النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات

بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله علي محمد خاتم النبيين

كتاب القطع في السرقة (1)
حد ما فيه القطع من السرقة وكيف تقوم السرقة
ومن سرق شيئاً بعد شئ في فور واحد أو سرق من حزرين او سرق عصي مفضضة
قال مالك في غير موضع: أقل ما فيه القطع في السرقة من الذهب ربع دينار، ومن الفضة ثلاثة دراهم لا تقويم فيها (2).
قال ابن المواز: لا ينظر فيهما إلي قيمتهما ولا إلي صرفهما، كان ذلك دنيئا أو جيداً، نقرة كان ذلك أو [تبرأ] من ذهب العمل - يريد وفضته - وتقوم ما سرق من غير العين، ولا يقوم إلا بالدراهم، فما بلغت قيمته ثلاثة دراهم ففيه القطع، كان ذلك سدس دينار في الصرف أو أقل، وغن لم تكن فيمة السرقة ثلاثة دراهم لم يقطع وإن كان ذلك في الصرف ربع دينار.
__________
(2) كذا في ق وهو الأنسب. وعبارة ص: لا يقوم فبهما.

(14/386)


قال مالك: وكان الصرف حين قطع النبي في المجن (1) اثني عشر درهما بدينار، فلا ينظر إلي ما زاد بعد ذلك أو نقص (2).
قال عيسي بن دينار: ولا قيمة في جل (3) ذهب أو فضة ويظر إلي وزنه، فإن بلغ دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة قطع.
ومن العتبية (4) روي عيسي عن ابن القاسم: فيمن سرق تبرأ وزنه ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة قال: ففيه القطع وإن لم يجز بجواز العين (5).
قال فيه وفي كتاب ابن المواز: وإن سرق ثلاثة دراهم ينقص كل درهم نحو خروبة أو ثلاث حبات وهي تجوز بجواز الوازنة فلا قطع فيها حتي تكون قائمة الوزن. قال محمد عن أصبغ: وأما مثل حبتين من كل درهم فإنه يقطع.
قال ابن المواز قال مالك: وأحسب الأمر الحبة التى قطع فيها القطع الجائزة بين الناس إذا سرق منها ثلاثة دراهم، وأن تكون مقطوعة أو قراضات فضة جائزة دون ثلاثة دراهم فضة نقرة أو هي مكسورة أو مصوغ وزن ثلاثة دراهم ففيه القطع (6).
__________
(1) المجن: ما يستر به
(2) انظر الموطأ، باب ما يجب فيه القطع.
(3) كذا في ص. وهي مطموسة في ق.
(4) البيان والتحصيل، 16: 229.
(5) كذا في ق وهو الأنسب. وصفحت عبارة ص: وإن لم يحز تجوز العين.
(6) هذه الفقرة منقوله كما هي في ص، وفيها تصحيف ولا شك ولكن لم تمكن مقابلتها لأنها مطموسة في ق.

(14/387)


قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن سرق ليلاً عصي مفضضة وفيها ظاهرة فيها أكثر من ثلاثة دراهم ولم ير الفضة في الليل فإن رئ (1) أنه لم يبصر الفضة لم يقطع ويصير كما لو كانت الفضة في داخلها.
قال مالك في العتبية (2) من رواية عيسي عن اين القاسم: ولا يقوم (3) السرقة رجل ولكن رجلان عدلان، وكذلك كل ما يحتاج الإمام إلي تقويمه. وكذلك في عتق الشقص وغيره. وإذا اجتمع عدلان على قيمة يجب بها القطع لم ينظر إلي من خالفهما. وقال أيضاً: إذا أحضر الإمام أربعة فاجتمع رجلان على قيمة ورجلان على قيمة نظر القاضي إلي أقرب القيمتين إلي السداد.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: وإنما ينظر إلي قيمتها يوم السرقة لا يوم القطع، وإن اختلفوا أخذ بقول من قال قيمتها ثلاثة دراهم إذا كانا عدلين. قال أشهب: كما لو شهدا له بثلاثة (4) وآخران بدرهمين من غير قضاء علماه فإنه يقضي له بثلاثة.
وروي أشهب عن مالك فيمن سرق مالا قطع فيه فلم يعلم به حتي سرق ما يكون مع الأول القطع، فلا قطع في عليه (5) حتي يسرق في مرة واحدة ما فيه القطع.
ولو سرق قمحاً من بيت فكان ينقل منه قليلاً [قليلا] (6) حتي اجتمع ما فيه القطع في سرقة واحدة فهذا عليه القطع.
__________
(1) كذا في ق وهو الأنسب , وهو ص: وإن رأي.
(2) البيان والتحصيل، 16: 234.
(3) كذا في ق وفي ص: ولا يقيم.
(4) كذا في ق مع تضبيب. وفي ص: شهدا له بها. وهي مصحفة ولاشك.
(5) صفحت عبارة ص: فلا يقطع عليه.
(6) ساقطة من ص.

(14/388)


وروي ابو زيد عن ابن القاسم في السارق يدخل البيت عشر مرات في الليلة فيخرج في كل مرة بدرهم أو درهمين فإنه لا يقطع حتي يخرج في مرة بما فيه من القيمة ثلاثة دراهم.
وقال سحنون في موضع آخر: إذا كان في فور واحد قطع، وهذا طلب فيه الحيلة. [وقول ابن القاسم أحسن] (1)
ومن كتاب ابن المواز: ومن سرق من حزرين قدر ربع دينار، قال عبد الملك: لا يقطع حتى يسرق من حرز واحد إن كان ذلك لرجلين.
قال محمد: ولو كان لرجل حانوتان في دار فسرق من كل حانوت درهما ونصفاً، فإن كانت [دارا] (2) مشتركة لم يقطع، خرج بذلك من الدار قطع، وإن أخذ فيها لم يقطع.
[وروي عن مالك في غرائر بالسوق مجتمعه للبيع، فيسرق رجل من كل غرارة شيئاً حتى اجتمع له ما يقطع في مثله، أنه لا يقطع حتى يسرق من اى غرارة ما يجب فيه القطع، لأن كل غرارة حرز لما فيها، شاور فيها الأمير من أحضر من العلماء فأفتوا فيها أن عليه القطع وأقتى مالك بما ذكرنا، فرجعوا إليه، وكان أول من رجع إليه ربيعة] (3)
__________
(1) ساقط من ق.
(2) ساقط من ص.
(3) هذه الفقرة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة كلها من ق.

(14/389)


في الجماعة يشتركون في السرقة أو يتعاونون عليها
وسرقة الشريك من شريكة أو من المغنم
وفي السارق يرمي بالسرقة من الحزر
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا اجتمع قوم ليسرقوا (1) فاخرج كل واحد شيئاً في يده من الحرز، فلا قطع إلا علي من خرج بما يسوي ثلاثة دراهم. ولو حملوا (2) على احدهم ما خرج به فعليهم القطع كلهم.
قال ابن القاسم: فهذا فيما يحتاج فيه إلى معونتهم لنقله، فأما الصرة والثوب فالقطع على من خرج به منهم. وقال عبد الملك: لو كانوا خمسة خرجوا بثوب يحملونه فلا قطع عليهم.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذا اخرجوا السرقة من حرزها يحملونها، فإذا كان في قيمتها إن قسمت عليهم ما يقع لكل واحد ربع دينار قطعوا، كانت خفيفة أو ثقيلة، وإن كان يقع لكل واحد [اقل] (3) من ربع دينار وكان (4) شيئاً خفيفاً يكتفي احدهم بحمله فلا قطع عليهم، وإن كان ثقيلا لا يكتفي بحمله بقوتهم (كذا) فعليهم كلهم القطع، وإن لم تكن قيمتها (5) إلا ثلاثة دراهم.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإنما مثل الجماعة يسرقون ما
__________
(1) كذا في ق. وفي ص: يسرقون.
(2) في ص: جعلوا
(3) ساقط من ص.
(4) كذا في ق وهو أنسب وفي ص: فإن كان.
(5) صفحت عبارة ص: وإن لم يكن فيها.

(14/390)


قيمته ثلاثة دراهم فيقطعون، كما لو قطعوا يد رجل عمداً لقطعوا، وفي الخطأ يلزم عواقلهم ذلك، وإن لم يقع على كل عاقلة إلا ربع عشر الدية.
وإذا دخل رجلان الحزر فأخذ كل واحد دينار فأسلف أحدهما للآخر دينره أو قضاه إياه فالقطع على من خرج بهما، وإن كان أحدهم داخل الحرز فناول الآخر خارجا في الطريق فليقطع الداخل وإن أخذ في الحزر.
وإن كان الثاني على ظهر البيت فناوله (1) فظهر البيت كالبيت. وقد اختلف قول مالك فيه، فقال: يقطع الذي على ظهر البيت إذا رمي به غلي الطريق، ورواه ابن عبد الحكم، وروي ابن القاسم [أنه] (2) إن دلي حبلاً فربط به الأسفل المتاع ورمي به إليه، قال في موضع أخر: ورفعه الأعلي فإنهما يقطعان.
قال محمد: هذا أحب إلي لتعاونهما على اخراجهما لحاجتهما إلي التعاون. وكذلك الذي يحمل على الاخر ما يخرج به. وبهذا أخذ ابن القاسم وأشهب ورويا عن مالك أنه إن تساوي الأسفل والذي على السطح وناول الذي في السطح ثالثاً في الطريق، فإنما قطع الذي يخرج المتاع من البيت والذي على سطحها دون الذي في الطريق وقاله ربيعه وعبد الملك.
وروي ابن وهب عن مالك قال: إذا ناول الداخل في الحرز آخر في خارجه قطع الدخل وعوقب الخارج، وإن كان الخارج يدخل يده داخل الحرز فيخرج المتاع فهو الذي يقطع ويعاقب الداخل. وهذا مذهب بن القاسم.
وقال في الداخل يربط والخارج أخرجه بالحرز فليقطعا جميعاً ولو اجتمعت ايديهما فيالنقب في المناولة قطعا جميعا (3) وإن أخذ.
__________
(1) كلمتان مطموستان.
(2) ساقط من ص.
(3) هنا طمس بمقدار ثلاث كلمات.

(14/391)


الداخل قبل يخرج. [أدخل الخارج يده إلي الحرز فناوله الداخل قطعا] (1).
قال ابن القاسم في الداخل (2) يرمي المتاع خارج الحرز ثم يؤخذ قبل يخرج من الحرز إنه يقطع، ووقف فيه مالك. وروي عنه أشهب وابن عبد الحكم أنه يقطع، وروي مثله ابن القاسم.
قال مالك: وإنما القطع في خروج المتاع لا في خروج السارق. وقاله عبد الملك. قال عبد الملك: وما رمي به السارق من الحرز فأتلفه قبل يخرج هو من الحرز فإن قصد إتلافه كالمؤيس من أخذه مثل أن يرميه في نار عامداً وهو مما لا تبقيه النار فلا قطع عليه. وما كان على غير هذا يرميه ليخرج فيأخذه، أو يرميه إلى غيره فإنه يقطع (3) ذلك أو بقي وأخذ في الحرز.
قال مالك: وإذا دخل فسرق وآخر يحرس [له] فلا قطع على الحارس ويعاقب.
قال يحي بن سعيد: ومن أوي (4) السرقة للسارق وأخفاها له أوجع ضرباً.
قال وإذا دخل رجلان الحرز فسرق أحدهما دينارا فأعطاه (5) الآخر أو أودعة إياه قبل أن يخرجا، فإنما القطع على (6) من خرج به. وكذلك إن كان ثوباً فباعه منه في الحرز.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) كذا في ق وهو أنسب. وفي ص: في السارق.
(3) طمس بقدر كلمتين.
(4) كذا في ق وهو الأنسب. وفي ص ما يشبه: أرجي.
(5) في ص: فقضاه.
(6) صفحت عبارة ص: فإنما يقطع على.

(14/392)


قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن سرق من مال بينه وبين آخر مما قد حجب عنهما سته دراهم فصاعدا قطع، فذكرت له قول من قال لا يقطع حتي يجاوز فوق حقه من جملة المال بثلاثة دراهم فلم يره. قال أصبغ: وقد اختلف فيه، وأنا أقول لا يقطع (1) حتي يجاوز نصيبه من الجميع بثلاثة دراهم، واستحسنة ابن حبيب للدراية بالشبهة قال: والأول القياس.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك في الشريكين [يكون] (2) لهما قمح مغلق عليه، فيأتى أحدهما فيسرق منه ما يجاوز حقه بما فيه القطع إنه لا يقطع، لأنه يفتحه إذا شاء دون شريكة، ولكن إن كان على يدي أحدهما أو على يدي غيرهما فسرق منه الذي لم يؤتمن عليه ما يكون في نصيب شريكه من المسروق مما فيه القطع فإنه يقطع.
ومن سرق من المغنم، وهو من أهل ذلك المغنم بعد أن حيز عند رجل قدر ربع دينار قطع، لأن حقه فيه لا قدر له.
قال محمد قال أشهب عن مالك، وهو قول عبد الملك في سرقه أحد الشريكين مما حجر عنه من الشركة بين أمين إنما يراعي فوق حقه من المسروق بثلاثة دراهم. والفرق بينه وبين أن لو وطئ أمة من الشركة أنه لا يحد وإن منع منها وجعلت بيد غيره أنه يعذر بجهله في إستباحة وطئها، ولا يعذر في السرقة.
قال: وما سرق من المغنم بعض أهله قبل أن يجوز فلا يقطع ويؤدب، وإن كان بعد أن يجوز وجعله بيد أمناء فإنه يقطع إن كان جميعا ما سرق ثلاثة دراهم، لأن حظه منه لا بال له. وكذلك من سرق من بيت المال
__________
(1) كذا في ق وهو أنسب. وفي ص: وأنا أقول إنه لا يقطع.
(2) ساقط من ص.

(14/393)


وقال يحيي بن سعيد: من سرق من الفئ قبل يقسم فإنه يقطع إلا أن يكون من الأمناء الذين جعلوا على المقاسم فتكون خيانة.
قال ابن وهب قال مالك والليث: يقطع في السرقة من المغنم وبيت المال.
فيمن سرق مالا يجوز ملكه
أو ما يجوز ملكه ولا يجوز بيعه
ومن سرق صبيا أو أعجميا حرا أو عبدا
من كتاب ابن المواز: قال أشهب فيمن سرق زيتا وقعت فيه فأرة فماتت إنه يقطع إذا كان يسوي لو بيع على هذا ثلاثة دراهم، ويغرم قيمته إن كان بها مليا.
ومن سرق جلد ميته غير مدبوغ لم يقطع، ويقطع في المدبوغ عند أشهب. وفي رواية ابن القاسم عن مالك: إن كان قدر قيمة ما فيه من الصنعة بالدباغ ثلاثة دراهم: قال ابن القاسم: قيمة ذلك يوم دبغه وكذلك لو كانت حرارة أو دباغ وصنعة ما كانت. قال مالك: ولا قطع في الميته، وقد نهي النبي عن الانتفاع بعصبها (1) ولا في النبيذ المسكر يسرقه من مسلم أو ذمي [وكذلك في الخنزير وإن سرقة مسلم أو ذمي] (2) من ذمي أو مسلم، إلا أنه إن سرقه من ذمي فإنه يغرمه في ملائمة مع وجيع الأدب (3).
__________
(1) في كتاب اللباس من سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة، ومسند أحمد بلفظ: لا تستمتعوا أو لاتنتفعوا من الميتة بإرهاب ولا عصب.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص. والإكمال من ق.
(3) هنا يبتدئ بتر بقدر صفحتين في ق بسبب ضياع لوحتين من الكراسة المجموعة

(14/394)


ومن سرق صليبا من خشب أو تمثالا من كنيسة أو غيرها نظر إلي قيمته على أنه صليب أو تمثال، فإن بلغت ثلاثة دراهم قطع من سرقة مسلم أو ذمي من مسلم أو ذمي.
ومن سرق كلباً مما نهي عن اتخاذه لم يقطع، واختلف فيه إن كان كلب صيد أو ماشية، فقال أشهب يقطع وإن كان نهي عن بيعه (1)، كما يقطع من ثقب خندق رجل فسرق من شمر تخليه قبل بدو صلاحه ما قيمته على عدوه ثلاثة دراهم. وقال ابن القاسم: لا قطع في الكلب لصيد أو غيره ولا يعجبنى ثمنه وإن احتاج إلي شرائة فهو أخف.
ومن سرق سبعا فقال أشهب: إن سوي في عينه ثلاثة دراهم ففيه القطع. وراعي ابن القاسم فيه جلده ذكياً فإنه تجوز الصلاة عليه. بل بجلده إّذا ذكي. قال ابن القاسم: ويقطع في الوحش كالضبع (2). ومن سرق خراماً عرف (3) وطائراً عرف بالإجابة إذا دعي، فأحب إلينا أن لا يراعي إلا قيمته على أنه ليس فيه ذلك ولا سوي ذلك من مال العمد والباطل (كذا).
وأما سباع الطير المعلمة فلينظر إلي قيمتها على ما يتعلق ذلك وذكر عن أشهب أنه قوم كله بغير ما فيه من ذلك، وكان بارزاً معلماً أو غيره وهو نحو قول مالك في إذا أغرم إذا قتله.
ومن سرق لحم أضحية أو جلدها قطع إذا كان قيمة ذلك ثلاثة دراهم، وقاله أشهب.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن سرق له أضحية قبل الذبح قطع وأما إن سرقها بعد الذبح فلا يقطع لأنها لا تباع في فلس ولا تورث.
__________
(1) في ص. وإن كانت أنها عن بيعة. وهي مصحفة، كتبناها مصححة حسب مقتضي السياق عدم وجود نسخة أخري للمقابلة وسيتكرر مثل هذا فلا يقيد التنبيه عليه.
(2) كلمة مطموسة
(3) ثلاث كلمات مطموسة.

