عقلها.

في دية اليدين، والرجلين، والأصابع، والأنامل/ (3)
[من المجموعة، وكتاب محمد] (4)، قال غير واحد عن مالك: وإذا قطعت أصابع الكف، تم عقلها: خمسمائة دينار كما لو قطعت من المرفق أو المنكب. قال عنه ابن وهب، وابن القاسم: وكذلك لو قطعت رجله من الورك، ففيها خمسمائة دينار، وإنما عليه من العقل مثل ما على من قطع الأصابع [من أصلها. قال أشهب كما تستكمل دية الذكر بقطع الحشفة ولذلك تستكمل دية اليد أو الرجل بقطع الأصابع] (5): وإذا قطع كفه (6) وأشل ساعده، فدية واحدة، وإذا قطع
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) (ضرب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) العنوان في ع يبدأ بقوله باب في إلخ ..
(4) العبارة في ع جاءت على الشكل التالي (من كتاب ابن عبدوس وابن المواز).
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وعوض في الأصل بقوله (قال ابن القاسم وأشهب).
(6) في الأصل (يده) عوض (كفه).

(13/408)


أصبعين، مما يليهما من الكف، فعليهما خمسا دية اليد. أشهب: (إلا أن ينقص بذلك [شيء من بقية قوة] (1) اليد والأصابع،) فيزداد (2) مع ذلك دية ما نقص منها من ثلاثة أخماسها.
ابن القاسم، وابن نافع، وفي المجموعة: قال مالك في اليد تصاب، فيدخلها نقص: فينظر ما ذهب منها، ومن جمالها، فيعطى بقدر ذلك من العقل.
قال مالك في الكتابين: وإذا شلت اليد، أو الرجل، فقد تم عقلها، وكذلك شلل الأصابع؛ يتم به عقلها. قال أشهب: وذلك إذا تم شلل اليد تم له عقله، حتى تذهب قوتها، وحركتها من المنكب، أو المرفق، أو الكف، أو الأصابع كلها، وإن لم يذهب ذلك كله، فبقدر ما ذهب منها.
قال ابن القاسم: ومن قطعت كفه، وليس فيها إلا أصبع واحدة، فله دية الأصابع. وأحب إلي أن يكون له في باقي الكف حكومة. ولم أسمعه. وقال أشهب، وسحنون، في المجموعة: لا شيء له في الكف. وقاله ابن القاسم، في الأصبعين. وقاله المغيرة.
ومن قطعت كفه عمدا، وليس فيه إلا ثلاث (3) أصابع، وقد أخذ في الأصبعين عقلا، أو قودا، فله عقل ثلاث أصابع، ولا حكومة له. وقال عبد الملك: له مع عقلها حكومة، إلا أن يكون أربع أصابع، فلا يزاد على ديتها، لأنه يقاد له من كف إلا أصبعا (4)، ولا يقاد من كف إلا أصبعان. وذكر في كتاب ابن المواز مثل ما تقدم.
__________
(1) ما بين معقوفتين نقلناه من ع وهو غير واضح في الأصل.
(2) كذا في ع وكتبت في الأصل (فليرد).
(3) في الأصل (ثلاثة أصابع) وأثبتنا ما في ع لموافقته للمشهور من أن الأصبع مؤنثه وقد تذكر وعلى جواز التذكير يكون ما في الأصل له وجه من التأويل.
(4) في الأصل (إلا أصبع) والصواب ما أثبتناه ..

(13/409)


قال: وكذلك لو قطعت من المنكب، (وفيها أصبع) (1)، لم يكن له غير دية الأصبع./ وذكر قول ابن القاسم، في الأصبعين. قال: وقال أصبغ: هو حسن، وليس بواجب، (ولا نرى فيه الحكومة) (2) مع دية الأصبع.
وقال أشهب، عن مالك، في كف؛ قطعت منها أصبع، ثم قطعت: فيها دية أربع أصابع. فأما لو نقصت مثل الأنملة. ولم يأخذ لها عقلا، كانت له دية اليد كاملة. قال ابن القاسم، وأشهب: فأما الأصبع، فيحسب له به أخذ له أرشا، أو لم يأخذ، فأما الأنملة، فإن كان أخذ لها عقلا، حُوسب بها، في الخطأ، وإن كانت بمرض أو شبه، لم يحاسب بها [قال أشهب وأما أنملتان فيحاسب بها في الخطإ قال ابن المواز. وأنملة الإبهام في هذا كغيرها ولا يحاسب بها] (3)، وقد ذكر عن ابن شهاب في كف ناقصة أصبعا، أو أصبعين؛ أن فيها دية كاملة. وإن كنا لا نقوله، فهو راد لقول من يرى في الكف؛ تنقص أنملة: أنه لا قود فيها، وأنه ليس فيها في الخطأ إلا دية ما بقي.
ومن الكتابين، ومن العتبية (4)؛ رواية يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، فيمن خلقت يده؛ وفيها أربع أصابع، فأصيب منها أصبع: أن فيها عشراً من الإبل، وفي جميعها أربعون. وكذلك إن لم يكن فيها إلا ثلاث أصابع، أو أصبعان، فتقطع يده، فإنما له دية ما بقي. وقال عنه أيضا يحيى؛ وهو في المجموعة؛ فيمن بيده أصبع سادسة. قال: إن كانت قوية، ففيها عشر من الإبل، فإن قطعت عمداً؛ فلا قصاص فيها؛ إذ لا نظير لها، وفيها الدية، وإن كانت ضعيفة؛ ففيها حكومة، ثم إن قطعت اليد، لم ينقص من ديتها شيء، وإن قطعت، وفيها الزائد، لم يزد على دية اليد شيء، إذا كانت الزائدة ضعيفة، وإن كانت قوية؛ ففيها ستون (5).
__________
(1) في الأصل (وليس فيها أصبع).
(2) في الأصل (ولا قوى في الحكومة).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) البيان والتحصيل، 16: 162.
(5) في ع (وفيها ستون من الإبل).

(13/410)


ومن المجموعة، وكتاب محمد: ولم يختلف عن مالك؛ أن في كل أنملة ثلاثة وثلاثين ديناراً، وثلثا، وهي من الإبل ثلاث وثلث. وفي الإبهام أنملتان، فإذا قطعت (1) ففيها عشر من الإبل (2)، وفي قطع كل واحدة عشر من الإبل؛ لأنهما إذا ذهبتا، فقد ذهبت المنفعة، وإبهام الرجل مثلها. قال مالك: وما سمعت فيها بشيء. وهو رأيي. ثم قطعت الأنملة الثالثة من الإبهام، أو الرابعة من غيرها من الأصابع/ بعد الأصبعين، ففيها حكومة.
وقال أشهب: ولو لزم في بقية الإبهام الذي في الكف دية، لزم في سائر الأصابع أن يكون له في مثل ذلك دية أنملة رابعة، وهذا خلاف الأمة، وإن لم تقله ناقض، فدل هذا أن الأصبع ما أشرف منه، كما أن دية السن فيما أشرف منها. وفي الحديث: «في الأصبع عشر» (3). ولم يقل: في الأناملد.
قال ابن سحنون: وروى ابن كنانة عن مالك: أن في الإبهام ثلاث (4) أنامل. قال مالك: في كل أنملة ثلث دية الأصبع. وإليه رجع مالك. قال سحنون: وأخذ أصحابه بقوله الأول. قال ابن سحنون عن أبيه: ومن قطع يد رجل؛ فيها ست أصابع (5)، فإن كان عمداً، فله القصاص بلا زيادة دية، وإن كان خطأً، فله الدية؛ خمسمائة دينار، ومن الإبل خمسون بعيرا. قال سحنون (6): وقد قيل: له نصف الدية، وفي الزيادة حكومة. وكذلك أصبعان زائدتان أو أكثر؛ ففي ذلك حكومة عنده.
وقد روى عيسى عن ابن القاسم: إن كانت قوية قوة سائر أصابعه، ففيها دية أصبع، إن قطعت. وإن قطعت اليد، ففيها ستمائة دينار. وقال ابن المواز عن
__________
(1) في الأصل (فإذا قطعها) وما أثبتناه من ع.
(2) في ع (ففيها خمس من الإبل).
(3) تقدمت الإشارة إليه من موطإ الإمام مالك.
(4) في الأصل (ثلاثة أنامل) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) في الأصل (ستة أصابع) وقد آثرنا ما نقلناه من ع لكونه ينسجم مع المشهور في كون الأصبع لفظة مؤنثة وأما على من يبيح فيها التذكير فإن عبارة الأصل مقبولة.
(6) في ع (قال ابن سحنون) عوض قال سحنون.

(13/411)


ابن القاسم: إن قطعت اليد، فلا يزاد على دية اليد شيء، وإن قطعت الزائدة مع أصبع آخر، ففيهما دية أصبع، وإن قطعت الزائدة وحدها، ففيها حكومة. ثم قال ابن القاسم: إلا أن تكون هذه الزائدة كقوة سائر الأصابع، ففيها عقل تام.
قال ابن سحنون: قلت لسحنون: قال الشافعي فيمن له في يمنى يديه كفان أو يدان منفصلتان. قال سحنون: ما سمعت أن من مضى يتكلم في هذا، وما أحب أن أتكلم فيه بشيء، وأكثر ما تكلموا في أصبع زائدة، أو سن زائدة، ولم أر الأصبع تكون إلا مقلقلة زائدة، ولا تكون كسائر الأصابع. قال ابن سحنون: والقياس على قوله في الكفين؛ أن يكون الحكم للتي تبطش، وفيها القوة، وهي التي تكون في مخرج الساعد؛ ففيها/ القود في العمد، والدية في الخطأ، وفي الزائدة عليها حكومة، إذا لم ينقص قطعها من الكف الأخرى شيئا، فإن نقص منها شيئا، فله في الدية بقدر نقصانها، وإن كان يبطش بهما جميعا، إلا أن إحداهما خارجة من المفصل، وهي أقواهما؛ فلها الحكم في القصاص والدية، وفي الأخرى حكومة، وكذلك إن تساويا في البطش والقوة، إلا أن إحداهما مستقيمة على المفصل، فالحكم لها، فإن قيل: فإن كانت استقامتها على المفصل معاً، وهما في البطش والقوة سواء. فإني أخاف أن يكون هذا محالاً، فإن وقع ذلك فهما (1) بموقف كف واحدة، وفيهما جميعا دية يد واحدة، [وفي إحداهما دية نصف يد] (2)، ولا قصاص في واحدة منهما، على انفرادها، وإن قطعتا جميعا، ففيهما القصاص، وفي قياس قول ابن القاسم، أن يجعل في كل كف منهما دية [الكف] (3) كاملة، ويلزمه أن يجعل فيهما ألف دينار، وفي إحداهما خمسمائة.
وسحنون لا يرى في الأصبع الزائدة إلا حكومة وإن قطعت مفردة، إلا أن ينقص ذلك من قوة باقي الكف، فتكون فيه بقدرة (4). وإن قطعت مع الكف،
__________
(1) في الأصل (فيهما) والصواب ما أثبتناه.
(2) العبارة في ع على الشكل التالي (وفي إحداهما نصف دية اليد).
(3) لفظة (الكف) ساقطة من الأصل.
(4) حرفت في الأصل إلى قوله (مقدرة) والصواب ما أثبتناه من ع.

(13/412)


ففي الجميع خمسمائة دينار. وقال بعض الناس في الكف ذات اليدين، إن قطعت واحدة: فلا تبلغ دية كف، [ولكن حكومة مجاوزة نصف كف] (1). وإن قطعتا معا ففيهما دية كف؛ لا يزاد عليها.
في دية الذكر والأنثيين، والإليتين،
والتديين، والشفرين
من كتاب ابن المواز، قال أشهب: روى ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الذكر، الدية كاملة، إذا قطع» (2). وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «في الذكر الدية إذا قطعت الحشفة». وقاله علي بن أبي طالب، وغيره وكثير من الصحابة والتابعين.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، وغيره، عن مالك: وإذا قطع بعض الحشفة، فمن الحشفة يقاس، فما نقص [منها] (3)، فبحسابه، لا من الذكر، كما لو قطعت أنملة، [فبحسابها من الأصابع] (4) وفي الذكر الدية؛ قطع/ من أصله، أو من الحشفة فقط، كما أن الأصابع [تفي بدية اليد، ولو قطعت من المنكب فديتها واحدة ثم إن قطع] (5) باقي الذكر بعد الحشفة، ففيه حكومة، مثل ما يبقى من اليد بعد الأصابع.
قال: وفي الأثنيين الدية، فإن قطعتا مع الذكر في ضربة واحدة، ففي ذلك ديتان، وكذلك إن تفاوت القطع؛ كان قطع الذكر قبل الأنثيين، أو بعده.
__________
(1) ما بين معقوفتين جاء في ع على الشكل التالي (ولكن حكومة تجاوز ديته نصف كف).
(2) يوجد في موطإ الإمام مالك (باب ما فيه الدية كاملة من كتاب العقول).
(3) كلمة (منها) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) العبارة في ع (فإنما حسابها من الأصل).
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع هذا مع الإشعار بأن ترتيب الفقرة التي اشتملت على ما ذكرناه مختلف بين الأصل وع.

(13/413)


[وذكر ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون] (1) أنه إن قطع الذكر أولاً، أو آخراً؛ ففي الذي قطع بعد، حكومة، بخلاف قول ابن القاسم (2): إن في ذلك ديتين؛ تفاوت القطع أو كان معاً. وقال أهل العراق: إن قطع الذكر قبل أو بعد، ففيهما حكومة. فإن قطع الجميع معا، فإن بدأ من أسفل، ففيهما ديتان، وإن بدأ من فوق الذكر، فدية وحكومة.
وأخذ ابن حبيب بأنهما إن قطعتا قبل الذكر (3)، فلا دية فيهما، وفي الذكر الدية؛ قطع قبلهما أو بعدهما. وإن قطع الجميع في ضربة واحدة (4)، ففي ذلك ديتان؛ كان القطع من فوق، أو من أسفل. ابن حبيب: وقيل: إن في اليسرى من البيضتين الدية كاملة، [وفي السفلى من البيضتين ثلثا الدية] (5). وهو قول شاذ. ابن حبيب: روى ابن وهب أن عطاء قال في ذكر الذي لا يأتي النساء الدية كاملة، وكذلك في ذكر الشيخ الكبير الذي ضعف عن النساء. وقاله مطرف، وابن الماجشون، عن مالك. وبعد هذا باب في ذكر الخصي، والعنين، ولسان الأخرس، وشبهه.
ابن حبيب: روى ابن وهب أن عمر بن الخطاب قضى في شفري المراة الدية كاملة، إذا سُلبا، حتى يبدو العظم. وقاله مطرف، وابن الماجشون [في شفريها، وفي إليتيها] (6)، وإن ذلك أعظم مصيبة عليها من ذهاب ثدييها، أو عينها،
__________
(1) العبارة في ع جاءت على الشكل التالي (وقد ذكر ابن حبيب أن ابن الماجشون ومطرفا رويا عن مالك).
(2) في ع (بخلاف رواية ابن القاسم).
(3) في ع (إن قطعتا بعد الذكر).
(4) في ع (في مرة واحدة).
(5) عوضت العبارة الموجودة بين المعقوفتين في ع بقوله (وفي العليا من الشفتين ثلثا الدية).
(6) في الأصل (في شفريها وفي اليدين وفي إليتيها) بإضافة اليدين والظاهر أن ذلك سهو من الناسخ لأن المؤلف سيقول بعد: فإن ذلك أعظم مصيبة من ذهاب ثدييها أو عينيها أو يديها. حيث جعل اليدين في مقابلة الشفرين والإليتين، لا ضمنهما.

(13/414)


ويديها. وقال ابن القاسم، وابن وهب: في إليتي المرأة حكومة. وقال أشهب: فيهما الدية كاملة.
ومن المجموعة، وكتاب محمد، قال ابن القاسم: في إليتي المرأة الدية، كثدييها، بخلاف إليتي الرجل. وقد ذكرناه في الباب الأول.
ومن المجموعة/ قال ابن القاسم، في حلمتي المرأة؛ يقطعهما؛ فإن أبطل مخرج اللبن، ففيهما الدية. قال أشهب: إن كان ذلك أذهب سدادهما لمصدرها، ومالها لولدها، ففيهما الدية، وإن كان على غير ذلك، ففيهما بقدر شينهما وضررهما. ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: حد ما يوجب الدية فيهما، ذهاب الحلمتين، والصغيرة [والكبيرة فيه سواء، وليس يطمع في ثدي الصغيرة] (1) بنبات، فتؤخر. وذكر مثله عن ابن شهاب (2)، وابن وهب، وقاله أشهب، في الصغيرة، في كتاب ابن المواز والمجموعة. قال في المدونة، عن ابن القاسم إن رجي لها نبات، استؤني بها لسن الصغير [وروى ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم أن يستأني بها لسن الصغير] (3). قال أصبغ: يعني إن لم يتبين بطلانها، فإن تبين بطلانها، [فهي كالكبيرة في قوله. قال ابن المواز قال ابن القاسم إن استوفى أن قد أبطلها] (4) فلها الدية، وإن شك، أوقف العقل، واستوني بها حتى تكبر، فإن برئت قبل الكبر، على قطع الحلمتين، فلا يدرى أتُمسكُ اللبن، أم أعطيت من الدية قدر ذلك القطع، وحبس ما أمسك منها، فإن أمسك اللبن بعد الكبر (5)، ردت ما أخذت على الجاني، وإن لم يمسك اللبن، أخذت ما بقي من الدية.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) في ع (عن أشهب).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) في الأصل (بعد القطع).

(13/415)


دية الموضحة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة،
وسائر شجاج الرأس، وفي الجراح، والكسر يبرأ
ويعود لهيئته أو على شين
وقد ذكرنا في الباب الأول أسماء شجاج الرأس، وما في ذلك من دية وحكومة، ذكرا مجملاً.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم، وغيره، عن مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، أن الموضحة، والمنقلة والمأمومة، لا تكون إلا في الرأس، [والوجه خاصة ولا تكون المأمومة إلا في الرأس] وما يصل إلى الدماغ، ولو بمدخل إبرة إذا خرق.
وقال أشهب: إنما الموضحة، والمأمومة، والمنقلة، في الرأس، وتكون في الوجه، فيما لو نقب منه وصل إلى الدماغ (1)، وليس الأنف، واللحي الأسفل من ذلك. قال أشهب: ولو ضربه، فأطار أنفه، ثم نقبت الضربة إلى دماغه، ففي ذلك دية وثلث، وكذلك لو وصل النقب إلى العظم؛ أعني عظم الوجه الذي تحت الأنف، فنقله ففيه دية منقلة ولو أوضحه ولم ينقله، كان فيه دية موضحة. ابن/ المواز: وإنما معنى قول مالك؛ ما كان من جرح في الأنف نفسه، لم يصل إلى ما ذكرنا (2).
قال: وما أوضح من العظم، وإن قل، فهو موضحة، [وكذلك ما تطاير عن العظم، وإن قل، فهو منقلة، إذا تيقن أنه من الفراش] (3). قال ابن وهب عن
__________
(1) العبارة في ع جاءت على الشكل التالي (فيما لو نفذ منه وصل إلى الدماغ) (وآثرنا استعمال ما في الأصل لملاءمته مع ما بعده حينما سيقول المؤلف (ولو وصل النقب إلى العظم).
(2) (في ع لم يصل إلى ما وصفنا).
(3) ما بين معقوفتين عبر عنه في ع بالعبارة التالية (والمنقلة ما طار فراشها من العظم وأن قل إذا استوقن أنه من الفراش).

(13/416)


مالك: والموضحة في الرأس والوجه من اللحي الأعلى وما فوقه، وليس في الأنف واللحي الأسفل موضحة، وفيه الاجتهاد.
ابن القاسم: في الخد الموضحة، وما أوضح منه من اللحي الأسفل، وسائر الجسد، فلا موضحة فيه، ولا منقلة، ولا مأمومة. وفيه الاجتهاد، إذ برئ على شين، [وكذلك قال فيه أشهب. وفي عظم الأنف قال ابن القاسم وإذا برئت موضحة الوجه على شين] (1) زيد في عقلها بقدره. ولم يأخذ مالك بقول سليمان بن يسار: يزاد في موضحة الوجه ما بينهما وبين نصف عقلها. مالك: وما سمعت أن غيره قاله، وإنما يزاد فيها عندي، بقدر شينها، بالإجتهاد.
وفي المجموعة، وقاله ابن نافع؛ قال ابن وهب عن مالك: لا يزاد فيها شيء إلا أن يكون شيئا منكراً، فيزاد في ذلك. وقال أشهب: لا يزاد في شينها شيء؛ لأن فيها دية مؤقتة.
ومن كتاب ابن المواز، قيل: فإذا برئت موضحة الرأس أو الوجه، على شين، فقد اختلف فيها عن مالك؛ فقال: يزاد فيها لشينها بالاجتهاد بقدر الشين. وذكر قول بن يسار. وقال مالك (2): يزاد فيها للشين؛ زاد قليلا أو كثيراً، وبه أخذ ابن القاسم.
وقال أشهب، عن مالك في الزيادة، في شينهما: ما سمعت في ذلك إلا ما قال سليمان. قال أشهب: وكذلك أرى ألا يزاد فيها، على ما جاء عن النبي_ صلى الله عليه وسلم- وإن شانت (3)، وربما كانت قدر إبرة، فتكون فيها ديتها، وتكون شبرا، وفيها تلك الدية، وكذلك لا يزاد في شينها شيء، ولم يفرق تابعو المدينة بين موضحة الرأس والوجه في الدية. وقاله عمر بن عبد العزيز، وغيره.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) في الأصل وقال ابن القاسم وفي ع وقال مالك وابن القاسم ولعل لفظة ابن القاسم أقحمت هنا سهوا لأن القول قول مالك وفي آخر الفقرة سيقول المؤلف (وبه أخذ ابن القاسم).
(3) يوجد ذلك في صحيح الترمذي في أبواب الديات عند قوله ما جاء في الموضحة.

