مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل ط عالم الكتب

كتاب الأطعمة
باب المباح من الطعام
المباح طعام طاهر والبحري وإن ميتا
ـــــــ
كتاب الأطعمة
باب المباح طعام طاهر
ص: "والبحري وإن ميتا" ش: أي وإن وجد طافيا ميتا بنفسه.
فرع: قال في اللباب وإذا وجد حوت في بطن حوت أكل وإن وجد في بطن طير ميت فقيل لا يؤكل لأنه صار نجسا. وقال ابن يونس الصواب جواز أكله كما لو وقع حوت في نجاسة فإنه يغسل ويؤكل انتهى. قال البرزلي في كتاب الطهارة وفرق شيخنا الإمام بأن وقوعها في نجاسة أخف بخلاف حصوله في بطن الطير إذا مر عليه زمان تسري فيه النجاسة بالحرارة فأشبه طبخ اللحم بالماء النجس إلا أن يقال النار في الحرارة أشد. وعلى هذا لو حصلت في بطن خنزير ومات فإنه يجري على ما تقدم انتهى. وتقدم الكلام على ذلك عند قول المصنف "ولا يطهر زيت خولط". وفي المدونة ومن ملح حيتانا فوجد فيها ضفادع ميتة أكلت. قيل الضمير للضفادع وقيل للحيتان والجميع يؤكل. وفي سماع ابن القاسم من كتاب

(4/345)


وطير ولو جلالة وذا مخلب
ـــــــ
الصيد والذبائح ذكر غمسه في النار حيا أو في الطين ونحو ذلك وأنه لا بأس به. وانظر البرزلي ونص ما في السماع المذكور وسئل مالك عن الحوت يوجد حيا أيقطع قبل أن يموت قال لا بأس به لأنه لا ذكاة فيه وأنه لو وجد ميتا أكل فلا بأس به أن يقطع قبل أن يموت وأن يلقى في النار وهو حي فلا بأس بذلك. قال ابن رشد قد كرهه في رسم الجنائز والصيد من سماع أشهب في موضعين كراهية غير شديدة وظاهر هذه الرواية الإباحة. والوجه في ذلك أن الحوت لما كان لا يحتاج إلى تذكية وكان للرجل أن يقتله بأي نوع شاء من أنواع القتل في المال وأن يقطعه فيه إن شاء كان له أن يفعل ذلك بعد خروجه من الماء. والوجه في كراهة ذلك أن الحوت مذكى. فالحياة التي تبقى فيه بعد صيده تشابه الحياة التي تبقى في الذبيحة بعد ذبحها فيكره في كل واحد منهما ما يكره في الآخر انتهى. ونص ما في رسم الجنائز والصيد في الموضع الأول وسئل عن الحيتان تصاد فتغمس رؤوسها في الطين لتموت فكرهه ولم يره شديدا ونص ما في الموضع الثاني وسألته عن الحوت أيطرح في النار حيا قال ما أكرهه كراهية شديدة وهو إن تركه قليلا مات. قال ابن رشد إثر الموضع الأول هذا نحو قوله بعد هذا في طرح الحوت في النار حيا قبل أن يموت وهو خلاف ما مضى في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم وقد مضى هناك توجيه القولين والله أعلم. ص: "وطير ولو جلالة" ش: الجلالة في اللغة البقرة التي تتبع النجاسات. قال في الصحاح الجلالة البقرة التي تتبع النجاسات. وفي الحديث نهي عن لبن الجلالة انتهى. قال ابن عبد السلام والفقهاء استعملوها في كل حيوان يستعمل النجاسة انتهى. وقال ابن الأثير في غريب الحديث الجلالة من الحيوان التي تأكل العذرة والجلة البعر فوضع موضع العذرة انتهى. وأتى المصنف بلو المشعرة بالخلاف تبعا للخمي. قال عنه في التوضيح في باب الذبائح وفي اللخمي في كتاب الطهارة اختلف في الحيوان يصيب النجاسة هل تنقله عن حكمه قبل أن يصيبها فقيل هو على حكمه في الأصل في أسآرها وأعراقها ولحومها

(4/346)


ونعم ووحش لم يفترس كيربوع وخلد ووبر وأرنب وقنفذ وضربوب
ـــــــ
وألبانها وأبوالها. وقيل تنقله وجميع ذلك نجس انتهى. ولم يتبع في حكايته الاتفاق على إباحة الجلالة قال في التوضيح عنه واتفق العلماء على أكل ذوات الحواصل من الجلالة واختلفوا في ذوات الكرش فكره جماعة أكل الجلالة منها وشرب ألبانها لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن لحوم الجلالة وألبانها. ولا خلاف في المذهب في أن أكل لحم الماشية والطير الذي يتغذى بالنجاسة حلال جائز وإنما اختلفوا في الألبان والأبوال والأعراق انتهى. قال ابن عبد السلام وكلام اللخمي هو الصحيح انتهى بمعناه انتهى كلام التوضيح. ص: "ونعم" ش: تقدم في أول الذكاة أن النعم في عرف الفقهاء اسم للإبل والبقر والغنم وخالف في ذلك ابن دريد والهروي والحريري في درة الغواص وقالوا إنه خاص بالإبل وقيل إنه اسم للإبل والبقر دون الغنم. وكلام المحكم يقتضي أنه اسم للإبل والغنم دون البقر وتقدم بيان ذلك والله أعلم.
تنبيه: قال ابن عبد السلام في كتاب الذبائح استعمل المصنف الأنعام في الثمانية الأزواج المذكورة في قوله تعالى {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشا} [الأنعام: من الآية142] وزعم بعضهم أن غالب ما يستعمل هذا اللفظ في الإبل خاصة وعلى الوجه الأول جاء الكتاب العزيز في غير ما آية انتهى.
قلت: وما ذكره عن بعضهم غريب إنما رأيته في لفظ النعم والله أعلم.
تنبيه: قال في الألغاز قال ابن رشد يمنع من ذبح الفتى من الإبل مما فيه الحمولة وذبح الفتى من البقر مما هو للحرث وذبح ذوات الدر من الغنم للمصلحة العامة للناس فتمنع المصلحة الخاصة ذكره في باب الغصب انتهى من الذبائح. وانظر أول كتاب الدور والأرضين من البيان والإكمال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم نكب عن ذوات الدر. ص: "وقنفذ" ش: بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وقد تفتح وآخره ذال معجمة والأنثى قنفذة وجمعه قنافذ ويقال للذكر شيهم بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية وفتح الهاء. انظر القاموس والصحاح في فصل القاف من باب الذال وفصل الشين من باب الميم وضياء الحلقوم. ص:

(4/347)


وحية أمن سمها وخشاش أرض
ـــــــ
"وحية أمن سمها وخشاش أرض" ش: قال في المدونة في أول كتاب الذبائح وإذا ذكيت الحيات في موضع ذكاتها فلا بأس بأكلها لمن احتاج إليها ولا بأس بأكل خشاش الأرض وهوامها وذكاة ذلك كذكاة الجراد انتهى. قال أبو الحسن موضع ذكاتها يريد حلقها وهو موضع الذكاة من غيرها. وقال بعضهم صفة كذاتها من جهة الطب أن يؤخذ من جهة ذنبها مقدار خاص فإن كان اثنان وضع أحدهما الموسى على حلقها والآخر على المقدار الخاص من جهة ذنبها فيقطعان ذلك كله في مرة واحدة. وإن كان المذكى واحدا جمع طرفيها ووضع الموسى على ذلك وقطع ذلك كله في مرة واحدة ولا يؤكل بالعقر. وقال أشهب وتؤخذ برفق ومهل ولا يغيظها لئلا يسري السم فيها. وقوله "لمن احتاج إليها" الشيخ لابن القاسم في غير المدونة يجوز أكلها لمن يحتاج لها. وقال ابن حبيب يكره أكلها لغير ضرورة انتهى. وقال في الذخيرة.
فائدة ذكاة الحية لا يحكمها إلا طبيب ماهر وصفتها أن يمسك برأسها وذنبها من غير عنق وتثنى على مسمار مضروب في لوح ثم تضرب بآلة حادة رزينة عليها وهي ممدودة على الخشبة في حد الرقيق من رقبتها وذنبها من الغليظ الذي هو وسطها ويقطع جميع ذلك في فور واحد في حصول واحدة جلدة يسيرة فسدت وقتلت بواسطة جريان السم من رأسها في جسمها بسبب غضبها أو ما هو قريب من السم من ذنبها في جسمها وهذا معنى قوله "في موضع ذكاتها". انتهى من كتاب الأطعمة. وقال في كتاب الصيد.
تنبيه: الحية متى أكلت بالعقر قتل آكلها بل لا يمكن أكله إلا بذكاة مخصوصة تقدمت في الأطعمة انتهى. وقال ابن عرفة ابن بشير ذو السم إن خيف منه حرام وإلا حل. الباجي لا يؤكل حية ولا عقرب الأبهري إنما كرهت لجواز كونها من السباع والخوف من سمها ولم يقم على حرمتها دليل ولا بأس به تداويا ولذا أبيح الترياق. وروى ابن حبيب كراهة العقرب وذكاتها قطع رأسها وفي ثاني حجها لا بأس أن يأكل الحية إذا ذكيت ولا أحفظ عنه في العقرب شيئا وأرى أنه لا بأس به انتهى. وصرح في الطراز في أول كتاب الطهارة بمشهورية إباحة العقرب ونصه واختلف في العقرب والمشهور إباحتها وقيل تكره انتهى. وقوله وخشاش أرض أشار به لقوله في المدونة المتقدم ولا بأس بأكل خشاش الأرض. قال أبو الحسن هو عبارة عما لا نفس له سائلة. وضبطه عياض بفتح الخاء المعجمة وتخفيف الشين المعجمة ويقال بكسر الخاء وحكى أبو عبيدة ضمها انتهى. قال في التوضيح والأفصح في الخشاش فتح الخاء

(4/348)


...............................
ـــــــ
قال ابن الحاجب ويؤكل خشاش الأرض وهوامها وذكاة ذلك كذكاة الجراد. وقال الباجي أكل الخشاش مكروه. وفي ابن بشير المخالفون يحكون عن المذهب جواز أكل المستقذرات والمذهب خلافه. وقال ابن هارون ظاهر المذهب كما ذكر المخالف انتهى. وقال ابن العربي في عارضته قال مالك حشرات الأرض مكروهة. وقال أبو حنيفة والشافعي محرمة. وليس لعلمائنا فيها متعلق ولا للتوقف عن تحريمها معنى ولا في ذلك شك ولا لأحد عن القطع بتحريمها عذر انتهى. وقال ابن عرفة قول ابن بشير حكى المخالف عن المذهب جواز أكل المستقذرات وكل المذهب على خلافه خلاف رواية ابن حبيب من احتاج إلى أكل شيء من الخشاش ذكاه كالجراد والعقرب والخنفساء والجندب والزنبور واليعسوب والذر والنمل والسوس والحلم والدود والبعوض والذباب انتهى. وقال في الذخيرة بعد أن ذكر عن الجواهر نحو ما قاله ابن بشير في المستقذرات ما نصه والعجب من نقل الجواهر مع قوله في الكتاب لا بأس بأكل خشاش الأرض وهوامها ثم قال وأي شيء بقي من الخبائث بعد الحشرات والهوام والحيات انتهى. وقال ابن عسكر في العمدة ولا يجوز أكل شيء من النجاسات كلها ولا تؤكل الفأرة والمستقذرات من خشاش الأرض كالوزغ والعقارب ولا ما يخاف ضرره كالحيات والنباتات كلها مباحة إلا ما. فيه ضرر أو يغطي على العقل انتهى.
تنبيهان: الأول: ما ذكره ابن عسكر في الوزغ من أنه من الخشاش خلاف ما صرح به صاحب الطراز وخلاف ظاهر كلام ابن عرفة. قال في الطراز في كتاب الطهارة والخشاش بضم الخاء الحيوان الذي لا دم له. قال قطرب الخشاش بالضم خشاش الأرض وبالكسر العظم الذي في أنف الناقة وبالفتح الرجل الخفيف الرأس. قال ابن القاسم وخشاش الأرض الزنبور والعقرب والصرار والخنفساء وبنات وردان وما أشبه هذا من الأشياء ومن هذا القبيل النمل والجراد والعنكبوت وليس منه الوزغ ولا السحالي ولا شحمة الأرض. وقال بعض الشافعية الوزغ من الخشاش وهو غلط لأنها ذات لحم ودم من جنس الحنش انتهى. وقال ابن عرفة هنا الكافي لا يؤكل الوزغ انتهى. وصرح في كتاب الطهارة بأنه مما له نفس سائلة فقال فميتة بري ذي نفس سائلة غير إنسان كالوزغ نجس ونقيضها طاهر وفي الآدمي قولان انتهى وما ذكره ابن عسكر في الفأرة هو أحد الأقوال الثلاثة فيها والثاني الكراهة والثالث: الإباحة قال في التوضيح في كتاب الطهارة ورأيت في مجهول التهذيب أن المشهور التحريم انتهى وقال ابن رشد في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب الصلاة والقول بالمنع من أكلها ونجاسة بولها أظهر انتهى .
فرع: قال في التوضيح قال في النوادر ومن الواضحة قال ابن حبيب بولها أي الفأرة وبول الوطواط وبعرهما نجس وفي الوجيز لابن غلاب إلحاق الوطواط بالفأرة في البول واللحم

(4/349)


وعصير وفقاع وسوبيا وعقيد أمن سكره
ـــــــ
ولعله من هنا أخذه انتهى يعني من كلام ابن حبيب في الواضحة الثاني. قال ابن عرفة ودود الطعام ظاهر الروايات كغيره وقول ابن الحاجب لا يحرم أكل دود الطعام معه وقبله ابن عبد السلام. ابن هارون لم أجده إلا قول أبي عمر رخص قوم في أكل دود التين وسوس الفول والطعام وفراخ النحل لعدم النجاسة فيه وكرهه جماعة ومنعوا أكله وهذا لا يوجد في المذهب. وقول التلقين ما لا نفس له سائلة كالعقرب هو كدواب البحر لا ينجس ولا ينجس ما مات فيه وكذا ذباب العسل والباقلا ودود النخل يدل على مساواته لسائر الخشاش انتهى. قال البرزلي بعد ذكره كلام ابن عرفة قلت: هذا جرى على حمله مذهب البغداديين على أن الخشاش يفتقر لذكاة والذي تلقيته من غيره من سائر شيوخنا عن البغداديين أنهم يبيحون أكل الخشاش بغير ذكاة وهو ظاهر المذهب عندي في دود الطعام لما تقدم وللمشقة في الاحتراز عنه كما أفتانا في روث الفأر إذا كثر في الطعام فإنه مغتفر للخلاف فيه وللمشقة. وقال قبل نقله كلام ابن عرفة وسئل اللخمي عمن أكل تمرة فوجد فيها دودة حية فهل يبلعها أو يلقيها وكيف لو ابتلعها بعد العلم بذلك هل ابتلع طاهرا أو نجسا فيأثم ومثله دود الخل وشبهه فأجاب تقدم الجواب على دود التمر والعسل أنه ليس بحرام انتهى. ثم ذكر كلام ابن عرفة وكلامه المتقدم وقبل في التوضيح قول ابن الحاجب. وقال فإن قلت: روى أبو داود أنه عليه السلام أوتي بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس وذلك يدل على التحريم أو الكراهة. فالجواب أنه يجوز أن يكون ذلك لإعافة نفسه صلى الله عليه وسلم كما فعل في الضب فإن انفرد عن الطعام فلا شك أنه من جملة الخشاش انتهى والله أعلم. ص: "وعصير وفقاع وسوبيا وعقيد أمن سكره" ش: العصير هو ماء العنب أول عصره والفقاع شراب يتخذ من القمح والتمر ونحوه والسوبيا قريبة من الفقاع والعقيد هو العصير

