مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل ط عالم الكتب

المجلد الخامس
كتاب النكاح
مدخل
...
كتاب النكاح
هذه طريقة المتأخرين من المالكية أنهم يجعلون النكاح وتوابعه في الربع الثاني والبيع وتوابعه في الربع الثالث: وابتدأ المصنف رحمه الله كتاب النكاح بالخصائص تبعا لابن شاس وتبع ابن شاس في ذلك الشافعية قالوا وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم خص في باب النكاح بخصائص متعددة لم يجمع مثلها في باب من أبواب الفقه وفائدة ذكر الخصائص وإن كان أكثرها قد مضى حكمه التنبيه: على خصوصها لئلا يعتقد فيما يخص به صلى الله عليه وسلم أنه مشروع لنا مع ما في ذلك من التنويه بعظيم فضله وشريف قدره فذكرها مطلوب إما ندبا أو وجوبا وهو الظاهر لما تقدم واعتمد ابن شاس فيما عده من الخصائص كلام القاضي أبي بكر بن العربي في أحكام القرآن وعليه اعتمد القرطبي في تفسيره وزاد عليه بعض زيادة وكذلك المصنف وقد ألف الناس في الخصائص كتبا متعددة والذي خص به صلى الله عليه وسلم خمسة أنواع.
الأول: ما وجب عليه صلى الله عليه وسلم دون غيره تشريفا له وتكثيرا لثوابه قال إمام الحرمين قال بعض العلماء ثواب الواجب يزيد على ثواب النافلة بسبعين درجة.
الثاني ما وجب له صلى الله عليه وسلم على غيره.
الثالث: ما حرم عليه صلى الله عليه وسلم دون غيره تشريفا له أيضا.
الرابع: ما حرم على غيره لأجله.
الخامس: ما أبيح له صلى الله عليه وسلم دون غيره وهذه الخصائص منها ما ورد في القرآن ومنها ما ورد في السنة ومنها ما هو متفق عليه ومنها ما هو مختلف فيه فإن قيل التعظيم والتشريف إن كان مقتضيا لزيادة التشديد وإيجاب ما لم يجب على غيره فلماذا أبيح له أيضا ما لم يبح لغيره وإن كان موجبا للتسهيل وإباحة ما لم يبح لغيره فلماذا وجب عليه ما لم يجب على غيره وحرم عليه ما لم يحرم على غيره.
فالجواب أن التعظيم والتشريف يوجب جميع ذلك بحسب ما يقتضيه المقام فبعض الأشياء إنما سومح فيه الغير ولم يوجب عليه ولم يحرم عليه خشية أن لا يقدر على القيام بها ولقوته صلى الله عليه وسلم كلف بها وبعض الأشياء حرمت على الغير حماية له أن يتجاوز الحد المأذون فيه كصفي المغنم ونحوه أو خشية أن لا يقوم بالواجب عليه فيها كزيادة على أربع وهو صلى الله عليه وسلم مأمون من ذلك فتأمله والله أعلم.

(5/3)


باب الخصائص
خص النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الضحى، والأضحى والتهجد والوتر بحضر،
__________
باب
ص:"خص النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الضحى والأضحى والتهجد والوتر بحضر" ش: صرح بوجوب هذه الأربعة صلى الله عليه وسلم ابن العربي والقرطبي وابن شاس. ودليل ذلك والله أعلم. حديث: "ثلاث علي فرائض ولكم تطوع النحر والوتر وركعتا الضحى1" رواه البيهقي وضعفه. ويؤخذ من الحديث أن الواجب من الضحى أقله ركعتان. ودليل وجوب التهجد قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} وقوله سبحانه: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً} وقد اختلف العلماء في ذلك. وسيأتي شيء من ذلك والأضحى جمع أضحاة ويجمع على أضاحي أيضا قاله في التنبيهات:. وقوله :"والوتر بحضر" قاله في الجواهر عن ابن العربي لما ذكر وجوب الوتر وهو داخل في قسم التهجد انتهى.. فيحتمل أن يكون قوله:" بحضر" راجعا لهما معا ويدل لذلك أنهم استدلوا لعدم وجوب الوتر في السفر بكونه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة، وكان صلى الله عليه وسلم يتهجد على الراحلة أيضا وانظر قول السيوطي بعد في المباحات.
تنبيهان: الأول: اختلف في التهجد على ثلاثة أقوال: فقيل إنه النوم عند الصلاة، وقيل إنه الصلاة بعد النوم والثالث: إنه الصلاة بعد العشاء انتهى.. من الأقفهسي. وقال الثعلبي في قوله تعالى: َ{مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أي قم بعد نومك وصل. قال المفسرون: لا يكون التهجد إلا بعد النوم. يقال تهجد إذا سهر وهجد إذا نام. وقال بعض أهل اللغة: تهجد إذا نام وتهجد إذا سهر وهو من الأضداد. روى حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن رجل من الأنصار أنه كان مع رسول الله في سفر فقال لأنظرن كيف يصلي النبي صلى الله عليه وسلم قال فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ فرفع رأسه إلى السماء فتلا أربع آيات من آخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات ثم أهوى بيده إلى
ـــــــ
1 رواه أحمد في مسنده(1/23)

(5/4)


والسواك وتخيير نسائه فيه، وطلاق مرغوبته.
-----------------------------
القربة وأخذ سواكا فاستاك به ثم توضأ ثم نام ثم استيقظ فصنع كصنعه أول مرة ويرون أنه التهجد الذي أمره الله عز وجل به. انتهى. بلفظه.
الثاني قال أبو عمر ابن عبد البر في باب صلاة الليل من الاستذكار وقد قال قوم إن صلاة الليل واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم وسنة لأمته، وهذا لا أعرف وجهه لأن الله تعالى يقول {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} انتهى.. وليس في الآية ما يدل على عدم الوجوب لأن النافلة من النفل الذي هو الزيادة. فيحتمل أن يكون المراد أنه صلى الله عليه وسلم زيد عليه دون غيره وجوب التهجد كما قال ابن عبد السلام فتأمله. وفي المسألة أقوال جمهور العلماء على أن الأمر بقيام الليل أمر ندب لجميع الناس وقيل: للوجوب على جميع الناس ثم نسخ. وقيل: كان فرضا على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وبقي كذلك حتى توفي. وقيل غير ذلك. ذكر ذلك ابن عطية وغيره والله أعلم: ص: " والسواك" ش: لم يبين المصنف وغيره من المالكية فيما علمت ما هو الذي كان فرضا عليه من السواك، ورأيت للشافعية أنه كان فرضا عليه لكل صلاة والله أعلم. ص: " وتخيير نسائه فيه" ش: الذي في الصحيح أن آية التخيير نزلت وعنده تسع نسوة وهن اللواتي توفي عنهن. وذكر أبو إسحاق أن آية التخيير نزلت وكانت عنده فاطمة بنت الضحاك في عصمته صلى الله عليه وسلم فاختارت الدنيا ففارقها عليه الصلاة والسلام فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول: هي الشقية اختارت الدنيا. قال في المواهب اللدنية: هكذا رواه ابن إسحق. قال أبو عمر: هذا عندنا غير صحيح لأن ابن شهاب يروي عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم حين خير في نسائه بدأ بها فاختارت الله ورسوله وتابع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك انتهى..
تنبيه: الأقفهسي اختلف العلماء فيمن اختارت منهن الدنيا مثلا، هل كانت تبين بنفس الاختيار أولا؟ أصح القولين أنها تبين انتهى.. صلى الله عليه وسلم:" وطلاق مرغوبته" ش: هذا من القسم الثاني

(5/5)


وإجابة المصلي،
-------------------------------
قال في الشامل: ولزم غيره له طلاق مرغوبته ثم قال كإذعان مخطوبته انتهى.. وعد فيه أيضا من المحرمات على غيره خطبة خلية رغب فيها قال النووي: فإن كانت خلية لزمتها الإجابة على الأصح وحرم على غيره خطبتها انتهى..
فرع: قال القرطبي: أبيح له عليه الصلاة والسلام أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان وإن كان من هو معه يخاف على نفسه التلف لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وعلى كل أحد أن يقي النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه انتهى.. وقال تعالى: {وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} ص: "وإجابة المصلي" ش: فأحرى غيره لحديث الموطأ أو مسلم لما دعا أبيا في الصلاة ولم يجبه فقال له عليه السلام: "ألم يقل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ومثله في البخاري عن أبي سعيد رافع بن المعلى. قال ابن العربي في أحكامه: قال الشافعي: في حديث أبي دليل على أن الفعل الفرض أو القول الفرض إذا أتى به في الصلاة لا يبطلها لأمره عليه الصلاة والسلام بالإجابة. وإن كان في صلاة. وبينا في غير موضع أن هذه الآية دليل على وجوب إجابته عليه السلام وتقديمها على الصلاة. وهل تبقى الصلاة معها أو تبطل؟ مسألة أخرى انتهى.. وذكر القرطبي كلام الشافعي وأقره ولم يذكر كلام ابن العربي بل قال قلت: وفيه حجة لقول الأوزاعي أن المصلي لو أبصر غلاما يريد أن يسقط في بئر فصاح به وانتهره وانصرف إليه لم يكن بذلك بأس انتهى.. وقال الشارح بهرام والأقفهسي: يجب على المصلي إذا دعاه أن يجيبه ولا تبطل صلاته وأما ابتداء فذكر النووي أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن المصلي يخاطبه بقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولا يخاطب سائر الناس انتهى. وقال ابن عبد السلام في السهو في مسألة: الكلام لإصلاح الصلاة لما ذكر حديث ذي اليدين وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة وإجابتهم له ما نصه: وأيضا لو نطقوا بنعم كما روي لما ضرهم لمخالفتهم إيانا في الكلام إذ مجاوبته صلى الله عليه وسلم واجبة ولا تمنع منها الصلاة كما في حديث أبي سعيد بن المعلى انتهى.. وقال الأبي في شرح مسلم ناقلا عن المازري: وأجيب بأنهم تكلموا لتعين إجابته لوجوب طاعته وذلك خارج عن الكلام ثم قال قلت: ويدل على أن إجابته لا تبطل الصلاة حديث أبي وقوله في الصلاة والسلام عليك أيها النبي ولو خاطب غيره بذلك لفسدت كما تقدم لابن شعبان انتهى.. والله أعلم. وقال الدماميني في حاشية البخاري في كتاب الفضائل: في حديث أبي سعيد بن المعلى دليل على أنه لم يقبل اعتذاره بأنه كان في الصلاة. وقد قال بعض الحذاق بأن هذا من خواصه أن يجيبه في الصلاة ولا تبطل صلاته بذلك وهو قول ابن كنانة هكذا قال السفاقسي انتهى..

(5/6)


والمشاورة وقضاء دين الميت المعسر
-------------------------------------
تنبيه: قال ابن حجر في أول كتاب التفسير: نسب الغزالي والفخر الرازي وتبعهما البيضاوي هذه القصة لأبي سعيد الخدري وهو وهم، وإنما هو أبو سعيد بن المعلى ص: "والمشاورة" ش: قال المتيطي إنما كان صلى الله عليه وسلم يشاور في الحروب وفيما ليس فيه حكم بين الناس وقيل: له أن يشاور في الأحكام قال أحمد بن نصر: وهذه غفلة عظيمة انتهى. ولفظ الجواهر: ومشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع انتهى.. وذكر القرطبي القول الأول عن قتادة والربيع وابن إسحاق والشافعي قال وأمره بذلك تطييبا لنفوسهم ورفعا لأقدارهم وتألفا على دينهم وإن كان الله أغناه عن رأيهم وليقتدى به ولم يذكر القول الثالث لكنه قال وقال الآخرون ذلك فيما لم يأته فيه وحي وروي ذلك عن الحسن البصري والضحاك انتهى. بالمعنى. ووجه خصوصيته صلى الله عليه وسلم بوجوب المشاورة. والله أعلم. أنه وجب عليه ذلك مع كمال علمه ومعرفته وإلا فقد قال القرطبي: قال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدين، ووجوه الجيش: فيما يتعلق بالحروب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ووجوه الكتاب والعمال والوزراء فيما يتعلق بمصالح العباد وعمارتها انتهى.. ولعله البلاد عوض العباد وهو الظاهر وقال قبله: قال ابن عطية: الشورى من قواعد الدين وعزائم الأحكام ومن لا يستشر أهل العلم والدين فعزله واجب هذا مما لا اختلاف فيه. انتهى. فتأمله والله أعلم. ص: "وقضاء دين الميت المعسر" ش: اختلف العلماء هل كان القضاء واجبا عليه صلى الله عليه وسلم أو تطوعا وهل كان يقضيه من خالص مال نفسه أو من مصالح مال المسلمين وظاهر كلام ابن بطال أنه كان يقضيه من المصالح وأنه واجب عليه وعلى من بعده من الأئمة قال ابن حجر في شرح حديث البخاري في كتاب الكفالة في قوله من ترك دينا فعلي قضاؤه قال ابن بطال هذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين وقوله "فعلي قضاؤه" أي مما يضيء الله عليه من الغنائم والصدقات قال وهذا يلزم المتولي لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات وعليه دين فإن لم يفعل فالإثم عليه إن كان حق الميت في بيت المال يفي بقدر ما عليه من الدين وإلا فيسقطه انتهى. كلام ابن حجر وهذا الكلام كله لابن بطال وذكر الأبي عن القاضي عياض في شرح قوله صلى الله عليه وسلم "من ترك دينا وضياعا فعلي وإلي" أي فعلي قضاؤه وإلي كفاية عياله وهذا مما يلزم الأئمة من مال الله فينفق منه على الذرية وأهل الحاجة ويقضي ديونهم انتهى. من شرح مسلم في أحاديث صلاة الجمعة وقد صرح بوجوب قضاء دين الميت المعسر أبو عمر بن عبد البر في التمهيد في شرح الحديث السابع

(5/7)


وإثبات عمله ومصابرة العدو الكثير وتغيير المنكر
-----------------------
عشر ليحيى بن سعيد وابن رشد في كتاب المديان من المقدمات ونقله القرافي وقبله وقال الأحاديث الواردة في الحبس عن الجنة بالدين منسوخة بما جعله الله من قضاء الدين على السلطان وكان ذلك قبل أن تفتح الفتوحات انتهى. وذكر البرزلي أيضا عن جماعة من المالكية فإذا علم هذا فعلى القول بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي هذا الدين من مال نفسه فوجه الخصوصية ظاهر وعلى القول بأنه كان يقضيه من مال المصالح فالظاهر أنه لا خصوصية حينئذ فتأمله والله أعلم.
تنبيه: لا بد من تقييد الميت المعسر بكونه مسلما كما قيده في الشامل وهو ظاهر من الحديث في كونه يصلى عليه ص: " وإثبات عمله" ش: يعني به المداومة على العمل يعني إذا عمل عملا أثبته أي دوام عليه ص: " ومصابرة العدو الكثير" ش: تصوره واضح وذكر ابن رشد في أول رسم من سماع ابن القاسم أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه فئة للمسلمين ولو كان مقيما بالمدينة فيجوز للجيش: أن ينحاز إليه ولا يكون ذلك فرارا بخلاف غيره من الأئمة إنما يكون فئة إذا برز مع الجيش: فيكون فئة لمن خرج من السرايا انتهى. والله أعلم. ص: "وتغيير المنكر" ش: لم يذكره ابن العربي في سورة الأحزاب ولا ابن شاس وقال القرطبي كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم إذا رأى منكرا أنكره وأظهره لأن إقراره لغيره على ذلك يدل على جوازه وذكر صاحب البيان انتهى. وقد استوفى الكلام على تغيير المنكر في حق سائر الناس في رسم الأقضية الثالث: من سماع أشهب من كتاب السلطان وفي إرشاد أبي المعالي لا يكترث بقول الروافض أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موقوفان على ظهور الإمام انتهى. فيكون وجه الخصوصية أنه كان صلى الله عليه وسلم فرض عين ولا يشترط فيه ما يشترط في حق غيره من أمنه على نفسه وظنه تأثير ذلك والله أعلم. نعم قيده الغزالي في الإحياء بما إذا لم يعلم أو يظن أن فاعله يزيد فيه عنادا وقال الشيخ جلال الدين الأسيوطي في أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب لما عد من الواجبات تغيير المنكر قال ووجه الخصوصية فيه من وجوه أنه في حقه من فرائض الأعيان وفي حق غيره من فرائض الكفايات ذكره الجرجاني في الشافي وأنه يجب عليه إظهار الإنكار ولا يجب الإظهار على أمته ذكره صاحب الذخائر وأنه لا يسقط عنه للخوف فإن الله وعده بالعصمة بخلاف غيره ذكره في الروضة ولا إذا كان المرتكب يزيده الإنكار إغراء لئلا يتوهم إباحته بخلاف سائر

(5/8)


وحرمة الصدقتين عليه وعلى آله، وأكله كثوم، أو متكئا،
-------------------------
الأمة ذكره السمعاني في القواطع انتهى. وهذا الأخير مخالف لما قاله الغزالي إلا أن يكون المراد بالتغيير إظهار ذلك لغير المرتكب للمنكر والله أعلم. ص: "وحرمة الصدقتين عليه وعلى آله" ش: لا خلاف في حرمة الصدقة المفروضة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى بني هاشم الذين هم آله على المشهور على مواليهم كما صرح به القرطبي في سورة براءة وغيره وأما صدقة التطوع فأكثر أهل العلم على تحريمها عليه أيضا وقالت طائفة: كان يتنزه عنها ولم تكن محرمة وأما آله صلى الله عليه وسلم ومواليهم فقد اختلف في حرمتها عليهم ومذهب مطرف وابن الماجشون وابن نافع التحريم وشهره ابن عبد السلام فلذلك جزم به المصنف هنا ومذهب ابن القاسم أنها لا تحرم عليهم قاله ابن عبد البر في التمهيد وهو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصحيح عندنا انتهى. من شرح الحديث الثالث: لربيع من التمهيد وصرح القرطبي أيضا في سورة براءة بأنه الصحيح وتقدم في مصرف الزكاة عن ابن مرزوق أنهم إذا لم يعطوا ما يستحقونه من بيت المال وأضربهم الفقر أنهم يعطون من الزكاة وأن إعطاءهم أفضل من إعطاء غيرهم
تنبيه: قال الشيخ جلال الدين الأسيوطي قال البلقيني وخرجنا على حرمة الصدقة عليه والكفارة والنذورات أنه يحرم أن يوقف عليهم معينا لأن الوقف صدقة تطوع ثم قال وعن أبي هريرة أن صدقات الأعيان كانت حراما عليه دون العامة كالمساجد ومياه الآبار انتهى. ثم قال وتحرم الزكاة على آله قيل والصدقة أيضا وعليه المالكية وعلى موالي آله في الأصح وعلى زوجاته بالإجماع قاله ابن عبد البر وتحريم كون آله عمالا على الزكاة في الأصح
تنبيه: أبيحت له صلى الله عليه وسلم الهدية قال في الذخيرة في كتاب الأقضية من خصائصه صلى الله عليه وسلم قبول الهدية انتهى. قال السهيلي في شرح غزوة حنين إذا أهديت له في بيته لا في الغزو ونصه أموال النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أوجه منها الصفي والهدية تهدى إليه في بيته لا في الغزو من بلاد الحرب ومن خمس الخمس انتهى.
تنبيه: قال القرطبي ويحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به الناس لقوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ} الآية انتهى. ص: "وأكله كثوم" ش: قال في الجواهر وغيره من الأطعمة الكريهة الرائحة انتهى. كالبصل والكراث والفجل وهذا في النيء وأما في المطبوخ فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أكل طعاما طبخ ببصل ذكره الزركشي من الشافعية في الخادم والله أعلم. ص: "أو متكئا" ش: لحديث البخاري "أما أنا فلا آكل متكئا" قال عياض الاتكاء هو التمكن من الأرض والتقعد في الجلوس كالتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها على ما تحته

(5/9)


وإمساك كارهته، وتبدل أزواجه، ونكاح الكتابية والأمة، ومدخولته لغيره
-------------------------
فإن الجالس على هذه الهيئة يستدعي الاستكثار منه ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان جلوسه جلوس المستوفز وقال إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد وليس معنى الاتكاء المذكور في الحديث الميل على شق عند المحققين انتهى. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة واعترضه الفاكهاني وقال التحقيق أنه الميل على الشق لأنه الذي يسبق إلى الذهن من لفظ الاتكاء الجلوس ولذلك قال الراوي في الحديث وكان متكئا والحاصل فيلزم على ما قال عياض أن يكون معنى الكلام وكان جالسا والحاصل انتهى. وهذا لا يلزم لأن القاضي لم يقل إن الاتكاء لا يطلق إلا على الجلوس وإنما قال المراد منه في هذا الحديث كذا وبما فسره عياض فسره الخطابي قبله تركها عليه البيهقي في سننه وأنكره عليه ابن الجوزي وفسره بما قال الفاكهاني فتأمله والله أعلم. ص: "وتبدل أزواجه" ش: هذا قريب من لفظ الآية وهو قوله: {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} وفي معناها ثلاثة أقوال أصحها قول ابن عباس إنه لا يحل لك أن تطلق امرأة من أزواجك وتنكح غيرها والثاني لا يحل لك أن تبدل المسلمة التي عندك بمشركة قاله مجاهد والثالث: لا تعطى زوجتك في زوجة أخرى كما كانت تفعله الجاهلية انتهى. بالمعنى من أحكام ابن العربي
تنبيه: أول الآية: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} واختلف في معناها على أقوال أصحها قول ابن عباس أيضا أن معناه لا يحل لك النساء من بعد من عندك منهن قاله في الأحكام أيضا قال الأقفهسي واختلف هل نسخ هذا التحريم أم لا وحمل كلام المصنف على هذا الأخير أعني قوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} والظاهر أن المراد الأول والله أعلم. وحرم تبدل أزواجه والتزويج عليهن مكافأة لهن على حسن صنعهن لما خيرهن فاخترنه والله أعلم. وذكر الشيخ جلال الدين أن من الواجبات عليه إمساكهن بعد أن اخترنه في أحد الوجهين قال وترك التزوج عليهن والتبدل بهن مكافأة لهن ثم نسخ ذلك لتكون المنة له صلى الله عليه وسلم ص: "ونكاح الكتابية" ش: وكذا وطؤها بملك اليمين على ما اختاره ابن العربي وقال الشارح إن التسري بها حلال على الأصح ص: "والأمة" ش: يعني وحرم عليه نكاح الأمة سواء كانت مسلمة أو كافرة وإلا فلا خصوصية ولا فائدة في ذكرها لأنه إذا حرم نكاح الحرة الكتابية فأحرى الأمة وأما وطء الأمة بملك اليمين فحلال له والله أعلم. ص: "ومدخولته لغيره" ش: وأما من لم يدخل بها فلا تحرم على غيره قاله القرطبي في سورة الأحزاب

(5/10)


--------------------------------
فرع: قال في الشامل وأصله في الجواهر وفي بقاء نكاح من مات عنها قولان وعلى انقطاعه ففي وجوب العدة ونفيها قولان بناء على أنها متوفى عنها أو لأنها لا تنتظر الإباحة وفي مطلقته خلاف انتهى. يعني هل ثبت لها حرمة نسائه اللاتي مات عنهن أولا ذكر القرطبي الخلاف في ذلك ونقله في الجواهر وقال القرطبي الصحيح جواز نكاحها وقال أيضا الصحيح أنه لا عدة على من مات عنهن وبقاء نكاحهن وقال ابن العربي وببقائه أقوال والله أعلم.
تنبيه: انظر هل يدخل في قولهم مدخولته الأمة التي وطئها قال ابن أبي شريف من الشافعية في شرح الإرشاد وفي الميمن تبعا لتعليقه أن أمته الموطوءة إذا فارقها بالموت أو العتق أو البيع تحرم وهو ظاهر إطلاق الحاوي ومدخولته انتهى.
قلت: وهو ظاهر وإذا حرمت موطوءته فأحرى أم ولده وقد قال ابن القطان من أصحابنا في كتاب الإقناع في مسائل الإجماع اتفقوا على أن إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق حرا وأمه مارية أم ولد رسول الله صلى الله عليه على الرجال مملوكة وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطؤها بعد ولادتها وأنها لم تبع بعده ولا تصدق بها وإنما كانت بعده عليه السلام حرة انتهى.
تنبيه: وقع بين بعض طلبة العلم بحث في أم ولده إبراهيم عليه السلام هل هي من أمهات المؤمنين أم لا؟ والذي يظهر لي أنها ليست من أمهات المؤمنين لما في صحيح البخاري من كتاب الجهاد وكتاب النكاح أنه صلى الله عليه وسلم لما بنى بصفية قال أصحابه هل هي إحدى أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه ثم قالوا إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فمن ما ملكت يمينه فتأمله وانظر شراحه والله أعلم. لكن ربما يقال هذا في حال حياته لماله من الرق وبعد موته فهي حرة فقد يقال صارت من أمهات المؤمنين.
فوائد الأولى قال الشيخ جلال الدين الأسيوطي في حاشية البخاري في كتاب الوضوء في باب خروج النساء إلى البراز ذكر القاضي عياض وغيره أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم تحريم رؤية أشخاص أزواجه ولو في الأزر تكريما له ولذا لم يكن يصلي على أمهات المؤمنين إذا ماتت الواحدة منهن إلا محارمها لئلا يرى شخصها في الكفن حتى اتخذت القبة على التابوت انتهى. والظاهر أن هذا ليس متفقا عليه فقد حكى القرطبي في كون نسائه عليه السلام كالأمهات في الحرمة وإباحة النظر أو في الحرمة فقط قولين ولكن الظاهر منهما الثاني والله أعلم.
الثانية قال في الطرر لابن عات في أواخر الجزء الثالث: في ترجمة الطلاق وما يلزم من ألفاظه ومن الاستغناء قال في المشارق وجبت نفقة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في ماله بعد وفاته إلى أن

(5/11)


ونزع لامته حتى يقاتل، والمن ليستكثر
------------------------------
متن لقوله "إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة" 1 ولقوله "ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عيالي فهو صدقة" 2 ولأنهن كن محبوسات عليه بعد موته لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً} انتهى.
الثالثة: قال القرطبي في شرح مسلم في فضائل السيدة فاطمة رضي الله عنها وقوله صلى الله عليه وسلم "يريبني ما يريبها" أي يؤذيني: وتظهر فائدة ذلك بأن من فعل منا ما يجوز فعله لا يمنع منه وإن تأذى بذلك الفعل غيره وليس كذلك حالنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بل يحرم علينا كل فعل يؤذيه وإن كان في أصله مباحا لكنه إذا أدى إلى أذى النبي صلى الله عليه وسلم ارتفعت الإباحة وحصل التحريم انتهى. وتقدم عن الشامل والنووي أن من المحرمات له على غيره خطبة خلية رغب فيها ص: "ونزع لامته حتى يقاتل" ش: لأمته مهموز كذا قيده جماعة عن عياض في المشارق وهي الدرع قال في الصحاح وغيرها وفي قول المصنف حتى يقاتل مسامحة والأولى أن يقول حتى يلقى العدو أو يقول حتى يقاتل أو يحكم الله بينه وبين محاربه ولهذا قال ابن غازي أنه خطأ من مخرج المبيضة وإنما الصواب ونزع لأمته حتى يقاتل أو يحكم الله بينه وبين محاربه قال وهو كذلك في بعض النسخ المصححة ولا يصح غيره ولفظ ابن العربي وابن شاس وحرم عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها أو يحكم الله بينه وبين محاربه أي حتى يحكم الله "فأو" بمعنى حتى وكذا هو في الحديث بلفظ "أو" وبهذا يظهر لك أن حكم الله بينه وبين محاربه أعم من القتال فلو أسقط المصنف لفظة القتال كان أولى انتهى. ويأتي لقوله بعد هذا والحكم بينه وبين محاربه معنى يحمل عليه والله أعلم. قال الشيخ جلال الدين الأسيوطي وكذلك الأنبياء قال أبو سعيد وابن سراقة وكان لا يرجع إذا خرج للحرب ولا ينهزم إذا لقي العدو ولو كثر العدو انتهى. ص: "والمن ليستكثر" ش: هو قريب من لفظ الآية وفي معناها ستة أقوال الأول: لا تعط عطية لتطلب أكثر منها الثاني لا تعط الأغنياء فتصيب منهم أضعافها
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الخمس باب1 كتاب فضائل أصحاب النبي باب 12 مسلم في كتاب الجهاد حديث49-54-56.أبو داود في كتاب الإمارة باب 19 الترمذي في كتاب السير باب 44. النسائي في كتاب الفيء باب 9، 16.الموطأ في كتاب الكلام حديث 27. أحمد في باب (1/4، 9، 10، 25، 47) (2/463).
2 رواه البخاري في كتاب الوصايا باب 32. كتاب الخمس باب 3. كتاب الفرائض باب 3. مسلم في كتاب الجهاد حديث 55. الموطأ في كتاب الكلام حديث 28. أحمد في مسنده (2/242، 376، 464).

(5/12)


وخائنة الأعين والحكم بينه وبين محاربه ورفع الصوت عليه وندائه من وراء الحجرة وباسمه
-----------------------------
الثالث: لا تعط عطية تنظر ثوابها. الرابع: لا تمنن بعملك على ربك. الخامس: لا تمنن على الناس بالنبوة تأخذ أجرا منهم عليها السادس لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه والله أعلم. ص: "وخائنة الأعين" ش: لحديث أبي داود "ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين"1
وصححه الحاكم على شرط مسلم قال في الجواهر وهو أن يظهر خلاف ما يضمر أو ينخدع عما يجب انتهى. وقال النووي هي الإيماء إلى المباح من قتل أو ضرب على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال انتهى. وأبيح له صلى الله عليه وسلم إذا أراد السفر أن يوري بغيره وسمى ما تقدم خائنة الأعين لشبهه بالخيانة بإخفائه ولا يحرم على غيه إلا في محظور والله أعلم. ص: "والحكم بينه وبين محاربه" ش: قال في المقصد الجليل أي حرم على غيره أن يحكم بينه وبين محاربه لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي اتقوه في التقدم السلمي في إهمال حقه وتضييع حرمته انتهى. ويكون المراد بالمحارب من يكون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم خصومة قال مجاهد في تفسير الآية لا تفتاتوا على رسول الله حتى يقضي الله على لسان رسوله ذكره البخاري انتهى. من ابن العربي وقال البساطي لما عد المحرمات عليه صلى الله عليه وسلم وأن يحكم بين نفسه وبين محاربه وهذا ليس مرادا قاطعا قال الأقفهسي لعل معناه أنه صلى الله عليه وسلم يحكم بين محاربه وبين الغير لأنه لا يتهم انتهى. وهذا وإن كان صحيحا في نفسه لكنه بعيد من السياق لأنه المصنف يعد المحرمات وهذا من المباحات له دون غيره فتأمله والله أعلم. ص: "ورفع الصوت عليه وندائه من وراء الحجرات وباسمه" ش: قال الأقفهسي يعني أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز لأحد أن يرفع صوته عليه ولا أن يناديه من وراء الحجرات ولا أن يناديه باسمه فيقول يا محمد بل يقول يا نبي الله يا
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الحدود باب 1. كتاب الجهاد باب 117. النسائي في كتاب التحريم باب 14.

(5/13)


وإباحته الوصال
----------------------------
رسول الله وحرمته صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة كالمسموع من لفظه فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر أن لا يرفع صوته ولا يعرض عنه وقد نبه الله على ذلك بقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} الآية وكلامه من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن إلا في معان مستثناة انتهى. ونحوه والقرطبي عن ابن العربي وقال في المدخل في فضل العالم لا فرق بين رفع الصوت في حياته عليه السلام وبين رفعه على حديثه بعد مماته وكذا قال إمام الحرمين عن مالك بن أنس انتهى. وقال في فصل اللباس فيرفعون أصواتهم في مجلس الحديث وذلك مكروه انتهى. ويريد والله أعلم. بالمكروه الحرام كما يؤخذ من كلامه الأول: الذي نقله عن مالك فتأمله قال القرطبي وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه الصلاة والسلام وكره بعض العلماء رفع الصوت في مجلس العلماء تشريفا لهم إذ هم ورثة الأنبياء
فرع: وصرح في المواهب اللدنية في المقصد الرابع: بأنه يكره لقارئ حديثه صلى الله عليه وسلم أن يقوم لأحد وهو الذي يؤخذ من كلام صاحب المدخل في أول فصل القيام لكنه يدل على كراهة ذلك كراهة شديدة ونقل ابن الصلاح في النوع السابع والعشرين من علوم الحديث روينا أو بلغنا عن محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه أنه قال القاريء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام لأحد فإنه يكتب عليه خطيئة انتهى. وقوله "وندائه باسمه" قال الشيخ السمهودي في تاريخ المدينة المسمى بخلاصة الوفا في أثناء الفصل الثاني في توسل الزائرين به من الباب الثاني والذي ينهى عنه من ذلك في النداء أن لا يقرن به الصلاة والسلام ونصه وليقدم ما تضمنه خبر ابن أبي فديك عن بعض من أدركه قال بلغنا أن من وقفعند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} صلى الله عليك يا محمد يقولها سبعين مرة ناداه ملك صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك اليوم حاجة قال بعضهم والأولى أن يقول صلى الله عليك يا رسول الله إذ من خصائصه أن لا يناديه باسمه والذي يظهر أن ذلك في النداء الذي لا تقترن به الصلاة والسلام انتهى. والحجرات جمع حجرة وهي الموضع المحجور من الأرض بحائط أو غيره وسبب النهي أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيها بمهمات نفسه فكان إزعاجه في تلك الحالة من سوء الأدب انتهى. بالمعنى من القرطبي ص: "وإباحة الوصال" ش: قال الأبي قال النووي الوصال صوم يومين فأكثر دون فصل بينهما بفطر وقال القاضي عياض كرهه مالك والجمهور لعموم النهي وأجازه جماعة قالوا والنهي رحمة وتخفيف فمن قدر فلا حرج وأجازه ابن وهب وأحمد وإسحاق إلى السحر قال الخطابي هو من خصائصه وحرام على أمته انتهى. ثم قال الأبي وقال النووي الأصح عندنا أن النهي عنه على التحريم وقيل

(5/14)


ودخول مكة بلا إحرام وبقتال وصفي المغنم والخمس
--------------------------
على الكراهة الأبي كرهه مالك ولو إلى السحر واختار اللخمي جوازه إلى السحر لحديث "من واصل فليواصل إلى السحر" 1 وقول أشهب من واصل أساء ظاهره التحريم انتهى. وقال ابن عرفة وكره مالك الوصال ولو إلى السحر اللخمي هو إليه مباح ولحديث "من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر" 2 انتهى.
قلت: انظر عزو ابن عرفة جوازه إلى السحر للخمي مع أن القاضي عياضا عزاه لابن وهب ونقله عنه الأبي وذكر أن اللخمي اختاره ولفظ الإكمال اختلف العلماء في أحاديث الوصال فقيل النهي عنه رحمة وتخفيف فمن قدر فلا حرج وقد واصل جماعة من السلف الأيام وأجازه ابن وهب وإسحاق وابن حنبل من سحر إلى سحر وحكى ابن عبد البر عن مالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي وجماعة من أهل الفقه والأثر كراهة الوصال للجميع لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجيزوه لأحد قال الخطابي الوصال من خصائص ما أبيح للنبي صلى الله عليه وسلم وهو محظور على أمته انتهى. والله أعلم.
ص: "وصفي المغنم والخمس" ش: "الخمس" معطوف على "صفي" قال ابن غازي قال الهروي إن أعطيتم الخمس وسهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي فأنتم آمنون الشعبي الصفي علق بتخييره صلى الله عليه وسلم من المغنم ومنه صفية ابن العربي من خواصه عليه الصلاة والسلام صفي المغنم والاستبداد بخمس الخمس أو الخمس ومثله لابن شاس وكأنه إشارة إلى قولين فاقتصر المصنف على الثاني ولو اقتصر على الأول: لكان أولى لأنه أشهر عند أهل السير وفي سماع أصبغ إنما والي الجيش: كرجل منهم له مثل الذي لهم وعليه مثل الذي عليهم ابن رشد لا حق للإمام من رأس الغنيمة عند مالك وجل أهل العلم والصفي مخصوص به عليه السلام بإجماع العلماء إلا أبا ثور فرآه لكل إمام وكذا لا حق للإمام في الخمس إلا الاجتهاد في قسمه لقوله عليه السلام "مالي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود عليكم" ومن أهل العلم من
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الصوم باب 48. أبو داود في كتاب الصوم باب 24. الدارمي في كتاب الصوم باب 14. أحمد في مسنده (3/8).
2 رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب 121. 149. النسائي في كتاب الفيء. الموطأ في كتاب الجهاد حديث 22. أحمد في مسنده (4/128) (5/315، 319، 326).

(5/15)


ويزوج من نفسه ومن شاء وبلفظ الهبة وزائد على أربع وبلا مهر وولي وشهود وبإحرام وبلا قسم ويحكم لنفسه وولده ويحمي له ولا يورث.
--------------------------
ذهب إلى أن الخمس مقسوم على الأصناف المذكورة بالسواء وأن سهمه عليه السلام للخليفة بعده انتهى. قال السهيلي في شرح غزوة حنين كان في الجاهلية المرباع أي ربع الغنيمة والصفي أي ما يصطفى للرئيس فنسخ المرباع بالخمس وبقي الصفي ثم قال وكان أمر الصفي أنه عليه السلام إذا غزا في الجيش: اختار من الغنيمة قبل القسم وضرب له بسهم مع المسلمين فإن قعد ولم يخرج مع الجيش: ضرب له بسهم ولم يكن صفي وذكره أبو داود وأمر الصفي بعد الرسول عليه السلام لإمام المسلمين في قول أبي ثور وخالفه جمهور الفقهاء وقالوا كان خاصا بالرسول انتهى. ص: "ويزوج من نفسه ومن شاء" ش: قال الأقفهسي يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يزوج المرأة من نفسه ومن شاء بغير إذنها ولا إذن وليها ومن نفسه يتولى الطرفين انتهى. وقال الشارح بهرام أي ومما يباح له عليه السلام أن يتزوج من نفسه من شاء نكاحها انتهى. وقوله "ويزوج من نفسه" وهو تكرار مع قوله بعد "بلا مهر وولي وشهود" فتأمله والله أعلم. ص: "بلا مهر" ش: تصوره واضح وخص أيضا عند مالك بجواز جعل عتق الأمة صداقها خلافا للشافعي والله أعلم. ص: "ويحمي له" ش: قال ابن غازي هذا من زياداته على ابن العربي وابن شاس وقد ثبت أنه عليه السلام حمى النقيع بالنون وقال "لا حمى إلا لله ورسوله" فلعل القائل بالاختصاص حمله على ظاهره وهو خلاف ما فسره به الباجي إذ قال يريد أنه ليس لأحد أن ينفرد عن المسلمين بمنفعة تخصه وإنما الحمى لحق الله ولرسوله أو من يقوم مقامه من خليفته وذلك إنما هو في سبيل الله والنظر في دين نبيه ذكره في جامع الموطأ عند قول عمر رضي الله عنه والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل في سبيل الله ما حميت عليهم في بلادهم شبرا ص: "ولا يورث" ش: قال ابن غازي قال ابن العربي وإنما ذكرناه في قسم التحليل لأن الرجل إذا قارب الموت بالمرض لم يبق له إلا الثلث

(5/16)


----------------------------
ونفى ملكه صلى الله عليه وسلم بعد موته على ما تقرر في آية المواريث انتهى. قلت: ويباح له أن يوصي بجميع ماله وينفذ وإن بهبة جميعه قال الأقفهسي اختلف هل ما تركه باق على ملكه ينفق على أهله منه كحياته أو سبيله سبيل الصدقات فالصواب أنه صدقة لقوله عليه الصلاة والسلام "ما تركناه صدقة" انتهى. وتقدم عند قول المصنف "ومدخولته لغيره عن المشاور" ما يخالف ما صوبه فتأمله والله أعلم.
فائدة: قال في أول كتاب الفرائض من الذخيرة الأنبياء لا يورثون خلافا للرافضة ورأيت كلاما للعلماء يدل بظاهره على أنهم لا يرثون أيضا والحكمة في كونهم لا يورثون خشية أن يتمنى وارثهم موتهم فيكفر فإن من تمنى موت النبي صلى الله عليه وسلم كفر وفي كونهم لا يرثون على قول من قال به خشية أن يتوهم الموروث أنهم يحبون موته فيبغضهم لذلك والله أعلم.
تنبيهان: الأول: قال ابن غازي ليس كل ما ذكر هنا مشهورا بل فيه أشياء ما قال بها إلا من شذ كوجوب الضحى واستبداده بجميع الخمس انتهى. قلت: فيه نظر لأنه قد قال به جماعة فليتأمل والله أعلم.
الثاني: قال ابن غازي أيضا ليس ما قيل باختصاصه به عليه الصلاة والسلام محصورا فيما ذكر ففي مسلم عن سفيان أن نومه صلى الله عليه وسلم لا يوجب وضوءا وفي رسم قطع الشجرة من الجامع وفي القبس أيضا أنه عليه الصلاة والسلام يحكم وهو غضبان بخلاف غيره ودليله ما رويناه في صحيح البخاري أنه حكم عليه السلام للزبير على الأنصاري الذي أحفظه أي أغضبه إذ قال إن كان ابن عمتك إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة انتهى. ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز خلوته بالأجنبية كما نقل الدماميني في حاشيته على البخاري في أول كتاب الجهاد في دخوله صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت ملحان وقال الشيخ جلال الدين في المباحات واختص صلى الله عليه وسلم بإباحة النظر للأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن وإباحة المكث في المسجد جنبا والعبور فيه عند المالكية وأنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم ولا باللمس في أحد الوجهين وهو الأصح وبجواز صلاة الوتر على الراحلة مع وجوبه عليه ذكره في شرح المهذب وقاعدا ذكره في الخادم وبجواز الصلاة على الغائب عند أبي حنيفة وعلى القبر عند المالكية انتهى.. قلت: وكذا الغائب عند المالكية وذكر ابن العربي في الأحوذي أنه قال اختص بإباحة الكلام لأمته في الصوم وكان محرما على من قبلنا عكس الصلاة وقال الأسيوطي فيما اختص به صلى الله عليه وسلم من الواجبات عليه ركعتا الفجر قال لحديث في المستدرك وغيره وغسل الجمعة ورد في حديث رواه وأربع عند الزوال ورد عن سعيد بن المسيب وبالوضوء لكل صلاة بالوضوء إذا أحدث قيل ولا يكلم أحدا ولا يرد سلاما حين يتوضأ ثم نسخ قيل:

(5/17)


---------------------------
وبالاستعاذة عند القراءة وأن يقول إذا رأى ما يعجبه لبيك إن العيش: عيش: الآخرة في وجه حكاه في الروضة وإتمام كل تطوع شرع فيه وأن يدفع بالتي هي أحسن وكلف من العمل ما كلف الناس بأجمعهم وكان مطالبا برؤية مشاهدة الحق مع معاشرة الناس بالنفس انتهى. وحرم عليه صلى الله عليه وسلم الخط وقول الشعر وتعلمه قال القرطبي وذكر النقاش: أنه صلى الله عليه وسلم ما مات حتى كتب والأول: هو المشهور انتهى. وقد تكلم على ذلك الدماميني في كتاب الصلح من حاشية البخاري والله أعلم. وقال في الشفاء في فصل عصمة الأنبياء قبل النبوة والصحيح أنه لم يكن لنبي دعوة عامة إلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى.

(5/18)


باب في النكاح
فصل
...
باب في النكاح
ندب لمحتاج ذي أهبة نكاح بكر
---------------------------
فصل
ص:"ندب لمحتاج ذي أهبة نكاح بكر" ش: النكاح حقيقة التداخل ويطلق في الشرع على العقد والوطء وأكثر استعماله في العقد والصحيح أنه لا يطلق على الصداق وقيل ورد بمعنى الصداق في قوله {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً} ابن راشد ولا خلاف أنه حقيقة في الوطء عند أهل اللغة وأما إطلاقه على العقد فقيل حقيقة والصحيح أنه مجاز وعليه فقيل مجاز مساو وقيل راجح وهو الصحيح انتهى. بالمعنى من التوضيح ويقال كل نكاح في كتاب الله فالمراد به العقد إلا قوله {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} قال في الذخيرة وكأنه يريد المتفق عليه وإلا فقيل في قوله تعالى {الزَّانِي لا

(5/18)


----------------------------
يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} المراد الوطء وكما قاله في التوضيح وقال ابن عرفة النكاح عقد على مجرد متعة التلذذ بآدمية غير موجب قيمتها ببينة قبله غير عالم عاقده حرمتها إن حرمها الكتاب على المشهور أو الإجماع على الآخر فيخرج عقد تحليل الأمة وإن وقع ببينة ويدخل نكاح الخصي والطاريين لأنه ببينة صدقا فيها ولا يبطل عكسه نكاح من ادعاه بعد ثبوت وطئه بشاهد واحد أو فشو بنائه باسم النكاح لقول ابن رشد عدم حده للشبهة لا لثبوت نكاحه انتهى. والمحتاج إلى النكاح هو الذي تتوق نفسه إليه وإن عدم آلته كالخصي والأهبة العدة والمؤنة والمراد بها هنا مؤن النكاح من مهر وغيره وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" 1 فقوله "من استطاع منكم الباءة" يريد المال الموصل للوطء وليس المراد الوطء وإلا لفسد قوله "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" والباءة بالباء الموحدة والمد والهمزة وآخره تاء تأنيث هو النكاح والمراد به مؤن النكاح فهي على حذف مضاف قال القاضي عياض في المشارق قوله "عليكم بالباءة" ممدود مهموز آخره تاء ويقال له بالمد وبغير مد ويقال له أيضا الباه بالقصر والمد والباهة بتاء بعد الهاء هو النكاح ويسمى به الجماع وأصله أن من تزوج تبوأ لنفسه وزوجه بيتا فعلى هذا أصله من الواو لا من المهموز الأصلي انتهى. وقوله "وجاه" بكسر الواو والمد قال في المشارق وهو نوع من الخصاء قيل هو رض الأنثيين وقيل هو غمز عروقهما والخصاء هو شق الخصيتين واستئصالهما والجب قطع ذلك بشفرة محماة من أصله شبه ما يقطع الصوم من النكاح ويكسر من غلمته بذلك إذا صنع بالفحل انقطع ذلك عنه انتهى. واعلم أن الصوم يقطع النكاح لإضعافه القوة وتخفيفه الرطوبة التي يتولد منها المني وقد يزيد في النكاح في حق المرطوبين فيقربون به من الاعتدال فيقوي عندهم بالصوم لكنه قليل في الناس قاله في الذخيرة ولم يذكر المصنف إلا القسم المندوب وقيده بأن يكون محتاجا للنكاح ذا أهبة ولا بد أن يقيد أيضا بأن لا يخشى العنت قال اللخمي وإن كان له أرب في النساء إلا أنه يقدر على التعفف أو كان لا أرب له ويصح منه النسل كان مندوبا انتهى. قال في الشامل تعين لخوف عنت وعدم إمكان تسر نكاح لم يكفه صوم وخير فيه وفي تسر قدر عليه فإن كفه الصوم خير فيه وفي أحد الثلاثة والنكاح أولى انتهى. قال اللخمي وقد يبدأ بالصوم على النكاح إذا كان لا يقدر على التسري ولا يجد طولا لنكاح الحرة لأن في تزويجه الأمة إرقاق ولده انتهى. فإن كان لا يقدر على نكاح الأمة أيضا فيتعين عليه الصوم لأنه سيأتي أنه
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الصوم باب 10. كتاب النكاح باب 2، 3. مسلم في كتاب النكاح حديث 1. النسائي في كتاب الصيام باب 43. ابن ماجه في كتاب النكاح باب 1. الدارمي في كتاب النكاح باب 2. أحمد في مسنده (1/57، 378، 424، 425، 432).

(5/19)


---------------------------
يمنع إذا لم يقدر على نفقة المرأة ثم قال في الشامل وأبيح لمن لا يولد له ولا يرغب في النساء انتهى. قال اللخمي إذا كان لا أرب له في النساء ولا يرجو نسلا لأنه حصور أو خصي ومجبوب أو شيخ فان أو عقيم قد علم ذلك من نفسه كان مباحا انتهى. ويقيد هذا بما إذا لم يقطعه عن عبادته كما سيأتي وأن تعلم المرأة منه كونه حصورا أو خصيا أو مجبوبا لأنه سيأتي أنه يحرم عليه إذا كان يضر بالمرأة لعدم الوطء وأما العقم فالظاهر أنه لا يجب إخبارها به لأنه ليس بعيب يوجب الخيار ولأنه لا يقطع به فلعله يولد له من هذه وإن لم يولد له من غيرها والله أعلم. ثم قال في الشامل وكره لمن لا يشتهيه ويقطعه عن عبادته انتهى. من ابن عرفة عن المازري فإن لم يقطعه فعد يقال يندب إليه وقد يقال يباح انتهى. والظاهر أنه يفصل فيه على ما تقدم فإن كان يرجى النسل كان مندوبا وإن لم يرجه كان مباحا على ما تقدم ثم قال في الشامل بعد ذكره هذه الأقسام وكذلك المرأة إلا في التسري انتهى. وقال ابن عرفة قلت: ويوجب النكاح على المرأة عجزها عن قوتها أو سترتها إلا بالنكاح انتهى. ثم قال في الشامل ومنع لمضر بالمرأة لعدم نفقة أو وطء أو كسب محرم ولم يخش: عنتا انتهى. ومفهومه أنه لو خشي العنت أنه يتزوج ولو كان عادما للنفقة ونحوها والظاهر أنه يجب عليه أن يبين لها ذلك والله أعلم.
تنبيه: قول المصنف "بكر" ليس قيدا في كون النكاح مستحبا بل هو مستحب آخر فلو قال ندب نكاح وبكر لكان أوضح ولهذا قال ابن غازي في بعض النسخ نكاح وبكر تصريحا بأنهما مندوبان وهو المقصود على كل حال قال في العارضة ولو لم يكن في البكر إلا أنه كلما فعلته ترى أنه المقصود المحبب فإذا كانت ثيبا قرنت فعلك مع ما تقدم معها من فعل غيرك وفاضلت بينكما فرفضتك لو علمتك إلى غير ذلك مما المطلوب انتهى. ويستحب نكاح الولود للحديث قال في النوادر ورغب صلى الله عليه وسلم في نكاح الولود وقالت عائشة بنت الخمسين لا تلد وقال عمر بنت عشر سنين تسر الناظرين وبنت عشرين لذة للمعانقين وبنت ثلاثين ذات شحم ولين وبنت أربعين ذات بنات وبنين وبنت خمسين عجوز في الغابرين انتهى. وقال في رسم الجامع من سماع أصبغ من كتاب الجامع ابن القاسم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "لا تنكح المرأة لجمالها ولا لمالها" فلعل جمالها لا يأتي بخير ولعل مالها لا يأتي بخير وعليكم بذوات الدين فاتبعوهن حيثما كن" انتهى.
فائدة قال البرزلي وفي طرر ابن عات حديث من يمن المرأة تبكيرها بالبنت ذكره خالد بن سعيد في نوادره وهو قول لمحمد بن لبابة وكان من أهل الحديث والمعرفة بطرقه وبالرجال أو حد في ذلك الفن لا نظير له قلت: تقدم لنا أن فيها معنى الفرج بعد الشدة كما في تأويل الرؤيا وفيه دليل على غبطة المرأة بزوجها ومحبتها له والله أعلم. انتهى.

(5/20)


ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم
----------------------
ص:"ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم" ش: ويكره له أن ينظر إليها بغير علمها عند ابن القاسم قاله في رسم طلق من سماعه من كتاب النكاح وقال في التوضيح فإن لم تعلم كره في رواية ابن القاسم أن يستغفلها وروى محمد بن يحيى لا بأس أن ينظر إليها وعليها ثيابها قال في البيان يحتمل أن يكون متغفلا لها أو بعد إعلامها انتهى. وانظر الكراهة هل هي على بابها أو على التحريم وقع في عبارة بعضهم ما يقتضي المنع وفي عبارة بعضهم ما يقتضي أن الكراهة على بابها قال الشيخ زروق في شرح الرسالة مشهور المذهب لا يجوز النظر إليها إلا بعد إعلامها به لا غفلة انتهى. فظاهره المنع وقال القباب في مختصر أحكام النصر لابن القطان مذهب مالك الجواز إذا كان بإذنها ثم قال مسألة: لا يحتاج في نظره إليها بعد عزمه إلى نكاحها وخطبته لها إلى استئذانها وأباح مالك ذلك وكره مالك أن يغفلها من كوة ونحوها وذكر بعضهم أنه يشترط عند مالك إذنها ولعله لسد الذريعة مخافة أن يتسبب أهل الفساد بالنظر فإذا اطلع عليهم يقولون كنا خطابا وأباح الشافعي وابن وهب النظر من غير شرط انتهى. فظاهره أن الكراهة على بابها لمقابلة الكراهة بما ذكره بعضهم من الاشتراط وأكثر عباراتهم الكراهة أو يقولون لا يغتفلها أو نحو ذلك مما لا دلالة فيه على المنع وكلام ابن رشد في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح يدل على أن الكراهة على بابها وكذلك كلام صاحب الإكمال وغيرهما وما وقع في عبارة بعضهم مما يقتضي المنع فليس بظاهر والظاهر أن الكراهة على بابها والله أعلم. وقال ابن رشد أجاز ذلك ابن وهب ولم ير به بأسا للآثار المروية فيه وقيل لأصبغ بلغنا أن ابن وهب روى عن مالك إجازته فقال لم يكن ابن وهب يرويه وإنما كان يقوله برأيه
فرع: قال ابن القطان في أحكام النظر فإن علم الخاطب أنها لا تجيبه هي أو وليها لم يجز له النظر وإن كان قد خطب انتهى.

(5/21)


--------------------------
فرع: قال ابن القطان وللرجل أن يبعث امرأة تنظر له وروي أنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم تنظر إلى امرأة وقال لها "شمي عوارضها وانظري إلى عرقوبها" انتهى. فلو بعث خاطبا فقال البرزلي انظر هل يفوض إليه في النظر إليها على حسب ما كان له وينزل منزلته أم لا يصح ذلك إلا للناكح فقط وقد نزلت وتكلمنا فيها هل يتنزل الوكيل منزلة الموكل على ما تقرر في الأصول أم لا لأن هذا مما لا يصح فيه النيابة والظاهر الجواز ما لم يخف عليه مفسدة من النظر إليها وهذا إذا لم يخطب إلا لمن بعثه وإن خطب لنفسه معه فجائز كما فعل عمر انتهى.
فرع: قال ابن القطان ولها أن تتزين للناظرين بل لو قيل بأنه مندوب ما كان يعيدا ولو قيل إنه يجوز لها التعرض لمن يخطبها إذا سلمت نيتها في قصد النكاح لم يبعد انتهى.
فرع: هل يستحب للمرأة نظر الرجل لم أر فيه نصا للمالكية والظاهر استحبابه وفاقا للشافعية قالوا يستحب لها أيضا أن تنظر إلى وجهه وكفيه وقد قال ابن القطان إذا خطب الرجل امرأة هل يجوز له أن يقصدها متعرضا لها بمحاسنه التي لا يجوز إبداؤها إليها إذا لم تكن مخطوبة ويتصنع بلبسه وسواكه ومكحلته وخضابه ومشيه وركبته أم لا يجوز له إلا ما كان جائزا لكل امرأة هو موضع نظر والظاهر جوازه ولم يتحقق في المنع إجماع أما إذا لم يكن خطب ولكنه يتعرض لنفسه ذلك التعرض للنساء فلا يجوز لأنه تعرض للفتن وتعريض لها ولولا الظاهر ما أمكن أن يقال ذلك في المرأة التي لم تخطب على أنا لم نجزم فيه بالجواز انتهى. من مختصر أحكام النظر للقباب
فرع: قال في التوضيح يجوز النظر للشابة الأجنبية الحرة في ثلاثة مواضع للشاهد وللطبيب ونحوه وللخاطب وروي عن مالك عدم جوازه للخاطب ولا يجوز لتعلم علم ولا غيره انتهى. زاد الأقفهسي في المواضع التي يجوز النظر فيها البيع والشراء انتهى. ومقتضى كلام القباب في مختصر أحكام النظر لابن القطان أنه لا يجوز النظر إليهن للبيع والشراء فإنه قال مسألة:: ليس من الضرورات احتياجها إلى أن تبيع وتبتاع أو تتصنع وقد روي عن مالك أرى أن يتقدم إلى الصناع في قعود النساء إليهم ولا تترك الشابة تجلس إلى الصناع وأما المتجالة والخادم الدون ومن لا يتهم على القعود عنده ومن لا يتهم فلا بأس بذلك وهو كله صواب فإن أكثر هذه ليست بضرورة تبيح التكشف فقد تصنع وتستصنع وتبيع وتشتري وهي مستترة ولا يمنعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كن معتدات وإلى المسجد وإنما يمنعن من التبرج والتكشف والتطيب للخروج والتزين بل يخرجن وهن منتقبات ولا يخفقن في المشي في الطرقات بل يلصقن بالجدرات انتهى. من مختصر أحكام النظر
تنبيه: من أبيح له النظر فلا يجوز له قصد اللذة وكذلك النظر إلى الأمرد لا يجوز فيه

(5/22)


وحل لهما حتى نظر الفرج كالملك
-----------------------
قصد اللذة والله أعلم. ص: "وحل لهما حتى نظر الفرج" ش: قال البساطي في كلامه ما يشعر بأنه يجوز نظر الدبر وفيه نظر انتهى. وقال الأقفهسي: المراد بالفرج القبل لا الدبر لأنه لا يجوز التمتع به فلا يجوز النظر إليه والفرج حيث أطلقته العرب فلا يريدون به إلا القبل انتهى. وقال البرزلي بعد ذكره تحريم الوطء في الدبر وأما التمتع بظاهر ذلك المحل فقد فاوضت فيه بعض أصحابنا لا شيوخنا لعدم المجاسرة عليه في مثل هذا فأجاب بإباحته ولم يبدله وجها ووجهه عندي أنه كسائر جسد المرأة وجميعه مباح إذا لم يرد ما يخص بعضه عن بعض بخلاف باطنه والأمر عندي فيه اشتباه فإن تركه فهو خير وإلا فلا حرج لعسر الاحتراز منه والله أعلم. انتهى. فتأمله مع كلام البساطي والأقفهسي وما قاله أظهر من كلام البساطي والأقفهسي وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب النكاح والملك المبيح للوطء يحل كل استمتاع من الزوجة والأمة في كل موضع منها إلا الدبر يعني الوطء في الدبر انتهى. وهو مما يساعده ما ذكره البرزلي قلت: وهذا كله والله أعلم. إنما هو في الدبر نفسه وأما الإليتان فلا كلام في جواز النظر إليهما والاستمتاع بهما ويدل لذلك إباحة وطء المرأة مقبلة ومدبرة إذا كان الوطء في القبل وهذا ظاهر والله أعلم.
فرع: قال القباب في باب نظر النساء إلى الرجال مسألة: نظر المرأة إلى الزوج أو إلى السيد كنظرهما إليها في جميع ما تقدم سواء ولا فرق إلا في نظرها إلى فرجه فإنه لم يرد فيه من النهي ما ورد في نظره هو إلى فرجها انتهى.
فائدة قال أصبغ من كره النظر إلى الفرج إنما كره بالطب لا بالعلم ولا بأس به وليس بمكروه قال القباب في باب نظر الرجال إلى النساء مسألة: إذا كانت المرأة يحل للرجل وطؤها فلا كلام إلا في نظره إلى فرجها فإنه موضع خلاف أجازته المالكية وقيل لأصبغ إن قوما يذكرون كراهته فقال من كرهه إنما كرهه بالطب لا بالعلم ولا بأس به وليس بمكروه وقد روي عن مالك أنه قال لا بأس أن ينظر إلى الفرج في حال الجماع وزاد في رواية ويلحسه بلسانه وهو مبالغة في الإباحة وليس كذلك على ظاهره قال القاضي أبو الوليد بن رشد أكثر العوام يعتقدون أنه لا يجوز أن ينظر الرجل إلى فرج امرأته في حال من الأحوال ولقد سألني

(5/23)


وتمتع بغير دبر
---------
عن ذلك بعضهم واستغرب أن يكون ذلك جائزا ومثل ذلك مذهب الحنفية وللشافعية قولان الإباحة والمنع والنظر عندهم إلى داخل أشد قاله الغزالي وأعرف لأبي إسحاق منهم أنه قال يكره النظر إليه لأنه سخف ودناءة ولا يحرم وجاء في حديث النهي عنه وأنه يورث العمى فإن صح الخبر لزمه الانتهاء ولكن الحديث منكر انتهى. والمسألة: في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح بأبسط من هذا ونصها قال أصبغ وسمعت ابن القاسم وسئل أيكلم الرجل امرأته وهو يطؤها قال نعم ويفديها لا بأس بذلك إجارة منه قال أصبغ قال ابن القاسم حدثنا الدراوردي عمن حدثه عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن النخير عند ذلك فقال إذا خلوتم فاصنعوا ما شئتم فسئل أصبغ أينظر الرجل إلى فرج امرأته عند الوطء قال نعم لا بأس بذلك فقيل له إن قوما يذكرون كراهته فقال من كرهه إنما كرهه بالطب ليس بالعلم لا بأس به وليس بمكروه قال ابن رشد في أصل السماع ثم السؤال عن نظر الرجل إلى فرج امرأته عند الوطء قال نعم ويلحسه فطرح العتبي لفظه "ويلحسه" لأنه استقبحه وفي كتاب ابن المواز ويلحسه بلسانه وهو أقبح إلا أن العلماء يستجيزون مثل هذا إرادة البيان ولئلا يحرم ما ليس بحرام فإن كثيرا من العوام يعتقدون أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى فرج امرأته في حال من الأحوال وقد سألني عن ذلك بعضهم فاستغرب أن يكون ذلك جائزا وكذا يكلم الرجل امرأته عند الوطء لا إشكال في جوازه ولا وجه لكراهته وأما النخير عند ذلك فقبيح ليس من أفعال الناس وترخيص القاسم بن محمد في ذلك لمن سأله عنه على معنى أن ذلك ليس بحرام والله أعلم. ص: "وتمتع بغير دبر" ش: تصوره ظاهر وانظر هل يجوز له أن يستمني بيدها قال ابن غازي لم نقف على نص في المذهب ونص على جواره في الإحياء انتهى. ذكره في باب الحيض وإطلاقات المذهب والأحاديث تقتضي جواز ذلك والله أعلم. وأما الوطء في الدبر المشهور ما ذكره المصنف أنه لا يجوز والقول بالجواز منسوب لمالك في كتاب السر وموجود له في اختصار المبسوط قاله ابن عبد السلام قال قال مالك إنه أحل من شرب الماء البارد أما كتاب السر فمنكر قال ابن فرحون وقفت عليه فيه من الغض من الصحابة والقدح في دينهم خصوصا عثمان رضي الله تعالى عنه ومن الحط على العلماء والقدح فيهم ونسبتهم إلى قلة الدين مع إجماع أهل العلم على فضلهم خصوصا أشهب ما لا أستبيح ذكره وورع مالك ودينه ينافي ما اشتمل عليه كتاب السر وهو جزء

(5/24)


وخطبته بخطبة وعقد وتقليلها وإعلانه
-------------------------
لطيف نحو ثلاثين ورقة انتهى. وقال ابن عرفة سمع عيسى ابن القاسم ما أدركت من يقتدي به يشك فيه حدثني ربيعة عن سعيد بن يسار عن ابن عمر لا بأس به وأباحه ابن القاسم قائلا لا آمر به ولا أحب أن لي ملء المسجد الأعظم وأفعله وكل من استشارني فيه آمره بتركه انتهى. وقال البرزلي لقي أشهب من أهل العراق ممن يقول بتحريمه يعني الوطء في الدبر فتكلم فيه فقال أشهب بتحليله وقال الرجل بتحريمه فتحاجا حتى قطعه أشهب بالحجة فقال له أشهب أما أنا فعلي من الأيمان كذا وكذا إن فعلته قط فاحلف لي أنت أيضا أنك لم تفعله فأبى أن يحلف ثم قال البرزلي والرواية أن من فعله فإنه يؤدب وهو بناء وعلى أنه مكروه أو مباح فلا يؤدب إذ ليس بمجمع على كراهته انتهى. ص: "وخطبة بخطبة وعقد" ش: الخطبة بكسر الخاء قال في التوضيح عبارة عن استدعاء النكاح وما يجري من المجاورة انتهى. وقال القرطبي الخطبة بكسر الخاء فعل الخطب من كلام وقصد واستلطاف بفعل أو قول انتهى. والخطبة بالضم واحدة الخطب وهي مشروعة في الخطبة وفي العقد قال مالك ما قل منها أفضل قال في التوضيح قال بعض الأكابر أقلها أن يقول الولي الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله زوجتك على كذا ويقول الزوج الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله قبلت نكاحها وفي الذخيرة قال صاحب المنتقى تستحب الخطبة بالضم عند الخطبة بالكسر وصفتها أن يحمد الله ويثني على نبيه عليه السلام ثم يقول ما رواه الترمذي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} الآية ثم يقول أما بعد فإن فلانا وانطوى إليكم وفرض لكم الصداق كذا وكذا فانكحوه وفي الجواهر يستحب أيضا عند العقد انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد وتستحب الخطبة بالضم التي هي الثناء على الله والصلاة على نبيه وقراءة آية مناسبة عند الخطبة بالكسر قال مالك وما خف منها أحسن انتهى. فتحصل من هذا أن الخطبة بضم الخاء تستحب من الخاطب ومن المجيب له قبل إجابته ومن الزوج ومن المتزوج وحكى ابن عرفة في استحباب خطبة المجيب في الخطبة قولين أحدهما عدم استحبابها والثاني استحبابها وعزا الأول: لظاهر قول محمد والثاني لابن حبيب وهو الذي

(5/25)


وتهنئته والدعاء له
--------------------
تقدم في كلام التوضيح المتقدم واقتصر عليه في المقدمات قال ويستحب إخفاء خطبة النكاح وأن يبدأ الخاطب قبل الخطبة بالحمد لله والصلاة والسلام على نبيه عليه الصلاة والسلام ويجيبه المخطوب بمثل ذلك قبل الإجابة انتهى. وصرح الفاكهاني في أول شرح الأربعين بأنه يستحب البداءة بالحمد لله للخاطب والمتزوج والمزوج والله أعلم.
فروع الأول: قال في الطراز قال أبو عبيد تستحب الخطبة يوم الجمعة بعد العصر وذلك لقربه من الليل وسكون الناس فيه والهدوء فيه ويكره في صدر النهار لما فيه من التفرق والانتشار
الثاني: يستحب عقده في شوال والابتناء بها فيه لأن عائشة حكت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بها في شوال وبنى بها فيه وقد حكى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب النكاح في رمضان والأول: أصح انتهى. من الطراز ولم يحك في مختصر المتيطية إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يستحب النكاح في رمضان وفيه تزوج عائشة والله أعلم.
الثالث: قال في التوضيح ويستحب إعلان النكاح وإشهاره وإطعام الطعام عليه روى الترمذي والنسائي عنه عليه الصلاة والسلام قال "أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف" 1 وروي أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال "فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت" 2 انتهى. قول صاحب التوضيح وقال الجزولي في شرح الرسالة وشاهدين ومن فضائله الإعلان لأنه روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بدار فسمع لعبا فقال ما هذا فقيل له الوليمة فقال هذا نكاح ولي بسفاح اعقدوه في المساجد واضربوا فيه بالدف انتهى. فأما استحباب إعلانه فتقدم التصريح به في كلام التوضيح وهو معنى قول الجزولي وفضائله ونص على استحبابه غير واحد من أهل المذهب وأما العقد في المسجد فعده المصنف وغيره من الجائزات فقال في باب موات الأرض وجاز بمسجد سكنى رجل تجرد للعبادة وعقد نكاح ولم أر الآن من صرح باستحباب العقد فيه من أهل المذهب والله أعلم.
الرابع: قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد ويستحب كتمان الأمر إلى العقد انتهى. وتقدم عن المقدمات نحوه والله أعلم. ص: "وتهنئته والدعاء له" ش: قال في النوادر قال ابن حبيب واستحبوا تهنئة الناكح والدعاء له وكان مما يقال له بالرفاء والبنين بارك الله له ولا
ـــــــ
1 رواه ابن ماجة في كتاب النكاح باب 6.
2 رواه الترمذي في كتاب النكاح باب 6. النسائي في كتاب النكاح باب 72. ابن ماجة في كتاب النكاح باب 20. أحمد في مسنده (3/418).

