النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد خاتم النبين
كتاب الدماء الثالث

في القصاص من الناقص بالتامّ ومن التامّ بالناقص
وبين الكبير والصغير والمبتلى والسليم
من المجموعة, ونحوُه في كتاب ابن الموًاز, قال ابن القاسم واشهب: ومَنْ قتل رجلاً به عيوبٌ او نقصٌ من الجوارح أو به ذجامٌ أو غيره فإنه يُقتلُ به, وهي النفس بالنفس.
قال أشهب: ولو ذهب ما أمكن ذهابُه من جميع أعضائه لم يمنعْ ذلك من القصاص.
وروى ابنُ وهب عن مالك في الكبير يجرح صغيراً أن لأوليائه القوَدَ منه إن أحبُّوا, ٍٍ [وإن أحبُّوا] (1) أخذوا العقل.
قال ابن المواز: واذا عفى عن قاتل: أو جارح على أن يغرم العقل فأبى إلاّ القصاص فله ذلك في الجراح؛ لم يختلف فية أصحاب مالك.
وقال ابنُ وهب: لم أسمع في الجراح أنَّ المجنىَّ عليه مخيرٌ إلاَّ في الأعور يفقأ الصحيح عينَه, أو هو عينَ الصحيحِ, أو العبيد يجرحُ بعضهم بعضاً, أو الكبير يجرحُ الصغيرَ, فإنَّ أولياء الصغير بالخيار في القصاص وأ خذ العقل. وأما القاتلُ فمُختلُفٌ فيه.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأ صل, ثابت في ص وع.

(14/9)


وهذا في باب مفرد هذا.
... ومن المجموعه قال المغيرة: في عين الكبير تضعيفُ ثم يصابُ عمداً ففيها القوَدُ. وأما كلُّ ما نقصها من جُدريّ أو كوكب أو قرحة أو رمية أوغيرها, أخذ فيها صاحبها عقلاً أو لم يأخذْ, ثم أصيبتْ عمداً فلا قَوَدَ فيها, وعليه في العقل بحساب ما أصاب منها.
... وقال عبدُ الملك: تأويلُه فيما يُعرف أنَّ ذلك إذا كان نقصاً فاحشاً كبيراً.
... ومن كتاب ابن سحنون: وفرَّق أشهبُ بين ما يُصيب العينَ بعلة عارضة وبين ما تصيرُ إليه من ضعفٍ لِكِبَرٍ (1) فقال في هذه فيها ديةٌ (2) كاملةٌ, وفي الأولى له من البَصَر, كما لو جنى عليه جانٍ ولم يؤخذ منه شيء, وقال المغيرةُ مثلَه.
... قال ابن الماجشون: تأويلُ قول المغيرة هذا في النقص الفاحش. وأما في النقص اليسير فله القصاصُ على كل حال.
... وفي الجزء الأول ذكر الديه في العضو الناقص.
... وقال ابن القاسم يف الذي الذي تصابُ عينه أو يده خطأ, فضعفت فأخَذَ لذلك عقلاً وهوينظر بالعين ويبطش باليد, ثم أصيبت: إنَّ فيها القصاصَ. وهذا في المدوَّنة.
قال مالك في المجموعة, وهو في العتبية (3) من سماع أشهب: ومن قطه يد رجل وبيد القاطع عيب أو نقص أو شلل أو عتل وفيها استماع, فلهذا القود بها. وإن لم يكن فيها استماع فليس له ذلك وإن رضي به مثل العين القائمة.
__________
(1) في الأصل: تكبر, والتصحيح من ص وع.
(2) في ص وع: ديتها كاملة.
(3) البيان والتحصيل16:106.

(14/10)


وكذلك [ذكر] (1) في كتاب ابن المزاز: إن كان بها شل بيَّنٌ أو نقص وهو ينتفع بها ورضى أن يستفيد منها, فذلك له: لأنها تُقطعُ في السرقة.
... ومن المجموعة (2) قال ابن القاسم وأشهب في أشَلَّ اليد والأصبع يقطعها صحيح: إنه لا قصاص فيها, وكذلك إن شل بعضها, إذ لا يقدر أن يقاد له (3) [بها بقدر] (4) ما بقي منها بالاجتهاد.
... قال ابن القاسم عن مالك: وذلك في مال الجاني, يريد: وإن تم شللها شَيْنَاً ففيها حكومة.
... قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: وإن كان الجاني أشَلَّ اليد فقطع كفاً سليمة خُير المجنيُّ عليه: فإن شاء قطَع الشلاء بيده, وإن شاء تَركَها وأخذ العقلَ.
... وقال في كتاب أسد: ليس له إلا العقلُ. زكذلك ذكر ابنُ المواز عن مالك وابن
القاسم وأشهب في الكتابين: إن كان شللاً يابساً أو كبيراً أذهب أكثر منافع يده. وأما في الخفيف فله أن ِيقتصَّ.
... وكذلك إن فقأ عينَ رجل, وعينُ الفاقىء ناقصةَ النظر وهو ينظرُ بها, وبها بياضٌ أولا بياضَ بها, فله أن يقتص منها, فإن ذهبت أو ذهب أكثرها فلا قصاصَ له فيها.
__________
(1) زيادة في ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الاصل, ثابت في ص وع.
(3) في ص: أن يقابله, وهو تصحيف.
(4) زياده في ص.

(14/11)


وكذلك مقطوعُ الكفّ اليمنى يَقَطعُ يمينَ رجل من المرفق, فليس له قطعُ يمين الجاني التي لاكفَّ فيها, وإنما له الدية عند أشهب, كمَنْ رضي بالقود من العين القائمة.
... قال ابن المواز وقال ابن القاسم: له قطعُ يمين الجاني التي لاكفَّ فيها من المرفق, ولا شيء له, فإن شاء أخذدية اليد خمسمائة دينار. وكذلك له قطعُها من المرفق [إن كان قطع يمين الرجلِ من المرفق] (1).
... ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قطع لرجل خمس أصابع, منها أصبعان شلاَّوان, فليقتص من ثلاث أصابع, وله في الأصبعين حكومة. وإن قطع له الكف من أصله فلا قصاص له, وله ثلاثة أخماس دية اليد, وفي الأ صبعين حكومة.
... ومن كتاب ابن المواز, وقد مضي في الجزء الأول, قال مالك في أقطع اليمين يقطعُ يمين رجل فَعَقْلُهَا في ماله. وكذلك الرَّجلُ والعين, ولا تحملُهُ العاقلةُ, بخلاف المأمومة والجائفة, لأن تلك باقية والقصاص مرتفع؛ ولو كانت هذه باقية لم يكن إلا القصاص. ولو أصيت هذه بأمر الله سبحانه بعد الجناية سقط القصاص والدية. ولو الجاني بعد الجناية بمأمومة أو جائفة في مثل الموضع من المجروح لمْ تسقط الدية.
واذا قطع صحيح كفا فيها ثلاثةُ أصابع فلا قصاص, وله ثلاثةُ أخماس دية الصحيح؛ لم يختلف في هذا مالك وأصحابة. وإن كانت تنقص أصبعاً واحداً فقول مالك وابن القاسم أنه يُقتصُّ له من هذا الصحيح, كانت الإبهامَ أو غيرها, أخذ لها عقلا أو قصاصاً أوغيره, وإنما أجيز له ذلك رحباً (2) وليس بقياس.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع, ثابت في الأصل وص.
(2) في ص وع: زحفا.

(14/12)


وقال أشهب: لا قصاص له, وله أربعة أخماس دية الكف؛ ذهبت الأصبع بأمر الله تعالى أو أخَذَ لها عقلاً , واختلف فيها قوله, ولكن الثابث عندنا من قول أشهب وروايته أن ليس إلا القصاص. وقال أشهب في قوله الأخر إن الأصبع كالأصبعين في رفع القصاص, كان أخذ للأنمله عقلاً أو لم يأخذ.
ولو قُطعت كفه خطاً كان له ديتُها كلها أيضاً إذا كان لم يأخذ للأنملة دية, وإن كان أخذ للأنملة عقلاً حوسب بها, ةإلا لم ينقص من دية اليد شىء.
قال: وأنملتانِ مثل أصبع لذهاب أكثر.
... ومن المجموعة قال ابن الماجشون: حدُّ ما لا يرفع اقصاص في اليد والَّرجال من النقص أصبعٌ واحد؛ هذا أقصاه. وزاد المغيرة على ذلك, وقول مالك أحوط. قال ابن

القاسم: سواء كانت الإبهام أو غيرها. وقال ابن الماجشون: إن كانت الإبهام فلا قصاص, لأن الإبهام كأنها أزيد من أصبع. قال سحنون في كتاب ابنه: وما علمتُ من فرَّق بين الإبهام وغيرها غيره.
... زمن المجموعه قال ابن القاسم: وكذلك إن كان نقص الأصبع خلقةً علي ما ذكرنا.
... وقال ابن الماجشون في ناقص الأصبع يقطع يداً صحيحة فالقوَدُ منه وله سواء مثل الصحيح, وما زاد فلا قواد له ولا منه, ويصير ديةً.
... وكذلك روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك في مقطوع الأصبع تُقطع يدُه تلك فله بها القصاص من صحيح.
... قال ابن القاسم وعبد الملك: كان أخذ للأصبع ٍٍٍ [عقلا] (1) أو لم يأخذ.
__________
(1) ساقط من الأصل, ثابت في ص وع.

(14/13)


قال بن الماجشون في الكتابين: وكذلك لو كانت يد الجاني ناقصة اصبعاً. أخذ لها عقلاً, فله بها القصاص من صحيحة. ولا عقل للمقتص منه للأصبع. ولو قطعت من يد رجل أصبعٌ خطأ أو عمداً فلم ينظر فيه حتى قطع رجل كفّه تلك فاقتص له بها بكف, فله في أصبعه القصاص أو العقل لأنه حق وجب له قبل أن تقطع كفه بها القصاص من صحيحة، ولا عقل للمقتص منه للأصبع. ولو قطعت من يد رجل أصبع خطأ أو عمداً فلم ينظر فيه حتى قطع رجل كفه تلك فاقتص له بها بكفه. وكذلك لو كان المقطوع الأصبع هو قطع كفاً صحيحة قبل انينظر في أصبعه, فله القصاص في أصبعه في أصبعه في العمد, والعقل في الخطأ, إلا أن تقطع أصبعه بعد قطعه لكف الرجل, فيكون أولى بقصاص نفسه.
... قال في المجموعه: وكذلك لو قطع منها ما يمنع القصاص, يريد بعد أن جنى هو, فلك أيها المستفيد قطع ما بقى منها. وما ذهب منها بمرض فمثله, وما ذهب بجناية جانٍ فلك طلب ذلك الحق, إلا أن يرضيك صاحب اليد ويطلب قصاصه, وإن شاء ترك وكان لك أن تقطع ما كان له هو أن يقطع. ويقطع بقية كفه.
... ومن العتبية (1) روى بن يحيى عن ابن القاسم قال: إذا كان الجاني هو الناقص أصبعاً فإنما للمجنى عليه القود بلا غرم على الجانى؛ وإن نقصت أكثر من أصبع فالمنى عليه مخبر في أن يستفيد بغير غرم يأخذه, وإلا ترك القود وأخذ العقل تاما. قال ابن المواز: قال ذلك مالك وابن القاسم مرة.
... وقد قال مالك أيضاً: وإن كان اجاني ناقصاً أصبعين فالمجني عليه مخبر؛ إن شاء أخذ جميع الدية يده في ماله, وإن شاء قطع يده بالثلاثة أصابع, وأخذ منه دية الأصبعين.
__________
(1) البيان والتحصيل, 160:16

(14/14)


وقال مالك أيضاً: إن كان الجان] مقطوع الأصبع فإنه يقطع يده ويغرم له دية الأصبع الخامسة.
وقد قال ابن القاسم في الأصبع: إنه مخير: إما استفاد بغير دية الأصبع, وإلا أخذ عقل يده بلا قصاص.
وفي الجزء الأول في باب [قطع] (1) لسان الأخرس, وذكر الخصي من هذا المعنى كثير.
وروى عيسى عن بن القاسم في الجاني الناقص أصبعين أنه تقطع كفه تلك ويغرم عقل أصبعين. ولو أن مقطوع الأصبعين قطع أصبع رجل الخمس من مثل تلك الكف قطعت تلك الأصابع الثصلاث الباقية له, وعقل له أصبعين. وإذا قطعت كفه تلك الناقصة فليس له إلا العقل ولا قود فيها.
... قال ابن المواز وابن عبدوس عن ابن الماجشون: ليس في الأصبع الواحد الناقص من الجاني خيار, وليس للمجني عليهإلاالقصاص, وإن كان أكثر من أصبع فليس له أن يستفيد لأنه من وجوه التعذيب, وقال أشهب في كتاب ابن المواز.
... قال ابن الماجشون: إلاَّ أن يقطع رجل أصبعيه بعد أن قطع كف رجل, فإنه يقطع باقي يده قصاص, إلا أن يرضيه قاطعه.
... قال ابن الماجشون في المجموعه: خير الجاني الأول, فإن شاء أدي دية الأصبعين اللتين قطعتا له وأمكن من باقي كفه للقصاص, ثم استفاد من قاطع أصبعه. وإنه شاء سلم القصاص فيهما إلى الذي قطع هو يده.
__________
(1) ساقط من الأصل.

(14/15)


قال ابن المواز قال ابن أصبغ قال أشهب في مقطوع الأ نملة من أصبعه يقطع أنملتين من أصبع رجل مثلها؛ قال: يعقل له الأنملتين. قال ابن المواز: يريد ولا قصاص له. وقال عنه غير أصبغ: يعقل له الأنملة العليا, ويقتص منه من الوسطى.
قال ابن القاسم في أقطع اليمن يجرح يمين رجل [عمداً] (1) فلينتظر بها, فإن رجعت بحالها فلا شيء عليه غير الأدب, ولو كان مما فيه قصاص لا قتص له.
ومن كتاب ابن سحنون قال ابن الماجشون في مقطوع ثلاثة أصابع قطع رجل بقية كفه عمداً: إنه لا قواد لها, قد صارت إلى الحكومة لرفع القصاص, ولا تنقص الحكومة في
ذلك من ثلاثة أخماس دية اليد. وإذا بلغت مثل أخماس دية اليد فأكثر, فذلك له. أخماس دية اليد. وإذا بلغت مثل ثلاثة أخماس دية اليد فأكثر, فذلكله. فأنكر هذا سحنون وقال: ما علمت من قاله غيره. قال سحنون: ويقول أشهب أقول انه لا حكومة في الكف ما دام فيها شيء له ديةٌ أصبع فما فوقها. قال فإذا بقيت الكف وحدها ففيها حكومة, ولابما كانت من الدية أصبع فما فوقها. قال فإذا بقيت الكفوحدها ففيها حكومة, وربما كانت أكثر من الدية الأصابع على قدر الشين.
__________
(1) ساقط من ع.

(14/16)


في القصاص مِن عين الأعور وله
وهل يُقتصُّ من اليمنى باليسرى؟
من عين أو يد من أحدهما بالأخرى
وفي دية عين الأعور
من كتاب ابن سحنون (1) عن أبيه, ونحوُه في كتاب ابن المواز قال: أجمع أصحابنا أن في غين الأعور الديةَ كاملةً: مائة من الإبل, وأجمع أصحابنا أن في عين الأعور الديةَ كاملهً: مائة من الإبل, وأجمعوا في أعور العاين اليمنى يفقأ عين رجل اليمنى أنه لاقصاص له, وإنما له ديته: خمسون من الإبل.
واختلف الناس إذا فقأ عيناً مثلُها باقية للأعور, فقال ابن القاسم وعبد الملك وأكثرُ أصحابنا: إن الجنيَّ عليه مخيرأن يقتصَّ فيفقأ العين الباقية للأعور, أو يأخذ منه ألف دينار دية العين التي ترك له, وإلى هذا رجع مالك, وكان يقول: إن شاء أقتص وإلا فله دية عينه خمسمائة دينار.
قال أشهب: وقول مالك الذي رجع إليه قول [يحيى] (2) بن شهاب ويحيى بن سعيد, وبلغني عن عمر وعثمان. قال: وكان لمالك قول إما أن يستفيد وإلا فلا شيء لهُ, وبه نأخذ إلا أن يكون ما قيل غير هذا سنة فيتبع. وهذا كله في كتاب ابن المواز. قال: وبقول ابن القاسم أخذ أصبغ.
قال: وإليه رجع ابن القاسم (3) وروى ذلك عيسى عن ابن القاسم في __________
(1) كذا في الاصل وص. وهو الصواب, صُحفت في ع: من كتاب ابن المواز.
(2) ساقط من ص وع.
(3) هكذا ص وع وهو المنناسب للسياق, وفي الأصل: قال قاله ابن القاسم.

(14/17)


العتيبية (1) , وذكر اختلاف قول مالك (2) فيه, وما أخذ به ابن القاسم مثل ما تقدم. وذكر أن ابن القاسم قال أيضاً: ليس له إلا القصاص إلا أن يصطلحا على شيء. ثم رجع فأخذ بقول مالك الآخر كما ذكرنا.
... قال ابن عبدوس: وهذا الذي أخذ به ابن القاسم قول المغيره, وتكون الدية في مال الجاني.
قال ابن القاسم في المجموعة: ولو اصطلحا على دية مبهمة فإنما له عقل عينه خمسمائة دينار. قال ابن حبيب: إن قول مالك الأول أن الصحيح مخير في أن يقتص أو يأخذ من الأعور ألف دينار, وليس للأعور أن يأبى ذلك. وقال به مطرفٌ وابن الماجشون؛ قالا ثم رجع مالك فقال: ليس للصحيح إلا القود أو أن يصطلحا على ما أحبَّا.
... قال أصبغ: واختلف فيه قول ابن القاسم. ونحن نأخذ بقول مالك الأول أصبغ: واختلف فيه قول ابن القاسم. ونحن نأخذ بقول مالك الأول, وهو قول ابن شهاب.
... ومن كتاب ابن المواز ونحوه في المجموعة قال ابن المسيب وغيره عن مالك في عين الأعور تصابُعمداً, قال في المجموعة: أصابها صحيح, فالأعور مخيرإن شاء القود, وإن شاء أخذ دية عينه ألف دينار. قالهُ ابن المسيب وغيره من فقهاء تابعي أهل المدينة.
... قال ابن المواز هذا قولُ مالك وجميع أصحابه لم يحختلفوا. وكذالك ذكر سحنون في كتاب ابنه وذكر أبو بكر الأ بهري رواية شاذة أن مالكاً اختلف قوله فقال هذا, وقال ليس إلا القود.
__________
(1) البيان واتحصيل,127:16
(2) هكذا أيضاً في ص. وفي الأصل: وذكر قولا اختلف قول مالك. وهو خلط ثم تكررت الجمله الأخيره بنفس الأخيرة بنفس الخط

(14/18)


قال ابن المواز قال أشهب وابن القاسم: كان الجاني صحيح العينين أو صحيح العين التي مثلها للأعور. [فأما إن كانت التيلأأعور] (1) مثلها مفقوده فعليه ألف دينار.
... قال أشهب في المجموعة: وإن فقأ أعور عين أعور ومثلها باقية للفاقىء, فأما في الخطأ فله الدية كاملة, وإن كان عمداً فإني أستحسن أن يخير المجني علي: إن شاء القصاص وأخذ الدية عينه ألف دينار, وليس للجانى أن يأبى ذلك [عليه] (2) فيختار العمى.
والقياس أن ليس له إلا القصاص, واسحسنت ما ذكرت لقول واحد من العلماء: إن كل مجروح مخير في القود أو الدية.
... قال عبد الملك في هذا الكتب: وإذا فقأ صحيح عين امرأء عوراء فلها القود إن شاءت بمثلها, وإن شاءت اخذت دية عينها خمسمائة دينار.
... ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا فقأ الأعور من صحيح عيناً, فأن كان خطأ فسواء فقأ عينه العوراء أو الصحية , ليس عليه إلا خمسمائة ديناره, وان فقأ مثل إلى هي باقية للأعور, فالمفقوءة عينه مخير: إن شاء اقتص وإن شاء أخذ ألف دينار.
... ولا يقتص من اليسرى باليمنى, ولا اليمنى باليسرى, من عين ولا يد ولا رجل. ورواه ابن القاسم واشهب وعبد الملك عن مالك.
... قال مالك: وهو كأقطع كأقطع اليمين يقطع يمين رجل فإنما فيه الدية. قال ابن القاسم: ولم يختلف قول مالك في اليد والرجل, ففيه دليل على أن العين كذلك.
__________
(1) ما بين معقوفتن ساقط من الأصل ثابت في ص وع. ...
(2) ساقط من الأ صل أيضاً.

(14/19)


قال ابن القاسم في المجموعة: وإذا فقأ أعور اليمين أعور اليسار عمداً فلا قصاص له, وإنما له ألف دينار.
... وقال عبد الملك في امرأة عوراء فقأت عين رجل صحيح مثلها باقية لها فله إن شاء فقء عينها أو يأخذ منها خمسمائة دينار ثمن عينة.
... ولو فقأ أعور عين امرأة صحيحة؛ التي مثلها باقية له, فلها أن تفقأ عينه أو يأخذ
منه ألف دينار دية ما تركت له.
... قال سحنون في كتاب ابنه: هذا على رواية ابن القاسم عن مالك, وأما على لرواية الأخرى فلها أن يستفيد وإلا أخذت دية عينها مائتين وخمسين, وهو قوله الأول, وما رأيت من ذهب إليه من أصحابنا.
... قال ابن المواز: روى أشهب عن ابن القاسم وسالم في الأعور يفقأ عين رجل جميعاً فقالا: يفقأ عينه بعينه جميعاً ولا شيء عليه غير ذلك. قال ابن سحنون عن ابيه عنهما قالا: وإن شاء أخذ دية عين الأعور, أو دية عينيه, فذلك له. قال ابن المواز قال اشهب: والصواب أن يفقأ عينه الباقية, ويغرم دية العين الأخرى. وقال هذا عطاء وربيعة.
... قال أشهب: ولو قلت بقول من يرى أن يقء اليمنى باليسرى, قال في كتاب ابن سحنون وهو ربيعة لقلت بقول ابن القاسم وسالم؛ لأن قوتهما صار في عين الأعور كما لو فقأ لجماعة أعينهم اليمنى ومثلها باقية له, ولكن لا أراه كذلك. وكذلك في هذا الرجل.
... وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية (1) قياس على قول مالك الآ الذي رجع اليه ابن القاسم في أعور فقأ عيني صحيح جميعاً, فإن كان في فور واحد, فالصحيح المجني عليه مخير: إن شاء فقأ عينه بعينيه التي
__________
(1) البيان والتحصيل, 128:16

(14/20)


مثلها له, وأخذ منه في الأخرى خمسمائة دينار, وإن شاء ترك عينه وأخذ منه ألفاً
وخمسمائة. وكذلك روى ابن المواز قال: وهذا قول مالك وأصحابه. قال مالك في المجموعة في أعور فقأ عيني صحيح عمداً: إن له أن يفقأ عين الأعور ويأخذ منه دية عينه الأخرى خمسمائة دينار. قال أشهب: هذا إن كان في ضربة واحد أو فور واحد.
... قال أشهب: وهو كمن فقأ عينين لرجلين؛ لهذا يمنى ولذه يسرى. فلوأخذ [أحد] (1) منها القود والآ خر الدية. قال ابن القاسم في العتبية (2) من رواية عيسى: وإن فقأ هما في غير فور واحد في وقتين, فعلى قول مالك الذي رجع إليه: أن ينظر, فإن بدأ بفقء التى مثلها باقية له وهي اليمنى فهو مخير في القصاص بعينه, أو يترك وأخذ منه دية عينه ألف ديبار. قال في موضع آخر من الكتاب: ويأخذ ألفاً ثانيةً في عينه الأ خرى؛ لأنها صارت عين أعور.
... قال: وإن بدأ بفقء اليسرى لم يكن له فيها إلا خمسمائة دينار, الصحيح يفقأ عين الأعور, أو الأعور يفقأ عين صحيح.
... قال أشهب في كتاب ابن المواز إن بدأ بالتي هي مثل عينه العوراء, فإنما له فيها خمسمائة دينار, وهو في الأخرى مخير: إن شاء القود أو يأخذ منه ألف دينار. وإن بدأ بالتي مثلها باقية له خير. ثم ذكر مثل ما ذكر عيسى عن ابن القاسم.
... وقال اشهب في المجموعة: إن بدأ بالتي هي مثل عينه العوراء فله فيها نصف الدية, وله في الأخرى القود. فإن بدأ بمثل عينه الصحيحة فله بها القود, وله بالأخرى ألف دينار.
__________
(1) ساقط منالأصل.
(2) البيان والتحصيل, 129:16 - 128

(14/21)


قال أشهب في كتاب ابن المواز: وإن كان الفقء خطأ وهو في غير قور واحد, ففيهما ألف دينار وخمسمائة دينار على عاقلة الفاقي, لا نبالي بأيهما بدأ.
... ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن فقئت عينه فأخذ عقلها, ثم فقئت الأخرى عمداً فهو مخير في القود أو أخذ ألف دينار.
... وقال أشهب في أععى فقأ عيني صحيح في فور واحد, فإنما عليه ألف دينار, وإن كان في غير فور واحد فله في ماله ألف دينار وخمسمائة دينار.
... قال ابن القاسم في العتبية (1) من رواية عيسى: وإذا فقأ صحيح العينين [عيني] (2) رجل جميعاً, فإن كان في فور واحد فليس له إلا القود بلا تخيير. وإن كان واحدةً بعد واحدة فليس له في الأولى إلا القصاص غير تخيير, وهو في الأخرى مخير إما اقتص وإلا اخذ ديتها ألف دينار, وليس له إلا أن يفقهمأهما ولا شي له, أو يفقأ الأولى ويأخذ ألف دينار.
... ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا فقأ رجل عين ونصف عين من رجل , وه باقٍ بصره, ففيه الدية ألف دينار. وإن شاء استفاد من العين التي مثل عينه, وأخذ فيما بقي لث الدية.
... __________
(1) ساقط من ع.
(2) البيان والتحصيل,129:16

(14/22)


ويأخذُ في الأخرى ما بقي من عقلها. ولو كان ما أصابهما من السماء فله فيهما ألف دينار.
... وإن فقأهما مرة بعد مرة فبدأ بالناقصة فليقتص منه في العمد إن نقصت يسيراً، وإن كان كثيراً فلا قصاص فيه، وله بقدر ما بقي منها. وأما في الخطإ فله ما بقي من عقلها، فبما قل وأكثر. وإن أصابهما أمرٌ من السماء ففيها القصاص في العمد أو جميع عقلها في الخطأ؛ نقصت قليلاً أو كثيراً. ثم إن أصيبت الأخرى كان سبيلها سبيل عين الأعور في العمد والخطأ.
... وإن أصيبت الصحيحة أولاً، ففيها ما في الصحيحة، ثم إن أصيبت الناقصة بعدها عمداً إقتص إن شاء، قل نقصها أو كثر، وإن شاء أخذ عقل ما بقي منها، على حساب ألف دينار.
... قال سحنزن في كتاب ابنه: ولا تقطع يد أعسر بيمين آخر، ولا يمنى بيسرى. وأنكر قول ربيعة في ذلك.
[وفي باب لسان الأخرس في الجزء لأول شئ من هذا وفي باب قبل هذا] (1)
__________
(1)) زيادة من الأصل وص.

(14/23)


في صفة العمد والخطأ في القتل والجراح
وما لا قصاص فيه في العمد
وذكر شبه العمد
في المجموعة وغيرها روى ابن القاسم وغيره عن مالك أن شبه العمد باطل، إنما هو عمدٌ أو خطأ. فالخطأ أن يصيب الرجل آخر بشئ لم يُرِدْهُ ولم يعمد له. والعمد أن يعمد لرجل فيضربه حتى يموت، أو يضربه في تاره ثم يموت بعد ذلك؛ ففيه القَودُ بقسامة.
... قال ابن الموّاز: إنما أراد مالك بهذا أن يخبرك ما فيه العمد بالقتل البيِّن من غير البَيّنِ.
... قال عنه ابن وهب: العمد إنما هو ان يعمد القتل فيما يرى الناس فيكون عن ذلك الهلاك. فأما ما كان على اللعب فليس بعمد.
... وفي كتاب ابن المواز قال مالك: من قتل العمد أن يعمد للقتل أو الضرب الذي فيه هلاك المضروب فيما يرى الناس.
... قال ابن المواز: إنما قال هذا [القول من قال لا يكون قتل العمد إلا بحديدة. قال مالك] (1) في الكتابين: والمجتمع عليه عندنا أن من عمد لضرب رجلٍ بعَصاً أو رَمَاهُ بحجرٍ أو غيرها فمات من ذلك، فهو عَمْدٌ وفيه القِصَاصُ.
... قال عنه ابن القاسم: وكذلك لو طرحه في نهر وهو يدري (2) أنه لا يُحسنُ العوم على وجه العداوة والقتال، فإنه يقتل به. وإن كان على غير ذلك ففيه ألدية. __________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ثابت في ص وع.
(2) في ص وع: وهو لا يدري أنه يحسن العوم. وهو تصحيف.

(14/24)


قال مالك: والعمد في كل ما تعمد له الرجل من ضربه أو وكزه أو لطمه أو رميه ببندقية أو بحجر أو بقضيب أو بعصا أو بغير ذلك فمات، فالقود في ذلك.
... قال أشهب: ولم يختلف أهل الحجاز في هذا؛ لأنه عمده بالضرب، وقد يترامى إلى غيرها، وقد يقصد إلى القتل بغير الحديد، ويكون أوخى منه.
... قال: وإذا قال الضارب لم أرُدِ القتل بأي ضرب كان لم يصدق، ولا يعرف ما في القلوب إلا بما ظهر من الأعمال، ولو علمنا أنه كان يحب أن لا يموت ما أزلنا عنه القود لتعمد الضرب
... قال ابن المواز: [أرأيت] (1) لو رمى يريد رأسه أو بعض جسده فأصاب عينيه، ألا يقتص من عينيه؟ أو ضرب عينه لا يريد فقأها، فأصابها، أليس يُقادُ منها؟ وليس بين النفس والجرح فرق.
... قال أشهب: وقد أقاد النبي- عليه الصلاة والسلام- من التي ضربت أخرى بمسطح فقتلتها (2).
... قال: وكل ما عمد ضربه به على اللعب برميه أو وكزه أو ضربه بسوط أو إصطراعاً فلا قود فيه، ولا يتهم بما يتهم به المغاضب لظهور الملاعبة منهما. ولو كان على وجه القتال كان فيه القود.
... قال ابن المواز وقال أبو الزناد: ومن عمد لضرب رجل بعصاً، أو بحجر أو عظم لاعباً معه من غير قتال ولا ثائرة، أو دافعه وضاربه بسوط أو لكزه لاعباً معه، فلا قود في ذلك فيما بلغنا، وفيه ألدية مغلطة.
__________
(1) زيادة من الأصل وص.
(2) في كتاب الديات من سنن أبي داود وابن ماجه والدارمي، وكتاب القسامة من سنن النسائي ومسند أحمد.