(4/350)


.................................
ـــــــ
إذا عقد على النار. قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد العصير ماء العنب أول عصره بلا زائد والفقاع ماء جعل فيه الزبيب ونحوه حتى انحل إليه دون إسكار. وفي الجواهر هي حلال ما لم تدخلها الشدة المطربة والسوبيا فقاع يميل إلى الحموضة والعقيد هو العصير المغلي على النار حتى ينعقد ويذهب منه الإسكار وهو المسمى عندنا بالرب الصامت. قال في المدونة في كتاب الأشربة وكنت أسمع أن المطبوخ إذا ذهب ثلثاه لم يكره ولا أرى ذلك ولكن إذا طبخ حتى لا يسكر كثيره حل فإن أسكر كثيره حرم قليله انتهى. قال في الذخيرة لأن العنب إذا كثرت مائيته احتاج إلى طبخ كثير أو قلت: فطبخ قليل وذلك مختلف في أقطار الأرض انتهى. قال في المدونة وعصير العنب ونقيع الزبيب وجميع الأتبذة حلال ما لم تسكر من غير توقيت بزمان ولا هيئة انتهى بالمعنى. وقول المصنف "أمن سكره" راجع إلى الثلاثة والله أعلم. وقال في شرح الإرشاد أيضا وأما ما يعطي العقل فلا خلاف في تحريم القدر المغطى من كل شيء وما لا يغطى من المسكر كما يغطى لقوله عليه السلام "ما أسكر كثيره فقليله حرام"1 وإنما هي أربع الخمر وهو ما فيه طرب وشدة ونشوة ويغيب العقل دون الحواس والبنج وهي الحشيشة وقد اختلف هل هي مسكرة أو مفسدة والمفسد ما صور خيالات دون تغييب حواس ولا طرب ولا نشوة ولا شدة ولا خلاف في تحريم القدر المفسد. والأفيون وهو لبن الخشخاش يغيب الحواس ولا يذهب بالعقل والظاهر أن القنقيط والدريقة من المفسدات ولم أقف في ذلك على شيء فانظره. والجوزاء من المخدرات وأفتى بعض شيوخنا الفاسيين بطرحها في الوادي فقال غيره لو استفتيت عليه
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الأشربة باب 5. الترمذي في كتاب الأشربة باب 3. النسائي في كتاب الأشربة باب 25. ابن ماجة في كتاب الأشربة باب 120, الدارمي في كتاب الأشربة باب 8. أحمد في مسنده "2/91, 167, 179" "3/343".

(4/351)


...............................
ـــــــ
لغرمته إياها فانظر ذلك. وأما الطين فكرهه ابن المواز ويدخل فيه ما يفعله المصريون مع الحمص من الطفل وهل ما يصنع به أهل المغرب من المغرة الهريس من ذلك أو هي كالملح لم أقف فيه على نص ولا سمعت فيه شيئا فانظر ذلك انتهى. وقال في أول الشرح وحكى خليل عن شيوخه خلافا في الحشيشة هل هي مسكرة أم لا وقال القرافي ينبني عليه تحريم القليل وتنجيس العين ولزوم الحد. وقال المغربي إنما ذلك بعد قليها وتكييفها لا قبل ذلك فإنها طاهرة انتهى. وتقدم في أول المختصر في فصل الطاهر ميت ما لا دم له عند قول المصنف إلا المسكر الكلام على ذلك بما فيه كفاية فراجعه والله أعلم.
فائدة أسماء الأنبذة أربعة عشر.
الأول الفضيخ وهو بسر يرض ثم يلقى عليه الماء ويقال له الفضوخ والأول أوجه ولذا قال أبو عمر ليس بالفضيخ ولكنه الفضوخ إشارة إلى أنه يفضخ الرأس والبدن.
الثاني: البتع وهو شراب العسل.
الثالث: النزر ويتخذ من البز والشعير عادة. الرابع: الغبيراء وفي الحديث "إياكم والغبيراء فإنها خمر العالم" وهو شراب الذرة يصنعه الحبش وهو السكركه بضم السين وإسكان الكاف وقد تضم والكاف الثانية مفتوحة وهو الاسم الخامس.
السادس: المغير وهو ما يغير بالنار أو بما يلقى فيه حتى يسكن غليانه وينحرف عن حاله إلى ما هو أضر بالبدن.
السابع: الجعة وهو شراب الشعير.
الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر الباذق والطلاء والنختج والجمهوري هو المطبوخ كله حتى يرجع إلى النصف أو الثلث.
الثاني عشر المزاء هو نبيذ البسر وقيل هو النبيذ في الحنتم والمزفت.
الثالث عشر المقدى بفتح الدال شراب ينسب إلى قرية من قرى دمشق يقال لها مفدية. قال ابن الأنباري وهو عندي بتشديدها. قال ابن السيد البطليوسي في شرح أدب الكتاب يجوز بتشديد الدال وتخفيفها. فمن شدد الدال جعله منسوبا إلى مقد وهي قرية بالشام ومن خفف الدال نسبه إلى مقدية مخففة الدال وهي حصن بدمشق معروف انتهى. وضبطه في الصحاح بتخفيف الدال ونسبه إلى قرية بالشام ووهمه في ذلك صاحب القاموس.
الرابع عشر العصف وهو أن يشدخ العنب ثم يعمل في وعاء حتى يغلي وقد يتخذ من الدبس وهو عسل التمر وكل مطعوم فإنه يمكن أن يتخذ منه نبيذ وقد أراح الله من ذلك

(4/352)


وللضرورة ما يسد غير آدمي وخمر إلا لغصة وقدم الميت على خنزير وصيد لمحرم لا
ـــــــ
كله على لسان نبيه فقال "كل مسكر حرام" . ص: "وللضرورة ما يسد" ش: قال ابن غازي لعله ما يشبع فتصحف بيسد.
تنبيه: قال في القوانين لابن جزي ويترخص بأكل الميتة العاصي بسفره على المشهور انتهى ونحوه في الذخيرة. وقال في التوضيح في باب التيمم قال القرطبي في سورة البقرة إنه يجب عليه الأكل ولو كان عاصيا. ومن هذا المعنى ما إذا خافت المرأة على نفسها الموت من الجوع أو العطش فلم تستطع ذلك إلا ممن أراد وطأها فلها أن تمكن نفسها لأن ذلك إكراه وليست كالرجل يكره على الزنا. قاله في النوادر عن سحنون في كتاب ابنه وذكرها المصنف في فصل أركان الطلاق كالمرأة لا تجد من يسد رمقها إلا لمن يزني بها وتكلم عليها ابن غازي هناك والله أعلم. ص: "وقدم الميت على خنزير" ش:
فرع: قال في القوانين إذا أكل الخنزير يستحب له تذكيته. ص: "وصيد لمحرم لا لحمه" ش: يعني أن الميتة مقدمة على الصيد للمحرم. قال في الجلاب إلا أن تكون الميتة

(4/353)


لحمه وطعام غير إن لم يخف القطع وقاتل عليه والمحرم النجس
ـــــــ
متغيرة يخاف على نفسه من أكلها انتهى. وكذلك ذكر في التوضيح في باب الحج لما أن ذكر القولين قال وقيد الأول بما إذا لم تكن متغيرة يخشى على نفسه منها.
فرع: قال ابن رشد في رسم تأخير صلاة العشاء ولو وجد حمارا أهليا لأكله ولم يأكل الصيد للاختلاف في الحمار الأهلي. انتهى من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة من الرسم المذكور. ص: "وطعام غير" ش: قال ابن غازي طعام بالجر معطوف على قوله لا لحمه. قال في القوانين وإذا وجد ميتة وطعام الغير أكل الطعام إن أمن أن يعد سارقا وضمنه. وقيل لا يضمن وليقتصر منه على شبعه ولا يتزود منه انتهى. ص: "والمحرم والنجس" ش: شمل

(4/354)


وبغل وفرس وحمار ولو وحشيا دجن
ـــــــ
قوله "والمحرم النجس" الدم لأنه قدم في فصل "الطاهر ميت ما لا دم له" أن الدم المسفوح ولو من سمك وذباب نجس. وقال في الذخيرة قال اللخمي ودم ما لا يؤكل لحمه يحرم قليله وكثيره وليس أعلا رتبة من لحمه ودم ما يؤكل لحمه قبل الذكاة كذلك وبعدها يحرم المسفوح وهو الذي يجري عند الذبح. فإن استعملت الشاة قبل تقطيعها وظهور دمها كالمشوية جاز أكلها اتفاقا وإن قطعت فظهر الدم فقال مرة حرام وحمل الإباحة على ما لم يظهر نفيا لحرج التتبع ومرة قال حلال لظاهر الآية فلو خرج الدم بعد ذلك جاز أكله منفردا. ودم ما لا يحتاج إلى ذكاة وهو الحوت فعلى القول بطهارته حلال والقول بنجاسته وعدم حله أولى. وما ليس له نفس سائلة على القول بذكاته تحرم رطوبته قبل الذكاة ويختلف فيما ظهر بعدها وعلى القول بعدمها فقبلها وبعدها سواء يختلف فيه إذا فارق.
فرع: يوجد في وسط صفار البيض أحيانا نقطة دم فمقتضى مراعاة السفح في نجاسة الدم لا تكون نجسة وقد وقع البحث فيها مع جماعة ولم يظهر غيره. انتهى كلامه من كتاب الأطعمة. وشمل كلامه أيضا الخمر ومذهب أبي حنيفة أن ما كان من غير النخل والكرم لا يحرم أسكر أو لم يسكر والمتخذ من التمر والزبيب يحرم منه ما أسكر إلا القليل. قاله في القوانين. ومذهب صاحبيه وهو المفتى به أن ما أسكر حرام كان من الزبيب والتمر أو غيرهما والله أعلم.
فرع: قال في الجلاب ومن وجد عنده خمر من المسلمين أريقت عليه وكسرت ظروفها أو شقت تأديبا له انتهى. وهذا القول هو أحد الأقوال الثلاثة في القولين واختلف في ظروف الخمر فقيل وتشق وقيل يكسر منها ويشق ما أفسدته الخمر ولا ينتفع به دون ما ينتفع به إذا زالت منه الرائحة وقيل أما الزقاق فلا ينتفع بها وأما القلال فيطبخ فيها الماء مرتين وينتفع بها انتهى. وقال القرطبي في شرح مسلم في كتاب البيع في شرح حديث إهداء الرواية من الخمر. فيه دليل على أن أواني الخمر إذا لم تكن مضراة بالخمر أنه يجوز استعمالها في غير الخمر إذا غسلت انتهى. وتقدم عند قول المصنف "وفخار بغواص" شيء من هذا المعنى. ص: "وبغل وفرس وحمار" ش: أما الخيل فذكروا فيها هنا ثلاثة أقوال المنع والكراهة والإباحة ولم يحكوا هنا في البغال والحمير إلا المنع والكراهة. ونقل المصنف الإباحة في

(4/355)


والمكروه سبع وضبع وثعلب وذئب
ـــــــ
التوضيح في كتاب الطهارة عن الجواهر وسيأتي كلامه. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة في شرح قوله والبقر تذبح فإن نحرت أكلت. قال الباجي والخيل في الذكاة كالبقر وكذلك البغال على القول بأنها مكروهة والحمير على القول بذلك أو الإباحة والقول بالإباحة فيها حكاه النووي عن مالك فذكر عنه ثلاث روايات ولا أعرفه لغيره انتهى. قلت: قال في التوضيح في كتاب الطهارة في شرح قول ابن الحاجب "والأواني من جلد المذكى المأكول" ما نصه قال في الجواهر في باب الذبائح ويطهر بالذكاة جميع أجزائه من لحمه وجلده وعظمه وسواء قلنا يؤكل أو لا يؤكل كالسباع والكلاب والحمير والبغال إذا ذكيت طهرت على كلتا الروايتين في إباحة أكلها ومنعها. وقال ابن حبيب لا تطهر بالذبح بل تصير ميتة. انتهى كلام الجواهر انتهى كلام التوضيح فانظر قوله في إباحة أكلها المتبادر منه الإباحة إلا أن اقتصاره على روايتين يقتضي ترك إحدى الروايتين المعروفتين في البغال والحمير بالكراهة والتحريم فتأمله والله أعلم. وتقدم نقل الكراهة فيها في كلام التوضيح عند قول المصنف ونحر إبل. ص: "والمكروه سبع وضبع وثعلب وذئب" ش: مناط الكراهة في هذه كلها الافتراس. قال ابن

(4/356)


وهر وإن وحشيا وفيل وكلب ماء وخنزير
ـــــــ
عبد السلام وأصل الافتراس في اللغة دق العنق ثم استعمل في كل قتل انتهى. قال في الشامل وكره مفترس على الأصح وثالثها إن لم يعد كثعلب وضبع وهر مطلقا وإلا حرم كسبع وفهد ونمر وذئب وكلب. وقيل لا خلاف في كراهة ما لا يعدو انتهى. وينبغي أن يعلم أولا الافتراس والعدو. وقال في التوضيح الافتراس لا يختص بالآدمي فالهر مفترس باعتبار الفار والعداء خاص بالآدمي فالعداء أخص من الافتراس انتهى. واعلم أنه ذكر في الشامل طريقتين في المفترس الطريقة الأولى وهي التي ذكرها ابن الحاجب وعزاها ابن عرفة للباجي فيها ثلاثة أقوال الأصح الكراهة مطلقا ومقابلة المنع مطلقا والثالث التفصيل. قال ابن عرفة الباجي في كراهة ومنع أكلها ثالثها حرمة عاد بها الأسد والنمر والذئب والكلب وكراهة غيره كالدب والثعلب والضبع والهر مطلقا لرواية العراقيين معها وابن كنانة مع ابن القاسم وابن حبيب عن المدنيين انتهى. والطريقة الثانية تحكي الاتفاق على الكراهة فيما لا يعدو وتحكي الخلاف بالمنع والكراهة فيما يعدو وهي التي أشار إليها بقوله "وقيل لا خلاف في كراهة ما لا يعدو". فيتحصل من هذا أن الكلب فيه قولان بالتحريم والكراهة والذي يأتي على ما مشى عليه المصنف وصححه صاحب الشامل القول بالكراهة وصحح ابن عبد البر التحريم. قال ابن عسكر في العمدة قال الشيخ أبو عمر ابن عبد البر الصحيح تحريم الكلاب والسباع العادية وهو مذهب الموطأ انتهى. وقال في الجلاب ولا تؤكل الكلاب انتهى. ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلب والله أعلم وسيأتي في القولة التي بعد هذه حكم قتلها. ص: "وهر" ش: تصوره ظاهر.
فرع: قال البرزلي نزلت مسألة وهي أن قطا عمي وفرغت منفعته فاستفتى فيه شيخنا الإمام بوجوب إطعامه وألا يقتل وكذا ما يئس من منفعته لكبر أو عيب وهو نحو ما تقدم وكذا ذبح القطط الصغار والحيوان الصغير لقلة غذاء أمهاتهم أو إراحتها من ضعفها. والصواب في ذلك كله عندي الجواز لارتكاب أخف الضررين لقوله عليه السلام "إذا التقى ضرران نفى الأكبر للأصغر" ويشير بقوله "وهذا نحو ما تقدم" لقوله وسئل عز الدين عن قتل الهر المؤذي هل يجوز أم لا فأجاب إذا خرجت إذايته عن عادة القطط وتكررت إذايته جاز قتله

