النوادر
والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات بسم الله الرحمن وصلي الله علي محمد خاتم
النبيين
كتاب الحدود في الزني
في حد الزني وذكر الإحصان والرجم فيه
وصفة الرجم والجلد (1)
من كتاب ابن حبيب قال الثورى كانت الثيب في أول الإسلام إذا زنت حبست في
البيت حتي تموت، لقوله الله تعالى (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم
فاستشهدوا عليهم أربعة منكم - إلي قوله تعالى - أو يجعل الله لهن سبيلا)
(2). قال الرسول صلي الله عليه وسلم قد جعل الله لهن سبيلا، والسبيل الرجم
(3). وقال في البكرين (4) (واللذان يأتيانها منكم فآذونهما) (5) فكانوا (6)
يؤذونهما بالقول حتي نزل الحد بقوله عز وجل (والزانية والزانى فاجلدوا كل
واحد منهما مائة جلدة) (7).
ومن كتاب آخر. ونحوه في كتاب ابن المواز: وإنما رجم رسول الله اليهوديين
بما أظهر عليهما في التوراة (8). وقالوا وهذا قبل نزول
__________
(1) هنا تضاف للمقابلة مخطوطة القروويين بفاس التى نرمز إليها بحرف ف.
(2) الآية 15 من سورة النساء.
(3) في باب الحدود من صحيح مسلم وسنن الترمذي وابن ماجه والدرامي، ومسند
أحمد.
(4) كذا في ص وع. وفي ف: وقال في البكر.
(5) الآية 16 من سورة النساء.
(6) كذا في ف وهو الأنسب. وفي ص وع فكان.
(7) الآية الثانية من سورة النور.
(8) في باب لحدود من صحيح مسلم، وسنن الترمذي وابن ماجة، ومسند أحمد.
(14/231)
الحدود (1) (ثم نزل) (2) في الثيب والبكر
(ماذكرنا عن سفيان، ثم نسخ ذلك بما ذكرنا في البكر والثيب) (3)
وقال في كتاب ابن المواز: حكم رسول الله في الثيب والثيبة بالرجم، وجلد
البكر ونفاه (4) وهو تغريب عام، وقال لأنيس: أغد على امرأة هذا فإن اعترفت
فارجمها (5)، فلم يذكر صلي الله عليه وسلم جلداً، ولا جلد على الثيب، ولا
يعاقب بعقوبتين، ولم يجعل الله سبحانه على المحارب عقوبتين، فإذا عوقب
بالقتل لم يضم معه قطع ولا غيره، وهو أعلي العقوبات.
والرجم ليس بسنة ولكن فريضة من الله على الثيب والثيبة. قال عمر: الرجم في
كتاب الله حق. قال بعض البغدادين من أصحابنا قال الله تعالى (ويدرا عنها
العذاب) (6) وهي ذات الزوج المحصنة، ولم يذكر ما ذلك العذاب، فبين النبي
أنه الرجم في الثيب.
(من كتاب ابن المواز) (7) قال: ولا يكون الزوجان محصنين إلا (بنكاح صحيح
ويكون فيه وطء صحيح قاله مالك، ولاي كونان محصنين إلا) (8) بمسيس معلوم.
وإن اختلفا في إرخاء الستر لم يكونا ولا واحد منهما محصنين لا من أقر ولا
من أنكر. وقاله ابن القاسم في الإحصان
__________
(1) في ص: الحد.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(4) في باب الحدود من صحيح مسلم.
(5) في باب الحدود من الموطأ والصحيحين، وسنن الترميزي والنسائي وابن ماجه
والدراسي وفي مسند أحمد.
(6) الآية 8 من سورة النور.
(7) ساقط من ص.
(8) ما بين معقوفتين ثابت في ع وف. ساقط من ص.
(14/232)
(قال) (1) لأنه إن كان الرجل هو المقر
بالوطء فيقول إذا أخذ في زني بعد أن طلقها إنما أردت أن أوجب الرجعة وأبرأ
من المهر وألزمها العدة، وتقول هي أردت أن ألزمه بدعواى المهر ونحوه.
وأما قول مالك في أن ذلك لا يحلها فأنا أري أن تصدق هي في (دعوي) (2)
الإحلال.
قال محمد: ولو اختلفنا في الوطء بعد وقوع الزنا (3) لم يقبل قول الزانى
منهما، ورجم وإن لم يبن بها إلا ليلة ثم فارقها.
وأما إن اختلفا قبل الزنا فلايكون المقر منهما محصنا وإن أقام معها الزمن
الطويل (4) ولو عشرين سنة، قاله ابن القاسم وعبد الملك، فارقها أو لم
يفارقها
كما لو قالت بعد الإقامة الطويلة معه لم يصبنى وطلبت أجل العنين وصدقها
فذلك لها، ولا حاجة لها بطول الإقامة معه لو أقرت قبل بناء معروف وقد مات
أنه أصابها في أهلها وقد أقر هو بمثل ذلك. فإن عرف أنه كان يبيت عندها في
أهلها ويأتيها صدقت وإلا لم يحلها ذلك ولا يلزمها الإحصان.
قال محمد: إلا أن تثبت على إقرارها بعد الزني. قال ابن القاسم وأما أن ترجع
بذلك إلي زوجها الأول فلا يكون ذلك إلا بدخول يعرف.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: إذا شهد عليه أربعة بالزني وله امرأة وهو
مقر بمسيسها ولا ولد له منها ولا يوجد أحد يشهد عليه بإقراره بالمسيس قبل
ذلك أيرجم؟ قال: إن أقر بالبناء بها أو كان يعرف
__________
(1) ساقط من ص.
(2) زيادة في ص.
(3) في ف: بعد وقوعه.
(4) كذا في ص. وفي ع: الدهر. وفي ف: الدهر الطويل.
(14/233)
أنه بنى بها فعليه الرجم ولا يسأل عن شئ
إذا لم يعرف منه قبل ذلك إنكار المسيس فأما إن لم يكن مقرا بالبناء ولا عرف
أنه بني فحدده حد البكر ولإن أقر بالمسيس.
قال مالك: والإحصان: إحصان عفاف في الإسلام بالحرية، وإحصان نكاح. وقوله
الله تعالى: (يرمون المحصنات ثم لم يأتوا) (1) فهذا إحصان في الحرائر
المسلمات، فمن قذفهن من مسلم أو ذمي ذكر أو أنثي جلد ثمانين جلدة، وعلى
العبد أربعين (2) ذكرا أو أنثي مسلما أو ذميا. ولا يحصن إلا وطء صحيح.
قال مالك فيه: إذا وطئها في نكاح صحيح وهي حائط أو صائمة أو محرمة أو قد
ظاهر منها فلا يحلها ولا يحصنها (3) وقاله المصريون من أصحابة وهي روايتهم
عنه، وقاله أصبغ.
وقال المغيرة وابن دينار إن ذلك يحصن ولا يحل وروياه عن مالك قال ابن
الماجشون: وهو يحل ويحصن.
قال ربيعة في أختين توء متين أصابتا (4) الفاحشة، واحدة بكر وأخري ذات زوج
هما سواء في إيجاب الحد أو رفعه، ليس الزوج لهذه يوجب عليها ذلك ما لم تنبت
شعرا أو تحض (5).
والخصي إن كان له عسيب يحصنها، لأن الإحصان ليس بالماء (6) إنما هو مجاوزة
الختان الختان (7) فإذا جاوز عيبه ختانها أحصنها. وكذلك
__________
(1) الأية 4 من سورة النور.
(2) كذا في جميع النسخ. ومقتضي العربية: أربعون.
(3) صفحت عبارة ص: فلا يحلها ولا يحلها.
(4) صفحت عبارة ص: في أختين يوما أصابت.
(5) في ص: أو يحيض وهو تصحيف.
(6) كذا في ع وف وهو الصواب. وصحف في ص: بالبناء.
(7) سقطت "الختان" الثانية من ص.
(14/234)
لو قطعت حشفته وانثياه، وذلك أيضا يحلها،
وفي ذلك الغسل. فأما المجبوب فلا يحل ولا يحصن ولا حد فيه، والمقطوع الحشفة
الحر إن زني رجم وإن لم ينزل إن كان محصنا.
قال محمد: وإذا تأيمت المرأة بعد إحصانها أو الرجل أو كانا على نكاحهما.
فقد وجب عليهما الإحصان.
وكل ما ذكرنا هاهنا من الإحصان فهو في كتاب النكاح وأكثر منه، وتركت باقي
هذا الباب لأنه في كتاب النكاح
قال مالك: ولا يحفر للمرجوم وما سمعت عن أحد ممن مضي يحد فيه أن يحفر له أو
لا يحفر له، وأري أن لا يحفر له. وقوله: فرأيت الرجل يحني على المرأة (1)
دليل أنه لا يحفر له ولا يربط واحد منهما.
قال أشهب: وإن حفر له فأحب غلي أن تخلي يداه (2) ويحسن عندي أن لا يحفر له
ولا يربط. قال: وقد أقامت الأئمة الحدود فلم يعلم أن أحدا منهم تولي ذلك
بنفسه ولا ألزم ذلك البينة، وإنما يأمر بالحد كما يأمر بغيره، فيرمي
بالحجارة التى يرمي بمثلها، فأما بالصخور العظام فلا يستطاع الرمي بتلك،
ولا يرفع عنه حتي يموت. وكذلك المرأة.
وبعد هذا باب في (صفقة) (3) ضرب الحدود كلها.
__________
(1) يشير إلي ما جاء في حديث الرجم في الموطأ عن عبد الله بن عمر قال:
فرأيت الرجل يحنى على المرأة يقيها الحجارة، أى يكب عليها.
(2) في ص. أن تحل له يداه.
(3) ساقط من ص.
(14/235)
في النفي وعلى من
يجب
من كتاب ابن المواز قال: إذا حد البكر الزانى فلينف من بلده إلي بلد غيره
ويحبس سنة بموضع ينفي إليه، وليس على النساء نفي ولا على العبيد لقول النبي
– صلي الله عليه وسلم – لا تنفي المرأة إلا مع ذي محرم منها (1)، والعبد
يدخل على سيده الضرر. فصارت عقوبة على سيده. قال غيره: ولا قرار للعبد،
وإنما ينفي ذو القرار.
قال محمد: وقد قال النبي في الأمة إذا زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم
قال في الثالثة أو الرابعة فبيعوها (2) ولم يذكر نفيا. وما روي عن عمر من
نفي العبد فقد روي ما دل على خلافة أن عبد الله بن عياش (3) أمره عمر ان
يجلد ولائد الإمارة في الزنى خمسين خمسين. قال مالك: ولم أمسع منه بنفي.
قال: وينفي من مصر إلي الحجاز إلي مثل منف (4) وما والاها، ومن المدينة إلي
فدك وخيبر، ذكره مالك أنه كان ينفي عندهم كذلك، وذكر أن عمر نفي إلي
البصرة، ونفي عمر بن عبد العزيز من مصر إلي منف. قال ابن القاسم: وأسوان
أيضا، ودونها منفي أيضا إذا حبس فيها. ويكتب إلي والى ذلك البلد أن يقبضه
ويسجنه عنده ويحسب (5) السنة من يوم يصير في السجن.
__________
(1) أحاديث منع خروج المرأة إلا مع ذي محرم جاءت في أحاديث متعددة بلفط "
لا تسافر المرأة ...... إلا مع ذي محرم. ولم أقف على حديث بلفظ " لا تنفي "
ولعله تصحيف. "
(2) في الموطأ عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنى. وآخر الحديث فيه: ثم
بيعوها ولو بضفير.
(3) عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومى. وهو أيضا في الموطأ في باب
جامع ما جاء في حد الزني.
(4) منف: اسم مدينة فرعون بمصر. معجم البلدان.
(5) صحف في ص ويحبس.
(14/236)
قال ابن حبيب عن مطرف: ويؤرخ يوم سجنه.
قال في كتاب ابن المواز: وكراؤه في سيره عليه في ماله في الزانى والمحارب،
فإن لم يكن له مال ففي مال المسلمين. وقاله أصبغ. قال: وإنما ينفي المخنثون
إلي الموضع القريب ولا يحبسون ويخلون اليوم بعد الأيام للمسألة والمعاش.
قال مالك: وسمعت أن النبي صلي الله عليه وسلم نفي المخنثين وأن نفيهم حسن.
قال ابن حبيب: كان في عهد النبي مخنثان فنفاهما إلي غير جبل بالمدينة.
في الشهادات في الزني وما يتم به واختلاف
البينة فيه
وكيف إن أتوا معترفين
من كتاب ابن المواز: ولا يجب حد الزني إلا بأحد هذه الوجوه، إما بإقرار لا
رجوع بعده حتي يحد، أو بأربعة شهداء عدول على الرؤية، أو يظهر حمل بامرأة
غير طارئة لا يعرف لها نكاح ولا ملك. هذا قول مالك وأصحابة.
قال عيسي في العتبية (1) عن ابن القاسم، وهو في كتاب ابن المواز عن ابن
القاسم أيضا: لا يتم الشهادة في الزني حتي يشهد أربعة في موضع واحد في يوم
واحد وساعة واحدة على صفة واحدة.
قال مالك في كتاب ابن المواز: وحتي يقولوا كالمرود في المكحلة في البكر
والثيب، فإن نفوا فهو كالنكال (2) على المشهود
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 319
(2) هكذا في ص ر ع. وفي ف: فإن لم يقولوا هذا فهو النكال.
(14/237)
عليه. محمد (1) وذلك إن لم يكن في شهادتهم
أنه زني ولا ذكروا زني وإنما شهدوا على ما وصفوا.
(من كتاب ابن المواز) (2) قال أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية (3): لو
شهد رجلان وقالا معنا رجلان آخران، فأري أن يحدا وروي ابن حبيب عن مطرف
وابن الماجشوف قال: إذا شهد بالزني أربعة جازت شهادتهم وإن كانوا هم
القائمين بذلك وجاءوا مجتمعين أو مفترقين إذا كان افتراقهم قريبا بعضهم من
بعض.
وروي أصبغ عن ابن القاسم في العتبية (4) في أربعة شهدوا على رجل بالزني
فتعلقوا به وأتوا به السلطان وشهدوا عليه فلا تجوز شهادتهم عليه وأراهم
قذفة. وروي يحيي بن يحيي عن ابن القاسم خلاف هذا ومثل قول أشهب.
ومن كتاب ابن المواز عن أشهب فيمن قذف رجلا بالزني وقال أنا أقيم عليه
أربعة فأتي بواحد وقال (5) وهذا آخر في المسجد، وآخر في القيسارية، وآخر في
السوق، فذكر أمكنة فريبة (6) وأتي بهم من ساعته فلا ينبغي للإمام أن ينتظر
به حتي يحده هو ومن شهد معه إذا لم تكن شهادتهم متواترة. وأما إذا تمت
الشهادة قبل إسقاطها بجهل من الإمام فهي جائزة، ويحد المشهود عليه، ولكن
(لا) (7) ينبغي للإمام ندبا أن ينتظر به حتى يجده ومن شهد معه ولو جاء
اليوم بشاهدين أو يواجد فلو يجد
__________
(1) كذا في ع وف. وفي ص كلمات مقحمة مشطب على بعضها.
(2) زيادة في ع وف.
(3) البيان والتحصيل، 10: 9.
(4) البيان والتحصيل، 10: 23
(5) هكذا في ع وف. وهو الأنسب. وفي ص. فأتوا وقال.
(6) صفحت عبارة ص: فذكر أمكنة وسوق.
(7) سقطت (لا) من ص فأفسدت المعنى.
(14/238)
حتى أتى بآخر (1) بعد ذلك وبآخر حتى أتم
(2) أربعة مفترقين فإنها تقبل ويحد الزانى
قال محمد: وإن جاء رجل إلي الإمام على وجه الشهادة فقال: أشهد على فلان أنه
زني فليجد إلا أن يأتى بأربعة سواه (فإن ذكر أربعةم سواه) (3) حضورا أو
قريبة غيبتهم ترك ويوثق منه وكلف (4) أن يبعث فيهم. وإن ادعي بينة بعيدة
(5) حد، تم إن جاء يهم سقط عنه جرحة القدف (6).
وروي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا على رجل أنهما رأياه مع امرأة تحت
لحاف أو رأيا رجليها على عنقة أو ما هو دون الزني لم يكن عليهما شئ، لأنهما
لم يقذفا، ويعاقب الرجل والمرأة. ولو قالا رأيناه يزني بها كالمرود في
المكحلة جلدا الحد ثمانين
وروي عيسي في العتبية (7): أن شهادة ابن الملاعنة تجوز في الزنا، ولا تجوز
فيه شهادة ولد الزنا.
وإذا اختلفت البينة فقال أحدهم زني بها في غرفة وبعضهم في سفل، أو قال
بعضهم منكبة وقال بعضهم مستقلية، أو قال البعض ليلاً وبعضهم نهاراً، أو يوم
كذا وآخرون يوم كذا، واختلوا في الساعات بطلت الشهادة ويحدن للقذف.
__________
(1) كذا في ع وف. وهو الأنسب. وفي ص: فلم يجد حتى إن تأخر. وهو تصحيف.
(2) في جميع النسخ (تم) ولا تسبقة مع (متفرقين)
(3) ساقط من ص.
(4) صحف في ص: وحلف.
(5) صحف كذلك في ص: بينة قريبة.
(6) في ص: جرح القذف. وهو تصحيف.
(7) البيان والتحصيل، 10: 230.
(14/239)
وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون في الشهود
يتفقون في صفة الزني والرؤية ويختلفون في الأيام والمواطن فهذا لا يبطل
الشهادة. وانظر فإذا اختلفوا فيما ليس على الإمام أن يسألهم عنه وتتم
الشهادة مع السكوت عنه فلا يضرهم اختلافهم فيه مع ذكرهم.
وقال أصبغه عن ابن القاسم عن مالك: إن الشهادة بهذا ساقطة في الزنى
والسرقة، وجائزة في الخمر والقذف.
وروي عيسي عن ابن القاسم في العتبية (1) وهو في كتاب في أربعة شهدوا على
رجل بالزنى، فقال اثنان منهم اغتصبها، وقال اثنان طاوعته، قال يحد الشهود
ولا يحد الرجل لاختلاف الشهادة.
قال في العتبية (2): فإن أقر حد وإن أنكر جلدوا. وقال في كتاب محمد: ولا
يكون على الرجل والمرأة حد ولا أدب.
قال: وكذلك إن قال اثنان نشهد أنه زنى بها، وقال اثنان نشهد أنه غلبها على
نفسها ولم يقذفاها هى فالحد عليهم أربعتهم لأن اثنين قاذفان لها، وسقطت
شهادة الآخرين.
قال في العتبية (3) من رواية أبي زيد في أربعة شهدوا أنه زني بامرأة فأخذ
الرجل فهربت المراة، فقال اثنان منهم رأيناه يزني بفلانة التى هربت، وقال
الآخران: زني بامرأة لا ندري أهي فلانة أو غيرها ولا يعرفانها، فليحد
الأربعة وهم فذفة للمرأة.
انظر قوله (في) (4) المرأة، وأصله أنه لا يحد في القذف لغائب وهم إذا لم
يحدوت كيف يستخرجون.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 322.
(2) للبيان والتحصيل، 16: 322.
(3) البيان والتحصيل، 16: 348.
(4) 4) زيادة في ف.
(14/240)
انظر مسألة الذي أخذ يزنى بإمراة فهربت،
فقال هى زوجتى في باب الإفرار بالزنى، ومسألة شهادة شاهدين على اغتصاب
الذمي في باب الاستكراه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا شهد أربعة فقال اثنان على الوطء واثنان على
الخلوة والنفس العالى والملاصقة (حد اللذان ذكرا الرؤية، وعوقب الرجل
والمرأة بالشهادة على الخلوة والنفس) (1) قال أشهب: بمائة جلدة ونحوها. وإن
وصف ثلاثة الزنى وقال الرابع لم أره في الفرج حد الأربعة إن شهد الرابع
معهم أنه زنى وإن لم يقل زنى وإنما قال رأيته على بطنها وشبهه فلا شئ عليه.
وقال في المدونة ويعاقب.
وفي كتاب القذف باب في اختلاف البينة في القذف.
وإذا شهد أربعة بالزنا ثم غابوا قبل أن يسألوا غيبة بعيدة أو ماتوا نفدت
الشهادة وحد. فأما إن أمكن الإمام مسألتهم أو مسألة واحد منهم فلا يقيم
الحد حتى يسأله، فإن كان (2) في ذلك ما يبطل الحد ابطله، وحد الشهود كلهم
حد القذف، وإن كان في سرقة لم يعاقب (3) وا ولا أدبوا، وإن كان في الزنى
(أكثر من) أربعة (فغاب أربعة) (4) لم يسأل من بقي منهم وإن أمكنه مسألته،
لأنه لو رجع لم يزل الحد بذلك، ولو رجع من سوي الأربعة بعد إقامة الحد لم
يغرموا شيئا. وقال ابن القاسم: يحدون ثم رجع إلي هذا. وقد اختلف فيه أيضا
قول اشهب فيما أحسب. وأحب إلي أن لا يحد الخامس ولا يغرم حتى يرجع واحد من
الأربعة، فيغرم هو ومن رجع قبله ربع الدية
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ف: فإن قال.
(3) ساقط من ف.
(4) ساقط من ص.
(14/241)
وإذا رفع رجل إلي الإمام شهادته أنه رأي
فلانا يشرب خمراً أو يسرق فرد الوالى شهادته لم يكن عليه عقوبة إن طالبه
المشهود عليه. وهذا بخلاف أن لو شهد عليه بالزني. وإن كان للسرقة من يطلبها
حلف معه وأخذها، وإن لم يكن طالب ولا شهد بها للإنسان فلا عقوبة عليه إن
كان عدلا، وإن لم يكن عدلاً عوقب إن لم يأت بمخرج
قال أشهب: إن كانت شهادته على وجه المشاتمة عوقب إلا أن يقيم شاهدين سواه،
فإن ادعي بينة بعيدة لم يهمل وأوجع أدبا، وإن كانت قريبة أوقف هو والمشهود
عليه وقيل به ابعث إلي من يشهد مهك، فإن أقامهم لزم الحد من شهدوا عليه.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن شهد عليه رجلان أنه طلق امرأته
أو أعتق جاريته ثم رأياه (1) يطؤها إنه لا شهادة لهما ولا حد عليهما، إذا
لو جازت شهادتهما على الطلاق أو العتق لزمهما الحد، والحد لو حد يجرحمها
(2) فسقطت الشهادة كلها. وكذلك من ورث {أخاه} (3) وفي تركته عبدان
فأعتقهما، ثم شهد العبدان على ولد ولدته أمة للميت بأن الميت أقر بوطئها
وأنه ولده، لم تجز شهادتهما، لأن ذلك برقهما، شهادة العبدين لا تجوز.
وأما لو قال شاهدا الطلاق {والعتق} (4) إن رأيناه على بطنها في شهادة واحدة
فهاهنا يقضي بالطلاق والعتق، وتجب عليه العقوبة، لأنهما لو فرقا شهادتهما
ها هنا جازت، وفي الأول لا تجوز ولو فرقا ذلك، وقاله أصبغ
__________
(1) في ص: ثم رأيناه وهو تصحيف.
(2) كذا في ع وف، وهو المناسب. وصفحت عبارة ص: والجلد لو حد يرجمها.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضا من ص.
(14/242)
في الشهادة على الشهادة في الزني
والشهادة على الحكم فيه وعلى الإقرار به
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك: لا تجوز الشهادة على الشهادة في الزني إلا
على شهادة كل واحد من الأربعة أربعة، ولا يجوز أربعة على أربعة وإن كانوا
كلهم قد سمعوا من الأربعة، إلا ستة عشر شاهداً. قال مطرف: وهكذا سمعت مالكا
يقول.
قال مالك: وإن حضر ثلاثة على الرؤية وغاب الرابع أو مات فلا تقوم شهادته
إلا بأربعة ينقلون عنه، وإن احتاج الإمام إلي تعديلهم فلا يقبل إلا أربعة
يعدلون كل رجل منهم (1) وكل شئ من شهادة الزني لا من رؤية ولا من نقل ولا
من تعديل فلابد من اربعة أربعة (2).
قال ابن الماجشون وجميع أصحابنا ابن القاسم وغيره: تجوز شهادة أربعة على
أربعة في الزني إذا كانوا كلهم سمعوا من الأربعة، فإن تفرقوا جاز اثنان على
كل واحد منهم حتي يصيروا ثمانية على اربعة، ويجوز في تعديلهم ما يجوز في
تعديل غيرهم: اثنان على كل واحد، وأربعة عليهم أجمعين. وابن القاسم في غير
كتاب ابن حبيب يقول: يزكيهم كلهم اثنان.
وقال ابن المواز عن ابن القاسم: إن شهد واحد على رؤية (3) نفسه وثلاثة على
شهادة ثلاثة فذلك تام، ولا يجب الحد حتي يكون عدد الشهود
__________
(1) هذه عبارة ع وف، وهي صحيحة. واضطربت عبارة ص: فلا يقبل إلا بتعديل
باربعة على تعديل كل واحد منهم.
(2) أربعة الثانية ساقطة من ص.
(3) في ص: ورثة. وهو تصحيف.
(14/243)
عند الحاكم أربعة ثم يجدد (1) عدد الشهود
على الرؤية أربعة. وكذلك لو شهد اثنان على شهادة اثنين، واثنان على شهادة
{اثنين، واثنان على شهادة} (2) ثلاثة، واثنان على شهادة واحد، فتكون قد تمت
{الشهادة} (3) أيضا من كلات الفريقين. وكذلك اثنان على الرؤية، واثنان على
شهادة اثنين، وأما واحد على رؤية نفسه، واثنان على شهادة ثلاثة لم تجز
الشهادة ويحد الشاهد على لارؤية للقذف.
وأما الشاهدان على الشهادة فإن لم يكت في شهادتهما أنه زان، وإنها قالا (4)
أشهدونا على شهادتهم أن فلانا زان رأيناه وفلان معنا، لم يحد الناقلان عنهم
... ، وإن قدم الثلاثة حدوا إلا أن يثبتوا على شهادتهم حين قدموا ويشهدوا
بها، فيحد المشهود عليه.
قال محمد: ذلك إذا تأخر ضرب الشاهد الأول حتي قدم هؤلاء وكذلك إن لم يقدم
منهم غير واحد فشهد. هذا كله قول ابن القاسم، وهو قول أشهب في كتبه، وقاله
أصبغ.
وقال في {باب} (5) القاذف يقيم شاهدين أن فلانا الوالي حد المقذوف في الزني
بشهادة أربعة فلا ينفعة ذلك حتي يقيم أربعة على حد الوالي {له} (6) في
الزني. وإن لم يقولوا حده بشهادة أربعة إن كان الإمام عدلا فيبرأ بهذا،
وإلا حد هو والشاهدان. هذا قول مالك وأصحابه، وذكر ابن
__________
(1) كذا في ص. وفي ع وف: يحد.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضا من ص.
(4) في ص: وأنه قالوا وهو تصحيف.
(5) زيادة في ع.
(6) ساقط من ص.
(14/244)
حبيب عن مالك نحوه إلا في حد الشاهدين فقال
عنه لا يحدان لأنهما لم يشهدا على رؤية، وإنما شهدا على فعل غيرهما.
وهذا مع زيادة فيه في كتاب القذف في باب التداعي في القذف، {والقاذف} (1)
يقيم البينة بما يبرئة.
وقال في كتاب ابن المواز: ويجوز في الشهادة (2) على كتاب قاض إلي قاض في
الزني بشاهدين إذا ثبت الزني عند الأول بأربعة، ويحضر المكتوب إليه أربعة
عدولاً لإقامة الحد عليه.
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: وإذا شهد رجلان على إقرار رجل بالزني وهو
يجحد فهو كرجوعة فلا شئ عليه، كانوا اثنين أو أربعة ولا حد على الشاهدين
وإن {لم} (3) إن يكونا عدلين.
في الرجوع عن الشهادة في الزنى
وكيف إن وجد أحدهم عبداً أو مسخوطاً أو زوجاً
أو وجد المرجوم مجبوباً (4)
من العتبية (5) من رواية أبي زيد عن ابن القاسم في خمسة شهدوا على رجل
بالزني ثم رجع واحد، فلا شئ على الراجع حتي يرجع واحد من الأربعة، فيحد
الراجعان (6). وقال ابن المواز عن ابن القاسم: على الراجع
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) صفحت عبارة ص: ونحوه في الشاهدة.
(3) ساقط من ص.
(4) في ع: مجنونا وهو تصحيف.
(5) البيان والتحصيل، 16: 349.
(6) في ص: الرجلان. وهو تصحيف.
(14/245)
الحد وإن بقي بعده أربعة. وقد اختلف عنه
فيه، واختلف فيه عن أشهب، وأحب إلي أن لا يحد ولا يغرم شيئا، لأن الحد قد
أثبته أربعة غيره.
قال ابن القاسم في الكتابين: ثم إن رجع واحد من الأربعة بعد رجم الزانى ضرب
الراجعان الحد وغرما ربع الدية. قال محمد: وإن كثر عددهم، وإنما الغرم على
لاراجع من الأربعة وعلى من رجع قلبه وإن كثروا. ولو رجع بعد الرابع آخر لزم
كل من رجع نصف الدية مع الحد. وكذلك في ثالث {حتى} (1) لا يبقي غير واحد،
فعلي كل من رجع ثلاثة أرباع الدية بينهم بالسوية. وإن رجع الباقي تمت الدية
على الجميع وحدوا كلهم.
قال أشهب: وكل من قذفة ممن رجع عن شهادته فعليه الحد، وإن قذفه غيرهم لم
يحد، لأن الحد وجب بحكم.
وقال في العتبية (2) أبو زيد عن ابن القاسم: وإذا أتي قاذف رجل بأربعة
شهدوا على رجل بالنزي ضرب المقذوف وبرئ القاذف (3)، فإن نزع واحد من
الأربعة ضرب النازع دون القاذف، وكذلك إن رجعوا كلهم حدوا دون قذف.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا رجم المشهود عليه ثم رجعت البينة فلا قتل عرى من
رجعوا وقاله أصبغ عن ابن القاسم. وكذلك إن تعمدوا عليه الشهادة في قصاص أو
قطع لم يقتص (4) منهم وعليهم الغرم فيما فيه الدية، وقاله أصبغ (5).
__________
(1) ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 16: 351.
(3) كذا في ع وف. وهو الأنسب. وفي ص: ضرب المقذوف عن القاذف.
(4) صفحت في ص: لم يقبض.
(5) أصبغ: ساقط من ف.
(14/246)
وروي ابن حبيب عن ابن الماجشون: أنهم إن
رجعوا في الزني باشتباه أو شك فلا غرم عليهم حتي يقروا بتعمد الزور فيغرموا
الدية في أموالهم مع الحد.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا رجم ثم وجد أحد الشهود عبداً أو نصرانيا أو أعمى
(1) أو ولد زوجاً، حد الشهود كلهم حد القذف والأعمي وولد الزني والنصراني
ثمانين، والعبد أربعين والزوج ثمانين، إلا أن يلاعن، ودية المرجوم على
عاقلة الإمام / وقال ابم القاسم وأشهب، وذكر عن ابن القاسم أنه قال: إلا أن
يكون من بقي من الأربعة قد علموا أن رابعهم {عبد} (2) فتكون الدية في
أموالهم.
قال ابن القاسم: وإن كان أحدهم زوجاً وقد رجمت فليلاعن الزوج فإن أبي حد،
ولم يحد الثلاثة لا عن أو لم يلاعن، وله الميراث نكل أو لاعن.
وروي ابن حبيب عن أصبغ أن الزوج إن لاعن بعد الرجم سقط الحد عن الشهود، وإن
لم يلتعن حد هو وهم.
قال محمد ابن القاسم: ولاشئ على الزوج من ديتها، ولا على عاقلة الإمام، ولا
على عاقلة الشهود، وليس بخطإ صراح ٍ (3) وهو مما يختلف فيه، وبخلاف شهادة
العبد النصراني، وقاله كله أصبغ واعجبه إلا الميراث فوقف عنه، لأن فيه تهمة
القتل العمد وشبهه.
وقال مالك: وإن وجد أحدهم مسخوطا قال ابن حبيب عن أصبغ: أو منبوذا، فلا حد
عليهم بعد الحكم، ولا دية على عاقلة الإمام ولا على غيرهم، وإن كان قبل
الحكم حد جميع الشهود.
__________
(1) صحف في ص: أو أعجمياً.
(2) ساقط من ص.
(3) صحف في ص: جراح.
(14/247)
قال ابن المواز (1) قال اشهب: وإن وجد
المرجوم مجبوبا فديته على عاقلة الإمام ولا حد عليهم، وعليهم وجميع الأدب
وطول السجن، إلا أن يقولوا رايناه يزنى قبل جبابه (2) فتمضي شهادتهم، ولا
حد على الشهود بكل حال وإن لم يقولوا قبل جبابه.
في الإقرار بالزني وكيف إن رجع؟
والإقرار بالإحصان وفي المقر بقتل أو بجرح ثم ينزع
من كتاب ابن المواز: {قال} (3) ومن أقر بالزني بغير خوف ولا محنة ثم نزع،
إن ذكر للإقراره وجهاً وسبباً (4)، {فلم} (5) يختلف فيه أصحاب مالك أنه
يقبل رجوعه. وأما إن لم يكن لذلك وجه إلا على التوبة والإقرار فاختلف فيه،
فروي عن مالك أنه لا يقبل منه إلا بأمر يعذر به، وقال {به} (6) أشهب وعبد
الملك، وقال ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم: يقبل وإن لم يأت بعذر.
وروي ابن وهب عن مالك أنه يقال مالم يكن لأحد فيه تباعة. قال ابن القاسم:
وكذلك كل مقر بشئ هو لله فليؤخذ به ما لم يرجع عنه فإنه يقال، وكل من اعترف
بشئ للناس ثم نزع لم يصدق وأخذ بذلك. وكذلك في السرقة يغرم السرقة ولا يقطع
لرجوعه. وقد اختلف في اتباعه بها في عدمه.
__________
(1) في ص: قال ابن حبيب
(2) صحف في ص كذلك: قبل حياته.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ص بصيغة المعلوم. وفي ع وف بصيغة المجهول: وإن ذكر لا قراره وجه
وسيب.
(5) ساقط من ص.
(6) ساقط أيضا من ص.
(14/248)
وقال أشهب وعبد الملك كما ذكرنا: يقبل منه
إن جاء بعذر، وإلا لن يقبل منه. واحتج ابن عبد الحكم في إقالته بقول النبي
في ماعز لما هرب: هلا تركتموه (1). قال محمد: وبه نأخذ يقبل منه وإن لم يكن
عذر. وكذلك لو رجع عن إقراره بشرب خمر.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون مثل ما ذكر عنه محمد: إنه لا يقال إلا أن
يورك (2)، قال مثل أن يقول إنما أردت أني أصبت امرأتى حائضاً أو جارتى وهي
أختي من الرضاعة فظننت ذلك زني، وإن لم يورك فلا يقال
وقال مطرف عن مالك: يقبل منه ورك أو لم يورك، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ
قالا: فهو قول جميع أصحابنا وبه أخذ ابن حبيب.
قال ابن الماجشون: ومن أقر أنه وطئ جارية امرأته ثم قال كذبت فإن لم يورك
ولم يزد على قوله كذبت فإنه يحد، ولو ورك فقال لم أرد الزني وإنما أردت أني
وطئتها بعد أن وهبتها لى لم يحد وأقيل، ويؤدب لتركه الإشهاد ويسقط عنه
الحد، ٍلأنه لم يقر أنه وطئ بزني، وإنما وطئ {بتلك الهبة} (3) التى زعم.
ولو أخذ معها يطوؤها فادعي الهبة حد إن لم يقم بينة على ما قال، فأما إن لم
يؤخذ معها وإنما هو مقر فكما ذكرنا من الأدب فقط.
قال ابن المواز {قال ابن القاسم} (4) ولو نزع بعد أن جلد أكثر الحد لأقيل
وإن لم يورك بعذر. وقال أشهب وعبد الملك لا يقال إلا أن يورك فيقال ما لم
يضرب أكثر الحد فليتم عليه، وإن ورك. وقال ربيعة: يقال فيما ليس لأحد فيه
تباعه إلا أنه ليس كمن اعترف أربع مرات ثم
__________
(1) تقدم تخريخ هذا الحديث.