(14/25)


قال اشهب: بل دية الخطأ مخمسة غير مغلطة.
وذكر ابن حبيب أن ابن شهاب وربيعة يقولان كقول أبي الزناد في تغليظ ألدية في هذا إن كان على اللعب. وقال به ابن وهب. وأما مالك وباقي أصحابه وعبد العزيز فلا يرون تغليظ ألدية إلا في صنع المدلجى.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك: ومما فيه القود ما يكون من عداوة وثائرة. قال عنه ابن القاسم: ومن العمد ما لا قود فيه كالمتصارعين والمتراميين، أو يأخذ برجله على اللعب فيسقط فيموت، فهذا من الخطأ.
قال ابن المواز: ومن قتل رجل عمداً يظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص، فهو من الخطأ لا قصاص فيه، وقد مضى مثل ذلك في مسلم قتله المسلمون بعهد النبي صلى الله عليه وسلم فظنوه من المشركين، فوداه- عليه السلام- ولم يقد به.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في قوم خرجوا إلى النزهة فيلعبون، ويجذب بعضهم بعضاً فيُدْفَعُ أحدهم فيموت، أو تنكسر [يده] (1)،فهذا من الخطأ وفيه العقل. وكذلك لو تماقلوا في بحر أو نهر فمات بعضهم فهو من الخطأ وفيه ألدية، إلا أن يتعمد من ذلك تعمداً أن يمييت المفعول به ذلك فإن فيه القود؛ بأن يغطس الفاعل حتى يموت. ولو كانوا ستة نفر فشهد إثنان أن الثلاثة قتلوه، وشهد الثلاثة ان الإثنين قتلاه لم تَجُزْ شهادتُهم، وديته في أموالهم إن شَهِدُوا على العمد [بقتله] (2). وإن شهدوا على أن ذلك على اللعب فالدية على عواقِلِهم.
__________
(1) ساقط من الأصل، ثابت في ص وع.
(2) زيادة من الأصل وص.

(14/26)


وقد مضى في الجزء الأول ما روى ابن القاسم واشهب عن مالك فيمن قلع لصبي يُثْغرُ بخيط سناً تحركت، فأقام ثلاثة أيام ثم مات؛ فقال له: كفر، وما أدري هل ذلك واجبٌ عليك، فإن لم يكن فقد احتطت. ومسألة من سقى لقوم سويقاً فمات بعضهم، في كتاب المحاربين.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن شهاب وربيعة وأبو الزناد: إن شبه العمد إن كان أصله ثائرةً وغضباً ففيه القود. وإن كان بعصاً أو وكزةأو لطمة فأرجو أن لا يكون عليه في هذا بينه وبين الله تعالى إثم قاتل النفس. وأما إن كان على اللعب ففيه ألدية مغلظة، [وهو شبه العمد الذي لا قصاص فيه عندنا. وبه قال ابن وهب، وأما مالك وباقى أصحابه وعبد العزيز فلا يرون تغليظ ألدية إلا في صنع المدلجي، ويرون في ذلك كله القود.
قال عبد الله: يعني ابن حبيب فيما كان على ثائرة، هذا المعروف من قول مالك.
قال ابن حبيب: وقال العراقيون: لا قود فيه؛ كان على ثائرة أو غيرها؛ يعنون في مثل العصا واللطمة والوكزة ما لم يكن ضرباً بحديد أو سلاح.
قال ابن حبيب: وفاعل ذلك على العمد يقاد منه، وإن لم يردفي نفسه القتل ويحكم عليه بالظاهر ويسلم من إسم العمد بينه وبين الله] (1). ويعاقب متعمد القتل.
ومن المجموعة والعتيِِبَة قال مالك في قوم عدوا على رجل [فقتلوه] (2) وأخذ إثنان بيديه وإثنان برجليه وآخر يخنقه بعمامة وآخر.
__________
(1)) هذه الفقرة الطويلة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة كلها من ع، ثابتة في الأصل وص.
(2)) ساقط من ص وع.

(14/27)


يضربه حتى مات، فأُخِذَ أحدهم فأقر وقال: كنا نصطرع لاعبين في مرضع غليظ فصرعته ثم تعاصبنا وتحامينا فصرعته في موضع كثير الحجارة، فلم أً ُلصقه إلى الأرض حتى غُشي عليه، فقُمتُ عنه وقد مات.
... فقال: ما أرى قَتْلَه واجباً. قيل: فهل يؤخذ من أولياء الهاربين خُمسُ ديات بدلت عليهم؟ قال: لا بأس بذلك.
قال ابن المواز فيمن أشار على رجل بالسيف فمات مكانه، وكانت بينهما عداوة: فإن تمادى بالإشارة عليه وهو يهرب منه فطلبه حتى مات فعليه القصاص، فأما إن كانت إشارته فقط فمات، فإنما فيه ألدية على العاقلة.
وقد قال ابن القاسم فيمن طلب رجلاً بالسيف ليضربه به فهرب منه، فما زال يجري حتى سقط فمات، فليُقسم ولاتهُ لَمَاتَ خوفاً منه ويقتلونه.
قال ابن القاسم: ولو أشار عليه بالسيف فقط فمات، وكانت بينهما عداوةٌ، قال: هذا من الخطأ.
... وقال ابن عمر (1) فيمن سلّ على امرأة أو صبي سيفاً ليفزعه فمات، ففيه دية الخطأ
... قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن طلب رجلاً بسيفه فعثر المطلوب قبل أن يدرك فمات؛ قال: فيه القصاص. وقاله المغيرة وابن القاسم وأصبغ، وذكرالليث عن ابن سيدة (2) فيمن رمى حدأة فخرّت على صبي فقتلته فالدية على عاقلة الرامي.
قال ابن حبيب [رُوي] (3) عن الحسن البصري في رجل قائم على بئر فاستسقاه رجل عطش فأبى عليه فمات، فضَمّنه عمرُ ديتَه.
__________
(1) كذا في الأصل، وص. وفي ع: ابن عمار.
(2) كذا في الأصل، وفي ص: عن أبي هريرة، وفي ع: ابن هبيرة.
(3) ساقط من الأصل. ثابت ص وع.

(14/28)


وقال قتادة فيمن رمي من عند قوم، قال ذلك عليهم.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ: ولو طرح على رجل حيةً مسمومةً على وجه [غير] (1) اللعب، مثل هؤلاء الحواة الذين يعرفون من الحيات المسمومة والأفاعي التى لا يُلَبثُ من لدغته فيموت " فليُقتلْ راميها، ولا يُقبل قوله إنه على اللعب.
وإنما معنى اللعب مثل ما يفعل الشباب (2) بعضُهم ببعض؛ يطرح على الآخر الحية الصغيرة التي لا تعرف بمثل هذا فيُقتل، فهذا مشكلّ ويُجعل كالخطأ، فأمّامن يعرف ما هي ويتعمدُ طرحها فإنه يُقتلُ، فهذا مُشكلّ ويُجعلُ كالخطأ، فأمّا من يعرف ما هي ويتعمد طرحها فإنه يُقتلُ، ولا يقبل منه أنه لم يرد قتله، كما لا يقبل ذلك من الضارب بالعصا وساقي السِّكران فيكون عنه الموت.
وتجب القسامة مع الشاهد على طارح الحية على آخر.

في القود بغير الحديد ممن قتل به
ومن قتل رجلاً بقطع يديه ورجليه
أو بغير ذلك من الفعل ما الحكم فيه؟
ومن المجموعة قيل لمالكٍ: هل يقاد بالحجر أو بالعصا؟ قال: يقتُل بمثل ما قَتل.
... وكذلك في العُتْبية من رواية أشهب عن مالك قال: وسمعت أنه __________
(1)) ساقط من ص وع.
(2)) كذا في الأصل وص. وفي ع: الصبيان.

(14/29)


يُقتلُ بالعصا. قيل: فله أن يقتله بها؟ قال: نعم. وإن كان ضربه ضربةً واحدة يجهز عليه فيها، لا يكون شيئاً مختلفاً يقطع عليه الضرب، فأمّا إن ضربه ضربات فلا. قال عنه ابن وهب في المجموعة: يُقتلُ بالعصا، وإن لم يَمُتْ من ضربة كرر عليه الضرب بها حتى يموت، ولا يطول عليه.
... قال أشهب: يُنظر من أول، فإن خيف أن لا يموت من مثل ما ضرب به فليُقتل بالسيف.
... قال: فإن رُجيَ ذلك فضُربَ بالعصا ضربتين كما ضرب فلم يمُتْ، فإن رأى أنه إن زيد عليه مثل الضربة والضربتين زيد عليه بها حتى يموت. [وقال ابن القاسم: يُضربُ بالعصا أبداً حتى يموت] (1).قال مالك: يقتلُ بالعصا ولم يذكر عدداً.
... وقال أشهب في الحجر مثله يُجهزُ بالقتل إنه يُقتل به، فإن كان أيضاً ضربه بحجر فمات منها فلا يستقاد منه، إذ لعلّه يُضرب بمثله مائةً فلا يموت. وكذلك في العصا غير المرجى.
... قال ابن القاسم: فإن قتله خنقاً قُتل به خنقاً. قال أشهب: ذلك إذا خنقه حتى يموت، فأما إن أخذ بحلقة فخنقه خنقةً فأتى على يديه فيها فمات قُتل بالسيف.
... قال ابن القاسم: فإن غَرقه غَرّقْته، وكذلك ذكر عنه عبد الملك بن الحسن [في العتبية (2).قيل لابن القاسم في رواية عبد الملك بن الحسن] (3) في الذى يُغرق فيهلك، أيُقتل بمثل ذلك؟ قال نعم [قيل] (4).فإن قتله بالسُّم أهو مثله؟ قال: نعم.
__________
(1) ما بين معقوفتين ثابت في الأصل وص. ساقط من ع.
(2)) البيان والتحصيل 62:16.
(3)) مابين معقوفتين ثابت في ص وع، ساقط من الأصل.
(4)) ساقط من الأصل.

(14/30)


قال عبد الله: يعني يُوجبُ بذلك القَودَ بغير السّم.
ومن المجموعة قال أشهب وعبد الملك في الذي يغرِّق: إنه يُغرَّق.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن كتفه وطرحه في نهر فغرق، صُنع به مثل ذلك. قال أشهب فإن كان ممن إذا كُتِف لم يغرق وحمله الماء، ثُقَّلً بشئ يُرسَّبُه في القعر حتى يموت.
... قال عبد الملك فيه وفي كتاب ابن المواز: ولا يُقتل بالنبل ولا بالرمي بالحجارة من قَتل بذلك، لأنه لا يأتي على ترتيب القتل وتحقيقه، فهو من التعذيب ولا يُقتل بالنار لأنه من التعذيب. ويُقتل بالعصا وبالخنق وبالحجر الذي يشرخُ.
... قال: ولو طرحه من فوق جدار أوجبل أو على سيف أو رمح أو غيره صُرِفَ القودُ فيه إلى السيف، لأن ذلك قد يُخطئ قتله فيصير تعذيباً.
... قال ابن القاسم: وإذا قطع يديه ثم رجليه ثم ضرب عنُقه فالقتل يأتي على ذلك كلِّه.
... قال ابن وهب عن مالكفيمن جرح رجلاً ثم قتله: فإن كان مثَّل به في تلك الجراح؛ فعسى به أن تقتص منه تلك الجراح ثم يُقتل. وإن كان إنما جرح جرحاً أو جرحين ثم قتله، فلا أرى القتل إلا كافياً من ذلك. وقال نحوه أشهب: إن كان على وجه المُثلة أستُقيد منه على ذلك وإن كان على وجه القتل، فالقتل يأتي على ذلك.
... وفي كتاب ابن المواز: إن جرحه ثم قتله في غير فَور واحد فالقتل يأتى على ذلك. وكذلك إن فعل ذلك في فور واحد ولم يقصد المثلة [والتعذيب فالقتل يأتي عليه ما لم يكن خطأ، كما فعله برجلين. قال وإن تعمّد المثلة] (1) مع القتل اقتص منه بمثل ما مثّل به ثم قُتل. قاله ربيعة
__________
(1)) ما بين معقوفتين ثابت في ص وع. ساقط من الأصل.

(14/31)


ومالك وأشهب وابن وهب، وأباه ابن القاسم وأنكر وقال: القتل يأتى على ذلك. وقال: ومثلتُه بواحد كمُثلتِه بجماعة ثم يقتل آخراً (1). فالقتل يأتى على ذلك.
... وقال أصبغ بقول أشهب، وقال: وذلك إذا كانت المثلةُ فاحشةً معذِّبةً مثلها يقتل، كقطع الأيدي والأرجل، وليس الواحد والجماعة في هذا سواء، لأنه إن مثّل بقوم ثم قتل أحداً فإن القتل يأتي على ذلك كله.
... وقال ابن المواز: إن مثّل به ولم يرد قتله ثم قتله، فالقتل يأتي على ذلك كله. فإن مثّل به يريد قتله بالمثلة فإنه يُقتل بمثل تلك المثلة، ما لم يكن الأمر اليسير، ما لم يكن إنما أراد قتله فمثّل به في الضرب. فالقتل أيضاً يأتي على ذلك كله. وذكر عن ربيعة مثله.
... ومن المجموعة قال أشهب: إذا كان على وجه القتال قطع يديه ورجليه فمات من ذلك مكانه ضٌربَت عنقُه، لأنه فعل ذلك به لعله لا يقتُله، ولا بُدَ من قتله.
... ومن كتاب ابن المواز: ومن جنى على رجلٍ فقطع يديه ورجليه وفقأ عينيه ثم مات. فإن كان عمداً فأولياؤه بالخيار: إن شاءوا اقتَصُّوا من الجراح فذلك لهم، وإن شاءوا أن يقتلوا فليس ذلك لهم إلا بقسامة. فإن أقسَموا لم يكن لهم بالجراح قصاص ثم يقتلوا.
__________
(1)) كذا في الأصل وص. وفي ع: يقتل أحداً. وهو تصحيف.

(14/32)


في القصاص بين القرابة والزوجين
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: من عمد إلى امرأته بفقء عين أو بقطع يد أو بغيرها متعمداً، قيد منه. وأما إن ضربها بسوطٍ أو حبل فأصابها من ذلك
ذهاب عين أو غيرها، ففيه العقل ولا قَودَ فيه.
... ويُقتل الأخ بأخيه إن قتله على عداوة، وقد قتل أحد بني آدم أخاه عمداً.
... وأما ما جرى على الأدب فإنما فيه العقل؛ مثل المعلم والصانع، أو القرابة يُؤدبون، ما لم يُتعمد بسلاح أو شبهه.
... قال مالك في التي فجرت فقال لها ابنها لأُ خبِرنّ أبي فقتلته إنها تقتل به. وفي التي فجرت فّرمت ولدها في بئر ونحوها، مثل ما ذكرنا في باب المغلّظة.
... قال: وما كان من فعل الأب بابنه كفعل المُدجليّ (1)، مثل أن يضربه بعصاً أو رمية بحجر أو يحذفه بسيف أو بسكين فيقتله فلا يُقتل به. وفيه الدية المغلّطة. وهو من الأجنبي عمد يُقتل به. ولا يقتلُ الأب إلا بأمر بيّن من قصد القتل (2)، مثل أن يذبحه أو يشقّ جوفه وشبه هذا. والجراح تجري مجرى هذا فيما يُقتص منه وما لا يُقتص منه وتُغلظ فيه الدية أن يكون ما رميه به يكون منه جرح أو قطع فلا قود فيه وفيه التغليظ. حتى إن أخذ سكيناً فقطع بها يده أو أذنه، أو يضجعه فيدخل أصبعه في عينه فيفقؤها فهذا يُقاد منه.
2 - النوادر والزيادات 14
__________
(1)) قصة المدلجي رواها مالك في الموطأ في ميراث العقل والتغليظ في الدية عن يحيى بن سعيد عن عمر بن شعيب. والمدلجي يُدعى قتادة حَذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنُريَ في جرحه فمات.
(2)) هكذا في ص وع، وصحفت العبارة في الأصل فكتبت: ولا يقتل الأدب ألا بأمرين مثل أن يقصد.

(14/33)


وقد ذكرنا هذا كله في باب المغلطة في الجزء الأول.
ومن كتاب ابن سحنون رُوي عن ابن القاسم في العبد يقتل ابنه مثل ما فعل المدلجي؛ يُسلمه سيده إلى ورثة ابنه أنه لا يعتق عليهم ويُباع ويُعطون ثمنه. ولو جرح أباه فأسلم إليه لعتق عليه. ولو كان قتله لبنه خطأ عتق عليه إذا أُسلم إلى ورثة ابنه إذا كانوا ممن يعتق عليهم، بخلاف المغلّطة. وقال سحنون: ذلك كله [عمد] (1) ويعتق على ورثة ابنه بكل حال.
ومن كتاب ابن حبيب روي أن رجلاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لطم امرأته، فشكت ذلك إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله- سبحانه- {الرّجالُ قَوّامُون على النساء .. } الآية (2).
قال الثوري: يُقتص للزوج منها في الجراح وشبهها. ولا يقتَص لها منه في الأدب.

ذِكْرُ ما يكون فيه القِصاصُ من الجراح وكسرِ العظامِ
وما لا يكون فيه قِصاصٌ
... من المجموعة وكتاب ابن المّواز قال أصحاب مالك عنه: قال الله- سُبحانه- {والجروح قِصاصٌ} (3).
... ففي كلّ عمد القصاص، ما يستطاع منه القَودُ مِما لا يكون مُتلفاً. قال: والقَودُ في الموضحة وما دونها. وقاله أشهب.
__________
(1)) زيادة في الأصل.
(2)) الآية 34 من سورة النساء.
(3)) الآية 45 من سورة المائدة.

(14/34)


ومن المجموعة قال المغيرة أيضاً: أرى القصاص في جُرح إلا ما اجتمع عليه العلماء أن لا قصاص فيه، كالمأمومة والمنقِّلة والجائفة وكسر الفخذ. قال ابن المَوّاز: اجتمع العلماء على ذلك إلا ربيعة فإنه كان يرى في كل شئ القَود. وأقاد ابن الزبير في المنقِّلة. وقد قال الصديق: لا قود فيها. وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبدوس قال المغيرة: ولا قَودَ في كسر الُّصلب وفيه جميع الدية.
ومن الكتابين قالابن القاسم: وإن ضربه فأشل يده أو رجله قال مالك: ففيها القود يضربه كما ضربه، فإن شُلّت وإلا فعقلها في مال الضارب.
قال أشهب: إن كانت ضربةً تجرح فليُجرح الضارب مثله، فإن شُلّت يده وإلا فالعقل في ماله. فأما لو ضربه على رأسه فأذهب يده فلا قَود فيه، وعليه ديةُ اليد في ماله.
وقالا في اليد تُقطع من المنكب والرِّجل من الوَرك ففيهما القِصاص.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن ضرب رجلاً فاتّقاه بيده فكسرها إنه يُقادذيل كشف الظنون منه.
قال عنه عليٌ: وإن كسر يده أو رجله فبرئت بغير عيب فله القَود.
قال مالك في الكتابَين إن الأمر المجتمع عليه أن في كسر اليد والرجل القصاص.
قال أشهب: رما علمتُ مَن قال لا يُقاد في كسر العظام إلا أهلَ العراق؛ قالوا إذ لا يستوي الكسران، وهذا يفسد لأنه ربّما اختلف القَودُ

(14/35)


في الجراح لتجاوز من الحديد، أو بغلبة حقيقة تحديد ذلك وما قد يترامى إليه أحد الجرحين.
ومن كتاب ابن المواز قال: ويُقاد من كسر الأنف. وقد أقاد عليٌ ابن أبي طالب- رحمه الله- من كسر الأنف. وأقاد عمرُ بن عبد العزيز من كسر العظام مما ليس بمُتلف، فإنه لا يُقاد منه ولا من جائفة ولا مأمومة. وقاله ابن شهاب وربيعة وكثير من العلماء. وقاله مالك والليث.
وقال: في التُّرقُوة والضِّلع القصاصُ. قيل أيسقُط القود في شئ من كسر العظام؟ قال: أما مثل عظام الصدر فلا أرى فيه القصاصَ. قال أشهب: لا قصاص فيه لأنه متلفٌ.
... وقال ابن القاسم: يُسأل عنه أهل المعرفة وعن الضِّلع، فإن كانا غير مخوفين اقتُص فيهما.
... قال أشهب قال مالك: وفي أحد قصبتي اليد القصاصُ إن أستُطيع ذلك. وقال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: فيه القصاص. قال أشهب في الكتابين: وكذلك إن كُسرتا جميعاً. قال ابن المواز: واجتمعا أنه لا قصاص في عظام العنق والفخذ والصّلب وشبه ذلك من المتالف في العظام، وفيه العقل بقدر الشَّين، إلا الصلب ففيه الدية ولا شئ في شينه، أو يكون قج انحنى وهو في ذلك يقوم ففيه الدية بحساب ذلك.
... وفي كسر اليد حكومة بقدر الشّيْن، وقد يبلغ أكثر من الدية، إلا أن يكون قد أشَل رجله، فلا يقدر أن يمس بها الأرض فله دية الرجل كاملة، أو يشلّه بما يُنقص مشيه، فله من ديتها بقدر ما نقص منها.
... واختلف قول مالك في الظفر فقال: إن كانم يُستطاع منه القصاصُ اقتص منه. رُوي عنه أن فيه الإجتهاد. وهي رواية ابن وهب عنه في المجموعة.
...

(14/36)


قال ابن القاسم وأشهب: وإن قطع يده من نصف الساعد ففيه القصاص. قال أشهب: وليس ذلك بمتلف.
... قال ابن القاسم عم مالك في الظٌُّفر: فيه القصاص إن استطيع القود منه. قال ابن المواز: اختلف فيه قول مالك. وهذا أحبُّ إلينا. قال ابن عبدوس قال سحنون: ينبغي أن يكون الظّفر كسن الصبي الذي لم يُثغر لأنه ينبتُ.
... ومن المجموعة، ونحوُه في كتاب ابم المواز قال ابن القاسم وغير واحد عن مالك: لاقود في منقلة. قال عنه ابن نافع: ولا أرى ما صنع ابن الزبير ولم يمض عليه الأمر. وكل شئ كان مفسداً لا يُرى كيف يأتى أثره فلا أ ُحب القود منه.
... قال عنه ابن القاسم في هامشة الجسد القود إلا ماهو مخوف كالفخذ وشبهه. قال ابن المواز: وقاله ابن القاسم وأشهب، قالا: ويُقاد من موضحة الجسد ومنقلته.
... قال ابن القاسم في الكتابين: ولا قود في هامشة الرأس لأنها لا بُد تعود منقلة. وقال أشهب: فيها القصاص إلا أن تنتقل فتصير منقلة لا قود فيها. قال ابن المواز: يريد يستقاد منها موضحة إن لم تنتقل بالأولى، أو برئت على الهشم. فإن هشم منه مثل الأولى فهو حقه. وإن تنامت بالثاني إلى مأمومة أو إلى نفسٍ فهو قبيل الحق. وإن برئت موضحة فلم يصبه هشم لم يكن له شئ؛ لأنه ليس عندنا فصل عقل بين الموضحة والهاشمة. قال ابن المواز: صواب إن كان بدأ الجرح موضحة ثم تهمشت. فأما لو كانت الضربة هشمته لم يكن فيه قود.
... ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك بلاغاً: القود في اللسان إن كان يُقدر على القود منه ولا يُخاف. وأما إن كان متلفاً فلا يقاد منه.

(14/37)


ومنه، ومن العتبية (1) وكتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك فيمن عض لسان رجل فقطع منه ما منعه الكلام شهرين ثم تكلم وقد نقص كلامه، قال: أحب إلي أن لا قود فيه لأني أن يذهب من كلامه أكثر من ذلك أو جميع الكلام. وليَحلف المجنِيُّ عليه على ماذهب من كلامه بعد التجربة له في ذلك. قال أشهب: اجتمع العلماء على أن لا قود من مخوف. واللسان عندي من ذلك، ولا أرى فيه قوداً. وقاله مالك.
... قال أشهب في المجموعة وكتاب ابن المواز: والأنثيان إن قطعتا أو أخرجتا إخراجاً ففيها القود، وأما في رضّهما فلا، وذلك متلف. وإن قطعتهما فعلت به خير ما فعل.
... قال مالك: وإذا ضربه أو نخسه في العين فذهب بصرها، والعين قائمة، فإن أستطيع القود منه أ ُقيد، وإلا عقل له. وإن فقأها فقئت عينه.
... قال ابن القاسم: والبياض عندي مثل القائم العين إن قُدر فيه على القود، وإلا فالعقل. وقال أشهب: إن خسفها (2) فله القودُ. وأما البياض فلا يُقاد منه. قال ابن المواز وقد قال ابن القاسم وأشهب: لا قود في البياض.
... ومن كتاب ابن المواز قيل: فهل يستقاد من الضارب بمثل العقل الذي بمثله ذهبت عين هذا؟ قال أشهب وإلا عُقل له قال: إن كان منه ما يكون فيه القودُ كشجة الموضحة ونحوها. وإن كان ذلك بعصا ونحوها فتعم (3) وقاله مالك وابن القاسم وأشهب. وإن كان أذهب عينه إلا أنها
__________
(1)) البيان والتحصيل، 16: 103.
(2)) خسف العين: فقأها.
(3) كذا في ع. وفي الأصل: فإن أنبتت. وفي ص: فإن انتهت. وفي الجملة شئ وصحفت العبارة في الأصل فكتبت: وإن كان ذلك نقصاً ونحوها فنقص.

(14/38)


منسوخة من شيء لا قود فيه كاللطمة أو الضربة بعصاً منغير أن يُدمى فإن انخسفت عينه أُقيد له من عينه فقط (1)، وإن لم تنخسف فليس له فيها إلا عقلها. قال ابن القاسم: وكذلك لو كان إنما شجه مأمومة أو منقَّلة فليس فيه قود، وفيه عقل العين. قال ابن القاسم في ماله, لأنه ليس من الصريح الذي لاق ود فيه، وهو فيه مرةً القود, ومرةً لاق ود في. ألا ترى قول مالك: إن كان يُستطاع القودُ منه فينزل الماء في عينيه وإلا عُقل ذلك.
... ومن المجموعة قال عبد الملك: لا قود في العين إلا أن تُصاب كلها وإن أصيبت كلها فقِئَت, لأنه إن أصيبت بعضها, قل أو كثر, فلا قود فيه. لأنه لا يوقف به على حدِّ.
... قال: والسمع لا قود فيه لا في كله ولا في بعضه, وإذا لا يُقدر عليه, وإنما فيه العقل؛ إما كلُّه أو بحساب ما ذهب منه.

ذكر ما لا قود فيه من اللطمة والضرب
وحلق الشعر ونتفه وشبه ذلك
... من كتاب ابن المواز والمجموعة قال مال: لا قود في اللطمة, وفيها العقوبة. قال ابن حبيب: وقد روى عن طارق بن شهاب (2) وغيره القود. قال النخعي: يُقاد من الضرب بالسوط.
... ومن المجموعة قال سحنون: وروي عن مالك في الضربة بالسوط أنه لا قود فيها، وفيها الأدب. وكذلك قال أشهب: لا قود في اللطمة وفي الضربة بالسوط أو العصا أو بشيئ من الأشياء إذا لم يكن جرحاً, لأنه لا __________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل فقئ.
(2) كذا في ص وع وهو الصواب. وصحفت العبارة في الأصل: "وقد روى غير طاوس وبن شهاب" وطارق بن شهاب أدرك النبي عليه السلام وسكن الكوفة, وله أحاديث في الصحيحين وغيرهما.

(14/39)


يُعرف حد تلك الضربة، وهو من الناس مختلف, ليس ذلك من القويِّ كما هو (1) من الضعيف، وقد تتفق القوة ولا يُدرى مبلغ ذلك، ولكن العقوبة أولى.
... قال ابن المقفع عن مالك اللطمة: إن ذلك مختلف في الناس، ليس ذو الفضل والمروءة والشرف كالدنيء الأمر والضعيف (2) الخطب، والصبي والخادم، ولا قالوي كالضعيف. وأما هؤلاء السودان والصبيان؛ يتلاطمون كل ساعتين فذلك خفيف.
... قال المغيرة في الرجل ينتف لحية الرجل أو شاربه أو رأسه أو بعض ذلك عمداً فلا قود فيه. وفيه الإجتهاد من العقوبة والسجن لإختلاف عظم اللحى. ولو نتف جميع اللحية أو الشارب فأقدته منه لكان ذلك شبه الصواب، أن تكون لحية بلحية أو شارب بشارب. فأما نتف بعض ذلك فليس فيه إلا ما يرى الإمام من العقوبة والسجن.
... قال ابن المواز قال مالك: إن كان حلق الرأس واللحية والحاجبين خطأ، ففي ذلك حكومة إن لم ينبت ذلك، واختلف ابن القاسم وأشهب في عمدها، فلم ير فيه ابن القاسم إلا الأدب بلا قصاص. وقال أشهب في ذلك القصاص وفي الشارب وأشفار العين.
... قال أشهب: فإن ثبت للثاني ولم يثبت للأول، فعليه قدر شين ذلك وضرره. وأعرف لأصبغ فيما أحسب (3) أن القصاص فيه بالوزن، وعاب ذلك غيره، لاختلاف اللحى بالصغر والكبر.
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل: كهو وفي ص هو.
(2) كذا في الأصل: وفي ع: والصغير
(3) كذا في ص وع. وهو الصواب: وفي الأصل: فيما أعرف حسب.