(4/357)


..................................
ـــــــ
واحترزنا بالأول عما في طبعه تكررت منه لأنه طبعه واحترز بالثاني مما إذا وقع ذلك منه فلتة فلا يوجب قتله فلا يكون كالميؤس من استصلاحه من الآدميين والبهائم. وعن أبي حنيفة إذا آذت الهرة وقصد قتلها فلا تعذب ولا تخنق بل تذبح بموسى حاد لقوله عليه السلام "إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"1 انتهى الحديث. ومن هذا المعنى إذا يئس من حياة ما لا يؤكل فيذبح لإراحته من ألم الوجع والذي رأيت المنع إلا أن يكون من الحيوان الذي يذكى لأخذ جلده وأجمع العلماء على منع ذلك في حق الآدمي وإن اشتدت آلامهم لشرف الآدمي عن الذبح.
قلت: الذي رأيت في القسم الأول أنها وقعت في بلاد بونة فأفتى فيها بالإجهاز عليها لإراحتها ونقلها في العتبية. ومن هذا إذا رميت السفينة بالنار ففي المدونة لا بأس أن يطرحوا أنفسهم في البحر لأنهم فروا من موت إلى موت. ولم يره ربيعة إلا لمن طمع بنجاة أو أمن فلا بأس وإن هلك فيه. وعن ربيعة إن صبر فهو أكرم وإن اقتحموا فقد غرقوا ولا بأس به.
قلت: فظاهر هذا الجواز لاستعجاله الموت للإراحة وإذا كان هذا في الآدمي فأحرى في الحيوان الذي لا يؤكل إذا كان لإراحته وسيأتي للمصنف في باب الجهاد أنه يجوز الانتقال من موت لآخر. وأما قتل الكلاب إذا آذت فقال القرطبي في شرح مسلم في كتاب البيوع قلت: الحاصل من هذه الأحاديث أن قتل الكلاب غير المستثنيات مأمورية إذا أضرت بالمسلمين فإن كثر ضررها وغلب كان الأمر على الوجوب وإن قل وندر فأي كلب أضر وجب قتله وما عداه جائز قتله لأنه سبع لا منفعة فيه وأقل درجاته توقع الترويع وأنه ينقص من أجر مقتنيه كل يوم قيراطان. فأما المروع منهن غير المؤذي فقتله مندوب إليه أما الكلب الأسود ذو النقطتين فلا بد من قتله للحديث المتقدم وقلما ينتفع بمثل تلك الصفة انتهى. وقال في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان وسئل مالك عن قتل الكلاب أترى أن تقتل قال نعم أرى أن يؤمر بقتل ما يؤذي منها في المواضع التي لا ينبغي أن تكون فيها. قلت: له في مثل قيروان والفسطاط قال نعم وأما كلاب الماشية فلا أرى ذلك. قال ابن رشد ذهب مالك رحمه الله في قتل الكلاب إلى ما رواه في موطئه عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب. ومعنى ذلك عنده وعند من سواه ممن أخذ بالحديث في الكلاب المنهي عن اتخاذها وقد جاء ذلك مفسرا في الأحاديث فلا اختلاف في أنه لا يجوز قتل كلاب الماشية والصيد والزرع. ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا يقتل من الكلاب إلا الكلب الأسود البهيم لما روي عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها
ـــــــ
1 رواه الترمذي في كتاب الديات باب 14. النسائي في كتاب الضحايا باب 22, 27.

(4/358)


وشراب خليطين
ـــــــ
فاقتلوا منها الأسود "1 وقال من ذهب إلى هذا المذهب الأسود البهيم من الكلاب أكثر أذى وأبعدها من تعلم ما ينفع. وروي أيضا أنه شيطان أي بعيد من الخير والمنافع قريب الأذى وهذا شأن الشيطان من الإنس والجن. وقد كره الحسن وإبراهيم قصد الكلب الأسود وذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يقتل من الكلاب أسود ولا غيره إلا أن يكون عقورا مؤذيا وقالوا الأمر بقتل الكلاب منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام "لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا"2 فعم ولم يخص كلبا من غيره. واحتجوا بالحديث الصحيح في الكلب الذي كان يلهث عطشا فسقاه الرجل فشكر الله له وغفر له وقال في كل كبد رطبة أجر قالوا فإذا كان الأجر في الإحسان إليه فالوزر في الإساءة إليه ولا إساءة إليه أعظم من قتله. قالوا وليس في قوله عليه الصلاة والسلام "الكلب الأسود البهيم شيطان"3 ما يدل على قتله لأن شياطين الإنس والجن كثير ولا يجب قتلهم. وقد رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانة. وما ذهب إليه مالك أولى لأن الأمر بقتلها قد جاء عن أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن عمر وبالله التوفيق انتهى والله أعلم. ص: "وشراب خليطين" ش:
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الأضاحي باب 22, الترمذي في كتاب الصيد باب 16, 17. النسائي في كتاب الصيد باب 10. ابن ماجة في كتاب الصيد باب 2. الدارمي في كتاب الصيد باب 3. أحمد في مسنده "4/85" "5/54, 56, 57".
2 رواه مسلم في كتاب الصيد حديث 58, 60. الترمذي في كتاب الصيد باب 9. النسائي في كتاب الضحايا باب 41. ابن ماجة في كتاب الذبائح باب 10. أحمد في مسنده "1/216, 273, 274, 280, 285, 297, 340" "2/86".
3 رواه مسلم في كتاب الصلاة حديث 265. أبو داود في كتاب الصلاة باب 109. الترمذي في كتاب الصلاة باب 136, النسائي في كتاب القبلة باب 7. ابن ماجة في كتاب الإقامة باب 38. أحمد في مسنده "5/149, 151, 156, 158, 160" "6/157, 280".

(4/359)


ونبذ بكدباء
ـــــــ
فروع: الأول: خلط اللبن بالعسل. قال ابن القاسم في العتبية لا بأس به فلم يره انتباذا بل خلط مشروبين كشراب الورد والنيلوفر.
الثاني خلط الشرابين للمريض حكى اللخمي عن بعض الشيوخ منعه نقله عنه ابن زرقون وحكى ابن يونس عن بعضهم إجازته.
الثالث: في جواز خلط الزبيب والتمر وكراهته قولان لسماع أشهب ورواية ابن عبد الحكم.
الرابع في كراهة النضوخ من الخليطين لرأس المرأة روايتان. ابن رشد لا خلاف في كراهته من حيث كونه طعاما. انتهى جميع ذلك من شرح الرسالة للقلشاني عند قولها ونهى

(4/360)


وفي كره القرد والطين ومنعه قولان
ـــــــ
عن الخليطين. ص: "وفي كره الطين والمقرد ومنعهما قولان" ش: القول بمنع الطين نقل تشهيره في المدخل في باب أكل النساء للتسمين وذكر ابن عرفة في كتاب البيع عن ابن الماجشون التحريم ولم يحك غيره ونقل البرزلي في كتاب الطهارة عن ابن عرفة تشهير القول بأنه لا يجوز أكل التراب. وقال ابن رشد في شرح مسألة في رسم الجامع من سماع أصبغ من البيوع إن أهل العلم أجمعوا على أن لحم القرود لا يؤكل. ونقل الجزولي عن ابن يونس ثمن القرد حرام كاقتنائه. وقال في المتيطية في باب البيوع ما لا يصح ملكه لا يصح بيعه بإجماع كالحر والخمر والخنزير والقرد والدم والميتة وما أشبه ذلك والله أعلم.

(4/361)


باب في الضحايا
...
باب الضحايا
سن لحر غير حاج بمنى ضحية
ـــــــ
باب
ص: "سن لحر غير حاج بمنى ضحية" ش: قال في التوضيح قال عياض الأضحية بضم الهمزة وتشديد الياء وإضحية أيضا بكسر الهمزة وجمعها أضاحي بتشديد الياء ويقال الضحية أيضا بفتح الضاد المشددة وجمعها ضحايا ويقال أضحاة أيضا وجمعها أضاح وأضاحي انتهى. وقال الشيخ زكريا في شرح البهجة في باب الخصائص الإضحية بكسر الهمزة وضمها مع تشديد الياء وتخفيفها انتهى. قال في التوضيح إثر كلامه السابق ناقلا له عن عياض سميت بذلك لأنها تذبح يوم الأضحى ووقت الضحى وسمي يوم الأضحى من أجل الصلاة فيه ذلك الوقت كما سمي يوم التشريق على أحد التأويلين أو لبروز الناس عند شروق الشمس للصلاة يقال ضحى الرجل إذا برز للشمس والشمس تسمى الضحاء ممدودا ومن الأكل منها ذلك اليوم يقال ضحى القوم إذا تغدوا. وقد تشتق الأضحية من هذا المعنى ويسمى يوم الأضحى لذبح الأضاحي فيه انتهى. قلت: في تسمية يوم الأضحى بيوم التشريق نظر لأن أيام التشريق هي الأيام التي بعده. ص: "سن" ش: قال في التوضيح إنه المشهور. وقال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة والأضحية سنة واجبة يعني أنها سنة يجب العمل بها بحيث لو اتفق أهل بلد على تركها قوتلوا لامتناعهم منها وما ذكر هو كذلك في التلقين والكافي والمعلم والمقدمات وهو المشهور في الموطأ سنة غير واجبة انتهى. وظاهر كلام المصنف أن الأضحية يخاطب بها الكافر وهذا على القول المشهور من أنهم مخاطبون بفروع الشريعة ولكن من شرطها الإسلام. قال ابن عبد السلام ولا إشكال في عدم صحتها من غير المسلم لأنها قربة وشرطها الإسلام انتهى.

(4/362)


لا تجحف وإن يتيما بجذع ضأن وثني معز وبقر وإبل ذي سنة وثلاث وخمس
ـــــــ
فرع: قال في زكاة الفطر من المدونة ومن تسلم بعد طلوع الفجر من يوم الفطر أحببت له أن يؤدي زكاة الفطر والأضحية عليه أبين في الوجوب انتهى. وقول المصنف "لحر" احترز به من الرقيق سواء كان قنا أم فيه شائبة رق كأم الولد والمدبر والمكاتب واستحسن مال التضحية لهم إذا أذن لهم السيد. وقوله "غير حاج" احترز به من الحاج مطلقا سواء كان من أهل منى أو مزدلفة أو عرفة ذلك. وانظر قوله "بمنى" هل احترز به عن الحاج الذي في غير منى فإنها تسن له. وقاله البساطي ولم يعزه وهو أيضا ظاهر قول القرطبي في تفسير سورة الحج المسافر مخاطب بالأضحية. واستثنى مالك من المسافرين الحاج بمنى انتهى. ونحو هذه العبارة للجلاب وغيره. قال ابن عرفة المأمور بها. الشيخ روى محمد لا ينبغي لحر قدر عليها تركها إلا لحاج بمنى. قلت: لفظها ليس على حاج إن كان من ساكني منى أبين لإيهام مفهوم الأول انتهى. ص: "وإن يتيما" ش: ابن حبيب يلزم من في يده مال الصغير من وصي أو غيره أن يضحي عنه منه ويقبل قوله في ذلك كما يقبل في النفقة سواء انتهى من التوضيح. ص: "لجذع ضأن وثني معز وبقر وإبل ذي سنة وثلاث وخمس" ش: الظاهر أن قوله ذي سنة راجع إلى الضأن والمعز فإن المشهور أن الجذع من الضأن ابن سنة. وكذا قال الشيخ بهرام في الكبير ونصه ولعل قول الشيخ "ذي سنة" راجع إليهما معا وهو الظاهر انتهى. وعلى هذا فإن قيل ما الفرق بين الثني من المعز والجذع من الضأن قال في التوضيح لعل مراد من قال الثني ما دخل في الثانية الدخول البين ويرجح هذا أن الشيخ أبا محمد نص في الرسالة على أن الجذع من الضأن ابن سنة مع أنه قال إن الثني من المعز ما أوفى سنة ودخل في الثانية.

(4/363)


بلا شرك إلا في الأجر وإن أكثر من سبعة إن سكن معه وقرب له وانفق عليه وإن تبرعا
ـــــــ
فرع: انظر التضحية بالخنثى لم أقف على نص فيه في المذهب. وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات لما تكلم على الخنثى وأنه نوعان الأول من له ذكر الرجال وفرج النساء والثاني من ليس له واحد منهما وإنما له خرق يخرج منه البول وغيره قال وقد وقع هذا الخنثى في البقر فجاءني جماعة أثق بهم يوم عرفة سنة أربع وسبعين وستمائة قالوا إن عندهم بقرة هي خنثى ليس لها فرج الأنثى ولا ذكر الثور وإنما لها خرق عند ضرعها يجري منه البول وسألوا عن جواز التضحية به فقلت لهم يجزئ لأنه ذكر أو أنثى وكلاهما مجزئ ليس فيه ما ينقص اللحم وأفتيتهم فيه. قال صاحب التتمة ليس في شيء من الحيوانات خنثى إلا الآدمي والإبل. قال النووي قلت: ويكون في البقر كما حكيناه والله أعلم انتهى. قلت: وما قاله رحمه الله قابل للبحث فقد يقال إن هذا عيب يوجب الخيار للمشتري فيحتمل أن يمنع الإجزاء. وانظر قول المصنف "وفائت جزء غير خصية هل يؤخذ منه الإجزاء" والله أعلم. ص: "بلا شرك إلا في الأجر وإن أكثر من سبعة إن سكن معه وقرب له وأنفق عليه وإن تبرعا" ش: يعني أن المذهب أنه لا يشترك في الأضحية وخرج بعضهم جواز الاشتراك في المذهب من القول بجواز الاشتراك في هدي التطوع. قال ابن عبد السلام وهذا هو الصحيح عندي كما تقدم اختيارنا له في الهدي انتهى. وقوله "إلا في الأجر" الخ. قال في المدونة وإن ضحى بشاة أو بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزاهم وإن كانوا أكثر من سبعة أنفس وأحب إلي إن قدر أن يذبح عن كل نفس شاة واستحب مالك حديث ابن عمر لمن قدر دون حديث أبي أيوب الأنصاري انتهى. قال عبد الحق حديث ابن عمر أنه كان لا يضحي عمن في البطن وأما ما كان في غير البطن فيضحي عن كل نفس شاة وحديث أبي أيوب كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تناهى الناس فصارت مباهاة انتهى.