(13/417)


قال: وإذا برئت، وعادت لهيئتها هذه الأربع جراح الموضحة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة، ففيها ديتها، [وكذلك لو شج ثانية في الموضع نفسه؛ لكان فيها ديتها ايضا] (1).
وأما ما لم يأت فيه توقيت من الجراح،/ فإنما فيه بقدر شينه، إن برئ على شين، وإلا فلا شيء فيه، وكذلك ما كسر من يد أو رجل، فبرئ، وعاد لهيئته فلا شيء فيه.
قال مالك: [وإذا كان فيه برء على عثل] (2)، فإن كان [مما فيه توقيت من السنة ففيه بقدر ذلك من ديته وما لم يأت] (3) فيه توقيت، ففيه الاجتهاد. قيل لأشهب: روي عن عمر، أنه قضى في رجل كسرت رجله؛ بفريضتين. وقضى به عمر بن عبد العزيز، وقاله في اليد. قال محمد: إنه حكومة؛ لأنه روي عنه أيضا في اليد والرجل؛ تكسر؛ مائتا درهم. فكأنه اجتهد على حسب النازلة، وتفاوت الكسر. وروي عنه أيضا: إذا كسرت، ثم انجبرت على ما كانت، فليس فيها إلا عطاء الجابر. وهو قول عطاء، ومجاهد، والسبعة من فقهاء التابعين (4). قاله عنهم أبو الرناد، وقال عنهم: إن برئت الرجل أو اليد، على شين، ففيه الاجتهاد، وكذلك الشجاج التي دون الموضحة، وجراح الجسد التي لا توقيت فيها، تُبرأ على غير شين، ففيها عندهم أجر المداوي.
قال مالك: وإن ضرب رجلا عمدا، فشجه؛ بها موضحة، ومأمومة عمداً؛ قال: يقتص منه الموضحة وتعقل العاقلة دية المأمومة بعد البرء، وليس بين الجاثفة، والموضحة فصل عقل، والهاشمة؛ أن ينكسر العظم، ولا يخرج منه شيء، ولو خرج منه، كانت منقلة.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) وردت العبارة في ع على الشكل التالي (وإذا برئ شيء من الجراح على عثل).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) في ع (من فقهاء تابعي المدينة).

(13/418)


ومن المجموعة، قال ابن القاسم: وكل ناحية من الرأس سواء؛ في الموضحة وأكبر منها (1)، وحد ذلك منتهى الجمجمة، فإن أصاب أسفل منها، فهو من العنق؛ لا موضحة فيه. قال أشهب: كل ما لو نقب منه وصل إلى الدماغ؛ فهو من الرأس.
ومنه ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيره، عن مالك، في الجائفة، إذا نفذت ففيها ثلثا الدية، دية جائفتين. قال ابن القاسم، في المجموعة: وهو أحب قولي مالك إلي. قال في كتاب ابن المواز، وهو لأشهب في المجموعة: ولكن لو انخرق ما بينهما، ما كان فيها إلا دية جائفة واحدة، كالموضحة؛ تعظم، فكشفت من قرنه إلى قرنه، وإن كان ذلك من ضربات، إلا أنه في فور واحد.
وكذلك المأمومة والمنقلة، ولو لم ينخرق الجلد، حتى يتصل ذلك، وإن كانت ضربة واحدة، واحدة، حتى تصير تلك الضربة مواضح،/ فإن كان ما بين ذلك ورم، أو جرح لا يبلغ العظم، أو صارت الضربة [مناقل، وما بين] (2) موائم (3)، وما بينها مثل ذلك، ولم ينخرق ذلك، فله دية تلك المواضح، والمناقل والموائم.
قال أشهب: وقد قضى الصديق رضي الله عنه في جائفة نافذة، من الجانب الآخر (4)، بدية جائفتين، بعد البرء. وقاله مالك في العمد والخطأ، وإن كان روي عنه غير هذا. قال ابن القاسم، وأشهب، في الكتابين بقول مالك: [الذي فيه] أن فيها جائفتين. محمد: وقاله ابن عبد الحكم، وأصبغ. وفي الباب الأول من ذكر جراح الرأس ما ذكرنا فيه، من مجمل القول، وجرى في باب تنامي الجراح، [ذكر المواضح، والموائم، وفيه] (5) بقية القول في الموضحة، والمنقلة، والمأمومة.
__________
(1) في ع (وأكثر منها).
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) في ع (مآميم) عوض موائم (وكلا اللفظتين جمع للمأمومة).
(4) في الأصل (من الجانب الأيسر) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ع.

(13/419)


ابن حبيب: قال مجاهد: من أصيب بمأمومة؛ فأخبلت (1) الشق، أو كان إذا سمع الرعد، غشي عليه؛ ففيها الدية كاملة.

في دية العقل، ودية الصلب، وما تنامى
من ذلك إلى غيره
من كتاب ابن المواز: ومن ضرب، فذهب عقله، ففيه الدية كاملة، وروي ذلك للنبي- صلى الله عليه وسلم (2)، وقاله عمر بن الخطاب، وغيره [وقال أشهب] (3). قال مجاهد: وفي المأمومة ثلث الدية [فإذا خبلت شقة ففيها الدية كاملة] (4)، وإن أذهبت عقله؛ ففيها الدية كاملة. محمد: ويكون ذلك على العاقلة، وإن كان عمدا؛ إذ لا قصاص فيه. قال أشهب: أما في تخبيل الشق، فإن أمات شقه؛ ففيه الدية كاملة؛ لأن ذلك أذهب يده، ورجله، وليس فيما حمل من بقية الشق شيء؛ لا حكومة، ولا غيرها، سوى اليد، والرجل، وإن دخل في ذلك السمع فصم؛ ففيه الدية أيضا كاملة، وكذلك البصر إن عمي، ففيه أيضا دية كاملة، وإن ذهب مع ذلك قوة ذكره؛ حتى يذهب منه أمر النساء؛ ففيه أيضا دية أخرى.
وقد جرى في الباب الأول والثاني مسائل من دية العقل.
ومن كتاب محمد، والمجموعة: وجرى منه في الباب الأول. قال مالك: في الصلب الدية. قال عنه ابن وهب، فإن برئ، وفيه انحناء أعطي (5) بقدر ذلك. قال ابن القاسم، وأشهب، في المجموعة: ومعناه في كتاب/ محمد: إنما تكون
__________
(1) في الأصل (فأحبلت الشق) بالحاء المهملة والصواب ما أثبتناه.
(2) رواه الإمام مالك في موطئه في كتاب العقول باب ما جاء في عقل الشجاج.
(3) (وقال أشهب) ساقطة من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) كلمة (أعطي) ساقطة من الأصل.

(13/420)


الدية في الصلب، إذا أقعده، فلم يقدر على القيام. قال أشهب: وما نقص من قيامه، فبقدر ذلك (1).
قال ابن القاسم: وإن مشى على شين أو حدب، ففيه الاجتهاد، بقدر ذلك من الدية؛ مما ذهب من قيامه. قال أشهب، في كتاب ابن المواز: فإن كسر الصلب، فأقعد ثم برئ، وعاد لهيئته، فلو رأيت فيه القصاص، لوجب عليه القصاص، ولكنه لا قصاص فيه؛ لأنه متلف [فهو كالخطإ] (2)، فإن برئ، وعاد لهيئته، فلا دية عليه، ولا قصاص إلا الأربع الجراح التي ذكرنا؛ في الرأس؛ فإن فيهن ديتهن، وإن برئن.
وجرى في الباب الثاني ذكر دية العقل؛ تؤخذ، ثم يعود عقله. ابن حبيب: قال ابن الماجشون: وفي الصلب ثلاث وثلاثون [فقارة، فإذا كان في الصلب الدية؛ ففي كل فقارة ثلاثة] (3) من الإبل. فقال: إنما الدية في الصلب، إذا انكسر، فلم يقدر على الجلوس. وإذا نقص جلوسه؛ فبقدر ذلك من الدية. وإن عاد لهيئته؛ فلا شيء فيه غير الأدب في العمد.

فيمن أصيب بجرح عمداً، أو خطأً، فتنامى
إلى ما هو أكثر منه، أو تنامى إلى النفس
بعد قود أو عفو أو قبل ذلك، وفي تنامي
جرح المستقاد منه
من المجموعة: ابن وهب، وعلي، في جراح العمد، ينتشر، وتعظم الجراح، فليس عليه قود، إلا مثل ما أصاب، وليس عليه فيما انتشر قود، [إلا العقل] (4)،
__________
(1) في ع (فبحساب ذلك).
(2) (فهو كالخطإ) ساقطة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(4) في ع (وإنما فيه العقل).

(13/421)


إلا أن ينتهي إلى النفس فيقتل فيه بقسامة. قال ابن الماجشون: والفرق بين التنامي إلى النفس [وما يزيد من الجراح] (1) إلى غضوان النفس، لا بعض فيها للقود. والجرح فيه للقود بعض، فليجعل الجديد موضع جعله الأول.
ومن العتبية (2)، روى عيسى عن ابن القاسم فيمن جرح رجلاً عمداً، فأحد حتى برئ، فاقتص من صاحبه، ثم انفجر جرح الأول، فمات. قال: يقسم أولياؤه: لمات منه. ثم يقتلون جارحه. وإن كان قد اقتص، فلا يكون له من الجروح شيء.
ومن العتبية (3) قال/ ابن القاسم، وأشهب: ومن قطع يد رجل عمدا أو خطأً، فعفا عنه، ثم مات من القطع، فإن عفا عن الجرح، لا عن النفس؛ ففيه القود من النفس؛ في العمد، والدية في الخطأ، وذلك بالقسامة. قال أشهب: ولو قال في عفوه: عفوت عن الجرح، وعن كل ما ترامى إليه. فذلك لازم، ولا قود فيه ولا دية [إذ أخرجت الدية من ثلثه].
قال علي عن مالك: إذا شجه في حاجبه عمداً فانتشرت (4)، فأذهبت عينه؛ فإنه يقاد منه بالشجة، وتعقل بالعين.
قال ابن القاسم، وابن وهب، وغيره عن مالك: وإذا اصاب أنملته عمدا، فأذهب أصبعا أو أصبعين، أو شلت يده، ثم برئ فإنه يقاد منه بالأنملة، ثم يتربص به، فإن تنامى ذلك إلى ما بلغ الأول فأكثر، برئ الجاني، وإن نقص عن ذلك، عقل له ما بقي، فإنه لأمر مختلف فيه، وهذا أحب ما فيه إلي.
ومن كتاب ابن المواز: والفرق بين تنامي الجرح إلى النفس، فيقتل به، ولا يقتص فيما يتنامى إلى غير النفس، وذلك أنه إذا بلغ النفس، اقتص من النفس،
__________
(1) العبارة في ع (وبين التنامي في الجراح).
(2) البيان والتحصيل، 16: 126.
(3) البيان والتحصيل، 16: 120.
(4) في الأصل (فانتزعت) وهي محرفة عما أثبتناه.

(13/422)


وسقط كل جرح، ويعود نفساً، وكذلك قصاص النفس، تسقط كل جرح عليه لغيره. ولو قطعت يداه ورجلاه (1) ثم ترامي ذلك، فمات. لم يكن لهم عليه دية الجوارح، حتى يقسموا: أنه مات من جراحه. فيأخذوا ديتين. فإن نكلوا حلف القاتل وولاته خمسين يمينا: أنه مات منها. ولو مات مكانه، كانت نفسا، وسقطت الجراح، فيقتص بالعقل في العمد، وتكون الدية على العاقلة في الخطأ.
وفي الباب بعد هذا ذكر التنامي في العبد، يجرح ثم يموت من ذلك، وقد أعتق.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب: وإذا اوضحه عمدا؛ فأذهب سمعه وبصره، فإنه يقاد له من الموضحة، فإن بلغت (2) إلى مثل ذلك، فلا شيء له، وإن لم يذهب سمعه ولا عقله ولا بصره، كانت دية العقل والسمع والبصر في مال الجاني.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: يكون/ له دية السمع، والعقل على العاقلة، وكذلك لو تنامت إلى ذهاب يد أو رجل. قلت لمحمد: فقد قلت عن ابن القاسم، وأشهب: إنه إن قطع له أصبعا، فشلت يده؛ أنه يقطع له أصبع، فإن شلت يده، وإلا كانت له دية في اليد؛ في مال الجاني. قال: أما ابن القاسم، وعبد الملك، وأصبغ؛ فيجعلون ما ترامى إليه العمد، ما بقي من ذلك، بعد القصاص؛ لأن العمد جره.
وقال أشهب: إذا ترامى جرح إلى مزيد؛ فيه نفسه، مثل أن لو كان خطأ، لم يكن فيه دية جرحين، ولكن يكون فيه دية جرح واحد، وهو الأكثر. وهذا يكون ما تنامى إليه في ماله، وأما إن تنامى ذلك إلى جارحة أخرى، فذلك التنامي على عاقلته، وجعله كالعمد الذي لا يقدر على القصاص منه، وهو في الجاني قائم.
__________
(1) في النسخ كلها (ولو قطعت يديه ورجليه) والصواب ما أثبتناه.
(2) في ع (فإن تنامت).

(13/423)


قال محمد: وأحب إلي أن يكون في ماله؛ لأن العمد جره. ولو كان على غيره، لكان إذا ترامى إلى النفس، كان ذلك على العاقلة، وهذا لا يقوله أحد، ولابد فيه من القصاص- يريد بقسامة-[لأن أصله عمد] (1).
وقاله أشهب، وأصحاب مالك؛ في جرح العمد في اليد؛ تنامى إلى شلل اليد إن تنامى ذلك في ماله، ولكن يفدى له من اليد، فإن شل ساعده برئ، وإلا كان للأول، بقدر ما زاد شلله على الثاني.
وأما أنا؛ فليس له إلا دية جميع اليد بعد البرء، كما لو قطعها كلها.
ومن المجموعة، قال أشهب: وإذا شجه مأمومة، فتنامى ذلك إلى ذهاب سمعه، وعقله، وبصره، وغير ذلك، ولو كان ما تنامى إليه عشر ديات؛ فله دية ذلك كله، ما بقيت النفس، فإن زهقت النفس، فليس له إلا دية النفس.
قال المغيرة: إذا ذهب بالمأمومة عقله، فله الدية في العقل، وثلث الدية بالمأمومة، وكذلك إن سقط شقة منها، كان له عقل ما أصاب من يده، ورجله، سوى عقل المأمومة.
قال أشهب: إذا أصاب يده؛ من الكف عمدا، ثم يبست يده من ذلك؛ فليفد من كفه، فإن يبست أيضا، فذلك بذلك، وإن لم تيبس،/ فله بقدر الشين الذي أصابه.
قال ابن القاسم: وإذا قطعت يده، فأخذ عقلها، أو صالح منها، ثم تآكلت إلى العضد، فلا شيء له إلا ما أخذ؛ لأنه قد أخذ ما وجب له، أو صالح. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية (2).
قال ابن القاسم، عن مالك، في الكتابين: وإذا شجه موضحة عمدا، ثم صارت منقلة عند العلاج، فإنه يقتص من موضحته بعد البرء، ويعقل ما بين
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) البيان والتحصيل، 16: 141.

(13/424)


موضحة ومنقلة؛ فإنه يخاف أن يكون العلاج هشم منها شيئا، ولو علمت أنها منقلة من أولها، لم يكن فيها إلا ما في المنقلة. وكذلك الملطاة والباضعة، والدامية خطأ ينتشر، ويستغور حتى تصير موضحة، ففيها ما في الموضحة.
وقاله المغيرة، وعبد الملك، في ترامي موضحة العمد، إلى منقلة، وذلك عشر الدية، وكذلك إن ترامت إلى ذهاب سمعه، أو عينه، أو شلت يده، فله عقل التنامي كله.
قال المغيرة، وعبد الملك، في تنامي الموضحة إلى منقلة، أو مأمومة: فذلك يفترق من تناميها، إلى ذهاب العين، ونحوها؛ لأن تلك الشجاج، بعضها من بعض، فكأنه شجة أكبر من شجه، فيدفع عقل الصغرى إلى الكبرى- يريد في الخطأ- وإن أقيد بالصغرى في العمد، عقل ما بينهما، وأما العين، وغيرها؛ تذهب لذلك، فيؤخذ عقلها تاما، والجرح الأول إن كان عمدا، قيد منه، وإن كان خطأ، كان له عقله على حدثه.
قال المغيرة، في كتاب ابن سحنون: إذا جرحه منقلة عمدا، فأذهبت عينه، فليحلف؛ أن عينه منها ذهبت قبل المنقلة، ويكون له عقل المنقلة والعين؛ في ماله. وما عجز ماله عنه من ذلك، حملته العاقلة؛ قل أو كثر.
قال ابن القاسم، وغيره في كتاب ابن المواز، عن مالك: إن تنامت الموضحة الخطأ، إلى المنقلة، وإن أصيبت من ذلك عين (1)، فليعقل الموضحة، وعقل العين.
ومن المجموعة، قال عنه ابن وهب: وإنما يكون منقلة؛ من شق يكون في العظم، فإذا أصابه الدواء، خرج العظم، فصارت منقلة.
__________
(1) في النسخ كلها (عينا) بالنصب والصواب ما أثبتناه.

(13/425)


قال عنه أشهب، وابن نافع/ فيه، وفي العتبية (1) [فإذا جرحه ملطاة عمداً، فلا يقاد له إلا من ملطاة، فإن صارت موضحة، عقلت له الموضحة] (2)، قيل أتعقل له الموضحة كلها، أو ما بين الملطاة، وموضحة؟ فوقف.
قال ابن نافع وعبد الملك، في المجموعة يعقل له الموضحة كلها، إذ ليس دونها عقل. ومن المجموعة قال ابن الماجشون أيضا: ينظر ما يكون في الملطاة خطأ، فيعطى ما بين ذلك، وبين عقل الموضحة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، في الملطاة عمداً، تصير موضحة: أنه يقاد منها ملطاة، فإن صارت موضحة، عقل له ما بينهما، وإن كانت خطأً، ففيها العقل كله.
قال سحنون: في كتاب ابنه مثل هذا، وأنكر قول ابن نافع في العمد؛ إذ قال: يقاد له من الملطاة، فإن صارت موضحة، عقل له عقل موضحة (3) كاملة. قال سحنون: بل له ما بينهما، كقول مالك، في حافر البئر على الجعل؛ يحفر بعضه، ثم يتركه، ثم يستأجر ربه آخر على تمامه: إن للأول من جعله الأول، بقدر ما حفر أولاً. وكذلك الملطاة، إن برئت على شين، بعد أن تؤخر سنة، فيقال: ما قدر ذلك الشين؟ فإن قيل: عشرة. رجع عليه بأربعين؛ أربعة أخماس الدية الموضحة. وقاله ابن سحنون على اختلاف من قوله فيه.
ومن المجموعة، قال أشهب: وإن أصابه بهاشمة عمداً، [فإن بدا لمنقلة الهشم] (4)، فليستأن به (5)، فإن برئ، وقد تنقل العظم، فهي منقلة، لا قود فيها،
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 99.
(2) ما بين معقوفتين جاء في الأصل وع مضطربا وقد صححناه من البيان والتحصيل لينسجم مع سياق الكلام.
(3) في ع (وإلا فله عقل موضحه).
(4) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع وهو مضطرب في الأصل.
(5) (فليستان به) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.

