النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله علي محمد خاتم النبيين
الجزء الرابع
من أحكام الدماء من النوادر
وهو كتاب القسامة
سنة القسامة وأصلها وما يوجبها وتبدئة المدعي فيها
[قال أبو محمد عبد الله بن أبي زيد] (1) ومن المجموعة وكتاب ابن المواز روي أصحاب مالك (2) عنه، قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا وما اجتمعت عليه الأمة في القديم والحديث أن يبدأ المدعون للدم في القسامة، وكذلك فعل النبي- صلي الله عليه وسلم - في الحارثيين (3) فإن حلفوا استحقوا الدم. وفرق بين ذلك وبين سائر الحقوق؛ أنها تقدر في غير الدم أن تستثبت البينات، والدم إنما يرتصد به (4) الخلوات، ورواه ابن وهب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن النبي- صلي الله عليه وسلم- بدأ المدعين في العمد والخطأ خمسين يميناً.
قال أشهب: والقسامة سنة لا رأي فيها، وكانت في الجاهلية فأقرها النبي- صلي الله عليه وسلم- في الإسلام. [قال غيره] (5): وكذلك قال ابن شهاب لعمر بن عبد العزيز. قال عبد الملك: لم يعرض النبي-صلي الله
__________
(1) ساقط من ص وع. ثابت في الأصل.
(2) كذا في ع. وبترت العبارة في الأصل وص: وكتاب ابن المواز وأصحاب مالك.
(3) في كتاب القسامة من الموطأ وسنن ابن ماجة وغيرهما.
(4) في ع: يرصد به. وقبله بياض بقدر كلمتين.
(5) ساقط من ص وع.

(14/135)


عليه وسلم-علي الحارثين ما يمنعهم منه لو أجابوا، فلما نكلوا عرض الأيمان علي خصمائهم. ولم يعمل بذلك الأئمة قديماً علي بعدها في النفس وخروجها عن سائر الأحكام إلا وذلك عندهم واجب بأمر لا معدل عنه، مع قول أئمتنا إنها السنة، يؤثرونه عمن يأثره [عن من] (1) قبلهم.
قال مالك: وما ذكر الله سبحانه من شأن البقرة التي ضرب القتيل بلحمها فحي فأخبر بمن قتله (2) دليل أنه يقسم مع قول الميت.
فإن قيل إن ذلك آية. قيل: إنما الآية حياته. فإذا صار حياً لم يكن كلامه آية (3) وقد قبل قوله فيه.
وسن النبي صلي الله عليه وسلم الأيمان في القسامة. قال ابن المواز: قإن قيل: قد يدعي ذلك علي عدوه [قيل] (4) فالعداوة تزيد في الظنة واللطخ. ومما يقويه قليه (5) مع الأيمان.
قال غيره: وفرق الله سبحانه بين حكم الدماء وغيرها تعظيماً للدماء، فجعل الدية علي من لم يجن. وغيرنا يحكم بالدية مع القسامة بالقتل، يوجد في المحلة، فأخرجوا ذلك عن سائر الحقوق، فهي مع قول الميت أو مع الشاهد العدل اولي.
قال بعض أصحابنا: ولم يدع النبي صلي الله عليه وسلم الحارثيين إلي الأيمان حتي ادعوا علي اليهود القتل، وكان بينهم يومئذ وبين اليهود عداوة ظاهرة وأمر قوي به دعواهم.
__________
(1) ساقط من الأًصل.
(2) في الأصل: فأخبر من قتله وهو تصحيف
(3) عبارة الأصل ناقصة: لم يكن منه آية
(4) ساقط من ص وع.
(5) صحف في الأًصل: قوله.

(14/136)


قال مالك: والمجتمع عليه عندنا وما أدركت الناس عليه أن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين: إما بقول الميت دمي عند فلان، أو بلوث من بينة علي القتل وإن لم تكن قاطعة.
واختلف قوله في اللوث فقال هو الشاهد العدل، وهو أكثر قوله وأصحابه. وقال: الشاهد وإن لم يكن عدلاً، ويوجبها إن ثبت الضرب ببينة ثم يعيش بعد ذلك ثم يموت، وعلي الضرب شاهدان. واختلف في شاهد علي قول الميت.
قال ابن المواز قال ابن عبد الحكم: ويوجبها ما يدل علي القتل (1) بأمر بين، مثل أن يري متلطخاً (2) بدم جاء من مكان فيه القتيل ليس معه غيره وشبه هذا.
وفي الجزء الثاني وهو كتاب القصاص باب فيه ذكر القتيل يوجد في المحلة.
ذكر ما يوجب القسامة من قول الميت
أو الشهادة علي القتل أو علي الضرب
وذكر اللوث من البينة علي القتل
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أصحاب مالك عنه: ولا تجب القسامة إلا بأحد أمرين: إلا بقول الميت دمي عند فلان، أو بلوث بينة علي القتل وإن لم تكن قاطعة. قالوا عنه: واللوث الشاهد العدل. قال
__________
(1) كذا في الأًصل وص وفي ع: العمد
(2) كذا في ص وع. وصحف في الأًصل: ملتطخاً.

(14/137)


عنه ابن القاسم في المجموعة: الذي يري أنه حضر الأمر. قال عنه ابن ناقع: ولا يحلف مع شاهده المسخوط ولا النساء (1) ولا العبيد ولا الصبيان.
قال ابن الموز: وأحب إلي أن يكون اللوث الشاهد العدل. وأخذ به ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم.
قال أشهب قال مالك-فيما بلغني-: اللوث شاهد عدل أو امرأتان عدلتان (2) ثم روي أشهب عنه فيه وفي العتبية (3) أنه الشاهد وإن لم يكن عدلاً، وكذلك المرأة. وقال مرة في غير العدل أرجو وقال وليس شهادة العبد بلوث.
قال ابن المواز (4): وذهب أشهب أنه يقسم مع غير العدل ومع المرأة. وأما شهادة العبد والصبي والذمي فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه أنه ليس بلوث.
قال أشهب: ودعوي الميت أقوي في التهمة من شهادة المسخوط. قال ابن عبد الحكم: ولا شهادة للنساء في قتل عمد ولا يكون (5) لطخاً.
قال ابن المواز: يريد في امرأة واحدة، وأما امرأتان فيقسم مع شهادتهما إن كانتا عدلتين ويقتل بذلك، قاله ابن القاسم.
وقال ابن عبد الحكم: ويوجب القسامة يدل (6) علي قتل القاتل بأمر بين (7) مثل ان يراه يجره ميتاً، أو يري خارجاً متلطخاً (8) بالدم من
__________
(1) كذا في ص وع وفي الأصل: ولا يحلف مع شهادة النساء والمسخوط.
(2) في الأصل: أو امرأتين عدلين وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل، 15: 463 و 466.
(4) كذا في الأصل. وفي ص وع: قال ابن القاسم.
(5) في الأصل: ولا يكونوا وهو تصحيف.
(6) كذا في ص وع وهو أنسب وفي الأصل: وتوجب القسامة بما يدل.
(7) صحف من الأًصل: بأمرين.
(8) تكرر في الأًصل تصحيف ملتلطخا

(14/138)


منزل يوجد فيه القتيل وليس معه غيره، فمثل هذا يوجب القسامة. ومثل أن يعدو عليه في سوق عامر فيقتله فيشهد بذلك من حضر، يريد وإن لم يعرفوا إن تظاهر ذلك كاللوث تكون معه القسامة. وقاله من أرضي.
قال ابن حبيبي: وروي (1) ابن وهب عن ربيعة ويحي بن سعيد أن شهادة الموأة لطخ يوجب القسامة. قالا: وكذلك شهادة النساء والعبيد والصبيان واليهود والنصاري والمجوس إذا حضروا قتلاً فجأة، أو الضرب أو الجرح فذلك يوجب القسامة.
وروي ابن وهب عن مالك أن شهادة النساء لوث، ومثل أن يري المتهم بحذاء المقتول وقربه ولم يروه حين أصابه. [ومن رواية ابن المواز عن ابن عبد الحكم يجره ميتاً] (2).
ومن المجموعة قال ربيعة: يقسم بشهادة الصبي والذمي. وقال: وهذا لا يقوله مالك ولا أحد من أصحابه. قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: ومن اللوث الذي تكون به القسامة اللفيف من السواد والنساء والصبيان يحضرون ذلك، ومثل الرجلين أو النفر غير عدول. وعلي اللوث الشاهد العدل. ومن روي عنه أن اللوث الشاهد العدل فقد وهم (3)، وإنما يسأل هل الشاهد العدل لوث؟ فيقول نعم. واللوث ما أخبرتك، وقد حكم به عندنا. واللوث: الأمر المنتشر. وقال ابن الماجشون وأصبغ مثل قول مطرف. وقال مطرف: ومن ادعي علي رجل أنه شجه أو ضربه ضرباً زعم أنه خاف منه علي نفسه وقد عرفت العداوة بينهما. قال: لا أري (4) أن يحبس بقوله إلا أن يأتي بلطخ بين وشبهة قوية، أو يكون المدعي بحال
__________
(1) كذا في ص وع. وفي الأصل: ورواية.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) بياض في ع مكان "فقدوهم"
(4) في ص وع: فلا أري.

(14/139)


يخاف منه الموت، وقد يحرص الرجل علي معرة عدوة بالسجن بأن يجرح نفسه. وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال ابن المواز: وإن شهد عدل أنه قتله غيلة لم يقسم مع شهادته، ولا نقبل هاهنا إلا شاهدين. ورأيت ليحي بن عمر أنه يقسم معه. قال ابن المواز: وإنما يقسم مع شهادة الواحد علي معاينة القتل بعد أن يثبت معاينة جسد القتيل، فيشهد علي موته ويجهل قاتله، كما عرف موت عبد الله بن سهل (1). وكذلك لو شهد رجل وامرأتان علي قتله ولم يعرف موته فلا قسامة فيه إلا أنه يحبس المشهود عليه ولا يعجل بتخليته، فعسي أن يأتي بشاهد آخر ويثبت موت الميت. قال أبو محمد: يريد برجلين.
قال ابن الماجشون، في موضع آخر: لأن القتل (2) يفوت، والحبس لا يفوت. قال ابن حبيب عن مطرف وابن لماجشون مثله؛ أنا إذا شهد واحد عدل أن فلاناً قتل فلاناً قتل معترك ونحن نسير معه، فمات قصعاً فدفناه، فلا قسامة في هذا لأن موته لم يثبت إلا بشاهد، وإنما القسامة مع الشاهد فيمن ثبت موته. [ولو أقسموا ولم يثت موته] (3) إلا بشاهد فكيف يحكم في زوجته وأم ولده ومدبره أيحلفون؟ أم لا ينفذ لهم بحكم الموت؟
وقال أصبغ: ينبغي أن لا يعجل السلطان فيه بالقسامة حتي يكشف ويبحث، فلعل شيئاً أثبت من هذا، فإذا بلغ أقصي الاستيناء قضي بالقسامة مع الشاهد وبموته بذلك، وتعتد زوجته وأم ولده [وتنكح] (4). وقد قيل يقتل قاتله بالقسامة ولا يحكم بالتمويت في زوجته ورقيقه، وهذا ضعيف، وقال ابن حبيب بقول أصبغ.
__________
(1) هو الذي قتل في ضواحي خيبر وأنكرت اليهود قتله فقضي فيه النبي صلي الله عليه وسلم بالقسامة ثم وداه عليه السلام من عنده كما مر.
(2) في ص وع: القتيل.
(3) ساقط من الأًصل.
(4) ساقط من الأصل أيضاً.

(14/140)


ومن المجموعة قال عبد الملك: وتجب القسامة بقول الميت بشهود عليه، مات مكانه أو ارتث منه، وبشهادين علي الضرب، إذا ارتث من مكانه، [ويشاهد علي الضرب يوجد في مكانه ميتاً أو ارتث منه] (1) ويشاهد علي قول الميت بقوله: ضربني فلان. يحلفون له بشاهد، كما يجئ الضرب بشاهد.
قال ابن المواز في العتبية: لا يقسم مع شاهد علي قول الميت؛ لأن الميت كشاهد، ولا يثبت قوله إلا بشاهدين، فيقسم حينئذ.
قال فيه وفي كتاب ابن المواز قال أشهب: إن قال فلان قتلني أو قال جرحني أو ضربني أو شهد (2) بذلك علي الفعل شاهد ففيه القسامة. وقال ابن القاسم: إن صح قول الميت في ذلك بشاهدين ففيه القسامة. فأما شاهد علي الجرح فليس فيه قسامة. ويحلف أولياؤه يميناً واحداً ثم لهم دية الجرح.
وقال أشهب: إنما لا يقسم إذا لم يكن موت، فأما إن مات فقد صارت نفساً [فيقسم] (3) مع قول الميت دمي عند فلان أو قال: هو بي (4) وكذلك إن قال فلان قتلني أو قال: جرحني أو أصابني أو ضربني أو شهد علي ذلك الفعل شاهد واحد، ففي ذلك كله القسامة.
قال ابن المواز: وأما إن لم يشهد علي قول الميت إن فلاناً قتله. إلا شاهد فقد اختلف فيه قول مالك. وقال عبد الملك يقسم مع شهادته (5)، وقال غيره: لا يجوز علي [قول] الميت إلا بشاهدين، وبه أخذ ابن عبد الحكم أنه لا يقسم إلا بشاهدين علي قول الميت، أو مع شاهد علي الجرح وقد مات. وبه قال ابن المواز.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب: وشهد
(3) ساقط من الأًصل.
(4) كذا في ص وع وصحف في الأصل: أو قال موتي.
(5) كذا في الأصل وص .. وفي ع: مع شاهده.

(14/141)


وقال: إنما تكون القسامة حيث يكون اليمين مع الشاهد، وأنزل بعض العلماء الميت كشاهد، ولذلك لا يكون شاهداً علي قوله.
وروي يحي بن يحي عن ابن القاسم في العتبية أنه لا يقسم مع شاهد علي الجرح. قال سحنون اختلف الرواة في ذلك، فقيل: يقسم معه وقيل لا يقسم قال أصبغ: ولا يلزمه بهذه الشهادة حبس (1).
قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ولو ثبت بشاهدين أنه شق جوفه أو أنفذ مقاتله وتكلم بع ذلك وأكل وشرب فلا قسامة في هذا.
قال ابن المواز وابن عبدوس قال ابن القاسم وأشهب: إذا قال المقتول دمي عند فلان وله مع شاهد علي القتل لم يكن بد من القسامة علي سنتها. قال أشهب: ولو لم يقل فلان قتلني ولكن قال جرحني. فليقسم ولاته أنه جرحه ولمن جرحه مات وكذلك يقسمون لو قام [شاهد أنه جرحه ولم يقل قتله. قال ابن القاسم: وإذا رمي بدمه أورع] (2) أهل البلد أقسم مع قوله. قال أشهب: وهو لم قام عليه شاهد بدرهم فجحده لأخذ منه مع يمين الطالب، وذلك ليساوي في الحكم بين الناس، كما قضي عثمان (3) لامرأة عبد الرحمن بالميراث وهو ممن لا يتهم في طلاقها في المرض. لكن ليستوي الحكم ويساوي فيه بين المتهم وغيره.
__________
(1) صفحت عبارة الأصل: ولا يلزمه هذه الشهادة حق.
(2) ساقط من ع، ثابت في الأصل وص.
(3) كذا في الأصل وع. وفي ص: عمر.

(14/142)


في المسخوط أو المرأة أو الصبي أو العبد أو النصراني
يقول دمي عند فلان أو يدعي علي أحدهم قتل أو جرح
من المجموعة قال ابن القاسم قال مالك: إذا قال الميت دمي عند فلان، وهو مسخوط أو غير مسخوط، أقسم مع قوله ولا يتهم، لأوليائه أن يقسموا في العمد والخطأ وإن كانوا مسخوطين. قال ابن المواز: ومن لم يقبل قول المقتول حتي يكون عدلاً فقد أخطأ. ويلزمه أن لا يقسم مع قول المرأة. وإنما جعله العلماء لطخاً لا شهادة.
قال ابن القاسم في الكتابين: وكذلك المرأة تقول دمي عند فلان. فليقسم مع قولها. وقد يحلف المسخوط مع شاهده في الحقوق. والمرأة يقسم مع دعواها ولا يقسم مع شهادتها. وكذلك لأشهب في المجموعة.
قال ابن القاسم في الكتابين: وإذا قال الصبي المقتول فلان الصبي قتلني وقام علي قوله بينة، وأقر القاتل فلا يقسم علي قوله، ولا يقبل إقرار الحي؛ لأن الصبي لا يحلف مع شاهده، فلا يقبل فيه إلا عدلان علي معاينة القتل. قال أشهب: وقول كل واحد علي نفسه أوجب من دعواه علي غيره. فإذا لم يقبل إقرار الصبي علي نفسه أو جرح فدعواه في ذلك علي غيره أبعد.
وروي ابن القاسم وأشهب عن مالك: لا يقسم مع قول الصبي. قال ابن حبيب قال مطرف ورواه عن مالك: أن لا يقسم مع قول الصبي. [إلا أن يكون قد راهق وأبصر وعرف فيقسم علي قوله. وقاله ابن الماجشون وأصبغ قال ابن المواز قال بعض العلماء: يقسم مع قول الصبي (1) وأباه مالك وأصحابه وقولهم أصوب.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع، ثابت في الأصل وص.

(14/143)


قال ابن سحنون: قد اختلف فيه، فقيل يقسم مع قوله، ويلزم قائل ذلك أن يقوله في النصراني. قال ابن المواز: وذهب عبد العزيز بن أبي سلمة إلي أن لأهل الذمة القسامة، وأباه مالك وإن تحاكموا إلينا.
قال ابن القاسم عن مالك: إذا قال نصراني دمي عند فلان. لم يقسم مع قوله، ولا يقسم النصاري (1).
قال ابن المواز: لا يقبل قول ذمي علي ذمي ولا علي غيره ولا عبد علي عبد ولا علي غيره. ولا صبي علي صبي ولا علي كبير. كما ليس لواحد منهم قسامة.
قال أشهب في المجموعة: سنة القسامة كانت في حر مسلم، ولا يقسم في دم عبد وإن كان مسلماً، ولا في دم [غير] (2) مسلم وإن كان حراً.
قال ابن المواز: وإن قال العبد دمي عند فلان الحر فلا يحلف سيده ليستحق دمه، واستحسن أن يحلف المدعي عليه إن كان حراً قال أشهب: يحلف خمسين يميناً ويبرأ ويضرب مائة ويحبس سنة. وإن نكل حلف سيد العبد يميناً واحدة واستحق قيمة عبده مع ضرب مائة وسجن عام. وحجته أنه ممن يوجب القسامة بين الأحرار. ولو أن حراً ادعاه علي العبد، كانت فيه القسامة. وإنما تركت في هذا لأنه عبد ولا قسامة في عبد. ورواه أشهب عن مالك. وقال ابن القاسم: يحلف المدعي عليه يميناً واحدة ولا قيمة عليه ولا ضرب ولا سجن. فإن نكل غرم القيمة وضرب مائة وسجن سنة.
وقال ابن الماجشون: لا يحلف فيه (3) الحر خمسين يميناً في عمد ولا خطإ ولكن يميناً واحدة وإن عرفت بينه وبينه عداوة بعد أن يسجن ويكشف
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل وص: النصراني
(2) سقطت كلمة غير: في الأصل فقلبت المعني
(3) في ع: معه.

(14/144)


عن أمره. فإن أبي أن يحلف ضرب أدباً، وليس يضرب مائة ويحبس سنة إلا من ملكت إشاطة دمه بقسامة أو غيرها. وقد قال بعض الناس: إذا قام بقتل العبد شاهد وجب فيه ضرب مائة وسجن سنة، لأن ذلك يوجب بين الأحرار قسامة.
قال ابن المواز: وروي أشهب عن ابن كنانة عن مالك في عبد ضرب فأقام أياماً فادعي علي حر انه ضربه مع آخرين، وشهد شاهد أنه رآه مع العبد في بلد والعبد مجروح؛ فقال مالك: يحلف الحر خمسين يميناً ما قتله ولا شرك في دمه، ثم يجلد ويسخن عاماً.
قال ابن المواز: ولو قام شاهد علي الحر أنه قتل العبد حلف سيده يميناً واحدة وأخذ قيمته من المدعي عليه، لم يختلف في هذا ابن القاسم وأشهب. ويحبس سنة ويضرب مائة، ولا يقال للعبد إن لم يمت احلف [واقتص من الجرح، ولا للسيد احلف] (1) واستقد، إن مات العبد وقاتله عبد.
قال أصبغ: وإن كان إنما نزي في جرحه فمات فإنه يحلف السيد يمينين، يميناً مع الشاهد علي الجرح، ويميناً لمات منه. قاله ابن القاسم [قال ابن القاسم] (2) فإن نكل السيد لم يحلف سيد الجارح، إلا أن يحلف بالله ما علم عبداً كان عليه جلد مائة وحبس سنة.
قال ابن القاسم في المجموعة وهو لمالك في كتاب ابن المواز: وإذا جرح النصراني أو العبد المسلم ثم أسلم هذا وعتق هذا وقال كل واحد منهما دمي عند فلان، فإن كان للنصراني أولياء مسلمون أو للعبد أولياء أحرار أقسموا مع قوله واستحقوا الدية في مال الجاني.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من الأصل وص.

(14/145)


ومن أقام شاهداً أن عبده قتل عمداً أو خطأ حلف يميناً واحدة (1) وأخذ قيمته. فإن كان القاتل عبداً فإما فداه سيده أو ودي القيمة، فإن أسلمه لم يقتل إذ لا يقتل بشهادة واحد. ولا قسامة في العبيد في عمد ولا خطإ.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: ولا يقبل ها هنا غير العدل، وإن كنت أقبله في الأحرار مع القسامة.
قال ابن المواز: ولو قام شاهد بأن مسلماً قتل نصرانياً عمداً فاختلف قول مالك فيه، فالذي قال به أشهب وابن عبد الحكم أن يحلف المشهود عليه خمسين يميناً. قال أشهب: ويضرب مائة ويحبس سنة. [حلف أو نكل. والذي قال به ابن القاسم وعبد الملك أن يحلف ورثة الدم يميناً واحدة علي كل واحد منهم ويأخذ ديته ويضرب مائة ويحبس سنة] (2) قال ابن المواز: وهذا أحب إلي إن كان القتل بشاهد عدل. فأما بقول النصراني أو العبد إن فلاناً قتلني، فأحب إلي أن يحلف المدعي عليه خمسين يميناً ويبرأ. ولا يجلد ولا يحبس بقول النصراني.
ولو جرح النصراني بشاهد فنزي فيه فمات؛ فقال ابن عبد الحكم: يحلف ولاته يميناً واحدة ويستحقون الدية لأنه لا قسامة لهم، ولا يستقيم أن يحلف أنه مات من لجرح؛ فلم أجد بداً من أن احلفهم، أحب إلي من أن أعطيهم بلا يمين ولا قسامة في النصراني.
قال ابن حبيب: كان ابن القاسم قد قال في النصراني يقول دمي عند فلان إن ولاته يحلفون خمسين يميناً ويستحقون الدية وذكره عن مالك، وأنكر ذلك مطرف وابن الماجشون ولم يعرفاه لمالك ولا لأحد من علمائهم. قال: وإنما قال [لي مالك] (3) إن قام شاهد واحد علي قتله حلف ولاته يميناً
__________
(1) هنا إقحام نحو صفحتين في ع لا يتصل أولهما بما قبله ولا آخرهما بما بعده لذلك تركناهما.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) ساقط من الأًصل.