(14/395)


مالا، لكن تورث لتؤكل. ومن سرقها ممن تصدق عليه بها قطع إن كان قيمتها ثلاثة دراهم لإن المعطي ملكها فله يبيعها عندها (كذا).
ومن العتبية (1) روي عيسي عن ابن القاسم، وذكر عن ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم فيمن سرق مزمارا أو عودا أو مثل الدف والكبر وغيره من الملاهي، فإن كان قيمته بعد الكسر ربع دينار قطع سارقة من مسلم أو ذمي.
قال في كتاب ابن حبيب: أو سرقة ذمي من ذمي لأن على الإمام كسرها عليهم إذا أظهروها، أو كان فيه فضة وزنها ثلاث دراهم قطع، يريد ولا يبالي بقيمته، قال في كتاب ابن حبيب: قد علم بها السارق لظهورها فيه.
قال في الكتابين: وأما الدف والكبر (2) وإن كان في قيمتها صحيحين ربع دبنار قطع لأنه قد أرخض في اللعب بهما.
قال: ومن سرق كلبا وفي عنقه قده ثمنها ربع دينار فإنه يقطع. قال في كتاب ابن حبيب: إذا كان السارق قد رآها وعلم بها، فإن لم يكن علم بالقدر لم يقطع.
ومن كتاب ابن المواز: ومن سرق جلد ميته غير مدبوغ لم يقطع وإن كان مدبوغا قطع عند أشهب.
قال عبد الله يعنى إن بلغ ما فيه القطع.
وقال ابن القاسم عن مالك: إن كان قيمته (3) من الصنعة ثلاث دراهم قطع، وإلا لم يقطع. قال ابن القاسم: قيمته يوم دبغة.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 236
(2) بعد هذا كلمتان غير مفهومتين هكذا: يبس فهما.
(3) كلمة مطموسة.

(14/396)


ومن كتاب ابن المواز قال: ومن سرق صبياً حراً أو أعجميا كبيرا أو صغيراً قطع إذا كان من حرز. قاله مالك وأصحابه وابن شهاب والليث وقال ربيعة: الصبيان بمنزلة (1) إن أخذوا من حرزهم قطع، وإن كان من غير حرز عوقب. قال أشهب: وذلك أن الصبي الحر لم بلغ أن يعقل نفسه، والعجمي لا يعقل مثله ما يرد به، فهذان يقطع سارقهما كانا حرين أو عبدين. قال ابن القاسم وأشهب: فإن كان الصبي يعقل والعبد فصيح فلا قطع فيهما.
وقال ابن الماجشون في موضع آخر لا قطع على من سرق خمراً.
ومن العتبية (2) روي عيسي عن ابن القاسم فيمن سرق أعجمية ووطئها فعليه الحد والقطع، وإن كان محصنا رجم ولم يقطع (3). قال أشهب: وإن راطن أعجميا فأجابه لم يقطع، ولو دعا صبيا صغيرا فخرج إليه فمضي به قطع
وقد ذكرنا هذا في باب آخر.
__________
(1) كلمة أخري مطموسة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 236.
(3) هنا ينتهي بترق المشار إليه انفا.

(14/397)


في السرقة من الثمار والنبات قبل (1) أو الجرين
أو من حريسة الجبل أو من غنم معها راعي
أو من دواب في الرعي
وسرقة النخلة وما يتصل بذلك
ومن العتبية (2) روي أشهب عن مالك وذكره ابن المواز من رواية أشهب في الزرع يحصد، قال في كتاب محمد، ويربط ويترك في الغائط (3) ليحمل إلي الجرين. وقال في العتبية (4) بحصد فيجمع من الغائط في موضع ليحمل إلي الجرين. قال في الكتابين: فيسرق منه قبل أن يحمل وقد ضم بعضه إلي بعض، إنه يقطع، كان عنده حارس أو لم يكن، وليس كالزرع القائم.
قال في العتبية (5): وموضعه له حرز، وربما ترك هناك الزمان الطويل، وليس كالثمر في الشجر، وهو مثل ما جذ ووضع في أصلها، ففي ذلك القطع وإن لم يكن عنده حارس لأنه يطول، كما لا يراعي في الجرين حارس.
ابن المواز والعتبي في زرع مصر من القمح والقرط يحصد ويترك في الموضع الذي حصد فيه أياما لييبس فيسرق منه. قال: ليس هذا جرين ولا مراح، وماهو عندي بالبين أنه يقطع فيه. قيل: وإنما يدرس في الجرين، قال هذا بين، يقول إذا سرق من الجرين. قال ابن المواز: فهذا
__________
(1) كلمات مطموسة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 218.
(3) الغائط: المطمئن الواسع من ألأرض قاموس.
(4) البيان والتحصيل، 16: 218.
(5) البيان والتحصيل، 16: 218.

(14/398)


أحب إلينا، لأن كل ماله حرز وموضع ينقل غليه فليس موضعه ذلك بموضع له. ولو حمل فسرق منه في الطريق لقطع سارقة إن كان معه أحد. وإنما قطع لمكان موضعه.
قال ابن حبيب عن أصبغ في الزرع يحصد ويترك مربوطاً في الفدان أياما، فقال أشهب وابن نافع يقطع من سرق منه. قال ابن القاسم: لا يقطع، وبه قال أصبغ، إلا أن يكون له حافظ فعلي من سرق منه القطع.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية (1) في رواية أصبغ عن ابن القاسم ولا قطع على من سرق من الغائط (2) في موضع ليحمل إلي الجرين، هذا الموضع الذي يجمع فيه ليحمل للمنع. [قال العتبي] (3) وقاله أصبغ ومحمد، ذلك أنه لا يحمل لحرز ولا لموضع حرز.
ومن كتاب ابن المواز: يقطع في البقل إن لم يكن قائماً حصد وأحرز، ويقطع في كل شئ حتي الماء إذا أحرز لوضوء أو شرب أو غيره، وحتى الحطب والعلف والتبن والورد والياسمين والرمل والرماد إذا سوي ثلاثة دراهم وحرز (4) وسرق من حرز.
قال: ومن سرق ثمرة نخل قبل يجد وهي في دار أو كان مجذوذا في منزلة، فهذا يقطع إذا بلغت قيمته على الرجاء والخوف ربع دينار. ولو كان ذلك في الحوائط والبساتين لم يقطع في الثمر المعلق أو غير المعلق، مالم يكن في موضع قد أحرز ونحي عن موضعه.
قال ابن وهب عن مالك: ولا يقطع إن سرق نخله صغيرة أو كبيرة، ولو اجتثها وهي مقطوعة الرأس وخرج لم يقطع. ولو كانت حسنة
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 218 و 256.
(2) كلمة مطموسة.
(3) ساقط من ص
(4) هكذا في ق. وفي ص: وسرق من حرز.

(14/399)


ملقاة قد تركت في الحائط ففيها القطع. وقال أشهب: أما إن لم يتركها مطروحة وأحرزها في الجنان في موضع منه حريز وكان الجنان في حرز أو له حارس فإنه يقطع.
وقال ابن القاسم عن مالك: إذا قطعها ربها ووضعها في الجنان قطع سارقها، وكذلك جميع الشجر. قال محمد: وأظنه أنه لا حرز لها إلا حيث ألقيت فيه (قال) (1): ولو كان إنما وضعت لتحمل إلى حرز لها معروف لم يقطع حتى تضم إليه، فهذا أحب إلي، وأحسب فيه اختلافا.
وإذا كان (2) بموضع لا حارس عليه ولا غلق، فقال أشهب: إن كان في صحراء فلا قطع على من سرق منه، وإن آواه إلى موضع يكون مثله حرزا فإنه يقطع، كان عليه حارس أم لا.
وقال ابن القاسم: فيه القطع مثل حريسة الجبل إذا آواه المراح وإن كان إلى غير الدواب (3) ولا حظر ولا غلق وأهلها في بيوتهم، قاله مالك.
وكذلك قال في السرقة من خباء المسافر وإن ذهب عنه ولم يدع فيه أحدا.
ومن العتبية (4) روى عيسى عن ابن القاسم وابن وهب في الراعي يبعد بغنمه فيدركه الليل في موضع لم يكن بها له مراح فيجمعها ثم يبيت فيسرق منها، قال: يقطع وهو كمراحها.
قال ابن القاسم: وحريسة الجبل (5) كل شيء يسرح للرعي من بعير أو بقرة أو شاة أو غير ذلك من الدواب، لا قطع على من سرق منها وإن كان أصحابها عندها.
__________
(1) زيادة في ص.
(2) كلمة مطموسة.
(3) في ق: إلى غير الدور.
(4) البيان والتحصيل، 16: 242 و 262.
(5) جاء في الحديث لا قطع في حويسة الجبل. قال في النهاية: أي ما يحرس بالجبل لأنه ليس بحرز. وقد صحف الجبل في ص: الخيل.

(14/400)


قال: في الراعي يجمع غنمه في الرعي فيسوقها إلى المراح فيسرق منها وهي على الطريق ففي ذلك القطع. قال: وإذا كان على النخيل والزرع أو جذ التمر (1) فجمع في مكان واحد وأغلق عليه الباب، فعلى من سرق منه القطع. وأما الذي لا قطع فيه فالذي يكون في (2) من غير تحظير ولا بيت يغلق.
وروى عنه ابن القاسم (3) فيمن ضرب خباء في العرط (كذا) فربط درابة حوله وفصل عنها (4) لا يحولها عن موضعها فسرق رجل منها، قال: لا قطع عليه.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن ساق غنمه من مراحها إلى مسرحها فسرق منها أحد قبل تخرج من بيوت القرية إنه يقطع. وكذلك إذا ردها من مسرحها إلى مراحها، فإذا سرق منها بعد أن أدخلها القرية وخالطت البيوت (وهو يسوقها) (5) إنه يقطع وإن لم تدخل المراح.
وفي باب حرز الدواب وسرقتها هذه ذكرها ابن المواز عن مالك مثل ما ذكر أصبغ وأزيد ما ها هنا. ومسألة السرقة من ثياب القصار ينشرها على الحر (6) في باب السرقة من حبل (7).
__________
(1) صحفت عبارة ص كثيرا والتصحيح من ق.
(2) هنا كلمة لا تقرأ.
(3) هكذا في ق. وفي ص: ابن المواز.
(4) كذا في ق. وفي ص: وحصل عليها.
(5) ساقط من ص.
(6) كذا في ق وهو الصواب. وصحف في ص: البحر.
(7) في ص: في جبل وهو تصحيف.

(14/401)


في السارق يرد السرقة إلى الحرز أو يوجد في الحرز
ثم يهرب بها أو ترك حتى أتى بالبينة (1)
ومن سرق من جوع أو من سرق من مال الإمام
ومن سرق من بيت رجل وادعى أنه أودعه عنده أو أنه أرسله
من العتبية (2) قال أبو إسحاق (3) البرقي عن أشهب في السارق يخرج السرقة من الحرز ثم يردها فيه فإنه يقطع لأن القطع وجب بالخروج.
قال عيسى ومحمد بن خالد عن ابن القاسم: وإذا أخذ السارق في الحرز وقد ائتزر بإزار ثم انفلت وهو عليه فلا قطع عليه، علم أهل البيت أنه عليه أو لم يعلموا.
قال أصبغ فيه وفي كتاب ابن المواز: وإذا رأى السارق يسرق متاعه فتركه وأتى بشاهدين ليعايناه يسرق فنظراه ورب المتاع معهما حتى خرج به، قال في كتاب ابن المواز: ولو أراد أن يمنعه لمنعه، قال: فلا قطع عليه، ونحن نقول أنه قول مالك. وقال أصبغ: عليه القطع.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق من جوع أصابه لا قطع عليه. قال ابن حبيب: وروي عن أبي هريرة لا قطع في عام مجاعة، وذلك للمضطر. وذكر غيره إنه روي عن عمر: لا قطع في سنة (4).
__________
(1) صحفت عبارة ص: أو يقول حتى تأتي البينة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 227.
(3) كذا في ق وهو الصواب. وفي ص: ابن إسحاق.
(4) انظر البيان والتحصيل، 16: 324.

(14/402)


وروى أبو زيد في العتبية (1) في السارق يسرق من مال الإمام، قال: لا نقص عليه في القطع ولا نقص عليه في المسروق.
وروى عنه عيسى فيمن سرق متاعا من رجل وقامت عليه البينة فقال: كنت أودعته إياه إنه يقطع ولا يصدق، ولا يمين له على رب المتاع.
ولو صدقه رب المتاع لم يزل ذلك عنه القطع. قال عيسى أحب إلي إذا صدقه أن لا يقطع.
قال ابن حبيب قال أصبغ في قول مالك في السارق يؤخذ في الليل قد أخذ متاعا من دار رجل وزعم أنه أرسله إليه وصدقه الرجل، فإن كان ممن له إليه انقطاع ويشبه ما قال لم يقطع. قال: فمعنى ويشبه ما قال أن يدخل إلى المتاع من مدخله غير مستتر وأتى في وقت يجوز أن يرسله فيه مع الانقطاع الذي عرف منه إليه.
وأما إن أخذه مستترا أو دخل من غير مدخله أو دخل في حين لا يعرف فليقطع، ولا ينفعه انقطاعه إليه. وأما إن لم يعرف إليه منه انقطاع فإنه يقطع في الوجهين، إلا أن يصدقه رب المتاع فلا يقطع إذا دخل في وقت يعرف غير مستتر من مدخل. (وإن دخل من غير مدخل أو في حين لا يعرف أو دخل متسترا فإنه يقطع) (2) وإن صدقه رب المتاع.
ومن كتاب ابن المواز روى ابن عبد الحكم عن مالك فيمن أخذ بليل ومعه متاع فيقول: رب المنزل (3) أرسلني، فذلك يختلف في الساعات وحال الرجل، فإذا كان بليل وهو ممن يتهم قطع ولم يصدق. قال: وإذا كان ممن له إليه انقطاع وجاء بما يشبه لم يقطع، وإلا قطع ولم يصدق. قال محمد: إذا أقر أنه أخذها من حرز.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 264.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص. والإكمال من ق.
(3) في ص: رب المتاع.

(14/403)


قال مالك: وإن كسر الباب وأخذ المتاع وقال: أرسلني صاحبه، وصاحبه بالشام وهذا بالمدينة، قال: يقطع، وليس هذا فعل الرسول. ولو قال ربه أنا أرسلته لم يصدق.
قال مالك: وإذا أخذ في الليل وقال: ربه أرسلني إليه (1) وينكر ذلك صاحبه، أما في ساعة لا يرسل فيها وهو ممن لا يعرفه ولا هو من أهل الأمانة فإنه يقطع،
وقال ابن القاسم قال مالك: وكل من قام بالسارق وجب أن يقطع بخلاف القذف. ولو أن المسروق منه غائب لم يكن للسارق حجة، ولو حضر وقال ما سرق مني شيئاً ولا المتاع لي وعفا عنه لم يلتفت إلى قوله إذا قامت البينة بسرقته.
قال مالك فيمن سرق متاعاً بمصر وربه غائب بالشام وقال: ربه أرسلني، وقدم ربه فصدقه، فلابد من قطعه. قال أشهب: إذا سرقه (2) مستتراً.
وكذلك إن تأخر قطعه حتى مات المسروق منه والسارق وارثه، لأن القطع لزمه قبل أن يرثه. وكذلك إذا ادعى عليه وديعة أو غيرها فجحده فأخذها من يده سرقة مستتراً فإنه يقطع إلا أن يقيم بينة أنه أودعه ذلك وإن لم يشهدوا بملكه له.
__________
(1) كذا في ق. وهو المناسب. وفي ص: وقال: ربه أتى به.
(2) صحف في ص: إذا قطعه.

(14/404)


فيما يسرق بالفلاة من مطامر
والسرقة من القبر والسرقة من المسافر يكون بالفلاة
والمسافرون يسرق بعضهم من بعض
وأهل السفينة وفي السفينة تسرق
من العتبية (1) من سماع ابن القاسم وفي كتاب ابن المواز قال مالك في مطامر بالفلاة يخزن فيها الطعام وتعمي حتى لا تعرف أو تكون بحضرة الدور ومنها ما يكون بيناً بحضرة أهله فيسرق منها ما يسوي ثلاثة دراهم، فأما التي بالفلاة قد أخفاه ربه وعفى عليه وأسلمه فلا قطع عليه، وما كان بحضرة أهله معروفاً ففيه القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم.
وقال عنه أشهب في المسافر ينزل بالفلاة فيضرب خباءه وينيخ إبله فيسرق سارق من متاعه الذي في الخباء أو في خارجه ومن تلك الإبل فهي معقلة (2) أو غير معقلة إذا كانت قرب صاحبها، ففي ذلك كله القطع.
وكذلك إن لم يكن له خباء (3) المراح والجرين عليه حرز.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في مسافرين ضربوا أخبيتهم وأناخوا إبلهم، ثم ذكر مثل ما تقدم وقال: فإن سرق بعضهم من بعض قطع السارق. محمد: يريد ما لم يكونوا من أهل خباء واحد. قال محمد (4) وذلك كدار فيها سكان يسرق بعضهم من بعض. قال مالك: وما كان من إبلهم (5) في الرعي فلا يقطع من سرق منها.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16:216.
(2) في النسختين: (معلقه) ولعل الصواب ما أثبتناه.
(3) كلمة مطموسة.
(4) في ق: قال مالك.
(5) صحفت في ص: من أوانيهم.