(14/40)


قال مالك فيمن ضرب رجلا حتي أحدث تحته، قال: يعاقب بقدر ما يري الإمام. قبل: فيما روي (1) أنه قضي فيه بالثلث؟ قال: ليس ذلك بشئ (2)
__________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل: رأي.
(2) هنا في الأصل خاتمة: تم باقي الجزء الثالث من احكام الديات من النوادر والزيادات بحمد الله ونعمته. وتشير إلي أن الجزء الثالث من أحكام الدماء لم ينته بعد، وسيستمر إلي حدود الجزء الرابه من أحكام الدماء وهو كتاب القسامة الاتي.

(14/41)


فيمن يستقيد للمجروح والمقتول
وكيف يستقاد من الجراح؟ (1)
في المجموعة وكتاب ابن المواز قال أصحاب مالك فيمن جدع أنف رجل أو وفقأ عينه أو كسر يده فلا [يترك] (2) يستقيد لنفسه، وليدع له أهل العلم بالقصاص، فيقاد بحساب ما نقص من ذلك. قال عنه ابن القاسم: وأجره علي الذي يقتص له. وقاله أشهب.
وقال مالك في العتبية من رواية ابن القاسم [وذلك كالدين. قال ابن القاسم] (3): لأنه يوكل من يطلب ديته ويقبض، فيكون جعله علي الطالب.
قال في المجموعة [وكتاب ابن المواز] (4): ويدعي له أرفق من يقدر عليه من أهل البصر، فيقتص بأرفق ما يقدر عليه.
قال مالك: وأحب إليه أن يولي افمام علي الجراح رجلين عدلين [ممن] (5) يبصران ذلك ويقيمانه. قال في المجموعة: وإن كان أحدهما أفضل من الآخر، ولو لم يجد إلا رجلاً واحدا فأري ذلك مجزيا عنه، إن كان عدلاً.
__________
(1) في الأصل وص قبل هذا: البسملة وعنوان كبير: كتاب الجراح الثالث، وفي ذلك تكرار وخلط أنظر الهامش السابق.
(2) ساقط من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل. ثابت في ص وع.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.
(5) زيادة في الأصل، ساقط من ص وع.

(14/42)


ومن الكتابين قال أشهب: فإن كانت موضحة شرط في رأسه مثلها. وإن كانت سناً طرحت من أصلها، نزعت من الجاني (1) بالكلبتين أو بأرفق الذي يقدر عليه، وإن كسر أشرافها أو بعضها سحل بمقدار ذلك منها، إن كان النصف أو ما كان، وإن كان شرفها فذلك له.
قيل لمالك في كتاب ابن المواز: أيجعل الموسي بيد المجروح ثم يشد الطبيب علي يده حتي يبلغ ذلك؟ قال لا أعرف هذا.
قال ابن القاسم: وأما في القتل فسمعت عن مالك أنه يدفع القاتل إلي الأولياء. وأن النفس خلاف الجراح؛ إذ ليس علي أحد يحسن القصاص فيها، وقد يتعدي.
وقال أشهب في الكتابين: لا يمكن ولي القتيل أن يقتل بيده خوفاً أن يتعدي فيقطع عليه ويضربه في غير المقاتل. وإنما يقال: يدفع إليهم القاتل، يريد أن لهم قتله وليس أن يلوه بأيديهم (2).
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: أخبرني ابن الدراوردي عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز قضي في رجل من جهينة كسر ذراعي رجل، فدعا عمر طبيباً فكسر ذراعيه (3) علي صلاية (4).
قال أبو زيد عن ابن القاسم، وهو في المجموعة عنه، في الطبيب يخطئ في القصاص فيزيد، فهو علي عاقلة الطبيب. وإن اقتص في الموضحة أقل من حقه فلا يرجع فيقتص له حتي يتم حقه لأنه قد اجتهد له. وكذلك الأصبع يخطئ فيه بأنملة، فلا يعذب مرتين.
__________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل، نزعت سن الصبي، وهو تصحيف.
(2) كذا ص وع. وفي الأصل: لا أنهم يلونها بأيديهم.
(3) كذا في الأصل، وفي ص وع: فكسر ذراع الجهمي
(4) في القاموس: الصلابة: مدق الطبيب.

(14/43)


قال ابن المواز: اختلف فيه قول ابن القاسم إذا قصر، فروي عنه أصبغ أنه قال: إن علم بحضرة ذلك. قبل يبرأ أو ينبت اللحم أتم ذلك عليه (1)، وإن فات (2) فلا شئ له في تمام ذلك ولا في ديته. وكذلك روي أصبغ عنه العتبية (3).
قال أصبغ في الكتابين: ليس هكذا ولكن إن كان الذي قصر يسيراً جدا فلا يقاد وإن كان في موضعه. قال في العتبية: قبل البرء أو بعده.
قال في الكتابين: وإن كان شيئا كثيرا او متفاوتا أو متفاحشاً، فإن كان بفور أتم عليه (4) وإن كان قد برد وأخذ الدواء فلا يرجع إليه وسواء برئ (5) أو لم يبرأ. وأخاف أن يكون عذابا [وتلفاً] (6). وليجعل الباقي عقلا، كان هو ولي القصاص أو من جعله [السلطان. قال في كتاب ابن المواز: وإن كان لا ينبغي أن يقتص إلا مع جعله] (7) الإمام.
وفي كتاب ابن المواز قيل لابن القاسم: فالاصبع يقطع منها دون ما قطع، أيتم له؟ قال: لا. [قيل] (8) أفيعقل له ما بقي؟ قال: أدري ولعله لو قاله قائل ما أبعد. قال أصبغ: لا شك أنه يعقل له ما بقي ويكون ذلك في مال القاطع، وخلاف هذا جور [قال ابن المواز] (9) لم يختلف قول ابن
__________
(1) كذا في ص وع وهي العبارة الواضحة. وقد صفحت في الأصل: قبل يبر أو نبت اللحم قال يتم ذلك عليه.
(2) في الأصل: مات.
(3) البيان والتحصيل، 16: 109.
(4) ي ص وع: إقحام كلمة (اقتص) بعدها بياض في ع. " وللتمام" في ص.
(5) في ص ع: إليه، برئ (باسقاط وسواء).
(6) زيادة في ص وع.
(7) ما بين معقوفتين ثابت في ع. ساقط من الأصل وص.
(8) ساقط من الأصل.
(9) في الأصل ابن القاسم, ولا ينسجم مع ما بعده.

(14/44)


القاسم أن الزيادة علي الذي تولي القصاص بيده إن بلغ ثلث الدية فعلي العاقلة. وإن كان أقل ففي ماله. رواه أبو زيد عن ابن القاسم. ولم يكن يري له في النقصان رجعة ولا دية ولا شيئا إلا أن يكون بقرب ذلك وحرارته وقبل نبات اللحم، فإذا مات قرب ذلك فلا دية فيه ولا يرجع فيه بقصاص.
ومن المجموعة والعتبية (1) روي أشهب وابن نافع عن مالك في طبيب استقاد من أصبع فقاس أصبع المقطوع فأخذ قياس ذلك فقطعه من أصبع القاطع فنقص من أصبع المستقاد منه أكثر مما نقص من أصبع المستقيد، قال: أخطأ، وإنما ينظر، فإن كان إنما قطع من أنملة المجروح ثلثها أو وربعها فيقطع من أنملة ها الثلث أو الربع، فيكون القطع في طولها وقصرها.
ومن الكتابين قال أشهب: وكذلك إن أوضحه في رأسه فأخذ ما بين قرنيه، وهي لا تبلغ من الجارح إلا قدر نصف رأسه، وإنما يتظر إلي قدر ما أخذت منه بين قرنيه، فإن اخذت نصف رأسه أخذ نصف رأس الآخر، وإن أخذت ما بين قرني هذا أخذ ما بين قرني الآخر، ولا ينظر إلي عظم رأس هذا وصغره، ولا إلي طول الأصبع من قصرها.
قال ابن المواز: واختلف قول ابن القاسم في هذا، وهو عندنا كما قال أشهب، وقول ابن القاسم قديماً أنه يقاس الشق حتي يؤخذ في رأس الجارح بطول الشق وإن استوعب رأسه المستقاد منه ولم يف بالقياس فليس عليه غير ذلك.
وكذلك الجبهة والذراع يؤخذ بطول ذلك. ما لم يضق عنه العضو فلا يزاد من غيره. ولا يعدي الرأس إلي الجبهة، ولا الذراع إلي العضد، ثم لا قود فيه ولا دية. قاله ابن عبدوس، وقال مثله عبد الملك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 109.

(14/45)


وقال: فإن كان ذراع المستقاد منه أطول من ذراع المستقيد وقد أوعب الجرح ذراع الأول، فليؤخذ من ذراع الثاني بقدر قيسه، من أي شقي ذراعه شاء، من نحو الكف [أو نحو] (1) العضد، لأن كلا قد وضع فيه الحديد من الآخر [قال ابن المواز قال أصبغ] (2): وليس قول ابن القاسم في هذا بشئ، وقد خالفه أصحابه والعلماء قبله. والصواب قول أشهب، وقد مر تفسيره.
قال ابن المواز: ولا أعلم إلا وقد رجع ابن القاسم عن ذلك في كتبه، وبقول أشهب يقول. وقاله مالك في الأصابع، وقاله عبد الملك؛ إنه إنما ذلك علي المفاصل، لا ينظر إلي قصر ذلك من طوله.
ومن المجموعة قال أشهب: وإذا جرحه موضحة وعليه بينة، لا يدري كم طولها، فقد ثبت له (3) موضحة؛ وليس في العمد إلا القود، فليوقف الشهود علي أقل موضحة. وإن وقفوا عنده ولم تجاوزه، حلف المشهود عليه علي ما فوق ذلك وأقيد منه بذلك. وإن لم يحلف حلف الآخر، علي ما ادعاه واستقاد (4). وقاله سحنون فيمن جرح رجلا عمدا ولم يؤخذ قياس الجرح حتي برئ، فليدع الجارج فيصف قدر ضربته وأين بلغت ويحلف علي ذلك، ويقتص منه علي ما أقر به. وإن لم يصف [ولم يحلف] (5) وأبي. حلف المجروح علي صفة ذلك (6) ويقتص له. فإن أبي نظر الإمام إلي ما لا شك فيه فاقتص بقدر ذلك.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط كذلك من الأصل.
(3) كذا في ص , وفي النسختين الآخيريتن كلمة غير منقوطة وغير واضحة.
(4) كذا في الأصل. وفي ع وص: حلف الآخر واستقادما ادعي.
(5) زيادة من الأصل.
(6) هكذا في الأصل. عبارة ص وع أوضح: قيل للمجروح صف ذلك فيحلف

(14/46)


وروي محمد بن خالد (1) عن ابن القاسم عن ابن القاسم في المجروح [عمدا] (2) يكتب قياس جرحه حتي يبرأ، فذهب الكتاب ولا تثبت البينة طوله وغوره، وقد أصابه من ذلك عيب أو شلل، فلتستفسر البينة عن معرفة ذلك الجرح إلي ما لا يشكرون فيه. فإن ثبتوا علي أمر (3) اقتص منه [علي ذلك] (4). فإن أصابه عيب أو شلل كالأول [كان قصاصاً] (5)، وإلا عقل له العيب والشلل.
قيل له أفتقبل شهادة الذي عقل الطول والغور والجرح (6) وإن لم يعرفه غيره؟ قال: نعم مع يمينه.
ومن الواضحة (7) قال بان الماجشون: ومن قطعت يده من المرفق فأراد أن يقتص من الكف أو من الأصابع أو يقطع منها أصبعا واحدة من تلك اليد أو من الأخري، أو يجذع أنفه (8) فليس ذلك له وإن رضي المقتص منه، لأن الله يقول: (والجروح قصاص) (9) ولو جاز هذا، جاز أن يقول له ولده اقتص مني أو بعض من يتطوع له بذلك من أوليائه، وهم بذلك كلهم راضون، ولا يجوز ذلك. وقاله مطرف وأصبغ.
وقد كتبنا باباً في خطأ الإمام والحكام في الدماء في آخر الثالث من الجراح.
__________
(1) كذا في ص وع. وصحف في الأصل: وروي محمد خلافة
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص وع وفي الأصل: علي ذلك. وهو تصحيف.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط من ع.
(6) عبارة ص ع: الذي عقل جرحه وعرف طول غوره.
(7) في ص وع. ومن كتاب ابن حبيب.
(8) في الألصل: جذع أذنه، وهو تصحيف.
(9) الآية 45 من سورة المائدة.

(14/47)


في الجارح والقاتل يحبني عليه أو يجني
وفي القاتل يقتله الولي أو أجنبي
أو يقطع أعضاءه قبل القتل
وفي المجروح يجرح الجارح
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة قال ابن وهب وابن القاسم وغيره عن مالك في قاتل العمد يقتله أجنبي عمداَ ليس من أوليائه، فقد صار دم الأجنبي لأولياء القتل الأول، فإن شاءوا قتلوه، إلا أن يرضيهم (1) أولياء القتيل الثاني، الذي كان قتيلا، ثم يكون لهم القصاص من الأجنبي، أو يعفون. فإن لم يرضوهم فالأولياء الأول قتل الأجنبي أو العفو عنه.
قال مالك في قاتل العمد يموت أو يقتله أحد، وفي فاقئ العين عمداً تذهب عينه بأمر من الله أو يمون أو يفقأ مثل عينه تلك احد، فإنه لا طلب علي الجاني ـ يريد الأول ـ بدية أو غيرها، ولا في ماله إن مات. وقاله أشهب.
وكذلك من [في] (2) يمينه قصاص فسرق، فالقطع في السرقة أولي به. فإن قطع فيها أو في غيرها فلا شئ للأول.
ومن الكتابين قال مالك في قاتل العمد يقتل، إن كان الذي قتله ولي الدم ومن له العفو أو القتل، فلا شئ عليه غير العقوبة إذ فعل ذلك بغير إذن الإمام.
__________
(1) كذا في ع وفي الأًصل وص: يرضيهم، علي لغة أكلوني البراغيث.
(2) ساقط من الأصل.

(14/48)


قال ابن المواز: إذا أقام الولي شاهداً علي القاتل وليه ثم لم يقسم (1) حتي عدا عليه فقتله قبل القسامة فإنه يقتل به، وليس له أن يقسم بعد قتله، لأنه يدرأ بذلك عن نفسه القتل، إلا أن يأتي بشاهد آخر ـ يريد فلا يقتل ..
قال [مالك] (2) في الكتابين وكذلك لو اقتص رجل من قاطع يده عمداً قبل البرء بغير إذن الإمام، لم يلزمه غلا الأدب، وقد أخطأ فيما اجترأ عليه.
وفي ذلك ذريعة إلي الفساد.
قال في كتاب ابن المواز: ولو مات المستقاد منه من القطع (3) لم يلزم المستقيد غير الأدب. وقال المغيرة، في المجموعة وكتاب ابن سحنون: بل علي عاقلة المستقيد دية النفس، ويعاقب المستقيد.
ولو مات المستقيد بعد أن آخذ القود لنفسه قبل أن يبرأ (4) فإنه يقتل المستقاد منه للمستقيد بقسامة أهله لمات من ذلك. ويؤدي عاقلة المستقيد لنفسه دية المستقاد منه، وكأنه قطع يده خطأ.
وقال غيره، في المجموعة (5): إن وثب المجروح فقتل قاطعه (6) عمداً قتل به، ولا شئ للمجروح في قطع يده لأن ماله فيه القصاص قد ذهب.
وقال أشهب وابن القاسم في ولي القتيل عمداً إذا قطع يد القاتل عمداً قطعت له يده، ثم له أن يقتل القاتل.
__________
(1) كذا في ص ر ع. وفي الأصل: لم يقم. وهو تصحيف.
(2) ساقط من الأصل.
(3) في ص وع: من قطع اليد.
(4) كذا في الأصل وص. وهو الصواب وفي ع: فإنه يبرأ.
(5) كذا في الأصل. وعبارة ص وع: ومن المجموعة: وقال غيره.
(6) في ص وع: قاطع يده.

(14/49)


وقال ابن القاسم فيمن قطع أيدي أربعة نفر اليمين اليمين، ثم عفا رجل منهم، فلمن بقي أن يقطع يمينه. وإن هذا رجل منهم فقطع يمينه فلا شئ لمن بقي.
ولو قطع أصابعه الخمس فقطع هو بيده من الكوع، فإنه يؤمر الذي قطعت كفه كلها أن يقطع الكف بعد الأصابع، حتي يعتدل قصاصها.
ولو قطع صحيح يد أشل عمداً ثم قطع الأشل يد الصحيح، [يريد] (1) واليد واحدة، فللصحيح فضل الدية بعد الحكومة في يد الأشل [فإن كان الأشل البادئ ثم قطع الصحيح يد الأشل] (2) رجع عليه بما بين حكومة يد شلاء ودية صحيحة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا حكم الإمام بقتل القاتل فضربه المحكوم له ضربتين، قطع بالأولي يده وقتله بالثانية؛ فإن لم يتعمد ذلك فلا شئ عليه من أدب ولا غيره. وإن تعمد ذلك فالأدب فقط.
قال ابن حبيب [قال أصبغ] (3) عن ابن القاسم في القاتل عمدا يدفع إلي أولياء المقتول ليقتلوه، فقطع واحد منهم يده وآخر رجله ثم قتلوه، قال: لا يقاد منهم، لأن النفس كانت لهم، وليعاقبهم الإمام علي ذلك.
قال ابن الماجشون: وإذا قام ابن المقتول فقتل قاتل أبيه قبل أن تزكي البينة، فإنه إن جرحت البينة قتل الابن به، وإن عدلوا أدب الابن بما افتات علي الإمام.
__________
(1) زيادة من ص ع.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ثابت في ص وع.
(3) زيادة في الأصل وص.

(14/50)


ومن كتاب ابن المواز، وهو في المجموعة لابن القاسم وأشهب: وإذا مات القاتل في السجن بطل الدم بموته، ولو كان خطأ لم تبطل (1) الدية بموته، لأنها علي العاقلة، ولم يكن عليه حبس.
قال: وإن قتل هو أحداً خطأ أو جرح، أو جرح هو أو قتل. فأما ما جني عليه من عمد أو خطأ من جرح أو قتل. فاما ما جني عليه من عمد أو خطأ من جرح أو قتل فليؤخذ له ذلك مثل غيره، ويكون ذلك إليه في الجراح في خطئها وعمدها؛ يأخذ العقل في الخطأ ويقتص في العمد إن شاء. وليس لولاة المقتول من ذلك شئ، وإنما لهم نفسه، وكذلك لو حكم الإمام بقتله فالحقوق في هذا واجبة له، وعليه حبسها قبل حكمه ما دام حيا.
قال أشهب في المجموعة وإن ضرب بالسيف فلم تبلغ الضربة منه إلا جرحا ثم عدا عليه إنسان فقطع يده ثم كر عليه الولي بضربته الأولي علي مقاتله، فلا يكون له علي قاطع يده غير العقوبة، وهي كيد ميت.
قال ابن المواز: فأما جراحاته هو علي غيره فيفترق عمدها وخطؤها إن استقيد منه، فأما الخطأ فهي ثابته عليه وإن قتل، ما كان دون الثلث ففي ماله، وما بلغ الثلث فعلي عاقلته، وأما العمد فيسقط إذا استقيد منه، فإن عفي عنه فللمجروح قصاص جرحه. واختلف قول مالك إذا قتل هو خطأ. فروي عنه ابن عبد الحكم أن لا شئ لأولياء المقتول عمدا كما لو مات، والذي روي [عنه ابن القاسم] (2) وغيره من أصحابه: أن الدية لأولياء المقتول عمداً. قال محمد: وهو أحب إلي، وعليه جماعة أصحابه، وكذلك في المجموعة ولم يذكروا رواية ابن عبد الحكم.
__________
(1) في ص وع: لم تسقط.
(2) زيادة في الأصل. وص.

(14/51)


قال عنه ابن القاسم في الكتابين فيمن قطع يد رجل عمداً، ثم [تقطع] يد القاطع تلك خطأ: فدية اليد للمقطوع الأول. قال ابن المواز قال ابن عبد الحكم غير هذا. وهذا أحب إلينا. ول قطعت يده عمداً فالقصاص والعفو للمقطوع الأول.
قال أشهب: إلا أن يرضي القاطع الأول المقطوعة يده أولاً [من يده] (1) فيكون له القصاص [أو العفو] (2) وإلا فالقصاص للمقطوعة يده أولا، وكذلك، في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون [قال مالك] (3) إن أرضي القاطع [الأول] (4) المقطوعة يده أولاً كان أولي بقاطعه [قال] (5). وتفسيره عندنا أن يرضيه بدون عقل يده. وإن أتم له عقل يده وقد اختلفا لزمه ذلك (6) وإن لم يتم له عقل يده ولم يتراضيا بأقل منه فللمقطوع الأول أن يقطع يد قاطع قاطعه، أو يعفو علي ما أحبا.
وقال مطرف: سواء أتم له عقل يده أو لم يتم له ذلك؛ هو أولي بقطع يده ـ يريد قاطع قاطعه ـ إلا أن يرضي بغير ذلك مما يعطيه قاطع يده. وقاله أصبغ (7).
__________
(1) زيادة في ع وص.
(2) ساقط من ع وص.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل أيضاً.
(5) لا يوجد بالأصل كذلك.
(6) كذا في ع، وهو الصواب وصفحت العبارة في الأصل: وقد اختلفا لديته.
(7) في ع: وقال مثله أصبغ.

(14/52)


[قال ابن حبيب] (1) قال ابن الماجشون: وإن قطعت يده من الكف، ثم قطعت يد القاطع (2) من المرفق، فليس للمقطوع من الكف أن يقطع [قاطع] (3) قاطعة من المرفق ولا من الكف، وإن رضي له هذا بذلك. ولكن للأول عقل الكف علي قاطعه، كما لو أتي عليه عطب من السماء. وقاله مطرف وأصبغ.
ومن كتاب ابن سحنون قال مالك في القاطح بأمر من الله سبحانه، إنه يسقط القود ولادية له. قال سحنون: وقال غيره من أصحابه إن للمجني عليه دية يده. قال سحنون: فبقول مالك أقول.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ولو قطعت يد الأول من المرفق ويد قاطعه من الكف فله قطع ما بقي من يد قاطعه، ويأخذ من قاطع قاطعه من الكف، ثم يرجع إلي قاطعه (4) فيأخذ منه عقل ذراعه الباقية ولا يقطعها فيتبعض عليه القطع. وقال مطرف: بل له عقل يده علي قاطعها جين اختلف القطعان، ثم يكون لقاطعه أن يقتص بكفه من قاطعه أو يراضيه. ابن حبيب: وبهذا آخذ، وهو استحسان، وقول ابن الماجشون القياس، وقول أصبغ غلط.
قال ابن الماجشون: ولو شلت يد الذي قطع الأول من الموفق بضرب رجل، فالأول أن يقتص من [اليد] (5) التي شلت ويرجع هو أيضا علي الذي أشلها ـ يريد كاملة ـ وإنما لا يقتص من اليد الشلاء إذا كانت شلاء يوم وجب (6) القصاص.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) في الأصل: ثم قطع القاطع.
(3) ساقط من الأصل.
(4) في ص وع: إلي قاطع نفسه.
(5) ساقط من الأصل.
(6) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: وقد وجب.

(14/53)


وقال مطرف: لا قصاص في الشلاء شلت قبل وجوب القصاص (1) أو بعد، ولكن للأول العقل، وللثاني القصاص ممن أشل يده بضربة مثل ضربته (2) فإن أشل يده وإلا كان له العقل. وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قطع يد رجل من المنكب [ثم عدا رجل علي الجاني فقطع يده من الكف، فالمجني عليه الأول بالخيار: إن شاء قطع كف قاطع قاطعه، وإن شاء قطع من المنكب بقية يد قاطعه] (3) وقد قال عبد الملك في باب القصاص من الناقص بالتام خلاف هذا؛ إن له أن يقطع كف المتعدي وبقية يد قاطعه إلا أن يرضيه قاطعه فيبقي القصاص له. وكذلك ذكر ابن سحنون في قاطع الكف تقطع بعض أصابعه. وقد تقدم هذا.
وقل سحنون فيمن فقأ عين رجل عمداً ثم يقتل الفاقئ خطأ، فللذي فقئت عينه نصف تلك [الدية] (4) وإن قتل عمداً فإن قتل قاتله بطل حق المجني عليه، وإن صولح علي الدية دخل فيها المجني عليه، فأخذ من ذلك عقل عينه.
ومن كتاب ابن المواز ذكر مثل قول سحنون عن نفسه، وروي أنه لا شئ للمفقوءة عينه في عمد ولا خطأ، لأن الدية المأخوذة في النفس لا في العين. فأما في العمد فالقتل يأتي علي جميع ما جني.
وفي باب الصبي والغائب يكونان من الأولياء ذكر القاتل يقتله أحد الأولياء والولي الآخر غائب، أو صغير بغير إذن الغائب ولا ولي الصغير.
__________
(1) في الأصل: قبل الوجوب.
(2) كذا في ع وهو الأنسب. وفي الأصل: وبضربه مثل ضربته وفي ص: بضربه شل بضربته، وهو تصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص وع.
(4) ساقطه من الأصل.

(14/54)


ومن العتبية (1) روي أشهب عن مالك في رجلين جرح كل واحد منهما صاحبه جرحاً سواء في جسده أو موضحة موضحة أو غيرها، ثم يطلبان القصاص أو أحدهما، فلا قصاص بينهما ولا دية. وقد استوفي الثاني جرحه بيده. وكذلك لو فقأ هذا عين هذا (2) وفقأ الآخر منه تلك العين، لم يكن بينهما قصاص ولا دية.
ومسألة من عض أصبع رجل فجبذ المعضوض يده فقلع سن العاض في باب آخر؛ أن مالكاً يري أن قلع السن من الخطأ، وعليه عقله، وابن وهب لا يري في السن (3) شيئاً لحديث رواه (4).

فيمن اجتمع عليه قتل، وجراح
أو جرحان أحدهما أكبر من الآخر أو قطع يد وسرقة
أو قطع يد وقطع يد من موضع آخر
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن جرح رجلاً ثم قتل آخر عمداً: إنه إذا قتل فالقتل يأتي علي ذلك كله وعلي كل جرح عمد. قال أشهب: كانت الجراح والقتل في رجل أو رجال؛ مثل أن يجرح رجلاً جراحات ثم يقتله أو يقتل غيره أو يقتل رجلاً ثم يجرح آخر جراحات. فإن طولب بالقتل فلا قود في الجراحات وإن عفي عن دمه أقيد منه في الجراح.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 98.
(2) كذا في ص ع. وفي الأصل: لو فقأ أحدهما عين الآخر.
(3) في ص وع: لا يري فيه.
(4) الحديث المتعلق بالسن في الموطأ هو: في السن خمس من الإبل وهذه العبارة ساقطة من ص.

(14/55)


قال عنه ابن وهب: ولو قتل رجلاً عمداً ثم أصاب آخر خطأ (1) بقتل أو جراح [أو كان الخطأ أولاً ثم قتل أحداً أو جرحه عمداً] (2) إن الخطأ واجب علي عاقلته، ويقاد منه ما أصاب عمداً من جرح أو نفس. ولو أصيب هو أيضاً خطأ لعقل له بما أصيب به.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمداً فدية الخطأ علي العاقلة ويقتل به. ومن قطع أصابع يمين رجل ثم قطع له بقية [كفه] (3) فإنما له أن يقطع كفه فقط. ولو قطع أنملة من سبابة رجل ثم قطع لآخر السبابة فإنما لهما قطع سبابته ولو قطع أصابع يمين رجل ثم قطع يمين آخر من الكوع قطعت يمينه لهما من الكوع. فإن قطع يمين هذا من الكوع، ويمين آخر من المرفق لقطع لهما من المرفق. ولو قام به [صاحب الكف فقطعه، ثم قام به] (4) لكان قطعه من المرفق.
قال أشهب: كما لو قطع كف رجل (5) ثم قطع من كف القاطع أصبعان؛ إن للأول القود في بقية اليد. وقاله عبد الملك.
قال غيره: ولو قطع يد رجل من الكوع وقطع من آخر ذراعاً بغير كف، ثم قاما ليقطعاه من المرفق فليس لهما ذلك، لأن صاحب الذراع لم يكن له القصاص يوم جرحه، وإنما له حكومة. قال ولان يد الجاني قائمة بعد، ولصاحب الكف القصاص من الكوع، ولو كان إنما جني علي صاحب الذراع بعد أن اقتص منه صاحب الكف لكان له أن يقتص من ذراعه. وكذلك لو قطع لرجل أصبعين، ثم قطع لآخر كفالين فيها إلا ثلاث أصابع، فليس لصاحب الكف إلا ثلاثة أخماس [دية] (6) اليد، ولصاحب الأصبعين
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص وع.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص وع.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: كما لو قطع كفه رجل
(6) ساقط من الأصل.

(14/56)


القصاص. ولو جني علي الكف بعد أن اقتص منه بالأصبعين كان لصاحب الكف القصاص. إذا كانت الأصابع التي قطع منه نظير الأصابع الباقية للجاني.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإن قطع يد رجل من المنكب ويد آخر من الكف، فقام به صاحب المنكب فقطعه، ثم قام الآخر فلا شئ له، والقطع الأول يأتي علي ذلك. ولو قام به صاحب الكف [أولاً] (1) فقطعه ولم يعلم بصاحب المنكب، ثم قام صاحب المنكب كان له أن يقطع ما بقي من المنكب، وقال أصبغ مثله، وكان أحب إلي أن لا يقطع [العذابه وقطع أرابه] (2) مرتين، وأن يعقل له ما بقي، إلا ما يشاءهذا ان يمكن من بقيته (3) ويأبي العقل فذلك له.
ومن كتاب ابن سحنون: [عن أبيه] (4) فيمن قطع يد رجل من المنكب وقطع يد آخر من المرفق وسرق فإن يده تقطع من المنكب لذلك كله. ثم رجع عن ذلك وقال: أقطع يده (5) من الكوع للسرقة ثم أقطعه للباقين.
قال سحنون: وإذا قطع كفاً لرجل وقطع لآخر ذراعاً بغير كف إنه يقطع مرتين، يقطع كفه ثم ذراعه. وكذلك لو قطع عضد آخر [بغير] (6) ذراع لقطع ثلاث مرات. وإن عفا المقطوع الكف (7) وجب للباقين حكومة. فإن عفا المقطوع ذراعه خاصة سقط قصاص المقطوع [العضد ولم يسقط
__________
(1) ساقط أيضاً من الأصل.
(2) بياض في ع مكان الكلمات التي بين القوسين. والكلمة الأخيرة غير مفهومة.
(3) في ص وع: من نفسه.
(4) في ص وع: قال سحنون.
(5) في ص وع: قال سحنون.
(6) ساقط من الأصل.
(7) كذا في الأصل. وفي ص وع: المقطوعة كفه.