(14/146)


واحدة وأخذوا الدية من مال القاتل في العمد، وعلي [عاقلة] (1) القاتل في الخطأ [الدية] (2) وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ. وقال ابن نافع: لا تحمل العاقلة دية النصراني لأنها تستحق بشاهد ويمين، ولا تحمل العاقلة وما يستحق بيمين واحدة. وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: إن العاقلة تحمل ذلك لأنها دية، ولكن لا تستحق إلا بخمسين يميناً. وإنما قيل: لا يقسم النصاري، معناه علي قول صاحبهم، فأما مع شاهد فليقسموا. وقاله أشهب وبه أقول.
ومن الكتابين قال ابن القاسم: وإذا رمي المقتول بدمه أورع أهل البلد أقسم مع قوله. وإن رمي حر عبداُ أو ذمياً أقسم ولاته وقتلوا في العمد، فإن استحقوا العبد خير سيده بتسليمه أو يفديه بالدية. قال ابن المواز: ولا يقسم ها هنا إلا العصبة، ويسقط الدم بنكول أحدهم، ولا تقسم فيه النساء. وإن أقسم عصبته في العمد ثم عفوا علي الدية كانت الدية لورثة المقتول دونهم بلا قسامة ولا يمين عليهم، كان ذلك في ذمي أو عبد أو حر أو مسلم في العمد، كان بدعوي الميت أو بشاهد علي القتل. فإن ادعي ذلك الحر قبل الذمي أو العبد خطأ، أقسم ورثته وخير سيد العبد في غرم الدية أو إسلامه، وقيل لأهل حزب الذمي: احملوا العقل.
قال ابن المواز: وإذا قال كبير رجل أو امرأة قتلني فلان الصبي عمداً، فليقسم ورثته مع قوله، كما يقسمون في الخطأ علي قدر مواريثهم من الرجال والنساء والإخوة للأم؛ كل واحد علي قدر مورثه. ولا يقسم العصبة إلا من يرث منهم ومن نكل أو عفا حلف من بقي خمسين يميناً، وأخذوا حظهم من الدية من العاقلة.
__________
(1) ساقط أيضاً من الأصل.
(2) لا يوجد في الأًصل كذلك.

(14/147)


باب (1)
فيمن قال دمي عند فلان خطأ أو قال عمداً
أو ادعي ورثته خلاف قوله أو اختلفوا
أو أقر القاتل بخلاف دعواه
من كتاب ابن المواز قال: واختلف قول مالك في (2) قول الميت في القسامة في الخطأ، فروي عنه أصحابه إلا ابن وهب أنه يقسم مع قوله في العمد والخطأ. وقال عنه ابن وهب إنه لا يقسم مع قوله في الخطإ إلا بلوث من شهادة. قال ابن المواز: ولم يثبت عندنا هذه الرواية إلا في قوله: أنا قتلت فلاناً خطأ. فأما في قوله قتلني فلان خطأ أو عمداً فما علمنا فيه اختلافاً من قول مالك وأصحابه كلهم. وهو قول أهل العلم.
قال عيسي عن ابن القاسم في العتبية: أخبرني من أثق به أن قول مالك قديماً؛ أن لا يقسم مع قول الميت في الخطأ، قيم رجع فقال يقسم مع قوله.
ومن كتاب ابن المواز: وإن قال دمي عند فلان خطأ أو قال عمداً أو ادعي ورثته خلافه فلا قسامة لهم ولادية ولا دم، ولا لهم إن رجعوا إلي قول الميت شئ. وهذا قول أشهب في المجموعة.
وقال ابن القاسم في المجموعة: إذا ادعوا خلافه فليس لهم أن يقسموا إلا علي قوله، ولم أسمعه من مالك.
__________
(1) زيادة في ع.
(2) في الأصل: مع وهو تصحيف.

(14/148)


قال ابن القاسم في الكتابين: وإن قال دمي عند فلان ولم يقل عمداً ولا خطأ. فإن قال ولاته كلهم عمداً أو خطأ أقسموا [علي ذلك] (1) واستحقوا ما ادعوا. وقال ابن المواز قال مالك: إذا لم يفسر فاجتمعت الأولياء علي الخطأ أقسموا وكانت الدية علي العاقلة. قال ابن القاسم: وان اجتمعوا علي العمد فوقف عنه وقال: أحب إلي أن لا يقسموا إلا علي الخطأ. قال مالك في كتاب ابن المواز: فإن افترقوا فقال بعضهم عمداً وقال بعضهم خطأ. فليحلف مدعو الخطأ خمسين يميناً ولهم من الدية قدر حظهم. ثم إن طلب ذلك مدعو العمد أن يحلفوا فذلك لهم ولهم حظهم من الدية. قال: ولم وقد عرضت عليهم الأيمان فأبوها؟ قال لم تعرض عليهم ولا حلفوا. قال أشهب في كتاب الإقرار لابن المواز: لا يكون ذلك لهم وكأنهم نكلوا عن اليمين.
قال محمد: وأما ما روي عن مالك أنه رجع مدعو العمد إلي دية الخطأ فذلك لهم فليس كذلك؛ لأنهم قد برؤوا العاقلة بادعائهم العمد، فلا يستحقون الدية إلا باجتماع القائمين بالدم مع القسامة.
وقال ابن القاسم ي المجموعة: إذا اختلفوا حلفوا كلهم وكان لهم دية الخطأ بينهم أجمعين (2) قال مالك في الكتابين: فإن نكل مدعو الخطأ قال في المجموعة: وقالوا لا علم لنا بطل دعوي مدعي العمد [وإن نكل مدعو العمد] (3) حلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية. قال ابن المواز: لأنه لا يقسم في العمد وقد بقي من ولاة المقتول أحد يابي (4)، وفي الخطإ يقسم بعض مع نكول بعض وغيبته.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ع وفي الأصل وص ك أجمع
(3) ساقط من ع.
(4) كذا في الأصل وص. وفي ع: احد، فأما في الخطأ. وهو تصحيف.

(14/149)


قال ابن القاسم في الكتابين: وإن قال بعضهم خطأ وقال الباقون علم لنا، حلف مدعو الخطأ واخذوا نصيبهم من الدية. فإن حلفوا ثم شاء الآخرون أن يحلفوا بعد نكولهم فليس لهم ذلك. وقاله أشهب في هذا الوجه في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم، في الكتابين: وإن قال بعضهم: عمداً. وقال الباقون لا علم لنا ولا نحلف. فإن دمه يطل.
قال أشهب في المجموعة: إذا لم يفسر الميت عمداً من خطإ، فإن ظهر من حال القتيل ما يدل علي عمد أو خطإ أقسموا علي ذلك، إلا أن يوجد [قد] (1) قطع بالجراحات في رأسه وجسده فتكون القسامة فيه علي العمد. قال أشهب في الكتابين: فإن لم يكن في حاله ما يدل علي شئ واجتمع جميع ولاته من عصبته ومن يرثه علي الخطأ أقسم ورثته وحقت لهم الدية علي العاقلة. ومن نكل سقطت مصابته فقط. وإن اجتمعوا علي العمد أقسم ولاة الدم خاصة وقتلوا. قال في المجموعة: فإن نكل بعضهم وهو ممن لا عفو له (2) فليسقم الباقون ويقتلوا. فإن عفا بعضهم بالدية فهي بينهم ميراثاً علي الفرائض. وإن نكل من نكل ممن له العفو فليقسم الباقون، ويستحقوا الدية في مال القاتل وتكون بين الورثة، وتسقط حصة الناكل إن كان وارثاً.
قال في الكتابين: فإن اختلفوا فقال العصبة الذين لهم الدم إنه عمد، وقال الورثة خطأ، قال في المجموعة: وليس من عصبته أحد يرثه. قال، في الكتابين: فدمه هدر، ولا قسامة فيه ولا قود ولا دية؛ لأنه إن كان عمداً فذلك للعصبة ولم يثبت ذلك لهم الميت. وإن كان خطأ فالدية علي العاقلة ولم يدعه الميت. وعلي المدعي عليه القتل القسامة ما قتله عمداً (3) ليحرز ماله. ولا قسامة عليه في الخطأ.
__________
(1) ساقط من الأًصل.
(2) في الأًصل: وهو ممن لا يقوا له. وهو تصحيف.
(3) صحفت في الأًصل: ما قبله عمد.

(14/150)


قال في المجموعة: وإن كان من العصبة وارث مع الورثة فقال مع الورثة إنه خطأ. فقد صار هذا الدم في العمد والخطأ دية، إلا أنه إن كان عمداً فإن بقية دية المقتول بعد نصيب مدعي الخطأ من عصبته في مال القاتل، وإن كان خطأ فعلي العاقلة، فأري دمه هدراً إلا ما يصيب القاتل من الدية خاصة. فليؤخذ ويقسم علي ورثة المقتول، ثم يرد نصيب الوارث من العصبة علي القاتل؛ لأني أتهمه بأن يكون نكل عن القسامة علي العمد أنه أراد العفو، إلا أن يقسم علي قتل الخطإ فيكون له هذا الذي رد دية علي القاتل.
قال ابن المواز: إذا ادعي العصبة من الرجال العمد كلهم لن ينظر إلي قول ورثته من النساء، قالوا خطأ أو عمداً، وأقسم العصبة وقتلوا لأنه لا عفو للنساء مع الرجال. وإن قال العصبة كلهم خطأ وقال النساء عمداً.
كانت دية، وحلف العصبة خمسين يميناً وأخذوا حظهم من الدية من العاقلة.
وروي عن مالك في هذا إن رجع مدعو العمد فحلفوا علي الخطأ (1) أخذوا حظوظهم [أيضاً] (2) من الدية. ولعل هذا لم يقله مالك؛ لأن من قال عمداً فقد أبرأ العاقلة ولا شئ له في مال القاتل، إذ لا يثبت قبله الدم إلا بقسامة جميعهم علي العمد إلا أن ينكل واحد، فهذا أصل مالك وأصل ابن القاسم وأشهب وأصحابهما.
ومن المجموعة والعتبية (3) قال سحنون عن أشهب: إذا لم يفسر الميت وله ورثة أربعة رجال في القعدد سواء، فقال رجلان خطأ وقال الآخران عمداً، أقسموا كلهم وأخذ مدعو الخطإ نصف الدية من العاقلة والآخرون نصفها في ماله.
__________
(1) في الأًصل: فحملوا
(2) ساقط من ع.
(3) البيان والتحصيل، 16: 45.

(14/151)


قال في العتبية (1): وكذلك إن قال اثنان هو عمد. وقال الآخران لا علم لنا. حلف مدعو العمد ولهم نصف الدية في ماله. قال ونكولهم عن الأيمان قبل وجوب الدم كعفوهم (2) عنه لو وجب؛ فلمن بقي حظه من الدية.
قال أشهب من رواية سحنون في الكتابين: وإن قال دمي عند فلان ولم يقل عمداً ولا خطأ. أو شهد بذلك شاهد ولم يقل عمداً ولا خطأ، وللميت بنات وعصبة، فقال البنات عمداً وقال العصبة خطأ [فلا سبيل إلي الدم ولكن يقسم البنات والعصبة] (3) فيكون للعصبة ثلث الدية علي العاقلة، وللبنات ثلثاها في مال الجاني. قيل فهن يقلن إنما لنا دم، قال لما لم يكن لهن سبيل إلي الدم كان كدم عفي عن بعضه.
ومن العتبية (4) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال قتلني فلان خطأ وقال القاتل قتلته عمداً. فالورثة إن شاءوا قتلوه بإقراره. وإن كانت حيلة (5)، أقسموا علي ذلك وقتلوه. قال أبو بكر قال [يحي] (6) علي العمد ويقتلوا؛ لأنه يدرا عن نفسه (7) ما وجب عليه ويقر علي العاقلة بما لا يلزمهم.
وقال ابن كنانة فيمن ادعي أن رجلاً سقاه سماً وأشهد رجلاً علي قوله وقال إن مت فمنه أموت. قال: لا يقسم في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو بآثار بينة من أثر الجراح أو الضرب.
وبعد هذا باب في القسامة في قتل الخطأ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 45.
(2) في الأصل: كتفرقهم. وما أثبتناه من ص وع
(3) ساقط من ع، ثابت في الأًصل وص
(4) البيان والتحصيل، 15: 521 وفي الأصل: ومن المجموعة.
(5) كذا في الأًصل وفي ص: حياته وفي ع: حياة والكل غامض.
(6) ساقط من الأصل.
(7) كذا في الأصل وهو الصواب. وفي ص وع: لا يدرأ.

(14/152)


باب (1)
في المقتول يرمي رجلاً ثم يبرئه ويرمي غيره
أو يقول ما أعرفه ثم يدعي معرفته
أو يسمي رجلاً فيوجد بذلك الاسم رجلان
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن ضرب فقال: بي فلان وفلان، ثم سئل وخوف فقال بي] (2) فلان وفلان غير الأولين ولا يذكر براءة الأولين، فليس لورثته علي الأولين والآخرين سبيل؛ لأنه كذب بقوله الآخر قوله الأول، وكأنه برأ الأولين، فتسقط القسامة عن لأولين والآخرين.
قال في العتبية (3) رواية يحي بن يحي: لجهالته ووهمه ثم لا يقسم علي دم مثل هذا [إلا] (4) بلوث من بينة.
قال سحنون في المجموعة وهو كمن رمي به آخر وبرأ الأول، فتسقط القسامة عن الأول والآخر. قال سحنون: وإم قال دمي عند فلان وفلان ثم برأ أحدهما فقد أبطل قوله في الآخر.
ومن العتبية (5) قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن سئل من جرحك؟ فيقول: ما أعرفه [فيقول] (6) غلبني السكر وظلام الليل. ثم سئل بعد يوم أو يومين فقال فلان جرحني، قال لا يقبل منه. وقد نزلت وأفتي فيها بهذا.
__________
(1) زيادة في ص
(2) ساقط من ع، ثابت في الأصل وص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 25 - 26.
(4) سقطت من الأًصل فأفسدت المعني
(5) البيان والتحصيل، 16: 61.
(6) زيادة في ع.

(14/153)


قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإذا قال المجروح فلان قتلني ثم أبرأه ورمي غيره إنه يؤخذ بقوله الآخر. وإن رجع إلي انطاف (1) الأول قبل قوله أيضاً. وإن رمي نفراً ثم برأ بعضهم وأقام علي إنطاف بعض فالقول أيضاً قوله. وإن سئل من بك؟ فقال لا أعرف من بي؛ كنت سكران. أو في ظلمة الليل. ثم سمي بعد ذلك إن القول قوله. وإذا لم يقبل قوله في الآخر فلا يقبل في الأول، وأقيم مقام المتهم لم يقم علي دعواه أصلا.
ولم ير أصبغ بقوله قسامة لا علي من برأ ولا علي من أنطف ولا علي من سمي بعد قوله لا أدري. وهو قول ابن القاسم وأشهب. إلا أن أصبغ قال: إن رمي رجلاً، ثم رمي غيره معه بعد ذلك إنه إن قال: بي فلان، ليس بي غيره. فلا سبيل علي من رمي بعده. وإن لم يقل: ليس بي غيره، فلولاته أن يقسموا علي أيهما شاءوا، ويضرب الآخر مائة ويحبس سنة.
ومن العتبية (2) قال أصبغ فيمن قال: إن مت من جراحي هذه ففلان غلام فلان بي. فيوجد له غلام بذلك الاسم يوم دعواه، ثم يدعي السيد انه كان له من يسمي بذلك فماتوا أو باعهم، قال: لا ينظر إلي قول السيد، ولكن يقع ذلك علي ذلك الغلام الذي يعرف سببه، فإن عرف السبب أنه كان له يوم الجرح غلامان بذلك الايم كف عنه حتي يثبت علي أحدهما.
وكذلك في الحقوق وغيرها يقع ذلك علي المنسوب المعروف به في موضعه وفي صفته إذا لم يكن في الحارة أو في البلد غيره، فإن أشكل ترك حتي يعرف.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن ادعي أن قوماً ضربوه فحبسهم الإمام بقوله، ثم إنه برأ بعضهم قال: فإنه يطق من برأه.
__________
(1) الإنطاق: الاتهام.
(2) البيان والتحصيل، 16: 71 - 72.

(14/154)


في المرأة الحامل تضرب فتقول دمي عند فلان
ثم تلقي جنيناً حياً أو ميتاً
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب في امرأة ضربت فألقت جنيناً ميتاً وقالت دمي عند فلان؛ ففي المرأة القسامة، شئ في الجنين إلا ببينة لأنه كجرح ولا قسامة فيه. ولو قام شاهد عدل بأن هذا أصاب الجنين لم يكن يحلف فيه قسامة حتي يستهل. ولكن من يرث الغرة (1) كل واحد منهم يميناً أنه قتله، ويستحقون الغرة في مال الضارب.
وإن قالت دمي عند فلان أو قالت فلان ضربني فخرج جنينها حياً فاستهل، ففي الأم القسامة ولا قسامة في الولد لأن المضروب غيره. قال ابن القاسم في المجموعة: مات قبل أن يستهل أو بعد وإن كانت مريضة. قال في كتاب ابن المواز: لأنها تجر بشاهدتها إلي نفسها أو إلي زوجها إن كان أباه أو إلي إخوته إن كانوا ولدها، لأنها لو قالت فلان قتلني وقتل فلاناً معي لم يكن في فلان قسامة. ولو قالت، وهي حية: قتل فلان ابني فلا قسامة فيه مع قولها.
ومنه ومن العتبية (2) [روي] (3) سحنون عن ابن القاسم فيمن قال قتلني فلان وقتل فلاناً معي، قبل قوله في نفسه وغيره، وأقسم علي قوله في غيره إن كان عدلاً (4). ولو قال ابني معي لم يقبل قوله في ابنه.
__________
(1) الغرة: البياض في وجه الفرس. وجعل الحديث في الجنين غزة عبد أو أمة أو فرس. او بغل. انظر النهاية لابن الأثير.
(2) البيان والتحصيل، 16: 42.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في الأصل وص. وفي ع: عاقلاً.

(14/155)


ومن كتاب ابن المواز قال أشهب لو قالت امرأة دمي ودم فلان (1) عند فلان عمداً أو خطأ فالقسامة في ذلك فيهما في العمد والخطأ، ويقسم ولاة القائلة في دمها بقولها، ويقسم ولاة الآخر بشهادتها. وكذلك لو لم يشهد الآخر فالقسامة تجب مع شهادتها، لأنها لوث.
محمد: يريد ما لم تكن شهدت لمن يرثها، لأنها شاهدة ها هنا بخلاف قولها في دم نفسها. قال محمد: هذا قول أشهب ومن يري شهادة المرأة توجب القسامة. وخالفه ابن القاسم واين عبد الحكم وأصبغ، ولم يوجبوها إلا بشهادة عدل علي القتل أو علي قول الميت.
وقد اختلف قول مالك في الشاهد علي قول الميت واختلف فيه أحصابه، وهذا مذكور بعد هذا.
ومن العتبية (2) روي يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب في المرأة تقول دمي عند فلان. ثم تطرح جنيناً ميتاً، يريد وتموت هي، فإن قالت: عمداً قتل بالقسامة (3). ولو ثبتت عليه الضربة عمداً أو خطأ بالبينة، ففي الخطأ عقلها علي عاقلته بالقسامة لماتت من ضربه، ويحلف ورثته الجنين يميناً واحداً، ويزيد كل واحد منهم لمات من ضربه إياها، ثم يأخذون من ماله الغرة، فإن طرحته حياً ثم مات ففيه أيضاً القسامة وفي أمه وعقلاهما تامان علي عاقلة الضارب. وإن قامت البينة أنه ضربها عمداً فألقته ميتاً ثم ماتت، فليقسم أولياؤها ويقتلوا، ويحلف ورثة الجنين يميناً. [واحداً] (4) ويأخذوا الغرة. وإن استهل ثم مات والضرب عمد في بعض جسدها ففيه القسامة وتكون ديته في ماله. وأما إن تعمد بطنها حتي
__________
(1) كذا في الأصل وص وفي ع: ودم فلانة.
(2) البيان والتحصيل، 6: 30.
(3) صحف في الأصل فكتب: قسم بالقسامة.
(4) ساقط من ع.

(14/156)


يري أنه عمد الجنين قتل القاتل به وبها القسامة (1)، فإن شاءوا عفوا كلهم، ولا يضر أولياء الجنين عفو أولياء المرأة، ولا يضر أولياءها عفو أولياء الجنين. ولكل طائفة القتل إلا أن يعفو من أولياء كل واحد من له العفو فلا سبيل إلي القتل.

في المقتول يقول دمي عند أبي
من العتبية (2) من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم قال ابن القاسم: من قال دمي عند أبي. أقسم علي قوله في الخطأ وكانت الدية علي العاقلة. وإن كان عمداً ولم يفسر أقسم علي قوله ولم يقد منه، وكانت الدية علي الأب مغلظة في ماله. قال: ولو قال أضجعني أبي فذبحني أو بقر بطني فإنه يقسم مع قوله ويقتل الأب إن شاء الأولياء أو يعفوا.
قال أشهب لا يقتل في العمد والد ولا والدة بالقسامة، وأري ذلك مالاً. وقد رأي أهل العلم أن يقتل عشرة بواحد ولم يروا أن يقتلوا بالقسامة عشرة.
__________
(1) في ع: ولها بالقسامة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 40.

(14/157)


في المضروب يفيق ثم يقيم أياماً ثم يموت
أو يموت في غمرته والقسامة في ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم: إذا قام شاهدان بالقتل لم تكن قسامة. قال أشهب: وذلك إذا قالا قتله قصعاً (1)، فأما إن شهدا أنه ضربه وأنه مات من ذلك الضرب فهذا كالغموس (2)، وأدني أمرهما أن يكونا لطخاً فتكون مع قولهما القسامة.
[قال ابن القاسم وأشهب: فإن شهد شاهد أنه ضربه حتي قتله ففيه القسامة ولهم القود في العمد والدية في الخطأ. قالا: فأما إن شهد رجلان أنه ضربه فأجافه وعاش وتكلم وأكل وشرب ولم يسأل حتي مات ففيه القسامة. أشهب] (3) يحلفون لهو ضربه ولمن ضربه مات. [وكذلك في قول القتيل ضربني وإن لم يقل قتلني ثم عاش أياماً ثم مات] (4).
قال أبو محمد: قوله أجافه يريد جائفة يمكن معها الحياة، ولو قالا شق جوفه لم تكن قسامة.
قال ابن القاسم: وإذا ضربه برجله البطن فاقام أياماً فزعم أنه يجد منها أمراً شديداً علي فؤاده. قال: فليخوف بالله، فإن أصر وقال مازلت منذ ركضني بشر، وما قتلني إلا الركضة، أقسم مع قوله واسحقوا دمه إذا كان مضجعاً (5) من يوم ركضه، وكذلك إن لم يضجع (6) ورأي ضرر ذلك ومشقته حتي مات.
__________
(1) صحف في الأصل فكتب: بعصي
(2) كذا في الأصل وص وهو الصواب. وصحف في ع كلمة مدمجة لا تقرأ. وفي الأصل وص. مضطجعاً .... لم يضطجع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع. ثابت في الأصل وص.
(4) ما بين معقوفتين زيادة من ص.
(5) ما بين معقوفتين زيادة من ص.
(6) كذا في ع. وهو الأنسب.