(2) التوريك: نية بنويها الحالف غير ما نواه مستحلفة. قاموس.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط من ص.
(14/249)
نزع. قال مالك: ما اعرف هذا أن الإمام يعرض
عن المعترف حتي يعترف أربع مرات
قال مالك في المتهم بالقتل يقر بلا محنة ويشهد على إقراره فيسجن، فلما أخرج
للقود نزع وقال أقررت خوفا من الضرب {فإنه} (1) يقتل إلا أن يأتى بأمر يعرف
(2). قال محمد: لأنه حق للناس، ولو عفي عنه لم يكن عليه جلد مائة وسجن سنة.
وإذا قال رجل ضربنى فلان وفلان ثم مات، فأقر رجل منهم أو من غيرهم أنه
قتله، أنه يقتل بلا قسامة إن أقام على قوله، ثم يقسم الأولياء على أحد
الباقين من شاءوا منهم فيقتولنه، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة. قال مالك:
وإن رجع المقر قبل رجوعة
قال أشهب: ومن أقر بقتل عمد ثم رجع يقبل وليقتل وإن لم يشهد على قوله إلا
رجل، وقيل لا يقتل إلا بشاهدين على إقراره.
قال ابن شهاب فيمن اعترف بعد أن جلد الحد إنه لا يحد. قال محمد: وذلك إذا
اعترف بالزني الذي حد فيه أو بزني قبله، فأما بزني بعد أن حد فليقم عليه إن
بقي على إقراره.
قال مالك: ويسأل الإمام الزانى هل هو بكر ويقبل قوله إنه بكر، إلا أن تقوم
بينة أنه ثيب. ولا تجوز شهادة رجل وامرأتين على الإحصان، وقيل لا يسأله حتي
يكشف عنه، فإن وجد من ذلك علما وإلا سأله وقبل قوله بلا يمين، وهذا أحب
إلينا.
__________
(1) ساقط أيضا من ص.
(2) في ص: بأمر معروف.
(14/250)
وإذا قالت المشهود عليها بزني أو سرقة أو
شرب خمر أو قذف أو قصاص إنى حامل فلا يعجل عليها الإمام حتي يتبين أمرها،
فإن كانت حاولاً تركت حتي تضع فيقام عليها إن وجدوا لأبنها مالاً يسترضع
به، ولا تؤخر حتي تستقل من نفاسها. قال محمد: هذا في الرجم أو القتل إن كان
لولدها مال يسترضع به أو كان له من يرضعه.
قال ابن القاسم واشهب: ومن أقر أنه زنى بفلان فإن سمي من لا تعرف فليس عليه
إلا حد الزني إن أقام على إقراره، ولا يحد للقذف، وإن نزع لم يقم عليه بشئ.
وإن سمي امرأة تعرف فأنكرت حد لها، ويحد للزني {بجلد} (1) أو برجم إن لم
يرجع بعد جلد الفرية. وإن قالت غصبنى وكان من ذلك أمر يعرف به صدقها قبل
منها.
وفي كتاب السرقة باب في الإقرار بالحدود بوعيد أو بغير وعيد فيه كثير من
معانى هذا الباب، وفي باب الاستكراه شئ من إقرار العبد وغيره من معانى
الإقرار.
__________
(1) ساقط من ع.
(14/251)
فيمن أقر أنه وطئ (1) فلانة بنكاح أو {ملك
ولا} (2) بينة له أو أخذ مع امرأة فقال هي زوجي أو أمتي أو وطئ أمة
وقال باعها ربها مني أو وهبها لي
أو كان ذلك في أمة زوجته
ومن شهد عليه أنه طلق امرأته وهو منكر ثم وطئها
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن قال عند قوم وطئت فلانه بنكاح أو قال
البارحة أو اشتريت أمة فلان فوطئتها، قال: لا يكلف بينة بالنكاح ولا
بالشراء ولا يحد، لأنه لم يؤخذ مع امرأة (3) يطؤها فيقول هذه زوجتي، فهذا
الذي يكلف البينة إن لم يكن طارئا ولا أقر بزنى صريح، وقاله علماؤنا. وقد
غلط فيها بعض من يشار إليه، وقال مثله مطرف وأصبغ.
قال ابن الماجشون: ولو شهدت عليه بينة أنهم رأوا فرجه في فرج امرأة غابت
عنا لا ندري من هي، فقال هو كانت زوجتي وقد طلقتها أو كانت أمتي وقد باعها
وهو معروف أنه غير ذي زوجي ولا جارية، فهو مصدق ولا يكلف بينة. ولو أخذته
معها كلفته البينة إن لم يكن طارئا لأنه قد قصد في امرأة معلومة دعوي نكاح
(4) أو ملك وهي تعترف بغير ذلك، فيحد حتي يقيم بينة بما قال. والأول ادعي
ذلك في مجهولة. قال. ولو لم يدع ذلك وقال كذب الشهود لحد، وقاله مطرف
وأصبغ.
__________
(1) في ص: فض
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ع وف. وهو الصواب. وصفحت عبارة ص: لأنه هو وجد مع امرأة
(4) (في ص: دعواه بنكاح.
(14/252)
قال مالك: ومن وجد يطأ امرأة بذلك وأقر
بذلك وادعي الزوجية فليحدا وإن أحصنا بغير هذا النكاح رجما. قال ابن
القاسم: وجد في بيت أو طريق إلا أن تقوم بينة بالنكاح، ولا تقبل فيه شهادة
أخيها أو أبيها، أو يكون (1) أمر قد سمع وعرف فلان يحدان، ولكن لا يثبتان
على ذلك حتي ياتنفا نكاحا جديدا بعد الاستيراء.
قال أشهب في امرأة أقرت أنه زنت مع هذا الرجل وقال هو تزوجتها وأقر بالوطء
ولا بينة {له} (2) قال: لا يحد هو الزني، وتحد هي للزني ولا تحد للقذف.
قال: وهي بخلاف من أخذ مع امرأة ثم ادعي النكاح لأنه قد أخذ وهو يدفع عن
نفسه، فلا يصدق. قال ابن القاسم: هما سواء ويحدان.
قال أشهب: وكذلك إن وطئ جارية رجل وقال اشتريتها والسيد منكر وقد أخذت معه
فعليه الحد إذا لم يعرف بحوز لها، ولا يلحق به ولدها، ويحلف السيد ويأخذها
وما ولدت، فإن نكل عن اليمين حلف الواطئ وكانت له أم ولد بإقراره، وأما
الولد فلا يحلق به، لأنه قد حد في وطء جاء منه هذا الولد، وليس له أن يسترق
الولد ولا يسترق امه للإقراره أنه ولده (3) وأنهم أحرار.
قال أبو محمد: يريد لا يسترقها فيبيعها ولكن تكون أم ولد. قال: وحررناهما
بظاهر الحكم ولم يسقط عنه الحد بنكول سيدها عن اليمين، لأنه لو صدقه (4) لم
يزل الحد عنهما، ولكن تصير له الأمة وولدها بالنكول ولا يسقط الحد عنهما
بشاهد مع إقرار السيد بالبيع، ولو كان
__________
(1) في ص: أو ابنها أن يكون.
(2) ساقط من ص.
(3) صفحت عبارة ص: ولا يسترق أمهم للإقراره أنهم ولده.
(4) في ص: قد صدقة. وهو تصحيف.
(14/253)
شاهد وامرأتان استحسنت درء الحد لأنه قد
جاء بما يوجب التمليك من الشهادة، وليس بالقياس، وخالفة ابن القاسم وقال:
إذا نكل السيد عن اليمين حلف الواطئ وصارت له وسقط الحد. وقول ابن القاسم
أحب إلي، والاستحسان في مثل هذا أحب إلي من القياس.
ومن العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن ادعي جارية عند رجل ويقول
اشتريتها {من رجل} (2) بسوق المسلمين، وأقام المدي البينة، ويقر الذي هي في
يديه بوطئها على أنها له ولا بينة له بالشراء. قال: يدرأ عنه الحد الحد.
ولو قال اشتريتها منك ولا بينة له، قال: يدرأ عنه الحد إذا كان ممن لا
يتهم. قال يحيي بن عمر: هذا خلاف ما في كتبهم، ولا يعجبني.
{ومن كتاب ابن سحنون مسألة الرجل يشهد عليه شاهدان أنه طلق امرأته، يريد
طلاقا بائنا، وهو يجحد وقد أقر بوطئها بعد تاريخ الطلاق، أن الطلاق يلزمه
ولا حد عليه. ولو كان الوطء بشهادتهما أبطلت شهادتهما في الطلاق والوطء.
ولو كانوا أربعة من المسلمين لزمة الطلاق والحد. قاله سحنون، وذكر أن على
بن زياد روي عن مالك في أربعة شهدوا على رجل أنه طلق امرأته البته وأنهم
رأوه بعد ذلك يطؤها، أنه يفرق بينهما، ولا حد عليه. قال سحنون: وأصحابنا
يابون هذه الرواية. وهذه موعوبة في كتاب الشهادات} (3).
ومن كتاب ابن حبيب: وقد قال مالك فيمن أعتق عبده لا مال له غيره، فجاءه رجل
يدعي علي السيد بدين، فأقام رجلاً وامرأتين أو رجلا وحلف معه، فإن الدين
يثبت ويرد العتق. ولو لم يكن إلا دعواه وبينهما خلطة ونكل السيد عن اليمين
وحلف طالب الحق لثبت حقه ورد العتق.
__________
(1) البيان والتحصيل، 9: 218.
(2) زيادة في ص. وعي في نص البيان والتحصيل المنقول عنه.
(3) هذه الفقرة الطويلة ساقطة من ص.
(14/254)
ومن ذلك أن يدعى على زوج أمتة انة ابتاعها
منة بكذا ويقيم شاهدا وامرأتين فيقضى بذلك وينفسخ النكاح والنساء لا يقبلن
فى الطلاق.
ومنة أن يقذف رجلا ثم يقيم شاهدا وامرأتين أنة عبد فيسقط الحد وقد تجوز
شهادة امرأتين على الاستهلال فتثبت الموارثة بغير يمين.
قال ابن المواز: ولو كان حائزا للجارية التى ادعى شراءها وأقر بوطئها لم
يحد وإن لم يقم شاهدا، ويحلف السيد ما باعها ويأخذها وقيمة ولدها، وقالة
أشهب.
وقال: قد جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: وطىء زوجى جاريتى، فسألة
فاعترف وقال باعتها منى، فقال عمر! أقم البينة وإلا رجمتك، فاعترفت زوجتة
بالبيع فتركة، فهذا بذلك فيمن وطىء امرأة وادعى الشراء أن السيد إن أقر زال
الحد، وإن حلف حد الواطىء.
وقال ابن وهب عن مالك: لا حد للزوج فى ذلك. وفى غير حديث مالك (1) أنها لما
اعترفت حدها. انظر ما معنى ذلك. وكيف يكون قاذفة وهو مقر بالوطء بالشراء
وقد صدقتة. وكان مالك يقول: لاحد عليها لأنها غيرى لا تدرى ما تقول. وفى
حديث مالك عن عمر أن الزوج ادعى أنها وهبتها لة، فقال لة أقم البينة وإلا
رجمتك، فاعترفت فتركة.
وادعت امرأة ذلك على زوجها عند على بن أبى طالب – رضى اللة عنة – فقال لها:
إن صدقت رجمناة، وإن كذبت جلدناك، فقالت: غيرى غيرى. وقال على: من أتى
جارية امرأتة رجمتة. قال مالك: وإن اعترف رجم إن كان محصنا، وولدة رفيق
لها. وذكر ابن حبيب من هذة الأحاديث مثل ما ذكر ابن المواز.
__________
(1) كذا فى ص وع. وفى ف: وفى حديث غير مالك.
(14/255)
وذكر عن القاسم بن محمد فى امرأة أعطت
لزوجها خادما تخدمة فى سفرة، فقيل لة إن حكمك فيها جائز، فقومها (1) ثم زاد
على ما أعطى وأخذها لنفسة، وأشهد بالثمن فى ذمتة لزوجتة ثم وطئها، فرفعت
المرأة ذلك إلى عمر، فاعترف الزوج بما صنع، فشاور فية ثم خرج يوما فجلدة
مائة، فكان إذا رأى عمر نكس رأسة، فقال لة عمر يوما: إنا لم نالك من أنفسنا
خيرا (2).
ورفع إلى عمر امرأة اتخذت غلامها، فأرارد عمر رجمها فقالت: قرأت كتاب اللة
(أو ما ملكت أيمانكم) (3) فقال تأولت كتاب اللة على غير تأويلة وتركها،
وقال: أنت حرام بعدة على كل مسلم، وجز رأس الغلام وغربة.
وقالت امرأة لأبى بكر: إن غلامى أطوع لى من عنز (4) وأنا أريد أن أعتقة
وأتزوجة، فقال لها أبو بكر: اذهبى إلى عمر فإن رضى تابعناة، فذهبت فذكرت
ذلك لعمر فضربها حتى أسرع بولها (5)، ثم قال: لا تزال العرب عربا ما منعت
نساءها.
__________
(1) كذا فى ص وفى ع وف: فأقامها.
(2) كذا فى ع وف. وفى ص ما يشبة: مالة بالك وأنة منا خيرا. والعبارتان
غامضتان.
(3) الآية 3 من سورة النساء.
(4) كذا فى ع وف. وفى ص: من غير.
(5) كذا فى ص. وفى ع وف: أسرعت بولها.
(14/256)
فيمن أكرة حرة أو أمة على الوطء
أو صغيرة أو ذمية وهو حر أو عبد
أو ذمى أو صبى وكيف إن طاوعتة؟
قال ابن حبيب: روى عن على بن أبى طالب وغيرة فيمن استكرة امرأة أنة يحد
ولها صداق مثلها، وقال مالك فى موطئة: إنة الأمر المجتمع علية عندنا.
ومن كتاب ابن المواز قال – يعنى مالكا – إنة إذا أكرها يحد وعلية صداق
المثل إن كانت (امرأة) (1) حرة مسلمة أو ذمية أو صغيرة افتضها، وإن كانت
أمة فما نقصها وطؤة فى البكر والثيب، ولا تحد هى ويحد هو بالرجم إن كان حرا
محصنا، والجلد فى البكر والتغريب. وإن كان عبدا جلد خمسين ولا يغرب، وما
لزمة من صداق الحرة ونقص الأمة ففى رقبتة. ويقبل إقرار العبد فية إن كان
بفور ما فعل وهى متعلقة بة تدمى، فأما بعد بعد من فعلة فلا يقبل قولة فيما
يلحق برقبتة، وما كان جسدة أقيم من حد ونحوة، وإن كان ذميا قتل لنقض العهد،
وهذا فى محصنة مسلمة، وقالة الليث. وإن طاوعتة حدث ونكل هو. قال (أصبغ)
(2): والنكال فى هذا مثل ضعفى الحد وأكثر. قال ابن وهب فى كتاب آخر: يجلد
جلدا يموت من مثلة.
__________
(1) ساقط من ف.
(2) زيادة فى ص.
9 - النوادر والزيادات
(14/257)
قال ابن المواز: وقد قتل أبو عبيدة ذميا
استكرة مسلمة. قال ابن المواز: وإن استكرة أمة مسلمة لم يقتل، كما لو قتلها
لم أقتلة، وفية اختلاف، فهذا أحب إلى لما جاء: لا يقتل حر بعبد (1) (قال
مالك) (2) وعلية فى الأمة ما نقصها فى البكر والثيب.
قال سحنون فى العتبية (3) عن ابن القاسم: إذا اغتصب النصرانى حرة مسلمة
فوطئها قتل، ولا يجزى فية شهادة رجلين، ولكن أربعة، كما يشهد فى الزنا وفى
صفتة، لأن بالوطء يجب القتل، ولا يثبت الوطء إلا بأربعة. وكان يقول يجزى
فية شهادة رجلين، ثم رجع إلى هذا، وبة قال سحنون: إذا شهد علية أربعة قتل.
وقال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب: وإن طاوعتة ضربت الحد وضرب النصرانى
ضربا يموت منة. وإن اغتصبها صلب.
ومن كتاب ابن المواز قال ربيعة فى العبد يستكرة الحرة قال: يحد ويباع بغير
أرضها، وفعلة عمر بن عبد العزيز ودفع ثمنة إليها، وفعلة عبد الملك بن
مروان.
قال أبو محمد: أراة أسلم إليها فى الصداق فيبيع لها بغير أرضها لتبتعد عنها
معرتة (4)، وغن فداة فاستحسن ربيعة أن يباع بغير أرضها.
(قال ابن المواز) (5): وأما الصبى يفتض صبية صغيرة بذكرة أو بأصبعة ففية فى
قولنا الاجتهاد بقدر رأى الإمام مع أهل المعرفة، وحكم
__________
(1) حديث حسن أخرجة البيهقى فى السنن عن ابن عباس، وأخرجة السيوطى فى
الجامع الصغير.
(2) ساقط من ص.
(3) البيان والتحصيل، 16:334.
(4) صحف فى ص: بعدتة.
(5) ساقط من ف.
(14/258)
فية عبد الملك بأريعين دينارا، وحكم (1)
فية عياض بن عبد اللة قاضى عمر ابن عبد العزيز على مصر بخمسين دينارا بعد
فوض عمر إلية فية الاجتهاد.
وقال أبو زيد بن أبى الغمر عن ابن القاسم فيمن افتض بكرا (بأصبعة) (2) وهى
صغيرة أو كبيرة إنها كالجائفة وفى ذلك ثلث ديتها، وقيل ما نقص من مهر
مثلها. قال محمد: وأحسن ما سمعت فية أن ينظر إلى قدرما عابها (3) ذلك عند
الأزواج، مثل أن يكون مهر مثلها بكرا مائة، ومهر مثلها ثيبا خمسون، فيؤدى
ما نقص ذلك.
ومن العتبية (4) قال سحنون عن أشهب فى الصبية تمكن من نفسها رجلا فيطؤها،
فإن كان مثلها يخدع فعلية الصداق، وإن كان مثلها لا يخدع فلا صداق لها وإن
لم تحض. (وقال أشهب أيضا) (5): وإذا مكنتة الأمة العذراء من نفسها فافتضها
فلا غرم علية وتحد، وقالة المغيرة فى الأمة، وقال ابن القاسم فى المدونة:
علية ما نقص من ثمنها.
قال ابن حبيب عن أصبغ فى صبيان (6) أمسكوا جارية لصبى حتى افتضها إن علية
وعليهم (قدر) (7) ما شأنها ذلك وعابها عند الأزواج فى جمالها وقدرها، لأنة
جرح وليس بوطء فيكون لها صداق (المثل) (8) ويؤدب هو والصبيان الذين معة.
وكذلك يؤدب كل صبى عقل وراهق فى كل تعد.
__________
(1) فى ص: وحاكم وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) صحف فى ص: ما أصابها.
(4) البيان والتحصيل، 16:329.
(5) زيادة فى ص.
(6) فى ص: صبيين. وهو تصحيف.
(7) ساقط من ص.
(8) ساقط من ص.
(14/259)
فى المرأة يظهر بها حمل فتدعى الإكراة
وفى غير الحامل تتعلق برجل تدعى أنة وطئها
وهى تدمى أو لا تدمى
وكيف إن قامت بينة أنة احتملها فخلا بها أو لم تقم
من كتاب ابن المواز: وإذا ظهر بامرأة حمل ولا زوج لها فقالت استكرهت فلا
تصدق وعليها الحد. وكذلك إن قالت تزوجت إلا أن تقوم بينة بالنكاح أو على
الاستكراة، أو جاءت تدمى إن كانت بكرا، أو استغاثت حتى أتيت وهى على ذلك،
وشبة هذا من الأمر البين مما تبلغ فية فضيحة نفسها، وإلا فعليها الحد.
وإذا جاءت مستغيثة تدمى أو ثيب لا تدمى وقد بلغت فضيحة عنها الحد بهذة
الشبهة وتنجو بذلك من حد الزنى إن ظهر بها حمل. وبنظر فى الرجل. قال مالك:
فإن كان ممن (1) يشار إلية بذلك نظر فية، وإن كان ممن لا يشار إلية بة،
فقال ابن القاسم وابن وهب، حدث حد القذف، كانت تدمى أولا تدمى، ولا حد
عليها (للزنى) (2) وقالة مالك
قيل فقول مالك فى المتهم ينظر فية، هل يحد ويغرم الصداق؟ قال: لا يحد عندة
ولكن يؤدب أدبا وجيعا، كانت تدمى أولا تدمى، وقد اختلف فى الصداق فأوجب لها
علية عبد الملك (وأشهب) (3) صداق المثل بعد يمينها، ولم ير علية ابن القاسم
صداقا وإن كان من أهل الدعارة، إلا أن
__________
(1) فى ص: مما. وهو تصحيف تكرر.
(2) ساقط من ع.
(3) ساقط أيضا من ص.
(14/260)
يشهد رجلان أنه احتملها واختفي بها، فتأتي
وتدعي ذلك وتبلغ فضيحة نفسها، فيجب لها الصداق إذا حلفت، ويوجع هو أدبا.
ولا حد عليها. وهذا قول مالك.
قيل: فإن نظرها النساء فألفيت بكراً؟ قال: أما أشهب فلم ير لها شيئاً. {قال
أصبغ} (1)
وقد قيل بل ذلك لها، ولا يقبل قول النساء في ذلك. روي أشهب وعبد الملك في
التي تأتي مستغيثة ولم يشهد لها أحد أنه احتلمها وخلا بها، ولكن جاءت
متعلقة به وفضحت نفسها وهي ثيب، أو كانت بكراً فجاءات تدمي، فإن الرجل يؤدب
ويغرم الصداق. قال أشهب: بعد يمينها. قال عبد الملك: وإن كان ثقة فلا يلزمه
صداق ولا أدب، ولا تحد هي لما رمته. وذكر فيه ابن حبيب عن ابن الماجشون مثل
ما ذكر ابن المواز.
وروي عن مالك في التي تأتي متعلقة تدمي أو ثيب لا تدمي أن لها الصداق بلا
يمين. قال ابن وهب: وإن رمت بذلك رجلا صالحاً حدث لقذفه كانت تدمي أو لا
تدمي، ولا تحد حد الزني للشبهة، إلا أن تدعي هذا بعد أن ظهر بها الحمل فتحد
للزنا والقذف، وقاله كله أصبغ، إلا أن قوله إنها تحد في التي تدمي وقد رمت
به رجلاً صالحا، وإني لا أحدها له، وقاله عبد الملك.
وقال مالك وابن القاسم وابن وهب إنها تحد له. قال ابن وهب: وإن رمت المتهم
وهي بكر تدمي لم تحد له وعواقب، سواء كان معها أو لم يكن، بحضرة ذلك أو
بغير حضرته.
وقال ربيعة: إن ادعت ذلك على رجل بغير شبهة من خلوة أو نظرة ولا استغاثة
عندما غلبت فإنها تحد للقذف ولا يدفع ذلك عنها حد الزني إن
__________
(1) ساقط من ع.
(14/261)
استمرت حاملاً، لأنها تتهم أن تفعل ذلك مما
اشفقت منه. وقال نحوه يحيي ابن سعيد إنها إنما تصدق إذا ظهر لها علامة تعذر
بها في استغاثتها فيوجد معها ونحوه ذلك. قال: ويعاقب هو. قال: وإن لم يكن
شئ من ذلك حدت هي لقذفة.
ومن كتاب ابن حبيب ذكر عن ابن الماجشون مثل ما ذكر عنه ابن المواز في
المتعلقة به تدمي أو لا تدمي ولا بينة على خلوته بها، وزاد ابن حبيب عنه
فقال: وسواء كانت سفيهة أو حليمة إذا ادعت على سفيه أو من لا يعرف بسفه ولا
حلم، فعليه الأدب على الإجتهاد، ولها عليه صداق المثل بما بلغت من فضيحة
نفسها. وإن ادعته قبل من لا يظن به ذلك فلا صداق لها ولا حد عليها ولا أدب
عليها ولا عتاب.
وإن ادعت ذلك أمة قبل سفه فعليه الأدب ولا عفو لها، لأن الأمة إنما تدعي
العفو لسيدها، والحرة لنفسها. وإذا ادعته على حليم فلا حد عليها، وقاله كله
مالك.
ومن العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا على ثلاثة نفر أنهم
غضبوا امرأة فذهبوا {بها} (2) إلي الصحراء فقالت وطئوني كلهم، فإنها تحلف
وتأخذ من كل واحد صداق مثلها، ولا حد عليهم ولا عليها ولو جاءت امرأة تدعي
أن فلاناً وهو من أهل الفسق اغتصبها لم يجب لها صداق ولو كان أشر من عبد
الله الأزرق في زمانة، إلا أن تقوم بينة على أخذه غياها، كأنه يقول: فتحلف
وتأخذ الصداق، وإلا فلا شئ لها. قال ابن القاسم: وينظر الإمام فإن رآه
أهلاً للعقوبة عاقبة.
قال أصبغ قلت للابن القاسم: أيجب الصداق للمغتصبة بشهادة رجلين؟ قال: لا،
إلا بأربعة مما يوجب الحد وإلا كانا قاذفين يحدان،
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 310. 311
(2) ساقط من ص.
(14/262)
يعنى أصبع أنهما قطعا عليها بالوطء. قال
سحنون عن ابن القاسم إذا قالا رأيناه أدخلها منزله غصباً فغاب عليها فقالت
أصابنى فلها الصداق مع يمينها، ولا يحد هو إن أنكر.
وفي كتاب اللعان شئ من ذكر المرأة يظهر بها حمل فتقول غصبت على نفسي (1).
في المرأة تدعي على رجل أنه راودها فرمته بحجر
فشجته وفيمن وجد مع امرأة في بيت وهما يتهمان.
ومن سماع ابن القاسم من العتبية (2) ذكر مالك عن يحي بن سعيد أن امرأة خرجت
إلي بعض الحرار، فعرض لها رجل من أصحاب الحمر فأرادها على نفسها وكشفها
فامتنعت ورمته بحجر فشجته وصاحت فذهب وأتت إلي مروان بن الحكم فجمع أحاب
الحمر فعرضهم عليها حتي عرفته بشجته فلم يدعه حتي أغرمه لها ألف درهم بما
كشف منها. قال مالك: وليس هذا مما يؤخذ به، وكان مروان شديدا في مثل هذا،
ربما يوتي بمن عن قبل امرأة فيقلع ثنيته.
قال ابو زيد عن ابن القاسم: ومن وجد مع امرأة في بيت وهما متهمان فليضربا
ضربا وجميعا، قيل بثيابهما؟ قال بل على مثل ما يضرب الحدود. ومثله في كتاب
ابن المواز وقال بشهادة رجلين فليؤدبا بقدر ما يري الإمام {منش شنعة
أمرهما. وقاله فيمن وجدمع امرأة في لحاف}
__________
(1) من هنا يبتدئ بتر طويل في ص نحو أربع صفحات. يبتدئ مع نهاية لوحة
وينتهي ببداية لوحة، الأمر الذي يدل على سقوط لوحات من المخطوط الأصلي عند
التصوير أو الجمع.
(2) البيان والتحصيل. 16: 277.
(14/263)
إنهما (1) قيل بدون الحد، قال بقدر ما يري
الإمام} (2) وربما يجوز به الحد وروي عن على بن أبي طالب أنه يجلد في مثل
هذا كل واحد مائة جلدة وروي عن عمر دون المائة.
فيمن وجد مع امرأة رجلا فقتله
وفيمن باع امرأة أو زوجها لرجل
من كتاب ابن المواز: ونحوه في العتبية (3) من سماع ابن القاسم قد ذكرناه في
باب التداعي في القذف، قيل ما معنى قول على بن أبي طالب رضي الله عنه إن لم
يأت بأربعة فليقتض منه، يريد فيمن وجد مع امرأته رجلا يقتله، أذلك في البكر
والثيب؟ قال لا أدري، لم أسمع فيه شيئا، وإنما أريد بهذا نجاة القاتل. قال
ابن القاسم وذلك عندي في البكر والثيب إن أقام أربعة أنه وطئها لم يتقص منه
لواحد منهما، وهو معني قول على، إلا أنه إن كان بكراً فعلي عاقتله دية
الخطأ للشبهة فيه، ولما جاء الإختلاف فيه. {قال} (4) ورجع ابن كنانة إلي أن
قال فيه دية الخطا في البكر، وثبت المغيرة عليه وإن كان بكراً إذا جاء
بأربعة.
قلت له: ولا تراه من الحرابة واللصوصية؟ قال وإن قد أهدر عمر ابن الخطاب
غير دم. وقال ابن عبد الحكم لا شئ عليه وإن كان بكراً إذا كان قد أكثر منه
الشيكة وكان يذكر أذاه.
__________
(1) كلمتان مطموستان.
(2) مابين معقوفتين ساقط من ف.
(3) البيان والتحصيل 16: 272 – 273.
(4) ساقط من ع.
(14/264)
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ولو قاتله
فكسر رجله أو جرحة فذلك جبار. وأما إن قتله قتل به إلا أن يأتي بأربعة أنهم
عاينوا فرجه في فرجها فلا قود عليه، ويؤدب كما يؤدب من قتل من وجب عليه
القتل دون الإمام.
ومن العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن جاع وباع امرأته من رجل وأقرت
له بذلك فوطئها، قال رأيت عن مالك أنهما يعذران بالجوع، وتكون طلقة بائنة
من الزوج حين أوطأها غيره، فيرجع عليه المبتاع بالثمن. وقيل فإن لم يكن عن
جوع؟ قال فحري أن تحد هي وينكل الزوج ولكن أدرأ الحد أحب إل جاء من درء
الحد بالشبه. وقد قال ملك في الذي سرق من جوع لا قطع عليه.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم مثل ما ذكر عيسي عنه في العتبية
في الذي يبيع امرأته. قال وقال أصبغ وأنا أخالفه وأوجب الحد عليها ولا تعذر
بجوع ولا غيره، وهي كحره بيعت حتي وطئت فلا شبهة في هذا. وقد بانت منه
بثلاث. وطئها المشتري أو لم يطأها، كالموهوبة، واشهد إذا كان عزم بيع من
زوجها. وكذلك لو زوجها عازما على ذلك، وطئها الناكح أو لم يطاها ويدرأ الحد
في النكاح شبهة، لأنها بانت من زوجها بالنكاح، وقع نكاحها وبينونتها من
زوجها معاً، ولا شبهة لها بالبيع، ويرجع الزوج الثاني عليها بما أصدقها إلا
ربع دينار إذا لم يكن علم أن الذي زوجها هو زوج لها. وأما لو علم لم يكن له
شئ وعوقب ولم يحد للشبهة. ولو حددته لحددتها، ولو قاله قائل ما أخطأ. ويرجع
مبتاعها بجميع الثمن على الزوج، وإن شاء على المرأة، ولا يترك لها منه ربع
دينار ولا غيره. ولو كان عالما لحد ورجع بالثمن كله
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 324.
(14/265)
قال لنا أبو بكر بن محمد وقال ابن وهب إن
ذلك لا يكون طلاقا ولكن إن طاوعته على البيع وأقرت أن مشتريها أصابها طائعة
رجمت، فإن قالت استكرهت فلا حد عليها. وقال ابن القاسم يكون بيعة طلاقاً
وقال وهي طلقة بائنة. وقال أشهب لا يكون بيعة طلاقاً، وقال أصبغ هو الطلاق
ثلاثاً، وقال سحنون عن ابن نافع: تكون طلقة بائنة، قيل لسحنون غاب عليها
المبتاع أو لم يغب؟ قال نعم.
قال سحنون قال ابن نافع عن مالك وزاد شبطون عن مالك: انتفض النكاح بينهما
بواحدة بائنة، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب أنها طلقة بائنة، يريد لأنه كوطء
الملك، فهو كالإكراه البين.
فيمن زني بنائمة أو ميته أو مجنونة
أو صغيرة أو بهيمة أو حربية
وفي زني أهل الذمة وغير ذلك
ومن غير كتاب قال النبي عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتي
يستيقظ وعن المجنون حتي يفيق وعن الصبي حتي يحتلم (1)
ومن كتاب ابن الموزا ومن زني بميته أو نائمة أو مجنونة في حال جنونها أو
ببهيمة أو صغيرة حد، أما فيالبهية فيعاقب، وعليه للنائمة والمجنون صداق
المثل، ولا صداق عليه في الميتة، وقاله أشهب. محمد كما لو قطع لها عضواً لم
يلزمه أرش، ولا صداق عليه في الصغيرة إذا
__________
(1) في صحيح البخاري وكتب السنن ومسند أحمد والجامع الصغير للسيوطي بألفاظ
متقارنة. ولفظة في سنن أبي داود، ومستدرك الحاكم، ومسند أحمد كلهم عن علي
وعمر قريب مما
(14/266)
طاوعته، ولو لزمه لها الصداق للزمه لك في
الأمة والبكر إذا طاوعتاه قال والنائمة كالمكرهة، وكذلك المجنون وإن طاوعته
إلا أن توتي في إفاقتها فإنها تحد، يريد ولا صداق لها. وما روي عن عمر: لو
وجدت من أتي بهيمة لقتلته، فقاله على التغليظ، كما لو قال عمر لو تقدمت
بقول في نكاح الستر والمتعة لرجمت.
ومن كتاب ابن حبيب أصبغ عن ابن القاسم من زنا بميته حد. ولو حلف أن يطأ
امرأته فلم يطأها إلا ميته أنه حانث. قيل فإن كان نوي وإن كانت ميته (1)
ويمينه بالحرية، قال يحنث ولا تنفعه نيته.
ومن كتاب ابن المواز: ومن دخل دار الحرب بأمان فزني بحربية أقر بذلك أو شهد
به أربعة عدول، ابن القاسم يري عليه الحد، وكذلك فيما وطئ من الغنم وله فيه
نصيب. وقال أشهب لا يحد. ولو زني بذمية رجم إن كان ثيبا، وترد هي إلي أهل
دينها.
وفي باب الاستكراه ذكر زني النصراني بمسلمة طوعا أو كرهاً.
وإذا طلب أهل الذمة إقامة الرجم فيما بينهم على من زني منهم فإن كان ذلك في
دينهم فذلك لهم. قال أشهب كانوا أهل صلح أو عنوة إلا من كان منهم رقيقا
لمسلم من عبد أو أمة لم يكن لهم ذلك فيمن ملكنا منهم لا رجم ولاجلد ولا
قتل.
__________
(1) كذا في ف وهو الأنسب. وعبارة ع: قبل فإن نوي وكانت ميته.
(14/267)
ذكر ما يجب على المتفاعلين
ومن فعل ذلك بأمره حراماً
وذكر تفاعل المرأتين
ومن كتاب ابن المواز قال مالك قال النبي عليه السلام اقتلوا الفاعل
والمفعول به (1) وفي حديث غيره: ارجموا. قال مالك ولم نزل نسمع من العلماء
أن المتفاعلين من الرجال يرجمان إذا كانا بالغين أحصنا أو لم يحصنا، وقال
ابن شهاب. ومن فعله بصبي لم يعاقب الصبي ويرجم الكبير، والشهادة فيه
كالشهادة في الزني.
قال ربيعة ومالك: الرجم فيهما هي العقوبة التى أنزل الله بقوم لوط.
قال ابن حبيب: وكتب أبو بكر الصديق أن يحرقهم بالنار ففعل وفعل كذلك ابن
الزبير في زمانه، وهشام بن عبد الملك في زمانه، والقشير بالعراق. ومن أخد
بهذا فلم يخطئ، الرجم هو الذي جاء عن النبي. ابن شهاب ومالك عليه العمل.
ومن كتاب ابن المواز: ومن وطئ امرأة أجنبية في دبرها حراماً حدا جميعا، ومن
أحصن منهما رجم، ومن كان بكرا جلد ويغرب الرجل، وإن اغتصبت فلها المهر ولا
حد عليها.
ومن العتبة (2) وروى عيسي عن ابن القاسم في المرأة تساحق المرأة فتقران أو
تشهد عليهما بينة فليس في عقوبتها حد، وذلك على اجتهاد الإمام وعلى ما يري
من شنعة ذلك وخبثهما.