(13/426)


وفيها ديتها؛ عمداً كانت أو خطأً. وإن لم ينتقل العظم، فهي موضحة، إنما عقلها في الخطأ، وله القود في العمد.
قال سحنون: وإذا كان أولها هشم معروف، فلا قود فيها. قال أشهب: وإن استقيد منه بهشم لقوده، مثل ما هشم الأول، أو أكثر، فذلك بذلك. وإن لم يصبه في القود هشم، فلا شيء للمستقيد، إذ لا فصل عندنا بين الموضحة، والهاشمة في العقل إذا لم ينتقل العظم، وكل ما كان في هذا من جراح الجسد، أو اللحي الأسفل، فلا يبالي؛ [انتهى إلى المنقلة أو لم ينته] (1). فإن برئ، وعاد لهيئته، فلا شيء فيه، وإن كان عمدا فيما يستقاد/ منه، أقيد، ترامى إلى أكثر من الأول أو إلى مثله، وإن برئ على عثم، ولم يبر المستقاد منه على عثم مثله، فعلى المستقاد منه قدر الشين، وإن كان مما لا يستقاد في عمده، وبرئ المجروح الأول، بلا شين، فلا عقل فيه، ولا قود، وفي كتاب ابن المواز مثل معناه من أول المسألة، وزاد، فقال: وكذلك لو قطع [أذنه أو قطع] (2) سنة. [فاستقاد منه ثم إن المستقاد منه رد أذنه أو سنة] (3)، فنبتت، ولم يفعل ذلك الأول، فإن له رد ذلك (4) على المستقادرمنه في ماله.
ومن كتاب ابن المواز: وقال في موضحة عمدا لا هشم فيها، تنقلت على الدواء، واختلف قول مالك فيها؛ فقال مرة: يقاد منه (5)، فإن تنقلت، أو زادت (6) برئ، وإلا فله ما بين موضحة، ومنقلة؛ عشر الدية. قال مالك: وإنما يقاد من الجرح الأول، لا تناميه، إلا أن يتنامى إلى النفس، فيقاد للنفس بقسامة، ولا قسامة في الجراح.
__________
(1) ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (أيتها انتقل أولم ينتقل).
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) في ع (فإن له دية ذلك).
(5) العبارة في ص (فقال مرة ينقاد منه) وقد أثبتناه ما في ع.
(6) في الأصل (أو أرادت) والصواب ما أثبتناه من ع.

(13/427)


محمد: وهو قول مالك وأصحابه: إنه لا يستقاد من التنامي. قال عنه أشهب: إن تنامى المستقاد منه، إلى [مثل] (1) ما تنامى الأول فأكثر، فذلك بذلك، وإن نقص عنه عقل له ما بين ذلك، ولو مات المستقاد منه، فلا شيء على المستقيد. قال ابن القاسم: وكذلك لو اقتص منه تعديا بلا سلطان، لم يلزمه غير الأدب. محمد: والقول الآخر لمالك، في موضحة العمد، تصير منقلة: إن القود يرتفع، ويأخذ عقل منقلة. قال: لأني أخاف أنها كانت منقلة من الأول؛ لأن الدواء لا ينقل العظم، أو لأن الضربة هشمت العظم أولاً، وإلى هذا رجع مالك، وهو أحي إلي، وهي خلاف غيرها من الجراح، وقد اخترتك بقول أشهب، وعبد الملك.
وذكر في العتبية (2) من سماع ابن القاسم، اختلاف قول مالك فيها. قال ابن القاسم: ولم يزل مالك يقول: لا قصاص له، وله عقل المنقلة. وقال سحنون. يقاد له من موضحة، ويعقل له ما بين موضحة، ومنقلة. قال: وهو قول ابن القاسم. قال سحنون: وقولي أن كل جرح تفرغ بعضه في بعض مثل ملطاة تصير موضحة، أو موضحة تعود منقلة، أو منقلة تصير مأمومة- يريد في الخطأ- فليحكم فيه بما ترامى إليه، فإن أفرغت إلى غير ذلك؛ من ذهاب عين، أو شلل يد، حكم له/ بحكم الجرحين.
قال ابن المواز: وقال مالك في الملطاة، والباضعة، والدامية- يريد الخطأ- ستغور، فتعود موضحة (3)، ففيها عقل موضحة. وكذلك موضحة تصير منقلة، فإن فيها عقل المنقلة، وهو الأكثر. ولو ذهبت منها عينه، أخذ العقلين [جميعا] (4)، وإذا قطع يده، وأشل ساعده (5)، فإن كان خطأً، فليس له إلا دية [اليد] (6) بعد
__________
(1) لفظة (مثل) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) البيان والتحصيل، 16: 83 - 16 - 106.
(3) كذا في الأصل والعبارة في ع (فتصير موضحة).
(4) لفظة (جميعا) ساقطة من الأصل.
(5) في الأصل (وإذا قطع يده قبل ساعده) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) لفظة (اليد) ساقطة من الأصل.

(13/428)


البرء، كما لو قطعها كلها. وأما في العمد، فليقتص من الكف، فإن شل ساعده (1)، وإلا كان للأول بقدر ما زاد منه على الثاني (2).
في تنامي الجراح، في العبد، والنصراني،
وكيف إن أعتق هذا، وأسلم هذا،
بعد التنامي إلى جرح أو نفس (3)
من كتاب ابن المواز، وكثير منه من كتاب ابن سحنون: قال: وإن شج عبد عبداً، فتنامى الجرح إلى أكثر منه، فهذا كالحر، إن شاء سيده القود منه، أقيد منه، فإن تنامى إلى مثل ذلك، وإلا كان ما بينهما في رقبة [العبد] (4)، مثل أن يكون ملطاة، فيصير موضحة، أو منقلة، أو مأمومة، فيكون له عقل ما زاد على الملطاة، من حر قيمته. إما فداه سيده، أو أسلمه (5)، وكذلك الجائفة. وكذلك لو شجه موضحة، فصارت منقلة، أو مأمومة؛ اقتص له من الموضحة.
قال سحنون: فإن لم يرد سيده، أخذ نصف عشر قيمته. [قال ابن المواز: ثم كان له ما بقي في رقبته على هذا؛ لأن له في المأمومة ثلث قيمته، إلا ما استوفاه سيده، في الموضحة، فيزول من ثلث قيمته نصف عشر قيمته،] (6) ولو تنامى إلى جرح آخر، مثل أن يذهب من الشجة عينه، أقيد من الجشة، فإن ذهبت عين المستقاد منه، وإلا كان له عقل العين كلها في رقبته، فإما فداه أو أسلمه، ولو عتق المجروح بعد الجرح، وقبل التنامي، فلا تكون دية، ولا قصاص، إلا بعد البرء، فيكون للسيد ما بلغ جرحه إلى أن عتق، ويكون ما يتنامى بعد ذلك بحساب دية حر؛ يكون للعبد المعتق.
__________
(1) جملة الشرط (فإن شل ساعده) بقيت بدون جواب سواء في الأصل أو في ع.
(2) العبارة في ع (بقدر ما زاد شينه على الثاني).
(3) كذا في الأصل والعبارة في ع (بعد التنامي إلى جرح آخر أو إلى النفس).
(4) لفظة (العبد) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) العبارة في الأصل (إما فداه به أو أسلمه) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.

(13/429)


وكذلك قال سحنون في العتبية (1). قال في كتاب ابن المواز: وإذا تنامت الشجة بعد العتق؛ إلى ذهاب العين، فإن للسيد القصاص من الشجة. فإن شاء طلب ما نقص من قيمته عبداً. وللعبد/ المعتق في العين، دية عين حر؛ في مال الجاني، إن كان حراً، وفي رقبته إن كان عبداً، دية العين كاملة، بخلاف الجرح يتنامى إلى غير جرح ثان، مثل أن يجرحه باضعة، فيتنامى بعد العتق (2) إلى منقلة. كان ما ينقصه الباضعة، للسيد إن لم يستقد منه، ويسقط من دية منقلة حر، ويأخذ المعتق ما بقي؛ بخلاف العين واليد، فأما لو أعتق الجارح قبل التنامي، لم يتغير الحكم، ويقتص منه (3) سيد المجروح، إن شاء، [ويأخذ عقل التنامي ويحلف سيده أنه ما أعتقه ليحمل عنه شيئا، ثم يرد عبداً فيقتص منه] (4) ثم يخير سيده؛ في فدائه بالتنامي، أو يسلمه به، فإن فداه، عتق، وإن أسلمه، عتق. وإن لم يحلف خرج العبد حرا، وغرم سيده التنامي، أو يسلمه، ويقتص منه سيد المجروح، إن شاء، وهو [حر] (5)، ولو حلف، وأسلم العبد بالجرح والتنامي، وكان التنامي بعد عتق المجروح أيضا؛ فإنه يكون العبد المسلم بين العبد المعتق، وبين سيده. فإن كان جرحه [بعد عتق المجروح أيضا فإنه يكون العبد المسلم بين المجروح المعتق وبين سيده وإن كان جرحه] (6) موضحة، فتنامى بعد العتق إلى منقلة؛ فللسيد في [العبد] (7) المسلم نصف [عشر] (8) قيمة المجروح؛ عبداً. وللمجروح المعتق ثلثا منقلة حر، فيضربان (9) في العبد بقدر ذلك، وإن كان
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 86.
(2) (بعد العتق) كتبت في الأصل بعد العين.
(3) كتبت في الأصل (ونقص منه) وذلك تحريف واضح.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) لفظة (حر) ساقطة من الأصل.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) لفظة (العبد) ساقطة من الأصل.
(8) لفظة (عشر) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(9) في الأصل (فيصيران) وقد أثبتنا ما في ع.

(13/430)


بينهما. ولو تنامت هذه الموضحة إلى زوال عينيه (1)؛ لضرب في الجارح سيد المجروح نصف عشر قيمة العبد، ويضرب فيه الجريح المعتق بدية عين حر.
قال: ولو نكل سيد الجارح؛ ففداه؛ فعتق عليه؛ فإنه يسلم سيد الجارح إلى سيد المجروح نصف عشر قيمة رقبته عبداً، أو يسلم إلى المجروح [المعتق] (2) عقل عين حر، وفي المنقلة ثلثي عقل منقلة، ولو تنامى إلى نفسه، فليس لسيده ها هنا من الجرح شيء؛ لأن الجارح صار قاتلا خطأً، بضربة العمد، وسقط القود حين لم يقف الجرح جرحا.
قال: و [لو] (3) إن عبدا معتقا إلى أجل، جرح، فحل الأجل، فصار حرا، ثم مات من الجرح، فليس على جارحه قود في جرح، ولا دية جرح، جرحه حر، أو عبد، ولا لسيده دية جرح، ولا قصاص له؛ لأن الجرح سقط، وصار قتلا، ويصير فيه دية حر مسلم، من مال قاتل.
وكذلك النصراني؛ يجرح، ثم يسلم، ثم يموت؛ فإن ديته لورثته الأحرار المسلمين؛ دية حر، [إلا أن يكون قاتل العبد عبداً، فيقتل به؛] (4) بالقسامة. وكذلك إن مات النصراني؛ من جرحه، وهو/ مسلم وجارحه؛ [نصراني] (5) فإنه يقتل به بالقسامة، وإذا ترامى جرحه، إلى ذهاب [عينه] (6) بجرحه، فلا يقال: إنه تعمد ذهاب عينه. وإن ترامى إلى النفس، فقد قتله، ولولا أنه قتله، لم يقتل به.
قال ابن المواز: سمعت ابن عبد الملك، يقول هذا ونحوه. قال أصبغ، عن ابن القاسم، في العبد، يجرح، فيعتقه سيده (7)، ثم يموت من جرحه: إن ورثته
__________
(1) العبارة في ع (إلى ذهاب عينيه).
(2) لفظة (المعتق) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) لفظة (لو) ساقطة من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين جاء في الأصل على الشكل التالي (إلا أن يقول قاتل العبد عمدا فيقتل به) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) لفظة (نصراني) ساقطة من الأصل.
(6) لفظة (عينيه) ساقطة من الأصل.
(7) حرفت في الأصل إلى قوله (ويقتل سيده) والصواب ما أثبتناه من ع.

(13/431)


يقسمون، ويستحقون ديته في مال الجارح. وبلغني أن ابن القاسم: يمين واحدة (1). قال ابن القاسم: وقال بعض الناس: إن فيه عقل عبد. وهو قول بعض العراقيين. قال أصبغ- وهو قول أشهب-: فيه دية عبد، وجرح عبد. وهو القياس، ولا أقوله.
وقال [ابن القاسم] (2) وابن عبد الحكم، في العبد، والنصراني؛ يجرحان، ثم يعتق هذا، ويسلم هذا، (ثم يتنامى الجرحان؛) (3). فيموتان. فإن الحكم؛ فيه يوم جرح، لا يوم يموت؛ فجرحه جرح عبد وجرح نصراني. وذهب ابن القاسم؛ أن عقله عقل حر مسلم، وترثه ورثته، الأحرار، ولا تجب ديته إلا بقسامة ورثته الأحرار، لمات منها، ولهم الدية في ماله؛ ألف دينار؛ في العمد. والخطأ لا شيء فيه على العاقلة. وقاله عبد الملك، وأصبغ.
قال ابن القاسم: ولم أقتله في العمد (4) لعظم القتل، وما دخله من الشبهة. ولو قال قائل: فيه دية عبد، لوجد مطعنا، ولا أرى في عمده وخطئه، إلا الدية بقسامة، لأنه قد عاش.
ابن القاسم: ولو كان قد أنفذ الجارح مقاتلة، ثم أعتقه [سيده] (5)، ثم مات. قال: هو سواء، وفيه دية حر، ويورث بالحرية. وقال أشهب، في مسلم جرح نصرانيا، ثم أسلم، ثم ترامى جرحه، فمات: إن ديته دية نصراني، في مال الجارح يأخذها أولياء النصراني.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه؛ قال ابن القاسم، فيمن قطع يد عبد، ثم عتق، ثم مات؛ فلا قود فيه، وفيه دية حر بقسامة؛ في مال الجاني حالة. وقال
__________
(1) حرفت في الأصل إلى قوله (تصير واحدة) والصواب ما أثبتناه من ع.
(2) (ابن القاسم) ساقطة من الأصل.
(3) في الأصل (ثم يترامى الجرحان) ولعله تحريف عما أثبتناه وعوضت هذه العبارة في ع بقوله (فينزيان في الجرح).
(4) في الأصل (وإلا قتله في العمد) وقد أثبتنا ما في ع.
(5) كلمة (سيده) ساقطة من الأصل.

(13/432)


أشهب: فيه قيمة عبد؛ لمعتقه. ابن القاسم: وكذلك النصراني؛ يسلم بعد أن جرح، ثم يموت؛ من ذلك؛ ففيه دية حر، يصاب، بجرح، ثم يحل الأجل، ثم يموت؛ فإنما فيه/ قيمته يوم جرح لسيده، عند أشهب.
ومن ضرب بطن أمة؛ قد أعتق ما في بطنها؛ فألقته ميتا؛ ففيه عقل جنين الأمة في قول جميع أصحابنا. وإن استهل؛ ففيه دية حر بقسامة [عند ابن القاسم] (1). ولا قود فيه، وإن تعمد الضرب. وقال أشهب: بل فيه قيمة [عبد] (2)؛ لمعتقه. وأما العبد شجه عبد، أو حر؛ موضحة، ثم يعتقه، ثم يموت منها، ففيه دية حر بقسامة.
قلت لسحنون: قال بعض الناس- يعني الشافعي-: تكون لسيده دية حر؛ في مال الجاني، [ويغرم للجاني دية نفس] (3)؛ في ماله، يأخذ منها السيد دية الجرح؛ إن كان قطع اليد أخذ في ذلك نصف قيمة العبد، يوم جني عليه، ما بلغت. وما بقي، لورثته. وإن كان نصف قيمته أكثر من دية، أخذ السيد جميع الدية، وبطل ما زاد؛ لأنه مات حرا، فليس فيه أكثر من دية، أخذ السيد جميع الدية، وبطل ما زاد؛ لأنه مات حرا، فليس فيه أكثر من دية حر. وكذلك في غير اليد، من الجراح. قال سحنون: السنة تدل على خطأ هذا؛ لأن الناس لا يختلفون، أن كل جرح تنامى إلى النفس، أن الأمر يرجع إلى النفس، ويبطل الجرح، ولا يكون في النفس دية جرح ونفس. وكذلك أجمعوا في قطع اليد (4)، ويموت منه؛ أنه يبطل حكم اليد، ويصير القصاص في النفس؛ فيلزمه أن يوجب القصاص في اليد؛ في العمد، أو الدية في الخطأ، ويوجب دية النفس بعد ذلك. وقد ناقض في إسقاطه ما زاد على دية النفس، في قيمة يد العبد، عنده إن كان قيمة نصفه يوم القطع ألفين (5)، فلم أسقط بقية القيمة، إن كان حكم اليد قائما؟ فليستوعب ديتها، وإلا ناقض.
__________
(1) (عند ابن القاسم) ساقطة من الأصل.
(2) لفظة (عبد) ساقطة من الأصل والعبارة في ع (بل قيمته لمعتقه).
(3) ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل (ويغرم الجاني دية حر).
(4) في الأصل (اجمعوا في قطع العضو) وأثبتنا ما في ع لتلاؤمه مع سياق الكلام.
(5) في الأصل (ألفان) والصواب ما أثبتناه.

(13/433)


قلت: تقول في حر أوضح عبدا خطأً، ثم عتق، ثم ذهبت منها عينه: إن أرش الموضحة لسيده، وله هو دية عين حر. قال: هذا جرح أفرغ إلى جرح، ولو أفضت الجراح إلى النفس، بطلت الجراح في إجماعنا. [ولا يزاد في الحر تفرغ موضحته عمدا إلى زوال العين، وإن استقيد من الموضحة] (1) فإن تنامت إلى العين، وإلا عقلت العين. قال: ولو نكل ولاة الدم (2) في المعتق، عن القسامة، لم يكن لهم عقل اليد، وذلك لسيده.
وذكر ابن سحنون عن أبيه، في عبد شج عبدا، موضحة عمدا، ثم عتق المجروح، أو كان معتقا إلى أجل، ثم تنامت إلى منقلة. مثل ما ذكر ابن المواز/ في أول الباب؛ أن لسيده أخذ أرش الموضحة؛ نصف عشر قيمته، إن لم يرد القود، ويكون ما زادت موضحة عبد إلى منقلة حر، ومأمومته للمجروح، وأما إن ذهبت منها عينه، فبخلاف ذلك وهذا للمعتق دية عين عبد كاملة، في رقبة الجاني، ولو شاء السيد القود من الموضحة، فله ذلك، ثم إن تنامى ذلك، إلى ما تنامى الأول، فلا شيء للمعتق، وإن يتنام، كان للأول ما ذكرنا. وإن لم يرد القود، فالجاني مرتهن بنصف قيمة المجني عليه؛ في الموضحة، ودية عين حر، فإن أسلمه سيده، تحاصا فيه؛ المعتق، وسيده؛ بقدر ذلك، ولو أعتق الجارح، فذكر مثل ذكر ابن المواز سواء.
قال ابن سحنون: ولو كانت الموضحة خطأ، تنامت بعد عتق المجروح، إلى منقلة، أو مأمومة، كان على أصله؛ لا شيء لسيد المجروح، وتبطل الموضحة، ويصير للمعتق عقل منقلة، أو مأمومة، إن كانت. وأما إن تنامت إلى عين، فها هنا للسيد نصف عشر قيمته، وله هو دية عين حر، ويصير الجارح بذلك رهناً.
__________
(1) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (أولا يرى الحر تفرع موضحته عمدا إلى زوال العين إنما يستفيد من الموضحة) وقد آثرنا ما في ع لوضوحه.
(2) كذا في الأصل والعبارة في ع (ولو نكل ولاة المعتق).

(13/434)


وفي الجزء الثاني، وهو كتاب القصاص، باب في النصراني والعبد؛ يجني جرحا، أو قتلاً، ثم يسلم، أو يعتق بعد ذلك؛ فيه بقية معاني هذا الباب، وفيه ما تكرر فيها.
فيمن أصيب بجراح؛ في ضربة واحدة؛
من يد، أو أيد
من المجموعة، قال ابن وهب، عن مالك: المجتمع عليه عندنا؛ أن في النفس دية واحدة، وإن تفرقت في جسده الجراح، بيد واحدة أصابته، أو أيد متفرقة، مثل أن يشج مأمومة، وتقطع يده ورجله؛ ففي ذلك دية وثلث.
قال في موضع آخر: فإن مات من ذلك، بطلت الجراح، وصارت نفساً.
قال سحنون، في كتاب ابنه: ولم يختلف؛ أن الجراح إذا آلت إلى النفس (1)، أن الجراح تبطل، ويكون فيه القود (2) بقسامة، إن كان عمداً، وإن كان خطأً، كان الدية.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك: ومن أصيب في أطرافه بأكثر من دية؛ فذلك له إن أصيب يداه، ورجلاه، وعيناه، فله ثلاث ديات، ثم إن أصيبت نفسه؛ فله ديتها.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا شج منقلة؛ فذهب منها بصره،/ ومات من فوره؛ فلأوليائه دية البصر، مع دية المنقلة، على عاقلة الجاني. قال أصبغ: صواب.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: ومن أصيب بجائفتين، أو مأمومتين، ومثقلتين؛ فإنه يعقل كل ذلك له، وإن أوضح في وجهه ورأسه [موضح] (3)؛ فله عقل ذلك كله؛ كل موضحة خمسون ديناراً، وإن أوضحه
__________
(1) كذا في الأصل وهي في ع (إذا ترامت إلى النفس).
(2) في الأصل (ويكون فيه القتل) وقد أثبتنا ما في ع.
(3) لفظة (مواضح) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.