(14/158)


من العتبية (1) من سماع ابن القاسم قال: ومن ضرب الرأس فأقام مغموراً لا يفيق، وقامت بينة علي ضربه ثم مات، قال: إذا لم يفق فلا قسامة، وإنما القسامة فيمن أفاق أو طعم، أو فتح عينيه وتكلم وما أشبه ذلك. وقال ابن حبيب قال أصبغ: خلابه أهله أو لم يخلوا لا قسامة فيه إذا لم يفق.
ومن المجموعة قال أشهب وقاله علي عن مالك: ليس في الجراح قسامة إلا أن يموت منها. قال أشهب وإن مات تحت الضرب أو بقي مغموراً لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتي مات فلا قسامة فيه، وإن أكل أو شرب أو فتح عينيه وتكلم وشبه ذلك فلا بد من القسامة في العمد والخطأ. وكذلك إن أقام يومين يتكلم ولم يأكل ولم يشرب. وكذلك إن قطع فخذه فعاش يومه وأكل وشرب ومات آخر النهار. وأما إن شقت حشوته وأكل وشرب وعاش أياماً فإنه يقتل قاتله بغير قسامة إذا أنفذت مقاتله. وما أري من بلغ هذا يعيش ما ذكرت. وكذلك لو انقطع نخاع رقبته لأنه لو أجهز عليه أحد لم يقتل به. وقاله ابن القاسم.
قال ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك: إذا شهد عدلان علي ضرب رجل فحمل فأقام ثم مات ففيه القسامة، لأنه لا يؤمن أن يكون من أمر عرض له أو غيره، إلا أن يكون لم يزل من ذلك مغموراً لا يفيق ولا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم حتي مات فهذا لا قسامة فيه. وإنما القسامة فيمن أفاق أو طعم أو تكلم أو فتح عينيه وشبه ذلك. وقاله أشهب. وإن مكث ليلة أو ليلتين إذا كان في غمرته تلك.
قال أشهب: ولو تكلم وإن لم يأكل ولا شرب فقد خرج من غمرته، ولا يستحق دمه في قود أو دية إلا بقسامة. قال محمد: إلا أن تكون جراحه أنفذت مقاتله.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 460.

(14/159)


قال ابن القاسم: وإن قطع فخذه فعاش يوماً أكل فيه أو شرب ثم مات ففيه القسامة. وإن شق بطنه وتكلم وأكل وعاش يومين، فإن كان أنفذت مقاتله مثل عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- فلا قسامة فيه.
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: إذا شهد علي الضرب شاهدان فعاش المضروب [يوماً] (1) ثم مات ففيه القسامة لمات من ضربه. وإن قام بالضرب شاهد حلفوا بالله الذي لا اله الا هو لفلان قتله. قال أصبغ (2): وإن شهد أنه خنقه حتي مات. أو غرقه فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
ومن العتبية (3) قال سحنون قال ابن القاسم: ومن ضربه قوم فأقام أياماً ثم مات، فقال القوم من ضربنا مات فلا يقبل قولهم وهم كذبة (4). ومن سماع ابن القاسم عمن كان ببينه وبين رجل قتال فأتي (5) وبه أثر ضرب أو جرح (6)، فقال فلان وفلان قاتلاني وعملا بي هذا، وقد أثرت منهما في مواضع ذكرها (7). قال يسجنان حتي يكشف أمرهما. والصلح في مثل هذا أحب إلينا، وأما القصاص فلا أعلمه.
__________
(1) زيادة في ع.
(2) كذا في الأصل وص. وفي ع: قال أشهب.
(3) البيان والتحصيل، 16: 52.
(4) قال ابن رشد: لاحتمال أن يكون إنما مات من ضرب بعضهم ولا من ضرب جميعهم أو من شئ آخر. فلا يقتل واحد منهم إلا بالقسامة.
(5) كذا في ص وع. وهو الصواب. وصحف في الأصل: فمات.
(6) كذا في ص وهو الأنسب. وفي الأصل: أثر ضرب جراح وفي ع: أثر ضرب بجراح.
(7) كذا في الأصل وص. وفي ع: في موضع ذكره.

(14/160)


فيمن جرح ثم ضربته دابة
أو وقع من فوق جدار ثم مات
والقسامة في ذلك
من العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن جرح ثم ضربته دابة فمات فلا يدري من أي ذلك مات، قال: نصف الدية علي عاقلة الجارح. قيل: أبقسامة؟ قال: فكيف يقسم في نصف دية؟ وقال ابن القاسم في المجموعة: إن فيه القسامة. وقال في العتبية في كتاب الصلح إذا جرح ثم مرض فمات ففيه القسامة. قال: ومن شنج موضحة فتراخي برؤه حتي سقط عليه جدار فقتله أو قتل إن له عقل الموضحة.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن جرحه رجل ثم ضربته دابة أو وقع من فوق جدار فأصابته جراح أخري ثم مات، فلا يدري من أي ذلك مات فلهم أن يقسموا لمات من جرح الجارح، وهو كمرض المجروح بعد الجرح. قال ابن المواز: ولو كان إنما طرحه إنسان من أعلي ظهر البيت أقسموا علي أيهم شاءوا علي الجارح أو الطارح وقتلوه، وضرب الآخر مائة وسجن عاماً.
ومن المجموعة قال مالك: إذا مرض المجروح فمات فليقسموا لمات من ضربه في الخطأ والعمد.
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 487.

(14/161)


فيمن أطعم رجلاً طعاماً أو سقاه ماء (1)
فعرض له مكانه ما أكربه فقال من ذلك أموت
وفي الذي يرمي بحجر أو بعصاً
أو قال فلان ركضني أو ضربني أو وكزني
وهل في ذلك كله القسامة؟
وقد تقدم في باب المضروب يفيق ثم يقيم أياماً قول ابن القاسم فيمن ضرب برجله البطن فأقام أياماً وزعم أنه يجد ألما شديداً، أنه يخوف بالله، فإن تمادي أقسم علي قوله.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن قربت إليه امرأته طعاماً فأكله، فلما [أكله] (2) تقياً مكانه أمعاءه، فلما أيقن بالموت من ساعته أشهد أن به امرأته وخالتها فلانة ثم مات مكانه، فأقرت امرأته أن ذلك الطعام إنما أتتها به وخالتها فلانة ثم مات مكانه، فأقرت امرأته أن ذلك الطعام إنما أتتها به خالتها هذه. قال: ففي ذلك القسامة للذي عاجله عند أكله، وهذا كالجرح (3) عندنا، وقوله [بي] (4) امرأتي وخالتها يكفي وإن لم يقل أموت. كما يكتفي بذلك في الجرح وضربه بالسيف والعصي. وقد يكتفي بقوله فلان قتلني وإن لم يكن به أثر جرح ولا ضرب ولا وصف ضرباً ولا غيره فذلك يوجب القسامة وإن لم يصف ضرباً ولا غيره. قاله مالك ورواه ابن وهب وقاله جميع أصحابه في العمد والخطأ
__________
(1) كذا في ع وهو الأنسب. وفي الأصل: سماً.
(2) ساقط من ع.
(3) كذا في ص وع. وفي الأصل: كالجراح.
(4) ساقط أيضاً من ع.

(14/162)


يقسم ولاته لفلان ضربه ومن ضربه مات إن [سمي ضرباً، أو فلان قتله] (1) إن سمي قتلاً، ولا يحتاج إلي كشف كيف قتله أو كيف ضربه. وإن شهد أنه خنقه حتي مات أو أغرقه فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
وقد روي أشهب وابن القاسم (2) وابن وهب عن مالك في قوم اطعموا قوماً سويقاً فيه سيكران (3) [فسكروا] فأخذوا دنانير معهم ثم ماتوا. قال: فليقتلوا كالمحاربين. ولو قالوا لم نرد (4) قتلهم لم يصدقوا كما لا يصدق الضارب بالعصا. وقد قتل النبي-صلي الله عليه وسلم- اليهودية التي سعت له الشاة فمات منها ابن معزوز (5).
قال مالك: ويقتل من سقي السم. قال أصبغ: وكذلك [في] (6) القسامة. وقا أيضاً مالك في الذي يرمي بالحجر أو بالعصا أو يلكز: إن فيه القسامة والقود في العمد، ولم يستبن أثرث العصا أو اللكزة أو جرحت أو لم تجرح. والغالب أن هذين لا تجر حان والرمية قد تكز ولا تجرح، والركضة قد توهن من داخل الجوف ولا تجرح. فإذا قال: فلان قتلني أو [قال] (7) ضربني أو وكزني أو ركضني أو رماني أو لطمني، فله ما تقلد وكانت القسامة، كان ذلك بحضرة القتيل أو بغير حضرته. وكل ما كان فيه من ذلك كله القسامة بشاهد أو لوث علي هذا كله [ففيه القسامة بقول الميت، وقد تكون القسامة بالشاهد علي هذا] (8) وإن لم يكن أثر فذلك علي قوله.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) كذا في الأصل وص. وفي ع: روي أشهب عن ابن القاسم.
(3) هو البنج.
(4) كذا في ص وع. وهو الأنسب وفي الأصل: لم يريدوا
(5) حديث اليهودية التي سمت له الشاة في كتاب المغازي من صحيح البخاري، وكتب الأطعمة. والديات من سنن أبي داود والدرامي ومسند أحمد.
(6) ساقط من الأصل.
(7) ساقط من الأصل.
(8) ما بين معقوفتين ساقط من ع، ثابت في الأصل وص.

(14/163)


وكذلك لو قال سقاني فلان سماً، والسم أشد وأدهي (1) قتلا، وهو أعلم بمبلغ ذلك (2) وأثبت من معرفته بملبلغ الجرح منه. فإذا ثبت قول الذي تقيا أمعاءه بشاهدين فليقسم ولاته على إحدي المرأتين، ولا ينفع المرأة قولها خالتي أتتني به. وتضرب الأخري مائة وتحبس سنة. وكذلك الذي يقول فلان سقاني سماً. ولا يبالي تقيأ منه أو لم يتقيأ، ففيه القسامة.
ولا يقاد من ساقي السم بالسم، بخلاف العصا أو الخنق. وكذلك لا يقاد من حرق النار بالنار؛ ألا تراه لا يقاتل العدو بها؟
وكذلك لو شهد شاهد أن فلاناً سقاه سماً كانت القسامة في ذلك مع شهادته، وكذلك بدعوي الميت. وإن شهد أنه حنقه حتي مات أو غرقه، فمات ففيه القسامة ويقتل بمثل ذلك.
[ومن العتبية (3) من سماع عيسي بن دينار قال: وسئل ابن كنانة عن رجل ادعي أن رجلاً سقاه سماً وأشهد رجالاً وقال لهم إن فلاناً سقاني سماً وهو في جوفي، فإن مت منه فدمي عنده، هل يكون في ذلك قسامة؟ قال لا تكون القسامة في مثل هذا إلا في الضرب المشهود عليه، أو بالآثار البينة من الجراحة وأثر الضرب] (4)
__________
(1) كذا في ص. وفي الأًصل: وأوصي، وفي ع: وأوحي.
(2) كذا في الأصل وص. وفي ع. بمنافع ذلك.
(3) البيان والتحصيل، 15: 524.
(4) هذه الفقرة المكتوبة بين معقوفتين ثابته في ع. ساقطة كلها من الأًصل وص.

(14/164)


جامع القول في القسامة في الخطأ
من المجموعة قال مالك: المجتمع عليه عندنا أن المبدئين بالأيمان في الخطأ الذين يدعون الدية. قال ابن القاسم: ويقسمون مع الشاهد.
قال أشهب: وإن قال دمي عند فلان قتلني خطأ فلولاته أن يقسموا ويأخذوا الدية (1) من العاقلة. وهو أمر مجتمع عليه عند أهل المدينة، لأن القتل أوجب حرمة في المال، فكما يقسمون بقوله في العمد يقسمون في الخطأ.
وقال عبد الملك يؤخذ في الخطأ بقول الميت وبشهادة النساء، وبالشاهد علي القتل فيمن مات مكانه أو ارتث يجري مجري قسامة العمد، إلا أن النساء يشهدون فيها، ولا يشهدون إلا فيمن علم الناس موته. وأما من لم يعلم أنه مات بالبينة فلا شهادة لهن فيه ولا لشاهد واحد ولا لرجل وامرأتين ولا يقسم معه. وهذا ونحوه قد ذكره ابن المواز.
قال ابن المواز: اختلف قول مالك في القسامة علي قول الميت في الخطأ، وقد ذكرت هذا في باب سنة القسامة وما يوجبها.
قال عيسي بن دينار في العتبية. أخبرني من أثق به أن أقول مالك قديماً لا يقسم في الخطأ بقول الميت. ثم رجع فقال يقسم مع قوله.
قال في كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة: ويبدأ ولاة المقتول في القسامة في الخطأ مثل العمد؛ لأنه دم قال: ولو اتهم في الخطأ أنه يريد غني ولده لأتهم في العمد أن يريد قتل عدوه (2) وقاله.
__________
(1) كذا في الأصل وص. وصحف في ع: أو يأخذوا الدية.
(2) كذا في الأصل وص. وهو أضح. وفي ع. لأتهم بالعمد في قتل عدوه

(14/165)


مالك. وقال: إن السنة عندهم أن يبدأ مدعو الدم بالأيمان، في العمد والخطإ، والقسامة في الخطأ من قسامة الدم. قال: ويحلف فيه الرجال والنساء بقدر مواريثهم. وما جاء فيه كسر في يمين جبرت علي من عليه أكثر تلك اليمين. ثم الدية علي عاقلة القاتل مؤجلة. وإن كان ممن لا عاقلة له مثل من دخل في الإسلام هو وأبوه أو جده، وابن الملاعنة، فالدية في ذلك علي بيت المال. وإذا نكل جميع ولاته حلف المدعي عليه خمسين يميناًُ، فإن نكلوا غرموا: وإن كانوا جماعة مدعي عليهم في قتل الخطأ لم يقسموا (1) إلا علي جماعتهم [قال] (2) وليس للأولياء أن يقسموا علي أحدهم بخلاف العمد ثم الدية علي قبائلهم قلوا أو كثروا، مؤجل ما علي كل قبيلة (3) في ثلاث سنين وإن قل، ولو أقل من عشر الدية.
قال: ويقسم علي قول المسخوط من بلغ الحلم من الرجال والمحيض (4) من النساء. قال أشهب في العمد والخطأ، ما لم يكن صغيراً أو عبداً أو ذمياً. ويقسم أولياؤه وإن كانوا مسخوطين إذا كانوا بالغين مسلمين أحراراً. ولو قصد بدعواه أعدل الناس أو شرهم، في العمد والخطأ ادعوا علي ذمي أو علي عبد أو صبي أو مجنون ذكر وأنثي، فيستحق بذلك الدم والدية في الخطأ بالقسامة.
ومن المجموعة قال مالك: ويحلف في الخطأ جميع الورثة من رجال ونساء بقدو مواريثهم، واليمين التي فيها كسر تجبر علي من عليه أكثرها. قال عبد الملك: لا ينظر إلي كثرة ما عليه من الأيمان، ولكن إلي ما عليه من كثرة تلك اليمين، فإن كان رجل وأخته، فاليمين المنكسرة علي المرأة
__________
(1) كذا في ع. وهو الصواب. وصحف في الأصل وص: لم يقسم.
(2) ساقط من ص وع
(3) كذا في الأصل وص. وفي ع: ما علي القبيلة.
(4) كذا في ع. وهو أنسب وفي الأصل وص: الحيض.

(14/166)


لأن عليه أكثرها. وكذلك قال ابن القاسم إن كان علي واحد منهم النصف وعلي آخر الثلث وآخر السدس، جبرت علي صاحب النصف.
قال ابن القاسم: وإن كان جد وإخوة حلف الجد ثلث الأيمان، وحلف الإخوة ما بقي. قال أشهب: إن كان [في] (1) الإخوة اثنان فأكثر، فعليهم ثلاثة وثلاثون يميناً، وتجبر اليمين المنكسرة [علي الجد. وإن كان مع الجد أخ وأخت حلف الأخ نصف الثلاثة والثلاثين يميناً، وكل واحد ربعها (2)، وتجبر اليمين المكسورة] (3) علي الأخ خاصة.
وفي باب أيمان القسامة من هذا المعني.
قال ابن حبيب: وإذا حلف النساء في الخطإ وأخذن نصيبهن من الدية وبقي العصبة وهم أكثر من خمسين، فإن بقي نضف الدية أحلف منهم خمسة وعشرون يميناً يميناً (4)، وكذلك علي قدرما بقي لهم، وقاله أشهب.
قال ابن القاسم: وإنما يحلف بعضهم عن بعض في العمد، وأما في الخطأ فلا بد أن يحلفوا كلهم وإن كانوا مائة.
ومن المجموعة قال مالك: وإذا لم يرثه إلا النساء حلفن وأخذن الدية. وإن لم يدع غير رجل واحد فإنه يحلف وحده ويأخذها بخلاف العمد.
وإن ترك بنتاً وعصبة، فإن جاءت وحدها حلفت خمسين يميناً وأخذت نصف الدية وإن جاءت مع العصبة حلفت خمسة وعشرين يميناً وأخذت النصف، وحلف العصبة خمسة وعشرين.
__________
(1) سقطت "في" من الأصل وص.
(2) كذا في ع. وفي ص ما يشبه: وخلفت الأخت وهو أنسب.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) "يميناً" الثانية ساقطة من الأصل.

(14/167)


قال مالك: فإن نكل العصبة فلابد أن تتم هي خمسين يميناً وتأخذ النصف. وإن قام بعض الورثة والباقون غياب أو صغار، فلا [بد] (1) أن يحلف من قام خمسين يميناً من رجل أو امرأة ويأخذ حصته (2) من الدية، ثم من جاء من غائب أو صغير حلف [من الأيمان ما يصير عليه] (3) ويأخذ حصته من الدية. ومن نكل بطل حقه منها. قال عبد الملك: ولو حضر قوم من العصبة وبقي بعضهم، فليحلف هؤلاء جميع الأيمان بينهم ويأخذوا قدر حصتهم من الدية، ثم من جاء فإنما يحلف بقدر ما يقع عليه منها بميراثه ثم يأخذ نصيبه من الدية.
ولو حلف من استوعب الميراث من ولد أو عصبة ثم جاء آخر في درجتهم، فليحلف بقدر ما يلزمه لو حضر ويأخذ حقه منهم، كغريم قدم علي غرماء بعدما أخذوا ديته. [بالقسامة بقدر حقوقهم] (4)، فإنه يحلف بقدر مالو حضر معهم ثم يرجع علي كل رجل منهم.
وإذا وجبت القسامة في الخطأ لرجل فمات، فإن لورثته من ذلك ما كان له يرثونه عنه، يحلفون الأيمان التي عليه. وإذا أقسم الورثة ولم يعلموا بالغرماء، ثم قدم الغرماء ولهم دين محيط، أجزأهم أيمان الورثة؛ لأنه قد بقي للورثة عليه أن يحلفوا ما قبضوا من دينهم (5) شيئاً. ولو لم يحلف الورثة وقام غرماء المقتول والدين محيط، فلهم أن يقسموا ويأخذوا الدية بعد أن يحلفوا ما سقط من دينهم (6) شئ. ولو كان الورثة إنما يحلفون عنهم بعد ما لم يبق عليهم يمين أنهم ما قبضوا دينهم، ولا بقيت عليهم حجة
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في الأصل وص. وفي ع: ويأخذون حصتهم
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، وأقحمت مكانه عبارة لا معني لها: حلف من رجل أو امرأة
(4) ما بين قوسين ثابت في الأصل وص. ساقط من ع.
(5) صحف في الأصل فكتب: من ديتهم.
(6) صحف مرة أخري في الأصل: من ديتهم وستكرر هذا الخطأ فتصححه ولا نشير إليه.

(14/168)


ولا سبب للورثة ما جاز أن يحلف الورثة عنهم؛ لأنه لا يحمل أحد عن أحد يميناً في مال وكأنه قام له شاهد بمال أخذه [بيمين] (1) غيره.
قال ابن القاسم: إذا وهب القتيل ديته في الخطأ لرجل فذلك للرجل، يحلف في الدم دون الورثة، يريد والثلث يحمل [أو] (2) إذا أجاز الورثة، وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون وابن نافع وأصبغ نحوه في قسامة الغرماء في الدين المحيط.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة وفي العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حمل خشبة مع رجلين أعاناه فيها، فمشي ابن له صغير معهم، فلما ألقوها وقعت عليه، فلم يلبث إلا يسيراً حتي مات، ولم يشهد بذلك إلا رجلان رأيا (3) الصبي يمشي في ظلها حتي تواري عنهما فسمعا الوقعة وصاح الصبي، فأتياه فوجداه في حجر أبيه حتي مات عن قرب، فإذا مات في غمرته لم يتكلم فالدية علي عواقلهم، وعلي كل رجل منهم عتق رقبة، وإذا عاش شيئاً من النهار [ثم مات] (4) وقامت علي ذلك بينة، وترك أمه وأختيه وأباه وعصبته، فليحلف ورثته خمسين يميناً لمات من ذلك. وتلزم الدية عواقلهم أثلاثاً. وللأم سدس جميعها، ويحلف الأختان والعصبة ويأخذون بقية الثلث الذي علي عاقلة الأب. ويحلف الأب لمات من ذلك ويأخذ بقية الثلثين من عاقلة الرجلين. وإذا لم يأتوا كلهم فحلفت الأختان والعصبة خمسين يميناً، ثم جاء الأب بعد ذلك فإنه يحلف خمسين يميناً، وتقسم الدية علي ستة وثلاثين سهما؛ فالأم السدس ستة، وللأب عشرون، وللأختين ثلثا الثلث (5) ثمانية وسهمان للعصبة.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من ع.
(3) صحف في الأصل: رأي الصبي
(4) ساقط من ع.
(5) كذا في ع وهو الصواب. وصحفت عبارة الأصل وص: ثلثا الدية.

(14/169)


قال ابن القاسم: ويحلف الأب لمات من فعل الرجلين (1). وتحلف الأختان والعصبة لمات من صنيع الأب. وتحلف الأم لمات من صنيعهم أجمع.
وذكر هذه المسألة ابن المواز عن مالك سواء، وذكر قول ابن القاسم وتفسيره وزاد: قال مالك وإذا كانت في ذلك قسامة كانت الأيمان في ذلك علي كل واحد بقدر ميراثه، وإذا كان في الأيمان كسر جبرت اليمن علي من عليه أكثرها.
قال محمد: تحلف الأم ثمانية أيمان؛ لأنه وقع سدس الأيمان ثمانية وثلث، تجبر اليمن علي غيرها، أراد (2) أكثر اليمين ويحلف الأب ثمانية وعشرين يميناً، ويحلف الصعبة والأختان أربعة عشر يميناً؛ تحلف واحدة من الأختين خمسة أيمان؛ لأن عليها خمسة أيمان إلا ثلثاً، فجبرت عليها. وعلي العصبة أربعة أيمان تفرق عليهم. فإن نكلوا عنها فلا حق لهم. وكذلك لو كانوا خمسة أو أكثر، حلف أربعة منهم أربعة أيمان وأجزأهم.
قال مالك: إذا لم يأتوا أجمعون، وجاء أهل الثلث العصبة والأختان فليحلفوا خمسين يميناً، لأنه لا تستحق الدية (3) حتي يستحق الدم ولا يستحق بأقل من ذلك. ولو نكل أصحاب الثلث لم يضر نكولهم أصحاب الثلثين وحلفوا خمسين يميناً، فإذا لم يأتوا جملة استأنف كل فريق منهم خمسين يميناً علي حدة. قال مالك: ثم يأخذون من عاقلة الأب، وإن جاء بعد الأب حلف أيضاً خمسين يميناً ثم يكون فرضها من ستة وثلاثين سهماً، علي كل عاقلة ثلث ذلك، فللأم السدس من الجميع ستة، فلها وللأب علي
__________
(1) كذا في ص وع وهو الصواب. وفي الأصل: بعد الرجلين.
(2) كذا في ع. وفي الأصل وص ما يشبه أن يقرأ: أدني فيه ولا معني له.
(3) كذا في ص وع. وهو الأنسب. وفي الأصل: لأنه لا يستحقون الدية.