__________
(1) في باب الحدود من سنن أبي داود والترمزي وابن ماجة، ومسند أحمد.
(2) البيان والتحصيل، 16: 323.
(14/268)
ومن غير العتبية (1) قال ابن شهاب: سمعت
رجالاً من أهل العلم يقولوان إنهما تجلدان مائة مائة. وقال أصبغ عن ابن
القاسم مثل رواية عيسي، وقاله أصبغ، إلا أنه قال: تجلدان خمسين خمسين
ونحوهما وعليهما الغسل إن أنزلتا، وقاله ابن وهب. قال سعيد بن حسان وسألته
امرأة في رقعة عن الغسل فيه، فرمي بها غليها وقال: تغتسل غسلها الله
بالقطران.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن شهد عليه أربعة أنه وطئ امرأة في
دربها، قال إن جاوزا الختان الشرج فعليهما ما على الزانيين، في الإحصان
الرجم وعلى البكر الجلد (2)
فيمن وطئ من لا يحل له وطؤها بملك يمينه أو
بنكاح
من قرابة أو غيرها أو وطئ ما ملك بشبهه
ومن أحل جاريته لرجل فوطئها
ومن وطئ أمة ابنه وشبه ذلك
أو وطئ أمته وهي زوجة عبدة أو زني بذات محرم
قال ابن حبيب: حدثني ابن المغيرة عن الثورى عن إبراهيم قال: كان ادرءوا
الحدود عن المسلمين ما استطعتم فلأن يخطئ حاكم من الحكام في العفو خير من
أن يخطئ في العقوبة (3). إذا رأيتم للمسلم مخرجا فادرؤا عنه. وفي الحديث:
إن الحدود تدرأ بالشبهات (4)
__________
(1) كذا في ف وهو المناسب للسياق. وفي ع: ومن غير المدونة.
(2) هنا ينتهي بتر ص الذي اشرنا غلي بدايته آسفا.
(3) حديث صحيح أخرجة ابن أبي شيبة والترميذي والحاكم في المستدرك، والبيهقي
في شعب الإيمان عن عائشة، والسيوطي في الجامع الصغير بألفاظ متقاربة
(4) حديث حسن أخرجة كذلك السيوط في الجامع الصغير بلفظ: ادرؤوا الحدود
بالشبهات.
(14/269)
ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم وكل من
وطئ بملك يمينه من يحرم عليه بالرضاع من أم أو أبنة أو أخت أو ما كان فلا
حد عليه وإن علم أنهن (حرام عليه لأنهن) (2) لا يعتقن عليه بالملك وله
بيعهن وهبتهن، فإن حملن منه لحق به الولد (3) وعتقن عليه معجلا إذ لم يبق
له فيهن منفعه ولا متعة.
وكذلك في وطئة بالملك لم يحرم عليه بالنسب ولا يعتقن بالملك من العمة
والخالة وبنت الأخت وغيرها مثل الأول في رفع الحد وفي العتق إذا حملن، إلا
أنه إن أتي منهن أحداً عالماً بالتحريم عوقب نكالاً وبعن عليه إن لم يحملن.
وأما من وطئ بالملك من يحرم عليه بالنسب ممن يعتق عليه إذا ملكه، مثل الأم
والبنت والأخت والجدة وشبهها عامداً عالماً بالتحريم، فإنه يحد ولا يلتحق
به الولد إلا أن يعذر بالجهل فيدرأ عنه الحد ويلحق به الولد ويعتق عليه.
وإنما لم يحد فيمن لا يعتق عليه لشبهة الملك، ولا يجتمع حد وملك. وكذلك من
يحرم بالرضاع.
ومن طلق امرأتة {واحدة} (4) فانقضت عدتها ثم وطئها، فإن عذر بالجهالة لم
يحد، وكذلك هي. ومن أقر منهما أنه لم يجهل تحريم ذلك حد.
وإن عذرت هي بالجهل فلها الصداق في ماله. وإن كان عالمين حدا جميعا ولا
صداق لها. وذكر ابن حبيب مثله عن أصبغ عن ابن القاسم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 309.
(2) ساقط من ع.
(3) صحفت عبارة ص. لحق به أم الولد.
(4) ساقط من ف.
(14/270)
ومن كتاب ابن المواز: وقال مالك في متزوج
الخامسة أو اخته من الرضاعة والأخت على الأخت ووطئ عالماً بالتحريم رجم إن
كان محصناً وإن عذر بالجهل لم يحد، وقاله ابن شهاب. {مالك} (1): وكذلك إن
وطئ مجوسية بنكاح عالماً بالتحريم حد.
قال ابن القاسم: ومن تزوج امرأة على عمتها أو خالتها أو نكاح متعة وهو عالم
بالتحريم عوقب ولم يحد. ومن حددته في هذا بوطء النكاح، فإن وطئ ذلك بالملك
لم يحد إذا كان ممن لا يعتق عليه وإن كان عالماً بتحريمه. وذكر نحو ما
ذكرنا {عن عيسي} (2) عن ابن القاسم، وقاله أصبغ. وكذلك إن وطئ مجوسية
بالملك عالماً بالتحريم فلا يحد.
وقال ابن القاسم: وإذا تزوجت المسلمة نصرانياً فأولدها إنه يلحق {به} (3).
قال محمد: ويكون على دين أبيه إذا عذرت بالجهالة. وإذا وطئ المطلقة ثلاثاَ
في العدة أو أم الولد يعتقها ثم يطؤها قبل حيضة، قال ابن القاسم: إن عذر
فيها بالجهل لم يحد، وعذره أشهب في المطلقة ولم يعذره في أم الولد وألزمه
الحد. قالاً: ولا صداق عليه
قال مالك وابن القاسم: ومن زني بذات محرم فهو كالأجنبي يرجم المحصن ويجلد
البكر وينفي. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن كان بكراً فالحد مع أدب
الشديد لما انتهك من المحرم.
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن نكح نكاح متعة أو امرأة على أختها أو على عمتها
أو خالتها أو امرأة في عدتها عالماً بالتحريم أو جاهلاً فلا يحد ويوجع
عقوبة، والعالم عقوبة من الجاهل به، ويلحق فيه الولد.
__________
(1) ساقط أيضا من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ف.
(14/271)
وكذلك كل ما درى فيه الحد، وكذلك ناكح
امرأته المبتوتة لا يحد كان عالماً أو جاهلاً فيها. وأما إن كانت مطلقة
ثلاثا فإن كان عالماً حد لأنه لم يحتلف فيه، وإن كان جاهلاً لم يحد، وهذا
استحسان، والقياس فيه أن يحد. ولا يعذر كذلك ناكح الخامسة أو أخته من نسب
أو رضاع وغيرها من ذوات محارمه، يحد العالم بتحريمه {دون الجاهل} (1) ويدرأ
عن الجاهل الأغتم (2) وشبهه يري أن مثله لا يعلم تحريم هذا.
وروي على بن زياد في كتابه عن مالك فيمن نكح في العدة ووطئ فيها عالماً
بالتحريم أنه يحد. وقال ابن القاسم: لا يحد ويؤدب.
وفي كتاب ابن المواز: من وطئ أمة اشتراها وهي حرة ولم يعلم لم يحد، وإن علم
ثم وطئ حد. قال المغيرة في كتاب آخر: إذا لم يعلم فلها صداق المثل (3)،
وقال ابن القاسم لا صداق لها.
قال ابن القاسم: وإن اشترى {أمة} (4) من نفسها أو من غير مالكها وهو يعلم
فوطئها، فإن علم أن بيع الرجل لها خيانة وسرقة أو تعديا أو بيعها نفسها على
وجهة الإباق فليحد. وإن اشتراها من الرجل يري أنه نظر لربها فتلك شبهة تدفع
عنه الحد. قال أشهب: ولا ينجو من العقوبة، لأن الجار والصديق قد يبيع الشئ
على صديقة نظراً له.
ومن تزوج أمة من نفسها فقالت أن حرة ووكلت من زوجها والزوج يعلم أنها كاذبة
متعدية لم يحدا وعوقبا. وكذلك في الحرة، ويلحق الولد في ذلك بالأب، وهو
رقيق لسيد الأمة لا قيمة فيهم على الأب، وكذلك إن علم ببينة أنه أقر قبل
الوطء والحمل أنه علم أنها كاذبة، وإلا لم أرق ولده
__________
(1) زيادة في ص.
(2) الأغتم: من لا يفصح شيئا قاموس.
(3) كدا في ع وف. وف ص: الصداق
(4) ساقط من ص.
(14/272)
{بإقراره بعد الحمل أنه تزوجها عالماً
بكذبها، ويلزم الأب قيمة الولد} (1) يوم الاستحقاق
وإذا تزوجت امرأة وزوجها غائب ثم قدم فزعمت أنه بلغها وفاتة ولا بينة لها
بذلك، فلتعاقب ولا تحد. وقاله ابن شهاب. وقال: قد تكون الشبهة في بعض من
يقصر عقله وتقل فطنته فتظن أن السماع تسمعه كالبينة، وأري أن تعاقب بمائة
جلدة. وعن الحرة تحت عبد يخرج إلي بلد آخر فتزوجت أنها تحد. محمد: إذا أتت
ذلك عالمة بغير عذر، ولا شئ على الزوج ولا على الذي زوجها، وترد هي الصداق
بما غرته. وإن كان الذي زوجها عالماً فهو يغرم الصداق ويعاقب.
وروي ابن حبيب أن النعمان بن بشير رفع إليه رجل وطئ جارية امرأته فقال:
لأقضين فيها بقضاء رسول الله، إن أحلها له جلدته، وإن لم يحلها له وجعته،
فوجده قد أحلها له فجلده مائة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن شهاب: وإذا قالت امرأة لرجل أمتي لك حل (2)
فوطئها على ذلك فإنه يرجم ولا يلحق به الولد. ولو وهبت أمتها وجعلتها في
حجلتها (3) فأتي زوجها فوطئها فلا حد عليه وتنكل الزوجة. قال في كتاب ابن
حبيب نحوه عن عثمان، وقال: يحلف ما شعره، فإن أبي رجموه، وإن حلف جلدوه (4)
مائة جلدة، وامراته مائة جلدة، وحدوا الوليدة.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) كذا في ع وف. وعبارة ص مطموسة تشبه: أي ادخل.
(3) الحجلة كالقبة موضع يزين بالثياب والستور للعروس. قاموس وقد صفحت في ص
فكتبت: حفلها.
(4) في ص: فإن أبي فارحموه ...... فاجلدوه.
(14/273)
قال مالك في كتاب ابن المواز: ومن أحل أمته
لرجل فوطئها فلتقوم عليه حملت أو لم تحمل، شاء أو أبي، ولا يحد ويلحق به ما
ولدت. وإن كان عديما اتبع بالقيمة دينا إلا أن لا تحمل فتباع عليه في
القيمة ولا ترد إلي ربها وإن رضيا، ويعاقب الواطئ إن لم يعذر بجهل. وكذلك
الأب يطأ أمة ابنه فتلزمة القيمة حملت أو لم تحمل، كان بإذن الولد أو
تعديا، وكذلك الجدود عند ابن القاسم في الوطء والسرقة. وقاله عبد الملك،
وخالفة أشهب فقال: عليهم الحد والقطع بخلاف الأب. قالوا: ويدرأ عن الأم في
السرقة الحد.
وأما إن وطئها عند ابنها، قال أشهب: فعليها الحد كما تحد في عبدها. قال:
ولا يجوز لها تزويج عبد ابنها ولا للأب تزويج أمة ابنه.
قال ابن شهاب في التي أمكنت من نفسها عبدها ولم يحتلم فعليها النكال (1)
ولا ترجم.
قال مالك في التي وجدت مع عبدها يطؤها فتقول: كنت أعتقته وتزوجته ولابينة
لها إنها تحد، كما لا يقبل ذلك من الحرين يؤخذان فيدعيان أنهما زوجان. قال
مالك: ويعتق العبد بإقرارها.
ومن زوج أمته لعبده ثم وطئها لم يحد ونكل. وقد روي أن عمر جلد فيه مائة،
وروي عنه أن الغلام شكا ذلك غليه فبعث إليه فسأله عن أمته هل يطؤها، فأشار
غليه على وعبد الرحمن ابن عوف أن لا يقر، فأنكر فقال: لو اعترفت لجعلتك
نكالا. قال عطاء: ينكل ولا يحد.
قال ابن شهاب: وإن جاء ولد لحق بالعبد. قال ابن القاسم إلا أن يكون العبد
معزولاً عنها قدر ما فيه استبراء. قال اصبغ: قدر حيضة فيلحق الولد بالسيد.
قال ابو زيد وأصبغ: قدر الشهر ونحوه قال أصبغ:
__________
(1) صحف في ص: فعليها النكاح.
(14/274)
لأنهما فراشان فآخرهما أولي عن كان بينهما
حيضة ووضعت لستة اشهر من وطء السيد.
قال ابن القسم: وكذلك لو وطئ مملوكة لغلامه، فإن كان بين الوطأين ما ذكرنا
لحق بالسيد وإن كان انتزاعاً. قال أصبغ: وهو قول مالك في زوجة العبد إلا أن
يقول السيد استبرأت بعد وطئي.
قال أصبغ: وإذا وطئ السيد عن غير حيضة ولا قدرها فالولد للعبد إلا أن ينفيه
بلعان، ولا لعان له بوطء السيد هذا الوطء إلا أن ينتفي بغير ذلك بزني يراه
فليلتعن (1) بذلك ويسقط عنه الولد، وتلتعن هي. فإن ادعاه السيد لحق به.
وقال أيضاً: وإذا التعن العبد فلا لعان عليها لأن للولد فراشاً يلحق به وهو
السيد.
قال: وكذلك الأمة لا زوج لها يظهر بها حمل فيجب عليها الحد ولو أقر به
السيد سقط الحد عنها.
كمتزوجة في العدة قبل حيضة تأتي بولد لأقل من ستة أشهر (2) فهو للأول إلا
أن ينفيه بلعان فيلحق بالثاني، إلا أن ينفيه بلعان بعد أن يدعي استبراء بعد
وطئة، ثم لا تحل له. ولو كان تزويج الثاني بعد حيضة فالولد له إلا أن تضعه
لأقل من ستة أشهر.
قال أشهب في المبضع معه في شراء جارية، فاشتري له حارية فوطئها الوكيل
فحلمت إنه زان ويحد، ولا يلحق به الولد، اشهد علي الشراء أو لم يشهد.
قال عبد الملك: إذا أبضع معه في شراء جارية بعينها فابتاعها له ثم اشهد
ببينة أنه ابتاعها {بربج} (3) أو غيره ثم وطئها. قال: هو زان لا
__________
(1) في ص: فيلتقي. وهو تصحيف.
(2) كذا في ص. وفي ع وف: لقل من خمس سنين.
(3) ساقط من ص.
(14/275)
يلحق به الولد، كالمودع يفعل مثل هذا. ولو
أنه تعدي في الشراء حتي يكون الذي أبضع معه مخيراً عليه فأشهد عنه ذلك أنه
ألزمها نفسه بثمنها أو أزيد منه درأت (1) عنه الحد إن وطئها ولحق به الولد،
وهي له أم ولد، لأنه كان لها ضامنا قبل الوطء وقبل رضا المبضع.
قال محمد: وإذا أوصي لرجل بجارية وله مال واسع فوطئها الموصي له قبل موت
السيد ثم مات فحملها الثلث وأخذها، قال: هو زان ويحد، فإن حملت لم حملت لم
يلحق به الولد لنه يوم وطئ لا حق له فيها ولا شبهة. وإن وطئ بعد موت السيد
وعلى السيد دين محيط بتركته، فذها لا يحد (2) ويلحق به الولد ويغرم قيمتها
للغرماء في ملائه، وتكون أم ولد. وإن كان معدما بيعت وحدها واتبع بقيمة
الولد للغرماء. فإن ملكها يوماً لم تكن له بذلك أم ولد.
وإذا وطئ الوارث جارية من التركة وعلى الميت دين محيط والواطئ عديم. فإن
كان عالماً بالدين فكان وطئوه مبادرة بيعت وحدها للغرماء، واتبع بقيمة
الولد ولاحد عليه بكل حال. وإن كان له مال لم تبع عليه وإن وطئ مبادرة،
ويغرم قيمتها فهي له أم ولد، وهو فيها كالشريك، يريد ممن لا حد عليه. قال
ابن القاسم: فإن لم يعلم بدين أبيه لم تبع وإن كان معدماً واتبع بقيمتها
ديناً. قال محمد: وما بقي (3) من دين أبية يتبع باقلهما.
__________
(1) في ص: ورأت. وهو تصحيف.
(2) كذا في ع وف. وهو الصواب. وفي ص: يحد وهو تصحيف
(3) كذا في وف وهو الأنسب. وفي ص: وما كان.
(14/276)
فيمن وطئ أمة له فيها شرط
ومن تزوج على أمة ثم وطئها قبل البناء وشبه ذلك
{من كتاب ابن المواز} (1) قال مالك: ومن وطئ أمة له فيها شرط قومت عليه
ولحق به الولد ولا يحد، ويعاقب إن لم يعذر بجهل. فإذا لم يجهل فقد قال
مالك: تقوم عليه {إن كان له مال، وأحب إلينا أن يكون الشريك مخيراً: إن شاء
يمسك وإن شاء قومها عليه} (2) يوم الوطء.
قال: وكل وطء يدرأ فيه الحد ويلحق فيه الولد يقوم فيه على الواطئ إلا الأمة
بين الشريكين، فإن الشريك مخير في قول مالك وأصحابه كما ذكرنا، لتعدي
الواطئ. وفي جارية مكاتبة، وأما إن حملت فلتقوم عليه. وقد قيل القيمة يوم
الحمل، وقيل يوم الحكم، وقيل يوم الوطء. والصواب عندنا: إن شاء شريكة يوم
الوطء وإن شاء يوم حملت.
وهذا إن وطئها مرة بعد مرة، فإن كان مرة واحدة فيوم الوطء يوم الحمل.
وإم لم يتبين بها حمل فرضي بإمساكها ثم ظهر بها حمل لم تقوم إلا يوم الحمل.
وقال مالك في الموطأ: يوم أصابها ويعاقب. {قال مالك} (3) قال ابن عمر:
يعاقب {ولا يحد} (4). قال أبو الزناد: يعاقب بمائة جلدة.
قال مالك: فإن لم تحمل بقيت بينهما، وعليه نصف ما نقصها وطؤه. وقال ابن
القاسم: لا شئ عليه فيما نقصت. هذا أصل مالك.
__________
(1) ساقط من ع.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط كذلك من ص.
(14/277)
وأصحابه، كان الواطئ ملياً أو معدماً.
محمد: لأنه إذا شاء ضمنه القيمة في عدمه ثم باع عليه نصيبه في القيمة، فإن
وفي بها وإلا اتبعه بما بقي ديناً، وما زاد فللوطئ.
وإن كان عليه دين فالشريك أحق منهم بها وبثمنها حتي ياخذ حقة.
وأما إن حملت فلا بد من قيمتها شاء الشريك أو أبى فى ملائة، وتكون لة أم
ولد (وإن كان عديما بقيت مصابة الواطىء بحساب أم الولد) (1) ونصفها رقيق
للذى لم يطأ، ويتبع الواطىء بنصف قيمة الوالد ويلحق بأبية.
وقد قيل ويتبعة بنصف (قيمة) (2) ما نقصها الوطء، قالة مالك، وأباة ابن
القاسم، قال: لأنة لو شاء قومها علية. وقد كان مالك يقول: تقوم علية فى
عدمة ويتبع وتكون أم ولد، ورجع إلية ابن القاسم.
قال أصبغ عن ابن القاسم: ولا يعجل عتق نصفها (3) على الواطىء، إذ قد يملك
باقيها (4) فيحل لة وطؤها. ثم إن حملت منة صارت لة أم ولد كلها. وهذا قول
عبد الملك وأصبغ وقولنا.
وإن كان الواطىء والد الشريك فهو كما ذكرنا فى الأجنبيين فى العسر واليسر
والحمل وغير الحمل، غير أن الابن يتبع أباة بقيمة مصابتة فى الملاء والعدم.
وإن وطىء أمة لة نصفها، ونصفها حر، لم يحد وعوقب، فإن حملت عتق علية نصيبة
ساعتئد، وإن غصبها فعلية نصف (قيمة) (5) ما نقصها.
__________
(1) ما بين معقوفتين اقط من ع.
(2) زيادة فى ص وع.
(3) فكتب عبارة ع: ولا يعجل عتقها.
(4) فى ص: يباع باقيها.
(5) ساقط من ص.
(14/278)
وإن كان وطىء مكاتبتة لم يحد، وإن غصبها
فعلية ما نقصها يحسب فى آخر كتابتها. قال أشهب: وإن أعتق شقصا لة من أمة ثم
وطئها المتمسك قبل التقويم فحملت لم يحد، ولحق بة الولد، وعلية نصف ما
نصقها للمعتق، ويأخذ منة نصف قيمتها فيتقاصان. وقال ابن القاسم هى حرة ساعة
حملت وتبطل القيمة، وهى حرة منهما. وإن غصبها أدى للآخر نصف ما نقصها، وبة
أقول.
قال ابن القاسم: وإذا ولدت أمة بين رجلين فأنكراة وأعتق أحدهما مصابتة فلم
تقوم علية حتى ادعى الآخر الولد، إنة يحلق بة ويبطل العتق وتقوم على
المستحلق وتكون لة أم ولد. وإن كان معدما فعتق نصفة جائز، ويتبع بنصف قيمة
الولد ويلحق بة.
ومن تزوج بجارية (1) ثم وطئها بعد أن دفعها إليها بعد أن بنى بالزوجة فهو
زان ويرجم، وإن كان قبل البناء فابن القاسم يدرأ عند الحد. قال عنة أصبغ:
وكذلك لو أصدقها دنانير فتجهزت فيها بخادم فزنى بالخادم قبل البناء فهو
سواء. قال أصبغ: لأنة عندة كالشريك قبل أن يبنى، لأنة لو طلق وقد ماتت
الأمة أنها منهما ولهما نماؤها، والحد يدرأ بدون هذا من الشبهة.
وقال أشهب وعبد الملك: علية فيها الحد. قال عبد الملك: ولا شبهة لة فيها.
ولو طلقها بعد وطئة قبل أن يحد وقبل البناء لم ينفعة ذلك ويحد، ويرجع إلية
نصفها ونصف ولدها رقيقا.
قال أشهب: ولو أراد أن يتزوج أمتة هذة التى أصدقها قبل أن يبنى بامرأتة كان
ذلك لة جائزا.
__________
(1) كذا فى ص وف وهو الصواب. وفى ع: ومن تزوج جارية وهو تصحيف.
(14/279)
وذكر ابن حبيب عن ابن الاجشون مثل ما ذكر
عنة ابن المواز. قال أصبغ: وأحب إلى أن لا يحد لشبهة الشركة، طلق أو لم
يطلق. قال ابن حبيب: وهو الاستحسان وأحب إلى والأول القياس.
فيمن زنى وجهل تحريم الزنى
قال ابن حبيب: حدثنى الحميدى عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن المسيب قال:
ذكر الزنى بالشام فقال رجل زنيب البارحة، فقيل لة ما تقول؟ قال ما علمت أن
اللة حرمة. فكتبت إلى عمر فية، فكتب: إن علم أن اللة حرمة فحدوة، وإن لم
يكن علم فعلموة، وإن عاد فحدوة.
ومن كتاب آخر ذكر حديث المرأة التى ذكرت أن راعيا أصابها بدرهمين، فقيل لة
لم لم تستحل بة وهى تعلم تحريمة، فلم يحدها عمر. قال مالك: لا يعذر اليوم
بمثل هذ.
قال ابن حبيب: وذهب أصبغ فة حديث مرغوس أن يأخذ بة أن يدرا الحد عمن جهل
الزنى ممن يرى أن مثلة يجهلة، مثل السبى وغيرهم ممن يشبههم.
فى ولد الزنى
من كتاب ابن حبيب قال الشعبى: ولد الزنى خير الثلاثة إذا اتقى اللة. قيل
لة: فقد قيل شر الثلاثة، قال هذا شىء قالة كعب، لو كان شر الثلاثة لم ينتظر
بأمة ولادتة. وكذلك قال ابن عياس.
(14/280)
قال ابن مسعود: إنما قيل شرهم فى الدينا،
ولو كان شرهم عند اللة ما انتظر بأمة أن تضع.
وقال عمر بن الخطاب: أكرموا ولد الزنى وأحسنوا إلية. وقال ابن عباس: هو عبد
من عبيد اللة، إن أحسن جوزى وإن شاء اساء عوقب. وقال عمر بن الخطاب: أعتقوا
أولاد الزنى وأحسنوا إليهم
تم كتاب الزنى
(14/281)
بسم اللة الرحمن الرحيم وصلى اللة على محمد
خاتم النبين
كتاب الأشربة
ما جاء فى تحريم الخمر
قال ابن حبيب: ذم اللة الخمر فى ايتين، وحرمها فى الثالثة التى أنزلها
بعدهما فى سورة المائدة. نسخ بها الآيتين، وهما: (يسئلونك عن الخمر والميسر
قل فيهما إثم كبير) (1) يقول:
ما يجر من دواعى السكر (ومنافع للناس) (2) كان يشربها الرجل للهم يعرض لة
فيسكرة، ومنافع الميسر مقامرتهم بة، وإثمة ما يقع فى خلال ذلك من الشحناء
والمنازعة. ثم أنزل اللة الثانية فى النساء (لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى)
(3) ثم أنزل الثالثة الناسخة (إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلاة) إلى
قولة (منتهون) (4) وأمرة باجتنابها تحريم، كما أوامرة واجبة، وقد قرنها
بالميسر والأنصاب وهى الأصنام.
قال أبو بكر بن المنكدر (5): والخمر التى حرم اللة هى السكر الذى
__________
(1) الآية 219 من سورة البقرة.
(2) الآية 219 من سورة البقرة.
3 الآية من سورة النساء.
(4) الآية من سورة المائدة.
(5) هكذا فى ف وهو الصواب. وصحف فى ص وع: (أبو بكر بن البكير) وابن المنكدر
تابعى من رجال الحديث فى المدينة. أدرك بعض الصحابة وروى عنهم توفى عام
130.
(14/282)
يثمل كثيرة ويسكر (1)، ويدعو إلى العداوة
والبغضاء ويصد عن ذكر اللة وعن الصلاة.
فالخمر لم تحرم لطيب طعم ولا للون ولا لرائحة، ولكن لما يكون عنها. ولا فرق
بين مسكر العنب ومسكر التمر وغيرة. وإنما سميت خمرا لمخامرتها العقل،
والسكر إنما سمى سكرا لأنة يسكر لمخامرتة العقل. قال اللة عز وجل (ومن
ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منة سكرا) (2) فالسكر الخمر.
وقال أنس: إن خمرهم كانت يوم نزل تحريمها من فضيخ (3) التمر والرطب. وقد
أمر (4) من حضر من الانصار أن يريقها حتى نزلت الآية فلم يشكوا أنها الخمر.
وعمر قد قال: نزل تحريمها يوم نزل وهى من خمس، ثم أجمل فقال: ألا وإن لخمر
ما خامر العقل، فتبين معناها. ولو كان إلى القياس وجب أن يقاس عصير العنب
على (كل) (5) مسكر التمر وغيرة، لأن السكر مما عدا العنب ليس الغرض منة إلا
السكر، فهو أخص بالتحريم، إذ من أجل السكر حرمت واحتيط على العباد فمنعوا
(6) من قليلها إذ كان داعية إلى كثيرها.
ومثل هذا فى التعبد كثير، منة الخاطب فى العدة أبيح لة التعريض ومنع ومنع
من التصريح؛ ومنة سائق الهدى تطوعا أمر أن لا يأكل منة خيفة التطرق إلى
نحرة ثم يدعى عطبة؛ ومنة البيع عند النداء خشية فوت الجمعة فمنع البيع فية.
وهذا يكثر ذكرة (7).
__________
(1) صحف فى ص: يسكر كثيرة ويسكر.
(2) الآية 67 من سورة النحل.
(3) الفضيخ: العصير، وشراب يتخذ من بسر مفضوخ أى مكسور. قاموس.
(4) كذا فى ص وهو الأنسب. وفى ع وف: وقد أمرة.
(5) ساقط من ف.
(6) كذا فى وف. وهو لأنسب. وصحفت عبارة ص: و " احتيط على الغابر فخرجوا ".
(7) فى ص: يكثر دخلة.
(14/283)
ومن أحل المسكر فإنما أغمض واستعمل
التغافل، وإلا فالأمر واضح. وعارض بعض المتأخرين بأخذ الرجل الدواء المزيل
لعقلة. وهذا عجيب، فالزائل العقل من غير المسكر، ذهل عما علية السكران طريح
مرض يبكى علية، والآخر، إن كان ذا حياء قل حياؤة، أو عفيفا زالت عفتة، فلا
يطعن بالأبا طيل فى أدلة الحق.
ومعنى آخر أن المتنازل للسكر قصد وأراد أن يخامر عقلة ليطرب ويلهو،
والمتناول للدواء لم يقصد لهذا، وإنما أمر حدث علية.
قال غيرة: والعصير من العنب الذى جامعونا علية لم ينقلة إلى اسم الخمر إلا
الشدة، فوجب لة ذلك الاسم بحدوثها لقليلة وكثيرة، وصار بحدوثها فية الصفات
التى ذكر اللة – عز وجل – تحريم الخمر لها من السكر والصد عن ذكر اللة وعن
الصلاة.
والخمر والسكر معنى واحد وقد قرن (اللة) (1) النخيل والأعناب فيما يتولد
عنهما مما يجب لة هذا الاسم. وثبت أن النبى قال: كل مسكر حرام (2) وقال: ما
أسكر كثيرة فقليلة حرام (3) وقال: كل مسكر خمر (4).
وخطب بة عمر على الناس وقال: إن الخمر من خمسة أشياء يوم نزل تحريمها. ثم
قال: والخمر ما خامر العقل. وثبت أن النبى سئل عن البتع فقال: كل شراب أسكر
فهو حرام (5)، وأنة قال للذين سألوة من
__________
(1) لا يوجد اسم الجلالة ف.
(2) فى الصحيحين، وسنن أبى داود والنسائى وابن ماجة عن أبى موسى وغيرة، وفى
مسند أحمد.
(3) فى صحيح ابن حيان، وسنن أبى داود والترمذى عن جابر. وفى سنن ابن ماجة
والنسائى ومسند أحمد عن ابن عمر.
(4) فى صحيح مسلم، وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة، ومسند أحمد
عن ابن عمر.
(5) فى الموطأ والصحيحين، وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة، وفى
مسند أحمد عن عائشة.
(14/284)
اليمن عن شرابهم وأنهم لا يصلحهم إلا ذلك
لبرد أرضهم. فقال السكر؟ قالوا نعم. فنهاهم عنة وقال: كل مسكر حرام، ولم
يريدوا أنة لا يصلحهم إلا أن يسكروا، وإنما رغبوا فى شربة، فحرمة عليهم
وأدخلة فى اسم الخمر التى قامت (1) معانيها فية.
ولما كان العصير من عنب أو فضيخ تمر لا يجب لة اسم لخمر أو المسكر إلا
بحدوث الشدة دل على ان الشدة الحادثة أوجبت هذا الاسم لقليلة وكثيرة، فصار
تحريم قليلة وكثيرة بهذة العلة الحادثة التى نقلت اسمة، فوجب لغيرة من
الأشربة حكمة أن يستحق الاسم والمعنى إذا قام فية ما قام فى العصير بالشدة
من المعانى التى لها وجب الاسم، ولة حرمت، فصار قليلة وكثيرة معلولا مقيسا
علية، إذ وجب اسم الخمر لقليلة بهذا كما وحب لكثيرة. ولو كان قليلة لم يسم
خمرا لعلة الشدة ولكن لغير علة، لزمك أن قليل عصير العنب اسمة خمر قبل
الشدة، وهذا فاسد. فقد صح أن قليلة حدث لة اسم الخمر بالشدة، وصار فية من
العلة التى نقلت اسم ما فى كثيرة. فإن تعسف فقال وجب لها اسم الخمر لقليلها
وكثيرها بالشدة حرم كثيرها لما فية من السكر الداعى إلى ما ذكر اللة سبحانة
من الصد عن الذكر وعن الصلاة.
قيل: قد أعطى أن الخمر هو الداعى إلى ذلك، وأنة لذلك حرمة، فأوضح بذلك أن
يدعو إلية قليلة لأنة يدعو إلى كثيرة ويتطرق إلية، كما يدعو كثيرة إلى
نهاية تلك الأمور.
وكثير فى الشريعة بهذا المعنى يمتنع للجرائر والدواعى. وقد قرن اللة النخيل
والأعناب بمعنى واحد فيما يتولد عنهما من السكر الذى هو الخمر.
__________
(1) فى ص: كانت.
(14/285)
وقد تعسف بعض المتأخرين فى تحليل النقيع من
غير العنب، ولا سلف لهم فية، وتعسفوا فى دفع الآثار وقابلوها بأحاديث لا
تثبت واستكرهوا التأويل الفاسد فيما قد ثبت التحريم، وألزمناهم لما أقروا
بما ثبت من الحديث في تحريم المسكر، لأن آخر المشروب لا يسكر منفرداً، فقد
دخل القليل تحت هذا لاسم، كما دخل اسم الخمر تحت قليلة، فوجب الاسم لقليلة
وكثيره، لأن لقليله معنى من مخامرة العقل، كما فيه معنى من موجبات السكر
بعد مكابرتهم إلي أن مثل ذلك. تخليل العقار القاتل كثيره، وهو ما ينتج من
الطعام وما دونه من الأكل، وهذا مما نحن فيه مفترق لأن الله سبحانه نص لنا
على تحريم قليل الخمر وكثيرها، وأجمعت الأمة على أن قليل العقار الضار
كثيره جائزة أكله {فهذا} بتحليل قليله، وقام النص بتحريم قليل الخمر، فرد
ما اتختلف فيه من الأشربة غلي ما فيه النص فيها أولي بنا من رده إلي
الأودية التى هي مستباحة، لأنا إنما نقيس علي الأشبه من الأصلين بالفرع لو
سلمنا لك أنه فرع، فكيف ونحن نقول إنه دخل تحت اسم الخمر؟ وكيف تلزموننا أن
نقيس ما يأخذع على الكراهة والحذر من تلف نفسه على ما ياخذه على الشهوة
ويقصد به البلوغ إلي السكر الذي هو آخر أفعاله، ولا يقصد أحد في العقار إلي
مثل هذا. وشئ آخر أن أخذ قليل العقار ليس بداعية إلي المزيد منه، وتناول
قليل الخمر أو ما يفعل فعله داعية إلي المزيد منه، لأنه يحدث في النفس
تطلباً إلي المزيد وطربا واستثارة.
وشئ أخر أن من يوجب الحد في السكر من الأشربة يلزمه أن يحد في الكثير من
العقار المزيل للعقل، ومن خالف السلف فلم يحد في السكره من كل مسكر وحد في
قليل الخمر لزمه أن يحد كل طاعم أو شارب حرام من ميته وخنزير، أو يدفع الحد
عنه.
(14/286)
فإن قال: حددنا في قليله لانه داعية إلي
كثيره {كما حرم الله عز وجل قليله لأنه داعية إلي كثيره} (1) وليس في غيره
من المحرمات دواعي إلي كثيرها، فإن هذا ما قلنا إن قياسك ما خالفتنا فيه من
الأشربة غلي ما يشبه معنى وفعلا من الأشربة أولي بك حين دفعت الأحاديث
وقدحت في النص على تحريم مسكر الأشربة، وكيفما صرفت قول غيرنا لم تجد له
بيانا لا من باب القياس والاستدلال ولا من باب الآثار والله المستعان علي
توفيقه.