(14/405)


قال مالك في الرفقة ينزلون في الفلاة كل قوم على حدة ويضم (1) كل رفقاء متاعهم على حدة، إلا أنهم نزلوا بموضع واحد فإن سرق بعضهم من بعض فذلك كالدار المشتركة ذات المقاصير، يقطع إن سرق بعضهم من بعض. وكذلك إن سرق أهل الخباء الواحد وأتفقا (كذا) بعضهم من بعض.
ومن يسرق منهم من غير رفقائه أو من غير أهل خبائه قطع، والخباء نفسه إذا سرق قطع سارقه.
قال ابن القاسم فيمن طرح ثوباً في الصحراء وذهب لحاجته فيسرق، فإن كان منزلاً نزله (2) قطع سارقه، وإلا لم يقطع. (وقال أشهب: إن طرحه بموضع ضيعة فلا قطع فيه) (3) وإن طرحه بقرب منه أو من خبائه أو من خباء أصحابه، فإن كان سارقه من غير الخباء قطع.
وقال يحي بن سعيد قال محمد: و (أما) (4) أهل السفينة يسرق بعضهم من بعض فلا قطع عليه، وهي كالحرز الواحد، إلا أن يسرق منهم أحد من غيرهم مستتراً فليقطع إن أخرج ذلك من المركب، ويقطع من سرق السفينة نفسها، إلا أن تكون مخلاة لا أحد فيها.
وقال ابن القاسم وأشهب إنها إن كانت في المرسى على وتدها أو بين السفن أو بموضع لها حرز، فعلى سارقها القطع وإن لم يكن معها أحد، وإن كانت مخلاة أو أفلتت ولا أحد معها فلا قطع فيها إلا أن يكون معها أحد.
__________
(1) في ص: ويمضي وهو تصحيف.
(2) في ص: منزلاً أنزله.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(4) زيادة في ص.

(14/406)


وإذا كان فيها مسافرون فأرسلوا بها في مرسى وربطوها ونزلوا كلهم وتركوها، فقال ابن القاسم: يقطع من سرقها، وقال أشهب: إن ربطوها في غير مربط لم يقطع كالدابة.
قال محمد: إن كانت بموضع يصلح أن يرسى فيه قطع، وإن كان في غير ذلك لم يقطع.
(ويقطع) (1) من سرق من المحمل كان فيه صاحبه أو لم يكن فيه أحد.
قال مالك: إن كان مقطوراً (2) بالإبل أو كان معها وليس بناء عنها (3).
قال مالك: ويقطع السارق من القبر ولا يقطع حتى يخرج من القبر، وإن أخذ فيه فلا يقطع إلا أن يكون رمى المتاع خارجاً من القبر فيقطع.
والقبر حرز لما فيه كما البيت حرز لما فيه. وقاله ابن المسيب وعطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة:
فيمن سرق مما يوضع بالسوق للبيع من مواقف فناء
والسرقة مما ينشر الصباغ والقصار أو ما على الحائط
أو على الدابة أو على الصبي أو إلى جانب المسجد
من كتاب ابن المواز قال مالك: وما وضع في السوق للبيع من متاع أو شاة فموضعه حرز ويقطع سارقه، كان على قارعة الطريق من غير حانوت ولا تحظير ولا حصير، كان صاحبه عنده أو قام لحاجته وتركه، كان
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: مقطوعاً. وهو تصحيف.
(3) صحفت عبارة ص: وأمر يشاد عنها.

(14/407)


في ليل أو نهار، كان ما وقف للسوم أم لا، إلا أن يدخل (الرجل) (1) حانوتاً لشراء يريد بإذن. فيسرق منه فلا يقطع، ما لم تكن من الحوانيت المباحة في دخولها فتصير (2) كالأفنية يقطع من سرق منه، (يريد) (3) ولا يرعى فيه الإذن، وهو مفسر في باب من سرق من موضع أذن له في دخوله.
وقال في الشاة توقف في السوق للبيع، فتسرق إن فيها القطع وإن لم تكن مربوطة. وكذلك الأمتعة توضع للبيع، والطعام في القفاف ولهم حصر يغطونها ليلاً وهي بلأفنية حوانيته، وربما ذهب وتركه، فمن سرق منه قطع.
قال ابن القاسم وأشهب: (وكذلك) (4) كل ما وضع في الموقف للبيع ومن متاعه، يعني حانوته، وله حصير من قصب ربما أغلق بها وذهب.
قال: وتابوت الصراف يقوم عنه ويتركه بموضعه فيسرقه سارق ليلاً أو نهاراً، قال: يقطع كان مبنياً أو غير مبني. ولو كان شأنه أن ينصرف به كل ليلة قنسيه فسرق فلا قطع فيه.
والبعير يعقله ربه في السوق ليحمل عليه فيسرق، قال مالك: ففيه القطع. قال مالك: وكذلك الإبل المناخة يموضع (5) فيه الكراء قد عرف، قال ربيعة في البعير المعقول في السوق يحل ويذهب به ففيه القطع.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) في ص: فتعتبر.
(3) ساقط من ص.
(4) ساقط من ص.
(5) كلمة مطموسة.

(14/408)


ومن العتبية روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن جعل ثوبه قريباً منه ثم قام يصلي فسرقه رجل فإنه يقطع. وإذا أخذ وقد قبضه قبل (1) لزمه القطع. ولو قلت (2) حتى يخرج به من المسجد ففيه القطع.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية (3) من سماع ابن القاسم في الغسال يغسل الثياب على الحر وينشرها فيسرق منها وهو يغسل أخرى إنه لا قطع فيها ورآها كالغنم في الرعي.
قال: وما سرق على حبال الصباغين من الثياب المنشورة يمدونها على حوانيتهم في الطرق فلا قطع في ذلك أيضاً، ولعله يذهب ويدعها أو يطرحها الريح. وكذلك في كتاب ابن المواز عن مالك من رواية ابن القاسم وابن عبد الحكم.
وقد روي عن مالك في حبل الصباغ والقصار أنه يقطع من سرق منه. قال أصبغ قال ابن القاسم: ولا فرق بين حبل جديد وقديم، وأنكر قول من فرق بينهما.
قال ابن القاسم في الكتابين في الثوب ينشر على الحائط فتدلى بعضه للطريق فجره سارق من الطريق بقصبة أنه يقطع. وهذا أبين من الأول يعني من السرقة من دار مفتوحة.
وقال أشهب وابن القاسم عن مالك في صبي كان على دابة بباب المسجد فقطع رجل الركابين، فعليه القطع. قال عنه أشهب: إن كان الصبي ليس بنائم، وإن كان نائماً فيشبه أن لا يلزمه قطع، وما أدري وأراه كالدابة لا أحد معها. وأما المربوطة في حرزها فمن سرق منها فليقطع. قال أشهب: إذا كان الصبي نائماً فلا قطع على سارق الركابين.
__________
(1) كلمة مطموسة.
(2) طمس بقدر ثلاث كلمات.
(3) البيان والتحصيل، 16: 208 - 209.

(14/409)


ومن خلى دابته بباب المسجد ودخل يركع فسرقت فلا قطع على سارقها. ومن سرق من المحمل قطع، كان فيه صاحبه أو لم يكن، إلا أن يكون مخلى هكذا فلا قطع.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ: من سرق من حبل الغسال قطع، ولو سرق الحبل نفسه قطع إن كانت قيمته ثلاثة دراهم.
وقال أصبغ فيمن نزل عن دابته وتركها ترعى فسرق رجل سرجها من عليها فلا يقطع كمن سرق شيئاً على صبي صغير لا يدفع عن نفسه.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن سرق قرطاً من أذن صبي أو سواراً عليه أو معه، فأما الصغير لا يعقل ولا يحرز ما عليه وليس مع الصبي خادم يحمله أو يصحبه فلا قطع عليه، وإن كان معه أحد يصحبه قطع السارق إن سرق (1) ذلك مستتراً. وإن لم يكن معه أحد لم يقطع، إلا أن يكون الصبي في حرز، فيقطع سارق ما عليه كما يقطع لو سرقه نفسه.
وإذا كان الصبي يعقل وممن يحرز ما عليه قطع من سرق منه شيئاً مستتراً، كان في حرز أو غيره، كان معه حافظ أو ليس معه أحد. وإن أخذه منه على وجه خديعة بمعرفة من الصبي لم يقطع. وكذلك لو كابده. وأما الصغير فبعلمه وبغير علمه سواء. وكذلك أخبرني أصيغ عن ابن القاسم.
وروى ابن وهب عن مالك في السارق مما على الصبي إن كان من دار أهله قطع، وكذلك إن سرق الصبي نفسه. وقال: إذا كان مثله يحرز ما عليه (قطع سارق ما عليه) (2) مستتراً، وإن كابده لم يقطع. قال عنه ابن القاسم: وإذا كان مع الصبي خادم يحمله قطع إذا كان مستتراً. قال محمد: وهذا في الصبي الصغير والكبير.
__________
(1) في ص: وإن قطع، وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.

(14/410)


في السرقة مما في المسجد والكعبة
والمحارس والحمام
ومن سرق ثوبه في المسجد (1)
من العتبية (2) من سماع ابن القاسم وهو في كتاب ابن المواز قال مالك: لا قطع على من سرق من حلي الكعبة لأنه دخلها بإذن مثل بيوت الناس يدخل فيها بإذن. قال محمد في كتابه: ولم يجعله مثل المساجد.
قال مالك: وكذلك بيت يكون فيه قناديل المسجد وحصره أو بيت تكون فيه زكاة الفطر في المسجد أو فيه غير ذلك، فمن دخل فيه بإذن لم يقطع فيما سرق منه، ومن دخله بغير إذن فسرق منه مستتراً قطع إذا خرج به من البيت إلى المسجد، لأن خزانة المسجد المباح دخوله بخلاف خزانة البيت الذي لا يدخل إلا بإذن. هذا خزانته مثل بيته.
ومن العتبية (3) قال ابن القاسم عن مالك: ومن سرق من قمح الفطرة الذي يجمع في المسجد،- يريد يذهب فيه- وإن لم يخزن في خزانة.
ابن القاسم: ومن سرق من بسط المسجد التي تطرح في رمضان، فإن كان عنده صاحبه قطع، وإلا فلا (وقال مالك في الكتابين في محارس الإسكندرية يعلق الناس السيوف (4) فيسرق منه، فإن كان ربه عنده قطع
__________
(1) هذا العنوان تنقصه كلمات مطموسة.
(2) البيان والتحصيل، 16: 205.
(3) البيان والتحصيل، 16: 231.
(4) كلمة مطموسة.

(14/411)


سارقه وإلا فلا) (1) إلا أن ينقب فيسرق ولم يدخل من مدخل الناس فيقطع وإن لم يكن عند المتاع حارس.
قال وسارق البساط من المسجد إن احتمله من مكانه فأخذ قطع وإن لم يخرج من المسجد، لأن المسجد ليس بحرز لشيء.
قال ابن حبيب عن أصبغ قال مالك: إذا سرق من الحمام ودخل من بابه لم يقطع إلا أن يكون عند الباب من يحرزه. قال أصبغ: سواء عنده دخل بإذن أو بغير إذن مستراً لا يريد دخول الحمام ولكن يريد السرقة إذا كان ممن دخل الحمام.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن سرق من بلاط الحمام ورصاصه وميازيبه فأما من دخل مع الناس للجميع (كذا) فلا يقطع إلا أن يسرق ذلك من بيت مغلق من الحمام فيقطع.
وأما من سرق ولم يؤذن له فيه ولا في وقت الدخول فعليه القطع.
قال مالك: وإذا سرق من دخل الحمام من ثياب الناس، فإن كان معها حارس أو كانت في بيت تحرز فيه بغلق ففيها القطع، وأما ما وضع في بعض مجالس الحمام بغير حارس ولا غلق فلا قطع فيه، إلا أن يسرقه من لم يدخل من مدخل الناس، وإنما نقب واحتال فيقطع.
قال مالك: وليس في الحمام من متاع الناس لا حارس له مثل ما يوضع بالأسواق من المتاع ويذهب عنه ربه، ففي هذا القطع.
قال ابن وهب: وقال الأوزاعي بقول مالك في السارق من الحمام. وروى ابن القاسم عن مالك في الحمام هل يقطع السارق منه؟ قال: ربما أخطأ الرجل وربما أغفل. قال ابن سحنون: يقول ظننته ثوبي (2). قال مالك:
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص. وقد أقحم بدله سطران يتعلقان بالسرقة من الحمام.
(2) هكذا في ص. وعبارة ق: قال سحنون: يريد بقوله ظننته ثوبي.

(14/412)


وقد أمرت صاحب السوق أن يضمن صاحب الحمام ثياب الناس أو يأتوا بمن يحرسها.
قال عيسى عن ابن القاسم: من سرق من حصر المسجد (قطع) (1) وإن لم يكن له باب. ومن سرق الأبواب قطع. وروى ابن القاسم عن مالك: إذا كانت سرقته للحصر نهاراً لم يقطع، وإن كان تسور عليها (ليلاً قطع) (2).
وذكر عن سحنون في غير العتبية: إذا كانت حصره قد خيط بعضها إلى بعض قطع وإلا لم يقطع.
قال ابن القاسم: ومن سرق من المسجد الحرام أو من مسجد لا يغلق فلا قطع عليه. ومن سرق القناديل قطع سرقها ليلاً أو نهاراً.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: ولا قطع في شيء من حصر المسجد وقناديله وبلاطه. وقال أصبغ في ذلك كله القطع، وقال محمد، كما لو سرق (3) أو خشبة من سقفه أو من جوائزه.
وقال ابن القسم: فيمن سرق من قمح الفطرة الذي يصب في المسجد، إن كان معه حارس قطع. وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن مالك أنه إن لم يكن معها حارس لم يقطع. وقال أصبغ: عليه القطع كان معها حارس أو لم يكن، كقناديله وحصره وبلاطه. (قال ابن حبيب: ليس ذلك كقناديله وحصره، لأن ذلك موضعه من مصلحة المسجد، وأما الفطرة فلا يقطع إلا أن يكون معها حارس، كانت في المسجد أو في غيره.
قال ابن المواز عن ابن القاسم: فإذا كان عليها حارس وإن لم يكن
__________
(1) ساقط من ص.
(2) ساقط من ق.
(3) بعدها كلمتان لا تقرآن.

(14/413)


يخرج من المسجد قطع، كما قطع سارق رداء صفوان وقد أخذ من المسجد.
ولو كانت الفطرة في بيت من المسجد لقطع إذا أخرجه إلى المسجد.
قال ابن حبيب وقال ابن الماجشون: ومن سرق من ذهب باب الكعبة قطع، ويقطع في القناديل والحصر والبلاط وإن أخذ في المسجد، كان في ليل أو نهار، وحرزها في موضعها، وكذلك الطنفسة يبسطها الرجل في المسجد لجلوسه، فإن كان تركها فيه وجعلها كالحصير من حصره، فسارقها كسارق الحصر، وقال مالك (كما) (1) في طنافيس طوال كانت تترك فيه كالحصر ليلاً ونهاراً.
وقال عبد الملك: وأما طنفسة يذهب بها ربها ويرجع وربما نسيها في المسجد فلا قطع في هذه وإن كان على المسجد غلق، لأن الغلق لم يكن من أجلها ولم يكلها ربها إلى غلق، فهو قول مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال فيمن سرق رداؤه من المسجد ولو لم يكن تحت رأسه وكان قريبا منه لقطع إن كان منفذها (كذا) وكالنعلين بين يديه يكونان من المنتبه.
قلت: فقد قطع في رداء صفوان وهو نائم؟ قال: ذلك كان تحت رأسه. وقال عبد الملك في النعلين، وقاله في ثوب النائم يسرق، يريد من تحت رأسه.
وقال مالك في محارس الإسكندرية وغيرها يعلق الناس فيها السيوف، فيخرج أحدهم لضوء فيسرق سيفه فلا قطع فيه وإن خرج به السارق من المسجد، لأن صفوان لم يقم عن ردائه ويدعه، ولو كان الرجل عند سيفه لقطع سارقه إن كان السارق ممن ليس معهم، إنما جاء مثنافاً (كذا). وأما إن سرق بعضهم من بعض فتلك جناية ولا قطع فيه، وإن كان صاحبه عنده.
__________
(1) ساقط من ص.

(14/414)


فيمن سرق من موضع أذن له في دخوله
مثل المنزل وغيره
وفي أحد الزوجين يسرق متاع الآخر (1)
من العتبية (2) وكتاب ابن المواز روى أشهب: فيمن دخل حانوت رجل فسرق منه فإنه لا يقطع، وقد ائتمنه في الدخول ورجف (كذا) تركه ويقول له ناولني هذا أو ليس هذا كالأقبية. فأما يدخل للسوم – يريد فيما لا يدخل إلا بإذن – فيسرق فهذا الا يقطع.
قال مالك: ومن دخل على بزاز فباع منه ثوباً ثم خرج فتناول شيئاً فلا قطع عليه.
ومن العتبية (3) قال أشهب (عن مالك) (4) من أدخل رجلاً منزله فسرق ما في كمه واختلسه فلا قطع عليه كما لو فعلت ذلك له به زوجته (أو أخوه) (5) وترك القطع فيما يشك فيه خير من القطع.
قال عيسى قال ابن القاسم في الحوانيت التي في السوق تدخل بغير إذن ليس على من سرق منها القطع.
وفي باب السرقة مما يوضع في السوق من هذا.
وروى سحنون عن ابن القاسم: ومن له دار يسكن في بعضها وفي بعضها حوانيت وليس معه فيها غيره وهي محجورة عن الناس، فأضاف
__________
(1) هذا العنوان ناقص بسبب طمس بعض عباراته.
(2) البيان والتحصيل، 16: 224.
(3) البيان والتحصيل، 16: 224.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط أيضاً من ص. وفيه بدله: إذا جبره. وهو تصحيف.