(14/170)


عاقلة الرجلين أربعة وعشرون، لها أربعة، وللأب عشرون. ولها مع الأختبين والعصبة علي عاقلة الأب اثنا عشر، سهمان للأم وعشرة للأختين والصعبة.
ولو قتلوه عمداً قتلوا به، إذا تعد الأب قتله وقصد إليه. وأما مثل الرمية والضربة فلا يقاد منه الأب، وهو بخلاف الأجنبيين في هذا.
وبعد هذا باب في الإقرار بقتل الخطأ.

في القسامة في الجماعة يقتلون الرجل عمداً أو خطأ
وقد عاش بعد الضرب أو لم يعش
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وعلي قال مالك: وإذا ضرب النفر الرجل حتي يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعاً. فأما إن مات بعد ضربهم ففيه القسامة، ولا يقسم إلا علي واحد منهم. ولم يعلم بقسامة قط كانت إلا علي واحد.
قال في كتاب ابن المواز قال مالك: ولا يقسمون إلا علي جميعهم ثم يقتلون واحداً. قال ابن عبدوس قال عبد الملك: لأنه لابد أن يكون قتله قد انصرف إلي من جهلناه (1) منهم؛ إما واحداً أو أكثر منه [فاليقين واحد منهم] (2) والشك في أكثر منه. فلذلك يقسمون علي واحد يقصدونه إذ لا يطل دمه في سنة القسامة.
ومن الكتابين قال ابن القاسم عن مالك: وإذا أقسموا علي واحد قالوا في القسامة لمات من ضربه، ولا يقولوا من ضربهم. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم عن مالك.
__________
(1) في ع: جعلناه
(2) ساقط من ع.

(14/171)


ومن المجموعة قال أشهب: إن شاءوا أقسموا علي واحد منهم أو علي اثنين أو أكثر أو علي جميعهم، ثم لا يقتلون إلا واحداً ممن ادخلوه في قسامتهم؛ كان ذلك بقول الميت قتلني فلان وفلان وفلان. أو قال ضربوني. أو كان بشهادة شاهد علي القتل (1) ومات مكانه. أو بشاهدين ثم عاش أياماً. وإذا كانت الدعوي علي رجال ونساء وصبيان فأقسموا أنهم قتلوه جميعاً، فلا يقتلوا من البالغين إلا واحداً، إما رجل أو امرأة. وعلي عواقل الصبيان حصتهم من الدية.
فإن كان الرجال والنساء عشرين والصبيان خمسة، فعلي عواقلهم خمس الدية؛ [خمس الخمس] (2) علي كل عاقلة صبي منهم؛ لأنه من أصل دية كاملة.
قال ابن القاسم عن مالك: إذا كان عمداً أقسموا علي واحد من الجماعة (3) وقتلوه، كان ذلك بدعوي الميت أو بلوث بينة علي القتل (4) أو بيئة علي الضرب ثم عاش أياماً. وأما في الخطأ فليقسموا عليهم أجمعين وتفرق الدية علي عواقلهم في ثلاث سنين.
قال ابن القاسم: وإذا عاش بعد ضرب الجماعة في الخطأ فليس لهم أن يقسموا علي واحد لمن ضربه مات، بخلاف العمد، لأنه يقول الضرب منا واحد، فلا تخصوا عاقلتي بالدية فينتفع بهذا، ولا منفعة له في العمد لأنهم لو أقسموا علي جماعتهم كان لهم قتله منهم فلا نفع له في ذلك.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن رمي بدمه نفراً فأخذ واحد منهم فسجن وتغيب من بقي، فأراد الأولياء بقاءه حتي يجدوا من غاب فيختاروا
__________
(1) كذا في ع. وهو الأنسب وفي الأصل: الفعل
(2) زيادة في الأصل.
(3) صحفت في الأصل: واحد من المائة
(4) في الأصل: علي الفعل.

(14/172)


من يقسمون عليه، وقال المسجون إما أقسمتم علي أو أطلقتموني فذلك له (1) [ولكن يستأني به بقدر ما يطلبون ويرجي الظفر بهم] (2) ويتلوم لهم في ذلك. فإن تم التلوم ولم يوجدوا قيل للولاة: أقسموا علي هذا واقتلوه، ثم ليس لكم علي من وجد من الباقين إلا ضرب مائة وسجن سنة. [فإن نكلوا حلف المسجون] (3) خمسين يميناً، وإن نكل سجن حتي يحلف. قال: وإن شاءوا صالحوا المسجون علي مال، ثم لهم القسامة علي من شاءوا من الباقين ويسجن المصالح سنة بعد أن يضرب مائة.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب في ثلاثة نفر احتملوا صخرة أو خشبة فضربوا بها رأس رجل، قال في كتاب ابن المواز: فألقوها عليه، قال في الكتابين: فمات بعد أن عاش أياما؛ فليس لهم أن يقسموا ويقتلوهم، ولا يقسموا إلا علي واحد.
قال أشهب: كما لو أجافه كل واحد بجائفة سواء. [وقال إن فلاناً منهم أنفذ مقاتلي فليس للأولياء أن يقسموا إلا عليه. قال في كتاب ابن المواز: ليس علي الباقين ضرب ولا سجن، وهذا قول مالك، وقاله لي مالك وابن عبد الحكم وأصبغ. ومن المجموعة والعتبية (4) رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب قال ابن القاسم فيمن به جراح وآثار من شرب فيقول: بي فلان وفلان وفلان] (5).
من الكتابين قال مالك: وإذا قال ضربني فلان وفلان وفلان وينص مل ما فعله به كل واحد منهم فقال: فلان طعنني بالرمح وفلان أوضحني
__________
(1) كذا في ص وع وفي الأصل: فليس ذلك له.
(2) ما بين معقوفتين ثابت في الأصل وص، ساقط من ع.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وص. ويوجد بدله فيهما (وإن حلف).
(4) البيان والتحصيل، 16: 23.
(5) هذه الفقرة المكتوبية بين معقوفتين ساقطة كلها من الأصل. ثابته في ص وع.

(14/173)


وفعل فلان بي كذا من خنق أو ركض أو جرح. قال: فإن سمي من بلغ مقاتله أو بلغ منه ما يموت منه فلا يقسم إلا عليه. وإن لم ينسب إلي أحد مبلغ مقاتله وإنما وصف صنيعهم وقد قال: الخنق أشد ذلك علي او الركض أو لم يقل، فلينظر، فإن وجد أحدهم بلغ إنفاذ المقاتل دون أصحابه لم يقسموا إلا عليه. وإن وجدوا مقاتله قد أنفذها رجلان أو أكثر، أقسموا علي واحد؛ من شاءوا ممن بلغ لك الفعل منه. وليس لهم أن يقسموا علي غيرهم ممن لم يبلغ جرحه مبلغ هؤلاء. وإن كانت كلها مجهزة أو كلها غير موهنة أقسموا علي واحد من جماعتهم من شاءوا منهم وقتلوه.
قال في المجموعة: وإذا قال: أقسموا علي فلان فليس لهم أن يقسموا علي غيره، كما كان لهم اختيار من يقسمون عليه. فالميت أولي بذلك لعلمه بأشد ذلك عليه، وإن كان ذلك في الخطأ فالذي يقع في القلب أن لا يقبل منه وليقسموا علي جميعهم، ثم ينظر إلي حصة من عافاه، فإن حمل ثلثة (1) ما يقع عليهم سقط عنهم. ولو قال: لا تقسموا علي احد. كان لهم أن يقسموا [إلا] (2) إن حمل ثلثه الدية جاز ذلك. ولو لم يقل شيئاً فليس لهم أن يقسموا علي واحد في الخطأ وهم لا يدرون من ضرب من مات. وروي يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب مثل ما ذكر في العمد.
وقال فيه: إن قال دمي خطأ عند فلان وفلان وفلان، ولا تقسموا إلا علي فلان دونهم. فإن كان ثلثه يحمل ما يصير علي من نهاهم أن يقسموا عليه فليس لورثته أن يقسموا إلا علي من أمر، ويلزم عاقلته بقدر ما كان يصير عليهم من الدية لو أقسموا عليهم وإن قل. ولا شئ علي الآخر من الدية. وإن لم يسع ذلك الثلث خير الورثة: فإن شاؤوا أقسموا علي الذي
__________
(1) هنا يبتدي بتر نحو صفحتين في ع. وسنشير إلي نهايته بعد.
(2) ساقطة من الأًصل وص، والسياق يقتضيها.

(14/174)


أمر به وحده، وتجوز وصيته ويزول عن الباقين حصتهم من الدية. وإن أبوا أقسموا عليهم، ويحاص الموصي لهم. أن لا يقسموا عليهم في الثلث ثم يوضع عن كل واحد من الدية بقدر ما نابه من الثلث، وكان ما بقي علي عواقلهم، ويثبت علي الذي أمر أن يقسم عليه ما ينوبه من الدية، أقسموا عليه وحد أو عليهم كلهم.
ولو قالت الورثة [لا تقسموا] (1) إلا علي جميعهم فذلك لهم؛ ضاق الثلث أو اتسع. ثم يسقط عن الموصي لهم ما يجب عليهم من الدية.
ومن المجموعة قال مالك: ومن جرحه رجلان [عمداً] (2) فمات فلأوليائه أن يقسموا علي من أحبوا. وأما في الخطأ فيقسمون علي جميع الضاربين وتفرق الدية علي عواقلهم.
قال فيه وفي العتبية (3) من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وإن جرحه واحد خطأ وآخر عمداً وقامت البينة بذلك ومات المجروح؛ فإن شاؤوا (4) الأولياء أقسموا علي جارح العمد فقتلوه، وأخذوا من الآخر عقل الجرح؛ وإن شاءوا أقسموا علي الخطأ وأخذوا الدية من عاقلته واستقادوا من جرح العمد. وليس لهم أن يقسموا عليهما ليتسقيدوا من جرح العمد ويأخذوا الدية من عاقلة الآخر في الخطأ، ولكن علي ما فسرت لك. وإن لم يثبت الجراحات (5) ببينة وإنما هو قول الميت فهو كما ذكرنا في قيام البينة علي الجراح.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ص
(3) البيان والتحصيل، 16: 18.
(4) كذا في النسختين لغة أكلوني البراغيث. ويتكرر هذا فلا ننبه عليه
(5) كذا في ص وهو الأنسب وفي الأصل: لم يثبت الجراحات.

(14/175)


ولأبي زيد رواية عن ابن القاسم ذكرها ابن المواز، وقد ذكرناها في باب قبل هذا في الجماعة يجرحون رجلاً، فهناك قول أشهب.
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (1) قال: إن مات مكانه في ضارب العمد وضارب الخطأ، قتل به المتعمد، وعلي المخطئ نصف الدية إن عفي عن الضارب عمداً. وإذا عفي عن الضارب عمداً ضرب مائة وسجن عاماً.
وإن عاش المضروب بعد ضربهما ثم [مات] (2) أقسم ولاته علي أيهم شاءوا فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه ولا شئ علي الآخر. وإن أقسموا علي المخطئ كانت الدية عليه كاملة، يريد علي عاقلته، وبرئ الآخر، إلا أن يعلم أن أحدهم ضربه ضربة لا يموت من مثلها. فإن كان كذلك فلا شئ عليه.
ومن المجموعة قال سحنون [في] (3) البينة تخالف قول الميت، إن اختاروا أن يقسموا علي أحدهم بقول الميت بطل الجرح الآخر؛ كان العمد أالخطا؛ لأنه لا يستحق بقول الميت إلا بقسامة، ولا قسامة في الجرح.
قال ابن القاسم: وإن ضربه أحدهما خطأ ثم ضربه الآخر عمداً فمات مكانه فليقتل المتعمد، وعلي عاقلة الآخر نصف الدية.
قال عبد الملك: ولا تبطل القسامة بطول الأمد إذا انتقض الجرح في الطول، إذا قامت البينة إنه انتقض، فلولاه المقتول ما كان لهم يوم الضرب، وذلك أن يحلفوا لمن ضربه مات.
ومن المجموعة عن ابن القاسم، وهو في العتبية من رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وإذا أقسموا علي واحد من الجماعة ثم
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 79.
(2) ساقط من الأصل.
(3) ساقط أيضاً من الصل.

(14/176)


أرادوا تركه (1) وأن يقسموا علي غيره منهم، وزعموا أن جرحه كان أشد علي الميت (2) وأنه شبه عليهم، وإلا فليس [ذلك] (3) لهم في الثاني، وأما في الأول فينظر (4)، فرن كان تركهم الأول علي أن الآخر صاحبه وأبرأ الأول، فلا سبيل لهم أيضاً إلي قتل الأول، وإن كان انتقالهم إلي الثاني غضباً عليه وندماً في تركهم له ولم يبرئوا الأول، فلهم قتل الأول بقسامتهم.
ومن قال قتلني فلان وأناس معه. فيقتل لذي سمي بالقسامة. وقوله: وأناس معه؛ فإن أثبتتهم البينة أنهم ضربوه مع الذي سمي؛ فليقسموا علي واحد أيهم شاءوا من الجماعة.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإذا قال ضربني فلان وفلان وفلان. ولم يقل قتلوني. ثم قال بعد يومين أو ثلاثة: فلان فلان أجهزا علي. فسمي بعض من كان سمي أو سمي غيرهم، وقال ليس لي [في] (5) قتل من بقي شئ. فلأوليائه أن يقسموا علي أحدهما ويقتلوه إن شاءوا، ويجلد الآخر منهما مائة ويحبس سنة، ولا شئ علي باقي الجماعة.
ولو كان قال أولا في الجماعة قتلوني ولم يقل ضربوني ثم أوجب ذلك علي اثنين؛ فإن كانا من غير الجماعة الأولين سقط قوله (6)، في يرجع فيشهد علي آخر فلا يقبل. وأما إن كانا من الجماعة الأولي فذلك له لأن القسامة إنما تكون علي واحد منهم، فيقسم بقوله علي أحدهما.
__________
(1) كذا في الأصل. وهو أنسب. وفي ص: نزعة
(2) في ص: علي وليهم.
(3) ساقط من الأصل.
(4) كذا في ص. وهو الأنسب وفي الأصل: ولا في الثاني فينظر.
(5) ساقط من الأصل.
(6) هنا ينتهي بتر ع المشار إليه آنفاً.

(14/177)


في القسامة تجب علي الجماعة فيقر أحدهم بالقتل أو جميعهم
أو يقر من ليس منهم أو يقر واحد أنه قتله عمداً
وآخر أنه قتله خطأ
من المجموعة قال المغيرة في قوم وجبت عليهم القسامة فاستودي أحدهم فليقتلوه (1) ويقسموا علي واحد ممن بقي فيقتلوه (2) ويقسموا علي واحد ممن بقي فيقتلوه. وإن بقي واحد أقسموا عليه إن شاءوا وقتلوه. وذكر ابن المواز مثله عن مالك أن المقر إن ثبت علي قوله فلهم قتله والقسامة علي واحد ممن بقي وقتله، ويضرب من بقي مائة ويسجن سنة. ولو رجع المستودي قبل منه، وكذلك إن كان المقر ليس منهم.
وقال ابن القاسم، في الكتابين في قوم وجب لهم دم رجل بقسامة فقدم للقتل، وأرادوا قتله فأقر غيره أنه قتله، فإن شاءوا قتلوا المقر بإقراره، وإن شاءوا قتلوا الأول بالقسامة. ولا يقتلون إلا واحداً منهما. وكذلك روي عيسي عن ابن القاسم في العتبية (3) وقال ربيعة: يقتل هذا بالقسامة وهذا بالإقرار. ولا أقول به لأنه إنما قتله واحد.
قال ابن المواز قال مالك وابن عبد الحكم وأصبغ: إذا وجب في قوم القسامة وأتي غيرهم فأقر بالقتل فليقتل المقر ويقسم علي واحد من هؤلاء ويقتل. وقال ابن القاسم: لا يقتل إلا واحد إما المقر أحد هؤلاء بالقسامة (4) وإن قتل المقر فقال ابن القاسم مرة يقتل بقسامة، وقال مرة بغير قسامة. وأنكر أصبغ وابن المواز قوله بقسامة. وروي عنه أبو زيد في العتبية: يقتلون من شاءوا منهم بقسامة.
__________
(1) كذا في الأصل. وص ولعله الصواب وفي ع فليقتلوه واستودي أي أقر.
(2) البيان والتحصيل، 15، 475.
(3) صحف في الأصل: وإنما أحدهما بالقسامة.

(14/178)


قال في كتاب ابن المواز: ولو أقر الذي ليس منهم بعد أن أقسموا علي واحد من هؤلاء فلا يقتل إلا واحد إما المقر وإما الذي أقسموا عليه.
ومن العتبية (1) رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب [وهو في المجموعة عنه] (2) وإذا جرح النفر رجلاً فمات فتجب عليهم القسامة فأقروا كلهم بقتله، قال فلا يقتلوا منهم أحداً حتي يقسموا علي واحد أيهم أحبوا فيقتلوه، وليس لهم قتل واحد منهم بالقسامة وباقيهم بالإقرار. وكذلك لو لم يقر منهم إلا واحد منهم بالقسامة وباقيهم بالإقرار.
وكذلك لو لم يقر منهم إلا واحد فقال أنا قتلته. فلا يقتلوه حتي يقسموا عليه، وليس لهم أن يقسموا علي غيره ويقتلوا المقر بإقراره، ولكن يقسمون علي واحد كما لو لم يقر واحد منهم.
وروي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل فادعي دمه قبل رجل، فصالحه ورثته علي مال، ثم أقر غيره أنه قتله، فإن شاء ولاته تمسكوا بصلحهم، وإن شاءوا قتلوا الآخر وردوا ما أخذوا في الصلح. قال: والصلح بعد أن تجب لهم القسامة أو قبل جائز. ثم هم مخيرون إذا أقر غيره فإن قتلوا المقر قتلوه بغير قسامة.
ومن كتاب ابن سحنون قال المغيرة في رجلين أقر أحدهم أنه قتل فلاناً عمداً، وأقر الآخر أنه قتله خطأ: إن أولياء القتيل إن شاءوا قتلوا المقر بالعمد وسقط العقل عن المخطئ. وإن شاءوا أخذوا العقل من مال المقر بالخطأ وسقط القود عن الآخر، وعليه ضرب مائة وتغريب عام. وعلي الآخر الكفارة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 6.
(2) ساقط من ع. وكرر عبارة يحي بن يحي في الأصل.

(14/179)


في إقرار القاتل بقتل الخطأ أو بقتل العمد
وكيف إن رجع وقد قامت عليه بينة؟
وهل في ذلك قسامة؟
ومن المجموعة قال أشهب، ونحوه لابن القاسم، وإذا شهد شاهد أو شاهدان علي إقرار [القاتل] (1) أنه قتل فلاناً خطأ لم يجب ذلك عليه شيئاً ولا علي العاقلة إذا أنكر الشهادة، لأنه كشاهد علي العاقلة نقل عنه، وهو مع ذلك من أضعف الشهداء. فإن ثبت علي قوله ففي ذلك القسامة، ويجب علي العاقلة الدية. وإن لم يعرف له إنكار وقد شهد علي قوله رجلان وجبت القسامة.
[قال أبو محمد] (2): لعله يريد وليس بحاضر فيسأل. وكذلك قال أشهب ينبغي أن يسأل. قال وأما لو شهد علي القتل الخطأ شاهد، وشاهد علي إقراره، كانت القسامة مع الشاهد علي القتل خاصة، لا مع الشاهد علي الإقرار. وقال ابن القاسم: بخلاف شاهد علي إقرار رجل بدين. هذا يقر علي نفسه.
ومن كتاب ابن المواز ونحوه في المجموعة: ومن أقر بلا محنة أنه قتل فلاناً عمد، وشهد علي إقراره شهود، فحبس ليقتل فرجع وقال أقررت خوفاً من الضرب؛ إنه يقتل ولا يقبل رجوعه إلا أن يأتي بأمر معروف. وإن شهد شاهد علي إقراره بقتل العمد وهو يجحد، فقال ابن
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط من ع.

(14/180)


القاسم لا يكون إلا شاهدان (1). وقال أشهب (2) يقسم الولاة مع الشاهد علي إقراره ويقتلونه.
قال ابن القاسم وأشهب في المقر طائعاً بالقتل عمداً ثم يقول كنت كاذباً إنه لا يقتل منه [ويقتل] (3) وإنما لا يقام (4) علي من رجع ما كان من حد هو لله. فأما حقوق العباد فتؤخذ لهم (5). وأما المقر أنه قتل فلاناً خطأ فيقبل رجوعه، لأنه كشاهد رجع، ولا ينظر إلي من شهد علي إقراره. وقال ابن وهب عن مالك: لا تحمل ذلك العاقلة إلا أن يكون مع قوله شئ يشده. وقال عنه ابن القاسم: إن كان الذي أقر أنه قتله ممن يتهم علي غني ولده مثل الأخ والصديق لم يصدق. وإن كان من الأباعد لا يتهم فيه والمقر ثقة مأمون لا يخاف أن يكون أرشي فليقسم الولاة علي قوله، وتكون الدية علي عاقتله مؤجله، وقاله ابن القاسم وأشهب. محمد بن المواز: وهذا أحب إلي، وإن كان عبد الملك قد قال لي الدية كلها في مال القاتل لا قدر ما يلزمه مع العاقلة، ورواه عن مالك، وقال ابن القاسم الدية علي العاقلة بقسامة، والمقر كرجل منهم في الغرم. فإن لم يقسموا فلا شئ لهم [ولا] (6) في مال المقر.
وقال أشهب: وكذلك لو كان اعترافه لمن يتهم عليه. وقد قال رجل لعمر بن عبد العزيز إن امرأتي تحولت علي ابني فقتلته، فأبي أن يجعل له عقلاً وأبطله وقال إذا مات ابن أحدهم قال: تحولت عليه امرأتي، ولم يوجب فيه علي أحد شيئاً.
__________
(1) كذا في الأصل وص. وهو الصواب. وصحف في ع: إلا شاهداً
(2) في ص: وقال ابن القاسم. وهو تصحيف.
(3) ساقط من الأصل.
(4) كذا في ص وع وفي الأصل: لا يقع.
(5) كذا في الأصل وع. وفي ص: فيؤخذ بها.
(6) زيادة في الأصل وص.