(14/57)


قصاص المقطوع (1) الكف، فإن عفا المقطوع العضد لم يسقط قصاص الباقين.
ومن كتاب ابن المواز وأراه لأصبغ: ومن قطع أيدي جماعة اليمين (2)، ثم قطعت يمينه خطأ، فديتها تؤخذ من القاطع وتكون لجماعة من قطعت يمينهم أولاً [بينهم] (3) بالسواء، فإن اقتسموها ثم قدم آخر كان قطعه ولم يعلم به فليدخل معهم بنصيبه.
ولو قطعت يده عمداً ثم قام يقطع قاطعه كان أولي. ولو قطعه أحد المقطوعين كان قصاصاً لهم (4)، ولا شئ للياقين من دية ولا قصاص. ويؤدب المقتص دون الإمام.
قال ابن المواز: ليس هذا مثل ولدي المقتول (5) يقتص أحدهما قبل علم الآخر فيلزمه غرم حصة اخيه من الدية؛ لأنه يقول كنت أصالح أو أعفو [علي دية] (6).
__________
(1) ما بين معقوفتين من ع ثابت في الأصل وص.
(2) في ع: اليمني.
(3) ساقط من ع.
(4) في ص وع: فهو قصاص له ولهم.
(5) كذا في ص وع: وهو المناسب وفي الأصل: وليس هذا لولدي المقتول.
(6) زيادة في ص وع.

(14/58)


في الرجل يقتل الرجلين
أو يقطع أديهما أو يجرحهما أو الجماعة
وفي الجماعة يقتلون الرجل أو يجرحونه
من كتاب ابن المواز (1) عن مالك. ومن المجموعة من رواية ابن القاسم وابن وهب وعلي عن مالك ومنهم من يزيد السن، فيمن فقأ أعين جماعة اليمين، أو قطع يمين رجل ثم أيمان جماعة، فليس لهم إلا فقء عين اليمين أو قطع يمينه. وكذلك الرجل كما لو قتل جماعة ولا دية في ذلك. ولو قام أحدهم تمكن من القصاص ثم لا شئ للباقين إن قاموا. كالقتل والحدود، وقاله ابن القاسم وأشهب. قال ابن عبدوس: وكذلك قال ابن عبد الحكم (2):
قال ابن المواز: وكذلك لو قطع يسار جماعة كان قطع يساره لمن قام منهم مزيلاً لحق الباقين، فإن لم يعرف بالباقين حين القصاص ثم قاموا ببينة أو بإقراره فلا شئ لهم من قصاص ولا دية. ولو عفوا إلا واحداً [فقام] (3) كان له القطع. ولو أصيبت يده بأمر من الله تعالي لم يكن لهم عليه شئ، كما لو قتل جماعة فاقتص أحدهم أو مات فلا شئ لمن بقي. ولو عفوا كلهم إلا واحداً كان له أن يقتله. وكذلك جميع الجراح. وكذلك لو قطع أنف (4) مائة رجل أو ذكراً أو عضواً (5) من جماعتهم، فزال ذلك العضو بقصاص من احدهم أو بأمر من الله تعالي، فإنه يزيل حق من بقي. وكذلك الحدود إن حد لواحد في قذف كان لكل من قذفه.
__________
(1) كذا ص وع. وفي الأصل: كتاب محمد.
(2) كذا في الأصل. وفي ص وع: وقاله عبد الملك.
(3) زيادة في ص وع.
(4) كذا في ص وع. وصحف في الأصل نكتب: ألف.
(5) في الأصل: مائة رجل .... ، وفي ص وع: مائة رجل أو ذكراً أو عضواً.

(14/59)


ولو تعدي واحد ممن قطع يده (1) أو غيرها فقطع له ذلك العضو من غير مرافعة ما كان عليه غير العقوبة؛ إذ فعله بغير إذن الإمام، ويكون ذلك لكل من كان له في ذلك العضو قصاص.
قل ابن المواز قلت لأصبغ: فلو ضربه واحد من المقذوفين؟ قال ما سمعت فيها شيئا، وأري إن كان صح [ذلك] (2) وأحضر إليه جماعة وحده علي ما يصلح من الحد وأعلمهم أن ذلك لقذفه إياه، فأراه جائزاً ومزيلاً لحق الباقين، ومخرجاً له إن شهد، ويؤدب هذا الضارب بما افتات علي الإمام.
ومسألة من قطع أيدي جماعة ثم قطعت يده خطأ في الباب الذي قبل هذا.
قال ابن القاسم فيمن قتل رجلين (3) صم صالح أولياء أحدهما علي مال وعفوا عنه، فلأولياء الآخر القود إن شاءوا، فإن استقاد بطل صلح الآخرين، وردوا المال.
قال مالك في الكتابين: والمجتمع عليه عندنا أنه يقتل الرجلان الحران وأكثر من ذلك بالرجل الحر، والنساء بالمرأة والإماء والعبيد كذلك في قتل العمد،
وإذا ضربه الجماعة (4) ثم مات تحت أيديهم قتلوا به، وإن مات بعد ذلك ففيه القسامة. ولا تكون القسامة إلا علي واحد منهم. قال علي [بن زياد] (5) عن مالك: وكذلك لو ضربوه، هذا بسيف وهذا بعصاً، وتمادواً علي
__________
(1) كذا في ص وع وصفحت العبارة في الأصل فكتبت: ولو تعدي واحد منهم من قطع يده.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص وع. وهو الأنسب وفي الأصل: فإن قطع رجلين.
(4) كذا ص وع. وفي الأصل: ضربوه الجماعة، علي لغة أكلوني البراغيث.
(5) زياد من ص وع.

(14/60)


ذلك حتي مات قتلوا به، إلا أن يعلم أن ضرب أحدهم قتله. وكذلك روي عنه ابن القاسم.
[قال ابن القاسم] (1): وإن اجتمع جماعة علي قتل امرأة أو صبي فإنهم يقتلون. قال مالك: وإن اجتمعوا علي قطع يده أوفقئ عينه فهو كالقتل يقتص من جميعهم في قطع أيديهم أو فقء أعينهم. وقاله أشهب، واحتج بقول عمر في اجتماع الجماعة علي القتل. وهو قول غير واحد (2) من التابعين، وقاله ربيعة ومالك وابن أبي سلمة [والليث] (3) في النفس والجراح.
قال أشهب: وفرق بعض العراقيين فقال به في النفس دون الجراح، والنفس أولي بالزراية (4)؛ لعظم (5) حرمتها علي الجراح، فقد ناقضوا، وقد تقطع جماعة تعاونوا علي السرقة.
ومن كتاب ابن المواز ذكر مثل ما تقدم عن مالك وغيره، وعن أشهب في حجته وقال: لو اجتمع جماعة علي رجل يضربونه، فقطع واحدً يده وفقأ آخر عينه وجدع آخر أنفه وقتله آخر (6). فإن اجتمعوا علي قتله فليقتلوا به كلهم إن مات مكانه، وإن كان جرح بعضهم أنكي (7) من جرح بعض فلا قصاص له في الجرح ما لم يعمد. والمثلة مع القتل بمنزلة مالو أمسكوه لمن يقتله وهم عالمون بقتله، فليقتل الممسكون والقاتل. وإن لم يريدوا قتله اقتص من كل واحد بجرحه وقتل قاتله. قال أصبغ: إلا أن
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص. وفي ع: قول جماعة.
(3) ساقط من ص وع.
(4) كذا في الأصل ولعلها مصفحة. وكتبت في ص وع دون نقط مما يشبه أن تقرأ: الدراية.
(5) كذا في ص وع وصفحت فكتبت في الأصل: لقطع.
(6) في ع: وكمله آخر.
(7) كذا في ص وع وهو الأنسب. وفي الأصل: أنكأ.

(14/61)


يجتمعوا لتلك الجراح ويتعاونوا عليها فليقتص منهم فيها من المتولي والممسك إذا علم الممسك أن ذلك أريد به.
ثم عاد الكلام إلي أوله فقال: وذلك إذا عرف جرح كل واحد، وأما إن انكشفوا عنه فلم يعرف جرح كل واحد قتلوا به كلهم إن مات مكانه، وإن لم يمت مكانه ففيه القسامة، ولا يقتل إلا واحد، ويضرب الباقون مائة مائة، ويحسبون سنة، ولم يقتص جرحه، ولا يكون فيه دية. وإن لم يمت قيل له: اذكر من تعلم أنه جرحك ما تقول من الجراح واحلف عليه واقتص منه.
وروي ابن وهب عن مالك فيمن اجتمع عليه نفر فضربوه ثم زالوا عنه وبه موضحة، وقامت بينة أنهم فعلوا ذلك ولا يدري من شجه، فالعقل عليهم كلهم. قال بن القاسم: بعد يمينه أنه ما يعلم من شجه، فإذا حلف حلفوا أنهم ما شجوه، فإن نكلوا كلهم أو حلفوا كلهم كان العقل عليهم. وإن حلف بعضهم ونكل بعضهم فالعقل علي الناكلين.
قال ابن القاسم: وليس له أن يقول فلان جرحني مثل ما يقول فلان قتلني. إلا قوماً قد شهد (1) عليهم بالقتال بينهم، فينكشفون وقد جرح أحدهم (2) فيدعي المجروح أن أحداً منهم جرحه، إنه يحلف ويقتص. وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال مالك والمغيرة: وإن تفرقوا عنه وبه أربع مواضح، فليحلف علي من يزعم (3) منهم أنه شجه ويستقيد، [وكذلك] (4) إن قال إن واحداً منهم شجه إياها كلها، وإن لم يحلف علي أحد منهم فله عقل الشجاج علي جماعتهم.
__________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل: وص. إلا قوم شهد.
(2) كذا في ص وع. فينكشفوا وبأحدهم جرح.
(3) كذا في ص وع. وصحف في الأصل: من يعلم.
(4) زيادة في الأصل.

(14/62)


قال المغيرة: إذا قال ما أدري أيهم شجني، فليحلف كل رجل منهم أنه ما شجه، ثم الشجاج بينهم ولا قود عليهم.
قال مالك: وإذا كانت دون موضحة مما فيه القصاص فليحلف علي من شاء ويستقيد، وإن لم يحلف بطل ذلك كله. وإنما يحلف إذا شهدت بينة أنهم شرعوا فيه ولم يثبتوا من شجه. فإن لم يحلف عقلوا له عقل الموضحة.
قال ابن الماجشون، في المجموعة وكتاب ابن حبيب: إذا شهدوا أن رجلين ضربه كل واحد منهما ضربة واحدة لم يضربه غيرها، ثم وجد به موضحة ومنقلة، فإن مات فولاته مخيرون في القسامة علي أيهما ساءوا يقتلونه، ويضرب الأخر مائة ويسجن سنة. وإن لم يمت سئل من جرحه الموضحة ومن جرحه المنقلة.
قال في الواضحة (1): فإن أثبت (2) ذلك قبل قوله مع يمينه. قال في الكتابين: فإن لم يثبت حلف ما أدري وسئلا، فإن ادعي كل واحد منهما الموضحة ونفي المنقلة حلفا وقيل له: خذ من أيهما شئت الموضحة يريد قواداً، وخذ من الآخر نصف عقل المنقلة، يريد إن كان شئ لا يعقل فليس للمجروح إلا أن يثبت (3) من جرحه ويستقيد، فإن لم يحلف حلف الجارح وبرئ.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك في القوم يقتتلون فتقع بينهم جراح، فليحلفوا علي من ادعوا ويقتصوا منه. قال أصبغ: ونزلت فحكم ابن القاسم فيها بهذا. ويقبل في مثل هذا دعواه ويحلف، إلا أن يستدل أن هذا الجرح كان به قديماً. وأما ما أشكل فإن المجروح يحلف
__________
(1) في ص: قال في كتاب ابن حبيب.
(2) كذا في ص وع, وصفحت في الأصل: فإن أبيت.
(3) في الأصل: إلا ما يثبت وهو تصحيف.

(14/63)


ويقتص. وإنما ذلك له إذا شهد رجلان علي قتالهم. وأما شاهد واحد فلا يجوز ولا يحلف المجروح علي الشاهد الواحد علي القتال، وليحلف المدعي عليه ويبرأ.
قال ابن القاسم وعبد الملك في النفر يجتمعون علي ضرب رجل ثم ينكشفون وبه جرح أو قطع يد، فإن حلف المجروح علي أحدهم أنه جرحه اقتص منه وحده. وإن انكشفوا وقدمات قتلوا به. وإن لم يثبت من جرحه فلابد أن يحلف ما عرفه ثم له دية جرحه علي جميعهم. قال ابن المواز: وإنما يمينه لأنه متهم أن يفر من القصاص إلي الدية. قال ابن القاسم: فإن نكل حلفوا كلهم ويرثوا.
وقد قال مالك: إذا افترقوا عنه وبه موضحة لا يدري من شجه، إن العقل علي جميعهم. قال ابن القاسم بعد يمينه أنه ما يعلم من شجه، إلا أن يكونوا إنما اجتمعوا عليه للموضحة، ولما أمسكوه وتولي بعضهم شجه أو قطع يده فليقتص (1) منهم بذلك الجرح.
وإذا اجتمع نفر علي قطع يد رجل قطعوا بذلك كلهم، وله القصاص من بعضهم وصلح بعضهم أو العفو عنه بمنزلة القتل.
قال مالك في النفر يضربون الرجل حتي يموت تحت أيديهم فيقتلون به. ولأوليائه قتل بعض وصلح بعضهم علي مال إذا ثبت القتل ببينة ومات مكانه. فأما إن كان القتل بقسامة فلا يقسمون إلا علي واحد غير الممسك وغير الناظور. وعلي هذا الأمر في الرجال والنساء والعبيد والإماء.
وإذا كان الممسك والناظور يعلم أن الضاربين يريدون قتله قتل معهم إن كان ذلك ببينة أو بإقرار. وإن أمسكه أو نظر لهم (2) وهو يظن أنهم
__________
(1) كذا في ع وهو الصواب. وصحف في الأصل وص: فلا يقتص.
(2) كذا في ع وهو الأنسب. وفي الأصل: وإن أمسك ونظر.

(14/64)


يضربون من غير قتل لم يقتل الممسك ولا الناظور، ويعاقبان أشد العقوبة. وإذا كان فيما القسامة فلا يقسمان علي الممسك ولا علي الناظور.
وإن أنهم أرادوا القتل وقد ولي القتل غيره فلا يقتل بالقسامة إلا واحد، كما لو قتله نفر فقال فلان منهم (1) أنفد مقاتلي (2) وهو مما فيه قسامة، فلا يقسم إلا عليه، ثم ليس علي من بقي جلد ولا سجن، إلا أن يقر الناظر أو الممسك أنه علم أنه يقتل فإنه يقتل بغير قسامة، ويقسمون علي آخر ممن بقي ويقتلونه، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة.
ولو أمسكه وهو يعلم أنه يريد قتله ففقأ عينه، او أمسكه لفقء العين فقتله. فأما إذا فقئت عينه فليقتص منهما جميعاً في العين، وأما إن أمسكه للفقء فلا شئ علي الممسك، ويقتل متولي قتله، وعلي الممسك جلد مائة وحبس سنة.
في القتيل يجتمع في قتله كبير وصغير أو حر وعبد
أو أب وأجنبي أو عامد ومخطئ أو رجل ودابة أو سقطة
وما جري في ذلك من القسامة
من كتاب ابن حبيب عن ابن الماجشون، وما ذكر عنه عن ابن عبدوس (3) قال ابن الماجشون: وإذا اجتمع في [قتل] (4) القتيل كبير وصغير
__________
(1) كذا في ص وع وهو الأنسب. وفي الأصل: معهم.
(2) صحقت في الأصل: مقالتي.
(3) كذا في الأصل. وفي ص وع: ومنه ذكر مثله ابن عبدوس عنه.
(4) زيادة في ص وع.

(14/65)


أو حر وعبد أو ضربتان عمداً وخطأ (1) أو أب وأجنبي، قال في كتاب ابن عبدوس يحذفانه (2) بسيف فيقتلانه. قال في كتاب ابن عبدوس أو يضربه رجل ثم تبعجه دابته أو يتردي من حائط فيموت قصعاً ويثبت ذلك بالبينة، [قال] (3) فإن الديات تنقسم ودم العمد لا ينقسم. فكل من شرك في قتل مجهز في معترك فهو كقاتله وحده. وإذا كان القتل عليهم لقتلهم إياه فكذلك إن سقط عن أحدهم القتل إما لحرمة الأبوة (4) أو لأن الأولياء استحيوا العبيد ليسترقوهم، أو لصغر بعضهم، أو لأن أحدهم ضربه خطأ، فإن العقل علي من عليه العقل منهم علي عدد قوم هو أحدهم، ثم يقتل من بقي ممن شرك الأب أو الصبي أو المخطئ، أو شركه العبد. والذي شركه بعج دابة أو غرق أو ترد أو هدم، ويكون ما شركه من هذا هدراً، والقود علي من ذكرنا بلا قسامة إذا مات مكانه. إلا من شركة التردي أو غرق أو بعج دابة فإنه يستظهر علي المعتمد بالقسامة أن من جرحه مات، سواء مات قصعاً أو أرتث (5)، وأري ما شركه من هذا شبه الحياة بعد الجرح العمد أو الضرب العمد، والمجروح يمرض ثم يموت (6) فلأوليائه أن يقسموا.
قال: وأما إن إرتث وحمل أو كان ما ثبت من قبل القعص بشاهد فلا بد من القسامة، فإذا كانت القسامة لم تكن إلا علي واحد، وإذا كانت علي من شركه الأب قيل: فإن أقسم علي الأب كانت الدية عليه مغلظة، وإن أقسم علي من شركه الصغير او المخطئ [قيل وإن أقسم علي الصغير أو
__________
(1) كذا في الأصل. وعبارة ص وع: أو ضربتان إحداهما عمد والأخري خطأ.
(2) كذا في ص وع. وفي الأصل: يعزقانه.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل: لحرمة الأولياء.
(5) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل أرتب. والمرتب كما في لسان العربـ الصريع الذي يشخن في الحرب ويحمل حياً ثم يموت.
(6) هكذا في ص وع. وفي الأصل: ثم من شرك بموته. ولا معني لذلك.

(14/66)


علي الكبير المخطئ] (1) فالدية علي عاقلته، كانت ضربة الصغير عمداً أو خطأ، ويضرب الكبير مائة ويحبس سنة.
وإن أقسموا علي العبد فإن شاءوا قتلوه أو استحيوه وضرب الحر وسجن.
وإن أقسم علي من شركته الدابة أو التردي وشبهه قتل. وإن لم يقسموا عليه ضرب وسجن.
وإن كان ما اشترك (2) فيه هو لا جراحات يعرف منها جرح كل واحد بالبينة، وهي مما فيه القصاص أو العقل، فمن ارتجت عنه القسامة منهم كان عليه في جرحه القصاص (3) أو العقل إن كان مما لا يقتص منه. ومن ارتجت عنه القسامة ضرب وسجن كما ذكرنا. وإن لم تكن ثبتت الجراحات إلا بشاهد أو بقول القتيل لم يجب لها عقل ولن يجب فيها قصاص.
قال: وإن كان ما صح، اشترك فيه القتل من هؤلاء لم يكن في فور واحد ولكن متفرقاً فانظر، فإن عاش بعد ضرب الآخر ثم مات فالأمر علي ما تقدم ذكره في فور واحد. وإن كان الآخر أقصعه ولم يرتث بعده فهو قاتله يقتل به في العمد إن كان ممن يقتل به، وإن كان خطأ وجبت فيه الدية بلا قسامة.
فإن كان الذي أقصعه آخراً ترد أو دابة أو شبهه فديته هدر، إلا أنه يقتص من جرح الأول في العمد، ويعقل في الخطأ، وليس لهم أن يقسموا علي الجارح الأول في هذا، وإنما لهم أن يقسموا أن لو ارتث في الثاني، فيقسموا علي أيهما شاءوا.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) أقحمت في الأصل هنا عبارة وإن [أقسم علي من شركته الدابة] كان ما اشترك.
(3) في الأصل: القود.

(14/67)


وأما مجروح صحيح ناله هدم أو غرق أو بعجته دابة فيموت فلا يقتل جارحه، وليس فيه دية النفس، لكن يحكم في الجرح بقصاص في العمد أو عقل في الخطأ، [إلا أن يفذ الأول مقاتله فالحكم علي الأول بالقصاص في النفس في العمد أو لدية في الخطأ] (1) قال ابن حبيب: وقال بذلك كله أصبغ واستحسنه.
قال: واضطرب فيه ابن القاسم فيما يشترك فيه العامد والمخطئ، فقال مرة يخير الأولياء أن يقسموا علي من شاءوا منها، مات قصعاً أو مرتثاً. واستحسن هذا أصبغ؛ ومرة قال: إنما يقسمون علي أن من ضربهما مات ثم تكون عليهما الدية، نصفها في مال المتعمد، ونصفها علي عاقلة المخطئ. وكذلك لو مات قصعاً ولم يعش، وقد ثبت جرحهما ببينة؛ قال: فلا يقتل المتعمد إذا شركه المخطئ؛ ومرة قال في الذي شركه الصغير مثل قولنا، ومرة قال: إن كانت ضربة الصغير عمداً قتل الكبير (2) وعليهما الدية.
وأما إن شركه بعج دابة أو غرق ونحوه، فمرة قال: يقسمون علي المتعمد وجعله كحياة المجروح أو كمرضه مثل قولنا؛ ومرة قال: علي المتعمد نصف الدية في ماله بلا قسامة، ويضرب مائة ويحبس سنة. ولم يختلف قوله إذا مرض بعد الضرب أو الجرح أن فيه القسامة. وبقول ابن الماجشون أقول، وقد قاله ابن القاسم، وهو أحد قوليه.
ومن كتاب ابن المواز [قال أشهب] (3) في الرجل يجرحه رجل جرحين، ويجرحه آخر جرحاً فمات من ذلك. فإن كانت جراحهم عمداً أقسم ولاته
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ومن ص.
(2) كذا في ص وع ولعله الصواب. . وفي الأصل: لم يقتل الكبير.
(3) زيادة في ص وع.

(14/68)


علي أيهم شاءوا وقتلوا، ولا يقتلون بالقسامة غير واحد. وإن كانت خطأ أقسم الورثة عليهما ثم أخذوا الدية من عاقلتهما ثم أخذوا الدية من عاقلتهما: النصق من كل عاقلة. وإن كان جرح أحدهما عمداًُ والآخر خطأ، أقسموا علي أيهم شاءوا، فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه وأخذوا دية جرح الخطأ.
قال محمد: وذلك إذا عرفت جناية الخطإ من جنابة العمد. قال أشهب: فإن أقسموا علي المخطئ فلهم الدية كاملة علي عاقلته، واقتصوا من جرح العمد، إلا أن يكون جرحاً لا قصاص في مثله فيؤخذ من الجاني ديته.
وقال ابن القاسم: إن مات مكانه قتل المتعمد وكان علي المخطئ نصف الدية، يريد علي قتله.
قال محمد: هذا إن لم يكن جرح الخطإ معروفاً بعينه. فإن عاش ثم مات فتكون القسامة. فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه، ولا شئ لهم علي المخطئ. وإن اقسموا علي المخطئ فلهم الدية علي عاقلته، وبرئ الآخر. قال ابن المواز: ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال مالك في كتاب ابن المواز والمجموعة: وإذا قتله صغير وكبير عمداً، قتل الكبير وعلي عاقلة الصغير نصف الدية، لأن عمده كالخطأ. وكذلك حر وعبد قتلا عبداً عمداً قتل العبد وعلي الحر نصف قيمته. ولو قتلا حراً قتلا به.
قال محمد (1) قال ابن وهب: وإذا قتلا حراً عمداً، فإن استحيوا العبد خير سيده في أن يسلمه أو يفديه بنصف [الدية (2)] قال: وإن شاءوا أخذوا من الحر نصف الدية فذلك لهم. ولو قتلا الحر خطأ فنصف ديته علي عاقلة الحر (3) ونصفها في رقبة العبد ويخير سيده.
__________
(1) في ع: قال ابن الموا. وهما واحد. وستكرر هذا بعد فلا نشير إليه.
(2) ساقطة من الأصل.
(3) كذا في ص وع وهو الأنسب. وعبارة الأصل: فنصفها علي الحر علي عاقلته.

(14/69)


قال ابن القاسم في الكتابين في كبير وصغير قتلا حراً، فإن كان ذلك من الصغير خطأ ومن الكبير عمداً فعليهما الدية، ولا يقتل الكبير إذ لا يدري من أيهما مات. وقال أشهب: يقتل الكبير. قال ابن المواز: وهو أخب إلي، لأن عمد الصغير كالخطأ.
قال أشهب: ومن فرق بين عمد الصبي وخطئه فقد أخطأ، وحجته أنه لا يدري من أيهما مات، وكذلك في عمد الصبي لا يدري من أيهما مات، وهو يري عمده كالخطأ.
قال ابن المواز [قال مالك] (1) وإذا جرح [كبير] (2) صغيراً فلأهله القود ولهم العقل إن شاءوا.
ومن المجموعة قال أشهب: ولو أن قوماً في قتال العدو ضربوا خطأ رجلاً مسلماً؛ فمنهم من ظنه من العدو (3) ومنهم من ضربه ضربة لعداوة فمات، فليقتل به المتعمد، وعلي الآخرين ما يصيبهم من الدية.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا اجتمع في قتل رجل رجال كبار وصبيان ونساء، وهو مما يستحق بقسامة إما بشاهد علي القتل (4) أو يقول الميت، فلأوليائه أن يقسموا إما علي رجل أو امرأة ويقتلوا، لا يقتلون بالقسامة إلا واحداً، ولهم علي الصبيان بقدرما يصيبهم من الدية علي عددهم أجمعين، إن كان الصبيان خمسة والرجال والنساء عشرة فثلث الدية علي عواقل الصبيان بينهم أخماساً (5)
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط أيضا من الأصل.
(3) كذا في ص وع وهو الصواب، وصفحت عبارة الأصل: فمنهم من ضريع عفواً.
(4) كذا في ص وع. وصفحت عبارة الأصل: إما بقول شاهد عدل.
(5) كذا في الأصل. وفي ص وع: والرجال والنساء عشرون، فخمس الدية علي عواقل الصبيان أخماساً وكلتا العبارتين صحيح.

(14/70)


قال ابن المواز: لو استحسنت هذا المذهب لو لرأيت أن يقسموا علي واحد من الكبار رجل أو امرأة فيقتلوه، ثم يقسموا [ثانية علي الصغار كلهم، ولهم بقدر (1) ما يقع عليهم من الدية علي عواقلهم (2)] كما قال أشهب، والأمر الذي عليه أصحاب مالك أن لا يقتلوا إن أرادوا القتل إلا واحداً رجلاً أو إمرأة. وعلي كل من بقي من رجل أو امرأة جلد مائة وحبس سنة. وإن قالوا: نقسم علي الصغار أقسموا عليهم ولهم الدية كلها علي عواقلهم، ولو لم يكن ذلك بقاسمة قتل جميع الكبار. [وعلي عواقل الصغار ما يخصهم من الدية] (3) وإن كانوا خمسة، والكبار عشرة؛ فثلث علي عواقلهم في ثلاث سنين (4).
وإذا قتل صغار وكبار رجلا ببينة أو مع الكبار أبو المقتول فليقتل الكبار الأجنبيون (5) وعلي عاقلة الصغار حصتهم من الدية علي عددهم وإن قل في ثلاث سنين، وإن كان معهم أب فعليه [في ماله] (6) حصته من الدية مغلظة، وقيل: علي عاقلته وإن قل ذلك.
قال ابن المواز: بل يكون ما يقع علي الصغير في ماله ثالث هو أو ثان، وإنما [يكون ما] (7) يقع عليه. وإن كان عاشراً علي عاقلته إذا كان القتل كله خطأ من قبل الكبار، أو كان جرحاً واحداً.
__________
(1) في ع: وعليهم بعدد.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وع.
(4) هكذا في الأصل وهي عبارة مبهمة. وفي ص وع: فثلث الدية علي عواقل الصبيان في ثلاث سنين.
(5) هكذا في ص وع وهو الصواب. في الأصل: فيقتل الكبير.
(6) ساقطة من الأصل.
(7) ساقط أيضا من الأصل.

(14/71)


ومنه ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم قال مالك: إذا وقعت دية الخطأ علي عبيد وأحرار، فإن وقع علي الأحرار- قال في كتاب ابن المواز- أقل من الثلث فذلك في أموالهم وإن كان حراً واحداً. وإن وقع عليهم الثلث فأكثر فذلك علي عواقلهم. قال سحنون: في ثلاث سنين؛ وعلي العبيد ما بقي في رقابهم علي عددهم لا علي قيمتهم، فيفديهم السادة أو يسلمونهم،
وقد اختلف عن مالك فيما إذا وقع علي الأحرار أقل من ثلث الدية فقال: تكون في اموالهم، وقال ابن القاسم عن مالك: تكون علي العاقلة (2) في ثلاث سنين، وبه قال سحنون.
[قال] (3) في العتبية (4) قال ابن القاسم عن مالك: وإن وقع علي العبيد ثلث الدية ففداهم ساداتهم أدوا ذلك في ثلاث سنين.
قال ابن القاسم: وإن وقع علي الأحرار ثلث الدية وهم ثلاثة، فعلي عاقلة كل حر تسع الدية في ثلاث سنين. وكذلك لو وقع عليهم أقل من ثلث الدية كان علي عاقلته في ثلاث سنين؛ وبقية الدية علي العبيد ويفديهم بها السادة في ثلاث سنين أو يسلمونهم بها، أو يفدي بعضهم ويسلم بعضهم. وإذا فدوهم به فذلك مفسوم علي عددهم لا علي قيمتهم. وهذا مذكور في الجزء الأول، وه كتاب الديات.
قال يحي بن عمر: هذا كله قول أشهب إن لزم الأحرار أقل من الثلث فعلي عواقلهم، والذي روي ابن القاسم عن مالك أن هذا في أموالهم حالاً إذا كان أقل من الثلث وذكر ابن المواز هذه الراوية؛ وقد ذكرنا اختلاف قول مالك في ذلك.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 442
(2) عبارة ص وع: إن ذلك علي العاقلة.
(3) ساقط من االأصل.
(4) البيان والتحصيل، 15: 443.