(13/435)


من قرنه إلى قدمه، فإنما له عقل موضحة واحدة. قال أشهب: إن كان ذلك في ضربة واحدة، أو ضربات متواليات، فأما إن ضرب ضربة، فأوضحه موضحتين؛ بينهما فرجة، ثم بدا له، فضربه ضربة خرقت ما بينهما، فله عقل ثلاث مواضح.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإذا ضربه واحدة عمدا؛ فشجه موضحة، ومأمومة، اقتص من الموضحة، وتعقل العاقلة المأمومة. قال أشهب، في رجل أنصاري قطع يد رجل خطأً، ثم قطع رجله رجل من سليم خطأً، فمات المجني عليه: إن على عاقلة القاطعين دية بغير قسامة.
ومن كتاب ابن سحنون روى أصبغ، عن ابن القاسم، في رجل قطع يدي رجل، ورجليه، وأنثييه، ثم يموت بعد أيام؛ أن ورثته ليس لهم إلا دية واحدة، ولا يأخذون ما فوقها بالشك. وقال أصبغ: بل لهم ثلاث ديات. واختار سحنون قول أصبغ. وذكره ابن المواز؛ إن قال أولياؤه: لم يمت من هذا. وقال الضارب: من ذلك مات. فليحلف ولاة الميت: [أنه ما مات من جراحه ويكون لهم ثلاث ديات فإن نكلوا حلف الضارب] (1) انه من هذه الجنايات مات؛ خمسين يميناً. قال ابن القاسم، وأشهب: ولو مات مكانه، سقطت الجراح، وكانت نفساً؛ إن كانت خطأً، فدية النفس على العاقلة. وإن كانت عمدا، اقتص منه بالقتل فقط.

في إيقاف [الحكم في] (2) الجراح إلى تناهيها، في العمد، والخطأ،
وذكر ما يوقف ديته من سن الصبي وشبهه
من المجموعة، روى ابن وهب، وابن القاسم، عن مالك، قال: الأمر المجتمع عليه عندنا؛ أنه يقاد من كسر اليد، والرجل، وأنه لا يعقل في الخطأ، ولا يقاد في العمد؛ الجراح، حتى يبرأ المجروح، فيستقيد، ثم إن تنامى جرح المستقاد منه إلى النفس، أو إلى أكثر/ منه؛ فلا شيء على الأول، ولو برئ، وشل الأول، أو برئ
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) (الحكم في الجراح) ساقطة من الأصل.

(13/436)


جرحه على عثم، فلا قود في ذلك، ويعقل له بقدر ذلك الشين، [قال عنه في مال الجاني دون العاقلة ويتبع به في عدمه وكذلك] (1) جراح الجسد.
قال أشهب: إنما لا يقاد من الجراح حتى تبرأ؛ لأنها قد تفرغ إلى النفس، فلا يؤخذ بقصاص جرح، ونفس. وإن كان جرح يقاد منه (2)، فلا يجمع عليه دية جرح، وقود نفس. وإن كان خطأ، فقد يعود نفساً، أو يصير إلى تحمله العاقلة، وكان بما يكون في ماله. فأما كل جرح تحمل العاقلة أوله، كالجائفة، أو مأمومة، أو مواضح؛ تبلغ الثلث (3)؛ فقد لزم العاقلة الثلث الآن، وله تعجيل ما حل منها. وما تنامى إلى زيادة، فله ما تنامى. ولم ير ابن القاسم أن يعجل له شيء؛ إذ قد يجب على العاقلة دية النفس، بقسامة.
قال ابن القاسم: وكذلك مقطوع الحشفة، لو قال: لي الدية بكل حال، فلم تؤخرونني (4)؟ لم يكن بد من تأخير ذلك، ولعل ذلك يؤول إلى زوال جارحة أخرى. وقال أشهب في هذا أيضاً: لولا ما مضى من فعل السلف؛ أن لا قود ولا دية، حتى يبرأ الجرح. وبلغني ذلك عن الصديق، لكان هذا يؤخر، ولا أدري لعل هذا أصل، ولا ينبغي خلافة، ولعل من يتوقف في هذا؛ أن قد ينبت الحشفة. وقد قال مالك: إن اللسان ينبت؛ فلا تعجل فيه بالدية.
قال أشهب: [ولا أفرض عليهم الدية حتى تبرأ الحشفة فإن بقيت سنة ولم تبرأ فلتفرض] (5). عليهم في ثلاث سنين متبدأ (6)، ولا يحسب ما تقدم. وذكر ابن المواز من اختلاف ابن القاسم، وأشهب مثل ما ذكر ابن عبدوس [وأخذ ابن القاسم] (7) بقول أشهب، وذكر عن أشهب، في الحشفة مثل ما تقدم ذكره.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) كذا في ع والعبارة في الأصل (وإن كان لا يقاد منه).
(3) في ع (تبلغ ثلث الدية) عوض تبلغ الثلث المثبتة من الأصل.
(4) في النسختين معا (فلم تؤخروني) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(6) كذا في الأصل وهي في ع (مؤتنفة).
(7) في ع (وأخذ ابن المواز) عوض وأخذ ابن القاسم المثبتة من الأصل.

(13/437)


ومن كتاب ابن المواز، قيل: أينتظر بالجرح قبل أن يحكم فيه بدية أو قصاص، إلى البرء، وإن جاوز السنة أو يحكم عند مضي السنة، وإن لم يبرأ؟ قال: فذكر الوجهين عن مالك. قال عنه ابن القاسم، وابن وهب، في السن تصفر، والعين تدمع، واليد تكسر، والشجة أو الكسر كله، أو الظفر: يؤخر ذلك سنة، فإن انتهى إلى ما يعرف، عقل. وذكر هذا ابن عبدوس من رواية ابن وهب، وذكره من رواية ابن القاسم: فإن أصابها في السنة ذهاب البصر، أو اسودت السن، أو شلت اليد؛ فقد تم عقلها. وقال المغيرة تؤخر الجراح في العمد، والخطأ، فإن قال أهل المعرفة: قد برئ، فليقتص/ في العمد، ويعقل في الخطأ. ولم أسمع لذلك توقيتا يؤقته أهل العلم.
ومن كتاب ابن المواز: [ويتأخر السنة بأحد. أشهب] (1). قال: وينتظر بالعين تبيض إلى تنامى أمرها، وأن يستقر مقرها، فيعقل ما ذهب منها، وإن كان قبل السنة. وليس مرور السنة انتظاراً، وذلك في الخطأ. قال أشهب: فإذا مضت السنة، والجرح بحاله، عقل مكانه ثم إن برئ، فله ما أخذ وإن ترامى إلى أكثر من ذلك، طالبه بما زاد، والظالم أولى بالحمل.
قال ابن القاسم، وأشهب، في الكتابين: والعين تضرب؛ فيسيل دمها. فإن تمت سنة، وهي كذلك، ولم ينقص من نظر العين شيء؛ ففيها حكومة. ابن المواز: أما مثل العين تدمع، والجراح التي يكون مثل هذا حالها، فقد ثبتت على ذلك، [وبرئ؛ فهذه تعقل عند السنة. وأما غير ذلك،] (2) من جميع الجراح، فلا عقل ولا قصاص فيها، إلا بعد البرء. وإنما معنى قول مالك عندي: يستأني سنة؛ أنه عندي لا يأتي سنة [إلا وقد انتهى] (3)؛ لأنه قال مع ذكر السنة: فإن انتهى إلى ما يعرف عقل. وقال محمد: لا يعقل جرح، ولا يقتص منه، إلا بعد
__________
(1) ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل (وتتأخر السنة أحد أشهر) ولا معنى لذلك.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/438)


البرء. وروي ذلك عن أبي بكر الصديق. وكذلك روى ابن وهب، عن مالك: يستأنى بالموضحة؛ حتى يعرف ما تصير إليه. قال عنه ابن عبد الحكم: ينتظر بمثل هذا ونحوه. وكذلك قال عنه ابن القاسم: ينتظر به البرء، وبعد السنة. وقاله ابن عبد الحكم.
وذكر ابن المواز، في المأمومة، والجائفة، وما بلغ ثلث الدية؛ من مواضح الخطإ، خلاف ابن القاسم، وأشهب؛ في تعجيل ثلث الدية، كما ذكرنا، وأخذ بقول أشهب؛ لأنه إما أن يكون على العاقلة ثلث الدية، أو أكثر من ذلك، لابد منه، أو من النفس. فأما العمد من الجراح أو الخطإ، فلا يحكم فيه بعقل ما بلغ ثلث الدية، ولا أقل، ولا أكثر. ولا قصاص في عمد، إلا بعد البرء، والتناهي؛ لأن [ما بلغ الدية من ذلك] (1) الخطإ، إن رجع، لم يكن في ذلك شيء، وإن برئ على أقل من الثلث، لم يلزم العاقلة؛ ولعل ما كان أقل من الثلث، منه [يؤدي إلى أكبر من الثلث فلا يلزم الجارح إلا ما يلزم جميع العاقلة، وكذلك العمد من جميع الجراحات لو اقتص منه] (2) قبل برئه، أو عقل منه ما لا/ قصاص فيه؛ لعله يخرج إلى النفس؛ فلا يكون فيه عقل، ولا قصاص [من جرح].
ومن المجموعة، قال ابن القاسم: ينتظر بالجرح سنة؛ حتى يعلم ما يصير إليه، ويستأنى بالموضحة، إذا لم تبرأ.
قال ابن نافع، عن مالك: سمعت في العين، والظفر؛ فيطمع بهما أن يؤخرا سنة. قال ابن نافع: وإن مضت سنة، والعين منخسفة، لم تبرأ، فلينظر حتى تبرأ، ولا قود ولا دية، إلا بعد البرء، وإذا استؤني بمن جرح موضحة، فسقط عليه جدار؛ فمات. فله عقل موضحة.
قال ابن القاسم، في الأصبع يقطع، أو ما هو دون الثلث: فليوقف عقله، فإن برئ؛ أخذه. وإن تنامى إلى أكثر (3) من الثلث، رد إلى الجارح، وحملته
__________
(1) العبارة في الأصل (ما بلغ الثلث من ذلك) وأثبتنا ما في ع.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) في ع (وإن ترامي إلى أكثر) فقد أثبتنا ما في الأصل.

(13/439)


العاقلة، وكان الجارح كرجل منهم، فأما ما تحمله العاقلة، يستأنى به، ولا يوقف له عقل؛ لأن العاقلة أمر مأمون، وأما الجارح، فقد يذهب ماله.
وكذلك في سن الصبي يقلع، قبل يثغر [وكذلك في العتبية (1) عن سماع ابن القاسم ومن المجموعة قال أصحاب مالك عنه وذكر وفي العتبية (2) أصبغ عن ابن القاسم في سن الصبي لم يثغر] (3) تطرح خطأً. قال: يوقف جميع عقلها، فإن نبتت، رد ذلك إليه، وإن لم تعد كان ذلك للصبي، وإن مات قبل أن تنبت، كان ذلك لورثة الصبي.
قال في العتبية (4)، والمجموعة: وإن يئس من نباتها، أخذه الصبي، وإن لم ينبت قدرها، أخذ من ديتها بقدر ما نقصت. قال ابن القاسم: وإن نبت بعضها، ثم مات، دفع إلى ورثته عقلها، وكل من ذكره فنحوه لأشهب في المجموعة.
وقال فيها ابن القاسم وأشهب، وهو لمالك في العتبية (5): وإن نزعت عمدا، وضع العقل، ولا يعجل بالقود، فإن نبتت (6)، فلا عقل، ولا قود، وإن لم تعد؛ اقتص منه، وإن عادت أصغر من قدرها؛ أعطي عقل ما نقصت. قال ابن القاسم: وفي قياس قول مالك؛ إن الصبي، ولم تعد؛ اقتص منه، ولا عقل فيها.
قال سحنون مثله في المجموعة (7) وزاد (8): وإن مات الرجل، ولم ينبت السن، فقد ذهب ما فيه القصاص. قال سحنون: لا أرى أن يوقف عقل السن
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 196.
(2) البيان والتحصيل، 16: 196.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع ..
(4) البيان والتحصيل، 16: 196.
(5) البيان والتحصيل، 16: 66 ضمن شرح رسم يتعلق بالذي يضرب فيذهب عقله.
(6) في ع (فإن عادت) عوض فإن نبتت.
(7) في ع (قال سحنون مثله في العتبية) عوض في المجموعة المثبتة من الأصل.
(8) في ع (وروى).

(13/440)


كلها؛ لأن السن قد يكون فيها النقص، ولا يمنع ذلك من القصاص، مثل الأصبع من اليد، ولكن يوقف من عقل السن ما إذا نقصت السن إليه لم يقتص له. قبل: كم ذلك؟ قال: هو/ معروف كالعين يضعف نظرها (1)، واليد يدخلها النقص اليسير.
قال أشهب: فإن كان الصبي حين قلعت سنة، قد أثغر، وتنبت أسنانه، فله تعجيل العقل؛ في الخطإ، والقود؛ في العمد. وكل ما ذكرنا من مسائل سن الصبي؛ ففي كتاب ابن المواز مثله، إلا ما نسب إلى سحنون؛ فمن كتاب ابن حبيب.
قال ابن الماجشون، عن مالك: وأنا أقوله؛ إنه ينتظر بالعقل سنة؛ لأنه وإن صح جرحه، وظهر عثله (2)، فقد يرجى نقصان ذلك العثل (3)، ولكن ما استقر عليه بعد السنة، حكم به، وليس العقل كغيره من الجراح؛ ينتظر برؤها. فإذا برئت، حكم فيها بالقود أو العقل، وإن قبل السنة. وقاله أصبغ؛ قال: وإن جاءت السنة، ولم يبرأ حكم فيها بالقود، ولم يؤخر، فإن ترامى ذلك إلى عضو آخر، أو موت؛ اؤتنف فيه الحكم، كما لو انتقص بعد البرء.

في الجراح، يؤخذ عقلها [ثم تبرأ] (4)، وفيمن
طرحت سنه، أو أذنه، فردها، فنبتت
للجاني أو المجني عليه، في العمد أو الخطإ، ونبت اللسان
من المجموعة، وكتاب محمد: ومن ضربت عينه (5)؛ فانصبت، أو نزل فيها الماء؛ فأخذ ديتها، ثم برئت بعد ذلك. فقال ابن القاسم: يرد ما أخذ. وقال
__________
(1) في ع (كالعين يذهب نظرها) وقد أثبتنا في الأصل.
(2) كذا في ع وقد حرفت في الأصل إلى قوله (وظهر عليه).
(3) كذا في ع وحرفت في الأصل إلى قوله (ذلك العقل).
(4) (تم برأ) ساقط من ع مثبتة من الأصل.
(5) في الأصل (ضربت عيناه) بالتثنية وسياق الكلام يقتضي الإفراد وذلك ما أثبتناه.

(13/441)


أشهب: لا يرد شيئا، إذا كان قد استؤني بها، وبلغت حقيقتها. [ولعله يقضيه مجتهد] (1). قال ابن المواز: إن كان يقضيه قاض، وبعد الاستيفاء والاستقصاء، فلا ير:، وإن عادت قبل القضاء، فلا شيء له.
ومنه، ومن العتبية (2)، قال أشهب،: عن مالك: وإن طرحت سن الكبير خطأ، فأخذ ديتها، ثم ردها؛ فثبتت، إنه لا يرد شيئا. محمد، وقاله ابن القاسم، لكن السن عنده بخلاف غيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها، وإن نبتت قبل أن يأخذ. وقال أشهب: هي كغيرها من الجراح؛ لا شيء له، وكذلك لو ردها؛ فثبتت، إلا أن يكون ذلك قبل أن يأخذ لها عقلا؛ فلا شيء له، إلا في دية العمد، فله القصاص.
ومن العتبية (3) قال يحيى، عن ابن القاسم: ومن قلع أذن رجل، ثم ردها، فثبتت (4) [فإن عادت لهيئتها فلا عقل له فيها وإن كان في ثبوتها ضعف فله بحساب ما يرى من نقص قوتها. قيل له فالسن تطرح ثم يردها صاحبها فتنبت؟] (5). قال: يغرم عقلها تاما. والفرق/ بينهما؛ أن الأذن إذا ردت، استمسكت، وعادت لهيئتها، وجرى فيها الدم، [والسن لا يجري فيها دمها] (6) [ولا تعود] (7) كما كانت؛ وإنما تراد للجمال.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال أشهب [عن مالك] (8)، فيمن طرح سن رجل عمداً، أو قطع أذنه، فردها؛ فلم تثبت، فاقتص من الجاني، فردها
__________
(1) كذا في الأصل والعبارة في ع (ولعل ذلك يقضيه قاض مجتهد).
(2) البيان والتحصيل، 16: 105.
(3) البيان والتحصيل، 16: 158.
(4) في ع (فثبتت) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) كذا في الأصل وكتبت في ع (ولا ترجع).
(8) (عن مالك) ساقطة من الأصل.

(13/442)


الجاني؛ فثبتت. قال: فللمجروح عقل أذنه [وسنه] (1). قال أشهب، في كتاب محمد: ولو ردهما المستقاد منه، فثبتتا [فذاك ولو لم يثبتا] (2)؛ فلا شيء له، ولو كان أخذه من قبل ذلك، فلا يرده.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك؛ فيمن قطعت أصبعه، فقيل ذهب ثلاثة أرباعها، فعقل له، ثم برئت، فلم يذهب منها إلا الربع؛ فقال: أخطؤوا في العقل؛ وليرد نصف عقل الأصبع. محمد: وإنما هذا في الخطأ، وأما في العمد، فله القصاص، على القياس الأول. وكذلك الأذن؛ تقطع عمداً، ثم يعيدها؛ فثبتت؛ فله القصاص.
قاله ابن القاسم، وأشهب، وهو أصل قول مالك فيما فيه القود. قال أشهب: وإن كان خطأ، فلا شيء له، إلا أن يثبت بعد أخذه ما في ذلك من دية، فلا يكون عليه رده.
ومن المجموعة، قال مالك، والمغيرة، وابن القاسم، وأشهب: إن له في السن أن يستقيد في العمد، وإن كان قد ردها؛ فثبتت. قال ابن القاسم [وأشهب] (3): وكذلك الأذن. قال أشهب: ويمكنان مما فعل الأول، فإن نبت له ذلك، وإلا فلا شيء له، وهو جريح الحق. قال المغيرة، وأشهب: وليس له في الخطأ عقل، إذا رد أذنه؛ فثبتت. قال أشهب: وكذلك السن، إلا أن يرجعا على شين، فله قدر الشين. قال ابن القاسم: والذي بلغني عن مالك، في السن؛ لا أدري أفي العمد؛ فيقتص منه أم في الخطإ؟ قال أشهب [والمغيرة] (4) لا شيء له في جراح الخطإ، [إذا ردت فثبتت قال أشهب لا شيء له في جراح الخطإ] (5) إذا برئت على غير شين، إلا في الجائفة، والمأمومة، والمنقلة، والموضحة.
__________
(1) لفظة (وسنة) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) لفظة (وأشهب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) لفظة (والمغيرة) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/443)


وقال ابن القاسم، وأشهب، وعبد الملك؛ في الصلب يكسر، ثم يعود لهيئته؛ فلا شيء له، [قال عبد الملك؛] (1) في كل جرح خطإ، فأما في كل عمد بقدر/ على القصاص، ففيه القصاص، وإن كان خطأ. قال اشهب: والصلب: وإن انكسر، فالدية في ماله، أو بقدر ما ذهب من قيامه-[وقال عبد الملك: الصدر مثله، إذا عاد لهيئته، فلا شيء فيه] (2)، إلا إن برئ على شين، ففيه حكومة.
قال ابن القاسم، عن مالك؛ في قطع اليمين يجرح يمين رجل: إنه لا قصاص في عمده، ولا دية في خطئه- يريد: إذا برئ على غير شين-.
ومن كتاب محمد، قال أشهب، في الحشفة؛ تقطع، ثم تنبت: فلا شيء فيها. محمد: وكذلك كل كسر، وقطع، وكذلك الجراح، إلا جراح الرأس الأربعة؛ المنقلة؛ والموضحة، والمأمومة، والجائفة.
قال أشهب: وكل جرح عمد، وإن برئ، فلابد من القود منه، وإن لم يبرإ المستقاد منه، وقد برئ الأول؛ فلا شيء عليه (3). وإن برئ الآخر، ولم يبرإ الأول، أو كان [برؤه] (4) دون الثاني؛ فله عقل ما بين ذلك، وما برئ من جراح في الخطأ؛ فلا شيء فيه، إلا في الجراح الأربعة؛ برئت على شين، أو على غير شين، وما لا يستقاد منها، فالعمد فيه والخطأ سواء، إلا أن المتعمد يؤدب.
ابن حبيب: قال أصبغ: إذا قطع اللسان، فنبت، وعاد لهيئته؛ ففي عمده القصاص، وفي خطئه العقل، إذ لا يجري فيه الدم، ويجري في الأذن. وقاله ابن القاسم. وقد تقدم هذا، عن ابن القاسم مكررا.
__________
(1) كذا في الأصل وكتبت في ع (وقال ما لك).
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) في ع (فلا شيء له) وقد أثبتنا ما في الأصل.
(4) لفظة (برؤه) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.