(14/181)


وقد قيل: لا تحمل العاقلة عمداً ولا اعترافاً ولا عبداً، وتكون دية هذا القتيل علي المقر في ماله، لأنه لا يطل الدم عمن أقر به.
ومن كتاب ابن سحنون قال المغيرة: إذا أقر أنه قتل فلاناً خطأ فعقله في ماله. ولو قام شهد بقتل الخطأ مع ذلك أقسموا ولاته مع الشاهد، فإن نكلوا حلف من ولاة المعترف خمسون رجلاً ما قتله المعترف وسقط الدية عنهم وعنه، وقد أخرجه الشاهد من أن يلزمه الاعتراف شيئاً.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ: ومن أقر أنه قتل فلاناً خطأ أو عمداً ثم رجع عن إقراره وشهد علي إقراره شاهد؛ فأما في العمد فيقسم معه، وأما في الخطأ فلا، لاختلاف الناس في القسامة علي إقراره. [ولو ثبت عليه أو قام بإقراره شاهدان. ولو شهد شاهد علي إقراره] (1) بالعمد وشاهد علي معاينة القتل لكان قد تمت الشهادة ووجب القتل. وقاله [لي] (2) ابن القاسم. ولو كان هذا (3) في الخطأ أقسموا مع شاهد المعاينة.
وقال ابن المواز قال ابن القاسم: ومن أقر أنه قتل ابنه خطأ فلا يقبل منه ولا قسامة فيه. وإن أقر أنه قتله عمداً عمد لقتله أو عمد لضربه (4) لزمه إقراره. فأما تعمده للقتل [تفسه فيقتل به، وأما تعمده الضرب فمات من ذلك فتلزمه الدية مغلظة في ماله. وإن أقر أنه قتل نفسه] (5) خطأ أو عمداً فلا دية فيه وهو هدر وإن قامت علي ذلك بينة. قال مالك: وعلي ذلك الناس عندنا أن العاقلة لا تقعل من أصاب نفسه عمداً، أو خطأ.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) زيادة في الأصل.
(3) هكذا في ع. وهو الأنسب. وهو الأصل وص: ولو كان هكذا
(4) هذه عبارة ع. وهي المناسبة وفي الأصل: عمداً لقتله وعمداً لضربه. وفي ص: قتله عمدا بضربه.
(5) ما بين معقوفتين ثابت في ص وع ساقط من الأصل.

(14/182)


العمل في أيمان القسامة وكيف الحلف فيها؟
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن نافع عن مالك: ويجلب (1) من بأعراص المدينة إليها القسامة. فإن كانت مدينة عليه الصلاة والسلام- حلفوا عند المنبر بعد الصلاة. قال عنه ابن وهب: يحلف في القسامة والدماء واللعان، فأما بمدينة النبي – عليه السلام – فعند المنبر، وأما في غيرها من المدائن، ففي جامعها يحلفون قياماً. قال في كتاب ابن المواز: في أشنع ساعات النهار دبر الصلاة وعلي رؤس الناس، يحلفون بالله الذي لا اله الا هو لهوضربه ولمن ضربه مات ولا يزاد الرحمن الرحيم عالم الغيب والشهادة. قال ابن القاسم وأشهب في العتبية (2) مثل، ولا يقول الطالب المدرك.
قال ابن المواز: وروي ابن القاسم عن مالك قال: يقول في القسامة أقسم بالله الذي لا إله إلا هو – فقط- لهو ضربه ولمن ضربه مات. قال ابن القاسم: إن كان قد ضربه ثم عاش. قال أبو محمد: وأعرف في كتاب آخر أن المغيرة يزيد: الرحمن الرحيم. ولم يره مالك.
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال أشهب: فإن قال والذي لا إله إلا هو لهو ضربه ولمن ضربه مات. قال مالك: ولا يؤخذوا بأن يقولوا عالم الغيب والشهادة. وهذه أيمان الأعراب. قال أشهب: وإن قالوا لهو قتله ولم يذكروا الضرب وإن كان مضروباً فذلك جائز.
وقال عبد الملك: يحلف والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة لقد مات من الضرب الذي شهد عليه فلان وفلان أن فلاناً ضربه
__________
(1) كذا في ص وع. وهو الصواب. وصحف في الأصل: ويحلف
(2) البيان والتحصيل، 16: 128.

(14/183)


[ضربة] (1) إياه يردده هكذا. قال أشهب قال مالك: لم يستحلف بهذا في القسامة إلا قريباً. ولا أري ذلك، وهي من أيمان الأعراب.
قال: ويحلف في القسامة علي البت لا عل العلم، وقاله ابن القاسم في المجموعة والعتبية (2) رواية يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب.
قال أشهب في المجموعة وغيرها: يحلف الصغير يكبر مع شاهد بدين لأبيه الميت علي البت، ولو لم يجز علي البت لم يجز علي العلم؛ لأنه إذا لم يعلم لم يجز أن يقول: علمي. ولكن يحلف في القسامة ومع الشاهد كما جاءت السنة، ويسلم لذلك.
قال ابن المسيب: يحلف غير مستثن ولا متلجلج: أقسم بالله الذي أحيي وأمات أن قاتلنا الذي ندعي عليه قتل صاحبنا فلاناً لصدق صاحبنا. ويدفع إليهم. فإن عثر علي أن القسامة باطلة بشهادة عادلة لم يقتل به إلا من قتله. ويحلف من كان غائباً بأرض أخري، كما عرضها البني –عليه السلام- علي من لم يحضر القتل. ويحلف الأعمي وقاله كله ابن القاسم وقاله مالك.
قال سحنون في المجموعة: لأن العلم قد ينال بالمعاينة والسماع والخبر. كما أن الصغير إذا أخبره شاهدان بتركة أبيه جاز له تصديقهم، ثم يدعي ذلك فيسمع منه ويقضي له. فكما يستبيح بالخبر يحلف بالخبر مع شاهده ولو لم يجزم (3) لم يسع الحاكم قبول دعوته أو يمينه. ولو نكل لم ينبغ (4) للحاكم علي هذا [أن] (5) يحلف له المدعي عليه، ولكن العلم يدرك بغير وجه.
__________
(1) زيادة في الأصل، ولا معني لها.
(2) البيان والتحصيل، 16: 28.
(3) كذا في الأصل، وهو المناسب للسياق. وفي ص: ولم يخبر وفي ع: ولو لم يجز.
(4) في الأصل وص: لم ينبغي. وهو تصحيف وفي ع ما يشبه أن يقرأ: لم يسمح.
(5) زيادة في ع.

(14/184)


وأما القسامة فقد قامت السنة أن النبي – عليه السلام – عرض الأيمان علي من لم يحضر بما ثبت من لطخهم. قال مالك: ويجلب من بأعراص المدينة إليها في القسامة (1)، وبمكة (2) وبيت المقدس إليها، وإن كان عن عشرة أميال. ولا يجلب إلي غيرها من البلدان إلا من مثل عشرة أميال ونحوها.

في عدد من يحلف في القسامة
وقسمة الأيمان فيها في العمد والخطأ
قال مالك في المجموعة وكتاب ابن المواز: المجتمع عليه عندنا أنه لا يقسم في العمد إلا اثنان فصاعداً، تردد عليها الأيمان إلي تمام خمسين [يميناً] (3). قال ابن القاسم: كأنه من ناحية الشهادة، إذ لا يقتل بأقل من شهادتين. قال أشهب: وقد جعل الله لكل شهادة رجل في الزنا، رجلاً يميناً من الزوج في لعانه.
قال عبد الملك: ألا تري أنه لا يحلف النساء في العمد إذ لا يشهدن فيه. وإنما عرضها النبي – عليه السلام – علي جماعة. والجماعة اثنان فصاعداً، لقول الله عز وجل: (فإن كان له إخوة فلأمه السدس) (4).
قال علي قال مالك: والأيمان فيما سواه في المدعين علي عددهم. قال ابن القاسم وابن وهب قال مالك: يحلف من الولاة خمسون رجلاً، كل
__________
(1) كذا في الأصل. وفي ص وع: المدينة في اليمين وفي القسامة.
(2) في ع: وفي مكة.
(3) ساقط من الأصل.
(4) الآية 11 من سورة النساء.

(14/185)


رجل يمين. فإن لم يكونوا خمسين ردت عليهم الأيمان. قال المغيرة وأشهب وعبد الملك: فإن كانوا أكثر من خمسين، وهم في القعدد سواء، قال في كتاب ابن المواز: مثل الإخوة أو غيرهم قالوا: فليس عليهم أن يحلف منهم إلا خمسون رجلاً، وليس لهم أن يحلف اثنان منهم خمسين [يميناً] (1). قال: لأن من لم يقسم منهم ممن فوق الخمسين لم يدع ذلك نكولاً.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإن أبوأ إلا أن يحلف منهم رجلان خمسين يميناً لم يجزئهم، وهو كالنكول حين لم خمسين يميناً من كل رجل يمين، ثم من بقي لا يعد ناكلاً لتمام الأمر. فإن نكل بعض الخمسين الذين في يد الإمام للأيمان، وطاع من لم يكن في يده منهم بأن يقسم مكان الآبي فليس لهم ذلك. ويصير الآبي في هذا عن اليمين كالعافي إذا استووا.
قال المغيرة: وإن حلف الخمسون ثم قال الباقون الذين لم يحلفوا بعد أن استحق الدم نحن نعفو، فذلك لهم، ولمن لم يعفوا نصيبهم من الدية (2).
ومن كتاب بن المواز: وإذا كان الأولياء في العمد مثل الإخوة أو الولد أو غيرهم في القعدد سواء، أكثر من خمسين وأقل؛ هل يحلف بعضهم؟ قال: ذهب ابن القاسم إلي أن يمين رجلين منهم خمسين يميناً بينهما سواء يجوز [وينوب] (3) عمن بقي، ولا يحلف أقل من رجلين. ثم القتل إلي جميعهم والعفو لمن حلف ومن لم يحلف.
قال أشهب: إن كانوا أكثر من خمسين حلف منهم خمسون. وإن كانوا أربعين حلف كل واحد منهم يميناً يميناً، وقيل لهم يأتي منكم عشرة يحلفون عشرة أيمان أخر. وكذلك إن كانوا [ثلاثين رجلاً. أو ما هو أكثر من
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) صفحت عبارة ع: وإن لم يعف نصيبه من الدية.
(3) ساقط من ع.

(14/186)


خمسة وعشرين. فأما إن كانوا] (1) خمسة وعشرين فليحلفوا يمينين [يمين] (2) وإن كانوا أقل، حلف كل واحد منهم يمينين يمينين (3)، ثم يحلف منهم ما بقي من الخمسين يميناً يميناً (4). وإن كانوا خمسة عشر حلف كل واحد ثلاثة أيمان، وتبقي خمسة أيمان يحلفها منهم خمسة نفر يميناً يميناً. وقال ابن القاسم في هذا كله يجزئ يمين رجلين (5) منهم، الخمسين بينهما نصفين، إن تطاوعوا (6) بذلك، ولم يكن ذلك ممن [لم] (7) يحلف نكولاً عن اليمين. فإن أبي أحد منهم وقوفاً عنها سقط الدم بذلك.
محمد: وقول ابن القاسم صواب، وذلك أن أيمان القسامة يجزئ يمين بعضهم عن بعض. ولو لم يجزئ ذلك لم يقل أشهب إن كانوا ثلاثين يحلفون يميناً يميناً ثم يحلف عشرون منهم عشرين يميناً. ولو كانوا عنده مائة في القعدد سواء أجزأ يمين خمسين منهم. وكما يجزئ يمين الأكابر دون الأصاغر. بل جعل لمن لم يكن له في الدم حق أن يحلف عمن له الحق من صغير أو كبير (8). وأما إذا تشاح الأولياء ولم يرض أن يحمل بعضهم عن بعض فلا بد مما قال أشهب ويقول به ابن القاسم.
قال أشهب: ولو بدأ البعض من طاع باليمين، وهو خمسون أو كانوا أكثر من خمسين فطاع خمسون منهم، ثم بدا لبعضهم فتنحي وأدخل غيره، فلا سبيل إلي الدم ولا إلي القسامة. والآبي كالعافي. قال محمد: صواب؛ إذا علم من واحد منهم امتناع عن اليمين [فأما إن لم يكن من أحدهم
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) زيادة في الأصل.
(3) يمينين الثانية ساقطة من ع.
(4) في الأصل يمين يمين، وهو تصحيف. وسبتكرر فيه.
(5) في ع: رجل. وهو تصحيف.
(6) في ع: إن طاعوا.
(7) سقطت من الأصل.
(8) كذا في ص، وه المناسب. وفي الأصل وع: من صغير أو كان واحد منهم كبيراً.

(14/187)


امتناع] (1) فجائز أن يحمل بعضهم عن بعض في العمد [إن كانوا اثنين فصاعداً] (2).
قال ابن القاسم: يجوز في العمد أن يحلف اثنان منهم وإن كثروا وتساووا. وإن كان القتل خطأ لم يجزئ أن يحلف إلا جماعتهم، لأنه مال يرثونه.
قال مالك: وإن كان ولد المقتول صغاراً فإنه يقسم ولي الصغير إن كان (3) من عشيرته إن كان معه غيره، ويحلف وإن كان الولي أولي من الذي انضم معه في القسامة، ثم يكون القتل إلي الولي أولي ممن ضم معه في القسامة، وإن شاء أخذ الدية.
قال أشهب عن مالك: وإن لم يجد من يحلف معه من عشيرته حلف ولي الصغير وحده خمسة وعشرين يميناً، ثم يكون القتل للصغير خاصة.
قال محمد (4) وذلك إذا كان ولي الصغير أبعد منه. فأما لو كان أخاه (5) لكان القتل لهما أو العفو إذا حلف الصغير بعد كبره. قال مالك: وإن كان ولي الصغير أجنبياً لم يحلف إلا عصبته والوصي (6) القائم بأمر الدم.
قال: وإذا كان جد وإخوة قال ابن القاسم: يحلف الجد معهم بقدر ميراثه (7) في العمد والخطأ، يريد إذا تشاحوا. وقال أشهب: هذا في الخطأ.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) زيادة في الأصل.
(3) في الأصل: كانوا
(4) كذا في الأصل وع وفي ص: قال مالك.
(5) في النسخ كان أخوه.
(6) في ص: والولي.
(7) في ع: ميرائهم.

(14/188)


يحلف ثلث الأيمان سبعة عشر يميناً، يجبر عليه اليمين لأن عليه أكثر تلك اليمين. فأما في العمد فأيمان العصبة فيه علي القعدد. ولو حلف الجد معهم لم يكن القتل والعفو إلا إلي الإخوة. وقال ابن القاسم: هو كأحدهم [يجوز عفوه كما] (1) يجوز عفو أحدهم. وقاله أصبغ.
قال أشهب في الكتابين: وإذا كان في الخطإ جد وثلاثون أخا، حلف الجد سبعة عشر يميناً، وحلف الإخوة ثلاثين يميناً، ثم يحلف ثلاثة من الإخوة الثلاثة أيمان الباقية. ولو كان مع الجد عشرون أخاً وعشر أخوات، يحلف الإخوة أربعة أخماس الثلاثة والثلاثين يميناً الباقية، وذلك ستة وعشرون يميناً، ويبقي خمس يمين يجبر علي الأخوات إذ أصابهن أكثرها، فيحلفن سبعة أيمان، وإنما أصابهن ستة أيمان، وثلاثة أخماس يمين، فجبرت عليهم يحلفها سبع نسوة منهن، ويستوجبن كلهن ميراثهن، لأن من لم تحلف منهن غير ناكل. وكذلك الذكور (2) إذا حلفوا يميناً يميناً حلف ستة منهم الستة أيمان الباقية وأجزأهم.
قال محمد: ومذهب ابن القاسم في هذا الأصل أحب إلي أنه لا يجبر اليمين علي بعضهم دون بعض في الخطأ إلا في اليمين الواحدة، وإنما تجبر الأيمان علي من عليه أكثرها علي ما قال أشهب في العمد الذي يحلف بعضهم عن بعض. وليس [ذلك] (3) في الخطأ، لأنه لا يحمل أحد عن أحد في الخطأ يميناً لأنه مال لهم. فلو كان لجماعة دين بشاهد واحد، لم يكن بد من اليمين علي كل واحد (4). وكذلك في الميراث [تفاضلوا في الميراث أو] (5) استووا، فإذا فضلت أيمان في الخطأ يسيرة أو كثيرة فلابد أن يحلفها الباقون، إن كانت أقل من عدتهم حلفوا يميناً يميناً.
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) في ع. الإخوة.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في الأصل. وفي ص وع: من يمين كل واحد.
(5) ساقط من الأصل.

(14/189)


وقال في مسألة أشهب في الجد والإخوة والأخوات: إذا حلف الجد سبعة عشر يميناً، فيلحلف الرجال والنساء كل واحد يمينين [يمينين] (1) كما لو كانوا مائة أخ مع الجد، فحلف الجد سبعة عشر، فلا بد من يمين يمين علي الإخوة. ومن نكل منهم فلا شئ له، ويأخذ من حلف حصته من الدية إذا حلف منهم خمسون رجلاً خمسين يميناً، أو حلفها بعضهم قضي لمن حلف، ولم يأخذ من لم يحلف حتي يحلف قدر نصيبه من الدية. ولو أبوا اليمين إلا الجد فلابد أن يحلف خمسين يميناً ويأخذ ثلث الميراث؛ لأنه لا يستحق شئ من الدية حتي تتم أيمان القسامة.
وكذلك لو كانت امرأة وقامت وحدها لحلفت الخمسين يميناً كلها وأخذت نصيبها، قم إن قام غيرها لم يحلف إلا بقدر نصيبه من الميراث. ولو أن الإخوة الناكلين بدا لهم أن يحلفوا بعد يمين الجد فليس ذلك لهم. وذلك لمن كان منهم غائباً فقدم أو من لم يعرض عليه يمين من الحضور حتي حلف الجد الخمسين، فليحلفوا قدر نصيبهم من الأيمان ويأخذوا حظهم من الدية.
وقاله مالك في البنين والبنات في الخطأ. أو بنت وابن، إذا أتت البنت أولاً حلفت خمسين يميناً، ثم من جاء بعدها فإنما يحلف بقدر نصيبه لو حضروا كلهم أولاً. وكذلك لو بدأ الذكور أو أحدهم. وكذلك إخوة وأخوات، وأب وبنات وعصبة.
قال: فلو حلفت الأختان ثلثي الأيمان والصعبة ثلثها وأخذوا الدية. ثم قدمت أخت ثالتة [فإن] (2) حلفت اثني عشر يميناً أخذت ثلث الثلثين من أخنيها. وإن نكلت رجع نصيبها إلي العاقلة بعد يمين العاقلة علي علمهم. فإن نكلوا دفع ذلك إلي القادمة بلا يمين.
__________
(1) زيادة في الأصل.
(2) ساقطة من الأصل.

(14/190)


قيل لمالك: فالمرأة الواحدة تأتي أولاً؟ قال: تحلف جميع الأيمان في الخطأ، وما هو من الأمر القديم. قال محمد: هذا قول مالك وأصحابه ما علمت فيه بينهم اختلافاً. قال ابن القاسم: فإذا ثدمت واحدة، يريد: بنت أو أخت، فحلفت خمسين يميناً وأخذت نصف الدية، ثم قدمت لها أخت [أخري] (1)، قال تحلف سبعة عشر يميناً وتأخذ سدس الدية من أختها وسدسها من العاقلة.
محمد: وكذلك قال مالك في الغائب يقدم والصغير يكبر بعد أن حلف غيره جميع الأيمان وأخذ حصته؛ فليحلف هذا بقدر حصته من الأيمان ويأخذ ميراثه من الدية.
ومن العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم: وإذا أتت امرأة فأقسمت خمسين يميناً فأخذت قدر حصتها من الميراث، ثم تندم، وردت ما أخذت علي الذي أقسمت عليه. ثم جاءت أخت لها فلها أن تحلف بقدر نصيبها في الميراث، ولا تحلف خمسين يميناً، لأن يمين الأولي حكم لا ينقض لرجوعها، كما لو حلفتا خمسين يميناً أخذتا ثلثي الدية ثم نزعت إحداهما لم تكلف الباقية أن تتم خمسين يمناً.
ومن كتاب ابن المواز: ولو حلف أحد كبيرين ونكل الآخر، وثم صغير فلبغ، حلف بقدر نصيبه وأخذه. وأما في دم العمد فيحلف الأكابر ويقتلون.
ولو كان ثم كبير غائب لم يعجل حتي ينظر الغائب أيعفو أم يقتل؟ وكذلك لو كان الدم ببينة بغير قسامة. وكذلك لو كانوا حضوراً كلهم فتطوع باليمين اثنان عن الباقين، فليخير الباقون فإن كان منهم من يأبي اليمين أو ينكل فهو كالعفو، ويبطل الدم.
__________
(1) زيادة في الأصل.
(2) البيان والتحصيل، 15: 521.

(14/191)


ولو كانوا كباراً وصغاراً في العمد، فعفا الكبار أو أحدهم أو نكل جاز إن كانوا مع الصغار في درجة، وصارت دية في مال القاتل شاء أو أبي. فإن كان عديماً اتبع بها ديناً، وذلك إذا كان النكول بعد استحقاق الدم بالقسامة أو بالبينة.
وإذا عفا الكبار وهو عصبة، فالصغار أحق بالدم منهم، وإن عفوا علي دية جاز علي الصغار، وإلا فلا. فإن كان للصغير وصي فهو أولي بذلك من عصبته، وهم أحق بالقسامة، والوصي يقوم بالقتل أو يعفو علي الدية.
قال: وإذا كان أولي الأولياء بدمه رجلان، والدم خطأ، فليحلفا خمسين يميناً، وليس لهما الاستعانة فيها بغيرهما ممن هو أبعد من العصبة والعشيرة. ولهم ذلك في العمد، ولا يحلف فيه النساء، ولا يحلف أقل من اثنين من الرجال، ويبدأ بيمين الأقرب فالأقرب، ويحلفون بقدر عددهم مع عدد المعينين. [فإن حلف الذين هم أحق بالدم من بنين أو إخوة أكثر من المعينين] (1) يريد حلف الأقربون أكثر من عدد أنفسهم، فذلك جائز. فأما إن حلف المعينون أكثر مما عليهم في العدد مع عدد الأقربين لم يجز ذلك.
قال: وإذا كان ولاة الدم في العمد رجلين فحلف واحد منهما [ماعليه] (2) خمسة وعشرين يميناً، ثم وجد الآخر من يعينه في أيمانه فذلك [له] (3) علي ما ينبغي من التفسير؛ وذلك أنه إن وجد أربعة وعشرين، يعينونه يميناً يميناً، يجزئه أن يحلف هو معهم يميناً واحدة؛ لأني أجعل المعونة كأنها (4) للأخوين، فوقع اثنا عشر من المعونة للأول الحالف، فصار
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ع.
(4) في ع: كلها. وهو تصحيف.

(14/192)


كأنه حلف أكثر مما عليه، وبقي لهذا معونة باثني عشر يميناً، فلابد أن يحلف معهم ثلاثة عشر يميناً. [وكذلك لو وجد هؤلاء المعينين له خاصة قبل يمين أخيه لم تكن المعونة إلا لهما. ويحلف كل واحد منهما ثلاثة عشر يميناً] (1) مع هؤلاء. محمد: وهذا قول عبد الملك، وهو جيد.
قال ابن القاسم: وإذا لم يكن غير وليين في الدم [العمد] (2) لم يجز أن يحلف أحدهما أكثر من صاحبه. وإنما يجوز ذلك، إن كانوا أكثر من اثنين، فتحمل الأيمان (3) علي غيرهم.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا كان بعض ولاة المقتول أعمي فإنه يقسم معهم، وهو تام الشهادة إذا كان عدلاً عند العلماء من الصحابة وتابعيهم؛ وقد نقل عن أمهات المؤنين من وراء حجاب، وكما يجوز له وطء زوجته فكذلك يشهد (4).
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) ساقط من الأصل.
(3) صحفت في الأصل: فيحمل اثنان.
(4) هنا تنتهي نسخة أيا صوفيا "الصل" مع بداية الورقة 153/ظ من الجزء التاسع عشر من تجزئتها العشرينية. وسنتعمد من الآن نسخو الصادقية التونسية مكان الأصل باعتبارها المخطوط الوحيد-من بين ما وقفنا عليه-الذي يحتوي علي بقية نص النوادر متسلسلا إلي نهاية الكتاب، وسنرمز إليها دائماً بحرف ص.