(14/72)


ومن المجموعة قال عبد الملك في رجل وصبي قتلا حراً عمداً، أو حر وعبد قتلا [عبدا] (1) عمداً، أو أب وأجنبي [قتلا ابن أحدهما] (2) يحذفانه بسيف فيقتلانه، أو عدد أكثر من ذلك؛ فينظر إلي عددهم. فما ناب الأب (3) وإن قل فهو علي عاقلته من دية مغلظة، ولو كان خطأ لتفرق علي المعاقل. وإن كان أقل من الثلث فيكون ما أصاب الصبي علي عاقلته وإن قل. ويخير السيد فيما أصاب عبده وإن قل.
ومن العتبية (4) من سماع ابن القاسم، وهي مسألة مذكور نحوها (5) في باب الخطأ، وهي مسألة الحسبة، قال مالك في الأب يقتل ابنه مع رجلين خطأ، فعاش أياماً ثم مات وترك أمه وعصبته وأختين، فليحلف ورثته خمسين يميناً لمات من ذلك، ثم يكون علي عاقلة الأب الثلث، وعلي عاقلة كل من الرجلين الثلث؛ فللأم السدس من الدية كلها، وللعصبة والأختين ما علي عاقلة الأب بعد سدس الأم وبعد أن يحلفوا. وللأب ثلثا الدية التي علي عاقلة الرجلين بعد مورث الأم، بعد أن يحلف الأب لمات من ذلك.
وإذا لم يأت أهل الميراث جميلة فحلف أهل الثلث الأختان والعصبة خمسين يميناً [فأخذوا، ثم جاء الأب فليحلف خمسين يميناً] (6) أيضاً، فتكون سهام الدية ستة وثلاثين سهماً؛ للأم [سدس الثلثين الذين يأخذهما الأب (7)، وذلك أربعة أسهم، ولها] (8) سدس الثلث الذي يأخذه الأختان والعصبة، وذلك سهمان؛ فذلك ستة أسهم، وللأختين ثلثا الثلث ثمانية، وللعصبة ما بقي وهو سهمان، وللأب عشرون سهماً.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط أيضا من الأصل.
(3) في الأصل: فما ناب الأول.
(4) البيان والتحصيل، 15: 438.
(5) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: مشهورة نحوها.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(7) صحقت عبارة الأصل: للأم السدس في الثلثين الذي يأخذها الأب، والتصحيح من ع.
(8) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(14/73)


ولو ولي الأب وحده قتله لم يرث من ديته شيئاً ولو قتلوه عمداً قتلوا به، ويقتل الأب إن كان ظهر تعمد بمثل الذبح وشق البطن. فأما بالرمية والضربة فلا، ويقاد من غيره في مثل ذلك.
وفي أبواب القسامة إذا ضربه رجل ثم بعجته دابة ثم مات.

في قطع يد المسلم يجتمع عليه حر وعبد
أو مسلم ونصراني أو مسلمون أحرار
بعضهم خطأ وبعضهم عمداً
من المجموعة (1)، وأراه لعبد الملك (2)، قال في حر وثلاثة أعبد مسلمين قطعوا يد [رجل] (3) حر مسلم خطأ، قال فثلاثة أرباع عقل اليد في رقاب العبيد، وربع [الدية] (4) في مال الحر. ولو كان حران وعبد فثلثا الدية علي عاقلة الحرين، وثلثها في رقبة العبد. ولو قطعوها (5) عمداً قطع الحران، وثلث ديتها في رقبة العبد.
ولو قطعها مسلم ونصراني خطأ فديتها علي عاقلتهما نصفين. ولو كان عمداً قطعت يد المسلم (6)، وكان نصف عقلها في مال النصراني مع الأدب. ولو قطعه أربعة مسلمون، ثلاثة عمداً وواحد خطأ، قطعت أيدي الثلاثة، وعلي المخطئ ربع ديتها في ماله.
__________
(1) في ص: من العتبية.
(2) في ص وع: وأراه عن عبد الملك.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) كذا في ع. وصفحت في الأصل: ولو قتلوها.
(6) في الأصل: قطع المسلم.

(14/74)


كما قال ابن القاسم في امرأة قطع لها رجل ثلاثة أصابع من كف، ثم قطع لها آخر الأصبعين الباقيين خطأ، فإن كان الأول خطأ لم يكن لها في الآخرين إلا خمسة خمسة، وإن كان الأول عمداً فلها في الآخرين عشرة عشرة.

في الرجل ينفذ مقاتله رجل ثم يجهز عليه آخر
أو يجرحه رجل ويقتله آخر
من العتبية (1) من رواية سحنون ويحي بن يحي عن ابن القاسم قال في رجل شق بطن رجل عمداً أو جرحه ما بلغ به مقاتله، ثم أتي آخر فأجهز عليه، فإنه يستقاد من الأول الذي بلغ المقاتل، ويؤدب الثاني ولا يقتل ويبالغ في عقوبته، وقد أتي عظيماً. وإن كان المجروح قد أكل وشرب. قال عنه سحنون: ويقتل الأول بلا قسامة. وروي عنه أبو زيد أنه يقتل الذي أجهز عليه وإن كان لا يحي من ذلك. ويعاقب الأول.
وروي ابن المواز، عن أبي زيد [عن ابن القاسم وابن وهب مثل ما ذكر العتبي عن أبي زيد] (2) عن ابن القاسم قال: وقال أشهب يقتل الأول. وعلي الذي ضرب عنقه وجيع الأدب. وبه قال ابن المواز. قال أشهب: ولا قسامة فيه إن خرق أمعاءه أو دق عنقه وإن تكلم وأكل وشرب.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن ذبح رجلاً فقطع حلقومه، ثم بقيت فيه الحياة، ثم جاء آخر فقطع أو داجه وحز رأسه فإنما القود علي الأول، لأنه صيره إلي مالا حياة بعده. وعلي الثاني الأدب. وكذلك لو شق الأول
__________
(1) البيان والتحصيل، 6: 34.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل. ثابت في ص وع.

(14/75)


حشوته أو دق رقبته حتي قطع نخاعه، ثم أجهز عليه الآخر؛ فالقتل علي الأول.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه في قوم وقعوا علي رجل (1) علي عداوة فضربه أحدهم بعصاً ولكزه آخر وضرب آخر عنقه فإني أقتل الضارب عنقه وحده. وكذلك لو قطع أحدهم [يده وآخر] (2) رجله [وضرب] (3) الآخر عنقه فإني أقتل القاتل وأقطع القاطعين.
فيما يقع بين الفئتين تقتتلان (4) من قتل أو جرح
وما في ذلك من معني القسامة
وفي القوم يتماقلون فيموت أحدهم
من كتاب ابن المواز والمجموعة روي ابن القاسم وابن وهب وغيرهما عن مالك، ونحوه في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون في القوم يقتتلون، [يريد] (5) من أهل العصبية والثائرة فيفترقون (6) عن قتيل أو جريح، أن عقل ذلك علي الفئة التي نازعته ونازعت أصحابه (7)، فتضمن كل فرقة ما أصابت من الفرقة الأخري. قال ابن المواز: في أموالهم. وقاله مالك.
قال: وإن كان القتيل من غير القبيل الذين نازعوهم، أو الجريح من
__________
(1) في الأصل وقعوا يقوم، وهو تصحيف. والتصحيح من ص وع.
(2) ساقط من الأصل.
(3) ساقط أيضا من الأصل.
(4) ساقط من الأصل، وفيه بعده: من قتل أو جريح.
(5) ساقط أيضا من الأصل.
(6) كذا في ص وع. وهو المناسب، وفي الأصل: فيقرقون.
(7) كذا في الأصل. وفي ص وع: الفئة الذين نازهوه ونازعوا أصحابه.

(14/76)


غير الفريقين، قال ابن المواز قال ابن القاسم: وكذلك إذا لم يعرف من أي الفريقين هو.
قال مالك في الكتابين: وذلك إذا لم يثبت دية عمد آخر (1) بعينه. قال مالك في كتاب ابن المواز: فإن عرف من أصابه منهم بالبيينة اقتص من جرحه. وإن كان بشاهد واحد حلف مع شاهده واقتص من جارحه. وإن لم تكن بينة علي رجل بعينه فلا قصاص وفيه العقل، يريد علي جماعتهم، لأن الجراح لا يقتص منها ممكن كان في معركة إلا بشاهدين أو شاهد ويمين.
وفي باب الرجل يقتل الرجلين (2) من رواية ابن وهب عن مالك في القوم يقتتلون فتقع بينهم جراحات أن يحلفوا (3) علي من ادعوا [ذلك عليه ثم] (4) يستقيدوا إذا ثبتت ثائرتهم بشاهادين.
قال مالك في الكتابين: ولا قسامة فيمن قتل بين الصفين ولا قود وإنما فيه الدية من بعضهم [لبعض] (5) قال أشهب: وهذا إذا لم يثبت دمه عند أحد بعينه، ولم يكن من إحياء دمه (6)، غير أنه قتل بين الصفين لا يدري من قتله.
قال ابن القاسم في العتبية (7)، من رواية عيسي، وفي المجموعة: وإنما معني قول مالك لا قسامة فيمن قتل بين الصفين إذا لم يدع الميت دمه عند أحد منهم (8) ولا قام بذلك شاهد. ونحوه في كتاب ابن المواز عنه. وكذلك في كتاب ابن حبيب عن أصبغ عنه وعن مطرف وابن الماجشون.
__________
(1) في ع: رجل.
(2) في ع: رجل
(3) كذا في ع. وفي الأصل: يقتل الرجل.
(4) ساقط من الأصل. وفيه: علي من ادعوا ثم يستقيدون.
(5) ساقط من الأصل.
(6) كذا في النسخ، والعبارة غامضة.
(7) البيان والتحصيل، 15: 518.
(8) في ص وع: عند أحد بعينه، وهو أنسب.

(14/77)


[قال ابن القاسم] (1) وأشهب في المجموعة ومطرف [وعبد الملك] (2) وأصبغ في كتاب ابن حبيب: فأما إن قال دمي عند فلان (3) وشهد بذلك شاهد علي القتل ففيه القسامة. قال أشهب: لكون أنه من الصفين لا يزيد دعواه [إلا قوة. ولو كان ذلك فيمن لم ينازعه كانت فيه القسامة. قال ابن المواز: وقد رجع ابن القاسم بعد أن قال لا قسامة فيمن قتل بين الصفين] (4) لا بدعوي الميت ولا بقول شاهد.
قال ابن المواز: وقول ابن القاسم هذا خطأ، وإنما تأويل قول مالك علي تأويل [قول] (5) ابن القاسم فيمن ذكرنا قبل هذا. وهو قال أشهب وابن عبد الحكم: وليس لعصبته أن يقولوا نقسم علي واحد من هذه الطائفة ونقتله من غير شاهد ولا قول الميت. وكذلك ذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون (6).
قال ابن المواز: ولو شهد شاهد (7) أن فلاناً وفلاناً حتي سمي منهم من لا يتبين فيه كذب الشاهد ثم ذكر العدد (8) أو ادعي ذلك الميت قيل لعصبته: أقسموا علي واحد من المسمين واقتلوه.
وروي سحنون عن ابن القاسم في العتبية (9) فيمن قتل بين الصفين وشهد علي قتله رجل أو دعوي الميت فلا قسامة فيه، قال ابن المواز: ولو شهد علي جرحه رجل ثم مات من ذلك بعده بأيام ففيه القسامة.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص وع. وفي الأصل بدله: وابن الماجشون.
(3) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: وشهد.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع. ثابت في الأصل وص.
(5) ساقط من الأصل.
(6) في ص وع: وعبد الملك.
(7) كذا في ص وع وهو الصواب. وصحفت عبارة الأصل: ولو قال شاهداً شهد.
(8) كذا في ع وفي الأصل وص: من ذكر العدد.
(9) البيان والتحصيل، 15: 518.

(14/78)


قال مالك في كتاب ابن المواز: ومن كان بينه وبين غيره قتال وأتي وبه أثر الضرب والجرح فزعم أن فلاناً وفلاناً قاتلاه وأنه أثر فيهما أثراً سماه وأنهما جرحاه ثم مات قال: يسبحنان حتي يمتحن أمرهما، وأحب ما فيه إلي الاصطلاح.
قال ابن القاسم: ولا قسامة في مثل هذا، وإنما القسامة فيمن قال قتلني فلان. فأما إن قال قاتلت فلاناً وفلاناً قسامة فيه كقتيل الصفين.
قال ابن المواز: قول ابن القاسم هذا ليس بقول مالك. وإنما قاله ابن القاسم لما قال مالك لا قسامة فيمن قتل بين الصفين. وإنما ذلك إذا لم يثبت [ذلك عند أحد] (1) بشاهد ولا بقول الميت (2). ثم ذكر مثل ما تقدم ذكره من قول ابن القاسم وأشهب.
قال [ابو زيد عن] (3) ابن القاسم: ليس لأحد أن يقول فلان جرحني ويحلف ويقتص. بخلاف القتل، إلا ما كان من قتال فيكشف (4) وبأحدهم جرح، فيدعي أن أحدهم جرحه، فليحلف ويقتص منه.
وقاله عبد الملك في غير القتال في قوم ضربوا رجلاً فانكشفوا عنه وبه جرح، فإنه يحلف علي من ادعي أنه جرحه ويقتص منه إذا شهد علي اجتماعهم عليه، قاتلهم أو لم يقاتلهم. قال: وإنما يريد ابن القاسم أن يدعي [مجروح] (5) جرح فيدعي أن أحدهم جرحه، فليحلف ويقتص منه.
وقاله عبد الملك في غير القتال في قوم ضربوا رجلاً فانكشفوا عنه وبه جرح، فإنه يحلف علي من ادعي أنه جرحه ويقتص منه إذا شهد علي اجتماعهم عليه، قاتلهم أو لم يقاتلهم. قال: وإنما يريد ابن القاسم أن يدعي [مجروح] (6) علي أحد لم يشهد عليه بمنازعته إياه ولا بضربه، ولا بتسبب من ذلك فلا يكون له في ذلك ما يكون في القتل.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) هذه عبارة ص وع. وهو أحسن ترتيباً. وعبارة الأصل: إذا لم يثبت بشاهد عند أحمد ولا بقول الميت.
(3) ناقص من الأصل.
(4) في ص وع: ثم ينكشف.
(6) ساقط من الأصل.

(14/79)


قال ابن القاسم، في العتبية (1) فإن كان القتيل بين الصفين بين قوم قاتلوا علي التأويل فليس علي قاتليه (2) قتل ولا دية وأن عرفوا بخلاف غيرهم.
قال سحنون في قوم وقعت بينهم منازعة فدخل رجل يحجز بينهم فأصيب بجرح أو قتل فلا يد ري من فعل ذلك به، فديته علي عواقلهم.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال مالك: وإذا افترقت الفئتان (3) وبينهما قتيلان، وبأحدهما جرح أو جراح، ففيهم عقل النفس وليس في جراحهم شئ (4).
قال عنه علي في المجموعة في قوم مشوا إلي قوم في منازلهم بالسلاح فقاتلوهم فقتل بينهم وجرح: إن كل فرقة تضمن ما أصيب من الأخري، ولا يطل دم الزاحفين، قال لأن المزحوف إليهم لو شاءوا لم يقاتلوهم واستأذنوا (5) السلطان.
قال غيره في غير المجموعة: هذا إن كان حجز السلطان يمكنهم (6)، فأما إن عاجلوهم ناشدوهم الله، فإن أبوا فالسيف، ونحوه في المدونة.
قال علي عن مالك في قوم تراموا فجرح رجل منهم فشهدوا علي رجل منهم أنه جرحه: إنه لا شهادة لهم لأنهم يدفعون عن أنفسهم، وعليهم العقل.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 519.
(2) في ع: عاقلته. وهو تصحيف.
(3) في ص وع: افترق الفريقان.
(4) في الأصل: ففيها .... وفي جراحهما.
(5) كذا في الأصل وص وفي ع: حجز السلطان عليهم.
(6) كذا في الأصل وص. وفي ع: حجز السلطان عليهم.

(14/80)


قال ابن القاسم في العتبية (1) من رواية عيسي، وفي المجموعة عنه في الطائفين يفترقان عن جرحي وقتلي، فيقول رجل من إحدي الطائفتين: أنا قتلته والقتيل من غير طائفته، فولاة المقتول بالخيار: إما أن يقتلوه بإقراره أو يتركوه، ثم تلزمهم الدية (2). وذكر ابن حبيب مثله عن مطرف وابن الماجشون، غير أن في روايته عنهما: إن شاءوا تركوه وألزموه ديته (3) لأنه متهم بإقراره في طرح الدية التي وجبت عليه وعلي طائفته.
[قال أبو محمد فقوله ألزموه غلط، لقوله في احتجاجه عليه وعلي طائفته] (4)، وأراه من غلط الناقل.
ومن المجموعة (5) روي أصبغ عن ابن القاسم في القبيلتين (6) تأتي كل واحدة تدعي علي الأخري جراحات (7) وتنكر دعوي الأخري، وأقروا بأصل الثائرة؛ فأري أن كل طائفة ضامنة لجراح الأخري (8). فإن لم يتقاراً بالثاائرة، فإن قامت بينة عليها حلفت كل طائفة علي من ادعت عليه واستقادت منه. وإن لم تعرف [كل واحدة] (9) من الجارح تحالفوا علي الجراحات أنها (10) كانت من الفئة الأخري ويضمن بعضهم جراحات بعض، فإن لم تأت بينة بأصل الثائرة ولا تقاروا (11) بها، لم يقد بعضهم علي بعض بالدعوي. فإن قال أحد الرجلين جرحني صاحبي هذا ثلاث جراحات، فأقر الجارح باثنين حلف
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 517.
(2) هكذا في الأصل، وعبارة ص وع أنسب: إما قتلوه بإقرار، وإن شاؤوا تركوه وألزموه الدية.
(3) في الأصل: تركوه ثم ألزموا ديته.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) في ص وع: ومن العتبية.
(6) في ص وع: في الفئتين.
(7) وقع تصحيف وإقحام كلمات في عبارة الأصل. والتصحيح من ع.
(8) في ص وع: بجراح صاحبتها.
(9) ساقط من الأصل.
(10) في ع: أن الجراح.
(11) ساقط من الأصل.

(14/81)


المجروح علي الثالثة واستقاد منها ثلاثتها (1)، وذلك أنه أقر أنه قاتله وجرحه.
و [قال] (2) ابن حبيب: وليس بين أهل الفتن قود فيما نال (3) بعضهم من بعضهم علي التأويل، ولا تباعة بمال (4) إلا فيما كان قائماً بعينه لم يفت. فأما بين أهل الثائرة والعصبية فبينهم القود والبتاعة في الأموال.
و [قال] (5) ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف في قوم تماقلوا، فغرق [أحدهم فمات فشهد] (6) بعضهم علي الباقين أنهم مقلوه حتي مات، وشهد الشهود عليهم أن الشهود فعلوا ذلك به، إن [الدية] (7) علي جميعهم في أموالهم، فلزمهم بمعني الإقرار أن غرقه جاء من قبلهم لا بمعني الشهادة، كانوا عدولا أو غير عدول؛ فعلوا ذلك في شهادتهم خطأ أو عمدا، وهذا في الكبار، ولو كانوا سقط ذلك إذ لا إقرار (8) لهم. قاله أصبغ.
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل: ثلثها.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صفحت في الأص: قال.
(4) صفحت في الأصل كذلك: ولا تباعة بما قال.
(5) ساقط من الأصل.
(6) ساقط كذلك من الأصل.
(7) ساقط أيضاً من الأصل.
(8) في الأصل: ولا إقرر.

(14/82)


في القتيل يوجد في محلة قوم أو يفترق الناس
بمني أو غيرها عن قتيل
ومن نزل عند امرأة فمات عندها
من المجموعة قال ابن القاسم وغيره عن مالك: إن الأمر عندهم في القتيل يوجد في محلة قوم في قرية أو غيرها أنه لا يؤخذ به أقرب الناس إليه دارا أو مكانا (1)، ولو أخذ بذلك لم يشأ رجل أن يلطخ قوما بذلك إلا فعل. قال ابن القاسم وأشهب: وليس ذلك من اللطخ الذي يوجب القسامة أو القود أو الدية.
قال ابن القاسم: وإن وجد قتيل في أرض المسلمين وقالوا إنهم لا يدرون من قتله. فدمه يطل، كما قال مالك فيمن يوجد في المحلة. قال ابن القاسم: ولا يكون في بيت المال. وقاله أشهب. قال ولعله قتل عمدا وليس في العمد دية وإن كان خطأ فهو علي عاقلة قاتله.
قال المغيرة في الرجل يوجد قتيلا إلي جانب منازل قوم [هم] (2) أعداؤه، فيدعي [ولاته] (3) أن فلانا وفلانا قتلاه، قال: لا أري علي من وجد قتيلا قرب داره شيئا، إلا أن يستبرأ علي قدر ما تكون الظنة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن مات من زحام أو غيره أو وجد في مني حين يفيض الناس من عرفة أو وقع في مني من زحام الناس؛ فلا شئ فيه من دية أو غيرها ولا قسامة فيه.
__________
(1) كذا في ع وهو الصواب. وعبارة الأصل محرفة: دار نزلا مكاناً.
(2) ساقط من الأصل وص.
(3) ساقط من ع.

(14/83)


ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في رجل نزل عند امرأة فمات. فجاء وليه فاتهمها وقال: اتهمناها به من وجه لا أقدر أبثه. قال: يكشف أمرها، فإن كانت غير متهمة فلا تحبس ويخلي سبيلها.

فيمن أمر رجلا بقتل رجل فأطاعه
أو أمسك رجلا لمن قتله أو أمر رجلا بذلك
أو أمر عبده بشئ من ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم وغيره عن مالك: ومن أمر رجلا بقتل رجل ففعل فإنه يقتل (1) القاتل دون الآمر. ولو أمسكه رجل حتي ضربه فمات مكانه، فإن أمسكه وهو يري أنه يريد قتله قتلا به جميعا. وإن ظن أنه يريد ضربه كضرب الناس، قتل القاتل (2) وبولغ في عقوبة الممسك وسجن ولم يقتل.
وإذا أمر السيد عبده أو العامل الظالم (3) بعض أعوانه بقتل رجل (4) ظلما فإنه يقتل الآمر والمأمور.
وأما الأب يأمر ابنه أو المعلم يأمر بعض صبيانه أو الصانع (5) يأمر متعلمية [فيتقل] (6) فإن كان المأمور محتلما قتل، ولا قتل علي الآمر ولا
__________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل: ففعل في مجانه يقتل. وهو تصحيف.
(2) صحفت عبارة الأصل كذلك: كضرب الناس كقتل القاتل.
(3) كذا في ص وع. وهو الصواب وصحف في الأصل: أو القاتل الظالم.
(4) في الأصل: يقتل رجلا.
(5) هنا يبتدي بتر بضعة أوراق من مخطوط ص.
(6) زيادة في الأصل.

(14/84)


دية علي عاقلة الصبي (1)، وعليه العقوبة. وإن لم يحتلم قتل الآمر، وعلي عاقلة الصبي نصف الدية. وإن كثر الصبيان فالدية علي عواقلهم وإن قل ما يجب عليهم. وكل ما ذكرنا فنحوه في كتاب ابن المواز والواضحة (2) عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال أصبغ: كان ابن وهب يقول فيمن أمر عبده الأعجمي بقتل رجل فقتله فعلي سيده وحده القتل، وعلي عبده جلد مائة وسجن سنة. وإن أمر به الفصيح فالقتل علي العبد وحده، ويجلد سيده مائة ويحبس سنة. قال أصبغ: هذا استحسان، وقولنا أنهما يقتلان جميعاً العبد والسيد، كان فصيحاً أو أعجمياً.
وقال ابن القاسم: ولو أمر بذلك ابنه الصغير فقتله قتل الأب دون الابن إن لم يحتلم، ويعاقب إن كان مثله قد بلغ أن يعاقب. وقاله أشهب. وقال ابن نافع: لا يقتل الأب ولا سيد العبد ويوجع عقوبة، ويقتل العبد، وعلي عاقلة الصبي الدية. ويقول ابن القاسم أقول.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أمر رجلاً بقتل رجل فقتله، قال: ليس العبد كالحر، كأنه يري إن كان المأمور حراً قتل به وحده. وقاله ابن وهب. وقال ابن المواز وأشهب: يقتل القاتل ويضرب الآمر ويحبس سنة.
قال ابن القاسم: ومن أمر عبد غيره بقتل رجل فقتله قتل العبد وحده.
قال (3): ومن أعطي صبياً سكيناً فقال اقتل فلاناً فقتله؛ فإن كان الصبي ابن الآمر أو غلامه قتل الآمر، وإن كان غير ابنه لم يقتل وضرب
__________
(1) في ع: ولا علي عاقلته دبة.
(2) في ع: في كتاب المواز وابن حبيب
(3) في ع: وقال ابن القاسم.

(14/85)


ضرباً شديداً وأطيل سجنه. وكان علي عاقلة الصبي الدية. وقال أصبغ: إن كان الصبي ابنه وقد بلغ مبلغ العقل، ومثله ينهي عما ينهي عنه مثل اليافع (1) والمراهق فلا قتل علي أبيه. وهو في ذلك مثل غير ولده لو أمر (2).
وفي العتبية وكتاب ابن الحبيب [عن أصبغ] (3) مثل ذلك. قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلي ووجدت لأصبغ [كأنه] (4) وقف عن هذا الجواب وقال بقول ابن القاسم، ولكن إن كان الابن محتلماً فهو كالأجنبي.
وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: إن كان الابن مراهقاً لم يقتل [الآمر] (5) ويبالغ في عقوبته. وقيل يضرب مائة ويحبس سنة، والدية علي عاقلة الصبي ويؤدب أدباً صالحاً بقدر احتماله. وإن لم يبلغ الصبي هذا الحد قتل الآمر، وعلي عاقلة الصبي نصف الدية. وقال ابن القاسم: علي عاقلته نصف الدية. وكان يقول: علي عاقلة الصبي جميع الدية، ولا يعجبني، [قال أبو محمد] (6) ولا يؤدب.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز والعتبية في الصبي الذي أمره أبوه وهو مراهق: إن أباه وغيره سواء. والدية علي عاقلة الصبي. قال في كتاب ابن المواز: ويضرب الآمر مائة ويحبس سنة، ويضرب الغلام ضربا صالحاً بقدر احتماله. قال أصبغ، في الكتابين: وذلك إن كان الآمر ليس بحاضر، إنما أرسله لهذا. فأما أن يحضر ويامر بالقتل وهو يشلي ذلك إما بإمساك أو إشلاء بأمر بين، فهو قاتل حينئذ ويقتل أبناً كان أو غيره، كما لو اجتمع أجنبيان علي قتل رجل قصداً له، وأحدهما يباشر القتل والضرب بيده
__________
(1) في الأصل: من اليافع. وهو تصحيف.
(2) صفحت عبارة الأصل كذلك: مثل غير ولده وابنه.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضا من الأصل.
(6) ساقط كذلك من الأصل.

(14/86)


وألاخر يقول: اقتل اقتل، قتلا جميعاً. ونزلت ومشايخنا متوافرون، فراوا أن يقتل بقوله اقتل علي هذه الصفة.

في المقتول يعفو عن دمه أو عن ديته
وفيمن أذن لرجل أن يقتله أو يقطع يده أو يد غيره
وفيمن عفا عن جرحه ثم نزي فيه فمات
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وابن وهب وغيرهما عن مالك في المقتول يعفو عن قاتله عمداً في وصيته، فذلك له دون أوليائه. قال عنه ابن نافع: إلا في قتل الغيلة. قال في كتاب ابن المواز: يجوز عفو المقتول عن دمه العمد، وإن كره ذلك ولده. وكذلك لا قول لغرمائه وإن أحاط الذين بماله.
قالوا عن مالك: وأما عفو المقتول عن دمه خطأ فهو كمال يجوز ذلك في ثلثه إذا أوصي به إن كان له مال يخرج منه، وإلا جاز منه الثلث وحاص به أهل الوصايا. قال ابن المواز وقاله عبد العزيز في موضع آخر. وإن أوصي بثلثه والقتل خطأ، دخلت الوصايا في ديته. وقاله أشهب. وكذلك إن أوصي بثلثه قبل أن يضرب، إلا أن يضرب، فتختلس نفسه ولا يعرف له بعد الضرب حياة فلا تدخل الوصايا في ديته، لأنه لم يعلم بها ولو عاش بعد الضرب. قال في موضع آخر: إلا أن يعفو هو علي الدية فتدخل بها الوصايا.
ومن كتاب ابن المواز أيضاً قال أشهب في المقتول خطأ يوصي بثلثه منها فإنه يدخل في ذلك ثلث ديته. وإن أوصي بديته جاز إن حملها

(14/87)


الثلث (1) من الدية وغيرها. وإن أوصي بشئ من ماله فذلك في ثلث ماله وديته. وإن أوصي بوصايا وعفا عن ديته وليس له إلا ديته، وإن أوصي بوصايا وعفا عن ديته وليس له إلا ديته، وجب الحصاص في ثلث ديته وحصاص العاقلة لجميع الدية، فما أصاب أهل الوصايا أخذوه في ثلاث سنين من العاقلة، وأخذ الورثة ثلثيها كذلك.
ومن العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل عمداً فأوصي أن تقبل الدية وأوصي بوصايا فذلك جائز، ووصاياه في ديته وماله. ولو أوصي بالدية لقوم ولا مال له غيرها فليس لهم إلا ثلثها.
وروي أبو زيد، عن ابن القاسم فيمن قال: ليتني أجد من يقتلني. فقال له رجل فأشهد لي أنك وهبت لي دمك وعفوت عني وأنا أقتلك. فأشهد له فقتله. فهذا اختلف فيه أصحابنا، وأحسن ما رأيت أن بقتل به، لأنه عفا هن شئ قبل أن يجب له، وإنما وجب لأوليائه، بخلاف عفوه عنه بعد أن علم أنه قتله. لو أذن له بقطع يده ففعل لم يكن له عليه شئ.
وقال عبد الملك بن الحسن عمن أخبره عن ابن القاسم وأشهب فيمن خرجت له ريشة في كفه فقيل له: اقطع يدك من المفصل. قال إن كان أمراً مخوفاً يخاف عليه منه الموت [إن قطعه] (3) فلا يفعل (4). وإن كان أمراً لا يخاف منه ذلك فلا بأس به.
ومن المجموعة قال مالك: ومن قال لرجل اقطع يدي أو يد عبدي أو افقأ أعيننا، عوقب المأمور إن فعل ولا غرم عليه في الحر ولا في العبد.
__________
(1) في ع: ثلثه.
(2) البيان والتحصيل، 15: 489.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صحق في الأصل فكتب: فلا يعقل.