(13/444)


في لسان الأخرس، وذكرالخصي، واليد الشلاء،
والعين القائمة؛ تصاب، والعضو فيه الضعف؛
يصاب عمداً، أو خطأً، أو كان فيه نقص أخذ [له] (1)
عقلا أم لا ثم يقطع باقيه، يتجاوز
إلى ما فيه حكومة (2)
من كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال أصحاب مالك عنه: إن الأمر المجتمع عليه عندهم، أن ليس في العين القائمة؛ إذا فقئت بعد ذهاب بصرها، ولا في اليد الشلاء تقطع، إلا الاجتهاد. وكذلك الأصابع؛ إذا تم شللها، ثم قطعت، وكذلك حكم الخصي/ ولسان الأخرس.
قال مالك، في المجموعة: وذكر عسيب؛ قطعت حشفته. فأما مقطوع الأنثيين فقط؛ ففي ذكره الدية كاملة. محمد: قال ابن القاسم، وأشهب: وليس في مثل هذا كله قصاص ما ذهبت منافعه. قال مالك: وكذلك الرجل العرجاء؛ ولم يبق بعد منفعة في الرجل. وأما إذا كان ما نال العضو، قد أزال منافعه بجناية وخطأ؛ فأخذ له دية، فليس فيه إن أصيب بعد ذلك إلا الاجتهاد. وقال أشهب، في المجموعة، وكذلك إن كان ما أصابه بأمر من الله- سبحانه-. قال في الكتابين: إلا السن تسود ثم تصاب؛ ففيها عقلها الآن تاما؛ لأن منافعها قائمة. قال أشهب: وكذلك الأعمى؛ تخسف عينه، ففي ذلك الاجتهاد بقدر الشين، [كأن عمي بجناية، أو ولد به] (3).
قال أشهب، في المجموعة: وكذلك ليس فيما بقي بعد قطع الحشفة، أو المارن، أو الأصابع؛ من يد، أو رجل، إلا الاجتهاد. ولو بقي من الحشفة، أو
__________
(1) لفظة (له) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) كذا في ع وجاءت العبارة في الأصل على الشكل التالي (أو يجاوز إلى ما فيه حكومة) وعبارة ع أسلم.
(3) كذا في ع وجاءت العبارة في الأصل محرفة على الشكل التالي (كما عماه بجناية أو لديه).

(13/445)


المارن بقية، أو من الأصابع؛ من المنكب، أو بقية الرجل؛ من الورك، فهذا يكون له بحساب ما أخذ أولا إن أخذ أولا النصف، فله الآن النصف، وكذلك فيما بقي من شلل اليد، إن قطعت، ففيما بقي منها؛ من ديتها، على ما كان أخذ، ولا يكون فيه الأكثر من الشين، أو مما من الدية، كما أن في الشين؛ في الرأس، ما يجاوز عقل موضحة، فإن كان غير موضحة، لم يزد فيها على ما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم (1)، ولو برئت الملطاة، والباضعة؛ على شين أكثر من عقل الموضحة لكان له أخذه. وذكر نحوه كله، في كتاب محمد. قال في الكتابين: قال ابن وهب، عن مالك، في الذراع يقطع (2)، بعد ذهاب الكف: ففيه الاجتهاد. قال ابن القاسم: وكذلك في الكف تقطع، بعد ذهاب الأصابع.
مالك، في كتاب محمد: وليس استرخاء اللسان، أو الذكر؛ من الكبر، أو ضعف العين، أو الرجل، بمنزلة الجناية عليها، أو أمر ينزل من السماء؛ لأن ما كان من الكبر، ثم أصيب العضو منه، فإن فيه دية كاملة، وما أصابه من جناية جان، أو [من أمر] (3) نزل به، أو مرض، أو سقوط، أو غيره، ثم أصيب بعد ذلك،/ فهذا إنما له ما بقي من الدية.
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك، في عين الكبير؛ تصاب وفيها ضعف، أو العين يصيبها شيء؛ فينقص نظرها، ولم يأخذ لها عقلا، فعلى من أصابه بعد ذلك العقل كاملا. قال ابن المسيب، السن؛ إذا اسودت، تم عقلها، ثم إن أصيبت؛ بعد ففيها أيضا عقلها تاما. قال مالك: ولو أخذ لنقصان العين عقلا، فهو أشكل، قال والعين، وغيرها إذا أخذ فيما أصيب منه عقل، ثم أصيب ما بقي، فإنما له بحساب ما بقي.
__________
(1) ينظر في ذلك كتاب العقول من موطإ الإمام مالك باب ما جاء في عقل الشجاج.
(2) أعاد الضمير في يقطع على الذراع بإعتباره مذكرا وذلك لغة فيه ويستعمل في الغالب مؤنثا.
(3) (من أمر) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.

(13/446)


قال: وما كان من خلقة خلقها الله، ثم ينتقص منها شيء، مثل استرخاء البصر، أو العين الرمدة تضعف من ذلك. [أو اليد، أو الرجل، او السمع؛ يكون فيها ضعف]؛ من كبر أو علة، وهو مع ذلك يسمع، فذلك كله، وفيه ضعف، ففيه كله إن أصيب، عقله كاملا، وأما إن أصيب به فأخذ له عقلا، ثم أصيب، فله ما بقي من العقل.
محمد: وأحسن ما في ذلك عندنا؛ وهو وجه قول مالك، ومذهب ابن القاسم، وأشهب، وإن كان فيه من قول أشهب اختلاف؛ أن العين إذا أصيبت خطأً، وكان أصابها قبل ذلك شيء نقص بصرها. فإن كان أخذ لذلك عقلا، حوسب به، قل أو كثر، وأما من ضعف البصر، فلا يحط له شيء، إلا أن ينقص جزءا معلوما. وإن قل، ثم لا يلزم [إلا ما بقي وإن كان عمدا اقتص منه ولم يحاسب وإن كان ذلك من الجاني أمر السماء ليس هو من جناية ولا ضربة لم يحاسب بما كان] (1) من ضعف البصر، أو الشين اليسير، وفيها عقلها تاما. وقد قال مالك يحاسب في الكف، بما ذهب منها، في الخطأ، وإن قل وإن لم يأخذ لذلك عقلا، أكمل له عقل اليد. وإن كان أصبعا، حوسب به، وإن كان أمرا من السماء.
ومن كتاب ابن سحنون: وفرق ابن الماجشون بين الكف؛ يقطع منها أصبع خطأ، ثم تقطع بعد ذلك خطأ. فقال: إنما له بحساب ما بقي، إلا أن يكون أولا قطعت لقرحة. أو لأمر لا عقل فيه، فإن فيها الآن عقلها تاما. قال ابن القاسم، فيمن أصيبت عينه، أو يده خطأ، فضعفت فأخذ له عقلا، وهو يبصر بالعين، ويبطش باليد، ثم أصيبتا عمدا، ففيهما القصاص. والقصاص والدية؛/ يختلفان؛ فأما الكف يقطع بعضها عمدا، أو خطأً، فإنما له بحساب ما بقي؛ قل أو كثر.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/447)


قال ابن وهب، عن مالك، في سن الشيخ الكبير، تحرك، ففيها العقل تاما، فأما لو أصابها رجل فتحركت شديدا، فله بحساب ما نقص [ثم إن أصيبت فله بحساب ما نقص منها (1) قال ابن القاسم، وأشهب، في السن المأكولة، ذهب بعضها؛ تصاب، [فله بحساب ما بقي] (2). قال ابن القاسم: أصيبت عمدا، أو خطأً. قال أشهب: [إلا إن أكل منها ما له، بال ففيها ديتها كاملة] (3)، [كاليد؛ تنقص أنملة.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: ومن أصابه في رجله أمر من عرق، فضرب؛ فتعرج. له أو يد] (4)، فله بحساب ما بقي منها، كما لو أصابه بمثل ذلك أحد، ومن ساوى بين ما يصيبه من أمر الله، وبين ما يصيبه من الكبر، فقد غلط؛ لأن كل جارحه [لابد أن تضعف] (5) من الكبر. فأما ما يصيبه، فقد يكون وقد لا يكون. وكذلك ما أصابه من نفخ دابة، ثم يصاب ما بقي من رجله، أو يده، أو عينه؛ فله بحساب ما بقي. وكذلك اللسان.
ولو ضرب يده رجل؛ فأشل أكثرهم، ثم ضربه آخر فقطعها، وكان باقي ديتها [أقل من قدر شينها] (6)، فإنما له باقي الدية.
محمد: وإن شجه الحاجب، فبرئ على عثم؛ ففيه حكومة، وإن سلمت العين. وأما إن نقص ذلك من بصره، وإن قل، إلا أن يوضح الحاجب؛ ففيه دية موضحة، مع دية نقصان البصر.
ومن العتبية (7)، روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، عن مالك، فيمن
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) كذا في الأصل وهي في ع على الشكل التالي (ففيها دية ما بقي منها بحساب ما ذهب).
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاء في ع على الصيغة التالية (إلا أن تأكل منها ما لا بال له أو برمد عينه فينقص بصره ثم يصاب قائما فله بحساب ما بقي).
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(5) في الأصل (قد تضعف) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) في الأصل (أقل من سنها) وقد أثبتنا ما في ع.
(7) البيان والتحصيل، 16: 156.

(13/448)


أصيبت أذنه، فذهب بعض سمعه، فله من عقل السمع، بقدر ما نقص، وله مما نقص من الأذن الاجتهاد. [فأما إن ذهب من السمع، فيأخذ فيما زاد على ما قابل السمع حكومة، ما تقدم من أصله، لا شيء له من الحكومة، إذا كان حدا من الدية] (1). [وأما لو ذهب السمع واصطلمت الأذن فليس له في ذلك إلا دية السمع فقط] (2).
ومن كتاب ابن المواز: لا شيء فيما قطع من الأذن، إذا أخذ لنقص السمع عقلا. وقد تقدمت في باب دية السمع والبصر زيادة فيها.
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ، في العين تصاب عمداً، وقد نقص بصرها،/ قبل ذلك بجناية عمدا أو خطأ، اخذ لذلك عقلا، أو لم يأخذ، إن فيها القصاص، كما لو نقصت؛ لكبر، أو لأمر من السماء، وكالكف تنقص أصبعاً بجناية عمداً أو خطأ.
ولو فقئت هذه العين خطأ، لم يكن فيها إلا بقدر ما بقي منها، أصيبت اولا عمدا، أو خطأً. ولو فقئت هذه العين [خطأ لم يكن فيها إلا بقدر ما بقي منها أصيبت أولاً] (3) عمداً أو خطأً، ففيها ديتها كاملة (4).
وأما اليد تصاب خطأ، وهي ناقصة أصبعاً، فلا يبالي كان بجناية جان، أو خلقة، أو بمرض، فإنما فيها بقدر ما بقي منها، وقاله ابن القاسم. وقال ابن الماجشون مثل قوله، في ذلك كله، إلا في اليد، فإنه قال: إنما يقص منها مثل ما يقص من البصر، فيأخذ دية كاملة، إذا لم يأخذ لما تقدم دية، ولا قصاصاً، أو
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع ..
(3) ما بين معقوفتين أثبتناه من ع وقد جاء في الأصل على الشكل التالي (كاليد تقطع خطأً وقد أصيبت أولا منها أصبع) وقد آثرنا إثبات ما في ع نظرا لانسجامه مع سياق الكلام.
(4) في الأصل (فليس ديتها كاملة) وقد أثبتنا ما في ع.

(13/449)


كان خلقه، أو لأمر من الله، فله ديتها كاملة، وإما إن اقتص من الأصبع، وأخذ له عقلا، أو صالح فيه، وعفا عنه، فله بحساب ما بقي. قاله مالك، وأصحابنا.
وكذلك في كتاب ابن سحنون، عن ابن الماجشون: والذي ينتهي إليه نقص اليد في هذا؛ نقص أصبع واحد، فإذا نقصت أصبعا [كف القاطع، أو المقطوع، فبينهما القصاص، وأما إن زاد على أصبع] (1) كف الجارح، أو المجروح؛ فلا قصاص. والعقل في مال الجارح؛ لأنه لا يقاد ناقص بتام، ولا تام بناق، من النقصان، وقاله [أصبغ] (2). وقال، في الأصبعين: المستقيد مخير.
قال أصبغ: وإذا قطع تام الكف كف رجل ناقصة أصبعين؛ [فعقل له ثلاثة أصابع. فإن بقية الكف مختلف فيه، والذي أخذ به أنه لم يبق منه إلا أصبع أوأصبعان] (3)، فله بقية الكف حكومة، مع عقل الأصبع، والأصبعين، وإن بقي ثلاث، فلا شيء له في الكف. وبقية القول في القصاص، من الناقص بالتام؛ في باب مفرد؛ في الجزء الثاني، وهو كتاب القصاص./

في عين الأعور، وباقي البصر (4)
من المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال أصحاب مالك، في عين الأعور الصحيحة تفقأ خطأ، ففيها الدية كاملة ألف دينار. وقال سحنون، في كتاب ابنه: لم يختلف في هذا أصحابنا. قال في المجموعة، عن مالك: وكذلك لو كان أخذ في الأولى ديتها. ومن كتاب ابن المواز قال: وقاله مالك، وأصحابه. وعبد العزيز قال: وقضى به عمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس. وقاله ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير. قال ابن شهاب: وبه مضت السنة، وحكم
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) لفظة (أصبغ) ساقطة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(4) كذا في الأصل وقد جاء العنوان في ع على الشكل التالي (باب في دية عين الأعور وباقي البصر).

(13/450)


به عمر بن عبد العزيز. وقال سليمان بن حبيب: أخذ في الأول دية، وأصابها ذلك بأمر من الله.
قال أشهب، في الكتابين: وقال العراقيون: فيها نصف الدية، كإحدى اليدين. وهذا غير مشنة؛ لأنه ينظر بالعين ما لا ينظر بالإثنين، ولا يمكن ذلك في اليد، والرجل. قال: فأما السمع، فليسأل عنه. فإن يسمع بالأذن ما يسمع بالإثنين، فهو كالعين، وإلا فكاليد والرجل.
وإذا أصيب من كل عين نصف بصرها، ثم أصيب باقيها؛ في ضربة؛ فإنما له خمسمائة دينار؛ لأن ذلك قائم مقام جميع بصره، كما فيها- لو كانت صحيحة- ألف دينار. ولو ضرب صحيح ضربة؛ أذهبت نصف إحدى عينيه، فأخذ ديتها، ثم أصيب بنصف الصحيحة، فله قلعها ثلث الدية؛ لأنه أذهب من جميع بقية بصره ثلثه ولو كان أصيب ببقية المصابة فقط، فليس فيها إلا تمام ديتها؛ مائتان وخمسون ديناراً. ولو ضربه ضربة أذهبت باقيها، وجميع الصحيحة، فله ألف دينار؛ لأنه باقي بصره. قال ابن القاسم، وسحنون: وهذا غير مختلف فيه، بين أصحاب مالك. قال أشهب: ولو أصيبت الصحيحة وحدها؛ ففيها ثلثا الدية؛ لأن ذلك ثلثا بصره، ولو لم يبق غير نصف المصابة، فأصيب باقيها، ففيها خمسمائة دينار، وذلك بخلاف ما لو أصيب ذلك منها صحيحة قائمة.
قال/ ابن المواز، وسحنون: قال غير أشهب: قال ابن المواز، هو، وابن القاسم، وعبد الملك: ليس في هذا مما يصاب من الصحيحة، إذا بقي من الأولى شيء، إلا حساب خمسمائة، وذهبت كلها في ضربة، وبعضها بعد بعض، ما دام في الأخرى نظر، كانت الأولى، أو الآخرة، فإذا لم يبق في الواحدة نظر؛ فما ذهب من الثانية؛ فعلى حساب ألف دينار.
قال ابن سحنون: وبه أخذ سحنون.
قال عبد الملك: ولو بنى على القياس، حتى يجعل في الأخرى ثلث الأخرى، يخرج ذلك إلى خلاف الحق. قال سحنون، في المجموعة: وناقض هذا أشهب؛

(13/451)


فقال هو، وأصحابنا: إذا أصيب ببقية عينه، التي أصيب نصفها، والأخرى صحيحة، إن له تمام ديتها؛ مائتين وخمسين (1)، ويلزمه أن يجعل فيها [ثلث] (2) جميع الدية، كما حكم في الصحيحة بثلثي الدية. وأحسن ذلك، أن يكون له في الصحيحة- إن أصيبت- خمسمائة دينار؛ نصف دية عين الأعور.
قال ابن المواز: وقد قيل لأشهب: فإن ذهب من الصحيحة نصفها؛ فأعطيته ثلث الألف، ثم أصيب باقي بصره؟ قال: له خمسمائة، إن أصيب في مرتين؛ ففي الأولى مائتان وخمسون، وفي الثانية نصف دية عين العور. وقال عبد الملك: قال مالك: وإن أصيب النصفان الباقيان من كل عين؛ في ضربة؛ ففيهما ألف دينار؛ كعين واحدة؛ ففقئت. وإن كان في ضربتين، ففي الأولى، بحساب خمسمائة، وفي الأخرى، بحساب ألف، وكذلك إن بقي من كل عين أقل من النصف، فإن ذهبا؛ في ضربة، فكأنه ذهب ذلك من عين اعور، وإن كان ربع جميع البصر، فهو كنصف عين الأعور، وإن ذهب باقي إحداهما، قبل باقي الأخرى، ففي الأولى بحساب خمسمائة، وفي الآخرة بحساب ألف.
قال سحنون، في كتابه: روى أصبغ عن ابن القاسم، فيمن أصيب بنصف عينه، ثم فقئ باقيها مع الصحيحة؛ أن ليس له إلا ثلاثة أرباع الدية. قال عيسى: إلا أن ينقصها ذلك بأمر من قبل الله؛ [فله فيهما ألف دينار. قال أصبغ: ثم/ رجع ابن القاسم في الغد، وقال: فيها ألف دينار؛ لأنه بصره كله. قال أشهب: قال سحنون: هذا قول أصحابنا، والأول خطأً. وما علمت من يقوله؛ من أصحابنا.
قال سحنون: ومن فقأ لرجل عينا، ونصف عين؛ في ضربة] (3)؛ فله ثلاثة أرباع الدية. ثم إن أصيب بالنصف الباقي؛ ففيه خمسمائة دينار. ولو ذهب
__________
(1) في الأصل (مائتان وخمسون) والصواب ما أثبتناه.
(2) لفظة (ثلث) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.

(13/452)


نصف عين الأعور، أو ثلثها عمداً، أو خطأً، أو جزء منها؛ فله حصة ذلك من ألف دينار.

فيمن يضرب، فيدعي ذهاب بصره،
أو سمعه، أو بعض ذلك، أو يقول
ذهب مني الجماعُ
من المجموعة، قال ابن القاسم، وابن وهب، وغيره: قال مالك- ونحوه في كتاب ابن المواز-، فيمن يضرب، فيقول: ذهب مني سمعي، أو بصري، أو من بصري كذا، وكذا: إنه يقاس له في البصر، بأن يمسك له رجل بيضة، أو غيرها، ثم يباعد عنه، فإن أبصرها، يزيد تباعداً عنها، إلى منتهى بصره. قال: ويبدل عليه الأماكن. قال: وكذلك في السمع؛ يباعد عنه، ويصاح به. قال: فإذا قال: سمعت. فحول له إلى ناحية أخرى. فإن اتفق قوله في قياس النواحي، أو يقارب صدق [وأخذ قوله] (1)، وأخذ بقدر ما نقص من سمعه وبصره، بعد يمينه على ما ادعى، والظالم أحق بالحمل عليه. ولم يذكر ابن وهب عنه اليمين (2). قال أشهب: ويحسب له ذلك على قدر نظر رجل، وسط مثله ينظر، منتهى نظر ذلك الرجل، وسمعه، ثم يقاس ما نقص من ذلك المضروب ثلثا، أو ربعا، أو نصفا، أو ما كان. [ويحسن تحويل المواضع] (3)، ويضرب به في السمع، ويغتفل، ويصاح به حتى يعلم قدر ذلك، بعد أن يحلف.
قال مالك: فإن اختلف قوله، ولم يتفق، فلا شيء له. قال أشهب، وابن القاسم: فإن قال: ذهب جميع نظري أو سمعي؛ إنه يصدق، [مع يمينه] (4). قال أشهب: وإن كانت عينه قائمة، وفيها بياض. قال: ذهب نظرها أو ذهب
__________
(1) جملة (وأخذ قوله) ساقط من ع مثبتة من الأصل.
(2) حرفت في الأصل إلى (الثمن).
(3) كذا في الأصل والعبارة في ع على الشكل التالي (ويختبر بتحويل المواضع).
(4) (مع يمينه) ساقطة من ع.