(4/364)


وإن جماء ومقعدة لشحم
ـــــــ
فرع: قال في المدونة ولو اشترى أضحيته عن نفس ثم نوى أن يشرك فيها أهل بيته جاز ذلك بخلاف الهدي انتهى. وقوله "إن سكر معه" الخ قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب لا يشترك فيها لكن للمضحي أن يشرك في الأجر من في نفقته من أقاربه وإن لم تلزمه. قوله "في نفقته من أقاربه" يريد الساكنين معه أشار إلى ذلك في المدونة الباجي فأباح ذلك بثلاثة أسباب القرابة والمساكنة والاتفاق انتهى.
فرع: قال في التوضيح قال ابن حبيب يلزم الإنسان أن يضحي عمن تلزمه نفقته من ولد ووالد. وفي العتبية ذلك غير لازم. ونص في المدونة على أنه لا يلزمه أن يضحي عن الزوجة. محمد عن مالك وله أن يدخلها. ابن حبيب فإن لم يفعل فذلك عليها انتهى. وذكر ابن عرفة عن ابن رشد أنه نقل عن ابن دينار أنها تجب على الرجل عن زوجته. ظاهر كلام ابن رشد في نوازل سحنون أنه لا خلاف في أنها لا تجب على الرجل عن زوجته وإنما ليس له ذلك وأنه إن لم يدخلها في أضحيته كان عليها أن تضحي عن نفسها. ونصه في كتاب الأضحية من نوازل سحنون أنه ليس على الرجل أن يضحي عن زوجته وإنما هي سنة لا ينبغي له تركها فإن أدخل زوجته في أضحيته أجزأها وإلا كان عليها أن تضحي عن نفسها انتهى.
تنبيه: قال الشيخ بهرام لما تكلم على الشرط الثاني الذي هو القرابة في قول المصنف وقرب له الثاني أن يكون من أقاربه وعليه فلا تدخل الزوجة ولا أم الولد ولا من فيه بقية رق وهو خلاف ما حكاه ابن المواز عن مالك انتهى. وقال ابن عرفة روى عياض للزوجة وأم الولد حكم القريب. ابن حبيب والرق كأم الولد في صحة إدخالها. اللخمي والباجي وتسقط عن المدخول بها ولو كان مليا انتهى. وقال المازري في شرح التلقين وإذا أشرك زوجته في الدم المراق جاز ولا يخرج هذا ما اشترطناه في الشروط الثلاثة من مراعاة القرابة فإن الزوجة وإن لم تكن من القرابة فإن هناك من المودة والرحمة ما جعله الله سبحانه يقوم مقام القرابة بخلاف الأجير المستأجر بطعامه فإنه لا شبهة له بالقرابة فلم يجز إدخاله في الأضحية انتهى.

(4/365)


ومكسورة قرن لا إن أدمى كبين مرض وجرب وبشم وجنون وهزال وعرج
ـــــــ
فرع: قال المصنف في التوضيح ابن حبيب وله أن يدخل في أضحيته من بلغ من ولده وإن كان غنيا وأخاه وابن أخيه وابن أخته وقريبه إذا كانوا في نفقته وبيته وكذلك الجد والجدة إذا كانا في نفقته وبيته انتهى. وهذا داخل تحت قول المصنف "وإن تبرعا".
فرع: قال في التوضيح ولا يدخل يتيمه في أضحيته ولا يشرك بين يتيمين وإن كانا أخوين انتهى.
فرع: ومن له أن يدخلهم معه في أضحيته فقال في التوضيح قال الباجي عندي أنه يصح له التشريك وإن لم يعلمهم بذلك ولذلك يدخل فيها صغار ولده وهم لا يصح منهم قصد القربة انتهى.
فرع: قال ابن عرفة الباجي والمازري ولحمها باق على ملك ربها دون من أدخله منهم معه فيها يعطي من شاء منهم ما يزيد وليس لهم منعه من صدقة جميعها انتهى.
فرع: وإذا أدخل من لم يجز إدخاله لم تجز واحدا منهما. نقله ابن زرقون عن اللخمي والله أعلم. ص: "ومكسورة قرن" ش: قال في التوضيح قال التونسي وإذا استؤصل قرناها وقد برأت أجزأت انتهى. ص: "كبين مرض" ش: المرض المعتبر هو الذي لا تتصرف معه تصرف الغنم. قاله الشيخ زرقون في شرح الإرشاد.
فرع: قال ابن عرفة في ثالث حجها لا تجزئ ذات الدبرة الكبيرة. ابن القاسم وكذلك الجرح الكبير. انتهى ونقله في التوضيح. ص: "وجنون" ش: كان الأولى أن يقول ودائم جنون لأن الجنون غير الدائم لا يضر. قاله في التوضيح. قال ابن عرفة وفي الصحاح التول بالتحريك جنون يصيب الشاة فلا تتبع الغنم وتستدبر في مرتعها انتهى. ص: "وعرج" ش: قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد العرج المانع هو الذي لا تلحق معه الغنم. ص:

(4/366)


وعور وفائت جزء غير خصية وصمعاء جدا وذي أم وحشية وبتراء وبكماء وبخراء ويابسة
ـــــــ
"وعور" ش: المعتبر في العمى ذهاب وضوء العين وإن بقيت صورتها وكذا العور. قاله الشيخ زروق في شرح الإرشاد ص: "وصمعاء جدا" ش: أي صغيرة الأذنين جدا.
فائدة: قال في النهاية عند قوله "أو ليتخللنكم الشيطان كأولاد الحذف" والحذف بالحاء المهملة المفتوحتين هي أولاد الغنم الحجازية واحدها حذفة بالتحريك. وقيل هي جرد ليس لها آذان ولا أذناب يجاء بها من حرش اليمنى انتهى. وظاهره أن الحذف اسم للغنم المذكورة وظاهر ما في الترغيب والترهيب أن الحذف اسم لأولاد الضأن الصغار. ص: "وذي أم وحشية" ش: يعني والفحل من الأنعام وهذه لا تجزئ اتفاقا. قاله في الشامل. وقال المازري في كتاب الزكاة فإن كانت الآباء غنما والأمهات ظباء فالمعروف عن العلماء أنها لا تجري عليها أحكام الغنم فلا تزكى ولا تضحى ويؤدي جزاءها المحرم إن قتلها. ومفهوم كلام المصنف أن ما كانت أمه من الأنعام وأبوه من الوحش يجزئ وهو أحد القولين وهو قول ابن شعبان لكنه خلاف الأصح. قال في الشامل ولا يكون إلا من النعم لا ما تولد من ذكرها اتفاقا وإناثها على الأصح انتهى. وقال ابن عرفة وعلى المذهب بيعها بغير الغنم وما أمه منها كغيرها. ابن شعبان مثلها انتهى. وهو الجاري على ما قدمه المصنف في الزكاة من أن ما تولد من الوحش والأنعام لا تجب فيه الزكاة مطلقا والله أعلم.

(4/367)


ضرع ومشقوقة أذن ومكسورة سن لغير إثغار أو كبر وذاهبة ثلث ذنب لا أذن
ـــــــ
فرع" قال في البيان للغزاة أن يضحوا من غنم الروم لأن لهم أكلها ولا يردونها للمقاسم انتهى. ص: "ومكسورة سن" ش: ظاهر كلامه أن كسر الواحدة عيب وظاهر كلامه في التوضيح وفي الشامل أنه ليس بعيب. قال في الشامل في العيوب وسقوط الأسنان لا لإثغار اتفاقا. وكذا لكبر على الأصح وفي السن الواحدة قولان وصحح الإجزاء. وقيل إلا في الثنية والرباعية. وفي التوضيح قال اللخمي لا تجزئ إذا كانت ذاهبة الأسنان لكسر أو شبهه وتجزئ إذا كانت من إثغار. واختلف إذا كانت لكبر فقال مالك في كتاب محمد تجزئ. وقال ابن حبيب لا تجزئ والأول أبين. واختلف الشيوخ في السن الواحدة ففي كتاب محمد لا بأس بها. وفي المبسوط لا يضحي بها ويحمل قوله على الاستحباب لأنه من العيوب الخفية انتهى بلفظه. ص: "وذاهبة ثلث ذنب لا أذن" ش: يعني أن ذهاب ثلث ذنب الأضحية يضر وذهاب ثلث الأذن لا يضر وذكر الباجي أن هذا هو الصحيح. وإذا كان ذهاب الثلث من الأذن يسيرا فالثلث في الشق أحرى وأما النصف فقال اللخمي وغيره كثير ونحوه في نوازل ابن الحاج الثلث في الشق أو القطع من أذن الأضحية يسير والنصف كثير انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد والصحيح أن الثلث من الأذن يسير يعني القطع ومن الذنب كثير. وقال اللخمي شق النصف يسير انتهى. ص:

(4/368)


من ذبح الإمام لآخر الثالث وهل هو العباسي أو إمام الصلاة
ـــــــ
"من ذبح الإمام" ش: هذا وقت ذبح الأضحية بالنسبة لغير الإمام وأما بالنسبة للإمام فغالب أهل المذهب يعبرون بقولهم "وقته له بعد الصلاة". قال في المدونة ويذبح الإمام أو ينحر أضحيته بالمصلى بعد الصلاة ثم يذبح الناس بعده انتهى. وقال ابن عرفة وأيام الذبح يوم النحر وتالياه يفوت بفواتها ووقته في الأول بعد صلاة العيد للإمام ولغيره ذبحه انتهى. ولم يتعرضوا للخطبة وتعرض لها ابن ناجي في شرح المدونة فقال في شرح قول المدونة المتقدم بعد الصلاة وأراد بقوله "بعد الصلاة والخطبة" احترازا من ذبحه أو ذبح من ينوب عنه بعد صلاته وقبل خطبته فإنه لا يجزئه ووقعت بالقيروان في ذبح والده أي الإمام عنه وأفتى بعض شيوخنا وغيره بذلك انتهى. وقال في النوادر في ترجمة وقت الضحية من كتاب ابن المواز. قال مالك والصواب ذبح الإمام كبشه بالمصلى بعد نزوله عن المنبر ثم يذبح الناس بعده في منازلهم ولغير الإمام ذبح أضحيته بالمصلى بعد الإمام انتهى. وقال في التلقين ووقتها بعد الصلاة والخطبة وبعد ذبح الإمام. انتهى وله نحوه في المعونة والله أعلم. وقال ابن دقيق العيد في شرح العمدة والحديث نص على اعتبار الصلاة ووقت الخطبتين فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية ولم يتعرض لاعتبار الخطبتين لكنه لما كانت الخطبتان مقصودتين في هذه العبادة اعتبرهما الشافعي إلا أنه اعتبر وقت الصلاة ووقت الخطبتين فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية ومذهب غيره اعتبار فعل الصلاة والخطبتين وهو الظاهر من لفظ الحديث انتهى.
فرع: قال في التوضيح وأما إن لم يذبح الإمام فالمعتبر صلاته انتهى.
فرع: قال في الذخيرة إذا ذبح أهل المسافر عنه راعوا إمامهم دون إمام بلد المسافر. انتهى ونقل ابن عرفة وغيره.
فرع: قال في الذخيرة ولا يراعى الإمام في الهدي. ص: "وهل هو العباسي أو إمام الصلاة قولان" ش: قال ابن عرفة وفي كون المعتبر إمام الصلاة أو إمام الطاعة طريقا ابن رشد واللخمي قائلا المعتبر أمير المؤمنين كالعباسي اليوم أو من أقامه لصلاة العيد ببلده أو عمله على

(4/369)


قولان ولا يراعى قدره في غير الأول
ـــــــ
بلد من بلدانه ومن كان سلطانا دون أن يقيمه أمير المؤمنين غير معتبر ومن ليس لهم غيره يتحرون كأهل البوادي يتحرون أقرب الأئمة الذين أقامهم أمير المؤمنين. وقول ابن عبد السلام في قول اللخمي لا يعتبر المتغلبون. انظر نصوص المذهب بنفوذ أحكامهم وأحكام قضاتهم يرد بعدم إمكان غير ذلك وإمكان الثاني لتحري وقت الإمام غير المتغلب كما لو كان وأخر ذبحه اختيارا واستدلاله بقول عثمان وهو محصور للقائل له أنه يصلي بالناس إمام فتنة وإنت إمام العامة أن الصلاة من أحسن ما يفعله الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم فإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم ينتج عكس ما ادعاه لأن البغي إساءة إجماعا ولا سيما البغي على عثمان رضي الله عنه فوجب اجتناب الاقتداء بالبغاة لإساءتهم.
قلت: وصريح نصها مع سائر الروايات بأقرب الأئمة وكون المعتبر إمام من ذبح عن مسافر لا إمام بلد المسافر ظاهر في كونه إمام الصلاة لامتناع تعدد إمام الطاعة. وعليه لا يعتبر ذبح إمام صلاتها لأن إخراج السلطان أضحيته للذبح بالمصلى دليل على عدم نيابته إياه في الاقتداء بذبحه خلافا لبعضهم انتهى. وقوله "قلت: الخ". صحيح لأن من يقيمه الإمام على بلد لا سيما إماما فقول أهل المذهب أقرب الأئمة إنما يريدون إمام الصلاة. وقال ابن غازي وما احتج به من امتناع تعدد إمام الطاعة سبقه إليه أبو الفضل بن راشد وانفصل عنه تلميذه أبو الحسن بتعدد عماله انتهى. وما ذكره أبو الحسن غير ذلك لأن قول أهل المذهب أقرب الأئمة ونحوه لا يصدق على العمال إذا لم يكونوا أئمة للصلاة لأنهم لا يسمون أئمة كما تقدم والله أعلم. وقوله "وعليه لا يعتبر ذبح إمام صلاتها" أي وعلى أن المعتبر إمام الطاعة لا يعتبر الذبح إمام صلاتها الخ. ورده ابن عبد السلام فيما استدل به من كلام سيدنا عثمان غير واضح لالتزامه الرد على سيدنا عثمان في أمره بالاقتداء في الصلاة بإمام الفتنة فتأمله. وجزم ابن رشد في نوازله بأن المعتبر إمام الصلاة الذي صلى بهم صلاة العيد فمن ذبح منهم قبل أن يذبح إمامه لم يجزه والله أعلم. ص: "ولا يراعى قدره في غير الأول" ش: الضمير لذبح الإمام

(4/370)