(14/415)


ضيفاً في بعض الحوانيت وبقية الحوانيت مغلقة فسرق الضيف من بعض تلك الحوانيت وليس هو فيها نازلاً، قال: لا قطع عليه (1).
ومن كتاب ابن المواز قال: (مالك) (2) ومن أضاف رجلاً في داره وهي غير مشتركة فسرق من بعض بيوتها وهي محجورة عنه (3) فلا يقطع وكذلك لو دق خزانة في البيت الذي كان فيه أو تابوتاً كبيراً فيه فسرق منه فلا قطع عليه (قال مالك) (4): وكذلك سرقة أحد الزوجين من متاع صاحبه من بيت قد حجره عن صاحبه فلا قطع عليه إن كانت الدار غير مشتركة، وإن كان فيها ساكن غيرهما ففي ذلك القطع.
وكذلك مماليكهما إذا أذن لهم في دخول الدار وهي غير مشتركة فلا قطع فيما سرق مما حجر عنه من بيوتها حتى يخرجه من الدار.
(قال عبد الله: هكذا وقع في هذا الموضع، وذكر لنا في موضع لآخر ولم يذكر حتى يخرجه، وقد تقدم قوله إنه جائز) (5).
وقال سحنون في موضع آخر في الضيف يسرق من بيت قد أغلق عنه إنه يقطع، أو خزانة في البيت مغلقة عنه أو تابوت كبير فيه فهو كالخزانة فيقطع إذا أخرج ذلك مما حجر عنه فيقطع وإن أخذ في الدار، وكذلك سرقة أحد الزوجين من صاحبه من بيت قد أغلقه عنه.
وأما غير المأذون في الدخول فلا يقطع (6) حتى يخرج به من الدار.
__________
(1) انظر البيان والتحصيل، 16: 252.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ص. وعبارة ق: مما حجر عنه.
(4) ساقط من ص. وفيه بدلها: لأنه جائز وهو تصحيف.
(5) هذه الفقرة ساقطة من ص.
(6) كذا في ق وهو الأنسب. وأقحمت في عبارة ص كلمة غير مفهومة.

(14/416)


وإذا سرق المأذون في الدخول من تابوت صغير في البيت مغلق، أو سرق ذلك التابوت فلا قطع.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أدخل رجلاً داره لصنيع أو لدعوة أو لعمل يعمله (له في بيته) (1) من خياطة أو غيرها فيذهب ويدعه فيسرق من ذلك البيت أو من خزانة مغلقة أو تابوت فيه كبير يكسره ويسرق منه فلا قطع عليه.
قال مالك: هي خيانة ويعاقب. وكذلك لو سرق من بعض بيوت الدار التي حجرت عنه إلا في دار فيها ساكن آخر فيقطع هذا.
وعن قوم في صنيع فيسرق بعضهم من بيت هم فيه قال: لا يقطع، وكذلك لو كر (2) بعضهم من كم بعض أو من كفه أو سرق رداءه أو نعله فلا قطع عليه ويعاقب، لأن الحرز البيت، وليس الكم في هذا حرزاً. ورواه أشهب وابن وهب عن مالك. وكذلك الأجير.
وقال في قوم في منزل فيسرق بعضهم من بعض فلا يقطع إلا أن يكون لها بيت آخر مغلق فيسرق منه آخر فليقطع.
وقال مالك فيمن يدخل إلى قوم من قريب أو غيره فيسرق متاعهم، فإن كان ذلك على وجه الائتمان فلا يقطع.
__________
(1) ساقط في ص: فلا ياتون بقطع. 14 - النوادر والزيادات 14
(2) كذا في ص. وفي ق مطموس.

(14/417)


في المختلس من المحمل
والذي يشير إلى الشاة بالعلف في خارج
وفي الدار المشتركة نشر فيها بعضهم ثوباً فيسرق (1)
من كتاب ابن المواز قال مالك: من سرق من كم رجل في الطريق قطع إذا صار في يده وإن لم يبرح، وكذلك من (2) من كمه أو ثوبه أو خطفه من نائم أو مستيقظ فإنه يقطع.
قال مالك: ومن قطع من جفن السيف أو الحمائل أو النعال أو (3) مستترا كالخلاخيل، وكمن سرق من المحمل والقطار أو المتاع في المصلى فإنه يقطع.
قال عنه أشهب: وكذلك من يقطع ما في الكم بحديدة أو يدقه بحجر حتى يأخذه فإنه يقطع. قال عنه أشهب كانت مصرورة أو غير مصرورة في كمه، ذكره ابن شعبان.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يقطع المختلس. قيل: فإن اختلس من المحمل؟ قال: ما أدري ما هذا، ولكن إن سرق مستترا قطع.
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا قطع في الخلسة (4) وقاله كثير من التابعين. قال ربيعة: إلا الآخذ شيئاً بالفلاة فتلك حرابة، بخلاف الحاضرة يختلس فيها فعليه العقوبة. وكذل خلسة المرأة من المرأة. قال عطاء: تقطع اليد المختفية ولا تقطع اليد المعلنة ولا المختلس.
__________
(1) معظم العنوان مطموس في النسختين.
(2) كلمة مطموسة يشبه أن تكون: اختلس
(3) كلمة مطموسة في ق. ويشبه أن تكون: أسلاف.
(4) في كتاب الحدود من سن أبي داود والترمذي وابن ماجه والدرامي، وكتاب قطع السارق من سن السناني بلفط: ولا على المختلس قطع.

(14/418)


ومن العتبية (1) قال أشهب عن مالك: في الذي يشير إلى الشاة بالعلف (من خارج) (2) وليس أبوابها حرزا لما فيها وهي كالدروب تغلق بالليل وتباح بالنهار. ومن نزل بها موضعاً ووضع متاعه وتابوته وكان لا ينقلب به ليلا ولا نهارا فعلى من سرقه القطع وإن أخذ ولم يخرج من باب تلك الدار والقيسارية (3)
قال مالك في هذه التي من طريق أنس ابن مالك يكون الرجل فيها نائما على لحافه أو يقوم عنه ويدعه فيسرق، أو دابة من مربطها بعناية، ففي ذلك القطع حين يأخذه وإن لم يخرج من الدار، فأما ما يجده مطروحا إنما نسيه أو سقط منه فلا قطع فيه. وقد قطع سارق رداء صفوان من تحت رأسه وقد أخذ قبل أن يخرج به.
قال فيه وفي العتبية (4) أشهب عن مالك في دار مشتركة قال في كتاب محمد: وهي طريق، قال في الكتابين: يكون للرجل فيها شاة وللآخر شاتان فيغلق الباب فتسور رجل الجدار فسرق شاة قال: يقطع.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في قوم اقتسموا دارا فحظر كل واحد منهم على نفسه بقصب فأدخل فيه دابته. فاحتلها أحدهم فلا يقطع لأنه يقول: مطرنا (كذا) رجعت (أو يقول بل) (5) وجدتها إنفلتت. قال مالك: ولو أخرجها من بعض البيوت لقطع. قال أشهب: إن كان ذلك الحظير ليس يحرز على أهل الدار ففيه إشكال. والمضاء في العفو أولى.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 227 و 258.
(2) ساقط من ص.
(3) في هذه الفقرات خل وبتر في النص لم نستطع إصلاحه من ق لضعف تصويرها حتى لا تكاد تقرأ، وكذلك من العتبية التي كثيرا ما ينقل المؤلف عنها بالمعنى.
(4) البيان والتحصيل، 16: 217.
(5) زيادة في ص.

(14/419)


قال محمد: ولو سرقها أجنبي لقطع إذا أخرجها من ذلك الحظير ومربطها.
ومن العتبية (1) قال سحنون عن ابن القاسم: إذا كان في الدار المحجورة عن الناس بئر يستقي منها الأشراك فينسى بعضهم على البئر تورا أو قدحا أو غير ذلك فسرقه أجنبي فأخرجه من الدار إنه يقطع. ولو نشر في الدار بعض الأشراك ثوبا فسرقه أجنبي قطع، ولا يقطع إن سرقه بعض أهل الدار المشتركة.
وقال أصبغ عن ابن القاسم في دار نهى صاحبها أن يغلقها فتبيت مفتوحة، ولكن ليست التي تدخل بغير إذن، كالتي لا تدخل إلا بإذن.

في حرز الدواب ومواضعها وسرقتها
من كتاب ابن المواز قال أشهب: قيل لمالك إن ابن المسيب يقول: من احتل بعيرا من عقاله فذهب به أو قطع صرة قطع، قال: أصاب.
قال مالك: ومن حل بعيرا من القطار قطع. وإذا سيقت غير مقطورة فمن سرق منها قطع والمقطورة أبين. وكذلك الروابل (كذا). ولو قال: أخذته من آخر القطار قطع إذا برز به من الإبل، إلا أن يقول: وجدته قد انقطع فلا يقطع.
قال مالك: ومن حل بعيرا من عقاله فأخذه قطع إذا كان البعير بحضرة القوم. وكذلك من دخل المسجد أو الحمام وترك دابته ببابها فسرقت، فلا قطع فيها إلا أن يكون معها أحد.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 252.

(14/420)


وأما الدابة بقبائها المعروف (1) مربوطة أو على مذودها، أو البعير المعقول بمعتلف له أو بموضع معروف يأكل عليه، فمن سرقه من مثل هذا قطع. وأما إن كان ليس بقباء (كذا) معروف وكان مخلى سبيله فلا يقطع.
ولو شاء قال: وجدته ضالاً.
(قال ابن حبيب) (2) قال أصبغ من قول مالك: من سرق دابة من مربطها المعروف قطع. قال أصبغ: وإن لم تربط فيه إلا العشرة (أيام) (3) ونحوها، فذلك مربط معروف يقطع إن سرقها منه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن ربط دابته في مرج فسرقت، فإن كان عندها حارس قطع، وإلا فلا، كان في ليل أو نهار.
وقال يحيى بن سعيد: إن كانت في حائط أو حجر قطع. قال محمد: ما لم تكن مطلقة ترعى، فأما إن كانت في مرج ينقل إليها العلف وعندها حارس ففيها القطع. وقال مالك في الدواب (4) في الربيع وقومتها معها فتسرق منها دابة وهي على وتدها مربوطة. قال: هذا من ناحية الرعي فلا يعجبني القطع فيها. قال ابن القاسم: فهي حريسة الجبل.
قال مالك: وإذا كانت الدواب أو الإبل تساق إلى المرعى غير مقطورة (5) فيسرق منها، قال: يقطع ما لم تنته إلى الرعي، والمقطورة أبين. وكذلك إذا لحق (كذا) من الرعي فهي راجعة تساق غير مقطورة وقد خرجت من حد الرعي ولم تصل إلى مراحها فتسرق في تلك الحال، قال: يقطع سارقها.
__________
(1) كذا في ص. وهي مطموسة في ق ولعها بخبائها.
(2) زيادة في ص.
(3) ساقط من ص.
(4) صحفت عبارة ص: وقال ما الذي في الدواب.
(5) في ص: غير معطول. وهو تصحيف.

(14/421)


قلت: (وكيف) (1) وقد جاء حتى يأويها المراح؟ قال: وكذلك في التمر حتى يأويه الجرين، فلو حمله أحد إلى الجرين أو إلى بيته أو حمل على دابة فسرق من عليها ألا يقطع؟ وإنما يؤخذ في الحديث بما أريد.
قال مالك في الدواب عليها الروامل (2) فيقف السارق في الطريق فيأخذ منها دابة، قال: يقطع إذا تنحى بها.
وقد ذكرت هذه المسألة في باب سرقة الثمار وحريسة الجبل من كتاب ابن حبيب، وفي باب السرقة ما يوضع في السوق من معاني هذا الباب.
في سرقة العبد وحده أو مع أجنبي
من مال سيده أو من مال ابنه الحر
أو ابن سيده أو من أجنبي
وفي سرقة الأب الحر من مال ولده
من كتاب ابن المواز قال: ويقطع العبد والأمة في السرقة وإن لم يكونا مسلمين، ملكهم مسلم أو كافر إذا سرق من مال غير سيده، ولا يقطع في مال سيده، وإن أحرز عنه ونقب (عليه) (3) ليلاً فلا يقطع فيه.
وإن سرق من متاع زوجة سيده من بيت أذن له في دخوله لم يقطع، فإن كان لم يؤذن له فيه قطع إن كان مستتراً. وكله قول مالك.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا بالراء المهملة، وهي – كما في لسان العرب: نواسج الحصير. ويحتمل أن تكون بالزاي وهي يحمل عليها من الإبل وغيرها. ولعل ما قبلها: معها.
(3) ساقط من ص.

(14/422)


وكذلك عبد الزوجة يسرق من مال الزوج، فهذا المعتق والمكاتب مثله.
قال وكذلك (إن سرق) (1) عبد فيه شرك من مالك أو (مال) (2) عبد لم يقطع. ولو سرق عبدك أو مكاتبك أو مدبرك من مال عبد آخر أو مكاتب أو مدبر مما حجر عنه لم يقطع.
ومنه ومن العتبية (3) من سماع ابن القاسم: وإن سرق العبد من مال سيده قطع.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا سرق عبدك من وديعة عندك لأجنبي من بيت لم يؤتمن على دخوله لم يقطع، ويقطع فيها الأجنبي. وكذلك ما استعرت أو استأجرته يقطع من سرقه منك.
قال ابن القاسم وأشهب: وإذا سرق عبدك من أجنبي (شيئاً) (4) من بيتك فإن كان البيت محرزاً عنه لا يؤذن له في دخوله قطع الأجنبي (قال أشهب:) (5) وإن لم تبلغ سرقتهما إلا ربع دينار. قالا: وإن كان من موضع أذن لعبد في دخوله لم يقطع الأجنبي وكذلك أجيرك.
قالا: وإن سرق كبير وصغير ما قيمته ثلاثة دراهم قطع الكبير وحده. قال أصبغ: وقاله بعض فقهاء المدينة.
قال ربيعة: وإن سرق عبدك من مال لك فيه شرك من موضع محروز عنه (6) قطع. وقال ابن وهب عن مالك إنه إن سرق أكثر من نصيب سيده – يريد ثلاثة دراهم – قطع.
__________
(1) ساقط أيضاً من ص.
(2) زيادة في ف.
(3) البيان والتحصيل، 16:215. وفيه ابن سيده. ولعل كلمة (ابن) سقطت من النسختين.
(4) ساقط من ص.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: من موضع في ورعه.

(14/423)


قال محمد: واختلف قول مالك (1) في هذا، وأحب إلي (2) إن سرق ما قيمته دراهم قطع. وكذلك إن كان شريك سيده أحرزه عن سيده. وأما إن كان سيده هو أحرزه فلا يقطع كما لو سرق وديعة عند سيده ببيت محروز عن العبد (3) فلا يقطع، وتقطع يد الأجنبي في السرقة.
ومن العتبية (4) روي أبو زيد عن ابن القاسم في عبد يدخل مع أجنبي فيسرق من بيته فلا يقطع، وغرم ما يسرق على الحر خاصة. قال عنه محمد بن خالد في عبد سرق من مال ابنه الحر، قال لا يقطع، وكذلك من مال ابنه العبد له حتى ينزعه من سيده.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا سرق والدك وأجيرك من حرز فأحب إلي أن لا يقطع وإن كانت قدر ثلاثة دراهم لشبهة إذن الأب.
ومن العتبية (5) روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن جمع (6) شيئاً من الزكاة يقسمه بين المسلمين فأدخله في بيته وأغلق عليه ثم طالب عبده بفتح الباب فسرق منه أنه يقطع، وبلغني ذلك عن مالك والبيت مما (7) لم يأتمنه مولاه على دخوله، ولو كان يأتمنه مولاه على دخوله وفتحه لم يقطع.
قال ابن القاسم في عبيد الخمس (8) يسرقون من الخمس إنهم يقطعون. وإن سرق عبيد الفيء (9) قطعوا.
__________
(1) في ص محمد وهو تصحيف.
(2) عبارة ص مصحفة: في هذا لأصحابه أبى.
(3) هذه عبارة ق وهي صحيحة. وصحفت في ص: عند سيده محروز من سيده.
(4) البيان والتحصيل، 16: 215.
(5) البيان والتحصيل، 16: 261.
(6) في العتبية: وسئل عن وال جمع.
(7) في ص: والبينة ما.
(8) صحفت في ص: عبيد الخمير. وتكرر مصحفاً.
(9) صحفت عبارة ص تصحيف شيعاً: عبيد بالغين من البئر.

(14/424)


ومن كتاب ابن المواز: ويقطع الابن في سرقة مال أحد أبويه، ولا يقطعان في سرقتهما ماله. واختلف في الجد فقال ابن القاسم: لا يقطع، وقال أشهب: يقطع. قالا: ويقطع من سواهما (1) من القرابات.