(13/453)


نظره؛ من عينيه جميعا، [فإنه يغتفل] (1) ويشار إلى عينيه/ جميعا، أو إلى العين التي يقول: قد ذهبت، فإن لم يستدل على كذبه، حلف، وأخذ ما يدعي.
وكذلك من ضرب في رأسه، فيدعي الصمم في أذنيه، أو في إحداهما، [فليغتفل في الصياح به] (2)، فإن لم يظهر كذبه، حلف، وصدق. وقال مالك: نحوه ويحلف ما وجد صمما إلا من هذه الضربة. وكذلك من كتاب ابن المواز.
وروى ابن القاسم، وأشهب، عن مالك- وهو في العتبية (3) من سماع أشهب- فيمن ضرب في عينه الواحدة، فادعى أنه نقص ضوؤها؛ أنه تغلق عينه الصحيحة، وينصب له البيضة، أو الشيء، في مكان، ويبتعد حتى ينتهي إلى مبلغ نظره، ثم يحول إلى موضع آخر؛ يختبر بذلك. فإن اتفق قوله، أعقلت المصابة، ونظر بالصحيحة، وبدلت الأماكن عليه، فإن اتفق قوله، نظر كم نقصت عن الصحيحة، [فعقلت له ويحلف] (4). قال أشهب، وابن نافع، وإن اختلف قوله: لم يصدق. قال مالك: والسمع كذلك. قال أشهب، في الكتابين: ولا يبالي بأي عين بدأت.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا اختلف قوله [بأمر بين] (5)، لم يكن له شيء، فإن اتفق، حلف، وصدق. وكذلك السمع. قال أصبغ: وهذا قول مالك، وأصحابه. قال ابن القاسم، وأشهب: وكذلك في دعوى ذهاب جميع بصره، أو سمعه، أو شمه، فليختبر من الإشارة، في البصر، أو الصوت في السمع، ويغتفل مرة بعد أخرى، فإن لم يقدر فيه في الإختبار (6) حقيقة، أو أشكل أمرة، صدق [وحلف] (7). وقال مالك نحوه.
__________
(1) (فإنه يغتفل) ساقطة من الأصل.
(2) كذا في ع والعبارة في الأصل (فليفعل في الصياح به).
(3) البيان والتحصيل، 16: 107.
(4) في الأصل (فعقلت له وكذلك) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) (بأمر بين) ساقطة من الأصل.
(6) في ع (على الإختبار).
(7) (وحلف) ساقطة من الأصل.

(13/454)


قال أشهب: وروى ما ذكرنا من اختبار ذلك بالبيضة، في النظر، عن علي بن أبي طالب. وقاله عطاء، وابن شهاب.
ابن حبيب، عن أصبغ: وإن ضرب، فادعى أن جماع النساء ذهب منه، فإن استطيع اختبار ذلك، اختبر، وإلا حلف، وأخذ الدية، فإن رجع إليه جماعه، بقرب ذلك أو ببعد، رد ما أخذ، وكذلك كل ما لا يقدر أن يعرف بالبينة، مثل دعواه لذهاب الكلام، أو ذهاب السمع، والجارحة قائمة، فليختبر، ويحلف، ويأخذ الدية. ثم إن رجع إليه، رد ما أخذ، وإن بعد. وقاله ابن القاسم./

في دية المرأة، ومعاقلتها الرجل فيما
دون النفس إلى ثلث الدية
قال أبو بكر بن الجهم: [البغدادي] (1): لم يختلف في أن دية المرأة في النفس؛ نصف دية الرجل، وإنها على النصف في الميراث، والشهادة. والإجماع في حمالة الدية حتى ينزل إلى الثلث؛ ففيه الإختلاف، [فقال السبعة من فقهاء التابعين:] (2) إنها مثل دية الرجل، في الجراح إلى ثلث ديته، فيرجع [حينئذ] (3) إلى عقلها. وما روى مخالفنا عن عمر، وعلي، فإسناد ضعيف. و [روي] (4) لنا عنهما خلافه؛ [وروي عن عروة البارقي] (5)، عن عمر (6) [أنهما سواء] (7) في السن، والموضحة، وروى عنه شريح إلى ثلث الدية. وقاله عمر بن عبد العزيز، والزهري، وعروة، وغيرهم، وروى محمد بن علي، عن علي، عن علي فيما بلغ من الجراح
__________
(1) لفظة (البغدادي) ساقطة من الأصل.
(2) كذا في الأصل والعبارة في ع (فقال الفقهاء السبعة من تابعي أهل المدينة منهم ابن المسيب).
(3) لفظة (حينئذ) ساقطة من الأصل.
(4) لفظة (روي) ساقطة من الأصل.
(5) كذا في ع والعبارة في الأصل (فروى عروة البارقي).
(6) لفظة (عمر) كتبت في الأصل عروة.
(7) (إنهما سواء) كتبت في الأصل (إنه سمع بينهما) وذلك تحريف واضح.

(13/455)


أربعين، فعلى نصف دية الرجل. قال أشهب، في كتابه: وروي عن علي؛ أنها تساويه إلى ثلث عقلها. قال أبو بكر ابن الجهم: لم يختلف عن ابن عباس، وزيد بن ثابت؛ أنها مثل الرجل إلى ثلث ديته. وروي عن ابن مسعود؛ أنها في السن، والموضحة سواء، فلم يجد مخالفنا، عن صاحب، أنها على النصف منه، فيما قل أو كثر؛ لأن عمر، وعليا؛ اختلف عنهما في ضعف روايتهم عنهما؛ فلا حجة لهم من قول السلف، وقد أجمعوا على الثلث، ولم يصح عن صاحب؛ أنها على النصف في كل قليل؛ فكلهم أجمعوا على تساويها فيما قل، فاجتهدنا في حده في الثلث.
قال غيره: ودلت السنة على تساوي الذكر، والأنثى في القليل من الدية؛ من ذلك دية الجنين، سواء فيه بين الذكر، والأنثى، والجناية في الأصل على الجاني، حتى يقوم دليل في انتقالها عنه، إلى العاقلة، ولم نجد دليلا فيما دون الثلث، وهو الحد بين القليل، والكثير، ولم يختلفوا، فيما بلغ الثلث- يريد في معاقلة المرأة، وفيما تحمله العاقلة.
قال ابن الجهم: وقد قال- صلى الله عليه وسلم- «في أصبع مما هنا لك عشرة من الإبل» (1) [فظاهره؛ يتناول الذكر والأنثى] (2)، فإن قيل: فهلا قلته في أربع أصابع؟ / قلت: لإجماعهم فيها. ولا تقس القليل على الكثير؛ لمخالفته له، كما جمعنا بين الأخذ بالنهي عن بيع ما ليس عندك، وأجازوا السلم بالإجماع. [ويحتمل] (3) قول ابن المسيب. هو السنة. أي أنه مستنبط من هذا، ويحتمل أن يكون سنة البلد (4)؛ فإنه متظاهر في التابعين؛ قال ابن هرمز (5) أخذنا بذلك عن الفقهاء.
__________
(1) ورد في باب دية الأصابع من صحيح الترمذي وسنن ابن ماجة كما ورد في موطإ الإمام مالك في كتاب العقول باب ما جاء في عقل الأصابع.
(2) كذا في الأصل والعبارة في ع (فظاهره لا يفرق فيه بين الذكر والأنثى).
(3) لفظة (يحتمل) ساقطة من الأصل.
(4) لفظة (البلد) أثبتناها من ع وقد حرفت في الأصل إلى لفظة (الثلث).
(5) (قال ابن هرمز) حرفت في الأصل إلى قوله (فإن ابن هرمز).

(13/456)


ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال مالك: ودية الحرة المسلمة على النصف من دية الحر المسلم؛ في الإبل، والذهب، الورق؛ [وفي النفس] (1) والأنف، والعين، واليد، والرجل، وما عظم من الجراح. وأما ما صغر منها؛ فديتها فيه على مثل دية الرجل، إلى أن يبلغ ما فيه مثل ثلث دية الرجل، فأكثر فيرجع إلى نصف ديته. قال ابن هرمز: وهذا مما أخذناه عن الفقهاء، ولم نقله برأينا.
ومن كتاب ابن المواز، قيل لأشهب: فهلا قلت ذلك فيمن تنخفض ديته عن المرأة؛ مثل الذمي، والمجوسي؟ قال: لإجماع الفقهاء من الصحابة، والتابعين على ذلك خاصة، ومن خالفنا، فيها لا نجد سلفا، أنهم جعلوها على النصف في كل شيء. وذكر نحو ما ذكر ابن الجهم؛ من قول الصحابة، والتابعين. وزاد، فقال: وما روي عن ابن عباس، وزيد؛ أنها أقل من ثلث [دية الرجل. قول أكثر العلماء.
قال مالك: وهي فيما لم يبلغ] (2) ثلث الدية، وأكثر. يرجع في ذلك إلى عقلها، وفيما دون ذلك؛ كدية الرجل. قال مالك: فإن قطع لها أصبع؛ ففيه عشر من الإبل. وكذلك في ثان، وثالث،؛ من يد أو رجل. وكذلك إن قطع ثلاث من كف؛ فثلاثون من الإبل، ثم إن قطع لها الأصبعان الباقيان؛ من تلك اليد، في مرة، أو مرتين؛ ففي كل أصبع خمس من الإبل. قاله أشهب؛ أنه يضم ما قطع من اليد، إلى ما تقدم من قطعها، ولا يضم حكم يد إلى ما قد قطع قبل ذلك من يد أخرى.
قال مالك: وإن قطع ثلاثة أصابع، ونصف أنملة؛ فله أحد وثلاثون بعيرا، وثلثا بعير. ولو كان لها ثلاث أصابع، وأنملة، كان لها بحساب ديتها. وإن قطع له أربع أصابع؛ من يد؛ ففيها عشرون بعيراً، ثم إن قطع الخامس؛ ففيه خمسة
__________
(1) (وفي النفس) ساقطة من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.

(13/457)


أبعرة، ولا يحسب عليها في يد، أو رجل ما تقدم/ من قطع أخرى، ويؤتنف الحكم، في الأخرى.
ومن كتاب ابن المواز، قال: إذا قطع لها أربع أصابع، فردتها إلى عقل نفسها، أذلك من كف واحدة، أو من كفين، أوفي ضربة، أو ضربات. قال: إن كان من ضربة واحدة، فلم يختلف فيه؛ كانت من كف، أو من كفين؛ أنها ترجع إلى عقلها في الأربع، وفي ثلاثة، وأنملة، فاكثر.
وكذلك في ضرب مفترق، وإن كان في فور واحد، [ومقام واحد]، وضارب واحد، أو من رجال؛ فهو كضرب واحد. وإنما الإختلاف في قطع بع قطع، فخالف عبد العزيز مالكا فيه. ورأى الأصابع؛ إن كانت من كف واحد، كالأسنان، والمواضح؛ لو أوضحت عشر مواضح؛ بعد أخرى، لكان لها في كل موضحة مثل ما للرجل، ما لم يكن في ضربة واحدة، أو فور واحد، بضرب واحد؛ مواضح تبلغ ثلث دية الرجل، فأكثر، فيرجع. وكذلك أسنانها، وكذلك أصابع كفها إن قطع بعد قطع اؤتنف فيه. الأمر عنده، وإن كان من كف واحدة؛ كالمواضح، والمناقل.
وقاله ابن وهب، وعبد الملك، إلا أن عبد الملك أخبرني، عن أبيه، أنه قال: إن قطع لها أربع أصابع؛ في ضربة، فأخذت فيها حساب عقلها، ثم قطعت الخامسة؛ ففيها خمس فرائض. وقال عبد الملك: فيها عشر. وهو أقيس، لقول أبيه.
وقال عبد الملك: فيها اختلاف. وهو أحب إلى قول ابن المواز، وهو خلاف مالك، وأصحابه؛ يقولون: فيه خمسة؛ كان قطع الأربع مجمعا، أو مفترقاً. وعبد العزيز يقول: فيه خمس؛ إن قطع الأربع؛ في ضربة. ويخالف في ضربة بعد ضربة، فيرى حينئذ في الخامس عشرة. وهذا كله خلاف مالك، وأصحابه، ويحسبون ما تقدم من الضرب، وإن كان من غير ضرب، فيضم بعضه إلى بعض؛ في اليد الواحدة. فإذا بلغ ثلاثة وأنملة، فأكثر، كان ما قطع بعد ذلك من

(13/458)


تلك اليد يرجع فيها إلى عقلها، ولا يحسب فيه من أخرى، إلا أن يقطع منها، وكذلك في أصابع الرجلين، ولو قطع لها من كف ثلاثة أصابع، لها من الكف الأخرى ثلاثة، كان لها فيها مثل ما للرجل، ثم إن قطع [من هذه أنملة، ومن الأخرى نصف/ أنملة، كانت الأنملة على ديتها، وفي نصف الأنملة على دية الرجل؛ كان قطع] (1) الأنملة والنصف؛ في ضربة، أو ضربتين؛ من رجل، أو رجلين، وإنما ذلك في الأنملة بعد البرء. ولو مات ما بقي منها، كان كزوال الأنملة؛ فلها فيها كعقلها. وكذلك فيما بقي من كل كف.
ولو أصيبت في ضربة، بأصبعين من كل كف، وهذا لا يختلف أنها ترجع في ذلك إلى عقل نفسها. وكذلك لو ضربت، ويدها على رأسها؛ فقطع لها [أصبعان] (2)، وشجت مأمومة أو منقلة، كانت في ذلك كله راجعة إلى عقل نفسها، فإذا ضربت ضربة، [أزالت من كل كف أصبعين ثم ضربت بعد ذلك ضربة] (3) أزالت ثلاث أصابع؛ أصبعين من هذه، وأصبعا من هذه؛ ففي الأصبعين مثل عقلها، وفي الأصبع كعقل الرجل.
وهذا كله من أوله قول ابن القاسم، وأشهب، وذكره ابن القاسم، عن مالك، وإنما ذلك في الخطأ، وإن كان من كف واحدة.
قال ابن القاسم فيه، وفي العتبية (4)؛ من رواية سحنون: لو قطع لها ثلاثة أصابع، من كف عمدا، فاقتص لها، ثم قطع لها الأصبعان الباقيان خطأً؛ كان فيهما عشرون من الإبل؛ كما لو أصاب الثلاث أمر من السماء.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: وإن قطع لها ثلاثة أصابع، من يد؛ فأخذت ثلاثين بعيراً، ثم قطع من الأخرى أصبع، أو أصبعان؛ في مرة أو
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) لفظة (أصبعان) ساقطة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) البيان والتحصيل، 16: 48.

(13/459)


مرتين، ففيهما عشرة عشرة. ولو قطع لها أصبعان، من كل يد؛ في كل مرة (1) فأخذت عشرين بعيرا، ثم قطع لها من كل كف أصبع؛ في مرة، أو مرتين؛ ففيهما عشرة عشرة. وقاله أصبغ، وأشهب.
قال ابن القاسم: ولو قطع من هذه ثلاثة، ومن هذه واحدة؛ في مرة، فأخذت عشرين، ثم إن قطع رابع الثلاثة، ومن الأخرى أصبع، أو اثنان؛ ففي رابع الثلاثة خمسة، وفي الأصبع، أو الإثنين؛ من الأخرى عشر عشر؛ افترق الضرب أو اجتمع، ما لم يكن في ضربة أربع أصابع. وكذلك في الرجلين.
ومنه، ومن كتاب ابن المواز نحوه. قال ابن القاسم: وأما أسنانها، فلها فيما تصاب به من سن بعد سن خطأً، كدية الرجل، إلى أن تبلغ ثلث ديته، فإذا بلغتها، رجعت إلى عقلها/، [فيما بلغ منها] (2) بعد ذلك؛ كان ذلك في مرة أو مرات.
قاله أشهب: في كل شيء له دية، وكذلك سمعها، وبصرها، ويحسب عليها ما تقدم من الجناية، في ذلك [العضو] (3). قال ابن المواز: قد اختلف قول ابن القاسم؛ في الأسنان، فجعلها كالأصابع، بحساب ما تقدم إلى ثلث الدية. قال أصبغ. وقوله الأول: لها في كل سن خمس، ولا يحاسب بما تقدم، وإن أتى ذلك على جميع الأسنان، ما لم يكن في ضربة واحدة، بخلاف الأصابع.
قال أصبغ: ولا أرى ابن القاسم، إلا ارتكن إليه، وهو أحب إلى. قال ابن المواز: والأسنان عندي كالرأس، يصاب فيه بمواضح، ومناقل، فلا يجمع عليها إلا ما كان في ضربة، ما لم يكن من شيء واحد له دية، فيحسب منه ما ذهب، كالأرنبة، والسمع، والبصر. وأما المواضح، والمناقل، فلا يضم منه شيء إلى ما قبله.
__________
(1) في ع (في مرة واحدة) عوض (وكل مرة) المثبتة من الأصل.
(2) كذا في الأصل وكتبت في ع (فيما يقطع منها).
(3) لفظة (العضو) ساقطة من الأصل.

(13/460)


ومنه، ومنالمجموعة، قال ابن القاسم: وإن ضربها؛ منقلة، ثم منقلة؛ فلها في كل واحدة مثل ما للرجل ما لم يكن في فور واحد، وكذلك لو كان في المنقلة الثانية بموضع الأولى، بعد برئها، بخلاف اليد والرجل؛ لأن ذلك عضو واحد؛ يتبعض جرحه، ولا يكون بعض منقلة، ولا بعض موضحة.
قال: ولو أصابها في ضربة؛ بمناقل أو بمواضح؛ تبلغ ثلث دية الرجل، رجعت إلى عقلها. وهو قول مالك. قال أشهب: وإن كان ضربا بعد ضرب؛ في فور واحد، فهو مثله؛ كالسارق ينقل من الحرز قليلا قليلا، فإن كان في فور واحد، وقد أجمع على أخذ ما في البيت، فجعله ينقله قليلا قليلا؛ إما لضعفه، أو لئلا يقطع. فهي سرقة واحدة فليقطع، وإن كان سرقة [بدت له] (1) بعد سرقة؛ فلكل سرقة حكمها.
ومن كتاب ابن المواز: وما كان من الجراح ضربا بعد ضرب؛ في فور واحد، فهو كضربة واحدة. قاله أشهب. واختلف فيه قول مالك، وعبد العزيز؛ فقال مالك: هو كضربة واحدة. قاله أشهب: قال مالك: إلا أن يريد ضربة واحدة، ثم يبدو له، فضرب أخرى. قال عبد العزيز: ما كان في ضربة واحدة، فبلغ ثلث دية الرجل، فلها فيه مثل عقلها، وما كان يفترق، فلا يضم بعضه إلى بعض./ قال أشهب: وقول مالك أحب إلي؛ كالسارق، واصل سرقته، ثم ذكر كما تقدم في المجموعة.

في دية أهل الكتاب، والمجوس، والمرتد (2)
من كتاب محمد، روى ابن وهب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «عقل الكافر نصف عقل المؤمن» (3). وقضى به عمر بن
__________
(1) (بدت له) ساقطة من الأصل.
(2) هذا العنوان وما يشتمل عليه ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) رواه الترمذي في باب دية الكفار من أبواب الديات والنسائي في القسامة.