(14/193)


فيمن يستعان به في أيمان القسامة من العصبة أو العشيرة
في الولي الواحد (1) أو يستعين في بعض الأولياء
من كتاب ابن المواز قال: وإذا لم يكن إلا ولي واحد في دم العمد فلينظر من يحلف معه وإن كان أبعد منه من عشيرته. قال ابن القاسم في المجموعة: ممن يلتقي معه في أب معروف (2)، فيحلف كل واحد منهم خمساً وعشرين (3) يميناً. وله إذا وجد جماعة أن يستعين بهم إن شاء كلهم أو بعضهم حتي يتم الخمسين يميناً، إما يمين يمين (4) أو يقسم بينهم [يمين] (5) ويساوونه في الأيمان ولا يحلف كل واحد منهم أكثر منه (6)، وله أن يحلف هو أكثر من كل واحد منهم، يريد ما لم يحلف أكثر من خمسة وعشرين.
قال مالك: وإن كانا وليين والقعدد سواء، فلهما أن يستعينا بمن هو أبعد منهما، ثم يكون القتل لهما أو العفو. ثم إن بدا لمن طاع من العشيرة باليمين لم يبطل ذلك الدم وردت الأيمان علي القاتل فليحلف خمسين يميناً، ويأتي هو من عشريته بمن يحلف عنه الخمسين يميناً، ثم يضرب مائة ويحبس سنة. وإن كان ولي واحد ولم يجد من يحلف معه، قال: يحلف المدعي عليه كما ذكرنا ويضرب ويسجن.
__________
(1) كذا في ع. وهو الأنسب. وفي ص: الولي الحميد.
(2) كذا في ع. وفي ص: يلتقي معه إلي معروف.
(3) صحفت في ص: فليحلف .... خمس وعشرون.
(4) كذا في ص وفي ع: بياض بقدر ثلاث كلمات ثم: يميناً يميناً.
(5) زيادة في ص.
(6) كذا في ص. وصحف في ع: أكثر من مائة.

(14/194)


ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم وغيره قال مالك: والقسامة إلي عصبة المقتول قال ابن القاسم: فإن ترك ابناً وهو عربي وله عشيرة فليقسم مع الابن من قرابته من هو معروف يلتقي معه إلي جد يوارثه به. فأما من هو من عشيرته بغير نسب معروف فلا يقسم، كان للمقتول ولد او لم يكن.
وقال عبد الملك: ويستعين الولي في عصبته، يريد في العمد، بمن شاء إلي منتهي خمسين رجلا. ولو حلف [أحد] (1) الوليين فلأحدهما أن يستعين بمن شاء من عصبته فإن أعان أحد هذا الحالف ولا يريد حتي حلف هو وهم نصف أيمان القسامة، قال: فإنه ينظر أيمان من أعانه بقسمه بين الوليين ويزاد علي الذي حلف منهما علي ما حلف حتي يستكمل شطر ما بقي بعد أيمان المعينين، ويحلف الآخر الشطر الباقي بعد أيمان المعينين. ولو أن الحالف أولا حلف وحده عن أناس ممن يعينه أو رأي أن يحلف بغير معين فحلف، ثم وجد الآخر من يعينه فذلك جائز له، إلي أن يكمل هو وهم خمسة وعشرين يميناً. فإن للمعينين (2) أن يحلفوا يميناً يميناً (3) والأولياء أكثر من ذلك. وأما أن يحلف كل واحد من المعينين أكثر مما يصيب كل واحد من الأولياء فليس لهم ذلك. وإذا استعان ولي الدم بمن يحلف معه لم يحلف معه أكثر من خمسة وعشرين يميناً، ولا يبدأ بالمستعان بهم، ولكن يبدأ بولي الدم.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ص. وفي ع: قال وللمعينين.
(3) يميناً الثانية ساقطة من ص.

(14/195)


في ابن الملاعنة والعفو عنه ومن لا ولاة له ولا عصبة
وذكر القسامة في الحنين يستهل
ومن كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال ابن القاسم في ابن الملاعنة يقول دمي عند فلان، فإن كانت أمه معتقه أو أعتق أبوها أو جدها أقسم مواليها في العمد. قول أشهب وعصبتها. وأما في الخطأ فليقسم ورثته بقدر مواريثهم من رجال ونساء، ويستكمل من حضر منهم خمسين يميناً وإن كانت من العرب فلا قسامة فيه في العمد. محمد: لأن العرب خولته، ولا ولاية للخولة. وكلك من ولا ولاة ولا موالي، لأن ماله لبيت المال.
قال ابن القاسم: ولو وقام بالقتل شاهدان كان لأمه القتل أو العفو، كانت من العرب أو مولاة، وخالفه أشهب في عفو الأم. وقال أشهب: إذا كانت أمه من العرب فلا قسامة فيه في عمد ولا خطأ، إذ لا عصبة له تعرف، كشاهد قام علي حبس دار حياة رجل. فلو كانت علي رجل بعينه حلف معه، وإن كانت علي السبيل أو المساكين لم يحلف معه. وكذلك في الوصايا للمساكين أو في السبيل يقوم به شاهد [ولو كانوا معينين لحلفوا معه، وكذلك في القسامة لا تكون في العمد إلا بأيمان عصبة تعرف] (1).
وأما في الخطأ فيكون بقدر مواريثهم في الدية. وذهب أشهب إلي أنه لا عفو لأمه في العمد والخطأ إذا ثبت القتل بشاهدين، ولها القتل في العمد كانت عربية [أو مولاة. ولا يجوز عفوها لأنها إن كانت عربية] (2) فالمسلون ولاته يعلقون عنه، والسلطان ينظر لهم. ومن قام بالدم [منهم أو
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساقط من ع.

(14/196)


منها] (1) فهو أحق. [وإن كانت مولاة فلمواليها أن يعفوا. ومن قام بالدم منهم أو منها فهوو أحق] (2) وكذلك لو كانت له بنت مع ذلك والقتل بشاهدين، فمن قام بالدم فهو أحق وإن كانت عربية، والسلطان يقوم مقام موالي الأم لو كانت مولاة. وكذلك المنبوذ والمعتق سامة (كذا).
ومن أسلم علي يد رجل فهو مثل ما ذكرنا في ابن الملاعنة وفي القسامة بقوله أو بشاهد علي القتل في العمد وفي الخطأ أنه يقسم وارثوه بقدر مواريثهم.
قال: ولو أن ابن الملاعنة وأمه مولاة أو عربية وقد عقل عنه عصبة أمه أو مواليها في المولاة، المسلمون في العربية، ثم استلحقه أبوه، ثم قال دمي عند فلان [فإنه] (3) يمضي ما تقدم فيه، ويقسم الآن أبوه وعصبة أبيه في العمد، ويقسم في الخطأ وهو ومن يريد. وكذلك من ولدت أمته ولم يقر بوطئها وقال إنه من زني فباعه وأعتقه المبتاع وعقل عنه قوم مولاه، ثم استلحقه بائعه أنه يلحق به، ولا يرد ما مضي من أحكامه في تلك المعاقلة ويأتنف معاقلة [قبيلة] (4) أبيه من الآن.
قال ابن المواز: ولا قسامة في الجنين إذا يستهل، لا اختلاف في هذا. وإن استهل فأشهب يقول: إن مات مكانه ساعة استهل لم يلبث فلا قسامة فيه، وفيه دية الخطأ بكل حال (5)، ضربت أمه عمداً أو خطأ، لأن موته بضرب أمه. وقال ابن القاسم عن مالك: إذا استهل ففيه القسامة قال ابن القاسم: لأنه لم يمت ساعة أصيب قد بقي حتي جرح واستهل بخلاف
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضا من ص.
(5) كذا في ع وهو المناسب وعبارة ص: وفي دمه الخطأ بكل حال.

(14/197)


من أصيب في المقاتل، قال: ففيه القسامة إذا استهل، ويقتل الضارب في العمد بالقسامة، وأما في الخطأ فالدية علي عاقلته.
ومن العتبية (1) من سماع يحي بن يحي عن ابن القاسم وأشهب: وسألته عن المنبوذ ومن لا وارث [له] (2) إلا جماعة المسلمين، مثل مسألة أهل الكتاب ويتهم أحدهم بقتل (3) عمداً أو خطأ فلا يشهد علي عاقلته إلا رجل واحد. قال: لا يستحق دم مثل هذا إلا بشاهدين، لا يستحق بقسامة. وإذا كان للمقتول عمداً عاقلة وليس له وارث ولا عصبة فلا تقسم عليه عاقلة الجاني (4)، ولا قسامة إلا بوارثة نسب ثابت أو ولاء، ولا يقسم من القبيلة (5)، إلا من التقي معه إلي نسب ثابت ببينة، ولا المولي [الأسفل.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن التقط] (6) لقيطا فقتل بعد أن صار رجلا، فرمي بدمه رجلا (7) فلا يقسم فيه ملتقطه، ولكن ترد الأيمان علي المدعي عليه فيحلف خمسين يميناً. فإن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن نكل سجن أبداً حتي يحلف أو يموت. وكذلك (8) من قتل من العرب أو من المسلمين ولا عصبة له فلا يستحق دمه بقسامة، ولكن ترد الأيمان كما ذكرنا. وقاله ابن القاسم وابن نافع وابن عبد الحكم وأصبغ.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 15.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ص وهو المناسب وعبارة ع: ويتهم بقتل أحدهم.
(4) كلمة الجاني ساقط من ع.
(5) كذا في ع. وعبارة ص: ولا تقسم القبيلة.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(7) هذه هي عبارة ص المناسبة للسياق. وفي ع: فيرمي بدمه رجلان.
(8) في ص: ولكن.

(14/198)


في نكول بعض ولاة الدم عن القسامة في العمد والخطأ
وفي رد أيمان القسامة علي المدعي عليه
وهل يحلف معه أحد من ولاته كما يفعل المدعون؟
وفي نكول المدعي عليه أو العاقلة
من كتاب ابن المواز، ومثله في المجموعة والعتبية (1) قال ابن القاسم في المجموعة وابن وهب عن مالك: وإذا نكل ولاة الدم عن القسامة ثم طلبوا أن يقسموا فليس [ذلك] (2) لهم إذا كان نكولاً بيناً. ومن نكل عن اليمين فقد أبطل حقه. قال ابن وهب عن مالك: إلا أن يكون لهم عذر بين ظاهر في تركها. [قال سحنون في العتبية: مثل أن يزعموا أن علي الميت ديناً وأوصي بوصايا] (3) وكذلك لو نكلوا وردت الأيمان علي المدعي عليهم فنكلوا لم [يكن] (4) للمدعين أن يرجعوا فيحلفوا.
ومن المجموعة قال مالك: وإذا نكل بعض ولاة الدم في العمد حلف من بقي منهم، إلا أن ينكل بعض من له العفو فلا سبيل إلي الدم، وترد الأيمان حينئذ علي المدعي عليهم. [وكذلك في نكول جميع المدعين فترد علي المدعي عليهم (5)] يحلف منهم خمسون رجلاً. وقال ابن القاسم في المجموعة لا يحلف فيهم المتهم فإن لم يكن فيهم خمسون ردت عليهم الأيمان فإن نكلوا ولم يوجد غير المتهم لم يبرأ حتي يحلف هو خمسين يميناً [ويبرأ] (6).
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 444. 445.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) ساقط أيضا من ص.
(5) مابين معقوفتين ساقط أيضاً من ع.
(6) زيادة في ع.

(14/199)


قال في كتاب ابن المواز: ويضرب مائة ويحبس سنة. قال عبد الملك: لأنه مدعي عليه، فلذلك يحلف وحده. وأما المدعون فإنه لا يقوم دم العمد بأقل من يمين رجلين. قال ابن القاسم: ولأنه أقيم مقام الشهادة. قال مالك: فإن اتهم بالعمد جماعة (1) فلابد من يمين كل واحد منهم خمسين يمينا، [كثروا أو قلوا.
قال في كتاب ابن المواز عن مالك، ومثله لعبد الملك: لأن كل واحد في نفسه يحلف إذ لعله الذي كان يقسم عليه، فإذا حلف كل واحد خمسين يمينا] (2) برئ إلا من الضرب والسجن، ومن لم يحلف منهم سجن حتي يحلف.
قال عبد الملك في المجموعة وكتاب ابن المواز وابن حبيب: ولكل واحد منهم أن يستعين في الخمسين يميناً التي يحلف من عصبته بمن شاء ما بينه وبين أن يكون علي كل رجل منهم يمين فذلك له. قال ابن المواز: وقاله ربيعة ومالك.
قال عبد الملك في الكتابين: وإن كانوا كلهم من بطن واحدة فذلك أيضا لهم، ولكن لا ينقص كل رجل منهم من خمسين يميناً. قال: وإذا كانوا مفرقتين فلا يستعين أحد بغير عصبته، ولو كانوا من فخذ (3) واحد استعان فأخذ تسعة وأربعين منهم فحلفوا معه. فلمن حلف بعده من المتهمين أن يستعين بهم أنفسهم أيضا للأيمان معه، وبالمتهم نفسه الذي يحلف عنه. وكذلك مع الثالث إن كان المتهمون ثلاثة، وليس لهم أن يجمعوهم في مرة فيقولوا ما قتله فلان ولا فلان ولا فلان، وليحلف الثلاثة ثلاثة أيمان. قال: ولابد من تكريرهم الأيمان مع كل واحد منهم.
__________
(1) هذه عبارة ع، وهي المناسبة وفي ص: فإن أقيم بالدم جماعة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) في ع بياض مكان " فخذ".

(14/200)


ومن كتاب ابن حبيب قال مالك: وإذا نكل بعض ولاة الدم حلف من بقي إن كانوا اثنين فصاعداً أو كانوا أقعد من الناكلين، فإن كانوا مثلهم في القعدد أو أقعد منهم ممن يجوز عفوه فلا سبيل إلي الدم، وترد الأيمان علي المدعي عليه إن كان واحداً وعليهم إن كانوا جماعة، حتي يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً، ومن نكل حبس حتي يحلف.
قال مطرف: ولا يكون للمدعي عليهم، واحداً كانوا أو جماعة، أن يستعينوا بمن يحلف معهم كما يفعل ولاة المقتول، لأنهم إنما يبرئون أنفسهم، ورواه عن مالك. وقال ابن الماشجون: لهم أن يستعينوا بولاتهم وعصبتهم وعشريتهم كما ذلك لولاة المقتول، وقاله ربيعة ويحي بن سعيد والمغيرة وغيرهم، وبه قال أصبغ.
وقال ابن حبيب برواية مطرف عن مالك. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، ورواه هو وابن وهب عن مالك قال: إذا ردت الأيمان علي أولياء القاتل في العمد لنكول أولياء الدم أو لأنه لم يوجد من يحلف إلا واحد، فإنه إن حلف أولياء القاتل خمسون منهم خمسين يميناً، وإن لم يكن إلا اثنان منهم فحلفوا الخمسين يميناً دون القاتل، برئ المدعي عليه ولا يحلف معهم ولا يجبرون علي الأيمان عنه إلا أن يتطوعوا. فإن قالوا نحلف بعضها ويحلف هو البعض فليس ذلك لهم، ولابد أن يحلفها [من ولاته رجلان فأكثر دونهم، فإن لم يوجد إلا رجل لم يجز أن يحلف (1)] غير المدعي عليه لأنه لا يبرئه إذا حلف إلا خمسون يميناً، فليحلفها وحده. قال مالك: فإن نكل حبس أبداً حتي يحلف.
وقال عبد الملك: يحلف فيها هو ومن استعان به من [غير] (2) عصبته يحلفون هو وهم سواء، وله هو أن يحلف أكثر منهم، وإن لم يجد حلف هو
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) زيادة في ص ويظهر أن لا محل لها.

(14/201)


وحده الخمسين يميناً. قال محمد: قول ابن القاسم أشبه بقول مالك في موطنه.
قال سحنون وفي العتبية (1) عن ابن القاسم: وإذا نكل مدعو العمد عن القسامة ردت الأيمان علي أولياء القاتل، فإن حلف منهم خمسون رجلا خمسين يميناً برئ هو، ولا يحلف هو معهم ولا يجبرون علي الأيمان معه (2) إلا أن يتطوعوا، فإن لم يجدوا إلا أقل من خمسين [رجلا] (3) حلفوا خمسين تردد عليهم عن طاعوا بذلك، وليس عليهم (4) أن يجعلوا القاتل أن يحلف بعضها، فإما (5) حلفوها كلها وإلا حلفها المدعي عليه وحده كلها، فإن أبي سجن حتي يحلف. ولا يحلف عنه اقل من رجلين.
قال ابن المواز: وإذا وجبت القسامة بقول الميت أو بشاهد علي القتل فردت الأيمان علي المدعي عليه فليحلف هو أو ولاته، فإنه إن نكل هاهنا المدعي عليه حبس حتي يحلف، وإن أقر قتل. هذا قول مالك وأصحابه. فأما إن كانت القسامة وقد ضرب ثم عاش أياماً فإن ابن القاسم وعبد الملك قالا: يحلف ما من ضربي مات، وإن نكل سجن حتي يحلف، وإن حلف سجن سنة وضرب مائة؛ وإن نكل سجن حتي يحلف، وإن حلف سجن سنة وضرب مائة؛ وإن نكل وأقر وقال من ضربي مات لم أقتله، ولابد أن يحلف. وقال أشهب وعبد الملك (6) وأصبغ: لا يحلف في هذا وهو غموس، وهذا أحب إلي، بخلاف المدعين، لأن المدعين وإن دعوا إلي اليمين فيما لم يحضروا فإن نكولهم يبطل الدم (7) ويوجب لهم رد اليمين
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 484.
(2) في النسختين: ولا يجبروا علي الأيمان معهم. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ع.
(4) في ع: لهم
(5) كذا يف ع وهو الأنسب. وفي ص: وإن.
(6) في ع: وابن عبد الحكم.
(7) في ع: يبطل به الدم.

(14/202)


علي المدعي عليهم (1)، [فكيف يحلف المدعي عليهم] (2) يميناً إذا نكلوا أو أقروا لم يؤخذوا بشئ. وأما لو كانت القسامة بقول الميت أو بشاهد علي القتل (3) [فردت اليمين علي القاتل] (4) فقد اتفقوا أن هذا إن نكل سجن أبداً حتي يحلف، ولا يحكم عليه بنكوله بقصاص ولادية، وعلي هذا ثبت مالك. وإنما اختلف أصحابه في النكول في الطلاق أو العتاق، إلا أن ابن القاسم قال (5): إلا أن يكون للضرب جرح معروف فيقتص منه، مع ضرب مائة وحبس سنة إذا حلف الجارح خمسين يميناً أنه ما قتله وما من ضربه مات.
قال ابن المواز: هذا قول (6) ابن القاسم ولا نقول به. ولا يحلف الجارح أو الضارب أنه ما مات من ضربه، لأنه لو أقر بذلك ما قتل [بإقراره، لم يختلف في هذا مالك وأصحابه] (7). وأما قوله يقتص من الجرح فغير صواب لأنه لا يقتص في الجرح إلا بيمين المجروح، فأما بيمين ورثته فليس ذلك إلا في القسامة فقط، وليس ذلك لهم في الجرح إلا بشاهدين عليه ثم ينزي فيه فيموت، فهذا الذي يقتص منه الجرح إذا نكلوا.
وقد ذكر ابن القاسم فيه قولا عن مالك لم يصح عند غيره (8). قال: إذا ردت اليمين علي المدعي عليهم في العمد فنكلوا فالعقل عليهم في مال الجارح خاصة، ثم يقتص منه الجرح سوي العقل (9).
__________
(1) كذا في ع. وفي ص: المدعي عليه.
(2) ساقط من ع.
(3) صفحت عبارة ص: علي الميت.
(4) ساقط من ع.
(5) كذا في ص. وعبارة ع: إلا ابن القاسم فإنه قال.
(6) في ص: قال قول. وهو تصحيف.
(7) ساقط من ع.
(8) كذا في ع. وفي ص: عنده.
(9) في ص: سموا العقل.

(14/203)


وروي عنه ابن القاسم أيضاً وابن وهب أنه إن حلف ضرب مائة وسجن سنة، وإن نكل حبس حتي يحلف، ولادية فيه، فهذا الصواب.
وقال ابن القاسم فيمن ضربه قوم فأقام أياماً ثم مات فيقولون إن من ضربهم مات. قال: لا يصدقون، هذا غيب وهم كذبة. ولو شهد بذلك أحد لم يقتل بذلك، وإنما يقتل منهم من يقتل بالقسامة بالسنة. ولو قال ذلك واحد منهم لم يقتل بذلك، ولا يقتل أحد منهم إلا بالقسامة علي واحد، إن شاؤوا المقر أو غيره، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة من مقر وغيره، قال مالك.
قال أصبغ: هذا في قوله من ضربي مات فلا يصدق، فأما إن قال أنا قتلته ضربت مقاتله فإنه يقتل به، ويقسمون علي واحد [ممن بقي ويقتلونه إن شاؤوا، وقاله مالك وابن عبد الحكم وأصبغ. فإن لم يقسموا علي أحدهم] (1) ردت القسامة علي الضاربين فحلف كل واحد منهم خمسين يميناً، ثم يضرب مائة ويسجن سنة، فإن نكلوا حبسوا حتي يحلفوا.
وهذا قول ابن القاسم (2) وروايته. وأما أشهب فإنما يري رد الأيمان علي المدعي عليهم القتل بقول الميت دمي عند فلان أو بشاهد علي القتل. وأما قوله ضربني [أو شهد علي الضرب أو الجرح فلا يرد فيه يمين عنده] (3) ولو نكل عن يمينه أنه مات من ضربه أو أقر أنه من ضربه مات ما قتلته بذلك ولا سجنته، ولكن أجلده مائة مكانه وأحبسه سنة وأطلق سبيله، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) هكذا في ع وهو الصواب. وفي ص: قول مالك.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.

(14/204)


قال أشهب ويلغني عن ربيعة انه قال: إذا ردت الأيمان في العمد فنكلوا ففيه الدية، وإن كان خطأ ففيه نصف الدية، وقد جعل [عمر] (1) علي السعديين نصف الدية حين نكلوا عن القسامة أن صاحبهم [ما] (2) مات فيها. قال أشهب: وإنما ذكرت هذا وإن كان غير معمول به في نصف الدية لكنه قوة في أن العاقلة تغرم (3) إذا نكلت.
قال أصبغ: وإذا نكل ولاة الدم والقاتل عبد فليحلف سيده يميناً واحدة علي علمه، فإن نكل لزمه أن يفتكه. هذا في قول الميت قتلني فلان أو بشاهد علي القتل، وقيل يحلف العبد خمسين يميناً ويضرب مائة ولا يحبس، لأنه لو أقر لقتل (4) ولو كانت القسامة في هذا لأنه عاش بعد الضرب [ثم مات] (5) فنكلوا فلا ترد اليمين في هذا علي العبد ولا علي سيده، ولكن يضرب مائة ويترك. فإن كان ثم جرح معروف بشاهدين ونكل ولاة الدم عن القسامة فدية الجرح في رقبة العبد.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا [كان] (6) لم يجد الولي [الواحد] (7) من يحلف معه ردت الأيمان علي المدعي عليه، فإن نكل حبس حتي يحلف ولا يقتل. وكذلك في الجرح في العمد يقوم به شاهد وأبي أن يحلف معه، فليحلف الجارح، فإن نكل سجن حتي يحلف، وقاله عبد الملك (8) في القتل.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) صحف في ص فكتب: تقوم.
(4) هكذا في ع وهو الصواب. وصفحت عبارة ص: لأنه وأقول قتل.
(5) ساقط من ع.
(6) زائد في ص.
(7) زيادة كذلك في ص.
(8) كذا في ع. وفي ص. ما يشبه: عبد العماد!