في السارق يدع الباب مفتوحاً فيسرق غيره
أو يسرق السرقة من السارق سارق آخر
أو يختلسها أو يشتريها
من كتاب ابن المواز: وإذا سرق وترك الباب مفتوحاً فذهب من البيت شيء آخر (قال مالك) (2) فإن كان أهله فيه لم يضمن ما تلف بسببه، وإن لم يكن فيه أحد ضمن ما ثبت أنه ذهب منه بعد تركه إياه مفتوحاً.
قال عبد الملك (في السارق يسرق أولاً ويقطع ثم يسرق بعده الثاني، قال) (3) يقطع الثاني (4) أيضاً لأنه سارق فإن كان (5) ضمن الأول ما سرق الثاني ولا رجوع له بذلك على الثاني، ولا يضمن الأول ما سرق بنفسه.
وقال ربيعة ومالك وابن القاسم وأشهب: ومن سرق سرقة فسرقها منه آخر، ومن الثاني ثالث. قطعوا ولو كانوا مائة فسرقها واحد من آخر. قطعوا.
__________
(1) في ص: من سرقاهما. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(4) في ص: يسرق الثاني. وهو تصحيف.
(5) بعدها كلمتان مطموستان في ق. وفي ص كلمتان محرفتان: غيريمين.

(14/425)


قال محمد: فإن تلفت من الآخر فلربها أن يختار من شاء من الموسرين منهم فيضمنه ولا يتبع من ليس مليا بشئ. ولو سرقها الأول واختلسها منه الثاني، أو سرقها من غير حرز وهما عديمان، لم يضمن إلا الثاني، وربها أحق بما يأخذ منه من غرماء الأول (وكما لو باعها لسارق فأكلها المبتاع أو باعها والسارق عديم مديان) (1) فلربها أن يأخذ من الثاني قيمتها يوم السرقة إن أكلها بقرب السرقة، وإن باعها المشتري فإنما عليه الثمن الذي قبض ما بلغ، ويرجع المشتري على السارق بما دفع المشتري إلى ربها، إلا أن يكون ما دفع إلى السارق أقل منه، فيأخذ منه الأقل، وإن كان على السارق دين خاص (2) وإنما يرجع المشتري على البائع بأقل الأمرين ما قبض منه ربها أو قبضه منه السارق ويحاص به غرماءه.

فيمن تلزمه قيمة السرقة إذا سرق
ومن لا تلزمه ومن استهلك في الحرز والسرقة تباع
من كتاب ابن المواز: قال مالك وأصحابه: ومن سرق ما لا يجب فيه القطع إما لقلته أو لأنه من غير حرز أو لغير ذلك فإنه يتبع به في عدمه (وحاص غرماءه. وإذا كان ملياً يوم القطيع (3) متصل من يوم سرق إلى يوم قطع، وإلا لم يتبع) (4) وإن كان الآن ملياً بعد عدم تقدم له. قال مالك: وهو الأمر المجتمع عليه عندنا.
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: خلص. وهو تصحيف.
(3) طمس بقدر نصف سطر.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(14/426)


قال مالك: ولو كان يلزمه الغرم إذا أيسر بعد عدم لكان ذلك في رقية العبد إذا عتق. (قال محمد) (1) ولو قطع وهو ملي من يوم سرق إلى يوم قطع ثم أعدم بعد القطع قبل أن يغرم، قال أشهب: لا شيء عليه إلا في الشيء الذي سرق منه، وقال ابن القاسم: يتبع بهذا ديناً، وإنما ينظر إلى يوم أقيم الحد. قال: وإذا قطع وهو عديم فوجدت السرقة بيد مبتاع فليأخذها ربها، ويتبع المبتاع السارق ديناً في عدمه ويحاص به غرماءه.
قال: ولو أن المشتري أكلها أو باعها وهو الآن عديم فلربها أن يتبعه بها في عدمه، فإن أيسر السارق قبله رجع عليه ربها بالأقل من قيمتها يوم أكلها المشتري، أو الثمن الذي (2) دفع إلى السارق، لأنه إنما له إما قيمتها يوم سرقت أو قيمتها يوم أكلها المشتري (فيأخذ من السارق الأقل من القيمتين أو من الثمن الذي قبض. فإن كانت قيمتها يوم أكلها المشتري) (3) أكثر رجع على المشتري بتمام ذلك يتبعه به ديناً. وإنما رجع (بما ذكرنا) (4) على السارق لأنه عديم بغريمه (5) المشتري، ولو يكن للمشتري لو غرم أن يرجع عليه إلا بالثمن، فإن كان هو أقل من القيمة لم يأخذ ربها من السارق غيره، وإن كان قيمتها يوم السرقة أقل منه لم يكن لصاحبها عليه إلا قيمتها يوم سرقت منه.
قال ابن القاسم: وإذا سرق ولا يدان له ولا رجلان قد قطعوا في سرقات أو غيرها، فإنه يعاقب ويسجن. وأما اتباعه في عدمه فابن القاسم يرى أن يتبع (6) لأنه لم يقطعه، وقال أشهب: لا يتبع لأنها سرقة يجب فيها القطع. أرأيت لو كان عديماً ومات قبل يقطع أيوخذ مما ترك؟ هذا ما لا يكون.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ق وهو صحيح. وعبارة ص مصحفة: من قيمتها والمشتري الذي.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) ساقط أيضاً من ص.
(5) في ص: عديم لقرية. وهو تصحيف.
(6) في ص: يروي أن لا يتبع. وهو تصحيف شنيع.

(14/427)


قال محمد: هذا أحب إلي، وقد قال ابن القاسم فيمن سرق فلم يقطع حتى زنى فرجم بعد أن أيسر وقد كان عديماً يوم السرقة، إنه لا يتبع، لأنه كمن قطعت يده لدخول القطع في القتل.
قال مالك: ومن أقر بالسرقة من غير محنة ثم رجع فإنه يقال ولا يقطع ويلزمه الغرم ويتبع به في عدمه، وهذا أحسن لأنه رجع عن عقوبة تدفع الغرم، وهو من حقوق الناس لا يقبل فيه رجوعه. ولو ثبت على إقراره لم يتبع في عدمه ويقطع.
قال: ومن سرق سرقات متقاربة من غير واحد فقام له أحدهم فقطع وليس له إلا قدر قيمة سرقة القائم، ثم قام الباقون، فقال ابن القاسم: يدخلون كلهم في تلك القيمة بالحصص إن علم أن ذلك لم يزل في ملكه منذ سرق أول سرقة. وقال أشهب: لو كانوا اجتمعوا لكانوا فيه إسوة. قال محمد: بل ما وجد عنده لجميعهم، والكلمفلس فلمن لم يحضر الرجوع عليهم.
وقال أشهب: لو كانت سرقة واحدة لاثنين، فقام بها أحدهما فقطع وأغرمه نصف قيمتها، ثم قام شريكه فله الدخول معه فيما أخذ. ثم إن كان السارق مليا رجعا عليه بالنصف الثاني (1) كالحق بين رجلين. وكذلك لو كان بين الثلاثة فأغرمه أحدهم الثلث وقطع، ثم قام الباقيان أدخلا معه فيما أخذ. وإذا أخذ فقطع وقد استهلك السلعة وبيده مال ادعى أنه أفاده بعد السرقة فهو مصدق، إلا أن تقوم بينة بخلاف قوله أو يوخذ بقرب ما سرق بما لا يكون فيه كسب ولا ميراث، فلا يصدق إلا ببينة.
ومن كتاب الغضب لمحمد: أن الغرماء أولى من المسروق بما في يده، إلا أن يفضل عنهم قدر قيمة السرقة فيكون ذلك لربها.
__________
(1) في ق النصف الباقي.

(14/428)


ومن كتاب ابن حبيب: روى الفضل بن فضالة عن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغرم صاحب سرقة إذا أقيم عليه الحد (1) قال ابن حبيب يعني لا يتبع بها إن لم تؤخذ هي أو يوجد له مال.
قال ابن الماجشون: إذا قطع السارق وبيده مال وعليه دين فغرماؤه أحق به، إلا أن يفضل (عن) (2) دينهم فلصاحب السرقة مما فضل قيمتة سرقته، وإن لم يفضل شيء فلا يتبعه بشيء، وذلك أن حق غرمائه في ذمته، وصاحب السرقة إنما له القيمة في وجده إن لم يجد سرقته. وأما إن وجد سرقته بعينها فهو أحق بها من الغرماء. ولو وجد قد أحدتها سلعة (3) بعينها فربها مخير إن شاء أخذها وأجاز البيع، وإن شاء ببيعت له وأخذ من ذلك قيمة سلعته، وما فضل فللسارق، وإن نقص (4) لم يتبعه. ولو كان ثمنها عيناً وعرف أنه بعينه ثمنها (5) فربها أحق بها من الغرماء.
قال: وللآخذ منه القيمة أو الثمن على أنها فاتت ثم وجدها بيد المبتاع، فله أخذها، ويرجع المبتاع على بائعه إن كان غير السارق، ويرجع الذي باعه على بائعه إن كان السارق، ويرجع السارق على ربها بما دفع إليه.
قال ابن الماجشون: ولو وجدت مشتريها من السارق قد أكلها أو أبلاها فأنت مخير: فإن شئت أخذت من هذا القيمة فيما له قيمة، والمثل فيما نقص بمثله وترد إلى السارق ما أخذت منه ويرجع المبتاع على السارق
__________
(1) في باب السارق من سنن النسائي.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ق. وعبارة ص: ولو وجدها آخذها سلعة. ولعل الصواب: ولو وجده قد استبدل بها سلعة. فهذا مقتضى السياق.
(4) في ص: وإن لم يفضل. وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: يعنيه منها.

(14/429)


بالثمن. وأما إن كان المبتاع باعها أو أكلها فلا شيء عليه إلا أن تجيز البيع إن باعها وتأخذ الثمن فذلك (1) ويرجع بائعها على السارق بثمنه ويأخذ منه السارق ما أعطاه.
ومن كتاب ابن المواز: وما أكل السارق في الحرز أو أفسد اتبع بقيمته في عدمه، وكذلك إن دخل حائطاً فأكل من ثمره المعلق أو أفسده ولا يزاد على قيمته. وروى أشهب عن مالك: أن عليه قيمته الأكثر منه ويؤدب.
قال محمد: إن كان تمراً فعليه مكيله إن عرف، وإن كان رطباً (2) قائماً وقد تلف فإنما فيه قميته إذ لا يقدر على مثله، ولو قدر لكان أخذ مثله ضرراً إلا في اليسير.
ومن العتبية (3) روى أبو زيد عن ابن القاسم في ثلاثة دخلوا بيت رجل فسرقوا ما يجب فيه القطع فقطعوا، وواحد منهم ملي (4) فإنه يضمن قيمة جميع السرقة.
وقد مر من ذكر ضمان السرقة شيء في باب من أحدث فيما سرق حدثاً والسرقة ببلد إلى بلد أو تتغير بيد السارق بفعله أو بغير فعله.
__________
(1) كذا في النسختين. ومقتضى السياق: فذلك لك.
(2) في ص: وطئاً. وهو تصحيف.
(3) البيان والتحصيل، 16: 261 - 262.
(4) في ص: علي. وهو تصحيف.

(14/430)


فيمن أحدث فيما سرق حدثاً
أو ضيعه في الحرز أو استهلكه
أو بعد أن أخرجه أو نقله إلى بلد
أو تغير في يديه بغير سببه
ومن سرق زعفراناً فصبغ به
من العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم، ونحوه في كتاب ابن المواز في السارق يذبح الشاة في الحرز ثم يخرج بها مذبوحة فإن سويت مذبوحة ما فيه القطع قطع، فإن كان له مال يوم سرق ضمن قيمتها حية (وإن لم يكن له مال اتبع بما بين قيمتها مذبوحة وقيمتها حية) (2) فهذا مما لزمه في الحرز وما لم يقطع فيه، وما بيع من ذلك في عدمه.
وكذلك كل ما أفسد في الحرز أو كسر من جرة زيت أو سمن أو حرق ثوباً فهو يضمنه وإن قطع وكان له مال أو لم يكن لأنه لم يقطع فيه وإنما قطع في قيمته والخروج (3) به. وكذلك لو قطع ثوب وشيء (4) في الحرز خرقاً ثم خرج بها وقيمتها ثلاثة دراهم لضمن قيمته صحيحاً في ملائه، وإلا أن يشاء ربها أخذ الخرق، فإن أخذها فلا شيء على السارق. وإذا لم يأخذ الخرق فله تضمينه (5) ما بين قيمته صحيحاً وقيمته مقطوعاً، كان له مال أو لم يكن، يريد إلا أن ذا المال يضمن الجميع.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 233.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) هذه عبارة في سلمية. وصحفت في ص: وإنما قطع وأخرج.
(4) في ص: ثوب وشيء. وهو تصحيف.
(5) صحفت عبارة ص: فلا يضمن.

(14/431)


ولو ابتلع ديناراً في الحرز وخرج لقطع. وإن أكل طعاماً في الحرز يسوى ما فيه القطع لم يقطع وعوقب واتبع في ملائه وعدمه، قلت قيمته أو كثرت.
ومن كتاب ابن المواز قال: وكذلك كل ما أفسد (1) في الحرز ولم يخرج منه شيء وإذا دهن رأسه بدهن في الحرز، قال أشهب: أو غالبه ثم خرج (منه بشيء) (2) فإن كانت قيمته بعد خروجه ثلاثة دراهم قطع.
قال أشهب: يعني (3) بعد ذلك ثلاثة دراهم وإن كان قد تلف في رأسه قبل يخرج، ولا تنزع منه إذا غسل أو (4) ما يسوى ذلك لم يقطع.
وإذا دخل الحرز بثوب (له) (5) فصبغه بزعفران من الحرز وخرج به، فإن زادت قيمته يوم خرج به ثلاثة دراهم قطع، وليس كالدهن التي يتلف (6) في الرأس، لأن ذلك لا يزيد في قيمة العبد أو الحر. قال: ويلزم السارق قيمة الزعفران إن أكله في ملائه، وأما في عدمه وقد قطع، فأما ما زادت قيمة الثوب بالصبغ كأن زادت عشرة دراهم فلا يسقط عنه لأنه عذر (7) في الثوب، يريد ولم يهلك الثوب، وأما باقي قيمة زعفرانه فله أخذه من باقي ثمن الثوب إن لم يكن على السارق دين، فإن كان على السارق دين تحاصوا، مثل أن يكون ثمن الزعفران ديناراً ويصبغ الثوب في الحرز، وقيمته أبيض نصف دينار فصار يسوى ديناراً فإنما قطعت يده في نصف دينار، والنصف الآخر لزمه فيما أخذ من داخل الحرز، فإن كان عديماً وعليه دين يحيط بالثوب فرب الثوب أولى بالثوب حتى يأخذ نصف
__________
(1) صحفت عبارة ص: وكذلك الذي كل ما أفسده.
(2) ساقط من ص.
(3) كلمات مطموسة بقدر نصف سطر.
(4) كلمة مطموسة.
(5) ساقط من ص.
(6) في ص: يثبت، وهو تصحيف.
(7) طمس كلمتين.

(14/432)


دينار (1) والذي زاد في الثوب إن قطع فيه لأن غير شبيه (كذا) فهو أولى به من غرمائه، ثم تحاص الغرماء نصف الدينار الذي لزم السارق في الحرز ولم يقطع فيه. وسواء كان دين السارق لزمه قبل يسرق أو بعد.
ولو أخرج الزعفران من الحرز وقيمته دينار فصبغ به ثوبه فزاد به نصف دينار، وعليه دين، فرب الزعفران أولى بالثوب حتى يقبض ما زاد فيه وهو نصف دينار، ويكون الغرماء أحق (2) بما بقي من الثوب لا يحاصهم رب الزعفران بما بقي لأنه قطع فيه، ولم يبق منه عين قائمة.
كما لو صبغ صباغ ثوباً وقبضه ربه وقام الصباغ بحقه (3) فإنما يكون الصباغ أحق بما زاد الصبغ في الثوب، وحاص بما بقي.
وإذا لم يزد في قيمة الثوب الذي صبغه السارق بالزعفران الذي سرق حيث قطع (4) فيه وهو عديم فإنه لا يتبع السارق بشيء، وغرماؤه أحق بالثوب. قال: وليس مثل أن يكون الثوب هو المسروق فصبغه السارق بزعفران (5) هذا لا حق له فيه.
قال محمد: يريد أن غرماء السارق لا شيء لهم مع صاحب المسروق، وفيه اختلاف.
قال: وإذا سرق زعفراناً فصبغ به ثوبه ثم باعه فقام رب الزعفران والسارق عديم فرب الزعفران أحق بالثوب حتى يستوفي منه (قيمة) (6) ما زاد صبغه على قيمته أبيض. وكذلك لو باعه من ثان، والثاني من ثالث، فله ذلك فيه ويضمن (7) كما لو باع ثوبه الذي صبغه له الصباغ، هذا اليس للصباغ فيه طلب لحق صبغه إذا بيع لأنه غير متعد في بيعه.
__________
(1) كذا في ق وهو صواب. وصحفت عبارة ص: فيأخذ نصفه ديناً.
(2) في ص: ويكون الغرماء أخذه. وهو تصحيف.
(3) كلمات مطموسة.
(4) صحف في ص: حيث وقع.
(5) كلمة مطموسة.
(6) ساقط من ق.
(7) في ق: وليس.