(5/26)


وإشهاده عدلين غير الولي بعقده
----------------------
بأس بالزيادة على هذا من ذكر السعادة وما أحب من خير قال والرفاء الملاءمة يقال رفأت الثوب لاءمت بين حرفيه انتهى. وذكر النووي في الأذكار أنه يكره أن يقال بالرفاء والبنين ولم أر كراهته لأحد من المالكية والرفاء بكسر الراء والمد الالتئام والاتفاق وهمزته أصلية قال ابن السكيت إن كان معناه السكون الهمزة من قولهم رفوت الرجل إذا سكنته انتهى. من الشمني على حاشية المغني ونص ابن السكيت وقد رفأت الثوب أرفؤه رفأ وقولهم بالرفاء والبنين بالالتئام والاجتماع وأصله الهمزة وإن شئت كان معناه بالسكون والطمأنينة فيكون الهمزة ويقال رفوت الرجل إذا سكنته قال الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لم ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
تنبيه: قال في الشامل: وتهنئة عروس عند عقد ودخول انتهى. والعروس نعت يستوي فيه الرجل والمرأة قاله في الصحاح وكذا قاله في الكبير ويقال لكل من الزوجين بارك الله لكل منكما في صاحبه انتهى.
فرع: قال في النوادر وقال ابن حبيب وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ابتنى بزوجته أن يأمرها أن تصلي خلفه ركعتين ثم يأخذ بناصيتها ويدعو بالبركة انتهى. وقال في الأذكار للنووي يستحب أن يسمي الله ويأخذ بناصيتها ويقول بارك الله لكل واحد منافي صاحبه ويقول ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه" انتهى. ص: "وإشهاد عدلين غير الولي" ش: ظاهره اشتراط العدالة عند تحمل الشهادة في النكاح وهو المذهب العدول فيه كالعدم قال في المدونة وإن نكح مسلم ذمية بشهادة ذميين لم يجز فإن لم يدخلا أشهدا الآن عدلين مسلمين انتهى. قال أبو الحسن ويفرق بينهما بعد الدخول بطلقة ويحد على ما تقدم إن ثبت الوطء انتهى. وقال القرطبي في أوائل شرح مسلم فأتى الآية أعني قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} الآية أن الفاسق لا يقبل خبره رواية كان أو شهادة وهو مجمع عليه المتأول ما خلا ما حكي عن أبي حنيفة من حكمه بصحة عقد النكاح الواقع بشهادة فاسقين انتهى. فعزاه لأبي حنيفة وفي القوانين ويشترط عدالة الشاهدين فيه خلافا

(5/27)


---------------------------------
لأبي حنيفة انتهى. وفي البخاري في كتاب الشهادات ما يقتضي الرد على أبي حنيفة في قوله يجوز النكاح العدول وفي مسائل الطلاق من البرزلي وسئل السيوري فيمن طلقت ثلاثا وتزوجها آخر ببينة غير عدول ودخل بها وأقام شهورا قليلة ثم طلقها وتزوجها الأول: فأجاب لا تبقى مع زوجها ولا تحل له بهذا النكاح إذا كانا غير عدلين ولو حضر جماعة كثيرة عقد النكاح فقد أجيب عنه في هذا قال الشيخ يوسف بن عمر في شرح قول الرسالة وشاهدين وشرطهما أن يكونا عدلين فإن لم يجدوا العدول وإلا استكثروا الشهود مثل الثلاثين والأربعين انتهى.
تنبيهات: الأول: قال البرزلي في مسائل النكاح عن السيوري لا يشهد في النكاح إلا العدول في الوكالة يعني في توكيل المرأة الثيب من يعقد نكاحها وفي العقد غير أنه إن ترك ما ذكر يعني من شهادة غير العدول عليها في الوكالة على العقد وعلم منها الرضا والدخول بعد علمها مضى النكاح انتهى. وقال الدماميني في كتاب الشهادات من حاشية البخاري قال ابن المنير ونحن نشترط في جواز الدخول تقدم الأشهاد قبل النكاح ولو دخل قبل أن يشهد حد ولا بد من الفسخ وفيه أنه نكاح السر ثم إنا نجوز شهادة المستأمر على إذن المرأة وهو ركن في العقد للضرورة
الثاني: قال البرزلي: وفي الطراز شهادة الخاطبين لا تجوز لأنهما خصمان وقيل إنما ذلك إذا أخذا على ذلك أجرا فإن لم يأخذا أجرا جازت شهادتهما لأنهما لا يجران لأنفسهما شيئا وكانت الفتيا تجري على هذا وقال ابن رشد شهادة الشاهد في عقد النكاح الذي كان خاطبا فيه جائزة إذ ليس فيه وجه من أوجه التهمة القادحة في الشهادات وأعرف لابن رشد في نوازله أن شهادة المشرف لمن له الإشراف عليه جائزة إذ ليس بيده قبض ولغيره أنها كمال لأن له مطلق النظر انتهى.
الثالث: قال البرزلي سئل اللخمي عمن زوج أخته البكر بإذن وصيها هل يتم النكاح بشهادة الوصي لعدالته فأجاب لا يجوز شهادة الوصي في النكاح إذ هو المنكح انتهى.
الرابع: قال الشيخ يوسف بن عمر وأجرة كاتب الوثيقة على من جرب العادة بها من الزوج والولي فإن لم يكن هناك عادة فعليهما معا لأن ذلك حق لهما ولا تجوز الأجرة على الشهادة باتفاق ولكن جرى العمل بذلك قال بعض الشيوخ ولا أدري من أين أخذوا ذلك وقد كان قبل هذا الزمان لكاتب الوثيقة معلوم والشاهد معلوم ولا يعمل إلا وضع شهادته ولا يأخذ شيئا انتهى. وقال الجزولي في شرح قول الرسالة فإن لم يشهد يؤخذ منه أن أجرة الوثيقة عليهما معا وهذا إذا لم يكن هناك عرف وأما إذا كان هناك عرف فيقضي به قال صاحب المنهاج وأما الأجرة على الشهادة فلا تجوز من غير خلاف ويا عجبا لمن يفعل ذلك من أين له

(5/28)


وفسخ إن دخلا بلا هو
--------------------------
في ذلك كتاب أو سنة انتهى. ص: "وفسخ إن دخل بلا هو" ش: مفهوم الشرط إن دخلا بعد الإشهاد لا يفسخ ولو كان الإشهاد بعد العقد وهو كذلك إلا أن يكون قصد إلى الاستسرار بالعقد فلا يصح أن يثبتا عليه قال في المقدمات الإشهاد إنما يجب عند الدخول وليس من شروط صحة العقد فإن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح ويشهدان فيما يستقبل إلا أن يكونا قصدا إلى الاستسرار بالعقد فلا يصح أن يثبتا عليه لنهيه عليه السلام عن نكاح السر ويؤمر أن يطلقها طلقة ثم يستأنف العقد فإن دخلا في الوجهين جميعا فرق بينهما وإن طال الزمان بطلقة لإقرارهما بالنكاح وحدا إن أقرا بالوطء إلا أن يكون الدخول فاشيا أو يكون على العقد شاهد واحد فيدرأ الحد بالشبهة انتهى. ومراده والله أعلم. بالوجهين النكاح على وجه الاستسرار وعدمه وقول ابن رشد "لإقرارهما بالنكاح" تعليل لكونه يفرق بينهما بطلقة وتكون بائنة كما قال ابن الحاجب قال في التوضيح لأنه من الطلاق الحكمي وقاعدة المذهب أن كل طلاق يوقعه الحاكم فهو بائن إلا طلاق المولى والمعسر بالنفقة انتهى.
تنبيهات: الأول: قال ابن عرفة ولا يعقد إلا بعد الاستبراء ويحدان إن أقرا بالوطء إلا أن يكونا مستفتيين أو فشا نكاحهما ثم ذكر بقية الكلام على الفشو وعدمه وقال في اللباب والشاهد الواحد لهما بالنكاح أو بابتنائهما باسم النكاح وذكره واشتهاره كالأمر الفاشي انتهى. والله أعلم.
الثاني: شهادة الولي لا تدرأ الحد ولو كان غير عاقد قال في المدونة إن وجد رجل وامرأة في بيت فشهد أبوها أو أخوها بعقدها لم يجز نكاحه ويعاقبان قال أبو الحسن وفي كتاب الحدود في القذف وإن ثبت الوطء حدا انتهى.
الثالث: علم من هذا أنه لم يثبت الوطء لا بالإقرار ولا بالبينة ولكن حصلت الخلوة أنهما يعاقبان وكذا لو اعترف أحدهما بالوطء وأنكر الثاني فيحد المعترف ويعاقب الآخر وقال الشيخ أبو الحسن يقوم من هنا أن الهاربين يعاقبان وإن ثبت الوطء حدا ولا يرفع حكم الخلوة من يكون معهم لأنهم أشرار انتهى.
الرابع: قال في المدونة تجوز شهادة الأفذاذ في النكاح والعتاق عياض الأفذاذ المتفرقون وهو أن لا يجتمع الشهود على شهادة المتناكحين والولي إذا عقدوا النكاح وتفرقوا قال كل واحد لصاحبه أشهد من لقيت أبو الحسن فيكون على هذا شاهدان على الزوج وشاهدان

(5/29)


ولا حد إن فشا ولو علم وحرم خطبة راكنة لغير فاسق
--------------------
على الولي وشاهدان على المرأة إن كانت ثيبا انتهى. قال ابن فرحون في التبصرة عن أبي إبراهيم وفي البكر ذات الأب بأربعة شاهدان على المنكح وشاهدان على الناكح وأما إن أشهد كل منهم الشهود الذين أشهدهم صاحبه مرة بعد مرة فليست بأفذاذ انتهى. والظاهر أن البكر بلا ولي مجبر مثل الثيب والله أعلم.
فرع: قال ابن الهندي في وثائقه شهادة الأفذاذ لا تعمل شيئا إذا أشهد كل واحد منهم بغير نص ما شهد به صاحبه وإن كان معنى شهادتهم واحدا حتى يتفق شاهدان على نص واحد انتهى. وسماها ابن فرحون شهادة الأبداد قال قال القاضي منذر بن سعيد في غريب المدونة الأبداد بدالين مهملتين وهم المنفرقون واحدهم بد من التبدد لتفرق الشهود انتهى. كلامه ص: "ولا حد إن فشا ولو علم" ش: قال الأقفهسي يعني لا حد على الزوجين إن ثبت الوطء ببينة أو إقرار انتهى. ودخل في كلامه صورتان بالمنطوق وهما لفشو مع العلم والجهل ودخل فيه أيضا صورتان بمفهوم الشرط وهو كالمنطوق وهما عدم الفشو مع العلم والجهل والحد في الأولى متفق عليه وفي الثانية عند ابن الماجشون وابن حبيب قائلين الشاهد الواحد كالفشو انظر التوضيح وأما إن جاءا مستفتيين فلا حد عليهما كما تقدم في كلام ابن عرفة والله أعلم. ص: "وحرم خطبة راكنة لغير فاسق" ش: قال في التوضيح لقوله عليه السلام "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" واشتراط الركون لكونه عليه الصلاة والسلام أباح خطبة فاطمة بنت قيس لأسامة وقد كانت خطبها معاوية وأبو الجهم وأيضا فإنها لما ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن معاوية وأبا جهم خطباها ولم ينكر ذلك ومن العادة أنهما لا يخطبان دفعة دل ذلك على جواز الخطبة على الخطبة والركون ظهور الرضا انتهى. وقال الشيخ زروق الركون التفاوت بوجه يفهم منه إذ عان كل واحد لشرط صاحبه وإرادة عقده وإن لم يفرض صداق وقاله ابن القاسم انتهى. من شرح الإرشاد ومقابل المشهور لابن نافع وباشتراط تقدير الصداق وهو ظاهر الموطأ قاله في التوضيح وقوله "لغير فاسق" يقتضي أن الراكنة للفاسق يجوز لغيره أن يخطبها قال البساطي والمنقول عن ابن القاسم أنها إذا ركنت للفاسق جاز للصالح أن يخطبها وهذا أخص من كلامهم فإنه إذا كان الثاني مجهول الحال يصدق عليه كلامهم ولا يصدق عليه كلام ابن القاسم انتهى. قلت: والظاهر أنه ليس مراد ابن القاسم بالصالح من ليس بفاسق ولفظ الرواية في رسم القسمة من سماع عيسى وسئل عن الرجل الفاسق المسخوط في جميع أحواله يخطب المرأة فترضى بتزويجه ويسمون الصداق ولم

(5/30)


-------------------------------
يبق فيأتي من هو أحسن حالا منه وأرضى وسأل الخطبة فأباح له أن يخطب على الفاسق انتهى. ولا شك أن المجهول أحسن حالا ممن هو معلوم بالفسق
فروع: الأول: قال في التوضيح وللمرأة ولمن قام لها فسخ نكاح الفاسق انتهى.
الثاني: لا يجوز خطبة الذمية الراكنة لذمي على المشهور قاله الشيخ زروق في شرح الرسالة والجزولي وقال الشيخ يوسف بن عمر والأخ ليس بشرط ولا يجوز عند مالك الخطبة على خطبة الذمي وقال الأوزاعي ذلك جائز انتهى. وقال في الإكمال ما نصه وفي قوله "على خطبة أخيه" دليل أن ذلك إذا كان الأول مسلما ولا تضييق إذا كان ذلك يهوديا أو نصرانيا وهذا مذهب الأوزاعي وجمهور العلماء على خلافه انتهى. ولا يقال هو أشد من الفاسق لأن المراد بالفاسق من لم يقره الشارع على فسقه والشارع أقر الذمي على كفره وأباح له أن يتزوج من كانت على كفره والفاسق لا يقر على فسقه ولا يجوز له أن يزوج ويفسخ نكاحه والله أعلم.
الثالث: قال البساطي ركون ولي المرأة ومن يقوم مقامها من أمها وغيرها كركونها إن لم يظهر منها الرد عند وصول الخبر إليها انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد ركون المرأة أو من يقوم مقامها الخاطب مانع من خطبة غيره إياها لقوله عليه السلام "لا يخطب بعضكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب" متفق عليه انتهى. وتقييد البساطي بقوله إن لم يظهر منها الرد عند وصول الخبر إليها إنما هو الولي في غير الولي المجبر والله أعلم.
الرابع: من خطبته امرأة وركنت إليه فهل لغيره أن يخطبها للحنابلة قولان واستظهروا المنع وفي الإكمال ما يدل على الجواز قال في حديث المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رأسه فقال له رجل إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها وفي قول الرجل هذا دليل على جواز الخطبة ما لم يتراكنا لا سيما مع ما رأى من زهد النبي صلى الله عليه وسلم فيها قال الباجي فيه جواز ذلك إذا كان باستئذان الناكح إذ هو حقه عياض وعندي أن الاستدلال بهذا كله ضعيف لأنه لم يكن هناك خطبة إلا من المرأة للنبي صلى الله عليه وسلم في نفسها والرجل إنما طلب المرأة وخطبها للنبي ولم يخطبها أحد قبله حتى يقال هي خطبة على خطبة انتهى. فيؤخذ منه أن المرأة إذا خطبت رجلا أنه يجوز لغيره أن يخطبها إذا لم يقع من الأول: خطبة لها والله أعلم.
الخامس هل لمن ركنت له امرأة وانقطع عنها الخطاب لركونها إليه أن يتركها أو يكره والظاهر أنه يكره لأن العدة إنما كرهت في العدة قالوا خوف اختلاف الوعد والله أعلم.
السادس قال في التوضيح
فرع: قال مالك في سماع ابن أبي أويس أكره إذا بعث رجل رجلا يخطب امرأة أن يخطبها الرسول لنفسه وأراها خيانة ولم أر أحدا رخص في ذلك انتهى. وقال ابن عرفة

(5/31)


ولو لم يقدر صداق وفسخ إن لم يبين
-------------------
وخطبة رجل على خطبة آخر قبل مراكنة المخطوب إليه جائزة ابن رشد ولو اتخذا الخاطب بخطبته لغيره أولا ولنفسه ثانيا وفعله عمر أبو عمر عن ابن وهب طلب جرير البجلي عمر أن يخطب له امرأة من دوس ثم طلبه مروان بن الحكم بذلك لنفسه ثم ابنه عبد الله كذلك فدخل عليها عمر فأخبرها بهم الأول: فالأول: ثم خطبها لنفسه فقالت أهازيء أم جاد فقال بل جاد فنكحته وولدت له ولدين قال وفي سماع ابن أبي أويس أكره لمن بعث خاطبا أن يخطب لنفسه وأراها خيانة وما سمعت فيها رخصة
قلت: هذا إذا خص نفسه بالخطبة فعل عمر رضي الله عنه انتهى. وقال في الإرشاد يباح النظر لإرادة النكاح وخطبة جماعة امرأة قال الشيخ زروق في شرحه يعني يجوز في فور واحد ومتراسلين وقد فعله عمر إذ خطب لجماعة هو أحدهم فذكرهم وأثنى عليهم ثم ذكر نفسه فزوجوه ولم يعترض عليه واحد منهم انتهى. وقال ابن ناجي في شرح الرسالة وإذا أمر رجل رجلا أن يخطب له فأراد أن يخطب لنفسه فله ذلك ويعلمه بالباعث له أولا وفعله عمر حسبما ذكره ابن عبد البر عن ابن وهب ولولا الإطالة لذكرنا ذلك ثم ذكر كلام ابن عرفة انتهى. وقال في الجلاب ولا بأس أن يخطب جماعة امرأة مجتمعين أو مفترقين ما لم توافق واحدا منهم أو تسكن إليه فإذا وافقت واحدا منهم وسكنت إليه لم يجز لغيره أن يخطبها حتى يعدل الأول: عنها ويتركها فإن خطبها على خطبته وعقد النكاح على ذلك وثبت عليه فسخ نكاحه قبل الدخول وبعده ولها بعد الدخول المهر وعليها العدة وإن فسخ قبل الدخول فلا مهر لها ولا عدة انتهى. وقال البساطي حكم الرسول الخاطب حكم الاثنين فإذا ركنت لمرسله لم يجز له أن يخطب لنفسه وإلا جاز انتهى.
السابع: إذا وكل رجل رجلا على أن يزوجه امرأة فتزوجها الوكيل لنفسه فهي له بخلاف الوكيل على شراء سلعة فيشتريها لنفسه ففيه خلاف مذكور في كتاب الوكالة قال اللخمي لما تكلم على مسألة: الشراء ما نصه ولا يلزم على هذا النكاح إذا وكله على أن يزوجه امرأة فتزوجها لنفسه فهي زوجة للوكيل ولا مقال للآمر لأن المرأة لها غرض فيمن تتزوجه فلا يلزمها أن تكون زوجة لمن لم ترض به ولو وكل رجل على تزويج امرأة ففعل وأظهر إنه الزوج وأشهد في الباطن أن العقد للآمر لم تكن زوجة للوكيل وكانت الزوجة بالخيار بين أن ترضى أن تكون زوجة للآمر أو تفسخ النكاح انتهى. ص: "وفسخ إن لم يبن" ش: ظاهره سواء كان

(5/32)


وصريح خطبة معتدة ومواعدتها كوليها
---------------------
الثاني عالما بخطبة الأول: أو لا ولم أر من صرح به ولا بعدمه والله أعلم.
فرع: قال البساطي: والفسخ بطلاق وسواء قام الخاطب الأول: بحقه أو تركه انتهى. وهو ظاهر وقال أيضا وحيث استمر النكاح فإنه يعذر وينبغي ذلك وإن فسخ انتهى. كلامه.
تنبيه: صحح صاحب الإرشاد القول بأنه لا يفسخ ونصه: والصحيح إنه لا يفسخ لكنه يتحلل منه فإن أبى استغفر الله انتهى. واقتصر في الجلاب على أنه يفسخ قبل البناء وبعده ونصه إثر كلامه المتقدم فإن خطب على خطبته وعقد النكاح على ذلك وثبت عليه فسخ نكاحه قبل الدخول وبعده ولها بعد الدخول المهر وعليها العدة وإن فسخ قبل الدخول فلا مهر لها ولا عدة انتهى. ص: "وصريح خطبة معتدة ومواعدتها" ش: أي وحرم التصريح بخطبة المعتدة ومواعدتها سواء كانت عدتها من طلاق أو وفاة قال ابن عرفة وصريح خطبة المعتدة حرام أبو عمر إجماعا وحرم مواعدتها والتصريح التنصيص ودليل ذلك قوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} فتضمنت الآية جواز التعريض وما يضمر في النفس والمنع من المواعدة والنكاح واختلف في معنى قوله سرا فقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والشعبي والسدي وقتادة وسفيان لا يأخذ ميثاقها وفي عدتها أن لا تتزوج غيره وقيل السر الزنا اللخمي وليس بحسن لأن الزنا محرم في العدة وفي غيرها وسيأتي تفسير التعريض والمواعدة أن يعد كل منهما صاحبه بالتزويج فهي مفاعلة لا تكون إلا من اثنين فإن وعد أحدهما دون الآخر فهذه العدة وسيأتي أنها مكروهة وما ذكره من تحريم المواعدة هو ظاهر الآية وظاهر كلام اللخمي وكلام ابن رشد الكراهة قال ابن عرفة والمواعدة قال ابن رشد تكره في العدة ابتداء إجماعا ابن حبيب لا تجوز وظاهر قول اللخمي النكاح والمواعدة في العدة ممنوعان حرمتها وروايتها الكراهة انتهى. يعني إن جعل اللخمي النكاح والمواعدة ممنوعين يقتضي حرمة المواعدة في العدة ورواية المدونة الكراهة ويمكن حمل الكراهة في كلام ابن رشد على المنع ص: "كوليها" ش: ينبغي أن يقيد بالمجبر ليوافق كلامه في التوضيح وعليه اقتصر صاحب الشامل فقال ومواعدتها كوليها إن كان مجبرا وإلا كره وبذلك قطع ابن رشد

(5/33)


كمستبرأة من زنا
------------------
فقال وإن واعد وليها بغير علمها وهي مالكة أمر نفسها فهو وعدلا مواعدة فلا يفسخ به النكاح ولا يقع به تحريم إجماعا ونقل الباجي عن ابن حبيب أن مواعدة المجبر وغيره ممنوعة كظاهر كلام المصنف وهو ظاهر المدونة عند أبي الحسن وابن عرفة قال ابن عرفة الباجي عن ابن حبيب لا يجوز أن يواعد وليها دون علمها وإن كانت تملك أمرها وفي تعليقة أبي حفص مواعدة الولي الذي يكرهها في الكتاب وهو الذي يعقد عليها وإن كرهت ليس الذي لا يزوجها إلا برضاها ولابن رشد إن واعد وليها بغير علمها وهي مالكة أمر نفسها فهو وعد لا مواعدة فلا يفسخ النكاح ولا يقع به تحريم إجماعا وفيها كره مالك مواعدة الرجل الرجل في تزويج وليته أو أمته في عدة طلاق أو وفاة فظاهرها كابن حبيب انتهى. وقال الشارح في الصغير عن ابن المواز أنه قال ومواعدة الأب في ابنته البكر والسيد في أمته كمواعدة المرأة وأما ولي لا يزوج إلا بإذنها فمكروه ولم أفسخه انتهى. فحاصله أن مواعدة الولي المجبر كمواعدة المرأة وفي المجبر ثلاثة أقوال المنع للباجي عن ابن حبيب مع ظاهرها عند ابن عرفة وأبي الحسن والجواز لأبي حفص والكراهة لابن المواز مع ظاهر كلام ابن رشد والله أعلم. ص: "كمستبرأة من زنا" ش: لو قال"وإن من زنا" لكان أحسن ليشمل أنواع الاستبراء وسواء كان هو الزاني بها أو زنى بها غيره فإنه لا يجوز له أن يتزوجها حتى يستبرئها من الزنى وإن تزوج بها في مدة الاستبراء فسخ النكاح قال في النكاح الأول: من المدونة ولا بأس أن ينكح الرجل امرأة كان زنا بها بعد الاستبراء وقال في النوادر ومن زنا بامرأة ثم تزوجها قبل الاستبراء فالنكاح يفسخ أبدا وليس فيه طلاق ولا ميراث ولا عدة وفاة والولد بعد عقد النكاح لا حق فيما حملت به بعد حيضة إن أتت به لستة أشهر من يوم نكحها وما كان قبل حيضة فهو من الزنا لا يلحق به انتهى.
فرعان: الأول: هل يتأبد تحريمها عليه أما إن كانت مستبرأة من زنا غيره ففيه قولان والقول بالتأبيد لمالك وبه أخذ مطرف وجزم به في الشامل وهو الذي يؤخذ من كلام المصنف والقول بعدم التأبيد لابن القاسم وابن الماجشون وأما إن كانت مستبرأة من زنا فذكر ابن رشد في الأجوبة أنها لا تحرم ويصح نكاحها بعد الاستبراء ونقله البرزلي عنه وعن ابن الحاج ونص ما في الأجوبة وسأله رجل عن رجل وامرأة زنيا ثم إنهما تناكحا بغير استبراء من الماء الفاسد وتوالدا أولادا ثم إنهما تفرقا بطلاق وتراجعا بعد الطلاق ثم تفارقا ثانية بطلاق ثان ثم اتهما أنفسهما وأنكرا فعلهما وسألا عن ذلك أهل الفتوى فأفتوهما بفساد أفعالهما وأنها كانت على غير استقامة وإن أولادهما لغير رشدة ثم إن الرجل زوج المرأة المذكورة مات في خلال ذلك

(5/34)


----------------------------
فلم يرث الأولاد منه قليلا ولا كثيرا وأخذت تركة الميت وفرقت على المساكين فأفتنا وفقك الله في فعلهما أولا من زواجهما بعد الزنا من غير استبراء وفي طلاقهما وارتجاعهما بعد الطلاق إلى آخر ذلك من أفعالهما وفي ميراث الأولاد من الوالد هل يجب لهم ميراث أم لا يجب بين لنا ذلك كله وإن كان يجب لهم الميراث فهل يلزم المفتيين ضمان ما تصدقوا به أم لا وهذان الزوجان إذا وقع الطلاق بينهما على هذا الوجه المذكور ثلاث مرات هل يكون الحكم عليهما كالحكم على الزواج الصحيح لا يتراجعان إلا بعد زوج أم يكون الحكم بينهما واحدا بين لنا ذلك أيضا.
فأجاب: تصفحت السؤال ووقفت عليه والنكاح الأول: الذي وقع عقده عليه قبل الاستبراء من الزنا فاسد لا يلحقه فيه طلاق فتكون مفارقته إياها فيه بطلاق فسخا بغير طلاق والنكاح الثاني صحيح يلحقه فيه الطلاق فإن كان وقع قبل الدخول وجب لها نصف صداقها ولم يكن لها ميراث وإن كان وقع بعد الدخول وجب لها جميع الصداق والميراث إن كان مات قبل انقضاء العدة إلا أن يكون الطلاق الذي طلقها بائنا وأما الأولاد فلاحقون به على كل حال يجب لهم الميراث منه ويلزم من تسور عليه فتصدق به ضمانه وأما المفتون فلا ضمان عليهم إذ لم يكن منهم أكثر من الغرور بالقول وإنما الضمان على من استفتاهم وتسور على ميراثهم بفتواهم فتصدق به دون ثبت ولا أمر واجب على كل حال وبالله التوفيق انتهى. قال البرزلي بعد نقله كلام ابن رشد المتقدم يريد الشيخ النكاح الثاني صحيح إذا كان بعد مدة الاستبراء من الزنا والنكاح الفاسد لعقده يفتقر للاستبراء كالزنا وكذا ما يترتب عليه من الميراث وكذا رأيت لابن الحاج قال أجاب محمد بن أصبغ إن كانت مراجعته بعد الاستبراء بثلاث حيض فهي صحيحة وإن كانت الاستبراء فليفارق حتى يستبرئ بثلاث حيض ثم ينكحها بعد ذلك نكاحا صحيحا إن أحبا ومثله لابن الحاج وابن رشد وما أفتى به من لحوق الولد بكل حال معناه إذا أتت به لستة أشهر من يوم عقد النكاح الأول فأكثر وإن أتت به لأقل من ستة أشهر فلا يلحق به ولا ميراث لأنه للزنا إلا على طريقة الداودي إذا صانها من غيره حكاه اللخمي في أمهات الأولاد انتهى. ثم نقلها في موضع آخر بعد هذا بنحو الكراس عن ابن الحاج وقال في آخرها ويتخرج في تأبيد تحريمها عليه الخلاف المذكور إذا طرأ النكاح على الماء المجمع على فساده قبل الاستبراء انتهى.
فتحصل من هذا أنها إذا كانت مستبرأة من زناه أنها لا تحرم عليه ويصح له نكاحها بعد الاستبراء كما ذكره ابن رشد ونقله البرزلي عنه وعن ابن الحاج ولم أر في ذلك خلافا ويؤيد ذلك ما ذكره المصنف في مسألة: المبتوتة وما ذكره في التوضيح في باب الرجعة فيمن وطئ مطلقته الرجعية في العدة ولم ينو الرجعة أنه لا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء من

(5/35)


وتأبد تحريمها بوطء وإن بشبهة ولو بعدها
--------------------
ذلك الوطء بثلاث حيض ولا تكون له الرجعة إلا في بقية العدة الأولى في الاستبراء فإذا انقضت العدة الأولى فلا يتزوجها هو أو غيره حتى ينقضي الاستبراء فإن فعل فسخ نكاحه ولا تحرم أبدا كما أحرمها على غيره لأنها عدته وليس هو وغيره في مائه سواء وقيل حكمه حكم المصيب في العدة ومنشأ الخلاف هل التحريم لتعجيل النكاح قبل بلوغه أجله أو لاختلاط الأنساب وعلى هذا المعنى اختلفوا فيمن طلق زوجته ثلاثا فتزوجها قبل زوج في عدتها انتهى. ونحوه لابن عرفة ونصه في باب الرجعة وعلى إلغاء وطئه دون نية روى محمد وسمع عيسى ابن القاسم له مراجعتها فيما بقي من العدة بالقول والإشهاد ولا يطؤها إلا بعد الاستبراء من مائه الفاسد بثلاث حيض ابن رشد فإن تزوجها وبنى بها قبل الاستبراء ففي حرمتها عليه للأبد قولان على كون تحريم المنكوحة المجرد تعجيل النكاح قبل بلوغ أجله أوله من اختلاط الأنساب انتهى. وهو أوفى من كلام التوضيح والله أعلم.
الثاني: قال في التوضيح من زنت زوجته فوطئها زوجها في ذلك الماء فلا شيء عليه انتهى. ابن المواز لا ينبغي له أن يطأها في ذلك الماء ويأتي الكلام على منع وطئها وكراهته عند قول المصنف في باب العدة ولا يطأ الزوج ولا يعقد انتهى.
تنبيه: قال ابن ناجي إثر قول المدونة المتقدم ولا بأس أن ينكح الرجل امرأة كان زنا بها بعد الاستبراء ظاهره وإن لم يتوبا وهو كذلك باتفاق والصواب عندي حمل"لا بأس لما غيره خير منه انتهى. ص: "وتأبد تحريمها بوطء وإن بشبهة ولو بعدها" ش: يعني وتأبد تحريم المرأة التي عقد عليها في العدة إذا وطئها في ذلك العقد سواء وطئها في العدة أو بعدها أما إذا عقد عليها في العدة ووطئها في العدة أيضا فلا إشكال في الحرمة وأما إذا عقد عليها في العدة ووطئها بعد العدة فذكر في المدونة في تأبيد حرمتها قولين قال في طلاق السنة منها قال مالك وعبد العزيز ومن نكح في العدة وبنى بعدها فسخ نكاحه وكان كالمصيب فيها وقال المغيرة لا يحرم عليه نكاحها إلا الوطء في العدة وقال ابن القاسم قال مالك يفسخ هذا النكاح وما هو بالحرام البين قال في التوضيح قال في الكافي وقول مالك وعبد العزيز

(5/36)


--------------------------
تحصيل المذهب وإلى ترجيح قولها أشار المصنف بقوله ولو بعدها والفرقة في النكاح الواقع في العدة فسخ بغير طلاق ونص عليه في المدونة وابن الجلاب وغيره والله أعلم. وأشار بقوله "وإن بشبهة" إلى أنه لا فرق في تأبيد تحريمها بين أن يطأها بعقد نكاح أو بشبهة بأن يطأها في عدتها غالطا فيها يظنها زوجته فإنها تحرم بذلك
تنبيهات: الأول: لا يصح حمل كلام المصنف على ما إذا خطب في العدة أو وعد فيها ثم تزوجها بعد العدة ووطئها فإنها لا تحرم عليه بذلك على المشهور كما يأتي في كلام المصنف وحمل الشارح في الكبير والأوسط كلام المصنف على هذا وهو بعيد مخالف للمشهور
الثاني: إن كان الزوج الناكح في العدة غير عالم بالتحريم حرمت عليه اتفاقا ولا حد عليه وإن تزوجها في العدة عالما بالتحريم فالمشهور أنها تحرم على التأبيد والولد لاحق به والحد ساقط عنه وقيل إنه زان وعليه الحد ولا يلحق به الولد ولا يتأبد تحريمها
الثالث: هذا التحريم إنما هو في المعتدة من الوفاة ومن الطلاق البائن وأما الرجعية فلا يحرم لأنها زوجة ومن تزوج امرأة متزوجة لم تحرم عليه وقال غير ابن القاسم هو ناكح في عدة قال مالك وللأول الرجعة قبل فسخ نكاح الثاني وبعده قاله في التوضيح وقال ابن ناجي قول ابن القاسم في المدونة إنها لا تحرم انتهى. وقال في الشامل وأما الرجعية فلا تحرم على الأصح انتهى.
الرابع: انظر وطء الصبي هل هو كوطء البالغ أم لا يتأبد به التحريم لعدم الاعتداد كما لا يعتد به الإحصان والإحلال ونحو ذلك فتأمله والله أعلم.
الخامس قال البرزلي في مسائل النكاح بعد أن ذكر مسألة: ونظيره ما في المدونة إذا تزوجت في العدة ثم تزوجها آخر بعد خروجها من العدة قبل بناء الأول: بها فالنكاح ثابت للثاني والأول: لغو لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا والله أعلم.
السادس: إذا تزوج شخص امرأة ثم ادعت أنه تزوجها في العدة فإن ثبت أنها تعلم أن العدة ثلاث حيض واعترفت قبل الزواج أنها قد انقضت عدتها فقال البرزلي ظاهر المذهب أنه لا يقبل قولها لأنها تريد فسخ النكاح وما سبق دليل كذبها في دعواها إلا أن يصدقها الزوج في دعواها فكأنه التزم فسخ النكاح على الوجه المذكور قال ابن عرفة في فصل تنازع الزوجين من كتاب ابن سحنون لو قال تزوجها بعد عدتها وقالت فيها فالقول قوله انتهى.
فرع: قال البرزلي وسئل ابن رشد عمن تزوج امرأة طلقها رجل قبله ثم استراب في أنه نكحها قبل تمام عدتها فما زال يسألها حتى اعترفت أنه تزوجها بعد حيضتين وقد كانت قبل ذلك حذرت وخوفت في أن تتزوج حتى تتم عدتها من رجل آخر خطبها فيها فلما ثبت

(5/37)


وبقدمته فيها أو بملك كعكسه
------------------------
اعترافها بتكرر سؤاله إياها اعتزلها وشاور العلماء فأفتوه بطلاقها وأنها لا تحل له وشهد عليه بذلك عدلان وعلى اعترافها بذلك وقد كانت قبل تزويجها إياه اعترفت بانقضاء عدتها لامرأة سألتها عن ذلك فقام الزوج الآن يطلب الصداق وقد قامت له شهادة نساء أنهن عرفنها أن ذلك لا يجوز وأنه لا بد من تمام العدة وأن هذا لا يخرجها من الجهالة بالحكم جوابها إن لم يثبت أن المرأة لما حذرت أعلمت أن العدة ثلاث حيض واعتقدت أن العدة أقل فأرى أن تحلف ما علمت أن العدة ثلاث حيض ولا تزوجت إلا وهي تظن أن عدتها من الأول: قد انقضت فإن حلفت على ذلك في الجامع فلا يجب عليها رد شيء من الصداق وإن نكلت ردته إلا قدر ما تستحل به وبالله التوفيق انتهى. ونظر أواخر النكاح الأول: من المدونة ص: "وبمقدمته فيها" ش: أي ويحرم أيضا إن عقد عليها في العدة ثم فعل بها شيئا من مقدمات الجماع كالقبلة والمباشرة قال في التوضيح قال محمد وإن أرخيت الستور ثم تقاررا أنه لم يمس لم تحل له أبدا انتهى. وقال في مختصر الواضحة ومن تزوج امرأة في عدتها فأرخى عليها الستر ثم فرق بينهما وتناكرا المسيس جميعا فأراد أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها فليس ذلك له وهي تحرم بالخلوة للأبد انتهى. واحترز المصنف بقوله فيها مما إذا عقد في العدة ولم يحصل فيها شيء من مقدمات الجماع ثم قبلها أو باشرها بعد العدة فإنها لا تحرم بذلك بل حكى ابن رشد في البيان الاتفاق على أنها لا تحرم بذلك لكن قال في التوضيح فيه نظر لأن عبد الوهاب حكى رواية أنها تحرم بمجرد العقد فكيف بالمباشرة والقبلة بعد العدة وقد حكى صاحب البيان هذا القول الأول: إلا أن يقال لعل مراده بالاتفاق ما عدا هذا القول ص: "كعكسه" ش: أي عكس الفرع: الذي قبله وهو ما إذا تزوجت الأمة في استبرائها من السيد أو من غيره قال في المتيطية وأما المختلف فيه فالوطء بنكاح أو بشبهة نكاح في الاستبراء أو العدة

(5/38)


لا يعقد أوبزنا أو بملك عن ملك أو مبتوتة قبل زوج كالمحرم وجاز تعريض كفيك راغب
-----------------
من غير النكاح كأم الولد يموت عنها سيدها أو يعتقها كان الاستبراء من غصب أو زنا أو من بيع في الإماء أو هبة أو موت أو عتق الحر وقد وطئ البائع أو الميت أو المعتق وأما إن لم يطأ واحد منهم فلا خلاف في أن متزوجها قبل الاستبراء ليس متزوجا في العدة انتهى. ص: "أو بملك عن ملك" ش: قال في المتيطية وأما الذي لا يقع به التحريم باتفاق فالوطء بملك أو بشبهة ملك في استبراء الأمة خاصة أو في عدة من غير نكاح كعدة أم الولد يموت عنها سيدها أو يعتقها كان استبراؤها من غصب أو زنى أو من بيع أو هبة أو عتق انتهى. ص: "أو مبتوتة قبل زوج" ش: ذكر في التوضيح في هذه المسألة: قولين وتقدم كلامه عند قول المصنف كمستبرأة من زنى وذكر الشيخ يوسف بن عمران المشهور عدم التأبيد ومثل المبتوتة من يتزوج امرأة تزويجا حراما لا يقر عليه فيفسخ نكاحه بعد الدخول فيتزوجها قبل الاستبراء قاله في المقدمات ويريد المصنف أنه يجد من يتزوج امرأته المبتوتة إذا كان عالما بالتحريم قال في كتاب القذف من المدونة ومن تزوج خامسة أو امرأة طلقها ثلاثا ألبتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاعة أو النسب أو من ذوات محارمه عالما بالتحريم أقيم عليه الحد ولم يلحق به الولد إذ لا يجتمع الحد وثبوت النسب قال اللخمي يريد إذا ثبت أنه عالم بالتحريم قبل النكاح وإلا فإن لم يعلم أنه كان عالما بالتحريم إلا بعد النكاح فإنه يحد ويلحق به الولد انتهى. ص: "وجاز تعريض كفيك راغب" ش: قال في التوضيح والتعريض ضد التصريح مأخوذ من عرض الشيء وهو جانبه وهو أن يضمن كلامه ما يصلح للدلالة على المقصود وغيره إلا أن إشعاره بالمقصود أتم ويسمى تلويحا والفرق بينه وبين الكناية أن التعريض ما ذكرناه والكناية عن الشيء يلازمه كقولنا في كرم الشخص النجاد كثير الرماد انتهى. وقال في جمع الجوامع والتعريض لفظ استعمل في معناه ليلوح بغيره فهو حقيقة أبدا انتهى. النجاد حمائل السيف قاله في الصحاح وهو بكسر النون قال ابن عبد السلام

(5/39)


والإهداء
------------------
والمذهب جواز التعريض في كل معتدة سواء كانت في عدة وفاة أو طلاق وأجازه الشافعي في عدة الوفاة ومنع منه في عدة المطلقة طلاقا رجعيا واختلف قوله في عدة الطلاق الثلاث وعدة المختلعة انتهى. وقبله في التوضيح قلت: وما ذكر ابن عبد السلام مخالف لما ذكره القرطبي في تفسيره ونصه لا يجوز التعريض بخطبة الرجعية إجماعا لأنها كالزوجة وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض بخطبتها والله أعلم. انتهى.
تنبيه: قال ابن عرفة الباجي عن إسماعيل إنما يعرض بالخطبة ليفهم مراده لا ليجاب وفي المقدمات يجوز التعريض من كل منهما للآخر معا وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب قال القاضي أبو إسحاق إنما يعرض المعرض ليفهم مراده لا ليجاب ولو جاوبته بتعريض يفهم منه الإجابة كره ذلك ودخل في باب المواعدة انتهى. وقال القرطبي قال ابن عطية اجتمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها وتنبيه: عليه لا يجوز وكذلك اجتمعت الأمة على أن الكلام معها بما هو رفث أو ذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز وجوزنا ما عدا ذلك وجائز أن يمدح نفسه ويذكر مآثره ومن أعظم التعريض قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس كوني عند أم شريك ولا تسبقيني بنفسك انتهى. وما ذكره ابن عرفة عن المقدمات من جواز التعريض لكل منهما يشير به والله أعلم. لقوله فيها الذي يجوز هو التعريض بالعدة أو المواعدة وهو القول المعروف الذي ذكره الله في كتابه وصفته أن يقول لها وتقول له أو يقول كل واحد لصاحبه إن يقدر الله أمرا يكون وإني لأرجو أن أتزوجك وإني فيك لمحب أو ما أشبه ذلك وإلى هذا أشار المصنف بقوله "كفيك راغب" قال في التوضيح وهكذا قوله إن النساء من شأني وإنك علي لكريمة وإذا حللت فآذنيني وإن يقدر الله خيرا يكن انتهى. ص: "والإهداء" ش: قال في طلاق السنة من المدونة وجائز أن يهدي لها قال أبو الحسن الصغير والهدية هنا بخلاف وإجراء النفقة عليها لأن النفقة عليها كالمواعدة انتهى. قال اللخمي والمفهوم من الهدية التعريض وقال الشيخ أبو الحسن إثر كلامه المتقدم فإن أنفق أو أهدى ثم تزوجت غيره لم يرجع عليها بشيء
تنبيه: عزا ابن عرفة هذه المسألة: لابن حبيب واللخمي مع أنها في المدونة كما تقدم وعزاها الشارح لابن حبيب ونحوه في التوضيح قال فيه قال مالك ولا أحب أن يفتي به إلا من تحجزه التقوى عما وراءه انتهى.
فرع: قال البرزلي عن أحكام الشعبي من تزوج امرأة فأخرج دينارا فقال اشتروا به طعاما واصنعوه فوقع الشراء وانفسخ النكاح بعد الشراء فإن جاء من قبلهم ضمنوا له الدينار والطعام لهم وإن كان من قبل الزوج فليس له إلا الطعام إن أدركه قلت: فهو كأعوان

(5/40)


وتفويض الولي العقد لفاضل
-----------------
القاضي إن ظهر لدد من المطلوب فالأجرة عليه وإلا كان الأجر على الطالب وظاهر ما تقدم لابن رشد أنه من الزوج مطلقا إن فقد ذلك أو تلف انتهى. ص: "وتفويض الولي العقد لفاضل" ش: ظاهر كلام المصنف أن الولي فقط هو الذي يفوض العقد للفاضل وعلى هذا شرحه الشيخ بهرام والبساطي وقالا إنه يشير به إلى قول ابن الماجشون في الواضحة أن الولي والناكح يفوضان للفاضل وأنه يتولى الطرفين وحمل المصنف ولفظ الواضحة يقتضي أنه الأولى لقوله وكان يفعل فيما مضى ونصه قال ابن الماجشون ولا بأس أن يفوض الناكح وولي المرأة للرجل الصالح أو الشريف أن يعقد النكاح وكان يفعل فيما مضى وقد فوض ذلك إلى عروة فخطب واختصر فقال الله حق ومحمد رسوله وقد خطب فلان فلانة وقد زوجته إياها على كتاب الله وشرطه قال ابن حبيب وشرطه إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان انتهى. والله أعلم. ص: "وذكر المساوي" ش: قال القرطبي في شرح مسلم في كتاب البر والصلة لما تكلم على الغيبة وما يجوز فيه ذكر الإنسان بما يكره قال وقد يخرج عن هذا الأصل صور فتجوز الغيبية في بعضها وتجب في بعضها ويندب إليها في بعضها فالأول: يعني الجائز كغيبة المعلن بالفسق المعروف به فيجوز ذكره بفسقه لا بغيره مما لا يكون مشهورا به لقوله عليه الصلاة والسلام "بئس أخو العشيرة" وقوله "لا غيبة في فاسق" وقوله "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" الثاني يعني ذكر جرح الشاهد عند خوف إمضاء الحكم بشهادته وجرح المحدث الذي يخاف أن يعمل بحديثه أو يروى عنه وهذه أمور ضرورية في الدين معمول بها مجمع عليها من السلف الصالح ونحو ذلك ذكر عيب من استنصحت في مصاهرته أو معاملته فهذا يجب عليه الإعلام بما يعلم من هيئاته عند الحاجة إلى ذلك على وجه الإخبار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصعلوك الحديث وقد يكون من هذين النوعين ما لا يجب بل يندب إليه كفعل المحدثين حين يعرفون بالضعفاء مخافة الاغترار بحديثهم وكتحذير من لم يسأل مخافة معاملة من حاله يجهل وحيث حكمنا بوجوب النص على العيب فإن ذلك إذا لم يجد بدا من التصريح والتنصيص فأما لو أغنى التعريض أو التلويح لحرم التفسير والتصريح فإن ذلك ضروري والضروري مقدر بالحاجة انتهى. وقال الشيخ يوسف بن عمر إذا قال له أريد أن أناكح فلانة فإنه يذكر له ما فيها وفيه ابتغاء النصح لا لعداوة وفي المشاور فيه انتهى.
تنبيه: قال الجزولي في شرح الرسالة إذا استشير الإنسان فإنه يجوز له أن يكشف عما يعلم فيه من خير أو شر ولا يجب عليه ذلك الشيخ إذا كان هناك من يعرف حال المسؤول

(5/41)


وذكر المساوي وكره عدة من أحدهما وتزوج زانية أو مصرح لها بعدها وندب فراقها وعرض راكنة لغير عليه وركنه ولي وصداق ومحل وصيغة
--------------------
عنه وإلا فذلك واجب عليه لأنه من باب النصيحة لأخيه المسلم وقد قال قبل هذا وعليه موالاة المؤمنين والنصيحة لهم وقد نص على هذا ابن يونس قال بعض الشيوخ انظر هل يكشف له عن حاله قبل أن يستشار أم لا الشيخ ظاهر الكتاب أنه يذكر حاله إذا سئل عنه وإلا فهو غيبة والغيبة حرام انتهى. وما ذكره الجزولي من أنه لا يجب عليه أن يكشف عما يعلم فيه إذا سئل عنه إلا إذا لم يكن هناك من يعرف حاله مخالف لما تقدم في كلام القرطبي وكذلك ما ذكره من أنه لا يكشف عن حاله إلا إذا سئل عنه وإلا كان غيبة مخالف لما تقدم في كلام القرطبي من أنه مندوب فتأمله ص: "وركنه ولي وصداق ومحل وصيغة" ش: الضمير عائد للنكاح يعني أن أركان النكاح أربعة وكذا فعل صاحب الجواهر وفي الحقيقة هي خمسة لأن المحل يشمل الزوج والزوجة وقد عدها ابن راشد في اللباب خمسة وقال الشارح جعل ابن محرز الولي والشهود والصداق شروطا وهو أقرب مما هنا لكن الأمر في ذلك قريب انتهى.
قلت: أما الولي والزوجة والزوج والصيغة فلا بد منها ولا يكون نكاح شرعي إلا بها

(5/42)


بأنكحت وزوجت
-----------------
لكن الظاهر أن الزوج والزوجة ركنان والولي والصيغة شرطان وأما الشهود والصداق فلا ينبغي أن يعدا في الأركان ولا في الشروط لوجود النكاح الشرعي بدونهما غاية الأمر أنه شرط في صحة النكاح أن لا يشترط في سقوط الصداق ويشترط في جواز الدخول الإشهاد فتأمله وقد تقدم أن الإشهاد في العقد مستحب وأما الصداق فقال الشيخ يوسف بن عمر في قول الرسالة وصداق هذا شرط كمال في العقد لأنه لو سكت عنه لم يضر كالتفويض نعم لو تعرضوا لإسقاطه فسد النكاح وفسخ قبل الدخول انتهى. مختصرا فعلم أن ذكر الصداق أولى من نكاح التفويض والله أعلم. ص: "بأنكحت وزوجت" ش: قال ابن الحاجب الصيغة لفظ يدل على التأبيد مدة الحياة كأنكحت وزوجت وملكت وبعت وكذلك وهبت بتسمية صداق قال في التوضيح وما ذكره المصنف في الصيغة نحوه في ابن شاس ومقتضاهما أنه لا ينعقد بالكتابة والإشارة ونحو ذلك وهو مقتضى كلامه في الإشراف وكذلك في الاستذكار والنكاح يفتقر إلى التصريح ليقع الإشهاد عليه انتهى. وكلام ابن عبد السلام يقتضي أنه لا ينعقد بالكتابة والإشارة وفي اللباب الصيغة من الولي لفظ الخ
تنبيهات: الأول: ينبغي أن يقيد ذلك بمن يمكنه النطق كما سيأتي في الدال على القبول من جهة الزوج وفي كتاب الحمالة من المدونة وما فهم عن الأخرس أنه فهمه من الكفالة أو غيرها لزمه انتهى.
الثاني: لا خلاف في المذهب في انعقاد النكاح بهذين اللفظين كما قاله في التوضيح وقاله غيره والظاهر أنه لا فرق بين لفظ الماضي والمضارع قال ابن عرفة صيغته ما دل عليه كلفظ التزويج وإلا نكاح انتهى. فأتى بالمصدر وقال أبو الحسن في شرح قول المدونة زوجني فيقول فعلت انظر جعل لفظ المستقبل في النكاح الماضي ومثله في إرخاء الستور وإذا قالت له اخلعني ولك ألف فقال قد فعلت لزمها ذلك وإن لم تقل بعد قولها الأول: شيئا انتهى. وسيأتي لفظ المدونة المتقدم بكماله وقال ابن فرحون فإن قلت: أنكحت ونكحت خبر عن شيء وقع في الماضي وكلامنا في لفظ ينعقد به النكاح في المستقبل فالجواب أن المراد بهذه الصيغ الإنشاء وإن دلت على الإخبار عن الماضي والإنشاء سبب لوقوع مدلوله كقول الحاكم حكمت انتهى.
الثالث: قال في المسائل الملقوطة وصيغة العقد مع الوكيل أن يقول الولي للوكيل زوجت فلانة من فلان ولا يقول زوجت ملك وليقل الوكيل قبلت لفلان ولو قال قبلت لكفي إذا نوى بذلك موكله انتهى.

(5/43)


وبصداق وهبت
-------------------------------
الرابع: ينبغي أن يلحق باللفظين المتقدمين أعني "أنكحت" "وزوجت" لفظ "فعلت" أو "قبلت" وما أشبهه جوابا لقول الزوج "زوجني" أو "أنكحني" فإنهم لم يذكروا في انعقاد النكاح بذلك خلافا قال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب ومن الزوج ما يدل على القبول يعني أن الصيغ المتقدمة هي المشترطة من الولي وقد يتسع الكلام فيها وأما جانب الزوج فيكفي فيه كل لفظ يدل على القبول دون صيغة معينة وكذا الإشارة وكل ما يدل على القبول ولو ابتدأ الزوج فقال للولي قد نكحت فلانة أو تزوجتها فقال الولي في جواب الزوج قد فعلت أو قبلت أو ما أشبه ذلك لكان مثل الأول: لأنه لا فرق بين أن يبتدئ الولي أو الزوج انتهى. وقال ابن عرفة وجواب قولها أن الصيغة أحد العاقدين بقول الآخر قبلت كاف انتهى. فالحاصل أنه إذا جرى لفظة التزويج أو الإنكاح من الولي أو من الزوج فأجابه الآخر بما يدل على القبول صح النكاح والله أعلم. ص: "وبصداق وهبة" ش: هذا مذهب المدونة في لفظ الهبة قال ابن عرفة وفي كون الصدقة كالهبة ولغوها قولا ابن القصار وابن رشد انتهى. ويظهر من كلام المصنف ترجيح قول ابن رشد لاقتصاره على التنصيص على لفظ الهبة ولم يذكر الصدقة بل أدخلها في التردد وهو الذي يظهر من كلام صاحب الشامل لقوله وفي "وهبت" مشهورها إن ذكر مهرا صح وإلا فلا وقيل يصح بعت وتصدقت بقصد نكاح انتهى. وهذا قول ابن القصار إلا أنه لا يشترط ذكر المهر لا في الصدقة ولا في الهبة قال في التوضيح ابن القصار وسواء عندي ذكر المهر في لفظ الهبة والبيع والصدقة أو لم يذكره إذا علم أنهم قصدوا النكاح وقال في التوضيح قبل هذا الكلام ويلحق بالهبة في اشتراط التسمية الصدقة من باب أولى انتهى. يعني على مذهب المدونة إلا أنه لم يصرح في المدونة بلفظ الصدقة والذي ذهب إليه ابن رشد أنه لا يلحق بها والله أعلم.
تنبيه: قال ابن عرفة وفي الإباحة والإحلال قولان لبعض أصحاب ابن القصار وله قلت: حكى أبو عمر الإجماع على الثاني انتهى. وقوله على الثاني أي على قول ابن القصار أنه لا ينعقد بهما قال في الذخيرة وقال صاحب الاستذكار أجمعوا على أنه لا ينعقد بلفظ الإحلال والإباحة انتهى. وصاحب الاستذكار هو أبو عمر ثم قال ابن عرفة ونقل ابن بشير عن ابن القصار الإطلاق كالتحليل والإباحة والرمي والإجارة والعرية والوصية لغو انتهى. ويعني أن ابن بشير نقل عن ابن القصار يظهر لك ذلك من كلام ابن بشير ونصه والنكاح عندنا جائز بكل لفظ اقتضى لفظ الملك كالهبة والصدقة والإنكاح والتزويج والإعطاء وذكر أبو

(5/44)


وهل كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة كبعت كذلك تردد
------------------
الحسن بن القصار عن بعض أصحابنا جوازه بلفظ الإباحة والتحليل والإطلاق إذ أريد بذلك النكاح وكان ميله إلى أن هذا لا يصح لأنه لا يفيد معنى العقد عن البضع بعوض انتهى. ولم يذكر الرهن وما بعده وذكر الأربعة في التوضيح عن ابن القصار وعبد الوهاب قال لاقتضاء الإجارة والعارية والتوقيت والرهن التوثق دون التمليك وعدم لزوم الوصية انتهى. بالمعنى وقال الشارح في الكبير بعد ذكره كلام التوضيح ولم أر فيه خلافا انتهى. ص: "وهل كل لفظ يقتضي البقاء مدة الحياة كبعت تردد" ش: يشير بالتردد لاختلاف المتأخرين في نقل المذهب قال في التوضيح واختلفت طرق الشيوخ في نقل لمذهب فيما عدا "أنكحت" و"زوجت" فذهب ابن القصار وعبد الوهاب في الإشراف والباجي وابن العربي في أحكامه إلى أنه ينعقد بكل لفظ يقتضي التأبيد دون التوقيت فينعقد بـ "ملكت" و"بعت" وأشار الباجي في توجيهه لذلك إلى أنه قول مالك واستدل جماعة لذلك بما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام "ملكناكها بما معك من القرآن" وفي رواية "أمكناكها" وذهب صاحب المقدمات إلى أنه لا ينعقد بما عدا "أنكحت" و"زوجت" إلا لفظ الهبة فاختلف فيه قول مالك انتهى. وتبع الأول: ين صاحب الإرشاد وابن بشير ولفظه والنكاح عندنا جائز بكل لفظ اقتضى لفظ الملك كالهبة والصدقة والإنكاح والتزويج والإعطاء انتهى. ثم ذكر كلامه المتقدم وتبع ابن بشير صاحب الجواهر وابن الحاجب وصاحب اللباب وأكثر أهل المذهب قال الشيخ بهرام في الشرح الكبير والذي رأيت عليه الأكثر الانعقاد بذلك خلافا للمغيرة وابن دينار وما ذكره صاحب المقدمات انتهى. ويفهم من كلامه في الشامل ترجيح طريقة ابن بشير لأنه قال وصيغة من ولي بـ "أنحكت" و"زوجت" وفي وهبت مشهورها إن ذكر مهرا صح وإلا فلا وقيل يصح ب "بعت" و"تصدقت" بقصد نكاح وقيل وبتحليل وإباحة وكل لفظ يقتضي تمليكا مؤبدا لا إجارة وعارية ورهنا ووصية انتهى. وما تقدم عن ابن رشد وهو كذلك في المقدمات في آخر كتاب النكاح وله في شرح آخر مسألة: في رسم إن أمكنتني من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق ما نصه وكذلك التزويج ليس من ألفاظ الشراء والشراء ليس من ألفاظ التزويج فإذا قال الرجل للرجل قد بعتك ابنتي أو أختي بكذا وكذا لا يكون ذلك نكاحا إلا أن يكون أراد بذلك البيع انتهى. فتأمله مع ماله في آخر كتاب النكاح من المقدمات أعني ما نقله عنه المصنف في التوضيح وغيره والله أعلم.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح ما ذكره ابن الحاجب من أن الصيغة لفظ يدل على التأبيد مدة الحياة صحيح كما بيناه واعترضه ابن عبد السلام بما حاصله أنه لا يشترط دلالة

(5/45)


وكقبلت
-----------
الصيغة على التأبيد بل أن لا يدل على التوقيت وذكر أن ذلك هو الذي يؤخذ من كلام أهل المذهب وكلام عبد الوهاب وذلك أعم من كونها دالة على التأبيد وفيه نظر لأن عبد الوهاب في الإشراف صرح بما ذكره المصنف وكذلك غيره انتهى. واعلم أن أكثرهم يصدر الكلام بما قاله ابن الحاجب ثم يذكرون الألفاظ المتقدمة وهي إنما تدل بصريحها على نفي التوقيت لكن يلزم ذلك الدلالة على التأبيد مدة الحياة فالسؤال وارد على عبارة غير ابن الحاجب ومراد الجميع واضح
الثاني: على قول الأكثر فيخرج منه لفظ الإحلال والإباحة والإطلاق لأنه لم يقل بها إلا بعض أصحاب ابن القصار ونقل أبو عمر الإجماع على خلافه كما تقدم ويخرج من ذلك أيضا لفظ التحبيس والوقف والإعمار قال في التوضيح فقد يقال حد المصنف للصيغة غير مانع لشموله مثل "وقفت" و"حبست على فلان" و"أعمرته" لدلالة ذلك على التأبيد مدة الحياة انتهى. ونقله ابن فرحون في شرحه وزاد ولا مدخل لها في باب النكاح ولعل قول المصنف كبعت إشارة إلى إخراج ما تقدم
الثالث: ظاهر كلامهم أنه لا يشترط تسمية الصداق لأنهم إنما ذكروا الخلاف في ذلك في الهبة قال ابن عرفة وصيغته ما دل عليه كلفظ التزويج والإنكاح وفي قصرها عليهما نقلا أبي عمر عن ابن دينار عن المغيرة ومالك وعليه قال القاضي ينعقد بكل لفظ دل على التمليك أبدا كالبيع ابن القصار وإن لم يذكر صداقا وفي الهبة ثالثها إن ذكر انتهى. وقال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب وكذلك وهبت بتسمية الصداق دون غيرها من الصيغ التي ذكر لأنها ظاهرة في نفي العوض ويلحق بها لفظ الصدقة وهي أحرى من الهبة لأن هبة الثواب أحد نوعي الهبة والصدقة لا عوض فيها ألبتة
فإن قلت: لفظ الإباحة والتمليك والتحليل لا يستلزم العوض فينبغي أن تلحق به الهبة والصدقة لاشتراك الجميع في عدم شرط العوض بخلاف البيع
قلت: هي وإن اشتركت فيما ذكرته إلا أن الإباحة والتحليل والتمليك كما لا تدل على شرط العوض لا تدل على نفيه بخلاف الهبة والصدقة لأنها لا تدل على نفي العوض ظاهرا فاحتيج في التعريض إلى التسمية والله أعلم. انتهى. ص: "وكقبلت" ش: يعني أن الصيغة المطلوبة من الزوج هي كل ما دل على قبوله كـ "قبلت" وقال في الكبير "ورضيت" و"اخترت" انتهى. وقال ابن الحاجب ومن الزوج ما يدل على القبول قال في التوضيح دون صيغة متعينة ابن عبد السلام وكذلك الإشارة خليل ولا أعلم نصا في الإشارة والظاهر أنها لا تكفي من جهة الزوج أما أولا فلأن النكاح لا بد فيه من الشهادة ولا تمكن إلا مع التصريح من الولي

(5/46)


وبزوجني فيفعل
----------------------------
والزوج ليقع الإشهاد عليها وأما ثانيا فلأن قوله "ومن الزوج" معطوف على مقدر تقديره الصيغة من جانب الولي كذا ومن جهة الزوج كذا وعلى هذا فالظاهر أن مراده بقوله كل لفظ لا يشترط فيه تعيين كما في صيغة الإيجاب انتهى. وقال ابن عرفة أبو عمر إشارة الأخرس به كلفظه انتهى. وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد أبو عمر إشارة الأخرس كافية إجماعا انتهى. وانظر ابن فرحون وقال في الجواهر ويكفي أن يقول الزوج قبلت إذ تقدم من الولي الإيجاب ولا يشترط أن يقول قبلت نكاحها وينعقد النكاح بالإيجاب والاستيجاب فلو قال لأبي البكر أو لأبي الثيب وقد أذنت له أن يزوجها زوجني فلانة فقال قد فعلت أو قال قد زوجتك فقال الخاطب لا أرضى فقد لزم النكاح انتهى. ونحوه في المدونة وسيأتي وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد والاستيجاب طلب الإيجاب بقوله "زوجني" فيقول "فعلت" أو يقول "قد زوجتك" فيقول "قبلت" والحاصل أن خلو النكاح عن الصيغة لا يصح معها وكونها من أحد الجهتين كاف انتهى. قاله في الجواهر وتبعه ابن الحاجب فقال يكفي كل لفظ يدل عليه انتهى. ويعني الشيخ والله أعلم. الصيغة المخصوصة التي فيها الإنكاح والتزويج لا مطلق الصيغة وكلام صاحب الجواهر الذي أشار إليه هو ما تقدم والله أعلم. ص: "وبزوجني فيفعل" ش: أشار بهذا إلى أن الترتيب ليس بشرط إلا أنه الأولى وقال ابن عرفة ولازم استيجاب خطبة الخاطب تقديم إعطاء الولي وتأخير قبول الزوج انتهى. ولم يظهر لي وجه الملازمة فتأمله ولا يقال وجه ذلك أنه لو بدأ الزوج لم يقع الحمد والثناء في ابتداء الأمر لأنا نقول قد تقدم أن الزوج يستحب له أن يخطب عند قبوله ثم إن كلامه إنما هو في الأولى كما تقدم عن المدونة والله أعلم. تنبيه: قال في القوانين والنكاح عقد لازم لا يجوز فيه الخيار خلافا لأبي ثور ويلزم فيه الفور في الطرفين فإن تراخى القبول عن الإيجاب يسيرا جاز وقال الشافعي لا يجوز مطلقا وأجازه أبو حنيفة مطلقا انتهى. وما قاله ظاهر جار على قول ابن القاسم الذي مشى عليه المصنف بعد في الذي يقول إن مت فقد زوجت ابنتي من فلان أنه لا يجوز ذلك في الصحة وإنما أجازوه في المرض
لأن أصبغ قال إنه مجمع على إجازته وهو من وصايا المسلمين وقال في التوضيح عن اللخمي لولا الإجماع الذي نقله أصبغ وإلا فالقياس المنع لأن المرض قد يطول فيتأخر القبول عن الإيجاب بالسنة ونحوها وكأنهم لاحظوا أن المريض مضطر إلى ذلك ولذلك اختلف في الصحيح انتهى. وقال ابن رشد في رسم حلف من سماع ابن القاسم من النكاح اختلف إذا قال الرجل في حياته إن فعل فلان كذا فقد زوجته ابنتي فقال مالك في رسم سن بعد هذا في الذي يقول إن جاءني فلان بخمسين فقد زوجته ابنتي لا يعجبني هذا

(5/47)


ولزم وإن لم يرض
-------------------------------
النكاح ولا تزويج له وانظر كلام القرافي في كيفية أداء الشهادة وكلام ابن عرفة في باب الشهادات في الكلام على أداء الشهادة ص: "ولزم وإن لم يرض" ش: يعني أن الرجل إذا قال لولي المرأة المجبر لها والمفوض إليه نكاحها زوجني وليتك فقال قد فعلت فقال الزوج لا أرضى بذلك فإنه يلزمه النكاح وكذلك لو قال قلت: هازلا قال في النكاح الأول: من المدونة وإن قال الخاطب للأب في البكر أو لوصي مفوض إليه زوجني فلانة بمائة فقال قد فعلت ثم قال الخاطب لا أرضى لم ينفعه ولزمه النكاح بخلاف البيع قال ابن المسيب ثلاث ليس فيهن لعب هزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق انتهى. قال في التوضيح ويؤخذ من كلام ابن عبد السلام أنه فهم من قول الزوج "لا أرضى" وأن الزوج أنشأ ما يقتضي الرضا بعد قول الولي قد فعلت وليس بظاهر لأنا قد بينا أن قول الزوج "زوجني" يقوم مقام الرضا انتهى. يعني أن ابن عبد السلام فهم من قول الزوج لا أرضى أن الزوج أنشأ ما يقتضي الرضا بعد قول الولي قد فعلت فلأجل ذلك لم يقبل قوله "لا يرضى" وأما إن لم يقم منه ما يدل على الرضا لم يلزمه وما قاله المصنف من أن ما قاله ابن عبد السلام ليس بظاهر ظاهر ثم قال في التوضيح والفرق بين النكاح والبيع من وجهين أحدهما أن هزل النكاح جد على المشهور والثاني أن العادة جارية بمساومة السلع وإيقافها للبيع في الأسواق فناسب أن لا يلزم ذلك في البيع إذا حلف لاحتمال أن يكون قصد معرفة الأثمان ولا كذلك النكاح انتهى.
تنبيه: فهم من هذا أن هزل النكاح لازم ولو علم أنه قصد الهزل وبذلك صرح غير واحد من الشيوخ قال في النوادر عن كتاب ابن المواز قال مالك من قال لرجل وهو يلعب زوج ابنتك من ابني وأنا أمهرها كذا فقال الآخر على ضحك ولعب أتريد ذلك قال نعم زوجتك وهو يضحك فقال قد زوجته فذلك نكاح لازم للأبوين أن يفسخاه إذا رضيا يريد على وجه الخلع والمباراة قال ابن القاسم ثلاث لا لعب فيهن النكاح والطلاق والعتاق وكان في الجاهلية يناكح ويقول كنت لاعبا وكذلك يقول في الطلاق والعتاق فأنزل الله سبحانه {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً} انتهى. وقال ابن رشد في سماع أبي زيد من كتاب النكاح في رجل أحضر رجلا فقيل تراك تبصر هذا وقد بلغنا أنه ختنك فقال نعم أبصره واشهدوا أني قد زوجته ابنتي فقيل له بكم فقال بما شاء ثم قال الرجل فقال امرأتي فقال الأب والله ما كنت إلا لاعبا فقال يحلف الأب بالله ما كان ذلك منه على وجه النكاح ولا شيء عليه قيل له طلب ذلك بحدثانه أو بعد ذلك بيومين قال ذلك سواء قال ابن رشد هذا من قول ابن القاسم مثل ما حكاه أبو عبيد عن مالك ورواه الواقدي عنه من أن هزل النكاح هزل ولا

(5/48)


-------------------------
يجوز منه إلا ما كان على وجه الجد خلاف المشهور المعلوم من قول مالك وأصحابه في المدونة وغيرها من أن هزله جد على ما جاء في ذلك عن جماعة من السلف عمر بن الخطاب وسعيد بن المسيب وغيرهما انتهى. وقال في التوضيح في كتاب الطلاق في شرح قول ابن الحاجب وفي الهزل في الطلاق والنكاح والعتق ثالثها إن قام عليه دليل لم يلزم ما نصه يلحق بالثلاث الرجعة والمشهور اللزوم لما في الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاث هزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" 1 وهو حديث حسن غريب والقول بعدم اللزوم في السليمانية لكن إنما ذكره في النكاح والقول الثالث: في كلام المصنف نقله ابن شاس عن اللخمي ابن عبد السلام والذي يحكيه غير واحد إنما هو قولان وما ذكر من القول الثالث: وهو شرط قيام الدليل على عدم اللزوم يعدونه من تمام القول الثاني لأن الهزل لا يثبت بمجرد الدعوى لكن ذكر بعض المتأخرين أنه اختلف أنه إذ قال تزوجني وليتك أو تبيعني سلعتك فقال قد بعتها من فلان أو زوجتها على أربعة أقوال يلزم ولا يلزم والفرق بين أن يدعي ذلك بأمر ما متقدم أو لا يدعيه إلا بذلك اللفظ والفرق فيلزم في النكاح لا البيع والقول الثالث: يشبه الثالث: من كلام المصنف انتهى. كلام التوضيح ونحوه لابن عبد السلام وابن فرحون إذا علم ذلك فما ذكره المشذالي عن القابسي أنه قال معناه إذا ادعى الهزل بعد الرضا وأما إن علم الهزل ابتداء فلا يلزم ونحوه لابن القاسم ومثله للخمي في كتاب الغرر وغيره مخالف للمشهور الذي ذكره ابن رشد والمصنف في التوضيح واقتصار المشذالي عليه يوهم أنه المذهب وكذلك اقتصار الشيخ أبي الحسن الصغير على كلام اللخمي يقتضي أنه المذهب وقد علمت أنه خلاف المشهور والله أعلم. وما ذكره المصنف في التوضيح من الخلاف في مسألة: من قال تزوجني وليتك فقال قد زوجتها من فلان ذكره ابن رشد في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح وفي رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح في مسألة: ما إذا خطب رجل من شخص ابنته فقال قد زوجتها فلانا فقام فلان بذلك وأنكر الأب وقال كنت معتذرا ونصه وأما إذا خطبت إلى رجل ابنته البكر فقال قد زوجتها فلانا وطلب ذلك المقر له ففي ذلك ثلاثة أقوال أحدها أن النكاح واجب للطالب سواء كان طلبه بهذا القول أو بنكاح كان قبله لأن النكاح لا لعب فيه ولا اعتذار وهو قول أصبغ في كتاب الدعوى والصلح وقول ابن حبيب في الواضحة والثاني أن النكاح لا يلزم بهذا الإقرار ولا بدعوى متقدمة وإليه ذهب ابن المواز والثالث الفرق بين أن يطلبه بذلك القول أو بقول متقدم وهو قول ابن كنانة في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وقول أصبغ وروايته عن ابن القاسم في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح فإن طلبه بقول متقدم حلف الزوج بالله لقد كان زوجني وثبت النكاح وإن طلبه بهذا
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الطلاق باب 9.