وأعاد سابقه إلا المتحري أقرب إمام كأن لم يبرزها وتوانى بلا عذر قدره وبه انتظر للزوال والنهار شرط وندب إبرازها وجيد وسالم غير خرقاء وشرقاء ومقابلة ومدابرة وسمين
ـــــــ
على حذف مضاف أي لا يراعى قدر ذبح الإمام من اليوم الأول في اليوم الثاني والثالث. وقول الشارح "لو قال قدرها ليعود على الصلاة كان أحسن" فيه نظر لأن الضمير عائد على ما تقدم ذكره وهو ذبح الإمام وما ذكره المصنف من أنه لا يراعى قدر الذبح في غير اليوم الأول قال ابن الحاجب هو المشهور. قال الشيخ في التوضيح المشهور رواه ابن حبيب عن مالك قاله الباجي وهو قول ابن المواز قال ويذبح إذا ارتفعت الشمس ولو فعل ذلك بعد الفجر أجزأه انتهى. ثم إذا تقرر هذا علمت أن من لا يراعي قدر الصلاة لا يراعي قدر طلوع الشمس إلا استحبابا انتهى. ص: "وأعاد سابقه" ش: قال في الجلاب ولا يجوز لأحد أن يذبح قبل الإمام متعمدا ومن فعل ذلك أعاد ضحيته سواء ذبح قبل الصلاة أو بعدها انتهى. ص: "والنهار شرط" ش: قال في الذخيرة والخلاف في الذبح ليلا إنما هو فيما عدا ليلة اليوم الأول انتهى. ص: "وندب إبرازها" ش: قال ابن عرفة قلت: مقتضى قول ابن رشد السنة ذبحه بالمصلى كراهة ذبحه بمنزله انتهى. ص: "وغير خرقاء وشرقاء ومقابلة ومدابرة" ش: قال

(4/371)


وذكر وأقرن وأبيض فحل إن لم يكن الخصي أسمن وضأن مطلقا ثم معز ثم هل بقر وهو الأظهر أو إبل خلاف وترك حلق وقلم لمضح عشر ذي الحجة وضحية على صدقة وعتق وذبحها بيده
ـــــــ
الشيخ بهرام أي وكذا يستحب أن تكون خالية من أحد هذه العيوب الأربعة انتهى ولو قال من جميع هذه العيوب لكان أحسن والله أعلم. ص: "وضأن مطلقا ثم معز ثم هل بقر وهو الأظهر أو إبل خلاف" ش: انظر هل يقدم الضأن ذو الأم الوحشية على القول بإجزائها كما هو ظاهر كلامه في هذا الباب على المعز ذي الأم الأنسية أو المعز مقدم عليه وكذلك في المعز مع الذي بعده لم أر في ذلك نصا والله أعلم. ص: "وترك حلق وقلم لمضي عشر ذي الحجة" ش: ودليلنا على الاستحباب حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من رأى هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي"1 رواه مسلم والترمذي وأبو داود وهو حديث حسن صحيح. وهذا نهي والنهي إذا لم يقتض التحريم حمل على الكراهة. قاله في التوضيح ص: "وذبحها بيده" ش: يعني أنه يستحب
ـــــــ
1 رواه مسلم في كتاب الأضاحي باب 2.النسائي في كتاب الضحايا باب 1.

(4/372)


وللوارث إنفاذها وجمع أكل وصدقة وإعطاء بلا حد واليوم الأول أفضل وهل جميعه أو إلى
ـــــــ
للمضحي أن يلي ذبح ضحيته بيده وسواء كان رجلا أو امرأة. قاله صاحب التوضيح وغيره. وقال سند في كتاب الحج وسئل ابن القاسم فإن ذبح غيري هديي أو أضحيتي أيجزئني في قول مالك قال نعم إلا أنه كان يكرهه. قال سند وهذا بين وذلك أن من أطاق الذبح بنفسه فالوجه أن يذبح قربته بيده وإن لم يهتد لذلك إلا بموقف فلا بأس بأن يوقف ولا بأس أن يمسك بطرف الحربة ويهديه الجزار إلى النحر بأن يمسك الجزار رأس الحربة ويضعه على المنحر أو بعكس ذلك. ففي سنن أبي داود عن عروة بن الحارث الكندي شهدت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأتى بالبدن فقال ادعوا إلي أبا حسن. فدعى له علي فقال له خذ أسفل الحربة وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأعلاها ثم طعن بها البدن الحديث فإن لم يحسن شيئا استناب من يذبح له ويجزئه وكذلك لو كان يحسن واستناب ثم قال ويستحب له أن يحضر هديه انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة وليل الرجل ذبح أضحيته بيده قوله الرجل يحتمل أن يكون خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له وأن المرأة والصبي كذلك ويحتمل أن يكون مقصودا فلا تذبح المرأة ولا الصبي. ص: "واليوم الأول" ش: كذا في بعض النسخ ويعني أن اليوم الأول أفضل من اليوم الثاني. وظاهره أن جميع اليوم الأول أفضل من اليوم الثاني حتى ما بعد الزوال وإلى هذا ذهب ابن المواز. وقيل أول اليوم الثاني أفضل وهو قول مالك في الواضحة بل صرح بكراهة ما بعد الزوال قال وكذلك الثاني يذبح فيه من ضحى إلى الزوال فإنه فاته صبر إلى ضحى اليوم الثالث. ابن يونس وسمعت بعض فقهائنا قال سمعت أبا الحسن ينكر قول ابن حبيب وقال بل اليوم الأول كله أفضل من الثاني والثاني أفضل من الثالث. ورواية ابن المواز واختياره أحسن من هذا والذي عند ابن المواز هو المعروف انتهى فآخر كلام ابن يونس يدل على أن القول الذي مشى عليه المصنف رواية عن مالك واختاره ابن المواز ورجحه

(4/373)


الزوال قولان وفي أفضلية أول الثالث على آخر الثاني تردد وذبح ولد خرج قبل الذبح
ـــــــ
أبو الحسن القابسي وابن يونس فلذلك اعتمده ووجد في بعض النسخ وهل جميعه أو إلى الزوال قولان وتركه أولى لرجحان القول الأول على الثاني. فإن قيل فإذا كان الأمر كذلك فلم لم يعتمد المصنف ذلك مطلقا ويجزم بترجيح اليوم الثاني على الثالث على آخر الثاني تردد فالجواب أنه إنما فعل ذلك لأنه عارض الترجيح المذكور طريقة أخرى وهي طريقة ابن رشد فإنه جعل الخلاف إنما هو في آخر اليوم الأول وأول اليوم الثاني قال ولا يختلف في رجحان أول اليوم الثالث على آخر اليوم الثاني فلذلك احتاج إلى ذكر التردد فتأمله والله أعلم. ص: "وذبح ولد خرج قبل الذبح" ش: قال في المدونة وإذا ولدت الأضحية فحسن أن يذبح ولدها معها وإن تركه لم يكن عليه واجبا لأن عليه بدل أمه إن هلكت. ابن القاسم ثم عرضتها عليه فقال امح واترك إن ذبحه معها فحسن وهذه إحدى ممحوات المدونة. والثانية إذ حلف لا يكسو امرأته فأفتك لها ثيابها من رهن فقال مالك أولا يحنث ثم أمره بمحوه وقال لا يحنث. ابن القاسم وأرى إن لم تكن له نية يحنث. والثالثة نكاح المريض إذا صح كان مالك يقول أولا يفسخ ثم أمر بمحو الفسخ. والرابعة من سرق ولا يمين له أو له يمين شلاء فقال مالك تقطع رجله اليمنى ثم أمر بمحوه وأمر أن تقطع يده اليسرى. قاله في التوضيح ونظمها بعضهم فقال:
المحو في الأيمان والأضاحي
...
وفي كتاب القطع والنكاح

(4/374)


وكره جز صوفها قبله إن لم ينبت للذبح ولم ينوه حين أخذها وبيعه وشرب لبن
ـــــــ
ص: "وكره جز صوفها قبله" ش: قال في المدونة ولا يجوز أن يجز صوفها قبل الذبح. أبو الحسن معناه لا يباح ولم يرد أن ذلك حرام وإنما هو مكروه. انتهى ونحوه في التوضيح. ويؤخذ من كلام المدونة الآتي في مسألة اللبن. ص: "إن لم ينبت للذبح" ش: قال أبو الحسن قال أبو عمران معنى قوله "لا يجز صوفها قبل الذبح" إذا كان قرب الأضحى وأما إذا كان بالبعد عنه بقدر لا يذبح حتى ينبت صوفها فلا بأس به ونص عليه ابن المواز انتهى. قال ابن غازي ولو قال المصنف "وكره جز صوفها قبل الذبح إن لم ينبت له" لكان أفصح انتهى. ص: "ولم ينوه حين أخذها" ش: هذا مفهوم قول اللخمي لأنه نواه قربه ونص فتوى عبد الحميد. قال في التوضيح عن ابن عبد السلام قال عبد الحميد إن اشترى شاة ونيته أن يجز صوفها للبيع وغيره جاز ذلك سواء جز قبل الذبح أو بعده وهو تقييد لقول من منع من ذلك إن شاء الله انتهى. فأما ما ذكره من جزه قبل الذبح فقبله ابن عرفة وهو ظاهر وأما بعد الذبح فقال ابن عرفة إنه شرط مناقض لحكمها فيبطل على أصل المذهب فراجعه والله أعلم. ص: "وبيعه" ش: يعني أنه يكره له بيع الصوف الذي يكره له جزه قبل الذبح. قال في سماع ابن القاسم فلينتفع به ولا يبيعه. ابن رشد يريد أنه يؤمر به استحبابا كما يؤمر أن يتصدق بفضل ثمنها إن باعها. ابن عرفة وحمله ابن زرقون أيضا على الكراهة فتبعهم المصنف والله أعلم. ص: "وشرب لبن" ش: يعني أنه يكره له شرب لبن الأضحية يريد وإن لم يكن لها ولد. قال في المدونة ولم أسمع من مالك في لبنها شيئا إلا ما أخبرتك أنه كره لبن الهدي. وقد روي في الحديث لا بأس بالشرب منه بعد ري فصيلها فإن لم يكن للضحية ولد

(4/375)


وإطعام كافر وهل إن بعث له أو ولو في عياله تردد والتغالي فيها
ـــــــ
فأرى لا يشربه إلا أن يضر بها بقاؤه فليحلبه وليتصدق به ولو أكله لم أر عليه شيئا وإنما أنهاه عنه كما أنهاه عن جز صوفها قبل ذبحها انتهى. ص: "وإطعام كافر وهل إن بعث له أو ولو في عياله تردد" ش: قال في التوضيح عند قول ابن الحاجب وتكره للكافر على الأشهر القولان لمالك في العتبية في النصرانية تكون ظئر والأشهر هو اختيار ابن القاسم ووجهه أنها قربة فلا يعان بها الكافر. وعن مالك التخفيف في الذمي دون غيره كالمجوسي. وأشار ابن حبيب إلى أن من أباح ذلك إنما هو في الذي يكون في عيال الرجل وأما البعث إليهم فلا يجوز. قال وكذلك فسره مطرف وابن الماجشون وقاله أصبغ عن ابن القاسم وعكس ابن رشد فجعل محل الخلاف من الكراهة والإباحة إنما هو البعث وأما من في عياله من أقاربه أو وصيفه فلا خلاف في إباحة إطعامهم فيتحصل من الطريقتين ثلاثة أقوال انتهى. ويشير بكلام مالك وابن حبيب وابن رشد لما في البيان في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب الأضحية من العتبية ونصه سئل عن النصرانية تكون ظئرا للرجل فتأتي فتريد أن تأخذ فروة أضحية ابنها قال لا بأس بذلك وأن توهب لها الفروة وتطعم من اللحم. قال ابن القاسم رجع مالك فقال لا خير فيه والأول أحب قوليه إلي. قال ابن رشد اختلاف قول مالك هذا إنما معناه إذا لم تكن في عياله فأعطيت من اللحم ما تذهب به على ما يأتي في رسم اغتسل فأما لو كانت في عياله أو غشيتهم وهم يأكلون لم يكن بأس أن تطعم منه دون خلاف وهذا يرد تأويل ابن حبيب إذ لم يجعل ذلك اختلافا من قول مالك وقال معناه أنه كره البعث إليهم إذا لم يكونوا في عياله وأجاز أن يطعموا منه إذا كانوا في عياله. ويشير بما في رسم اغتسل لقوله وسئل مالك عن أهل الإسلام أيهدون من ضحاياهم لأهل الذمة من جيرانهم فقال لا بأس بذلك. ثم رجع عنه بعد ذلك وقال لا خير فيه غير مرة. قال ابن رشد هذا مثل ما مضى في رسم سنّ وقد تقدم القول فيه وبالله التوفيق. وإلى هذا الاختلاف أشار المصنف بقوله وهل إن بعث له أو ولد في عياله تردد ص: "والتغالي فيها" ش: تصوره ظاهر.

(4/376)


وفعلها عن ميت
ـــــــ
فرع: قال البرزلي واختلف في تسمين الأضحية فقال عياض الجمهور على جوازه وكرهه ابن شعبان لمشابهة اليهود انتهى. وقال أيضا في النكاح وسألت شيخنا عن تسمين المرأة فأجاب أما ما يؤدي إلى الضرر بالجسم والترغيم عليه أو ما يؤدي إلى فساد الطعام ونتنه فلا يجوز وأما ما زاد على الشبع مما يؤدي إلى هذا فالصواب جوازه لأنه من كمال المتعة وهي جائزة وسمعته مرة يقول كثرة شحم المرأة لا خير فيه لأنه ثقل في الحياة ونتن بعد الممات. وفي حديث أبي هريرة ما يدل على جواز مطلق الشبع وفيه خلاف ومثله تسمين الحيوان للأعياد الذي لا يؤدي إلى ضرر الحيوان جائز وحكاه عياض عن الجمهور وخالفه ابن شعبان وكرهه انتهى. ويشهد لجواز تسمين الحيوان ما في أول سماع القرينين من كتاب الذبائح قال سحنون سمعت أشهب وابن نافع يقولان سمعنا الحسن بن عبد الملك المخزومي يحدث ما كان أبو الحويرث حدثه أن محمد بن جبير بن مطعم أمر بثلاث ديكية له أن تسمن حتى إذا امتلأت شحما أمر غلاما له أن يذبحها فذبحها من أقفيتها فلما نظر إليها أبو مطعم قال إني لأظنه حرمناها فقلت له كلا فخرجت معه إلى ابن المسيب حتى سألته فقال لا تأكل. فقيل لمالك أترى ما قال سعيد لأكل قال نعم انتهى. فانظر هذه الجماعة كلهم قد علموا بتسمين الديكة ولم ينكره أحد وكذلك ابن رشد والله أعلم.
فائدة: قال في الإكمال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم "في الثلاثة قليل فقه قلوبهم كثير شحم بطونهم" فيه تنبيه على أن الفطنة قلما تكون مع كثرة الشحم والاتصاف بالسمن وكثرة اللحم انتهى. ص: "وفعلها عن ميت" ش: قال في التوضيح قال مالك في الموازية ولا يعجبني أن يضحي عن أبويه الميتين انتهى. قال الشارح في الكبير إنما كره أن يضحي عن الميت لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف وأيضا فإن المقصود بذلك غالبا المباهاة والمفاخرة وهو واضح والله أعلم انتهى. وهذا بخلاف الهدي عن الميت فإنه يستحب مالك فكان العمل على ذلك.
تنبيه: يقيد قوله "وفعلها عن ميت" بما إذا لم يعدها الميت وإلا فقد تقدم أنه يستحب