(14/433)


وإذا أفسد الطعام في الحرز أو أحرق الثوب ثم أخرج ذلك فاسداً أو محروقاً أو الشاة بعد أن ذبحها، فإن كان قيمة ذلك على ما هو به من الإفساد أقل من ثلاثة دراهم لم يقطع، ولتبع بجيمع القيمة في ملائه وعدمه. وإن بلغ ذلك فاسداً ثلاثة دراهم فأكثر قطع ولا يتبع في عدمه بذلك، ويتبع بما زاد من القيمة في الحرز بما أحدث فيه من الفساد في عدمه، لأنه لم يقطع فيه.
قلت فهل ربه أحق (1) بما وجد من متاعه (2) وإن قطع فيه فيتبعه بما لزمه بالفساد مما لم يقطع فيه؟
قال: في الفساد الكثير فليس هو أحق به وإن قطعته فيه، لأني لا أسلمه إليه إلا بعد وجوب القطع فيما خرج به، فإن شاء أخذ ذلك بما لزم السارق داخل الحرز في الفساد فذلك له ما لم يكن على السارق دين فيحاص غرماءه (بما فيه) (3) بقدر ذلك، وإن لم يكن فساد كثير فله أخذه.
وقال ابن القاسم: وله من ذلك أن يبيعه بما نقصه فعله في الحرز.
محمد: وهو أحب إلي، لأنها جناية لزمته قبل السرقة إذا لم يكن (4) ذلك مبلغ التلف.
قال: ولو أخرجه ثم أفسده لم يكن له به من نقصه شيء. قال محمد: يعني ليس له أخذ ما نقصه من الفساد الكثير، فإن شاء أخذها ولا شيء له. هذا على قول أشهب، لأنه أحدث فيها بعد أن ضمنها. ولو أفسدها قبل يخرج بها فساداً كثيراً أو أتلفها تلفاً يضمنها به فلا خيار له فيه.
__________
(1) صحف في ص: وبه أخذ.
(2) في ص: من قناعة. وهو تصحيف.
(3) ساقط من ق.
(4) في ص: إذا لم يصر. وقد تكرر بعد.

(14/434)


قلت: فلم قطعته فيما خرج به وقد ضمنته إياه قبل يخرج به (1) حين ذبح الشاة ثم أخرج اللحم وهو يسوى ثلاثة دراهم؟
قال: لأن ذلك اللحم ليس بحلال له بيعه، ولو (2) مكانه لم يكن له أكله حتى يقضى عليه بالقيمة. ألا ترى لو قطع يد السارق ثم أخرجها لقطعته، وقد لزمته قيمتها بما فعل.
ولو سرق أمة أعجمية من حرزها وأصابها عنده عيب مفسد يلزمه به قيمتها فوطئها بعد ذلك لقطع وحد للزنا إن كان بكراً، وإن كان محصناً رجم ولم يقطع.
قال: ومن سرق ثوباً فصبغه بعد أن أخرجه فقطع فيه، فإن ربه مخير: إن شاء لزمته قيمته ويباع فيأخذ ربه من ثمنه قيمته، ويأخذ السارق ما بقي. وإن عجر ثمنه عن قيمته أبيض (3) لم يتبع بما بقي في عدمه، وإن كان عليه دين فالغرماء أحق بثمنه دون ربه، لأنه أسلمه وفات بالبيع، وليس لربه نقض بيعه ولا أخذ (4) ثمنه، لأنه بعد إسلامه بيع وليس هو ثمن سرقته بعينها.
قال: ولو شاء أخذه مصبوغاً فذلك له. واختلف في الصبغ هل عليه فيه شيء. فقال ابن القاسم في كتاب السرقة إنه ليس له أخذ الثوب بحال وإن دفع قيمة الصبغ.
وفي كتاب (ابن) (5) سحنون عنه أنه قال: له يأخذه ويدفع قيمة الصبغ. وقال في كتاب الغصب: إن شاء أخذه ودفع قيمة الصبغ، وإن شاء أسلمه واتبعه بقيمته أبيض. فهذا عندنا ما لم يكن عليه دين.
__________
(1) هذه عبارة وهي سليمة. وصحفت في ص: ولم يخرج به.
(2) كلمة مطموسة.
(3) في ص: عن قيمته أيضاً. وهو تصحيف.
(4) عبارة ص مصحفة: وإلا أخذ.
(5) سقط (ابن) من ص: قال سحنون.

(14/435)


واختلف أيضاً قول أشهب فيه، فخيره في كتاب السرقة في ثلاثة أوجه: إن شاء أخذ قيمته يوم السرقة، وإن شاء (دفع قيمة الصبغ وأخذ ثوبه، وإن شاء كان شريكاً فيه بقيمته أبيض. وقال في كتاب الغصب: إن شاء ألزمه قيمته يوم سرقه، وإن شاء) (1) أخذه مصبوغاً ولا غرم عليه في الصبغ (2) كمن غصب داراً فبيضها وزوقها. وهذا الثابت من قوله وبه أخذ أصحابه أصبغ وغيره، لأنه متعد في الصبغ. بخلاف المفلس (3) وقد صبغ ثوباً اشتراه، فهذا ليس له أخذه (4) حتى يدفع قيمة الصبغ إذ لم يتعد في صبغه، فكما يفرق (5) بناء المشتري في عرصة اشتراها وبناء الغاصب فيها لو قبضها (6)، فإذا لم يكن لما بناه الغاصب قيمة أو قام لأخذها ربها فلا شيء عليه، بخلاف تفليس المشتري بعد أن بنى. ولو غصبه خشبة فعمل منها باباً لم يكن له أخذها وإن أعطاه قيمة الصنعة، وإنما له قيمة الخشبة.
قال ابن القاسم وأشهب: وكذلك ذكر في التفليس ليس لبائع الخشبة إلى الباب سبيل.
ولو سرق نحاساً فعمل منه قمقماً بعد أن أخرجه ثم قطع ولا مال (له) (7) فاضطرب فيه ابن القاسم، فقال لا يأخذ القمقم وإن أدى قيمة الصنعة (8)، مثل نقرة الفضة يضربها دراهم فليس له أخذها وإن غرم قيمة الصنع (9).
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: في الغصب. وهو تصحيف.
(3) صحفت عبارة ص: وهذا المفلس.
(4) كذا في ق وهو صحيح. وصحف في ص: ليس ثوبه أخذه.
(5) كذا في ق وهو الصواب. وصحفت عبارة ص: ولما يعترق.
(6) في ص: أو غصبها، وهو تصحيف أيضاً.
(7) ساقط من ص.
(8) في ص: قيمة الصبغ. وهو تصحيف كذلك.
(9) صحف في ص أيضاً: قيمة الصبغ.

(14/436)


وقال أشهب: في النقرة (1) مثل قول ابن القاسم، واختلف في (في قوله) (2) في النحاس، فقال له أخذ القمقم ويعطي قيمة الصنعة، وإن شاء أغرمه وزن النحاس. قال محمد: وهذا أحب إلي.
قال محمد: ولم يكن له أخذ الدراهم لئلا يظلم السارق بذهاب صنعته. وليس ذلك كالشيء بعينه كالدار والثوب إذا أخذهما وأعطاه قيمة الصنعة. وفصل بين الصفتين، وبهذا احتجا، ولم يرو فيه ابن القاسم عن مالك شيئاً. وليس في النحاس حجة إلا إحالته (3) عن حاله.
وأما سارق الحنطة يعمل منها سويقاً ويقطع (4)، قال ابن القاسم وأشهب: فليس لرب القمح أخذ السويق ولكن يباع ويشترى له من ثمنه مثل حنطته، وما فضل لسارق، وما عجز فلا يتبع بشيء في عدمه.
قال أشهب: وليس كالصبغ (5) الثوب أو قطعه (6) على العود، وهذا كله قائم بعينه وإن صنع الثوب وقطع، والقمح كالخشبة يعمل منها باب.
قال ابن القاسم فيمن غصب (7) عموداً أو خشبة وبنى عليها قصراً، فلربه أخذه وإن أخرب بنيانه. واستحسن أشهب أنه إن كان يخرب بنيانه أن لا يأخذ إلا قيمة يوم السرقة.
__________
(1) في ص: له غرة. وهو تصحيف.
(2) ساقط من ق.
(3) في ص: إجابته. وهو تصحيف.
(4) هذا مقتضى السياق. وفي النسختين ما يشبه النفي: ولا يقطع. وهو لا ينسجم مع ما في آخر الفقرة أنه لا يتبع في عدمه بشيء.
(5) كذا في ق. وهو الصواب وعبارة ص مصحفة: ويشمل كصباغ.
(6) كلمة مطموسة.
(7) في ص: صبغ وهو تصحيف.

(14/437)


قال أشهب: وإذا قطع الثوب جبة أو قلانس أو عمل به لحافاً (1) فلربه أخذه وقيمته. وقال ابن القاسم. قال محمد: هذا في عمله (2) إياه ظاهرة أو باطنة، فأما قلانس أو ثياباً فلا أدري.
ومن العتبية (3) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق فضة أو ذهباً فصاغها حلياً أن عليه مثلها، وليس للمسروق منه أخذ الحلي، وكذلك الحديد يعمل منه سيفاً، والكتان والغزل ينسج منه (ثوباً، وإنما عليه مثله. وأما الحنطة يصنع منها دقيقاً ويعمل منها) (4) خبزاً. فأما في الخبز فعليه مثل الحنطة إن وجد، وإلا فقيمته. وأما إن طحنه فأنا أشك فيه أن يكون له أخذه وقد قيل ذلك عمن قضى. وأنا أرى أن عليه مثل الحنطة والخبز أبين.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن سرق فضة فصاغها حلياً أو صفراً فعمله آنية، أو ثوباً فصبغه أو خاطه أو جعله ظهارة أو بطانة لجبة أو ظهار قلانس أو بطائن، أو خشبة فعمل منها باباً أو بابين، أو حنطة فطحنها، فكل ما افترى فيه من هذا فلا يقدر على أخذ صنعته إلا بأن يشارك فيه، فإن لرب السرقة أخذها بما في ذلك من الصنعة بلا غرم شيء نقصه ذلك أو زاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق (5).
وكل ما يقدر أن (6) منه ما أحدث فيه من الصنعة ولا يضر ذلك المسروق منه فذلك له، وإلا فلا شيء له، ويبقى الثوب لربه مصبوغاً والقمح المطحون والفضة والنحاس المعمولان، والباب والتابوت.
__________
(1) قلبت كلمات في هذه الجملة. والتصحيح من ق.
(2) في ص: جعله.
(3) البيان والتحصيل، 16: 245.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ق.
(5) في الأقضية من الموطأ، والحرث من صحيح البخاري، والإمارة في سنن أبي داود، والأحكام من سنن الترمذي.
(6) كلمة مطموسة.

(14/438)


وأما الثوب المخيط والمقطع كظهائر أو قلانس أو بطانة لجبة فله أن يعترف (كذا) ذلك ويأخذ لأنه (عين) (1) شبيه بعينه، إلا أن يشاء أن يسلم إليه ذلك ويأخذ قيمته.
والمسروق منه والمغصوب سواء، وأصل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق. وقد قال مالك في غاصب الأرض يبنيها أو يزوقها ويجصصها فإن له أخذها (2)، ولا يأخذ منها الغاصب إلا ما يقدر على (أخذه) (3) مما له قيمة إذا نقض، فيأذن له في أخذه أو يعطيه قيمته منقوضاً. فهذا أصل هذا كله.
قال ابن الماجشون: وأما لو باع السارق ما سرق فأحدث المشتري فيه ما ذكرنا من الصنعة في هاته الأصناف، فلينظر ما قيمة ذلك قبل العمل فيه وقيمته بعد العمل، فإن شاء ربها دفع ذلك إليه، وإن شاء كان به شريكاً له، وهذا إذا لم يجز البيع ويأخذ الثمن أو يأخذ قيمة السرقة من السارق أو طلب غير شبيه.
قلت: فإن لم يكن عند المسروق منه (4) قيمة ما زاد فيها المشتري، هل للمشتري أن يعطيه قيمتها ويلزم ذلك ربها قياساً على حديث عمر فيمن عمر (5) أرضاً مواتاً ثم استحقت (6) أنه يدفع إليه رب الأرض العمارة. (فإن أبى دفع العامر إليه قيمة الأرض) (7) فإن أبيا كانا شريكين.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) كذا في ق وهو الصواب. وعبارة ص مصحفة: فله فيها أخذها.
(3) ساقط من ص.
(4) صحفت عبارة ص: فإن لم يكن عين المسروق فيه.
(5) في ق: أحيى.
(6) في ص: استمتعت وهو تصحيف.
(7) ما بين معقوفتين ساقط من ق.

(14/439)


قال قال مالك والمغيرة وابن دينار: لا يعمل من هذا الحديث بإخراج رب الأرض منها ولكن إن أبى أن يعطيه قيمة عمارته كان العامر بها شريكاً. وكذلك في هذه الأشياء التي ذكرت إن أبى المسروق أن يدفع قيمة ما زاد عمل المشتري كانا شريكين، وليس للمشتري أن يعطيه قيمة ما استحق ويدفعه عنه. فهو قول مالك والمغيرة وابن دينار وقولنا. وروى مطرف مثله وقال به، وقال أصبغ مثل قولهما.
وخالف ابن القاسم في الوجهين إن كانت السرقة مما يكال أو يوزن (1) فغيرها السارق بما ذكرنا من الصنعة أنها تبقى له ويغرم المثل لربها كيلاً أو وزناً. وكذلك رأى في الخشبة (يعمل منها باباً أو مصراعي باب إنما عليه في الخشبة) (2).
قال ابن حبيب: ولا يعجبني قوله في حديث عمر، فإن أصبغ أخذ به، وبه أخذ ابن القاسم، وبقول ما ذكرت من المدنيين أقول.
من العتبية (3) قال عيسى عن ابن القاسم: وإذا سرق زعفراناً لرجل وثياباً لآخر فيصبغها بذلك الزعفران أو العصفر فأخذ وقطعت يده، فإن كان له مال يوم السرقة لزمته قيمة الثياب والمثل في الزعفران أو العصفر، وإن لم يكن له مال ووجدت الثياب مصبوغة يتحاصان: هذا بقيمة ثيابه، وهذا بقيمة زعفرانه أو عصفره.
وهذا الباب أكثره مكرر في كتاب الغصب.
__________
(1) صحفت عبارة ص: مما توكل ونفدت.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) البيان والتحصيل، 16: 247.

(14/440)


في السرقة ينقلها السارق إلى بلد آخر
وحريسة الجبل ينضيها
والزيت المسروق يجده ربه بعينه في بلد آخر
من العتبية (1) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سرق طعاماً فنقله إلى بلد آخر فلقيه ربه به فليس لربه أخذه إلا ببلد سرق فيه، إلا أن يتراضيا على ما يجوز تراضيهما عليه في السلف.
وروى (عنه) أصبغ فيمن يسرق حريسة الجبل فينضيها أو تهزل عنده، فلربها إن شاء أخذ دابته، وإن شاد قيمتها يوم السرقة. وأما إن لم تكن حريسة فقطع فيها وله مال فلربها أخذها بغير شيء، وإلا ضمنه قيمتها. وإن لم يكن له مال فليس له إلا دابته ولا قيمة عليه ولا يتبع بشيء (وإن كان نقصها من قبله وعمله، لأنه لو سرق ثياباً فلبسها فأبلاها أو طعاماً فأكله فقطع في ذلك ولا مال له فإنه يتبع بشيء) (2).
قال أشهب في الحريسة وإن لم يكن له مال فليتبع، وهي خيانة لا قطع فيها، ولهذا تفسير.
وهذا الباب في الغصب بعضه.
من كتلب ابن المراز: ومن سرق زيتاً فوجده ربه بعينه ببلد آخر قال مالك: فليس له أخذه، وإنما له أخذ مثله ببلد سرقه منه لا قيمته، وكذلك القمح. وقال أشهب هو مخير.
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 242 – 243 و 255.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.

(14/441)


ضمد قطع يد السارق وكيف إن سرق مراراً
أو كانت يمينه شلاء والقاطع يقطع يساره غلطاً
وتجنب القطع في شدة البرد والحر
قال مالك في المختصر الكبير: وتقطع يد السارق ثم يحسم موضع القطع بالنار. قال في موضع آخر: كذلك في الرجل. وحد القطع في اليد من مفصل الكوع وفي الرجل من مفصل الكعبين. وذكره سحنون في المحارب.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا سرق مراراً من رجل أو من رجال وكل سرقة يجب فيها القطع، فقطع يمينه في أحدهما، فذلك لكل سرقة متقدمة، أقيم فيها أو لم يقم. ثم إن سرق بعد أن قطعت يده اليمنى في السرقة، فلتقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فيده اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى ثم إن سرق جلد وحبس، سواء هذه السرقات من رجل أو من رجال.
ولو كانت السرقة التي قطع فيها عاد فسرقها من حرزها ذلك أو غيره لقطع إذا أقيم به.
وذكر ابن حبيب حديثاً في السارق إذا قطع أربع مرات ثم سرق أن يقتل وليس بالثابت. ومالك وأصحابه على أنه يعاقب إلا أبو المصعب فإنه قال: يقتل.
ومن كتاب ابن المواز: إذا سرق ويمينه شلاء فروى ابن وهب عن مالك في الشلل البين أنه تقطع رجله اليسرى، ثم قال لابن القاسم بعد ذلك أمحها ووقف، ثم قال: تقطع يده اليسرى، وأخذ ابن القاسم بأن تقطع رجله اليسرى بعد أن كان قال تقطع يده اليسرى.