(5/49)


وجبر المالك أمة وعبدا بلا إضرار
------------------------
القول حلف الأب بالله ما كان منه إلا اعتذارا إليه وما زوجه انتهى. ملخصا من رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح ومن رسم العشور من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح ونقله ابن عرفة في أول النكاح وقال ابن رشد في سماع أصبغ من كتاب النكاح إن القول الثاني أشبه الأقوال انتهى. وهو الجاري على المشهور فيمن أقر اعتذارا أنه لا يلزمه كما ذكره المصنف في باب الإقرار والله أعلم.
فرع: قال في المتيطية في فصل الاختلاف في الزوجية واختلف في نكاح الهزل فقال الشيخ أبو الحسن إذا لم يقم دليله لزم الزوج نصف الصداق ولم يمكن من الزوجة لإقراره على نفسه أن لا نكاح بينهما وقال الشيخ أبو عمران يمكن منها ولا يضره إنكاره انتهى. وهذا الأخير هو الذي يوافق قول المصنف وليس إنكار الزوج طلاقا والله أعلم. ص: "وجبر المالك أمة وعبدا بلا إضرار" ش: نحوه لابن الحاجب قال ابن عبد السلام مراده بالمالك الجنس فيدخل فيه الذكر والأنثى والحر والعبد ومن فيه عقد حرية إذا كان له النظر في ماله وهو المكاتب انتهى. وهذا إنما يكون للمكاتب إذا قصد ابتغاء الفضل وأما إذا لم يكن في صداقها فضل لم يكن له أن يزوجها إلا بإذن سيده قاله ابن رشد انتهى. من ابن فرحون فعلم منه أن المالك إذا كان عبدا أو كانت فيه شائبة حرية ولكن ليس له التصرف في ماله فليس له أن يزوج إلا بإذن سيده والجبر في الحقيقة للسيد لا له بل ليس له أن يتولى نكاح الأمة وإن رضي سيده والله أعلم.
فرع: يلحق بالمالك الوصي قال ابن الحاجب والوصي يزوج رقيق الموصى عليه بالمصلحة وقاله ابن عرفة وصاحب الشامل قال ابن عبد السلام وله جبرهم انتهى.
قلت: ومثل الأب في رقيق ولده مقدم القاضي والله أعلم.
تنبيه: قال في أوائل النكاح الأول: من المدونة وللوصي أن ينكح إماء اليتامى وعبيدهم على وجه النظر انتهى. قال أبو الحسن لأنه قد يهرب فإذا زوجه لم يهرب وقال في الرسالة في آخر باب الأقضية وللوصي أن يتجر بأموال اليتامى ويزوج إماءهم قال القلشاني لسقوط نفقة الإماء عن اليتامى واختلف هل له تزويج ذكور المماليك وفي المدونة الجواز قيل لا يجوز لأنه يصير العبد مديانا بالصداق والولد لغيره ويشتغل بالزوجة ويترك الأيتام وحمل بعض الشراح الرسالة على هذا القول انتهى. وما ذكره عن المدونة يشير به لكلامها المتقدم قال ابن ناجي في شرح المدونة إثر كلامها المتقدم زاد في الأم بعضهم لبعض ومن أجنبيين ويريد بقوله "على وجه النظر" إذا خاف أن يأبقوا إذا لم يقع تزويج انتهى.

(5/50)


لا عكسه
---------------------------
فرع: وأما الأمة المخدمة فإن كان مرجعها إلى حرية فليس له جبرها ولا يزوجها إلا برضاها قال في النوادر يريد ورضى المخدم وليس ذلك للمخدم قاله في ترجمة من يكره على النكاح ممن فيه بقية رق وانظره في رسم الأقضية من سماع عيسى من كتاب النكاح ونص ما في النوادر قال مالك فيمن أخدم أمته رجلا ومرجعها إلى حرية بعد الأجل ولا يزوجها إلا برضاها يريد ورضى المخدم وليس ذلك للمخدم أيضا انتهى. ففهم منه إذا أخدمها مرة ومرجعها إليه فليس له أن لا يزوجها إلا برضا المخدم والله أعلم. ص: "لا عكسه" ش: يحتمل أن يريد لا يجبر السيد على تزويج العبد والأمة إلا إذا قصد الإضرار وقاله ابن عبد السلام وتبعه في التوضيح ويكون عكسها من كل وجه ومعنى جبره ما أشار إليه في التوضيح أنه يؤمر بالتزويج أو البيع ويحتمل أن يريد أن لا يجبر على زواجهما إن احتاجا وإن قصد إضرارهما ونص كلام التوضيح عند قول ابن الحاجب فالمالك يجبر الأمة والعبد ولا يجبر هو لهما قوله "ولا يجبر هو لهما" أي إذا طلبا الزواج وأبى هو ذلك فلا يجبر لأنه يتضرر بالتزويج قال مالك في الموازية وإن تبين أن العبد والمكاتب محتاجان إلى النكاح وأن السيد ضار بهما فلا يقضى على السيد بنكاحهما عبد الحميد واختلف الناس في هذه المسألة: وكان بعض الشيوخ يقول الصواب عندي أن القول قول العبد لاشتداد الضرر به إذ ذاك ضرر في الدين وضرر في الدنيا وكان بعض المذاكرين يقول انظر إلى ما قاله ابن خويز منداد في الحر إذا كان لا قدرة له على التسري وله حاجة إلى النكاح يخاف منه العنت أن النكاح واجب عليه وإذا كان واجبا فالعبد يشاركه فيها ولأن بعض أصحابنا أوجبه للأب على ابنه انتهى. والظاهر أنه يؤمر بالتزويج أو البيع لقوله عليه الصلاة والسلام "لا ضرر ولا ضرار" 1 انتهى. كلام التوضيح وقال في العتبية في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان وسئل مالك عن العبد يشكو العزبة فيسأل سيده أن يبيعه لذلك ويقول وجدت موضعا ليس على سيده أن يبيعه ولو جاز ذلك لقال ذلك المخدم قال ابن رشد وهذا كما قال إنه ليس على الرجل واجب أن يبيع عبده ممن يزوجه إذ سأله ذلك وشكا العزبة وإنما يرغب في ذلك ويندب وليس امتناعه منه من الضرر الذي يجب به بيعه عليه كما ليس عليه أن يزوجه واجبا إذا سأله ذلك لأن قول الله عز وجل {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} ليس على الوجوب إنما هو أمر بالإنكاح على سبيل الحض والترغيب وإنما يباع عليه إذا ظهر ضرره من تجويعه وتعريته وتكلفه من العمل ما لا يطيق
ـــــــ
1 رواه أحمد في مسنده (1/313).

(5/51)


ولا مالك بعض وله الولاية والرد
-------------------------
وضربه في غير الحق إذا تكرر منه ذلك أو كان شديدا منهكا وهذا مما لا أعلم فيه اختلافا انتهى. ونقل في النوادر كلام العتبية في آخر كتاب الأقضية الثاني في ترجمة الرفق بالمملوك والنهك المبالغة في العقوبة قال في الصحاح نهكه السلطان عقوبة ينهكه نهكا ونهكه إذا بالغ في عقوبته انتهى. والله أعلم.
فرع: قال الشيخ أبو الحسن في شرح مسألة: عقد أحد الشريكين على الأمة المشتركة ولا يجوز لأحد أن يزوج الأمة لطول غيبة سيدها أو لعضلها انتهى. ص: "ولا مالك بعض وله الولاية والرد" ش: يعني أن مالك بعض الرقيق ليس له جبره على النكاح سواء كان البعض الآخر حرا أو رقيقا إلا إذا اتفق المالكان على الجبر فلهما ذلك وإذا انتفى عن مالك البعض الجبر فله الولاية على الأمة وله رد نكاحها ونكاح العبد إذا تزوجها بغير إذنه ويشكل عليه أن كلامه يقتضي إذا زوج الأمة المشتركة أحد السيدين أن للآخر الإجازة والرد وليس كذلك قال في النكاح الأول: من المدونة ولا ينكح أمة أو عبد بين رجلين إلا بإذنهما فإن عقد أحد الشريكين للأمة بصداق مسمى لم يجز وإن أجازه السيد الآخر ويفسخ وإن دخل ويكون بين السيدين الصداق المسمى إن دخل فإن نقص عن صداق المثل أتم للغائب نصف صداق المثل إن لم يرض بنصف التسمية انتهى. ولا يصح أن يقال يندفع الإشكال بأن يكون الألف واللام في الولاية والرد للعهد يعني أن الولاية المعهودة في الأمة المملوكة جميعا لشخص واحد والرد الذي للسيد في رقيق الإناث والذكور على كل حسب ما تقرر فيه وإنما لم يصح هذا لأن الولاية المعهودة في الأمة المملوكة جميعا لشخص واحد ولاية الجبر وقد نفاها وقال ابن الحاجب وإذا نكح الأبعد مع وجود المجبر لم يجز ولو أجازه كالأب ومثله السيد في أمته على الأرجح ولو كان شريكا قال في التوضيح وقيل يجوز في الأمة لخفة الأمر فيها والأصح ومقابله روايتان
فرع: وعلى المشهور أنه لا بد من فسخه فإن فسخ قبل البناء سقط الصداق عن الزوج ورجع به إن استهلكته أو ما نقص إن تجهزت به وإن لم يساوه الجهاز رجع على الذي زوجه إن غره ولم يعلمه أنه شريك يريد ويأخذ الجهاز وإن فسخ بعده وإن أجازه الشريك فإنما له نصف المسمى وإن لم يجزه أو أجازه ولم يرض بالصداق فالمشهور أن له الأكثر من المسمى وصداق المثل ويرجع الزوج بالزائد على الذي زوجه إن غره ويريد الجهاز بأن قال هي حرة أو هي لي وحدي والشاذ لأشهب أن ماله نصف المسمى ابن المواز ولا شيء للعاقد من الصداق إن غره فإن قال هي حرة أو هي لي وحدي قال الشيخان أبو محمد وأبو الحسن:

(5/52)


والمختار ولا أنثى بشائبة ومكاتب بخلاف مدبر ومعتق لأجل إن لم يمرض السيد ويقرب
--------------------
وإذا رجع على الغار بما دفع إليه ترك ربع دينار وقيل لا يترك له شيء وهذا إذا رضي الشريكان في الأمة بقسم المال وإن أباها أحدهما فعلى الزوج أن يكمل لها صداق المثل على المشهور ويكون بيدها فإذا اقتسماه رجع على الذي زوجها منه بما استفضل في نصفه إن لم يكن غره وبجميع الزيد إن غره كما ذكرنا انتهى. كلام التوضيح ويمكن أن يخرج هذا من كلام المصنف لنفيه عنه الجبر وهذا مجبر إذا وافقه شريكه قال ابن عرفة المالك ولو تعدد يجبر عبده وأمته انتهى. وهذا هو الظاهر فيكون داخلا في قوله بعد "وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر" انتهى. فتحصل من هذا أن مالك البعض ولو انتفى عنه الإجبار فلا تنتفى عنه الولاية سواء كان البعض الآخر ملكا لآخر أو حرا فإن تزوج العبد أو الأمة بغير إذنه فإن كان البعض الآخر ملكا لآخر فتقدم حكمه وإن كان حرا فقال ابن الحاجب ومن بعضه حر لا يجبر ولكنه كمالك الجميع في الولاية والرد قال في التوضيح لأن البعض الحر لا تصرف له فيه قال في البيان لا خلاف في ذلك وقوله"كمالك الجميع في الولاية على الأمة وفي رد نكاح العبد أو الأمة إذا تزوجها بغير إذن السيد" انتهى. وقال ابن عبد السلام يعني أن المعتق بعضه والمعتق بعضها سواء كان الجزء العتيق يسيرا أو كثيرا لا يجبر واحد منهما على التزويج إذ لا تسلط للمالك إلا على الجزء الرقيق فلو أجبر السيد الأمة أو العبد المذكورين على النكاح لكان متصرفا في ماله ومال غيره ومعنى قوله ولكنه كمالك الجميع ويفترقان في الإجبار خاصة وهذا بالنسبة إلى الأمة المعتق بعضها وأما العبد المعتق بعضه فلا يتصور فيه إلا الجبر خاصة فإذا انتفى الجبر لم يبق هناك مانع فقال ولكنه كمالك الجميع في الولاية بالنسبة إلى الأمة وفي الرد بالنسبة إلى العبد أو وليهما انتهى. وهذا يقتضي أن من بعضها حر إذا تزوجت بغير إذن من له البعض فنكاحها باطل وهو ظاهر لأن غايتها أن تكون كأحد الشريكين في الأمة والله أعلم. ص: "والمختار ولا أنثى بشائبة ومكاتب" ش: تصوره من كلام الشارح ظاهر وحيث انتفى إجبار السيد عنهم فلا تنتفي ولايته عنهم وله فسخ النكاح إن وقع بغير إذنه قال المتيطي بعد أن ذكر الأقوال الأربعة التي ذكرها الشارح واختيار اللخمي ولا يجب لأحد من

(5/53)


الأجل ثم أب وجبر المجنونة والبكر ولو عانسا إلا لكخصي على الأصح والثيب إن صغرت أو بعارض أو بحرام وهل إن لم تكرر الزنا تأويلان
--------------------------
هؤلاء أن ينكح إلا بإذن السيد انتهى. وفي النكاح الأول من المدونة في ترجمة نكاح الخصي والعبد ولا يتزوج مكاتب ولا مكاتبة بغير إذن السيد لرجاء فضل أو غيره لأن ذلك يعيبهما إذا عجزا فإن فعلا فللسيد فسخه انتهى. ص: "وجبر المجنونة" ش: قال في التوضيح وينبغي أن يلحق بالأب القاضي وهذا إذا كانت لا تفيق وأما إذا أفاقت أحيانا فلتنتظر إفاقتها انتهى. وفي شرح العمدة لمصنفها ما نصه ولا يزوج غير الأب من الأول: ياء إلا بإذن ومن لا إذن لها كالمجنونة والسفيهة لا يزوجها إلا من له ولاية الإجبار والحاكم والبلوغ المعتبر في الإذن بلوغ المحيض قال ابن حبيب أو بلوغ ثمان عشرة سنة واختلف في الإنبات فاعتبره ابن القاسم في المحتاج لدفع الضرر ولم يعتبره ابن حبيب وقال إن زوجت فسخ وإن بنى بها وقال غيره لا يفسخ لأنه مختلف فيه انتهى. وسيأتي الكلام على البلوغ عند قوله "فالبالغ" ص: "والبكر" ش: ويستحب للأب استئذانها قال ابن العربي في العارضة بواسطة لا مشافهة لأنها إن استحيت من ذكر النكاح مرة استحيت من ذكره مع أبيها مرارا وقال فيها قوله في الحديث "آمروا النساء في بناتهن" 1 هذا غير لازم بالإجماع وإنما هو مستحب فربما يكون عند أمها رأي صدر عن علم بها أو بالزوج ولأنه إذا كان برضاها حسنت صحبة زوج ابنتها ص: "إلا لكخصي" ش: انظر ما قاله هنا مع قوله مما يأتي "وللأم التكلم في تزويج الأب" ص: "وهل إن لم يتكرر الزنا تأويلان" ش: قال في العارضة هذا إذا كانت مشهورة محدودة وأما إن
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب النكاح باب 23، أحمد في مسنده (2/34).

(5/54)


لا بفاسد وإن سفيهة وبكرا رشدت أو أقامت ببينتها وسنة وأنكرت وجبر وصي أمره أب به أو عين له الزوج وإلا فخلاف وهو في الثيب ولي وصح إن مت فقد زوجت ابنتي لمرض وهل إن قبل
---------------------------
كانت غير مشهورة فلا يجوز أن يرتب نكاح على ما لم يثبت بل يجب الحد على من ذكره والله أعلم. ص: "وهو في الثيب ولي" ش: وهل يقدم على الولي أو يقدم عليه الولي قولان والقول بتقديم الوصي قال فضل هو قول مالك وأصحابه المدنيين والمصريين انتهى. من التوضيح وقال ابن سلمون وصي الأب أولى من الأول: ياء في مذهب مالك وابن القاسم ويشاور الولي انتهى. وقال في الإرشاد ووصي الأب مقدم في البكر وفي الثيب أسوتهم

(5/55)


بقرب موته؟ تأويلان ثم لا جبر فالبالغ إلا يتيمة خيف فسادها وبلغت عشرا وشوور القاضي وإلا صح إن دخل وطال.
-------------------
انتهى ص: "فالبالغ" ش: قال في الجواهر السبب الثالث الولاية العصوبة كالبنوة والأخوة والجدودة والعمومة ولا تفيد إلا تزويج العاقلة البالغة برضاها ثم قال البلوغ المعتبر في التزويج هو الحيض قال ابن حبيب أو بلوغ ثمان عشرة سنة واختلف في الإنبات ثم إن تزوجت به قال ابن حبيب يفسخ قبل البناء وبعده وقال محمد لا يفسخ إذا أنبتت وقال الشيخ زروق في كتاب الحج فأما الاحتلام والحيض والحمل فلا اختلاف في كونها علامات ويصدق في الإخبار عنها نفيا طالبا كان أو مطلوبا انظر بقية كلامه في باب الحج وفي البرزلي وسئل السيوري عن البكر اليتيمة تريد النكاح وتدعي أنها حائض هل يقبل قولها أو ينظر إليها هل أنبتت أم لا انتهى. وسئلت عن بكر غاب أبوها ودعت إلى التزويج وادعت البلوغ فأجبت إذا غاب الأب عن ابنته البكر غيبة انقطاع بمعنى أنه لا يرتجى قدومه أو غاب غيبة طويلة وكانت المسافة بعيدة كالشهرين ونحوهما ودعت البنت البكر إلى التزويج فإن القاضي يزوجها إذا كانت بالغا وللبلوغ خمس علامات الاحتلام والإنبات والحيض والحمل والسن وهو ثمانية عشرة سنة على المشهور ويقبل قولها في ذلك إذا أشبه وأما إن كانت غير بالغ فلا تزوج إلا إذا خيف عليها الفساد أو احتاجت إلى النفقة والله أعلم. ص: "والأصح إن دخل وطال" ش: هذا الذي مشى عليه المصنف من أنه إذا زوجت اليتيمة ولم يخف عليها الفساد أو لم تبلغ عشر سنين أو لم يشاور القاضي فسخ قبل البناء وبعده ما لم يطل بعد الدخول وهو الذي قال في المتيطية إنه المشهور وقال الشيخ أبو الحسن الصغير المشهور أنه يفسخ أبدا وهو الذي ذكره ابن حبيب وعزاه إلى مالك وقال قبل هذا الكلام وإذا فسخ هذا النكاح على قول من فسخه فالفسخ فيه بطلاق وما طلق فيه الزوج قبل الفسخ لزمه ويكون

(5/56)


وقدم ابن فابنه فأب فابنه فجد فعم فابنه وقدم الشقيق على الأصح والمختار فمولى ثم هل الأسفل وبه فسرت أولا وصحح فكافل وهل إن كفل عشرا أو أربعا أو ما يشفق تردد وظاهرها شرط الدناءة
-----------------------
فيه الميراث بينهما إن مات أحدهما قبل الفسخ ويكون فيه جميع الصداق المسمى في الموت قبل الدخول وبعده ونصفه إن طلق قبل الدخول وقبل الفسخ انتهى. ونحوه في المتيطية وابن سلمون ص: "وقدم ابن فابنه" ش: يعني أن الابن مقدم على سائر الأول: ياء وكذلك ابن الابن وإن سفل
تنبيه: هذا إذا لم تكن الابنة في حجر أبيها أو في حجر وصي لها أما إن كانت في حجر أبيها أو وصيها فالأب مقدم على الابن وكذلك الوصي ووصي الوصي قاله في الوثائق المجموعة وطرر ابن عات وذكره في شرح رجز ابن عاصم ص: "فحاكم" ش: لا بد من إثبات

(5/57)


فحاكم فولاية عامة مسلم
----------------------------------
فصول عند زواجها ذكره صاحب النوادر وصاحب التلقين وصاحب المفيد والمتيطي وابن سلمون وابن فرحون في تبصرته والبرزلي وغيرهم قال في المتيطية
فصل: إذا لم يكن للثيب ولي ممن ذكرنا ورفعت أمرها إلى السلطان وهي ثيب وزعمت أنها لا ولي لها وأنها ثيب مالكة أمر نفسها خلو من زوج وفي غير عدة منه كلفها الإمام إثبات ذلك قال فضل بن مسلمة وتثبت عنده أنها حرة وهكذا ذكره أصبغ في كتاب القضاء وأنها لا تصدق أنها لا زوج لها حتى تثبت أنها خلو من زوج وفي غير عدة منه وأنها حرة مخافة أن تكون أمة قوم قال الباجي وهذا على مذهب من يقول من أصحاب مالك وهو أشهب وغيره إن الناس بين حر وعبد وأما على مذهب ابن القاسم الذي يقول إن الناس أحرار فلا تحتاج إلى أن تثبت أنها حرة فإذا ثبت ما ذكرنا وحضرت مع الخاطب عنده واتفقا على النكاح والصداق وأقرت عنده بالرضا والتفويض عقد نكاحها أو قدم من يباشر عقده انتهى. ثم قال وقولنا في المرأة إنها خلو من زوج وفي غير عدة منه وأن لا ولي لها وأن ذلك في علم من شهد به هو الصواب لأن المرأة قد يمكن أن يكون لها ولي أو زوج ولا يعلمه الشهود انتهى. وما ذكره عن فضل بن مسلمة نحوه للبرزلي ونصه وزاد فضل ابن مسلمة في وثائقه أنها حرة وذكره أصبغ في كتاب القضاء إذ لعلها مملوكة الباجي هذا على قول أشهب إن الناس بين حر وعبد وعلى قول ابن القاسم إنها أحرار فلا يحتاج انتهى. وذكرها أيضا في المسائل الملقوطة عن الجزولي وذكر أيضا تثبت أنها حرة وذكر في موضع آخر أنه لا يحتاج إلى ذلك عند ابن القاسم وذكر في الباب الثامن والعشرين من التبصرة أنها لا تحتاج إلى إثبات الحرية وقال في التبصرة أيضا في الفصل الخامس من القسم الثالث في الركن السادس
مسألة: قال ابن راشد في المذهب: ينبغي للحاكم أن لا يمكن المرأة من النكاح إلا بعد ثبوت ما يتوصل به إلى ذلك وذلك على ثلاثة أقسام الأول: البكر اليتيمة البلدية إذا أرادت الزواج كلفها إثبات يتمها وبكارتها وبلوغها وخلوها من زوج وأنهم ما علموا أن أباها أوصى بها إلى أحد وأن لا أحد من القضاة قدم عليها مقدما وتثبت أيضا أن الأولى بنسب لها أو أن لها وليا فهو أحق بعقد النكاح عليها ويثبت كفاءة الزوج وأن الصداق مثلها على مثله قال

(5/58)


وصح بها في دنيئة مع خاص لم يجبر كشريفة دخل وطال
-----------------------------
فضل بن مسلمة: وأنها حرة ويسمع الشهود منها رضاها بالزوج وبالصداق وأنها فوضت للقاضي في إنكاحها بذلك وسماعهم منها صمتا لا نطقا الثاني الثيب البلدية وإذا طلبت الثيب البلدية الزواج كلفها أن تثبت أصل الزوجية وطلاق الزوج لها أو وفاته عنها وأنها لم تخلف زوجا أو تخلل ذلك طول وأن لا ولي لها الثالث: أن يكون الأب غير معروف ويأتي إلى الحاكم ليزوج ابنته فقد كلفه بعض قضاة العصر أن يثبت أن له ابنة انتهى. وذكر في المسائل الملقوطة في موضع آخر مسألة: ونصها وإذا قدمت المرأة من بلد بعيد بحيث لا يمكن أن تكلف البينة فقالت لا زوج لي فإنها تصدق وذكرها أبو محمد في النوادر وفي الأحكام لابن أبي زمنين وقال الباجي في وثائقه إذا قالت كان لي زوج ففارقني في الطريق ولا أدري أحي هو أو ميت فلها أن تقف إلى الشهود وتطلق نفسها لعسر النفقة ولا ترجع إلى القاضي لأنه لا يقضي إلا ببينة انتهى. من التقييد على التهذيب لأبي إبراهيم الأعرج انتهى. كلام المسائل الملقوطة وفي باب الطلاق على الغائب لعدم النفقة مسائل من هذا المعنى
تنبيهان: الأول: الفصول التي يحتاج إلى إثباتها عند الحاكم إذا أراد أن يزوج إذا كان القاضي هو المتولي للعقد فتثبت عنده وإن كان القاضي قدم رجلا للمناكح فإن كان فوض إليه إثبات تلك الفصول فتثبت عنده وإلا لم يصح له تزويج المرأة حتى تثبت تلك الفصول عند القاضي ويعلمه القاضي بذلك قاله ابن رشد في نوازله
الثاني: فإن زوجها القاضي من غير إثبات ما ذكر فالظاهر أنه لا يفسخ حتى يثبت ما يوجب فسخ النكاح في الموانع فإن هذه موانع يطلب انتفاؤها قبل إيقاع العقد وإذا وقع العقد لم يفسخ حتى يثبت ما يوجب رفعه ولم أر في ذلك نصا والله أعلم. ص: "وصح بها في دنية مع خاص لم يجبر كشريفة دخل وطال" ش: إنما تكلم المصنف على هذه المسألة: بعد الوقوع ولم يذكر حكم الإقدام على ذلك قال في أوائل النكاح الأول: من المدونة يكره أن يتزوج الرجل امرأة بغير إذن ولي قال أبو الحسن يعني ولي خاص ثم قال في المدونة قال ابن القاسم فإن فعل كره له وطؤها حتى يعلم وليها فيجيز أو يفسخ قال أبو الحسن حمل بعض الشيوخ الكراهة على بابها وهو عندي مشكل لأنه قال يعاقب وكيف يعاقب على المكروه ويحسن أن يقال وكره له وطؤها على المنع انتهى. وإن اطلع على ذلك فلا شك أنه يوقف حتى

(5/59)


وإن قرب فللأقرب أو الحاكم إن غاب الرد
--------------------------------
ينظر هل يجيزه الولي أو يرده قاله اللخمي فيما إذا كان الولي غائبا غيبة قريبة ونقله عنه أبو الحسن وهو يدل على المنع وفيها قبل الكلام المتقدم قيل لمالك من تزوج امرأة بغير إذن ولي بشهود أيضرب أحد منهم فقال أدخل بها قالوا لا وأنكر الشهود أن يكونوا حضروا فقال لا عقوبة عليهم ابن القاسم إلا أني رأيت منهم أنه لو دخل بها لعوقبت المرأة والزوج والذي أنكح ويؤدب الشهود أيضا إن علموا انتهى. قاله في التوضيح قوله "وأنكر الشهود" الخ أي أنكروا أن يكونوا علموا أن هذا النكاح لا يجوز بدليل قوله "ويؤدب الشهود" إن علموا هكذا قال أبو الحسن وجعل بعضهم فاعل "أنكر" ضميرا يعود إلى مالك أي وأنكر مالك أن يكون الشهود يحضرون مثل هذا انتهى. قال أبو الحسن كما قال في موضع آخر أنتم تقرأون العلم وتشهدون على مثل هذا انتهى. قال في التوضيح وقيد الباجي عدم عقوبتهم قبل البناء بما إذا كان النكاح مشهورا انتهى. وهو ظاهر لأنه إذا لمن يكن مشهورا فهو نكاح سر وهو يعاقب فيه قبل الدخول وبعده قال اللخمي أرى أنه لا عقوبة على الزوجين إذا كانا من أهل الاجتهاد وذلك مذهبهما أو كانا مقلدين من يرى ذلك أو كانا يجهلان ويظنان ذلك جائزا وإن كانا ممن يعتقد فساد ذلك فتستحسن العقوبة وكذلك البينة إذا علمت أنها تزوجت بولاية الإسلام ينظر إلى مذهبهما أو من يقلدانه انتهى. من أبي الحسن وقال الشيخ زروق في شرح الإرشاد يعني إن عقد صاحب الولاية العامة مع وجود الولي المجبر وهو الأب والمالك والوصي الذي جعل له ذلك فالنكاح باطل يفسخ مطلقا عياض اتفاقا وكذلك الخاص الغير المجبر مع المجبر يبطل عقده إلا ما تقدم في الكافل والحاكم في الفضل
تنبيهان: الأول: الدنية كالسوداء والمسلمانية والمعتقة قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد ومن في معناهما ممن لا يرغب فيه بحسب ولا مال ولا جمال
الثاني: يصح العقد بالولاية العامة في الدنية ولو تولى الزوج العقد بنفسه كما قاله اللخمي وسيأتي كلامه عند قول المصنف وابن عم ونحوه والله أعلم. ص: "وإن قرب فللأقرب أو الحاكم إذا غاب الرد" ش: يعني إذا اطلع على النكاح الذي عقد بالولاية العامة مع وجود الولاية الخاصة في الشريفة وكان ذلك بالقرب فللولي الخاص أن يرده وسواء دخل بها أو لم يدخل قال في المدونة قال ابن القاسم إذا أجازه الولي جاز دخل الولي أم لا وإذا أراد فسخه بحدثان الدخول فذلك له فأما إن طالت إقامته معها وولدت الأولاد أمضيته إن

(5/60)


وفي تختمه إن طال قبله تأويلان وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر
--------------------------------
كان صوابا ولم يفسخ وقاله مالك انتهى. فعلم من كلام ابن القاسم أنه إذا دخل وطال لم يفسخ وهو الذي قدمه المؤلف وعلم أيضا أنه إن لم يطل له الإجازة والرد دخل أم لا وبقي ما إذا لم يدخل وطال ففهم ابن التبان عنه أنه إذا طال تحتم فسخه عنده وعليه اقتصر ابن يونس ونصه تحصيل مذهب ابن القاسم فيها أنه إذا طال قبل البناء فلا بد من فسخه وإن كان بعد البناء فلا بد من إجازته وإنما يخير الولي في القرب كذا كان يدرسه بعض من لقيته من بعض شيوخنا انتهى. وكذا قال عنه في التوضيح ونصه واختلف الشيوخ في فهم هذا القول فقال ابن التبان إن كان قبل البناء بالقرب فللولي إجازته وفسخه وإن طال قبله فليس له إلا الفسخ وإن كان بقرب البناء فليس للولي أيضا فسخه وإجازته وإن طال بعده فليس له فسخه قال عبد الحق وقال غير ابن التبان إنه مخير قبل البناء وإن طال على مذهب ابن القاسم انتهى. وإلى هذين التأويلين أشار المصنف بقوله "وفي تختمه إن طال قبله تأويلان" وقوله أو"الحاكم إن غاب" ظاهره أنه ينتقل الأمر في ذلك إلى الحاكم إذا غاب الولي الأقرب ولا ينتقل للأبعد وهو كذلك على مذهب المدونة وظاهره سواء قربت غيبته أو بعدت وليس كذلك فيما إذا قربت غيبته بل يكتب إليه قال في المدونة وإذا استخلفت امرأة على نفسها رجلا فزوجها ولها وليان أحدهما أقعد بها من الآخر فلما علما أجازه إلا بعد ورده الأقعد فلا قول هنا للأبعد بخلاف التي زوجها الأبعد وكره الأقعد لأن ذلك نكاح عقده ولي وهذا نكاح عقده غير ولي فلا يكون فسخه إلا بيد الأقعد فإن غاب الأقعد وأراد الأبعد فسخه نظر فيه السلطان فإن كانت غيبة الأقعد قريبة بعث إليه وانتظره ولم يعجل وإن كانت غيبته بعيدة نظر السلطان كنظر الغائب في الرد والإجازة وكان أولى من الولي الحاضر انتهى. وقال أيضا بعده بنحو الورقة وإن كان وليها غائبا وقد استخلفت رجلا فزوجها فرجع أمرها إلى الإمام قبل قدوم وليها نظر الإمام في ذلك وبعث إلى وليها إن قرب فيفرق أو يترك وإن بعد نظر الإمام كنظره في الرد والإجازة وقال غيره إن بعدت غيبة الولي لم ينتظر وينبغي أن يفرق الإمام بينهما ويأتنف نكاحها منه إن أرادته ولا ينبغي إن ثبت نكاح عقده غير ولي في ذات الحال والقدر انتهى.
فرع: قال في المدونة في هذا المحل وإذا أراد الولي أن يفرق بينهما فعند الإمام إلا أن يرضى الزوج بالفراق دونه انتهى. ص: "وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر" ش: يعني أن النكاح

(5/61)


--------------------------------
يصح إذا عقده الأبعد مع وجود الأقرب إذا لم يكن مجبرا ولو كان الأبعد هو الحاكم قال في أوائل النكاح الأول: في المدونة وإن لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو من ابنه برضاها جاز ذلك لأنه ولي من لا ولي له وإن كان لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو من ابنه برضاها وأصاب وجه النكاح ولم يكن جور فليس لوليها فسخ ذلك أبو الحسن قوله "ولي من لا ولي له" مفهومه من لها ولي فليس بولي لها وليس كذلك بل القاضي ولي كل واحد انتهى. وقوله "إن لم يجبر" أي فإن كان الولي القريب مجبرا فلا يصح تزويج البعيد والمجبر هو الأب والوصي قال ابن عرفة ولو أنكح بكرا ذات وصي بغير إذن وليها ففي تحتم الفسخ وإجازته بإجازة الوصي ثالثها إن كان نظرا لم يفسخ لعياض عن ظاهرها وابن شعبان وبعض الشيوخ انتهى. والمالك أيضا مجبر كما تقدم
تنبيه: فإذا تعدد الأوصياء وكان وصي ومشرف فقال ابن رشد في الأجوبة ليس إنكاح أحد الوصيين دون إذن صاحبه بمنزلة إنكاح الوصي دون إذن المشرف لأن الوصيين وليان جميعا كالسيدين في الأمة لا يجوز لأحدهما أن ينفرد بالعقد عليها دون صاحبه إلا أن يوكله على ذلك فإن فعل كان العقد فاسدا كنكاح عقده غير ولي وأما المشاور فليس بولي ولا له من ولاية العقد شيء وإنما له المشاورة فإن أنكح الولي دون إذنه فالعقد صحيح إلا أنه موقوف على إجازته فإن مات المشرف وقف على نظر القاضي انتهى. ونقله ابن سلمون في أوائله وفي النوادر إذا عقد كل واحد من الوليين على وليته فنكاح كل واحد منهما مردود إلا أن يأذن كل واحد لصاحبه فيكون للأول منهما وذلك منهما وذلك في الوصيين والسيدين انتهى. بالمعنى
تنبيه: لو فرض للبنت أبوان كما في مسائل القافة فانظر هل يكونان كالوصيين وانظر في باب الوصايا كلام المدونة

(5/62)


ولم يجز كأحد المعتقين ورضا البكر صمت كتفويضها وندب إعلامها به
---------------------------------
تنبيه: يستثنى من مسألة: المؤلف عضل الولي ومسألة: الكافل على أحد الأقوال ص: "ورضا البكر صمت كتفويضها" ش: يعني أن الولي غير المجبر لا يزوج إلا برضاها ويكفي في رضا البكر الصمات وكذلك يكفي الصمات في تفويضها إليه العقد قال المتيطي وهذا هو ظاهر مذهب الموثقين قال وانظر إذا كانت غائبة عن موضع الولي والزوج وأرادت التفويض إليه والظاهر أنه لا بد من نطقها ولا ينبغي أن يختلف في ذلك انتهى. وفهم من كلام الشيخ أن الولي لا يعقد إلا بتفويض من المرأة وهو قول ابن القاسم قاله في التوضيح فائدة: في الحديث "البكر تستأذن وإذنها صماتها والأيم تعرب عن نفسها" 1 أي تبين والأيم في اللغة من لا زوج له ذكرا كان أو أنثى بكرا كانت أو ثيبا ولكن فهم من مقابلته
ـــــــ
1 رواه البخاري في كناب النكاح باب 41، كتاب الحيل باب 11. مسلم في كتاب النكاح حديث 64، 66، 68- أبو داود في كتاب النكاح باب 25. الترمذي في كتاب النكاح باب 18. النسائي في كتاب النكاح باب 31، 34، 52. ابن ماجة في كتاب الطلاق باب 11. الموطأ في كتاب النكاح 4. أحمد في مسنده (1/242) (2/250).

(5/63)


ولا يقبل منها دعوى جهله في تأويل الأكثر ، وإن منعت أو نفرت لم تزوج ؛ لا إن ضحكت أو بكت . والثيب تعرب كبكر رشدت ، أو عضلت ، أو زوجت بعرض ،
----------------------------
بالبكر وتأنيث فعله تخصيصه بالأنثى الثيب والله أعلم. ص: "أو بكت" ش: قال ابن عرفة ففي كونه إنكارا قولا الجلاب مع المتيطي عن ابن مسلمة وابن مغيث قائلا نزلت فاختلف فيها وحكم بإمضائه قلت: الصواب الكشف عن حال بكائها هل هو إنكار أو لا انتهى. وعزا في التوضيح القول بأنه رضا للموازية أيضا ولم يعزه له ابن عرفة فكأنه لم يره والله أعلم. ص: "كبكر رشدت" ش: يعني بعد البلوغ قاله في معين الحكام
فرع: فلو أراد الأب أن يرجع عن ترشيدها ويردها في ولايته فهل له ذلك قولان

(5/64)


أو برق ، أو بعيب ، أو يتيمة أو أفتيت عليها ، وصح إن قرب رضاها بالبلد وعلم يقر به حال العقد
---------------------------------
حكاهما في المعين والله أعلم. ص: "أو أفتيت عليها" ش: يعني أنه لا يكون رضاها إلا بالنطق قال في المدونة قال ابن القاسم وإذا بلغت اليتيمة فزوجها وليها بغير أمرها ثم أعلمها بالقرب فرضيت جاز ولا يكون سكوتها هنا رضا ابن يونس وإنما لم يجعل سكوتها رضا لتعديه في العقد قبل إعلامها فزوال الحياء عنها هو الذي أوجب أن يكون صمتها رضا والأول: إنما عقد بعد إعلامها فجعل سكوتها رضا كما جاء في الحديث ابن يونس فإن زوجها بغير أمرها ثم أعلمها بذلك فسكتت فأعلمها أن سكوتها رضا وترك ردها له نطقا يكون رضا به وأشهد عليها بذلك وكل ذلك وهي ساكتة لعد ذلك منها رضا ولا كلام لها بعد ذلك ابن المواز قال أشهب عن مالك في امرأة زوجها أخوها ثم مات الزوج قبل البناء فقال ورثته لم تكن رضيت قال تسأل هي الآن فإن قالت كنت رضيت فذلك لها ومن المدونة وإن كانت

(5/65)


وإن أجاز مجبر في ابن وأخ وجد فوض له أموره ببينة جاز ، وهل إن قرب تأويلان ، وفسخ تزويج حاكم أو غيره ابنته في كعشر وزوج الحاكم في كإفريقية ، وظهر من مصر وتؤولت أيضا بالاستيطان كغيبة الأقرب الثلاث ، وإن أسر أو
-------------------------------
بغير البلد أو فيه فتأخر إعلامها لم يجز وإن رضيت قال سحنون وهذا قول مالك الذي عليه أصحابنا انتهى. وقال في التوضيح في المسائل التي لا يعذر فيها بالجهل ومنها المرأة تزوج وهي حاضرة فتسكت ولا تنكر حتى يدخل بها الزوج ثم تنكر النكاح وتقول لم أرض به وتدعي الجهل انتهى. ص: "وإن أجازه مجبر الخ" ش: تصوره واضح وقوله "مجبر" يشمل البنت البكر والأمة وهو كذلك كما صرح به في النكاح الأول: من المدونة وفي ترجمة نكاح العبد بغير إذن سيده والله أعلم. ص: "وفسخ تزويج حاكم أو غيره ابنته في كعشر وزوج الحاكم في كإفريقية وظاهرها من مصر وتأولت أيضا بالاستيطان كغيبة الأقرب الثلاث وإن أسر أو

(5/66)


فقد فالأبعد:
--------------------------------
فقد فالأبعد" ش: أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى اختصار كلام ابن رشد في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح فإنه قال غيبة الأب على ابنته البكر على ثلاثة أقسام أحدها أن تكون قريبة كعشرة أيام وما أشبه ذلك فلا خلاف أنها لا تزوج في مغيبه فإن زوجت فسخ النكاح زوجها الولي أو السلطان قاله في الواضحة انتهى. قال في التوضيح زاد في المتيطية عن ابن القاسم ويفسخ وإن ولدت الأولاد وإن أجازه الأب انتهى. وإلى هذا القسم أشار المصنف بقوله وفسخ نكاح حاكم أو غيره ابنته في كعشر والضمير في قوله ابنته عائد على المجبر في قوله "وإن أجازه مجبر" الخ
تنبيه: قيد الرجراجي عدم تزويجها بأن لا يتبين ضرر الأب فإن تبين زوجت وهو ظاهر وسيأتي كلامه ثم قال ابن رشد الثاني أن تكون غيبته بعيدة منقطعة مثل إفريقية أو طنجه أو الأندلس من مصر وما أشبه ذلك فاختلف في ذلك على أربعة أقوال أحدها أن الإمام يزوجها إذا دعت إلى ذلك فإن كانت نفقته جارية عليها ولم يخف عليها ولا استوطن الأب البلد الذي هو به وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية وفي المدونة وقد تؤول على المدونة من قوله فيها وأما من خرج تاجر الغير مقام فلا يزوجها ولي ولا سلطان وإن أرادته وليس يريد المقام بتلك البلدة فلا تهجم للسلطان على ابنته أنها لا تزوج إلا أن يستوطن ذلك البلد ويطول مقامه فيه العشرين سنة والثلاثين حتى يؤيس من رجعته وهذا قول ابن حبيب الثالث: أنها لا تزوج أبدا وإن طال مقامه وهو ظاهر قول مالك في الموازية وهو قول ابن وهب في رسم الأقضية من سماع يحيى انتهى. وهو قول ابن رشد مثل أفريقية من مصر تفسير منه لقول مالك في كتاب النكاح الأول: من المدونة ومن غاب عن ابنته غيبة انقطاع كمن خرج إلى المغازي إلى

(5/67)


----------------------------------
مثل إفريقية والأندلس وطنجة فأقام بها فرفعت أمرها إلى السلطان فلينظر إليها وليزوجها وأما إن خرج تاجرا أو في سفر لغير مقام فلا يزوجها ولي ولا سلطان وإن أرادته الابنة انتهى. فحمل قوله في المدونة "إلى مثل إفريقية" على أن المراد من مصر واستبعد ذلك ابن عبد السلام قال لأن المسألة: من كلام مالك في المدونة ويحتمل أن يريد ذلك مثل إفريقية من المدينة انتهى. وعلى ذلك حملها الرجراجي كما سيأتي في كلامه وإلى هذا القسم أشار المصنف بقوله "وزوج الحاكم في كإفريقية وظهر من مصر وتؤولت أيضا بالاستيطان" فصدر بالقول الأول: الذي صدر به ابن رشد وقال إنه ظاهر المدونة والعتبية وأشار إلى تفسير ابن رشد المدونة بقوله وظهر من مصر ثم أشار إلى القول الثاني لأن ابن رشد ذكر أن المدونة تؤولت عليه وأفاد بقوله أولا أن المدونة تؤولت على الأول أيضا واقتصر على هذين القولين لقوتهما عنده لأن المدونة تؤولت عليهما وصدر بالأول لأن ابن رشد ضعف القول الثاني فإنه قال في آخر شرح هذه المسألة: وأما الاعتبار بالاستيطان فلا وجه له انتهى.
تنبيهات: الأول: علم من كلام المدونة وكلام ابن رشد أن هذا الخلاف إنما هو إذا كانت غيبة الأب عن ابنته غيبة انقطاع بمعنى أنه طالت إقامته بحيث لا يرتجى قدومه بسرعة غالبا وأما من خرج لحاجة أو تجارة ونيته العود ولم تطل إقامته فلا تزوج ابنته وصرح بذلك الرجراجي وابن الحاجب وغيرهما وربما يستروح ذلك من قول المصنف وتؤولت أيضا بالاستيطان قال الرجراجي غيبة الأب عن ابنته البكر على وجهين غيبة انقطاع وغيبة ارتجاع وغيبة انقطاع بمعنى الغلبة والاضطرار أو على معنى الترفه والاختيار فإن كانت على معنى الغلبة والاضطرار كالأسير فإن كانت البنت في حرز وتخصيص ونفقة جارية ولم تدع إلى النكاح فلا تزوج في غيبة إذ لا يجبرها سواه وإن دعت إلى النكاح زوجت إن كانت بالغة وإن كانت في غير حرز وتحصين أو كانت في حرز ولا كفاية ولا مؤنة معها فإنها تزوج إذا خشي عليها الفساد والضيعة دعت إلى النكاح أم لا وإن كانت غيبة الانقطاع على معنى الترفه والاختيار فلا يخلو من أن تعلم حياته أو تجهل فإن علمت حياته وكان موضعه قريبا فلا خلاف أنه لا يفتات عليه في إنكاح بناته دعون إلى ذلك أم لا إلا أن يتبين ضرره بهن فيكون كالعاضل فإن الإمام يتقدم إليه إما أن يزوجها وإلا زوجها عليه الإمام وإن كان بعيد الغيبة كالأندلس من المدينة فالمذهب على قولين أحدهما أنها تزوج بلا تفصيل وهو ظاهر المدونة والثاني أنها لا تزوج إلا أن يخشى عليها الفساد والضيعة وهو ظاهر قول مالك في كتاب محمد وإن جهلت حياته فظاهر المذهب الإمام ينظر لها ويعقد عليها ولمالك في كتاب محمد أن الأخ يزوجها برضاها وهذا الخلاف مبني على الخلاف في المفقود هل حكمه حكم الحي أو الميت
وأما إن كانت غيبة الأب غيبة ارتجاع كمن خرج لتجارة أو لطلب حاجة لا إشكال في

(5/68)


---------------------------------
هذا الوجه أنه لا يتعرض للنظر في أمور بناته على أي حالة هو عليها كما لو كان حاضرا انتهى. باختصار وقال ابن الحاجب ويعتبر في غيبة أبي البكر إلى مثل إفريقية لغير تجارة قال في التوضيح واحترز بقوله لغير تجارة مما لو خرج إلى تجارة فإنها لا تزوج لأن الغالب فيها أن يرجع عاجلا انتهى. وقال ابن عبد السلام ومراد المؤلف بقوله "لغير تجارة" ما قاله في المدونة غيبة انقطاع لكن فيه مسامحة لأن غير التجارة أعم من الانقطاع ومثل ما قال في المدونة نص عليه ابن المواز والقاضي عبد الوهاب انتهى. فعلم من هذا أن المراد بقول المصنف "وزوج الحاكم في كإفريقية" ما إذا كانت غيبته غيبة انقطاع يعني أنه لا يرجى عوده بسرعة غالبا وليس معناه الاستيطان الذي هو السكنى بنية عدم الانتقال لأنه لا يشترط في القول الأول: وقوله في المدونة وابن الحاجب فيمن خرج لتجارة لا تزوج يريد والله أعلم. إذا لم تطل إقامته كما يفهم من قوله في التوضيح لأن الغالب أن يرجع عاجلا ويفهم أيضا ذلك من كلام عبد الوهاب الآتي والله أعلم.
الثاني: ما ذكره من أمنها تزوج في القول الأول الراجح وإن كانت نفقة الأب جارية عليها ولم يخف عليها الضيعة إنما ذلك إذا كانت بالغة أما إذا كانت دون البلوغ ونفقته جارية عليها ولم يخف عليها الفساد فلا تزوج وهذا ظاهر فإن اليتيمة إذا كانت بهذه المثابة فلا تزوج فأحرى التي أبوها حي نعم إذا خيف عليها الفساد أو انقطعت عنها النفقة فتزوج حينئذ قبل البلوغ وصرح بذلك اللخمي ونقله أبو الحسن عن عبد الوهاب قال اللخمي إذا كان سفر الأب قريبا لم تزوج وكذلك إذا كان بعيدا أو أسر أو فقد وهي في حال صيانة ولم تدع إلى التزويج فإن دعت إليه ولم تكن منه نفقة وهي تحت حاجة زوجت وإن كانت نفقته جارية عليها وكان أسيرا أو فقيدا زوجت واختلف إذا علمت حياته ولم يكن أسيرا فظاهر الكتاب أنها تزوج وفي كتاب محمد لا تزوج وإن خشي عليها الفساد زوجت ولم تترك دعت إلى ذلك أم لا والتزويج إذا كانت النفقة جارية عليها وهي بحال الصيانة إنما يصح بعد البلوغ وإذا عدمت النفقة وكانت تحت الحاجة أو خشي عليها الفساد يصح وإن لم يكن بلوغ انتهى. وقال أبو الحسن الصغير قال عبد الوهاب إذا غاب الأب غيبة انقطاع فإن كانت حياته معلومة ومكانه معروفا إلا أن استئذانه يتعذر وهي بالغة فاختلف في جواز نكاحها فقال مالك يزوجها الإمام إن رفعت إليه وقال عبد الملك لا يجوز إنكاحها في حياة الأب بوجه وقال ابن وهب إن قطع عنها النفقة جاز إنكاحها برضاها وإن أكرهها لم يجز ووجه قول مالك أن طول غيبته ضرر بها فهو كما لو عضلها انتهى.
الثالث: هذا الخلاف إنما هو إذا كانت نفقته جارية عليها قال ابن رشد بعد حكاية الأقوال الأربعة المتقدمة ولا اختلاف بينهم إذا قطع الأب عنها النفقة في غيبته وخشيت عليها الضيعة في أنها تزوج وإن كان ذلك قبل البلوغ وإنما اختلفوا هل يزوجها هنا

(5/69)


-------------------------------
السلطان وهو المشهور أو الولي وهو قول ابن وهب والله أعلم. انتهى. وظاهر كلام عبد الوهاب المتقدم وكلام ابن يونس في التوضيح أن الخلاف جار سواء كانت النفقة جارية أم لا فتحصل في ذلك طريقان وقد تقدم أن الراجح أنها تزوج مع إجراء النفقة فأحرى إن انقطعت والله أعلم. ثم قال ابن رشد في الرسم المذكور الثالث: أن يكون الأب أسيرا أو فقيدا فلا اختلاف في أن الإمام يزوجها إذا دعت إلى ذلك وإن كانت في نفقته وأمنت عليها الضيعة انتهى. وقال في التوضيح المشهور أن الولي يزوجها وإن كانت نفقته جارية عليها ولم يخف عليها الضياع قال في المتيطية وبهذا القول القضاء وقال عبد الملك ليس لهم ذلك إلا بعد أربع سنين من يوم فقد وقال أصبغ لا تزوج بحال انتهى. وهو ظاهر كلام الشيخ زروق في شرح الإرشاد وإن الولاية تنتقل للأبعد ونصه فإن أسر أو فقد انتقل للأبعد وإن كان مجبرا على المشهور المتيطي وبه القضاء وقال بعض الموثقين وإذا فرعنا على المشهور فينبغي أن يثبت الولي عند الحاكم طول غيبة الأب وانقطاع خبره والجهل بمكانه وحينئذ يبيح للولي إنكاحها انتهى. وفي الطراز إن الإمام يزوجها إذا دعت إلى ذلك فجعل ذلك للحاكم دون الولي وهو الصواب أي وفرق بين هذه والتي قبلها انتهى. وإلى هذا القسم أشار المؤلف بقوله "وإن أسر أو فقد فالأبعد" فمشى على ما شهره في المتيطية وأما قوله "كغيبة الأقرب الثلاث" يعني أن المرأة إذا كان لها وليان أحدهما أقرب من الآخر فالولاية للأقرب فإذا غاب هذا الأقرب فهل يسقط حقه وتنتقل الولاية للأبعد أم لا قال المصنف إن كانت غيبته على مسافة ثلاث ليال يريد فأكثر فإن الولاية تنتقل للحاكم لا للأبعد لأن غيبة الأقرب لا تسقط حقه والحاكم وكيل الغائب وهذا معنى قوله "كغيبة الأقرب الثلاث" ومفهومه أنه لو كانت غيبة الأقرب على مسافة أقل من ثلاث ليال لا تنتقل الولاية للحاكم وهو كذلك إلا أن المصنف لم يذكر ما يفعل والحكم في ذلك أنه يرسل للولي ويعلمه قال ابن عرفة وقرب غيبة الولي كحضوره وبعيدها قال الشيخ روى ابن وهب إن بعدت غيبة الولي زوج السلطان ثم قال وفي كون السلطان بغيبة الأقرب أحق من الأبعد أو العكس قولها ونقل اللخمي انتهى. وانظر إذا أسر الأقرب غير الأب أو فقد وظاهر كلام الشيخ زروق في شرح الإرشاد أن الولاية تنتقل للأبعد ونصه فإن أسر أو فقد انتقل للأبعد وإن كان مجبرا على المشهور المتيطي وبه القضاء انتهى. ويمكن أن يحمل كلام المصنف على ذلك ويكون قوله "وإن أسر" أي الأب أو الولي الأقرب انتقلت الولاية للأبعد فتأمله والله أعلم.
فرع: قال المتيطي إذا زوج الحاكم فإن كانت بكرا ذكرت معرفة الشهود أن النكاح نظر لها وأن الصداق مهر مثلها كما يفعل في الوصي إذا لعلة واحدة ولا ينبغي أن يذكر في هذا النظر أنه ثبت عنده شيء مما يجب كما يفعل في إنكاحه لها غيره فانظره ص: "

(5/70)


كذي رق وصغر وعته وأنوثة لا فسق وساب الكمال ، ووكلت مالكة ووصية ومعتقة ، وإن أجنبية ، كعبد أوصي ، ومكاتب في أمة طلب فضلا ، وإن كره سيده ومنع إحرام من أحد الثلاثة ككفر لمسلمة وعكسه
--------------------------------
"كذي رق وصغر وعته وأنوثة" ش: مراد المصنف والله أعلم. أن يذكر شروط الولي بنفي الولاية عمن اتصف بضد الشروط قال ابن الحاجب ولا ولاية لرقيق على ابنته ولا غيرها ويقبل لنفسه ولموكله بإذن سيده وبغير إذنه ولا صبي ولا معتوه ولا تزوج امرأة نفسها ولا غيرها بل تلي على عبدها وعلى الذكر المولاة هي عليه قال في التوضيح شروط الولاية ثمانية ستة متفق عليها واثنان مختلف فيهما فالستة أن يكون حرا بالغا عاقلا ذكرا حلالا مسلما والاثنان أن يكون رشيدا عدلا انتهى. فمراد المصنف رحمه الله بكلامه هذا ذكر شروط الولاية بنفي الولاية عمن اتصف بضد الشروط فهو مشبه بما تقدم في سقوط الولاية عمن اتصف بوصف من هذه الأوصاف لا في الانتقال فقد لا يكون هناك غيره وإلا فقد يشكل ذكر الأنوثة سواء قلنا التشبيه راجع لانتقال الولاية أو لسقوطها لأن المرأة إذا لم تكن وصية ومالكة معتقة لا يمكن أن توصف بالولاية لأن أنوثتها لا تفارقها بخلاف العبد والصبي والمعتوه فإن المانع لهم عارض غير ذاتي يرتجى زواله والله أعلم. ص: "كعبد أوصي" ش: قال ابن

(5/71)


إلا لأمة ومعتقة من غير نساء الجزية وزوج الكافر لمسلم وإن عقد مسلم لكافر ترك وعقد السفيه ذو الرأي بإذن وليه وصح توكيل زوج الجميع لا ولي إلا كهو وعليه الإجابة لكفء وكفؤها أولى .
---------------------------------
رشد وأما العبد والكافر في بناتهما فلا يعقدان النكاح عليهن ولا يستخلفان على ذلك أحدا ولا اختلاف في هذا فالعبد يزوج ابنه وابن من أوصى إليه ولا يزوجا بنته أو يستخلف من يزوج ابنة من أوصى إليه ولا يزوجها هو وكذلك النصراني سواء مثل العبد في هذا والمرأة تلي العقد على من إلى نظرها من الذكور ولا تليه عمن إلى نظرها من النساء لكنها تستخلف على ذلك رجلا يصح له العقد انتهى. وانظر المسألة: في أول رسم من سماع ابن القاسم وفي آخر رسم باع شاة من سماع عيسى من كتاب النكاح والله أعلم. ص: "وصح توكيل زوج

(5/72)


فيأمره الحاكم ثم زوج ولا يعضل أب بكراً برد متكرر حتى يتحقق وإن وكلته ممن أحب عين وإلا فلها الإجازة ولو بعد لا العكس ولابن عم ونحوه تزويجها من نفسه إن عين بتزوجتك بكذا وترضى وتولى الطرفين وإن أنكرت العقد صدق الوكيل إن ادعاه الزوج
-----------------------------
الجميع" ش: يتناول بظاهره المحرم ولا يصح عقده والله أعلم. ص: "لا العكس" ش: يعني إذا وكل الرجل رجلا يزوجه ولم يعين له المرأة فزوجه امرأة ولم يعينها لزمه ذلك إذا كانت المرأة ممن تليق به قاله في المتيطية ص: "ولابن عم ونحوه إن عين تزويجها من نفسه بتزوجتك بكذا وترضى وتولى الطرفين" ش: قال الشيخ زروق في شرح الإرشاد يعني أن الولي إذا كان ابن عم أو وصيا أو كافلا أو مولى أعلا فأراد تزويج وليته من نفسه له ذلك ويتولى طرفي العقد فيعقد عليها لنفسه ولها على نفسه قال في المدونة وليشهد على ذلك غيرهما وللخمي عن المغيرة لا يعقد ولا بد أن يوكل غيره فيزوجها منه والمشهور الأول: وعليه فلو قالت زوجني ممن أحببت فزوجها من نفسه أو لغيره لم يجز حتى يسمى لها من يزوجها منه ولها أن تجيز أو ترد انتهى. وقال في شرح العمدة فإذا رضيت به أشهد على رضاها خوف إنكارها ولا يشترط ذلك بل يستحب فإن كان عقد عليها من غير تعريفها فالمشهور أنه لا يلزمها انتهى. ونحو ابن العم الحاكم وقد صرح به في المدونة ونقله في الشامل فظاهر إطلاقاتهم صحة ذلك في الولاية

(5/73)


وإن تنازع الأول: ياء المتساوون في العقد أو الزوج نظر الحاكم وإن أذنت لوليين فعقدا فللأول
-----------------------------
العامة خصوصا عبارة التلقين ونصه وللولي أن يلي نكاح نفسه من وليته التي يجوز له نكاحها بأي شيء كانت ولايته انتهى. وصرح بذلك اللخمي فقال ما نصه باب إذا كان الزوج وليا هل توكله فيزوجها من نفسه اختلف فيه فأجازه مالك وغيره من أصحابه فيكون زوجا وليا وحكى ابن القصار عن المغيرة وأحمد أن ذلك جائز إذا وكل غيره وكذلك إذا كانت المرأة لا ولي لها وصار الأمر إلى ولاية الإسلام أو كانت دنية لا قدر لها يجوز أن توكل من يزوجها على العقد فيعقد ذلك من نفسه وإن لم يكن من أوليائها ويمنع ذلك على قول المغيرة وغيره إلا أن يوكل غيره يعقد لها منه والأحوط أن يوكل غيره فإن وكله مضى وجاز انتهى. والله أعلم. ص: "وإن تنازع الأول: ياء المتساوون في الزوج أو العقد نظر الحاكم" ش: هكذا ذكر في التوضيح عن ابن سعدون أن قوله في المدونة وإن اختلفت الأول: ياء وهم في العقد سواء نظر السلطان يحتمل أن اختلافهم فيمن يعقد أو في الزوج لكن قال ابن عرفة إن كان في الزوج تعين من عينته المرأة إن كان كفؤا وهو ظاهر فتحمل المسألة: فيما إذا لم تعين أحدا وفوضت إليهم وأما إذا اختلفوا فيمن يلي العقد فحصل ابن عرفة في ذلك ستة أقوال الأول: اللخمي عن المدونة ينظر السلطان الثاني لعبد الحق عن بعض القرويين تعين المرأة أحدهم الثالث: للخمي عن ابن حبيب أفضلهم فإن استووا فأسنهم فإن استووا وليه كلهم إن تشاحوا وزاد المتيطي والباجي عن ابن حبيب وليس للمرأة أن تفوض لأحدهم دون سائرهم لأنه حق الولي قلت: وعلى هذا اقتصر ابن الحاجب وانظر قوله "وليه كلهم" هل معناه أن يقولوا له جميعا زوجناك فلانة ولفظه في مختصر الواضحة فإن استووا في الفضل والسن فذلك إليهم كلهم يجتمعون على عقد ذلك عليها انتهى. ولا إشكال إن فوضوا جميعا لرجل يعقد عليها والله أعلم. الرابع: للكافي أفضلهم فإن استووا عقد السلطان أو من يعينه منهم الخامس أيضا يعين أحدهم ولا يعقد هو السادس اللخمي لو قيل يعقدون أجمعون دون تعيين الأفضل كان حسنا ولا إشكال إن بادر أحدهم وعقد في صحة عقده وإنما الكلام هل يجوز له الإقدام على ذلك قال ابن عبد السلام ينبغي أن لا يقدم على ذلك حتى يعلم بما عند الباقين لأن لكل واحد منهم مثل ما للآخر وقال في التوضيح لا يقدم على ذلك ابتداء لكن مقتضى كلامه في المدونة أن لبعض الأول: ياء إذا كانوا في درجة أن يزوج ابتداء بغير إذن الباقين والله أعلم. ص: "وإن أذنت لوليين فعقد فللأول إن لم يتلذذ الثاني بلا علم" ش: أذنت لوليين يعين بأن تكون

(5/74)


إن لم يتلذذ الثاني بلا علم ولو تأخر تفويضه
---------------------------------
فوضت إليهما في رجلين معينين أو لما عين لها الثاني ناسية الأول: قاله في التوضيح ومفهوم قوله"إن لم يتلذذ الثاني" فإن تلذذ فهي للثاني وهو كذلك وانظر لو خلا بها ثم تصادق هو والزوجة على أنه لم يقع منه تلذذ ولا وطء ما الحكم هل تكون هذه الخلوة فوتا على الأول أولا تكون فوتا وظاهر نصوصهم أن الدخول فوت وانظر أيضا إذا ثبت للثاني هل يفسخ نكاح الأول: بطلاق أو بغير طلاق والظاهر أنه يفسخ بطلاق لأنه مختلف فيه والله أعلم.
فرع: فإن لم يدخل أحدهما وجهل الأول: فهل تصدق المرأة أو الوليان أن أحدهما هو الأول فيه قولان: مذهب المدونة عدم التصديق وقول أشهب في الواضحة التصديق قاله في المقدمات قال وانظر إذا أقر أحد الوليين أنه زوج وقد علم بتزويج الآخر قبله هل يصح له النكاح ولا يفرق بينهما أو لا انتهى. ومفهوم قوله "بلا علم" أنه لو علم ودخل لم تفت بذلك وهو كذلك قال ابن الحاجب أما لو دخل بعد علمه لم ينفعه الدخول وكانت للأول منهما قال في التوضيح إن من شرط كونها للثاني أن يدخل وهو غير عالم بالأول: لقوة الشبهة أما لو دخل بعد علمه بأنه ثان فلا انتهى. ونحوه لابن عبد السلام ولا يفيده طلاق الأول أو موته قاله ابن الحاجب وانظر هل يحد أو لا يحد والله أعلم.
فرع: فإن لم يعلم الأول منهما ودخلا جميعا فسخ النكاحان قاله في المقدمات قال ويدخل الخلاف المذكور في تصديق المرأة أو الوليين على الأول: منهما إلا أنه يكون على كل واحد منهما صداقها المسمى بالمسيس انتهى. وأما إذا دخلا جميعا وعلم الأول: منهما في العقد إلا أن الزوج الثاني لم يعلم بعقد الأول: فلو كان دخول الثاني قبل دخول الأول: فالظاهر أنها له لكونه دخل بها ولم يعلم بعقد الأول: وأما إن كان الأول: هو الذي دخل قبل الثاني قال ابن بشير لا شك في مضي نكاحه وإبطال إنكاح الآخر انتهى. وقال الرجراجي لا خلاف أنها للأول ويفسخ نكاح الثاني انتهى. إلا أنهما قالاه فيما إذا دخل الأول: ولم يدخل الثاني والظاهر أنه كذلك في مسألتنا لأنه لما أن دخل الأول: فاتت على الثاني كما قالا فوطئ الثاني بمنزلة من عقد على زوجة شخص ودخل عليها والله أعلم.