(4/377)


كعتيرة
ـــــــ
للوارث تنفيذها إذا مات قبل أن ينفذها والله أعلم. ص: "كعتيرة" ش: الظاهر أنه يشير به إلى ما في رسم الجنائز والصيد من سماع أشهب وابن نافع من كتاب الصيد والذبائح قال مالك العتيرة شاة كانت تذبح في رجب يتبررون بها كانت في الجاهلية وقد كانت في الإسلام ولكن ليس الناس عليها. قال ابن رشد قول مالك إن العتيرة هي الرجبية الشاة التي كانت تذبح في الجاهلية وقد كانت في الإسلام في رجب على سبيل التبرر وأنها قد كانت في الإسلام يريد معمولا بها كالضحايا. فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أنه قال بعرفة يا أيها الناس إن على كل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة. هل تدرون ما العتيرة قال الراوي للحديث محبب بن سليم فلا أدري ما كان من ردهم عليه. قال هي التي يقول الناس الرجبية. وقوله "ولكن ليس الناس عليها" يريد أنها نسخت بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله "لا فرع ولا عتيرة"1 والفرع هو أنهم كانوا يذبحون في الجاهلية أول ولد تلده الناقة أو الشاة يأكلون ويطعمون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لما سئل عنه أن تدعه حتى يكون شعريا خير لك من أن تنحره فيلصق لحمه بوبره وتكفئ إناءك وتوله ناقتك. يقول صلى الله عليه وسلم خير لك أن تتركه حتى يشتد ولا تذبحه صغيرا فيختلط لحمه بوبره فتحزن ناقتك وينقطع لبنها بذبح ولدها فيكفئ إناءه إذا لم يكن له لبن. وقد اختلف في قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا فرع ولا عتيرة"2 فقيل إن ذلك نهي عنهما فلا بر في فعلهما وقيل إن ذلك نسخ للوجوب وفعل ذلك أي لمن شاء أن يفعله. واحتج من ذهب إلى هذا بما روى الحارث بن عمر التميمي أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قال فقلت يا رسول الله الفرائع والعتائر. قال من شاء أفرع ومن شاء لم يفرع ومن شاء أعتر ومن شاء لم يعتر. وما روي عن لقيط بن عامر من حديث وكيع أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنا كنا نذبح ذبائح في رجب فنطعم من جاءنا. قال النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس. قال وكيع لا أتركها أبدا. وقال محمد بن الحسن العتيرة هي الفرع لا الرجبية. وقال الشافعي كقول مالك إن العتيرة هي الرجبية. والفرع شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة في أموالهم بأن يذبح الرجل منهم بكر ناقته أو شاته ولا يعروه رجاء البركة فيما يأتي بعد. ويرد قول محمد بن الحسن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا فرع ولا عتيرة" 2 انتهى. وذكر ابن العربي في العارضة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نسخ الأضحى كل ذبح،
ـــــــ
1 و2 رواه البخاري في كتاب العقيقة باب 423. مسلم في كتاب الأضاحي حديث 38. أبوداود في كتاب الأضاحي باب 19. الترمذي في كتاب الأضاحي باب 15. النسائي في كتاب الفرع باب 1. ابن ماجة في كتاب الذبائح باب 2. الدارمي في كتاب الأضاحي باب 8. أحمد في مسنده "2/239, 279, 490".

(4/378)


وإبدالها بدون وإن لاختلاط قبل الذبح
ـــــــ
ونسخ صوم رمضان كل صوم والغسل من الجنابة كل غسل والزكاة كل صدقة" . وقال ابن غازي قوله كعتيرة. ابن يونس العتيرة الطعام الذي يبعث لأهل الميت. قال مالك أكره أن يرسل للمناحة طعام انتهى. والكراهة في سماع أشهب من الجنائز. قال ابن رشد ويستحب لغير مناحة لقوله عليه السلام "اصنعوا لآل جعفر طعاما". وكذا جعله المصنف في الجنائز مندوبا. وفي مختصر العتيرة شاة كانت الجاهلية يذبحونها لأصنامهم. زاد الجوهري في رجب. وليس ذلك بمراد هنا انتهى. وكان ابن غازي رحمه الله عزب عنه كون هذه المسألة في البيان أو أنه لم يطلع عليها فيه بدليل نقله في تعريفها كلام اللغويين دون تفسير مالك. وحمله العتيرة في كلام المصنف على الطعام الذي يبعث لأهل الميت وتفسير ذلك بقول مالك أكره أن يرسل للمناحة طعام ليس هو بمراد هنا والله أعلم بل مراده بالعتيرة ما ذكرناه ويدل على أن ذلك مراده كونه ذكره في هذا الباب وكونه ذكر المستحب من طعام أهل الميت في باب الجنائز فلو أراد المكروه لذكره هناك في بابه فتأمله والله أعلم. ص: "وإبدالها بدون" ش: هذا إذا لم يوجبها وأما إذا أوجبها بالنذر فحكمها في جواز البدل وغير ذلك حكم الهدي. قاله ابن عبد السلام وغيره. وقوله بدون مفهومه أن إبدالها بغير مكروه وهو كذلك وظاهر المدونة وابن الحاجب أن ذلك جائز سواء أبدلها بالمساوئ أو الأفضل. وقال ابن عبد السلام ونقله المصنف في التوضيح وينبغي أن يكون إبدالها بخير منها مستحبا انتهى إلا أن يقال إنما لم يكن مستحبا رعيا لقول من يقول إنها تعينت بالشراء وأما الاستفضال من الثمن الذي عينه بشرائها أو من باع أضحيته فاشترى ببعض ثمنها وفضلت له فضلة فهو مكروه. قال ابن عبد السلام قال بعض الشيوخ كالمتمم لمسألة المدونة فإن باع الأضحية واشترى أقل منها بدون الثمن تصدق بما استفضل من الثمن وبما زادت قيمة التي أبدل على قيمة التي ضحى بها وإن اشترى أفضل منها أو مثلها بأقل من الثمن الذي باع به تصدق بما استفضل من الثمن وإن اشترى دونها بمثل الثمن أو أكثر تصدق بما بين القيمتين لا أكثر يريد والصدقة في جميع هذه الأقسام مستحبة وهو المنصوص لابن حبيب في جميع هذه الوجوه انتهى.
فرع: قال في العتبية إذا اشترى أضحية ثم تركها واشترى أفضل منها فأتى يوم النحر والأولى أفضل فإنه يذبح الأفضل منهما كانت الأولى أو الأخيرة. انتهى ابن عبد السلام. ص: "وإن لاختلاط قبل الذبح" ش: الأضحيتان إذا اختلطتا قبل الذبح لا يخلو إما أن يتساويا أم

(4/379)


وجاز أخذ العوض إن اختلطت بعده على الأحسن
ـــــــ
لا فإن تساويا فواضح. وإن لم يتساويا فمن أخذ الأفضل ذبحه. ومن أخذ المفضول فإن ترك الأفضل لصاحبه من غير حكم عد كأنه أبدل الأعلى بالأدنى فكره له ذلك وأما إن كان بحكم القرعة فالظاهر أنه لا كراهة عليه ولكن اقتصر على الأدنى والحاصل له بالقرعة كره له ذلك بل يستحب له أن يبدله بمثل الأعلى. وظاهر كلام المصنف أن ذلك مكروه سواء ترك الأفضل بالحكم بالقرعة أو اختيارا وظاهر كلامهم ما تقدم بيانه. انظر ابن عبد السلام والله أعلم.
فرع: قال ابن عرفة وسمع ابن القاسم لا بأس أن يعطي أمه أضحيته. ابن رشد يريد ويشتري مثلها أو الأفضل. وسمع من اشترى ضحايا يسميها له ولغيره لا بأس أن يذبح لنفسه ما سمى لغيره إن كان أفضل. ابن رشد وكره ذبحه لغيره ما سمى لنفسه لأنه أدنى والاختيار أن يشتري له مثل ما سمى أو أفضل. ص: "وجاز أخذ العوض إن اختلطت بعده على

(4/380)


..................................
ـــــــ
الأحسن" ش: ظاهره سواء كان المختلط الجزء أو الكل وهو كذلك على ما استحسنه ابن عبد السلام وظاهره سواء كان العوض من الجنس أو من غير الجنس وهو كذلك على ما قاله في التوضيح وتجزئ عن صاحبها على ما قاله ابن عرفة. قال ابن القاسم إذا سرقت رؤوس الأضاحي يستحب أن لا يغرمه شيئا. وأجاز ابن الماجشون وأصبغ أن يأخذ القيمة ويصنع بها ما شاء. قال ابن رشد قال ابن الماجشون ويجوز له أن يأخذ من الزقاق جلدا مثل جلد ناقته فينتفع به مكان جلده الذي استهلك لأنه يجوز له أن يباع القيمة التي أخذ ما احتاج إلى الانتفاع به كما يجوز له أن يأخذ من ثمن اللحم المستهلك ما أحب من طعام أو حيوان ولا يدخله الحيوان باللحم ولا بيع الطعام بالطعام. انتهى من ابن فرحون على ابن الحاجب. وقال في أول سماع عيسى من كتاب الأضحية قال ابن القاسم في رؤوس الضحايا في اختلاطها في الفرن يذهب برأس أضحية هذا إلى هذا وبرأس أضحية هذا إلى هذا فيأكلان ذلك ثم يعلم ذلك قال يتحللان ولا شيء عليهم. وأنه إن طلب كل واحد منهما قيمة الذي له أو فضل الذي له على الذي لصاحبه فلا شيء له وأنه إن سرق رجل أضحية رجل أنه أحرى أن يضمن في السرقة وما هو بالقوي عندي وأحب إلي أن يتركها ولا يأخذها. قال عيسى أحب إلي أن يأخذ الثمن من السارق ويتصدق به. قال ابن رشد فرق ابن القاسم في رؤوس الضحايا بين الاختلاط والسرقة فقال إنه لا شيء على الذي أكل أفضل من متاعه للذي أكل متاعه في الفضل. وكذلك على قوله لو أخطأ فأكل رأس أضحية غيره ولم يأكله له أحد شيئا لم يكن له شيء في الذي أكل على سبيل الخطأ إذ لا فرق في القياس بين الكل والبعض. وقال في السرقة إن له أن يضمن الذي سرق وإن كان الأحب إليه أن لا يفعل وذلك استحسان إذ لا فرق في وجه القياس بين العمد والخطأ لوجوب ضمان الأموال بهما جميعا وجوبا واحدا فوجب أن يضمن في الوجهين ويتصدق به على القول بأن أخذ القيمة فيما استهلك بيع وإذا أخذ القيمة على القول بأن ذلك ليس للمبيع فله أن يتمولها ويفعل ما شاء لأن الحرمة إنما كانت في غير لحم الأضحية لا في القيمة المأخوذة عنه وكذلك قال ابن حبيب في الواضحة له أن يأخذ القيمة ويصنع بها ما شاء إذ ليس ذلك ببيع كمن حلف أن لا يبيع سلعة فاستهلكها رجل أن له أن يضمنه قيمتها ولا يحنث. قال ذلك في رأس الأضحية يسرق أو جلدها يضيع عن الزقاق ومثله في كتاب ابن المواز لمالك قال وإذا اختلطت الرؤوس في الفرن كرهت لك أن تأكل متاع غيرك ولعل غيرك لا يأكل متاعك أو متاعه خير من متاعك ولو اختلطت برؤوس الفران كان خفيفا لأنه ضامن كما يضمن لحم الأضاحي بالتعدي والزرع الذي لم يبد صلاحه وقول عيسى بن دينار أحب إلي أن يأخذ الثمن من السارق ويتصدق به قول ثالث في المسألة لا وجه له إلا أن يأخذ القيمة من السارق إن لم يكن يكن بيعا فلا بأس باستحباب التصدق به وإن كان بيعا فلا يجوز ذلك وإن تصدق به ألا ترى أنه لا يجوز للرجل بيع جلد أضحيته ولا شيء منها يتصدق بالثمن وأصل ما

(4/381)


...............................
ـــــــ
يقاس على هذه المسألة ويتبين به صحة ما ذكرناه فيها مسألة الجناية على أم الولد وذلك أن بيعها لا يجوز ويجوز الاستمتاع بها. واختلف فيها إن قتلت فقيل لا قيمة على قاتلها إذ لا يجوز بيعها ولأنه إنما أتلف على سيدها منفعة وهو قول سحنون. وقيل إن عليه قيمتها وهو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك ولم يقل أحد إنه يأخذ القيمة ويتصدق بها ولا فرق في ذلك بين العمد والخطأ فوجب أن ترد مسألة الضحايا إلى ذلك. وإنما كره مالك في كتاب محمد للرجل إذا اختلطت رؤوس الضحايا في الأفران يأكل متاع غيره ولم يحرم ذلك لأن حكم ذلك حكم لقطة ما لا يبقى من الطعام حيث لا يوجد له ثمن إذ لا يجوز بيعه فأكله جائز إذا لم يعلم صاحبه وخشي عليه الفساد لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الشاة "هي لك أو لأخيك أو للذئب". والتصدق بذلك أفضل بخلاف الخبز واللحم من غير الأضاحي تختلط في الفرن فلا يعلم الرجل لمن هذا الذي سيق إليه ولا عند من صار متاعه لأنه يجب عليه أن يبتاعه ويوقف ثمنه على حكم اللقطة إذا لم تبق ووجد لها ثمن انتهى. فحاصل ما ذكره أن أخذ العوض يجوز على البعض وعلى الكل من غير الجنس وأما في الجنس فإنما جاز له الأكل لأنها كلقطة ما يفسد إذا لم يكن له ثمن والقول بجواز أخذ قيمة الأضحية ممن سرقها هو الذي اقتصر عليه سند في باب الهدي من كتاب الحج الثاني فيما إذا سرق الهدي بعد ذبحه فقال فقد أجزأ عنه وتقدم كلامه برمته عند قول المصنف "وإن سرق بعد ذبحه أجزأ لا قبله". وما ذكره في الخبز إذا اختلط. واللحم أنه كاللقطة. هذا حكم الخبز المأخوذ وأما الفران فإن اعترف أن الخبز ليس هو فله تغريمه لأنه قد نص ابن رشد وغيره في ضمان الصناع على أنه إذا ضيع الخبز ضامن فرط أم لم يفرط وإن ادعى أن الموجود هو خبز هذا الرجل فالقول قوله. قال في مختصر البرزلي.
مسألة: قال ابن الحاج إذا احترق الخبز في الفرن فقال الفران هو لفلان وقال صاحبه ليس هو لي فالقول قول الفران. قاله ابن زرب ولا ضمان عليه. البرزلي هو ظاهر المدونة ثم ذكر كلاما عن اللخمي مضمنه أنه إن كان لا يعمل إلا للناس صدق وإن كان يعمل لنفسه

(4/382)