وقد تجد شارباً لمقدار من المسكر لا يسكره إلا أكثر منه، إلا أنه خرج
فضربته ريح استحكم فيه السكر الذي لولا الريح لم يسكر فصار عليه حراماً ما
كان قبل أن تمسحه الريح حلالاً، وصار يحد ظهره لما دخله من الريح الذي هو
سبب سكره. وأصلهم {كذا} أن أواخر الشراب هو المسكر له، وهذا سبب سكره غير
الشراب. فإن جعلت ما تقدم له من الشراب معيناً في ذلك، قيل لك: فحرمه عليه
إذ له جزء من السكر، فإن أبيت من ذلك فلا يحد صاحب الريح إذ لم يتعد عندك
بشراب يوجب سكره، وإنما تعرض للريح بخروجة فكان عن ذلك سكره، ولا حكم عندك
لمتقدم الشراب فيما له رفع التحريم والحد.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(14/287)
في الخليطين من
الأشربة ومن الخل
وذكر ما نهي عنه من نبيذ الأوعية
وذكر الطلا والعصير وحلال الأنبذة
قال ابن حبيب: نهي النبي عن الخليطين من الأشربة (1) فلا يجوز شرب الخليطين
نبذا كذلك أو خلطا عند الشرب، كانا من جنسين أو من جنس، مثل عنب وزبيب أو
زهو ورطب أو تمر مدبب فقد نهي عنه مالك، ولا ينبذ رطب من التمر ويابس معاً،
ولا من أخضر ويابس. وكذلك إن نبذ زبيب وحده لم يجز أن يصب معه عند شربه
عسلا أو يلقي فيه تمر أو تين ولا كل ما هو أصل شراب إلا الفقاع فقد يستخف.
أصبغ: أن يحلي بالعسل عنه شربه وإن كان بيذاً أن أصلها زبيب جاز أن يخلطا
عند الشرب، وكذلك نبيذ زبيب يطرح عليه زبيب ليحليه ويشد به، أو عسل يطرح
على نبيذ عسل.
وفي كتاب ابن المواز نحو ما ذكر ابن حبيب من معانى الخليطين. قال غيره: لا
بأس أن يخلط شراب ورد وشراب بنفسج ويشربا لأن أصلهما واحد وهو السكر.
ومن العتبية قال ابن القاسم: لا باس أن يخلط العسل مع اللبن ويشرب. وقال عن
مالك في العصير يجعل فيه الشعير وغيره ليخلل به فيصير خلا، قال: لا بأس به.
__________
(1) في الموطأ عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله نهي أن يشرب التمر
والزبيب جميعاً والزهو والرطب جميعاً. والزهو والرطب جميعا. وأحاديث النهي
عن الخليطين في الصحيحين والسنن والمسند وغيرها.
(14/288)
ومن سماع أشهب: وعن المرأة تعمل نضوحاً من
التمر والزبيب تمتشط به فلا باس به. قيل: أفيشربه المريض؟ قال: لا خير فيه
قيل: أفتختلط المرأة تجعله في رأسها من نبيذ التمر ونبيذ الزبيب؟ قال: لا
تجعل في رأسها منه شيئاً. قيل: أفتخلط الزبيب والتمر لتخلله. قال: ما علمت
أنه يكره إلا في الأشربة، ولا بأس بالنبيذ يجعل منه دردي (1) من نبيذ غير
مسكر، ولا يجوز إن كان دردي المسكر، وأنكر قول من أجازة
وكذلك ذكر ابن حبيب في عكر (2) السكران يضري به العسل، لأن درديه خمر. قال
ابن المسيب: فيحرم ما خلط به، وقاله مالك وأصحابه.
قال عيسي في العتبية (3) عن ابن القاسم: لا يجعل العسل على النبيذ ويشرب.
قال عنه {سحنون} (4) وإذا تخلل الخليطان من الأشربة فلا باس بأكله.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب سئل عن النبيس (5) يجعل فيها العسل هل
هو من الخليطين؟ قال: لا باس به. والنبيس مثل الماء. قال: ولا بأس بلبن
يضرب بعسل ويشرب.
وروي أبو زيد عن ابن القاسم في عجين عجن بدردي إذ لم توجد له خميرة؟ قال:
لا يؤكل، والدردي الجائز (6) هو من النبيذ (7)
__________
(1) الدردي: ما يبقي أسفل الزيت وشبهه. قاموس.
(2) العكر: ددي كل شئ.
(3) البيان والتحصيل، 16: 318 و 330.
(4) ساقط من ع. وفي البيان والتحصيل، قال ابن القاسم.
(5) كذا في ع وف. وفي ص ما يشبه: النفس. ولم يتضح لنا معناها.
(6) كلمة مطموسة في ص تشبه: للأمر.
(7) كذا في ص وف. وفي ع: هو من الشدة.
(14/289)
ومن كتاب ابن حبيب: وروي مالك أن النبي نهي
عن الدباء والمزفت رواه أبو هريرة (1)، ورواه جابر وزاد والنقير والحنتم
{قال ابن حبيب: والحنتم الجر} (2) من فخار أخضر كان أو أبيض والنقير من
عود. فقال أهل العلم نهي عن ذلك لئلا يعجل ما نبذ فيها. ثم روي عنه عليه
الصلاة والسلام أنه ارخص بعد لك فيها فقال: كنت نهيتكم عن الأوعية فانبذوا
ولا أحل كل مسكر (3) وإن عائشة كانت تنبذ للنبي صلي الله عليه وسلم في جر
أخضر، وكانت عائشة تشربه فيها (4) وروي أنه ما كان بين نهية ورخصة إلا
جمعة.
واختفت الصحابة (5) في إباحة ذلك وحظره، وأراه ممن لم تبلغه الإباحة. فروي
عن على وابن مسعود {ومعاذ} (6) والخدري وأنس. لم يكونوا يتقون نبيذ الجر
ولا غيره، وأخذ بذلك نافع وربيعه، واحد بالتحريم من الصحابة عمر وعبد الله
بن عمر وابن عباس وأبو هريرة، ومن التابعين: الحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس
{وسعيد بن جبير} (7) وابن شهاب. وأشد ما جاء عنهم نبيذ الجر، وأخذ مالك
بكراهية الدباء والمرفت، وأرخص في نبيذ النقير والحتيم. والتحليل في جميعه
أحب غلي وبه اقول وجاءت به الآثار.
ومن كتاب ابن المواز: وكره مالك الدباء والمرفت، والنقير عنده كالمرفت.
وروي عنه أشهب أنه أجاز نبيذ الجر وكره الدباء والمرفت، وأجاز
__________
(1) في باب الأشرية في الموطأ
(2) مابين معقوفتين ساقط من ص؟
(3) في سنن ابن ماجه عن بريدة. وعند السيوطى في الجامع الصغير وفيه:
واجتنبوا كل مسكر.
(4) في باب الأشرية من صحيح مسلم.
(5) هكذا في ع وف وهو الأنسب وفي ص: واختلف العلماء.
(6) ساقط من ص.
(7) ساقط من ص. وفيها بدله: وابن حبيب وهو خطأ.
(14/290)
الزقاق وإن كانت مزفتة، وكره القرعة وإن لم
تكن مزفتة ولا مقيرة (1) وأن يجعل فيها نبيذ.
قال محمد: وذكر غيره أن النبي نهي عن النقير والحنتم والدباء.
قال: ولا يكره أن ينقع الزبيب ولا عصير العنب بعينه (2) إذا شربته عصيراً
ما لم يسكر {وكان ينقع الزبيب للصحابة فيشربونه} (3) وكان ابن عمر ينقع له
اليوم ويشربه بالغد ثم يخفف من الزبيب ويجعل عليه زبيب وينقع ويشربه إلي
غد، فإذا كان بعد غد طرحه.
وإذا عصر العنب وبقي ثفله فصب عليه رجل مانء {فيغلي} (4) ويشربه قال: إن
كان يسكره فلا خير فيه. وقيل لمالك: إن قوماً ييبسون ورق العنب ثم يلقون
عليه ماء ثم يشربونه، قال: إن لم يسكر فلا بأس به.
وكره مالك وأصحابه أن يجعل الدردي في شئ من النبيذ ليضري (5) به، وكره غير
واحد من اصحابنا أن يجعل في طعام أو شراب.
وقال عنه أشهب: إن كان دردي غير مسكر فلا بأس به.
وروي عنه ابن القاسم في النبيذ يجعل فيه عكره ليضري به فكرهه، وأخذ أصبغ
بقول مالك، ولا يعجبه قول ابن القاسم.
__________
(1) مقيرة: مدهونة بالقبر الطلاء الأسوذ الشبيه بالزفت.
(2) في ص: بغيرة.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) 5) ضري يضري بالشي: عتق فيه وجاد طعمه. قاموس
6) ساقط من ص.
(14/291)
وسئل مالك عن العسل يجعل فيه الحديدة عشية
{ويشربه} (1) غدوة وهو قارص (2) لا يسكر فكرهه. قال ابن القاسم: وقد قال لا
بأس به، وهو أحب إلي. فأما عكر النبيذ والبرنه (3) فلا خير فيه.
ومن العتبية (4) من سماع أشهب عن مالك قيل له: أتري أن يجتنب شراب النبيذ
وإن كان حلواً ويتحرج منه حيفة أن يعرض بنفسه سوء الظن؟ قال: نعم لا أحب أن
يشربه لا في البيت (5) ولا خارجاً وإن {كان حلواً، وإني} (6) أنهي أهل
المدينة أن ينبذوه (7).
ومن كتاب ابن المواز وقيل لمالك في النبيذ {الذي} (8) يجعل في السقاية أمن
السنة هو؟ {قال مالك} (9) أو كان في أيام أبي بكر وعمر؟ قال: لم يكن في
أيامهما وليس من السنة. ولو ذكرت كلمت فيه أمير المؤمنين وأكره شرب النبيذ
الذي يعمل في الأسواق والعرس، ولا بأس فيه بالشربة التى يعملها النساء في
السويقة (10) يكسرن خبزاً ثم يجعلن عليه بقلاً ثم يحوصنه (11) ثم يشربنه،
فإذا كان لا يسكر فلا بأس به، وقد كان ينبذ لابن عمر شراب بالغدو وبشربه
بالعشي.
ومن كتاب ابن المواز: ولا أحد في طبخ العصير {ذهاب} (12) ثلثيه وإنما أنظر
إلي السكر. قال أشهب: وإن نقص تسعة أعشاره. قيل لمالك: الطبخه حد؟ قال: كنت
أسمع إذا ذهب ثلثاه.
__________
(1) في ع فارس – بالسنين.
(2) كلمة مطموسة في النسخ.
(3) البيان والتحصيل، 16: 303.
(4) في ع: إلا في البيت. وهو تصحيف.
(5) ساقط من ص.
(6) صفحت عبارة ص: لا أنهي أهل المدينة أن ينبذونه.
(7) ساقط من ص.
(8) جماة مقحمة لا محل لها على ما يبدو.
(9) كذا في ص وف. وفي ع: في البيوت.
(10) كلمة غير واضحة في الشخ.
(11) ساقط من ص.
(12)
(14/292)
قال ابن المواز وابن حبيب: وروي عن ابن عمر
نهية عن الطلا الذي يطبخ فمنه ما يذهب ثلثاه، ومنه ما يذهب نصفه، ومنه ما
يذهب ثلثه. فقال: إن ما تذهب الشمس من خمرهم أكثر مما يذهب في النار من
طلاكم، فذكر له قول عمر في الطلا فقال: قد استحل بعمر معاصي الله، إن الذي
أتي به عمر لا تقدر أن تشربه حتي تخوضة بيدك، إن شربت الطلا فاشرب الخمر
وكل ثمنها.
قال ابن حبيب: كأنه رآه ذريعة إلى شربها، ونهي عنه عمر بن عبد العزيز وقال:
إن لم يتناه الناس عن الخمر قلعت الكروم، وقال: لو اقتصر الناس على ما أباح
منه عمر لم أنههم (1) عنه، ولكن نهاهم عن طبيخ العصير ليزدجروا حماية عن
دين الله.
قال ابن حبيب: وإن هذا ليعجبنى لمنع الذرائع، وأن ينهي عنه العامة، ومن
تحفظ في خاصته فعمله فلا يعمل فيه إلا بإجتماع وجهين: أن يذهب ثلثاه ويوقن
أنه لا يسكر. وقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال تستحل الخمر باسم
يسمونها (2).
قال ابن حبيب: وأنهي عن شرب العصير (3) الذي عصر في المعاصر التى يتردد
العصر فيها، وإن كان ساعة عصر لما يبقي في أسفلها (4) خوفاً من أن يكون قد
اختمر ولا شك أن بقايا أسفلها يختمر فيصير خمراً، ثم يلقي {عليه} (5) عصير
رطب طري فيختلط به فيفسد كله، لأن قليل الخمر إذا القي عليه كثير من عصير
أو خل أو طعام أو ما يشرب حرم كله.
__________
(1) في ص: لم أنه عنه.
(2) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن في كتاب الأشربة من سنن ابن ماجة باب
الخمر يسمونها بغير اسمها. ومما فيه حديث عن عبادة ابن الصامت: يشرب ناس من
أمتى الخمر باسم يسمونها إياه.
(3) كذا في ع وف. وفي ص: النبيذ.
(4). كذا في ع وف. وصحفت عبارة ص: ساعة عصرها أسفلها.
(5) ساقط من ص
(14/293)
وأما ما عصر منه في غير المعاصر الذي يتردد
فيه فلا بأس بشربه (1) وشربه كثير من التابعين بالمدينة، وحد بعضهم فيه ما
لم يغل ولم ير مالك أن الغليان علة التحريم ولكن ما لم يسكر.
قال ابن حبيب: وإنما احتاط (2) أولئك فحرموه بالغليان حوطة، لأن الغليان
علم للاختماره وداعية إلي سكره، فأنا أنهي عنه، وبالسكر يجب التحريم عندى.
واجتنابه {عندي} (3) الغليان البين أحب إلي.
وكان ابن عمر يأمر بالزبيب فيطرح في السقاء {فينبذ له بكرة ويشربه عشياً،
وينبذله عشيا ويشربه بكرة، وكان إذا صدي السقاء} (4) وخافه أمر به فغسل
بالماء. ولا بأس بالمري الذي يعمل (5) من العصير، ولا بأس بما طبخ بالعصير
أو زبب به من سفرجل وغيره، إذا كان يوم عمل به ذلك حلالاً. وكل ما طبخ بخمر
أو رتب به أو مري عمل به فذلك حرام، لأنه خالطه ما حرم الله تعالى فحرم
كله. وكذلك سمعت أهل العلم.
وقال ابن المواز: وأكثر ما عرف من العصير أنه إذا طبخ فذهب ثلثاه إلا ثخن
(6) ولم يسكر وليس ذلك في {كل} (7) بلد ولا كل عصير. فأما الموضع المعروف
بذلك فلا بأس به، قد شربه عدد من الصحابة إذا ذهب منه الثلثان، وقاله كثير
من التابعين.
قيل لمالك فمن مزج طلا العنب بالماء ثم يتركونه يوماً ثم يشربونه؟ قال: إن
لم يسكر فلا بأس به. قال محمد: والسكر من
__________
(1) كذا في ع وف. وفي ص: فلا بأس أن يشربه.
(2) صفحت في ص / اختلط.
(3) ساقط من ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) كذا في ص وفي ع: يفصل.
(6) هكذا في. وفي ص وف كلمات مطموسة.
(7) ساقط من ف.
(14/294)
النخيل كما قال الله سبحانه {ومن ثمرات
النخيل والأعنباب تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً} (1) قال ابن عباس وابن
عمر: السكر خمر وقاله سعيد بن جبير.
في بيع العنب ممن يعصره خمراً
وفي بيع الخمر والإجازة في شئ من أمره
من كتاب ابن حبيب وابن المواز: قال النبي في الخمر: إن الذي حرم شربها حرم
بيعها ولعن شاربها وساقيها وبائعها ومشتريعا وحاملها والمحمولة إليه
ومعتصرها والقيم عليه وآكل ثمنها (2) ونهي ابن عمر عن بيع العصير فقل له
الرجل: فأشربه؟ قال: نعم. قال يحل شربه (3) وحرم بيعه؟ فقال له: أجئت
تستفتينى أم جئت تمارينى. قال ابن عمر: نهي عن بيعه خيفة أن يخمره مشتريه
عصيراً فيجوز.
وكذلك بيع الكرم إن خيف أن يشتري للعصير خمراً لم يجز بيعه منه وإن كان
مسلماً. وأما رومي فلا يجوز بحال لأنه هو شأنهم. ونهي عنه ابن عمر وابن
عباس وعطاء والأوزاعي ومالك وغيرهم.
قال الأوزاعي: كمن باع سلاحاً (4) ممن يعلم أنه يقتل به مسلماً. وقاله مالك
في الكتابين فيمن يبيع العسل والتمر والزبيب والقمح ممن
__________
(1) الآية 67 من سورة النحل.
(2) في كتاب الأشربة من سنن أبي داود وابن ماجة، وفي مسند أحمد بألفاظ
متقاربة.
(3) في ع يحلل شربه.
(4) في ع: كما لو باع.
(14/295)
يعمله شراباً مسكراً. وكره طعام عاصرها
وبائعها ومعاملته وإن كان مسلماً، أو يكري حانوته من خمار أو شيئاً يستعمل
في أمر الخمر. ونهي عنه ابن عمر، ونحوه عن ابن المسيب.
قال ابن حبيب: ومن باع خمراً من مسلم فعثر عليه وهي قائمة فإنها تكسر على
البائع، ويرد الثمن إن قبضه على المبتاع، وإن لم يقبضه لم يطلب به المبتاع.
ولو فاتت الخمر بيد المشتري أخذ منه الثمن ففرق على اهل الحاجة، قبضة
المبتاع أو لم يقبضه، ويعاقبان لبيعها.
وأخذنا من المبتاع الثمن لأنه ألزم نفسه ذلك بما أفات من الخمر {وقول ابن
حبيب هذا شئ مما انفرد به وليس رضاه بثمن الخمر يوجبه عليه} (1) ولم يفت
عنده شئ له قيمة (2) وذكر أن مطرفاً روي عن مالك في مسلم كسر لذمي خمراً
أنه لا قيمة عليه، وقال ابن القاسم: عليه قيمته وذكر عنه غير ابن حبيب أنه
رواه عن مالك.
وإذا اسلف ذمي {إلي ذمي خمراً} (3) ثم أسلم الذي هي عليه أنها تسقط عنه.
قال مالك: وإن ابتاع مسلم من ذمي خمراً وقبضها أهريقت عليه {وإن قبض الذمي
الثمن ترك له، وإن لم يقبضه لم يؤخذ من المسلم شئ. ولو بقيت الخمر بيد
بائعها النصراني هريقت عليه} (4) ولو قبضها المسلم وفاتت في يده قبل أن
يعثر عليه فلا شئ له على المسلم، ويعاقبان في ذلك كله.
__________
(1) ما بين معقوفتني ساقط من ص.
(2) كذا في ع وف. وعبارة ص: ولم يفت عنده شئ فله قيمته.
(3) ساقط من ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص. ايضاً.
(14/296)
ولو باعها المسلم من النصراني وهي بيد
أحدهما فلتكسر على المسلم ويرد الثمن إن فاتت بيد النصراني أخذ {الثمن} (1)
من المسلم إن قبضه {أو من} (2) النصراني {إن لم يقضه} (3) وتصدق به. وهذا
كله مكرر في البيوع.
باب (4)
في الخمر يتخلل أو العصير
وفي التعالج بالخمر وهل يشربها (5) المضطر؟
وفي النقيع بضروب (6) الخمر، وفي هدم بيت الخمار
من كتاب ابن المواز قال: ومن عصر خمراً من مسلم أو نصراني فصارت خلا أو
خللها هو، وأوعصرها خلا فصارت خمراً فخللها. فلا بأس بأكلها وبيعها، ولكن
أكره للمسلم أن يملك خمراً فيخللها إ لا يحل له أن يملكها طرفة عين.
قال مالك: يهريقها، فإن اجترأ فخللها فلا بأس بأكلها، ولا بأس إذا خللها
النصراني أن تؤكل.
__________
(1) ساقط من ع.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) انفردت به ف.
(5) في ع: وهل يشربها.
(6) في ع ما يشبه: بظروف.
(14/297)
ومن كتاب ابن حبيب: ومن عصر عصيراً يريد به
الخل فلا بأس أن يعالجه وهو عصير لما يرجو من تخليله من صب الماء فيه
ونحوه. ولا بأس أن يلقيه علي دردي العنب وحثالته وإن داخلته الخمر، ثم إن
عجل ففتحه قبل أوانه فوجده قد دخله عرق الخل فله أن يقره ويعالجه حتي يتحقق
تخليله، وإن لم يدخل عرق الخل ولا نحا نحايته في رائحته أو طعمه فهو خمر
فليهرقها ولا يحل له حبسها ولا علاجها لتصبح خلا. فإن جهل واجترأ علي
المعصية فحسبها حتي صارت خلا فلا بأس به. وفد اختلف في أكله، قد نهي عنه
عمر بن الخطاب أن يؤكل خل من خمر {خللت} (1) حتي يبدأ إليه تخليلها فعند
ذلك يطيب الخل، وأباح {شراء} (2) الخل يجده عند النصاري ما لم يعلم أنها
كانت خمراً فتعمدوا إفسادها بالمالء لتتخلل (3) فلا خير في أكلها عنده،
وقاله ابن مسعود وبه قال ابن الماجشون.
وأجاز ربيعه أكل خل النصاري وإن كان من خمر تعمدوا إفسادها، وبه قال مالك
وأصحابه إلا ابن الماجشون. وكذلك أجازوا إذا تجرأ المسلم فخلل الخمر أنها
تؤكل وقد اثم في تملكه لها حتي تخللت، وبه أقول.
وإن صب خل في ظروف فرغت منها خمر فلا خير في أكله. وكذلك لو صب فيها ماء
وغيره مما يؤكل أو يشرب إلا أن يطول زمان الخل فيها حتي صار خلا كله، وقد
أساء في تأخيره. وكذلك من مزح خلا يخمر وجب عليه إراقته إلا أن يطول زمانه
حتي صار خلا كله. وكذلك كل ما مزج به الخمر (4) فيحرم إلا النقطة وشبهها
تقع في كصير من الطعام {والخل}
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) هكذا في ع وف. وهو الأنسب. وعبارة ص: فتعمدوا غفسادها بالتخليل.
(4) صفحت عبارة ص: ما مزة به الخل.
(14/298)
فلا يحرم، كالنقطة من الدم تقع في ماء كثير
فتذهب فيه} (1) فلا تفسده، ولا يجل أن يجعل خمراً ومسكراً من الأشربة في
نضوح (ديريرة) (2) أو دهن أو طيب أو غاسول تتدلك به النساء قد كره ذلك
العلماء ونهي عنه ابن عمر وعائشة وغيرهما.
وقال: وإن عجن الدلوك بعصير فلا بأس به. وكذلك إن جعل فيما ذكرنا من نضوح
وغيره وإن اختمر به بعد ذلك، لأنه قد غيره الذي جعل فيه وحال به عن أن يصير
خمراً.
قال: وقد نهي النبي عن التداوي بالخمر وقال: ليس فيما حرم الله شفاء (3)
وروينا عن غير واحد من الصحابة والتابعين النهي عن ذلك منهم عمر وعائشة
وابن مسعود وابن عمر وغيره من الصحابة والتابعين.
ونهي ابن عمر أن يسقي لناقته وفعل ذلك بها غلمان له فأبي أن يركبها. وكره
{مالك} (4) أن يداوي بها دبر الدواب. وقد روي {ذلك} (5) عن ابن عمر أنه نهي
عنه.
قل ابن حبيب قال مكحول: ومن اضطر إلي خمر يشربها لعطش أو حوع فلا يحل له
ذلك. وقال مالك في المختصر: لا يشرب المضطر الخمر.
وبقية القول في هذا في كتاب الذبائح
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) كلمة غير واضحة في النسخ الثلاث.
(3) في باب الأشربة من صحيح البخاري .... في السكر إن الله لم يجعل شفاءكم.
وفي كتاب الطب من سنن ابن ماجه عن التداوي بالخمر. قال عليه السلام: إن ذلك
ليس شفاء ولكنه داء.
(4) ساقط من ع.
(5) ساقط من ص.
(14/299)
ومن العتبية (1) روي أشهب عن مالك عن
الركوة (2) التي للخمر تغسل أيجعل فيها الخل. قال: لا لأنها قد تشربت فلا
تفعل وإن غسلت، وأخاف أن لا يخرج ريحها منها (3) وأما الجرار إذا غسلتها
فلا بأس. قال في المختصر الكبير: {وفي الجرة} (4) إذا طبخ فيها الماء
وغسلت.
قال في سماع أشهب: قيل أيحرق بيت الخمار الذي فيه الخمر يبيعه؟ قال لا. قال
ابن حبيب: ينبغي للإمام أن يشهر العقوبة في الخمر ويشد فيه. وقد أحرق عمر
بيت رويشد الثقفي، وكان حانوناً للخمر، وقد كان نهاه قبل ذلك (5) وتقدم
إليه. قال: وينبغي للإمام أن يهدم معاصر المسلمين، يريد التي يعصر فيها
العنب، وقد فعله عمر بن عبد العزيز بالشام. قال: ولا يهدم معاصر النصاري،
ولكن يتقدم غليهم أن لا يعصر فيها أحد من المسلمين، ولا يبيعوا الخمر من
مسلم، ولا يظهورها في جماعة المسلمين، فمن فعل عاقبة. وقد نهي عمر النصاري
أن يدخلوا الخمر فسطاط المسلمين وجماعتهم، وأمرهم أن يجعلوا خمرهم خارجاً
من الفسطاط، ونهي أن ينقلوها من قرية إلي قرية
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 296
(2) كذا في ع وف وهو الصواب. وفي ص: الزكوة – بالزاى – وهو تصحيف.
(3) كذا في ع وف، وهوالأنسب. وفي ص: ريحها من الزكوة.
(4) زيادة في ع
(5) كذا في ع وف. وفي ص: نهاه عن ذلك.
(14/300)
في ضرب الحد في شرب الخمر
وفي رائحتهعا (1) وذكر المتهم بها
ومن وجد في مشربه أو يحمل خمراً
ومن شرب الخليطين هل يعاقب
قال ابن حبيب: والسنة أن الحد يجب (2) على كل من شرب شراباً مسكراً، سكر أو
لم يسكر، ثمانين جلدة. وكذلك فعل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز جلدا في
الرائحة.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية (3) من سماع ابن القاسم: وعمن يوجد به
رائحة مسكر فإن شهد عليه ذوا عدل أنه {شرب} (4) مسكر حد. وإن لم يستقين (5)
وكان من أهل السفة نكل، وإن كان رضي في حاله لم يكن عليه شئ.
قال عنه أشهب في المدمن في الخمر يجدا كلما أحد الحد؟ قال: نعم وأري أن
يلزم السجن إذا كان مدمنا خليعا، وقد فعله عامر بن الزبير بابن له كان
ماجنا. ورأي عمر رجلا فاء خمراً فقال لأبي هريرة أتشهد أنه شربها، قال أشهد
أنه قاءها. قال: ماهذا التعمق؟
قال أصبغ عن ابن القاسم في الاستنكاه اري أن يعمل به، وقاله أصبغ. فإن
استنكر سكره فليستنكهة {وقد حضرت العمري القاضي وعنده
__________
(1) هكذا في ع. وفي ف. رائحته ........ به أما ال العنوان في ص فمطموس.
(2) في ص: سئبت.
(3) البيان والتحصيل، 16: 258. 259.
(4) ساقط من ص. وهو ثابت أيضا في العتبية المنقول عنها
(5) كذا في ص وع وهو النسب وفي ف ما يشبه: لم يستفيق. ولا يستقيم.
(14/301)
ابن وهب وجماعة من العلماء فأمر بالإستنكاه
(1) ففاوهبه (2) بالكلام والمراجعة ثم أدخل مسمه في شدقه فقطع عليه أنها
خمر يريد فجلده.
قال أصبغ: وأحب إلي أن يستنكهه اثنان كالشهادة، فإن لم يكن إلا واحد فعليه
الحد إذا كان الإمام هو أمره بالاستنكاه حين استرابه، وأما إن كان شاهداً
عليه بالاستنكاه من قبل نفسه فلا يجوز إلا اثنان كالشهادة على الشرب. ومن
إجازة الشهادة بالاسمتنكاه أن أبا هريرة شهد أنه قاءها ولم يره شربها، ووكد
ذلك عمر بقوله: فلا وربك ما قاءها حتي شربها.
قال ابن القاسم في العتبية (3) من رواية أبي زيد: ولا يضرب السكران الحد
حتي يفيق قيل: فإن خشي الإمام أن تأتيه فيه شفاعة فيبطل حد الله، قال: لا
يضربه وهو سكران. وإذا شهد بعض الشهود في الراحة من الرجل أنها رائحة مسكرة
{قال بعضهم ليس برائحة مسكر، فإن اجتمع عدلان أنها رائحة مسكر} (4) جلد.
وإن لم يتحقق ذلك للإمام وأشكل عليه نظر في الرجل، فإن كان لا بأس بحاله
تركه، فقد يشرب الرجل الصالح نبيذاً حلالاً تكون له رائحة.
قال: وإن كان من أهل السفه والباطل اختبر بأن يستقرئة مالا يخطئ مثله مما
يصلي به كم قصار المفصل، فإن اعتدلت قراءته وثبتت صحته تركه، وإن لم يقرأ
ما يعرف أنه يقرؤه والتالث واختلط تبين أنه شرب مسكراً ويحد. فإن شك في ذلك
فهو من أهل التهم عوقب بالتهمة إذا كان من أهلها. وقاله ابن الماجشون. وأما
إذا حقت عليه الشهادة أنها رائحة مسكر فليجد وإن لم يختلط ولا يحتاج إلي أن
يستبرأ بشئ.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) أى فكلمه، من الفوه الذي هو الفم يقال فاوهته بكذا. أسا البلاغة.
(3) البيان والتحصيل، 16: 356.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(14/302)
قال مطرف عن مالك في الذي يوجد به رائحة به
رائحة نبيذ فيشك أهو مسكر أو غيره، أو أخذ على مشربة ولم يسكر ولم يعرف ما
نبيذهم، فإن كان معتاداً لذلك {ضرب} (1) سبعين ونحوها، وإن لم يكن معتاد
(2) فخمسين ونحوها، عبداً كان في هذا أو حراً، لنه يحد وإن مان عبداً، فسوي
مع الحر فيمثل هذه الرتب التى تكون العقوبة باجتهاد الإمام. ولو جري الأمر
في هذا على نحو الحدود لا ستخف مثل ذلك كثير من أهل الفسق حتي يصير تسلطاً
لهم. وكذلك رأيت الناس يعملون عندنا، وقال نحوه أصبغ إلا أنه قال دون (3)
السبعين.
قال مطرف: وإن أخذ (4) سكران في السواق وقد تسلط وآذي الناس برمي أو بغشهار
سيف (5)، فقال مالك في مثل هذا أري أن يزاد في عقوبته فيبلغ ضربه مع الحد
نحو الخمسين والمائة والماتين، ويعلن ذلك ويشهر. ورايت عاملاً بالمدينة وقد
أوتي بمن معه جرة مسسكرة فأمر أن تصب على رأسه إشهاراً له.
وقال مالك فيمن وجد مع قوم يشربون ولم يشرب ولم توجد منه رائحة وهو يقول
إنى صائم، قال: وماله أني يدخل في مثل، أري أن يعاقب في حضوره لذلك.
ومن العتبية (6) ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: قلت للابن القاسم: فإذا مر
صاحب المسلحة برحل أو مر به رجل فاتهمه بالشراب، أيامر من يستنكهه. قال: إن
رأي تخليطاً فنعم. قال أصبغ: شبه
__________
(1) ساقط من ص.
(2) صفحت عبارة ص: وإن كان معتاداً.
(3) في ص: قال ذو وهو تصحيف.
(4) في ع: وإن وجد.
(5) في ص: أو إشارة سيف.
(6) البيان والتحصيل، 16:337
(14/303)
السكران الذي يختلط في مشيه وكلامه ويكثر
ميلانه وعبثه (1) فلا يسعه حينئذ إلا اختبار لأنه سلطان، فهو كحد بلغ إليه،
وإن لم يكن بنحوه هذه الصفه تركه ولم يتجسس عليه.
زاد في العتبية (2) وإن رآه خرج من مخرج سوء وما يتهم فيه فيعاقبه بنحوه
ذلك إذا كان صاحياً، ولا يبلغ {منه} (3) ما يبلغ من الظاهر الأمر الذي
وصفنا.
ومن كتاب ابن المواز {قال} (4) ولا يحد في شرب الخليطين ولا فيما نهي عنه
من شراب الظروف، ولكن فيه الأدب لمن نهي عنه وعرف ذلك وارتكبه تعداً.
قال محمد بن المواز: وإذا شهد عدلان على رجل وامرأة برائحة مسكر أو أنه
تقيا قيئا من شراب مسكر فعليه الحد، وفعله عمر، وقالته عائشة وغيرها.
قال مالك: وإن كانت الرائحة مشكلة لم يحد ونظر حالة / فإن طان من أهل التهم
أدب بالإجتهاد، وإن كان رضي وغير متهم تركه. قال ابن القاسم: إلا يكون في
حال الشارب في اختلاطة ما يدل على سكره.
قال مالك: وإذا لم يدر ما تلك الرائحة جلد نكالاً بقدر سفهه. قال عبد
الملك: وقد يختبر بالقراءة بالسور التى لا شك في معرفته بها من السور
القصار، فذلك مستحسن عند الإشكال، فإذا لم يقرأ والتالث واختلط فقد شرب
مسكراً ويحد.
__________
(1) في ص: وعقبه. وهو تصحيف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 337
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط من ع.
(14/304)
في إقامة الحد في الحرم وعلى المحرم
وهل ينفي؟
من العتبية (1) من سماع أشهب قال مالك: ويقام الحد في الحرم ويقتل في الحرم
بقتل النفس في الحرم.
قال ابو زيد عن ابن القاسم في الرجل البكر يزني فيؤخذ بمكه وهو محرم فاقيم
عليه الحد أينفي وهو محرم ولا ينظر به تمام حجة؟ قال: نعم {ينفي} (2) ولا
ينتظر به تمام الحج.
في صفقة ش رب الحد وذكر حد العبيد
وهي يحد الرجل عبده؟
ومبلغ الأدب في الفسوق والجنايات
ومن أقيم عليه حل هل يحبس أوي زاد نكالاً أويطاف به؟
ومن اجتمع عليه حد ونكال
قال ابن حبيب: وينبغي أن تقام الحدود كلها علانية بلا ستر للتناهي، والضرب
فيها سواء افيجاع، ولكن في الخمر أشد ... ذلك.
قال مالك في غير كتاب ابن حبيب: والضرب فيها كلها سواء،
__________
(1) البيان والتحصيل 16: 294.
(2) ساقط من ص.
(14/305)
وليعلن بإقامتها. قال في الكتابين: وليجعل
الإمام رجلا عدلاً لأقامة الحدود، وقد فعله الصديق.
قال محمد بن عبد الحكم: وأوحب إلي أن يكون ضرب الحدود بين يدي القاضي لئلا
يتعدى فيها.
ومن كتاب ابن المواز: ولا يختار للإقامة الحد قويا ولا ضعيفاً، ولكن رجلا
وسطاً من الرجال، ولايتعمد أشهد الضرب المنقطع ولا أضعفه، ولكن ضرباً
موجعاً. ويعتبر ذلك بما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في صفة السوط (1)
قال ربيعة: ويختار له الرجل العدل المؤتمن لا يقطع إلي اشده ولا اضعفه
جلداً ممدوداً لا يستريح فيه ولا يالوا وجعاً ونحوه.
عن يحي بن سعيد {وابن شهاب} (2) قال مالك: كنت أسمع أن يختار له العدل. قال
مالك (3): يجتهد في حد الزنا والفرية، ويخفف بعض التخفيف في الخمر. وقال
نحوه قتادة وقال به مضت السنة.
وقال مالك: الضرب في الحدود كلها سواء في الخمر وغيره، وكذلك سمعت أهل
العلم. قال ابن القاسم: ضربا بين الضربين، ليس بالخفف ولا بالمبرح. قال
مالك: يدلك على ذلك ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في السيوط.
قال محمد: ودليل آخر أن حد الخمر مستخرج من حد القذف، قاله على لما شاور
فيه عمر الصحابة. ويضرب الرجل قاعداً ولا يربط ولا يقيد (4) وتخلي يداه.
قال مالك وأصحابه.