(5/75)


إن لم تكن في عدة وفاة ولو تقدم العقد على الأظهر وفسخ بلا طلاق إن عقدا بزمن أو لبينة بعلمه أنه ثاني لا إن أقر أو جهل الزمن
----------------------------
ص إن لم تكن في عدة وفاة ولو تقدم العقد على الأظهر" ش: هذا شرط في تفويت دخول الثاني بها وفهم من قوله "في عدة وفاة" أن طلاق الأول لا يضر الثاني سواء عقد الثاني ودخل قبل طلاق الأول: أو عقد ودخل بعد طلاقه أو عقد قبل طلاقه ودخل بعد طلاقه وهو كذلك لأنه طلاق قبل البناء فلا عدة فيه وأما في وفاة الأول: فإن عقد الثاني ودخل قبل موته فهي له ولا ترث الأول وأما إذا كان العقد والدخول بعد الموت فهي في عدة الأول: وترثه وتحرم على الثاني على التأبيد وكذلك إن وقع العقد قبل الموت والدخول بعده على ما اختاره ابن رشد وانظر التوضيح وكان الأليق بقاعدة المؤلف أن يشير لابن رشد بالفعل لأنه اختاره من نفسه لا من الخلاف وإنما خرجه على مسألة: المفقود قاله ابن عرفة والله أعلم. ص: "وفسخ بلا طلاق أن عقدا بزمن أو لبينة بعلمه أنه ثان لا إن أقر أو جهل الزمن" ش: اعلم أن المصنف رحمه الله ذكر أربع مسائل يفسخ فيها النكاح لكن اثنتان بطلاق وثنتان بغير طلاق وبعضها يفسخ فيها النكاحان معا وبعضها يفسخ نكاح أحدهما وبعضها يفسخ النكاح قبل الدخول وبعده وبعضها قبل الدخول فقط وجمعها المصنف للاختصار فقوله وفسخ بلا طلاق إن عقدا بزمن أشار به إلى إحدى المسألتين اللتين يفسخ النكاح فيهما بلا طلاق وهي مما يفسخ فيها النكاحان معا قبل الدخول وبعده وما ذكره المصنف هنا من أن الفسخ بلا طلاق هو الذي ارتضاه في التوضيح

(5/76)


-----------------------
وقال ابن الحاجب إن المشهور الفسخ بطلاق وسلمه ابن عبد السلام إلا أنه استظهر الفسخ فيها بغير طلاق وقال المصنف في التوضيح ولعل ابن عبد السلام اعتمد على المصنف وما ذكره المصنف يعني ابن الحاجب من أنه يفسخ بطلاق مع الاتحاد لم أره وهو مشكل لاستحالة الشركة في الزوجة شرعا فلم تدخل في عصمة أحدهما انتهى. وقال البساطي بعد نقله كلام التوضيح وأقول لم أرى من ذكر هذه المسألة أصلا انتهى. فإن عنى بذلك أنه لم يطلع على من قال فيها إن الفسخ بطلاق كما قاله المصنف فظاهر وإن عنى بذلك أنه لم يطلع على من نص على مسألة: اتحاد العقدين بزمن ظاهر لأن المسألة نص عليها اللخمي والرجراجي ونقلها ابن عرفة وأبو الحسن الصغير عن اللخمي وسيأتي كلامهم
تنبيه: قال ابن عبد السلام ولو اتحد زمن العقدين حتى لا يكون أحد الزوجين هو الأول: أو تعدد الزمن ولكن جهل الأول: من الزمانين مع الجهل بالأول: من الزوجين فلا شك على المشهور أن من دخل من الزوجين أولى ولظهور الحكم في هذا الوجه سكت عنه المصنف يعني ابن الحاجب ولو لم يقع دخول ففيها ثلاثة أقوال وذكرها فقوله "فلا شك على المشهور أن من دخل من الزوجين أولى "قد يتبادر منه أن ذلك راجع إلى المسألتين معا وليس كذلك بل هو راجع إلى المسألة: الأخيرة فقط وهي مسألة: ما إذا جهل الزمان وعلى ذلك حمله في التوضيح كما يظهر من كلامه لمن تأمله ورجوعه لمسألة اتحاد زمن العقدين مشكل لأنه خلاف المنصوص قال الرجراجي وأما الوجه الثالث: وهو ما إذا فوضت أمرها إلى أكثر من واحد مثل أن تفوض أمرها إلى رجلين فزوجهما هذا من رجل وهذا من رجل فلا يخلو ذلك من وجهين أحدهما أن يكونا عقدا معا والثاني أن يتقدم أحدهما بالعقد على الآخر فإن عقدا عليها معا فلا خلاف في المذهب في فسخ النكاح من غير اعتبار بالدخول انتهى. وقال اللخمي ولو عقد الوليان في مجلس واحد من رجلين معا لم يتقدم أحدهما الآخر يفسخ النكاحان جميعا دخلا بها أو أحدهما أو لم يدخلا لأن العقدين فاسدان لعلم كل واحد منهما بعقد الآخر انتهى. وقال ابن عرفة اللخمي ولو عقد الوكيلان في مجلس واحد فسخا ولو بنى أحدهما العلم كل واحد منهما بعقد الآخر انتهى.
وقال أبو الحسن إثر قول المدونة "وإن لم يدخل بها واحد منهما ولم يعلم الأول فسخا جميعا في الكتاب في هذه المسألة: ثلاث صور الأول ى إذا علم الأول ولم يدخل الثاني فهذه ترد للأول ويفسخ نكاح الثاني بغير طلاق قاله ابن المواز الثانية أن يكون دخل بها والمسألة: تحالها فهذه مسألة: الخلاف قال في الكتاب الثاني أحق الثالث أن لا يعلم واحد منهما فهذه أيضا قال فيها في الكتاب فسخا جميعا فإن دخل بها الثاني كان أحق بها بطريق الأولى على مذهب الكتاب وعلى قول ابن عبد الحكم بفسخ حكى ذلك اللخمي ومعنى مسألة: الكتاب إذا لم يمكن اتفاق العقدين وأما إن أمكن اتفاقهما فهذه صورة رابعة لا يفيتها دخول أحدهما

(5/77)


-----------------------------
ويفسخ النكاحان لإمكان أن يكون وقع عندهما في زمن واحد الخامسة أن يتحد زمن العقدين يقينا أما في زمن واحد في مجلس أو مجلسين فقال اللخمي إن كان عقدهما في مجلس فنكاحهما فاسد لعلم كل واحد منها بعقد الآخر وقال الغزالي في البسيط إذ ليس هذا أولى من هذا ولا سبيل إلى الجمع وتعليل الغزالي أحسن لأنه يشمل ما كان في مجلس واحد أو مجلسين لأن الزمان متحد وتعليل اللخمي إنما يشمل ما إذا كان المجلس واحدا واستفيد من كلام أبي الحسن أنه لا فرق في اتحاد زمن العقدين بين أن يكون ذلك في مجلس واحد أو مجلسين وظاهر كلامه أيضا أن العقدين تارة بتيقن اتحاد زمانهما كما ذكره في الصورة الخامسة وتارة يمكن اتفاقهما كما ذكره في الصورة الرابعة وأن الحكم في ذلك واحد فتأمله والله أعلم.
وأما قوله "أو ببينة بعلمه أنه ثان" فأشار إلى المسألة الثانية من المسألتين اللتين يفسخ النكاح فيهما بلا طلاق وقوله"لا إن أقر" أشار به إلى المسألة الأولى من المسألتين اللتين يفسخ فيهما النكاح بطلاق والضمير في قوله "بعلمه" يحتمل أن يعود على كل من الوكيل الثاني والزوج الثاني ورجوعه إلى الزوج الثاني أقرب لذكر مقابله بقوله "لا إن أقر" والحكم مع قيام البينة بعلمه أنه ثان الفسخ بغير طلاق كما تقدم وأما مع عدمها فالحكم فيما إذا أقر الزوج الفسخ بطلاق كما تقدم وفيما إذا أقر الولي مع عدم تصديقه قاله في التوضيح وغيره والفسخ في هاتين المسألتين قبل الدخول وبعده والفسخ فيهما لنكاح الزوج الثاني فقط من الزوجين والله أعلم. وقوله "أو جهل الزمن" أي جهل زمن الأول منها وأشار به إلى المسألة: الثانية من المسألتين اللتين يفسخ فيهما النكاح بطلاق والحكم في ذلك فسخ النكاحين معا بطلاق إن أدرك ذلك قبل الدخول فإن دخل بها أحدهما كان أحق بها قال اللخمي وهذا قول مالك وعلى قول ابن عبد الحكم يكون حكمه حكم من لم يدخل لأنه على شك فقد يكون الأخير فلا يصح له المقام عليها انتهى. ونقله في التوضيح وقال الرجراجي فأما إن جهل الأول منهما فلا يخلو من أن يدخل بها أحدهما أو لا يدخل بها واحد منهما فإن دخل بها أحدهما فالمذهب على قولين أحدهما أنه أحق بها وهو قول مالك في المدونة والثاني لا يكون أحق بها وأن الدخول لا تأثير له في ثبوت النكاح لأنه على شك أنه قد يكون هو الأخير فلا يصح له المقام على هذا النكاح وهو قول ابن عبد الحكم فإن لم يدخل بها واحد منهما فلا خلاف في المذهب أن نكاحهما مفسوخ وظاهر المذهب في ذلك أن الفسخ بغير طلاق لأنه نكاح فسخ بالغلبة وقيل بطلاق وهو المنصوص في المذهب انتهى.
فرع: قال ابن رشد في المقدمات وإن تزوجها أحدهما بعد زوج كانت عنده على طلقتين وإن تزوجها أحدهما قبل زوج كانت عنده على ثلاث تطليقات لأنه إن كان هو

(5/78)


وإن ماتت وجهل الأحق ففي الإرث قولان وعلى الإرث فالصداق وإلا فزائده
-------------------------------
الأول فإنما تزويجه إياها تجديد لنكاحه الأول وذلك لا يوجب طلاقا وإن كان الأخير فلا يلزمه طلاق لأنه لم ينعقد له نكاح ويقع على الذي لم يتزوجها بتزويج الذي تزوجها منهما طلقة فمتى تزوجها كانت عنده على تطليقتين انتهى. وتعقبه الرجراجي ونصه إثر كلامه المتقدم فإن تزوجها أحدهما بعد الفسخ هل ترجع عنده على جميع الطلاق أو على ما بقي من إطلاق الملك فقد ذكر بعض المتأخرين عن ابن المواز كلاما متناقضا في نفسه وقال لا يخلو الذي تزوجها منهما من أن يكون تزوجها قبل زوج أو بعد زوج فإن تزوجها قبل زوج ثم ذكر الكلام الذي ذكره ابن رشد برمته وقال إثره هذا الكلام مدخول لأن الفسخ الذي فسخ به نكاحهما إن كان بطلاق فكيف ترجع عند الذي تزوجها منهما بعد ذلك على جميع الطلاق لأنه فسخ وقع بحكم حاكم والأول منهما مجهول وإن كان بغير طلاق فكيف يلزمه الطلاق بتزويج غيره إياها بعد الفسخ من غير أن يوجبه عليه حكم حاكم وهذا الكلام كما تراه وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا انتهى. ص: "وإن ماتت وجهل الأحق ففي الإرث قولان" ش: الأحق هو الأول إن لم يدخلا وإن دخل أحدهما فالثاني هو الأحق قاله ابن عبد السلام وقوله "ففي الإرث قولان" أي فهل يقسم الإرث بينهما نصفين أو لا ميراث لهما قاله ابن عرفة ورجحه التونسي قال ابن عبد السلام وعليه أكثر المتأخرين وعلى القول الأول: يكون لغزا يقال ما امرأة يرثها زوجان معا والله أعلم. ص: "وعلى الإرث فالصداق" ش: قال ابن عبد السلام والأقرب أنه يجب أن لا يستحق أحد الزوجين شيئا من الإرث إلا بعد دفع جميع الصداق قاله في التوضيح انتهى. بالمعنى ولم يذكر ابن عرفة هذا البحث وما قاله ابن عبد السلام إنه الأقرب هو الذي يفهم من قوله في التوضيح عن اللباب من كان صداقه قدر ميراثه فأقل فلا شيء عليه ومن كان ميراثه أقل غرم ما زاد على ميراثه لإقراره بثبوت ذلك انتهى. ونقله ابن عرفة عن ابن محرز والتونسي عن بعض المذاكرين ثم قال التونسي هذا إن ادعى كل منهما أنه الأول وإن شكا فلا غرم انتهى. ففهم من هذا الكلام مطالبة كل واحد منهما بالصداق والله أعلم. ص: "وإلا فزائده" ش: أي وإن لم نقل بالإرث فاللازم لكل واحد من الزوجين

(5/79)


وأن مات الرجلين فلا إرث ولا صداق وأعدلية متناقضتين ملغاة ولو صدقتها المرأة وفسخ موصى وإن بكتم شهود من امرأة أو منزل أو أيام إن لم يدخل ويطل وعوقبا والشهود
---------------------------------
الزائد على ما يخصه من الإرث ويشير بذلك لما تقدم عن اللباب في كلام التوضيح وعن ابن محرز والتونسي في كلام ابن عرفة والله أعلم. ص: "وإن مات الرجلان فلا إرث ولا صداق" ش: قال ابن عرفة ولو ماتا أو أحدهما فلا إرث لها ابن محرز ولها أخذ من وافقته على أنه الأول لأنه إقرار بمال انتهى. وقال ابن عبد السلام وأما إن مات أحدهما مدعيا أنه الأحق وصدقته في دعواه فقال بعضهم لها أخذ الصداق ويختلف في الميراث انتهى. ص: "ولو صدقته المرأة" ش: قال ابن عبد السلام يعني أنه لا يلتفت إلى قولها في تصديق من صدقت وكذلك لو صدقتهما أن أحدهما بعينه هو الأول انتهى. وعد في التوضيح ما يفيته الدخول وما لا يفيته وقال إن ما يفيته الدخول تسع وما لا يفيته خمس ونظمها بعضهم ونقله الشيخ بهرام في الكبير والبساطي وتكلم هنا في المختصر على واحدة في بابها ويشبه أن يكون مما يفيته الدخول على المشهور مسألة: من خطب على خطبة أخيه بعد الركون والله أعلم. ص: "وفسخ موصى وإن بكتم شهود من امرأة أو بمنزل أو أيام إن لم يدخل ويطل وعوقبا والشهود" ش: يعني أن نكاح السر هو الموصي بكتمه وإن بكتم شهود قال ابن عرفة قال الباجي عن عيسى عن ابن القاسم وأصبغ ولو كانوا ملء المسجد الجامع انتهى. وقال أيضا الباجي إن اتفق الزوجان والولي على كتمه ولم يعلموا البينة بذلك فهو نكاح سر انتهى. وقاله المصنف في التوضيح وقول المصنف "وفسخ" يدل بطريق الالتزام على أنه ممنوع قال ابن عبد السلام ولا خلاف أعلمه في المنع منه انتهى.
فرع: قال ابن عرفة ولو استكتم الولي والزوجة الشهود دون الزوج لم يؤثر شيئا وعزاه لابن رشد في سماع أصبغ وما ذكره المصنف أنه نكاح السر قال في توضيحه إنه المشهور

(5/80)


وقبل الدخول وجوبا على أن لا تأتيه إلا نهاراً أو بخيار كان لأحدهما أو غير
----------------------------
وعند يحيى نكاح السر ما كان بغير بينة أو بشهادة امرأتين أو رجل وامرأتين وعلى المشهور فإنما يفسد إذا أوصى بالكتمان قبل العقد وأما لو أمر الشهود بالكتمان بعد العقد فإنه صحيح ويؤمرون بإشهاره قال أشهب وهذا إذا لم تكن له نية وإن نكح على نية الاستكتام فليفارق انتهى. قال في التوضيح قال أصبغ لا شيء عليه إلا أن يكون تواطأ الزوجة والولي عليه ابن رشد تصويب التونسي تعقب أصبغ غير صحيح لأن أشهب لم يقل بفسخ النكاح كما ظنه أصبغ وإنما رأى فراقه استحسانا لإقراره ببينة وفعل والطلاق بيده لأنه يحكم عليه به لأنه حكم على الزوجة بما لم يثبت ولا أقرت به انتهى. وقال في التوضيح في سماع أشهب يفرق بينهما بطلقة ولها صداقها إن كان أصابها انتهى. وقال ابن عرفة وسمع القرينان من قام من عقد نكاحه لمن قال له كأنكم كنتم على أملاك فقال لا أكرهه وأكتمه وأحب أن يشاع ولا شيء عليه في قوله هذا انتهى. ص: "وعوقبا والشهود" ش: الأرجح في الشهود النصب على أنه مفعول معه ويجوز العطف وظاهر كلامه كقول ابن شهاب العقوبة على الشاهدين مطلقا وأما قول مالك فقال في التوضيح عن المدونة لا يعاقب الشاهدان إن جهلا ذلك انتهى. وقال ابن عرفة وروى ابن وهب يعاقب عامد فعله منهم انتهى. وقال في المسائل الملقوطة بعد ذكره الشاهدين والزوجين والولي إلا أن يعذروا الجهل انتهى. والله أعلم. ص: "وقبل الدخول وجوبا على أن لا تأتيه إلا نهارا" ش: إنما قال "وجوبا" خشية أن يتوهم أنه على الاستحباب لقوله في الرواية لا خير فيه قال في التوضيح عن ابن القاسم فإن دخل ثبت ولها صداق المثل ويسقط الشرط انتهى. وما قاله البساطي فيه نظر فانظره وكونه يفسخ ويستلزم المنع منه أولا والله أعلم. ص: "أو بخيار لأحدهما" ش: أما خيار المجلس فحكى في التوضيح عن بعضهم

(5/81)


أو على إن لم يأتي بالصداق لكذا فلا نكاح وجاء به وما فسد لصداقه أو على شرط يناقض كأن لا يقسم لها أو يؤثر عليها
---------------------------
الاتفاق على جوازه قال ابن عرفة وجوزه اللخمي فيما قرب لقول محمد عن ابن القاسم إن شرط مشورة من قرب بالبلد بإتيانه من فورهما جاز انتهى. ثم قال وحيث يجوز سمع أصبغ لا إرث فيه وله ترك المشورة ومخالفة رأي المستشار ابن رشد اتفاقا إلا نقل التونسي عن ظاهر كتاب محمد إن سبق رأي المستشار لزم كالبيع وهو بعيد والإرث فيه بعد الرضا والمشورة قبل البناء أو بعده
فرع: قال في المدونة ولها المسمى دون صداق المثل ص: "وجاء به" ش: يريد قبل الأجل قال في البيان والخلاف إنما هو إذا أتى الزوج بالصداق قبل الأجل وأما إن لم يأت بالصداق إلى الأجل حتى انقضى الأجل فلا نكاح بينهما قولا واحدا انتهى. من التوضيح ص: "أو على شرط يناقض المقصود كأن لا يقسم لها" ش: من الشروط المناقضة أن يشترط أن لا ينفق عليها وأن تكون النفقة على غيره قال في رسم حلف أن لا يبيع رجلا من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح وسئل مالك عن الرجل يزوج ابنه صغيرا ويشترط على الأب نفقة

(5/82)


---------------------------
امرأته قال لا خير في هذا قال عيسى وسألت ابن القاسم عنه قال يفسخ قبل الدخول فإن دخل جاز وكانت النفقة على الزوج قال مالك أرأيت لو مات الأب أيوقف لها ماله أو كان عليه دين يحاص به الغرماء استنكارا لذلك ابن القاسم قال لي هذا وشبهه وأكثر الكلام فيه على وجه الكراهة ابن رشد اختلاف قول مالك في شرط النفقة في النكاح على والد الابن الصغير حتى يبلغ وولي السفيه حتى يرشد أجازه مرة وكرهه أخرى وقال بكل منهما كثير من أصحاب مالك وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون وابن وهب عن مالك إجازة ذلك وزاد لزوم ذلك ما عاش: الأب والزوج مولى عليه وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يقع بيان إن مات الأب قبل بلوغ الصبي أو الولي قبل رشد اليتيم وسقطت النفقة بموتهما هل تعود في مال الصبي ومال اليتيم أولا تعود عليهما إلى بلوغ الصبي ورشد اليتيم فإن شرط عودها في مالهما جاز النكاح اتفاقا وإن شرط سقوطها إلى بلوغ الصبي ورشد اليتيم كان النكاح فاسدا اتفاقا وإنما الخلاف إذا وقع الشرط مبهما وعلى القول بفساده قال ابن القاسم إن دخل جاز وكانت النفقة على الزوج ولم يبين هل هو بالمسمى أو بمهر المثل وهو الأظهر ولو شرط النفقة في نكاح الكبير المالك أمر نفسه في نفس العقد على غيره فسخ قبل البناء قال ابن حبيب إلا أن ترضى المرأة بكون النفقة على الزوج ويثبت بعده وتكون النفقة على الزوج ولا يدخله الخلاف الذي في المسألة: الأولى لظهور الغرر والفساد في هذه ولا يجوز النكاح على إعطاء الزوج حميلا بالنفقة لأنها ليست بدين ثابت في ذمته كالمهر فإن وقع عليه فسخ قبل البناء وثبت بعده بمهر المثل ولو وقع في مسألة: اشتراط النفقة على غير الزوج بيان رجوعها على الزوج إن مات من اشترطه عليه أو طرأ عليه دين أو ما يبطل النفقة عنه جاز النكاح على قياس ما تقدم وقيل يفسخ قبل البناء على كل حال لأن شرطها على غير الزوج خلاف السنة ويمضي بعده بمهر المثل ويسقط الشرط وإليه نحا الأبهري وما قلناه أبين وأظهر انتهى. بعضه باللفظ وبعضه بالاختصار ابن عرفة وقال في البيان بعده في رسم حلف ليفعلن وسئل عن العبد يزوج ويشترط النفقة على سيده فقال مالك لا يجوز لو هلك ذهب الشرط ولو جاز هذا لأخذ لها النفقة من مال سيده ومعنى قوله فيما نرى والله أعلم. إذا لم يدخل بها قال عيسى قلت: لابن القاسم فإن دخل بها قال يثبت النكاح وتكون النفقة على العبد وسقط الشرط على السيد ابن رشد قد مضى القول في هذه المسألة: في رسم حلف أن لا يبيع رجلا يشير إلى الكلام المتقدم في المتيطية في نكاح العبد واختلف في اشتراط النفقة على السيد فمنعه في كتاب محمد وأجازه أبو مصعب انتهى. فتحصل من هذا أنه إذا اشترط نفقة زوجة العبد على سيده أو زوجة الصبي على أبيه أو المولى عليه على وليه فلا يجوز ويفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويسقط الشرط وهذا داخل في قول المصنف وألغي والله أعلم.
فرع: فلو لم ينعقد على ذلك وتطوع السيد بالتزام النفقة أو الأب أو الولي فالظاهر أنه

(5/83)


--------------------------------
يلزمه قال البرزلي في أثناء مسائل النكاح عن ابن رشد وسئل عمن زوج عبده وأشهد على نفسه تطوعا بعد العقد أنه ينفق عليها مدة الزوجية ثم مات هل توقف تركته لذلك وكيف إن كان في أصل العقد أو اختلفا في ذلك فأجاب بأنه لا شيء في تركة السيد إن مات لأنه متطوع وإنما يجب عليه مدة الزوجية ما دام حيا وبعد الموت هبة لم تقبض ولو شرط في أصل النكاح لكان فاسدا يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بمهر المثل ويبطل الشرط ويكون على العبد وقيل لا يفسخ إذا أسقطت شرطها والنفقة على الزوج ووجه الأول: الغرر إذ قد يموت السيد قبل انقضاء العصمة ولو شرط أنه إن مات قبل انقضاء العصمة لرجعت على العبد جاز ولو اختلفا هل كان شرطا أو تطوعا فالقول قول من ادعى الشرط لشهادة العرف له هذا الذي أقول به على منهاج مذهب مالك انتهى. ومثله يقال في الصبي والمولى عليه والله أعلم. ص: "وألغي" ش: يعني وألغي الشرط المناقض فلا يعمل بمقتضاه غير أنه إذا اطلع على هذا النكاح قبل البناء فسخ وجوبا يريد بطلاق لأنه مختلف فيه وإن بادر الزوج ودخل مضى النكاح وسقط الشرط قال ابن عرفة عن ابن رشد اتفقوا إن بني بشرط أن لا نفقة لها على ثبوت النكاح وسقط الشرط قال ابن عرفة عن ابن رشد اتفقوا إن بني بشرط أن لا نفقة لها على ثبوت النكاح وسقوط الشرط انتهى. وقال اللخمي لما أن تكلم على أقسام الشروط السادس أن يتزوجها على أن لا يأتيها إلا نهارا أو على أن يؤثرها على غيرها أو على أن لا يعطيها الولد أو لا نفقة لها أو لا ميراث بينهما أو على أن أمرها بيدها فهذه شروط لا يصح الوفاء بها واختلف في النكاح فقيل يفسخ قبل وبعد وقيل يفسخ قبل ويثبت بعد ويمضي

(5/84)


وألغي ومطلقاً كالنكاح لأجل أو إن مضى شهر فأنا أتزوجك وهو طلاق إن اختلف فيه كمحرم وشغار
---------------------------
على سنة النكاح ويسقط الشرط انتهى. والله أعلم. ص: "ومطلقا كالنكاح لأجل" ش: هذا نكاح المتعة قال في التوضيح والفسخ فيه بغير طلاق وقيل بطلاق ويعاقب الزوجان انتهى. قال ابن عرفة وظاهرها مع غيرها ولو بعد الأجل بحيث لا يدركه عمر أحدهما ومقتضى القول بإلغاء الطلاق إليه إلغاء مانعيته فلا يكون النكاح فيه متعة لولا أن المانع الواقع في العقد أشد تأثيرا منه واقعا بعده انتهى. وظاهر كلام الشيخ أبي الحسن أن الأجل البعيد الذي لا يبلغه أحدهما لا يضر قال قوله يعني في المدونة لا يجوز النكاح إلى أجل قرب أو بعد الشيخ معناه ما لم يبلغه عمرهما أو عمر الزوج انتهى. وفي مسألة: المسافر يتزوج ونيته أن يطلق والرجل يتزوج لهوى أنظرها في آخر رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح فإنه حرر الكلام في ذلك وأطال وهي مذكورة في التوضيح عند الكلام على نكاح السر وكذا في ابن عرفة وفي الشامل وفي اللخمي ولكن كلام البيان أتم والله أعلم. وانظر ابن الحاجب في ضابط ما يفسخ قبل البناء وبعده وما يفسخ قبله فقط والله أعلم.
فرع: قال البرزلي ومن استمتع بالزوجة عالما بالتحريم لا يحد ويعاقب قاله في المدونة وعن ابن نافع إن فيه الرجم على المحصن والجلد على غيره مع العلم انتهى. ص: "وهو طلاق إن اختلف فيه كمحرم وشغار" ش: قال ابن الحاجب كولاية العبد والأمة وكالشغار والمريض والمحرم وكالصداق الفاسد انتهى.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح عن أبي عمران الشغار لا خلاف في منعه وإنما

(5/85)


--------------------------
اختلف في فسخه وبه يعلم أن قول ابن عبد السلام إن ابن القاسم إنما قال بالفسخ بطلاق في المختلف في جوازه ابتداء ليس بظاهر ولا أعلم من قال بجواز كون العبد وليا انتهى.
الثاني: إذا قلد الزوجان من يرى صحة هذا النكاح وترافعا إلى قاض يرى صحته فإنهما يقران عليه قاله ابن عبد السلام في باب الخلع عند قول ابن الحاجب "ولو تبين فساد النكاح"
الثالث: فسخ النكاح لعيب أحد الزوجين فسخ بطلاق قال في باب الخلع من إرخاء الستور من المدونة وفراقها إياه من أجل الجنون والجذام فسخ بطلاق انتهى. وكذلك إذا فارقها لعيبها قاله في المدونة بعد الكلام المتقدم بيسير والله أعلم.
الرابع: هل يفتقر فسخ النكاح الفاسد إلى حكم حاكم أو يكفي في ذلك تراضي الزوجين أو الزوج والولي والظاهر أنه لا يفتقر إلى حكم حاكم قال في النكاح الأول من المدونة في النكاح الذي عقده الأجنبي مع وجود الولي وأراد الولي فسخه قال ابن القاسم وإذا أراد الولي أن يفرق بينهما فعند الإمام إلا أن يرضى الزوج بالفراق دونه انتهى. وقال اللخمي النكاح خمسة صحيح لا خيار فيه وصحيح فيه خيار ولا خلاف فيه وصحيح فيه خيار مختلف فيه وفاسد مجمع عليه وفاسد مختلف فيه والفراق في الأول بطلاق والذي فيه الخيار ثلاثة أقسام
الأول: ما كان الخيار فيه قبل تمام العقد كما لو زوج رجل بغير أمره أو زوجت امرأة بغير أمرها وعلم المتعدي عليه بالقرب كان له الخيار بين الإجازة والرد فسخ بغير طلاق لأنه لم ينعقد نكاح
الثاني: ما كان الخيار فيه بعد انعقاده لحق تقدم العقد كما إذا اطلع أحد الزوجين على عيب متقدم على العقد يوجب الرد فرد قال ابن القاسم ذلك طلاق وقال الأبهري إذا وجد الرجل المرأة مجنونة أو مجذومة إن الرد بغير طلاق وعلى هذا إذا كان العيب به وأرادت هي الفراق كان فسخا بغير طلاق فإذا قال أو قالت رددت بالعيب وقعت الفرقة ولو قال رددت بالعيب هي طالق لم يقع لأنه يقول رددت في غير عصمة ولو قال أنا راد بالعيب هي طالق لوقع الطلاق ومن هذا الأصل اختلف فيمن وكل من يزوجه بألف فزوجه بألفين فلم يرض ورد النكاح قال ابن القاسم تكون فرقتهما طلاقا وذكر عن غيره أنه قال يفسخ بغير طلاق وكذلك إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فرد نكاحه فقال مالك وابن القاسم يكون طلاقا وعلى قول الأبهري يكون فسخا
الثالث: ما كان الخيار فيه لحق حدث بعد العقد كما إذا حدث بالزوج عيب بعد العقد يوجب الرد فذلك طلاق وكذا إذا قامت المرأة بالفراق لعدم النفقة أو لأنه أضر بها أو عتقت الأمة فذلك كله طلاق لأنه أمر حدث بعد العقد وصحته ويصح أن تكون الفرقة في النكاح

(5/86)


-----------------------------------
الصحيح وإن كان بأمر طارئ فسخا كملك أحد الزوجين الآخر والرضاع ونكاح الأم على البنت وما أشبه ذلك واختلف في ارتداد أحد الزوجين هل هو فسخ أو طلاق وأرى أن ارتداده فسخ وارتدادها طلاق لأنه إذا ارتد كان كافرا والكافر لا طلاق عليه وإذا ارتدت وقع الطلاق لأنه مسلم واختلف في اللعان أيضا كذلك ويحتاج إلى هذا على القول بأنه إذا كذب نفسه بعد اللعان له أن يتزوجها فترجع إليه على نكاح مبتدأ على القول بأنه فسخ وعلى القول بأنه طلاق ترجع على طلقتين انتهى. وما ذكره في المرتد من أن ارتداده هل هو فسخ أو طلاق المشهور أنه طلاق كما سيأتي ثم قال إثر كلامه المتقدم
فصل
وإن كان الخيار مختلفا فيه كالتي تزوج بغير إذن وليها وكان الولي بالخيار في إجازته ورده فرده فإنه طلاق وإن كان النكاح مجمعا على فساده كانت الفرقة فسخا سواء طلق بنفسه أو طلق عليه وإن كان مختلفا في فساده كان فيه قولان قال مالك مرة يكون فسخا وقال مرة طلاقا وسواء كان الفساد من قبل العقد أو الصداق أو منهما جميعا انتهى. من النكاح الأول مختصرا ونقله الشيخ أبو الحسن وقال في النكاح الثاني باب الحكم في الصداق إذا طلق قبل البناء أو كان النكاح فاسدا ولا صداق لها في النكاح الفاسد إذا فسخ قبل البناء إذا كان الفساد في الصداق وكذا إن كان الفساد في العقد وكان مجمعا على فساده وكذا إن كان مختلفا فيه وفسخ بحكم أو تفاسخاه وإن طلق قبل النظر فيه فمن لم يراع الخلاف ولا قول من رأى جوازه لم يجعل لها صداقا ولا ميراثا إن مات ويلزم من راعى الخلاف وجعل فيه الميراث وألزم الطلاق أن يجعل لها نصف تلك التسمية وقال أشهب في كتاب محمد فيمن كان فساده من قبل صداقه فمات قبل البناء لها الصداق والميراث ولم يجعل لها شيء إن طلق قبل البناء انتهى. ففي كلامه الأول أن المجمع عليه يكون فسخا وسواء وقعت الفرقة في الزوج باختياره أو فرق عليه جبرا وفي كلامه الثاني أن تفاسخهما يكفي في ذلك وهو الذي تقدم في كلام المدونة أنه لا يحتاج إلى الإمام إلا أن لا يرضى الزوج بالفراق فإذا كان النكاح مجمعا عليه وتراضيا على فسخه انفسخ وسواء فسخاه بلفظ الفسخ أو بلفظ الطلاق وهو فسخ بغير طلاق كما تقدم في كلام اللخمي ومن وقت المفاسخة تكون العدة كما يأتي في كلام التوضيح وابن عبد السلام ولا بد من إشهادهما على الفسخ لتشهد لهما البينة على ذلك إن رفعا إلى الحاكم بعد مضي زمن الاستبراء فإن امتنعا أو الزوج من الفسخ رفعاه إلى الحاكم وفسخه حينئذ الحاكم وإن كان مختلفا فيه ففسخه الزوج بطلاق فلا شك في لزومه كما تقدم في كلام اللخمي وإن طلق فيه ظانا أنه صحيح كفاه ذلك ولا تكون فيه رجعة كما سيأتي في باب الرجعة فإن أراد أن يجعله فسخا بغير طلاق بأن قال فسخته بغير

(5/87)


والتحريم بعقده ووطئه
---------------------------
طلاق أو تركنا هذا النكاح وما أشبه ذلك لزمه الفسخ وكان طلاقا على ظاهر ما قاله في باب الخلع والصلح من إرخاء الستور من المدونة إلا أن يقلدا من يقول بأنه فسخ بغير طلاق فله ذلك كما قال ابن عبد السلام إنهما إذا قلدا من يرى صحة هذا النكاح فإنهما يقران عليه وتقدم كلامه منقولا من باب الخلع ونص كلام المدونة المشار إليه وإن انكشف بعد الخلع أن بها جنونا أو جذاما أو برصا كان له ما أخذ وتم الخلع لأن له أن يقيم ولو تركها أيضا بغير الخلع لما غرته كان فسخا بغير طلاق انتهى. بلفظه وكلام التوضيح وابن عبد السلام هو في باب العدة قال ابن الحاجب ويجب على الحرة عدة المطلقة من كل نكاح فاسد بعد الدخول من حين فرق بينهما قال في التوضيح قوله "من كل نكاح"أي سواء كان مجمعا على فساده أو لا وهذا هو المشهور وهو مذهب المدونة اللخمي وقيل يكفي في المتفق على فساده حقيقة وقوله"بعد الدخول" ظاهره لأنه إذا لم يجب على المطلقة قبل البناء في النكاح الصحيح شيء فأحرى الفاسد وقال من حين فرق بينهما لأنه قد يتوهم أن النكاح المجمع على فساده لما كانت الفرقة فيه لا تحتاج إلى حكم حاكم كانت في كل وقت كالأجنبية فتكون العدة من آخر وطء وقوله "ثلاث حيض" بدل من قوله "عدة المطلقة" أو عطف بيان انتهى. ونحوه في ابن عبد السلام إلا أنه قال في قوله من حين فرق بينهما أنه قد يتوهم أن النكاح المجمع على فساده لما كان قد لا يحتاج إلى التفرقة بينهما فيه إلى حكم حاكم الخ ما تقدم فقوله"قد يحتاج" يعني والله أعلم. إذا لم يوافق الزوج على الفسخ وقوله "هو وصاحب التوضيح المجمع على فساده" لا مفهوم له لأن الطلاق بالمختلف فيه لازم فإذا فسخه بطلاق فكأنه طلق ولا شك في لزومه الطلاق بذلك وتصير بائنا لا رجعة له عليها إلا بنكاح جديد برضاها وإنما يرجع إلى الحاكم إذا كان مقلدا لمن يرى فسخ النكاح وامتنع من فسخه وقد ذكروا في البيع الفاسد أن المجمع عليه لا يحتاج إلى حكم حاكم واختلف في المختلف فيه فقيل يكفي تراضيهما بالفسخ وقيل إنما يكفي تراضيهما مع الإشهاد وقيل لا بد من الحاكم حصل الأقوال الثلاثة ابن عرفة في الصرف الفاسد وقال ابن بشير الخلاف بذلك مبني على أصل وهو من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يزد عليه هل يكون فعله بمنزلة الحاكم قولان انتهى. وسيأتي لذلك مزيد بيان عند قول المصنف في فصل علة طعام الربا وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض وفي مسألة: النكاح المختلف فيه لا يتأتى لفوات محل الحكم بالتزام الزوج الفسخ في ذلك والله أعلم. ص: "والتحريم بعقده ووطئه" ش: هو كقول ابن الحاجب في موانع الزوجية وكل نكاح

(5/88)


----------------------------------
اختلف فيه اعتبر عقده ووطؤه ما لم يكن بنص أو سنة ففي عقده قولان قال في التوضيح معنى كلامه أن كل نكاح اختلف العلماء في صحته وفساده والمذهب قائل بالفساد فإنه يعتبر عقده فيما يعتبر فيه العقد ووطؤه فيما يعتبر فيه الوطء فيحرم بالعقد أمهاتها وتحرم بالوطء على آبائه وأبنائه وتحرم عليه البنت بالدخول بالأم فيه وقوله ما لم يكن بنص أو سنة يعني أنه اعتبر العقد والوطء إلا أن يكون الفساد بنص كتاب الله أو سنته فحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول ففي عقده قولان ويعتبر وطؤه بالاتفاق وقال في المقدمات والمشهور أن الحرمة تقع بكل نكاح لم يتفق على تحريمه ونفى غيره الخلاف ورأى أن المذهب كله على التحريم فإن قلت: كيف يكون فيه نص كتاب الله أو سنته ويختلف فيه قيل النص على ثلاث اصطلاحات الأول: ما احتمل معنى قطعيا ولا يحتمل غيره قطعا والثاني ما احتمل معنى قطعيا وإن احتمل غيره والثالث: ما احتمل معنى كيف كان ولا يتأتى الخلاف على الاصطلاح الأول فإن قلت: فما مثال ذلك قيل أما ما فيه نص سنة فنكاح المحرم وإنكاح المرأة نفسها وأما ما فيه نص كتاب فنكاح الخامسة فإن قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} نص في عدم الزيادة وقد أجاز بعض الظاهرية الزيادة انتهى. وفي ابن فرحون نحو ذلك وأوسع منه فراجعه والله أعلم. فقوله فحذف من الأول الخ هو من النوع المسمى بالإحتباك من أنواع البديع وهو أن يحذف من أحد شقي الكلام نظير ما أثبته في الثاني ومن الثاني نظير ما أثبته في الأول ومنه قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ} أي ومثل الأنبياء والذين كفروا كمثل الذي ينعق وينعق به وجعل منه السيوطي قوله تعالى: {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً} على أن المراد بالزمهرير البرد أي لا يرون فيها شمسا ولا قمرا ولا حرا ولا زمهريرا ومنه قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تحرج بيضاء وذكر أنه لم يقف عليه في شيء من كتب البديع إلا أنه خطر له في الآية المذكورة أعني قوله: {لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً} وهذا النوع لطيف وأنه لا يعرف في أنواع البديع ما يدخل تحته ثم ذكر ذلك لصاحبه برهان الدين البقاعي فأفاده أن بعض شيوخه أفاد أن هذا النوع يسمى الاحتباك ثم وقف عليه في شرح بديعية ابن جابر لصاحبه أحمد بن يوسف الأندلسي قال ومن ألطفه قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} أي صالحا بسيء وآخر سيئا بصالح ومأخذه من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين آثار الصنعة وبيانه أن مواضع الحذف أشبهت الفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل وقد ذكره الخلوي في بديعيته والله أعلم. ص:

(5/89)


وفيه الإرث إلا نكاح المريض، وإنكاح العبد والمرأة، لا إن أتفق على فساده فلا طلاق ولا إرث: كخامسة وحرم وطؤه فقط.
-------------------
وفيه الإرث" ش: قال ابن الحاجب في تمييز ما يفسخ بطلاق وما فسخ بطلاق يقع به التحريم والطلاق والموارثة ما لم يكن الفسخ لحق الورثة قال في التوضيح قوله "يقع به التحريم" أي تحريم المصاهرة من كونها تحرم على آبائه وأبنائه وتحرم عليه أمهاتها وبناتها كما تقدم في قوله "والطلاق"أي إذا أوقعه الزوج قبل الفراق ويتوارثان قبل الفسخ إلا أن يكون الفسخ لحق الورثة في نكاح المريض فلا إرث فيه لأنه لأجل الإرث فسخناه انتهى. وقال ابن فرحون وكذلك الموارثة إن مات أحدهما قبل الفسخ إلا أن يكون الفسخ لحق الورثة كنكاح المريض فلا مواثة فيه انتهى. وقال في النكاح الأول من المدونة قال ابن القاسم وكل ما اختلف الناس في إجازته رده فالفسخ فيه بطلاق ويقع فيه الطلاق والموارثة قبل الفسخ كالمرأة تزوج نفسها أو تنكح بغير ولي والأمة تزوج بغير إذن السيد لأن هذا قاله خلق كثير إن أجازه الولي جاز ولو قضى به قاض لم أنقضه وكذلك نكاح المحرم والشغار للاختلاف فيهما انتهى. وقال الرجراجي في المسألة: الحادية عشرة وكل نكاح اختلف في تحريمه وإن غلبا على فسخه قبل الدخول وبعده ففيه الطلاق والميراث قبل الدخول وبعده وهو الذي قاله ابن القاسم لرواية بلغته انتهى. فظهر أن كلام الشارح في شروحه الثلاثة غير ظاهر وكذلك ما ذكره بعض الفرضيين أن المشهور في النكاح المختلف فيه إذا مات قبل الدخول لا ميراث فيه مخالف لما تقدم والله أعلم. ص: "لا إن اتفق على فساده فلا طلاق كخامسة" ش: صرح هنا بأن نكاح الخامسة من المتفق على فساده وكذلك ابن الحاجب وصرح به في أوائل النكاح الأول من المدونة وقال في التوضيح لما تكلم على ما يحرم بالمصاهرة وأن

(5/90)


وما فسخ بعده فالمسمى وإلا فصداق المثل وسقط بالفسخ قبله إلا نكاح الدرهمين فنصفهما كطلاقه.
------------------------
الفاسد إن كان مختلفا فيه يحرم عقده أن نكاح الخامسة من ذلك قال فإن بعض الظاهرية أجاز الزيادة وكذلك ذكر في التوضيح في تمييز ما يفسخ قبل الدخول وما يفسخ أبدا أن نكاح الخامسة مختلف فيه وتقدم كلامه وهو مخالف للمدونة فإنه جعله من المتفق عليه وأنه لا ينشر الحرمة والله أعلم. ص: "وما فسخ بعده فالمسمى" ش: يريد إذا كان المسمى صحيحا وأما إن كان صداقا فاسدا فإنما فيه صداق المثل فإن قلت: لا يحتاج إلى هذا لأن المشهور في النكاح الفاسد لصداقه أنه إنما يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بصداق المثل وكلام المؤلف فيما يفسخ بعد الدخول قلت: بل يحتاج إليه لأن النكاح قد يكون فاسدا لعقده وصداقه معا ويكون مما يفسخ بعده فيكون فيه إذا فسخ بعد الدخول صداق المثل قال اللخمي في النكاح الأول إذا دخل كان له صداق المثل إن كان فساده من قبل صداقه أو من قبل عقده وصداقه واختلف إذا كان الفساد في العقد وحده هل يكون لها المسمى أو صداق المثل انتهى. ص: "وسقط بالفسخ قبله إلا نكاح الدرهمين فنصفهما" ش: اعلم أنه إنما لم يسقط بالفسخ في نكاح الدرهمين لأن المشهور فيه أنه لا يتحتم فسخه بل يجبر الزوج على أنه يتمه ربع دينارا وأن يفسخ النكاح فإن اختار الفسخ لزمه نصفهما لأنه كالمختار للطلاق وإنما كان الزوج مخيرا فيه دون ما عداه مما فسد لصداقه لأن التحديد بربع دينار لم يرد فيه نص بل الظاهر خلافه لقوله "التمس ولو خاتما من حديد" 1 فتأمله والله أعلم.
تنبيه: ينبغي أن يستثنى هنا أيضا فسخ نكاح المتلاعنين قبل البناء فإن المعروف أنه فسخ والمعروف أن فيه نصف الصداق كما قاله في التوضيح في باب اللعان وعلله بأنه يتهم أن يكون
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب النكاح باب 32، 40. أبو داود في كتاب النكاح باب 30. الترمذي في كتاب النكاح باب 23. النسائي في كتاب النكاح باب 69. أحمد في مسنده (5/336).

(5/91)


-----------------------------
لاعنها للفسخ فسقط عنه النصف فعومل بنقيض مقصوده والله أعلم. ص: "كطلاقه" ش: يعني أن الزوج إذا طلق في النكاح الفاسد قبل الدخول فلا شيء فيه وإن طلق بعد الدخول ففيه المسمى إن كان وإلا فصداق المثل قاله الشارح وقال ابن غازي الضمير للنكاح المستحق للفسخ أي فإذا طلق فيه الزوج بعد البناء اختيارا ففيه المسمى إن كان وإلا فصداق المثل وإن طلق قبل البناء فلا شيء فيه إلا نكاح الدرهمين انتهى. وما زاده على الشارح من استثناء نكاح الدرهمين في الطلاق أيضا صحيح نص عليه في التوضيح في باب الصداق وغيره والله أعلم. واعلم أن في كلام المؤلف إطلاقا وقد أبقوه على إطلاقه والمنقول خلاف ذلك كما تقدم في كلام اللخمي ونحوه في التوضيح عن نوازل ابن رشد ونقله ابن عرفة عن سماع أبي زيد في النكاح قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب وما فسخ قبل البناء فلا صداق فإن طلق الزوج قبل البناء أو مات في النكاح الفاسد فقال ابن رشد في نوازله الفاسد قسمان قسم فسد لصداقه وقسم فسد لعقده فأما الفاسد لصداقه فالصحيح من المذهب لا شيء فيه للمرأة إلا بالدخول وروي عن أصبغ فيمن تزوج بغرر ثم مات قبل البناء إن لها صداق مثلها وإن طلقها فلا شيء لها فجعله كنكاح التفويض على قول من أوجب فيه صداق المثل بالموت وأما الفاسد لعقده فإن اتفق على فساده كنكاح التفويض على قول من أوجب فيه صداق المثل بالموت وأما الفاسد لعقده فإن اتفق على فساده كنكاح ذات محرم أو معتدة والمرأة على عمتها أو خالتها أو ما أشبه ذلك فلا صداق فيه بالموت ولا نصفه بالطلاق اتفاقا وإنما يوجبه الدخول وإن كان مختلفا فيه فهو قسمان قسم لا تأثير لعقده في الصداق كنكاح المحرم والمرأة بغير ولي فهل يقع فيه الطلاق وتجب فيه الموارثة ويفسخ بطلاق أو لا في الثلاثة قولان فعلى القول بوجوب الميراث والطلاق يجب المسمى بالموت ونصفه بالطلاق إذ لا يصح أن يفرق بين الميراث والصداق فيجب أحدهما ويسقط الآخر إذ لا مزية لأحدهما على صاحبه لأن الله تعالى نص على وجوب الصداق للزوجة كما نص على وجوب الميراث وعلى القول الآخر لا يلزم الصداق بالموت ولا نصفه بالطلاق ولا خلاف أنه لو عثر على هذا النكاح وفسخ قبل البناء أنه لا شيء لها ولو قلنا إن فسخه طلاق لأن الفرقة هنا مغلوب عليها وقسم لها تأثير في الصداق كنكاح المحلل ونكاح الأمة على أن ولدها حر وعلى أن لا ميراث بينهما فقيل للمرأة بالدخول صداق المثل لأن للفساد تأثيرا في فساد الصداق وقيل المسمى لأن فساده في عقده والصداق فيه صحيح فهذا القسم لا يجب للمرأة فيه شيء من الصداق بالموت أو الطلاق قبل البناء وهذا بين على القول بأن لها صداق المثل بالبناء وأما على القول بالمسمى فينبغي أن لا شيء لها إلا بالدخول وقد يقال لها نصفه بالطلاق إذ ليس الصداق عوضا عن البضع وإن كان لا يستباح إلا به لأن الله تعالى سماه نحلة والنحلة الهبة انتهى. كلام التوضيح بلفظه وهو نحو ما تقدم في كلام اللخمي وقال في البيان في شرح مسألة: من أواخر سماع ابن أبي زيد من كتاب النكاح مذهب ابن القاسم في المدونة والذي اختاره لرواية بلغته

(5/92)


--------------------------------
عن مالك أن كل نكاح اختلف الناس فيه فالفسخ فيه طلاق والطلاق قبل الفسخ لازم والميراث فيه واجب والخلع فيه جائز نافذ وإن كان الفساد في العقد دون الصداق وجب فيه جميع الصداق المسمى بالموت ونصفه بالطلاق قبل الدخول ما لم يفسخ وكل نكاح لم يختلف في فساده فلا طلاق فيه ولا ميراث والخلع فيه مردود لأن مذهب ابن القاسم أن الخلع تابع للطلاق خلاف قول ابن الماجشون ومذهب ابن المواز وقد ذكرنا ذلك في سماع سحنون ثم ذكر القول الثاني الذي عليه أكثر الرواة في فسخ النكاح بطلاق وبغير طلاق ونقل ابن عرفة كلامه هذا في الكلام على ما يفسخ بطلاق أو بغير طلاق والله أعلم. ومن البرزلي سئل المازري عن العقد الفاسد إذا عقد بعده عقدا صحيحا قبل زوال الفاسد فهل يفسخ الصحيح أم لا وكيف إن دخل بها في الصحيح وطال بالأولاد ما وجه الحكم فيه فأجاب إن الفاسد إذا وقع في البياعات ووقع بعده عقد صحيح استغنى فيه عن الفسخ لكن الشيخ أبو محمد تأول ما وقع في هذا معناه أنهما يتفاسخان العقد الفاسد وكان شيخنا يجريه على الخلاف في العقد الفاسد هل هو عقد أم لا والظاهر أن العقد مهما وقع فاسدا ثم عقدا عقدا صحيحا لعلمهما أن الأول باطل فقيل له إنما يصح ما ذكره إن كان العاقدان على الفساد أولاهما العاقدان على وجه الصحة وليس كذلك العقد الثاني من زوج ثان والفاسد من زوج أول ولا سيما العقد الفاسد إذا ثبت ببينة سماع فهل العقد الصحيح الثاني ودخوله يزيح الفاسد ويحصل له حرمة فأجاب إنما فهمت من السؤال أن العاقد الثاني هو الأول لكن الجواب عن الثاني أن العقد الصحيح الثاني أولا إذا كان ظاهر الفساد بحيث يتضح الحكم فيه لا سيما أنك قلت: إنما يثبت الأول بشهادة السماع قلت: إن كان العاقد الثاني هو الأول كما ذكر الشيخ فيجري على مسألة: الصرف وغيرها وهو قوله إذا ثبت الفسخ بينهما هل بتوافقهما على فساده أو شهادة أو بحكم الحاكم فيجري هذا عليه كما ذكره الشيخ في عقد البيع الفاسد أو يفرق بين المجمع على فساده فلا حرمة له ولا شبهة والمختلف فيه فله شبهة وعلى رواية أبي زيد إنه لا تمضي فيه البياعات ولا ينشر حرمة مطلقا حكاه ابن رشد في الأسئلة والشارح من كتاب السلطان فلا يفتقر لفسخ ألبتة وأحفظ من كلام اللخمي في التبصرة أنه يمضي بالعقد فعلى هذا لا يفتقر التحديد إلا لتصحيح العقد الفاسد خاصة وتكرر العقد فيه تأكيد أو خروج من الخلاف وأما إذا عقده ثان فإن كان الأول مجمعا على فساده صح الثاني ولا يفتقر لفسخ الأول ولا حرمة له ففي ثالث نكاح المدونة إذا تزوجها في عدة فلم يبن بها حتى تزوج أمها أو أختها أقام على نكاح الثانية لأن نكاح المعتدة غير منعقد وهي تحل لآبائه وأبنائه وهو معنى قول الشيخ إذا كان الأول ظاهر الفساد وإن كان مختلفا فيه جرى على الخلاف في فسخه هل هو بطلاق أم لا وكذا في لزوم بقية الأحكام إذا وقعت قبل الفسخ فمن يلغي هذا العقد ويقول إنه لا طلاق فيه ولا يقع فيه شيء من الأحكام فورود الثاني عليه صحيح لإلغاء الأول إلا أن يراعي الخلاف فيستحب فسخه ثم يعقد الثاني

(5/93)


وتعاض المتلذذ بها، ولوليّ صغير فسخ عقده
--------------------------------
ومن لم يثبت له أحكاما فلا يرد الثاني حتى يحكم بفسخ الأول هذا الجاري على الأصول ويكون الحكم بالفسخ على ما تقدم في القسم الأول ص: "ولولي صغير فسخ عقده" ش: هذا شروع منه في الكلام على أحد ركني المحل الذي هو الزوج قال ابن فرحون وفي شرح ابن الحاجب والولي أعم من أن يكون وصيا أو غيره انتهى. وقال في الذخيرة يشترط فيه شروط الصحة وشروط الاستقرار أما شروط الصحة فأربعة الأول: الإسلام لأن الكفر مانع من استيلاء الكفار على فروج المسلمات والتمييز العقل حتى يتأتى منه الإنشاء للعقد فيخرج الصبي غير المميز والمجنون وأما السكران فقال صاحب البيان أما الذي لا يعرف الرجل من المرأة فكالمجنون في أقواله وأفعاله اتفاقا بينه وبين الناس إلا في قضاء الصلاة وأما من فيه بقية عقل وهو المختلطة فأربعة أقوال وذكرها الشرط الرابع: تحقق الذكورية قال اللخمي الخنثى المشكل لا ينكح ولا ينكح وذكر بعض أحكامه ثم قال وأما شروط الاستقرار فخمسة الجزية والبلوغ والرشد والصحة والكفاءة وتكلم على كل واحد على انفراده وزاد في التوضيح الطوع ونصه وكذا أيضا يشترط الطوع محمد وأجمع أصحابنا على إبطال النكاح المكره والمكرهة لا يجوز المقام عليه وفي قياس بعض مذاهبهم أنه لا يجوز بحدثان ذلك وإلا لم يجز انتهى. وقال في الشامل في فصل الزوج وشرط صحة عقده إسلام وتمييز وخلو من كإحرام ومرض وفي السكران خلاف وهل وإن كان معه ميز وإلا بطل اتفاقا أو بالعكس طريقان غير خنثى مشكل انتهى. وسيتكلم الشيخ على الشروط التي ذكرها القرافي لكن على خلاف ترتيبه فبدأ بالكلام على البلوغ فقال ولولي صغير يعني إذا تزوج الصغير يعني المميز وأما غيره فلا يصح نكاحه فلوليه فسخ عقده أي وله إجازته علم ذلك من قوله "ولولي" ففهم من لام الإباحة أن الأمرين له وقيده في المدونة بقوله "ويقوى على الجماع" فقال في النكاح الأول منها وإن تزوج صغير بغير إذن أبيه أو وصيه ومثله يقوى على الجماع فإن أجازه من يلي عليه جاز وإن رأى فسخه فسخه فإن فسخه قبل البناء أو بعده فلا صداق لها انتهى.
واختلف الشراح في اعتبار هذا القيد وعدم اعتباره فالذي مشى عليه أبو الحسن عدم اعتباره وذكره في التوضيح وهو الظاهر لأنه في السؤال قال ابن ناجي وما ذكره في قولها

(5/94)


فلا مهر ولا عدة
--------------------
"يقوى على الجماع" ليس بشرط وإنما ذكره لأنه الوجه المشكل الذي يتوهم فيه أن لها الصداق فغيره أحرى قاله المغربي انتهى. ويعني بالمغربي أبا الحسن الصغير وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وفي التقريب على التهذيب إنما قال "ومثله يقوى على الجماع" إنه إذا لم يقو عليه لم يجز له تزويجه ولا إجارته لأنه ضرر عليه بلا فائدة إلا أن تكون الزوجة قريبة له يرغب فيها أو ذات منصب ومال فينظر وصيه في ذلك وفيما قاله نظر لأن هذا الوصف إنما ذكره في السؤال ولم يتعرض له في الجواب انتهى. كلام ابن فرحون وقال المشذالي قوله "ومثله يقوى على الجماع" في اعتبار هذا الوصف نظر انتهى. وقول المصنف "فسخ عقده" يريد والله أعلم. بطلاق وهذا لأنه نكاح صحيح قال الشيخ بهرام في الكبير حاصله على مذهب ابن القاسم أن النكاح على ثلاثة أقسام ما كان عقده صحيحا إلا أن للولي أو لأحد الزوجين فيه خيارا فلا شك أن هذا الفسخ بطلاق ثم ذكر بقية الكلام ويؤيده ما يأتي في مسألة: السفيه وانظر ما تقدم للخمي وانظر المتيطية في تزويج البنت البكر بغير أمر وليها وكلام المتيطي في ذلك أعم من كلام الشارح والله أعلم.
فرع: فلو لم يرد النكاح حتى مات الصغير فالظاهر أن حكمه حكم السفيه وكذلك إذا ماتت الزوجة انظر ابن عرفة
فرع: فلو لم يرد نكاح الصبي حتى كبر وخرج من الولاية جاز النكاح ابن رشد وينبغي أن ينتقل النظر في ذلك إليه فيمضي أو يرد انتهى. وقال ابن ناجي في شرح المدونة ما ذكره يعني في مسألة: المدونة أنه إن أجازه جاز هو المشهور وقال سحنون يفسخ على كل حال سواء كان إمضاؤه نظرا أم لا وإذا فرعنا على قولها وجهل حتى ملك الصبي أمر نفسه فقيل لا خيار له وقيل له من الخيار فيه ما كان لوليه انتهى.
تنبيه: قال المشذالي إثر كلام المدونة: وهنا بحث وهو أن يقال إن طلاق الصبي لا يلزم ولا يخير الولي فيه كالنكاح أجاب القرافي بأن عقد النكاح سبب للإباحة والصبي من أهلها والطلاق سبب التحريم ولم يخاطب به قلت: الأولى في الفرق أن يقال الطلاق حد من الحدود ولا حد على الصبي ولذلك تشطر طلاق العبد والنكاح جرى مجرى المعاوضة فلذلك خير وليه فإن قلت: لا نسلم أن الطلاق حد لقوله في الكتاب وليس حدا من الحدود قلت: قال قبله في الأم لا تقام الحدود إلا على من احتلم والطلاق من حدود الله ولعياض وغيره كلام على اللفظين وقال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} والطلاق من جملة المشار إليه انتهى. كلامه وما نسبه للقرافي هو في الذخيرة وفي الفرق الأربعين والمائة من القواعد ص: "بلا مهر" ش: تصوره ظاهر قال أبو الحسن إثر قوله في المدونة وإن رأى فسخه بلا صداق لها لأن وطأه كلا وطء وظاهره وإن افتضها وإنما يكون عليه ما شانها لأنها سلطته انتهى. فجزم بأن عليه ما شانها وقال ابن عبد السلام ينبغي أن يضمن له ما شانها انتهى. فلم يجزم بذلك فتأمله مع

(5/95)


وإن زوج بشروط أو أجيزت وبلغ وكرهت فله التطليق وفي نصف الصداق قولان
-----------------------
كلام أبي الحسن والله أعلم. ص: "ولا عدة" ش: يريد ما لم يمت فإن مات قبل الرد فالعدة عليها دخل بها أو لم يدخل وتقييد الشيخ بهرام لذلك بالدخول ليس بظاهر فتأمله والله أعلم. ص: "وإن زوج بشروط أو أجيزت وبلغ وكرهت فله التطليق وفي نصف الصداق قولان" ش: قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب ولو اشترط عليه شروط من طلاق أو عتق ونحوه فبلغ فكرهها ففي خياره في الفسخ ولزومه قولان كما لو زوجه وليه يعني إذا تزوج الصغير بنفسه فشرط عليه ولي المرأة شروطا من طلاق من يتزوجها أو عتق من يتصرف بها أو نحو ذلك فأجاز ذلك وليه على تلك الشروط ثم بلغ فإن أقر الشروط فواضح وإن كرهها فهل يلزمه أو لا قولان والقولان أيضا فيما إذا زوجه أبوه أو وصيه بتلك الشروط وهو معنى قوله"كما لو زوجه وليه" انتهى. زاد ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وكذا لو تزوج الصبي بنفسه وشرط ولي المرأة على الصبي الشروط ولم يطلع وصيه على ذلك أو لم ينظر حتى بلغ الصبي انتهى. وعلى القول بعدم لزوم الشرط والتخيير في التزامها وثبوت النكاح أو عدم التزامها وفسخ النكاح اقتصر المصنف فقال"فله التطليق".
تنبيه: قد يتبادر أنه لا فائدة لقول المصنف "فله التطليق" فإن الزوج له التطليق وإن لم يكره الشروط واعلم أنه إذا كره الشروط المعقود عليها فقيل لا شيء له وهي لازمة وهو قول ابن وهب وقيل لا تلزمه وهو قول ابن القاسم في الموازية وهو الذي اقتصر عليه المصنف كما تقدم وعليه فهل تسقط وهو قول ابن العطار أو يخير في التزامها ويثبت النكاح وعدم التزامها ويفسخ النكاح وهو قول ابن القاسم وعليه فهل بطلاق قال الباجي وهو ظاهر قول ابن القاسم أو بغيره وهو ظاهر قول أصبغ فأفاد الشيخ بقوله "فله التطليق" أن الشروط لا تسقط عنه كما يقول ابن