وصح إنابة بلفظ إن أسلم ولو لم يصل
ـــــــ
لم يصدق فانظره والله أعلم. وانظر ما ذكره صاحب المسائل الملقوطة في الخف أو النعل يتبدل مع الكلام الذي ذكره ابن رشد فإنه ذكر في الخف والنعل إذا تبدل ثلاثة أقوال ونصه واختلف فيمن تبدل له خف أو نعل في المسجد أو وقت اجتماع الناس. أشهب وابن الماجشون يحل له الخفان. أصبغ وابن وهب يتصدق بثمنها على المساكين. وقيل إن كان أجود من الذي له فلا يلبسه. ابن المواز يتصدق بذلك الخف لأنه لا يدري أربّه أخذ خفه أم لا. انتهى كلامه والله أعلم. ص: "وصح إنابة بلفظ" ش: اعلم أن المشهور أن الاستنابة مع القدرة مكروهة لا كما يعطيه لفظ ابن الحاجب من الجواز بلا كراهة حيث قال والأولى ذبحه بنفسه فإن استناب من تصح منه القربة جاز انتهى. ولذلك لم يعطفه المصنف هنا على الجائزات في قوله وجاز أخذ العوض كما هي عادته بل قال وصح. وصرح في باب الحج بالكراهة كما تقدم حيث قال وكره نحر غيره كالأضحية. وقدم هنا في المندوبات أنه يستحب له ذبحها بيده وقد تقدم عنده كلام سند وتصريحه بكراهة ذلك لمن أطاق الذبح بيده. وقال في التوضيح قال ابن حبيب أحب إلي أن يعيد إن وجد سعة. وفي مختصر ابن عبد الحكم قول إنه لا يجزئ إذا استناب مسلما. وقوله بلفظ يعني أن الاستنابة إما أن تكون بصريح اللفظ أو بالعادة كما سيأتي في قوله "أو بعادة". ص: "إن أسلم" ش: احترازا من المجوسي والكتابي فإن أمر رجلا يظن أنه مسلم ثم تبين أنه نصراني فعن مالك أنه يعيد فإن عز اليهودي أو النصراني بأن تزيا بزي المسلمين الذين يذبحون ضمن ذلك وعاقبه السلطان. انتهى من التوضيح.
فرع: وموضع المنع أن يلي الذمي الذبح فأما السلخ وتقطيع اللحم فلا. قاله سند في الحج. ص: "ولو لم يصل" ش: يؤخذ منه أن ذكاة من لم يصل المشهور فيها أنها تؤكل. قال ابن عرفة اللخمي إن استناب يضيع الصلاة استحب أن يعيد للخلاف في صحة ذكاته والله أعلم. ص: "أو نوى عن نفسه" ش: في ذلك ثلاثة أقوال صوب ابن رشد ما ذكره المصنف

(4/383)


أو نوى عن نفسه أو بعادة كقريب وإلا فتردد لا إن غلط فلا تجزئ عن واحد منهما
ـــــــ
بأن المعتبر نية ربها كالموضأ بفتح الضاد لا نية الذابح كالموضئ بالكسر ورده ابن عبد السلام بأن شرط النائب في الذكاة صحة ذكاته بدليل منع كونه مجوسيا فنيته إذن مطلوبة فإذا نواها عن نفسه لم تجز ربها والموضئ لا تطلب منه نية بدليل صحة كونه جنبا. ويجاب بأن الكلام في نية التقرب لا في نية الذكاة. قاله ابن عرفة وانظر لو كانا شريكين في أضحية على القول بعدم جوازه ذلك أو على التخريج بجوازه فنوى عند الذبح أحد الشريكين أن تكون عنده وحده والظاهر أنها لا تجزئ. ص: "أو بعادة كقريب وإلا فتردد" ش: ظاهر كلام المصنف أن الاستنابة بالعادة تصح بمعنى أن تكون عادته أن يتولى أموره أخذا لهذا الشرط من قوله "بعادة" وأن يكون كقريب وهو كقوله في المدونة ومن ذبح أضحيتك بغير إذنك فأما ولدك أو بعض عيالك فمن فعله ليكفيك مؤنتها فذلك مجزئ انتهى. قال ابن ناجي ما ذكره هو المشهور وقول المصنف "وإلا فتردد" أي وإن لم تكن عادته أن يتولى أموره وليس قريبا ولا بعض عياله أو كان متولي الأمور وليس بعض عياله ولا قريبا أو قريبا أو بعض عياله ولكن لم يتول الأمور فالأولى من هذه الصورة لا تجزئ بلا كلام لفقدان الأمرين معا والأخيرتان فيهما التردد. وحيث قلنا لا تجزئ فقال اللخمي وإذا ذبح رجل أضحية رجل بغير أمره تعديا وليس بولد ولا صديق ولا من يقوم بأمره لم تجزه وكان بالخيار بين أن يضمنه قيمتها أو يأخذها وما نقص الذبح. ص: "لا إن غلط فلا تجزئ عن أحدهما" ش: قال في المدونة ويضمن القيمة وله أخذها مذبوحة. ابن عبد السلام وحيث أخذها مذبوحة تصرف فيها كي

(4/384)


ومنع البيع وإن ذبح قبل الإمام أو تعيبت حالة الذبح
ـــــــ
شاء انتهى. وكذلك قيمتها وفرق بين الإجزاء في الهدي إذا ذبح غلطا وعدمه هنا بأن الهدي يتعين بالتقليد والإشعار وهذه لا تتعين إلا بالذبح. وانظر لو عينها بالنذر والظاهر أنه إذا ذبحها غيره غلطا تجزئه سواء كان نذرا مضمونا أو معينا وإن تعمد ذبحها عن نفسه فإن كان معينا سقط وإن كان مضمونا بقي في الذمة والله أعلم. وأما إن تعمد ذبح ضحية الغير فإن ذبحها عن مالكها فهي التي فوقها وإن ذبحها عن نفسه فقال ابن عرفة ابن محرز كابن حبيب عن أصبغ من ذبح أضحية رجل عن نفسه تعديا أجزأته وضمن قيمتها انتهى.
فروع: الأول: لو اشترى الأضحية وذبحها ثم استحق فأجاز ربها البيع لأجزأته لفعله ذلك في شيء ضمنه بالعوض الذي وداه.
الثاني اختلف لو غصب شاة وذبحها وأخذ ربها منه القيمة هل تجزيه لأنه ضمنها بالغصب أو لا لأن هذا ضمان عدوان عبد الحق والأول أبين. انتهى. من التوضيح.
الثالث: قال اللخمي واختلف إذا تعدى رجل على لحم أضحية فقال ابن ناجي تلزمه القيمة. فانظره في كتاب الضحايا من المدونة عند قتل الكلب المأذون فيه والله أعلم. ص: "أو تعيبت حالة الذبح" ش: أي وكذلك لا يجوز له بيعها إذا تعيبت حالة الذبح يريد ولا تجزئ كما في الصور التي قبلها وبعدها. قال في التوضيح ونص ابن حبيب على منع بيع شاة

(4/385)


أو قبله أو ذبح معيبا جهلا والإجارة والبدل إلا لمتصدق عليه
ـــــــ
أضجعت للذبح فانكسرت رجلها أو أصابتها السكين في عينها انتهى. وقال في المدونة ولو أضجعها للذبح فاضطربت فانكسرت رجلها أو أصابتها السكين في عينها ففقأتها لم تجزه انتهى. وكذلك لا يجوز البيع إذا ذبح يوم التروية. قال في التوضيح ونص ابن القاسم على منع بيع ما ذبح من الأضاحي يوم التروية وأنكره ابن رشد. انتهى والله أعلم. ص: "أو قبله" ش: يشير به إلى ما قال التونسي في حق من ضحى بشاة ثم وجد بها عيبا بعد أن ضحى أنها لا تجزئه ولا يجوز له بيعها. قاله في التوضيح والله أعلم. ص: "والإجارة والبدل" ش: قال ابن عرفة وسمع ابن القاسم لا بأس بإعطاء الظئر النصرانية تطلب فروة أضحية ابنها فروتها يدل على إعطاء القابلة والفران والكواش ونحوهم ومنعه بعض شيوخ بلدنا انتهى. والظاهر أن الكواش بالواو لا بالراء لأنه ليس عندهم بتونس شخص يسمى الكراش بالراء وكان الفران هو الخباز والكواش الصبي الذي بين يديه أو بالعكس والله أعلم. ص: "إلا لمتصدق عليه" ش: قال في التوضيح في باب الأضحية واختلف فيمن تصدق عليه أو وهب له لحم فمنع مالك من البيع لأن قصاراه أن يتنزل منزلة الأصل وبالقياس على الوارث. وقال أصبغ يجوز له البيع

(4/386)


وفسخت وتصدق بالعوض في الفوت إن لم يتول غير بلا إذن وصرف فيما لايلزمه كأرش عيب لا يمنع الإجزاء
ـــــــ
كالصدقة على الفقير والزكاة. ابن غلاب وهو المشهور انتهى. قال في كتاب السرقة في الكلام على سرقة لحم الأضحية من المتصدق عليه المشهور عدم جواز البيع للمتصدق عليه انتهى. وكلامه في الشامل متعارض فإنه قال أولا وجاز لموهوب له ومتصدق عليه البيع على المشهور لا لمضح ونحوه. ثم قال وليس له إطعام من يعلم أنه يبيعها ولو جلدا ولا لصانع دهن مصنوع بشحمه انتهى.
فرع: قال ابن عرفة وسمع عيسى ابن القاسم كراهية دهن الخراز شراك النعال بدهن أضحيته انتهى. ص: "إن لم يتول غير بلا إذن" ش: قال ابن عبد السلام وينبغي إذا سقط عن المضحي الثمن أن لا يسقط عن الأهل الذين تولوا البيع انتهى. ص: "كأرش عيب يمنع الإجزاء" ش: الذي في غالب النسخ وشرح عليه بهرام والبساطي بإسقاط "لا" وذكر ابن غازي أنه بإثبات "لا" في النسخ التي وقف عليها وهي أحسن. وعلى كل حال فمذهب ابن القاسم المعتمد أنه إن كان لا يمنع الإجزاء فيتصدق بالأرش وإن كان يمنع الإجزاء صنع به ما

(4/387)


وإنما تجب بالنذر والذبح فلا تجزئ إن تعيبت قبله وصنع بها ما شاء كحبسها حتى فات الوقت إلا أن هذا آثم
ـــــــ
شاء. فعلى ما شرح عليه الشارحان يكون تشبيها في المنفي أعني قوله "وتصدق" الخ. ويكون الذي لا يمنع الإجزاء لا يطلب أن يتصدق به. وظاهر كلامه أن يتصدق به سواء أوجبها بالنذر أو لم يوجبها وليس كذلك بل إذا أوجبها فحكمه كلحمها كما قال ابن الحاجب والأرش إما أن يجني عليها أحد أو يظهر فيها على عيب والله أعلم. ص: "فلا يجزئ إن تعيبت قبله" ش: الضمير في قوله "قبله" عائد على أحد الموجبين من النذر أو الذبح وهو ظاهر كلام الشيخ بهرام فلو نذرها ثم تعيبت قبل الذبح فلم أر فيها نصا والذي يظهر أنها تجزئه والله أعلم. ص: "كحبسها" ش: قال في المدونة ومن ضاعت أضحيته ثم وجدها في أيام النحر فليذبحها إلا أن يكون قد ضحى ببدلها فليصنع بها ما شاء وكذلك إن لم يضح ببدلها ثم وجدها بعد أيام النحر فليصنع بها ما شاء وليس لأحد أن يضحي بعد أيام النحر انتهى. ص: "إلا أن هذا آثم" ش: قال ابن الحاجب وفيها قال ابن القاسم من كانت له أضحية فأخرها إلى أن انقضت أيام الذبح أثم وحمل على أنه كان أوجبها. قال في التوضيح وقوله أثم ظاهر في الوجوب إذ الإثم من خصائصه. وأجيب بثلاثة أوجه آخرها أن التأثيم أو الاستغفار في كلامهم ليس خاصا بالوجوب بل يطلقون التأثيم كثيرا على ترك السنن وربما أبطلوا الصلاة ببعض السنن ويقولون في تارك بعضها يستغفر الله كما قال مالك في المدونة في تارك الإقامة.
ثانيها وهو الذي ذكره المصنف أنه محمول على أنه كان أوجبها وسيأتي بماذا تجب.
ثالثها أن التأثيم من قول ابن القاسم واجتهاده ثم قال في القولة التي بعد هذه وهي قوله وتجب بالتزام اللسان أو بالنية عند الشراء على المعروف فيهما كالتقليد والإشعار في الهدي وبالذبح ذكر أنها تجب بثلاثة أمور اثنان مختلف فيهما والثالث متفق عليه. فالأول التزام اللسان مع النية والثاني النية مع الشراء ولا يريد خصوصية الشراء بل فعل مع نية أي فعل كان. قال في الجواهر إذا قال جعلت هذه الشاة أضحية تعينت. والثالث الذبح وهذا لا

(4/388)


وللوارث القسم ولو ذبحت لا بيع بعده في دين وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع
ـــــــ
اختلاف فيه انتهى. وانظر لو أوجبها بالنذر وضلت حتى ذهبت أيام النحر أو حبسها ما يفعل فيها والله أعلم. ص: "وللوارث القسم ولو ذبحت" ش: يعني أن للورثة القسم سواء مات بعد أن ذبحت أو مات قبل أن تذبح يعني إما بعد أن أوجبها أو لم يوجبها وفعل الورثة ما استحب لهم من الذبح فلهم القسم بالقرعة لا بالتراضي على المشهور تمييز حق. والظاهر أن المصنف مشى على أنهم يقتسمونها على الرؤوس لا على المواريث لأنه قول ابن القاسم. قال التونسي إنه أشبه القولين. وأما إن مات قبل الذبح وقبل أن يوجبها ولم يفعل الورثة المستحب فهي كمال من أمواله. انظر ابن عبد السلام والله أعلم. ص: "لا بيع بعده في دين" ش: سواء كان المديان حيا أو ميتا ليس للغرماء أخذها بعد الذبح وأما قبله فلهم أخذها. قال اللخمي ومن اشترى أضحية وعليه دين كان للغرماء بيعها في دينهم قبل الذبح وليس لهم ذلك بعد الذبح انتهى.
فرع: قال البساطي إذا ذبحت وقام عليه الغرماء فهل لصاحبها أن يأخذها لأنها عين ماله قاله بعضهم أو لا للفوات انتهى. ص: "وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة نهارا" ش: هذا شروع منه رحمه الله في الكلام على العقيقة وذكر أنها مستحبة. قال

(4/389)