(13/461)


عبد العزيز، وقضى به السبعة من فقهاء التابعين؛ أن دية الكتابي على النصف من دية المسلم. واجتمع على ذلك أهل العلم. وإن دية نسائهم على؛ النصف من دية المسلم. واجتمع على ذلك أهل العلم. وإن دية نسائهم على؛ النصف من دية رجالهم. قال مالك، في المجموعة: وهذا أحسن ما سمعت. قال في كتاب ابن المواز ما أعرف في نصف الدية فيهم إلا قضاء عمر بن عبد العزيز، وكان إمام هذا، وأنا أتبعه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ودية المجوسي ثمانمائة درهم، ودية نسائهم أربعمائة درهم. وروى ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة، والتابعين. وعلى أهل الذهب، في الرجل ستة وستون دينارا، وثلثا دينار. والمرأة نصف ذلك. وذلك صرف اثني عشر درهما بدينار. وكذلك صرف الدينار.
قال أشهب: وجراحاتهم على حسب دياتهم. قال ابن المواز: فإن كانوا أهل إبل، فدية الرجل منهم ستة أبعرة، وثلثا بعير؛ على أسنان المخمسة؛ في الخطإ بعير وثلث؛ من كل صنف. وفي المرأة ذلك. وتجرى الديات أيضاً في أهل الذمة، على أهل الإبل إبلا، وعلى أهل الذهب ذهبا وعلى أهل الورق ورقا، وعاقلتهم. قال ابن المواز: وما جرحت المرأة منهم؛ فما يكون أقل من ثلث دية الرجل منهم، فذلك على حساب دية الرجل، فإذا بلغ ذلك ثلث ديته، رجعت إلى ديتها.
قال سحنون: في كتاب ابنه؛ في دية المجسو، إذا كانوا أهل إبل، مثل ما ذكر ابن المواز. قال: في الخطأ سبعة أبعرة إلا ثلث بعير، وثلث من كل صنف؛ من أسنان المخمسة، ياقي البعير. وأما الثلث؛ فإن شاء اشترى له ثلث بعير، وإن شاء جاء ببعير؛ فكانا شريكين. قال: وهكذا حساب دية أعضائهم؛ صغر ذلك، أو كبر.
ومن/ المجموعة، ذكر ابن القاسم، وأشهب، نحو ما تقدم؛ من طبقها على أهل الذهب، والورق، وذكر نحو ما تقدم؛ من دية النساء، ودية المجوس؛ عن مالك، وجراح أهل كل ملة؛ على جراح المسلمين، من دياتهم؛ من

(13/462)


موضحة، ومأمومة، ومنقلة، وغيرها. وذكر نحوه عن مالك، وابن القاسم؛ في المجوس، ونسائهم، وجراحاتهم. وقاله أشهب. ومعاملة نسائهم في الجراح كرجالهم، مثل المسلمين. وكذلك أهل الكتابين.
ومن كتاب ابن سحنون، روي عن أشهب، وسحنون؛ أن عقل المرتد عقل المجوسي؛ في العمد، والخطأ؛ في نفسه وجراحه؛ رجع إلى الإسلام، أو ظل على ردته. وذكره ابن القاسم، وأصبغ. وروى سحنون، عن أشهب؛ قال عقله عقل الدين الذي ارتد إليه. وبقية القول في هذا، في الجزء الثاني؛ في باب النصراني، يقتل مسلما، أو كافرا؛ في القصاص؛ في باب القود بين الكافر والمسلم، من معنى هذا الباب.

ما يجب في الجنين من الغرة (1)
من كتاب ابن المواز؛ قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على ضارب أم الجنين بغرة: عبد، أو وليدة (2)، وذلك إذا ألقت جنيناً ميتاً (3)، أو ما يعرف أنه ولد، وإن لم يكن مخلقا. وقيمة هذه الغرة، على أهل الذهب؛ خمسون دينارا، وعلى أهل الورق؛ ستمائة درهم، وعلى أهل الإبل خمس فرائض؛ بنت مخاض (4)، وبنت لبون (5)، وابن لبون ذكر (6)، وحقه (7)، وجذعة (8). وقاله ربيعة، ولم يبلغنا عن مالك؛ في الإبل شيء ووقف عنه ابن القاسم، وقال: لا إبل فيها، وإن كان من
__________
(1) الغرة بالضم: العبد والأمة.
(2) رواه أبو داود في كتاب الديات باب دية الجنين ورواه مالك في موطئه في كتاب العقول باب عقل الجنين.
(3) في الأصل (صبيا ميتا) والصواب ما أثبتناه من ع.
(4) بنت المخاض من النوق: التي تكون في الثانية من عمرها.
(5) بنت اللبون: التي تكون في السنة الثالثة.
(6) ابن اللبون: الذي يكون في السنة الثالثة.
(7) الحقة التي تكون في الرابعة وهي التي استحقت أن يحمل عليها.
(8) الجذعة من الإبل: التي تكون في السنة الخامسة.

(13/463)


أهل الإبل. وقال أصحابه بالإبل. قال أصبغ: ولا أحسب إلا وقد قال ابن القاسم أيضا بالإبل. وروى عنه أبو زيد؛ أنه قاله، وأما حجته أن الحديث: ليس فيه إبل، وهم أهل إبل؛ فهذا نكر عليه؛ لأنه قد خرج إلى الورق، على أهل الورق، وإلى الذهب على أهل الذهب. وقال أشهب: لا يؤخذ منه أهل البادية فيها إلا الإبل، ولا يؤخذ من أهل الذهب إبل، ولا ورق، ولا من أهل الورق/ إبل ولا ذهب. وقد قوم عمر الغرة عشر الدية للأم الحرة.
قال مالك، المجموعة: والغرة عبد أو وليدة، وهي من الحمران أحب إلي من السودان، إلا أن يغلوا، فمن أوسط السودان، والقيمة مضت في الغرة حسنة، وليست كالسنة المجتمع عليها، فإذا بذل غرة قيمتها خمسون دينارا، أو ستمائة درهم، قبلت منه، وإن كانت أقل، لم تؤخذ، إلا أن يشاء أهلها.
قال ابن القاسم: لا يؤخذ من أهل الإبل، ألا غرة، أو ما ذكر من قيمتها. وفي باب جنين الأمة ذكر ما يجب في جنين [الكوافر] (1).

في صفة الجنين الذي [تجب] (2)، فيه الغرة
وكيف إن استهل، والضربة عمداً أو خطأً،
وميراث الغرة
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال مالك: وإذا ضربت الحامل؛ فألقت الجنين؛ مضغة. قال في المجموعة: أو علقة، لم يتبين من خلقه عين، ولا أصبع، ولا غير ذلك، فإن عرف النساء أنه ولد؛ ففيه الغرة، وتنقضي به العدة، وتكون الأمة به أم ولد. قال ابن شهاب: تبين خلقه أو لم يتبين، وإن كانوا ثلاثة؛ في بطن؛ ففي كل واحد غرة.
__________
(1) في الأصل (في جنين الكافر) والصواب ما أثبتناه من ع.
(2) لفظة (تجب) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.

(13/464)


قال في المجموعة: كان جارية، أو غلاما. قال أشهب: بأي حال عرف، والنساء تعرفه، ما لم ينته خلقه إلى ما لا يجهله أحد.
قال في كتاب محمد: كان الضرب عمدا، أو خطأً.
قال ابن وهب، عن مالك: منازل الجنين؛ يكون مضغة، ثم عظاما ثم فيه الروح. قال مالك: ولم أسمع خلافا؛ أنه لا تكون فيه الغرة حتى يزايل أمه، ويسقط من بطنها ميتا. قال عنه ابن وهب: فإن ماتت، ولم يبن عنها؛ فلا شيء فيه. وإن خرج منها، ولم يستهل صارخاً، ففيه الغرة. ومن العتبية (1) روى أشهب، عن مالك؛ أن الاستهلال؛ الصياح، فإذا صاح؛ فله حكم الحي؛ في الصلاة عليه، وفي ديته، وميراثه، وليس العطاس استهلالا. قال ابن أبي سلمة، في غير العتبية وابن وهب: إن العطاس استهلال. قال ابن وهب:/ وكذلك الرضاع. وهذا مستوعب في كتاب الجنائز. وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم؛ وإذا قام على الضرب رجل عدل، وعلى الاستهلال أمرأتان؛ لم يجب القسامة، وكذلك لو شهد رجل على رجل، ثم مات؛ لم تجب فيه القسامة، فإن صح حلف مع شاهده واقتص.
ومن المجموعة، ابن القاسم: وإن ماتت؛ من الضربة، ثم خرج جنينها بعد موتها [ميتا لم يكن فيه غرة ولم أسمعه من مالك والدية في الأم وعليه كفارة واحدة] (2). وقال ابن نافع، عن مالك: وإن ألقت جنينين ففيهما غرتان، وإن استهلا؛ ففيهما ديتان [قال عنه ابن القاسم وإن استهل ومات والضربة خطأ ففيه الدية على العاقلة] (3) قال ابن القاسم؛ بقسامة ولو ماتت بآخر في بطنها، قبل موت الخارج، أو بعد؛ ففي الخارج الدية بقسامة، وإن كان ميتا؛ ففيه الغرة، وفيها هي مع ما في بطنها دية أخرى والكفارة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 464.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/465)


ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا استهل، ثم مات؛ ففيه الدية بقسامة. قال ابن القاسم: كمن ضرب، ثم عاش. قال أشهب: إن كان حين استهل، مات مكانه؛ فلا قسامة فيه. وإن كان أقام، ثم مات، ففيه، القسامة؛ في العمد، والخطأ، وفيه الكفارة، ولا قود فيه؛ في العمد. وعمده كالخطأ؛ لأن موته بضرب غيره، وديته في العمد والخطأ على العاقلة. وإن ضرب بطن أمة؛ عمدا أو خطأ، أو غير بطنها؛ لأن إصابة الولد خطأً، والعمد لأمه. قال ابن القاسم في عمده القود، بقسامة.
وكذلك عنه، في المجموعة؛ أنه إذا تعمد الأجنبي ضرب البطن، أو الظهر، أو موضعا يرى أنه أصيب به؛ ففيه القود بقسامة، إذا استهل. فأما إن ضرب رأسها، أو يدها، أو رجلها؛ فطرحت دماء، ثم ألقت الجنين؛ ففيه الدية بقسامة.
قال ابن القاسم: دية الجنين؛ في ماله؛ لأن موته عن سبب ضرب عمد، وكذلك المغلظة، وكما يوضح الرجل عمدا، فيتنامى إلى ذهاب عينه؛ فمذهب ابن القاسم، أن دية العين تكون في ماله، وقد تقدم قول أشهب في هذا.
قال مالك: ودية الجنين يخرج ميتا، [في ماله] (1)، دون العاقلة.
ابن حبيب: قال أصبغ: إذا ضربها البطن عمدا، حتى/ يرى أنه أراد أن يسقط ولدها؛ فماتت هي، وولدها بعد أن استهل، فليقسم ولاتها، وولاة الجنين: أن من ضربه ماتت (2). ويقتل بها [وإن عمد لضربها في غير البطن فليقسم ولاتها] (3)،وولاة الجنين: لمن ضربه مات. ولهم ديته على العاقلة. وإن كانت الضربة خطأً، أقسم ولاتها على الضربة، وولاة الجنين؛ فكان على العاقلة ديتان. وإنما هذا إذا شهد على الضرب، وأما بقولها؛ فلا يقتل إلا في نفسها
__________
(1) في ع (في مال الجاني) وأثبتنا ما في الأصل.
(2) في الأصل (من ضربه ماتا) وأثبتنا ما في ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/466)


وحدها. تجب القسامة في العمد؛ فيقتل بها، وفي الخطأ تكون الدية على العاقلة. ولا تكون في الجنين دية، ولا قود، ولا قسامة، عاشت أو ماتت؛ لأنها؛ شاهدة لابنها.
قال سحنون، في كتاب ابنه: إن قول ابن القاسم؛ في الأدب: تغلظ عليه دية ولده: إذا تعمد ضرب بطن امرأته؛ فألقت جنينا، فاستهل، ثم مات؛ لأن ذلك يقاد منه؛ في الأجني، [وقال غيره لا يقاد منه في الأجنبي] (1) فعلى هذا لا يغلظ فيه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا خرج الجنين حيا، فلم يستهل حتى قتله رجل؛ فلا قود فيه. وفيه الغرة، وعلى عاقلته الدية. وقال غيره: فيه الدية كاملة، ولا قود فيه؛ يقول: والدية في ماله. قال أشهب: [ولا يعجبني هذا] (2) ولو لزم هذا، لزم مثله في المضروب في البطن يخرج حيا فيموت ولا يستهل. وإن كان قد قاله كثير من أكابر العلماء.
ولو ضربها؛ فماتت، وبقي الولد يركض في بطنها حتى مات، [فليس عليه إلا دية واحدة] (3). قال مالك: ولم أسمع خلافه؛ لأنه لا غرة فيه، حتى يزايل بطنها.
قلت: فإن زايلها ميتا، أو حيا، ثم مات؟ قال: فأحب ما سمعت إلي؛ أن فيه الغرة، مع دية الأم، تحمله كله العاقلة، وكفارة واحدة. وفي العمد يقتل، ويؤخذ ماله في الغرة.
قال أشهب: لأنه لو استهل، وقد خرج بعد موتها. كان على الجاني ديتان، وكفارتان.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) جملة (ولا يعجبني هذا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) كذا في الأصل والعبارة في ع (فليس عليه إلا دية الأم).

(13/467)


ومن المجموعة وكتاب ابن المواز، ونسبه فيهما إلى ابن القاسم، وأشهب: وإذا خرج حيا، ومات قبلها أو بعدها بعد استهلاله؛ فآخرهما موتا، يرث/ أولهما موتا. فإن لم يستهل، فهي ترث نصيبها منه ماتت قبله أو بعده، إذ لا بعد حياته حياة. وإذا ألقته ميتا، بعد أن مات أبوه، عن امرأة أخرى؛ ولدت بعده، فإن ما ولدت يرث في تلك الغرة التي لأخيه. وإن ضربت؛ فألقت جنينا ميتا، وآخر مستهلا، ثم مات؛ ففي الميت غرة، وفي الآخر دية كاملة، وهو يرث في غرة أخيه؛ خرج قبل أخيه أو بعده.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإن كان الأب الضارب؛ فلا يرث في الغرة التي لزمته، ولا يحجب عنها وارثا.
ابن حبيب: قال ابن الماجشون: قال ابن شهاب: الغرة موروثة على كتاب الله تعالى. وقال ربيعة هي للأم خاصة؛ لأنه ثمن له، وهو عضو من أعضائها. وقال ابن هرمز: هي للأبوين خاصة؛ على الثلث والثلثين، فإن لم يكن إلا أحدهما؛ فجميعها له.
وقال هذا مالك مرة. وقال به [عبد العزيز بن أبي سلمة] (1)، والمغيرة. ورجع مالك إلى قول ابن شهاب. وقاله ابن أبي حازم، والدراوردي. ابن حبيب. وبه أخذ أصحاب مالك، وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب. وهي روايتهم عن مالك، وبه قال مطرف، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ.
ومن العتبية (2) من سماع أشهب: وعن امرأة ضربت، فألقت جنينين، فإن لم يستهلا؛ ففيهما غرتان. وإن استهلا ففيهما ديتان. وروى أصبغ، عن ابن القاسم، في العبد يضرب بطن سيدته؛ فألقت جنينا ميتا، ولها زوج؛ أنها مخيرة بين أن تفدي العبد من الزوج بثلثي دية الجنين، أو تسلم إليه العبد كاملا ولا تسلم بثلثيه، كما لو جنى على سيده وعلى أجنبي، فإن لم يفده بدية الأجنبي، أسلمه كله. وفي باب جنين الأمة شيء من ذكر ميراث الغرة.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 16: 110.

(13/468)


في جنين الأمة، وأم الولد، والذمية، وكيف
إن استهل، وجنين البهيمة
من كتاب ابن المواز، قال مالك: في جنين الأمة عشر قيمة أمة. وقاله الحسن، وأبو/ الزناد. فإن استهل صارخا؛ ففيه قيمته. قال ابن عبدوس: قال ابن نافع، عن مالك أنافت على الغرة أو نقصت. قال أصبغ، عن ابن وهب، من كتاب ابن المواز: في جنين الأمة ما نقص من قيمتها. وقول مالك أحب إلينا. وهو قول ربيعة، ويحيى بن سعيد. وقاله ابن القاسم، وأشهب.
قال أبو زيد، عن ابن القاسم، في العتبية (1): إن ألقته ميتا؛ ففيه عشر قيمة أمة. وإن استهل صارخا؛ ففيه قيمته على الرجاء والخوف.
قال مالك في المجموعة: لا يبالي كان أبوه حرا، أو عبدا. وقاله ابن القاسم، وأشهب؛ لأنه تبع لأمة. قال مالك فيها، وفي كتاب ابن المواز: وفي جنين اليهودية، والنصرانية. قال في المجموعة: وفي المجوسية، عشر دية أمه، إلا أن تكون أمة كتابية حاملا؛ من سيدها، ففيها ما في المجوسية، عشر دية أمه، إلا أن تكون أمة كتابية حاملا؛ من سيدها، ففيها ما في جنين الحرة. وكذلك إن كانت كتابية حرة، تحت مسلم حر؛ ففي جنينها ما في جنين الحرة المسلمة؛ لأنه لو مات أبوه لورثه، إن ولد بعده حيا.
قال في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: ولو كان زوجها عبدا مسلما؛ ففيه ما في جنين الحرة المسلمة، ولو قيل ففيه الدية كلها. وقال أشهب: فيه عشر دية أمه. وقول ابن القاسم أحب إلينا؛ لأن الجنين حر مسلم. وقد قال أشهب: يرث الغرة أمه، وإخوته، دون الأب. قال محمد: وهذا غلط، ولا ترث أمه الدية، ولا أحد من أهل الذمة شيئا؛ لأن الغرة، على فرائض الله تورث. وإن لم يكن له وارث مسلم، فبيت المال.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 110.

(13/469)


ومن العتبية (1)، روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم؛ إذا ضرب مسلم بطن نصرانية؛ فألقت جنينها، فاستهل؛ فلا قسمة في أهل الذمة، ولا تجب دماؤهم إلا بالبينات.
ومن المجموعة، روى ابن القاسم، وابن نافع، عن مالك؛ في جنين أم الولد؛ من سيدها؛ أنه مثل جنين الحرة. وقاله أشهب؛ لأنه حر. قال عبد الملك: لا يضره رق أمه، ولا دينها، [ولا أنه يرجع] (2).
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، عن مالك/، في جنين النصرانية؛ من المسلم، أو جنين، أم الولد؛ إذا استهل؛ ففيه الدية كاملة. قال مالك: وإذا أسلمت أمة النصراني، وفي بطنها جنين؛ ففيه ما في جنين النصرانية؛ وهو نصف غرة. والذكر والأنثى سواء. وقاله أشهب في المجموعة.
ابن القاسم: ولو استهل ثم مات، حلف وارثوه يمينا واحدة: أنه مات من ذلك، وأخذوا ديته.
وإن أسلمت مجوسية تحت مجوسي ففي جنينها ما في جنين المجوسي؛ أربعون درهما.
ومن كتاب محمد: وجنين امرأة الذمي فيه نصف غرة جنين المسلم. فإن استهل، ثم مات؛ ففيه دية نصراني على قاتله. وعليه كفارة. قال ابن القاسم: يمين واحدة. وقال أشهب: أما في قول مالك؛ الذي لا يرى في أهل الذمة قسامة ففيه دية بلا قسامة ولا يمين. وأما من رأى في أهل الذمة القسامة ومنهم عبد العزيز؛ فإنه يقسم عصبته، لمن ضرب أمة مات. ومن حجته؛ أن يقول: إعطاؤهم ذلك بقسامة، أحوط للمعطى، ولحرمته جعلت عليهم القسامة، لا لحرمتهم. وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: «أيحلف لكم يهود، في البراءة مما ادعى عليهم» (3)؟!
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 15.
(2) كذا في الأصل والعبارة في ع (وإلي الله يصعد) ولم يتبين لي علاقة العبارتين معاً بالموضوع.
(3) رواه البخاري في الخصومات وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور والإمام مالك في موطئه في باب الأقضية.

(13/470)


والعبد لا قسامة فيه، وإن كان قاتلا لم يثبت عليه الدم إلا بقسامة. وأخذ أشهب بقول عبد العزيز: والعبد كسلعة؛ فيه القيمة. والذمي فيه الدية، ولا شيء على طارح جنين الأمة؛ يكون ملكا؛ لأنه عبده.
قال ابن المواز في ضارب البهيمة: إذا طرحت ولدها؛ فإنما عليه ما نقص من قيمتها. وذكره ابن وهب، عن ابن شهاب، وأبي الزناد. وقال ربيعة: يجتهد فيه الإمام.