(5/96)


------------------------------
العطار وإنما التطليق يعني إنما هو مخير في التزامها أو في التطليق وأفاد أيضا بذكر التطليق أن الفسخ فيه بطلاق كما هو قول ابن القاسم ويتفرع عليه قوله:"وفي نصف الصداق قولان" والقول بأن عليه نصف الصداق قال في التوضيح: هو قول ابن القاسم في الكتاب والقول بعدمه هو له في المجالس انتهى. وقال ابن عرفة نقل" المتيطي عن أكثر الموثقين إن التزامها بعد البلوغ لزمه النكاح اللخمي ولا خيار له المتيطي قال ابن الهندي إنما يصح التزامه بعد بلوغه في الشروط بالطلاق لا بعتق السرية لأن عتقها منه لغو عاجلا وآجلا إلا أن يلتزمه بعد رشده انتهى..
فروع الأول: جميع ما قاله المصنف إنما هو إذا لم يحصل دخول منه بها وأما إذا دخل بها فحصل كلامه في التوضيح أنه إن كان دخوله قبل البلوغ فالشروط ساقطة عنه وإن علم بها لأنها مكنت من نفسها من لا تلزمه الشروط كما قاله المتيطي وغيره وإن كان دخوله بعد البلوغ فحكى في ذلك طريقتين الأولى أن الشروط تلزمه فإن ادعى عدم العلم بها ففي ذلك قولان أحدهما لابن القاسم أن القول قوله بيمين والثاني لابن العطار لا يقبل قوله والثانية طريقة ابن بشير أنه إن علم بالشروط ففي اللزوم ونفيه قولان وإن لم يعلم فثلاثة أقوال اللزوم ونفيه والتخيير الآن ونص كلامه وهذا كله إذا لم يحصل دخول فإذا حصل دخول فإما أن يدخل بعد بلوغه أو قبله فإن دخل بعد بلوغه لزمته الشروط إن علم بها ابن القاسم ولو ادعى أنه لم يعلم بها فالقول قول مع يمينه وقال ابن العطار لا يقبل قوله في ذلك ولزمه بدخوله وأما إن دخل قبل البلوغ فذكر المتيطي وغيره أن الشروط تسقط عنه وإن علم بها لأن المرأة مكنت من نفسها من لا تلزمه الشروط وقال ابن بشير لو دخل الصبي وقد بلغ وهو عالم بالشروط فهل تلزمه أولا قولان أحدهما لا تلزمه وهذا على القول بسقوط الشروط الثاني تلزمه وهذا على القول بأنه مخير فإذا دخل مع العلم فكأنه التزم ما شرط عليه وإن دخل قبل العلم فثلاثة أقوال أحدها يلزمه وهذا بناء على أن الشرط لازم والثاني لا يلزمه وهذا بناء على سقوط الشرط والثالث: يخير الآن وهذا بناء على التخيير انتهى. كلام التوضيح وجزم في الشامل بأنه إن دخل بعد بلوغه عالما بالشروط أنها تلزمه ونصه فإن دخل قبل بلوغه لم تلزمه الشروط وبعده عالما بها لزمته وإن لم يعلم فثالثها يخير الآن وصدق في نفي العلم مع يمينه على الأصح انتهى..
الثاني: قال في التوضيح ثم الفسخ بطلاق أو بغير طلاق إنما هو إذا تمسكت المرأة بشروطها وأما لو رضيت المرأة بإسقاطها فلا وإذا أسقطته فلا كلام لأبيها ولو كان محجورا عليها ورأى ابن القاسم أن ذلك للأب في المحجورة واختار الأول ابن الفخار واحتج بقول مالك في البكر يشترط لها زوجها أن لا يخرجها إلا برضاها فرضيت بترك شرطها أن ذلك جائز وإن كره الأب انتهى. وقال ابن عبد السلام
الثالث: قوله "وفي نصف الصداق قولان" وكذا القولان فيمن طلق قبل علمه بالشروط هل عليه نصف الصداق وهو قول محمد أو لا

(5/97)


عمل بهما والقول لها إن العقد وهو كبير وللسيد رد نكاح عبده بطلقة فقط بائنة إن لم يبعه إلا أن يرد به
----------------------
شيء عليه وروي عن ابن القاسم والخلاف مبني على أصل وهو من طلق ثم علم بعيب هل يرجع بالصداق أم لا قاله في التوضيح.
الرابع: من زوج ولده بشروط قبل البلوغ والتزم القيام عنه بالصداق فلما بلغ كره الابن وطلق فلا يلزمه شيء من الشروط ولا يلزم الصداق على أحد القولين اللذين ذكرهما المصنف وبه أفتى ابن رشد في نوازله قال ولا يلزم أباه ما التزمه ص: "والقول لها إن العقد وهو كبير" ش: قال ابن عرفة: ابن رشد ولو قال كنت حين شرط أبي صغيرا وقال وليها أبا أو وصيا كنت كبيرا وعجز الزوج عن البينة ففي حلف وليها دونها وعكسه سماع أبي زيد والتخريج من سماع ابن القاسم فيمن ادعى في تزويج ابنته البكر تسمية بعد موت زوجها وادعى وارثه تفويضا تحلف الجارية عاجلا إن بلغت وتؤخر إليه الصغيرة وإن لم يدع وليها أنه كان كبيرا حلفت المرأة إذا بلغت انتهى. ص: "وللسيد رد نكاح عبده بطلقة بائنة" ش: أي وللسيد يريد أو ورثته رد نكاح عبده يريد ومدبره ومكاتبه ومعتقه إلى أجل والمعتق بعضه بطلقة بائنة فقط لا أزيد على المشهور واستحسن اللخمي أن تكون له الرجعة إذا عتق في العدة وقاله جميعه في التوضيح.
فرع: وعلى المشهور من أن سيده لا يطلق عليه إلا طلقة واحدة فلو طلق عليه سيده طلقتين فهل يلزمه ذلك أو لا يلزمه إلا واحدة ذكر في التوضيح في ذلك قولين وأن اللخمي استحسن القول بعدم لزوم الزائد على الواحدة وذكر عن ابن يونس أكثر الرواة روى لزوم واحدة فقط وقال غيره هو اختيار الجمهور.
فرع: قال ابن عرفة ابن العطار ولو اختلف وارثوه في فسخه وإمضائه فالقول قول ذي الفسخ فإن قالوا إن وقع لذي إجازته جاز لم تجز القسمة على هذا لأنها إجازة لنكاحه قلت: وعدم جريان استحسان مسألة: وارثي خيار واضح انتهى. ص: "إلا أن يرد به

(5/98)


أو يعتقه وله ربع دينار إن دخل واتبع عبد ومكاتب بما بقي إن غرا:إن لم يبطله سيد أو
---------------------------
ش: ظاهره كان عالما حين البيع أو غير عالم ونقل في التوضيح فيما إذا باعه بعد علمه بالزواج ورد عليه قوله ونصه وقوله يعني ابن الحاجب "قبل علمه" مفهومه أنه لو باعه بعد علمه لكان ذلك دليلا على الرضا فليس له الفسخ إذا رد عليه وهكذا قال القرويون وذكر بعض الأندلسيين قولا أن ذلك لا يسقط حق البائع انتهى. وصدر في الشامل بالقول بعدم الفسخ وعطف عليه الثاني بـ"قيل" وقوله به مفهومه لو رده بغير عيب التزويج أنه ليس كذلك ولا يخلو إذا رده بغيره إما أن يكون اطلع المشتري على التزويج ورضي أو لم يطلع عليه فإن لم يطلع عليه فالظاهر أنه إن كان السيد عالما بالتزويج وقت البيع ففيه القولان وإن لم يكن عالما فله الرد وإن اطلع عليه المشتري ورضيه فاختلف هل يرجع على البائع بأرشه أولا يرجع وله الفسخ على قولين نقلهما في التوضيح ولو أعتقه المشتري ثم اطلع على التزويج فهل يرجع بالأرش: أولا وقولان نقلهما أيضا فيه ص: "أو بعتقه" ش:
فرع: قال ابن عرفة ابن محرز الموهوب له هذا العبد كمبتاعه لا كوارثه ابن عات: يختلف فيه كالمبتاع ص: "ولها ربع دينار إن دخل" ش: قال ابن عرفة: وفيها لمالك لربه رد

(5/99)


سلطان وله الإجازة إن قرب ولم يرد الفسخ أو يشك في قصده،
---------------------------
المهر من الزوجة برد نكاحها الأربع دينار إن بنى انتهى. زاد في المدونة فإن اعدمت اتبعت به ص: "وله الإجازة إن قرب ولم يرد الفسخ أو يشك في قصده" ش:
فرع: قال ابن عرفة: المتيطي إن أجازه بعد بنائه ففي لزوم استبرائه قول سحنون ونقل اللبيدي عن إسماعيل مع ابن محرز عن عبد الرحمن انتهى. وانظر هل يأتي مثله في السفيه أولا؟.
فرع: فإن استمتع العبد بزوجته بعد علم سيده بنكاحه على وجه كان سيده يقدر على منعه من ذلك فلا يكون له الفسخ بعد ذلك لأن سكوته قائم مقام الإذن له وكذلك إذا علم السيد بنكاحه ثم رآه يدخل عليها ولا يمنعه فنكاحه جائز انتهى. من ابن فرحون على ابن الحاجب وانظر ابن عرفة وقال الجزيري في وثائقه في عقد فسخ نكاح وإن علم الأب أو الوصي أو السيد بنكاح من إلى نظرهم وسكتوا عن ذلك مدة مضي النكاح ولم يرد ذلك بخلاف الأمة إن نكحت بغير إذن سيدها فلا يجوز وإن أجازه السيد وإن لم يعلم حتى عتق العبد أو باعه فلا رد له ولا للمبتاع رد النكاح وله رد العبد بعيب النكاح فإن رده فللبائع الإجازة للنكاح أو الفسخ وكذلك إن لم يعلم الأب أو الوصي حتى رشد المحجور فإن النكاح ماض انتهى. وقوله "أو شك" بفعل ماض مبني للمجهول كذا في أكثر النسخ وهو معطوف على مفهوم الشرط وفي بعض النسخ "أو يشك" بفعل مضارع فيكون معطوفا على قوله ولم يرد الفسخ والله أعلم. ص: "ولولي سفيه فسخ عقده ولو ماتت" ش: قال ابن رشد في نوازله في مسائل النكاح وإذا لم يحضر الوصي العقد وإنما اتصل به بعد أن عقده السفيه بغير أمره فلم يقض فيه برد ولا إجازة حتى مات السفيه فهو بمنزلة إذا لم يعلم به حتى مات إلا أن يكون دخل بها بعلمه فيكون ذلك إجازة منه انتهى. والله أعلم.
فرع: فإن لم يعلم الولي بنكاحه حتى خرج من الولاية فإنه يثبت النكاح وقال بعض القرويين ينتقل إليه ما كان بيد الوصي من النظر قاله في التوضيح وصحح الأول في الشامل.
فرع: قال ابن عبد السلام والمنصوص أن الفسخ بطلاق انتهى. كلامه.
تنبيه: لم يتعرض المصنف لما يجب لها وتركه اعتمادا على ما قاله في العبد قبله ونبه على ذلك السيد في تصحيح ابن الحاجب ونصه وسقط هذا الفرع: من مختصر خليل واستغنى عن ذلك بما ذكره في العبد يتزوج بغير إذن سيده ويبني انتهى. وقد صرح صاحب

(5/100)


ولولي سفيه فسخ عقده ولو ماتت وتعين بموته ولمكاتب ومأذون تسر وإن بلا إذن ونفقة العبد
------------------------
اللباب بأن المشهور لا بد من الترك لها قال وفي قدره خمسة أقوال قال ابن القاسم ومالك في رواية ابن وهب: يترك لها ربع دينار وبه الحكم ثم ذكر بقية الأقوال وقال السيد في تصحيح ابن الحاجب: والقول بترك ربع دينار لمالك وأكثر أصحابه وبه أخذ ابن القاسم وغير واحد ابن يونس: وهو الجاري على مذهب المدونة في العبد يتزوج ويبني بغير إذن سيده وجزم به في الشامل انتهى.. وقال ابن عبد السلام: لما تكلم على مسألة: ما إذا تزوج العبد بغير إذن سيده وبنى بالزوجة في شرح قول ابن الحاجب: فإن بنى بها ترك لها ربع دينار هذا قول ابن القاسم في المدونة وقد تقدم نكاح السفيه بغير إذن وليه والعقد فيهما قريب انتهى. ص: "ولمكاتب ومأذون تسر وإن بلا إذن" ش: يعني من ماله الموهوب له أو المتصدق به عليه وأما غير المأذون فلا يجوز له أن يشتري جارية ليطأها بماله إلا بإذن سيده ولا يجوز للعبد أن يشتري جارية من مال سيده بإذن السيد إلا إذا وهب له المال أو أسلفه إياه وانظر رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح ورسم الطلاق من سماع أشهب منه وأول مسألة: من كتاب العتق وقد أشار إلى ما في السماعين المذكورين ابن عرفة فقال: وسمع ابن القاسم: من اشترى أمة من المال الذي بيدك تطوعا لا تحل له بذلك حتى يهبه المال قبل ذلك وسمع أشهب أو يسلفه إياه وسمع ابن القاسم هبة السيد عبده الأسود للخارج الجارية يعفه بها لا يعجبني ولا يعمل به لأنه تحليل إنما الهبة للعبد التاجر ابن رشد لا يجوز هذا انتهى..
ص: "ونفقة العبد في غير خراج وكسب" ش:

(5/101)


في غير خراج وكسب إلا لعرف كالمهر ولا يضمنه سيد بإذن التزويج وجبر أب ووصيّ وحاكم مجنونا احتاج وصغيرا
----------------------
فرع: فإن لم يجد غيره فرق بينهما إلا أن يتطوع السيد بالنفقة ولا يباع العبد في نفقة زوجته ولا فرق بين عبد الخراج وغيره انتهى. من التوضيح ومنه المدبر والمعتق لأجل كالعبد والمكاتب كالحر لأنه بان عن سيده بماله فإن عجز طلق عليها لمعتق بعضه في اليوم الذي يخصه كالحر وفي اليوم الذي يخص سيده كالعبد ص: "ولا يضمنه سيد بإذن التزويج" ش: هذا إذا أذن له وأما إن أنكحه فهو من شرط عليه وإن سكتوا عنه فالمعروف أنه على العبد وقيل على السيد وعلى المعروف فالمشهور أنه فيما حصل له من معروف انتهى. ص: "ووصي" ش: يريد الذي له الإجبار وقاله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب ووصي الوصي كالوصي قال في الشامل لا غيرهم على المشهور وفي فسخه وثبوته إن دخل فطال قولان انتهى. ص: "مجنونا احتاج" ش: وأما المجنونة فلا تزوج قاله اللخمي وقوله"احتاج" يشير إلى قول اللخمي وأما المجنون فإن كان لا يفيق ولا يصح منه طلاق فإن كان لا يخشى منه فساد لم يزوج وإن كان يخشى ذلك زوج انتهى. وقال ابن فرحون وقول ابن الحاجب:"إن احتاج" يدخل فيه هذا الوجه وأما إذا لم يكن محتاجا لمن يخدمه ويعانيه انتهى. وهذا في الذي لا يفيق هكذا فرضه اللخمي ابن عرفة: ومن يفيق كسفيه ثم ذكر الخلاف في السفيه والله أعلم. ص: "وصغيرا" ش: قال في التوضيح قال عياض ولا خلاف في جواز إنكاح ابنه

(5/102)


وفي السفيه خلاف وصداقهم إن أعدموا على الأب وإن مات أو أيسروا بعد ولو شرط ضده
-----------------------------
الصغير وقد ذكر ذلك في كتاب الخلع فقال إذا كان فيه الغبطة والرغبة كنكاحه من المرأة الموسرة تبعه في الشامل فقال ولأب صغير لغبطة على المنصوص انتهى. ص: "وفي السفيه خلاف" ش: قال ابن عرفة عن اللخمي والصواب إن أمن طلاقه وخشي فساده إن لم يزوج ولا وجه لتسريه وجب تزويجه ولو لم يطلبه فيلزم ومقابله يمنع ولو طلب إلا أن يقل المهر وإن أمن طلاقه ولم يخش: فساده أبيح إلا أن يطلبه فيلزم ومقابله إن قدر على صونه منه وإلا زوج بعد التربص انتهى. ص: "وصداقهم إن عدموا على الأب وإن مات وأيسر وأبعد ولو شرط ضده" ش: قال في الشامل كان زوجه تفويضا ولم يفرض حتى بلغ.
فروع : الأول: قال في الشامل فلو كانا عديمين فلا شيء على الأب قيل ومقتضى المذهب أنه مع الإبهام عليه لأنه متولي العقد فلو كان الابن حين العقد مليا فعليه إلا أن يشترط على الأب على المعروف وقيل للمرأة أخذه من حيث شاءت فإن كان مليا بالبعض فعليه قدر ذلك قال في التوضيح ويكون في الزائد حكم من لا مال له انتهى. فإن شرط الأب في عقده أن يعطيه فكالموسر على الأصح.
الثاني: قال في الشامل أيضا ولو أذن لولده الصغير فعقد وكتب المهر عليه ثم مات الزوج فلا شيء على الأب.
الثالث: قال ابن عرفة وصداق الابن الرشيد بإنكاحه أبوه على من شرط عليه فإن سكتوا

(5/103)


إلا فعليهم إلا لشرط وإن تطارحه رشيد وأب فسخ ولا مهر وهل إن حلفا وإلا لزم الناكل تردد وحلف رشيد وأجنبي وامرأة أنكروا الرضا والأمر حضوراً إن لم ينكروا بمجرد علمهم وإن طال كثيراً لزم
-------------------------------------
والابن مليء فعليه فإن كان عديما ففيها ليحيى بن سعيد إن كان الابن عديما صغيرا أو كبيرا فعلى الأب قال بعض أصحاب الصقلي يريد السفيه وقال الصقلي: والرشيد كوكيل شراء لم يتبرأ من ثمنه ويريد بأنه القابض في البيع وموكله في النكاح انتهى.. وقال في التوضيح: إن تأويل أكثر الشيوخ على أنه على الابن ونص عليه في الواضحة قال وقال عياض وغيره في تأويل ابن يونس إنه ضعيف ص: "إن لم ينكروا بمجرد علمهم" ش: قال ابن عرفة وفيها من زوج ابنه ساكتا فلما فرغ قال ما وكلته ولا أرضى حلف على ذلك اللخمي فإن أنكر حين فهم العبد عليه لم يحلف وبعده حين فراغه فهي على مسألتها وعلى قولها أو نكل فالأحسن قول الشيخ لا غرم عليه ولا قول غيره يغرم نصف الصداق وبعد تمام العقد وتهنئته لا يقبل قوله ويغرم نصف

(5/104)


ورجع لأب وذي قدر زوج غيره وضامن لابنته النصف بالطلاق والجميع بالفساد ولا يرجع أحد منهم إلا أن يصرح بالحمالة أو يكون بعد العقد ولها الامتناع إن تعذر أخذه حتى يقدر وتأخذ الحال وله الترك وبطل إن ضمن في مرضه عن وارث،
-------------------------------
الصداق ولو رضي بعد ذلك بالنكاح فإن قرب رضاه ولم يكن منه إلا الإنكار فله ذلك واستحسن حلفه أنه لم يرد إنكاره فسخا فإن نكل لم أفرق بينهما وإن رضي بعد طول أو قال رددت العقد لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد انتهى. ص: "ورجع لأب وذي قدر زوج غيره الخ" ش: انظر إذا خالعته الزوجة قبل البناء على رد جميعه فهل للزوج نص الذي كان يأخذه في ذلك قولان انظر المتيطي وقال في التوضيح قال ابن القاسم: جميعه للأب وقال ابن الماجشون: للزوج النصف وللأب النصف اللخمي: والأول أصوب لأن قصد الأب أن يراه زوجة المتيطي: وبقول ابن القاسم الحكم انتهى. ص: "إلا أن يصرح بالحمالة" ش: فإذا صرح بالحمالة فتكون على حكمها قال المتيطي والحمالة معناها الضمان وهي لا تلزم إلا مع عدم الزوج أو مغيبه غيبة بعيدة فإذا أعدم أو غاب الغيبة المذكورة كان لها اتباع الحميل ثم له الرجوع على الزوج بما أدى له انتهى. ص: "حتى يقرر" ش: كذا في أكثر النسخ حتى يقرر براءين وفي بعضها بدال مهملة ثم راء ومعناهما متقارب ويشير بذلك إلى أن الصداق إذا كان على غير

(5/105)


لا زوج ابنته والكفاءة الدين والحال ولها وللولي تركها وليس لولي رضي فطلق امتناع بلا
---------------------------------
الزوج وتعذر أخذه من الغير وكان نكاح تفويض فلها منع نفسها حتى يقرر ويتصور ذلك في مسألة: فإنه قال في التوضيح: إذا زوج الصغير ولا مال له نكاح تفويض ولم يفرض لها حتى بلغ فالصداق في مال الأب حيا وميتا قاله عيسى يريد لأن الصداق كان ثابتا حين العقد وإنما تأخر تعيينه انتهى. ففي هذه الصورة لو لم يفرض حتى بلغ الابن ورشد وتعذر أخذ الصداق من الأب فلها الامتناع حتى يقرر لها صداقها ويفرض لها وهذا ظاهر وإن لم ينص عليه في خصوص هذه المسألة: والله أعلم. ص: "والكفاءة الدين والحال" ش: قال في التوضيح الدين المراد به الإسلام مع السلامة من الفسق ولا يشترط المساواة لها في الصلاح والحال قال ابن راشد المراد به أن يساويها في الصحة أي سالما من العيوب الفاحشة وهذا هو الذي يؤخذ من كلام ابن بشير وابن شاس وغيرهما من الأصحاب انتهى. فإن فقد الدين وكان الزوج فاسقا فليس بكفء ولا يصح نكاحه قال ابن بشير: والمطلوب من الزوج أن يكون كفؤا في دينه بلا خلاف وإن كان فاسقا فلا خلاف منصوص أن تزويج الأب من الفاسق لا يصح وكذا غيره من الأول ياء فإن وقع وجب للزوجة ولمن قام لها فسخه وكان بعض أشياخنا يهرب من الفتوى في هذا ويرى أنه يؤدي إلى فسخ كثير من الأنكحة ابن عبد السلام وقول ابن بشير وإن وقع يحتمل أن يكون داخلا في غير المختلف فيه وهو ظاهر ويحتمل أن يكون ابتداء كلام وتأسيس مسألة: مع عدم التعرض لنفي الخلاف انتهى. من التوضيح وهذا ليس بظاهر لقوله أولا خلاف أنه لا يصح وإن كان كذلك فهو فاسد وقال ابن سلمون قال ابن بشير لا خلاف منصوص أن للزوجة ولمن قام لها فسخ نكاح الفاسق وسئل ابن زرب عن ولية لقوم نكحها رجل من أهل الشر والفساد وأنكر ذلك أولياؤها عليها وذهبوا إلى فسخ النكاح وكان قد بنى بها فقال لا سبيل إلى حل النكاح إن كان

(5/106)


-----------------------------------------------
قد دخل بها قيل له فلو لم يدخل بها فوقف وقال الذي لا يشك فيه أنه إذا دخل لم يفسخ والكفاءة حق للزوجة وللأولياء فإذا تركوها جاز ووقع لأصبغ في النوادر أنه إذا زوج الأب ابنته البكر من رجل سكير فاسق لا يؤمن عليها لم يجز وليرده الإمام وإن رضيت هي به وذكر ابن أبي زمنين عن بعض الموثقين أنه قال لا بد أن تثبت الكفاءة في الثيب كالبكر حكاه عنه ابن فتحون وحكى أن القاضي أبا الوليد كان يأخذ بهذا القول ويكلف إثبات الكفاءة عنده ويقول إن كانت تملك نفسها فإنها إذا ادعت إلى غير كفؤ لا يلزمني أن أعينها على ذلك انتهى. وفي أحكام ابن سهل ذكر فتوى ابن زرب وأنها في صفر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وذكر كلام أصبغ في النوادر وزاد في آخره في الوصي ونحوه في آخر نوازله انتهى. وفي تفسير القرطبي في أول سورة النور قال ابن خويز منداد من كان معروفا بالزنا أو بغيره من الفسوق معلنا به فتزوج بقوله عليه الصلاة والسلام "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله" 1 قال ابن خويز منداد وإنما ذكر المجلود لاشتهاره بالفسق وهو الذي يجب أن يفرق بينه وبين غيره فأما من لم يشتهر بالفسوق فلا انتهى. وفي المسائل الملقوطة قال ابن بشير لا خلاف منصوص أنه للزوجة ولمن قام لها فسخ نكاح الفاسق مراده الفاسق بجوارحه فزواج الوالد من الفاسق لا يصح وكذلك غيره من الأول ياء وفي التبصرة وإن كان كسبه حراما أو كثيرا الأيمان بالطلاق لم يكن للأب أن يزوج ابنته منه لأن الغالب على مثل هذا الحنث والتمادي معها فإن فعل فرق الحاكم بينهما ويمنع من تزويجها من يشرب الخمر لأنه يدعوها إلى ذلك انتهى. من تسهيل الأمهات ومراده بالتبصرة تبصرة اللخمي وتسهيل الأمهات شرح والده على المهمات ابن الحاجب وقال الفاكهاني في شرح قول الرسالة: ولا يخطب أحد على خطبة أخيه لما ذكر أنه إذا خطبها الفاسق ركنت إليه وللصالح أن يخطبها وهو أحق.
قلت: إنما يجيء هذا على أحد القولين أن نكاح الفاسق صحيح وهو المشهور وإلا فمتى قلنا بالقول الآخر فما بينهما صيغة أفعل والله أعلم. وهذا في الفاسق بالجوارح وأما الفاسق بالاعتقاد فقال ابن الحاجب: مالك: لا يزوج من القدرية ولا يزوجون قال ابن عبد السلام إنه يفسخ وقال في التوضيح هذا لمالك في المدونة ولا يتأتى هنا توقف الشيخ المتقدم في الفاسق بجوارحه لأنه يؤدي إلى فسخ كثير من الأنكحة ويشارك القدري من يساويه في البدعة انتهى. وفي المسائل الملقوطة قال مالك لا تزوج إلى القدرية يعني أنه يفسخ النكاح الواقع بين أهل السنة وبينهم هذا على القول بتكفيرهم وأما على القول بأنهم فساق فهم كالفاسق بجوارحه وأشد لأنه يجرها إلى اعتقاده ومذهبه ولا يتزوج منهم ولا يزوجون من نساء أهل السنة وقول مالك في القدرية جار فيمن يساويهم في البدعة وفي بعض الروايات أن مالكا تلا قوله تعالى {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} وهذا يدل على أنه أراد تكفيرهم انتهى. من تسهيل الأمهات
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب النكاح باب 4. أحمد في مسنده (2/324).

(5/107)


حادث وللأم التكلم فهي تزويج الأب الموسرة المرغوب فيها من فقير ورويت بالنفي ابن القاسم إلا لضرر بين وهل الوفاق تأويلان والمولى وغير الشريف والأقل جاهاً كفء وفي العبد تأويلان وحرم أصوله وفصوله
-------------------------------
تنبيه: قال ابن فرحون في تبصرته في الفصل الذي في بيان ما يفتقر إلى حكم الحاكم وما لا يفتقر أن من الطلاق الذي يوقعه الحاكم بغير إذن المرأة وإن كرهت إيقاعه نكاحها الفاسق انتهى. بالمعنى وظاهره سواء كان فاسقا بالجوارح أو بالاعتقاد وظاهر كلامهم أنه يفسخ مطلقا بعد الدخول وقبله فظاهر كلام ابن فرحون أنه يفسخ بطلاق لأنه جعله من الطلاق الذي يوقعه الحاكم والله أعلم. وأما الحال فلا إشكال أن للمرأة إسقاطه وإذا علم هذا فيكون قول المؤلف"ولها وللولي تركها" ليس راجعا إلى الدين ص: "وللأم التكلم الخ" ش: أشار به إلى أن الحال اختلف في اعتباره وانظر البرزلي في أوائل النكاح وفي أثنائه وأنه تكلم في ذلك الموضعين وذكر في ذلك اختلافا من فتوى الشيوخ فتأمله والله أعلم. وانظر ما تقدم عند قوله

(5/108)


ولو خلقت من مائه وزوجتهما وفصول أول فصوله وأول فصل من كل أصل وأصول زوجته وبتلذذ وإن بعد موتها وإن بنظر فصولها كالملك
------------------------
وجبر المجنونة والبكر ولو عانسا مع قوله وللأم التكلم الخ هل يعارضه ما هنا؟ والله أعلم. ص: "ولو خلقت من مائه" ش: قال ابن عبد السلام واعلم أن الذاهبين إلى التحريم اختلفوا فمنهم من رآها بنتا أو كالبنت وهؤلاء يرونها محرمة على الواطئ وعلى كل من حرمت عليه ابنة الواطئ ومنهم من يراها كالربيبة وهؤلاء يلزمهم أن يبيحوها لأب الواطئ وابنه والمسألة: موضوعة في علم الخلاف والكلام عليها أوسع من هذا انتهى. وقال القرطبي في تفسير سورة الفرقان اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته أو أخته أو ابنة ابنه من الزنا فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأجاز ذلك آخرون منهم عبد الملك بن الماجشون وهو قول الشافعي انتهى. وصرح في سورة النساء بأن القول إن المخلوقة من مائه لا تحل هو المشهور وقال في قول ابن الماجشون هو الصحيح واستدل للأول بحديث جريج وقوله للغلام من أبوك فقال: فلان الراعي فقال: فإن قيل يلزم أن تجري أحكام البنوة والأبوة من التوارث والولايات وغير ذلك وقد اتفق المسلمون على أن لا توارث فالجواب أن ذلك موجب ما ذكرناه وما انعقد عليه الإجماع من الأحكام استثنيناه وبقي الباقي على أصل ذلك الدليل والله أعلم. ص: "كالملك" ش: يعني أن من تلذذ بأمه يملكها بقبلة أو مباشرة أو ملاعبة أو بنظر باطن فإنها تحرم على آبائه وأبنائه.
فرع: قال في التوضيح واختلف إذا وطئ الصغير بملك اليمين أو قبل أو باشر فقد قال مالك في الموازية إن قبل أو باشر لم تحرم إذا كان صغيرا وقال ابن حبيب إذا بلغ أن يلتذ

(5/109)


وحرم العقد وإن فسد إن لم يجمع عليه وإلا فوطؤه إن درأ الحد وفي الزنا: خلاف وإن حاول تلذذاً بزوجته فتلذذ بابنتها فتردد وإن قال أب نكحتها أو وطئت الأمة عند قصد الابن ذلك وأنكر: ندب التنزه
-----------------------
بالجواري يحرم انتهى. وقال ابن عرفة اللخمي في لغو وطء الصغير وإيجاب قبلته ومباشرته الحرمة إن بلغ أن يلتذ بالجارية رواية محمد وقول ابن حبيب وخص ابن بشير القولين بالمس ونحوه انتهى. وحكى في الشامل القولين من غير ترجيح ويفهم من كلام الجزولي والشيخ يوسف بن عمر أن الخلاف إنما هو في المراهق وأما غيره فلا خلاف في أن وطأه لا يحرم والله أعلم. ص: "وحرم العقد وإن فسد" ش: جعل في التوضيح هنا من المختلف فيه نكاح الخامسة وهو مخالف لما قدمه المصنف في قوله"كخامسة" ولما قاله في التوضيح أيضا عند قول ابن الحاجب في تمييز ما يفسخ بطلاق أو بغير طلاق ومخالف لما قاله في أوائل النكاح الأول من المدونة من أنه متفق على فساده ولا يحرم عقده فتأمله والله أعلم. ص: "فالتذ بابنتها" ش: احترز من ابنها فإنها لا تحرم به قال المازري في كشف الغطاء وقد ذهب بعض الناس إلى أنه تنتشر الحرمة بوطء الغلام وهذا بعيد عن أصول الشرع والله أعلم. وفي تفسير القرطبي في سورة النساء واختلف العلماء في مسألة: اللائط فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم لا يحرم النكاح باللواط وقال الثوري إذا لعب بالصبي حرمت عليه أمه وهو قول أحمد بن حنبل قال إذا لاط بابن امرأته أو أبيها أو أخيها حرمت عليه امرأته وقال الأوزاعي: إذا لاط بغلام وولد للمفجور به بنت لم يجز للفاجر أن يتزوجها لأنها بنت من قد دخل به وهو قول أحمد ابن حنبل انتهى. كلامه ص: "ولو قال أب نكحتها أو وطئت أمة ثم قصد الابن ذلك وأنكر" ش: تصوره واضح قال في التوضيح: إن صارت إليه جارية أبيه أو

(5/110)


وفي وجوبه إن فشا تأويلان وجمع خمس وللعبد الرابعة أو اثنتين لو قدرت أية ذكراً حرم كوطئهما بالملك
----------------------------------
ابنه بعد موته ولم يقر مالكها بوطء ولا غيره فقال ابن حبيب: لا تحل اللخمي وهذا يحسن في العلي وإن كانت من الوخش ندب أن لا يصيب ولا تحرم وكذلك إذا باعها ثم غاب قبل أن يسأل انتهى. وقال في الشامل وإن ملك أمة أبيه أو ابنه ولم يعلم هل وطئها أم لا لم تحل له اللخمي: وهذا في العلي ويندب في الوخش: ولا تحرم انتهى. وقال ابن عرفة والتحريم بقول أب أو ابن قال اللخمي: إن عرف ملكه حرمت بقوله ولو بعد خروجها من ملكه أصبتها فإن قال لم أصب لم تحرم ولو غاب أو مات دون قول ففي حرمتها مطلقا أو إن كانت علية نقل الباجي عن ابن حبيب مع اللخمي واختياره ص: "وجمع خمس" ش: أي جمعن في عصمة واحدة فأحرى في عقد وتقييده في الكبير بقوله "والمعنى وحرم جمع خمس من النساء في عقده: غير في ظاهر وما في الوسط والصغير أحسن ص: "أية ذكرا حرم" ش: بإدخال تاء التأنيث على أي قال الدماميني في حاشية البخاري في كتاب الشهادات في حديث الإفك المنصوص إنه إذا أريد بـ"أي" المؤنث جاز إلحاق التاء به موصولا كان أو استفهاما أو غيرهما انتهى. وجعل في الكبير بدل التاء هاء وبدل"أي" "إن" ويشكل عليه قوله "ذكرا" بالنصب فإنه في النسخ بألف بعده وقوله "حرم" والضمير للوطء ص: "كوطئها بالملك" ش: قال اللخمي ولا بأس أن يجمع بين الأختين في ملك اليمين من غير وطء وأن يطأ إحداهما وأختها في ملكه ويؤمن على أن لا يصيبها أخرى انتهى..
فرع: قال الباجي وكما يحرم الجمع في الوطء فكذلك النظر للذة للمعصم والصدر قياسا على ما تسوى الشرع فيه بين الوطء والنظر للذة انتهى. ثم شرع المصنف يتكلم على ما

(5/111)


وفسخ نكاح ثانية صدقت وإلا حلف للمهر بلا طلاق كأم وابنتها بعقد
--------------------------------
إذا عقد على اثنين ممن يحرم عليه جمعهما فتارة يعقد عليهما عقدا واحدا وتارة واحدة بعد واحدة فإن كان عقد على اثنين ممن يحرم عليه جمعهما عقدا واحدا فيفسخ ذلك بلا طلاق دخل بهما أو لم يدخل بهما أو دخل بإحداهما ولو ولدت الأولاد ومن فسخ نكاحها قبل الدخول فلا مهر لها ومن فسخ نكاحها بعد الدخول فلها المهر وله أن يتزوج أيتهما شاء بعد الاستبراء إن دخل بها وإن لم يدخل بها فلا استبراء عليه وإن عقد عليهما واحدة بعد واحدة فأشار إلى ذلك المصنف بقوله ص: "وفسخ نكاح ثانية" ش: أي قامت عليها البينة أنها ثانية أو ادعى ذلك الزوج وصدقت هي على ذلك فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعد الدخول فلها المسمى وأما الأولى فنكاحها صحيح دخل بها أو لم يدخل أما مع قيام البينة فواضح وأما مع عدم البينة فما ذكره المصنف هو الذي مشى عليه ابن الحاجب قال في التوضيح: وهو قول أشهب ومحمد قال اللخمي الجاري على مذهب المدونة من عدم قبول تعيين المرأة الأول: في مسألة: الوليين عدم قبول قولها هنا انتهى. ص: "وإلا حلف للمهر" ش: أي وإن لم تعلم الأولى بالبينة ولم تصدق المرأة التي زعم الزوج أنها ثانية على ذلك بأن قالت لا علم عندي أو ادعت أنها الأولى فإنه يحلف لها ويبرأ من المهر فإن نكل غرم لها نصف الصداق ولا يمين عليها إن قالت لا علم لي أو ادعت العلم فعليها اليمين ملكا ادعى أنها الأولى فلها الصداق بالدخول ونصفه قبله وهل يصدق فيه؟ يأتي في ذلك القولان المتقدمان والذي مشى عليه المصنف أنه يقبل وإن قال الزوج لا علم عندي فيفسخ النكاحان جميعا فإن قالت المرأتان أيضا لا علم عندنا فسخ النكاحان أيضا وعليه نصف صداق واحد يقسمانه لأنه وجب عليه نصف صداق لواحدة مجهولة وإن ادعت إحداهما فقط العلم فإنها تحلف وتستحق النصف ولا شيء للأخرى فإن نكلت اقتسما النصف وإن ادعت كل واحدة العلم حلفت كل واحدة أنها الأولى وأخذت نصف صداقها قاله اللخمي والرجراجي وهذا منقول منهما بالمعنى والفسخ ها هنا بطلاق قاله في التوضيح عن محمد والباجي وقول المصنف "بلا طلاق" متعلق بقوله فسخ راجع لقوله"نكاح ثانية صدقت" ثم يشبه بهذه المسألة: في كون الفسخ بلا طلاق ما إذا عقد على الأم وابنتها عقدا واحدا فقال ص: "كأم وابنتها بعقد" ش: أي فإنه يفسخ ذلك بلا طلاق مطلقا دخل بهما أم لم يدخل بهما أو دخل بإحداهما ثم لما كان يختلف الحكم في تحريمهما أو إحداهما السبب الدخول وعدمه وسيأتي من ذلك ثلاثة أقسام أشار إلى الأول

(5/112)


وتأكد تحريمها إن دخل ولا إرث وإن ترتبتا وإن لم يدخل بواحدة حلت الأم
----------------------------------------
بقوله ص: "وتأبد تحريمهما إن دخل ولا إرث" ش: يعني إذا تزوج المرأة وأمها ودخل بهما معا فلا بد من فسخ العقد كما تقدم ويحرمان عليه أبدا لأن وطء كل واحدة يحرم الأخرى لأنه وإن كان وطأ في نكاح فاسد باتفاق إلا أنه يدرأ الحد ولا ميراث في ذلك لأنه متفق على فساده وقد تقدم أن المتفق على فساده لا ميراث فيه ولكل واحدة صداقها المسمى لأجل المسيس انتهى.. كلامه تنبيه: قال ابن فرحون إثر قول ابن الحاجب وإذا عقد على الأم وابنتها عقدا واحدا فسخ أبدا فإن دخل بهما حرمتا أبدا قال ابن رشد أما إن لم يكن عالما بالتحريم ودرأ عنهما الحد فإنهما يحرمان عليه أبدا وأما إن كان عالما بالتحريم ولم يعذر بجهالة لحقه الحد فيجري التحريم على القولين في التحريم بالزنى وقول المؤلف "حرمتا عليه أبدا" يدل على أنه تكلم على الصورة التي يدرأ فيها الحد قاله ابن راشد انتهى. المصنف ص: "وإن ترتبتا" ش: يعني أن دخوله بهما يحرمهما أبدا ولو كان نكاحهما مترتبا واحدة بعد واحدة ولا ميراث كما تقدم ولو قال"كان ترتبتا" لكان أحسن قال ابن الحاجب "فإن ترتبتا غير عالم" فواضح وأما العالم ففيها يحد إن لم يعذر بجهالة قال ابن فرحون وأما العالم فهو قسيم قوله فإن ترتبتا غير عالم يعني تزوج أم امرأته ووطئها عالما فوطؤه لها تحريم للبنت في أحد قوليه ويحد إلا أن يعذر بجهل انتهى. ثم أشار إلى القسم الثاني ص: "وإن لم يدخل بواحدة" ش: من الأم وابنتها المعقود عليهما عقدا واحدا فإنه يفسخ ذلك ص: "وحلت الأم له" ش: أي نكاحها فأحرى البنت ولو قال "حلتا" لكان أخصر وأوضح ولم يتكلم على القسم الثالث: وهو ما إذا دخل بإحداهما والحكم فيه أنه يفسخ النكاحان وتحرم عليه التي لم يدخل بها وتحل له التي دخل بها بعد الاستبراء باتفاق إن كانت البنت وعلى المشهور إن كانت الأم ولم يذكر المصنف من أحكام المترتبتين إلا

(5/113)


وإن مات ولم تعلم السابقة فالإرث ولكل نصف صداقها كأن لم تعلم الخامسة وحلت الأخت ببينونة السابقة
-------------------------------------
المدخول بهما وبقي ثلاثة أخر الأول: إذا عثر على ذلك قبل أن يدخل بهما والحكم أن يفسخ نكاح الثانية بلا طلاق ويمسك الأولى سواء كانت الأم أو البنت على المشهور ثم إن كانت التي فسخ نكاحها الأم فهي حرام وإن كانت البنت كان له أن يطلق الأولى التي هي الأم ويتزوجها الثاني: أن يدخل بالأولى فنكاحها ثابت إن كانت البنت باتفاق وإن كانت الأم على المشهور ويفسخ نكاح الثانية ولا تحل له أبدا الثالث: أن يدخل بالثانية فالحكم أن يفرق بينه وبينها وحرمت الأولى بوطء الثانية وأما الثانية فإن كانت هي الأم فهي حرام أيضا وإن كانت البنت لم تحرم عليه ثم قال وإن لم تعلم السابقة منهما يعني وقد مات ولم يدخل بواحدة منهما فالإرث لهما يقتسمانه ولكل منهما نصف صداقها لأن أحد النكاحين صحيح وأما إن دخل بهما فلا ميراث مع العلم بالترتيب لفساد النكاحين حينئذ فأحرى مع عدم العلم ويدل على ذلك قوله"نصف صداقها" لأن الصداق بالدخول يتكمل فقوله كأن لم تعلم الخامسة أي فإن الميراث بينهن سواء دخل بهن أو لم يدخل فأما الصداق فإن دخل بهن فلكل واحدة صداقها فإن دخل بأربع فلهن صداقهن وللخامسة نصف صداقها وإن دخل بثلاث فلهن صداقهن وللأخيرتين صداق ونصف يقتسمانه لكل واحدة ثلاثة أرباع صداقها وإن دخل باثنتين فلهما صداقهما وللثلاث الأخر صداقان ونصف يقتسمنه بينهن وإن دخل بواحدة فلها صداقها وللأربع ثلاث صداقات ونصف يقتسمنها بينهن وإن لم يدخل بواحدة فأربع صدقات يقتسمنها الخمسة هذا أحد الأقوال وانظر ابن عرفة والله أعلم. ص: "ببينونة السابقة" ش: يريد ومن في معناها لأن التحريم إنما هو تحريم جمع قاله في التوضيح وابن عبد السلام وهذا في النكاح وأما في الملك فسيتكلم عليه انظر كلام البساطي فإنه غير ظاهر والله أعلم.
فرع: قال في النكت قال بعض شيوخنا من القرويين إذا تزوج أختا على أختها عالما بالتحريم وجب عليه الحد إلا أن يكونا أختين من الرضاع فلا يحد لأن هذه لتحريم السنة والأولى لتحريم القرآن وأما في تزويجه المرأة على عمتها أو خالتها فلا يحد لأنه تحريم السنة

(5/114)


أو زوال ملك بعتق وإن لأجل
-------------------------------
هذا أصل كل ما كان من تحريم السنة فلا حد فيه وإن كان محرما بالكتاب ففيه الحد إذا لم يعذر بجهل فاعلمه انتهى. وقوله"ببينونة السابقة" قال في التوضيح وبينونتها بأحد ثلاثة أوجه وهي الخلع والطلاق الثلاث وانقضاء عدة الطلاق الرجعي انتهى..
فرع: فإذا قال في الرجعية انقضت عدتها وأكذبته لم يقبل قوله ابن عبد السلام: ولو مضى لطلاقها ثلاثة أشهر انتهى. وقال في المدونة في النكاح الثالث: ومن طلق امرأته طلاقا بائنا فله تزوج أختها في عدتها وكذلك خامسة في عدة رابعة مبتوتة وإن طلقها تطليقة فادعى أنها أقرت بانقضاء عدتها وذلك في أمد تنقضي العدة في مثله وأكذبته فلا يصدق في نكاح الخامسة أو قطع النفقة أو السكنى لأن القول في العدة قولها وإن نكح الأخت أو الخامسة فسخالثاني: إلا أن يأتي هو على قولها ببينة أو بأمر يعرف به انقضاء العدة انتهى. قال ابن محرز: قال بعض المذاكرين وعليها اليمين في النفقة والسكنى فأما العدة فلا انتهى. من التوضيح ونقله ابن عرفة.
فرع: فإذا طلقها طلاقا رجعيا وأراد أن يتزوج خامسة أو أختها فقالت احتبس عني الدم فهي مصدقة حتى تمضي سنة فإن ادعت التحريك بعد السنة لم تصدق لأن ذلك يظهر فينظر إليها النساء فإن صدقتها وإلا لم يلزم الزوج أن يتربص إلى أقصى أمد الحمل انتهى. من التوضيح وقال في النوادر: قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن أسرت زوجته فغاب خبرها فأراد نكاح أختها أو عمتها أو خالتها فإن طلق المأسورة بألبتة جاز ذلك الآن وإن طلقها دون الثلاث لم يجز له ذلك إلا بعد خمس سنين من يوم سبيت إذا كان طلاقه بحدثان السبي لاحتمال تمادي الريبة بحبس البطن فلا يبرئها إلا خمس سنين فإن طلق بعد السبي بسنتين فبعد ثلاث سنين وكذلك إن طلقها بعد ثلاث سنين من السبي فأكثر لاحتمال أن تستراب فتأتيها الحيضة في آخر السنة ويصيبها في الثانية وكذلك في الثالث تكمل إما بثلاث حيض أو سنة لا حيض فيها وإن كانت مسترابة بالحيض فما تقدم من المدة يحسب من الخمس سنين التي هي أقصى أمد الحمل ولو سبيت وهي نفساء وطلقها بحدثان ذلك انتظر ذلك سنة كما في ابن عرفة لأنها عدة التي ترفعها الحيضة لنفاسها ابن أبي زيد وانظر ما معنى قول ابن حبيب وكأنه تكلم على أنه تمادى بها الدم وقد تطهر من نفاسها ثم تستراب ثم تحيض في آخر السنة ثم تستراب فكيف لم يأمره بصبر ثلاث سنين وليست تؤمر بخمس سنين لأنه موقن أن لا حمل بها منه إذا لم يطأها بعد النفاس وهذا صحيح انتهى. ونقله ابن عرفة واختصره والله أعلم. ص: "بعتق وإن لأجل" ش: قال ابن عرفة أو عتق بعضها الشيخ من الواضحة لو

(5/115)


أو كتابة أو إنكاح يحل المبتوتة أو أسر أو إباق إياس أو بيع دلس فيه لا فاسد لم يفت وحيض وعدة شبهة وردة وإحرام وظهار واستبراء وخيار وعهدة ثلاث وإخدام سنة وهبة لمن يعتصرها منه وإن ببيع؛
----------------------------------------
زوجها فطلقت فوطئها في عدتها حلت الأولى قبل انقضاء عدة الثانية لحرمتها عليه انتهى. ص: "أو بيع دلس فيه" ش: قال في المدونة لأن للمشتري التماسك انتهى. فأحرى إذا لم يدلس فيه فانظر قول البساطي عند قول المصنف والله أعلم. ص: "لا فاسد لم يفت" ش: أما لو فات حلت الثانية ابن عرفة فيها بالبيع الصحيح أو الفاسد بعد فوته اللخمي والشيخ عن الموازية مع الخروج مع الاستبراء انتهى. ص: "وعدة شبهة" ش: تقييده العدة بالشبهة حسن لا بد منه لأنها لو كانت من نكاح صحيح لكان النكاح وحده محرما والعدة من توابعه قاله ابن عبد السلام ابن عرفة الشيخ عن الموازية: لو زوجها من عبد فمات أو طلقها قبل مسها حلت له أختها انتهى. والله أعلم. ص: "وظهار" ش: قال ابن عرفة: ولا يجزئه تحريم من وطئ منهما بيمين بحريتها اللخمي عن ابن الماجشون قوله"إن أصبتها فهي حرة" لغو لأن إصابته إياها حلال فهو الموجب حنثه انتهى. ص: "وعهدة ثلاث" ش: قال في التوضيح بخلاف عهدة السنة لطول زمانها انتهى. ونقل ابن أبي زيد في النوادر عن ابن أبي مسلمة العهدة مطلقة فقال في النوادر أيضا إن محمدا قال يريد عهدة الثلاث ص: "وهبة لمن يعتصرها منه" ش: قال ابن عرفة وفيها قيل لو وهبها لابنه الصغير أو الكبير أو عبده الصغير أو يتيمه قال كل ماله أن يصيبها بشراء هو الحاكم فيه أو باعتصار أو انتزاع وما يفسخ

(5/116)


بخلاف صدقة عليه إن حيزت وإخدام سنين ووقف إن وطئها ليحرم فإن أبقى الثانية
-----------------------------------
من بيع أو نكاح لا يثبتان عليه إن شاء الواحد منهما لغو انتهى. قال اللخمي عقب نقل كلام المدونة ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله تعالى لأن الملك الآن لغيره فلم يجمع بينهما في ملك انتهى. ومفهوم قوله لمن يعتصرها منه أن الموهوب له إذا كان ممن لا يعتصر منه تحل بالهبة وهو كذلك إن كانت الهبة لغير ثواب وإن كنت لثواب فلا تحل حتى يعوض عليها أو تفوت عنده وتجب فيها القيمة قاله الجزولي والشيخ يوسف بن عمر وظاهر قوله أيضا لمن يعتصرها منه أن الموهوب له إذا كان ممن يعتصر منه أنها لا تحل مطلقا وليس كذلك بل إذا فاتت عند الذي يعتصر منه فإنها تحل قاله الشيخ يوسف بن عمر ص: "بخلاف صدقة عليه إن حيزت" ش: قال في التوضيح فإن تصدق على ولده وحيزت له جاز وطء الأخرى لأنه لا اعتصار في الصدقة وإن لم تجز فلا انتهى. وهو لابن عبد السلام قال ابن فرحون: والظاهر أنه لا يكفي إذ له انتزاعها بالبيع كما في حق اليتيم فتأمله والله أعلم. ص: "ووقف إن وطئهما ليحرم" ش: قال القرطبي عن مذهب مالك ولم يوكل ذلك إلى أمانته لأنه متهم انتهى. ص: "فإن أبقى الثانية استبرأها" ش: قوله "الثانية" مفهومه لو كانت الأولى لم يستبرىء وهو كذلك.
فرع: قال اللخمي فإن عاود الأولى قبل أن يحرم الثانية وقف عنهما فأيتهما حرم لم يصب الباقية إلا بعد الاستبراء انتهى. قال الشيخ أبو الحسن الصغير في قوله في المدونة ولو أنه حين وطىء إحداهما وثب على الأخرى فوطئها قبل أن يحرم عليه التي وطىء وقف عنهما حتى يحرم أيتهما شاء ظاهر الكتاب سواء وطئها عالما بأن ذلك لا يجوز أو جاهلا وقال اللخمي: قال ابن القاسم فيمن كانت عنده أختان أصابهما ثم باع إحداهما ثم اشتراها قبل أن يطأ الباقية عنده له أن يطأ أيتهما أحب وهذا يحسن إذا فعل ذلك وكان وطؤه إياهما جاهلا وأما إن فعل ذلك وهو عالم لم يجز له أن يصيب واحدة منهما حتى يخرج الأخرى من ملكه لأنه لا يتهم أن يعود إلى مثل ذلك انتهى. كلام الشيخ أبي الحسن من النكاح الثالث: وقال في النوادر وإذا وطئ بالملك أختا بعد أخت فليكف عنهما حتى يحرم فرج واحدة فإن حرم

(5/117)


استبرأها وإن عقد فاشترى فالأولى فإن وطئ أو عقد بعد تلذذه بأختها بملك فكالأول
--------------------------------
الأولى استبرأ الثانية وإن حرم الثانية لم يستبرأ الأولى إلا أن يكون وطئها بعد الثانية فليستبرئها أيضا لأن وطء لا ينبغي والجاهل والعالم في جميع ما ذكرناه سواء انتهى. وذكر قبل هذه المسألة: المسألتين اللتين بعد هذه في كلام المؤلف وبعض وقال في المدونة قبل المسائل المتقدمة وقال في المدونة قبل الكلام المتقدم: ومن اشترى أختين فوطىء إحداهما فلا يطأ الأخرى حتى يحرم فرج التي وطئها فإن باع التي وطىء ثم وطىء الباقية ثم اشترى المبيعة تمادى على وطء الباقية ولو لم يطأ الباقية حتى اشترى المبيعة وطىء أيتهما شاء انتهى. وفي النوادر من باع أمة وطئها ثم اشترى أختها فلا يطؤها حتى تحيض التي باع ولو حاضت ثم استقاله منها أو ابتاعها فإن كان وقد وطىء أختها فلا يقرب هذه حتى يحرم فرج أختها وإن لم يطأها فهو مخير في إحداهما انتهى. ص: "وإن عقد" ش: سواء كانت حرة أو أمة قاله اللخمي ص: "فالأولى" ش: قال في المدونة ولا يطأ التي اشترى حتى يفارق امرأته انتهى. ص: "فإن وطىء" ش: هذا الشرط جوابه قوله "فكالأولى" إذا وطئهما بملك اليمين فيوقف حتى يحرم إحداهما وتحريمي الأمة بما تقدم وتحريم الزوجة بالطلاق البائن أو الرجعي إذا انقضت العدة قاله اللخمي قال ولا يقع التحريم بالظهار ويختلف إذا قال إن وطئتك فأنت طالق انتهى. ص: "أو عقد بعد تلذذه بأختها بملك فكالأولى" ش: اعلم أنه لا يجوز له أولا قال أبو الحسن انظر إذا اختار تحريم الزوجة وذلك قبل البناء هل يكون عليه نصف الصداق أم لا؟ قال وهذه تشبه مسألة: المجوسي يسلم وتحته عشر انتهى. والظاهر أنه لو اختار بعد الدخول دخلها المسمى كاملا والظاهر أيضا أن هذا جار في المسألة: التي قبلها وتحريم الزوجة في هذه مثل تحريمها في تلك والله أعلم.
فرعان من المدونة: الأول: من باع أمة وطئها ثم تزوج أختها فلم يطأها حتى اشترى المبيعة لم يطأ إلا الزوجة والعقد ها هنا كالوطء في الملك.
الثاني: من زوج أم ولده ثم اشترى أختها فوطئها ثم رجعت إليه أم ولده أقام على وطء الأمة ولو ولدت منه الأمة ثم زوجها وأختها ثم رجعتا إليه جميعا وطىء أيتهما شاء إلا أن يطأ

(5/118)


والمبتوتة حتى يولج بالغ قدر الحشفة بلا منع
----------------------------------
أولاهما رجوعا ص: "والمبتوتة" ش: تصوره ظاهر والمبتوتة هي التي انقطعت عصمتها.
فرع: قال البرزلي في آخر مسائل النكاح: وسئل المازري عمن طلق زوجته ثلاثا ثم وطئها فحملت عارفا بالتحريم فأجاب بأنه يلحقه الولد ويحد قيل فما الجامع بينهما؟ قال ربما اجتمعا ص: "حتى يولج بالغ قدر الحشفة" ش: فهم منه إن عقد الغير عليها دون وطء لغو وهو كذلك قال الشارح في الكبير بلا خلاف وقاله في التوضيح وفهم من قوله"بالغ" أن شرط الإيلاج أن يكون الزوج بالغا وهو أعلم من أن يكون حال العقد بالغا أو غير بالغ وهو كذلك قاله في التوضيح وغيره قال ابن عرفة وفيها وطء الصبي القادر على الجماع ولم يحتلم لغو اللخمي إن شارف البلوغ حل وطؤه على قول مالك يحد إن زنى انتهى. وفهم من قوله"قدر الحشفة" أنه لو أدخل بعض الحشفة لم تحل وهو كذلك وكذلك لو وطئها فوق الفرج فأنزل ودخل ماؤه في فرجها فأنزلت لم تحل ولا تحصن قاله في التوضيح وابن عرفة.
تنبيه: قال في العارضة عن الحسن البصري لا تحل إلا بوطء فيه إنزال لقوله "حتى تذوقي عسيلته" ورأى العلماء أن مغيب الحشفة هي العسيلة فأما الإنزال فهي الذبيلة فإن الرجل لا يزال في لذة في الملاعبة حتى إذا أولج فقد عسل ثم يتعاطى بعد ذلك بقضاء الله وقدره ما فيه علو نفسه وإتعاب نفسه ونزف دمه وإضعاف أعضائه فهي إلى الحميضة أقرب منها إلى العسيلة لأنه يبدأ بلذة ويختم بألم انتهى..
فرع: إذا كان الزوجان مسلمين فارتد أحدهما بعد طلاق الثلاث لم تسقط الردة الخطاب بأن تنكح زوجا غيره وإذا ارتدا معا سقط الخطاب عند ابن القاسم دون غيره وإن كانت الزوجة نصرانية وارتد الزوج بعد الثلاث فعند ابن القاسم لا تحل له إذا رجع للإسلام إلا بعد زوج وإن أحلها زوج فارتدت هي أو المحلل فالأحسن عند اللخمي أنها تحل من غير زوج قال جميع ذلك اللخمي وسيأتي للمصنف بعض هذا في باب الردة والله أعلم. ص: "بلا منع" ش: يدخل فيه كل وطء نهى الله عنه ومنه وطء الصغيرة التي لا تطيق الوطء ابن عرفة عن اللخمي هو لغو لأنه جناية وفهم ذلك من قول المصنف"بلا منع" لأن الجناية ممنوعة

(5/119)


ولا نكرة فيه بانتشار في نكاح لازم وعلم خلوة وزوجة فقط ولو خصياً
---------------------------
ومنع الوطء في الدبر فلا اعتراض على المصنف بأنه كان ينبغي له أن يقيد ذلك بالقبل والله أعلم. ص: "ولا نكرة فيه" ش: يعني إذا علمت الخلوة وتناكرا في الإصابة والتناكر يصدق بإنكار كل واحد منهما لكن لما كان إنكارها ظاهرا سكت عنه فإذا أنكر المسيس فقال اللخمي إن طال مقامه معها واعترف أنه لا آفة به صدقت انتهى. ونقله ابن عرفة والله أعلم.
فرع: إذا علمت الخلوة وغاب المحلل أو مات قبل أن يعلم منه إقرار أو إنكار صدقت قاله اللخمي ونقله ابن عرفة قال ابن عرفة أيضا الباجي لو بنى وبات عندها ليلة ومات صدقت انتهى. ص: "بانتشار" ش: قال ابن عرفة وابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم إدخالها ذكر الشيخ في فرجها دون انتشار إن انتشر بعد ذلك أحلها وإلا فلا اللخمي لمحمد عن ابن القاسم يحلل ويحصن والأول أحسن وفي تعليقة الشيخ عبد الحميد لو وطئها غير منتشر ثم انتشر في فرجها أحلها اتفاقا من أصحاب مالك ولو كان كسل ولم ينتشر ففي كتاب محمد يحلل ويحصن وفي بعض رواياته يحل فتبقى المسألة: بلا جواب التونسي وغيره من المذاكرين الأشبه أنه لا يحلل ولا يحصن بعض المذاكرين إن عرى ذلك عن اللذة المعتادة عند مغيب الحشفة ألغى وإلا حلل وحصن انتهى. ص: "في نكاح" ش: يعني أنت المبتوتة لا تحل إلا بوطء في نكاح فلا تحل بوطء سيدها لمن بتها ولا باشترائها الذي بتها قاله في التوضيح ص: "لازم" ش: احترازا من نكاح العبد المتعدي ونكاح ذات العيب والمغرورة أو ذي العيب والمغرور فإن أجاز السيد نكاح العبد المتعدي أو رضي الزوج في عيب المرأة وغرورها أو رضيت هي في عيب الزوج وغروره وحصل وطء بعد الإجازة أو الرضا خلت به قاله ابن الحاجب والله أعلم. ص: "وعلم خلوة" ش: قال ابن عرفة اللخمي خلوة الزيارة لغو وفيها إن مات قبل بنائه فقالت طرقها ليلا فأصابها لم تصدق ولا يقبل قولها قال اللخمي ص: "ولو خصيا" ش: يريد بعد علمها به وهو بين وصرح به ابن عرفة وغيره ص: "

(5/120)


كتزويج غير مشبهة ليمين لا بفاسد إن لم يثبت بعده بوطء ثان وفي الأول تردد كمحلل وإن معنية إمساكها مع الإعجاب ونية المطلق ونيتها لغو
---------------------------------
لا بفاسد" ش: يدخل في نكاح النصراني وسواء كانت الزوجة مسلمة أو نصرانية لأن أنكحتهم فاسدة وقد نص على ذلك في المدونة فبهذا يستغني عما في بضع النسخ من قوله حتى يولج بالغ مسلم ص: "وكمحلل" ش: ويفسخ قبل البناء وبعده بطلاق بائن إذا أقر به بعد العقد وأما إن أقر قبل النكاح فليس بنكاح قاله في الموازية قال في التوضيح يعني يفسخ بغير طلاق الباجي وعندي أنه يدخله الخلاف في النكاح الفاسد المختلف فيه هل هو بطلاق أم لا وهو تخريج ظاهر وإن بنى بها فلها المسمى على الأصح وقال مالك للمحلل أن يتزوجها بعد ذلك وقال أشهب أحب إلي أن لا ينكحها أبدا انتهى. بالمعنى من التوضيح وقال ابن عرفة اللخمي وإن لم يبن بها فإن أقر قبل العقد فلا شيء لها وإن أقر بعده فلها نصف المسمى انتهى..
فرع: قال ابن عرفة فإن تزوجها الأول فهذا النكاح فسخ بغير طلاق انتهى. ص: "ونية المطلق ونيتها لغو" ش: وإنما المعتبر نية المحلل ولو كانت من غير شرط عند مالك خلافا فالغير واحد من أصحابه ويعاقب هو ومن علم ذلك من الولي والشهود والزوجة ويجب عليه أن يأتي الأول فيعلمه أنه قصد تحليلها ليمتنع من نكاحها انتهى. بالمعنى من التوضيح
فروع: الأول: قال في التوضيح ولو قال المطلق تزوجي فلانا فإنه مطلاق حلت إن تزوجته وكذلك إن تزوجته هي لذلك.
الثاني: قال ابن عرفة عن تعليقة عبد الحميد لو زوجها لعبده ليسأله طلاقها بعد وطئها حلت به ومال إليه بعض الشيوخ.
الثالث: قال ابن عرفة أيضا اللخمي ويختلف إن تزوجت غريبا عالمة بأنه لا يريد

(5/121)


وقبل دعوى طارئة التزويج كحاضرة أمنت إن بعد وفي غيرها قولان وملكه
-------------------------------------
حبسها على القول بفساده لا تحل به ونقله البرزلي في أوائل مسائل النكاح.
الرابع: قال الشيخ عن الموازية لو تزوج مبتوتة بني بها وأقر بوطئها كاذبا ثم أبتها فتزوج بها من أبتها أولا وبنى بها وأقر بوطئها لم تحل لمن أبتها ثانيا لفساد نكاح من أبتها أولا بعد من أبتها ثانيا انتهى. ص: "وقبل دعوى طارئة التزويج" ش: قال اللخمي الإحلال يصح بشاهدين على نكاح المحلل وامرأتين على الخلوة وتصادق الزوجين فإن لم يعلم التزويج إلا من قولها فذكر التفصيل الذي ذكره المؤلف واعلم أنه إنما يقبل نكاح الطارئة إذا لم يكن الموضع قريبا قاله اللخمي ونقله في التوضيح والظاهر أن مرادهم أنها لا تصدق إذا كان الموضع قريبا فتأمله والله أعلم. ص: "إن بعد" ش: أما إن قرب الأمد فقولها لغو أمنت أم لا قاله اللخمي ونقله ابن عرفة وقاله في التوضيح ص: "وملكه" ش: أعم من أن يكون المالك حرا أو عبدا.
فرع: قال ابن عبد السلام وأما إن دفعت إليه جارية ليستخدمها فرأى بعضهم أنه يجري جواز نكاحه لها على الخلاف في حده إذا زنى بها فمن يقول بحده يقول بصحة النكاح ومن يقول بسقوطه يمنع النكاح وفيه نظر لأنه لا يلزم من كون الحد ساقطا بالشبهة فسخ النكاح بها انتهى. ونقله المصنف وكأنهم لم يقفوا على نص في المسألة: والمسألة: في أوائل الرسم الأول من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح وفي كتاب الخدمة في رسم البراءة من سماع عيسى وفي سماع محمد بن خالد عن مالك أنه لا يجزئه أن يتزوجها وأنها بمنزلة الأمة المشتركة وفي مختصر الوقار يكره للرجل أن يتزوج أمته المخدمة وإن أذن في ذلك من أخدمها.
فرع: قال ابن عرفة وفيها لابن القاسم إن أراد أن يزوج أمة عبده منه انتزعها ثم تزوجها منه فإن تزوجها منه قبل انتزاعها أو وطئها جاز نكاحه وكان انتزاعا وإن أراد سيده وطأها انتزعها ووطئها فإن وطئها قبل انتزاعها كان انتزاعا.