(14/442)


وقال أصبغ: لا تقطع إلا يده اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى حتى يكون من خلاف. فهذا في شلل بين لا يقتص من مثله، وهذا قول أشهب.
وكذلك إن ولد لا يمين له، قال: فلا أقطع رجلاً ما وجدت يداً. وأما إن كانت اليمنى مقطوعة في سرقة أو غيرها مما أصيب فيه فلتقطع رجله اليسرى.
وذكر ابن حبيب عن أصبغ أن ابن القاسم قال مرة في الأشل اليمين أو قد قطعت قصاصاً إنه تقطع رجله اليسرى، وقال مرة: إن كان شللاً قطعت يده اليسرى، وإن كان في قصاص قطعت رجله اليسرى, وقال أصبغ: تقطع يده (1) اليسرى في الوجهين.
ومن كتاب ابن المواز قال: (مالك) (2) ومن سرق ثم قطع رجل يمينه عمداً أو خطأ فقد زال عنه (3) قطع السرقة ولا قصاص في يده في عمد ولا دية في الخطأ، ويعاقب المتعمد.
قال أشهب: وكذلك العمد في الذي وجب عليه القتل لو تعمد رجل قتله لم يقتص منه، وإن قتله خطأ فلا دية فيه.
قال محمد: وإذا قطع رجل (4) ثم سرق فإنه تقطع يمينه في السرقة، ثم إن سرق قطعت رجله اليمنى، ثم إن سرق فرجله اليسرى.
ومن سرق وقطع يمين رجل عمداً قبل السرقة أو بعد السرقة فلا تقطع يمينه بالسرقة، ولا قصاص للمجني عليه ولا دية. ولو كان إنما قطع يساره
__________
(1) كذا في ق وهو الصواب. وصحفت في ص: تقطع رجله.
(2) ساقط من ص.
(3) كذا في ق وهو الصحيح. وصحف في ص: فقد العلة.
(4) كلمة مطموسة.

(14/443)


قبل أن يسرق أو بعد، فلتقطع يداه جميعاً، اليمنى في السرقة ثم اليسرى قصاصاً.
قال مالك: ولو قطعت يسار السارق غلطاً أو أخرجها (1) بها فقطعه أجزأه ولا يعاد القطع. قال أشهب: وقد روي عن علي بن أبي طالب.
قال ابن حبيب قال مطرف في السارق يقطع القاطع يساره غلطاً إنه لا يقطع غيرها، ولا شيء على الإمام ولا على القاطع.
قال مطرف عن مالك: ومن أخذ سارقاً في بيته فعجل (2) فقطع يمينه، فإن أقام شاهدين على سرقته ما يجب فيه القطع سلم من القصاص وعوقب. (قال مطرف: ولو أن هذا إنما قطع يساره له بعد القطع) (3) وداه وعليه الأدب.
وقال ابن الماجشون: وليس خطأ الإمام أو القاطع (4) مما يزيل القطع من اليد التي أمر الله سبحانه بها، وليقطع يمين السارق ويكون عقل يساره في مال الإمام خاصة إن كان هو المخطيء أو في مال الذي قطعه في بيته. وإلى هذا رجع مالك. قال ابن حبيب: وبالأول أقول، وإليه ذهب المصريون.
وفي باب لآخر ذكر السارق يقطعه صاحب السرقة.
ومن كتاب ابن المواز: وقد قطع الصديق والفاروق اليدين والرجلين من خلاف في السرقة.
__________
(1) كلمة أخرى مطموسة.
(2) صحف في ص: فعمل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) في ص: الإمام أو السارق. وهو تصحيف.

(14/444)


قال ابن القاسم وأشهب: وإذا سرق وبعض أصابعه مقطوعة فإن كان واحداً الإبهام أو غيره (قطعت يده) (1). ولو لم يبق منها إلا إصبعان فلتقطع رجله اليسرى.
وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية (2) فيمن سرق ولا يدين له فلتقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فرجله اليمنى. وقد قال مالك في أشل اليمين إنه تقطع رجله اليسرى، ثم رجع فقال بل يده اليسرى، وهو أحب إلي.
قال: وإذا أخذ المحارب وقد وجب عليه قطع اليد والرجل وقد ضرب على يده اليسرى فقطعت أو بقيت معلقة بالجلد فإن كان ذلك في فور ما أخذ فيه فلا تقطع إلا رجله اليمنى، وإن كان شيء يسير في فوره فلتقطع يده اليمنى ورجله اليسرى.
وكذلك السارق يتبعه رب السرقة بسيف فيضرب يده فيقطعها، فليس عليه إن أخذ غير ذلك.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب قال مالك: ولا يقطع السارق في شدة البرد مما يكون القطع فيه خفيفاً أو ثقيلاً. وأما في شدة الحر فليقطع وليس يتلف وإن كان فيه بعض الخوف. ورواه ابن القاسم بلاغاً.
وقال ابن القاسم: وأرى أن يؤخر في الحر إذا خيف فيه ما يخاف في شدة البرد. وأما المرض المخوف فلا يقطع فيه ولا يجلد لحد ولا لنكال.
وفرق مالك بين الحر والبرد.
__________
(1) ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 16: 248.

(14/445)


في حد البلوغ وإقامة الحدود
روى ابن القاسم عن مالك أن الغلام والجارية يقام عليهما الحدود بالإنبات وإن لم يحتلم الغلام ولا حاضت الجارية، ثم وقف عن (1) الإنبات، واستحب ابن القاسم أن لا يقام بالإنبات، وثبت غيره من أصحاب مالك أنه يجب الإنبات.
قال: وذلك الإنبات البين، قاله مالك. قال ابن حبيب: فهو سواد الشعر. وحكم عمر بالإنبات.
قال محمد (2): وإذا بلغ سناً لا يبلغه أحد إلا احتلم ولم يحتلم ولم ينبت أو كانت جارية ولم تحض حكم لهما بالبلوغ. قال ابن حبيب وغيره: ثمان عشر (سنة،) (3) وقيل سبع عشرة. وقال بعض البغداديين من أصحابنا: إن الإحتلام من المرأة بلوغ إن لم تحض (4).
قال يحيى بن عمر: أما كل شيء بين المرء (5) وبين الله مما يلزمه فيقبل قوله إنه لم يحتلم (6) وإنها لم تحض ولا يراعي فيه الإنبات. وأما كل شيء يطلب منه من هذا وشبهه فلا ينظر إلى إنكاره البلوغ ويحكم فيه بالإنبات وفي مثل هذا جاء في الحديث وحكم السلف أن ينظر إلى هؤلاء.
__________
(1) في ص: ثم وقعت على. وهو تصحيف.
(2) كذا في ص. وفي ق: مالك.
(3) ساقطة من ص.
(4) في ص: إن لم يحضر وهو تصحيف.
(5) صحف في ص كذلك: بين المومنين.
(6) في ص. لم يحتمل وهو تصحيف.

(14/446)


في الإقرار بالسرقة عن محنة أو بغير محنة ثم يرجع
وكيف إن أخرج السرقة وفي الكشف عن المتهم (1)
من كتاب ابن المواز قال _ يعني مالكاً _: ومن أقر على نفسه بالسرقة على وجه التوبة وهو حر أو عبد لزمه إقراره فيقطع في السرقة، ويقام عليه حد الزنى والفرية والخمر وإن كان ذلك في سفهه وقد صار من أهل الفضل. قال: فإن رجع قبل يقام الحد عليه أقيل (2)، وأغرم الحر قيمة السرقة يوم سرقها، ولا شيء على العبد، ويتبع بذلك الحر في عدمه. وكل حد هو لله لم يثبت إلا بإقرار المقر فإنه يقبل رجوعه ما لم يحد أو ياتي من ذلك من السبب ما تثبته البينة من تفسير المتاع في السرقة وهو من أهل التهم، فهذا يقطع ولا يقبل رجوعه.
ومن العتبية (3) روى ابن القاسم فيمن اعترف بسرقة من غير محنة ثم نزع (4) قال: لا يقال. قال ابن القاسم يريد إذا عين (السرقة) (5) وبلغني ذلك عن مالك.
قال أشهب مثله (6) إذا كان إماماً مخوفاً لا تؤمن سطوته كصاحب الشرط (7) وهو كالإكراه وإن لم يمتحن لأنه يرى سياطاً موضوعةً ويخاف وقال في الدنانير مثله إلا أن يعرف أنها بعينها قال ابن القاسم: أما إن جاء تائباً فأقر ثم نزع فإنه يقال. وأما إن أقر بعدما أخذ فلا يقطع حتى يعين في الحر والعبد.
__________
(1) هذا العنوان غير تام بسبب محو كلمات منه في النسختين.
(2) هذه عبارة ق الجارية مع السياق. وصحفت في ص: قبل تمام الحد أقيل.
(3) البيان والتحصيل، 16: 230 و 250.
(4) كذا في ق والبيان والتحصيل. وفي ص: رجع.
(5) ساقطة من ص.
(6) صحف في ص: مسكنه.
(7) في ص: لصاحب الشراء. وهو تصحيف.

(14/447)


قال عنه محمد بن خالد: وإذا أقر بالسرقة وعينها عند غير السلطان ثم نزع، قال عيسى: إذا اعترف بعد ضرب عشرة أسواط وحبس ليلة لم يلزمه إقراره كان الوالي عدلاً أو غير عدل وربما أخطأ العدل. وقد قال رجل لعمر بن عبد العزيز: إن ضربتني سوطاً واحداً أقررت على نفسي، فقال: ماله قبحه الله (1) فإذا أقر (2) على خوف لم يلزمه إلا أن يعين، قال عيسى: يعني يرى بعض ما أقر به.
قال عنه عيسى قال مالك: إذا أقر آمناً (3) بلا محنة ثم نزع فلا يحد حتى يعين على ما قال بأمر يقع عليه، وقاله ابن القاسم. قال: وليس في الدراهم تعيين لو أخرجها وقال هذه هي.
قال فيه وفي كتاب ابن المواز: روى أشهب عن مالك فيمن اتهم بالسرقة فأخذ فقال: سرقت.
قال عبد الله (4) يريد دراهم وما عندي منها إلا هذا الدرهم. قال في كتاب ابن المواز: وأخرج درهماً. قال في الكتابين: لا يقطع بهذا إن لم تقم بينة ولا جاء بمبتاع يعرف بعينه، والدراهم لا تعرف بعينها، ولكن يعاقب.
قال مالك في العتبية: وأكره للسلطان أن يأخذ الرجل بالتهمة فيقول له أخبرني ولك الأمان فيخبره، فهذا من الخديعة.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا ضرب في الخمر أو الزنى عن إقرار ثم نزع وهو يجلد، قال: أما الفرية فأخاف أن يكون قذفاً (5) إذا
__________
(1) صحفت عبارة ص: ماله متجه ألف.
(2) صحفت كذلك في ص: فإذا ألقى.
(3) شوهت الجملة في ص: قال ماض وأنا أقرضاً.
(4) كذا في ق. وفي ص: أبو محمد. وهما - على التوالي – اسم المؤلف وكنيته.
(5) كلمة مطموسة.

(14/448)


قال: لم يكن مني إليك قبل هذا الشيء، إلا أن يأتي بوجه بين يعرف به عذره. وأما غير القذف فيقبل رجوعه وإن ضرب جل الحد، إلا أن يبقى اليسير كالسوطين والثلاثة وشبه ذلك، فيكون كمن رجع بعد تمام الحد.
قال مالك: وإذا أقر بشيء من الحدود بعد سجن أو تهديد أو وعيد فهو كالضرب، ويقبل رجوعه. وقال ابن القاسم وأشهب، ولا يقطع ولا يغرم، رجع أو لم يرجع وإن ثبت على إقراره، إلا أن يخبر بأمر تتبين فيه حقيقة إقراره أو يعين (1) السرقة أو يقر بعد ذلك آمناً.
قال أشهب: لا يقطع وإن ثبت على إقراره إلا أن يخرج السرقة فيعرف أنها للمسروق منه (2) فهذا يقطع وإن كان بعد ما ذكرت من سجن وقيد ووعيد، وإن نزع يقبل نزوعه. وأما إن لم يعين فلا يحد (3) أبداً وإن ثبت على إقراره، لأنه يخاف أن يعاود بمثل الأمر الأول.
قال محمد: ولو أخرج المتاع ثم نزع وكان له سبب مثل أن يقول قيل لي إن أخرجت المتاع (4) فأخذته من فلان، فهذا لا يقطع إذا ظن به ذلك.
وروى نحوه ابن وهب عن يحيى بن سعيد، وقد روى ابن وهب عن مالك فيه: إذا أقر عن محنة فأخرج المتاع قطع، إلا أن يقول دفعه إلي فلان، وإنما أقررت للضرب فلا يقطع (5)، وأما إن لم يبين فلا يقطع بحال.
وروي عن ابن عمر في المقر (6) عن جلد أنه لا يقطع حتى يبين السرقة (7) وعن يحيى بن سعيد وربيعة نحوه.
__________
(1) في ص: أو بين. وهو تصحيف.
(2) صحفت عبارة ص: أنها المسروقة منها.
(3) صحفت عبارة ص: لم يقر لم يحد.
(4) كلمتان مطموستان.
(5) في ص: فاليقطع. وهو تصحيف.
(6) صحفت في ص: في القمر. 15 - النوادر والزيادات 14
(7) عبارة ص مصحفة: حتى بين ذلك دقة.

(14/449)


قال ربيعة: ولو أقام على الاعتراف بعد المحنة فلا يؤخذ به لأنه يخاف أن يناله من المحنة مثل ما (1) أقر به.
وروى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي بسارق فقال له: أسرقت؟ ما إخالك فعلت، فقال: قد فعلت، فأمر أن يقطع ثم يحسم، ثم قال له: تب إلى الله فتاب فقال: اللهم تب عليه (2) وذكره ابن حبيب برواية عن يزيد بن حصين عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن كتاب ابن حبيب قال محمد: وإن ادعى رجل على رجل السرقة أو اتهم بها من لا يعرف بذلك ولا يتهم فلا يكشف، فأما أهل التهم فلابد أن يكشفوا ويستقصى عليهم بقدر تهمتهم وشهرتهم بذلك، وربما كان فيه الضرب، وهذا قول العلماء، وقاله مالك والليث.
وقال ابن وهب عن الليث فيمن (3) وجد معه متاع مسروق فقال اشتريته فإن كان متهماً عوقب. وكتب عمر بن عبد العزيز في مثله (4) أن يسجن إن اتهم حتى يموت فيه. قال مالك: يحبس بقدر ما يرى الإمام، ثم يعاقب ويسرح، ولا يسجن حتى يموت.
قال أشهب: إذا شهد عليه أنه متهم فإنه يسجن بقدر ما اتهم به، وعلى قدر حاله، ومنهم من يجلد بالسوط مجرداً. وإن كان الوالي غير عدل فلا يذهب به إليه ولا يشهد عليه، إلا أن يعرف أن السلطان لا يخالفه فيه إلى غير حق.
قال ابن القاسم فيمن توجد معه السرقة فيقول ابتعتها من السوق ولا أعرف بائعها، وهي ذات بال أو لا بال لها. وكيف إن كانت أمثر مما
__________
(1) في ص: قياماً. وهو تصحيف.
(2) في صحيح مسلم، وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة والدرامي، ومسند أحمد.
(3) في ص: حين. وهو تصحيف.
(4) صحف في ص: فيمن مثله.

(14/450)


وجد معه. قال: يرد المتاع (1) إلى من استحقه بالبينة بعد أن يحلف أنه ما خرج عن ملكه. وينظر، فإن كان من أهل الصلاح خلي سبيله ولا يمين عليه، وإن كان متهماً حبس وامتحن (2). قال ابن القاسم: فإن بقي للطالب بعض متاعه أحلف المتهم بعد أن يبتلي في بقية المتاع.
وقد تقدم في باب السارق يقول أرسلني رب المتاع.
قال مالك: ومن أخذ بليل ومعه سيف، فإن كان من أهل الطهارة أحلف بالله.
ومن كتاب ابن المواز: وذكره ابن حبيب عن أصبغ قال: ومن جاء إلى الوالي برجل فقال سرق متاعي، فإنه إن كان موصوفاً بذلك متهماً هدد وامتحن (3) وأحلف، وإن لم يكن كذلك لم يعرض له. وإذا كان من أهل الصلاح والبراءة لا يشار (4) بذلك إلى مثله أدب له المدعي.
قال ابن المواز قال أشهب: أما اليسير فلا يمين فيه على غير المتهم ولا أدب على المدعي، إلا أن يتهم أن يريد عيبه وشينه. وإن كان المدعى عليه متهماً ملطوخاً امتحن بالسجن ولا أدب ولا يمن عليه. قال مالك: ولا يؤدب إذا كان ذلك منه لطلب ظلامته، وإن قاله على وجه المشاتمة نكل له.
قال ابن حبيب قال الماجشون: ومن شهدت عليه بينة أنه سارق ومعروف بالسرقة متهم بها قد سجنه الإمام بها غير مرة، ولكن لم تكن منه سرقة حين شهدوا عليه فلا يقطع بهذا وليطل الإمام سجنه.
قلت لمطرف: فمن سرق له متاع فاتهم من جيرانه رجلاً غير معروف
__________
(1) في ص: يرد البيع، وهو تصحيف.
(2) محو بقدر سطر.
(3) حرفت عبارة ص: متهماً بعدد وأسجن.
(4) في ص: لا يضار. وهو تصحيف.

(14/451)


أو يتهم رجلاً غريباً لا يعرف ما حاله أيسجن حتى يكشف عنه؟ قال: نعم، ولا يطال سجنه.
وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً اتهمه المسروق منه بسرقة بعيره وقد صحبه في السفر (1) قال مطرف: وإذا كان المتهم بالسرقة متهماً معروفاً بها كان سجنه أطول، وإن وجد معه مع ذلك بعض السرقة فقال: اشتريته ولا بينة له وهو من أهل التهم لم يؤخذ منه غير ما في يديه، وإن كان غير معروف حبسه وكشف عنه، وإن كان معروفاً بذلك حبس أبداً حتى يموت فيه. وقاله ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ.