الولادة نهارا وألغي يومها إن سبق بالفجر والتصدق بزنة شعره
ـــــــ
الشيخ زروق في شرح الإرشاد ولم يقل أحد بتأثيم تاركها انتهى. وقال في المقدمات إن من تركها تهاونا بها من غير عذر فإنه يأثم كسائر السنن فانظره والله علم. وقوله "واحدة" قال في الإرشاد والعقيقة ذبح شاة عن المولود يوم سابعه والأفضل عن الذكر شاتان. قال الشيخ زروق في شرحه عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها أمر عليه السلام أن يعق عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الصبية بشاة. صححه الترمذي وقال به الشافعي وقال ابن رشد من عمل به فما أخطأ ولقد أصاب. وقوله "ذبح شاة" يعني أن بعضها لا يجزئ في ذلك. انتهى كلام الشيخ زروق. وقال ابن عرفة الجلاب لا يمنع اثنان بشاة انتهى. وقال في الشامل وتعددت للتوأمين فأكثر بحسبهم انتهى.
فروع: الأول: قال ابن عرفة الباجي مقتضى قول مالك أنها من مال الأب لا من مال الولد وظاهر قوله يعق عن اليتيم من ماله لا تلزم قريبا غير الأب انتهى. وذكر الجزولي والشيخ يوسف بن عمر في ذلك قولين أحدهما أنها في مال الولد فإن لم يكن له مال ففي مال الأب والثاني أنها في مال الأب.
الثاني: قال ابن عرفة روى محمد لا يعق عبد عن ولده ولا يضحي إلا بإذن ربه وفي ما دونها ولو كان مأذونا لا يعق إلا بإذنه انتهى.
الثالث: قال الشيخ كرام في شرح الرسالة ولا تلزم السيد عن رقيقه كالأضحية انتهى. ص: "في سابع الولادة" ش: قال الشيخ زروق في شرح لفظ الإرشاد المتقدم عند قوله عن المولود يوم سابعه والمولود أعم من أن يكون ذكرا أو أنثى وذلك مشروط بحياته لسابعه سمع

(4/390)


................................................
ـــــــ
القرينان لا يعق عمن مات قبل سابعه انتهى. ووقتها في السابع الأول كما قال المصنف فإن فات فعلها فيه سقطت على المشهور. وقيل تفعل فيما قرب من السابع الأول. وقيل تفعل في السابع الثاني فقط فإن فات ففي الثالث فإن فات لم يعق عنه بعد ذلك. حكى الأقوال الأربعة ابن عرفة ولم أقف على قول في المذهب أنه يعق فيما بعد السابع الثالث بل قال في النوادر بعد أن حكى الخلاف المذكور وأهل العراق يعقون عن الكبير. وروى ابن سيرين وهذا لا يعرف بالمدينة انتهى. وقول الجزولي "وقيل يعق وإن كان كبيرا" الظاهر أن مراده خارج المذهب فإنه كثيرا ما ينقل الأقوال الخارجة ولا يعزوها.
فروع: الأول: قال في المدخل في فصل ذكر النفاس وينبغي إذا كان المولود ممن يعق عنه فلا يوقع عليه الاسم الآن حتى يذبح العقيقة ويتخير له في الاسم مدة السابع وإذا ذبح العقيقة أوقع عليه الاسم وإن كان المولود لا يعق لفقر وليه فيسمونه متى شاؤا انتهى. ونقله بعض شراح الرسالة عن التادلي و أصله للنوادر في باب العقيقة وفي العتبية. قال ابن عرفة ومقتضى القواعد وجوب التسمية سمع ابن القاسم يسمى يوم سابعه. ابن رشد لحديث يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى. وفيه سعة لحديث ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة صبيحة ولد فحنكه ودعا له وسماه. ويحتمل حمل الأول على منع تأخير التسمية عن سابعه فتتفق الأخبار وعلى قول مالك. قال ابن حبيب لا بأس أن تتخير له الأسماء قبل سابعه ولا يسمى إلا فيه. ثم قال الباجي من أفضلها ذو العبودية لحديث "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم بحسن وحسين. وروى العتبي أن أهل مكة يتحدثون ما من بيت فيه اسم محمد إلا رأوا أخيرا ورزقوا. الباجي ويمنع بما قبح كحرب وحزن وضرار وما فيه تزكية يسيرة ومنعها مالك بمهدي. قيل فالهادي قال هو أقرب لأن الهادي هادي الطريق الباجي ويحرم بملك الأملاك لحديث هو أقبح الأسماء عند الله غير صلى الله عليه وسلم اسم حكيم وعزيز لتشبيهه بأسماء صفات الله تعالى وفقهاء الأمصار على جواز التسمية والتكنية بأبي القاسم والنهي عنه منسوخ انتهى. ونقل النووي عنه في كتاب الأدب أن مذهب مالك جواز ذلك أعني التكني بأبي القاسم سواء كان الاسم محمدا أو أحمد أو غيرهما والله أعلم. وقال في المدخل قال القرطبي في شرح أسماء الله الحسنى قد دل الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه ثم قال قال علماؤنا ويجري هذا المجرى ما قد كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العجم والعراق من

(4/391)


.................................................
ـــــــ
نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين ومحيي الدين وعلم الدين وشبه ذلك ثم قال ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى من فصل النعوت وذكر الكنى الشرعية في فضل عيادة المرضى ونصه والكنى الشرعية أن يكنى الرجل بولده أو بولد غيره وكذلك المرأة تكنى بولد غيرها كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها حين وجدت على كونها لم يكن لها ولد تتكنى به فقال لها عليه الصلاة والسلام تكني بابن أختك يعني عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما. وكذلك تجوز الكنى بالحالة التي الشخص متصف بها كأبي تراب وأبي هريرة وما أشبههما انتهى.
فائدة: قال في الروض الأنف قيل لأبي الرقيس الأعرابي لم تسمون أبناءكم شر الأسماء نحو كلب وذئب وعبيدكم بأحسنها نحو مرزوق ورابح فقال إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا. يريد أن الأبناء عدة للأعداء أو سهام في نحورهم انتهى والله أعلم.
الثاني تقدم في كلام ابن عرفة عن ابن رشد أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعبد الله ابن أبي طلحة صبيحة ولد فحنكه بتمرة. قال الشيخ يوسف بن عمر ويستحب أن يسبق إلى جوف المولود الحلاوة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن طلحة لأنه حنكه بتمرة. وقد قيل إن الحجاج لم يرضع ثدي أمه حين ولد فأتي شيخ فقال اذبحوا جديا وأطعموه من دمه ويرجع إلى الرضاع ففعلوا به ذلك ورضع فخرج سفاكا للدماء. انتهى كلامه. وقال الجزولي قيل إن الشيخ الذي كلمهم في قضية الحجاج وهو إبليس انتهى والله أعلم.
الثالث: قال في مختصر المدونة لابن أبي زيد في باب الجامع وكره يعني مالك أن يؤذن في أذن الصبي المولود انتهى. والإقامة مثله. وذكره في النوادر في آخر كتاب العقيقة. وقال الشيخ يوسف بن عمر استحب بعض أهل العلم أن يؤذن في أذن الصبي ويقيم حين يولد. وتقدم في أول الكتاب في باب الأذان الكلام على ذلك فراجعه هناك والله سبحانه أعلم. ص: "نهارا" ش: يعني من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والأفضل ذبحها ضحوة. قال في المقدمات وسنتها أن تذبح ضحوة إلى زوال الشمس ويكره أن تذبح بالعشي بعد زوال الشمس أو بالسحر قبل طلوع الشمس وأما إن ذبحها بالليل فلا تجزئ انتهى. ونقله أبو الحسن الصغير وقال بعده فجعل الوقت على ثلاثة مستحب وهو من ضحوة إلى الزوال ومكروه بعد الزوال إلى الغروب وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وممنوع وهو أن تذبح بالليل انتهى. وقال في التوضيح نص مالك في المبسوط على عدم الإجزاء إذا ذبحها قبل طلوع الشمس وأخذه ابن رشد من العتبية. وقال ابن الماجشون يجزئه إذا ذبحها بعد طلوع الفجر. قال في البيان وهو الأظهر لأن العقيقة ليست منضمة إلى صلاة فكأن قياسها على

(4/392)


وجاز كسر عظامها وكره عملها وليمة
ـــــــ
الهدايا أولى من قياسها على الضحايا انتهى والله أعلم. ص: "وجاز كسر عظامها" ش: قال التلمساني وليس كسر عظامها سنة ولا مستحبا. وقاله في التلقين ولكن تكذيبا للجاهلية ومخالفة لهم في تحرجهم من ذلك إذ لا فائدة فيه. انتهى من الشبيبي ونقله في التوضيح أيضا عن القاضي عبد الوهاب وزاد بعده وفي المفيد أن الكسر مستحب لمخالفة الجاهلية انتهى. ص: "وكره عملها وليمة" ش: تصوره ظاهر. فروع: الأول قال الشبيبي قال ابن القاسم ولا يعجبني أن يجعلها صنيعا يدعو الناس إليه. واستحسن ابن حبيب أن يوسع بغير شاة العقيقة لإكثار الطعام. وروي عن مالك أنه قال عققت عن ولدي فذبحت بالليل ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم ثم ذبحت له ضحى شاة العقيقة فأهديت منها لجيراني وأكل منها أهل البيت وكسروا ما بقي من عظامها وطبخوه ودعونا إليه الجيران فأكلوا وأكلنا. قال مالك فمن وجد سعة فليفعل مثل ذلك انتهى.
الثاني: قال ابن عرفة وفي سماع القرينين ومن وافق يوم عقيقة ولده يوم الأضحى ولا يملك إلا شاة عق بها. ابن رشد إن رجا الأضحية في تالييه وإلا فالأضحية لأنها آكد. قيل سنة واجبة ولم يقل في العقيقة انتهى ونحوه اللخمي فإن ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة أو أطعمها وليمة فقال في الذخيرة قال صاحب القبس قال شيخنا أبو بكر الفهري إذا ذبح أضحيته للأضحية والعقيقة لا يجزيه وإن أطعمها وليمة أجزأه. والفرق أن المقصود في الأولين إراقة الدم وإراقته لا تجزئ عن إراقتين والمقصود من الوليمة الإطعام وهو غير مناف للإراقة فأمكن الجمع انتهى.
الثالث: قال في العتبية في أول رسم من سماع أشهب من كتاب الضحايا وسألته عن الضحية والعقيقة أيطعم منها أحد من النصارى أو غيرهم ممن على غير الإسلام فقال ما سمعت ذلك وأحب إلي أن لا يطعم أحدا منهم شيئا. قال ابن رشد مضت هذه المسألة في رسم سنّ من سماع ابن القاسم ويشير بذلك لما تقدم عنه في الأضحية عند قول المصنف وإطعام كافر فراجعه هناك والله أعلم.
الرابع: قال الشبيبي سئل مالك عن ادخار لحم العقيقة فقال شأن الناس أكله وما بذلك بأس انتهى.

(4/393)


ولطخه بدمها وختانه يومها
ـــــــ
الخامس: قال صاحب الشامل وغيره وحكم لحمها وجلدها كالأضحية انتهى. ص: "وختانه يومها" ش: أي ويكره ختان المولود يوم العقيقة فمن باب أولى يوم الولادة ونقل ابن عرفة كراهته فيهما من رواية ابن حبيب وسيأتي كلامه. ولم يتعرض المؤلف للوقت الذي يستحب فيه الختان ولحكمه وحكم الخفاض. فأما وقت استحباب الختان فقال في المقدمات من سبع سنين إلى عشر. وذكره ابن عرفة أيضا من رواية ابن حبيب ونصه روى ابن حبيب كراهته يوم الولادة أو سابعه لفعل اليهود إلا لعلة يخاف على الصبي فلا بأس واستحبابه من سبع سنين إلى عشر. وروى اللخمي يختتن يوم يطيقه الباجي اختار مالك وقت الإثغار. وقيل عنه من سبع إلى عشر وكل ما عجل بعد الإثغار فهو أحب إلي انتهى. وقال في جامع الكافي ولا حد في وقته إلا أنه قبل الاحتلام وإذا أثغر فحسن أن ينظر له في ذلك ولا ينبغي أن يجاوز عشر سنين إلا وهو مختون انتهى. وقال في المقدمات ويستحب ختان الصبي إذا أمر بالصلاة من سبع سنين إلى العشر ويكره أن يختتن في سابع ولادته كما يفعله اليهود انتهى. وأما حكمهما فأما الختان فقال ابن عرفة والختان للذكور سنة التلقين واجب بالسنة غير فرض. ولم يحك المازري غيره. الرسالة سنة واجبة الصقلي سنة مؤكدة. وروى ابن حبيب هو من الفطرة لا تجوز إمامة تاركه اختيارا ولا شهادته. الباجي لأنها تبطل بترك المروءة ولو أسلم شيخ كبير يخشى على نفسه منه ففي تركه ولزومه نقلا أبي عمر عن ابن عبد الحكم وسحنون قائلا أرأيت إن وجب قطع سرقة أيترك للخوف على نفسه ولم يحك الباجي غير قول سحنون دون هذه المقالة قائلا مقتضاه تأكد وجوبه.
قلت: في قطعه للسرقة مع الخوف على نفسه نظر وإذا سقط قصاص المأمومة للخوف فأحرى للقطع لحديث "ادرؤوا الحدود بالشبهات"1 ويكون كمن سرق ولا يدله يؤدب بما يليق ويطاف. أبو عمر لو ولد مختونا فقالت فرقة تجرى عليه الموسى فإن كان فيه ما يقطع
ـــــــ
1 رواه الترمذي في كتاب الحدود باب 2. أبو داود في كتاب الصلاة باب 114 بلفظ "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم".

(4/394)


....................................
ـــــــ
قطع وأباه آخرون. قلت: يجري على الأقرع في الحج انتهى. وأما الخفاض فقال ابن عرفة والخفاض في النساء. الرسالة: مكرمة. وروى الباجي وغيره كالختان ومن ابتاع أمة فليحفظها إن أراد حبسها وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه. الباجي قال مالك النساء يخفضن الجواري. قال غيره لا ينبغي أن يبالغ في قطع المرأة انتهى.
تنبيهات: الأول: قال البساطي هل يختتن الخنثى المشكل في أحد الفرجين أو في كليهما أو لا؟ قال بعضهم لم أر فيه نصا انتهى. وأصل هذا التنظير للفاكهاني. قال ابن ناجي في شرح الرسالة قال الفاكهاني هل يختتن الخنثى المشكل أم لا فإذا قلنا يختتن ففي أي الفرجين أو فيهما جميعا ؟لم أر في ذلك لأصحابنا نقلا. واختلف أصحاب الشافعي فقيل يجب اختتانه في فرجه بعد البلوغ وقيل لا يجوز حتى يتبين وهو الأظهر عندهم. قلت: الحق أنه لا يختتن لما علمت من قاعدة تغليب الحظر على الإباحة ومسائله تدل على ذلك. قال ابن حبيب لا ينكح ولا ينكح وفي بعض التعاليق ولا يحج إلا مع ذي محرم لا مع جماعة رجال فقط ولا مع جماعة نساء فقط إلى غير ذلك من مسائله. انتهى كلام ابن ناجي وسيأتي إن شاء الله في آخر الكتاب عند الكلام عليه شيء من المسائل المتعلقة به.
الثاني: قال في القوانين الغرلة وهي ما يقطع في الختان نجسة لأنها قطعة من حي فلا يجوز أن يحملها المصلي ولا أن تدخل المسجد ولا أن تدفن فيه وقد يفعله بعض الناس جهلا. انتهى وسيأتي إن شاء الله في باب الوليمة حكم ما ينثر على رؤوس الصبيان عند خروج أسنانهم وفي الختان والأعراس وحكم الطعام الذي يعمل لأجل الختان وغيره والله أعلم.

(4/395)