(5/122)


أو لولده وفسخ وإن طرأ بلا طلاق
------------------------------------
قلت: ويجب استبراؤها قبل وطئها وبعده قبل استبرائها انتهى. وقال المشاذلي في حاشيته في النكاح الثاني وانظر لو زوج أمة عبده من عبد له آخر هل يكون انتزاعا أم لا؟ قال في سماع عيسى في رجل أخذ جارية لأم ولده فزوجها غلامه فمات فطلبت أم الولد جاريتها هل ترى تزويجه إياها غلامه انتزاعا؟ قال: لا والجارية لأم ولده والنكاح ثابت بمنزلة ما لو زوج جارية لعبده غلامه ثم أعتق سيده الجارية ولم يستثن ماله أن الجارية للعبد أعني سيدها والنكاح ثابت ابن رشد هذا كما قال لأن العبد وأم الولد مالكان أموالهما فلا يحمل فعل السيد ذلك على الانتزاع إذا لم يصرح به إلا أن يكون مالا يصلح أن يفعله إلا بعد الانتزاع كالوطء والعتق والصلح به على نفسه وشبه ذلك وقد اختلف إذا رهن السيد عبد عبده في دين على السيد ففي الكتاب لا يكون انتزاعا انتهى. ص: "أو لولده" ش: سواء كانا حرين أو أحدهما حرا والآخر رقا قاله في التوضيح أجاز في العتبية للرجل أن يتزوج جارية زوجته وعن ابن كنانة كراهيته وهذا في جارية لم تكن في الصداق وأما جارية الصداق فيجوز ذلك فيها بعد الدخول ومنع منه في العتبية قبل الدخول وخرج فيها صاحب البيان قولا بالجواز انتهى. باختصار من التوضيح ص: "وفسخ" ش:
فرع: قال ابن عرفة اللخمي عن محمد إن اشترى أحدهما الآخر بخيار لم يفسخ نكاحه إلا ببته وإن بيع على العهدة فسخ حينئذ فإن حدث في العهدة وقد انفسخ النكاح وشراء زوجها إياها بشرط الاستبراء يوجب فسخ نكاحها لأن الماء ماؤه اللخمي القياس فيها عدم تعجيل الفسخ فإن سلمتا مدة العهدة والاستبراء ثم البيع وفسخ النكاح وإلا فلا انتهى. ص: "وإن طرأ" ش: أي بميراث أو غيره.
فرع: فإن اشترى زوج أمه أو امرأة أبيه انفسخ النكاح قاله في التوضيح.
فرع: قال ابن عرفة ولو اشترى أحدهما الآخر وهو مكاتب ففي فسخ نكاحه قولان بناء على أنه ملك رقبته أو كتابته فإن عجز فسخ اتفاقا قلت: يريد أن المبيع الكتابة انتهى..
فرع: قال في أول رسم من سماع عيسى من كتاب النكاح وقال مالك في أمة تحت حر ولدت أولادا له وأرادوا بيعها وولدها فقال زوجها أنا آخذها فقال مالك أرى أنه أحق بما أعطوا فيها لأن في ذلك خيرا لعتق ولدها ولا أرى به بأسا ابن رشد وهذا كما قال لأن

(5/123)


كمرأة في زوجها ولو بدفع مال ليعتق عنها لا إن رد سيد شراء من لم يأذن لها أو قصدا بالبيع
--------------------------------
الزوج إذا أراد أن يأخذهم بالثمن الذي أعطوا لهم فبيعهم من غيره بذلك الثمن إضرار بالولد في غير منفعة تصير لهم فلا يمكنون من ذلك ثم قال: ولو باعوها وحدها لم يكن أحق بها إذ لا تكون أم الولد إذا اشتراها وإن ولدت منه أولادا انتهى. كلام ابن رشد بالمعنى والله أعلم. ص: "ولو بدفع مال ليعتق عنها" ش: قال في كتاب الولاء من المدونة: ومن أعتق عبده عن امرأة للعبد حرة فولاؤه لها بالسنة ولا يفسخ النكاح لأنها لم تملكه ولو دفعت الحرة مالا لسيد زوجها على أن يعتقه عنها فسخ النكاح وذلك شراء لرقبته وولاؤه لها وقال أشهب:"لا يفسخ النكاح لأنها لم تملكه ولو دفعت الحرة" انتهى.. وقال المشذالي في حاشيته: قوله:"من أعتق عبده عن امرأته" معناه لم تسأل عتقه ولم ترغبه ولو رغبته وقالت أعتقه لكان لها الولاء ويفسخ النكاح كما لو أعطته مالا على العتق انتهى. وقال أبو الحسن أترى كلام المدونة المذكور يريد ولم تسأله في ذلك ولا رغبته اللخمي فإن سألته فسخ النكاح على قول ابن القاسم لأنها مستوهبة ولم يفسخ عند أشهب وانظر جعل لها الولاء ولم يفسخ النكاح والشيوخ إنما يثبتون الولاء للمعتق عنه بتقدير الملك ولو قدر ذلك هنا لفسخ النكاح وإن لم يقدر هنا ملكه ففيه هبة الولاء لأن الولاء فرع: عن ثبوت الملك ولهذا قال"فولاؤه لها بالسنة" انتهى. واعلم أنه إذا أعتقه عنها ولم تدفع له مالا فملكه لها إنما هو تقديري لا تحقيقي فباعتبار تقديره يثبت لها الولاء وباعتبار كونه غير تحقيقي لم يفسخ النكاح وقال أبو الحسن قوله"ولو دفعت الحرة مالا" الخ الشيخ وكذلك الأمة لو دفعت لسيد زوجها مالا للإجماع أنه لا يجوز للمرأة أن تتزوج عبدها وقوله وقال أشهب لا يفسخ النكاح لأنها لم تملكه قال ابن يونس ابن المواز عنه كما لو سألته عتقه عنها لغير شيء أعطيته قال سحنون وهو أحسن ص: "أو قصد بالبيع الفسخ" ش: قال ابن غازي كذا في كثير من النسخ "قصدا" بألف التثنية وهو المطابق لقوله في المدونة إلا أن يرى أنها وسيدها اغتزيا فسخ النكاح فلا يجوز ذلك وتبقى زوجة قال ابن عرفة ظاهره أن اغتزاءه وحده لغو وفيه نظر انتهى. كلام ابن غازي والذي قاله ابن عرفة فيه نظر لم يتوقف فيه ابن عبد السلام قال وينبغي أن يكون قول المؤلف تعمدا بألف التثنية على أنه فاعل كما نص عليه سحنون بقوله"اغتزيا" أي قصدا والواقع فيما رأيت من نسخ هذا الكتاب بدون الألف ولا معنى له نعم

(5/124)


الفسخ كهبتها للعبد لينتزعها فأخذ جبر العبد على الهبة وملك أب جارية ابنه بتلذذه بالقيمة
-------------------------
لو تعمدت هي ذلك دون السيد البائع لكان له وجه كما لو ارتدت قاصدة لفسخ النكاح لم يفسخ وتستتاب انتهى. وهذا الذي قاله فيما إذا قصدت هي وحدها ظاهر وأما قوله فيما إذا قصد السيد وحده لا معنى ظاهر بل الحق ما قاله ابن عرفة إذ فيه نظر والظاهر أيضا أنه لا يفسخ كما في مسألة: الهبة الآتية وعلى هذا فيقرأ قوله "قصد" بلا ألف بالبناء للمفعول ليعم القاصد فتأمله والله أعلم. ص: "وملك أب جارية ابنه بتلذذه بالقيمة" ش: وكذلك الجد على قول ابن القاسم خلافا لأشهب قاله ابن ناجي في شرح الرسالة ويريد المصنف سواء حملت أو لا وسواء كان عديما أو مليا فإن كان عديما بيعت إلا أن تكون حملت فلا تباع وإذا أعطى الأب قيمتها فلا يطؤها حتى يستبرئها من مائة الفاسدة قاله في التوضيح وهذه المسألة: في كتاب أمهات الأولاد من المدونة وفي كتاب القذف منها.
تنبيه: قال في كتاب القذف منها ولا يحد الأب إذا وطىء أمة ابنه وكذلك الجد في أمة ولد ولده قال أبو الحسن الصغير وانظر هل يعاقب الأب فقال في كتاب أمهات الأولاد من كتاب ابن يونس في باب الاستلحاق يعاقب الأب إن لم يعذر بالجهالة انتهى.
قلت: ذكره ابن يونس في أثناء كلامه لما تكلم على من استلحق ولد أمة ولده فقال إنه يلحق به إن لم يدعه الولد لنفسه ولم يجزه نسب معروف ويغرم قيمة الأمة لولده في ملائه ويتبع بها في عدمه وهي له أم ولد وعليه الأدب إن لم يعذر بجهل انتهى. ولم أر من صرح بالأدب على الأب إلا ما ذكره ابن يونس وانظر هل يمكن أن يقال إنما أدب لأنه سكت حتى بيعت والذي فهمه أبو الحسن إنما هو لوطئه وانظر على ما ذكره ابن يونس من الأدب في الوطء هل يلزم الأدب أيضا في تلذذه بها أو إنما يلزم إذا وطىء ولم أر فيه نصا والظاهر أنه يلزمه لأنه ارتكب محرما بدليل أنه يجب عليه أن يستبرئها من وطئه إياها وسيقول المصنف وعزر الإمام لمعصية الله" والله أعلم. ص: "

(5/125)


وحرمت عليها إن وطئاها وعتقت على مولدها ولعبد تزوج ابنة سيده بثقل وملك غيره كحر لا يولد له وكأمة الجد وإلا فإن خافا زنا وعدم ما يتزوج به حرة
-----------------------------
وعتقت على مولدها" ش: قال في التوضيح والحكم أنها تعتق على الابن إذا كان أولدها قبل وطء والده وقد أتلفها الأب بوطئه فيغرم قيمة أم ولد وإن كان الابن وطئها ولم تحمل ثم وطئها أبوه وحملت منه غرم قيمتها أمة وعتقت عليه انتهى. بالمعنى ص: "ولعبد تزوج ابنة سيده بثقل" ش: والمكتب في الزواج والاستثقال مثل العبد قاله في التوضيح قال وكذلك تزويج ابنه لمكاتبته مثل فإن مات السيد انفسخ النكاح وقيل لا ينفسخ بالموت بل إذا عجز انفسخ والله أعلم. ص: "وإلا فإن خاف زنى وعدم ما يتزوج به حرة الخ" ش: تصوره واضح.
فرع: كل ما يمكنه بيعه فهو طول كدينه المؤجل بخلاف دار سكناه ونقله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب.
فرع: فإذا فرعنا على المشهور إنه لا ينكح الأمة إلا بشرطين فإن عدم الشرطان معا فهل يحرم عليه ذلك أو يكره قال الباجي في المدونة ما يدل على القولين قاله في التوضيح ونقل ابن رشد في المقدمات عن مالك جوازه وإن كان لا يخاف عنتا وهو واحد للطول قال وهو المشهور عن ابن القاسم وقال الرجراجي فإن كانت الأمة ممن لا يعتق ولدها فهل يجوز للحر أن يتزوجها أو لا يجوز؟ فالمذهب على ثلاثة أقوال كلها قائمة من المدونة أحدها أنه لا يجوز إلا بشرطين اثنين عدم الطول وخشي العنت وهو مشهور قول مالك والثاني أنه لا يجوز له أن يتزوجها وهو عادم الشرطين وهو مشهور قول ابن القاسم وأحد قولي مالك والثالث الكراهة والقول بالمنع يعني القول الأول أنه منع تحريم به قال أشهب وابن عبد الحكم وهو قائم

(5/126)


غير مغالية ولو كتابية أو تحته حرة ولعبد بلا شرك ومكاتب وغدين نظر شعر السيدة كخصي وغد لزوج وروي جوازه وإن لم يكن لهما وخيرت الحرة مع الحر في نفسها
-------------------------------------
من المدونة من قوله بفسخه ثم ذكر مأخذ القولين الباقيين من المدونة أيضا ونسب الخلاف في ذلك وأطال فراجعه إن أردته والله أعلم. وظاهر كلام المصنف أنه إن وجد ما يتزوج به حرة ولو لم يجد ما ينفقه عليها حصل له الطول وهي رواية محمد خلافا لما قاله ابن حبيب عن أصبغ أن الطول ما يصلح لنكاح الحرة من نفقة ومؤنة اللخمي وهو أبين إلا أن يجد من تتزوجه بعد علمها بعدم قدرته على النفقة ابن رشد ما رواه ابن حبيب أصح مما رواه محمد قاله جميعه في التوضيح وقال ابن الفرس في أحكام القرآن إن اعتبار النفقة هو الأصح والله أعلم.
فرع: فإن وقع نكاح الأمة من غير حصول الشرطين فتقدم في نقل الرجراجي في القول الأول من الأقوال الثلاثة عن مالك أنه قال بفسخه وفي كلام ابن عبد السلام في باب الخلع ما يدل على أنه يفسخ ونصه في قول ابن الحاجب ولو تبين فساد النكاح وفي كتاب ابن المواز ومن خالع زوجته ثم وجدها أمة قد أذن لها سيدها في النكاح فإن كان يجد الطول بحرة رجعت بما أعطته قاله بعد الملك وبه أقول فإن كان ممن لا يجد الطول ويخشى العنت فله ما أخذ لأنه كان له أن يقيم وواجد الطول إن لم يكن له المقام عليها فيرد ما أخذ ويرجع على من غره انتهى. فقوله وواجد الطول الخ يدل على أنه يفسخ وهو ظاهر كلام اللخمي في الأيمان بالطلاق في باب من حلف ليتزوجن هل يبر بتزويج غير الأكفاء ونصه وإن تزوج أمة لم يبر على قول مالك وقال ابن القاسم يبر إذا لم يجد طولا لحرة وإن كان واجدا عاد الخلاف المتقدم هل يبر بالنكاح الفاسد انتهى. فجعله فاسدا وهو الذي يظهر من كلام المصنف

(5/127)


---------------------------
في موضعين: أحدهما عند قول ابن الحاجب ولو جمع من لا يجوز له الجمع في عقد بطل في الأمة وفي الحرة قولان قال في التوضيح يعني لو تزوج حرة وأمة في عقد واحد وكان لا يجوز له الجمع لفقدان الشرطين بطل نكاح الأمة لعدم شرطه وفي الحرة قولان الصحة لابن القاسم والبطلان لسحنون واحتج سحنون بأنها صفقة جمعت حلالا وحراما وما هذا شأنه باطل فبطل الجمع على المشهور ثم قال ابن الحاجب: ولو جمع من يجوز له الجمع فكجمع أربع قال في التوضيح هذا الفرع يأتي على القول بأن الطول ما يتوصل به إلى دفع العنت فعلى هذا القول يجوز له الجمع ابن شاس وكذا يأتي على المشهور إذا قلنا إن الطول المال وعدم طول حرتين ولم تكفه حرة واحدة وقوله "فكجمع أربع" أي إن سمى لكل واحدة صداقها صح انتهى. وثاني الموضعين عند قول ابن الحاجب وإذا تزوج الحر الأمة على الحرة وأمضى على المشهور ففيها تخير في نفسها قال في التوضيح المشهور الإمضاء بناء على أن الحرة تحته ليست بطول وعلى القول بأنها طول يفسخ النكاح انتهى. وقال ابن عبد السلام إذا تزوج الحر الأمة على الحرة قال المؤلف وأمضى على المشهور يعني وقلنا بأن النكاح صحيح لأن الطول بالمال لا وجود الحرة تحته وهذه النكتة هنا أفادت أن المشهور الطول والمال انتهى. زاد ابن فرحون بعد نقله نحو كلام ابن عبد السلام ومقابل المشهور أنه يفسخ ولا يمضي وأن الحرة تحته طول وهذا هو القول المرجوع عنه من قولي مالك انتهى. فقوله في التوضيح في مسألة: الجمع إذا خلا عن الشرطين بطل وتعليلهم قول سحنون بأنها صفقة جمعت حلالا وحراما وقوله هو وابن عبد السلام وابن فرحون في المسألة: الثانية أن القول الثاني أنه يفسخ لوجود الطول وما تقدم للخمي وابن عبد السلام عن كتاب ابن المواز صريح أو كالصريح في أن نكاح الأمة إذا خلا عن الشرطين يفسخ والله أعلم. ومما يشهد لفسخ نكاح الأمة إذا عرا عن الشرطين اختلافهم في فسخه إذا طرأ الطول بعد أن تزوج الأمة بالشرطين فقد قال ابن عرفة ناقلا عن ابن رشد في إلزامه فراق الأمة ثالثها إن تزوج الحرة وقال عنه أيضا ولو زال خوف العنت لم يلزمه الفراق اتفاقا وقال في الكافي فإن عدم الطول ولم يخش: العنت لم يجز له نكاح الأمة ثم قال وقد سئل مالك عن رجل يتزوج أمة وهو ممن يجد الطول فقال أرى أن يفرق بينهما فقيل إنه يخاف العنت فقال السوط يضرب به ثم خففه بعد ذلك انتهى. والأول: هو المشهور وهذا الذي ظهر لي في هذه المسألة والله أعلم.
تنبيهان: الأول: إذا ثبت أنه يفسخ ذلك فلا شك أن الفسخ بطلاق لأنه يختلف فيه اختلافا قويا وتقدم في كلام ابن رشد والرجراجي أن المشهور قول ابن القاسم أنه يجوز من غير شرط
الثاني: قال في النوادر في الجزء الثالث من النكاح في ترجمة نكاح الأمة على الحرة بعد

(5/128)


-----------------------------------
أن تكلم على الشرطين في نكاح الأمة وبيان الطول ما هو قال ما نصه ناقلا له عن كتاب ابن المواز وإن كان يجد طولا إلى آخره أو كانت تحته حرة فهوى أمة حتى يخاف العنت فيها فله نكاحها بعينها قاله مالك وأصحابه انتهى. وقال قبله قال أصبغ وإنما يجوز نكاحه يعني الأمة وتخير الحرة إذا كان فيه الشرطان أن يخشى العنت ولا تكفيه الحرة ولا يجد طولا مع تلك الحرة أو يهوى الأمة وهو يخاف على نفسه العنت إن لم يتزوجها انتهى. وانظر ابن عرفة فإنه استوفى الكلام على ذلك.
فرع: فإذا صح نكاح الحر الأمة فنفقة الأمة لازمة للزوج وكذا لو كان الزوج عبدا قال ابن الحاجب ويلزم الزوج نفقة زوجته الأمة مطلقا على المشهور انتهى. وانظر ابن عرفة فإنه أشبع الكلام في ذلك.
فرع: قال في آخر رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الرضاع وسئل عمن تزوج أمة ثم أعتق سيد الأمة ولده منها قال أرى الرضاع عليه قال محمد بن رشد الهاء من عليه عائدة على الرجل أبي المعتق لا على السيد المعتق لأن السيد لما أعتقه صار حرا فسقطت عنه نفقته ووجبت على أبيه ولو كان أبوه معدما أو لم يكن له أب لما سقط عنه رضاعه ونفقته في حال صغره لأن من أعتق صغيرا ليس له من ينفق عليه فنفقته عليه انتهى. زاد في رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم في النكاح لأنه يتهم أن يكون إنما أعتقه ليسقط على نفسه نفقته انتهى. وقال البرزلي في مسائل الأنكحة بعد ذكر الكلام على المسألة: ويؤخذ منه أن من أعتق صغيرا فإنه تلزمه نفقته ما دام لا يقدر على الكسب وقد نص عليه أبو حفص العطار انتهى. وكأنه لم يقف على كلام ابن رشد هذا ثم قال وانظر إن من أوصى بعتق صغير هل يلزم الموصي نفقته أم لا ونزلت هذه في زمن ابن عبد السلام في مدبرة ولم يوجد عنده ولا عن غيره فيها نص بعد البحث منه وتوقف على إيجاب نفقتها في ثلث مدبرها ووقعت في عصرنا في رجل أعتق صغيرا ومات قبل أن يبلغ فاختار شيخنا أن يوقف من تركة معتقه ما ينفقه إلى بلوغه وأشك أن القاضي حكم بذلك وكان ظهر لي أنه لا يلزم في تركته من مسألة: كتاب الجعل في الذي مات بعد أن دفع نفقة ولده أنه يسترجعها الورثة ولا يلزم بعد موته نفقة وما وجب بالسنة أقوى مما وجب بالاقتراب وفي المذهب مسائل تشهد لذلك إلا أن يقال إنما يلزم رد هذا لأن الشرع إنما أوجب النفقة مدة حياته فإذا مات سقط الوجوب وهذا لما التزم العتق التزم لوازمه فيجري على قاعدة ما لا يتوصل للواجب إلا به فهو واجب وهو مقدور المكلف كغسل شيء من الرأس لكن هذا مشروط بالحيازة لأن قاعدة المذهب أن كل شيء يتبرع به شرطه الحيازة من الصحة وليس المرض والموت والفلس بزمان حيازة فلذلك اخترنا أنه لا يلزمه شيء الرجعة من فقراء المسلمين انتهى. وكرره في مسائل الهبة وقال المشذالي في حاشيته في باب التجارة إلى أرض الحرب بعد أن ذكر كلام ابن رشد المتقدم وغيره وأقام الشيوخ من هذا أن من أعتق زمنا

(5/129)


بطلقة بائنة: كتزويج أمة عليها أو ثانية أو علمها بواحدة فألفت أكثر ولا تبوأ أمة بلا شرط أو عرف وللسيد السفر بمن لم تبوأ من صداقها إن لم يمنعه دينها إلا ربع دينار ومنعها حتى يقبضه
-----------------------------
لزمته نفقته ومثله في الموازية وقيل نفقته على المسلمين أو الإمام انتهى.
فرع: قال الشيخ أبو الحسن في كتاب العرايا لما تكلم على سقي العربة وزكاتها ومما يلحق بهذا الباب من وهب صغيرا يرضع قيل رضاعه على الواهب وقيل على الموهوب حكى القولين ابن بشير ص: "بطلقة بائنة" ش: قال ابن الحاجب ولا يقضي إلا بواحدة بائنة بخلاف المعتقة تحت العبد وقيل كالمعتقة ابن فرحون لأن بها يزول الضرر وعلى الزوج فيما زاد عليها ضرر وهي في ذلك بخلاف المعتقة تحت العبد لأن المذهب أنها تخير في إيقاع طلقتين جميع طلاق العبد وهي في ذلك بخلاف المعتقة تحت العبد لأن المذهب أنها تخير في إيقاع طلقتين جميع طلاق العبد وهي الرواية المرجوع إليها وقال محمد وإن قضت بثلاث وقعت وقد أساءت وهو معنى قوله وقيل كالمعتقة يعني أن لها أن تقضي بالثلاث انتهى. وقال في التوضيح في أثناء كلامه والشاذ حكاه ابن يونس عن محمد فقال أو قال ابن المواز إن فسخت بالثلاث لزمت وقد أساءت انتهى. والله أعلم.
فرع: قال في أواخر الجزء الثاني من الطراز إن تزوج رجل حرة فأقرت لرجل أنها أمته

(5/130)


وأخذه وإن قتلها أو باعها بمكان بعيد إلا لظالم وفيها يلزمه تجهيزها به، وهل خلاف وعليه الأكثر؟ أو الأول لم تبوأ جهزها من عنده؟ تأويلان: وسقط ببيعهما قبل البناء : منع تسليمها لسقوط تصرف البائع والوفاء بالتزويج إذا أعتق عليه وصداقها وهل ولو ببيع سلطان لفلس أو لا ولكن لا يرجع به من الثمن ؟ تأويلان
-------------------------------
لم يقبل قولها ولم يفسخ النكاح ولا يوجب إقرارها على ذريتها لأن إقرارها بذلك إقرار على غيرها وقد قال تعالى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} وإقرارها لا يوجب زوال حريتها ولا استرقاق ذريتها ولا زوال حكم زوجها حكاه من الاستغناء انتهى. ص: "والوفاء بالتزويج" ش: قال في التلقين ومن أعتق أمته على أن تتزوجه بعد العتق فلا يلزمها ذلك وإن شرط أن عتقها صداقها لم يصح ولزمه الصداق ص: "وصداقها إن بيعت لزوج" ش: يعني لزوجها فإن قبضه السيد رده قاله في المدونة ص: "وهل ولو بيع سلطان بفلس أو لا ولكن لا يرجع به من الثمن تأويلان" ش: يعني أن ما ذكره من سقوط الصداق إن لم

(5/131)


وبعده كمالها وبطل في الأمة إن جمعها مع حرة فقط بخلاف الخمس والمرأة ومحرمها ولزوجها العزل إذا
-----------------------------
تدفعه يريد والرجوع به إذا دفع اختلف فيه هل هو مطلق سواء باعها سيدها أو السلطان أو ما ذكره خاص بما إذا باعها سيدها؟ وأما بيع السلطان فيخالف ذلك وهذا معنى قوله أولا ثم بين معنى المخالفة بأنه في بيع السلطان لا يرجع به يعني إذا دفعه لا يرجع به ويحسبه من الثمن لأن الثمن تقرر بالعقد والفسخ إنما طرأ بعده يعني ويرجع به على السيد بعد ذلك دينا في ذمته زاد ابن عرفة بعد نقله هذا التأويل ولا يحاص به الغرماء لأنه يشبه أن يكون طرأ من معاملة أخرى فراجع ابن عرفة وابن عبد السلام والتوضيح ص: "وبطل في الأمة أن جمعها مع حرة فقط" ش: يعني أنه إنما يبطل نكاح الأمة فقط لا الحرة وهذا إذا لم تكن الأمة أمة الزوجة قال اللخمي وإن كانت الأمة للزوجة فسد جميع العقد على المشهور من المذهب لأنه يصير صفقة جمعت حلالا وحراما لمالك واحد انتهى. وقال الشارح ويريد يعني المصنف حيث لا يجوز له تزويج الأمة والظاهر في تصويره التي يجوز له نكاح الأمة فيها على المشهور أن يتزوج وهو عديم على أن الصداق في ذمته والله أعلم. ص: "بخلاف الخمس والمرأة ومحرمها" ش: تصوره واضح والفرق بين جمع الحرة والأمة وبين جمع الخمس والمرأة ومحرمها أن في مسألة: جمع الحرة والأمة الحرام معلوم وهو نكاح الأمة بخلاف جمع الخمس والمرأة ومحرمها فإن الحرام ليس معلوما في واحدة بعينها وانظر أبا الحسن الصغير ص: "ولزوجها العزل إن أذنت وسيدها" ش: تصوره واضح وأما العزل

(5/132)


أذنت وسيدها :كالحرة إذا أذنت والكافرة إلا الحرة الكتابية بكره
-------------------------------
عن السراري له فجائز من غير إذن ونقله في التوضيح والشارح في الكبير والبساطي ونقله الجزولي عن ابن العربي ص: "كالحرة إن أذنت" ش: قال ابن عرفة اللخمي إن امتنع حملها لصغر أو كبر أو لحمل بها استقلت بإسقاطه واستحسن استقلالها لتمام طهرها إن أصابها مرة وأنزل انتهى.
فرع: منه أيضا ابن عات عن المشاور للحرة أخذ عوض عنه لأجل معين ولها الرجوع متى شاءت برد ما أخذت ابن عبد السلام وأشار بعض الأندلسيين إلى أن حق الحرة في ذلك كحقها في القسمة فقال وللمرأة أن تأخذ من زوجها مالا على أن يعزل عنها إلى أجل معروف ولها أن ترجع في ذلك متى أحبت وترد جميع ما أخذته وهو عندي ضعيف لأنه أجراه أولا مجرى المعاوضات ثم نقض ذلك من وجهين أحدهما أنه جعل لها الرجوع عنه والثاني أنها إذا ردت الجميع والقياس كان لها أن ترد بقدر ما منعته من الأجل انتهى.
فروع: الأول: ليس للمرأة أن تلزم زوجه العزل عنها والله أعلم.
الثاني: قال ابن ناجي في شرح المدونة في القسم بين الزوجات وأما التسبب في إسقاط الماء قبل أربعين يوما من الوطء فقال اللخمي جائز وقال ابن العربي في القبس لا يجوز باتفاق وحكى عياض في الإكمال قولين في ذلك للعلماء وظاهره أنهما خارج المذهب انتهى. وقال البرزلي في مسائل الرضاع وأما جعل ما يقطع الماء أو يسد الرحم فنص ابن العربي أنه لا يجوز وإما استخراج ما حصل من الماء في الرحم فمذهب الجمهور المنع مطلقا وأحفظ

(5/133)


وتأكد بدار الحرب ولو يهودية تنصرت وبالعكس وأمتهم بالملك،
---------------------------
للخمي أنه يجوز قبل الأربعين ما دام نطفة كماله العزل ابتداء والأول: أظهر إذ زعم بعضهم أنه الموؤدة انتهى. كلام البرزلي.
الثالث: قال الجزولي في شرح قول الرسالة: ونهى عن خصاء الخيل ولا يجوز للإنسان أن يشرب من الأدوية ما يقلل نسله ص: "بكره" ش: قال في التوضيح عن عبد الحميد إنما كره ذلك لأنه سكون إلى الكوافر ومودة لهن لقوله تعالى في الزوجين {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة}ً وذلك ممنوع لقوله تعالى {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} إلى آخر الآية ص: "وتأكد بدار الحرب" ش: قال ابن عرفة عن عياض أشد ما علل به فيهما سكناه معها بدار الحرب حيث يجري حكمهم عليه وهو بإجماع جرحة ثابتة قلت: فيخرج كراهة تزويجها للأسير ومن لا يمكن الخروج من دار الحرب انتهى. ص: "ولو يهودية تنصرت" ش: ذكر اللخمي في تبصرته هذه الصورة التي ذكرها المصنف وذكر ما إذا ارتدت اليهودية إلى المجوسية أنها لا تحل وبقي ما إذا ارتدت المجوسية إلى اليهودية فلم أر من نقله والظاهر أن حكمها حكم اليهودية والله أعلم. ص: "وأمتهم بالملك" ش: يعني لا بغيره لا لحر ولا لعبد قاله في النكاح الثالث: من المدونة وقال ولا يزوجها بها لغلامه ونقله ابن عرفة وهو سيما عطفا على المستثنى.
فرع: فلو أسلم وتحته أمة فقال ابن عرفة ففي وجوب الفسخ ثالثها يستحب لمعروف قول ابن القاسم مع أشهب مرة ومعروف قول أشهب وابن القاسم انتهى. ووجوب الفسخ هو المشهور قاله ابن فرحون وأما المجوسية فلا يجوز له الاستمتاع منها بقبلة ولا غيرها بملك أو نكاح حرة أو أمة قاله في المدونة وحكى ابن القصار قولا بجواز نكاح الحرة قال في التوضيح بناء على أحد القولين أن لهم كتابا.
فرع: قال ابن عرفة في فصل التنازع ولو قال تزوجتها بعد أن أسلمت وكانت مجوسية وقالت قبل أن أسلم فالقول قوله وقال ابن عبد الحكم القول قولها ابن عرفة وعليهما لو قال بعد أن عتقت وقالت قبله انتهى.

(5/134)


وقرر عليها إن أسلم وأنكحتهم فاسدة وعلى الأمة والمجوسية إن عتقت وأسلمت ولم يبعد: كالشهر وهل إن غفل أو مطلقاً؟ تأويلان.
--------------------------------
فائدة: قال الجزولي: قال بعض المؤرخين: كان للمجوس كتاب رفع وسبب رفعه أن عظيمهم تزوج بابنته فأرادوا رجمه فتحصن بحصنه وقال لهم: نعم الدين دين آدم الذي يزوج الأخ على أخته فرفع الكتاب عقوبة لهم ص: "وقرر عليها إن أسلم" ش: يعني على الكتابية قال ابن ناجي في شرح الرسالة ولكن مع الكراهة في الاستدامة كما يكره للمسلم نكاح الكتابية ابتداء هكذا نبه عليه بعضهم وقبله ابن عبد السلام ورده شيخنا أبو مهدي بأنهما ليسا بسواء لسبقية النكاح في الكافر بخلاف المسلم انتهى. وقال ابن عرفة عن المدونة ويقرر على الكتابية إذا أسلم ولو كانت بدار الحرب أو كانت صغيرة زوجها منه أبوها ولا خيار لها إن بلغت ابن القاسم ويكره وطؤه إياها بدار الحرب لكراهة مالك نكاحه بدار الحرب خوفا أن يكون الولد على دين الأم انتهى. ص: "وأنكحتهم فاسدة" ش: اجتمعت الشروط أم لم تجتمع وما قاله هو المشهور وقيل صحيحة قال ابن عرفة وعليهما خلاف شيوخ شيوخنا في جواز شهادة الشهود المنتصبين للشهادة بين الناس لليهود في أنكحتهم بولي ومهر شرعي ومنعه وألف كل واحد منهما على صاحبه والصواب ما رجحه ابن عبد السلام من المنع ويأتي للشيخ ما يرجح الجواز انتهى. ص: "وعلى الأمة والمجوسية إن عتقت وأسلمت" ش: سواء كان قبل الدخول أو بعده كما صرح به ابن يونس ونقله أبو الحسن وغيره ونقله ابن الحاجب عن ابن القاسم ونقل ابن عرفة قولا بأنه يلزمه فراقها مطلقا وقوله"إن عتقت" هذا خاص بالأمة وقوله "وأسلمت" عام في الأمة والمجوسية قال ابن عبد السلام في شرح قول ابن الحاجب وأما غيرها أي وغير الكتابية الحرة فيدخل في هذه الغيرية المجوسية حرة كانت أو

(5/135)


ولا نفقة أو أسلمت ثم أسلم في عدتها ولو طلقها ولا نفقة على المختار والأحسن،
----------------------------------
أمة والكتابية الأمة فقال ابن القاسم إن أسلمت يعني المجوسية أو عتقت الكتابية يعني بعد إسلام زوجها ثبت يعني نكاحها وسواء كان قبل البناء أو بعده انتهى. وإذا كانت الأمة المجوسية إذا أسلمت ثبت عليها فأحرى الأمة الكتابية والله أعلم. وقال ابن عرفة الشيخ عن الموازية عن ابن القاسم إن أسلم حر أو عبد على أمة نصرانية عرض عليها الإسلام إن أسلمت أو عتقت ثبت نكاحها وإلا فسخ بغير طلاق انتهى. وقول المصنف والمجوسية أعم من أن تكون أمة أو حرة فأما في الحرة فظاهر وأما في الأمة فهو بمنزلة ما تقدم عن ابن عرفة في الأمة النصرانية إذا أسلمت يثبت نكاحها لأن كلا منهما أمة مسلمة وهذا إذا كان موصوفا بالشرطين قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب وإذا أسلم الحربي الكتابي لم تزل عصمته قدم أو بقي إلا إذا سبيت ولم تسلم لأنه أمة كافرة قال في التوضيح وأما لو في عصمته وكذا نص عليه في المدونة واعترض إطلاقه لبقاء العصمة مع احتمال أن يكون واجدا للطول أو لا يخشى العنت وأجيب بأن مراده التقييد والمسألة: في أواخر النكاح الثالث: والله أعلم. ص: "ولا نفقة" ش: قال ابن عرفة قال ابن شاس إذا طلقت ثم أسلمت فلا نفقة لها مدة التخلف لأن الامتناع منها وظاهر قول ابن الحاجب من سبق إسلامه سقط عنه نفقة ما بينهما أنه ولو كان ما بينهما غفلة عن وقفها خلاف ظاهر المذهب حيث يحكم ببقائها وخلاف مفهوم قول ابن شاس انتهى. ص: "أو أسلمت ثم أسلم في عدتها" ش: قال ابن عرفة وسمع أصبغ ابن القاسم أن إسلامه رجعة دون إحداث رجعة الشيخ والصقلي عن المختصر واللخمي عن الموازية لو خافت نصرانية أسلمت إسلام زوجها فأعطته مالا على أن لا يسلم حتى تنقضي عدتها أو على أن لا رجعة له عليها فهو أحق بها إن أسلم ويرد ما أعطته زاد الشيخ عن المختصر ولو كان شرط أبوها عليه إن أسلم فأمرها بيدها أو بيده فهو ساقط انتهى. ص: "ولو طلقها" ش: قال ابن عبد السلام إذا أسلمت وقعدت في زمن الاستبراء منه فطلقها فلا عبرة بذلك الطلاق حتى لو أسلم في زمن الاستبراء كان أحق ولو أسلم بعد انقضاء العدة فتزوجها كانت عليه ابتداء عصمة نص على الوجهين في المدونة

(5/136)


وقبل البناء بانت مكانها أو أسلما إلا المحرم وقبل انقضاء العدة والأجل وتماديا له ولو طلقها ثلاثاً وعقد إن أبانها بلا محلل وفسخ لإسلام أحدهما بلا طلاق لا ردته فبائنة،
----------------------------------
انتهى ص: "ولا نفقة" ش: وأما السكنى فهي لها بلا خلاف وإن كانت حاملا فلها النفقة والسكنى أيضا بلا خلاف قاله ابن عبد السلام قال ابن عرفة ونقل ابن بشير الخلاف في السكنى لا أعرفه انتهى. وسبقه إليه ابن عبد السلام قال ابن عرفة وقول ابن الحاجب إذا سبق سقطت عنه نفقة ما بينهما وإذا سبقت فقولان يوهم أن القول بثبوتها مشروط بإسلامه وليس كذلك انتهى. وسبقه إليه ابن عبد السلام أيضا والله أعلم. ص: "وقبل البناء بانت" ش: قال ابن عبد السلام المشهور أنها تبين ولو أسلمت بعده مكانها وقاله في التوضيح أيضا والله أعلم. ص: "وقبل انقضاء العدة" ش: أما بعد انقضائها فلا ولو لم يبن بها قاله في المدونة ونقله ابن عرفة وقال عن المدونة ولو أسلم في العدة فارقها وعليها ثلاث حيض إن مسها ابن عرفة وكذا لو أسلمت دونه ووطؤه إياها في عدتها في كفره لغو وبعد إسلامها يحرمها ابن عرفة وكذا بعد إسلامها ص: "وتماديا له" ش: الظاهر أن المراد أنهما إذا أسلما قبل انقضاء الأجل فإنه يفسخ بشرط أن يكون مرادهما التمادي إلى الأجل وأما إن أرادا بعد الإسلام يتماديا على النكاح على الإطلاق فيصح وهو الذي يؤخذ من كلام التوضيح هنا في شرح قولها"وصداقها الفاسد كالخمر والإسقاط" وهو خلاف ما فهمه البساطي فانظره والله أعلم. ص: "لا ردته فبائنة" ش: يعني لأن ردة أحد الزوجين بطلقة بائنة قال الجزولي ويوسف بن

(5/137)


ولو لدين زوجته وفي لزوم الثلاث لذمي طلقها وترافعا إلينا أو إن كان صحيحاً في الإسلام أو بالفراق مجملاً أو لا تأويلات ومضى صداقهم الفاسد أو الإسقاط إن قبض ودخل وإلا فكالتفويض وهل إن استحلوه؟ تأويلان،
-----------------------------
عمر في شرح قول الرسالة وإذا ارتد أحد الزوجين وكذلك إذا ارتدا معا عند مالك وقال أبو حنيفة لا يفسخ انتهى. من الجزولي وقال أبو محمد فيمن قال لزوجة ارتدت وهي تنكر أنه يلزمه الطلاق وكذلك من تزوج كتابية فقالت أسلمت وهي تنكر لا بد أقر أنها أسلمت ثم ارتدت فكأنه أقر بالطلاق ومن أقر بالطلاق يلزمه انتهى.
فرع: قال في النكاح الثالث: والردة تزيل الإحصان قال المشذالي في حاشيته على هذا المحل قال ابن عرفة لو ارتد قاصدا الإزالة الإحصان ثم أسلم فزنا فإنه يرجم معاملة له بنقيض ما قصده قلت: كرواية علي في التي ترتد قاصدة فسخ النكاح ونقلها ابن يونس وابن رشد في سماع يحيى من المرتدين وغير واحد وتوقف ابن زرب فيها ليس خلافا لرواية علي ولا أنه لم يطلع عليها بل لما ذكره في جوابه انتهى. وقال في الشامل في باب الردة ولو قصدت بردتها فسخ نكاحها لم ينفسخ انتهى. وذكر الشيخ سعد الدين في شرح العقائد أن من أفتى امرأة بالكفر لتبين من زوجها فإن ذلك كفر قاله في أواخر شرح العقائد وهو الظاهر لأنه قد أمر بالكفر ورضي به.

(5/138)


واختار المسلم أربعاً وإن أواخر وإحدى أختين مطلقاً وأماً وابنتها لم يمسهما وإن مسهما حرمتا وإحداهما تعينت،
-------------------------------
تنبيه: قال ابن ناجي في شرح قول الرسالة ومن اشترى زوجته انفسخ نكاحه وسلم المغر في إقامة بعض المتأخرين منها أن من ارتد في مرضه وعلم أنه قصد الفرار بماله من الورثة أنهم يرثونه ويعاقب بنقيض مقصوده انتهى.
فرع: قال ابن الحاجب: ولها المسمى بالدخول قال في التوضيح وقول ابن الحاجب "ولها المسمى في الدخول" ظاهره ولو ارتد قبل الدخول بها سقط صداقها وكذلك لو ارتد زوجها ويتخرج فيها رواية أخرى أن لها نصف الصداق وقال اللخمي إن ارتد الزوج فلها نصف الصداق على القول أنه طلاق ويختلف على القول أنه فسخ فقال مالك في المبسوط لها نصف الصداق وقال عبد الملك لا شيء لها والقول الأول أحسن انتهى. وقال ابن التلمساني في شرح كلام ابن الحاجب المتقدم ونقله عن التوضيح: وأما الصداق فإن ارتدت الزوجة قبل البناء فلا شيء لها لأن منع تسليم المبيع وما تستحق عليه العوض منها وسواء قلنا إنه فسخ أو طلاق وإن ارتد الزوج كان لها نصف الصداق على القول أنه طلاق ويختلف على القول إنه فسخ فقال مالك في المبسوط لها نصف الصداق وقال عبد الملك لا شيء لها انتهى. وقبله القرافي ونقله بلفظ أنها منعت التسليم كمنع تسليم المبيع وهو نص كلام اللخمي بالحرف في تبصرته في النكاح الثاني لما تكلم على تنصيف الصداق على أنه زاد فيه بعد قوله "وقال عبد الملك لا شيء لها" ما نصه وأنكر قول مالك وقال إنما يكون الصداق حيث وقع الطلاق والأول: أحسن انتهى. وقال الشيخ أبو الحسن عرف في بعض تأليف ابن شعبان في ارتداد المرأة قبل البناء قولين في وجوب نصف الصداق لها فقيل لا يجب لها وقال عبد الملك لها نصف الصداق انتهى. وما اقتصر عليه ابن الجلاب واللخمي وقبله ابن التلمساني والقرافي هو ظاهر أن لا شيء لها سواء قلنا إنه طلاق أو فسخ فتأمله والله أعلم. ص: "وإن أواخر" ش: كذا في كثير من النسخ وهي أحسن من نسخة أوائل لأنها أصرح في الرد على المخالف القائل بأنه يتعين الأوائل فتأمله ص: "أو

(5/139)


ولا يتزوج ابنه أو أبوه من فارقها واختار بطلاق أو ظهار أو إيلاء أو وطء والغير إن فسخ نكاحها أو ظهر أنهن أخوات ما لم يتزوجن ولا شيء لغيرهن إن لم يدخل به كاختياره واحدة من أربع رضعات تزوجهن وأرضعهن امرأة وعليه أربع صدقات إن مات ولم يختر ولا إرث إن تخلف أربع كتابيات عن الإسلام أو التبست المطلقة من مسلمة وكتابية؛
------------------------------------
ظهر أنهن أخوات" ش: انظر بحث ابن عبد السلام وبحث ابن عرفة معه فإنه حسن والله أعلم. ص: "كاختياره واحدة من أربع رضيعات تزوجهن وأرضعتهن امرأة" ش: قال الشارح يعني إن حكم من تزوج أربع رضيعات وأرضعتهن امرأة ثم أسلم حكم من تزوج عشر نسوة ثم أسلم الخ وليس هذا الذي حمل عليه هو مراد المصنف لأن هذا معلوم من قول المصنف"أو إحدى أختين مطلقا" وإنما مراد المصنف أن المسلم إذا تزوج أربع رضيعات يريد أو ثلاثا أو اثنين فأرضعتهن امرأة فإنه يختار واحدة ويفارق الباقي منهن ولا شيء لمن فارقها عند ابن القاسم لأنه مغلوب على الفراق قاله في المدونة.
ص: "وعليه أربع صدقات" ش: يريد غير معينة بل يعطي لكل واحدة خمسا صداقها كما يفهم من كلامه في التوضيح وكلام ابن عرفة وغيرهم وهذا إذا لم يدخل

(5/140)


لا إن طلق إحدى زوجتيه وجهلت ودخلت بإحداهما ولم تنقض العدة فللمدخول بها الصداق وثلاثة أرباع الميراث ولغيرها ربعه وثلاثة أرباع الصداق وهل يمنع مرض أحدهما المخوف وإن أذن الوارث أو إن لم يحتج خلاف
-----------------------------
بهن فإن دخل بهن لزمه لكل واحدة صداقها وإن دخل ببعض وعلمت المدخول بها فلها صداقها كاملا ص: "وهل يمنع مرض أحدهما المخوف وإن أذن الوارث أو إن لم يحتج خلاف" ش: يعني إن اختلف في نكاح المريض على قولين مشهورين أحدهما أنه يمنع سواء كان المريض محتاجا إلى النكاح لخدمة أو استمتاع أو ليس بمحتاج وهذا القول جعله اللخمي هو المشهور والثاني أنه إنما يمتنع إذا لم يحتج المريض إلى النكاح وهذا الذي شهره في الجواهر وأشار المصنف إلى القول الأول بقوله وهل يمنع مرض أحدهما المخوف وإلى الثاني بقوله"أو إن لم يحتج" وأما قوله"وإن أذن الوارث" فأشار به إلى إذن الورثة في نكاح المريض إذا كان ممنوعا لا يدفع المنع والله أعلم. فإن قيل منع المريض من النكاح لنهيه عليه الصلاة والسلام من إدخال وارث فلم لا يمنع الوطء خوف إدخال الوارث قيل إدخال الوارث في النكاح متحقق وقد يكون من الوطء حمل ولا يكون قاله القرافي وكلام الشارح في شرح هذا المحل صواب وكلام البساطي فيه نظر والله أعلم.
فرع: وللمريض أن يراجع زوجته وقاله الجزولي وليس للمريض نكاح مطلقته البائن في آخر حملها قاله في النوادر وهو ظاهر لأنه نكاح في المرض.
فرع: قال اللخمي في نكاح من حضر الزحف أو ركب البحر على الاختلاف في

(5/141)


وللمريضة بالدخول المسمى وعلى المريض من ثلثه الأقل منه ومن صداق المثل
----------------------------
طلاقه وميراث زوجته منه بمنزلة المريض فإن مات من ذلك لم ترثه على أحد القولين وإن سلم صح النكاح ونكاح من قرب للقتل غير جائز لأنه مضار ويختلف إذا نكح وهو في السجن هل يمضى نكاحه أو لا فإن كان القتل حقا لله كالمحارب يكون قد قتل والزاني المحصن يحبس ليرجم لم أر له أن ترثه وإن كان حقا لآدمي ممايرجى العفو عنه كان الأمر أوسع ص: "وللمريضة بالدخول المسمى وعلى المريض من ثلثه الأقل منه ومن صداق المثل" ش: اعلم أنه إذا لم يدخل المريض على زوجته أو الزوج الصحيح على المريضة فلا صداق لها وقاله ابن الحاجب وغيره وإن دخل الصحيح على المريضة فلها المسمى اللخمي من رأس ماله قال في التوضيح بلا خلاف وهذا معنى قوله "وللمريضة بالدخول المسمى" وإن كان المريض هو الداخل على زوجته الصحيحة فلها من الثلث خاص الأقل من المسمى ومن الصداق المثل وإلى هذا أشار بقوله "وعلى المريض" الخ وسيذكر في باب الوصايا ما يبدأ عليه وما يبدأ هو عليه والظاهر أنه إن كان الزوج مريضا والزوجة مريضة يكون الحكم فيه كالحكم فيما إذا كان الزوج فقط هو المريض لأنه علل في التوضيح كون المسمى لها فيما إذا كانت هي المريضة فقط بأن الزوج صحيح لا حرج عليه والله أعلم.
فرع: وأما إذا غصب المريض امرأة فصداقها من رأس المال قولا واحدا لأنها لم تدخل على الحجر بخلاف المختارة قاله في الذخيرة ناقلا عن صاحب البيان.
فرع: وأما الإرث فإن كان الزوج هو المريض فلا ترثه الزوجة المتزوج بها في المرض ولا يرثها وكذلك إذا كانت الزوجة هي المريضة وماتت فلا يرثها وهذان الوجهان منصوص

(5/142)


وعجل بالفسخ إلا أن يصح المريض منهما ومنع نكاحه النصرانية والأمة على الأصح والمختار خلافه
--------------------------------
عليهما ونقله ابن عبد السلام والتوضيح فلو مات الزوج في هذه الصورة قال ابن عبد السلام القياس أن لا ترثه ونص مالك على عكسها وهي شبيهة بها في المعنى ونقله في التوضيح والظاهر أنها لا ترثه ولا يرثها إذا كانا معا مريضين والله أعلم.
فرع: قال اللخمي الإقرار بالنكاح في المرض أو في الصحة لا يجوز ولا مهر ولا ميراث وإن أقرت في مرضها بزوج في الصحة فصدقها الولي لم يقبل قولها وإن أقرت في الصحة ثم مرضت وماتت وقال الولي زوجتها منه في صحتها وادعى ذلك الزوج فله الميراث وعليه الصداق انتهى. من الذخيرة.
فرع: قال ابن عرفة لو شهدت بينة بنكاحه صحيحا وشهدت بينة به مريضا مرض المنع ففي تقديم بينة المرض أو الصحة ثالثها ترجع التي هي أعدل وانظر عزوها فيه والله أعلم.
فرع: حكم نكاح التفويض حكم نكاح غيره قاله في الذخيرة ص: "وعجل بالفسخ" ش: أتى بهذه العبارة هنا وفي التوضيح وفيها قلق وعبارة أهل المذهب أنه على القول بصحة النكاح إذا صح هل يفسخ النكاح مطلقا أو قبل الدخول أو الفسخ على جهة الاستحباب والله أعلم. ص: "إلا أن يصح المريض منهما" ش: قال في المدونة وإن صح ثبتا على النكاح دخل أو لم يدخل ولها المسمى انتهى.

(5/143)


فصل في خيار أحد الزوجين
الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو يتلذذ
-------------------------------
فصل
ص:"في الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو لم يتلذذ" ش: أي يثبت الخيار لكل واحد من الزوجين لعيب صاحبه ولو كان به ذلك العيب أو غيره كما صرح به الرجراجي قال وإن كانت العيوب بهما جميعا فاطلع كل واحد على عيب صاحبه كان من جنس عيب صاحبه أو مخالفا له كان لكل واحد منهما القيام بما اطلع عليه ويظهر به انتهى. وانظر قوله ويظهر به لعله يطلق به وقال في التوضيح وإن كان معيبين بجنسين فقال بعض أهل النظر لكل واحد منهما الخيار عبد الحميد وغيره وهو الصواب وإن كانا بجنس واحد ففيه نظر قاله غير واحد انتهى. وعليه اقتصر في الشامل والله أعلم. وإنما يكون للصحيح منهما الخيار إن لم يسبق له العلم بعيب صاحبه قبل عقده أو حينه قاله في الشامل وإن سبق فلا خيار له لدخوله على ذلك وإن عقد ولم يسبق العلم ثم علم فله الخيار ما لم يكن صاحبه من نفسه أو ما لم يرض بصريح القول وإن عقد أو ما لم يتلذذ بصاحبه وفي بعض النسخ بإسقاط لم اكتفاء بالعطف وعلم من حل النكاح أن التلذذ لا يسقط الخيار إلا بعد العلم وهو كذلك قاله في النوادر وإن بنى قبل أن يعلم فلما أمسك فهو مخير انتهى. وسيقول المصنف ومع الرد قبل البناء الخ وهذا ظاهر وإنما نبهنا عليه لأنه قد يتبادر من عبارة المصنف "ومع الرد قبل البناء" أن أحد الأمور كاف في إسقاط الخيار وليس كذلك لما علمت وكأنه حاول أن يحاذي كلام ابن الحاجب فلم توف العبارة بما قصد قال ابن الحاجب فالعيب الجنون والجذام والبرص وداء الفرج ما لم يرض بقول أو تلذذ أو تمكين أو سبق علم بالعيب قال ابن عبد السلام وفي كلام المصنف إشارة إلى حصر دلائل الرضا فيما ذكر لأن السليم من الزوجين إما أن يكون عالما بالعيب قبل العقد أم لا فالأول: هو مراده بقوله"أو سبق علم بالعيب" والثاني وهو الذي علم إلا بعد العقد إما أن يعلم رضاه بقول أو فعل أو لا قول ولا فعل وهو الترك

(5/144)


وحلف على نفيه:
-------------------------------
والقول ظاهر والفعل لا بد أن يكون بينه وبين الرضا به ارتباط وهو التلذذ والترك يستحيل أن يكون تركا مطلقا لأن مثل هذا لا دلالة فيه على شيء فلا بد أن يكون تركا مضافا وهو التمكين من التلذذ انتهى. وقال ابن عرفة وعيب أحد الزوجين جاهلا به الآخر ولا يرضى به يوجب خياره والتصريح بالرضا واضح ودليله مثله أبو عمر تلذذه بها عالما به رضا وفيها تمكينها إياه عالمة بعيبه رضا.
قلت: وتقدم دليل اختيار من أسلم على عشر يدل عليه وفي الطلاق والإيلاء نظر ودليل اختيار الأمة مما يتأتى منه في الزوجة رضا من انتهى. ص: "وحلف على نفيه" ش: أي فإذا ادعى صاحب العيب على السليم أنه علم بالعيب قبل العقد أو رضي به بعد العقد بقول أو تلذذ به بعد علمه بالعيب ولم تكن له بينة على دعواه حلف السليم على نفيه أي نفي ما ادعى عليه به قال في النوادر فإن ادعت أنه مسها أو تلذذ منها بعد العلم فأنكر حلف وصدق فإن نكل حلفت وصدقت وإن لم تدع عليه بذلك فلا يمين عليه انتهى. وفي الشامل وحلف على نفيه إن ادعى عليه العلم والرضا ونحوه ولا بينة له انتهى. قال ابن عرفة لو تنازعا في برص بموضع خفي على الرجل صدق مع يمينه المتيطي عن بعض الموثقين إن قالت علم عيبي حين البناء وأكذبها وذلك بعد البناء بشهر ونحوه صدقت مع يمينها إلا أن يكون العيب خفيا كبرص بباطن جسدها ونحوه فيصدق مع يمينه وهذا ما لم يخل بعد علمه عيبها فإن فعل سقط قيامه وإن نكل حيث يصدق حلفت وسقط خياره انتهى. وانظر لو نكلت هي أيضا ما الحكم أو نكلت حين تصدق مع يمينها هل يحلف ويستحق الخيار وعلى هذا التقدير إذا نكل هو أيضا فإني لم أر في ذلك الآن نصا والله أعلم. ثم شرع يذكر العيوب التي يرد بها بشرط وغير شرط والتي لا يرد بها إلا بشرط والأولى هي أربعة فقط على المشهور من المذهب الجذام والبرص وداء الفرج والجنون وذكر اللخمي العذيطة وكأنها محلقة بداء الفرج وهذه العيوب إما أن تكون قديمة أو حادثة بعد العقد ولكل حكم يخصه ولما كانت الثلاثة الأول: أعني البرص والجذام وداء الفرج حكمها واحد في كونها لا توجب الرد لكل واحد من الزوجين إلا إذا كان قديما بخلاف الجنون فإنه يوجبه وإن حدث بعد العقد وقبل الدخول على

(5/145)


ببرص وعذيطة وجذام لا جذام لأب
---------------------------------
ما قاله المصنف جمعها وبين حكم القديم منها والحادث ولما كان الجذام والبرص لا يختلف تفسيرهما بالنسبة إلى الرجل والمرأة وداء الفرج يختلف تفسيره بالنسبة إلى كل واحد منهما أطلق فيهما وفصل الثالث: وجمع العذيطة معهما لكونها بمنزلتهما فقال ص: "ببرص وعذيطة وجذام" ش: فمعنى كلامه الخيار المذكور لأحد الزوجين ثابت ببرص وهو مرض يلحق الإنسان من ضعف الصورة وهو البياض وظاهر كلامه أنه يرد به سواء كان قليلا أو كثيرا كان في الرجل أو المرأة وهو كذلك على المشهور وهذا كله من قبل العقد كما سيقول المصنف وعذيطة وهو حصول الحدث من أحد الزوجين عند الجماع ويقال للرجل عذيوط قال ابن عرفة هذه الكلمة كذا وجدتها بالعين المهملة ثم الذال المعجمة ثم الياء باثنتين من أسفل ثم الواو ساكنة ثم الطاء المهملة ثم تاء التأنيث كل ذلك بصورة الحروف وكذا رأيتها في قانون ابن سينا في الطب وقال الجواليقي: تقول العامة العذروط لمن يحدث عند الجماع وإنما هو العذبوط بكسر العين وفتح الباء بواحدة من تحتها والواو والذال ساكنان والعذروط الذي تقوله العامة هو الذي يخدمك بطعامه وجمعه عذاريط وعذارطة.
قلت: الكلمة الذي صوب كذلك في المحكم والصحاح لفظا ومعنى والتي تعقب لم أجدها في المحكم ولا في الصحاح إلا قول صاحب المحكم العذارطي الفرج الرخو والعذروط الخادم بطعام بطنه وأما بالياء من اثنتين من أسفل فلم أجدها في كتب اللغة بحال انتهى. وظاهر كلام التوضيح أنها في الصحاح بالياء المثناة من تحت فإنه قال بعد أن ذكر ضبط الجواليقي وذكره ابن فارس في محكمه وصاحب الصحاح بالياء الجوهري ويقال للمرأة عذيوطة انتهى. وهو كذلك في نسخة صحيحة من الصحاح بالياء المثناة من تحت وكذا في نسخه من القاموس وظاهر كلامهم أيضا أن الياء مفتوحة وزاد في القاموس من ضبطين

(5/146)


وبخصائه وجبه وعنته واعتراضه،
-------------------------------
آخرين على وزن عصفور وعتور قال وهو التيتاء قال ونصه العذوط والعذيوظ والعذيوط كحردون وعصفور وعتور التيتاء قاله في فصل العين من حرف الطاء وقال في فصل التاء من التاء التيتاء والتئتاء من يحدث عند الجماع أو ينزل قبل الإيلاج انتهى. وأنشد في الصحاح عن امرأة.
إني بليت بعذيوط له بخر ... يكاد يقتل من ناجاه إن كثرا
قال اللخمي: وقد نزل في زمن أحمد بن نصر من أصحاب سحنون وادعاه كل واحد من الزوجين على صاحبه فقال أحمد يطعم أحدهما تينا والآخر فقوسا فيعلم ممن هو منهما انتهى. وانظر ما المراد بقولهم يحدث هل ذلك خاص بالغائط أو يجري في البول والريح والظاهر أنه خاص به لذكرهم مسألة: أحمد بن نصر وقال الشيخ يوسف بن عمر ولا يكون كثرة البول عيبا إلا بشرط انتهى. وقال الجزولي واختلف إذا وجدها تبول في الفرش: هل هو عيب أم لا قولان وإن وجدها زعراء قيل عيب ترد به وقيل ليس بعيب انتهى. والزعر قلة الشعر ص: "وبخصائه" ش: بالمد قاله في الصحاح وهو المقطوع الخصيتين دون الذكر أو العكس ابن عرفة اللخمي قطع الحشفة كقطع الذكر انتهى. ونحوه في التوضيح.
فرع: قال في الشامل والأقرب إنها لا خيار لها إن كان خنثى محكوما له بالرجولية

(5/147)


وبقرنها ورتقها وبخرها وعفلها وإفضائها قبل العقد ولهل فقط الرد بالجذام البين والبرص المضر الحادثين بعده لا بكاعتراض،
----------------------------
انتهى. ونقله في التوضيح عن الشيخ عبد الحميد واحترز بقوله محكوما له بالرجولية ممن حكم له بالأنوثة فلا نكاح له ومن الخنثى المشكل فإنه لا يصح نكاحه ص: "وإفضائها" ش: فسره ابن الحاجب وابن عرفة في الديات باختلاط مسلكي البول والوطء وبه فسره ابن عمر والجزولي وفسره البساطي هنا باختلاط مسلكي البول والدبر وانظر أبا الحسن ص: "لا بكاعتراض" ش: قال ابن غازي يريد بعد أن يطأ لو مرة كما في المدونة.
فرع: قال في النوادر فلو وطئها ثم اعترض عنها فلا حجة لها فإن طلقها ثم تزوجها فرافعته فليضرب لها لأجل إلا أن يعلمها في النكاح الثاني أنه لا يقدر على جماعها انتهى. وقال ابن عرفة وسمع يحيى بن القاسم امرأة المعترض إن تزوجها بعد فراقها إياه بعد تأجيله فقامت بوقفه لاعتراضه فلها ذلك إن قامت في ابتنائه الثاني قدر عذرها في اختيارها له وقطع رجائها إن بان عذرها بأن يكون يطأ غيرها وإنما اعترض عنها فتقول رجوت برأه انتهى.
فائدة: قال الشيخ يوسف بن عمر جاء فيما يعالج به المعترض أن تأخذ سبعة أوراق من السدرة وتستحقها وتمزجها بالماء الفاتر وتقرأ عليها فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع

(5/148)


وبجنونها وإن مرة في الشهر قبل الدخول وبعده أجلا فيه وفي برص وجذام رجي برؤهما سنة
---------------------------------
مرات وذوات قل من قل هو الله أحد وغيرها فيشربه ثلاثا فيبرأ بإذن الله تعالى انتهى. وانظر البرزلي في كتاب الجامع من نوازله فإنه ذكر شيئا مما يتعلق بذلك والله أعلم.
تنبيه: قال ابن غازي: ومما يدخل تحت الكاف في كلام المصنف الكبر المانع من الوطء وقد صرح به ابن عبد البر انتهى. وقال في الوسط قوله"لا بكاعتراض" أي فإنه إذا حدث لا يكون موجبا لخيار المرأة وكذلك الجب والخصاء ولهذا أتى بكاف التشبيه والله أعلم. واعلم أنه لا يسقط خيارها في الجب والخصاء أيضا إلا بعد الدخول والمس على المشهور قال في سماع محمد بن خالد من كتاب النكاح قال وسألت ابن القاسم عن الرجل يخصى قبل أن يدخل على امرأته هل لها الخيار في نفسها فقال نعم لها ذلك قلت: لابن القاسم فإن حصل بعد ما دخل ومس فقال لا خيار لها قال ابن رشد وهذا هو المشهور في المذهب وذهب أصبغ إلى أنه لا فرق بين أن يخصى قبل أن يمس أو بعدما مس لأنها بلية نزلت بها وليس ذلك من قبله ليضر امرأته وقوله"هو القياس" ووجه القول الأول: أن المرأة إنما تزوجت على الوطء فإن نزل به ما يمنعه من الوطء قبل أن يطأ كان لها الخيار إذا لم يتم لها ما نكحت عليه وإن نزل به ذلك بعد الوطء لم يفرق بينهما إذ قد نالت منه ما نكحت عليه ولا حجة لها في امتناع المعاودة إن لم يكن ذلك من قبل إرادة ضرر وبالله التوفيق انتهى. ص: "وبجنونهما" ش: يعني قبل العقد ص: "قبل الدخول وبعده" ش: يعني قبل الدخول وبعد العقد وكلام ابن غازي كاف في ذلك والله أعلم. ص: "وبغيرها إن شرط السلامة ولو بوصف الولي" ش: يريد أن

(5/149)


وبغيرها إن شرط السلامة ، ولو بوصف الولي عند الخطبة ، وفي الرد إن شرط الصحة تردد
-----------------------------
العقد إذا وقع بشرط السلامة يرد متى وجد عيبا اللخمي قولا واحدا وإن عرا عن الشرط فلا رد إلا بالعيوب المتقدمة قاله ابن عبد السلام وقال ابن عرفة عن ابن رشد الشرط في النكاح هو أن يتزوجها على صفة كذا أو على أن لها كذا له الرد بفوت الشرط اتفاقا انتهى.
فرع: وإن وجدها سوداء أو عرجاء أو عمياء وادعى أنه تزوجها على السلامة فالقول قول المرأة قاله ابن الهندي انتهى. من التوضيح.
فرع: منه أيضا ولو قال غير الولي الذي زوجها منه أنا أضمن لك أنها ليست سوداء ولا عرجاء ولا عوراء ودخل بها ووجدها بخلاف ما ضمن لكان له الرجوع بما زاد على صداق مثلها وليا كان أو غيره وقوله"ولو بوصف الولي" هو قول عيسى وابن وهب قالا إذا وصفها الولي عند الخطبة بالبياض وصحة العينين من غير سبب وهو عوراء سوداء فهو بالخيار قبل الدخول إن شاء تقدم على أن عليه جميع الصداق وإن شاء فارق ولم يكن عليه شيء وإن لم يعلم حتى دخل ردت إلى صداق مثلها ورجع بالزائد عليها هذا إذا كان وصف الولي من غير سبب فأما إن قال الخاطب للمخطوب منه قد قيل إن وليتك سوداء أو عوراء فقال له الولي كذب من قال بل هي بيضاء فلا اختلاف أن ذلك شرط هذه طريقة ابن رشد قال وكذلك الذي زوج وليته على أن لها من المال كذا فيفرق بين أن يسمي ذلك ابتداء أولا قاله عنه في التوضيح ص: "وفي الرد إن شرط الصحة تردد" ش: التردد بي المتأخرين لعدم نص المتقدمين وهو بين ابن أبي زيد والباجي وصورة ذلك إذا كتب في العقد صحيحة البدن فهل هو كالشرط وهو الذي قاله الباجي في وثائقه أو ليس بشرط وهو رأي ابن أبي زيد يريد وأما لو قال سليمة البدن لكان شرطا عن أبي محمد أيضا قال وبه كان يفتي علماؤنا ونفتي نحن

(5/150)


لا بخلف الظن ، كالقرع والسواد من بيض ، ونتن الفم ، والثيوبة ، إلا أن يقول عذراء . وفي بكر تردد ، وإلا تزوج الحر ، الأمة والحرة العبد .
------------------------------------
قاله في التوضيح وهذه السلامة غير السلامة التي في قول المصنف إن شرط السلامة لأن لفظ سليمة قد يكون مطلقا كما في هذا الأخير وقد يكون مقيدا بالسلامة كمن كذا مثلا من السواد والعمي أو غير ذلك وهو الأول في كلام المصنف فتأمله والله أعلم. ص: "إلا أن يقول عذراء" ش:
فرع: قال ابن عرفة ابن رشد لو وصفها وليها حين الخطبة بأنها عذراء دون شرط لجرى على الخلاف فيمن وصف وليته بالمال والجمال انتهى. ص: "وفي بكر تردد" ش: وعلى عدم ردها بالثيوبة في هذا قال ابن عرفة المتيطي وابن فتحون لو بان أنها ثيب من زوج لكان للزوج الرد انتهى.
فرع: قال ابن عرفة قال غير واحد ولا حد على من ادعى أنه وجد امرأته ثيبا لأن العذرة تذهب بغير جماع ابن رشد إن أعاد ذلك عليها في عتاب أو بعد مفارقتها بسنين حلف أنه ما أراد قذفا ولا حد عليه قاله مالك وابن القاسم في المدونة: ابن الحاج عن ابن فرج إنه إذا قال وجدتها مفتضة حد وإن قال لم أجدها بكرا لم يحد انتهى. ونقل في التوضيح بعض شيء من هذا ص: "وإلا تزويج الحر الأمة والحرة العبد" ش: فإن قيل لم لم

(5/151)


بخلاف العبد مع الأمة ، والمسلم مع النصرانية ، إلا أن يغرا ، وأجل المعترض سنة
--------------------------
يقل المؤلف وإلا تزويج الحر الأمة وعكسه كما فعله غير مرة وهو الاكتفاء بذكر العكس عن بيان كيفية ذلك العكس؟ قيل: لأن الاصطلاح في العكس أن يجعل الكلمة الأولى ثانية والثانية أولى فلو اكتفى هنا بلفظ العكس ما أفاد شيئا لأنه يصير التقدير وإلا تزويج الحر الأمة والأمة الحر وكل واحد هو عين الآخر فلذلك عدل عنه إلى الكلام الذي أتى به والله أعلم. ص: "بخلاف العبد مع الأمة والمسلم مع النصرانية إلا أن يغرا" ش: يعني أن العبد إذا تزوج امرأة من غير تبيين ثم ظهر أنها أمة فلا كلام له وكذلك هي إن تزوجت رجلا من غير تبيين ثم ظهر أنه عبد قاله ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وابن غازي وغيرهما وكذلك إن تزوج المسلم امرأة من غير تبيين ثم ظهر أنها نصرانية أو تزوجت نصرانية رجلا من غير تبيين ثم ظهر أنه مسلم نص عليه في النوادر وقوله"إلا أن يغرا" يتصور الغرر في هذه الصور الأربعة فأما العبد مع الأمة إذا غرها بأن قال لها أنا حر فتجده عبدا فلها الخيار قاله الشارح والبساطي والأمة تغر العبد بأن تقول له أنا حرة فيجدها أمة فله الخيار نقله في النوادر وابن يونس والنصرانية تغر المسلم بأن يشترط إسلامها أو تظهره ويعلم أنه إنما تزوجها على أنها مسلمة لما كان سمع منها من الكتمان وإظهار الإسلام انتهى. من ابن يونس وأما المسلم يغر النصرانية قال ابن يونس بأن يقول لها أنا على دينك انتهى. وأما الحر مع الأمة مع العبد فسكوتهما عن التبيين غرور يثبت الخيار قاله غير واحد كابن عبد السلام والشيخ وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين والله أعلم. وحكمهما في الصداق حكم الغرور والمغرورة هذا ظاهر

(5/152)


بعد الصحة من يوم الحكم ، وإن مرض والعبد نصفها ، والظاهر لا نفقة لها فيها وصدق إن ادعى فيه الوطء بيمينه ، فإن نكل حلفت ، وإلا بقيت ، وإن لم يدعه طلقها ، وإلا فهل يطلق الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم به ؟ قولان .
-------------------------------------
الجواهر والله أعلم. ص: "والظاهر لا نفقة لها فيه" ش: ما قاله ابن غازي من النص أشار الشارح إلى غالبه إلا أن كلام ابن غازي أتم فائدة وفيه التنبيه: على ما نظر فيه الشارح بقوله وانظر هل يجري ذلك في مسألة: المعترض وهو مقتضى كلام الشيخ هنا فقال ابن غازي ولا يصح قياس المعترض على المجنون لأن المجنون يعزل هنا المعترض يرسل عليه والله أعلم. ص: "وصداق إن ادعى فيها الوطء بيمينه" ش:
فرع: قال ابن عرفة ولو سألته اليمين قبل تمام الأجل فإن أبى ثم حل الأجل فقال أصبت فله أن يحلف فإن نكل الآن طلق عليه ولو قال بعد الطلاق في العدة أنا أحلف لم يقبل منه ابن عرفة ظاهره أنه يتعين نكوله عند تمام الأجل يطلق عليه ومثله للمتيطي عن ابن عمر ورواية ابن حبيب قال وقال غيره إن نكل حلفت وفرق بينهما انتهى. والمشهور سواء كانت بكرا أو ثيبا وقول ابن عرفة ظاهره أنه بنفس نكوله يعني ظاهر قوله فإن نكل الآن طلق عليه والله أعلم. ص: "وإن لم يدعه طلقها" ش: ابن عبد السلام: قال بعض الشيوخ يوقع الزوج منه ما شاء وظاهره أنه يكون له أن يوقع اثنتين أو ثلاثا انتهى. ص: "وإلا فهل يطلق عليه الحاكم أو يأمرها به ثم يحكم قولان" ش: قال ابن عبد السلام وفي أحكام ابن سهل اختلاف بين الشيوخ في هذه المسألة: وفي معناه من امرأة المولى والمعتقة تحت العبد وغير ذلك هل تكون المرأة وهي الموقعة للطلاق أو السلطان انتهى. وقال في التوضيح في باب المعسر بالنفقة: واختلف هل الحاكم الذي يطلق كما هو ظاهر كلامه يعني ابن الحاجب ابن عبد السلام وهو

(5/153)


--------------------------------
الصحيح أو يبيح للمرأة الإيقاع على قولين انتهى. ونقل ابن عرفة عن المتيطي تشهير القول بأن الإمام الذي يوقع الطلاق ونصه المتيطي في كون الطلاق بالعيب للإمام يوقعه أو يفوضه إليها قولان للمشهور وابن زيد عن ابن القاسم انتهى. ونقل ابن سهل في باب الطلاق أن ابن عات أفتى أن المرأة هي التي توقع الطلاق ورجحه ابن مالك ورجحه ابن سهل أيضا وقال ابن فرحون في التبصرة في القسم الثالث: من الفصل الأول من الركن السادس في كيفية القضاء والقسم الأول لا بد فيه من حكم الحاكم وهو ما يحتاج إلى نظر وتحرير وبذل جهد في تحرير سببه وذلك كالطلاق بالإعسار والطلاق بالإضرار والطلاق على المولى لأنه يفتقر إلى تحقيق الإعسار وهل هو ممن يلزمه الطلاق بعد النفقة أم لا كما إذا تزوجت فقيرا علمت بفقره فإنها لا تطلق بالإعسار بالنفقة وكذلك تحقيق صورة الإضرار وكذلك يمين المولى هل لعذر أو لا كمن حلف أن لا يطأها وهي مرضع خوفا على ولده فينظر فيما ادعاه فإن كان مقصوده الإضرار طلقت عليه وإن كان لمصلحة لم تطلق عليه وكذلك التطليق على الغائب والمعترض ونحوهما.
تنبيه: إذا تقرر أن هذه المسائل وما أشبهها لا بد فيها من حكم الحاكم فهل صدور الطلاق فيها صادر عن الحاكم أو عن الزوجة أو بعضه عن الزوجة وبعضه عن الحاكم اختلف في هذه المسألة: فحكى ابن سهل فيها أن القاضي أبا محمد بن سراج أجاب فيها أن الطلاق للرجل إلا ما وقع فيه تخيير أو تمليك ثم ذكر أن ابن عات أجاب بخلاف جوابه وأطال الكلام في ذلك ثم قال في كلامه وجملة القول أن الحق إذا كان للمرأة خالصا فإنفاذ الطلاق إليها مع إباحة الحاكم لها ذلك كما جاء في حديث بريرة ونسبة الطلاق إلى القاضي لكونه ينفذه ويحكم به كما يقال فرق الحاكم بينهما وكما يقال قطع الأمير السارق ورجم وجلد وهو لم يفعل وإنما أمر به فما جاء من تفريق السلطان فهو من هذا المعنى انتهى. كلام ابن فرحون وما أفتى به ابن عات تقدم أن ابن مالك رجحه وكذلك ابن سهل.
فرع: قال ابن عبد السلام عن أصبغ وأرى في الإمام إن طلق في الإيلاء والنفقة والإضرار والجنون والجذام بأكثر من واحدة لا يلزم منه إلا واحدة انتهى. ونقله في التوضيح.
تنبيه: سيأتي في كلام المصنف في آخر طلاق السنة أنه لا يطلق على من به عيب في الحيض والنفاس حتى تطهر المرأة وسيأتي في شرحه حكم ما إذا وقع الطلاق فيها والله أعلم.