في إقرار العبد بالسرقة وغيرها
وما يلحق ذمته أو رقبته
في كتاب ابن المواز: وعن العبد بيده متاع فأقر أنه سرقه لهذا الرجل فإنه يقطع، ولا يقضى (2) به للرجل إلا ببينة (3) ويبقى لسيده ويحلف أنه ما يعرف لهذا فيه حقاً، وقال أشهب. ولو قال: هو بيد عبدي ولا أدري هو لعبدي أو لغيره، فهو للعبد أبداً ولا يقبل إقراره.
قال مالك: ولا يقبل من إقرار العبد إلا ما ينصرف إلى جسده (4)، أما ما يلزم به سيده أمر فلا. قال محمد: إلا فيما يعرف (5) ويشبه مثل
__________
(1) في باب الأقضية من سنن أبي داود، والديات من سنن الترمذي، والسارق من سنن النسائي.
(2) في ص: ولليقق. وهو تصحيف.
(3) في ص: إلا شبهة. وهو تصحيف أيضاً.
(4) صحفت في ص. إلى قده.
(5) عبارة ص مصحفة: إلا ما يعرفه.

(14/452)


ما قال في صبي يعلق بعبد قد وطئ على أصبعه فقطعها وهي تدمي فأقر العبد. قال مالك: يقبل قوله هذا ويكون ذلك في رقبته، وأما على غير هذا فلا يقبل منه، ولا يتبع به بعد عتقه (لأنه يقول (1) وما يتعلق بذمته لا يتبع به بعد عتقه) (2) وإن كان مما أذن فيه سيده اتبع به في رقه فيما يفيد من غير عمل يده.
قال محمد: ولا يتبع بالسرقة التى يقطع في رقه ولا في عتقه ولا فيما بين يديه من مال. (وكذلك إن كانت بينة (3) وقال أصبغ يوخذ فيما بين يديه من المال) (4)
قال محمد: لا يؤخذ بها في رقه ولا بعد عتقه لأن ماله صار له بعد العتق، إلا أن يقر بعد العتق أن ثمنها فيما بيده. وما سرق مما لا يقطع فيه مما لم يؤتمن عليه فكالخيانة (5) وأما ما أدان به ففي ذمته بعد عتقه، مثل أن يدخل منزلاً لعمل أو لغيره فيسرق منه. وما لزم الصانع منهم فهو في ذمته في رقه وعتقه، إلا أن يكون فعل ذلك بغير إذن ربه أو تجرأ أو تسلف بغير إذن ربه فما زاد من هذا ففي ذمته بعد عتقه، إلا أن يدفع ذلك سيده إلى الإمام فيسقط فلا يلزمه بعد عتقه.
قال محمد: وكذلك لو اسقطه عنه سيده دون السلطان، يريد أشهد على ذلك. وما لزمه في وطء الأمة والحرة (6) غصباً ففي رقبته، إلا أن يكون بإقراره فلا يقبل منه إلا أن تأتي متعلقة به وهي تدمي، أو كان بنتاً (7). فيقبل إقراره وهي مصدقة.
__________
(1) ثلاث كلمات مطموسة.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) كلمتان مطموستان.
(4) ما بين معقوفتين ساقط أيضاً من ص.
(5) في ص: فكالا ما به. وهو تصحيف.
(6) صحفت عبارة ص: الأمة أو المدة.
(7) كلمة مطموسة.

(14/453)


وعن عبد قتل حماراً فسئل فقال: خفت أن أموت جوعاً، قال ابن عباس: لا يقطع، ويقدم سيده ثمن الحمار ويحلف لئلا يقتل (1) العبد بالجوع.
قال يحي بن يحيى عن مالك: وذلك إذا ثبت ذلك على سيده فيغرم أو يسلمه (2) وإنما ترك عمر قطع عبيد حاطب (وأغرمه) (3) لأنه كان يجيعهم.
قال مالك: وليس الأمر عندنا على تضعيف القيمة، ورأيت ابن كنانة في غير كتاب ابن المواز أنه إنما سأله عن ثمن ناقته فضعفه فاحتمل أن يفصادف تضعيف الثمن (4) قيمتها اليوم. وقال غيره: ولو لم يكن هذا ولم يقل بذلك أحد بعده لم يجب القول به، فهم لو اجتمعوا على ترك عمل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم لترك. وعلم أنهم لم يجتمعوا إلا لأمر يجب المصير إليه.
قال مالك في عبد أتى به رجل إلى الوالي ودمه يسيل وقال ضربني، فضرب الوالي العبد وحبسه، ثم قدم آخر في مثل ذلك ودمه يسيل ثم قام به ثالث في مثل ذلك ودمه يسيل والعبد ينكر. قال مالك: يحلف العبد ويطلق. قال محمد: وتأويله أنه كان (5) لرجلين.
قال مالك في عبيد دخل عليهم وعندهم شاتان مذبوحتان تعرفان لجارهم، فأقر اثنان منهم وجحد الثالث فإن (6) فغرم ذلك على ساداتهم.
__________
(1) هذه العبارة مصحفة أيضا في ص: ويملك العبد ليلاً يصل.
(2) في ص: أو سائمه وهو تصحيف.
(3) ساقط من ص.
(4) كلمة مطموسة.
(5) كلمة مطموسة.
(6) كلمة أخرى مطموسة.

(14/454)


قال مالك في عبد على دابة (فأصاب صبياً بموضحة فأتى متعلقاً به فأقر له العبد ولا بينة له، فما كان قريباً من فعله وأتى مكانه متعلقاً به) (1) فليقبل منه، وأما ما بعد فإنما يقول كنت فعلته فلا يقبل قوله.
ومن كان منهم لا يعرف بالسرقة فيقر أنه أخذه ويظن به أنه لا يعرف السرقة فلا يعذر بذلك ويقطع.
قال في حديث السوداء (2) التي أقرت بالزنى في أيام عمر إنه لا يعذر اليوم أحد بهذا.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الموصى بعتقه يسرق قبل أن يقوم في الثلث إنه إنما ينظر إلى قيمته يوم ينظر في تقويمه لا يوم سرق ولا يوم الموت ولا يوم الوصية.

فيمن صالح سارقاً ثم رافعه
أو ظهرت السرقة عند غيره
من العتبية (3) روى عيسى (4) عن ابن القاسم: فيمن تعلق بمن سرق منه متاعاً يريد به السلطان، فطلب منه السارق الصلح قبل أن يصل الى الإمام، فصالحه وتركه ثم هاج بينه وبين نزاع فرفعه، قال: يقطع السارق.
وأما الصلح فإنه إن كان صالحه على أن لا يرفعه إلى السلطان فللسارق
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في ص: النسوة.
(3) البيان والتحصيل، 16: 258.
(4) كذا في ص. وفي ق روى أصبغ.

(14/455)


أن يرجع عليه فيأخذ منه ما صالحه به، وإن كان إنما صالحه من متاعه الذي سرق منه فلا رجوع له بشيء (1).
قال عنه عيسى فيمن ادعى على رجل سرقة فصولح عن إنكار، ثم أقر لغيره أنه سرقها. فإن ثبت على إقراره قطع، وإن كان ملياً أخذ منه المدعي ما صالح به، وأخذ المسروق منه قيمة سرقته، وإن كان عديما فلا يتبع بشيء ولا رجع المصالح على الطالب بشيء. فقول الثاني وإن كان عديماً فرجع عن إقراره قبل القطع درئ عنه واتبعه المصالح بما صالح به والمسروق منه ببقية سرقته. وإن أقر بها عن ضرب ثم أنكر فلا قطع عليه (2).
قال أصبغ فيمن اتهم رجلا بسرقته فذهب به إلى الامام فأقر له في الطريق أو صالحه لم يلزمه ذلك، وإن كان مأموناً فذلك يلزمه (3). الكثير وصفته، وقال قد سرقه يوم الخميس وقال الآخر يوم الجمعة لم يجز أيضاً.
قال ابن القاسم: وكله قول مالك.
كما لم شهد واحد أنه شرب أمس خمراً، وشهد آخر أنه شربه اليوم، لأنه من باب الفعل لا من باب الاقرار، وشهادتهما في الغد من معنى الإقرار يقضى به وإن اختلف اليوم. وإن شهد رجل أنه سرق بالمدينة وآخر أنه سرق بمصر لم يجز، وقاله أصبغ وقال: هو قولهم وقول مالك، وفيه بعض الغمز.
ومن العتبية (4) روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال رأيت فلاناً يسرق ساجاً وقال الآخر أشهد أنه سرق رداءاً فلا يقطع حتى يجتمعا على
__________
(1) سقطت هنا لوحتان من مصور مخطوط القيروان. ونسبه على موضع استياف نصه.
(2) كلمات ممحوة في ص.
(3) هنا نحو ربع صفحة ممحو إلا كلمات مبعثرة في أواخر السطور.
(4) البيان والتحصيل، 16: 260.

(14/456)


ثوب واحد. وإن قال هذا سرقه بكرة وقال الآخر سرقة عشية وهو ثوب واحد فلا يقطع.
ومن كتاب ابن المواز: ومن سرق من الإمام نفسه فقامت عليه بينة أو أقر، قال: للإمام أن يقطعه لأنه حد لله. وكذلك لو قطع عليه الطريق فأقر أو قامت به بينة جاز له أن يحكم عليه، ولكن لا يحكم عليه بقيمة السرقة حتى يرفعه إلى من فوقه. قال: ولو شهد بذلك هو ورجل عدل فأشهب يقول: أنه يقيم عليه الحد، ولو رفعه إلى الإمام كان أحب إلي.
وقال ابن القاسم: لو أن الإمام سمع رجلاً ومعه من يثبت الشهادة عليه ثم قام به صاحبه لأقام عليه الإمام الحد قال: ويعجبني الحيوان (كذا).

في المسروق منه يرى رفع السارق أو يعفو عنه (1)
من كتاب ابن حبيب: قال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يشفع في حد من حدود الله (2)، وقال صفوان حين عفى عن سارق رداءه: فهلا قبل أن تأتيني به (3).
قال وأخبرني الحميدي عن سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنه أخذ سارقاً ثم أرسله وقال: أستره لعل الله يستر علي.
__________
(1) الشطر الآخير من العنوان ممحو لا يقرأ.
(2) أحاديث النهي عن الشفاعة في الحد عديدة. ومنها في صحيح البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدرامي بلفظ الإستفهام الإنكاري، أتشفع في حد من حدود الله، عن عائشة.
(3) في باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان من كتاب الحدود من الموطأ.

(14/457)


وتشفع الزبير في سارق فقال المسروق حتى أبلغ (1) به الإمام، فقال: إذا بلغت الإمام فلعنة الله على الشافع والمشفع (2).
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أقيم بالسارق في غيبة المسروق لم ينظر ويقطع، هذا إذا عفا الغائب لو حضر أو قال أنا أرسلته أو هو إذا ثبتت السرقة ببينة.
وقال مالك في السارق يطلب فيمتنع ويقاتل فيصاب بنفسه إنه هدر. وقال ابن شهاب: إذا أشهر السيف ليهدد بشهرته فهو سارق محارب إذا شهد عليه بذلك. قال محمد: وإن لم يقاتل ولا أشهر السلاح ولكن هرب رب المتاع فرماه ليوهنه فمات، قال: عقله على عاقلته، وإن تعمد قتله (3) قتل به.
قال ربيعة في السارق أن يخرج فتجافي في قر بحجر (كذا) فيرمى فمات، إن فيه الغقل وإن تعمد قتله قتل به. ولو رماه ليوهنه فيأخذ متاعه فعليه العقل. وقال نحوه ابن شهاب.
قال محمد: ولو قتله في داره فادعى رب الدار أنه قالتله فقتله فإنه لا يصدق ويقتل به، واحتج بحديث سعد حين قال: إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بالشهداء (4).
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإذا سرق السارق وخرج بالمتاع فاتبعه رب المتاع، فلما رهقه دفعه السارق عن نفسه وامتنع وقاتله ابتغاء النجاة بسيف أو سكين أو عصى فقتله الرجل في امتناعه حيث لم يجد إلى أخذ
__________
(1) هنا ينتهي بتر ق المشار إليه آنفاً.
(2) في كتاب الحدود من الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
(3) في ص: وإن تعد مثله. وهو تصحيف.
(4) في كتاب القضاء من الموطأ بلفظ: أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء. وهو أيضاً في كتاب اللعان من صحيح مسلم، وفي كتاب السنن ومسند أحمد. وفي ص: حتى آتي بالشهيد.

(14/458)


السارق سبباً فدمه هدر، ولا قود فيه ولا دية إن كان المتاع لذي سرق معه، وإن لم يكن معه المتاع وإنما طلب النجاة بنفسه ففيه الدية إن كان قتله بموضع سرق فيه وشبهه. فأما لو تباعد ولحق بالصحراء (1) أو بغير موضعه ولا متاع ففيه القود، وافقه السارق أو لم يوافقه لأنه لا متاع ولا هو بموضع يخاف من عودته. ولو كان المتاع معه كان دمه هدراً.
ولو أسره وظفر به ثم قتله ففيه القود، كان معه متاع أو لم يكن، ولو كان (2) ولا عنه السارق رماه ليوهنه فيدركه فأصاب نفسه فدمه هدر. وإن لم يوافقه إذا كان المتاع معه، وإن لم يكن معه ففيه الدية إن كان بموضعه وبقربه، وأرى إن تباعد وصار إلى الصحراء وشبه ذلك ففيه القود، يريد إن لم يكن معه المتاع.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يشفع للسارق إذا صار إلى الإمام أو إلى حرسه. قال ابن القاسم: وأما قبل أن يصل إليهم فواسع إن لم يعرف بذلك ويشهر به. وأما إن عرف بأذى الناس فترك الشفع له أحب إلي، وكذلك في سائر الحدود. وقيل لمالك: أسمعت ذا الهيئة (3) تقال عثرته؟ قال: ما سمعت، وهذا من السلطان.
قال أبو محمد (4): وهذا يذكر عن عمر، ولو ثبت فإنما يراد (5) به في غير الحدود من الأذى والشتم، وذلك على قدر حال القائل والمقول له ذلك.
__________
(1) في ص: بالحصى وهو تصحيف.
(2) كلمة لا تقرأ.
(3) صحفت عبارة ص: أن ذا اللعبة.
(4) في ق: قال عبد الله، وهو المؤلف ابن أبي القيرواني، ويتكرر هذا الاختلاف في النسختين.
(5) صحفت عبارة ص: ولا ثبت فإنا يراد.

(14/459)


قال ابن المواز: وإذا عفا المسروق منه عن السارق ثم قام به غيره فإنه يقطع.

في إقامة الحدود في أرض العدو
ومن أصاب حداً من ذمي أو من مسلم
من إقراره عندنا أو مسلم عندهم
ومن تاب من مرتد ومحارب (1)
من كتاب ابن المواز قال: (مالك) (2) يقيم أمير الجيش الحدود بأرض الحرب وفي الغزو وعلى السارق والزاني وشارب الخمر.
قال أشهب: ولو دخل تجار مسلمون بلد الحرب فسرق بعضهم من بعض أو من ذمي أو صنعوا غير ذلك من زنى بمسلمة أو نصرانية أو شرب خمر أو قذف ثم رجعوا إلى بلد الإسلام فشهد بعضهم على بعض لأقيمت عليهم هذه الحدود. وكذلك لو أكل لحم خنزير لأدب في بلد الإسلام.
وإن دخل حربي بأمان فسرق من مسلم أو ذمي أو سرق ذلك منه مسلم، فقال أشهب: لا قطع على من سرق منه ولا عليه فيما سرق ولا حد عليه إن قذف مسلماً، ولكن يعاقب في ذلك كله، وذلك أنه لا ذمة لهم.
قال مالك في مستأمن أخصى غلمانه، قال: لا يعقلون عليه، وكأنه فعل ذلك بهم في بلدهم.
__________
(1) في هذا العنوان بتر بسبب طمس كلمات في المصورتين.
(2) ساقط من ص.

(14/460)


قال أشهب: ولو كان ذمياً لعتقوا عليه، وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم على سلمة وهوكافر عبداً أخصاه وجذعه (1).
قال ابن القاسم: ويقطع المسلم إن سرق من المستأمن، وإن سرق حربي من مسلم قطع، وإن قذف مسلماً حد له. ولو أن حربياً قذف مسلماً (2) ببلد الحرب ثم أسلم، أو سرق ودخل بأمان لم يحد، كما أن القتل بموضعه عنه (كذا) وقال هذا ابن القاسم وأشهب.
وكذلك المرتد يفعل ذلك ببلد الحرب. وأما إن كان ببلد الإسلام فإن قتل على الردة لم يحد قبل القتل لسرقة، ولا يقتص منه ولا يقام عليه حد الفرية.
قيل: فإن تاب أيقام عليه حد الزنى والخمر. قال في كتاب ابن المواز: ولا يحد لزناه في ردته – يريد وكذلك لا يحد لشرب الخملر في ردته.
قال: والمحارب إذا تاب قبل يقدر عليه أقيمت عليه الحدود كلها التي فعلها في حرابته لأنها من حقوق الناس وإنما يسقط عنه ما كان لله من حد الحرابة التي يقيمها السلطان. وإذا سرق مجوسي أو عبد أو كتابي قطع.
قال مالك: ولا يقطع سارق الخمر يسرقه مسلم أو ذمي أو من مسلم، ويؤدب ويغرم القيمة للذمي.
تم كتاب القطع في السرقة (3).
__________
(1) في باب من مثل بعبده فهو حر من كتاب الديات من سنن ابن ماجة.
(2) في ص: قذف سنة. وهو تصحيف.
(3) وهنا ينتهي مخطوط القيروان (ق).

(14/461)