(14/205)


وقال: ولو قال حين ردت عليه اليمين من ضربي مات وأنا قتلته، فإن كان شهد شاهد بالضرب ومات في المعترك، ووجده العدول (1) ميتاً، [في المعترك] (2)، فليقتل بإقراره، ويقتل به لأنه لم شهد شاهد آخر مع الأول قتل به بلا قسامة. وأما إن عاش بعد الضرب فلا يقبل قوله من ضربي مات، كما لا يشهد علي مثل هذا شاهد، وإن كنت أرد عليه أيمان القسامة التي وجبت للأولياء في البينة فلا أقبل قوله فيما لا أقبله من البينة لو شهدوا به انه من ضربه مات.
وروي عن مالك إذا نكل الأولياء عن القسامة في العمد وردوها علي الجارح والجرح عمد ومات بعده؛ أنه يحلف الجارح خمسين يميناً أنه ما مات من جرحه ثم يقتص منه في الجرح، وإن كان خطأ فعقله في ماله ما لم يبلغ ثلث الدية فيكون علي العاقلة معه. وهذا الذي ذكره ابن المواز وعابه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا كان القتل خطأ فنكل ولاة الدم عن القسامة فإنها ترد علي عاقلة المدعي عليه القتل، فإن نكلوا لزمتهم الدية في قول ابن القاسم وأشهب وأصحابهما. وقال عبد الملك: لا ترد القسامة في الخطإ علي أحد لأنها لا ترد علي معروفين ولا علي من حق عليهم، لأن الدية إنما تجب يوم تفرض. وقول ابن القاسم وأشهب أحب إلي. وكما يطلبون ليغرموا فكذلك يطلبون ليحلفوا، فإن نكلوا قضيت عليهم بالدية.
وروي ابن وهب عن مالك [أنها] (3) ترد علي المدعي عليه القتل، فإن نكل لم يلزم عاقلته شئ بنكوله. قال محمد: وهي راوية تستحيل لأنه لا ترد القسامة في الخطأ علي المدعي عليه، وقاله مالك لأنه لا يلزم العاقلة بنكوله شئ فيما اظن، ولأنه كواحد من العاقلة لو أقر عليهم فهو
__________
(1) الللام ساقطة في ص: العدو.
(2) زيادة في ص.
(3) ساقط من ص.

(14/206)


كشاهد، وإنما ترد علي من يلزمه الغرم لو استحق الدم. ومن نكل من العاقلة غرم قدر ما يصيبه مع العاقلة، ومن حلف برئ. وذكر ابن عبدوس قول عبد الملك ورواية ابن وهب هذه عن مالك.
ومن العتبية (1) قال سحنون عن ابن القاسم: إذا قال قتلني فلان خطأ ونكل ولاته فردت الأيمان علي المدعي عليهم فعلي من ترد أعلي العاقلة أم علي المدعي عليهم؟
قال بل علي المدعي عليهم الدم وعلي عواقلهم، قال: فليحلف منهم خمسون رجلاً، فإن أبوا (2) إلا عشرة [منهم حلفوا، قال: مالك لا يبري العاقلة إلا اليمين لو كانوا عشرة آلاف] (3)، فمن حلف منهم سقط عنه بقدر ما يصيبه، ومن لم يحلف أدي ما يقع عليه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: إذا نكل بعض ولاة الدم في العمد عن القسامة وطلب الباقون أن يقسموا، فإن كان نكل بعض من له العفو قبل القسامة فهو كعفو. قال ابن عبد الحكم: فلا يكون في ذلك دم ولا دية، بخلاف إذا نكل بعضهم بعد قسامة جماعتهم. وهذا قول أصحاب مالك إلا أشهب فإنه قال في مالك ما لا أحصي (4) وما اختلف قوله علي أنه يسقط القتل ويحلف الباقون ويكون لهم حظهم من الدية. قال ابن المواز: والذي أنكر أشهب هذا قول مالك في موطئه إن الأيمان لا ترد علي من لم ينكل من ولاة الدم. قال ابن عبد الحكم: ويسقط الدم والدية.
قال مالك: وترد الأيمان علي المدعي عليهم يحلف منهم خمسون رجلاً، فإن لم يكن فيهم ردت عليهم، فإن لم يوجد غير المدعي عليه القتل
__________
(1) البيان والتحصيل، 15: 482.
(2) في ص: فإن أبي.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) كذا في ص. وفي ع: فإنه قال قال ملك مالا أحصي.

(14/207)


حلف وحده خمسين يميناً إن لم يجد من عصبته من يحلف معه، ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال مالك: وهذا في نكول من نكل من ولاة الدم قب القسامة، فأما من نكل منهم بعد أن أقسم جماعتهم، فلمن لم ينكل حظه من الدية. فهذا قول مالك وأصحابه المدنيين والبصريين إلا اشهب. فإنه ساوي بين نكولهم قبل أن يقسموا أو بعد، وجعل لمن بقي حظه من الدية إذا كلفوا خمسين يميناً، ورواه عن مالك.
قال ابن المواز: ولم يختلفوا أن نكول من نكل منهم قبل القسامة وعفوه سواء، وأما بعد القسامة من جميعهم فقد فرق ابن القاسم بين عفوه ونكول له فقال: وإن كذب أحدهم نفسه بعد استحقاقهم الدم بالقسامة فهو كما لو نكل قبل القسامة ولا سبيل إلي القتل. قال محمد: وهذا إغراق، وأراه إنما أراد سقوط الدم ينكوله، فأما الدية فلا لأن ثبت لاخوته بالقسامة، ولكن يسقط الدم ويصير دية تورث.
وفي سماع أشهب في العتبية في عفو بعض الأولياء قال: يكون للباقين حظهم من الدية قبل القسامة، قال: بالقسامة وغيرها ولا سبيل إلي القتل، وكذلك في نكول أحدهم عن القسامة.
قال سحنون وقال ابن نافع: إذا نكل الناكل علي وجه الورع والمخرج (1) حلف من بقي وقتلوا، وإن كان علي وجه العفو والترك حلف من بقي وكانت له الدية، وهذا الذي أري.
وروي ابن القاسم عن مالك قال فلان وفلان ضرباني وفلان منهم قتلني فحبس القاتل فصالح عصبة المقتول علي ثلثي الدية، وأبت أم القتيل (2) إلا بالقيام فذلك لها ولورثتها إن ماتت.
__________
(1) كذا في ع وهو الأنسب. وفي ص: النزاع والجرح.
(2) كذا في ع وهو الصواب. وصحفت عبارة ص: وأحب أم القاتل.

(14/208)


ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وإذا ادعي بعض ولاة الدم أنه قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا عن قتله، فحلف مدعو الخطأ وأخذوا حظهم من الدية، ثم طلب الذين قالوا لا علم لنا أن يحلفوا ويأخذوا حظهم من الدية فليس ذلك لهم بعد النكول، وهو قال مالك في الدم والحقوق.
ومن العتبية روي يحي بن يحي عن ابن القاسم قال: إذا قام لهم شاهد بقتل وليهم فنكلوا عن القسامة فردت علي القاتل فحلف وبرئ، ثم وجد المدعون شاهداً آخر فإنه لا حق لهم، وكذلك طالب الدين يجد شاهداً آخر بعد نكوله ويمين المطلوب فلا شئ له (1).
قال أبو محمد: قوله في المديان يعني علي قول ابن القاسم، والمدعي عالم بشهادة الآخر، ولو لم يكن يعلم به كان له أن يحلف مع الثاني، وكذلك في قول أشهب وإن علم بشاهده.
قال سحنون وعيسي عن ابن القاسم: وإذا نكل المدعي عليهم في الخطأ غرموا الدية، والقاتل كرجل منهم ولا يستحلف هو. قال عنه عيسي: فإذا نكل أحد ولاة الدم في القسامة في الخطأ فهو حق لزم عاقلة المدعي عليهم فلا يبرئهم إلا اليمين ولو كانوا عشرة آلاف، فمن حلف منهم سقط عنه بقدر ما يصيبه، ومن نكل غرم ما يقع عليه (2).
__________
(1) في ص: لهم.
(2) في ص: ما يقطع عليه.

(14/209)


في شهادة الصبيان في الجراح
وما يجري في ذلك من ذكر القسامة وغيرها
من كتاب ابن المواز قال: شهادة الصبيان بينهم في الجنايات جائزة سنة معمول بها بالمدينة إن لم يتفرقوا ولو يدخل بينهم رجل حتي شهد بعضهم لبعض فيجوز. وإنما ذلك في الذكور منهم الأحرار، وأما الإناث والعبيد فلا يجوز وإن كان ذكل بينهم، وقاله علي وابن الزبير (1) وغيرهما وكثير من التابعين، وما بلغنا (2) من خالف ذلك إلا ابن عباس. وإذا وجد بينهم رجل أو معهم لم تجز شهادتهم، وكذلك إن افترقوا، إلا أن يشهد علي شهادتهم قبل التفرق عدلان ولم يختلفوا عليها. فإن أقيد ذلك بهذا (3) لم يضر رجوعهم، وإذا اختلفوا عند حضور الرجلين للشهادة علي شهادتهم واختلفوا عند السلطان. فقال بعضهم هذا جرحه، وقال بعضهم بل هذا، فهي كلها باطل. وأما إن شهدوا علي القتل فاختلف فيه، فأجازه أشهب ما لم يكن بقسامة، فإنه لا يجز القسامة (4) بشهادة الصبيان. وقال ابن القاسم (5): إنما تجوز شهادتهم فيما دون النفس، وقاله أصبغ.
وإذا شهد صبيان أن صبياً شج صبياً فنزي فيه فمات، فقال ابن القاسم لا قسامة فيه. قال محمد: ولهم دية الشجة علي عاقلة الجاني إن بلغت الثلث. قال: ولو مات مكانه [كانت الدية كاملة] (6) علي عاقلته.
__________
(1) كذا في ع. وسقطت واو العطف في ص ففسد المعني: علي بن الزبير.
(2) في ع: وما علمنا.
(3) كذا في ص. وفي ع ما يشبه: فإذا قيد ذلك بهذا.
(4) كذا في ع. وهو الأنسب. وعبارة ص: لا يجد في القسامة.
(5) في ص: وقال أشهب. وهو تصحيف.
(6) ساقط من ص.

(14/210)


قاله ابن القاسم. قال: [ولو كان] (1) شهادة صبي علي قتله فلا قسامة فيه.
قال ابن القاسم: وإن شهد صبيان علي كبير أنه شج صغيراً لم يجز. محمد: لأنهم شهدوا علي غيرهم لبعضهم. وقال أشهب: لا يجوز صبي لكبير (2) أنه شجه [أو جرحه] (3) ولا علي كبير لصغير أنه جرحه، وإنما يجوز بينهم ليبين [وإذا شهد كبير علي كبير أنه شج صبياً فإن الحكم بذلك يؤخر] (4) إلي بلوغ الصغير فيحلف ويستحق حقه ولا يوقف (5) له شئ إلي بلوغه، إلا أن ينكل الكبير عن اليمين فيغرم دية الجرح.
قال مالك في صبيان في مكتب شرب أحدهم في بوقال (6)، فضرب صبي البوقال بيده فكسر سن الشارب، فشهد الصبيان قبل افتراقهم عند المعلم بذلك. فإن كان المكسورة (7) سنه فعلقها علي الصبي في ماله ويتبع به. ثم قال كالغد (كذا) نحن نجيز شهادة الصبيان بينهم إن كانوا أحراراً. قيل: فإن كانوا أبناء خمس عشرة سنة اقتتلوا بالسيوف. قال: لا قود بينهم حتي يحتلموا، قال عنه ابن القاسم: وتحيض الجارية.
قال ابن وهب قال عطاء في العبد يصاب بين العبيد أو الراعي بين الرعاة فلا تقبل شهادتهم بعضهم علي بعض، وتكون ديته عليهم جميعاً. ولو أن ثلاثة صبيان شهد واحد علي صاحبه أنه جرح الثالث فلا تجوز شهادة واحد، إذ لا يمين فيه للصبي.
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) كذا في ع. وهو المناسب وفي ص. لا يجوز عن صبي لكبير.
(3) ساقط من ع.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) في ع: ولا يوخذ.
(6) البوقال: كوز بلا عروة. قاموس.
(7) أقحم بين كان والمكسورة في ع كلمة غير منقوطة تشبه: أبعد.

(14/211)


فإن قلت يحلف إذا كبر. قلت يصير كبير يحلف مع شهادة صبي، ولكن يبتدئ الشهادة الآن إن كان عدلا إن لم تكن ردت قبل ذلك، وإن كان الشاهدان من الصبيان ذكوراً أحراراً جاز ذلك علي الإناث والذكور.
قال ابن القاسم: وإن شهد كبير علي أن كبيراً قتل صغيراً ففيه القسامة، وأما صبي قتل كبيراً بشهادة صبيين فجائز إن لم يعش حتي يعلمهم، وتلزم الدية عاقلة الجاني. وأما علي جرح كبير جرحه صبي فلا يجوز وإن لم يفترقوا. قال مالك: وإن شهد كبير أن صبياً كسر يمين (1) كبير فإنه يحلف المجروح معه. أشهب: وإن شهد به لصغير علي كبير أنه جرحه فجائز، وليحلف الجارح الكبير ويترك.
وشهادة الصبيان مذكورة في كتاب الشهادات.

في القصاص من الجراح العمد بالشاهد واليمين
وذكر الشاهد في جرح الخطأ والدعوي في ذلك
قال ابن المواز: ويقضي بالقصاص في الجراح بالشاهد واليمين في صغيرها وعظيمها في العمد والخطأ، ولا شك في الخطأ.
وقال ابن عبد الحكم: لا أري ذلك في العمد إلا في اليسير من الجراح. وقد روي عن مالك [أنه يقتص بذلك رواية مبهمة لم تذكر ما صغر أو كبر. وروي عن مالك] (2) أن ذلك فيما لا خوف فيه من موضحة (3)
__________
(1) في ع: سن.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) الموضحة: هي الجرح الذي يكشف عن العظم ويوضحة

(14/212)


ودامية (1) وجراح الجسد. وأما اليد والعين وشبه ذلك فلا يقتص فيه إلا بشاهدين، وهذا قول عبد الملك.
قال ابن عبد الحكم: وهذه الرواية من قوليه أحب إلي، لأن الشاهد مع اليمين في الأموال، وإنما تتبعه فيما قل من الجراح استحساناً وإذا لم يختلف فيه [قوله] (2).
قال محمد: وروي ابن القاسم وأشهب عنه أنه قال: يقضي بذلك فيما عظم أو صغر منها من قطع اليد وغيرها يحلف يميناً واحدة ويقتص.
قال ابن القاسم: فإن نكل حلف القاطع وبرئ، فإن نكل حبس حتي يحلف، وقيل يقطع.
قال مالك: وإن كان الشاهد غير عدل حلف المطلوب، وليس كالقسامة، وما قال أحد غير هذا إلا بعض من لا يؤخذ (3) بقوله. قال: ولا قسامة في الجراح.
وقال أشهب: إذا تعلق به وبه جرح، فقال أنت جرحتني فله عليه اليمين، وإن كان من أهل التهم أدب.
والذي في العتبية (4) من سماع أشهب عن مالك: وإذا تنازعا ثم أتي أحدهما بأصبعه مجروحة تدمي يزعم أن صاحبه عضها، قال يحلف له، وإن كان من أهل التهم أدب.
قال في الكتابين وقال ابن القاسم فيمن ادعي أن فلاناً جرحه فلا يستحلف (5) في جرح ادعاه عليه أو ضرب إلا أن يكون مشهوراً بذلك
__________
(1) الدامية: هي التي يدمي الجلد منها وقتها.
(2) زيادة في ع.
(3) سقطت "لا" من ص: من يؤخذ. وهو تصحيف.
(4) البيان والتحصيل، 16: 103 - 104.
(5) كذا في ع وهو الصواب. وصفحت عبارة الأصل: فليستحلف.

(14/213)


فليحلف، فإن نكل سجن حتي يحلف، وقاله أصبغ. فإن طال حبسه ولم يحلف عوقب وأطلق إلا أن يكون متمرداً فيخلد في السجن، وقاله أصبغ.
وفي العتبية (1): إلا أن يكون مبرزاً في ذلك. قال أصبغ (2): المبرز المتردد في الشئ المصر فيه بالخبث.
ومن كتاب ابن المواز: ولا يكون له إذا قال (3) فلان جرحني أن يحلف ويقتص، بخلاف النفس، إلا أن يكون مثل قتال ظاهر ينظر إلي اثنين يتنازعان ويتسابان ثم يفترقان، فيدعي أحدهما علي صاحبه العداء والجرح أو نتف اللحية، وأتت بينة حضروا ذلك من أوله وليس بالمدعي شئ ثم افترقا عن ما ذكرت، فليقتص له مما فيه القصاص، ويؤخذ العقل مما فيه عقل. وأما نتف اللحية والرأس فإنما فيه الأدب.
قال ابن القاسم عن مالك في قوله في القصاص من الجراح بشاهد ويمين إنه لأمر ما سمعت فيه بشئ ممن مضي، ولكن استحساناً. فإن نكل حلف [الجارح] (4) وربرئ، فإن نكل سجن حتي يحلف، وكان يقول [يقتص منه، ثم رجع. وقال ابن القاسم في الخطإ إذا ردت اليمين علي جراح العمد كالمأمومة (5) يقتص بالشاهد واليمين، وبشاهد وامرأتين، وبامرأتين، وبامرأتين ويمين.
وكذلك بين العبيد (6) يحلف العبد المجروح مع الشاهد ويقتص، فإن نكل
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 183.
(2) في ع. قال أشهب. وهو خلاف ما يوجد أيضاً في العتبية المنقول عنها.
(3) كذا في ص. وفي ع. قال ولا يتردد نكوله إذا قال.
(4) ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(6) المأمومة: شجة بلغت أم الرأس. قاموس.

(14/214)


حلف سيده واقتص، فإن نكل حلف العبد الجارح وبرئ، فإن نكل فلسيد المجروح القصاص منه. فإن قال أنا آخذ ما نقص عندي بنكول الجارح حلف سيد الجارح أن ما شهد به الشاهد علي عبده باطل، وإن نكل أدي دية الجرح أو أسلم فيها العبد. وأما إن كان قتلاً فلابد من يمين [العبد] (1) القاتل لأنه لعله يقر فيقتل، فإن نكل حلف سيده.
ومن العتبية (2) قال ابن القاسم [في سماعه] (3): إذا قام له شاهد بجرح خطأ حلف معه واستحق ديته إن كان له دية، وإن نكل حلف الجارح وبرئ، فإن نكل غرم ديته. قال سحنون روي عيسي إن كان أقل من الثلث، وإن كان الثلث فأكثر فلا شئ عليه ولا يمين. قال سحنون: لأن الدية علي غيره.
قال أصبغ: وإذا شهد له شاهد أنه شجه موضحة، يريد خطأ، وشهد آخر أنها منقلة (4) فإن لم يفت بالبرء ولا زيادة ولا نقصان نظرها غيرهما من أهل العدل، وإن فات ذلك فإن شاء حلف وله دية منقلة، وإلا فله عقل الموضحة بلا يمين.
وقال سحنون فيمن فقأ عين امرأته أو عبده وادعي أن ذلك عن أدبه لهما وأنه خطأ، وقال العبد والمرأة: بل تعمد، فالقول قول المرأة والعبد لظهور العداء، قيل أليس له أدبهما؟ وإلا كان كالطبيب. قال: قد عرف أمر الطبيب أنه غير تعدي، وهذا لم يظهر لنا غير التعدي. ثم رجع فقال لا شئ علي السيد ولا علي الزوج، وهما مصدقان حتي يظهر تعديهما.
__________
(1) زيادة في ع.
(2) البيان والتحصيل، 16: 90.
(3) ناقص من ص.
(4) المنقلة: الشجة التي تنقل منها فراش العظام. قاموس.

(14/215)


قال سحنون: وإذا ادعى المفقوءة عينة ان الفاقىء فقاها خطأ، وقال الجانى بل عمدا، (فإن صدقة الجانى) (1) ما لزم العاقلة شىء لأنها لا تحمل اعترافا بدية.

باب
فى الدعوى والتهم فى الجراح والقتل والإقرار
من العتبية قال مالك فى المدعى (علية) (2) القتل أو الجرح (يقر) (3) بغير محنة (ثم يرجع، قال: لا يقبل رجوعة. وقال فيمن اتهم بقتل فأقر بغير محنة) (4) أو شهد على إقرارة رجلان وحبس، فلما أخرج ليقتل رجع وقال إنما أقررت خوفا من الضرب (5). وقال مالك: فلا يقبل رجوعة ويقتل، إلا أن يذكر أمرا بينا. والمدعى علية القتل بلا بينة إن كان ممن يتهم بذلك ويظن بة أطيل سجنة. وقال مالك فى سماع ابن القاسم من العتبية (6) وكتاب ابن المواز فى امرأة نزل عندها رجل فمات (فجأة) (7) فاتهمت بة، وقال ولية أتهمها بة من وجة لا أثبتة، فليكشف عنها، فإن لم تكن متهمة فلا تحبس ولا تهدد. قال ابن القاسم: وغن كانت متهمة أطيل سجنها فلعل بينة تقوم
__________
(1) ساقط من ع.
(2) ساقط أيضا من ص.
(3) ساقط أيضا من ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(5) فى ص: خوفا من الضرر.
(6) البيان والتحصيل، 15: 456.
(7) ناقص من ص.

(14/216)


عليها بشىء. فغن كان ذلك ولو يوجد (شىء) (1) أحلفت خمسين يمينا وأطلقت. ولم ير مالك مع البينة تهمة يؤخذ بها (2)، ولكن يطال سجن المتهم لعلة توجد علية بينة. ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن وجد معة سيف فإن كان من أهل الطهارة والبراءة والصلاح رأيت أن يحلف. ومنة ومن العتبية رواية أبى زيد، قال ابن القاسم فيمن اتهم بقتل رجل عمدا فسجن فأقر أنة قتلة خطأ. قال مالك: يطال سجنة لعلة يوتى علية بلطخ، فإن لم يؤت (3) بشىء أقسم خمسين يمينا وخلى. وقال (فى) العتبية (4): ولو أنة أتى أولا بشاهد (5) وهو ممن لا يتهم أن يريد غنى ولدة أقسم ولاة المقتول مع قولة إنى قتلت فلانا خطأ واستحقت الدية. ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسن عن ابن القاسم فيمن ادعى علية قتل رجل عمدا، فإن كان من أهل الريب والتهم سجن، ويؤجل المدعى شهرا ليأتى بالبينة؛ وإن كان غير متهم فلا يحبس بقولة إلا أمرا قريبا اليومين والثلاثة (6). وروى يحيى بن يحيى عن ابن وهب فيمن قامت علية البينة بقتل رجل أو لوث يوجب القسامة أو يرمية المقتول بدمة، فيقيم المتهم بينة
__________
(1) زيادة فى ع.
(2) عبارة ع مقلوبة: ولم ير مالك مع التهمة بينة يؤخذ بها.
(3) فى ص: فلم يوت. وهو تصحيف.
(4) البيان والتحصيل، 16: 81.
(5) بياض فى ع مكان الكلمتين " أولا بشاهد ". والإكمال من ص.
(6) فى ص: اليوم والثلاثة.