(14/88)


قال ابن حبيب قال أصبغ: من أمر رجلاً يقتل عبده ففعل؛ فإنه يغرم قيمته لحرمة القتل، كما يلزمه دية الحر إذا قتله بإذن وليه فعفا عنه. ويلزم الآمر والمأمور ضرب مائة وحبس سنة.
قال أشهب فيمن قال دمي عند فلان فاقتلوا ولا تقبلوا منه دية.
فأراد الورثة أخذ الدية منه فليس لهم ذلك. فإن أقسموا ثم عفا بعضهم لم يجز عفوه، وإن نكل بعضهم فلا قسامة فيه حتي يقسموا جميعاً.
قال علي عن مالك فيمن أنكح عبده حرة علي أن لا تباعة لها فيما شجها به إن شجها، فلا يجوز ذلك، ولها طلب حقها.
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن قتل عمداً فوكل رجلاً فوض إليه أمر دمه وأقامه فيه مقام نفسه، فعفا عن الدم وأبي الأولياء، أو عفوا وأبي الوكيل. فإن ثبت الدم ببينة فالأمر للوكيل في العفو والقصاص (1). وإن استحق بقسامة فللأولياء القود أو العفو.
ولو قال عند موته: لا تعفوا عن قاتلي فأراد الأولياء أو يعفوا، فإن كان الدم ببينة فلا عفو لهم، وإن استحق بقسامة فالعفو لهم.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا عفا المجروح عن جرحه العمد ثم نزي فيه فمات، فلولاته أن يقسموا ويقتلوا، لأنه لم يعف عن النفس. قال أشهب: إلا أن يقول قد عفوت عن الجرح وعما يتنامي (2) إليه فيكون عفواً عن النفس. ولو صالحه من موضحة عل مال ثم نزي فيها فمات، فلولاته أن يقسموا في العمد ويقتلوا، وفي الخطأ يأخذون الدية من العاقلة، ويردون ما أخذ وليهم في الصلح.
__________
(1) في ع: في العفو أو القتل.
(2) في الأصل: ينامي وهو تصحيف.

(14/89)


في المقتول يعفو عن بعض قاتله أو جارحه أو عن نصف جرحه
وشئ من ذكر عفو الولي عن الدم أو بعض الأولياء
وكيف إن كان فيهم صغار؟ والتداعي في العفو
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن ولي قتله جماعة فعفا عن أحدهم بغير شئ أو علي الدية (1) فذلك جائز، ولأوليائه قتل باقيهم.
قال علي عن مالك: وليس به ذلك في الجراح إذا جرحوه جميعاً. وليس له [ولا] (2) لأوليائه العفو عن بعض والقصاص من بعض؛ وذلك أنه لا يدري من جرحه منهم. ولكن عليهم عقل الجرح بالحصص، أراه يريد سرعوا إليه بالضرب ثم افترقوا عنه وقد جرح ولا يدري من جرحه منهم.
قال ابن القاسم في المدونة: وإذا قطع جماعة يد رجل أو جرحوه عمداً فله صلح أحدهم والعفو عمن شاء والقصاص ممن شاء (3) وكذلك في النفس.
ومن كتاب ابن المواز: والمقتول عمداً يقتله جماعة فيعفو عن أحدهم فذلك جائز، ولولاته قتل من بقي ما لم يكن ذلك بقسامة قال
__________
(1) هنا ينتهي بتر مخطوطة الصادقية: ص. المشار إليه أنفاً.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص وع، وهو الأنسب وعبارة الأصل: والعفو عمن يشاء والقود مما شاء.

(14/90)


مالك (1): ولأوليائه قتل من شاءوا أو العفو عمن شاءوا (2). ومن عفا عنه المقتول فلا سبيل إليه. وإن كان ذلك بقسامة أقسم ولاته علي واحد وقتلوه (3) وكذلك للورثة أن يصالحوا أحداُ علي أن يحدوا عنه القسامة. قال أشهب: إذا كان ذلك بعد موت القتيل، وأما قبل موته فلا يجوز من الورثة. قال: وإن أرضي واحد منهم واحداً من أولياء المقتول بالدية أو بأقل منها أو بأكثر؛ مثل أن يعفو عنه ففعل فذلك جائز، وله ما أخذ لا يدخل معه فيه أحد من ورثة المقتول، ولا لهم علي المعفي (4) عنه سبيل في قسامة (5) ولادية ولا شئ. ويقسم جماعتهم علي واحد ممن بقي ويقتلونه (6) إن شاءوا.
ولو عفا المجووح عن جرحه العمد ثم نزي فيه فمات. فالأوليائه أن يقسموا ويقتلوا لأنه لم يعف عن النفس. قال أشهب: إلا أن يقول عفوت عن الجرح وعما تنامي إليه فيكون عفواً عن النفس. فلو صالحه في موضحة علي مال، ثم نزي فيها فمات. فلأوليائه أن يقسموا في العمد، ثم يقتلوا أو يأخذوا في الخطأ الدية من العائلة، ويردون ما أخذ وليهم في الصلح (7).
__________
(1) في ص وع: قال (بدون ذكر مالك).
(2) هكذا في الأصل. وعبارة ص وع أوجز وأشمل: ولولاته قتل من شاؤوا وصلح من شاؤوا ويعفون عمن شاؤوا.
(3) كذا في ص وع. وعبارة الأصل غير دقيقة: وإن كان قتله بقسامة أقسم ولاته علي من شاؤوا أو قتلوه.
(4) في ع: المعفو عنه.
(5) كذا في ص وع. وفي الأًصل: في قتله.
(6) في الأصل: ويقتلوه. وهو تصحيف.
(7) هذه الفقرة الأخيرة مكررة في جميع النسخ مع ما سبق آنفاً.

(14/91)


ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال أشهب: وإذا قتل رجل وله وليان فعفا أحدهما، وعليه دين محيط، فعفوه جائز، ثم أن عفا الآخر لم يجز عفوه إلا فيما فضل عن دينه. ولأنه صار للثاني بعفو الأول ما وجب له (1).
قال علي عن مالك في خمسة إخوة في ولاء، قتل أحدهم وفيهم المحتلم ومن لم يحتلم، فأرادوا القتل أو العفو وخالفهم الوصي: إن الأمر للوصي. وقاله عبد الملك، أن المولي عليه لا يجوز عفوه عن الدم.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ليس للمرأة المولي عليها عفو عن جراحها، كان خطأ أو عمداً.
قال: وإذا ادعي القاتل أن ولي الدم قد عفا عنه فأنكر، فله أن يحلفه ويبرأ بيمينه. فإن نكل رد اليمين علي القاتل، فإن حلف برئ، وإن ادعي ببينة غائبة تلوم له الإمام.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ولا يمين علي ولي الدم، لأن اليمين لا تكون في استحقاق الدم إلا خمسين يميناً، وهذا يريد أن يوجب عليه قسامة مع البينة أو مع قسامة أخري قد كانت. ولو قال القاتل: تحلف لي يميناً واحدة لم يكن ذلك له. أرأيت إن استحلفه فلما قدم ليقتل، قال قد عفا عني استحلفه (2).
ومن المجموعة قال مالك فيمن له ابن يجري الخيل، فسأله رجل أن يجري له فرساً، فأذن له فوقع [من الفرس] (3) فمات، فليس علي الذي حمله إلا الكفارة، ولا دية عليه [لأنه] من الخطأ، وكأنه عفا دية ابنه بالإذن لأن الدية له وحده.
__________
(1) هذه العبارة ص ولعلها الصحيحة، وفي ع: مال وجب له. وفي الأصل: مال ويجب به.
(2) كذا في الأصل. وفي ص: استحلف له. وفي ع: استحلف.
(3) ساقط من الأصل.

(14/92)


قال مالك: ومن وجب له دم عمد فعفا عنه فليس علي القاتل بعد ذلك شئ يؤديه إلا أن يشترط ذلك عليه. فإن عفا أحد الأولياء عن العمد، وهم ثلاثة, وأخذ الباقيان نصيبهما من الدية، ثم طلب العافي (1) الدية وقال: لم أرد ترك الدية قال مالك: إذا استدل علي قوله بأمر يعرف صدقة فذلك له بعد يمينه ما عفا إلا لأخذ الدية.
وبعد هذا باب في عفو اجتماع الأولياء (2) في الدم وفي عفو بعضهم، فيه بقية القول في عفو الأولياء.

في الجاني يطلب منه دية العمد
في نفس أو جرح فيأبي
من المجموعة روي ابن القاسم وأشهب عن مالك في قاتل العمد يطلب منه الأولياء الدية فيأبي إلا أن يقتلوه، قال: فليس لهم إلا القصاص إلا أن يعفو بعض الأولياء فيضمن من لم يعف نصيبه من الدية. قال ابن القاسم: إذ لا يتبعض الدم ويصير كعمد المأمومة. قال مالك: وكذلك جراح العمد إن طلب المجروح الدية فليس له القصاص إذا أبي الجارح. قال ابن المواز: هذا قول مالك في الجراح وقول أصحابه ابن القاسم وأشهب وابن وهب.
قال أشهب: وأما قاتل العمد تطلب منه الدية فليس له أن يأبي ذلك، ويجبر علي الدية إن كان ملياً؛ لأنه في قتل نفسه (3) وإبقاء ماله
__________
(1) كذا في ص وع. وهو الصواب. وصحف في الأصل: الباقي.
(2) صفحت عبارة الأصل: في إجماع الأولياء.
(3) كذا في ص وع وصحف في الأصل: في قتل نفس.

(14/93)


لغيره مضار [وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه جعل] (1) للأولياء إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية، وقاله ابن المسيب.
قال في كتاب ابن المواز وإذا قال المقتول نفسه قد عفوت [عنه] (2) علي الدية إن ذلك جائز ولازم (3) للقاتل. وكذلك لو عفا أولياؤه عن الدم لزم ذلك القاتل فحينئذ يصير مالاً فيكون دية يقضي منها دين الميت. وأما إذا لم يشترط المقتول دية ولا أولياؤه (4) فلا حجة للغرباء لأنه ليس بمال. وقاله ربيعة وغيره من التابعين.
وذكر ابن حبيب روي ابن القاسم (5) عن مالك في عفو الأولياء عن القاتل علي الدية فيأبي [القاتل] أن ذلك له، وقاله أصبغ. وروي مطرف وابن الماجشون أن ذلك له. وقاله أصبغ. وروي مطرف وابن الماجشون أن ذلك يلزمه واجتج بنحو حجة أشهب التي ذكر ابن المواز، قال ابن حبيب: وقاله عبد العزيز. ولم يقل مالك هذا في شئ من الجراح ولا في عضو من الأعضاء.
قال مطرف عن مالك: وإذا عفا عنه ولاة الدم ولم يذكروا دية ثم قالوا إنما عفونا علي الدية، فإن كان ذلك بحضرة ما عفوا فذلك لهم، وإن كان ذلك قد طال فلا شئ لهم، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
وفي المجموعة والعتبية (6) قال سحنون: وإذا عفا مجروح عن نصف جرحه، فإن أمكن القصاص من نصفه (7) اقتص منه. وإن كان إذا
__________
(1) ما بين معقوفتين زيادة في الأصل.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص وع. وصحف عبارة الأصل: كان ذلك جائز ولازم.
(4) كذا في ص وع. وفي الأصل: عفا لولياؤه علي الدية. وهو تصحيف.
(5) في الأصل: روي عن ابن القاسم. وهو إقحام لا معني له.
(6) البيان والتحصيل، 16: 169.
(7) كذا في ص وع وفي الأصل: من بقيته.

(14/94)


ساقط نصفه لم يكن في باقيه قصاص فالجارح (1) مخير إما أن يجيز ذلك ويؤدي نصف عقل الجرح، وإلا قيل للمجروح (2) إما أن تقتص وإما أن تعفو. وقال أشهب: يخير علي أن يعقل له نصفه.
قال ابن المواز في القاتل العمد أو الجارح يعفي عنه في الدية فيأبي إلا القصاص، فله ذلك في الجرح ولم يختلف (3) فيه أصحاب مالك.
قال ابن وهب لم أسمع في الجراح أن المجني عليه مخير إلا في الصحيح [يفقأ عين الأعور أو الأعور يفقأ عين الصحيح] (4) أو العبيد يجرح بعضهم بعضاً، أو الكبير يجرح الصغير، فإن أولياء الصغير بالخيار في القصاص أو أخذ العقل. قال ابن وهب: وكذلك القتل بين الأحرار عندي إذا عفي عن القاتل بالدية فليس له أن يأبي ذلك. قال أشهب: وقاله ابن المسيب بن سعيد وربيعة وعبد العزيز ويحي بن فرقد. وما علمت من قال فيه بقول مالك إلا أبو الزناد (5).
قال ربيعة في القاتل عمداً بعيب (6) وله مال كبير؛ فإن كان القاتل يعلم حياته أخذت الدية من ماله إن شاء ورثة المقتول، إلا أن يموت القاتل قبل أخذ الدية من ماله، فلا شئ لورثة المقتول من عقل ولادية.
__________
(1) هذه عبارة ص وع الوافية. وصحفت عبارة الأصل وبترت: لا يمكن من باقية فالجارح.
(2) في الأصل: وإلا قيل له. وهو تحريف.
(3) أقحمت "وإن" في الأصل فأفسدت معني الجملة: وإن لم يختلف.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) كذا في جميع النسخ. ومقتضي العربية: إلا أبا الزناد.
(6) كذا في الأصل، ولا معني له. وفي النسختين كلمة غير منقوطة لا تقرأ.

(14/95)


في القاتل يتوب فيقيد من نفسه
من العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن كتب إليه الوالي (1) في قتل رجل ثم تاب فعرض نفسه علي الأولياء فقالوا: نخشي إن قتلناك عقوبة الوالي. فعرض عليهم الدية فأبوا. قال: أحب إلي أن يؤدي ديته إليهم وأن يعتق الرقاب، وأن يبكي ويقترب إلي الله بالدعاء والرغبة إليه، ويلحق بهذه الثغور ويحج ويكثر من العمل الصالح ما استطاع. فإن لم تقبل منه الدية فليتعلق ويصنع هذا ويمكن من نفسه ويتصدق، ويكثر الحج والغزو. وإن قدر أن يلحق بالثغور يكون بها أبداً حتي يموت فليفعل، وما الدية عندي بالقوي.

في اجتماع الولاة في الدم
ومن أولي منهم بالعفو والقيام
وفي عفو بعض الأولياء أو نكوله
من كتاب ابن المواز قلت: من الأولياء الذين إذا عفا أحدهم عن الدم العمد لزم من بقي؟ قال أنا بنوه الذكور أو إخوته إن لم يكن بنون، فمن عفا منهم جاز علي من بقي ولا سبيل إلي القتل. ولم يختلف في هذا مالك وأصحابه. وأما من هو أبعد من العصبة [مثل] (2) الأعمام والعصبة من موال أو قرابة، فاختلف فيه قول مالك وقول أصحابه، فروي أشهب عن
__________
(1) كذا في ص وع وهو الصواب. وحرفت عبارة الأصل: فيمن كتب إلي الوالي.
(2) زيادة من ع وحدفها أولي.

(14/96)


مالك: إن لم يكن له ولد ولا إخوة، وله عصبة لا يرثه غيرهم، والدم بقسامة فنكل بعضهم فليقسم من بقي ويجعلوا مكان الناكل رجلاً من العشيرة، وإلا ردت الأيمان علي من بقي، ولا يكون لمن عفي عنه عفو في غير الولد والإخوة. وكذلك في عفو أحدهم بعد القسامة لم يجز. وكان من قام منهم بالدم أولي، كان بقسامة أو بغير قسامة (1).
وكذلك بنو الإخوة في قول أشهب وروايته (لهم) مقام سائر العصبة إذا استووا، فمن قام بالدم فهو أحق. وروي عنه ابن وهب: إن عفا عنه بعض بني عمه بعد القسامة جاز ذلك علي من بقي منهم، إن كانوا في القعدد سواء، ولمن بقي نصيبهم من الدية وإن كره القاتل. وقال عنه ابن القاسم [مثله فيهم وفي الموالي، وكذلك في نكول بعضهم عن القسامة، وبهذا نأخذ وبه قال ابن القاسم] (2) وعبد الملك وأصبغ.
قال مالك: وأما الذي لا يجوز فيه العفو إلا بجماعتهم فأن يكون في العصبة رجال ونساء، والنساء أقرب. فأما إن استووا مثل البنين والبنات أو الإخوة والأخوات فلا كلام للإناث مع الذكور. وأما البنات مع الإخوة فمختلف فيه.
قال أشهب: عفو أحد الإخوة يجوز علي البنات وعلي باقي الإخوة جعلهم كالبنين، ولم يجعل لأحد من العصبة مثل هذا إلا بإجتماع غير البنين والإخوة.
وقال ابن القاسم: لا يجوز عفو الإخوة (3) كلهم مع البنات إلا بالبنات. ولا عفو للبنات إلا بالإخوة. وقول ابن القاسم أحب إلينا. وكذلك
__________
(1) أثبتنا في هذه الفقرة الطويلة من بداية الترجمة نص المخطوطتين ص وع، وتركنا عبارة الأصل لما فيها من تصحيف كثير وبترو إقحام.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص وع وصحف في الأصل فكتب: عفو البنين.

(14/97)


روي هو وابن وهب وغيره عن مالك في القتل يثبت بالبينة وللميت بنات وعصبة من إخوة وغيرهم، قال: وإن لم يثبت بشاهدين وهو موضع قسامة فللعصبة والموالي أن يقسموا ويستحقوا الدم، ولا عفو للنساء معهم؛ لأن الدم بأيمانهم وجب. ولو عفوا بعد وجوب الدم بأيمانهم وأراد النساء القتل فذلك لهن.
وقال عبد الملك في البنات والإخوة والأخوات الشقائق والعصبة، فيقسم الولاة دونهن ويحق الدم فلا عفو لهن [دون العصبة] (1) وعفوهن قبل القسامة أضعف؛ لأن الدم بغيرهن يحق. وكذلك الأخوات الشقائق مع الإخوة للأي.
قال محمد: فأما بنات مع أعمام أو مع غيرهم من العصبة فمجتمع فيه من قول مالك وأصحابه، يريد وقد ثبت القتل ببينة، أنه لا عفو لهن إلا بهم، ولا عفو للعصبة إلا بهن. ومن قام للقتل فهو أحق. قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلي.
وقد اجتمع مالك وأصحابه أن البنين أولي من الأب، ولا قول للأب معهم في عفو ولا قيام. وأن الأب أولي من الإخوة في العفو والقيام، فكيف يستوي البنون والإخوة فيما ذكر أشهب؟.
واختلف ابن القاسم وأشهب فب البنات مع الأب فقال أشهب: الأب أولي بالعفو أو القتل، وقال ابن القاسم لا عفو إلا باجتماع منه ومنهن. قال ابن القاسم: وكذلك هن مع الجد والإخوة وغيرهم إلا مع ذكور البنين. وبقول ابن القاسم أخذ أصبغ. وذكر ابن عبدوس عن ابن القاسم مثله.
قال قال مالك وابن القاسم: وأحق الأولياء بدم العمد ذكور الولد، لا حق معهم لأب ولا جد. وإن لم يكن غير أب وأم فالأب أولي بالدم أو
__________
(1) ساقط من الأصل.

(14/98)


العفو (1). وأما أب وإخوة أو أخوات فلا حق لهم مع الأب في عفو ولا قيام (2). ولا مع السلطان. وقال في الرابع من كتاب الجراح في ابن الملاعنة يقتل ببينة إن لأمه القتل، كانت عربية أو مولاة، ولا يجوز عفوها مع السلطان، لأن عصبة أبنها (3) إن كانت عربية ـ المسلمون، والسلطان مكانهم. وإن كانت مولاة فعصبته مواليها، ولا يجوز أيضاً عفوها وإن كانت [عربية] (4) فالسلطان إن شاء القتل فهو أولي من الأم ومن البنت، وإن عفا فللأم والبنت القتل. ومن قام بالدم أولي.
قال أشهب: وكذلك العفو كله في العمد (5) ومن قام بالقود في كل أحد فهو أولي، إلا الولد الذكور أو الإخوة فإن لم يكن دونهم [ولد] (6) فمن عفا فهو أولي.
__________
(1) كذا في ص وع وعبارة الأصل أولي بالعفو أو القصاص.
(2) في الأصل: ولا قصاص.
(3) كذا في ع، وهو الصواب وفي الأصل وص: أمها.
(4) ساقط من الأصل.
(5) في الأصل: في الدم. وهو تصحيف.
(6) ساقط من الأصل.

(14/99)


قال ابن المواز: الأب بعد الولد [الذكر] (1) أولي من جميع من ترك الميت من إخوة وأم وغيرهم، ولا اختلاف فيه. فأما مع البنات؛ فمختلف فيه (2)؛ فأشهب يراه أولي في العفو والقتل. ولم يجز ابن القاسم عفوه إلا قيام (3).
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز، وكثير منه في رواية عيسي عن ابن القاسم: وأما الأم فلها القيام بالدم مع الإخوة فمن دونهم. والأب أولي منها (4) ولا عفو لها مع البنات ولا مع العصبة، ولا لهم إلا باجتماع منها ومنهم. وقاله مالك. ولا تسقط الأم إلا مع الأب ومع الولد الذكور فقط.
قال ابن حبيب وقال ابن الماجشون: وليس للأم من الولاية في دم العمد شئ في عفو ولا قيام (5). إلا أن يصير ذلك مالاً فترث منه لأنها ليست من ولاته ولا من قومه. وقال مطرف قال مالك: إنها أولي من العصبة.
ومن كتاب ابن المواز: وكذلك لا عفو للأخوات مع الجد، ولا يسقطهن إلا الجد ومن هو أقرب منه. فأما مع من هو أبعد منه ومن الإخوة، فلهن القيام بالدم معه. وأما مع الجد فالجد أولي منهن في العفو والقيام؛ لأنه أخ مع الإخوة، ولا كلام للأخوات مع الذكور من الإخوة. فمن ها هنا كان الجد أولي، ولأن الجد عفوه مع الإخوة جائز لأنه كأخ معهم، فكيف مع الأخوات؟
__________
(1) ساقط من ع.
(2) في الأصل: فمختلف عنه. وهو تصحيف.
(3) هذه عبارة ص وع. وعبارة الأصل: فأما غير البنات فلا عفو لأحد معه ولا قيام.
(4) في الأصل: منهم وهو تصحيف.
(5) في الأصل: شئ من عفو ولا قيام، وهو تصحيف.

(14/100)


وأما مع باقي العصبة الأعمام وبنوهم ومن هو أبعد وكالموالي فلا عفو للأخوات إلا بهم ولا لهم إلا بهن (1) وكذلك البنات والأم مع العصبة لا عفو لهن إلا باجتماع العصبة معهن، إلا أن يحزن الميراث فلا يكون للعصبة فيه حق.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في الجد والإخوة والأخوات نحو ما ذكرناها هنا عن ابن القاسم.
[قال] (2) وأما الجد والبنات فكالأب معهن، لا عفو له إلا بهن ولا لهن إلا به. وأما البنون معه فهم أولي منه.
ومن كتاب ابن المواز قال في موضع آخر من كتابه: وأما الجد والإخوة فمختلف فيه؛ فابن لقاسم يراه كالأخ في العفو يجوز (3) عفوه علي الإخوة، ويجوز عفو بعض الإخوة عليه. وقاله أصبغ. وأما الجد والأخوات فلا قول لهن معه في عفو ولا قيام عند ابن القاسم كالأخ معهن.
وقال أشهب: لا قول للجد مع الإخوة، وهم أولي منه بالعفو والقيام؛ لأنهم أقعد، وهو معهم كأخ لأب؛ هو يقسم معهم ولا نظر له مع الشقيق في عفو ولا قيام. وكذلك الجد مع ابن الأخ فابن الأخ وابن ابن الأخ أولي. وابن القاسم يري الجد أولي من الأخ.
وذكر في المجموعة قول ابن القاسم وقول أشهب هذا في الجد مع الأخ أو مع الأخوات ولم يذكر ابن الأخ.
__________
(1) انقلبت العبارة في الأصل فكتب: فلا عفو للأخوات إلا بهن ولا لهن إلا بهم.
(2) ساقط من الأصل.
(3) عبارة الأصل ناقسة: يراه كأخ يجوز.

(14/101)


ومن كتاب بن المواز: وروي عن ابن القاسم (1) في بعض مجالسه أن الأخ أولي من الجد بالعفو، وأنه مع الأخوات لا يجوز عفوه إلا بهن ولا عفوهن إلا به. قال ابن المواز: وأكثر هذا غلط (2) ممن أخبرني به وهذا قول أشهب.
قال: وبنو الإخوة، يريد في أنفسهم، في قول أشهب وروايته [كالعصبة لا عفو إلا باجتماعهم وإن استووا. وقول ابن القاسم وروايته] (3) أن من عفا منهم فهو أولي إذا استووا. ورواه ابن وهب وقاله أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز [قال] (4) وأما البنات مع الأخوات فقال ابن القاسم قولاً غيره أحب إلي، إن البنات أولي بالعفو والقيام، فإن اختلف البنات نظر السلطان، وكذلك في ابنة واحدة فلا قيام للعصبة؛ لأن الميراث في الدم أحرز دون العصبة، وقد ثبت الدم ببينة فلم يستحق بقسامة. [قال: و] (5) لو استحق بقسامة العصبة لم يجر العفو إلا باجتماع منهم ومن الابنة، وكذا ذكر ابن القاسم في المجموعة.
وقال أيضاً عنه في بنت وأخت: فإن مات مكانه فالبنت أحق بالعفو أو القتل. وإن عاش بعد ذلك وأكل وشرب ثم مات فلا تقسم النساء ويقسم العصبة. فإن أقسموا وعفت البنت فلا عفو لها دونهم، ولا عفو لهم دونها، [ولا عفو] (6) إلا باجتماع منها ومنهم أو منها ومن بعضهم.
__________
(1) في الأصل: وذكر ابن القاسم.
(2) في الأصل وص: وأظن هذا غلط.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضاً من الأصل.
(6) ساقط من الأصل.

(14/102)


وقال في العتبية (1) من رواية عيسي في بنات وعصبة: لو عفت واحدة من العصبة جاز ذلك عن من بقي وبطل القتل.
قال ابن المواز: ويقول أشهب أقول في بنت وأخت إنه إن مات مكانه فمن قام بالدم من البنت أو الأخت فذلك له؛ لأن الأخت ها هنا عصبة، ولو كان مكان الأخت عصبة لم يكن للبنت عفو إلا معهم (2) لأنهم وإن استحق الدم بقسامة العصبة؛ لأنه عاش فهو سواء، فليقسم العصبة ثم تكون الأخت والبنت أولي بالقتل أو العفو. فمن طلب القتل منهما فهو أولي. وكذلك لو لم يترك إلا بنتاً (3) وعصبة، أحدهم أقعدهم؛ فأقسم الأقعد معهم أو أقسم اثنان من الجميع ثم كان أقربهم من الميت مع البنت أحق بالعفو أو القيام (4).
وقال ابن وهب [العفو والقيام للبنت أو للبنت والأخت دون العصبة وقال ابن وهب] (5) عن مالك إن كان له بنات وعصبة أو بغير قسامة. قال ابن المواز: لأن للبنات مع الصعبة حقاً (6) ولو كان مع البنات أخوات فالأمر للبنات وللأخوات دون العصبة. قال عبد المالك: وكذلك أخوات شقائق وإخوة (7) لأب، فلا يكون العفو إلا باجتماع منهم.
وقال أيضاً ابن القاسم في بعض مجالسه: إن البنات والأخوات إذا اجتمعن فلا قول للعصبة معهن في عفو ولا قيام إن كان القتل ببينة، وإن
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 514.
(2) في الأصل: عفو لأنهم. وهو تصحيف.
(3) صفحت عبارة الأصل: وكذلك لو ترك إلا بنت.
(4) هذان السطران مأخوذان من ص وع. ووقع في الأصل فيهما نقص وتحيف.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(6) قليت الجملة وصحفت في الأصل وص: لأن العصبة مع البنات حق.
(7) في ع: وأخوات. ولعله تصحيف.

(14/103)


كان بقسامة فلا حق للنساء فيه من بنات ولا أخوات. وهو للعصبة. وهذا القول ذكر [مثله ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف وذكر] (1) نحوه ابن عبدوس عن مالك.
[وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنهما قالا: إذا كان العصبة مع بنات [فقط، أو مع أخوات فقط، أو مع بنات] (2) وأخوات؛ فإن ثبت الدم ببينة فالبنات وحدهن أو الأخوات وحدهن أو البنات والأخوات جميعاً إذا اجتمعن أحق بالعفو أو القيام بالدم من العصبة، وإن ثبت الدم بقسامة فمن طلب القود من الفريقين فهو أحق ممن تركه، وإن عفا البنات والأخوات وطلب العصبة القود فذلك للعصة، وإن عفا العصبة وطلبت البنات والأخوات القود فهن أحق به] (3).
قال ابن المواز: ولأشهب أيضاً قول في بعض جوابه أن ذلك للبنات مع العصبة، لا عفو إلا باجتماعهم، ثم لا قول للأخوات معهم في عفو ولا قيام، كان الدم ببينة أو بقسامة، ولولا قرب البنات من الميت ما دخلن مع العصبة.
[قال محمد: نزع أشهب أن جعل القيام بالدم لمن كان أولي بوراثة، ولا الموالي، وأقرب بالعصبة] (4) لولا اتباعه في بعض ذلك مالكاً علي الاستحسان. ألا تراه يجعل ابن الأخ أولي بالدم من الجد وإن كانت قسامة، وإنه لوجه القياس. وإن الاستحسان في كثير [من العلم] (5) أملك. وقد ذكرت لك قول أشهب الآخر قبل هذا أن الأخت والبنت أحق من الصعبة، ولا عفو للبنت إلا بالأخت. قاله مالك وقاله أصبغ وقال: إن ذلك لهن دون العصبة، كان بقسامة أو بغير قسامة.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(3) هذه الفقرة الطويلة التي تبتدئ من قوله: (وذكر ابن حبيب) ساقطة من ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(5) ساقط من ص.