__________
(2) في كتاب الحدود من الموطأ، باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا عن
زيثد بن أسلم.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ص. وع وفي ف: قال ابن شهاب.
(14/306)
وقد قال على بن ابي طالب للجالد في الخمر:
اضرب ودع له يديه يتق بهما. قال: يضرب على الظهر والكتفين دون سائر
الأعضاء. قال مالك: والذي قال على الأعضاء كلها ما سمعت أحداً من العلماء
من عرف ذلك ولا يراه.
ومنه ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم: ويجرد الرجل ويضرب المرأة قاعدة
{ثيابها} (2) واستحسن أن تقعد في قفة ولا ينزع عنها ثوب إلا أن تتعمد لباس
ما يقيها الضرب فلنزع، ويبقي عليها ما يسترها.
قال ابو زيد عن ابن القاسم في العتبية (3) في المراة يكون عليها ثوبان في
الحد؟ قال " لا بأس بثوبين، وينزع ما سوي ذلك. "
قيل لمالك في سماع ابن القاسم فيمن رجلاً منقلة مما لا قود فيه ايعاقب مع
الغرم؟ قال: نعم. قيل فيجرد؟ قال: نعم. وقد نزع عن امراة قطيفة جعلتها تحت
ثيابها، فأري ان ينوع مثل هذا وأنكر الحد في الحبال للرجل والمرأة.
قال فيه وفي العتبية (4) من سماع أشهب قال: ولا أري أن يحلق رجل ولا امرأة،
قال في العتبية لا في الخمر ولا في القذف. قيل له: قد يكون الرجل الخبيث
فيكسر بذلك. قال: اتباع الماضين أولي، ولم أسمع ذلك عن أحد منهم. وهذه
عقوبات احدثها الحجاج ومثله. قيل افيطاف بهم وبشارب الخمر؟ قال: أما الفاسق
المدمن فليطف به ويعلن امره ويفضح.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 349.
(2) ساقط من ع.
(3) البيان والتحصيل، 16: 349.
(4) البيان والتحصيل، 16: 298.
(14/307)
قال ابن حبيب: وليس عليه مع الضرب سواه من
حلاق ولا طواف ولا سجن إلا المدمن المعتاد المشهور بالفسق فلا بأس أن يطاف
به ويشهر ويفضح. واستحب مالك أن يلزم مثل هذا السجن.
قال: وروي عن الشعبي: أن النساء يضربن ضرباً دون ضرب بسوط دون سوط،، ولا
يجردن، {ولا يمددن} (1) وتتقي وجوههن. وقال الثوري: يضربن قعوداً والرجال
قياماً. قال: ورجم امرأة وقال لأهلها اصنعوا بها ما تصنعون {بمن ماتت في
بيتها. وقال: كل حد قيم فيه على صاحبه في الدنيا فهو كفارة له، كما يقضي}
(2) الدين بالدين.
ومن العتبة قال ابن الماجشون: (3) كل من اقيم عليه حد من الحدود ما كان
فليخل سبيله ولا يسجن. وكل من لم يلزمه حد إلا الأدب فللإمام أدبه بقدر ما
يري من حرية وفسقة، ويسجنه حتي يتوب أو يموت، وقال مثله أصبغ
ومن كتاب ابن المواز: وحد العبد في الخمر اربعون، قاله عمر وعثمان وابن عمر
وغيرهم، ولم يختلف فيه مالك وأصحابة. وللسيد أن يقيم عليه حد الزنا في بيته
دون الإمام، قاله مالك وأصحابه والمدنيون كلهم. قال مالك: وكذلك في شرب
الخمر إذا شهد عليه عدلان غير سيده، ويحضر لجلده في الحد رجلين لأنه عسي أن
يعتق ثم يشهد فيوجد من يشهد بجلده. ويحضر في حد الزني أربعة سواه، وإن كان
هو رابعهم فليرفعه إلي الإمام، وإن كان هو وآخر {في الخمر} (4) رفعه إلي
الإمام.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) كذا في ص وف. وفي ع: قال ابن القاسم.
(4) ساقط من ص.
(14/308)
قال مالك: ولا يقيم عليه السرقة والقتل،
وأما الزني والقذف والخمر فيقيم عليها الحد إلا الإمام. قال مالك إلا أن
يكون الزوج عبداً له فله أن يقيم عليهما الحد. فأما عبد غيره أو حر فلا.
وكذلك المرأة تقيم الحد علي ممالكيها / وكذلك روي عيسي في العتبية (1) عن
ابن القاسم.
قال ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب مثله، وإن كان الشهود غير السيد لحرمه
الزوج، وعسي أن يعتق ولده يوماً فيقذف بأمه، فلا يكون بإقامة الحد له مخرج.
قال أشهب: إلا أن يكون زوجها وغداً لا تلحقه معرة ذلك.
قال مالك: ولا يضرب عبده في الخمر بعصي، ولكن بالسوط أربعين، وفي الزني
خمسين، عبداً كان أو أمة.
ومن باع (2) {أمة} (3) حاملاً من زني ثم علم أن البائع لم يقم عليها الحد
فالمبتاع في سعة أن لا يقيمه عليها.
ومن العتبية (4) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن زني عبده فضربه خمسين ضربة
بغير السوط، قال قال مالك: لا يقام الحد إلا بالسوط. قال ابن القاسم (5)
ولو ضربه بالدرة فإن ضربه بها علي ظهره أجزأة، وماهو بالبين.
وروي عن ابن مسعود أنه أمر بسوط فجعله بين حجرين حتي لان ثم أمر أن يجلد به
رجلاً شوب، وقال له: ولا تمد إبطاً، وأعط كل عضو حقه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 316.
(2) كذا في جميع النسخ. ومقتضي السياق ابتاع.
(3) ساقط من ص.
(4) البيان والتحصيل، 16: 326.
(5) في ص: قال مالك.
(14/309)
قال ابن حبيب: العمل (1) في قول مالك وأهل
المدينة أن يرفع يده بالسوط في الحدود ويضرب الوجيع، ولا يضرب إلا الظهر.
قال وكتب عمر أن لا يبلغ في العزيز أكثر من ثلاثين جلدة. وروي ابن عباس أن
النبي صلي الله عليه وسلم قال: من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين (2).
قال ابن الماجشون عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال: لما حد ابو بكرة
أممرته أمة بشاة فذبحها ثم جعلت جلدها على ظهره {قال إبراهيم} (3) قال أبي:
فما ذلك إلا من ضرب شديد، وكذلك كان يري.
وقال: ولا يقام الحد علي المريض حتي يفيق إذا كان مرضا يخاف عليه فيه إذا
حد، لأنه يصير كالقتل. وماروي عن عمر في قدامة أنه ضربه ثمانين وهو مريض
غير معمول به. وقد روي عنه في حديث غيره.
أقيموا عليه الحد فإني أخشي أن أموت فلا ادري هل كان قدامة أو غيره. وقد
روي عن عمر في الحامل حين أراد ضربهت فأنكر عليه معاذ فرجع.
قال مالك: وإذا ادعت أن بها حملاً وقد وجب عليها حد في زني أو سرقة أو قذف
أو خمر أو قصاص جرح فلا يعجل عليها حتي يتبين أمرها، فإن لم تكن حاملاً
أقيم ذلك عليها، وإن صح حملها أخرت حتي تضع واستؤجر لها من يرضعه إن كان له
مال، ثم أقيم عليها ذلك.
قال: وأما الكبير الضعيف أو العجوز أو حدثة السن ممن لا يحتمل الحد ثمانين
فلا بد من حدهم ولا يؤخرون، إذ ينتظر وقت يؤخرون إليه، وذلك إذا بلغت
الصبية الحيض والغلام الحلم أو إنبات الشعر أو سنا لا يبلغه أحد إلا بلغ
الحيض أو الاحتلام.
__________
(1) كذا في ع وف وهو الأنسب. وفي ص: القول.
(2) حديث ضعيف أخرجه البيهقي في السنن عن النعمان بن بشير. والسيوطي في
الجامع الصغير.
(3) ساقط من ص.
(14/310)
وقد استحسن بعض العلماء تخفيف الضرب عمن
ذكرنا (1) ونحن نستحسنة ما لم يكن نقصا بيناً. وروي أن ابن عمر اشار إلي
ضارب أمة له {الحد} (2) أن خفف، فقيل له (ولا تأخذكم بهما رأفة) (3) فقال:
أيقتلها؟
قال مالك: ومن شرب الخمر في نهار رمضان حد ثمانين الخمر وجلد نكالا لما
تجرأ عليه من الشهر. قال محمد: وروي نحوه عن علي بن أبي طالب – رضي الله
عنه – أنه جلد عشرين بعد الحد (4) وذكره ابن حبيب عن علي إلا أنه قال: حده
ثم سجنه ثم جلده بالغد عشرين جلدة.
قال محمد: وروي أن عمر جلد قدامة في الخمر ثمانين، وزاده ثلاثين وقال: هذه
لتأويلك كتاب الله علي غير تأويله فيما تأول من قوله تعالى: (ليس علي الذين
آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طمعوا) (5).
قال محمد: ولو لم يشرب الشارب إلا حسوة من أي مسكر من الأشربة لحد ثمانين.
قال: ومن شربه ممن لا يعلم تحريمة كالأعجمي الذي دخل الإسلام ولا يعرف، فلا
عذر للأحد بهذا في إسقاط حد.
وكذلك في الزني يظنه حلالاً. وكذلك من تأويل في السكر من غير عنب أنه حلال
فلا عذر له بهذا. وكذلك القذف، فهذا قول مالك وأصحابه إلا ابن حبيب (6).
__________
(1) كذا في ع وف. عبارة ص: نحوه من ذكرنا.
(2) ساقط من ع.
(3) الآية الثانية من سورةا لنور
(4) في ص: الجلد. وهو تصحيف.
(5) الآية 93 من سورة المائدة.
(6) كذل في ص. وفي ع وف: إلا ابن وهب.
(14/311)
وأخبرنى ابو زيد عنه أنه إن كان مثل البدوي
لم يقرأ الكتاب ولا يعلمه فشرب وهو يجهل ذلك فلا يحد ويعذر، {وقد} (1) فعله
عمر.
قال مالك: قد ظهر الإسلام وفشا ولا يعذر جاهل في شئ من الحدود. قال محمد:
يعني ابن وهب في النوبية التي أعتقها حاطب وكانت أحصنت بزوج، فلما قال له
عثمان: ما الحد إلا علي من علمه جلدها مائة جلده.
قيل لمالك فالحديث الذي جاء ان النبي أتي برجل فأمر أن يضرب شكول (كذا)
فأنكره، وذكر حديث النبي في الحد حين أتي بسوط جديد فقال دون هذا ثم بآخر
فقال: فوق هذا وذكر الحديث (2).
وإذا اجتمع عليه حدان فقال عبد الملك: يجزئ أن يحد أكبرهما، مثل أن يزني
ويقذف، فليجد مائة جلدة فيهما. وقال ابن القاسم: يضرب الحدين ثمانين ومائة،
وبه أقول، أني يؤخذ بكل ما لزمه إلا في القتل، فإن الحدود تدخل فيه إلا
القذف دون ما سواه من حد خمر وغيره. وكل جرح أو قصاص في البدن أو قطع لله
أو للعباد فداخل فيه. وإن كان قتلاً عفا عنه أهله لزمه ما عليه من حد سواه.
قال مالك: وحد القذف وحد القذف وحد الخمر حد واحد، لأنه مشتق منه. قال ابن
القاسم: سواء اجتمعا أو افترقا، فما أقيم {به} (3) منهما ناب عن الآخر لا
يبالي ما قيم به منهما أولاً.
وأما حد الزني في البكر وحد القذف أوالخمر فيقامان جميعا ويبدأ بحد الزني.
وإذا حد للقذف فهو لكل قذف تقدم ولكل شرب خمر،
__________
(1) ساقط من ص.
(2) تقدم تخريجة في الموطأ في كتاب الحدود عن زيد بن أسلم.
(3) ساقط من ع.
(14/312)
كان من لم يقم بالقذف حضوراً أو غياباً.
وكذلك لو حد للخمر اجزا عن كل قذف تقدم (1).
في اختلاف البينة في شرب الخمر
ومن حلف بالطلاق ما شرب خمراً وقد شرب مسكراً
وهذا الباب مكرر في غير هذا الكتاب.
قال ابن القاسم في العتبية من رواية أبي زيد فيمن شهد عليه شاهد أنه شرب
الخمر وشهد آخر أنه شرب نبيذا مسكراً قال: يحد.
قال عنه أبو زيد: وإن شهد واحد أنه شرب خمراً في رمضان وشهد آخر أنه شرب في
شعبان، وقال: يحد وإن شهدا بهذه الشهادة في موضع واحد لم يحد.
ومن سماع ابن القاسم: ومن شهد عليه شهود أنه شرب خمراً فحلف بالطلاق أنه ما
شرب خمراً، قال يحد ولا يطلق عليه. ومن الناس من يقول الخمر من عصير العنب
وإن كان الخمر عندنا كل ما خمر من [كل] (2) مسكر، ولكن لا يلزم هذا طلاق.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف: وأتي هشام بن عبد الله المخزومي قاضي المدينة،
وهو من صالحي قضاتها، برجل خبيث يعرف باتباع الصبيان، لصق بغلام في زحمة
الناس حتي أفضي، فبعض به هشام إلي مالك فقال: أترى أن أقتله؟ قال: لا، ولكن
يعاقب عقوبة موجعة.
__________
(1) صفحت عبارة ص: أجزأ عن كل قاذب.
(2) ساقط من ص.
(14/313)
قال: كم؟ قال: ذلك إليك. فأمر به هشام فجلد
أربعمائة سوط وألقاه في السجن، فما لبث أن مات، فكر ذلك لمالك فما استنكره
ولا رأي أنه أخطأ.
وهذه حكاية ذكرها العبي عن مطرف: يقال فضمه إلي نفسه كأنه يريد أني يفعل
به، فرفع إلي أمير المدينة فبعث به إلي مالك فقال ما تأمر فيه؟ قال: ذلك
إلي السلطان بما يري. ثم ذكر شربه كما تقدم. قال: فما رأيت مالكاً أنكر
ذلك.
قيل لمطرف في الكتابين: فكم اقصي ما يبلغ به في الأدب في المعروف بالجرم؟
قال: ثلاثمائة سوط فما دون
قال مالك في مثل هؤلاء المشهورين بالفساد الظلم: إن الضرب قلما ينكيهم
ويسجنون أبداً ويثقلون بالحديد حتي تظهر توبتهم وتثبت (1) عند الإمام
فيخليهم.
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك إنه رأي فيمن يبتز الجارية أو الغلام من أهل
المراودة والناس ينظرون حتي يغيب عليه فلا يدري ما فعل، أن يضرب في مثل هذه
ثلاثمائة وأربعمائة، بكراًَ كان أو ثيبا. وحكم بذلك برأي مالك (2) وكان
هشام بن عبد الملك لا يوتي بأحد بيده حديدة من حدائد اللصوص إلا رضض يده إن
كان من أهل الخبث والريب، فقال مالك: ما أعرف الرض، ولو قطع كان أولي. ومن
أمر الناس عندنا الشهرة لأهل الفسق رجالاً ونساء، ويعلن بجلدهن ويكشف وجه
المرأة عند ذلك وتكشف من الثياب إلا ما يواريها ولا يصف خلفها ولا يحجبها
من الضرب، وتشد في مكتل، ويشهر الرجال بلا مثلة، وقاله أصبغ، واستكثر
الأربعمائة وقال
__________
(1) هكذا في ع وف. وصفحت في ص: وتظهر (مكررة).
(2) كذا في ع وف. وعبارة ص: وحكم بذلك ابن أبي طالب.
(14/314)
دون هذا. وأنكر القطع وقال بدلاً منه الجلد
الشديد والتخليد في السجن. قال ابن حبيب: وذلك إلي اجتهاد العدل
ومن كتاب ابن المواز: ومن اجتمع عليه حد ونكال فليجمعا عليه مكانه. قال
أشهب: ولا يؤخر عنه أحدهما لبرئه، وليس كالمريض. قال محمد: وكذلك إن وجب
عليه حدان إلا أن يري الإمام تفريقهما (1)
قال ابن القاسم عن مالك قال: يجرد في العقوبات إذا بلغت تلك عقوبته، ومن
العقوبة ما يخفف فيعاقب على ثيابه وفوق رأسة وربما كان بالسجن.
ما يصلح فيه العفو والستر
ومالا يصلح ذلك فيه
[وهذا الباب] (2) قذف تقدم باب في معناه في العفو عن حد القذف
ومن كتاب ابن المواز: لا يجوز العفو عن الحدود بعد أن تبلغ إلي الإمام، وقد
قال النبي صلي الله عليه وسلم لصفوان فهلا تركته قبل أن تأتي به (3).
قال مالك: وأما قبل أن يبلغ الإمام فالعفو والستر فيه جائز وإن كان حداً.
قال الزبير للذي استشفع إليه فقال حتى أبلغ به الإمام، فقال الزبير: إذا
بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع.
__________
(1) صفحت عبارة ص: إلا أن يقر الإمام منهما.
(2) ساقط من ص.
(3) في كتاب الحدود وباب الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان من الموطأ عن
صفوان بن عبد الله بن صفوان. ولفظ الحديث في الموطأ: فهلا قبل أن تأتينى
به.
(14/315)
قال محمد: وإنما ينبغي أن يشفع ويستر عورته
فيمن تكون منه الزلة وليس بالمعلن دون الإمام. فأما المعلن الذي يكثر ذلك
منه فأهل أن يرفع أمره ويزجر عن ذلك.
قيل لمالك فيمن له جار سوء يظهر ما لا ينبغي في الإسلام هل أدل عليه؟ [قال]
(1) قدم إليه وانهه فإن لم ينته فدل عليه.
وأري للسلطان والشرطي إذا دعي إلي بيت فيه فسق أو علي شراب، فأما البيت
الذي لا يعرف بذلك فلا أري أن يتبعه، وأما المعلن بالفسق وقد تقدم إليهم
فيه فليتبعه.
قال الصديق: لو رايت رجلاً على حد من حدود الله ما أخذته ولا دعوت إليه
أحداً حتي يكون غيري معي. قال ابن شهاب: فإن كان غيره معه ممن يجب بشهادتهم
الحد فليرفعه إلي السلطان، وإن لم تبلغ شهادته بمن معه أن يجب بهم الحد
فيعمل بما قال ابو بكر رضي الله عنه.
قال محمد: وإذا كان مع الإمام رجلان لم يسعه أن بستر عليه، وإن كان معه
واحد فله في ستره سعة ما لم يكن معلناً قال ابن وهب عن مالك: وإذا كان معه
رجل رفعه إلي من هو فوقه.
قال ابن شهاب: ذكر أن جابر بن عبد الله وابن عباس كانا يأخذانهم ثم
يلاسلانهم. قال محمد: وذلك أحسن إلا من اكثر وظهر فسقه وتقدم إليه، فإن
انتهي وإلا رفع وأظهر عليه. قيل: فإن انتهي إلي لأمام [أن فلاناً] (2)
سكران أو علي حد، أيرسل في أخذه؟ قال: أما [ما] (3) لم يصح عنده أو يحضره
أويراه فلا، إلا للمعلن بالفسق بالشراب أو غيره.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(14/316)
وفي باب الحد (1) في الرائحة في صلب
المسلحة هل يستنكه من مر به قد تقدم.
قال محمد قال ابن المسيب: الستر علي كل مؤمن إلا الوالي وأحد الشهود
الأربعة في الرجم لا ينبغي له أن يستره في الموكل (كذا).
قال مالك: وإذا بلغ الحد إلي الحراس أو الشرط فهو كبلوغة إلي الإمام. وروى
ابن عباس أن النبي قال: لو رجمت أحد بغير بينة لرجمت فلانة قد ظهر منها
الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها (2).
قال ابن القاسم: والشفاعة في التعزير جائزة بعد بلوغ الإمام. قال أشهب: أما
عفو اقمام عنه فظلم، وأما صاحب التعزير فجأئزة إلا من كان فاسقاً معاوداً
فلا احب أن يشفع له، ولو فعل لم أره ضيقاً.
وقيل له: أيقال ذو الهيئة عثرته؟ قال: لم أسمع، وهذا من السلطان.
ومن كتاب ابن حبيب قلت لمطرف: فإذا رفع إلي الإمام أن في بيت فلان خمراً
ايكشف عن ذلك؟ [قال] (3) أما المأبون بذلك او مشهور بالخمر (4) والسفه فأرب
له تعاهد وليكشف عن بيته، ذكر له عنه أو لم يذكر. وإن رأي نقله عن مكانه
ويشرد به فعل، كان منزلة أو لم يكن إذا كان مشهور، فإن كان له أكراه عليه،
وإن لم يكن له أخرجه منه. وأما غير المعروف فلا يكشفه وإن شهدوا علي البيت،
وقاله أصبغ.
__________
(1) كذا في ع وف. وهو الصواب. وصفحت عبارة ص: وفي باب الشرب.
(2) في الصحيحين عن ابن عباس. في باب الحدود والطلاق من صحيح البخاري،
واللعان من صحيح مسلم عن ابن عباس. وفي كتاب الحدود من سنن ابن ماجة، ومسند
أحمد.
(3) ساقط من ص.
(4) هنا تنتهي مبتورة مخطوطة الخزانة العامة بالرباط التى كنا نرمز غليها
بحرف ع.
(14/317)
وروي ابن حبيب أن عمر مشي في الليل فراي
ناراً في بيت فأتي إليها فإذا بقوم يشربون وشيخ يغنيهم، فاقتحم عليهم وقال:
يا أعداء الله قد أمكن الله منكم، فقال الشيخ: ما نحن أعظم [منك] (1)
ذنباً، تعديت ودخلت بغير إذن والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا
بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا) (2). فاحتشم عمر وقال: ذوروا هذه بهذه.
قال: واعترف أبو محجن الثقفي في شعره بشرب الخمر فأراد عمر جلده فقال: صدق
الله وكذبت، أما قال سبحانه في الشعراء (وأنهم يقولون مالا يفعلون) (3)
فتركه من الجلد وعزله عن العمل.
وأتي رجل إلي ابن مسعود بابن أخ له فال له: إن هذا شرب الخمر، فنكر ابن
مسعود رأسه ثم رفع {اسه فقال: جزاك الله من وال شراً، والله ما أذنب صغيراً
ولاشرب كبيراً إن العباد يعيرون ولا يغفرون، والله يغفر ولا يعير، ثم دعا
بسوط ذى تمر فوضعه بين حجرين فرضه حتي لان ثم قال لعمه قم فاجلده ولا تر
غبطاً وأعط كل عضو حقه [منه] (4)
__________
(1) ساقط من ص.
(2) الآية 27 من سورة النور. وقد صفحت الفقرة الأخيرة في ص: حتى تستأذنوا
وفي ف: (تدخلوا بيوتا غير بيوتكم) الآية.
(3) الآية 226 من سورة الشعراء.
(4) زيادة في ص.
(14/318)
في اللعب بالنرد
والشطرنج وشبهه
وذكر الغناء والمغنيات واللهو واللعب
قال ابن حبيب: ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من لعب بالنرد فقد عصي
الله ورسوله (1) وروي في التغليظ في اللعب بالميسر، يغني النرد والشطرنج،
كثير، وكذلك أربعة عشلا وكل ما يلهي من طبل ومزمار وغيره من البرائط. وقيل
إن ذلك من قول الله عز وجل (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) (2)
وقد كسر ابن عمر النرد علي رؤوس من رآه لعب بها. ومر بغلمان يلعبون بالكحة
فأمر بها فدفنت وهي حفرة يلعب فيها بالحصي وشببه.
ونهي علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهم عن الشطرنج والكعاب، ومن التابعين
عدد كثير، ومنهم من كان لا يسلم عليهم وهم يلعبون بها.
قال ابن حبيب: ولا خير في قليلها ولا في كثيرها، لا في الخلوة ولا في
العامة، لا على التحارب ولا على غيره. وليزجر عنها الإمام ويعاقب بالضرب
والحبس عليها، ويكسر ما ظفر به منها، ويسقط بذلك شهادته وإن لم يكن مدمناً.
وقيل لمالك في غير كتاب ابن حبيب: أيسلم علي من لعب بها؟
__________
(1) حديث صحيح عن أبي موسي أحمد في المسند. وأبو داود وابن ماجة في السنن،
ولحاكم في المستدرك. وعند السيوطي في الجامع الصغير.
(2)
(14/319)
قال: نعم أهل الإسلام، فإن فعل هذا ذهب كل
مذهب. وروى أن النبى حرم الغناء وشراء المغنيات وتعليمهن (1) وتلا (ومن
الناس من يشترى لهو الحديث) (2).
وسمع ابن عمر زمارة راعى فعدل عن الطريق وجعل أصبعية فى أذنية فذهب حائدا
عن الطريق. وسأل نافعا أتسمع؟ حتى قال لة لا، ففتح أذنية. قيل لمالك فيمن
يمر بة مزمار أو غناء، فيجد لذة؟ قال: إذا كان جالسا فليقم ويذهب، وإن كان
ماشيا فغما أن يقف أو يتقدم أو يتأخر.
قال ابن حبيب: ومن علم جاريتة الغناء لم تجز شهادتة وإن لم يسمعها. وكذلك
من حضر سماع ذلك وعرف بحبة. ولا يجوز لبائع المغنية أن يأخذ لغنائها ثمنا،
فإن باع على ذلك رد البيع، فإن (فاتت) (3) كان فيها قيمتها على أنها غير
مغنية.
وقال مالك وأصحابة المصريون: إذا باعها فليبين أمر غنائها (4)، فإن لم يفعل
فهو عيب ترد بة. قال ابن حبيب: وهذا عيب لا ينبغى ذكرة فى البيع لأن ذكرة
اليوم زائد فى الثمن. وقد بيعت فى تركة فاطمة بنت طلحة الهاشمى بالمدينة
بأمر القاضى جارية مغنية كتم غناءها فبلغت أربعمائة دينار، فأمر مالك أن
تباع بالبراءة منة، فلما ذكر ذلك بلغت ألف دينار وأربعمائة دينار فصار ذكرة
بيعا للغناء فلا يجوز ذكرة عندى، وليس بعيب (5) عندى إذا كتمة.
__________
(1). فى كتاب الأدب من سنن أبى داود باب فى النهى عن الغناء وباب كراهية
الغناء والزمر. وفى كتاب التجارات من سنن ابن ماجة: نهى رسول اللة صلى اللة
علية وسلم عن بيع المغنيات. وكذلك فى مسند أحمد.
(2) الآية 6 من سورة لقمان.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا فى ع. وعبارة ص: فليبرأ من غنائها.
(5) كذا فى ع. وفى ص: وليس بمعصية.
(14/320)
وقال ابن المواز: ليس لة بة رد. وقال
سحنون: يكتم ذلك فى عقد البيع، فإذا انعقد البيع تبرأ منة، فإما رضى
المبتاع أو رد. وإن كانت مشهورة بالبلد بيعت فى بلد لا تعرف فية على هذا
المعنى.
قال ابن حبيب: (وإن) (1) لم يذكر غناؤها غير أنها قد عرفت وعرف أنة زيد فى
ثمنها فلا يحل ذلك، وليبعها بموضع لا تعرف فية.
وينبغى للإمام أن ينهى عن الغناء ويكسر جميع الملاهى من بوق ومزمار والعود
والبرابط والمصافق وغيرها من أدوات اللعابين إلا الكبر والمزهر والدف، وفى
الكبر (بعض) (2) ما فية، والدف أخف من المزمر.
وينهى الإمام عن اللعب بهم إلا فى العرس، فقد استخف ذلك فية لأشهارة ونهية
عن ذلك فى غيرة، ويعاقب علية إلا الجوارى العواتق فى بيوتهن، فيكون ذلك لهن
مثل ما هوفى العرس، ما لم يكن مع ذلك سواة من الملاهى الملهية فلا يجوز
ذلك.
وقال الحسن: إذا كان فى الوليمة برابط فلا دعوة لهم ولا نعمة عين. قال مالك
والأوزاغى: إذا كان فيها لهو فارجع عنهم. ورجع ابن مسعود عن مثل ذلك وقال:
قال النبى صلى اللة علية وسلم: من كثر سواد قوم كان منهم ومن رضى عمل قوم
كان شريكهم فى عملهم (3) وخرج أبو وائل لما رأى اللعابين.
تم كتاب الحد فى الخمر
بحمد اللة تعالى
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ف.
(3) لم أقف علية بهذا اللفظ. وفى كتاب الفتين من صحيح البخارى باب من كرة
أن يكثر سواد
11 - النوادر والزيادات 14
(14/321)
بسم اللة الرحمن الرحيم وصلى اللة على محمد
خاتم النبين
كتاب القذف
فيمن نفى رجلا من أبية أو من أمة
من كتاب ابن المواز والعتبية (1) قال أشهب عن مالك فيمن قال لرجل لا أب لك
فلا شىء علية إلا أن يريد النفى. وهذا مما تقولة الناس على الرضى، فأما من
قالة فى مشامتة وغضب فذلك شديد. قال فى كتاب ابن المواز: وليحلف ما أراد
نفية. وقال فى السؤال لا أبا لك. ومن العتبية (2) من سماع ابن القاسم: ومن
قال لرجل يا ابن الأسود وأبوة أبيض فهذا شديد.
ومن كتاب ابن المواز قلت: فلو قال له يا بن الأبيض وأبوه أسود؟ قال: لم أقل
فى هذا شيئاً، إنما قلت فى القائل يا بن الأسود وأبوه أبيض. وأما القائل
لابن النبطى يا بن القبطى، ولابن الأسود يا بن النوبى، فهذا قريب.
ومن كتاب ابن المواز (قال مالك) (3) ومن قال لرجل (يا أسود، و) (4) يا بن
الأسود فعلية الحد وإن كان من الموالي. وكذلك نسبه إلى لون
__________
(1) (*) فى ص: كتاب الدماء الثالث. وهو لا يطابق محتوى الباب. وفى آخر هذا
الباب عبارة: تم كتاب القذف. لذلك أثبتناة هنا.
البيان والتحصيل، 16: 303.
(2) البيان والتحصيل، 16: 299.
(3) ساقط من ف.
(4) ساقط من ص.
(5) كلمة مطموسة فى ع وساقطة فى ص.
(14/322)
من الألوان ليس فى آبائة بذلك اللون أحد،
مثل يا بن الأزرق أو الأصهب أو الأبيض أو الآدم أو الأعور أو الأقطع، ففية
الحد وإن كانوا موالى إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك. قال عبد الملك:
وكذلك يا بن المحدود
قال مالك: وأما لو قال لة ذلك فى نفسة با أعور يا أقطع يا كذا فلا حد فية،
إن كان عربيا أو مولى، حتى يكون يا بن كذا، بخلاف القائل لعربى يا حبشى يا
عبد يا عجمى، أو سماة بشىء من الأجناس وإن لم يقل باين، فهذا يحد إن كان من
العرب
قالابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: من قال العربى أو مولى يا يهودى أو يا
أسود لم يحد، ولو قال يا بن الاسود يا بن النصرانى أو اليهودى فإنة يحد.
قال ابن الماجشون: ولو قال يا بن البربرى وأبوة فارسى أو أصبهانى (1) فلا
حد علية فى البياض كلة، إلا أن يكون أبوة أسود فلا شىء علية فى السواد كلة
إذا نسبة إلى غير جنسة من السواد، إلا أن يكون أبوة أبيض فيكون نفيا ويحد
مثل أن يقول لأسود أو حبشى باين الفارسى، أو لفارسى يا بن الأسود أو يا بن
الحبشى.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لمولى يا بن الأسود حد، ولو قال لة يا بن
الحبشى لا يحد، لأن من دعا مولى إلى غير جنسة لم يحد، ولو دعا إلى غير لونة
أو صفتة حد. يريد فى قولة يا بن كذا. قال: فأما لو سماة أباة باسمة لم يحد
وإن وصفة بغير صفتة، مثل قولة با بن فلان الأقطع أو الأسود. قال عبد الملك:
وهو شاتم ويؤدب.
قال ابن القاسم: ولو قال يا بن النصرانى أو اليهودى أو يا بن عابد وثن حد،
إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك فينكل. قال أشهب: لا يحد
__________
(1) كذا فى ص. وفى ف: اشبانى - بالشين المعجمة - ولعلة إسبانى.
(14/323)
إذا حلف أنة لم يرد قذفا ولا نفيا. قالا:
ولو قال فى نفسة يا يهودى يا عابد وثن لم يحد وإن كان عربيا، وينكل. وروى
الليث (1) فى هذا أن النبى صلى اللة علية وسلم (قضى) (2) فيمن قالة لأنصارى
أن يجلد عشرين سوطا.
وأما إن نسب أباة إلى صناعة فقال يا بن الخياط أو الحداد أو يا بن الحائك
أو الحجام فروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أنة إن كان عربيا حد، إلا أن
يشبة يكون فى آبائة من هو كذلك، وإن كان من قبل أمهاتة حلف ما أراد إلا هو
وما أراد نفيا، ولا حد علية.
هذة (3) رواية ابن وهب فى المختصر. قال عنة ابن القاسم: وإن كان مولى لم
يحد وإن لم تقم بينة إن كان أحد من آبائة كذلك، ويعزر وإن أقام بينة بذلك.
ورورى أيضا عنة ابن وهب فى موطأة أن علية الحد كان من الموالى أو من العرب،
إلا أن يكون فى آبائة من هو كذلك. وقال أشهب: هما سواء، لا حد علية، ويحلف
ما أرارد نفيا لنسبة وإن لم تكن لة بينة، وكأنة قال أبوك الذى ولدك حجام او
حائك أو دباغ فلا حد فية.
وروى ابن وهب أن عمر بن عبد العزيز رفع إلية رجل قال لآخر يا بن الحجام (4)
وأبواة حران، فلم ير علية حدا ولم يرة نفيا لنسبة. وقال ربيعة ويحيى بن
سعيد: علية الحد، وقالة ابن وهب وابن كنانة.
__________
(1) كذا فى ف وهو المناسب. وفى ص: ورد فى الليث.
(2) لعلها سقطت من الأصل، لأن السياق يقتضيها أو كلمة نحوها.
(3) ساقطة من ص.
(4) فى ف: يا بن حلاق.
(14/324)
قال بان القاسم: من قال لعربى أنت ابن فلان
ونسبة إلى غير أبية أو غير جدة فعلية الحد وإن لم يقلة على سباب أو غصب،
إلا أن يقولة على وجة الاختيار (1). قال أشهب: لا يحد لأنة قالة وهو يرى
أنة كذلك، إلا أن يقولة على سباب فيحد.
وقال محمد: ويحد إلا أن يقولة على وجة الخطأ والاختبار فإن علم أنة تعمد
(2) حد لة، وإن أشكل وادعى الخطأ أطلق وترك.
قال القابسى (3): ولو نسبة إلى جدة فى مشاتمة لم يحد (قال أشهب: يحد) (4)
إن كان فى مشاتمة.
قال (محمد: قول) (5) ابن القاسم أحب إلى، إلا أن يكون ثم من يعرف أنه أراد
القذف، مثل أن يتهم الجد بأمه ونحوه، وإلا لم يحد.
وقد ينسب إلية بشبهة به فى خلق أو طبع، فيقال أنت ابن فلان، يريد لشبهة.
قال ابن القاسم: ومن نسب رجلا إلى عم له أو خال أو جد أو زوج أمة فعلية
الحد، وقال أشهب لا يحد إلا أن يقولة فى مشاتمة. وقاله أصبغ ومحمد. قال
أصبغ: وقد سمى اللة تعالى: العم في الكتاب أب بقوله سبحانه: (نعبد إلهك
وإلة آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) (6).
__________
(1) كذا فى النسختين. ولعل الصحيح: الإخبار.
(2) صحف فى ص: أنة أخمر.
(3) كذا فى ص. وفى ف: قال ابن القاسم.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط أيضا من ص.
(6) الآية 133 من سورة البقرة.
(14/325)
قال: ومن نفى رجلا من جدة فقال: لست ابن
فلان - يريد جدة - حد وإن كان الجد مشتركا مثل نفية من أبية العبد أو
المشرك.