(14/217)


عدولا أنة كان يوم مقتل القتيل ببلد بعيد لا يبلغ من قتلة من ليلتة (1). قال: أما إذا رماة المقتول أو قام علية لوث فإن ذلك يدرأ عنة القسامة. قال يحيى: ولم يجب فى الذى تقوم علية البينة بالقتل ومعاينة الضرب. فى الذى تقوم علية البينة بالقتل (2) قال مالك فى العتبية من رواية أشهب فى جارية كانت ترعى غنما وقد أولع بها غلاميتبعها ويراودها فافتقدت هى وشاة من الغنم فى يوم واحد ثم وجدت مقتولة فأخذ العبد واتهمة سيدها، فقال (لة) (3) رب العبد: احكم فية بما شئت، فقال: حكمى أن تغربة عنى فرضى بذلك، وزعم سيدة (4) أنة لم يكن علم (5) ثم أخبرة القوم الذين أخذوا العبد أنهم وجدوا جلد الشاة معة وقدحا كان للجارية، فطلب سيدها أن يقوم امرأة صلحا قاطعا. قال مالك: ما أرى من صلح إنما قلت لة غرب عبدك عنى. فقال لة: إن كتب (6) بينى وبينة كتاب أنا اصطلحنا فى التهمة بالجارية المقتولة على أن يبيعة ويغربة فباعة، قال: هذا صلح تام. قلت: لك القيام بهذا الذي ظهر لك وترفعه إلي السلطان فيري فيه رأيه.
__________
(1) بياض فى ع مكان الكلمتين: " من ليلتة " والإكمال من ص.
(2) هذا العنوان ساقط من ع.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا فى النسختين، ومقتضى السياق: وسيدها.
(5) كذا فى ع. وهو الأنسب. وفى ص: معهم.
(6) كذا فى ص. وفى ع: فقال إنة كتب.

(14/218)


في عقوبة القاتل أو الجارح
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أصحاب مالك عنه: وإذا عفي عن قاتل العمد لزمه جلد مائة وحبس سنة، وجب الدم ببينة أو بقسامة، قال مالك: ولا يقتل من الجماعة بالقسامة إلا واحد منهم (قاله أشهب وقاله عبد الملك. قال لأن الأولياء قد ملكوا إثباطة (كذا) دم كل واحد منهم) (1) بالقسامة، ويعد إبراؤهم من القسامة عليهم كالعفو عن دم وجب.
قال عبد الملك: وليس لأحد عن هذا عفو ولا للسلطان، وهو سنة ماضية وحق لله. قال غيره من (محققي) (2) أصحابنا: لأن لله سبحانة وتعالى في عقوبة القاتل حقا، وللوالي سلطان. فإذا عفا الولي بقي حق الله في ذلك، ولما بقي في ذلك من التباهي ولقد أحطنا علما أن لله في ذلك حقا وأن (للولي) عليه سبيلا بما يستدل عليه فوجدنا الله قد قرن ذكر عقوبة القاتل والزاني فقال: (ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) (3). فلما عفا عن القاتل من له العفو بقيت لله فيه عقوبة جعلناها كعقوبة الزانى البكر: جلد مائة وسجن سنة، والله أعلم. وقد روي فيه حديث للنبي فيمن قتل عبده (4) وروي ذلك عن أبي بكر وعن على بن أبي طالب رضي الله عنهما.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ساق من ع.
(3) الآية 68 من سورة الفرقان.
(4) في كتاب الديات من سنن ابن ماجة: قتل رجل عبدة عمدا متعمدا، فجلده رسول الله مائة ونفاه سنة سهمة من المسلمين.

(14/219)


قال ابن عبد الملك: وما حق منه بقسامة أو بغيرها سواء وما حق منه على امرأة حرة أو أمة أو على عبد فذلك سواء. وما وقع فيه العفو قبل القسامة وقبل أن يحق ذوو الحق في الدم بحقه (1) فليكشف ذلك الحاكم، فمن كان يحق عليه الدم لو أقسموا أو بالحق الثابت فيه ففيه جلد مائة وسجن سنة، وما كان لا يوجب دما لا بقسامه ولا بما فوقها فلا جلد فيه ولا سجن. وإذا عفا عن الدم ذوو القسامة فلا يخرجهم من الجلد وسجن عام أن يقسموا كما يخرجهم ذلك من الدم إذا ردت عليهم الأيمان. قال ابن عبد الملك: ويعيد ما دام الطاخ الدم الذي يسجن فيه، فإذا لزمه جلد مائة يوجه ما يحق عليه الحكم أرسل عنه الحديد، يريد وسجن سنة.
قال ابن القاسم وأشهب: ومن اعترف بالقتل فعفي عنه لزمه جلد مائة وحبس سنة. قال أشهب: حدود (2) الله كلها من تاب منها أو اعترف لم تزل (عنه) توبته ما عليه من السبيل من حد أو عقوبة، إلا المحارب وحده يتوب قبل المقدرة. وقد أقام الرسول صلي الله عليه وسلم (الرجم) (3) على المعترف (4)
ومن كتاب ابن المواز قال محمد: وإذا نكل ولاة الدم كلهم عن القسامة وقد وجبت لهم، فعلي المدعي عليه سجن سنة وجلد مائة، لأن إشاطة دمه (5) قد ملكت لو أقسموا لم يختلف فيه أصحاب مالك إلا ابن عبد الحكم فإنه قال: إذا نكلوا فلا جلد ولا سجن على المدعي عليه،
__________
(1) بياض في ع، والجملة كلها غامضة.
(2) في ع: وحقوق.
(3) ساقط من ص.
(4) أحاديث رجم المعترف بالزني كثيرة في الصحاح وكتب السان. ومنها حديث ما عز بن مالك الذي جاء إلي النبي عليه السلام فقال إني زنيت، فأعرض أربع مرات وهو يقول: زنيت، فأمر به أن يرجم وهو في كتاب الحدود من سنن ابن ماجه.
(5) إشاطة الدم: اهداره واهلاكة.

(14/220)


ويحلف كل واحد ممن ادعي عليه القتل خمسين يمينا ويسلم من الضرب والسجن، وإن لم يحلف حبس أبدا حتي يحلف.
(قال) (1): ولو حبسوا قبل القسامة انتظار لقسامة أو لقيقم البينة ثم قتل واحد منهم بالقسامة، فإن يضرب من بقي مائة ويسجن سنة مؤتنفة بعد ما تقدم من السجن، وخالفة أصحابة فقالوا: كل من حقت عليه القسامة فنكل عنها وعفي عنه لزمه السجن سنة وجلد مائة. وقاله مالك وابن القاسم وأشهب وعبد الملك وأصبغ.
وقال أصبغ: ليس على عبد (2) أنه قتل حرا أو عبدا قتل بذلك، فإن عفي عنه جلد مائة وسجن سنة، وبطل اقراره عن سيده.
وقال أصبغ: ليس على عبد (3) ولا على أمة حبس سنة، وعليهما جلد مائة، وسواء أسلموا أو فدوا. وعبد الملك لايري على قاتل العبد جلد مائة ولا سجن سنة، قتله عبد أو امرأة (4) إذا كان بشاهد واحد. قال: ولا أقول بما قال بعض الناس إنه يقع منه بالشاهد ما يوجب القسامة في الحر إذ لم يقتل، جلد مائة وحبس سنة، كان الرجل المقتول حرا أو عبدا أو ذميا أو مجوسيا أو مجوسية، وهو قول مالك، وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم وأشهب وأصبغ: ولو قتل السيد عبده لزمه جلد مائة وحبس سنة. قال ابن القاسم: وقد اختلف فيه. وإذا كان المقتول ذميا حرا أو عبدا قتله عبد ذمي أو مسلم أو حر فلم يقتل، فإنه يجلد مائة ويحبس
__________
(1) ساقط من ص.

(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) كذا في ع وهو الصواب. وصحفت في ص: ليس على سيد.
(4) كذا في ص وهو الصواب. وفي ع: قتله عبد أو حر. وهو تصحيف.

(14/221)


سنة. ولا شك أن ذلك على الذمي يقتل مسلما حرا أو عبدا فيعفي عنه. وأما إذا قتل ذميا وإن كان عبا فإنى استحسن ذلك فيه.
وقال أشهب: وأري في اللطخ ضرب مائة وحبس سنة.
قال أصبغ: والنصرانى إذا قتل أحدا فعفي عنه فليجلد مائة ويسجن سنة. (محمد: وإذا قتلت أم الولد سيدها فعفي عنها فعليها جلد مائة وحبس سنة) (1) وإن قتلت غير سيدها فتجلد مائة ولا تحبس. ومن العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن حبس للقتل ثم عفي عنه بعد ثبوت القتل ببينة أو بقسامة، فإنه يجلد مائة ويئنتف به سجن سنة من يوم جلد لا يحسب ما مضي. قال ابو زسد: وإذا نكل الأوليا عن القسامة ورودها على أولياء القاتل فحلفوا وبرؤوا صاحبهم فلا بد من جلد مائة وحبس سنة.
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال مالك وابن القاسم وأشهب فيمن قتل ذميا أو عبدا له أو لغيره الذمي أو لمسلم فعليه جلد مائة وحبس سنة.
قال اشهب: والعبد إذا قتل عبدا أو حرا فسقط عند القتل، فليجلد مائة ويسجن عاما. والذمي أو الذمية إذا قتل حرا أو عبدا أو ذميا أو ذمية أو مسلما أو مسلمة جلد مائة وسجن سنة. قال أشهب: وذلك واسع أن يكون الجلد ثم السجن أو السجن ثم الجلد. وكذلك في كتاب ابن المواز.
قال أشهب: ومن استقيد منه فلا يعاقب شئ.
قال ابن القاسم: وأما في قتل الخطأ فلا عقوبة فيه ولا سجن. قال
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع
(2) البيان والتحصيل، 15: 496

(14/222)


مالك: وكل من لزمه القصاص في الجراح فإنه يعاقب بالإجتهاد، وكذلك لو جرح منقلة وما لا قود فيه.
قال ابن حبيب (قال) (1) مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ: وكل من قتل لفا عمدا ذكرا أو أنثي حرا أو مملوكا له أو لغيره مسلما أو كافرا كتابيا أو مجوسيا فإنه يجلد مائة ويسجن سنة ويعتق رقبة. وكل قاتل عفي عنه فإنه يضرب مائة ويسجن سنة وإن كان عبدا أو ذميا. وقاله مالك. وقال ابن الماجشون: إنما هذا فيمن قتل حرا مسلما، فأما غير المسلم فإنما يجب فيه الأدب المؤلم، وقاله ابن حبيب.
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك في النفر يرمون بالدم فتجب في ذلك القسامة فيقسم على واحد منهم ويقتل وإن على من بقي سجن سنة وضرب مائة وكذلك لو لم يقسم على واحد منهم وعفي عنهم لكان مثل ذلك على جميعهم. ولو وقعت التهمة على أحد ولم يتحقق ما يجب به قسامة ولا قتل، فلا يوجب ذلك ضربا ولا سجنا سنة (2) ولكن يطال سجنة (السنين الكثيرة ن ولقد كان الرجل يحبس في الدم واللطخ والتهمة فيطال حبسه حتي يتمنى به أهله أن لو مات لطول سجنه) (3)
قال ابن حبيب قال مالك: وإن قام شاهد أن عبد فلان قتل عبد رجل فحلف وحق القتل ففدي، فعليه ضرب مائة وسجن سنة (4) فليضرب مائة وحبسه.
قال مطرف: ومذهب المغيرة أنه ليس على العبيد حبس، وإنما عليهم
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ع. وهو أنسب وعبارة ص: ضربا ولا سجن فيه
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) كذا في ع وهو الأنسب. وعبارة ص: ففدي فليضرب مائة وحبسة.

(14/223)


جلد مائة. قال ابن الماجشون في العبد المسلم كقول مالك، وقال في النصراني إنما عليه الأدب المؤلم.
وفي باب ما يوجب القسامة شئ من ذكر عقوبة القاتل وفي غيره من الأبواب.

فيمن وجد مع امراته رجلا فقتله
ومن تطلع في دار رجل ففقأ عينه
من كتاب ابن المواز ومن وجد في بيته (قتيل) (1) فاعترف صاحبه البيت أنه قتله، وذكر أنه وجده مع امرأته يطؤها، أو جاء هو قبل أن يظهر أمره فأخبره بذلك، فإن لم يأت بأربعة شهداء قتل إلا أن يظهر عذره مثل أن يري بثقب البيت أو يتسور فيقتله صاحب البيت وقال وجدته مع امرأتى فلا قود فيه وفيه الدية.
قيل لمحمد: فلو كان ذلك فاشيا قد كثر فيه الذكر وانتشر (الخبر، ولعله قد تقدم اليه قيل ذلك واستاذي عليه ثم وجده في بيته فقتله) (2)
فقال: لا أظنه ينفعه ذلك، لخوفي أن يكون خدعه حتي أدخله بيته.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: وإذا أتي (3) الرجل بالرجل وأشهد عليه امرأته (4) أو جاريته ثم قتله بعد ذلك لم يكن عليه شئ وكذلك لو شهد عليه وهو غائب وعلم أن المشهود عليه علم ذلك ثم وجد
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) في ص: وإذا نادي (وهو الصواب، كما نقل اللخمي) قاله: (عبد الرحمن بكر).
(4) في ع: بامرأته.

(14/224)


في داره مقتولا. وذكر عن ابن القاسم (نحوه وقال: فقتل الرجل وقتل المرأة بعينه، وذكر ابن القاسم) نحو هذا القول عن يحي بن سعد (وربيعة) (1)
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك (سئل) (2) عن الحديث الذي جاء: من تطلع في بيت رجل (بغير إذنه) (3) ففقأ عينه بحصاة لم يكن عليه جناح (4). قال الله (أعلم) (5) بهذا الحديث قيل أن يعقل أم يقاد؟ قال كنت أقيد منه. ولو أن رجلا دخل بيته بغير إذنه لكان في هذا بيان (كذا) إذا تعمد قتله.
وقد ذكرنا في غير هذا الكتاب فيمن قتل رجلا في بيته ثم قال إنه أراد قتلي أو أخذ مالى فدفعته عن نفسي فقتلته أنه يقتل به.
وقد ذكرنا في غير هذا الكتاب فيمن قتل رجلا في بيته ثم قال إنه أراد قتلي أو أخذ مالى فدفعته عن نفسي فقتلته أنه يقتل به.
(ومن كتاب الإكراه للابن سحنون ذكر عن إبراهيم النخعي في الرجل يوجد قتيلا في دار رجل فيقول: كاثرنى على مالى فقتلته، فإنه ينظر فإن كان المقتول داعراً متهما بالشر طل دمه، ولزم القاتل الدية فيه. وإن كان غير متهم قتل به. قال سحنون: وقال أصحابنا المغيرة وغيره إن كان القاتل قد أشهر أذي المقتول له وأشهد على ذلك والمقتول متهم بما ذكر عنه داعر فلا قود فيه ولا دية) (6)
__________
(1) زيادة في ع.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) حديث الاطلاع على الناس ورد بغير هذا اللفظ وبصيغة: " من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ....... " في سنن الترميذي والنسائي والدارمي
(5) في مكانها بياض في ص.
(6) هذه الفقرة بين معقوفتين ساقطة كلها من ص.

(14/225)


فيمن قتل في الحرم
وهل يقاد من القاتل في الحرم؟
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن قتل في الحرم أن قاتلة يقتل في الحرم، ولو قتله في الحل فأخذ في الحرم لقتل في الحرم، ولا يخرج إلي الحل، ولا يؤخذ لاحلاله إن كان محرما، وتقام الحدود كلها في الحرم وغيره ولا تؤخر، فعسي أن يفلت أو تصيبه مصيبة الموت.
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (1) في القاتل يوجد بمكة فيقوم أولياؤه، قال: يقتل في الحرم، والحرم أحق أن تقام فيه حدود الله ولا ينتظر به أن يفرغ من حجة.

فيمن دفع عن نفسه أو دفع عما ظلم فيه
وقتل رجلا
من كتاب ابن المواز: أول من إتخذ المقصورة مروان حين طعنه اليمانى فأخذه واستشار في قتله فلم ير له قتله، فتركة واتخذ المقصورة من طيب فيها تشابيك (2)
قال عبد الملك (3): لا قصاص (علي) (4) من قتل أحدا على تأويل القرآن مثل الخوارج، فأما ما أخذوا من مال فإنه يؤخذ منهم (إذا وجد معهم) (5)
__________
(1) البيان والتحصيل، 6: 77
(2) كذا في ع. وفي ص كلمة شبه مطموسة.
(3) كذا في ص وفي ع: مالك.
(4) ساقط من ص.
(5) زيادة في ع.

(14/226)


قال ابن حبيب عن ابن الماجشون يرفعة إلي عمر في رجل هربت منه امرأته إلي قومها فذهب في طلبها برجلين، فقام أبوها إليهم بيده عمود فأخذه منه أحدهما فضربه به فكسر يده، وأخذ الزوج منه امرأته، فلم يقده منه عمر وقضي له بدية اليد.
قال عبد الملك: لم ير فيه قصاصا لأنه إنما كفه عن عدائه بضربه إياه، وليس على جهة العمد الذي فيه القصاص، وهو حسن من القول.

في خطأ الإمام والحكام في الدماء
والبينة تشهد بقتل رجل ثم قدم حيا بعد القصاص
قال ابن حبيب قال أصبغ: روي ابن وهب عن يحيي بن سعيد قال: كل من ولي الحكم بين المسلمين من أمير أو قاض (1) أو صاحب شرطة مسلط اليد، فكل ما كان من عقوبتهم من موت وكان عن حد من حدود الله (2) أو أدب بحق فذلك هدر، وأما ما أتى من ظلم بين مشهور متعمد (3) فعلية القود في عمده والعقل في خطئة.
قال أصبغ: وهو قولنا وجماعة علمائنا أن ما يأتى على يديه في حد أقامه أو قصاص وأدب وغيره، مثل إجازته لشهادة نصرانى أو عبد أو مسخوط أوشبهة وهو لم يعلم حتى نفذ القصاص والحد ثم ظهر له فلا شئ عليه، وذلك أنه مجتهد ولم يتعمد ظلما، ولا كان منه خطأ، (فأما ما أخطأ) (4) فيه من الحكم فاقتص ممن لا قصاص عليه في نفس أو جارحة
__________
(1) كذا في ص وهو الصواب. وصفحت عبارة ع: من أمير أو قصاص.
(2) صفحت عبارة ص: وكان عن حدود من حدود الله.
(3) كذا في ص. وفي ع. بين بشهود متعمداً.
(4) ساقط من ع.

(14/227)


أو قطع في سرقة لا قطع فيها، فإن عقل ذلك عليه ويحمل محمل الخطأ، يكون في ماله أقل من الثلث، وما كان الثلث فأكثر فعلي عاقلته. كالطبيب والخاتن والمعلم.
وإن تعمد أحدا بقتل أو قطع أو جرح بغير حق ولا شبه فيخطئ بها إلا تعمد الظلم فعليه القود. وما أخطأ به في المال وقد اجتهد فلا شئ عليه، بخلاف خطئة في الدم وما دونه، وما تعمد من إتلاف مال بلا حق ولا شبهة فذلك في ماله، يأخذ به المظلوم من يشاء منه ومن المحكوم له به.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا أمر القاضي بقطع يمين رجل (لسرقة) (1) فقطعت شماله، فإن كان القاطع (2) من أهل الجهالة مضي ذلك ولم يقطع غيرها
وقال ابن الماجشون: عليه القطع في يمينه، وعلى الوالي عقل يساره. (قيل: وإذا كان قطع ذلك وهو عالم به؟ قال: لا يزيل ذلك الحكم عن موضوعه. قيل: فلو قطعت يساره) (3) ثم سرق؟ قال: تقطع منه رجله اليسري، ولا قصاص على القاطع (أو الآمر بقطعة لو لم يجزه) (4)
قال سحنون: لست أدري ما قال، وأري قطع اليسار مجزئا عن السارق، سواء كان خطأ أو عمدا إلا أنه يؤدب (5) إن قطع عمدا. وأن سرق مرة أخري قطعت رجله اليمنى وليس على الحاكم أو على القاطع دية.
__________
(1) زيادة في ع.
(2) في ص: الغلام. وهو تصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) هكذا هذه العبارة في ص، وهي غامضة. ومكانها بياض في ع.
(5) هكذا في ص. وهو الأنسب. وفي ع: لأنه لا يؤدب.

(14/228)


ومن العتبية (1) روي أصبغ وابن القاسم فيمن أقام شاهدين على رجل أنه قتل ابنه، فأسلم إليه فقتله الأب، ثم جاء ابنه حيا، فعلي الشاهدين الدية دون الأب. وقال أصبغ، والخطأ من الشاهدين كالرجوع، فإن تعمدا (2) فذلك في أموالهما، وإن شبه عليهما فعلي العاقلة.
قال ابن القاسم: ولو كان إنما صولح الأب على مال لرد الأب المال، لأنه إنما شهد له شهد له بدم، فليرد المال، فإن لم يكن له مال اتبع ولا شئ على الشاهدين (3) وقاله أصبغ،

في القاتل يدخل في جماعة فلا يعرف
من العتبية (4) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قتل رجلا في وسط الناس فهرب وطولب حتى اقتحم بيتا فيه رجلان فلا يعرف من الثلاثة. قال: يحلف كل واحد من الثلاثة خمسين يمينا ويغرمون الدية بلا قسامة من الأولياء. ومن نكل من الثلاثة كان العقل علة من نكل. وقال سحنون: لا شئ عليهم، وشهادة البينة أنهم رأوه دخل فيهم ولا يعرفونة بعينة باطل.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 63 – 64
(2) كتبت مصحفة في ص: فإن عمدا.
(3) كذا في ع وهو الأنسب. وفي ص: ولاشئ عليه على الشاهدين.
(4) البيان والتحصيل، 15: 490.

(14/229)


مسائل من الجنايات
روي عيسي بن دينار عن ابن القاسم في العتبية (1) في عبد قتل حراً فأسلم إلي أوليائه فاستحيوه أيباع عليهم؟ (2) قال: لا إلا أن يخاف أن يقتلوه بعج أن عفوا عنه.
روي أشهب عن مالك فيمن قتل عبدا أكثر حر أنه إنما يغرم قيمته رقيقا كله. ومن قتل مطاتبا غرم قيمته مطابتا بما عليه من الكتابة وليس قيمته عبدا عليه كذا (3).
وروي أصبغ عن ابن القاسم فيمن أقر أنه ضرب (4) عبدا أو رماه فلما مات قال لم يمت من ضربي، وقال سيده من ضربك مات أو من رميك، فليحملف ربه أنه من ضربك أو من رميك مات، ويأخذ منه قيمته، وكذلك لو ثبت أنه ضربه أو رماه والله أعلم.
تم الجزء الرابع من أحكام الدماء
وهو آخرها والحمد لله.
__________
(1) (البيان والتحصيل، 16: 144.
(2) كذا في ع وهو الصواب. وصفحت عبارة ص: فاستحياه ابتاع عليه.
(3) كذا في ع وهو الأنسب. وعبارة ص: وليس قيمته عليه عبدا كذلك.
(4) صفحت عبارة ص: أنه قتل.

(14/230)