(14/104)


ولا أري قول ابن القاسم في إخراجه إياهن فيما كان بقسامة. وأما أخوات وعصبة فإن كان بقسامة فلا حق للأخوات، وإن كان ببينة فالأخوات مع الصعبة، لا عفو إلا باجتماعهم.
ومن المجموعة قال مالك: والبنت يجوز عفوها مع ولاة الدم، ولا يجوز عفو الولاة دونها هذه رواية ابن وهب [عنه] (1) وروي عنه ابن القاسم لا عفو لها إلا بهم ولا لهم إلا بها. وقد تقدم فيما حكي ابن المواز من رواية ابن وهب أيضاً مثل هذا، وما حكي من قول ابن وهب خلافة (2).
ومن المجموعة عن ابن القاسم [قال: ولا تجري الجدة للأب أو للأم مجري الأم في عفو ولا قيام قال مالك: إلا] (3) في أم وعصبة: إن صولحوا العصبة فللأم أن تقتل. قال عنه ابن وهب في أم وأخ وإبن عن إنه لا عفو للأم دونهما.
ومن كتاب ابن المواز عن ابن القاسم في أم وأخوات وعصبة، فلا حق للأخوات معهم في العفو، وذلك للأم والعصبة. فإن افتقت الأم والعصبة علي العفو جاز ذلك علي الأخوات.
قال في المجموعة: وإن عفا العصبة والأخوات فللأم القتل.
وقال في كتاب ابن المواز: وإن اختلف الأم والعصبة بطل العفو. قال: وأما الأم والبنات والعصبة، فإن عفا البنات والعصبة جاز علي الأم، وإن عفت الأم والعصبة لم يجز علي البنات؛ لأن الأم أقرب من الأخوات، والبنات أقرب من لأم.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) هنا وقع تقديم وتأخير في مقدار صفحة أولها: " ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون عن مالك في المقتول عمداً وآخرها: وإن قتل عمداً لم يجب القتل إلا ببينة". قدمت هذه الصفحة هنا في ص وع. وأخرت إلي ما عبد بضع صفحات في الأصل وقد اعتمدنا ترتيب الأصل.
(3) ما بين معقوفتين صاقط من الأصل.

(14/105)


قال ابن المواز: والأم عند أشهب أضعف من سميت.
وقال أيضاً أشهب في ولد الملاعبة: إنه لا عفو لبناته ولا للموالي دون أمه، ولا عفو إلا باجتماعهم. وقال في موضع آخر ما ذكرنا [قيل هذا] (1).
وقال أشهب: لا أمر للأم مع البنات ولا مع العصبة ولا مع غيرهم من الورثة، ولا للأخوات مع البنات. ولا من العصبة إن لم تكن بنات في عفو ولا قيام.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال مالك: وإذا ثبت القتل ببينة وللمقتول بنون وبنات، فعفو البنين جائز علي البنات، ثم لا شئ للبنات من الدية فإن عفا أحد البنين وجب لمن بقي من ذكر أو أنثي حظه من الدية علي الفرائض، وكذلك الزوجة، ويسقط حق العافي وحده. وإن عفا الرجال كلهم علي الدية دخل فيها البنات والزوجات. وكذلك إن وجب القتل بقسامة.
قال ابن المواز في كتاب الإقرار: وإذا كان ولد المقتول [عمداً] (2) ذكوراً وإناثاً، فعفا جميع الذكور علي غير الدية، فذلك جائز ولا حق للبنات في الدية، وكذلك الأخوات مع الأخوة لا حق لهن في دية إلا أن يبقي (3) واحد من الذكور [لم يعف] (4) عن الدم، كن بنات مع بنين أو أخوات مع إخوة، يأخذون ذلك من القاتل في ثلاث سنين ويسقط حظ من عفا وحده عن القاتل. وهذا كله قول ابن القاسم وأشهب.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صحف في الأصل فكتب: إلا أن يعفو.
(4) ساقط من الأصل.

(14/106)


وذكر أشهب عن مالك مرة أنه قال: ‘ن عفا الذكور فإن لأخواتهم خظهن من الدية. ولم يقل ذلك أشهب ولا ابن القاسم. وقالا ما ذكرا عنه (1) أولا. وعلي هذا جماعة من أدركنا، من أصحاب مالك وهو أصله في موطئه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا استوي الأولياء في القعدد رجال ونساء وهذا لا يكون إلا في بنين وبنات أو أخوة وأخوات. فإن اجتمع عفو الرجال علي الدية دخل فيها النساء؛ وكانت علي المواريث، وإن عفوا علي غير دية (2) فلا شئ للنساء، وإن عفا بعض الرجال علي غير شئ فلمن بقي من ذكر أو أنثي حظه من الدية. قال ابن القاسم: مثل أخوين وأخت؛ فيعفو الأخ فلمن بقي ثلاثة أخماس الدية لا نصفها. محمد: لأنها إذا صارت دية صارت موروثة علي الفرائض، وإن عفا الأخوان فلا شئ للأخت ولا للزوج إن كان ثم زوج. وكذلك في البنين.
ولو تركت زوجاً وآخرين فعفا أحدهما فللزوج نصف الدية، وللأخ الاخر ربعها يتبعان به القاتل، فإن كان عفا الأخ أيضاً فلا شئ للزوج، استحق الدم ببينة أو بقسامة. وإنما يسقط حق النساء بعفو من معهن من الرجال في درجة إذا عفوا في فور واحد. وأما لو عفا أحد الأخوين ثم [بلغ] (3) الآخر فعفا، فلا يضر ذلك من معها من أخت أو زوجة، لأنه مال وجب بعفو الأول. ولو كان الثاني عليه دين لم يجز عفوه بعد الأول. وإذا رجع الأول فقال: ما عفوت إلا علي أخذ الدية فاختلف فيه قول مالك، فقال: يحلف ما أراد ترك الدية ويأخذ حقه منها. [ثم رجع فقال لا شئ
__________
(1) في الأصل: عنهما. وهو تصحيف.
(2) في الأصل: علي غير شئ.
(3) ساقط من الأصل.

(14/107)


له، إى أن يري لما قال وجهاً فذلك له. وبه قال ابن القاسم. وقال أيضاً ابن القاسم في بعض مجالسه: ليس عفوه عن الدم عفواً علي الدية، إلا أن يري لذلك وجه، مع العفو، [وإلا فله] (1) عليه الدية] (2).
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإذا كان أولياء الدم إخوة كبيرين مع صغير (3) أقسم الكبيران مع ولي الصغير، ومن نكل منهم بطل الدم ولادية فيه [وإن بقيي] (4) بعد الناكل كبيران فصاعداً.
وأما أشهب فلا يجعل من عفا أولي (5) إلا في البنين مع الإخوة. ويقول أيضاً: إذا نكل أحدهم لم تسقط الدية بنكول أحدهم وإن كانوا بنين أو إخوة (6) ويصير عنده كعفو أحدهم بعد القسامة. وقد قال أيضاً: عفوه بعد القسامة وقبلها سواء. وكذلك نكوله أنه يقسم من بقي ولهم حظهم من الدية. وقال: سمعته من مالك مراراً لا أحصيها.
قال ابن المواز: يسقط الدم والدية بنكول أحدهم وهو قول مالك، في الموطأ، وقاله أصحابه أجمع. قال ابن عبد الحكم: وهو أصح الروايتين عن مالك، وهو أحب إلي، وهو قول أصحابه ابن القاسم وعبد الملك وأصحابه أصبغ وغيره. وإنما تكون الدية لمن بقي عند مالك؛ إذا أقسموا كلهم، فعفا بعضهم بعد القسامة.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف عن مالك: إذ عفا بعض الأولياء في درجة بعد أن ثبت الدم بقسامة أو ببينة بشئ أخذه العافي، أو بغير شئ يسقط الدم ويأخذ من لم يعف حظه من الدية من مال القاتل. وإن عفا
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) في الأصل: وإذا كان أولياء الدم كبيران مع صغير، وهو تصحيف صحح من ص وع.
(4) ساقط من الأصل.
(5) صحف في الأصل فكتب: أولاً.
(6) العبارة مصحفة في الأصل: وإن كانوا بنون أو خوة.

(14/108)


قبل القسامة وهو ممن له العفو، فإن بقي ممن له العفو اثنان (1) فأكثر مثله في الدرجة، فلهم أن يقسموا ويأخذوا حظهم من الدية، فإن لم يبق إلا واحد فلا قسامة له، ولا يقسم فيه النساء.
وقال ابن الماجشون في الأول من القسامة لابن حبيب: وإذا عفا أحد الأولياء بعد ثبوت الدم فقد قاله لي مالك إنه يرجع إلي الدية ويسقط منها حظ العافي. ولا أقوله، وأقول: إنه لا دية فيه لمن لم يعف، عفا العافي بعد ثبوت الدم أو قبله، إلا أن يعفو علي شرط شئ يأخذه قل أو كثر، فإن لمن لم يعف (2) أن يرجع علي حظه في الدية إن ثبت الدم. وإن لم يكن ثبت (3) فلهم الدية إذا أقسم علي الدم من لم يعف. قال ابن حبيب: وبرواية مطرف عن مالك [أقول] (4)، وبها قال أصبغ ورواه ابن وهب وغيره عن عمر بن الخطاب.
قال مطرف وابن الماجشون: وإذا عفا بعض الولاة أو نكل عن القسامة، فإنما يبطل الدم إذا كان العافي أقرب ممن لم يعف أو كانوا في درجة. فأما إن كان من بقي أقرب فلمن بقي القسامة والقتل، ولهم أن يستعينوا في القسامة بمن هو أبعد منه. وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب في الكتاب الثاني من القسامة: ومن قتل [عمدا] (5) وله ابنان وابنة فأقسم الابنان واستحقا الدم ثم عفا أحدهما، فللباقي مع أخته ثلاثة أخماس الدية في مال القاتل، فإن لم يكن له مال اتبع بذلك ديناً. ثم لا يجوز عفو أخته بعد عفوه وإن كان عليه دين محيط] (6) ويجوز
__________
(1) كذا في ص وع وهو الصواب. وعبارة الأصل ميتورة مصحفة: فإن بقي من لم يعف اثنان.
(2) في الأصل: فإن لمن بقي لم يعف.
(3) كذا في ص وع. وفي الأصل: وإن لم يثبت.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط من الأًصل.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص وع.

(14/109)


عفو لعافي وإن كان عليه دين محيط. ثم ذكر ابن الماجشون من العفو عن حظه أو عن حظ الجميع علي أكثر الدية أو أقل نحوما في كتاب ابن المواز، وقد ذكرناه.
ومن المجموعة قال مالك: إذا كان للمقتول موال فعفا بعضهم فإن استووا في القعدد فلا سبيل إلي القتل.
قال ابن القاسم وأشهب والمغيرة: وإذا كان الرجال والنساء في درجة، كبنين وبنات وأخوات، فلا حق للنساء (1) مع الرجال في عفو ولا قيام، فإن اختلفت أرحامهم كبنات مع إخوة أو أخوات وبني العم فالقول قول من قام بالقتل من الرجال والنساء. قال المغيرة: ثبت القتل ببينة أو قسامة.
قال هو وابن القاسم: وإن عفا بعض البنات وبعض العصبة أو بعض الأخوات وبعض العصبة فلا يقتل، ويقضي لمن بقي بالدية. وإن قال بعض البنات نقتل وقال بعضهن نعفو، نظر قول العصبة، فإن قالوا العفو تم العفو، وإن قتلوا فذلك لهم.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: لا يجوز العفو إلا باجتماع من البنات والعصبة (2)؛ فالقائم بالدم أولي. قال ابن المواز: لأن العفو عنده لا يجوز من أحد إذا اختلفوا إلا في الإخوة والبنين فقط. وقول عبد الملك وأصبغ علي رأي ابن المواز (3).
ومن كتاب ابن حبيب (4) قال مطرف وابن الماجشون عن مالك في المقتول عمداً وله عصبة وموال فطلبوا أن يقسموا وطلب النساء أن
__________
(1) كذا في ص وع وعبارة الأصل: فلا سبيل لحق النساء. وهو اقتحام مفسد للسياق.
(2) في الأصل: أو العصبة، وهو تصحيف.
(3) كذا في الأصل: وفي ص وع: وأصبغ ورأي علي علي رأي ابن القاسم.
(4) هنا تندرج الصقحة المقدمة في ص وع. وتستمر إلي العنوان التالي: في الصبي يكون ولي الدم ...

(14/110)


يعفون (1)، فذلك للولاة دونهن (2) إن استحق الدم بقسامة، وإن (3) طلب النساء القتل فذلك لهن. ولو ثبت الدم ببينة كان النساء من بنات وأخوات أولي بالعفو والقيام من العصبة.
ومن المجموعة قال أشهب في أخوات شقائق وإخوة لأب: إنه لا قود للإخوة للأب ولا كلام لهم في عفو ولا قيام وإن أقسموا معهم، وإن لم يقسموا معهم والشقائق اثنتان فصاعداً أقسموا واستحقوا الدم.
قال ابن القاسم: ومن أسلم من أهل الذمة أو رجل لا يعرف وله عصبة فقتل عمداً وله بنات، فلهن أن يقتلن، فإن عفا بعضهن وطلب باقيهن القتل نظر الإمام بالاجتهاد؛ لأن ولاءه للمسلمين. قال ابن المواز عن ابن القاسم: فإن عفون كلهن فذلك لهن. قال أشهب: إذا اختلفن فمن قام بالدم كان أولي كما لو كان مع عصبة. فلو اجتمعن علي العفو فليس ذلك لهن إلا بالسلطان، كما لو كن مع عصبة فليس ذلك لهن إلا بالعصبة. هذا إن كان القتل ببينة، فأما ما كان بقسامة فلا قسامة فيه، ولكن ترد القسامة علي القاتل ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال ابن القاسم: وإن قتل عمداً وله أم وبنات فقط، فإن كان القتل ببينة فالعفو والقيام لأمه وبناته. وإن كان بقسامة يطل دمه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وليس للإخوة للأم في الدم نصيب. قال: ولا عفو لزوج ولا زوجة. والعفو والقيام للعصبة. محمد: إلا أن تؤخذ فيه دية فيدخل فيها جميع الورثة.
__________
(1) هذا مقتضي القواعد: أن يعفون. وفي الأصل: أن يعفو
(2) كذا والصواب دونهن.
(3) سقط إن من الأصل، ولا بد منها.

(14/111)


قال أشهب: وإن جعل المقتول دمه إلي رجلين فليس لأحدهما عفو إلا مع الآخر. وكذلك إن قال فوضت دمي إلي فلان فهو له. قال: فأمره إليه إن شاء قتل وإن شاء عفا علي شئ. وإن عفا علي دية فهي لورثة المقتول.
وإن كان الدم بقسامة فالقسامة للعصبة، والعفو والقتل إلي هذا كما هو. وإن نكل واحد من عصبته فلا سبيل إلي القتل إن كانوا في درجة.
ومن العتبية (1) روي يحي بن يحي عن ابن القاسم فيمن قتل رجلين عمداً وثبت القتل فعفا أحد أولياء القتيلين عنه علي الدية، وقام أولياء الآخر بالقتل فذلك لهم، فإن قتلوا بطل صلح أولياء الآخر.
[ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قتل رجلاً خطأ ولا عصبة له، وله بنت وأخت، فلتقسما وتأخذا الدية. وإن قتل عمداً لم يجب القتل إلا ببينة] (2).

في الصبي يكون ولي الدم أو أحد الأولياء
أو يكون للصبي دم أو جرح هل يصالح عنه في ذلك؟
من المجموعة ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب عن مالك في المقتول عمداً وله ولد صغار، فإن كان له أب أو وصي فله القتل أو العفو علي الدية، لا يجوز علي غير الدية. وإذا كان وصي، فهو أولي من الأب، ولا يرتقب بلوغ الصبي. قال أشهب: فإن لم يكن وصي نظر السلطان وجعل من يلي عليهم يتظر في ذلك لهم، ولا يعفو إلا بمال
__________
(1) البيان والتحصيل، 6: 11.
(2) هنا ينتهي بتر ص وع.

(14/112)


يأخذه وإن كان أقل من الدية علي وجه النظر مالا يتهم فيه بمحاباة لقلته لأنه بيع وأحق البيع بالتجاوز.
قال سحنون في المجموعة نقض أشهب أصله في هذا، لأنه يري إذا طلب منه الدية في [دم] (1) العمد فليس له أن يأبي ذلك. فكيف يحط من الدية وقد كان للصبي أن يأخذه بها لو كان بالغاً.
قال ابن القاسم وأشهب: وللوصي أن يقتص للصبي من جراح العمد، وهو أولي بذلك من أوليائه.
قال مالك: وإن قتل ابن أباه وله ولد صغير فلوصية (2) القتل. قالا: وإن قتل اليتيم فأولياؤه أحق بدمه من وصية، وهو حق لهم. قال أشهب: كما زالت ولايته عن تركته. قال أصبغ: إلا أن يكون أولياء الصبي الذين هو أحق بدمه إخوته وهو ولاية هذا الوصي فهو أولي في العفو والقود.
قال: وإن كان هذا المقتول المولي عليه له ولد صغير، فوضي الأب أولي من عمومة الصبي بالدم.
ولو قتل الأخ أخاه عمداً وللمقتول ابن غلام وأب، واستحقوا دمه بقسامة منهما أو ببينة، فأبي الأب أن يقتل ولده، وأبي الابن إلا أن يقتل عمه. فذلك للابن؛ إن شاء قتل أو عفا.
ومن الكتابين قال ابن القاسم وأشهب: وللوصي أن يصالح في جرح الصغير بشئ يأخذه علي وجه النظر. ولا يعفو علي غير شئ. قال مالك وابن القاسم: وليس للأب أن يعفو عن جرح الصغير علي أقل من الأرش إلا أن يتحمله في ماله. [قال ابن القاسم: ويكون مليا يعرف
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص وع. وهو الأنسب. وفي الأصل: فلولية.

(14/113)


ملاؤه، وإلا لم يجز عفوه. قال ابن القاسم: والوصي كذلك. ولا يعفو أب أو وصي أو من يلي علي الصبي علي أقل من الدية إلا أن يتحمل ذلك في ماله ويكون مليا] (1).
قال ابن القاسم وأشهب: وذلك فيما ثبت من جراح الصبي. وأما ما لم يثبت فللأب والوصي الصلح فيه بوضيعة بخلاف ما قد يثبت. ولو بذل دية الجرح أو أكثر فأبي الوصي إلا القود، فإن كان من النظر أخذ المال أكرهه السلطان علي ذلك. قال أشهب: وكيف إن كان الصبي فقيراً [يريد] (2) فذلك أحري.
ومن الكتابين: وإن صالح له أب أو وصي علي أقل من دية الجرح، قال أشهب فذلك جائز علي النظر في العمد، إذ ليس بمال. وأما في الخطأ فإن كان ذلك مما تحمله العاقلة في سنة أو سنتين أو ثلاث، يريد ليس مما يجتهد فيه، فهذا يجوز أن يتعجل من العاقلة ما يجوز تعجيله للصبي وفيه له نظر وإن لم يكن فيه مبلغ الدية إذا خيف من تضيع ذلك في اتباعهم (3) به، يريد: علي ما يجوز من عروض معجلة له. [قال] (4) وإن كانت العاقلة علي غير ذلك وبقاؤه (5) عليهم كاملاً مؤجلاً أحظي (6) للصبي لم يجز الصلح. وكذلك أن كان مما يلزم (7) الجارح في ماله، ويقدر علي أخذه منه فلا يجوز أيضاً. وإن كان معدماً وخيف إن لم يصالح يوتي عليه (8) فالصلح جائز ويتعجله.
__________
(1) هذه الفقرة ساقطة من الأصل ثابته في ص وع.
(2) ساقط من الأصل.
(3) في الأصل: واتباعهم. وهو تصحيف.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.
(5) في الأصل: وبقاه تصحيف كذلك.
(6) كذا في ص وع. وهو أنسب. وفي الأصل: أهوط.
(7) صحفت عبارة الأصل: إن كان شيئا يلزم.
(8) كذا في الأصل وع. وفي ص ما يشبه: بري ما عليه والكل غامض.

(14/114)


وقال ابن القاسم (1) العمد والخطأ سواء لا يجوز فيه الصلح علي أقل من الأرش، كبيع سلعة بدون القيمة إلا علي وجه النظر، في عدم الجارح فيما يلزمه في ماله.
ومن العتبية (2) روي [عيسي] (3) عن ابن القاسم قال: وإذا لم يكن للمقتول إلا ولد صغار ليس له غيرهم، ولا وصي لهم، فليقم الإمام لهم وصياً، فإن رأي لهم القتل قتل، وإن رأي لهم أخذ الدية أخذ ولا يأخذ أقل منها في ملاء القاتل. ويجوز صلحه في عدمه علي ما يراه (4) منها علي وجه النظر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وللأب أو الوصي أن يصالح في جرح الصبي علي أقل من الدية إن كان عمداً. وابن القاسم لا يجيز ذلك إلا بوجه النظر، وأشهب يجيزه في العمد بكل حال ما لم يكن محاباة للجارح أو القاتل؛ مثل أن يتهم في ذلك لعلة ما يأخذ.
قال أشهب: فإذا جاز صلحه في العمد علي الدية علي النظر جاز علي أقل منها علي النظر، إذ لا دية في العمد، وأخذ المالي [فيه] (5) أحظي له من القصاص إذا كان فيه ما يقيم [أمره] (6) ويسد خلته، وهو كبيع سلعة، فذلك فيها جائز ما لم يظهر محاباة.
واتفق ابن القاسم وأشهب في عبد الصبي يقتله عبد أن أخذ قيمته أولي من القصاص. وإذا قام بجرح الصبي شاهد حلف الجارح. وإن نكل أدي دية الجرح.
__________
(1) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: ابن المواز.
(2) البيان والتحصيل، 16: 78.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صحف في الأصل: علي ما يراد.
(5) ساقط من الأصل.
(6) ساقط أيضاً من الأصل.

(14/115)


قال ابن المواز: أما في العمد فيحبس إذا نكل، فإن حلف أخر حتي يكبر الصبي فيحلف ويقتص، ولا يوقف شئ.
وفي باب اجتماع الولاة في الدم وعفو بعضهم شئ من معني هذا الباب.

في أولياء الدم يكون فيهم صغير أو غائب أو مجنون
وكيف إن لم يكن غير ابن صغير وعصبة
وكيف إن عفا الجائز الأمر من الأولياء
علي مال أو علي غير مال؟
من المجموعة وكتاب ابن المواز، وربما زاد أحدهم الشئ. روي ابن وهب وأشهب عن مالك في المقتول له بنون صغار وعصبة؛ فللعصبة القتل ولا ينتظر بلوغ الصغار. قال عنه ابن وهب: ولهم العفو، ولا يعفون إلا علي الدية وتكون لجميع ورثته. ويدخل فيه زوجته وأخته لأمه وجميع الورثة.
قال عنه أشهب: وينظر للصغار وليهم في القتل (1) أو العفو، يريد علي مال، ولوليه أن يقيم إن أصاب غيره من العصبة يقسم معه. وإن لم يكن في قربه، ثم يكون لهذا الذي هو أولي بالصبي القتل أو العفو علي الدية. فإن لم يجد من يحلف معه حلف هو خمساً وعشرين يميناً، وحبس القاتل حتي يكبر الصبي فيحلف خمسا وعشرين يميناً أخري ويقتل. وإن
__________
(1) في ع: في القود.

(14/116)


كان وليه وصياً (1) أجنبياً لم يحلف في القسامة إلا العصبة. ثم للوصي النظر في القود أو العفو، يريد علي مال.
قال ابن المواز: فإن لم يكن له وصي فالأقرب ثم الأقرب من العصبة.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم عن مالك: إذا كان له ولد صغار وعصبة، فإن ثبت القتل ببينة فالأولياء القتل أو العفو علي الدية كاملة قبل أن يكبر الولد. وإن كان بالقسامة فلهم القسامة ويقتلون أو يعفون علي الدية. فإن نكلوا حبس القاتل حتي يبلغ الصبية، فيقسمون ثم يقتلون أو يأخذون الدية.
قال ابن حبيب: وأحب إلي إذا كان الدم ببينة ألا يعفو العصبة وإن أخذوا الدية. ولكن يحبس القاتل حتي يكبر الصبية، فإن كان بقسامتهم فلهم العفو عن الدية. وأحب إلي أن يكون بإذن السلطان. وإن أرادوا القتل الآن فذلك لهم. وقاله ابن دينار وابن كنانة وابن أبي حازم وغيرهم، ثم رجع الكلام إلي ما في المجموعة وكتاب ابن المواز علي ما تقدم.
قال مالك: والابن أولي بالدم. فإن كان صغيراً فالأب يقتل أو يعفو علي الدية، فإن لم يكن إلا الجد فذلك له، وليس الجد للأم من ذلك بسبيل. وإن كان في بنيه كبار فذلك لهم. وإن لم يكن إلا عصبة فذلك إليهم، ولا ينتظر الصغار. فإن لم يكونوا فالسلطان ينظر لهم أو يولي عليهم بذلك فيكون كالوصي، ثم لا يصالح إن رأي الصلح إلا علي الدية في ملاء القاتل، فإن لم يكن ملياً فله الصلح علي دونها، ولو صالح في ملائه علي دونها لم يجز، وطولب القاتل، ولا يرجع القاتل علي الخليفة بشئ. قال محمد قال أصبغ ولا سبيل إلي القتل. قال ابن القاسم: ولا يجوز صلحه بغير شئ.
__________
(1) في ع: صبياً وهو تصحيف.

(14/117)


قال أشهب: وإن كان له بنون صغار وكبار، فأقسم الكبار [وله وصي] (1) فلا يقتلوا إلا برأي الوصي [وإذا عفا الأوصياء علي الدية جاز ودخل فيها الكبار] (2) وإذا عفوا علي غير شئ لم تجز وكان للكبار القتل.
وإن عفا الأكابر نظر الوصي، فإن رأي أن يأخذ لهم صلحا فعل. قال ابن المواز: إن كانوا معهم في درجة جاز عفو من عفا منهم، يريد وكان لمن بقي حظه من الدية. قال: وإن طلبوا القتل نظر معهم أولياء الصغار، ومن عفا منهم علي الدية دخل فيها الباقون. وأما العصبة عند أشهب، غير الولد والإخوة، فمن قام بالدم منهم فهو أولي من كبير أو ولي صغير. ولا عفو إلا لجميعهم، ولا يعفو أولياء الأصاغر مع الأكابر إلا بنصيبهم من الدية، وإلا فلهم القتل.
ومن المجموعة قال علي [بن زياد] (3) عن مالك: الوصي أولي بالنظر في القتل، أو العفو بالدية من الأولياء. وقاله أشهب.
قال سحنون: ومذهب عبد الملك أن ينتظر (4) الصغير من الولد حتي يكبر. ولا أقول به (5) ولكن إن كان قد قارب البلوغ وراهق فلينتظر بلوغه، وإن كان لا يبلغ مثله إلي سنين فللكبير القتل.
ومن الكتابين واللفظ للمجموعة (6) قال: قال ابن القاسم عن مالك: وإن غاب بعض الأولياء وقام من حضر بالقتل فلا يعجل، ويحبس القاتل حتي يكتب (7) إلي الغائب. فإن اتفقوا علي القتل قتل. ومن عفا لزم
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) زيادة في ص.
(4) في الأصل: أن يتظر.
(5) في الأصل: ولا أقوله.
(6) في ع: واللفظ لابن عبدوس.
(7) في ع: حتي يكتبوا.

(14/118)


عفو، وكان لمن بقي حظه من الدية. وقال أشهب مثله؛ إذا كان أولياؤه من عفا منهم كان أولي فلينتظر الغائب، فإن عفا واحد ممن حضر تم العفو ثم لا ينتظر الغائب، وإن كان من قام منهم بالدم كان أولي فلمن حضر أن يقتل، فإن عفوا لم يتم العفو وحبس القاتل حتي يكاتب الغائب فيعفو أو يقتل.
قال ابن القاسم وليس الصغير كالغائب، لأنه يكاتب، والصغير يطول انتظار بلوغه، فتطل الدماء، إلا أن يكون بعيد الغيبة فيكون لمن حضر القتل. قال سحنون: هذا فيمن بعد جداً كالأسير بأرض الحرب وشبهه. فأما من غاب (1) من إفريقية إلي العراق فليس من ذلك. وكذلك الصبي إذا قارب البلوغ فلينتظر.
ومن العتبية (2) ن سماع يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وسألته عن غيبة بعض الأولياء فقال: إن كان من غاب ممن له العفو أو ممن لو نكل في القسامة ردت [القسامة] (3) علي المدعي عليهم فالينتظر أبداً، وإن اقسم من حضر ممن هو في درجة كانوا اثنين أو أكثر، وإنما يؤمر من حضر ممن هو في درجته أن يقسموا، [إذ] (4) قد ينكلون فترد الأيمان ويبطل الدم. وإن أقسموا كان في ذلك حياطة لئلاً يموت هؤلاء ويقدم الغائب فلا يجد من يقسم معه، ولكن يقسم من حضر ويحبس القاتل وينتظر الغائب فيحلف أو ينكل.
وإن كان من حضر هو الأقعد والذي غاب ممن لو عفا أو نكل لم يبطل الدم؛ حلف الحاضرون وقتلوا. وإن كان الحاضر واحداً وله القعدد ضم إليه من يحلف معه وإن بعد وكان له أن يقتل، كان من يحلف معه مثل الغائب.
__________
(1) في الأصل: فأما من بعد.
(2) البيان والتحصيل، 16: 36.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.