وإن قال لة يا ولد الزنى أو يا بن الزنى أو أنت لزان أو لزانية (أو ولد
زنية) (1) أو فرج زنى فالحد فى ذلك كلة. وإن كانت أمة مملوكة أو ذمية. (قال
ابن القاسم وأشهب فى القائل للمسلم ليس أبوك فلان يعنى جدة ثم قال) (2)
إنما أردت لست ابنة لصلبة نفسة ولم أرد نفية فلا يصدق وليحد.
قال أشهب: إلا أن يكون لة وجة، مثل أن يسنعة يقول أنا فلان بن فلان فيذكر
جدة فيقول لة ليس بأبيك (3)، كأنة يلغية، فإن لم يكن هذا حد إذا كانت ولادة
جدة فى الإسلام ولم يكن مجهولا (4) فإن كان مجهولا لم يحد إن كان مولى، وإن
كان من العرب حد. وإن كانت ولادتة فى الجاهلية وكان كافرا فعلية الحد.
وكذلك لو نفاة من أبية (دينة) (5) أو قال لة أنت ابن زنى أو ولد زنى. فإن
كان أبوة مجهولا فلا حد علية.
قال محمد: وذلك أن المحمولين على النسب لا يثبت بينهم ما ادعوة من الأنساب
ولا يتوارثون بها. (قال) (6) وإذا قال لمسلم ليس أبوك فلان، يريد أباة
المعروف بة، وأبوة مجهول ولد فى الجاهلية إنة يحد إن ولد المنفى فى
الاسلام. وإن كان المنفى مع أبية مجهولا لم يحد من نفاة.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ف.
(3) كذا فى ف وهو الأنسب. وعبارة ص: فيقول ليس بأبية.
(4) فى ص: محمولا وهو خطأ سيتكرر بعد فنصلحة ولا ننبة علية.
(5) زيادة فى ص.
(6) ساقط من ف.
(14/326)
قال مالك: من نفى نصرانيا من أبية وللمنفى
ولد مسلم فلا يحد حتى يقول للمسلم ليس أبوك فلان، يعنى الحر (1)، فيحد، ما
لم يكن أبوة وجدة مجهولين.
قال ابن القاسم: ومن قال لمسلم وأبوة وجدة لأبية وأمة نصارى أو مماليك يا
فرج زنى فعلية الحد، أو قال لة: زنت بك أمك أو أنت لزنية (2) أو لست لأبيك،
أو يا بن زنية (3) أو يا ولد زنى إنة يحد، كانت أمة أمة أو نصرانية، ولا
أعلمة إلا قول مالك.
قال مالك: ولو قال لة يا بن الزانية لم يحد ونكل، وقالة ابن شهاب من رواية
يونس.
قال ابن القاسم: وكذلك لو قال لة يا ولد الخبث لأن مخرجة على الزنى والنفى،
مثل قولة ولد زنى. وجاء الحديث: إذا كثر الخبث (4) وهذا فى باب آخر.
ومن قال لعبدة أو نصرانى وأبواهما مسلمان (5) يا بن الزانى أو يا بن
الزانية حد، كان عبدة أو عبد غيرة. ولو كان أبوة حرا مسلما وأمة نصرانية
فقال لة يا بن الزانية لم يحد. وكذلك إذا كان الأب كافرا أو عبدا فقال يا
بن الزانية والأم حرة مسلمة فإنما علية النكال.
ومن قال لعبد أبواه حران مسلمان لست لأبيك أو ليس أبوك فلان أو يا ولد زنى
أو أنت لزنى أو ولد زنية لحد. وكذلك لو كانت أمه حرة والأب عبد. وأما إن
كان الأب حرا والأم مملوكة أو نصرانية ثم قال لة شيئا
__________
(1) فى ص: يعنى الجد.
(2) صفحت عبارة ص بإقتحام (ليست) فصار: أنت لست لزنية
(3) كذا في ف. وفي ص: بابن الزانية.
(4) في الموطأ وباب الفتن من الصحيحين، وسنن الترميزي وابن ماجة ومسند
أحمد.
(5) صفحت العبارة في النسختين. وما أثبتناه مقتضي العربية.
(14/327)
من هذا، فقال اشهب: لا يحد، لأن الابن عبد،
ولا يحد في نفيه لذات نفس العبد، ولم يقذف الأب ولا نفاه من نسبه.
قال ابن قاسم: يحد لأنه حمل اباه المسلم علي غير أمة، وأبي مالك (1) أن
يجيبنى فيها بشئ.
قال اشهب: لم يحمل أباه علي غير أمة، وكأنه قال: وطئ أمك الأمة غير أبيك
وأنت ملحق بأبيك، وللعاهر الحجر.
وروي ابن وهب عن مالك أن عليه الحد. وأما إن قال لحر ابن حرين لست لأمك فلا
يحد، قاله وجميع أصحابه
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون [من] (2) قال لعبده أو لعبد غيره لست لأبيك
أو ليس أبوك فلان وأبواه حران فإنه يحد، وكأنه زني أمه. وسواء كان أبوه
حراً أو عبداً وإنما الجد للأم. وإن كانت أمه [أمة] (3) لم يحد كان الأب
حراً أو عبداً، لأنه ليس في نفي العبد من أبيه حد. ولو قاله لحر حد، كان
أبواه (4) عبدين او حرين، وقاله كله أصبغ.
قال ابن حبيب قال مطرف عن مالك: من قال لرجل ليست أمك فلانة فلا حد عليه.
ولو قال ليس أبوك فلان حد لقطع نسبه.
قال مطرف: وإن قال له يا ابن السوداء وأمة بيضاء حد لأنه حمل أباه علي غير
أمه وجعله ابن زنية. ولو قال: بابن زينب السوداء وأمة زينب وهي بيضاء لم
يحد، كقوله ليست أمك فلانه. وقال ابن الماجشون:
__________
(1) في ص: وابن مالك. وهو صحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) هكذا في ف وهو الصواب. وحرفت عبارة ص بالتصحيف والحذف فصارت: ولو قل
الحر جد أبواه.
(14/328)
ذلك سواء ولا حد عليه في الوجهين. وكذلك
يابن النصرانية أو يابن فلانة النصرانية، وقاله أصبغ، وقول ابن حبيب أحب
إلي.
قال وقال مالك وأصحابه فيمن قال يا بن ملاعنة أن عليه الحد. وروي عن عمر،
سواء قال يا بن الفاعلة أو [قال] (1) ليس أبوك فلان، إلا أن يقول ليس أبوك
[فلان] (2) على الإخبار بملاعنة أبيه أمه، فأما ان قاله (3) في مشاتمة
فيحد.
ومن المختصر قال مالك: ومن قال لرجل يا بن الأمة أو يا بن البربرية ن وأمة
عربية، إنه يحد، كأنه نفي أمه من أبيها. ولو قال له ليست أمك فلانه لم يحد.
وقال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإن قال [له] (4) يا ابن الأمة وأمة
عربية، أو يا ابن البربرية وأمة قرشية، قال: قد أعلمتك أنه ليس في الأم
نفي. وإن كانت أمة قرشية أو عربية فقال له يا ابن الأمة فكأنه قال لأمه أنت
أمه فلا شئ عليه. وقال مطرف: يحد في هذا كله حتي يسميها أو ينسبها غلي غير
جنبها أو ينعتها بغير نعتها (5) فلا يحد.
قال: ولم يحد من قبل النفي لكن بحمله أباه [علي] (6) غير امه وقال ابن حبيب
هو القياس، لكن أحب إلي [أن أدارأ الحد] (7) بشبهة الإختلاف، وفيه وجيع
الأدب.
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: إن قال له.
(4) ساقط من ص.
(5) في ص: بغير نفسها. وهو تصحيف.
(6) ساقط من ص.
(7) ساقط أيضا من ص.
(14/329)
[ومن كتاب ابن المواز قال ربيعة: ومن قال
للابن عربية يا بن الأمة أو يا بن البربرية فعليه الحد لأنه نفاها] (1)
وأما لو قال لست ابن فلانة لم يحد، وإن قال يا ابن النصرانية أو اليهودية
وهي مسلمة لم يحد.
وقال الليث إن قال يا ابن السندية وهي عربية [إنه يحد] (2)
ومن العتبية (3) من سماع ابن القاسم قال مالك: من قال لرجل يا ابن البربرية
وأمة عربية إنه يحد لأنه نفاها من أبيها. ولو قال ليست أمك فلانة فلا حد
عليه.
ومن العتبية (4) روي ابو زيد عن ابن القاسم في امرأة قالت لابنها لست ابن
أبيك، قال عليها الحد.
قال سحنون عن أشهب فيمن قدم من سفر فوجد مع امرأته ولداً فقال ليس هذا ابنى
ولا ابنك. قال: إن حلف أنه ما أراد قذفا فلا شئ عليه. وأما إن كان حاضراً
مقراً به ثم قال هذا فإنه يحد.
ومن مسائل المدنيين قال ابن القاسم فيمن قال لرجل يا ابن زينب وليس في
أمهاته [زينب] (5) ويقول اردت اسما أفضل من اسم أمه، ويقول المقذوف حملت
أبي علي غير أمي، قال: لا شئ في هذا. وكذلك إن قال له ليست أمك التى ولدتك.
وقال فيمن قال لولد ابن مولي: يا عبد بن العبدين، وقال أردت عبد الله. قال
ابن نافع: يحلف، فإن حلف عزر، وإن لم يحلف سجن حتي يحلف. وقال ابن القاسم
مثله، وقال: ولو قال ذلك لعربي لجلد الحد.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط كله أيضا من ص.
(2) ساقط كذلك من ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 286.
(4) البيان والتحصيل، 16: 344.
(5) ساقط من ص.
(14/330)
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال
لرجل يا ابن المطرق فإن كان من الموالي لم يحد إن حلف أنه لم يرد القذف،
ولقد قال له قولاً سيئاً
فيمن نفي أحداً من قبيلته
أو من مواليه أو قال ليس لك أصل
من كتاب ابن المواز قال: ومن قال لقرشي يا عربي يا مصري لم يحد، ولو قال
لعربي أو قرشي يا مصر يا يمانى، أو ليمانى يا مصري حد إلا أن يقوله علي
الخطأ، أو قاله لمولاه فلا يحد. وكذلك إن قال لمولي يا عربي يا عبد لم يحد.
ومن قال لعربي يا ابن القرشي حد.
ومنه ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم: ومن كان (2) أصفر اللون فقل له
رجل علي الغضب تنح أيها العبد، وأمه سوداء أو سندية، وقال لم ارد نفيه
وأردت سواده، فأرجو أن لا حد عليه، وأدني ما عليه اليمين ما اراد نفيا ً.
ومن كتاب ابن المواز: ومن نفي عربيا من قبيلته حد، وإن كان مولي لم يحد،
ويحلف له.
ومن قال لمولي لست من موالي فلان [أو لست مولي فلان] (3) فقال أشهب وابن
القاسم: إن كان هو نفسه أعتقه فلان فلا حد عليه. وإن كان المعتق أباه أو
جده فإنه يحد. وقال مالك: وقد قال عظيماً.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 288.
(2) في ص: ومن قال. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ص.
(14/331)
وكذلك إن قال لست من الموالي، وقاله أصبغ.
وقال أشهب لا يحد وهو كمن قال لمولي قرشي أنت مولي معافري، فليس كمن أخرجة
إلي غير جنسه، والدراية بالشبهة أسلم.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في القائل لست [من] (1) موالي فلان
مثل ما ذكر ابن المواز. قال ابن حبيب وقالا: هو قول مالك، وقاله ابن عبد
الحكم وأصبع، وقالا لي عن ابن وهب وابن القاسم عن مالك مثله.
قال ابن الماجشون: وذلك أنه إذا كان أبوه أو جده المعتق، ف: انه قال لست
لأبيك، ولو قال ليس أبوك مولي فلان وأبوه المعتق نفسه لم يكن عليه حد.
قال ابن الماجشون في موضع آخر من كتابة: إذا كان ابو جده المعتق فقال له
لست مولي فلان فذكر قول مالك هذا.
وقال عبد الملك: وأنا أحلفه ما أراد قطع نسبه، فإن حلف لم يحد وإن نكل حد،
بخلاف نكول من قام عليه شاهد بالقذف، فيحلف وينكل هذا (2) يسجن حتي يحلف
أنه لم يثبت عليه القذف. وفي الأول قد ثبت قوله وظاهرة قطع نسبه، ولكن له
منصرف يريده (3) فإذا نكل عنه حد قال ابن حبيب: وبقول ابن الماجشون وتفسيره
أقول.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لرجل من الموالي: ليس فلان أعتق (4) [أباك
وهو الذي اعتقه، فإنه يحد. ولو قال ذلك للأب: ليس فلان أعتقك] (5) أو لست
من مواليه لم يحد.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ف وهو الأنسب. وصفحت عبارة ص: فيحلف فيه كل هذا.
(3) في ص: يؤيده.
(4) عبارة ص: مولاك ليس فلان اعتقد. وهي مشوشة.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(14/332)
قال أصبغ: وقال ابن وهب في الوجهين لا يحد،
ويعاقب. قال محمد: أظن أصبغ وهم على ابن وهب لأنه روي عن مالك في القائل
لست من موالي فلان أنه يحد.
ومن قال لمولي يا ابن البربري وأصله غير بربري فأخرجة إلي غير جنسه، أو قال
يارومي أو يا ابن الرومي أو يا ابن النبطي أو يا فارسي (1) أو يا حبثي [أو
يا بن الحبشي] (2) وله أب في الإسلام فلا حد عليه، ويحلف ما أراد نفيه، ثم
ينكل علي قدر هيئة المقال له ذلك في الفضل، فإن نكل قال ابن القاسم: لا
أحده (3). وقال أشهب يحد (4).
قال مالك ليس للعجم نسب (5) ألا تري أنهم لا يتوارثون بها.
وقال ابن شهاب: ومن قال لرجل يا ابن القبطي وأبوه فارسي، أو يا ابن الفارسي
وابوه بربري، حد إذا كان نسبيا معروفا. قال مالك: في الإسلام.
قال محمد: وكذلك لو قال له: تزعم أنك فارسي ما انت بفارسي ولكنك بربري، فلا
يحد، ويحلف ما اراد نفيه، وينكل. ولو قال لمولي يا عربي يا عبد لم يحد.
__________
(1) في ص: يا قرسي. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: لا احبه وهو تصحيف.
(4) في ص وقال اشهب كذا وهو تصحيف كذلك.
(5) كذا في ف وهو المناسب. وفي ص: وليس للعجمي نسبها.
(14/333)
قال مطرف وابن الماجشون: من قل لمولي يا
جزار أو يا بن الجزار لم يحد. ونكل بعد أن يحلف بالله ما اراد نفيا.
وإن قال لعربي يا خياط أو يا جزار فلا حد عليه. وإن قال له يا ابن الخياط
أوي اابن الجزار فعليه الحد، إلا أن يكون في ىبائة من كان كذلك.
ومن قال لمولي يا فارسي أو يا ابن الفارسي أو يا ابن الفارسي لم يحد، ويعزز
ويحلف. وكذلك يابربري يا نبطي، أو قال في ذلك يا ابن (1)
قال أشهب: ومن قال لرجل من الموالي يانبطي فقال له إن كنت نبطيا فأنت ابن
زانية، قال: يعاقبان. محمد: يريد ولا يحدان. ولو قاله لعربي حد في ذلك كله.
قال ابن الماجشون: ومن قال لرجل في مشاتمة ليس لك أصل ولا فصل، فإن لم يكن
من العرب فعليه الأدب الخفيف مع السجن، وإن قاله لعربي (2) وكان ممن يعرف
ماله فعليه الحد لأنه قطع نسبه، وإن عذر بالجهل حلف ما أراد قطع نسبه وكان
عليه ما علي من قاله لغير عربي، وإن نكل حد.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن قال لرجل مالك من أصل ولا فصل، قال لا حد في
ذلك. قال أصبغ فيه الحد، وقيل إلا أن يكون من العرب ففيه الحد.
__________
(1) هنا بياض في ص بقدر كلمتين.
(2) في ص: وإن قال له يا عربي.
(14/334)
في المقذوف يرد الجواب على قاذفة
والمرأة تقذف زوجها أو غيره
ومن قذف المحدود أو ابن الملاعنة
قال ابن المواز قال مالك: ومن قال لرجل أراك زانيا، فقال أنت أزني مني،
وهما عفيفان. قال عليهما الحد. [وقاله يونس عن ربيعة] (1).
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن قال لرجل يا زانى فيقول الآخر أنت أزني مني،
فهما قاذفان. وليس قوله أزني مني إقراراً منه بالزنا ومحمله محمل الرد (2)
لما قال له.
وقال: لو قال لأمرأة: يا زانية، فقالت له: زنيت بك -كانا جميعاً قاذفين،
وليس بإقرار منها، ولكن رداً لما قال لها. وقال ابن القاسم: عليها وحدها
الحد، ولا أراه.
ومن العتبية (3) روي يحيي عن ابن القاسم أنها تحد في الزني وفي قذفه، فإن
أقامت رجمت بعد أن تجلد ثمانين جلدة في القذف، وإن كانت بكراً جلدت مائة
للزني وثمانين للقذف. وإن رجعت حدت للفرية فقط. وذكر عنه ابن المواز مثل
رواية يحي وقال: ولا حد عليه لها لأنها قد صدقته.
وقال اشهب: إلا أن ينزع ويقول غنما قلت ذلك علي المجاوبة ولم ارد قذفا ولا
إقراراً بالزني، فليجلد الرجل حينئذ ولا تحد هي في قذف ولا زني.
__________
(1) زيادة في ف.
(2) عبارة ص: ومحملة رد الرد.
(3) هنا في ص شطب علي العتبية، وهامش يصحح: كتاب ابن المواز. انظر البيان
والتحصيل، 16: 328. 329.
(14/335)
وقد أصبغ: يجلد كل واحد منهما لصاحبة وإن
نزعت عن قولها لأن كل واحد منهما قاذف للآخر، وليس قولها تصديقاً له ولكن
رداً عليه.
وروي يحيي بن يحيي عن ابن القاسم: من قال لامرأته يازانية فقالت: بك زنيت،
قال: لاشي عليها لأنها تقول اردت إصابته إياي بالنكاح، فيدرأ بهذا عنها
القذف، ولا يعد هذا إقراراً منها بالزني. قال أصبغ: يريد في الأجنبية، وليس
قولها تصديقاً بل هو جواب: تقول إن كنت زنيت فبك، ولها عليه حد الفرية، لأن
كل منهما قاذف.
قال عيسي عن ابن القاسم في ذات الزوج لا حد عليها للقذف، وعليه [الحد] (1)
إلا أن يلاعن. قال عيسي: لاحد عليه ولا لعان.
وقال ابن المواز: وروي عن ابن شهاب فيمن قال لرجل يا زان فقال له الآخر أنت
أزني مني أن ذلك قذف له وإقرار علي نفسه بالزني. وهذا يؤيد قول ابن القاسم
ومالك (2) وربيعة، وقالا: بل الحد عليها جميعاً، وإلي هذا نزع أصبغ.
قال ابن حبيب قال اصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لنصراني يا ابن المشركة
الزانية (3)، فقال له النصراني بل أنت، إنه يحد النصراني ثمانين جلدة.
ومن كتاب [ابن المواز والعتبية (4) رواية] أصبغ عن ابن القاسم قال: ومن قال
لنصراني يا ابن الفاعلة، فقال له النصراني أخزي الله ابن الفاعله. قال ابن
القاسم فليحلف النصراني ما أردت قذفه، فإن نكل سجن
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: وابن مالك. وهو تصحيف.
(3) كذا في ص. وفي ف: يا ابن المشرك الزاني.
(4) البيان والتحصيل 16: 338.
(14/336)
حتي يحلف. وقال أصبغ: يحد النصراني ثمانين
لأنه جواب علي المشاتمة، فهو تعريض، ف: انة قال لها يا زانية فقالت زينب
بك. قال: ويعاقب المسلم. زاد في العتبية (1) غير أن المسلمين يحدان البادئ
والراد، وأما النصراني والمسلم فيحد النصراني ويعاقب له المسلم، لأنه لا
يحد له.
ومن كتاب ابن المواز: وقال فيمن أمة زانية فقال له رجل يا ابن الزانية،
فقال له أمك أشر منها، فقال فيها ابن شهاب: لا حد عليه وإن كان قد عرض،
ولكن لو قال أمك أزني منها جلد الحد.
قال مالك: ومن قذف من جلد في زني لم يحد. قال ابن القاسم: ويؤدب بإذاية
المسلم، وكذلك لو رجم فإذا ابنه يقذف أباه بالزني. ومن قال لرجل يا ابن
الزانية وله جدة لأمة قد زنت، قال مالك: لا يحد إذا حلف أنه لم يرد غيرها،
ويعاقب بإذايته له.
قال مالك: ومن قال لمنبوذ يا ولد زني أو يا ابن الزانية لم يحد وأدب، وإن
قال له يا زان حد. ومن قال لرجل يا منبوذ حد، إلا أن يقيم البينة أنه
منبوذ.
قال ابن حبي قال أصبغ: من قال لرجل يا أحمد فقال له أحمقنا ابن زانية، فهو
قذف من قائلة، لأنه جواب للشتم (2) واستتار عن القذف بذكر الحمق. كان
المقال له أحمق أو حليماً.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون عن مالك فيمن قذف من حد في الزني بعد أن
حسنت توبته لم يحد.
قال ابن حبيب قال مطرف: من قذف ابن الملاعنة بأمة أو أبيه
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 338.
(2) هنا في ص بياض بقدر كلمة.
(14/337)
فعلية الحد. وكذلك من قذف المحمول بأمة أو
بأبيه، أو اللقيط بأمة أو أبيه. وأما من قذف المنبوذ بأمة أو بأبية فلا
عليه. ومن قذف ابن أم الولد بأمة لم يحد وعزر، وإن قذفه بأبيه حد، وقاله
كله ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال لابن الملاعنه يا ابن زانية حد، وإن
نفاه من أبيه في مشاتمة حد. ولو قال لها زوجها (1) بعد اللعان يا زانية،
فقال ابن شهاب: يحد إذ ليست بزوجة له. قال محمد: لا حد عليه.
وقال ابن قسيط (كذا) من قذف امرأته [بعد موتها] (2) إنه يحد ويرثها، وقاله
عبد الرحمن بن القاسم [بن محمد بن أبي بكر] (3)
جامع في التعريض
وما يجب به حد القذف
ومن قال زني فرجك
من كتاب مابن المواز قال محمد: من السنة أن لا يحد حد القذف إلا في قذف
مصرح أو بنفي أحد من أحد آبائة أو تعريض يري أنه لزني أو نفي أو يظهر حمل
بامرأة غير طارئة تدعي تزويجاً أو اغتصاب. وقاله مالك. وقد جلد عمر في
التعريض الحد وقال حمي الله لا تدعي جوانبة.
__________
(1) في ص: قال له زوجها. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) زيادة في ف هكذا. وهو تصحيف. ولعله: ومحمد بن أبي بكر. وإلا فابن
القاسم هو عبد الرحمن ابن القاسم بن خالد بن جنادة.
(14/338)
قال ابن شهاب: إن من التعريض البين ما يبلغ
به الحد. قال: ومن قال لرجل في مشاتمة إنى لعفيف الفرج، وما أنا بزان، وما
يطعن في فرجي ففي ذلك الحد وقاله لي عبد الملك.
وإن قال له إنك لخبيث الفرج فعليه الحد، وقاله غير واحد من العلماء.
وإن قال له في مشاتمة يامستور الجدران ثم قال أردت ستور جدران النخل، فقد
بلغني أن عمر عبد العزيز جلده وقال: ما النخل بالجدران (1) قال مالك: ولا
أري في هذا حداً، وفيه النكال. وكذلك في العتبية (2) من سماع ابن القاسم.
وكان مروان ربما نزع ثنيتي لرجل يقبل المرأة.
قال ابن وهب: بلغنى عن مالك فيمن قال لرجل يا ابن العفيفة (3) أنه يحلف ما
أراد القذف ويعاقب. وقال أصبغ إن قاله علي وجه المشاتمة إن أمك لعفيفة [حد]
(4).
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: من قال لرجل في مشاتمة يا ابن
العفيفة فعلية الحد، وقاله أصبغ، وقال ابن وهب إنه قول ابن شهاب.
قوال ابن الماجشون: من قال لامرأة في مشاتمة إني لعفيف فعليه الحد [وإن
قاله لرجل فعليه الحد] (5) إلا أن يدعي أنه أراد عفيف التكسب أو المطعم (6)
والمال فيحلف ولا حد عليه وينكل، لأن المرأة لا يعرض لها بذكر العفاف إلا
في الفرج، والرجل يعرض له بذلك في غير وجه في المال
__________
(1) هنا في ف جملة زائدة عما في ص لكنها مطموسة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 278.
(3) في ص: الخفيفة. لكنها كررت بعد: العفيفة كما في ف.
(4) ساقط من ص.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(6) في ص: المعظم وهو تصحيف.
(14/339)
واللسان الفرج والمال، فيحصل علي أشده،
ويخرج من ذلك بيمينه، ثم ينكل.
وقال عبد الملك فيمن قال في مشاتمة إنك لعفيف الفرج فإنه يحد. وكذلك إن
قال: ما أنا ممن يطعن في فرجي. قلت: فإن قال له إني لعفيف. قال إن كان في
مشاتمة حلف ما أراد الفرج وأدب، وهو في الرجل أخف منه في المرأة.
وقال ابن القاسم فيمن قال فعلت بفلانة في أعكانها وبين فخذيها فإنه يحد،
وقال اشهب لا يحد.
قال ابن القاسم: من قال لرجل زنت يداك أو رجلاك فإنه يحد، وقال أشهب لا
يحد. وقالا في زني فرجك إنه يحد.
ومن قال لمجبوب يازان لم يحد، إلا أن يقول زنيت قبل أن تجب، ولا يحد إلا أن
يعلم أنه جب بعد الكبر فهو مسلم حر. وقد قال ابن القاسم: فإذا علم أنه جب
في صغره لم يحد.
قال ابن القاسم: ومن قال في امرأته لم أجدها لم أجدها عذراء حين بني بها او
بعد فراقها لم يحد، ويحلف ما أراد الفاحشة. وكذلك لوقالته امرأة لامرأة،
وقد تذهب العذرة من النورة (1) والحيض وغيره.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية (2) من سماع ابن القاسم فيمن قال لآخر في
مشاتمة: أبي خير من أبيك [وأمي خير من أمك] وما احس مفتضل (3) رأسي، فقال
له الآخر هلم أباك الذي تزعم أنه أبوك، فهذا من
__________
(1) بعدها كلمة مطموسة في النسختين.
(2) البيان والتحصيل، 16: 327. 328.
(3) كذا في ص. وفي ف م يشبه شقيقاً. وكلاهما غير واضح.
(14/340)
يعرف ابي وأمي ويعرف أباك وأمك. قال: قوله
الذي تزعم أنه أبوك انكر ما قال، ثم قال: العفو في مثل كله أمثل، وأما الحد
فلا.
ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم وعمن لقريب له في شر، وجدته أخت أبيه،
فقال له: إن نسبك مني بعيد. قال مالك: فما أري في هذا [شيئاً. ومن قال لرجل
يابن أمي، فقال له ابن أمك الشيطان، فليس هذا] (2) بفرية، فهذا من كلام
السفهاء. قيا فيؤدب؟ قال إنه لخفيف وهو أذي.
ومن سماع أشهب من العتبية (3) وكتاب ابن المواز: ومن أشهر بامرأة في شعر ثم
قال قولاً قلته لا أصل له عندي، قال: لا حد في هذا غلا في الشئ البين
[ففيه] (4). [قال ابو بكر بن محمد: المعروف من قول أصحابنا أنه يعتبر شعره،
فإن كان فيه تعريض القذف حد] (5)
ومن العتبية (6) من سماع عيسي عن ابن القاسم: ومن قال لرجل في منازعة إنك
لعظيم في نفسك، فقال الآخر وما يمنعنى وأما معروف الحب والنسب، فقال له
صاحبة: هذا تعريض. قال: هذا مثل مسالة مالك التى تقدمت في الذي قال هلم
اباك الذي تزعم أنه ابوك، فقال: قد قال عظيما وما أري فيه الحد. قال ابن
القاسم: فهذا عندي اشك، وليحلف ما أراد نفيا ولا يحد.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 275.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 287.
(4) ساقط من ص.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط أيضاً من ص.
(6) البيان والتحصيل، 16: 327.
(14/341)
وروي عنه ابو زيد فيمن [قال لجماعة] (1)
والله ما تروني إلا ولد زني وأنتم اولاد حلال معرضاً، واشباه هذا. قال: إن
كان بينهم عداوة حلف ما أراد قذفاً، وإن لم تكن عداوة فليحلف أيضاً (2) ما
أراد الفاحشة.
وعمن قال لرجل في مشاتمة ما أعرف أباك وهو يعرفة، قال: يحد ثمانين جلدة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن قال لرجل ما أأعرف أباك فما أنكر
فليرفعة إلي السلطان. قال محمد: ولو قال ما يعرف أبوك لحد.
وروي أبو زيد عنه: ومن قال رأيت فلاناً مع فلانة في بيت او قال على بطنها
أدب أدباً وجيعا. وكذلك لو قالخ لزوجته وقال رأيتها معه في لحاف، أدب ولا
يبلغ به الحد.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لرجل رأيتك تطلب امرأة في أثرها أو تطردها أو
تقبلها أو اقتحمت عليها أو دخلت علي فلانة، فلا حد عليه شئ من ذلك، لأنه
يمكن ان يكون بلا زني، فهو شتم وكذلك لو قال رأيتك معها في ثوب أو لحاف أو
علي بطنها أو في مقعد الرجل من امرأته فلا حد في ذلك، ويحلف ما أراد قذفا
ويؤدب.
وفي المدونة: إذا قال له جامعت فلانة بين فخذيها فهو تعريض بين، وفيه الحد.
وقال اشهب لا يحد في التفخيد لأنه صرح بما رماه به.
ومن العتبية (3) روي أبو زيد عن ابن القاسم: ومن قال لامرأته قد سرحتك (4)
من زنى فإنه يحد ولا طلاق عليه.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16:345.
(2) غير واضحة في ع ويمكن أن تقرأ هكذا. وفي ص مطموسة.
(3) كذا في. وفي ص: البطرق – بالباء.
(4) ساقط من ع.
(14/342)
قال محمد والعتبي قال ابن القاسم عن مالك
في مولي قال لعربي أنا خير منك أصلاً وفصلا وأقرب برسول الله فلم ير فيه
حداً، وقال: ما أري من أمر بين، والعفو فيه أفضل. ومن قال مالك من أصل ولا
فصل فلا حد في هذا.
قال العتبي قال أصبغ: فيه الحد، وقيل إلا أن يكون من العرب ففيه الحد.
قال مالك: ومن قال لمولي ياابن المطرق (1) لم يحد، ويحلف ما أراد قذفاً
وينكل.
قال: ومن قال لرجل أنا أقذفتك أو افتري عليك فلا يحد، ويحلف ما أراد
الفاحشة.
قال ابن حبيب قال مطرف فيمن قال لرجل في منازعة أتكلمنى وقد نكحت أمك أو
كانت زوجتى؟ قال مالك: إن لم تقم بينة أنه تزوجها فعلية [الحد] (2) للقذف.
وقال ابن الماجشون: لا يحد، ويعاقب أشد العقوبة، لأنه لو جاء بشاهدين على
نكاحه كفاه. ولو كان قذفا لم يخرج من الحد إلا بأربعة.
قال ابن حبيب بقول مالك لأنه تعريض بين لأن النكاح يسمي وطئاً، فلو كان في
غير منازعة لم يحد، كما لو قال له في غير منازعة ما أنا بزان ولا أمي
بزانية لم يحد، وقال أصبغ وذكره عن ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز: من قال لرجل أنا جامعت أمك حد إن كانت حرة مسلمة، إلا
أن يقيم بينة أنه تزوجها تزويجا حراماً أو في عدة أو وطئها فيما لا يجوز له
أن يطأها من ظهار وغيره، فإن أقام بينة بذلك
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ص.
(14/343)
حلف أنه الذي أراد ولا يحد. كما لو قال ذلك
في نفسه. وإن قال له رأيت فلا يصيب أمك حلالاً، فإن كان علي المشاتمة فعليه
الحد.
ومن قال لرجل أنت تزنى بامرأتك أو أنت مقيم معها حراماً أو بأمتك فلا حد
عليه، ولقد آذي فيؤدب له.
ومن قال لرجل يا فاعل بأمة فإنه يحد. وروي عن أبي هريرة أنه قاله. وذكر ابن
حبيب أن الثوري [روي] (1) عن أبي هريرة فيمن قال يا نايك أمه، فجلده ابو
هريرة ثمانين.
ومن وقع بينهم كلام فكشف عن فرجه وأشار إليه فقال له إن أمك وأختك لتعرف
هذا، فعليه [الحد] (2) وقد نزل هذا بالمدينة فضربة عبد الملك ابن مروان
وسعيد بن العاصي ثمانين، وذكره بكير (3)
ومن قال يا ابن منزلة الركبان فإنه يحد، لأنه كان في الجاهلية إذا طلبت
المرأة الفاحشة أنزلت الركبان. قال يحيي بن سعيد: جلد مروان في ذلك الحد
قال ومن قال يا بن ذات الراية حد. وكان في الجاهلية على باب المرأة البغي
راية. وقد جلد عمرو بن العاص في ذلك الحد.
قال: وإن قال له يا ذا الذي تزعم المرأة أنه اغتصبها أو يزعم الصبي أنه
نكحة،، قال: إن كان في مشاتمة فعليه الحد.
__________
(1) بكير بن عبد الله ابن الشج من أهل المدينة وأعلم عصره بالحديث توفي
بمصر عام 122 هـ (أعلام الزركلي).
(2)
(3)
(14/344)
قال: ومن قذفه رجل فاستاذي (1) عليه فحده
أو تركه أو عفا عنه، ثم خاصم رجلاً فقال له قد سمعت فلاناً يقول لك يا زان
فمالك لم يستأذ عليه، فإنه يحد [يحد] (2) قال له [ذلك] (3) في الوجهين،
لأنه كأنه قال له صدق عليك فلان
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لرجل أنا افتري عليك أو أنا اقذفك قال: لا حد
عليه، ويحلف أنه ما أراد الفاحشة.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قول مالك إذا عرض الأب بابنه بالزني لم
يحد، بخلاف غيره. وإنما يحد إذا صرح، كالقصد إلي القتل وهو يجوز عفوه عن
القذف وإن لم يرد ستراً – يريد عند الإمام – قال ابن الماجشون: [فيمن قال
لرجل في منازعة أنا فلان بن فلان لا يعرف، فإن قاله لرجل مجهول بالبلد فلا
شئ] (4) عليه، وإن كان معروفاً بالبلد حد.
قال: وحدثنى الحنفي عن ابن أبي ذؤيب فيمن قال لامرأة يا حدودية (5) قد
طلقتك زوجك فهو يطئوك حراما، فإن عليه النكال.
قلت: لأصبغ فيمن قال لرجل يا زانى فيقال له قذفته فيقول إنما اردت زنوت
الجبل أي علوت فيه. والزانى في كلام العرب الذي يعلو الجبل، قال عليه الحد،
ولا يقبل منه إلا أن يكون كائنا في تلك الحال، وتبين أنه الذي أراد ولم
يقله في مشاتمة. اصبغ يريد ويحلف القائل زنات الجبل. وهو مهموز.
__________
(1) في ص: فاستأذن. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضا من ص.
(4) ما بين معقوفتين من ص.
(5) في ص حروف متقطعة (باب وف) لا معنى لها.
(14/345)
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال زني فرجك أو
دبرك حد، قال ذلك لرجل أو لامرأة.
فيمن قال لرجل يا ولد الخبث أو يا خبيث أو يا خبيث الفرج
أو يا ابن الخبيثة أو يا بن اللخناء أو يا قرنان
أو قال يا لوطي أو لمرأة يا قحبا وشبه ذلك
أو قال يا فاسق أو يا فاجر أو قال لا خير منك أو يا مخنث
من كتاب ابن المواز ومن العتبية (1) وروي أصبغ وعيسي عن ابن القاسم فيمن
قال لرجل يا ولد زني، وعلي ذلك يجري ذلك في المشاتمة. قال عنه فيه: إن قال
له يا خبيث الفرج، أو قال أنا اعف منك فرجاً إنه يحد، قال أصبغ: إن كان في
مشاتمة وغضب.