في صفة دية الخطأ، [والدية] المغلظة،
[ودية] العمد [إذا قبلت]، وذكر ما فيه
التغليظ، وذكر شبه العمد،
وأسنان الإبل في ذلك كله، وأسنان الإبل في الجراح،
وتغليظ دية الجرح، وما يتصل بذلك (1)
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز: وقد كتب النبي- صلى الله عليه وسلم-/؛ «أن النفس مائة من الإبل» (2). وهذا أصل الدية. قال ابن القاسم، وغيره: قال مالك: وقوم عمد دية الخطأ على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم. فلا تغير هذه القيمة، ولا يؤخذ فيها بقر، ولا خيل، ولا غنم. ولا يؤخذ إلا من ثلاثة أشياء؛ الإبل، والذهب، والورق. على هذا العمل. ولا يؤخذ من أهل الإبل ذهب، ولا ورق ولا من أهل الذهب ورق ولا إبل، ولا من أهل الورق ذهب ولا إبل. وأهل الشام ومصر أهل ذهب، وأهل العراق أهل ورق. ابن حبيب: وكذلك أهل الأندلس. قال مالك: وأهل البادية، والعمود [قال أشهب] (3)، وأهل الحجاز؛ أهل إبل. وأهل مكة منهم. وأهل المدينة أهل ذهب. [قال ابن حبيب أما مكة والمدينة والشام ومصر فأهل ذهب] (4) وأهل الإبل الأعراب، وأهل الصحاري.
__________
(1) ما كتب داخل العنوان بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) ورد كتاب النبي هذا في الموطإ ضمن كتاب العقول وورد عند النسائي في باب القسامة.
(3) (قال أشهب) ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.

(13/471)


قال أصبغ، عن أشهب في العتبية (1) أهل مكة والمدينة أهل ذهب. قال أصبغ: هم اليوم أهل ذهب.
ومن المجموعة، قال عبد الملك، عن مالك: وما روي من أحاديث مما يذكر فيها غير هذه الثلاثة أشياء، فمضطربة، ولم يصحبها العمل. والناس أهل عمود أو قرى. والغالب على أهل العمود، فيما مضي الإبل، وعلى أهل القرى الذهب والورق.
ومن كتاب محمد، والمجموعة: وربما زاد بعضها على بعض.
قال مالك: ودية الخطأ مخمسة؛ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون ذكر، وعشرون حقه، وعشرون جذعة. قال ابن المواز: ورواه ابن وهب، عن ابن مسعود، وابن عمرو بن العاص، وعدد كثير من الصحابة، والتابعين. قال سليمان بن يسار: ما أصيب من الجراح خطأً، فعلى حساب المخمسة. وقالوا: في دية العمد إذا قتلت. وقاله مالك، والليث، وعبد العزيز بن أبي سلمة: أنها أربعة أسنان؛ وهي إناث كلها؛ وهي خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة.
قال ابن نافع، في المجموعة: إذا قبلت في العمد دية مبهمة، وهي أربعة أسنان، كما ذكرنا، بذلك مضت السنة، فأما/ إن اصطلحوا على شيء بعينه، فهو ماض على ما تراضوا به.
ومن كتاب ابن المواز، قال: فإن اصطلحوا في العمد على شيء، لزم ما تراضوا عليه، على ما سموا، فإن وقع الصلح على دية مبهمة، أو عفا بعض الأولياء، فرجع الأمر إلى الدية، فالدية في ذلك كدية الخطأ، إلا أن العاقلة لا تحمل منها شيئا، وهي في مال الجاني منجمة في ثلاث سنين. وإنما يفرق دية الخطأ من دية العمد؛ أن العاقلة لا تحملها. وأما الأسنان، فكما ذكرنا.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 67.

(13/472)


ومن المجموعة، قال مالك: وإذا قبلت دية العمد، لم تنجم، وكانت في مال الجاني حالة.
وقال ابن نافع، في العتبية (1): دية العمد إذا قبلت، فهي أربعة أسنان. قيل في ثلاث سنين. قال يؤديها كما قال الله تعالى: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (2).
وكذلك في كتاب ابن المواز، عن مالك؛ أنها حالة.
ومن المجموعة، الموازية، قال مالك: والدية المغلطة- قال أشهب: وهي شبه العمد- التي لا تكون إلا في مثل فعل المدلجي بابنه؛ ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها، ما بين ثنية إلى بازل عامها. وروي مثله عن عمر، وأبي موسى، وزيد بن ثابت. وذكره ابن شهاب، عن النبي- صلى الله عليه وسلم-؛ أن في شبه العمد مغلظة (3)؛ على هذه الأسنان.
قال ابن المواز: ولا تبالي في الخلفات إذا كانت بوازل، أو ثنايا إذا كانت حوامل. ولا نبالي من أي الأسنان؛ كانت ما لم تكن كبيرة جدا. وأحب إلينا من الثنايا إلى بازل عامها. وقاله أشهب. قال: والحقة كمطروقة العجل.
ومن المجموعة، قال مالك: ودية الخطأ تجري في جراح الخطأ على أسنانها المخمسة. قال ابن الماجشون: وكذلك في اليد، وفي الأصبع، وفي الأنملة؛ ثلاثة أبعرة، وثلث مخمسة، وثلثا بعير من كل صنف، ويكون به شريكا.
وقال في كتاب ابن المواز مثله، وزاد في العمد؛ إن قبل الدية خمسة أسداس كل سن؛ من دية العمد المربعة؛ يكون به شريكا. قال محمد: وإن كانت
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 50.
(2) الآية 178 من سورة البقرة.
(3) يوجد بسنن ابن ماجة في كتاب الديات باب دية شبه العمد مغلطة وكذلك في سنن أبي داود في نفس الموضوع.

(13/473)


موضحة، فإن له بعيرا وربعا من كل صنف منها ولو/ كانت خطأ، أخذ بعيرا من كل سن من المخمسة.
قال أصبغ عن مالك، في الأنملة تقطع خطأً: أحب إلي أن يؤتى بدية الأصبع؛ عشرة أبعرة على أسنانها، فيكون فيها شريكاً بالثلث، يجبر على ذلك شاء أو أبي. وأنكر هذا سحنون، في كتاب ابنه، وقال: لا يلزمه إلا أن يأتي بخمس، فيكون المجني عليه شريكا فيها بثلثها. وإن كانت أنملتين؛ أي سبع فرائض، إلا أنملة منها خمس صحيحة، وثلث من كل فريضة، أو يأتي بفريضة؛ شاركه بثلثها، أو يشتري ذلك منها.
ومن العتبية (1) والمجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: وله في التغليظ، في العين، واليد، خمس عشرة حقة، وخمس عشرة جذعة، وعشرون خلفة، وإن أخذ ذلك من أهل الذهب، نظر إلى فضل نصف الأسنان المغلظة، على نصف دية الخطأ، فزيد من الذهب، بقدر ذلك.
قال في المجموعة، قال غيره، وقاله سحنون: وإذا كانت جراح لا قصاص في عمدها؛ فلا تغليظ فيها، مثل الجائفة، والمنقلة، والمأمومة؛ فلا تغليظ فيها، كما لا قود فيهن في العمد.
قال سحنون في العتبية (2) مثله سواء. قال ابن القاسم، في العتبية (3): لا تغليظ في النفس، والجراح، إلا بين الأم، والأب، والجدود، والأبناء.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب، وابن الماجشون، عن مالك: إن الأم كالأب سواء في ذلك. وقيل عن مالك: إن الجد كالأب في ذلك. قال عبد الملك: الجدود والجدات، كالأبوين في ذلك، وكما لا أقتلهم في ذلك، فإني أغلظ الدية عليهم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 435.
(2) البيان والتحصيل، 15: 435.
(3) البيان والتحصيل، 16: 107.

(13/474)


قال ابن القاسم: وليس الأخ والعم وسائر القرابات مثل ذلك، إلا أن يكون جرى على وجه الأدب من القرابة، فيكون كالمعلم، وذي الصنعة، ما لم يتعمده بسلاح وشبه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: التغليظ في الأدب، وأبي الأب، والأم، وأم الأم. وتوقف عن أبي الأم، وعن أم الأب، وأما عبد/ الملك؛ فجمع الجدود والجدات، وقال: هم مثل الأبوين في التغليظ. وقال أشهب: أما أم الأب فكالأم، وأما أبو الأم فأجنبي. وذكر مثل ما ذكر في القرابة.
قال ابن سحنون، عن أبيه: واتفقوا أنها تغلظ في الجد، والجدة، واختلفوا في الجد والجدة من قبل الأم. قال ابن القاسم: هما كالأم. وبه قال سحنون. وقال أشهب هما كالأجنبيين.
ومن المجموعة: والتغليظ في النفس والجراح عند مالك، وإن كان ذكر عنه غير ذلك. فالثابت عنه، وما عليه أصحابه؛ أن فيها التغليظ، إذا كان مثل ما فعل المدلجي فيها؛ صغر منها أو عظم، إلا أن يكون عمدا لا شك فيه. قال ابن القاسم: مثل أن يضجعه أو يربطه؛ للقتل، أو يشق بطنه، أو يدخل أصبعه في عينه عمداً؛ ليفقأ عينه، فليقص منه بالقتل، والجرح. وإن كان منه الخطأ؛ مثل ما هو من غيره خطأ، فلا تغليظ فيه، وإنما التغليظ في غير هذين الوجهين مما هو من غيره عمد، ومن الأب يشك فيه فينزل منه كالخطأ.
قال: والتغليظ عند ابن القاسم، وأشهب، وأصحابهما، كبر من الجراح، أو صغر. وقد روي عن ابن القاسم؛ قال: فيما بلغ ثلث النفس، فأكثر. وأخبرني عنه أبو زيد؛ قال ما بلغ ثلث الدية؛ فعلى العاقلة مغلظة، وما كان دون الثلث؛ ففي مال الأب والجد مغلظا، وكذلك في الجد للأم. وهذا غلط من أبي زيد. وهو قول أشهب.
ومن العتبية؛ من سماع ابن القاسم، وهو في كتاب ابن المواز، وابن عبدوس، قال مالك: وإذا لزم أهل الذهب دية مغلظة، نظر ما قيمة دية الخطأ

(13/475)


المخمسة؛ من الإبل، فإن قيل: ستمائة دينار. قيل: وما قيمة المغلظة من الإبل، وهي ثلاث أسنان (1)؟ فإن قيل: ثمانمائة. كان له من الذهب دية وثلث، وكذلك على أهل الورق، وكذلك لو زادت مثلها؛ فله دينار من ذهب، أو ورق. قال سحنون في كتاب ابنه: أن قد أجمع أصحابنا على أنه ينظر ما زادت المخمسة؛ كم هو منها جزء؛/ [ولا يقال كم هو جزء] (2) من المغلطة؟
ابن حبيب: قال ابن القاسم: تعتبر المغلظة، على أهل الذهب؛ بقيمة المغلظة إبلا، وقيمة دية الخطأ إبلا، فمات زادت المغلظة، زيد من الذهب بقدر ذلك. فإن كان البلد لا إبل فيه كالأندلس، نظر إلى قيمة الإبل في أقرب البلدان من الأندلس، مثل إفريقية وما يشبهها.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون: وتغلظ الدية في المجوس، في مثل فعل المدلجي. وأذكر قول عبد الملك: أنها لا تغلظ. قال: وهي في الخطأ؛ على أهل الإبل سبع فرائض، إلا ثلث بعير، وثلث من كل صنف من الخمسة الأسنان، وفي التغليظ ثلاثة أسنان، فقس التغليظ بين هذين، في أهل الذهب. وفي أهل الذهب والورق؛ في النفس والجراح، كما تقدم ذكره.
وقد ذكرنا اختلاف قول مالك، في التغليظ على أهل الذهب والورق؛ فقال: لا تغلظ بينهم. وقال: تغلظ. ويعتبر ذلك بالمخمسة، والمثلثة، وذكر عنه بعض البغداديين قولا ثالثا: أنه ينظر إلى قيمة أسنان المغلظة، من الذهب والورق؛ فيؤدى، ولا ينظر إلى أسنان دية الخطأ، وينبغي أن يكون في هذا القول ما لم ينقص من ألف دينار؛ في الذهب، فلا ينقص.
قال ابن المواز: وأما دية العمد، فما رأيت من زاد فيها على دية الخطأ؛ على أهل الذهب، والورق، ألف دينار، وإما اثنا عشر ألف درهم، ولا يعرف شبه الخطأ إلا في المغلظة إلا أشهب؛ فإنه قال: تغلظ دية العمد على أهل الذهب
__________
(1)
(2)

(13/476)


والورق؛ ينظر ما بين قيمتها، وفيه دية الخطأ، من الإبل، فيزاد مثله في العين. وكذلك روى يحيى بن يحيى، عن أشهب، أن دية العمد تغلظ في الذهب والورق؛ فيزاد ما زادت قيمة المربعة على المخمسة. وكذلك يغلظ عقل الجراح العمد، على ما زادت قيمتها في الخطأ، إلا أن يصطلحوا على أمر جائز.
محمد: ولم يره ابن القاسم.
قال ابن عبد الحكيم: وقد كان لمالك بعض الوقوف، في التغليظ على أهل الذهب، في مثل صنع المدلجي، ثم رجع، فقال: تغلظ في النفس والجراح. وكان لا يغلظ في الجراح./
وقال عبد الملك، في المجموعة: لم يختلف أصحابنا، في التغليظ، في أهل الذهب والورق؛ لأن العلة إنما هي قتل النفس، بما يشبه العمد، وهي من الأجنبي عمد، فدرئ عن الأب فيه القتل، وغلظت فيه الدية؛ لبعد قصده القتل، إلا فيما لا يشك فيه، أنه قاصد له؛ كالذبح، ونحوه. وقال كثير من الناس: لا يقتل بهذا أيضاً.
ومن كتاب محمد: ولم يذكر عن مالك، في حمل دية المغلظة شيئا. وابن القاسم يراها في مال الأب. وقال أشهب، وعبد الملك، وابن عبد الحكم: هي على العاقلة [ومن المجموعة ونحوه في كتاب ابن المواز (1) قال سحنون في كتاب ابنه: وأجمع أصحابنا، أنها حالة، وإن اختلفوا في أخذها من العاقلة، أو مال الأب [قال ابن حبيب] (2). وقال مطرف: وهي على الأب حالة، إلا أن لا يكون له مال، فتكون على العاقلة حالة ليلا يطل الدم، كقول مالك في المأمومة والجائفة: وإن لم يكن له مال، فهي على العاقلة. يريد؛ في أحد قوليه.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع ..
(2) (قال ابن حبيب) ساقط من الأصل.

(13/477)


ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وابن الماجشون: [وتكون دية التغليظ حالة كما فعل عمر قال ابن القاسم] (1) هي في مال الأب؛ لا تحمله العاقلة؛ لأنه عمد من غير الأب، ولا يرث منها شيئا، ولا من ماله. وقاله أشهب في الميراث. قال: لأنه كالعمد، وقد قال قوم: لا يرث قاتل الخطأ من المال، ولا من الدية شيئا، فكيف بهذا؟ [وقد قال غيرنا لا يقتله لتهمته إياه] (2) فهو بالعمد أشبه.
قال عبد الملك، وأشهب: إلا أنها على العاقلة، إذا لم يجعل ذلك من الأب عمدا؛ يدل على ذلك قول عمر، لسراقة: أعدد لي على قديد (3) عشرين، ومائة بعير. وهو ليس بالأب، ولكنه سيد القوم. قال المغيرة: وبعد ذلك من الأب كاف، جاوز به حده، فكأنه كالمخطئ.
قال ابن المواز: وعبد الملك يراها على العاقلة حالة، واحتج بقول عمر لسراقة، فاختار منها مائة بعير؛ من الأسنان المذكورة. وقولهم: القسم. أحب إلينا. وذكر ابن حبيب عن عبد الملك، ما ذكر ابن المواز. وغيره قال: ومن تغليظها؛ تعجيلها.
قال أصبغ: آخر قولي ابن القاسم: أن تكون معجلة على الأب، في ملائه، [أو عدمه وكان يقول على العاقلة منجمة وبه قال أصبغ، وقال ابن حبيب بقول مطرف أن ذلك على الأب في ملائه] (4) وإن كان عديماً؛ فعلى العاقلة، حالة. وقد ذكرنا/ قول سحنون: إن أصحابنا أجمعين، يقولون: معجلة. فمنهم من قال: على الأب. ومنهم من قال: على العاقلة.
قال سحنون، العتبية (5)، عن ابن القاسم: إنها في مال الأب حالة، ودية العمد إذا قبلت حالة. قال ابن المواز: وقد ابن القاسم، وأشهب، وعبد
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع ..
(2) ما بين معقوفتين عوض في ع بما يأتي (ويذكر أن عمرهم بقتله لتهمته إياه).
(3) كتبت في الأصل (على ما يزيد).
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) البيان والتحصيل، 16: 49 - 50.

(13/478)


الملك: لا يرث من ماله، ولا من ديته شيئا، بخلاف الخطأ. فهذا يدل أن العقل في ماله.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا حكم الحاكم بين أهل الذمة، في التغليظ، حكم بحكم الإسلام. ومن كتاب ابن المواز، قال عبد الملك: وإذا أقر الأب أنه قتل ابنه عمدا، مثل صنع المدلجي، فلا يلزم العاقلة بإقراره شيء وذلك في ماله، ولا يطل دمه.
ومن كتاب ابن سحنون؛ في إقرار الأب بقتل ابنه، فلا يغلظ فيه الدية، في ماله، بإجماعهم. قاله عبد الملك، وغيره.
ومن كتاب ابن المواز، قال عبد الملك: وإذا وقعت دية المجوسي مغلظة، ففيها سبع فرائض إلا ثلثا؛ حقتان، وجذعتان، وثلاث خلفات إلا ثلثا. ثم ذكر تغليظ دياتهم، في الذهب، والورق. وإذا رضي أهل الكتابين بحكمنا، حكمنا بينهم في المغلظة، في النفس، والجراح، كحكمنا. وأما المجوس، فلا يغلظ عليهم. قاله مالك، والمغيرة. قال عبد الملك: لأن دية الكتابي مشتقة من دية، ودية المجوسي ليست بدية، وإنما هي كالثمن مسمى، لم تؤخذ من دية. وأنكر سحنون قول عبد الملك في المجوسي. وقال: أصحابنا يرون أن تغلظ عليهم، إذا حكم، بينهم، ولأن علة التغليظ سقوط القود. ولم أر قوله شيئا من السماعات.
قال سحنون: قال ابن القاسم: وإذا قام شاهد على الأب، بمثل صنع المدلجي، أو شهود، إلا أنه حمل، وعاش، ثم مات، ففيه القسامة على من يرثه [سوى] (1) ابنه، واستحق بذلك الدية المغلظة. قال أشهب: وفيه القسامة. وإن قال: دمي عند أبي خطأً.
قال سحنون، في كتاب ابنه؛ في مسألة ابن القاسم؛ فيمن قال: ذبحني أبي، أو بقر بطني: أنه يقسم، أنه يقسم، مع قوله، ويقتل الأب./ قال سحنون: يقبل قوله
__________
(1) لفظة (سوى) لم تكتب في ع وبقي مكانها بياضا.

(13/479)


من هو في إعداد الموتى، إلا أن يكون ذبحه، وبقيت أوداجه، ولم يجهز عليه. قال: وإن لم يفسر الابن كيف كان القتل، غلظت الدية في مال الأب.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا ألقت المرأة ولدها في بئر أو مرحاض، فإن كان مهلكا مثل بئر ذات ماء كثير لا ينجو من مثلها، أو مرحاض لا ينجو من مثله، فإن قتلت به، رأيته صواباً، وإن كان غير ذلك لم تقتل به. قال ابن القاسم، عن مالك، في المجموعة في بقية المسألة: إن ألقته في بحر، أو بئر كثيرة الماء، وشبهه؛ [فهي أهل أن تقتل وإن كان مثل بئر الماشية] (1) فلا تقتل. وذكر عن مالك فيما تغلظ فيه الدية؛ في النفس والجراح، مثل ما ذكر ابن المواز.
ومن العتبية (2)، رواها أشهب عن مالك، وقاله أصبغ، وقال: هذه متعمدة للقتل كالذبح. وقال ابن القاسم: إن كانت مثل البئر اليابسة التي لا يبعد أن يؤخذ منها (3)، وشبه ذلك، فلا تقتل، إلا أن تكون مهواة، لا تدرك ولا تنزل؛ فلتقتل، وإن كانت يابسة.
وقال ابن القاسم، في عبد تزوج حرة؛ فصار له منها ولد ابن عشر سنين، وهو بالقلزم، فركب به يريد الحجاز، ولم يعلم أمه، فغرق المركب، وهلك الغلام، ونجا أبوه، فقامت أمه تريد أخذ العبد فيما صنع بابنه. قال مالك: فلا شيء لها عليه.
وقد جرى في باب القصاص؛ بين القرابة، في الجزء الثاني، ذكر ما يقاد فيه من الأب، وما تغلظ فيه الدية، وقد تكرر معنى ما ذكرنا في هذ الباب، وفي صفة العمد والخطأ، شيء من ذكر شبه العمد، مما يشبه بعض ما في هذا الباب.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) البيان والتحصيل، 15: 470.
(3) في ع (التي يقدر أن يؤخذ منها).

(13/480)