(5/154)


ولها فراقه بعد الرضا بلا أجل ، والصداق بعدها ، كدخول العنين ، والمجبوب وفي تعجيل الطلاق إن قطع ذكره فيها قولان . وأجلت الرتقاء للدواء بالاجتهاد ، ولا تجبر عليه إن كان خلقة ، وجس على ثوب منكر الجب ونحوه ،
---------------------------------
ص:"ولها فراقه بعد الرضا بلا أجل" ش: هذا قول ابن القاسم في العتبية والموازية إلا أنه قال في الموازية: وليس لها أن تفارق دون السلطان وفي قول العتبية لها أن تطلق نفسها وإن لم ترفع إلى السلطان قاله في التوضيح ص: "والصداق بعدها" ش: أما قبل انقضاء الأجل إذا لم يطل مقامه معها فلها نصف الصداق قاله في المدونة ونقله في التوضيح ص: "وجس على ثوب منكر الجب ونحوه" ش: نحو الجب الخصا والعنة فهذه الثلاث قال ابن عرفة إذا ثبت أحدها بإقراره لزمه.
قلت: إن كان بالغا وإلا فكمنكر دعوى زوجته عليه انتهى. يعني أنه بمنزلة المنكر والجس بظاهر اليد قاله ابن عرفة قال ابن عبد السلام فإن قلت: قد نص بعضهم على ما لا يجوز النظر إليه لا يجوز لمسه ولو من فوق الثوب وهذا يدل على أنهما متساويان في المنع فإذا دعت الضرورة إلى واحد وجب إلحاق الآخر به للمساواة ويترجح النظر لأن حصول العلم للمشهود به أقوى.
قلت: هما متساويان في المنع فقط ولا شك أن الإدراك بالبصر أقوى مع أن اللمس كان في حصول العلم فوجب الاقتصار عليه انتهى. باختصار وقال ابن عرفة: المراد بالجس بظاهر

(5/155)


وصدق في الاعتراض: كالمرأة في دائها أو وجود حال العقد،
------------------------------------
اليد وأصله أقرب للإباحة من النظر.أبو عمر أجمعوا على مس الرجل فرج حليلته وفي نظره إليه خلاف ما تقدم انتهى. وأما الجذام والبرص في الرجل فقال ابن عرفة في المتيطي يعرف بالرؤية ما لم يكن في العورة فيصدق الرجل فيهما وحكى بعض الموثقين عن بعض شيوخه نظر الرجل إليه كالنساء إلى المرأة انتهى. وقال في مختصر المتيطية أما الجنون فإن ذلك لا يخفى على جيرانه وأهل مكانه انتهى. ص: "وصدق في الاعتراض" ش: واختلف بعد التصديق هل عليه يمين أو لا قال ابن عرفة والاعتراض إن أقر به فواضح وإن أنكر دعوى زوجته صدق المتيطي عن المدونة بيمين وكذا نقله ابن محرز واللخمي ونحوه لمحمد عن ابن القاسم ونحوه عن مالك وقاله ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ وابن حبيب انتهى. ثم نقل خمسة أقوال أخر.
تنبيه: قال في المتيطية ولو نكل قبل الأجل ثم أتى الأجل فادعى أنه أصاب كان له أن يحلف وليس نكوله والحكم عليه قبل الأجل بشيء كذلك رواه ابن المواز انتهى.
فرع: قال في النوادر قال أصبغ في امرأة المقعد تدعي أنه لم يمسها وأنها تمكنه من نفسها فيضعف عنها وقال هو تدفعني عن نفسها فهي مصدقة مع يمينها ولا يعجل بفراقه إلا بعد سنة كالمعترض ولو جعل الإمام بقربه امرأتين وإن سمعتا امتناعا منها أمر بها فربطت وشدت وزجرها وأمرها أن تلين له فذلك عندي حسن انتهى. ص: "كالمرأة في دائها" ش: ابن عرفة ولو أنكرت دعواه عيبها فما كان ظاهرا كالجذام والبرص يدعيه بوجهها وكفيها أثبت ذلك بالرجال وما بسائر بدنها غير الفرج بالنساء وما بالفرج في تصديقها وعدم نظر النساء إليه وإثباته بنظرهن إليه قولان الأول: لابن القاسم قال بعض الأندلسيين وهو مذهب مالك وجميع أصحابه إلا سحنون انتهى. ثم قال وعلى الأول يعني القول بتصديقها قال ابن الهندي وتحلف وقاله الشيخ أبو إبراهيم ولها رد اليمين على الزوج قال ورأيت من مضى يفتي به انتهى. ونقله في التوضيح ص: "أو وجوده حال العقد" ش: اختصر المؤلف هذه المسألة:

(5/156)


أو بكارتها وحلفت هي، أوأبوها إن كانت سفيهة، ولا ينظرها النساء،
---------------------------
وملخص ما في البيان فيمن زوج ابنته على أنها صحيحة فجذمت بعد سنة ونحوها فقال الأب تجذمت بعد النكاح وقال الزوج قبله لا يخلو لأنه إما أن يتداعيا بعد البناء أو قبله فإن كان بعد البناء فعلى الزوج البينة والأب مصدق في ذلك ابن رشد ولا بد من يمينه وينبغي كونها على العلم لأنه مما يخفى وإن كان ظاهرا الآن لإمكان كونه يوم العقد خفيا لأنه يزيد إلا أن يشهد أن مثله لا يكون يوم العقد إلا ظاهرا فيحلف على البت فإن نكل الأب حلف الزوج فكان له الرد قبل العلم في الوجهين وقيل على نحو ما وجب على الأب هذا مشهور المذهب وإن كان التداعي قبل البناء فالقول قول الزوج مع يمينه وعلى الأب البينة انتهى. ملخصا من كلام ابن عرفة والله أعلم. ص: "أو بكارتها وحلفت" ش: هذا إنما ذكره أهل المذهب على القول أنها ترد بشرط البكارة ولا يبعد أن يجيء مثله فيما إذا شرط أنها عذراء والله أعلم.

(5/157)


وإن أتى بامرأتين تشهدان له قبلتا ، وإن علم الأب بثيوبتها بلا وطء وكتم ، فللزوج الرد على الأصح ، ومع الرد قبل البناء فلا صداق
----------------------------
ص:"وإن أتى بامرأتين" ش: هذا واضح لأنه يؤول إلى المال بخلاف ما لو أتت امرأة المعترض بامرأتين تشهدان بأنها بكر لم يقبلا لأنه يؤول إلى الفراق قاله ابن عرفة والمصنف في التوضيح وابن عبد السلام ص: "وإن علم الأب بثيوبتها بلا وطء" ش: لا معارضة بين هذا الكلام وبين ما قدمه لأن ذلك مع عدم علم الأب وهذا مع علمه ولهذا قال:"وإن علم الأب" والله أعلم. وقوله بلا وطء فالوطء أحرى وأحرى إن كان بزواج ويبقى ملخص المسألة: أنه إن شرط الزوج أنها عذراء فله الرد إذا وجدها قد أزيلت عذرتها قولا واحدا سواء أزيلت بوطء أو بغير وطء وإن شرط أنها بكر فإن أزيلت البكارة بزواج ردت بلا كرم وإن أزيلت بزنا أو بغير وطء فلا يخلو إما أن يكون الأب عالما أو لا فإن لم يكن عالما ففيه التردد وإن كان عالما فيلزمه إعلام الزوج فإن لم يعلمه ففي الرد قولان الأصح أن له الرد والله أعلم. وانظر هذا الكلام مع قوله فيما يأتي"وللولي كتم العمى ونحوه وعليه كتم الخنا" وانظر كلام أبي الحسن وابن رشد على ذلك ص: "ومع الرد قبل البناء فلا صداق" ش: يعني إذا علم أحد الزوجين إن بالآخر عيبا ورده بذلك العيب قبل المسيس فلا صداق للمرأة على الرجل سواء كان هو الراد أو هي الرادة أما إن كان هو الراد فلا خلاف فيه إلا أن ابن عبد السلام قال فيما إذا زوج البكر أبوها أو من يعلم أنه عالم بعيبها قد يقال يجب لها على الزوج نصف

(5/158)


كغرور بحرية، وبعده فمع عيبه المسمى، ومعها رجع بجميعه،
------------------------------
الصداق ويرجع به على وليها وفيه نظر انتهى. وأما إن كانت هي الرادة فالذي تقدم هو أحد القولين وهو ظاهر المذهب وقيل لها نصف الصداق وهو ظاهر المذهب والله أعلم. ص: "كغرور بحرية" ش: لا شك أنه يشمل أربع صور الأولى والثانية تزويج الحر الأمة والحرة العبد من غير تبيين فأحرى إذا شرط أنها حرة أو شرطت هي أنه حر نص عليهما في النوادر وفي المدونة على إحداهما الثالث والرابعة إذا غر العبد الأمة بالحرية أو غرت الأمة العبد بالحرية كما تقدم وهما مفهومان من عموم كلام الشارح وغيره والله أعلم. ص: "وبعده فمع عيبه المسمى" ش: سواء كان عيبه أحد العيوب الأربعة أو غيرها إن شرط السلامة منه قاله ابن عبد السلام عند قول ابن الحاجب الغرور وكذلك إن غر العبد الحرة بالحرية لها المسمى إن كان أذن له السيد في التزويج ابتداء أو أجازه لما أن علم به قال في النوادر ومن أذن لعبد في النكاح فنكح حرة ولم يخبرها وأجازه السيد فلها أن تفسخه ولها المسمى إن بنى ولا قول للسيد فيه لأنه أجازه وإن لم يبن فلا شيء لها انتهى. من باب نكاح العبد والأمة بغير إذن السيد وقال في باب المغرورة بالعبد إن غر عبد حرة بأنه حر فتزوجها بغير علم سيده ثم علم فأجاز فلها الخيار فإن فارقت قبل البناء فلا شيء لها وإن بنى فلها الصداق وإن لم يقل لها إني حر ولا عبد فلهما الخيار أبدا وهو غار حتى يخبرها أنه عبد انتهى. وأما العبد يغر الأمة فلم أر من قال إن لها المسمى إلا أنه لازم لما تقدم من أن الخيار له إذا غرها والله أعلم. وانظر لو غر رجل غير الزوج الحرة أو الأمة وقال لها تزوجي هذا فإنه حر فلم أر من نص عليها والظاهر أنه لا رجوع لها عليه لأنه غرور بالقول كما سيأتي في قول المصنف"وعلى غار غير ولي"ص: "ومعها رجع بجميعه لا بقيمة الولد على ولي لم يغب كابن وأخ ولا شيء عليها" ش: يعني وأما لو اختار بعد البناء حالة كون العيب معها وكذلك إذا غره الولي بالحرية لها جميع الصداق ويرجع به الزوج على الولي وسواء كان الزوج حرا أو عبدا أما الحر فقال ابن فرحون في شرح قول ابن الحاجب إذا غر الولي الزوج بأنها حرة فظهرت أنها أمة ولم يتبين له ذلك إلا بعد الدخول والولادة فإنه يرجع على الولي بجميع الصداق وهو المشهور ثم قال ولا يرجع على الولي بقيمة الولد لأن الولي لم يغر إلا في النكاح انتهى. وأما العبد ففي النوادر في باب

(5/159)


لا قيمة الولد على ولي لم يغب كابن وأخ ، ولا شيء عليها ، وعليه وعليها إن زوجها بحضورها كاتمين ، ثم الولي عليها إن أخذه منه لا العكس
----------------------------
الغارة: وإن غرت أمة عبد بأنها حرة فسيدها يسترق ولدها ويرجع العبد على غره بالمهر ثم لا يرجع على من غره عليها وإن لم يغره أحد رجع عليها بالفضل من صداق مثلها انتهى. وقول المؤلف "لم يغب" هذا راجع إلى غرور المرأة بالعيب وسواء كانت المرأة بكرا أو ثيبا كان العيب ظاهرا أو خفيا قاله في التوضيح وغيره ومفهوم قوله"لم يغب" أنه لو غاب لم يرجع عليه بشيء وهو كذلك ومفهوم معنى هذه الصورة أن يغيب الولي غيبة طويلة ثم يقدم من غيبته فيعقد نكاح وليته كذا صوره أبو الحسن الصغير وقال في التوضيح إذا غاب الولي بحيث يظن خفاء ذلك عليه فلابن القاسم وابن وهب وابن حبيب ورواه ابن عبد الحكم عن مالك أنه يسقط عنه الغرم ويرجع على الزوجة ويترك لها ربع دينار ابن القاسم بعد يمينه على جهله بذلك انتهى. بالمعنى وشهر هذا القول في الشامل.
فرع: وإن زوجها الأخ وهي بكر بإذن الأب فالغرم على الأب وإن كانت ثيبا فعلى الأخ قاله في النوادر ونقله ابن فرحون وابن عرفة.
فرع: قال ابن عرفة الصقلي عن محمد حيث يجب غرم الولي إن كان بعض المهر مؤجلا لم يغرمه للزوج إلا بعد غرمه قلت: هذا بين إن لم يخش: فلسا انتهى. وقوله ولا شيء عليها ظاهره وإن أعدم الولي قال في التوضيح وهذا قول مالك وابن القاسم.
فرع: فإن مات ولا شيء له فلا يرجع عليها عن ابن القاسم وسواء كانت بكرا أو ثيبا قاله في النوادر والله أعلم. ص: "وعليه أو عليها" ش:.
فرع: فإذا قلنا يرجع عليها فوجدها قد اشترت به جهازا فله عليها قيمته لأنها متعدية قال اللخمي وإذا ردت الزوجة بعيب جنون أو جذام أو برص والصداق عين ضمنته وإن هلك

(5/160)


وعليها في : كابن العم، إلا ربع دينار ، فإن علم فكالقريب ، وخلفه إن ادعى علمه : كاتهامه على المختار ، فإن نكل حلف أنه غره ورجع عليه ، فإن نكل رجع على الزوجة على المختار ، وعلى غار غير ولي تولي العقد ، إلا أن يخبر أنه غير ولي.
------------------------------
ببينة أو اشترت به جهازها كانت في حكم المتعدية فإن أحب الزوج أخذ نصفه أو ضمنها ما قبضت انتهى. ونقله المصنف في التوضيح عند قول ابن الحاجب في فصل الصداق وكذا ما اشترته منه أو من غيره من جهاز مثلها والله أعلم. وانظر ابن عرفة فيما إذا كان الولي القريب عديما والله أعلم. ص: "وعليها في كابن العم الأربع دينار" ش: دخل تحت الكاف العم والرجل من العشيرة أو من الموالي أو السلطان قاله في التوضيح ص: "فإن علم فكالقريب" ش: أي فإن علم البعيد سواء كان عما أو ابن عم أو مولى أو من العشيرة أو سلطانا نص عليه اللخمي قال في النوادر وهذا إن أقر أو قامت بينة عليه انتهى. ص: "وحلفه إن ادعى علمه" ش: فإن حلف فلا رجوع له على واحد منهما من الولي أو الزوجة قاله ابن عرفة ص: "فإن نكل رجع على الزوجة على المختار" ش: ظاهر كلامه أنه إذا نكل الولي ثم نكل أيضا الزوج يرجع على الزوجة على المختار وليس كذلك بل لم يذكر اللخمي فيها إلا أنه لا شيء على الولي ولا على الزوجة والله أعلم. ص: "وعلى غار غير ولي تولي العقد إلا أن يخبر أنه غير ولي" ش: غروره بأن يقول إنها حرة أو سالمة من العيب قاله ابن

(5/161)


لا إن لم يتوله ، وولد المغرور الحر فقط حر ، وعليه الأقل من المسمى وصداق المثل ،
---------------------------------
عبد السلام قال في التوضيح وينبغي أن يؤدب ويتأكد أدبه على المنصوص من عدم الغرامة انتهى. وإذا قلنا يرجع عليه فلا يرجع بقيمة الولد قاله في المدونة وقول المصنف إنه يرجع على الغار إذا تولى العقد ولم يجبر أنه غير ولي قيده في المدونة بما إذا علم هذا الغار أنها أمة وأما إن لم يعلم فلا رجوع وإن أخبره أنه غيره ولي فلا رجوع مطلقا علم أو لم يعلم وكذلك إن لم يتول العقد علم أو لم يعلم قاله في المدونة وليس هذا مخالفا لما تقدم نقله من أنه إذا قال أجنبي أنا أضمن لك أنها غير سوداء لا يضمن الصداق لأن هذا صرح فيه بلفظ الضمان والله أعلم. ص: "وولد المغرور الحر فقط حر" ش: هو ظاهر التصور قالوا لأنه دخل على أن ولده حر فيوفي له ثم يعاوض السيد عنهم بقيمتهم أو أمثالهم كما ذكر في باب الاستلحاق ص: "وعليه الأقل من المسمى وصداق المثل" ش: هذا في الحر إذا غرته الأمة بنفسها هكذا يفهم من التوضيح وأما العبد فالمنصوص فيه إذا غرته الأمة يرجع عليها بالفضل على مهر مثلها كما تقدم عن النوادر ونقله ابن يونس وابن عرفة وغيرهما وما ذكر من أن الحر إذا غرته الأمة بنفسها أن عليه الأقل من المسمى وصداق المثل هذا إذا اختار فراقها وأما لو اختار إمساكها فلها المسمى قاله في المدونة فنقل المصنف له في التوضيح عن الجواهر كأنه لم يره في المدونة والله أعلم. وأما إذا أمسكها فيستبرئها ليفرق بين الماءين لأن الماء الذي قبل الإجازة الولد فيه حر والذي بعدها الولد فيه رق قاله أبو الحسن الصغير ولا فرق في جميع ما تقدم من الخلاف في الصداق وغيره بين أن تكون الأمة الغارة قنا أو أم ولد أو مدبرة أو معتقة لأجل قاله الرجراجي وكذلك المكاتبة فيما يظهر والله أعلم. وهذا إذا أذن لها السيد أن تستخلف رجلا على نكاحها قاله في المدونة قال بعض الشيوخ يريد أذن لها أن تستخلف رجلا بعينه ولو أذن لها أن تستخلف من شاءت فاستخلفت فسخ النكاح قال أبو الحسن وهذا مشكل إذ لا فرق بين أن يعين لها أو لا يعين ألا ترى أنها لو كانت وصية لها أن تستخلف من شاءت

(5/162)


وقيمة الولد دون ماله
---------------------------------
انتهى واعلم أنه لا يخلو نكاح الأمة الغارة من ثلاثة أوجه الأول: أن يكون السيد أذن لها في النكاح والاستخلاف وإنما غرته بالحرية فهذا يصح مقامه عليها بالمسمى الثاني: أن يتزوجها على أنها حرة ولم يكن السيد أذن فيه ولا في الاستخلاف وهذا يفسخ على المعروف أبدا الثالث: أن يكون أذن في النكاح ولم يأذن في الاستخلاف وهو كالذي قبله في تحتم الفسخ انتهى. باختصار من شرح الرسالة للشيخ أحمد زروق وأصله للقلشاني فانظره وانظر ابن عرفة أيضا.
تنبيه: قال أبو الحسن: إن الكلام المتقدم فيما إذا اختار فراقها أن عليه الأقل من المسمى وصداق المثل وإن اختار إمساكها فلها المسمى انظر كيف جعل له الخيار في الفراق وفي الإقامة عليها ولم يشترط خوف العنت ولا عدم الطول ولكنه قد يقال إنما تكلم هنا على الوقوع وقد حصل بوجه جائز وحكم الابتداء عنده بخلافه أو يقال إنما تعرض هنا لأحكام باب آخر وهو الغرور وأما نكاح الإماء فقد تقدم انتهى. ص: "وقيمة الولد" ش: والقيمة لازمة للزوج أمسك أو فارق قاله في المدونة.
فرع: والمنصوص في مختصر الواضحة أنه إذا زوج السيد أمته على أنها ابنته أو ابنة عمه فدخل الزوج وأولدها فعليه قيمة أولاده وهم أحرار ونقله ابن عرفة فقال ولو غر سيد أمة من زوجها منه على أنها ابنته ففي غرم الزوج قيمة ولده منها نقل اللخمي عن ابن حبيب مع قول ابن الماجشون على من أولد أم ولد ابتاعها من سيدها قيمة ولده منها وتخريجه على قول مطرف لا قيمة عليه انتهى.
فرع: قال ابن يونس ومن اشترى جارية من رجل وهو يعلم أنها ليست له فوطئها فهو زان وعليه الحد وولده رقيق لسيد أمهم بخلاف أن لو زوجته الأمة نفسها وأخبرته أنها حرة وهو يعلم أنها كاذبة فيطؤها بعد العلم فلا يكون على هذا حد ويلحق به نسب ولده وهم وأمهم رقيق لسيدهم ويفسخ نكاحه انتهى. من النكاح الأول وقال في مختصر الواضحة فيمن زوج ابنته فبعث إلى الزوج بأمة فوطئها الزوج ثم ظهر على ذلك فإن الأمة تلزم الزوج بالقيمة ولا حد عليه وعلى سيد الأمة العقوبة ونكاح الابنة ثابت وعلى الأمة الحد إلا أن تدعي أنها ظنت أن سيدها زوجها وقال فضل وماله لا يسقط عنه الحد حين كان سيدها أخرجها ويكون هذا من جنس الإكراه انتهى باختصار
فرع: فلو أقر الزوج أنه عالم أنها أمة وقد فشا وعرف أنها غرته بأنها حرة فلا يصدق

(5/163)


يوم الحكم ، إلا لكجده ، ولا ولاء له ، وعلى الغرر في أم الولد والمدبرة ، وسقطت بموته ،
---------------------------
الأب على ما يدفع عن نفسه من غرم قيمة ولده ولا يقبل قوله فيما يريد إرقاقهم وإن صدقه السيد على ذلك انتهى. من الرجراجي وهو في النوادر وابن يونس ونص النوادر ومن العتبية قال أصبغ ولو أقر الزوج الآن أنه نكحها عالما بأنها أمة وقد فشا أنها غرته من الحرية والسماع على ذلك أو الشك فلا يصدق إلا على ما يدفع عن نفسه من غرم قيمة ولده ويريد من إرقاقهم انتهى. ص: "يوم الحكم" ش: هذا إذا وقع التنازع فيه بعد الولادة وأما لو وقع التنازع فيه وهو حمل فإن القيمة يوم الولادة قاله ابن الحاجب وغيره والله أعلم. ص: "إلا لكجده ولا ولاء له" ش: قال سحنون إذا غرت أمة الابن والده فتزوجها على أنها حرة فإن الأب يغرم قيمتها بمنزلة ما لو وطئها بملك اليمين وتكون أم ولد للأب وليس للابن أخذها ولا شيء على الأب من القيمة والتزويج فيها ليس بتزويج نقله ابن عبد السلام ونقله ابن عرفة عن الشيخ في المجموعة قال عنه ولا قيمة عليه للولد ولا مهر مثل ولا مسمى ونكاحه لغو وذلك كوطئه إياها يظن أنها له أو عمدا انتهى. ثم قال ابن عبد السلام عن سحنون وأما الابن إذا غرته أمة والده فهو مثل الأجنبي يكون لها صداق مثلها ويأخذها الأب ولا قيمة عليه في الولد قال ابن عبد السلام وهذا كله صحيح انتهى. وقول المصنف"ولا ولاء" لأنه حر بالأصالة لا بإعتاقه ابن يونس قال ابن المواز يكون ولاؤهم لأبيهم انتهى. من التوضيح ثم قال أما لو زوج الأب أمته لابنه لكان ولاء الأولاد الكائنين من الأمة لجدهم لأنهم عليه عتقوا ص: "وسقط بموته" ش: أي وسقطت القيمة بموت الولد في الأمة القن وأم الولد والمدبرة يريد قبل الحكم أما في القن وأم الولد فنص عليه في التوضيح وابن عبد السلام وأما في المدبرة فالظاهر أن الحكم كذلك وكذلك في المكاتبة والمعتقة إلى أجل لأن القيمة إنما تجب على المشهور يوم الحكم وأما لو مات السيد ففي القن ورثته بمنزلته وفي أم الولد أو المعتقة إلى أجل تسقط القيمة نص على الأول فقط اللخمي وأما في المدبرة فقال اللخمي: إن حمل الثلث

(5/164)


والأقل من قيمته أو ديته إن قتل، أو من غرته، أو ما نقصها إن ألقته ميتا:
-----------------------------
قيمته وقيمتها فلا شيء على الأب وإن كان عليه دين يرقها كانت القيمة قيمة عبد لا عتق فيه وإن لم يخلف مالا سواهما ولا دين عليه كانت على الأب قيمة ثلثيه وتسقط قيمة الثلث انتهى. وأما في المكاتبة فينتقل الحكم الآتي إلى ورثته ولم يذكر المؤلف الحكم في ولد المعتقة إلى أجل والحكم فيه على المشهور الذي هو مذهب المدونة أن تكون قيمته على رجاء العتق إن حيي إلى انقضاء الأجل وخوف الرق إن مات قبل انقضائه قاله اللخمي وغيره وانظر حكم المعتق بعضها والله أعلم. ص: "والأقل من قيمته أو ديته إن قتل" ش: هذا الحكم عام في ولد الأمة القن وولد أم الولد وولد المدبرة نص على ذلك المصنف في التوضيح وابن عبد السلام وغيرهما ولا يبعد أن يجري ذلك في ولد المعتقة إلى أجل والمكاتبة والله أعلم. والقيمة هنا على أنه عبد في الجميع قاله في التوضيح وحكى في ولد أم الولد قولا بأنه يقوم على ما فيه من الرجاء والخوف ونقل عن عبد الحميد أنه يجري مثل ذلك في ولد أم الولد ونصه وإذا فرعنا على مذهب المدونة فقتل هذا الولد يعني ولد أم الولد قبل الحكم فيه فهل تجب قيمته لسيد أمه على أنه رقيق لأن الترقب قد فقد عياض وإليه ذهب معظم الشيوخ أو قيمته على ما فيه من الرجاء والخوف وإليه ذهب ابن أبي زيد في المختصر واستشكله أبو عمران وصوبه غيره ثم قال في الكلام على ولد المدبرة عبد الحميد فإن قتل ولد المدبرة جرى فيه من الخلاف ما في ولد أم الولد انتهى.
فرع: قال في التوضيح والقيمة إنما تجب فيهم إذا قتلوا يوم القتل انتهى.
فرع: منه أيضا لو استهلك الأب الدية ثم أعدم لم يكن للسيد رجوع على القاتل بشيء لأنه إنما دفعها بحكم انتهى.
فرع: قال في التوضيح وغيره ولو هرب القاتل أو اقتص منه في العمد لم يكن على الأب شيء وذكر فيه أيضا أنه اختلف إذا عفا الأب هل يتبع المستحق الجاني أو لا شيء له على قولين وكذلك لو مات الولد وله مال كثير لاختص به الأب والحكم إذا عفا الأب وكذلك لا شيء للمستحق عليه قاله أبو الحسن في باب الاستحقاق

(5/165)


كجرحه ، ولعدمه تؤخذ من الابن ،
--------------------------
فرع: قال ابن عرفة الشيخ عن الموازية لو قتل خطأ اقتص الأب عن سائر ورثته من أول النجوم بقدر قيمته وورث مع سائر الورثة ما بقي انتهى. ص: "كجرحه" ش: قال القاضي عياض في كتاب الاستحقاق من التنبيهات: ومسألة: الجارية تستحق وقد أولدها مشتريها فقطع رجل يد الولد خطأ وقيمته أكثر من ألف دينار فأخذ الأب دية ولده قال يغرم الوالد قيمة الولد أقطع اليد يوم الحكم فيه ويقال ما قيمته صحيحا وقيمته أقطع يوم جنى عليه فينظركم بينهما فإن كان بين ذلك قدر ما أخذ الأب من دية الولد غرمها وإن كان أقل غرم ذلك كان الفضل للأب وإن كان أكثر لم يكن على الأب إلا ما أخذ واختصار هذه المسألة: أن على الأب قيمته مقطوع اليد يوم الحكم والأقل مما أخذ من دية ولده أو مما نقصه القطع من قيمته يوم الجناية وبيانه أنه يقوم ثلاث تقويمات قيمة اليوم أقطع اليد وقيمته يوم الجناية سليما وقيمته حينئذ أقطع فيضاف ما بين القيمتين إلى قيمة يوم القطع فيأخذها السيد إلا أن يكون ما بين القيمتين أكثر من دية اليد التي أخذ الأب فلا يزاد عليها ولو كان القطع يوم الاستحقاق أو لم تختلف القيمة من يوم القطع إلى يوم الاستحقاق والحكم لقيل له ادفع الأقل من قيمته سليما الآن قبل قطعه ومن قيمته مقطوعا مع ما أخذت في ديته ولا يحتاج هنا إلى قيمتين سليما ومقطوعا فإن كان قيمته سليما أقل لم يلزمه سواها وكان ما فضل من الدية للأب وإن كانت القيمة أكثر من ذلك كله لم يلزمه إلا قيمته مقطوعا أو ديته انتهى. كلامه بلفظه ونقله أبو الحسن وقوله يقومه ثلاث تقويمات قيمة اليوم أقطع اليد وقيمته يوم الجناية سليما وقيمته حينئذ أقطع يعني إنه يقوم يوم الحكم أقطع اليد ويقوم أيضا يوم جنى عليه على أنه سالم من قطع اليد وعلى أنه مقطوع اليد والله أعلم.
تنبيه: قال في المدونة وإن كان ما بين القيمتين أقل من دية اليد كان ما فضل من الدية للأب ابن يونس وعبد الحق يريد يلي النظر فيه لولده الصغير انتهى. من كتاب الاستحقاق ونحوه للقاضي عياض في التنبيهات: إثر كلامه السابق والله أعلم. ص: "ولعدمه تؤخذ من الابن" ش: يريد ولا يرجع الابن بها على الأب إن أيسر قاله ابن عبد السلام فإن كانا عديمين فقال ابن عرفة وفيها إن كانا عديمين غرمها أو لهما يسارا ولا رجوع لمن غرمها على الآخر وموته عديما كحياته كذلك انتهى. وإن كانا مليين فقال في التوضيح لا إشكال أن القيمة تؤخذ من الأب ولا يرجع بها الأب على الولد انتهى. وإن كان الولد عديما والأب موسرا القيمة على الأب ولا يرجع على الولد بشيء لأنه إذا كانا مليين كان الحكم كذلك فأحرى مع عدم الابن والله أعلم.
فرع: قال ابن عبد السلام عن المدونة ولا تؤخذ من الابن قيمة الأم في ملاء الأب أو عدمه انتهى.

(5/166)


ولا يؤخذ من ولد من الأولاد إلا قسطه ، ووقفت قيمة ولد المكاتبة ؛ فإن ادعت رجعت إلى الأب ، وقبل قول الزوج أنه غر ، ولو طلقها أو ماتا ثم اطلع على موجب خيار ؛ فكالعدم . وللولي كتم العمى ونحوه ، وعليه كتم الخنا،
-----------------------
فرع: قال ابن عرفة فلو فلس الأب لحاص المستحق بقيمة الولد غرماء أبيه انتهى. والله أعلم. ص: "وقبل قول الزوج أنه غر" ش: يعني أنه ما تقدم إذا قامت بينة للزوج على الغرور أو صدقه السيد فأما إن تنازعا هو والسيد فيقبل قوله وانظر هل بيمين أم لا؟ لم أر فيه نصا ص: "ولو طلقها أو مات ثم اطلع على موجب خيار فكالعدم" ش: قال ابن عرفة الشيخ روى محمد من ظهر على عيب بامرأته يوجب ردها بعد طلاقها لا يرجع بشيء من مهرها ولو كان قبل البناء ويغرمه إن لم يكن دفعه وإن مات أحدهما قبل الفراق وعلم العيب توارثا وثبت المهر انتهى. ص: "وللولي كتم العمى ونحوه" ش: قال أبو الحسن قال عبد الحق في الأمهات أيخبر الولي بعيوب المرأة الزوج أما ما لا ترد به فلا يفعل ولا يجوز ولا ينبغي وقد قاله مالك قال الشيخ أبو الحسن في البيوع: إنه لا يجوز للبائع أن يكتم من أمر سلعته شيئا لو ذكره لكرهه المبتاع ولو كان أمرا لو ذكره لنقص من الثمن فهو عيب يوجب الرد وقال في النكاح لا يذكر إلا ما للزوج أن يرد به ونحن نعلم أن الزوج ولو ذكر له ما لا يجب الرد به من عمى أو عور أو سواد أو شلل وما أشبه ذلك لكرهه ولم يعقد فجعلوا أنه لما لم يكن له رده بهذه الأشياء لم يجب بيانها له مع علمنا أنه لو ذكرت له لكرهها ولحط من الصداق ولو رضي به صح من الاستلحاق وقال ابن رشد في النكاح الأول من البيان: ولفرق بين النكاح والبيع أن البيع طريقه المكايسة والنكاح طريقه المكارمة وليس الصداق فيه ثمنا للمرأة ولا

(5/167)


والأصح منع الأجذم من وطء إمائه ، وللعربية رد المولى المنتسب؛ لا العربي إلا القرشية تتزوجه على أنه قرشي .
--------------------------
عوضا من شيء يملكه الولي وإنما هي نحلة من الله عز وجل فرضه للزوجات على أزواجهن انتهى. كلام أبي الحسن والله أعلم. ص: "والأصح منع إلا جذم من وطء إمائه" ش: قال في النوادر وفي كتاب النكاح روى ابن القاسم عن مالك في الأجذم الشديد الجذام قال يحال بينه وبين وطء إمائه إن كان في ذلك إضرار يريد إن طلبن ذلك كما يفرق بينه وبين الحرة للضرر انتهى. ولو قال المصنف"والأظهر أصح" لأن ابن رشد استظهر القول بأنه يمنع من وطء إمائه في آخر سماع عيسى من كتاب السلطان فاعلمه والله أعلم. ص: "وللعربية رد المولى المنتسب لا العربي إلا القرشية تتزوجه على أنه قرشي" ش: نقل ابن عرفة تحصيل ابن رشد في هذه المسألة: وهو أن المرأة إذا وجدت الرجل أفضل مما اشترطت فلا خيار لها وإن وجدته أدنى مما اشترطت وأدنى منها فلها الخيار وإن وجدته أدنى مما اشترطت وهو أرفع منها أو مثلها ففي خيارها قولان قال والقول بالخيار أظهر وإذا وجب خيارها واختارت قبل البناء فلا شيء لها من المسمى وإن لم تعلم ذلك حتى بنى بها واختارت فهي طلقة بائنة ولها المسمى وحكم الرجل كما تقدم يكون له الرد حيث لكون لها الخيار انتهى. ملخصا ابن عرفة وهذه المسألة: في سماع أبي زيد من كتاب النكاح.

(5/168)


فصل وجاز لمن كمل عتقها فراق العبد
--------------------------
فصل ولمن كمل عتقها
يريد أما في دفعة أو أكثر فقد نص في العتبية والموازية فيما إذا تزوجت وهي معتق

(5/168)


ولمن كمل عتقها : فراق العبد فقط بطلقة بائنة ، أو اثنتين ، وسقط صداقها قبل البناء ، والفراق إن قبضه السيد وكان عديما وبعده لها كما لو رضيت وهي مفوضة بما فرضه بعد عتقها
------------------------------
بعضها وكمل عتقها بعد ذلك على أن لها الخيار قاله في التوضيح واحترز بقوله "كمل" ما لو أعتق بعضها أو كوتبت أو دبرت أو عتقت لأجل أو كان زوجها معزولا عنها واستولدها السيد قاله في التوضيح قال ولا يستبعد الاستيلاد لأنه نص في المدونة في غير موضع على أن السيد إذا وطىء أمته المتزوجة وكان الزوج معزولا عنها تكون له أم ولد انتهى. وسواء كانت أجبرت على تزويج العبد أو طلبت أن تتزوج منه قاله في التوضيح.
تنبيه: قال ابن الحاجب وإذا عتق جميعها تحت العبد حيل بينهما وخيرت بخلاف الحر انتهى. وقال ابن عرفة في الأيمان بالطلاق منها إن عتقت تحته حيل بينهما حتى تختار وعدم ذكر أقصرهم حيل بينهما مخل بفائدة معتبرة انتهى. والعلة في التخيير ما قاله ابن عرفة وعلة تخييرها نقص زوجها لعدم حريته اللخمي وقيل لأنها كانت مجبرة على النكاح وانظر بقيته فيه والله أعلم. ص: "فراق العبد بطلقة بائنة أو اثنتين" ش: اعلم أنها إنما تؤمر بواحدة فإن أوقعت اثنتين فقال المصنف هنا مضى وصوب اللخمي عدم مضيه فإن لم تصرح بواحدة أو اثنتين بل طلقت أو قالت اخترت فهي بائنة قاله في التوضيح وقد تقدم هل هي التي توقع الطلاق أو الحاكم والله أعلم. وقوله"فراق العبد" وكذا من فيه شائبة حرية حكمه حكم العبد نص عليه اللخمي وظاهر كلام البساطي خلاف ذلك فانظره ص: "والفراق إن قبضه السيد أو كان عديما" ش: أي وسقط الفراق والمعنى أن العتق ماض وخيارها ساقط هكذا نقله في مختصر المتيطية وقاله في معين الحكام ونصه فبقاؤها حرة تحت عبد خير من رجوعها أمة والله أعلم. ص: "كما لو رضيت وهي مفوضة بما فرضه بعد عتقها" ش: يريد وقد أعتقت قبل البناء وبعد الفرض كما فرض المسألة: ابن الحاجب وغيره وأما لو دخل الزوج بها قبل أن يفرض لها وقبل العتق ثم أعتقها السيد أو أعتقها بعد الدخول والفرض فلا شك أن صداق مثلها واجب لها وحكمه كما لها فيكون لها إلا أن يشترطه السيد وهذا ظاهر ولم

(5/169)


لها إلا أن يأخذه السيد أو يشترطه، وصدقت إن لم يمكنه أنها ما رضيت وإن بعد سنة إلا أن تسقطه أو تمكنه ، ولو جهلت الحكم لا العتق ،
------------------------------
يحضرني الآن من صرح به والله أعلم. ص: "إلا أن يأخذ السيد" ش: قال في التوضيح وينبغي أن يقيد بما إذا كان قبضا على سبيل الانتزاع وهو الذي يدل عليه لفظ المدونة انتهى. وهذا التقييد يأتي على كلام ابن الحاجب حيث قال قبضه وأما قول المصنف "يأخذه" فإنه يدل على ذلك ولا يحتاج والله أعلم. ص: "وصدقت إن لم تمكنه" ش: مذهب المدونة أنها تصدق بل يمين قاله في التوضيح ثم قال تبعا لابن عبد السلام وفي العتبية تحلف قال ابن عرفة إنه لم يجده في العتبية والله أعلم. ص: "وإن بعد سنة" ش: سواء أوقعها الحاكم أو الزوج وهو خطأ من الحاكم إن فعله أو لم يوقفها أحد قاله ابن عبد السلام ص: "أو تمكنه" ش: أي يستمتع بها أو تستمتع هي به قال في التوضيح وهو أقوى في الدلالة قال ابن عرفة قال اللخمي القبلة والمباشرة كالإصابة وكذا إذا مكنته ولم يفعل انتهى. ص: "لا العتق" ش: ابن عبد السلام وينبغي أن يعاقب الزوج إذا علم بالعتق والحكم كما قالوا إذا وطىء المملكة والمخيرة وذات الشرط انتهى.
فرع: قال ابن عرفة الشيخ عن محمد لو ادعى وطأها بعد علمها بالعتق وأكذبته فإن

(5/170)


ولها الأكثر من المسمى وصداق المثل، أو يبينها لا برجعي أو عتق قبل الاختيار؛ إلا لتأخير لحيض، وإن تزوجت قبل علمها ودخولها: فاتت بدخول الثاني،
----------------------
ثبتت خلوة صدق مع يمينه وإلا صدقت دون يمين اللخمي إن اتفقا على المسيس وادعت الإكراه وزوجها الطوع صدق مع يمينه انتهى. ص: "ولها أكثر المسمى أو صداق المثل" ش: يعني إذا عتقت قبل البناء ولم نعلم بذلك ودخل بها الزوج فلها الأكثر وظاهر كلامهم سواء علم الزوج أم لا انظر التوضيح وقال ابن عرفة اللخمي إن علمت بعد أن دخل بها أنها عتقت قبل أن يدخل بها فلها الأكثر من المسمى ومهر مثلها على أنها حرة وإن كان العقد فاسدا فمهر مثلها حرة اتفاقا انتهى. ص: "لا برجعي" ش: يريد فلها أن تطلق فيكمل طلاقه نقله ابن عرفة في الكلام على الطلاق هل هو بائن أو رجعي والله أعلم. ص: "أو عتق قبل الاختيار" ش:
فرع: قال ابن عرفة الشيخ روى محمد أن بيع زوجها قبل عتقها بأرض غربة فظنت أن ذلك طلاق ثم عتقت فلم تختر لنفسها حتى عتق زوجها فلا خيار لها ثم قال الشيخ عن محمد إن عتقت وزوجها قريب الغيبة كتب إليه خوف تقدم عتقه فلو اختارت قبل ذلك لزمه ولا حجة لزوجها ولو عتق في عدتها ولو بعدت غيبتها حتى يضرها انتظاره فهي كمن أسلمت وزوجها كافر بعيد الغيبة انتهى. ص: "إلا لتأخير لحيض" ش: فهم منه أنها تؤمر أن تؤخر اختيارها إذا عتقت وهي حائض حتى تطهر ونقل ابن عرفة عن المدونة أن ابن القاسم قال أكره ذلك يعني الاختيار وهي حائض.
فرع: فإن اختارت في الحيض فلا تجبر على الرجعة قاله في التوضيح ص: "وإن تزوجت بعد علمها ودخولها فأتت بدخول الثاني " ش: مفهومه لو علمت لم يفتها الدخول

(5/171)


ولها إن أوقفها تأخير تنظر فيه.
-----------------------------
والظاهر أنه كذلك: وانظر لو علم الزوج الثاني أن الأول عتق قبلها هل يفوت بالدخول أو لا والظاهر أنها لا تفوت كما في مسألة: المرأة يزوجها وليان والله أعلم. ص: "ولها إن وقفها تأخير تنظر فيه" ش: قال ابن عرفة اللخمي أستحسن تأخير ثلاثة أيام والله أعلم.

(5/172)


فصل في أحكام الصداق
الصداق كالثمن:
-----------------------------
فصل
الصداق كالثمن" ش: تصوره من كلام الشارح ظاهر.
فرع: قال ابن سلمون في أوائله ولا بد من بيان السكة إن كان الصداق دنانير أو دراهم فإن سقط ذكرها كان لها السكة الجارية في البلد في تاريخ النكاح فإن اختلفت أخذ من الأغلب فإن تساوت أخذ من جميعها بالسوية كمن تزوج برقيق ولم يصف حمرانا ولا سودانا انتهى. وقال في المتيطية وقولنا"من سكة كذا" هو الصواب قال بعض الموثقين ولو سقط ذكره من العقد واقتصر على قوله كذا وكذا دينارا ولم يسم من أي سكة لكان للزوجة من السكة الجارية عقد الصداق في تاريخه فإن كان يجري في البلد سكتان كان لها من أغلبهما فإن تساوتا في الجري أعطيت النصف من كلا السكتين كمن تزوج برقيق ولم يصف حمرانا ولا سودانا المتيطي وهذا على قول ابن القاسم أجاز ذلك وأما على قول سحنون الذي يقول لا يجوز حتى يسمى الجنس فيكون عليه وسط من ذلك الجنس فإن وقع مجملا فسخ قبل البناء وثبت بعده بصداق المثل فينبغي أيضا على مذهب سحنون هذا لا يجوز حتى يسمى سكة الدنانير التي وقع النكاح بها والله أعلم.

(5/172)


كعبد تختاره هي؛ لا هو. وضمانه وتلفه واستحقاقه وتعييبه أو بعضه: كالبيع ،
----------------------------------
ص:"وضمانه وتلفه واستحقاقه وتعييبه أو بعضه كالمبيع" ش: ذكر رحمه الله خمس مسائل من مسائل الصداق وذكر أن حكمه فيها حكم المبيع فأما ضمانه فذكر أنه كالمبيع فإن كان النكاح صحيحا فينتقل الضمان إلى الزوجة بالعقد وإن كان فاسدا فبالقبض قال في المدونة ومن نكح على عبد آبق أو بعير شارد أو جنين في بطن أمه أو بما في بطن أمته أو بما

(5/173)


وإن وقع بقلة خل فإذا هي خمر؛ فمثله، وجاز: بشورة، أو عدد، من: كإبل، أو رقيق ، أو صداق مثل ولها الوسط حالا. وفي شرط ذكر جنس الرقيق: قولان والإناث منه إن أطلق ولا عهدة، وإلى الدخول إن علم، أو الميسرة إن كان مليا، وعلى هبة العبد لفلان، أو يعتق أباها عنها أو عن
----------------------------------
تلده غنمه أو بثمرة أو زرع لم يبد صلاحهما أو على دار فلان أو على أن يشتريها لهما فسخ النكاح في ذلك كله قبل البناء وثبت بعده ولها صداق المثل وترد ما قبضت من آبق وشارد وغيره وما هلك بيدها ضمنته ولا تضمنه قبل قبضه ويكون من الزوج وما قبضته ثم تغير في

(5/174)


نفسه.ووجب تسليمه إن تعين؛ وإلا فلها منع نفسها
--------------------------
يدها في بدن أو سوق فقد فات وترد قيمة ما يقوم به يوم قبضته وترد مثل ماله إن زالت عينه أو تغيرت انتهى. وقال بعد هذا وكل ما أصدق الرجل امرأته من حيوان أو غيره مما هو بعينه فقبضته أو لم تقبضه فحال سوقه أو نقص في بدنه أو نما أو توالد ثم طلقها قبل البناء فللزوج نصف ما أدرك من هذه الأشياء يوم طلق على ما هو به من نماء أو نقص لا ينظر في هذا إلى قضاء قاض لأن كان في ذلك شريكا لها ألا ترى أن هذه الأشياء لو هلكت بيدها ثم طلقها قبل البناء لم يرجع عليها بشيء ولو هلكت بيده كان له أن يدخل بها ولا صداق عليه ولو نكحها بعرض بعينه فضاع بيده ضمنه إلا أن يعلم ذلك فيكون منها انتهى. وقال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب ووجب تسليمه إن تعين لأنه مضمون منها بنفس العقد فلا معنى لبقائه بيد الزوج انتهى. وسيأتي كلامه عند قول المصنف"ووجب تسليمه" فعلم من هذا أن ضمان الصداق من الزوجة بالعقد إلا أنه إذا كان مما يغاب عليه ولم تقم بينة فإن الزوج يضمنه وهذا معنى قول الشيخ فيما يأتي "وضمانه إن هلك ببينة أو كان مما يغاب عليه منهما وإلا فمن الذي بيده" واعتراض بعض الشراح على المصنف غير ظاهر والكلام الذي ذكره إنما هو حكم النكاح الفاسد فتأمله وأما استحقاق الصداق فلا يخلو إما أن يتزوجها على شيء بعينه أو بشيء مضمون فإن تزوجها بشيء بعينه ثم استحق فإنها ترجع بقيمة الشيء المستحق إن كان مقوما وبمثله إن كان مثليا كما قاله في النكاح الثاني من المدونة وقاله ابن الحاجب وإن كان مضمونا فترجع بمثله وانظر تشبيه المصنف له بالبيع فإنه يقتضي أنها ترجع بصداق المثل وعوض البضع فإذا استحق وجب أن ترجع بقيمته لفواته بالعقد وسيذكر المصنف في باب الاستحقاق أنها ترجع بقيمة المستحق ص: "ووجب تسليمه إن تعين" ش: يعني أن المهر إذا لم يكن مضمونا فإن كان ذاتا مشارا إليها كدار أو عبد أو ثوب بعينه فإنه يجب تسليمه للمرأة بالعقد قاله اللخمي وإن كان الزوجان صغيرين أو كان أحدهما مريضا انتهى. وقال ابن عبد السلام ولا ينتظر بلوغ زوجته أو إطافة زوجته ولا يجوز تأخيره كما لا يجوز بيع معين يتأخر قبضه لأنه مضمون منها بنفس العقد فلا معنى لبقائه بيد الزوج انتهى. كلامه ص: "وإلا فلها منع نفسها وإن

(5/175)


وإن معيبة من الدخول، والوطء بعده، والسفر إلى تسليم ما حل؛
------------------------------
معيبة من الدخول والوطء بعده والسفر إلى تسليم ما حل" ش: أي وإن لم يكن المهر شيئا معينا فلا يجب تسليمه بالعقد ولكن لها منع نفسها حتى يسلم الحال هذا ظاهر كلامه وهو خلاف قول ابن الحاجب ويجب تسليم حاله وما يحل منه بإطاقة الزوجة الوطء وبلوغ الزوج لا بلوغ الوطء على المشهور وقبله ابن عبد السلام قال في التوضيح أي ويجب تسليم حال المهر وما كان مؤجلا منه فحل عند زمن إطاقة الزوجة الوطء وعند بلوغ الزوج الحلم على المشهور ولمالك في كتاب ابن شعبان عند بلوغ القدرة على الوطء انتهى. وقال ابن عرفة وتسليم حال المهر يجب للزوجة بإطاقتها الوطء وبلوغ زوجها وفي كون إطاقته إياه قبل بلوغه كبلوغه روايتا اللخمي مصوبا الثانية انتهى. فعلم أنه يجب على الزوج تسليم المهر الحال بإطاقتها الوطء وبلوغه وقول المصنف"لها منع نفسها" يفيد مسألة أخرى وهي ما إذا قال الزوج لا أدفع المهر حتى أدخل وقالت المرأة لا أمكنه حتى أقبض ما حل فلها منع نفسها وقاله في الجواهر قال في التوضيح وهو ظاهر كلام ابن الحاجب ومقتضى المدونة لقولها وللمرأة منع نفسها الخ حتى تقبض صداقها ولهذا قال ابن الحاجب بعد كلامه المتقدم وللمرأة منع نفسها الخ.
واعلم أن كلام المصنف وإن كان يستلزم وجوب الحال من الصداق أو ما حل منه لكن أول كلامه يدل على عدم وجوبه ففي كلامه ما يشبه التدافع ولو قال المصنف ووجب تسليم معينه بالعقد وحال غيره أو ما حل منه ببلوغ زوج وإطاقتها ووجب تسليمه بالعقد إن تعين وإلا فتسليم ماله أي ما حل منه ببلوغ زوج وإطاقة زوجة ولها منع نفسها وإن معيبة من الدخول حتى تقبضه ومن الوطء بعده والسفر لا بعد الوطء إلا أن يستحق ولو لم يغرها على الأظهر وقوله "ما حل" تقدم في التوضيح أنه شامل لما كان حالا من الأصل ولما كان مؤجلا فحل أما الأول: فلا كلام فيه وأما الثاني ففيه خلاف والذي شهره ابن الحاجب وغيره ورواه اللخمي عن مالك وجوب تسليمه قبل البناء وقيل إنما يجب تسليمه بعد البناء وقيل لا يكلف الزوج دفع الكالئ وإن كان موسرا حتى يكمل أسبوعه بعد بنائه بها وإن كان معسرا اتبعته به قال بعض الموثقين كان رأى أنهما اتفقا حين العقد على بنائه بدفع المعجل فألزمها

(5/176)


لا بعد الوطء إلا أن يستحق، ولو لم يغرها على الأظهر،
-------------------------------
ذلك بعد حلول المؤجل انتهى. وقيل إنما يجب بعد الدخول بقدر اجتهاد الحاكم وعزاه ابن سهل لسحنون قال قد ينقد الرجل عشرة ومهره مائة لو قيل تأخذ له بها ما رضي بسدسها فإنما يكون حلوله إذا رأى الحاكم ذلك ولا يكون قبل الدخول على حال وإن كان في الكتاب مهرها حال لها عليه انتهى. من ابن عرفة بالمعنى وقال بعده وما نقله ابن سهل عن سحنون حجة لأحد قولي شيوخ بلدنا في اختلافهم في تمكين المرأة من طلب مهرها بعد البناء دون موت ولا فراق وقال بعضهم يقضى لها بذلك لكتبهم في الصدقات أنه على الحلول وقال بعضهم لا يقضى لها لاستمرار العادة بعدم طلبه إلا لموت أو فراق فألزم كون أنكحتهم فاسدة فالتزمه وكان شيخنا ابن عبد السلام في أول أمره ولا يقضي به فقضى به بعض ولاته بالجزيرة فشكى له به فأنبه فقال له إنما قضيت به لأن الزوجة وهبته فقبل ذلك منه ثم بعد ذلك كتب لبعض قضاته بالقضاء به مطلقا كدين حل. وكان الشيخ أبو محمد والآجمي مدة قضائه يندب المرأة لعدم طلبه ويقول لها: إذا كانت المرأة لا مهر لها على بعلها زهد فيها ونحو ذلك فإن لم تقبل مكنها من طلبه وهذا إذا كان على الزوج وإن كان على غيره فلا يختلف في تمكينها من طلبه انتهى. وقوله"وإن معيبة" سواء طرأ العيب بعد العقد أو كان قديما ورضي به الزوج وإن كان لا يمكنه الوطء نقله في التوضيح وغيره وكذلك المريضة قال ابن عرفة ابن عبد السلام قول ابن الحاجب المريضة كالصحيحة فيحتمل أن يريد غير التي بلغت حد السياق كما في النفقة ويحتمل أن يريد العموم والفرق بين النفقة والمهر أن النفقة في مقابلة الاستمتاع وهو في البالغة حد السياق متعذر والصداق لا يصلح كون المرض مانعا لأن قصاراه الموت والموت موجب للصداق لا مانع منه

(5/177)


---------------------------
قلت يمنع إرثه نصفه أو ربعه وظاهر متقدم لفظها أن المهر كالنفقة وفيها لابن القاسم المهر في هذه المسائل أوجب من النفقة انتهى. وتأمل قوله قلت: يمنع إرثه بل الذي يمنع الإرث الموت أو ما هو فإنه لم يظهر لي والله أعلم. وقد جزم في التوضيح بالاحتمال الثاني فقال يعني أنه لا يكون الامتناع من دفع الصداق لمرضها ولو بلغت حد السياق انتهى. وهو ظاهر كلام المدونة الذي نقله ابن عرفة عنها لقوله أوجب وهو في آخر النكاح الثاني والله أعلم.
فرع: قال ابن عرفة قال مالك الزوج المريض الذي لا يقدر على جماع كصحيح انتهى. قوله والسفر قال البساطي ولو مكنت من الدخول والوطء بعده فلها منع نفسها من السفر ثم قال فإن قلت: ظاهر كلامه وكلامهم أن السفر كالوطء والدخول أعني لها التعلق به قبل الوطء لا بعده كهما وهو يخالف ما قررت به كلامه.
قلت: نظرت في معنى كلامهم فوجدته يعطي أن لها المنع من السفر وإن دخل ووطىء انتهى. وما قاله يخالف ما قاله ابن عبد السلام ونقله في التوضيح عنه ونصه وأما امتناعها من السفر معه قبل قبض صداقها فإنما يكون لها ذلك قبل الدخول انتهى. فجعل الدخول مسقطا حقها من السفر فأحرى الوطء وقال في أواخر إرخاء الستور من المدونة وللزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت وينفق عليها وإن قالت حتى آخذ صداقي فإن كان بنى بها فلها الخروج وتتبعه به دينا قال ابن يونس يريد في عدمه وأما إن كان موسرا فليس له الخروج بها حتى تأخذ صداقها وقاله أبو عمران انتهى. قال عبد الحق في التهذيب بعد ذكره كلام أبي عمران وقال بعض شيوخنا من أهل بلدنا إن كان يخرج بها إلى بلد تجري فيه الأحكام ويوصل فيه إلى الحقوق فيخرج بها قبل أن يدفع إليها صداقها وإن كان يخرج بها إلى بلد لا تجري فيه الأحكام على ما ذكرنا فلها أن لا تخرج معه حتى يدفع إليها صداقها انتهى.
تنبيه: قال المشذالي في حاشيته قوله في إرخاء الستور من المدونة للزوج أن يظعن بزوجته من بلد إلى آخر معناه الحر لا العبد ولو كانت زوجته أمة ابن رشد للحر ذلك إلا أن يكون غير محسن ولا مأمون عليها وهو معنى ما في المدونة وصرح به أشهب عن مالك ابن رشد في سماع أشهب من النكاح هو محمول على ما يوجب له الخروج بها حتى يعلم خلافه وهو مقتضى ما في ستورها أنه محمول على حسن العشرة انتهى. وفي رسم الجواب من سماع عيسى من طلاق السنة وسألته عن العبد يريد أن يظعن بزوجته الحرة قال ابن القاسم ليس للعبد أن يظعن بزوجته حرة كانت أو أمة إلا أن يكون الشيء القريب الذي لا يخاف عليها فيه ضرورة فأما الأسفار والبلدان والعبد فليس له ذلك أرأيت لو ظعن بها في أرض غربة ثم باعه سيده ممن يظعن به كيف كانت تكون وإن لم تقدر على النهوض والرجوع ولا يحملها

(5/178)