ومن كتاب المدنيين من العتبية قال ابن القاسم: وإن قال له يا بن الخبيثة أو
يا ابن اللخناء (2) فليس عليه في ابن اللخناء إلا الأدب، لأنها القذرة،
وذلك بقدر حالها، ليس يقال ذلك لابن أمة عربية أو ذات دين أو من صالحي
الموالي، مثل من قال لابن أمة نصرانية أو سفيهة (3) في مبلغ الأدب [وأما
قوله يابن الخبيثة فإنه يحلف ما أراد قذفا ويؤدب، لأن الخبيث] (4) يخرج إلي
غير الحد وبلغنى ذلك عن مالك، وقاله ابن كنانة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 339 – 340.
(2) الأمة اللخناء: التى لم تختن. ومن شتم العرب يا بن اللخناء أي يا دنئ
الأصل أو يا لئيم الأم. قاموس.
(3) كلمة غير واضحة تقرأ هكذا في ف، وتقرأ نحو سفلة في ص.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(14/346)
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قال
لرجل في مشاتمة يابن العفيفة فقال له الاخر يابن الخبيثة، فعلي القائل يا
بن العفيفة [الحد] (1) إن كانت أمة حرة. وأما القائل يا ابن الخبيثة فليحلف
ما أراد الزني، فإن حلف ادب، وإن نكل حد. وإن قال له يا خبيث الفرج فعليه
الحد.
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في ولد الخبيث يحد، وإن [قال] (2) يا
ابن الخبيثة حلف ما أراد القف وأنه أراد خبثا في فعل أو خلق [ونكل] (3) فإن
نكل سجن حتي يحلف. وكذلك إن قال يا ابن الفاسقة أو الفاجرة، فإن طال سجنه
ولم يحلف اوجع أدباً وخلي. قال ابن الماجشون: فهذا كله إذا نكل حد، وبه
أقول.
قال ابن حبيب وابن المواز وقال ابن الماجشون عن مالك فيمن قال لرجل يا
مخنث، قال في كتاب ابن حبيب: فإن كان في كلامه توضيع أو لين (4) أو يعمل
عمل النساء. قال في كتاب ابن المواز. أو كان في يديه [رصيع] (5) حلقة فيه
أو لين في كلامه أو يعمل من عمل النساء شيئاً (6)، قال في الكتابين: أحلف
ما أراد الفاحشة ونكل، وإن لم يكن في الرجل شئ من ذلك حد له.
قال ابن حبيب وروي عن ابن أبي أويس أن عمر بن عبد العزيز لم ير فيهالحد،
إلا أنه جلد فيه جلداً أشد من الحد. (7)
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) ساقط من ف.
(4) كررت (في كلامه) بعد لين في ص.
(5) زيادة في ف.
(6) كذا في ف وهو الأنسب. وعبارة ص: في كلامه أو من علم النساء شئ.
(7) صفحت عبارة ص هكذا: جلد فيه السيد من الحد.
(14/347)
وذكر ابن المواز من رواية ابن وهب قال:
وقال رجل من العلماء إنه إن شاء قال: قلت [إنه] (1) مخنث الجسد أو المنطق.
قال في كتاب ابن المواز: وكذلك إن قال له يا مؤنث وفيه لين الكلام خلقه أو
غيره مما يشبهه فليحلف ويؤدب.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية (2) من سماع ابن القاسم: فيمن قال لرجل يا
مجلود، فقال له الآخر إن كنت مجلوداً فأنت فاسق، فقامت البينة أنه مجلود.
قال: فعلي القائل فأنت فاسق الأدب الخفيف.
وقال في عربي وقرشي يقذفه فقال القرشي: أنا خير منك وأقرب إلي رسول الله
صلي الله عليه وسلم [فقال له العربي بل أنا خير منك وأقرب إلي رسول الله
صلي عليه وسلم] (3) قال: ما أري في هذا حداً، والعفو أفضل.
قال ابن القاسم في مولي قال لعربي لست لي بكفء فلا حد في هذا وقاله مالك في
مولي قال لعربي أنا خير منك وأقرب نسبا لرسول الله، فلا حد في هذا.
قال ابن القاسم: وكذلك الرومي يقول للعربي أنا خير منك وأكرم حسبا فلا حد
فيه، إنما الحد في قذف أو نفي أو تعريض.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في عربي نازع مولاه، فقال له العربي:
إنما أعتق أبوك أمس، فقال له المولي: أنا أقدم منك في العتق ومن أبيك. قال:
لا حد في هذا وينكل ويحبس، كما لو قال أنا خير منك وقاله مالك.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 16: 270
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(14/348)
قال ابن وهب: وإن كان إنما أراد في قوله
أقدم منك في العتق أن اباك (1) معتق فعليه الحد، وإن أراد أقدم في الإسلام
وشبهه فلا حد عليه.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: إن قال عربي لعربي أنا خيرمنك لم
يحد، فكذلك لو قاله لمن فوقه في العربي من قرشي أو غيره (2) أو قاله لمثله.
وكذلك إن قاله مولي لمولي.
ولو قاله مولي لعربي لحد، وكأنه قال له: لست من العرب. فإن قال أردت أنا
خير منك عند الله، فإن كان مثله يشبه أن يكون كذلك ألف ولم يحد. وإن قاله
سفيه (3) لا يشبه مثله ما قاله حد ولم يصدق. وإن قال ابنا عم من العرب (4)
أو من قريش أحدهما للآخر أنا خير منك فعليه الحد، إذ لا مذهب (5) له هاهنا
إلا النقل من نسبه، إلا أن يقول اردت اني خير منك ديناً ومثله يشبه ما قال،
فليحلف ولا يحد وقاله أصبغ.
قال محمد: ومن قال لرجل ياقرنان فعليه الحد إن قامت به امرأته، لأن يا
قرنان إن عليه الحد لأنه أراد الفاحشة، ولم ير يحيي بن عمر فيه حداً. قال
يعزر عشرين سوطاً. وإن قال له يا مواجر (6) بارت إجارتك، [إن] (7) قاله على
المشاتمة فعليه الحد. وروي أشهب عن مالك في قوله يا مواجر أنه يحد.
__________
(1) في ص: أن أراد. وهوتصحيف.
(2) كذا في ص ز وعبارة ف: فوقة من العرب قريش وغيره.
(3) في ص: سفها وهو تصحيف.
(4) صفحت عبارة ص: يزعم من العرب.
(5) في ص: إذ المذهب. وهو تصحيف.
(6) في ص: يا فاجر.
(7) ساقط من ص.
(14/349)
قال في كتاب ابن المواز: ولو قال يا فاجر
فقط لم يحد، وكذلك يا فاسق، وفيه الأدب. وإن قال يا خبيث حلف أنه ما أراد
القذف ونكل. وإن نكل، قال ابن القاسم يحبس، وقال أشهب: يحد إن لم يحلف ما
أراد القذف ولا خبث الفرج، كقول مالك في قوله يا مخنث، وإن نكل حد، وإن حلف
عوقب.
قال أشهب: وكذلك في يافاسف يا فاجر، وكذلك يا بن الفاسقة أو الفاجرة أو
يابن الخبيثة، فإن لم يحلف] (1) عنده لم يحد وحبس حتي يحلف، فإن طال حبسه
نكل وخلي.
قال ابن القاسم: وينكل في قوله يا بن الفاجرة أو الفاسقة ولا يحلف في ذلك.
وقال اشهب: يحلف في ذلك وفي قوله: يابن الفاجر والفاسق أو يابن الخبيث،
يحلف ما أراد نفيه من أبيه ولا أراد قذفا لأبيه، فإن حلف نُكِّل، وإن لم
يحلف حد. والنكال بقدر اجتهاد الإمام في حالات الناس، منهم المعروف بالأذي،
ومنهم ذو الهوة، ويختلف (2) فيمن يقال [له] (3) ذلك أيضاً من ذوي الحال.
قال أشهب نحو قول ابن القاسم في قوله يا فاجر بفلانة إنه يحد إن لم يظهر
لقوله سبب منعه بها بينة (4) في مال جحدها إياه يدعي أنه أراد ذلك فليحلف
على ذلك.
قال أشهب نحوه إذا قال يافاجر بفلانة أو يا فاسق بها أو يافاسق الفرج او يا
خبيث الفرج ففيه الحد في جميع ذلك وأدني حالات التعريض بالزني.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) صفحت في ص.
(3) صفحت في ص: ويحلف.
(4) ساقط من ص. كذا في ص. وفي قد ما يشبه: صيغة بها نسبه. ولا يظهر معنى
العبارتين.
(14/350)
قال ابن شهاب: من رمي رجلا بلواط حد، وقال
مالك في المدونة إنه إن رماه ببهيمة لم يحد، وادب، لأنه لايحد ناكحها (1)
وقال يحيي بن عمر: فيمن قال لامرأة يا قبحة إنه يحد، [أخبرنا أبو بكر بن
محمد قال: حدثنا أبو اسحاق البرقي وأبو زيد عن ابن ابي الغمر قالا: أخبرنا
اشهب أنه قال فيمن قال لرجل يا مواجر إن عليه الحد] (2)
قال ابن حبيب [أخبرنى الحنفي] (3) عن ابن أبي ذئيب في المرأة تقذف امرأة
[بامرأة] (4) أخري، قال تنكل (5) قاذفتها نكالا موجعاً.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن قيل له يا مابون (6) وهو رجل في كلامه
تأنيث يضرب الكبر ويلعب في الأعراس ويغنى ويتهم بما قيل.
أو قال له يا سارق وقد اتهم بالسر قة غير مرة واحدة وحبس فيها، أو قال يا
مقامر وهو مشهور بالقمار معروف به، فلا شئ علي أحد من هؤلاء، إلا القائل يا
مابون فلا مخرج له من الحد إلا أن يحق ذلك (7)
__________
(1) في ص: راكبها. وهو تصحيف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(3) ساقط من ص.
(4) زيادة في ف.
(5) أقحم اسم مالك بين قال وتنكل في ص.
(6) في ص: يا مانون. وتكرر التصحيف بعد ذلك.
(7) كذا في ف وهو أنسب. وفي ص: إلا نحو ذلك.
(14/351)
فيمن قال لامرأة زنيت في صباك أو في كفرك
[أو مكرهة] (1)
أو زني هذا ثم ادعي أنه أراد هذا
من كتاب ابن المواز: ومن قال لامرأة زنيت وأنت صغيرة او أمة أو نصرانية،
فقال ابن القاسم يحد، وهو تعريض وإن أقام بينة بما تقدم من ذلك. وكذلك عنده
لو قال لها زنيت فلما طولب أقام البينة بأنها زنت وهي نصرانية أو صغيرة،
قال: لا ينفعه ذلك.
قال مالك: واما إن أقام بينة أنها زنت وهي أمة فإن ذلك ينفعه ولا حد عليه،
وتحد هي حد الأمة خمسين جلدة. وإن لم تقم بينة حد هو للقذف، وقاله ابن
القاسم في الأمة، قال: وأما في الصغيرة والنصرانية فلا تنفعه البينة
[شيئاً] (2). ثم قال زنيت في صغرك أو نصرانيتك أو لم يسم، لأن الذي تقدم لا
يكون زني وقد حصل إما قاذفا أو معرضا.
قال عبد الملك في ذلك كله: إن أقام البينة لم يحد، وإن لم يقم بينة حد وإن
سمي [وقال اشهب: إن سمي] (3) فقال في صغرك او نصرانيتك أو رقك، فإن كان في
غير مشاتمة لم يحد، وإن كان في مشاتمة حد إلا أن يقيم البينة.
قال ابن وهب قال عطاء وابن شهاب: إذا رماها بما كان في الجاهلية نكل، وقاله
مالك. قال محمد: وأراه قد سمي زناها في الجاهلية وكان ذلك قد عرف من فعلها
ببينة، فأما إن لم يسمه ولكن قذفها، فلما طولب أقام بينة بزناها في الشرك
فلا تنفعه، رواه ابن القاسم عن مالك،
__________
(1) زيادة في ف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(14/352)
وقاله ابن القاسم وأشهب وعبد الملك كما
قدمناه. وقول ابن القاسم أقيس، وقول أشهب استحسان، وأحب إلينا إن كانت له
بينة لم يحد، وعليه جماعة من أصحاب مالك وغيرهم.
وأما إن قال قذفتك وأنت نصرانية، فقال أشهب إن كان في مشاتمة حد، وإلا لم
يحد. وقال ابن القاسم: يحد إلا أن يكون منه على التحلل
وإن قال: رايتك تزني مستكرهة، [قال يحد وإن أقام البينة، لأنها ليست بذلك
زانية. ومن قذف مستكرهة] (1) حد، ولو كانت زوجة له لا عن وإلا حد، قاله ابن
القاسم.
وقال هو واشهب: من عرض لامرأته بالزني فإنه يحد إن لم يلاعن.
في الصغير والعبد والكافر والمجنون يقذف أو
يقذف،
وحد البلوغ ومن قذف طارئاً لا يعرف
ومن قذف عبداً أو أمة اقتص منه وهو قد اعتقد ولم يعلم
أو قبل أن ينفذ في الثلث
من كتاب ابن المواز: وقال في التى لم تحض قط يقذفها رجل فإن عليه الحد إذا
كان مثلها يوطأ. قاله مالك وأصحابه. وإذا قذفته هي لم تحد إذا لم تحض
وأنبتت الشعر كما يحد من زني بها ولا تحد هى. وأما الغلام فلا حد له ولا
عليه في قذف إلا بالحلم أو نبات الشعر، كما
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
12 - النوادر والزيادات 14
(14/353)
لا يحد هو في وطئة ولا الموطوءة (1) وقاله
يحيي بن سعيد وابن شهاب ومالك والليث والأوزاعي.
وروي ابن وهب وابن القاسم عن مالك في الغلام يقذف رجلاً فلا حد عليه حتي
يحتلم أوي نبت الشعر س. وإن سرق هو وصبيه صغيرة لم يحداً إلا يالاحتلام في
الغلام أو تحيض الجارة أو ينبت الشعر. فإن أبطأ الحيض والاحتلام فحتي يبلغا
سنا لا يبلغه أحد غلا بلغ ذلك من احتلام (2) أو حيض، كانا مسلمين او حرين
او ذميين او مملوكين.
قال ابن حبيب: ثمانين عشر عاماً أقصي السن الذي يجب به الحد في تأخير الحيض
والإنبات. قال الأبهري: والاحتلام في المرأة بلوغ.
وفي كتاب السرقة باب في هذا.
ومن كتاب ابن المواز: وقال في النصرانبي يحد إن قذف مسلماً، ومن قذفه هو لم
يحد قاذفه مسلماً أو كافراً وكذلك العبد لا حد عليه إن قذفه مسلم أو كافر ـ
ويحد هو في قذفه المسلم الحر، يحد أربعين. وأم الولد والمدبر ومن فيه بقية
رق بمنزلته.
ويؤدب قاذف المملوك والنصرانى، وإن قال ذلك علي قدر ما يعرف به من الأخري.
قال ابن شهاب: ولم يكونوا يؤدبون الحر في قذف المملوك، وأنا اري أن يصرف
(3) الإمام عنهم الأذي بالأدب، بقدر سفهه وحالة سيما إن كان للعبد أو للذمي
ولد ميلم أو زوج للنصرانية حر مسلم، فهو أقوي في أدبه.
__________
(1) في ص: وأما الموطوءة. وهو تصحيف.
(2) في ص: في الاحتلام. وهوتصحيف.
(3) (بصرف) غير واضحة في ف. وهي مقتضي السياق. وفي ص: أن يؤدب.
(14/354)
وقال مالك والليث مثله في هذا إنه يعزر،
وقاله ابن المسيب والقاسم وسالم وربيعة وسليمان ويحيي بن سعيد. وجلد عمر
ابن عبد العزيز رجلاً قذف نصرانية لها ولد مسلم بضعاً وثلاثين سوطاً، وذكر
ابن حبيب مثله.
قال في كتاب ابن المواز قال يحيي بن سعيد: وأما من نفي أولادهم فإنه يحد.
قال مالك: وكذلك لو قال لنصرانية أو أمة يا زانية ولها ولد مسلم إنه يعزر.
قال محمد: وكذلك النصراني والعبد يقال له يازان وله ولد مسلم إن فيه
التعزير.
قال مالك: وإن قال لرجل يا بن الزانية وقد هلكت أمة مشركة (1) إنه يعزر.
[وقال ابن حبيب] (2) عن أصبغ فيمن قال لمسلم أمة نصرانية يا ابن الزانية،
قال ابن القاسم: فإن [كان] (3) ذا هيئة عزر له عشرين سوطاً ونحوها، وإن كان
لا هيئة له فدون ذلك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ولو أسلمت النصرانية وعتقت الأمة ولم يظهر
ذلك حتي قذفتا (4) إنه يحد قاذفهمها. قال مالك: وقذف [رجل] (5) بأمة وهي أم
ولد [في] (6) ولاية عمر بن عبد العزيز فأخبره أباه فأعتق أبوه أمه ثم عاد
متعرضا له حتي قذفته ثانية فرفع إلي عمر فحده.
وقال ابن حبيب قال ابن الماجشون في حر قذف عبداً إنه لا يعزر به إلا أن
يكون قد نهي عن أذي هذا العبد (7) أو يكون رجلاً فاحشا معروفاً بأذي الناس
فيؤدب، ويكون ذلك زجراً عن هذا العبد وغيره. وكذلك في قذف المسلم للنصراني.
__________
(1) كذا في ف. وفي ص: مسلمة.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضا من ص.
(4) في ص: قذفوا. وهو تصحيف.
(5) ساقط من ص.
(6) ساقط من ف.
(7) هناك كلمة مطموسة.
(14/355)
قال ابن الماجشون في مواضع أخر من كتاب ابن
حبيب: وإن زني عبد عبداً لم يحد وأدب، وكذلك إن زني حر عبداً لم يحد وأدب.
وإزني حر وعبداً حراً حداً جميعاً، هذا ثمانون وهذا أربعون.
وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم في امرأة قالت لأمتها يا زانية فقال لها
النبي صلي الله عليه وسلم: إن لم نجلدك في الدنيا جلدتك في الآخرة. فقالت
لأمتها اجلدينى فأبت وقالت: عفوت عنك، فأعتقتها وأخبرت النبي صلي الله عليه
وسلم فقال: عسي (1).
قال الأوزاعى: إن كانت كذلك وإ حدث لها يوم القيامة. ومن قاله لكتابية أو
مجوسية سئل عن ذلك يوم القيامة
قال ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم واصبغ فيمن قال لعبد يازان فيقول
العبد بل أنت، إنه يحد العبد وينكل الحر.
وروي عيسي عن ابن القاسم عمن قذف مسلماً ابواه نصرانيان [فإن كان] (2) ممن
له هيئة جلد عشرين فأكثر، وإن كان لا هيئة له فأدني من ذلك، يريد شتمه ولم
ينفه ولا قذفه بالزني أو قذف اباه او امه.
ومن كتاب ابن المواز: وعن الغريب يقدم فينتمي غلي قوم فنفاه رجل منهم، قال:
فعلي المقذوف في هذا أن يقيم البينة على نفسه. وقاله ابن وهب وأشهب. وقال
محمد: وإن طال مقامه بالبلد الزمان الطويل حتي انتشر ذلك عند الناس وعرف به
ثم أخرجه أحد منهم فإنه يحد.
وقال ابن القاسم [عن مالك] (3): والناس في أنسابهم على ما حاوزا وعرفوا به
كحياوة ما يملكون. ومن ادعي غير ذلك كلف البينة وإلا حد.
__________
(1) في كتاب الحدود من صحيح البخاري: من قذف مملوكه وهو برئ مما قال جلد
يوم القيامة
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضا من ص.
(14/356)
ومن شهد عليه قوم فقال المشهود عليه هم
عبيد، فأما المجهولون بالبلد يعرف قدومهم فلا تقبل شهادتهم حتي تقوم بينة
بحريتهم مثل عدالتهم، وأما المعروفون بالبلد البارون بها (1) فهم احرار على
ما حازوا وعرفوا بها. قال ابن القاسم: بل هم أحرار ابداً، مثل الذي قذف
الرجل وقال إن أمة أمة أو نصرانية فلا يقبل قوله، وهي حرة حتي يقيم هذا
البينة أنها أمة.
قال فيه وفي العتبية (2) من سماع ابن القاسم في الأمة تعتق في وصية فيقذفها
رجل بعد موت سيدها قبل تنفذ في الثلث، إنه لا يحد وإن كان في المال سعة، ثم
رجع فقال: إن كان له مال مأمون حد، وترث وتورث، وقاله عيسي بن دينار.
قال مالك أيضاً: وكذلك في العبد لا يحد قاذفة وإن ترك سيده مالاً مأموناً
حتي تنفذ حريته، وإلا لم تجب له موارثه الأحرار، ولا يحد قاذفه واختلف فيه
قوله.
ومن كتاب ابن المواز في هذا العبد يقفذه رجل قبل يعتق في الثلث الرجل (3)
أو أمة حامل من سيدها بعد موته ولم تكن ولدت منه (4) قبل ذلك. فأما هذه
الحامل فيحد قاذفها إن تبين حملها، ولم يختلف فيه قول مالك. وقد قيل له
أتؤخر حتي تضع ولهله ينفش؟ فأنكر ذلك. واما الموصي بعتقه فلا يحد قاذفه وإن
نظر فيه بعد ذلك فخرج من ثلثه.
واختلف قول مالك فيه إذا ترك مالاً مأموناً من دور وعقار، فروي عنه ابن وهب
أنه لا يحد [قاذفه] (5) [حتي ينفذ في الثلث] (6) وإن ترك مالاً
__________
(1) كذا في ص. وفي ف: الثارون به.
(2) البيان والتحصيل، 16: 268.
(3) كذا في ص. في ف: في الرجل ولعله زائد.
(4) كذا في ف. وصفحت عبارة ص.: لم يكن وارث منه.
(5) ساقط من ص.
(6) ساقط من ف.
(14/357)
مأموناً، (وروى عنه ابن القاسم القولين
وأخذ أنه يحد قاذفه إن ترك مالاً مأموناً) (1) وإليه رجع مالك.
قال: وإن أعتق عبده وهو غائب ولم يعلم حتى قذف (أو قذف أو جرح) (2) أو جرح
فينفذ فيه القضاء على أنه عبد. ثم يثبت أنه قد كان حراً قبل ذلك، إنه يرجع
(به) (3) إلى حكم الحرية فيما له وعليه، ويتم (4) عليه الحد على ما تقدم في
حد في قذف أو زنى، وتحمل عاقلته ما يحمله الحر.
وإذا اقتص (له من) (5) عبد في قطع يد فإنه يرجع في ذلك فيقال لسيد العبد
المقتص منه إنما كان يلزم عبدك خمسمائة دينار تفديه بها أو تسلمه، فأنت على
ذلك، فافده أو أسلمه. فإن فديته فلك على الإمام ما نقص من قيمة عبدك، وإلا
فأسلمه ولا شيء لك في قطع يده، ويكون لمن أسلم إليه على الإمام قيمة (قطع)
(6) يده.
كما لو قتله قصاصاً بعبد ثم ظهر أن المقتول الأول حر، أو اقتص منه على أنه
حر ثم تبين أن الأول عبد، فعلى عاقلة الإمام دية الحر المقتص منه تؤخذ منها
قيمة العبد للسيد.
وأما إن اقتص من الحر على أنه عبد فقطعت يده للعبد ثم علم أنه حر فكذلك
أيضاً تكون دية المقتص منه على عاقلة الإمام، ويقال لسيد العبد إن شئت
فأسلم عبدك إن كان أبطله ويكون لك عليه قيمته صحيحاً يوم قطعت يده، وإن لم
يبطله فإنما (لك) (7) عليه ما نقص عبدك ولا شيء
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط أيضاً من ص.
(4) صحفت كلمة (ويتم) في ص: ديته.
(5) ناقص من ص.
(6) ناقص من ف.
(7) ساقط من ص.
(14/358)
له عليك أنت مما كان اقتص لعبدك من قطع
الحر، ودية الحر على عاقلة الإمام.
كما لو رجم من شهد عليه أربعة بالزنى ثم ظهر أن أحدهم عبد، وإن ألفي
المرجوم عبداً فقيمته في مال الإمام.
ومن العتبية (1) من سماع أشهب فيمن قذف رجلاً بزنى أمه وهو يعرفها أمة وقد
عتقت قبل ذلك ولم يعلم، أنه يحد. قيل قد قالت إن حلف أنه لم يعلم فقد عفوت
عنه، فذهب ليحلف فبدا لها. قال: فذلك لها، ويحد وإن كانت قد أشهدت على ذلك،
لأن عفوها في مثل هذا لا يجوز وإن ثبتت على العفو، إلا أن تريد ستراً
(يريد) (2)، وقد بلغ الإمام. قال: وروى ابن القاسم عن مالك أن العفو جائز.
ومن كتاب ابن المواز: وعن النصراني أو العبد يقذف المسلم ثم يسلم النصراني
ويعتق العبد مكانه، فإنهما يحدان.
قال مالك: يؤخذ إذا أسلم النصراني بحقوق الناس، ولو كان قتل نصرانياً أو
سرق منه أو قذف مسلماً فإنه يقام عليه بعد إسلامه فيقتل ويقطع ويحد للقذف.
وكذلك العبد يقام عليه حد العبد بعد أن يعتق، كان العبد مسلماً أو
نصرانياً.
ومن أخذ في زنى أو فرية أو شرب خمر فقال أنا مملوك. فأما في الزنى فيرجم إن
كان محصناً ولا يصدق، وإن (كان) (3) بكراً لم يقم عليه إلا حد العبد القذف
(4)، وكذلك في الفرية وشرب الخمر، لأنه لا يتهم أن يرق نفسه بهذا.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 289.
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ص. في ف: حد القذف.
(14/359)
قال محمد: وإن أقر بالرق لرجل (حاضر) (1)
أو قريب الغيبة سئل من أقر له، فإن ادعاه لم يحد في الجلد إلا حد العبد،
وأما في الزنى والقتل والقطع فلا يسقط عنه إلا بالبينة.
ومن (العتبية من) (2) سماع ابن القاسم: ومن قال لرجل يا ابن الزانية وهو
غريب لا تعرف أمه ويحتج بذلك القاذف، قال: إن كان مسلماً حد له القاذف. وقد
يقدم الرجل من خراسان وغيرها فيقيم السنين فهذا يحد قاذفه ولا يكلف بينة أن
أمه حرة أو مسلمة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قذف مجنونة في خبلها بالزنى حد، وهي لو زنت في
ذلك الحال لم تحد. قال محمد: ولو أصابها الجنون من صغرها حتى كبرت لم تفق،
لم يكن على من زنى بها حد، لأنها لا يعلق بها اسم (الزنى) (3) كمن جب في
صغره ثم قذف في كبره، وقال أصبغ عن ابن القاسم في كل من لا حد عليه إلا
الجارية لم تبلغ المحيض وبلغت الوطء، فليحد قاذفها والزاني بها، ولا تحد
هي.
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط من ص. وهو في البيان والتحصيل، 16: 281 – 282.
(3) ساقط من ص.
(14/360)
باب (1)
فيمن أمر رجلاً أن يقدف رجلاً
أو يقتله ففعل أو أمر عبده أو صبيه
ومن بلغ عن رجل قذفاً أو حمل إليه به كتاباً
من العتبية (2) روى عيسى عن ابن القاسم: ومن قال لعبده أو لأجنبي قل لفلان
إن فلاناً يقول له يا ابن الفاعلة ففعل، فإن قامت البينة أن الآمر أمره
بذلك فالحد على الآمر دون المأمور، وإن لم تقم بينة حد المأمور.
وإن قال له اقذف فلاناً ففعل، فأما في العبد فيحد هو والسيد، وأما في الحر
فيحد القاذف ولا يحد الآمر.
ومن قذفه عبد رجل فشكاه إلى سيده فقال أنا أمرته بذلك، قال: يحد السيد في
قول مالك. قال ابن القاسم: ويضرب العبد أيضاً.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن أمر غلامه بقذف رجل فقذفه أنهما يحدان جميعاً، سواء
قال له اقذفه أو قال له (قل) (3) يا ابن الفاعلة. ولو أمر أجنبياً أن يقذف
رجلاً ففعل فالحد على المأمور دون الآمر. وأما لو قال له (قل) (4) يا ابن
الفاعلة ففعل فالحد عليهما، لأنه وإن ثبت أنه أمره بذلك فقد قاله المأمور.
قال ابن حبيب: وهذا أحسن ما فيه، وقد اختلف فيه.
__________
(1) انفرد به فـ.
(2) البيان والتحصيل، 16: 304 - 305.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.
(14/361)
ومن كتاب ابن المواز: ومن حمل إلى رجل
كتاباً من رجل وفيه يا ابن الفاعلة فدفعه إليه، فإن كان يعرف ما فيه حد،
وهو أشد من التعريض.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن قال لرجل فلان بزعم أنك زان وأقام
بينة أن فلاناً قاله، فإن قاله الثاني مخاصماً أو مشاتماً حدا جميعاً، وإن
قاله مخبراً فلا حد عليه، وإن لم يأت ببينة على قول فلان حد هذا بكل حال.
وإن جاءه بذلك على وجه الرسالة فقال فلان أرسلني إليك يقول له يا زان أو
جاء معه بذلك في كتاب يعرف ما فيه فعليه الحد، وإن ثبت له أن فلاناً أرسله
به، وقاله مطرف.
ومن كتاب ابن المواز فيمن قال لرجل يا ذا الذي تزعم المرأة أنها اغتصبها أو
يزعم الصبي أنه نكحه، فإن قاله في مشاتمة فعليه الحد.
ومن العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم في حر أمر حراً أن يقتل حراً
فقتله، فليقتل القاتل ويجلد الآمر مئة ويحبس سنة. ولو أمر بذلك عبده ففعل
لقتل العبد والسيد، كان العبد أعجمياً أو فصيحاً، وروى عنه أصبغ مثله.
قال عنه يحيى ابن يحيى: إذا أمر بذلك عبده أو العامل يأمر رجلاً يقتل رجلاً
والعامل ظالم (2) له، فإنه يقتل الآمر والمأمور.
وأما من أمر بذلك ابنه أو معلم يأمر صبيانه أو صانع يأمر متعلميه، فإن بلغ
المأمور الحلم قتل وبولغ في عقوبة الآمر، ولا عقل على عاقلته. وقال عنه
سحنون: يقتلان جميعاً.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 306.
(2) كذلك في ص وهو الصواب. وفي ف والعبد ظالم.
(14/362)
(قال يحيى) (1) وأما من لم يبلغ الحلم منهم
فالقتل على الآمر، وعلى عاقلة الصبي نصف عقل المقتول، وإن كثر الصبيان قسم
العقل على عواقلهم وإن قل (ما) (2) على كل عاقلة.
قال أصبغ: لا يقتل أبو الصبي إن كان الصبي بلغ مبلغاً يعقل (مثله) (3) مثل
المراهق واليفاع وشبهه، فهو كالخطأ وكغير ولده، وهو على عاقلته، ولا يقتل
واحد منهما. وكذلك إن (كان) (4) أمره بإرحال واحد يغيب عليه دونه، فأما
بمحضره وهو يشاهد ذلك إما بإمساك أو بإشلاء أمر بين فهو قاتل. ويقتل أباً
كان أو غيره.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال أخبرتني فلانة أن فلاناً زنى بها فأنكرت
المرأة أو أقرت، قال: يحد هو بكل حال، أقرت هي أو أنكرت، فإن أقرت حدت
للرجل وللزنى، وإن أنكرت لم يكن عليها شيء، وحد المخبر عنها حداً واحداً
لها وللرجل. قال ولا يمين عليها.
ومن قال لرجل أشهد لك أن فلاناً زناك، فقيل إن كان ذلك في غير مشاتمة لم
يلزم الشاتم حد ولا يمين أنه لم يرد قذفاً، وقيل يحد إلا أن يقيم بينة أن
فلاناً أشهده. محمد: والأول أحب إلينا، إلا أن يرى أن ذلك منه على
المشاتمة.
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط أيضاً من ف.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط كذلك من ص.
(14/363)
فيمن قال إن فعل أو
من يفعل كذا فهو ابن زانية، وإن كان كذا أو إن لم
يكن كذا أو إن لم أكن كذا (فأنت كذا) (1)
من العتبية (2) من سماع ابن القاسم فيمن قيل له إنك فعلت كذا فيقول من قال
إني فعلت كذا فهو ابن زانية، فقال (له) (3) رجل أنا قلته، فإن قامت له بينة
أنه قاله حد له وإلا فلا.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: قال مالك فيمن قال لآخر على المشاتمة يريد عينة
ولا يطعن في نسبه: إن لم أكن أصح منك فأنت ابن زانية، يقول أصح منك في
الأمور لا أقارف ما تقارف فإن أقام بينة أنه أصح منه كما ذكر نكل (4)
بإذايته له، وإلا حد. قال وإن قال له إن لم أكن أفضل منك فأنت ابن زانية،
فالبينة على القاذف.
ومن كتاب ابن سحنون: كتب شجرة لسحنون، فيمن قال لرجل إن كنت خيراً مني فأنت
ابن عشرة آلاف زانية، فقال له الآخر إن لم يكن عبدي خيراً منك فأنت ابن
عشرة آلاف زانية. فكتب إليه سحنون: أن الذي قال إن كنت خيراً مني فليس
مخرجه خيراً مني في الدين، ولكن ينظر، فإن كان هذا عربياً والآخر ليس بعربي
أو له آباء عدد (5) في الولاء فهو فوق صاحبه فإن كان هكذا فليحد. وأما
القائل عبدي خير منك فليحد ولا يكون العبد خيراً من الحر.
__________
(1) ساقط من ف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 275 - 276.
(3) ساقط من ص.
(4) في ص: بطل، وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: أو له أنا وعدد.
(14/364)
ومن كتاب ابن المواز [قال] (1): وإن قال
لرجل يا ذا الذي جده نصراني فقال عن كان جدي نصرانياً فأنت ابن زانية، فنظر
فإذا جده لأمه نصراني، فليحلف القاذف بالله ما أراد إلا جده لأبيه، قال
محمد: ويؤدب.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لرجل إن كنت عربياً
فأنت ابن الفاعلة، فطلب المقوف البينة أنه من العرب فلم يجد. قال: يضرب
القائل [ذلك] (2) سبعين جلدة. قال ابن القاسم: هذا كثير ويضرب أربعين او
خمسين.
وكذلك من قال لرجل عن كنت فعلت كذا وإن كان كذا فأنت ابن الفاعلة، فإن ثبت
ذلك الذي قال إنه (3) كذلك حد، وإن لم يكن ضرب نحو ما ذكرنا.
قال أصبغ عن ابن القاسم: وسأله رجل فقال قال لي فلان (4) لست من العرب،
فقلت: من قال إنى لست من العرب فهو ابن زانية. قال: إن أقمت البينة أنك من
العرب حد هو لنفيه إياك، وضربت انت الحد لأنك قذفته. فقال الرجل لابن
القاسم (5): إنما أردت الناس [كافة ولم ارده فقط] (6) فقال له أنت تجاوبه
وتقول ماأردته (7) لا ينجيك ذلك من الحد، ولكن صالحة.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط أيضاً من ص.
(3) في ص: قال أنت. وهو تصحيف.
(4) في ف: قال لي رجل.
(5) كذا في ف وهو الأنسب. وعبارة ص: قيل لابن القاسم.
(6) ساقط من ص.
(7) كذا في ف وهو المناسب. وعبارة ص: أنت تماريه بقول ماأردت
(14/365)
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن
قال من شهد على فهو [زان] (1) ابن زانية، فشهد عليه رجل، فعلي قائل ذلك
الحد. وكذلك لو قال من دخل المسجد فهو ابن الفاعلة فعليه الحد. ولو قال من
رمانى فهو ابن الفاعلة، فرماه رجل فلا حد عليه، لأن هذا متعد، وقاله كله
اصبغ.
وقال ابن الماجشون: ومن قال لرجل إن كنت قلت ما ذكرت فأنت ابن الفاعله، فإن
كان له بينة أنه قاله حد، وإن لم تقم بينة أدب لآنه أرفث (2).