(14/119)


في البعد أو أبعد منه، مثل أن يكون الأقعد ابناً والغائب أخاً (1). وحضر أخ أو ابن عم، فحلف أو نكل الأخ، وحلف ابن العم أو مولي فذلك يوجب القتل ولا ينتظر الأخ الغائب.
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم (2) وينتظر المبرسم والمغمي عليه لأنه مرض، قال أشهب: إلا أن يكون من قام بالدم كان أولي فلا ينتظر، ولمن بقي القتل. وإن كان المغمي عليه والمبرسم أو الغائب أولي وحده انتظر. وكذلك إن كان من عفا كان أولي والصغير يقوم مقامه وليه، وهو لا يتناول عليهم من قرب. وهو استحسان، والقياس أنه واحد.
قال ابن القاسم: ولا ينتظر مجنون مطبق، ويلزم من ينتظر بلوغ الصغير (3) أنه إن بلغ مطبقاً أن ينتظر به (4).
وقال أشهب في المطبق الذي لا إفاقة [له] (5)، فلينتظر الإمام له أن كان من عفا كان أولي، فيولي ذلك (6) رجلاً ينظر له ويصالح عنه إن شاء بمال يأخذه. فإن عفا بغير شئ لم يجز وكان للصحيح القتل، وإن عفا الصحيح فللمجنون حظه من الدية، وإن كان من قام بالدم كان أولي، فللصحيح (7) أن يقتل بأمر السلطان ولا يقيم للمجنون أحداً، لأن من قام بالقتل كان أولي.
__________
(1) هكذا في ص وع. وفي الأصل بعض تحريف: مثل أن يكون الغائب أخ والحاضر ابن.
(2) في الأصل: قال ابن المواز. وهو تصحيف.
(3) في الأصل: بلوغ الصبي.
(4) في الأصل: أن ينتظره.
(5) ساقط من الأصل.
(6) عبارة الأصل: فليول رجلاً.
(7) فالصحيح وهو تصحيف.

(14/120)


ومن كتاب ابن المواز، وأراه لابن القاسم: وإذا كان (1) أولياء الدم صغيراً وكبيراً لم ينتظر بلوغ الصغير ولا يقسم وصيه، ولكن يقسم الكبير مع رجل من العشيرة، ويكون للكبير أن يقتل مع وصي الصغير. وإن كانوا إخوة كبيرين مع صغير، أقسم الكبيران ثم قتلوا مع ولي الصغير.
وفي باب اجتماع الأولياء من معني هذا الباب.
في وليي القتيل يقتل أحدهما القاتل
والآخر صغير أو كبير غائب أو حاضر
من العتبية (2) روي أصبغ عن ابن القاسم في المقتول له وليان، فقام أحدهما فقتل القاتل؛ [قال: لا قتل عليه] (3) ويغرم لصاحبه، [يريد] (4) نصف الدية، لأنه أبطل حقه الذي كان له يعفو عنه ويصالح ويأخذه. وقاله أصبغ.
ومن كتاب محمد: وإذا كان أحد الابنين غائباً أو صغيراً عليه ولي، فعدا أخوه فقتل القاتل بغير حكم ولا رضي من معه وهو ممن لا قسامة فيه، فإنما عليه الأدب فيما افتات علي الإمام، ويغرم لأخيه حظه من الدية لأنه أتلفه عليه. وقاله أصبغ. قال ابن المواز: وكذلك لو قتله هو أو قتله أجنبي خطأ، فعلي عاقلة قاتله الدية لمن كان له دمه.
__________
(1) في الأصل: وأما إن كان.
(2) البيان والتحصيل، 16: 62.
(3) ساقط من الأصل، وفيه: فإن يغرم.
(4) ساقط أيضاً من الأصل.

(14/121)


في الولد يستلحق بحكم أو يعتق بعد وجوب الدم
وفي ولي الدم يموت هل لورثته ما كان له؟
وكيف إن كان للقاتل ورثة؟ وفي القاتل يكون من الأولياء
والابن هل يقتل أباه إن كان ولي الدم؟
من المجموعة (1) قال عبد الملك: وإذا قتل رجل وله ابن عبد فعتق بعد القتل، فلا مدخل له في الدم ولا في الميراث، ولكن يستعين به الأولياء كما يستعان بالعصبة. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف. إلا أن مطرفاً قال لا يستعان به ولم يره (2) كالعصبة.
قال عبد الملك في المجموعة: ولو ألحق بأبيه بعد القتل بحكم لدخل في الولاية والميراث وكان ولياً مع أمثاله. ولو كان ابنان قد أقسما قبل لحوقه لأقسم هو بعد لحوقه بقدر ما لو أن كان لا حقاً (3) يوم أقسما، إلا أن يكون أمثاله خمسين قد أقسموا فيستغني عنه. ولو كان الذين أقسموا بني عم ثم لحق ابن لسقطت قسامتهم وصار حقه وحده، وتؤتنف القسامة. وكما لو لحق به ولدان فلهما القسامة. ولو كانا قائمين لكان لهما ذلك (4)، إلا أن يستعينا بغيرهما.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: وإذا مات وارث [هذا] (5) المقتول الذي له القيام، فورثته مقامه في العفو والقتل. قال أشهب: يقوم
__________
(1) في ع: من كتاب ابن عبدوس.
(2) في الأصل: ولا أراه.
(3) كذا في ع. وفي الأصل: بقدر أن لو كان لاحقاً.
(4) كذا في ع. وفي الأصل: فلهما ذلك.
(5) زيادة من الأصل.

(14/122)


مقام هذا الميت من ورثته من له القيام بدمه لو كان هو مقتولاً، وإن ورث هذا الولي (1) رجال ونساء؛ فلا عفو للنساء إن كن بنات إلا مع العصبة، ولا عفو للعصبة إلا بهن. وكذلك العصبة والأخوات إن كان أحد ورثته المقتول بنت الميت أو رجلا من عصبته، فإن القود قائم حتي يجتمع كل من له في دم المقتول نظر علي العفو (2).
قال ابن القاسم وأشهب: وإن كان للمقتول عمداً بنون وبنات، فماتت بنت له وتركت بنين ذكوراً فلا شئ لهم في العفو عن الدم ولا القيام إذ لم يكن ذلك لأمهم. ولكن يكون لهم ما كان (3) لها إن عفا بعض بني المقتول دخل هؤلاء فيما وجب لأمهم من الدية (4).
قال ابن القاسم: ولو مات رجل من ولاة الدم (5) وورثته رجال ونساء؛ فللنساء من القتل والعفو ما للذكور؛ لأنهم ورثوا الدم عمن له أن يعفو أو يقتل.
وقال أشهب: أمر الدم لبني الميت الوارث دون بناته، فإن عفوا جاز عفوهم، كما إذا عفا أعمالهم.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا ترك المقتول [عمداً] (6) بالبينة أماً وبنتاً وعصبة أو ابن عم، فماتت الأم أو البنت أو أحد من العصبة أو الموالي، فورثته [في] (7) بناته إلا الزوج والزوجية، ومن قام بالدم كان أولي. [وإن] (8)
__________
(1) كذا في ع وهو الصواب.
(2) صحف العفو في الأصل فكتب: الصغير.
(3) في ع: ما صار.
(4) كذا في ع وهو الصواب. وعبارة الأصل: وجب لهم من الدية.
(5) في الأصل: الولاة الدم. وهو تصحيف.
(6) ساقط من الأصل ثابت في ص وع.
(7) زيادة في ص.
(8) ساقط أيضاً من الأصل ثابت في ص وع.

(14/123)


اختلف ورثة هذا الميت ومن بقي من أولياء المقتول فلا عفو إلا باجتماعهم. قال: وورثته الميت، وإن كان من غير عصبة المقتول ومن غير ورثته فهو بمنزلة الميت منهم.
وإذا وجبت قسامة في دية الخطأ ثم مات، [يريد] (1) أحد أوليائه، فلورثته ما كان له يدخلون كلهم مدخله. وكذلك غرماؤه لأنهم أولي بماله من ورثته، فهم يقسمون ويستحقون. ولو أقسم الورثة ولم يعلموا بالغرماء لأجزأهم، لأنه بقي علي الغرماء اليمين باستحقاق الورثة الدية، أن يحلفوا ما قبضوا شيئاً من دينهم، فمن نكل عن ذلك بقي حقه للورثة، أن يحلفوا ما قبضوا شيئاً من دينهم، فمن نكل عن ذلك بقي حقه للورثة، وإنما يحلف الغرماء إذا كان دينهم يحيط بذلك، فيدخلون مدخل غريمهم الميت (2) مع من بقي من ولاة المقتول. ثم إن طرأ غريم بعد ذلك لم يعرف حلف مثل ما كان يحلف لو حضر.
وقال مالك: وإذا قال لمقتول، وقد ضرب، فلان ضربني وقتلني وله أن أولياء، فرضي الأولياء، يريد عفواً، فللأم (3) القيام بالدم، فإن ماتت فلورثتها مثل ذلك إلا أن يثبتوا الصلح مع الأولياء.
ومن الكتابين، ونسبه في المجموعة إلي أن ابن القاسم وأشهب: وإذا مات واحد من أولياء المقتول، قال في المجموعة من ولد المقتول، والقاتل وارثه، بطل القصاص؛ لأنه ملك من دمه حصة، فهو كالعفو، وعليه لمن بقي من أصحابه حظه من الدية؛ شاء أو أبي، وذلك إن كان من الأولياء الذين إذا عفا أحدهم جاز علي الباقين.
قال أشهب: وأما إن كان الميت من الأولياء الذين من قام منهم بالدم
__________
(1) ساقط كذلك من الأصل.
(2) هذه هي العبارة السليمة في ع. وفي الأصل: فيدخل غريمهم الميت.
(3) صحف في ع فكتب: فللإمام.

(14/124)


كان أولي، فلمن بقي أن يقتلوا إلا أن يجتمع أولياء المقتول علي العفو فيجوز.
قال في كتاب ابن المواز: ولو كان الأولياء ممن يجوز عفو أحدهم علي الباقين فمات أحدهم فورثه القاتل مع عصبة، والقاتل امرأة، إما بنت هذا الولي أو أمه قال: فهذا لا عفو فيه حتي يجتمع فيه ملؤهم علي العفو (1). قال: فإن مات أحد بني المقتول عن بنين وبنات ليس القاتل منهم، فلا أمر لبناته في دم جدهن، وذلك لبنيه مع بقية ولد المقتول الذكور. فإن عفا أحدهم لزم ذلك من بقي، يريد ولمن بقي حظه من الدية.
قال: فإن مات أحد بني المقتول وكان وارثه ابن القاتل؛ لأنه كان أعتق ابن المقتول الميت، فإنه يسقط الدم، ولمن بقي من ورثة المقتول سوي الميت حظه من الدية، ولمن بقي من ورثة لولي الميت من النساء حظهن من الدية، ولمن بقي من ورثة لولي الميت من النساء حظهن من الدية، ويسقط حظ ابن القاتل (2) منهم.
قال ابن القاسم في المجموعة: وإذا كان ولي الدم ابن القاتل فكره له مالك أن يقتص من أبيه، وقد كره له أن يحلفه فكيف يقتله. قال أشهب: ليس له قتله، وفي ذلك الدية.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن قتل زوجته وابنها ابنه: فليس له قتل أبيه، وأري له الدية علي عاقلته. وقد قال أكثر العلماء: لا يقتل الأب بابنه. [فليس قتله] (3) وإن عمد قتله، وإنما يطلب دمه من هو أبعد من ابنه (4) فكيف حتي يلي الابن قتل أبيه بنفسه.
__________
(1) هكذا في ع وهو الصواب. وتخلل عبارة الأصل بتر وتصحيف كثير فصارت: "فورثة القاتل مع عصبته ولو للقاتل امرأة هذا الولي أو أمه فهذا لا يعفو فيه حتي يجتمع فيه ملأهم كالعفو".
(2) صحف في ع فكتب: حظ ابن القاسم.
(3) زيادة في الأصل.
(4) في الأصل: أبعد منه.

(14/125)


في الصلح في الدماء وعفو الأولياء أو بعضهم علي مال
وكيف إن صالح في جرح ثم تنامي إلي النفس
وقد تقدم من عفو بعض الأولياء علي مال باب وفي باب آخر الصلح عن الصغير.
من كتاب ابن المواز قال: ويجوز الصلح في دم العمد علي ما اصطلحوا عليه من شئ، معجلاً أو مؤخراً، نفساً او جرحاً فيه قصاص، كائناً ما كان الجاني، من أهل ذهب فصولح علي ذهب أو غيره، نقداً أو إلي أجل، [أو من أهل ورق فصولح علي ذهب أو غيره، نقداً أو إلي أجل أو من أهل إبل فصولح علي أقل منها نقداً أو إلي أجل، أو علي غيرها نقداً أو إلي أجل] (1) فهو كله جاءز لأنه دم وليس بمال، ولو لم يجب صلحه إلا علي ديتين أو ثلاث فذلك له جائز. ولو عفا علي الدية مبهماً بغير نسمية شئ ففي ذلك الدية في مال القاتل لازمة له.
قال ابن المواز: وإنما يتقي (2) مثل هذا في الخطأ لأنه دين ثابت، فيدخله ما يدخل الدين من الصلح منه علي ما يحل ويحرم.
وإذا كان من أهل الإبل فصالحة علي أكثر من مائة بعير علي أسنان الإبل (3) سواء نقداً؛ أو كان من أهل الذهب فصالحه علي أكثر من ألف دينار نقداً، أو كان من أهل الذهب فصالحه علي أكثر من ألف دينار نقداً، فهو جائز في العرض، وأجزته [أيضاً في الإبل] (4) ولم أجزه في البيع، لأنه في البيع [ليس] (5) له أن يعجلها قبل المحل، ولهذا تعجيل ما أعطي.
__________
(1) ما بين معقوفتين ثابت في ص وع. ساقط من الأصل.
(2) صحف في الأصل: وإنما يبقي.
(3) في ع: أسنان الدية.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط أيضاً من الأصل.

(14/126)


قال أشهب: وإن بدا للعاقلة وقالوا غلطنا فذلك لهم، لأنهم لا يحملهم علي هذا إلا الغلط [أو الهبة فيحلفون إن ادعوا الغلط] (1) فيما يشبه أن يغلطوا فيه. قال: ولا يجوز [شئ من] (2) الصلح في شئ من الجراح قبل البرء. وبعد هذا لابن حبيب عن ابن الماجشون نحو ما ذكر ابن المواز إلا في بعضه، وقد تكرر بعضه أيضاً.
ومن العتبية (3) روي عيسي عن ابن القاسم في المجروح أيصالح عن الجرح وعن الموت إن كان؟ قال: لا يجوز الصلح علي وضع الميت (4)، ولكن يصالحون علي شئ معلوم ولا يدفع إليه شئ، فإن برئ فله ما صالح عليه، وإن مات ففيه القسامة والدية إن كان خطأ [بعد أن يقسموا] (5) أو القتل إن كان عمداً.
ومن الواضحة (6) قال أصبغ: كل من جرح فصالح جارحه في الخطأ والعمد أو فيما فيه القصاص من العمد وما لا قصاص فيه مما فيه العقل من الجراح الأربعة وغيرها فالصلح جائز فيه وفيما ترامي إليه إلا النفس، فإن ترامي إلي النفس خير الورثة في التمسك بما أخذوه، أو يردوه ويقسموا فيقتلوا في العمد إن شاءوا ويأخذوا الدية في الخطأ.
وإن صالح عليه وعلي ما جر إليه من نفس أو غيرها بشرط في أصل الصلح (7) فذلك جائز في العمد، إن كان مما فيه القصاص وإن ترامي إلي النفس، فإن كان مما لا قصاص فيه وإنما فيه الحكومة في شينه بقدر برئه
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من الأصل.
(2) زيادة في ع.
(3) البيان ولاتحصيل، 16: 505.
(4) في ع: وضع الموت.
(5) زيادة في ع.
(6) في ع: كتاب ابن حبيب.
(7) في ع: كتاب ابن حبيب.

(14/127)


فهو كالخطأ، ولا يجوز فيه الصلح ولا في جراح الخطإ علي هذا الشرط، وإنما الصواب فيه إذا كان الجرح مما فيه عقل مسمي، أو مما [أيضاً] فيه قدر الشين بعد البرء أن يقع الصلح عليه بعينه، وعلي ما ظهر من حقه فيه، إن كان فيه عقل مسمي فعلي عقله، لا يعدو ذلك بشرط (1) ما ترامي إليه من نفس فدونها. وأما ما ليس فيه إلا الشين بعد البرء فإنما يجوز فيه الصلح بعد برئه (2) علي ما أحب.
قال: فإن وقع ذلك قبل البرء واشترط ما جر إليه في حياته فسخ أيضاً في حياته ويرد إلي حقه فيه بعد برئه، ويفسخ أيضاً بعد موته وللورثه أن يقسموا ويستحقوا الدية في مال الجارح؛ لأنه عمد سقط فيه القود، لشبهة العفو برضاه بالصلح.
وإن وقع ذلك في الخطأ وشرط ما جر إليه فسخ في حياته ويرد إلي حقه في الجرح، وإن مات فسخ ثم ليس للورثه خيار إنما لهم أن يقسموا ويأخذوا الدية. قال: وسمعت هذا من ابن القاسم.
قال ابن حبيب (3) وقال ابن القاسم وأشهب وابن وهب في قوم رموا بقتل فهربوا فأحرق أخو القتيل منازلهم وأفسد أموالهم ثم هلك فصالح ولد القتيل القبيلة بمال علي طرح الدم عنهم وقطع الخصومة بينهم ثم قاموا علي الأخ بما فعل بهم: إن الصلح ماض قاطع لما جر إليه الدم من تلف أموالهم وخراب ديارهم؛ لأن الصلح في هذا لا يكون إلا علي قطع جراء ما يطالبون به جرار الدم. وقال أصبغ: هذا فيما أفسد الابن ومن والاه، فذلك قائم عليه لا يدخل في الصلح حتي يشترط. قال ابن حبيب مثله، إلا
__________
(1) كذا في ص وع. وصحفت عبارة الأصل: فعلي عقله لا بعده إلا بشرط.
(2) صفحت عبارة الأًصل أيضاً: فليس إلا الصلح بعد برئه.
(3) هنا يبدأ بتر في ص وع بقدر صفحة سنشير إلي نهايته بعد. ثم تأتي هذه الصفحة الناقصة في النسختشن قبل عنوان: في ميراث الدية الآتي.

(14/128)


أن يشارك إلا بن عمه في الفساد وكان معه فيه فالصلح قاطع لذلك كله لأنها تباعة واحدة. وإن كان أمر العم والابن متبايناً لم يدخل بعضه في بعض.
قال أشهب وابن وهب في نفر رموا بدم فقال أحدهم للأولياء: خذوا مني كذا وكذا ولا تقسموا علي فرضوا، فإن كان في حياة القتيل فهم بالخيار، إن شاءوا تمادوا علي ذلك فأقسموا علي من بقي، وإلا ردوا ذلك عليه وأقسموا كذلك عليه. وإن صالحوا بعد مات القتيل فالصلح ماض ويقسمون علي غيره، ويضرب المصالح مائة ويحبس سنة. وقاله أصبغ.
قال أصبغ في القاتل يصالح علي الرحلة من بلد القتيل ولا يساكنهم فذلك جائز، ويحكم عليه أن لا يساكنهم أبداً ويرحل عنهم. وقال النبي صلي الله عليه وسلم، لوحشي: غيب وجهك عني (1).
ومن العتبية (2) روي أبو زيد عن القاسم في المجروح يترامي جرحه فمات واستحق وليه الدم، فصالح القاتل علي أن يخرج من البلد فإن وجده فيها قتله، فخرج ثم وجده في البلد؛ قال: أري أن يقتل به.
ومن كتاب ابن حبيب: إن شرطوا أنه إن لم يفعل أو فعل عاد فجاورهم فلهم الدية، وإن كان الدم قد ثبت حين الصلح فذلك جائز في القود والدية، فإن لم يثبت الدم لم يجز إلا أن يقولوا: إن لم يفعل أو فعل ثم عاد فنحن علي حجتنا في الدم، وكذلك الجراحات مثله (3).
قال ابن الماجشون: ويجوز الصلح من دم العمد ومن جراح العمد علي دنانير أو دراهم أو عروض نقداً أو إلي أجل، كان الجاني من أهل الذهب أو من أهل الورق أو من أهل الإبل.
__________
(1) في غزوة أحد من صحيح البخاري، ولفظه: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني.
(2) البيان والتحصيل، 16: 76.
(3) هنا تنتهي الصفحة الناقصة من ص وع.

(14/129)


ابن حبيب قال ابن الماجشون: وأما في الخطأ فلا يجوز أن يصالح العاقلة علي أكثر من الدية عدداً (1) في أسنان دية الخطأ [نقداً. وهذا بين الغلط في أمر الدية، ولا يجوز أن يصالحوا بأسنان هي دون أسنان دية الخطأ] (2). أو دون بعضها وهي من أسنان دية الخطأ نقداً؛ لأنه ضع وتعجل. فإن كان إلي أجل (3) فهو الكالي بالكالي، وإن كان علي ذهب أو ورق أكثر من الدية، يريد أو مثلها أو أقل والدية إبل، فجائز. ولا يجوز إلي أجل، وهو دين في دين.
وإن كان من أهل الذهب فصالحوا علي أكثر من ألف دينار، أو من أهل الورق فصالحوا علي أكثر من اثني عشر ألف درهم، فليردوا إلي قدر الدية؛ لأن هذا من الغلط. وإن كانوا أهل ذهب فلا يصالحوا علي ورق. أو أهل ورق فلا يصالحوا علي ذهب (4) نقداً ولا إلي أجل الدية، وهو صرف مإحر ودين بدين في التأخير.
ولو كانت الجناية عمداً جاز صلح الجاني علي ذهب أو ورق [أو إبل] (5) أو عرض، مثل الدية أو أكثر منها، إلي أجل أو نقداً، لأنه لم يجب لهم شئ غيره صالحوا عليه. وقاله ابن القاسم ومطرف وابن عبد الحكم وأشهب وأصبغ.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز [وهو] (6) وأشهب في أخوين وأخت للقتيل عمداً، يصالح أحد الأخوين عن حصته بأكثر من خمسي الدية، فليرجع أخوه وأخته علي القاتل بثلاثة أخماسها، فيضم إلي ما أخذ
__________
(1) صحف في الأصل: عندنا.
(2) ساقط من ص وع.
(3) في ص وع.
(4) كذا في الأصل وهو أوضح: وفي النسختين الآخرين: ولا أهل الورق علي الذهب.
(5) زيادة في ص وع.
(6) ساقط من الأصل.

(14/130)


هو ثم يقسم الجميع علي الفرائض، وهذا في المدونة عن أشهب. وابن نافع لا يري أن يدخل بعضهم علي بعض فيما صالح به لنفسه، كعبد بينهم أو عرض.
قال أشهب: ولو صالح من حصته علي أقل من حقه، فليس له غيره. وإن صالح به علي جميع الدم فله خمساه ويرد ما بقي، ولأخيه وأخته ثلاثة أخماس الدية أحب القاتل أو كره.
وإن صالح من حظه علي أكثر علي أكثر من الدية فهو بين جميعهم علي الفرائض، يريد ما يأخذ الأخ والأخت من نصيبهما من الدية.
قال أشهب: وإذا عفا جميع البنين عن جميع الدم علي الدية أو أقل منها أو أكثر، فللأم والزوجة والبنات حظهن بالميراث من ذلك.
قال ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا كان للمقتول زوجة وابن عم فعفوه جائز عليها، فإن عفا عن جميع الدم بنصف الدية فللزوجة ربع ذلك، ويرجع علي القاتل بربع نصف الدية.
وإن ترك أخوين فصالح أحدهما من حظه علي خمسمائة، ثم صالح الآخر [من حظه] (1) علي ألف فأكثر، فلا يدخل معه الأول في الزيادة، ويرد الزيادة إلي القاتل إن كان مثله يجهل لك. وإن كان عالماً فللآخر جميع ما صالح عليه.
قال ابن القاسم: ولو كان أحدهما غائباً ووجب الدم بقسامة، فصولح الحاضر علي أن [لا] (2) يقسم، ثم قدم الغائب وقام بالدم فليس له أن يقسم وقد سقط الدم، ولا يرجع علي القاتل بشئ ولا علي أخيه. قال ابن المواز: لأن الدم لم يثبت، فيدخل الغائب فيما صالح به الحاضر.
__________
(1) ساقط من ص وع.
(2) ساقطة من الأصل. ولابد منها.

(14/131)


وإذا ترك المقتول ابنين وبنتاً، والدم بالبينة، فصالح أحدهما عن نفسه علي أكثر من حقه، وصالح الاخر بعده علي أكثر من حقه، فصلح الأول جائز ويشاركه الباقون في الزيادة، وصلح الثاني جائز ولا يدخل الباقون في الزيادة؛ لأنها إما يعلم قول القاتل (1) مع يمينه، إلا أن يعرف بغير ذلك (2)، ويقضي للأخت بخمس الدية، وتشارك الأول خاصة في الزيادة.
وإن كان له ثلاثة من الأولاد فصالح [الأول] (3) علي حظه من الدية، وصالح الثاني علي ديتين، والثالث علي ثلاث ديات، فليس للأول علي الثاني ولا علي الثالث شئ وعلي الأول (4) أن يدخل ثلثي الدية فتكون بينه وبينهما أثلاثاً (5)، يريد ولا يدخل أيضاً الثاني علي الثالث ولا الثالث علي الثاني بشئ.
قال: ولو صالح الأول بعرض ولم يصالح الباقيان بشئ، فله منه بقدر حصته من الدية، يريد ما قابل ذلك من قيمة العرض، وما فضل فهو وأخواه (6) في ذلك سواء. ولو ألفي (7) القاتل عديماً لرجع من بقي منهم في جميع ما أخذ الأول، وكان بين الورثة علي الفرائض، ثم يتبع القاتل بمصابه من بقي، فكلما أخذوا منه شيئاً كان بينهم أثلاثاً.
وذكر ابن المواز مسألة ابن القاسم في العبد يقتل رجلا له وليان، فعفا أحدهما علي أن أخذ جميع العبد أن السيد إن دفع للآخر نصف الدية تم فعله، وإن أبي خير العافي بين أن يكون العبد بينهما أو يرده ويكونا
__________
(1) صفحت في الأصل فكتبت: القائل.
(2) في ص وع: بعدم ذلك.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل فكتبت: ولا علي الأول. بإقحام لا.
(5) في الأًصل: ثلاثاً. وهو تصحيف.
(6) صحف في الأصل فكتب: وأخوه
(7) في الأًصل: بقي وهو تصحيف.

(14/132)


علي أمرهما في القتل أو العفو. وذكر قوله الاخر. ثم قال ابن المواز: وما وجدت لجوابه الأول حجة في فرقه بين الحر وبينه ولا أصلا (1).
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن اتهم بقتل فصالح أولياء القتيل علي مائتي فريضة، مائة (2) إلي انسلاخ صقر يأتيه بها مجتمعة، ومائة منجمة يف ثلاث سنين، فطلب دفع المائة الأولي [رسلاً يتبع بعضها بعضاً فلاي ينسلخ] (3) الأجل حتي يأخذوها. قال: لا بأس أن يأخذوها رسلاً كما ذكر وأراه علي الأولياء (4). قيل إنه لما ذكر السنين الثلاث طلب الأولياء ثلث المائة الثانية في أول السنة، ولم يكن شرط في أولها ولا آخرها. قال: فليعطوا ذلك في وسط السنة.
ومن العتبية (5) من سماع ابن القاسم فيمن صالح علي دم عمد علي أن يعطي كل سنة كذا وكذا من الإبل، وشرط أن يعطيها جملة؛ فقال الذي عليه الإبل يؤديها (6) رسلاً يتلو بعضها بعضاً. وقال الآخر: لا أخذها إلا جملة، قال: له يوديها (7) رسلاً قيل: فإن شرط عليه في سنة ولم يذكر في أي شهر من السنة يأخذها. قال يؤديها في وسط السنة.
روي يحي ابن يحي عن ابن القاسم في المجروح يصالح من جرح العمد، ثم يترامي فيموت، فيقول أولياؤه إنما صالحكم علي الجرح. فلهم أن يقسموا ويقتلوا إذا ثبت الجرح ببينة أو بإقرار (8).
__________
(1) في ص وع: ببينة وبين الجرة إلا أصلاً. وهو تصحيف.
(2) في الأصل: مائتي فريضة ومائة. وهو تصحيف.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل: وأباه علي الأولياء.
(5) البيان والتحصيل، 15: 449.
(6) كذا في ص وع. وعبارة الأًصل: فعلي الذي عليه الإبل أن يعطيها.
(7) له وديها.
(8) توجد بعد هذا في ص وع الصفحة الناقصة المشار إليها آنفاً.

(14/133)


في ميراث الدية
من كتاب ابن المواز قال مالك: دية العمد إذا قبلت موروثة علي كتاب الله تعالي، ويرث فيها النساء وغيرهن، وإن لم يحزن ما بقي فذلك لمن يرثه من العصبة (1). قال مالك: وإن قتله وارثه عمداً فلا يرث ماله ولا من ديته ولا يحجب وارثاً، وإن قتله خطأ لم يرث من الدية ولا يحجب فيها وارثاً، ويرث من المال ويحجب فيه. وقد اختلف في ماله.
وإنما يحجب الحاجب حيث يرث، وأما حيث لا يرث فلا يحجب ويصير كالعبد والكافر. وقاله ابن وهب وابن القاسم وأشهب.
قال أشهب: وكذلك الأب لا يرث من دية ابنه في الخطأ (2)، [وكذلك الابن] (3) ويرث الأب القاتل ابنه خطأ من ماله إن كان صريح الخطأ، فإن كان ليس بصريح الخطإ لم يرث من ماله ولا من ديته. [وإذا اقتل بمثل ما فعل المدلجي لم يرث من ماله ولا من ديته] (4) وقد هم عمر بقتله وأعطي الدية إلي أخي المقتول. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: لا يرث القاتل (5)؛ فهو متهم في العمد، ولا يتهم في الخطأ في المال. قال غيره: لم يختلف أنه لا يرث من الدية، وقد روي منع القاتل من الميراث عن عمر وابن المسيب وعن عطاء وغيره.
قال مالك: الأمر عندنا أن قاتل العمد لا يرث من الدية. [ولا من المال، وقاتل الخطأ لا يرث من الدية] (6)، واختلف في توريثه من المال، وأحب إلي أن يرث من ماله لارتفاع التهمة فيه. وقاله عبد العزيز (7) ,
__________
(1) كذا في الأصل. وعبارة ص وع: وإن لم يجدن فما بقي فلمن يتركه من العصبة.
(2) كذا في ص وع. وهو الصواب. وصحف في الأصل: وكذلك الابن.
(3) ساقط من.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص وع.
(5) في كتاب الفرائض من سنن الترمتذي وابن ماجة والدرامي.
(6) ساقط من ص وع.
(7) هنا في الأًصل خاتمة: تم كتاب الجراح الثالث بحمد الله وعونه.

(14/134)