ومن العتبية (3) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن باع لرجل (4) فقال أنا أكرمك
كرامة لابنك وكذلك يكرمك كثير من جيرانك، فقال: من يكرمنى لابني فهو ابن
الفاعلة، فإنه ينظر، فإن كان أمر بين إنما يكرم لولده حد، وإلا فلا شئ
عليه.
وقال في رجل قال لاخر لأنك في عيال ربيبك، فقال الآخر أنا أقذفك بالزني إن
كنت في عياله، فإن وجد بينة أنه في عيال زوج أمه [حد] (5) وإن لم تكن بينة
أدب.
قال ابن الماجشون: من قال لرجل في مشاتمة أحمقنا فهو ابن زانية فلينظر فيه،
فإن كان القاذف أحمق وألآخر أحلم، فإن قامت بذلك أم القاذف حد لها، ولا يحد
بقيام المقذوف (6). قال: وإن كان المقذوف أحمق منه حد له، وإن كانا أحلمين
وأحدهما احلم من ألاخر، فأحلمهما محمل ما ذكرنا. وإن لم يفق أحدهما صاحبة
بشئ في ذلك فلا شئ على واحد منهما.
__________
(1) ساقط من ص
(2) كذا في ف وهو صواب. أرفث بمعنى أفحش. والكلمة مطموسة في ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 353.
(4) كذا في ص. وفي ف: فيمن نازع رجلاً وهو أنسب. وفي العتبية المنقول عنها:
كانت بينهما منازعة.
(5) ساقط من ص.
(6) صفحت عبارة ص: ولا يحد هو المقذوف.
(14/366)
ومن [كتاب] (1) ابن المواز قال مالك: ومن
قال لقوم قبل ان يرميه أحد من رمانى منكم فهو ابن زانية، فرماه أحدهم فلا
حد عليه، ولكن يعذر (2). وكذلك إن قال من لبس ثوبي او ركب دابتى أو غير ذلك
مما لا يجوز لأحد أن يفعله إلا بإذنه فهو ابن زانية – يريد فيمن فعله في
المستقبل – فلا حد على من يفعله. وغن كان أراد من قد كان فعله [به] (3) قبل
قوله فإنه يحد إذا ثبتت البينة للفاعل قبل قذفه، وإن قذفه لمن يفعل
مستقبلاً مالا يملك المقذوف منعه منه فإنه يحد.
قيل: فيحد قبل الفعل؟ قال: أما الأمر العام مثل قوله من دخل الحمام أو
المسجد فهو كذا. هذا يحد ولا ينتظر به، ويحد ساعتئذ، كان فيما فعل من هذا
أو فيما يستقبل. وأما في الأشياء الخواص مثل قوله من لبس ثوب فلان أو ركب
دابته، فهذا لا يحد حتي يفعل ذلك أحد فحينئذ يحد له.
وغذا قيل له فلان وفلان يشهدان عليك في حق حجدته، قال: من شهد على فهو ابن
زانية، فشهد عليه رجل بذكر حق، قال مالك: يحد وذكر ابن سحنون عن المغيرة
مثله أن عليه الحد.
قال محمد: وهذا كمن قال: من شهد لفلان أم من رماه. قال ومن ذلك إن قيل لرجل
إنك فعلت كذا (4) فقال: من قال إنى فعلته فهو ابن زانية، فقال له رجل أنا
قلته فإن قامت له بينة أن قد كان قاله حد له، وإلا لم يحد. وإن لم يقم له
شاهد واحد حلف ولم يحد.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: يعرض.
(3) ساقط من ص.
(4) معظم هذا السطر ضعيف التصوير في ص لا يقرأ. والنص من ف.
(14/367)
باب (1)
جامع القول في العفو عن حد القذف وفي العفو على عوض
والمقذوف يكتب بالقذف كتاباً ليقوم به متي شاء
والمقذوف يقرا ويكذب بينته ويكتب بينة
من كتاب ابن المواز قال مالك: وعفو المقذوف عن القاذف جائز قبل أن يبلغ
الإمام، فإن بلغ الإمام لم يجز عفوه إلا أن يريد ستراً أو يكون ابوه.
قال ابن القاسم في المدونة: وكان مالك يجيز العفو بعد أن يبلغ الإمام كما
روي عن عمر بن عبد العزيز، قال في كتاب ابن المواز: وإن [لم] (2) يرد
ستراً، ثم رجع مالك فلم يجزه عند الإمام إلا أن يريد ستراً.
قال ابن المواز: وهذا إذا قذفه في نفسه، فإن قذف أبويه أو أحدهما وقد مات
المقذوع لم يجز العفو فيه بعد بلوغ الإمام، وقاله مالك. وإذا كان قاذفه جده
لأبيه جاز عفوه عنه وإن بلغ (3) الإمام، قاله ابن القاسم وأشهب (4). وأما
جده لأمه فلا يجوز ذلك فيه كالأجنبي. وأما العفو عن الأجنبي قبل بلوغ
الإمام فجائزة، رواه ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم عن مالك.
وروي أشهب عن مالك أنه متي قام به بعد العفو (5) حد له إلا أن يكون أراد
ستراً، وقاله ابن شهاب وذهب إليه ابن وهب. قال اصبغ: وقول
__________
(1) انفردت به كذلك ف.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: وإن كان بلغ. وهو إقحام.
(4) في ص: قال أشهب.
(5) كذا في ف، وهو أنسب. وعبارة ص: متى ما قام بعد العفو.
(14/368)
ابن القاسم [وهو] (1) قول مالك أحب إلينا،
وهو قول الناس أن عفوه قبل يبلغ الإمام يسقط عنه الحد.
قال النبي [لصفوان] (2) فهلا قبل ان تأتينى به (3). وقال: تعافوا عن الحدود
فيما بينكم فما بلغ من حد فقد وجب (4) رواه ابن وهب وقال: ومعنى قوله فى
جواز العفو عند الإمام إذا أراد ستراً، قال مالك: مثل أن يكون شرب الحد
قديماً فيخاف أن يظهر ذلك عليه الآن. فأما إن عمل شيئاً لم يعلمه أحد إلا
نفسه فلا يجوز عفوه عند الإمام في القذف ولا في غيره إلا في الدم. قال ابن
حبيب قال أصبغ: معنى قوله في عفو المقذوف في نفسه أو في أبوية عند الإمام
إلاأن يريد ستراً، فإنه عن قال اردت ستراً لم يقبل مه ويكشف عن ذلك الإمام،
فإن خاف أن يثبت عليه ذلك أجاز عفوه، وإلا لم يجزه وإن زعم أنه يريد ستراً
[وقاله ابن القاسم عن مالك. وأما في الأب فجائز عفوه عنه وإن لم يرد ستراً]
(5)، وقاله مالك. وقال أصبغ: لا يحد له أصلا.
ومن قول مالك أن الأب لا يحد في التعويض، وقال ابن الماجشون في الجنبي،
وقول مالك إذا أراد قال يعنى إذا كان مثله يفعل ذلك جاز عفوه ولا يكلف أن
يقول اردت ستراً لأن [قول ذلك عار، فأما العفيف الفاصل فلا يجوز عفوه. قال
ابن الماجشون] (6) عفو الابن عن ابيه وعفو الوالد عن ولده جائز وإن لم يرد
ستراً.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ف.
(3) تقدم تخريجة. وهو في كتاب الحدود من الموطأ عن صفوان بن عبد الله بن
صفوان. وكتب نص الحديث هنا في ص مصحفاً.
(4) في سنن أبي داود والنسائي.
(5) ما بين معقوفتن ساقط من ص.
(6) ما بين معقوفتين ساقط أيضا من ص.
(14/369)
[ومن كتاب ابن المواز] (1) ومن أقام بينة
على قاذفة عند الإمام ثم أكذبهم نفسه، قال: لا يقبل منه ويحد ولأنه كالعفو.
قال ابن حبيب عن أصبغ في القاذف إذا هم الإمام بضربه فأقر المقذوف على نفسه
الزني وصدقه، فإن ثبت على إقراره حد للزني ولم يحد للقذف، وإن رجع إقراره
لم يحد، وحد القاذف.
وقال ابن الماجشون: إذا رجعت عن اقراره [حد للزني ولم يحد القاذف. وإن رجع
عن إقراره] (2) بتوريك (3) درئ عنه الحد بتوريكه، ودرئ عن القاذف الحد
بإقراره. قال ابن حبيب: وهو أحب إلي [ما لم يستبن] (4) أنه أراد بإقراره
إسقاط الحد عن القاذف فيبطل إقراره. وذكر ابن المواز عن ابن الماجشون ما
ذكر عنه ابن حبيب في إقرار المقذوف ورجوعه وقال: إن جاء بعذر.
قال ابن المواز قال مالك في رجلين وقع بينهما مشاتمة ثم لقي احدهما رجلا
فقال له: إن فلاناً المخنث يشتمنى فبلغة فطالبة فسئل فعفا عنه وأشهد، ثم
بدا له فليس له ذلك، والعفو في مثل هذا أمثل.
قال أصبغ: ف‘ن شرط متي ما أردت أن اقوم عليه قمت، قال ذلك له [فإن قام نظر
فيه، فإن] (5)، كان مما له فيه الأذي البين أخذ به، وإلا ترك. وذكر ابن
حبيب عن اصبغ أن له أن يكتب عليه كتابا متى ما اراد قام به (6) قال: وقاله
مالك. [قال اصبغ] (7) فلو طلب ذلك بعد أن بلغ الإمام
__________
(1) ساقط كذلك من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) تقدم أن التوريك في المين نية ينويها الحالف غير ما نواه مستحلفة.
(4) ساقط من ص
(5) ساقط أيضا من ص.
(6) كذا في ف وهو المناسب. وعبارة ص محرفة: سمتي قال أنه أم به.
(7) زيادة في ف.
(14/370)
فليس له ذلك. قال ابن القاسم: وهذا يشبه
العفو. قال: وإن حلف ألا يدع حقه فأراد أن يكتب عليه كتاباً قال: يحنث.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وللمقذوف أن يكتب بذلك كتاباً ليقوم به متى
شاء، وإنى لأكرهه، وما هو من عمل الناس.
ومن العتبية (1) روي اشهب عن مالك في القاذف يعطي مائة دينار للمقذوف على
أن عارفاه من الحد قال: لا يجوز ذلك وعليه الحد.
قال: وإذا رأي الإمام رجلاً على حد من حدود الله وسمعه يقذف رجلاً؟ قال:
يرفعه إلي من هو فوقه [ويكون شاهداً ويجوز العفو فيه قبل أن يربع إلي من هو
فوقه] (2)
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وأما التعزيز [فالشفاعة] (3) فيه
جائزة بعد بلوغ الإمام. قال اشهب: أما إلي الإمام فذلك ظلم وإثم وأما الذي
له الحق فلا [باس به وأرجو أجره عليه، إلا أن يكون الذي عليه ذلك سفيهاً
معاوداً مثل هذا فلا] (4) أحب لأحد أن يشفع له. ولو فعل لم اره ضيقا.
وفي باب قذف الجماعة شئ من ذكر العفو.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 289 و 294
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) ما بين معقوفتين من ص.
(14/371)
باب (1)
في شتم الأقارب بعضهم بعضا
بأمر دون الحد
ومن العتبية (2) من سماع ابن القاسم في كتاب ابن المواز قال مالك فيمن شتمه
عمه أو جده أو خاله فلا شئ عليهم في هذا إذا كان على وجه الأدب. وكأنه لم
ير الأخ مثله إذا شتمه.
قال ابن القاسم: وأما الفرية فيحدون له كلهم إن طلب ذلك. وذكره عنه أصبغ في
كتاب محمد وزاد: وكذلك أبوه يضرب له الحد إن قذفه وقام به، ثم لا تقبل
شهادة الولد في شئ، لأن الله سبحانه نهي عن أن يقول لهما اف، وهذا يضرب
ظهره. وقد ذكرنا ما روي ابن حبيب عن اصبغ أنه لا يحد الأب لولده أصلا. قال
مالك: وله العفو عن أبيه عند الإمام.
وقال [مالك] (3) فيمن نازع (4) ولده فقال أشهدكم أنه ليس بولدى، فطلب
الإمام أو ولدها من غيره حدها وقد كان فارقها ونكحت غيره وعفا ولده. قال:
يحلف ما أراد قذفاً وما قاله إلا على وجه أن لو كانوا ولدي لم يعصونى فيما
صنعوا ثم لا شئ عليه إن حلف.
__________
(1) في ف وحدها وسيتكرر فلا ننبه عليه.
(2) البيان والتحصيل، 16: 269.
(3) ساقط من ف.
(4) في ص: باع. وهو تصحيف.
(14/372)
باب
في التداعي في القذف وغيره من الحدود واليمين فيه
ومن أقام فيه شاهداً والقاذف يقيم بينة أن المقذوف حد
او على إقراره أو اختلف في رقه وحريته
من كتاب ابن المواز ومن العتبية (1) من سماع ابن القاسم: وعمن ادعي على رجل
أنه قذفه ولا بينه له أيحلف؟ قال لا يمين في ذلك، فإن اقام شاهداً أحلف له،
فإن نكل سجن أبداً حتي يحلف، وقاله ابن القاسم.
قال محمد: ولم يختلف أصحاب مالك أنه يحبس ابدا حتي يحلف وقاله ابن القاسم.
قال محمد: ولم يختلف أصحاب مالك أنه يحبس أبداً حتي يلحف قال أصبغ عن ابن
القاسم: فإن طال سجنه خلي. قال في كتاب محمد والطول فيه سنة.
ومن العتبية (2) قيل فإذا خلي من السجن أيؤدب؟ فوقف، وكذلك في كتاب محمد.
قال اصبغ في الكتابين: يودب إذا خلي إن كان يعرف بأذي الناس والفحش، وإلا
فأدبه حبسه، ولا يؤدب المستوجب للأدب إلا بعد الإياس من يمينه.
ومن سماع ابن القاسم: سئل مالك عن معني حديث على إن لم يأت بأربعة فليقض
برمته (3) في البكر والثيب إذا جاء بأربعة ترك؟ قال: لم اسمع في هذا شيئاً،
إنما اريد بهذا موضع الشهادة للبراءة له.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 270: 271.
(2) البيان والتحصيل، 16: 339.
(3) تقدم التعليق عليه.
(14/373)
قال في كتاب محمد وقال ابن القاسم: إذا
أقام أربعة أربعة برؤية الزني ترك في البكر والثيب، وهو معنى الحديث. وروي
اصبغ عن ابن القاسم قال في كتاب ابن المواز: أنه بلغه عن مالك فيمن قذف
رجلاً فأقام شاهدين أنهما رأياه يجلد الحد في الزني، قال في كتاب محمد:
انهما رأيا فلاناً الوالى يحده في الزني بشهادة أربعة فلا ينفعه ذلك، وليحد
هو والشاهدان. ولو جاء بأربعة شهدوا أنهم رأوه يجلد في الزني فلا حد عليه
وهذا مجتمع عليه.
قال عنه أبو زيد: وكذلك إن قال يا محدود في زني، فإن لم يأت بأربعة على حد
الإمام له فليحد القاذف.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وكذلك الأمة تعتق فيقيم عليها قاذفها
أربعة يشهدون أن سيدها أقام عليها الحد في الزني فيزول عنه الحد. ولو لم
يقم بذلك إلا شاهدان أو ثلاثة يحد هو والشهود.
قال عبد الملك: وكذلك إن اقام أربعة يشهدون أن سيده باعه إن كان عبداً
وتبرأ من زناه فيزول بذلك الحد عن القاذف، فإن كانوا في هذا أقل من أربعة
لم يحدوا هم حد القذف لنهم لم يشهدوا على رؤية زني ولا أخفوه عليه وأتوا
على معنى الشهادة، وليحد القاذف.
قال ابن المواز: وإذا كتب قاض إلي قاض في الزني أن أربعة شهدوا عندى على
فلان بالزني ولم يشهد على كتاب القاضي إلا رجلان أن ذلك يمضي وينفذ ما فيه
رجم وحد أو قطع أو قتل.
وفي كتاب الرجم باب في مثل هذا من الشهادة على الشهادة أو على الحكم في
الزنى مستوعب.
وليحضر لحد الزنى أربعة أقل ذلك ليكون ذلك مخرجاً لمن رماه بالزنى بعد
اليوم، وغن لم يكن الذي يحضرهم ممن يعرف أصل ذلك ولا حقيقته.
(14/374)
ومن كتاب ابن المواز في الذي يدعي أن
فلاناً سرق له متاعاً، قال ابن القاسم: إن كان يعرف بذلك او يتهم امتحن
وهدد، ولا يعرض لغير المتهم. واما إن كان من أهل الفضل والدين أدب له
المدعي أدبا وجيعاً.
وقال اشهب: لا يمين في شئ من هذا ولا أدب على المدي أصلا، إلا أن يتهم أن
يريد عيبة وشتمه فينطر في المدعي عليه فإن كان من أهل التهم حبس ولا يمين
[فيه] (1).
ابن وهب قال مالك: إذا قال سرق مني في مشاتمة نكل، وإن كان في غير مشاتمة
لم ينكل. قال: ومن رفع شهادته إلي وال أن فلاناً سرق أو شرب فرد شهادته
فطلب فلان أن يعاقب له: قال: لا شئء عليه.
قال اشهب: إلا أن يعلم أن ذلك منه على المشاتمة. وأما لو رفع شهادته عليه
بالزني فإنه يحد إلا أن يأتى بأربعة سواه ويكونوا حضوراً أو قريبة غيبتهم
ويتوثق منه. فإن كانوا على بعد لم يؤخر ن وحد الشاهد للقذف إن قام به
المشهود عليه، كان في مشاتمة أو غيرها.
قال ابن القاسم: ومن شهد أن هذا سرق [متاع] (2) فلان أنه يحلف الطالب
ويأخذها، وإن لم يكن له طالب فإن كان الشاهد غير عدل عوقب ولا يعاقب العدل.
قال محمد: ومن سمع رجلاً يقذف رجلاً، فإن كان وحده فهو في سعه أن لا يشهد
(3). وقال مالك: إن كان معه غيره فليعلم (4) المقذوف. وقاله ابن القاسم
وأشهب. قال مالك: وإن كان وحده فلا يفعل لأن الناس فسدوا.
__________
(1)
(2) ساقط من ص.
(3) ساقط من ص.
(4) في ص: ألا أن يشهد. وهو تصحيف. في ص: فلم يعلم.
(14/375)
وقال ابن وهب عن مالك فيمن قذف رجلاً عند
قوم فاستكتمهم وقال المجالس أمانه، فبلغ المقذوف الشهادة، قال: عليهم أن
يشهدوا وكذلك في إقراره بالحق له واستكتمتهم.
ومن قال لرجل أخبرت أنك زان أنه يحد، قيل: فإن جاء القاذف بشاهدين أن هذا
أقر على نفسه بالزني، قال ابن القاسم وعبد الملك: لا حد على القاذف وقال
أشهب الحد ثابت عليه قال محمد: لانه لو اقر رجل عند الإمام بالزني فلما
أراد أن يقيم الحد [عليه] (1) رجع المقر فتركه ثم قذف إنه يحد قاذفه.
قال محمد: وأحب إلي إن كانت الشهادة بإقراره على نفسه بعد أن قذف فلا حد
على قاذفه، وإن كان قاذفه أحد بعد رجوعه فليحد قاذفه.
قال أشهب: لا حد على الشاهدين على إقرار الرجل بالزني لأن مخرج ذلك على وجه
الشهادة ولم يشهدا أنه فعل. والذي قال أصبغ أنهما يحدان شئ (2) انفرد به،
وقد خالفه الناس.
وروي ابن وهب أن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت لما كان قاضيا على المدينة
خوصم إليه في امرأة قذفت امرأة عذراء وقالت أرسل إليها من ينظرها فإن كانت
عذراء فاجلدنى، فسأل عن ذلك فقال: عليها الحد ولا يكشف النساء في هذا.
ومن [كتاب] (3) ابن المواز: ومن قال لرجل يا ابن الزانية، فقام المقذوف،
فقال القاذف: إن أمه نصرانية أو أمة. قال: يحد إلا أن يقيم ببينة أن أمه
كما ذكرنا، ولابينة على المقذوف، فهي على القاذف. وقاله ابن القاسم.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) صفحت عبارة ص هكذا: أنهما يحدا بشئ.
(3) ساقط من ص.
(14/376)
قال محمد: وذلك إذ كانت ميته، فإن كانت
باقية طلب منه توكيلها له.
وفي باب قذف [الصغير والكافر ذكر من قذف] (1) عربيا مجهولاً
جامع ما يجب فيه التعزيز من صنوف الشتم
من كتاب ابن المواز: روي ابن وهب أن علي بن أبي طالب وابن المسيب وعمر بن
عبد العزيز دعوا (2) وابن سالم وسليمان بن أبي حبيب [المحاربي] (3) وابن
منسيط (كذا) وابن شهاب وغيرهم أنهم قالوا: من قال لرجل يا فاسق يا كافر يا
خبيث يا شارب الخمر يا محدود في الفرية ولم يقل في الزني، فلا حد عليه في
شئ من ذلك ولكن يعاقب بإيذائة أخاه المسلم.
وقال في القائل: ياشارب الخمر ياسارق يافاسق ففيه الأدب. قال محمد: وأدبه
على قدر ما يعرف به القائل من كثرة اذاته وشتمه بعد (كذا) وبقدر حال المقال
له ذلك. وكذلك إن قال يا مجلود الحد في الخمر أو في الفرية أو يابن المحدود
فيهما، لم يحد. قال محمد: وإن كان في ذلك كاذبا، ويؤدب وإن كان صادقاً.
وإن قال يا محدود في الزنى حد إلا أن ياتى بأربعة شهداء سواه يشهدون أنه حد
في الزنا. سوإن قال يا محدود أو يابن المحدود فقط مبهما
__________
(1) ما بين معقوفتين ايضاً من ص.
(2) كلمة مطموسة.
(3) زيادة في ف.
(14/377)
حلف أنه لم يرد قذفاً ثم نكل بقدر أذاته
ولا حد عليه، وقاله اصبغ. فإن نكل حد ثمانين، لأن نكوله كالاقرار.
ومن كتاب ابن المواز، وهو في سماع أشهب من العتبية (1): ومن قال لرجل يا
كلب، فذلك يختلف، فإن قيل ذلك للابن الشرف في الدين والإسلام والفضل
والهيئة، فليس العقوبة فيه كالعقوبة إن قال ذلك لدنئ.
قال مالك: وإن قال لرجل كذبت وأثمت (2) فإن قاله لرجل من سراة الناس فليعزر
بالسوط، وهو أشد من قوله يا شحيح، والكذب خبيث. قال مالك: وذلك يختلف، أما
إن قاله لمن يخاصمه فيقول له في منازعته كذبت وأثمت فهو مخالف لمن يكذب من
لا خصومة بينة وبينه. مالك: وذلك يختلف، أما إن قاله لمن يخاصمة فيقول
فيقول له في منازعته كذبت وأثمت فهو مخالف لمن يكذب من لا خصومة بينةوبينه.
مالك: ومن قال لرجل إنك لشحيح بخيل فلا أدب في ذلك، ولكن ينهى عنه.
ومن العتبية (3) من سماع سحنون قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال لرجل يا بن
الجافي (4) إنه يعاقب، وإن قال يا ابن الجافي والجافية عوقب وزيد في عقوبته
لأمه.
ومن كتاب ابن المواز، وهو في العتبية (5) رواية أبي زيد عمن قال لرجل يا
مرائي، زاد في كتاب ابن المواز: [يا خائن، قال في العتبية قال ابن القاسم،
وقال في كتاب ابن المواز] (6) قال مالك: إن قاله لأحد من اهل الصلاح عوقب،
وإن كان من أهل السفه ممن لا يبالى ما قيل له عوقب بقدر ذلك، والناس على
قدر منازلهم.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 301. 302.
(2) في ص: وأثبت. وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل. 16: 332.
(4) في ص: الحافي – بالحاء المهملة – وهو تصحيف. وسيتكرر.
(5) البيان والتحصيل، 16: 353 – 354.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(14/378)
قال ابن القاسم في العتبية (1): أرأيت من
قال هذا لليث ومن قاله لى اتكون عقوبتهما سواء؟ ومن الناس من لو قيل له
لكان [له] (2) أهلاً.
ومن قال لرجل يا ساقط حلف ما أراد قذفاً وأدب، إلا أن يكون ساقطاً يتبع
الولائم وشبهه.
وروي عنه أصبغ عن مالك فيمن قال لمولي يا ساقط أنه يحد. قيل لابن القاسم
فإن نحا إلي أمر يريده؟ قال: أما أنا فأري أن يحلف ما أراد نفيع. قال عنه
عيسي وابن المواز فيمن قال لرجل يا سارق قال يضرب خمسة عشر سوطاً أو نحوها.
قال في كتاب ابن المواز: إذا قاله لمن له الحال (3) والمروءة والقائل من
أهل الإيذاء
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال لرجل في منازعة لأجلدنك حدين فليحلف
ما أراد الفرية، فإن حلف أدب. ومن قال لرجل خرجت من اليمين طريداً أو عبداً
(4) فليحبس ولا شئ فيه غيره.
فيمن له القيام بحد المقذوف من أولياء الميت
ومن قام بقذف الغائب
من كتاب ابن المواز: ومن قال عند الإمام سمعت فلاناً يقذف فلاناً فليس على
الإمام حده ولا يرسل إلي المقذوف ولا يعلمه.
__________
(1) البيان والتحصيل. 16: 354.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: المال.
(4) كذا في ص. وعبارة ف: فريداً وحيداً.
(14/379)
قال مالك: ومن قذف ثم مات قبل يقوم به، فإن
قام بنوره به فلهم أن يحدوه، وكذلك لو أقام سنة أو أكثر منها ثم مات إن لم
حفظ عن الميت ذكر عفو، ولا قيام بذلك لأولياءه، فإن لم يكن له أولياء سقط
الحد، ولا يقوم به وصية، إلا أن يوصي به فيقول قم بحدى فليقم به.
قال ابن القاسم: وإن ترك ولداً وولد واباً وجداً لب فهم سواء ومن قام منهم
فله أن يحده وإن كان غيره أقرب من هؤلاء. فأما إخوة أو بنات أو جدات أو غير
من سمينا فلا قيام له بحد الميت، غلا أن يوصي به.
قال اشهب: إذا كان [ثم ولد وولد ولد واب] (1) فلا يقوم إلا الأقرب
[فالأقرب] (2)، ولا قيام لغيره، ولا قيام للابن الابن مع الابن ولا عفو، ثم
ابن الابن بعده، ثم الأب بعدهما، ثم الأخ بعده، ثم الجد بعد الأخ، ثم العم
بعد الجد. وكذلك قراباته من النساء الأقرب فالأقرب. وأما الزوجة وبنت البنت
فلا حق لهن.
وأما إن أقيم بذلك بعد طول زمان فإن كان المقذوف نفسه فله ذلك إن حلف، وأما
إن مات (3) بعد طول زمان فلا حق لأوليائه، وإنما يكون ذلك لهم إن مات قبل
طول الزمان فذلك لهم وإن طال الزمان بهم. وذلك أنه لو كان حيا وقام بعد طول
الزمان حلف ما سكت تاركاً (4) فإذا مات لم يكن لهم ذلك.
وقال اشهب: ذلك للأولياء وإن طال الزمان قبل موته، لأنه لو عفا ثم قام كان
ذلك له. هذا مذهب أشهب. قال وإذا غاب المقذوف غيبة بعيدة فليس لولده ولا
لغيره من أوليائة القيام به، وقد قيل لولده القيام في الغيبة
__________
(1) ساقط من ف.
(2) ساقط من ص.
(3) في ص: إن طال. وهو تصحيف.
(4) في ص: ما سكت بري. وهو تصحيف أيضاً.
(14/380)
البعيدة، ويحد لهم. وليس ذلك لهم في الغيبة
القريبة، وكوتب المقذوف. وقال ابن القاسم: لا يقوم بذلك ولا غيره وإن طالت
الغيبة، وقاله أصبغ.
وذكر ابن حبيب عن اصبغ عن ابن القاسم: لا يقوم للغائب أحد من أقربائة إلا
الولد في ابيه أو في أمه، ولو ان السلطان سمعه مع شاهدين عدلين حده وإن كان
المقذوف غائباً.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ولو سمعه رجلان فرفعا ذلك إلي الإمام فلا
ينظر في ذلك ولا يحده، وقاله ابن القاسم.
فيمن قذف جماعة
وكيف إن قذف آخر وهو يجلد
ومن قذف واحدا من جماعة لم يعينه
وكيف ان عفا عنه أحدهم
من غير كتاب قال مالك واصحابه فيمن قذف جماعة مفترقين أو مجتمعين فحد لهم
أو لواحد منهم، فذلك لكل قذف تقدم، قام طالبوه او لم يقوموا، إلا المغيرة
فقال: إن قاموا جماعة فحدوا حد لجميعهم، وإن قاموا مفترقين حد لكل واحد.
قال عيسي في العتبية (1) عن ابن القاسم فيمن قذف قوماً فلم يقم به حتي شرب
الخمر فجلد فيه، قال: فذلك لكل ما تقدم من قذف أو شرب خمر، كأنه يريد لأنه
من حد القذف مستخرج.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 313.
(14/381)
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لجماعة أحدكم
زان أو ابن زانية فلا يحد، إذا لا يعرف من أراد، وإن قام به جماعتهم فقد
قيل لا حد عليه. ولو قام به أحدهم فادعي أنه أراده لم يقبل منه إلا بالبيان
أنه أراده. ولو عرف من أراد لم يكن للإمام أن يحده له إلا بقيامة عليه. ومن
قذف مجهولاً (1) فلا حد عليه.
ومن العتبية (2) رواية عيسي وكتاب ان حبيب من رواية أصبغ عن ابن القاسم
فيمن قال لرجل يا زوج الزانية، وتحته امرأتان، فعفت واحدة وقامت الأخري
تطلب، فليحلف ما أراد إلا التى عفت ويبرأ، فإن نكل حد.
ومن كتاب ابن المواز عن الذي يجلد في القذف فيقذف وهو يجلد رجلاً أخر أو
المقذوف نفسه. قال مالك: فإن لم يمض من الجلد إلا يسيره اجزأة تمام هذا
الحد للقذفين، لا يستاذنف، وإن كان إنما بقي أيسر الحد أتم الحد واستؤنف
للمقذوف الثانى حد أخر، لأنه إذا لم يبق غلا السوطان والثلاثة، ف: انه قذفه
بعد تما الحد. وكذلك إذا مضي منه مثل ذلك فكأنه قذف ثانيا قبل أن يجلد
شيئاً.
قال أشهب: والعشرة الأسواط في ذلك عندي قليل. وقد سمعت الليث يذكر عن ريبعة
أنه إذا جلد من الحد الأول شيئ اً ثم قذف ثانية أنه يستأنف من حين قذف
الثانية، وقاله ابن القاسم.
قال محمد: وهو أحب إلينا أن يؤتنف به في كل شئ إذا لم يبق إلا أيسره مثل
العشرة والخمسة عشر فليتم الحد ثم يؤتنف الحد الثانى. قال أشهب: وإن ضرب
مثل نصف الحد أو أكثر أوأكثر أو اقل قليلا فليوتنق [من] (3) حينئذ الحد.
__________
(1) في ف: من لا يعرف.
(2) البيان والتحصيل، 16: 315.
(3) ساقط من ف.
(14/382)
وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون نحو ما
تقدم. قال: إن مضي مثل السوط الأسواط اليسيرة تمادى وأجزأه لهما، وإن مضي
مثل الثلاثين والأربعين ونحوها ابتدى لهما، وإن بقي مثل سوط أو أسواط أتم
وابتدأ حد ثانياً
ومن كتاب ابن المواز وقال ابن شهاب: وإذا حد له ثم قذفه، فكلما فرغ من
الجلد قذفه فإنه يؤتنف له الحد ابداً.
قال محمد: ولو قال بعد أن حد (1) له والله ما كذبت عليه، أو قال صدقت عليه،
لحد ثانية، لأنه قذف مؤتنف.
وقال ابن القاسم وعبد الملك وأصبغ نحوه في الزوج ينكل عن اللعان في قذف
زوجته فيحد ثم يقول مثل هذا إنه قذف ثان، وكذلك إن قذف نساءه فتقوم إحداهم
فيضرب لها، ثم قالت الأخري: أتقذفنى؟ فقال: ما كذبت عليك، وإنه يحد لها إن
لم يلاعن، وإن كانت في غير عصمته حد لها.
وقال فيمن لاعن امرأته ثم قا لها بعد ذلك يا زانية إنه يحد وبلغنا ذلك عن
ابن شهاب. قال محمد: ولم يعجبنا.
وفي باب قبل هذا ذكر من يجتمع عليه حدان أو حد ونكال.
ومن كتاب ابن المواز: ومن جلد في الزني مائة جلدة ثم ثبت أنه محصن فإنه
يرجم ولا يجزه الجلد. وروي أن النبي صلي الله عليه وسلم فعل ذلك.
__________
(1) في ص: جلد
(14/383)
اختلاف البينة في
القذف وشهادة ولد الزني فيه
وشهادة القاذف إذا تاب في كل شئ
وهذا الباب في كتاب الشهادات ومنه مكرر في كتاب السرقة
وفي غير كتاب من كتاب ابن المواز: ومن ادعي على رجل أنه قذفه فأقام عليه
شاهداً أنه رماه [في شهر رمضان] (1) أو قال له لست من بنى فلان، وشاهداً
[آخر] (2) أنه قال له ذلك في شهر شوال، قال مالك: شهادتهما جائزة، ويحد
المشهود عليه.
قال: وشهادة ولد الزني تجوز في كل شئ إن كان عدلاً إلا في نفي رجل من نسبه
(3) أو يشهد على الزني يكون رابع أربعة، قال: فيحد هو وهم. وقال عبد العزيز
بن ابي سلمة: لا يحد هو ولا هم لأنه يشهد يظن أنه سيقبل. قال: ولو كان
رابعهم عبداً لحد وحدواً.
قال محمد: والقاذف لا يخرجة من الحد إلا إقامة أربعة شهداء يشهدون بما ثبت
به الزانى، لقول الله عز وجل [والذين يرمون المحصنات] إلي قوله (إلا الذين
تابوا) (4). قال ابن شهاب ومالك: فإذا تاب قبلت شهادته (5). قالا: والإحصان
في هذه الىية للحرائر المسلمات، وفي الآية الأخري إحصان نكاح.
قال وقال غيرهما وهو قول مالك: إذا رمي محصناً بالحرية والإسلام والعفاف
حد، لأن ذلك كله يسمى إحصاناً. ولو انخرم صنف من هذه لم يحد.
__________
(1) ساقط من ص
(2) ساقط من ف.
(3) في ص: من حسبه.
(4) الآيتان 4 و 5 من سورة النور.
(5) صفحت عبارة ص: إذا تاب قبل شهادتهم.
(14/384)
قال مالك: ولا أعرف من قول الإمام لمن يجلد
في القذف إن تبت قبلت شهادتك، ولا ينفعه إن قال تبت، ولا يضره إن لم يتب،
ولكن إذا تاب قبلت شهادته إذا عرف بالخير والتزيد فيه. قال مالك: وشهادة
القاذف قائمة حتي [يحد] (1) وإن كتب عليه كتاباً.
الترغيب في إقامة الحدود
قال ابن حبيب: كان مالك إذا سئل عن شئ من الحدود أسرع الجواب وساس به وأظهر
السرور بإقامة الحد، وقال: بلغنى أنه يقال لحد يقام بارض خير لها من مطر
أربعين صباحاً.
... تم كتاب القذف
__________
(1) ساقط من ص.
5) لا يوجد كتاب القطع في السرقة في مخطوط القرووين بفاس، وإنما يأتى فيه
كتاب المحاربين مباشرة بعد كتاب القذف. ويوجد كتاب قطع السرقة في قطعة
مخطوط عتيق من القيروان (ق) تصعب قراءة صورتها. وهي الوحيدة التى نستعملها
لمقابلة مخطوط الصادقية (ص) طوال هذا الباب
13 - النوادر والزيادات 14
(14/385)
|