ومن بادر أجبر له الآخر إن بلغ الزوج وأمكن وطؤها وتمهل سنة إن اشترطت لتغربة أو صغر وإلا بطل لا أكثر وللمرض والصغر المانعين من الجماع،
-------------------------------------
سيده معه ويمنعه من ذلك وتبقى تستطعم ولا أعلمه إلى قول مالك ابن رشد قد بين وجه قوله بما لا مزيد عليه وللحر ذلك إلا أن يكون غير محسن إليها ولا مأمون عليها على ما مضى في رسم الطلاق من سماع أشهب من النكاح وهو معنى ما في المدونة وقوله إلى تسليم ما حل قال المصنف في التوضيح وغيره يكره الدخول قبل تقديم ربع دينار انتهى. وكلام البساطي يفهم خلاف ذلك فإنه قال ليس لها أن تمكنه من الدخول قبل أن تقبض ربع دينار انتهى. وقال في رسم استأذن من سماع عيسى من كتاب النكاح وللمرأة أن تمنع نفسها من الزوج حتى يقدم لها ربع دينار ولو لم يكن حالا ولو رضيت له بالدخول بلا شيء فلا أن تمنعه لأن الكراهة في ذلك حق لله فلا تسقط عنه بإذنها وهذا ما لم يدخل بها وإن دخل بها فلا يكره له وطؤها ثانية قبل أن يعطيها ربع دينار ولا لها أنت منعه خلافا لمحمد انتهى. بالمعنى.
تنبيهان: الأول: قال في التوضيح: كره ابن القاسم الدخول بالهدية لأنها ليست من الصداق لأنه لو طلقها لم يكن له فيها شيء قيل له فهل تدخل برهنها بالصداق رهنا قال نعم قيل فهل يجوز أن يتحمل عنه بالصداق ويبني قال أخبرني من أثق به أن بعض أهل العلم أجازه وأحب إلي أن يقدم لها ربع دينار انتهى.
الثاني: تقدم في شرح قول المصنف في الزكاة كحسب على عديم عن أبي الحسن عن بعض الشيوخ أن من له على مليئة ربع دينار أن له أن يحتسب به في مهرها ويتزوجها وقال الشيخ أبو الحسن غير بين لأن الدين إنما تعتبر قيمة إذ هو كالعرض وقيمته دون ذلك فلا يحتسب به عليها في مهرها لأنه يؤدي إلى أن يتزوجها بأقل من النصاب والله أعلم. ص: "إن بلغ الزوج" ش: هذا راجع إلى قوله"لتسليم ما حل" كما تقدم تقريره والله أعلم. ص: "وتمهل سنة إن اشترطت لتغربة أو صغر" ش: يريد بالصغر الصغر الذي يمكن معه الوطء ونقله ابن عرفة عن ابن رشد ونصه وما ذكر أصبغ عن مالك من لزوم الشرط إذا كان لصغر أو ظعون معناه في السنة ونحوها كذا في المدونة ويريد بالصغر الذي يمكن معه الوطء انتهى. ص: "وإلا بطل لا أكثر" ش: قال البساطي لو أخر المؤلف قوله"وإذا بطل" عن قوله"لا أكثر" لكان أحسن انتهى. ولو فعل المؤلف كما قال لفسد معنى المسألة: والله أعلم. ص: "وللمرض والصغر المانعين للجماع" ش: أما الصغر المانع للجماع فلا إشكال أن من طلب التأخير لأجله من الزوج أو من أهل الزوجة أجيب إلى ذلك وقد نص في آخر النكاح الثاني من المدونة على الوجهين

(5/179)


وقد ما يهيئ مثلها أمرها
--------------------------------
جميعا أعني طلب التأخير من الزوج وأهل الزوجة بل قال ابن عرفة إثر كلامه المتقدم في القولة التي قبل هذه ولو كانت في سن من لا توطأ كما إن من حق أهلها منعه البناء بها حتى تطيق الوطء قاله في المدونة انتهى. وأما إمهال الزوجة للمرض إذا طلبته فذكر المصنف أنها تمهل ونحوه لابن الحاجب ولم ينص عليه في المدونة ولا ابن عرفة وإنما نص فيها على أن المريضة مرضا يمنع الجماع إذا دعت الزوج إلى البناء والنفقة لزمه ذلك قال ومن دعته زوجته إلى البناء والنفقة وأحدهما مريض مرضا لا يقدر معه على الجماع لزمه أن ينفق أو يدخل وإذا كانا صحيحين في العقد لم ينظر إلى ما حدث بهما من مرض إلا أن يكون مرضا بلغ حد السياق فلا يلزمه ذلك والصداق أوجب من النفقة في هذه المسائل لأن لها منع نفسها حتى تقبضه ولو تجذمت بعد النكاح حتى لا تجامع معه فدعته إلى البناء قبل دفع الصداق وأنفق ودخل أو طلق ولم اطلع الآن على من نص عليه فتأمله والله أعلم. ص: "وقدر ما يهيئ مثلها أمرها" ش: تصوره ظاهر.
فروع: الأول: قال في النوادر وإذا طلبت المرأة النفقة ولم يبن بها فإن فرغوا من جهازها حتى لم يبق ما يحبسها قيل له ادخل أو أنفق ولو قال الزوج انظروني حتى أفرغ وأجهز بعض ما أريد فذلك له ويؤخر الأيام بقدر ما يرى وهو قول مالك ولا شيء عليه فيما تقدم إلا أن يكون وليها قد خاصم في ذلك ففرض لها السلطان ولا يطلب بالنفقة من لم يبلغ الحلم ولا بالصداق انتهى. وقوله إلا أن يكون وليها قد خاصم الخ هو قول أشهب وهو خلاف قول مالك كما سيأتي في فصل النفقات.
الثاني: إذا غاب وليها وأراد الزوج البناء فإن كان قريبا أعذر إليه في ذلك فإن جاوب بالإياب عن قرب لمثل ما يجهز فله مثل ذلك وإن لم يرجع أو كان بعيدا قضى للزوج بالبناء ولم ينتظر نقله في التوضيح.
الثالث: قال في التوضيح إذا شرط عليها البناء ببلد غير بلد النكاح فعلى الولي حملها إلى بلد البناء ومؤنة الحمل عليه والنفقة إلى وقت البناء إن كانت بكرا وإن كانت ثيبا كان

(5/180)


إلا أن يحلف ليدخلن الليلة لا لحيض وإن لم يجده أجل لإثبات عسره ثلاثة أسابيع،
---------------------------------------
ذلك عليها إلا أن يشترطوا على الزوج فيكون عليه ولو كان على الطوع لكان أحسن انتهى. ص: "إلا أن يحلف ليدخلن الليلة" ش: قال ابن عرفة المشاور إن مطل الأب الزوج بالبناء فحمل ليبنين الليلة بعتق أو طلاق قضى له وسمعت بعض شيوخنا يحكيه لا بقيد المطل ص: "وإن لم يجده أجل لإثبات عسرته" ش: يعني فإن كان الزوج الذي منعته زوجته نفسها حتى يسلم لها الصداق مقرا بالصداق وببقاء النقد عليه وادعى الإعسار وسأل التأجيل وأكذبه أبو الزوجة وزعم أنه من أهل الجدة أجل لإثبات عسره كذا قرره وفي المتيطية.
فرع: قال في التوضيح: واعلم أنه إن كانت الزوجة ثيبا كان الحق لها دون أبيها وإن كانت بكرا فهل للأب ذلك وإن لم تطلبه البنت وعبر ابن فرحون بقوله ولو رضيت البنت بعدم القيام أو ليس له ذلك إلا بتوكيلها له على ذلك الأول: قال المتيطي وغيره ظاهر المدونة وإليه ذهب بعض شيوخنا وقال إنه مقتضى المذهب وذهب إلى الثاني ابن عات وابن رشيق وغيرهما والله أعلم. ص: "ثلاثة أسابيع" ش: قال في المتيطية وكان القضاة بقرطبة يجمعونها مرة ويفرقونها أخرى على حسب ما يبدو لهم فإذا فرقوها جعلوها ثمانية أيام ثم ستة ثم أربعة ثم يتلومون بثلاثة انتهى. ثم قال عقيبه وهذا في غير الأصول وأما التأجيل في الأصول فالذي مضى عليه عمل الحكام ثلاثون يوما يضرب له عشرة أيام ثم عشرة ثم يتلوم له بعشرة أو يجمع ذلك فيضرب له ثلاثين يوما ثم قال بعض الشيوخ وهذا مع حضور بينته في البلد وأما إن كانت غائبة عنه فأكثر من ذلك بحسب اجتهاد الحاكم انتهى. وقال ابن عرفة وإذا وقف الزوج لأداء المهر وطلب طالبه سجنه لأدائه أو جميلا به وادعى العدم فقال المتيطي وابن فتحون المذهب أنه كدين يؤجل لإثبات عدمه أحدا وعشرين يوما قال وليس هذا التحديد بلازم بل هو استحسان لاتفاق قضاة قرطبة وغيرهم عليه وهو موكول لاجتهاد الحاكم ثم نقل بقية كلام المتيطي المتقدم والله أعلم.
فرع: قال في التوضيح: وللمرأة أن تطلبه بحميل بوجهه فإن عجز منه فلها أن تسجنه لأن الصداق دين كسائر الديون انتهى. وتقدم في كلام ابن عرفة عن المتيطي.
فرع: فإذا مضت آجال التلوم ولم يثبت إعساره لم يصرحوا هنا بحكمه والظاهر أن حكمه حكم المديان إن كان مجهولا حبس ليستبرىء وإن أثبت إعساره بصفة ما يشهد الشهود أنهم يعرفون فلان ابن فلان الفلاني معرفة تامة صحيحة بعينه واسمه ويعلمونه فقيرا عديما قليل ذات اليد ممن لا يقدر على أداء ما لزوجته عليه من النقد على هذه الحالة عرفوه

(5/181)


ثم تلوم بالنظر وعمل بسنة وشهر وفي التلوم لمن لا يرجى وصحح وعدمه تأويلان
--------------------------------
وبها خبروه ولم ينتقل عنها ولا تبدل سواها منها في علمهم إلى الآن قاله المتيطي ص: "ثم تلوم بالنظر وعمل بسنة وشهر" ش: يعني فإذا ثبت عسره أو صدق فيه أو استبرىء بالحبس قال في المتيطية أعذر القاضي فيه إلى الأب فإن كان عنده مانع وإلا حلف القاضي الزوج على تحقيق ما شهد له به من عدمه ثم أجله قال المصنف بالنظر وعمل بسنة وشهر يعني بثلاثة عشر شهرا كذا قرره الشارح بهرام وقال البساطي يعني أنه عمل بسنة وعمل بشهر ثم ذكر كلام الشارح على هيئة المعترض عليه وما قاله ليس بظاهر بل مراد المؤلف ما ذكره الشارح وصفة التأجيل يؤجله ستة أشهر ثم أربعة ثم شهرين ثم شهرا قال ابن عرفة المتيطي وابن فتوح يؤجل أولا ستة أشهر ثم أربعة أشهر ثم شهرين ثم يتلوم له بثلاثين يوما فإن أتى بشيء وإلا عجزه وإنما حددنا التأجيل بثلاثة عشر شهرا استحسانا
فرع: قال المتيطي ولا يعد اليوم الذي يكتب فيه الأجل ولا يحتسب به فإذا تم الأجل لم يكتب الثاني في اليوم الذي تم فيه الأول بل اليوم الذي بعده ولا يحتسب بهذا اليوم الذي كتب فيه من الأجل الثاني وكذلك بقية الآجال انتهى. باختصار.
فرع: قال ابن عرفة ويحضر الزوج لضرب أول آجاله وفي إحضاره لضرب ما سواه دون إشهاد الحاكم بحكمه بضرب الأجل ثالثها ويشهد به لعمل بعض القضاة قائلا ليس على إحضاره إلا في الآجل الأول كما لو جمعتها عليه وغيره محتجا بأن الخصم قد يدعي أنه ما أجل غير الأول وابن فتوح محتجا بأنه إن لم يشهد على حكمه به بطل بموته أو عزله ولا يقبل قوله بعد عزله ولا تفيد علامته على أداء شهود تأجيله فيؤدي إلى استئناف نظر من ولي بعده فيطول انتهى. والقول الثالث: قال في المتيطية هو أخص وأحسن.
فرع: قال ابن فرحون وهل يشترط في التأجيل إقامة النفقة والكسوة فإن لم يقم بها عجل عليه الطلاق فيه خلاف انتهى. وقال ابن عرفة وسمع عبد الملك أشهب وابن وهب كم يؤجل في المهر إن أجرى النفقة قال قال مالك فسنتين أو ثلاثا ورأى ابن وهب ثلاثا ابن رشد معناه إذا عجز عن المهر وإن اتهم أنه غيب ماله فلا يوسع له قاله ابن حبيب إلا أنه قال:

(5/182)


ثم طلق عليه ووجب نصفه لا في عيب وتقرر بوطء وإن حرم
----------------------------------
يتلوم له في المهر إذا أجرى النفقة السنتين قال ولو عجز عن المهر والنفقة لم يوسع له في أجل المهر إلا الأشهر إلى السنة وهذا إن دلبته بالمهر ولم تطلبه بأجل النفقة والتلوم فيها له قاله محمد وهو صحيح ولو كان له مال ظاهر حكم عليه بدفع المهر وأمر بالبناء.
قلت: الذي رأيته في العتبية ورأى ابن وهب بهمزة بعد الراء ونقله ابن فتوح وروي بواو بعد الراء وقال ابن القاسم في المدونة لا أعرف سنة ولا سنتين بل قول مالك يتلوم له مرة بعد مرة وأن لا فرق بينهما انتهى. ص:"ثم طلق عليه" ش: يعني فإذا انقضت الآجال ولم يأت بشيء وظهر عجزه عجزه الحاكم وطلقها عليه إن دعا أبوها إليه قاله في المتيطية وقال بعد ذلك يكتب ذلك في العقد فأمر القاضي وفقه الله الزوج فلانا بتطليقها فأبى من ذلك وثبتت إبايته فطلقها عليه طلقة واحدة تملك بها أمر نفسها انتهى. وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب والذي يوقع الطلاق في هذه المسألة: هو الحاكم وإنما يوقعه بسؤالها وتفويضها له في الطلاق وله أن يأذن لها فتوقعه هي على نفسها انتهى. وقال ابن عرفة وفي كون التطليق لعجزه بإيقاعه الزوج أو الزوجة ثالثها الزوج فإن أبى فالحاكم لابن سهل عن ابن القاسم ابن سراج وابن عات في الطلاق لما هو من حق الزوجة مع استحسانه ابن مالك وابن فتحون انتهى. ص: "وتقرر بوطء وإن حرم" ش: وأما القبلة والمباشرة والتجرد والوطء دون الفرج فلا يوجب عليه الصداق قاله في إرخاء الستور.
مسألة: من دفع امرأة فسقطت عذرتها فعليه ما نقصها بذلك من صداقها عند الأزواج وعليه الأدب وكذا لو أزالها بأصبعه والأدب هنا أشد وسواء فعل ذلك رجل أو غلام أو امرأة هذا في غير الزوج وأما الزوج فحكمه في الدفعة مثل غيره عليه ما نقصها عند غيره وإن فارقها ولم يمسكها وإن فعل بها ذلك بأصبعه فاختلف هل يجب عليه بذلك الصداق أو لا يجب عليه بذلك الصداق وإنما يجب عليه ما شأنها عند غيره من الأزواج إن طلقها ولم يمسكها قولان انتهى. بالمعنى من رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم من كتاب الجنايات وذكرها في سماع أصبغ وسحنون من كتاب النكاح وتكلم عليها ابن رشد في سماع سحنون

(5/183)


وموت واحد وإقامة سنة وصدقت في خلوة الاهتداء
-----------------------------
ونسبها ابن عرفة لسماع عيسى وليست فيه وقال في التوضيح: إن أصابها بأصبعه وطلقها فإن كانت ثيبا فلا شيء لها وإن كانت بكرا وافتضها به فقيل يلزمه كل المهر وقيل يلزمه ما شأنها مع نصفه وقيل إن ريء أنها لا تتزوج بعد ذلك إلا بمهر فكالأول وإلا فكالثاني ومال أصبغ إلى الثاني واستحسنه اللخمي انتهى. باختصار منه ومن ابن عرفة قال في النوادر ولا أدب عليه ولو فعل بها ذلك غير زوجها فعليه الأدب وما شأنها وتقدم هذا في كلام العتبية.
فرع: قال في التوضيح وإذا كان الزوج غير بالغ فلا يتكمل بوطئه الصداق انتهى. وإذا كانت الزوجة غير مطيقة للوطء قال فيه: لا يتكمل والظاهر أنه يكون جناية قال في النوادر في الذي افتض زوجته فماتت روى ابن القاسم عن مالك إن علم أنها ماتت منه فعليه ديتها وهو كالخطأ صغيرة كانت أو كبيرة وعليه في الصغيرة الأدب إن لم تكن بلغت حد ذلك وقال ابن الماجشون لا دية عليه في الكبيرة ودية الصغيرة على عاقلته ويؤدب في التي لا يوطأ مثلها انتهى.
تنبيه: انظر هل يدخل الوطء في الدبر في قول المصنف وإن حرم وفيه قولان قال ابن عرفة قال اللخمي اختلف في استحقاق المهر بالوطء في الدبر وفيه نظر وهو في البكر أبعد قلت: في رجمها لمالك وطؤها في الدبر جماع لا شك فيه انتهى.
مسألة: قال في المسائل الملقوطة في ذكر الذين لا صداق عليهم ما نصه وكذلك المرأة إذا اشتهرت بالسفاح وإباحة فرجها لغير زوجها فلا صداق لها على زوجها قاله ابن القاسم في أسئلته وقيل لها الصداق وتحد قاله في كتاب الإحكام من مسائل الأحكام انتهى. ص: "وموت واحد" ش: صغيرا كان أو كبيرا وفي النوادر ما يدل على ذلك قال فيها ومن زوج ابنه الصغير من ابنة رجل صغيرة فمات الصبي فطلب أبو الصبية المهر فقال أبو الصبي لم أسم مهرها وإن ذلك إنما كان منك على الصلة لابني قال محمد لا يصدق ولها ما ادعى أبوها إن كان صداق مثلها قال مالك لا شيء لها إلا الميراث انظر بقية المسألة: فيها والله أعلم. ص: "وصدقت في خلوة الاهتداء" ش: قال في إرخاء الستور من المدونة وإن قالت قد وطئني صدقت كان الدخول عندها أو عنده إذا كان دخول اهتداء انتهى. وقوله:"صدقت" أي بيمين وهو أحد الأقوال ابن عبد السلام وهو الصحيح وسواء كانت كبيرة أو صغيرة لأن ابن عرفة

(5/184)


وإن بمانع شرعي وفي نفيه وإن سفيهة وأمة والزائر منهما وإن أقر به فقط أخذ إن كانت سفيهة وهل إن أدام الإقرار الرشيدة كذلك أو إن كذبت نفسها تأويلان
--------------------------------------
نقل أن القول الثالث: يفرق فيه بين الصغيرة فلا يجب عليها شيء وبين الكبيرة فيجب عليها اليمين وقال في التوضيح قد تقدم أن الكبيرة لا تأخذ الصداق إلا بعد اليمين على الظاهر وأما الصغيرة فلا تحلف في الحال ويقال للزوج احلف فإن كل غرم الجميع عند ابن عبد السلام ولم يكن له أن يحلفها إذا بلغت انتهى. ثم قال في التوضيح: وإن حلف دفع النصف فإذا بلغت حلفت وأخذت النصف الآخر فإن نكلت لم يحلف الزوج ثانية انتهى. وهذا إن أنكر الزوج الوطء وإن وافقها عليه يثبت الوطء بلا خلاف قاله ابن عرفة ص: "وفي نفيه وإن سفيهة وأمة" ش: يريد إذا وافقها الزوج على نفيه أيضا بدليل قوله بعد:"وإن أقر به فقط" ومن طالع الجواهر وابن عرفة علم صحة هذا ابن عبد السلام وحيث قبلنا قولها في الوطء فهي على العموم سواء كان في وجود الوطء أو عدمه أدى ذلك إلى منفعتها أو مضرتها رشيدة كانت أو سفيهة بكرا أو ثيبا صغيرة أو كبيرة حرة أو أمة انتهى. والله أعلم. ص: "والزائد منهما" ش: يريد بيمين انظر ابن عرفة وتأمل كلام التوضيح والله أعلم. ص: "وإن أقر به فقط أخذ إن كانت سفيهة" ش: جرى رحمه الله هنا على ما نقله في التوضيح عن ابن راشد وهو خلاف ما قاله ابن عبد السلام وإن ادعت عيبة وأقربه الزوج فإن كانت رشيدة في المسألة: التي يذكرها المؤلف عقب هذه وإن كانت سفيهة أو صغيرة أو أمة ففي ذلك قولان أحدهما قولها وهو المشهور انتهى. فتأمله والله أعلم. ص: "وهل أن أدام الإقرار الرشيدة كذلك" ش: أما إن لم يدم الإقرار فإن رجع لقولها قبل رجوعها لقوله فإنه يسقط عنه نصفه ولا يمين عليه أقامت على إنكارها أو نزعت قاله ابن عرفة عن ابن رشد الزوج فيوأما إن أدام الإقرار فعلى التأويل الأول لا كلام وعلى الثاني وهو إن كذبت نفسها فلا يمين عليه أقام على قوله أو نزع عنه. قاله أيضا ابن عرفة.
فرع: قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب ولو أنكر الزوج الخلوة ولم تقم له بينة فإنه يحلف ويلزمه نصف الصداق وإن نكل غرم الجميع انتهى.

(5/185)


وفسد إن نقص عن دينار أو ثلاثة دراهم خالصة أو مقوم بهما وأتمه إن دخل وإلا فإن لم يتمه فسخ،
----------------------------
فرع: قال ابن عرفة الصقلي عن القابسي من بنى بمن نكحها بذي غرر وأنكر وطأها وادعته غرم مهر مثلها وفسخ نكاحه لإقراره بنفي موجب إمضائه ولو ادعاه لم يفسخ ولو أكذبته انتهى. ونقله ابن عبد السلام وانظر تمام الكلام على المسألة في ابن رشد واللخمي وشرح المدونة في إرخاء الستور والله أعلم.
فرع: قال البرزلي في مسائل النكاح: وسئل ابن أبي زيد عمن بنى بزوجته ثم طلقها وادعى عدم المسيس وكذبته فأخذت منه صداقها ثم أخذت تزني فقالت أقررت بالمسيس لأخذ الصداق فهل يرجع عليها بنصفه وأجاب وكذا ينبغي أن له ذلك عليها.
قلت: فيحتمل هذا وإن رجعت عن إقرارها لأنه حق لآدمي كما إذا أقر بقتل رجل ثم رجع فإنه لا يقبل منه في حق الآدمي ويقبل منه في درء الحد ويحتمل أن يكون ذلك ما لم ترجع عن إقرارها كالحد وسكت عن نوع الحد وجوابه في المدونة أنه حد البكر لعدم اتفاقهما على الوطء انتهى. وتكلم على المسألة: في موضعين: الأول منهما لم يذكر فيه قوله وسكت عن نوع الحد الخ والثاني لم يذكر فيه قوله ويحتمل هذا إلى قوله كالحد والله أعلم. ص: "وفسد إن نقص عن ربع دينار" ش: قال ابن الحاجب ولو كان عبده لأمته انتهى. وأما أكثر الصداق فلا حد له قال في المتيطية بإجماع قال الله في كتابه: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} قال الشيخ أبو بكر في كتابه والقنطار ألف أوقية ومائتا أوقية وروي ذلك عن النبي عليه السلام وقيل القنطار ألف دينار ومائتا دينار وعن ابن عباس أنه اثنا عشر ألف درهم وقال ابن المسيب ثمانون ألفا وعن أبي هريرة أنه اثنا عشر ألف أوقية وعن ابن عباس أيضا هو أيضا دية أحدكم وعنه ثمانون ألف درهم وعنه سبعون ألفا وقال قتادة ثمانون ألف درهم وقيل هو مائة رطل من ذهب وعن مجاهد سبعون ألف دينار وقيل المال الكثير وقيل أربعون أوقية من ذهب أو فضة انتهى. كلامه ص: "وإلا فإن لم يتمه فسخ" ش: يعني وإن لم يدخل فالزوج مخير بين أن يتمه أو يفسخ النكاح هذا هو المشهور كما صرح به في غالب الكتب وسقط من نسخة البساطي فإن لم يتمه فصار الكلام وإلا فسخ فشرحه على المعنى إن

(5/186)


أو بما لا يملك كخمر وحر،
----------------------------------
لم يدخل تحتم فسخه وقال إنه المشهور وهذا ليس بظاهر كما ترى وإذا لم يتمه وفسخ فلها النصف على المشهور وقد قدمه المصنف في قوله وسقط بالفسخ قبله إلا نكاح الدرهمين فنصفهما كطلاقه ولا شك أن الفسخ هنا بطلاق لأنه مختلف فيه وصرح به في التوضيح وغيره وانظر ابن عبد السلام ص: "أو بما لا يملك كخمر وحر" ش: وكذلك الخنزير والقرد والسم وإذا وقع فالمشهور أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل وهذا معلوم من قول المصنف فيما تقدم وما فسد لصداقه وقيل يمضي مطلقا وقيل يفسخ مطلقا ولا شك أن الفسخ هنا بطلاق للخلاف المذكور ولا شيء على الزوج فيما هلك من ذلك قاله ابن الحاجب وغيره.
فرع: قال في التوضيح: واختلف إذا استهلكت الذمية الخمر فقال ابن القاسم: لها صداق المثل ولا تتبع بشيء وقال أشهب تعطى ما تستحل به وهو ربع دينار اللخمي وهو أحسن لأن حقها في الصداق سقط بقبضها الخمر وإنما بقي الحق لله تعالى انتهى. وقال البساطي: أن ابن القاسم يقول: لا شيء لها وقال غيره: لا بد من ربع دينار انتهى.
تنبيه: مشهور المذهب أن النكاح الفاسد لصداقه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل واختلف هل الفسخ قبل البناء على الوجوب أو الاستحباب قولا المغاربة والعراقيين وقاله ابن عبد السلام والمصنف.
فرع: قال ابن عبد السلام واختلف إذا دعا الزوج في مثل هذا النكاح إلى البناء والنفقة فاتفق على أنه نكاح صحيح ثم عثر على فساده قبل البناء ففسخ أنه يرجع في مال الزوجة بما أنفق عليها كمن اشترى من رجل داره على أن ينفق عليه حياته فإنه يرجع عليه بالنفقة التي دفع إليه ويفسخ البيع وقال عبد الله بن الوليد لا يرجع على الزوجة بشيء انتهى. زاد في التوضيح إثر كلام ابن الوليد لأن الفسخ قبل البناء غير واجب إذ أجازه جماعة من العلماء إذا عجل ربع دينار انتهى. بكذا في الشامل القول بالرجوع ونصه وحيث فسخ فهل وجوبا أو استحبابا قولان ويرجع بما أنفق قبل البناء إن فسخ على الأصح انتهى.
فرع: قال في رسم الطلاق من سماع أشهب من كتاب النكاح وسئل عمن يكتسب مالا حراما فيتزوج به أيخاف أن يكون ذلك مضارعا للزنا فقال إني والله لأخافه ولكن لا أقوله ابن رشد وجه اتقاء مالك أن يكون فعله مضارعا للزنا هو أن الله تعالى إنما أباح الفرج بنكاح أو بملك يمين وقال صلى الله عليه وسلم"لا نكاح إلا بولي وصداق"فنفى أن يكون نكاحا جائزا إلا على هذه الصفة والمتزوج على حرام لم يتزوج بصداق إذ ليس المال الحرام بمال له فإذا وطىء

(5/187)


أو بإسقاطه أو كقصاص أو آبق أو دار فلان أو سمسرتها أو بعضه لأجل مجهول
---------------------------------------
به فقد وطىء فرجا بغير ملك يمين ولا نكاح أباحه الشرع انتهى. ص: "أو بإسقاطه" ش: حكميها كالتي قبلها قاله ابن الحاجب ثم ذكر نكاح التفويض وقاله غيره ومثله النكاح بلفظ الهبة من غير ذكر الصداق وهما من الفاسد لصداقه قاله في التوضيح ص: "أو كقصاص" ش: ومثله أن ينكحها بقرءان يقرؤه ابن عرفة وشرطه كونه منتفعا به للزوجة متمولا الباجي عن ابن مزين عن يحيى بن يحيى من نكح بقرآن يقرؤه فسخ قبل البناء ويثبت بعده أبو عمر روى ابن القاسم مثله قال ابن القاسم وكذا من تزوج بقصاص وجب له على امرأة وقال سحنون النكاح جائز وإن لم يدخل.
قلت: هو جار على قول أشهب بجبر القائل على الدية انتهى. وظاهر كلام ابن عرفة أن القصاص على المرأة نفسها وأحرى لو كان على غيرها والله أعلم. ص: "أو أبق" ش: لو قال:"كآبق" لكان أحسن ويحتمل أن تكون الكاف مقدرة فيه وفيما بعده لأنه معطوف على لفظ"كقصاص" كما قاله ابن غازي ويدخل في ذلك كل ما كان فيه غرر كالبعير الشارد والجنين والثمرة التي لم يبد صلاحها على التبقية لا على القطع قاله في التوضيح وكأنه نافل له عن غيره بدليل قوله بعده محمد وإن غفل عنها حتى بدا صلاحها لم يفسخ لأنه كان جائزا ولا يتهمان على ذلك ويكون لها قيمة ذلك يوم عقد النكاح وترد الثمرة التي طابت للزوج وظاهر كلام ابن عرفة أن هذا القيد من عند نفسه لأنه قال قلت: ثم ذكره والله أعلم. وهذا أيضا المشهور فيه أنه يفسخ ذلك قبل البناء ويثبت بعده صداق المثل والفسخ بطلاق للاختلاف فيه وترد ما قبضته من ذلك ويدخل في ضمانها بالقبض لا بالعقد كالبيع الفاسد على المشهور فإن قبضته وفات بيدها بحوالة سوق ونحوه فهو لها وتغرم القيمة قاله ابن الحاجب وغيره ص: "أو دار فلان أو سمسرتها" ش: ابن عرفة عنها ويفسخ قبله ويثبت بعده بمهر المثل ولا شك أن الفسخ بطلاق للخلاف الذي فيه والكاف مقدرة فيه كالذي قبله كما تقدم أي وكذا عبد فلان ودابة فلان والله أعلم. ص: "أو بعضه لأجل مجهول" ش: يأتي حكمها في كلام

(5/188)


أو لم يقيض الأجل أو زاد على خمسين سنة أو بمعين بعيد كخراسان من الأندلس وجاز كمصر من المدينة لا بشرط الدخول قبله إلا القريب جدا وضمنته بعد القبض إن فات
--------------------------------
المؤلف ص: "أو لم يقيد الأجل" ش: قال في التوضيح اختلف إذا لم يؤرخ أجل الكالىء فقال المتيطي المشهور من مذهب مالك وأصحابه وبه العمل وعليه الحكم أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل.
فرعان: الأول: قال في التوضيح. وهل يجوز في الأجل أن يقدر بما يؤجله الناس؟ سئل ابن زرب عمن نكح بنقد مقدم وكالىء إلى ما يكلأ الناس فقال: لا يجوز لأن الناس يختلفون في التأجيل وذكر ابن الهندي عن بعض معاصريه أنه لا يفسخ قبل البناء ويجعل أجله على ما مضى عليه الناس في الكالىء فإن اختلف الأجل ضرب له أجل وسط انتهى.
الثاني: قال ابن سلمون في أوائله وفي كتاب الاستغناء إذا اختلف الزوج والولي في أجل الكالىء فقال الشهود نسيناه فإن كان أجل الكوالىء كلها متعارفا عندهم وكان لقلة الكوالىء وكثرتها أجل جعل ذلك الكالىء إلى مثل ذلك الأجل فإن لم يكن ذلك عندهم متعارفا حمل أجله إلى أكثر ما تحمل عليه الكوالىء إلى مثل ذلك الأجل ويثبت النكاح انتهى. ص: "إلا لقريب جدا" ش: قاله ابن رشد في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب

(5/189)


أو بمغصوب علماه لا أحدهما أو باجتماعه مع بيع كدار دفعه هو أو أبوها وجاز من الأب في التفويض وجمع امرأتين سمى لهما أو لأحدهما.
---------------------------------
النكاح على ظاهر قوله يعني ابن القاسم إذ قاسمه على الشراء اليوم واليومين والثلاثة ونحو ذلك قال أصبغ الأربعة والخمسة وأجاز ابن حبيب أن يدخل بها في البعيد الغيبة إلا أنه يستحب أن يعطيها ربع دينار عند ابتنائه بها ففرق بين الدخول في النكاح والنقد في البيع.
فرع: قال وقوله إن أصيب العبد فلها قيمته يريد في القريب والبعيد على ما اختاره من قول مالك في مسألة البيع.
مسألة: وهذا إذا عرفت المرأة العبد أو وصف لها قال وأما إذا لم تعرفه ولم يوصف لها فلا إشكال ولا اختلاف في أنه نكاح فاسد يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بصداق المثل انتهى. ص: "وجمع امرأتين سمى لهما أو لإحداهما" ش: أي وجاز جمع امرأتين فأكثر في

(5/190)


وهل وإن شرط تزوج الأخرى أو إن سمى صداق المثل قولان ولا يعجب جمعهما والأكثر على التأويل بالمنع والفسخ قبله وصداق المثل بعده؛
--------------------------------
عقد واحد إذا سمى لهما أي سمى لكل واحدة منهما صداقها وكذلك في أكثر من اثنتين ونص ابن رشد وغيره على أن هذه المسألة: لا خلاف فيها أو سمى لإحداهما صداقها ولم يسم للأخرى بل تزوجها نكاح تفويض وجمعهما في عقد واحد نقله في التوضيح عن ابن يونس قال وكذلك لو جمعهما جميعا في عقد واحد على تفويض وقاله أبو عمران ونبه على جميع ذلك الشارح ص: "وهل وإن شرط تزويج الأخرى أو إن سمى صداق المثل قولان" ش: يعني وهل يجوز النكاح على الوجه المذكور وإن شرط في تزوجه إحداهما تزوج الأخرى وسواء سمى لكل واحدة منهما صداق مثلها أو لم يسم لكل واحدة صداق مثلها كما لو تزوجها في عقد واحد وسمى لكل واحدة ثلاثين وصداق مثل إحداهما أربعون وصداق مثل الأخرى عشرون وشرط في تزوج إحداهما تزوج الأخرى وإنما يجوز النكاح المذكور إذا شرط في تزوج إحداهما تزوج الأخرى إن سمى لكل واحدة منهما صداق المثل وإن لم يسم لكل واحدة صداق المثل لم يجز كما في الصورة المذكورة قولان للمتأخرين الأول لابن سعدون والثاني لغيره كذا قال ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح وظاهر كلام ابن عرفة عزوه للخمي فعلم مما تقدم أن محل القولين إنما هو إذا تزوج إحداهما بشرط تزوج الأخرى ولم يسم لكل واحدة صداق مثلها وأما لو سمى لكل واحدة صداق مثلها أو لم يشترط تزوج إحداهما بتزوجها الأخرى قولان قال في الشامل وهل يجوز إن شرط ولا يتزوج واحدة إلا مع الأخرى مطلقا أو إن سمى لكل مهر مثلها؟ قولان ص: "ولا يعجب جمعهما والأكثر على التأويل بالمنع والفسخ قبله وصداق المثل بعده" ش: أي هذا الذي تقدم إذا جمعهما في عقد وسمى لكل واحدة صداقا وأما إن جمع المرأتين أو أكثر في عقد واحد بصداق واحد فقال في المدونة: لا

(5/191)


لا الكراهة أو تضمن إثباته رفعه: كدفع العبد في صداقه وبعد البناء تملكه أو بدار مضمونة أو بألف وإن كانت له زوجة فألفان بخلاف ألف وإن أخرجها من بلدها أو تزوج عليها فألفان ولا يلزم الشرط وكره،
----------------------------
يعجب جمعها والأكثر من الشيوخ ابن الحاجب وغيره على التأويل اللفظ المذكور بالمنع وعلى ذلك اختصرها البراذعي قال في تهذيبه ولا بأس أن يتزوج امرأتين في عقد واحد إذا سمى لكل واحدة صداقها وإن أجملهما في صداق واحد لم تجز وعلى ما ذهب إليه الأكثر من تأويل اللفظ على المنع فذهب الشيخ أو محمد بن أبي زيد إلى الفسخ للنكاح المذكور قبله أي قبل البناء قال في التوضيح عنه ولا شيء لها وكذلك قال ابن محرز: ظاهر قول ابن القاسم إن النكاح فاسد وأن المطلقة والمتوفى عنها لا شيء لهما فأتى قوله إن النكاح يفسخ قال بعض المذاكرين لهما ما يخصهما من تلك التسمية يعني في الطلاق والوفاة لأن النكاح أخف من البيوع ومقتضى هذا أنه لا يفسخ قال: وكذلك قال في التنبيهات: ظاهره على أصله أنه لا شيء لها لأنه عنده من باب غرر الصداق انتهى. وهذا عنده حكم ما قبل الدخول وإن عثر على ذلك بعد الدخول مضي ولكل واحدة صداق المثل بعده أي بعد الدخول.
فرع: قال ابن عرفة: ولو تزوج أمة رجل وابنته في عقد واحد أو امرأة وأمتها ففي جوازه بمهر بينها أو حتى يسمي مهر كل منهما طريقا أبي حفص وابن محرز قائلا: لأن المهر مستحق للأمة لا لمالكتها قلت: والأول: بناء على العكس انتهى. وظاهر كلام المصنف شمول المنع لهذه المسألة: على ما قال ابن محرز والله أعلم. ص: "أو تضمن إثباته رفعه" ش: انظر مسائل هذا

(5/192)


ولا الألف الثانية إن خالف: كإن أخرجتك فلك ألف أو أسقطت ألفاً قبل العقد على ذلك إلا أن تسقط ما تقرر بعد العقد بلا يمين منه أو كزوجني أختك بمائة على أن أزوجك أختي بمائة وهو وجه الشغار وإن لم يسم فصريحه،
--------------------------------
النوع في التوضيح في الكلام على مسألة: السريجية ص: "أو كزوجني أختك بمائة على أن أزوجك أختي بمائة" ش: هذا نكاح الشغار وقال الرجراجي: يطلق ويراد به الرفع يقال شغر الكلب إذا رفع رجليه ليبول وذلك أنه لا يفعل ذلك إلا إذا كبر وبلغ حد الوثوب على الإناث انتهى. ومثل المصنف لذلك بالأختين ومثل ابن الحاجب بالبنتين فقال في التوضيح الشغار وفي الأختين والأمتين كالبنتين وصرح به في أصل المدونة ولعل المصنف اقتصر على البنتين تبعا للحديث وبذكر الأختين يعلم أن الشغار لا يختص بالوليتين المحجورتين قال في تهذيب الطالب: وذهب بعضهم إلى أن الشغار إنما يكون فيمن تجبر على النكاح وهو غلط انتهى. وقال في الإكمال في شرح قوله زوجني أختك:لم يختلف المذهب أن غير البنت من الإماء والأخوات وغيرهن حكم البنات انتهى. وقال في التوضيح قال أبو عمران في رجلين عقد كل منهما نكاح أخته من صاحبه ففي مجلس واحد وهو جائز إذا لم يفهم إن لم يزوج أحدهما

(5/193)


وفسخ فيه وإن في واحدة وعلى حرية ولد الأمة أبداً ولها في الوجه ومائة وخمر أو مائة ومائة لموت أو فراق الأكثر من المسمى وصداق المثل ولو زاد على الجميع وقدر بالتأجيل المعلوم إن كان فيه وتؤولت أيضا: فيما إذا سمى لإحداهما ودخل بالمسمى لها بصداق المثل وفي منعه بمنافع وتعليمها قرآناً وإحجاجها ويرجع بقيمة عمله.
-----------------------------
صاحبه لم يزوجه الآخر ومثله لابن لبابة قال: إن قال تزوجني وأزوجك وعقدا على ذلك وسميا صداقا جاز. قال: والذي يثبت به الشغار زوجني على أن أزوجك وإن زوجتني زوجتك انتهى. واختصره في الشامل فقال: وإن زوج كل صاحبه بمهر مسمى ولم يفهم وقف أحدهما على الآخر جاز كزوجني وأزوجك لا إن زوجتني زوجتك أو زوجني على أن أزوجك انتهى. ص: "وعلى حرية ولد الأمة أبدا" ش: قال في الشامل: ولها المسمى إن بنى وقيل: الأصح مهر المثل وما ولدته فحر وولاؤه للسيد ولا قيمة على الأب فيه فإن استحقت أخذت مع الولد ورد عتقه وكان زوجها على حرية أول ولد تلده وقال عبد الملك: يفسخ إلا

(5/194)


للفسخ وكراهته كالمغالاة فيه والأجل قولان وإن أمرهم بألف عينها أولاً فزوجه بألفين فإن دخل فعلى الزوج ألف وغرم الوكيل ألفاً إن تعدى بإقرار أو بينة وإلا فتحلف هي إن حلف الزوج وفي تحليف الزوج له إن نكل وغرم الألف الثانية قولان وإن لم يدخل ورضي أحدهما لزم الآخر لا إن التزم الوكيل الألف ولكل تحليف الآخر فيما يفيد إقراره إن لم تقم بينة ولا ترد
---------------------------------
أن تلد وكان زوج عبده أمة غيره ليكون الولد بينهما فإن ولدت فالولد لسيد الأمة لا بينهما على الأصح ولها مهر المثل بالبناء ولو زاد على المسمى انتهى. والمسألة: في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح وفي أوائل رسم من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق ص: "والأجل" ش: قال في كتاب النكاح من النوادر من كتاب ابن المواز: وكره مالك لصداق بعضه معجل وبعضه مؤجل إلى ست سنين قال: ولم يكن من عمل الناس وقال ابن القاسم ألا يعجبني إلا إلى سنة أو إلى سنتين فإن وقع في المسألة: الأولى لم أفسخه إلا في الأجل البعيد قال أصبغ: إلا أن يطرحوا ذلك عنه أو يجعلوه إلى أجل قريب أو ليبني فيكون

(5/195)


إن اتهمه ورجح بداءة حلف الزوج ما أمره إلا بألف ثم للمرأة الفسخ إن قامت بينة على التزويج بألفين وإلا فكالاختلاف في الصداق وإن علمت بالتعدي فألف وبالعكس ألفان وإن علم كل وعلم بعلم الآخر أو لم يعلم فألفان وإن علم بعلمها فقط فألف وبالعكس فألفان ولم يلزم تزويج آذنه غير مجبرة بدون صداق مثل وعمل بصداق السر إذا أعلنا غيره وحلفته إن ادعت الرجوع عنه إلا ببينة أن المعلن لا أصل له،
---------------------------

(5/196)


وإن تزوج بثلاثين عشرة نقداً وعشرة إلى أجل وسكتا عن عشرة سقطت ونقدها وكذا مقتض لقبضه وجاز نكاح التفويض والتحكيم عقد بلا ذكر مهر
---------------------------------
لها صداق المثل نقدا كله انتهى. ص: "ونقدها كذا مقتض لقبضه" ش: قال في التوضيح في اختلاف الزوجين في الصداق.
فرع: إذا قال الموثق في الكتاب النقد من الصداق كذا فهو مقتض لبقائه في ذمة الزوج واختلف إذا قال نقدها كذا فقال سحنون ذلك براءة للزوج من النقد وقال سحنون لا يبرئه ذلك حتى ينص على الدفع انتهى. وفي الشامل وقوله"نقدها"أو أقبضها أو عجل لها أو قدم ونحوه مقتض لقبضه وقوله النقد من الصداق كذا مقتض لقبضه فإن قال نقده كذا فقولان. ص: "وجاز نكاح لتفويض والتحكيم عقد بلا ذكر مهر" ش: قال ابن عرفة: نكاح التفويض ما عقد دون تسمية مهر ولا إسقاطه ولا صرفه لحكم أحد الباجي: هو جائز اتفاقا ثم قال أبو عمر قوله"أزوجك على ما شئت" فاسد مهره ثم قال عن اللخمي: إن شرط فيه أن ما فرض فيه من فوض إليه لزم ولو قل فسد ثم قال: ونكاح التحكيم قالوا ما عقده على صرف قدر مهره لحكم حاكم قلت: ظاهر أقوالهم والروايات ولو كان المحكم عبدا أو امرأة أو صبيا تجوز وصيته انتهى. فعلم أن المراد بنكاح التحكيم إنما هو النكاح الذي صرف الحكم في قدر صداقه لحكم حاكم إما أحد الزوجين أو غيرهما وليس المراد به النكاح الذي جعل إمضاءه أو رده إلى أحد الزوجين أو غيرهما لأن ذلك هو النكاح على خيار وقد تقدم أنه فاسد فقال المصنف لما

(5/197)


بلا وهبت وفسخ إن وهبت نفسها قبله وصحح أنه زناً،
----------------------------------
ذكر نكاح السر ثم ذكر ما يفسخ قبل الدخول أو على خيار لأحدهما أو غيره.
تنبيه: قول المصنف عقد بلا ذكر مهر تفسير لنكاح التفويض ولنكاح التحكيم لأنه جمع النوعين وفسرهما بالقدر المشترك بينهما وهو عدم ذكر المهر أي عدم تسمية قدره ولكل واحد من النوعين فصل يمتاز به فيمتاز نكاح التفويض عن نكاح التحكيم بأنه لم يذكر فيه المهر ولا صرف الحكم فيه لحاكم ونكاح التحكيم بأنه صرف الحكم فيه لحاكم فتأمله والله أعلم.
فائدة: قال ابن عرفة: وفيها أرأيت إن تزوجها على حكمه أو حكمها أو حكم فلان قال: كنت أكرهه حتى سمعت من أثق به يذكره عن مالك فأخذت به وتركت رأيي فيه ابن عبد السلام: إن قلت: رجوع ابن القاسم دليل على أنه مقلد لمالك كتقليده من دونه قلت: يحتمل أنه أجاب أولا على قواعد مالك فلما وجد نصه رجع إليه ولا يلزم من هذا أنه مقلد ألا ترى أنه لا ينافي التصريح بنقيضه فيقول الجاري على أصل المذهب كذا والصحيح عندي كذا لنص حديث أو غيره من الأدلة الظاهرة إلا أن التقليد معلوم من غالب حال أهل العصر بدليل منفصل وحال ابن القاسم معلومة بدليل منفصل ألا ترى إلى كثرة مخالفته لمالك وإغلاظه القول عليه فيقول هذا القول ليس بشيء وما أشبهه من الألفاظ التي يبعد صدورها من مقلد قلت: ظاهره أن ابن القاسم عنده مجتهد مطلقا وهو بعيد لأن بضاعته من الحديث مزجاة والأظهر ما قاله ابن التلمساني في شرح المعالم إنه مجتهد في مذهب مالك فقط كابن سريج في مذهب الشافعي وظاهر قول ابن عبد السلام في غالب حال أهل العصر أن عصره لم يخل من مجتهد وهو كما قال والله أعلم. ص: "بلا هبة" ش: يعني أن من شرط نكاح التفويض أن لا يكون بلفظ الهبة فإن عقد النكاح بلفظ الهبة مع عدم تسمية الصداق فذلك كالتصريح بإسقاط المهر قاله ابن الحاجب قال في التوضيح: قال في المدونة قال ابن القاسم: وليس الموهوبة إذا لم يسموا معها صداقا كالتفويض وكأنه قال في الهبة: قد زوجتكها بلا صداق فلا يصلح ولا يقر هذا النكاح ما لم يدخل بها فإن دخل بها فلها صداق مثلها ويثبت النكاح قال سحنون: وقد كان قال يفسخ وإن دخل بها ابن المواز وقاله أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ لأن فساده في البضع أشهب ويكون لها إذا فسخ ثلاثة دراهم وقال أصبغ: بل صداق المثل ابن رشد: والأول أقيس لأن الثلاثة الحق لله والزائد وقد وهبته انتهى. ص: "وفسخ إن وهبت نفسها قبله وصح أنه زنا" ش: اعلم أن هذه المسألة: غير المسألة: المتقدمة لأن الصورة الأولى قصد فيها الولي النكاح وهبة الصداق وهذه قصد فيها بهة نفس المرأة. قال

(5/198)


واستحقه بالوطء لا بموت أو طلاق إلا أن يفرض وترضى ولا تصدق فيه بعدهما ولها طلب التقدير ولزمها فيه وتحكيم الرجل إن فرض المثل ولا يلزمه وهل تحكيمها وتحكيم الغير كذلك ؟ أو إن فرض المثل لزمهما وأقل لزمه فقط وأكثر فالعكس؟ أو لا بد من رضا الزوج والمحكم وهو الأظهر؟ تأويلات،
-----------------------------------
ابن عبد السلام، والمصنف في التوضيح: قال ابن حبيب: والحكيم فيها أيضا الفسخ قبل البناء

(5/199)


والرضا بدونه للمرشدة وللأب ولو بعد الدخول وللوصي قبله لا المهملة وإن فرض في مرضه فوصية لوارث وفي الذمية والأمة قولان وردت زائد لمثل إن وطئ ولزم إن صح لا إن أبرأت
-----------------------------------
ويثبت بعده بصداق المثل واعترضه الباجي وقال: يفسخ قبل البناء وبعده وهو زنا ويجب فيه الحد وينتفى الولد انتهى. ومن رأى كلام التوضيح وابن عبد السلام علم صحة ما قلناه من أن كلامه مشتمل على مسألتين وبه يتضح وإذا جعل مسألة واحدة صار قوله "وإن وهبت نفسها" محتاج إليه وأيضا لا يصح قوله فيه وصحح أنه زنا لأن الباجي إنما قاله في هذه الصورة كما علمته تركها منصفا والله أعلم. واعترض ابن عرفة ما قاله الباجي ص: "وإن فرض في مرضه" ش: تصوره واضح.
فرع: قال ابن عبد السلام قال محمد ولو سمى لها في مرضه ثم صح ثم مات لزمه

(5/200)


قبل الفرض أو أسقطت شرطاً قبل وجوبه ومهر المثل ما يرغب به مثله فيها باعتبار دين وجمال وحسب ومال وبلد وأخت شقيقة أو لأب لا الأم والعمة وفي الفاسد يوم الوطء واتحد المهر إن اتحدت الشبهة
--------------------------------
ذلك يريد وإن زاد على صداق المثل انتهى. بلفظه ص: "أو أسقطت شرطا قبل وجوبه" ش: ما حمله عليه ابن غازي مخالف لما سيأتي في قوله في فصل المفقود والمطلقة لعدم النفقة ثم ظهر إسقاطها وقد ذكرنا كلام الأصحاب هناك ص: "وأخت شقيقة أو لأب لا لأم والعمة" ش: ما أشار إليه ابن غازي صحيح ونص ما في رسم الطلاق من سماع القرينين من كتاب النكاح قال محمد بن رشد: مذهب مالك رحمه الله أن يعتبر في فرض صداق المثل في نكاح التفويض بصدقات نسائها إذا كن على مثل حالها من العقل والجمال والمال فلا يكون لها مثل صداق نسائها إذا لم يكن على مثل حالها ولا مثل صداق من لها مثل حالها وإذا لم يكن لهن مثل نسبها. ثم قال: ونساء قومها اللواتي يعتبر بصدقاتهن أخواتها الشقائق وللأب وعماتها الشقائق أيضا وللأب ولا يعتبر في ذلك بصدقات أمهاتها ولا خالاتها ولا أخواتها

(5/201)


كالغائط بغير عالمه وإلا تعدد كالزنا بها أو بالمكرهة
--------------------------
للأم ولا عماتها للأم لأنهن من قوم آخرين انتهى. وقال في التوضيح بعد نقله هذا الكلام وقال عبد الوهاب باعتبار عشيرتها وجيرانها كن عصبة أم لا خلافا للشافعي في مراعاة العصبة وينبغي أن يراعى من ذلك العرف فإن جرى إلى صداق الأم وغيرها كما هو في بكذا فيجب اعتباره وأشار اللخمي وغيره إلى ذلك انتهى. وقال اللخمي: قال مالك وليس الرجل يغتفر فقره لقرابته كالأجنبي الموسر يرغب في حاله وقوله هذا يصح مع عدم العادة فإن كان قوم لهم عادة لا يحطون لفقر وقبح ويزيدون ليسار وجمال حملوا على عادتهم كأهل البادية اليوم انتهى. ص: "كالغالط بغير عالمة وإلا تعدد كالزنا بها أو بالمكرهة" ش: تصوره واضح وينظر في ذلك في التوضيح والمقصود أن هذا الحكم خاص بالحرة وأما الأمة فقال ابن عرفة في كتاب الرهن في وطء المرتهن الأمة المرهونة فيها إن وطئها المرتهن فولدت منه حد ولم يلحق به الولد ولا يعتق عليه إن ملكه وكان رهنا مع أمه ويغرم ما نقضها وطؤه ولو كانت ثيبا إن أكرهها وكذا إن طاوعته وهي بكر وإن كانت ثيبا فلا شيء عليه والمرتهن وغيره في ذلك سواء الصقلي الصواب أن عليه ما نقصها وإن طاوعته وإن كانت ثيبا وهو أشد من الإكراه لأنها في الإكراه لا تعد زانية بخلاف الطوع فأدخل على سيدها فيها عيبا فوجب عليه غرم قيمته ونحوه في كتاب المكاتب إن على الأجنبي ما نقصها بكل حال ولأشهب: إن طاوعته فلا شيء عليه مما نقصها وإن كانت بكرا كالحرة انتهى. وقال في الشامل في باب الرهن في هذا المحل ويغرم ما نقصها إن أكرهها وإلا فثالثها الأصح إن كانت بكرا انتهى. والظاهر ما رجحه ابن يونس والله أعلم. وانظر أبا الحسن والبيان في كتاب القذف والحاصل من كلامهم أن عليه ما نقصها في الإكراه مطلقا وفي الطوع إن كانت بكرا على الراجح

(5/202)


وجاز بشرط أن لا يضر بها في عشرة أو كسوة ونحوهما.
------------------------
الذي هو مذهب المدونة وإن كانت ثيبا فرجح ابن يونس أن عليه ما نقصها وذكر في الشامل أن الأرجح لا شيء عليه وفهم من كلام المصنف أن من أكره امرأة حرة على الوطء فعليه صداقها سواء كانت ثيبا أو بكرا وصرح به في النوادر في كتاب الزنا وقاله ابن الجلاب أيضا في باب الجنايات وأظنه في المدونة والله أعلم.
فرع: قال: في آخر معين الحكام: إذا أكره الرجل على أن يزني بامرأة مكرهة فلها الصداق عليه فإن كان عديما أخذته ممن أكرهه ثم لا رجوع لدافعه على الواطىء انتهى. ص: "وجاز شرط أن لا يضربها في عشرة وكسوة ونحوهما" ش: تصوره واضح مسألة إذا توافق الزوج والمرأة على النكاح على شروط ثم لم يعقدوا في ذلك المجلس ثم عقدوا في مجلس آخر ولم يذكروا الشروط فهل الشروط الأولى لازمة أم لا انظر النوادر في كتاب الشروط والمسألة في البيان وكذا مسألة المرأة تأذن لوليها أن يزوجها على شروط فيزوجها بغير شروط أنظرها فيه والله أعلم.
فرع: قال: في أول رسم من سماع عيسى من كتاب النكاح: إذا تزوج أمة على أنه إن تزوج عليها أو تسرى فأمرها بيد وليها فهلك مولاها فلا شيء بيدها وتنتقل إلى ورثته ولو جعل الأمر بيد غير مولاها فهلك فلا ينتقل لورثته ويرجع الأمر إليها انتهى. بالمعنى والله أعلم.
فائدة: في الحديث "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإن مالها ما قدر لها" 1 رواه مالك في الموطأ قال ابن عبد البر: فقه هذا الحديث أنه لا يجوز لامرأة ولا لوليها أن يشترط في عقد نكاحه طلاق غيرها انتهى. وقوله" غيرها" يريد أختها في الدين قاله الباجي في شرح هذا الحديث في كتاب الجامع وقال النووي: المراد غيرها سواء كانت أختها في النسب أو في الإسلام أو كافرة انتهى. والله أعلم.
فرع: قال ابن سلمون: فإن اشترط أبو الزوجة على صهره أن لا يتزوج عليها فإن فعل فأمرها بيد أبيها ففعل ذلك الزوج وأراد الأب أن يفرق وأرادت البنت البقاء فالاختيار في ذلك للأب إلا أن يرى السلطان في ذلك أن الفراق ليس بنظر للبنت فيمنعه وينظر في ذلك للبنت فإن كان الزوج جعل ذلك بيد أبيها من غير أن يشترط عليه ذلك الوالد فإن القول في ذلك قول البنت ويمنع أبوها من الفراق إن أحبت هي البقاء بخلاف الأول فإنه حق للأب لا يخرج من يده إلا بنظر السلطان.
ـــــــ
1 رواه أبو داود في كتاب الطلاق باب 2. الموطأ في كتاب القدر حديث 7. أحمد في مسنده (2/311).

(5/203)


ولو شرط أن لا يطأ أم ولد أوسرية: لزم في السابقة منهما على الأصح لا في أم ولد سابقة في
-----------------------------
فرع: منه أيضا قال: فإن التزم لها التصديق بالضرر بغير يمين فقال ابن رشد اختلف في ذلك فروى سحنون أنه قال: أخاف أن يفسخ النكاح قبل البناء فإن دخل بها فلا يقبل قولها إلا ببينة على الضرر وحكى ابن دحون أنه كان يفتي بأن ذلك لا يلزم ولا يجوز إلا بالبينة ثم قال: ولا اختلاف أنه إذا لم يكن مشترطا في أصل العقد أنه جائز.
فرع: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونا عليها قال ابن عرفة :بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه وجري الأحكام الشرعية فيه انتهى. وظاهر كلام ابن عرفة: بشرط أمن من الطريق والموضع المنتقل إليه وجرى الأحكام الشرعية فيه انتهى. وظاهر كلام ابن عرفة أنه من عنده ونص على ذلك ابن الجلاب في باب النفقة إلا شرط جري الأحكام فليس صريحا في كلامه ونقل في التوضيح كلامه في باب النفقات وقال البرزلي الذي استقر عندي من أحوال قرب القيروان حين كنت مقيما بها أنها لا تتناولها الأحكام الشرعية فلا تمكن الفارة من زوجها من الخروج إلى القرى أو إلى الجبال التي حولها وبلاد هوارة مثل برقة انتهى. فلو كان الطريق مخوفا أو الموضع المنتقل إليه لم يجبرها على السفر فلو رضيت بالسفر معه للموضع المخوف أو الطريق المخوف وأراد أبوها منعها فهل له ذلك لم أر فيه نصا ووقعت وأفتى فيها بعض المالكية والشافعية بأن له منعها ويمكن أن يوجه بأنه لما كان الموضع أو الطريق مخوفا سقط جبر الزوج إياها على السفر وصارت هي المختارة للسفر وقد صرح في التوضيح في باب الجهاد وغيره بأن للأبوين المنع من سفر الخطر والبحر فيكون له المنع وتوقف والدي فيها ولكنه مال إلى أن له المنع والله أعلم. ص: "ولو شرط أن لا يطأ أم ولد أو سرية لزم في السابقة منهما على الأصح لا في أم ولد سابقة في لا أتسرى" ش: اعلم أن ابن غازي قال: لفظة لا يتسرى أشد من لفظه لا يتخذلان المشهور في لا يتسرى يلزم في السابقة واللاحقة وفي لا يتخذ يلزم في اللاحقة قال: وأما"لا يطأ" فهو أشد من"لا يتسرى" باعتبار ما فقد قال ابن عات: قال ابن نافع: إنما التسري عند الاتخاذ وليس الوطء فإن وطىء جارية لا يريد

(5/204)


لا أتسرى ولها الخيار ببعض شروط ولو لم يقل إن فعل شيئا منها.
-----------------
اتخاذها للولد فلا شيء عليه إلا أن يكون شرط إن وطىء جارية فيلزمه انتهى. كلام ابن غازي بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى فعلى ما قال: من أن لفظه لا يطأ أشد من"لا يتسرى"لكونه يلزم فيها في السابقة واللاحقة أحرى فيكون قصد المؤلف أنه يلزم في السابقة في "لا يطأ" فيلزم في اللاحقة من باب أحرى ولو قال: المؤلف "ولو في السابقة منهما" أو "وإن في السابقة" لا تضح ولكن يحمل على هذا وأما قوله "لا في أم ولد سابقة في لا أتسرى" فيكون مشى فيه على قول سحنون القائل بأنه لا يلزمه في السابقة في لا يتسرى وإنما يلزمه في اللاحقة ويبقى الكلام على ظاهره تكلف والله أعلم. وصورة المسألة أنه شرط عتق من يتسرى أو يتخذ أو يطأ فهو أي العتق المعنى بقولهم لزم أو ما لزم هذا فرض المسألة في المطولات والله أعلم.
فرع: من شرط لزوجته أن لا يتسرى معها قال ابن سلمون: فإن زنى بامرأة فلها أن تأخذ بشرطها لأنها إنما اشترطت عليه أن لا يجامع معها امرأة سواها فإن تزوج عليها وقد اشترطت عليه التسري فلا يمنع من ذلك وما جعل لها من بيع لازم لأنها بمنزلة الوكيل يعزلها عن ذلك متى شاء وقيل: ليس له عزلها وكذلك إن قال لها أن تدبرها عليه أو هي صدقة لم يقض عليه بها انتهى. ص: "ولها الخيار ببعض شروط ولو لم يقل إن فعل شيئا منها" ش: يشير بهذا إلى أن المرأة إذا اشترطت في عقد الصداق شروطا على زوجها فإذا فعل بعض تلك الشروط فلها القيام ولو لم يقل الموثق إن فعل شيئا من ذلك فأمرها بيدها وإنما قال: فإن فعل ذلك ويشير بـ"لو" إلى قول محمد بن العطار أنه إذا لم يقل الموثق إن فعل شيئا من ذلك فليس لها القيام بفعل الزوج بعض الشروط وممن نقل المسألة على هذا الوجه المتيطي في

(5/205)


وهل تملك بالعقد النصف فزيادته كنتاج وغلة ونقصانه لهما وعليهما؟ أولا؟ خلاف. وعليها نصف قيمة الموهوب والمعتق يومها،
-----------------------
فصل الشروط ونصه: وقولنا فإن فعل شيئا من ذلك هو الصواب لقول أبي محمد العطار وغيره من الموثقين: إن العاقد إذا قال فإن فعل ذلك ولم يقل شيئا من ذلك فلا يجب لها الأخذ بشرطها حتى يفعل جميع ما عقد عليه اليمين وإذا قال فإن فعل شيئا من ذلك ففعل فعلا واحدا من الجملة كان لها الأخذ بشرطها وانتقد ذلك عليه أبو عبد الله محمد بن الفخار وغيره وقالوا: الحكم في ذلك سواء وللمرأة أن تأخذ بشرطها إن فعل واحدا من الجملة في الوجهين جميعا لأن الحنث في الأيمان يقع بفعل البعض قال محمد بن عرفة: وقد قال: الله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} إلى قوله {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} ولم يقل ومن يفعل شيئا من ذلك والسر أنه يستحق العقاب بفعل البعض كما يستحقه بفعل الجميع كذلك يجب للمرأة الأخذ بشرطها وتستحق ذلك بفعل أحد الضررين كما تستحقه بفعل الضررين جميعا انتهى. ونقل بعد هذا الكلام عن بعض الموثقين أنه قال: إذا كانت الشروط انعقد عليها النكاح فالحكم كما قال ابن الفخار وإن طاع الزوج بها فالقول قوله مع يمينه والله أعلم. ص: "وعليها نصف قيمة الموهوب والمعتق يومهما" ش: اعلم أن القيمة تتعين في ذوات القيم والمثل في ذوات الأمثال فإذا وهبت العبد أو أعتقته أو دبرته أو تصدقت به أو أعتقته إلى أجل أو أخدمته ذلك مما هو مثل هذا على القول بأنها لا تملك بالعقد ولا النصف قاله ابن عبد السلام.
فرع: قال ابن عرفة: اللخمي للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والهبة والصدقة اتفاقا

(5/206)


ونصف الثمن في البيع ولا يرد العتق إلا أن يرده الزوج لعسرها يوم العتق ثم إن طلقها عتق النصف بلا قضاء
-----------------------
انتهى ص: "ونصف الثمن في البيع" ش: قال: في الشامل إن لم تخاب ص: "ولا يرد العتق إلا أن يرده الزوج لعسرها يوم العتق" ش: قال في المدونة: وإن كان عبدا فأعتقته غرمت نصف قيمته يوم العتق ولا يرد العتق معسرة كانت أو موسرة لأنها إن كانت موسرة يوم أعتقت لم يكن للزوج كلام وإن كانت معسرة يوم العتق وقد علم الزوج فترك ذلك رضا ولو قام حينئذ رده إن شاء إن زاد على ثلثها ولم يعتق منه شيء قال أبو الحسن الصغير: قال اللخمي: إن لم يعلم الزوج حتى طلقها وهي الآن بمعسرة وكانت يوم الجمعة والعتق موسرة مضى وإن كانت معسرة ذلك اليوم إلى اليوم كان له أن يرد هبتها وعتقها وهذا هو المعروف من قوله وهو مبني على أن النصف مترقب وأما على القول بأنه بالعقد وجب جميعه فلا رد له ولا مقال لأن مقاله كان قبل الطلاق لحقه في مال الزوجة فزال بالطلاق وصار حقه من أجل الدين وهو طارىء بعد الطلاق انتهى. والظاهر أن مراده بقوله"كان له أن يرد هبتها على المعروف" أن يردها على المعروف أي يرد النصف من ذلك وهذا ظاهر وعلى هذا فقول المصنف"يوم العتق بعسرها" يعني أن تكون يوم العتق معسرة يريد أو كان العبد أكثر من ثلثها فإن الزوج له رد العتق في جميعه كما سيأتي في باب الحجر قال المصنف: وله رد الجميع إن تبرعت بزائد فإذا رد الزوج العتق فلا يعتق من العبد شيء وكذلك لو كان صداق وكان أكثر من ثلثها ويفهم ذلك من التوضيح وليس هذا الحكم الموطأ بالعتق بل وكذلك الهبة والصدقة وأما وقت الرد فلم يفهم من كلامه ونقول يريد ما لم يعلم به ويسكت والله أعلم. ص: "ثم إن طلقها عتق النصف بلا قضاء" ش: وانظر هل يكمل عليها إن اختارت عتقه أم لا وقول المصنف "عتق النصف" يريد والعبد باق بيدها قاله ابن عبد السلام قال: وكذا الهبة والصدقة فلو مات الزوج عتق جميع العبد.

(5/207)


وتشطر ومزيد بعد العقد وهدية اشترطت لها أو لوليها قبله ولها أخذ منه بالطلاق قبل المسيس وضمانه إن هلك ببينة أو كان مما لايغاب عليه منهما وإلا فمن الذي في يده وتعين ما اشترته من الزوج وهل مطلقا وعليه الأكثر؟ أو إن قصدت التخفيف؟ تأويلان وما اشترته من
------------------------
فرع: قال ابن عرفة: ولو أعتقت عبدها ولا مال لها غيره فرد الزوج عتقها ثم طلقها أو مات عتق عليها جميعه انتهى. والله أعلم. ص: "وتشطر ومزيد بعد العقد" ش: قال البرزلي في مسائل النكاح: سئل اللخمي عمن يريد في صداق زوجته هل تنتفع بذلك عند موت أو فراق أو فلس أو رجوع عن هبة؟ فأجاب الزيادة لازمة للزوج ليس له رجوع عنها ولها أخذه بذلك ما لم يقع فلس أو موت فتبطل لكونها هبة لم تقبض. قلت: ويتخرج على القول بأن الهبة جائزة غير لازمة أن له الرجوع فيها متى أحب وعلى مذهب آخر أنها كالبيع لا تبطل مطلقا وأحفظ هذا عن خارج المذهب حكاه في القبس ص: "وضمانه إن هلك ببينة أو كان مما لا يغاب عليه منهما" ش: يريد أو كان مما يغاب عليه وهو بيد أمين قاله في التوضيح ص: "وتعين ما اشترته من الزوج" ش: فليس له أن يطلب نصف الأصل وليس لها هي أن تجبره على نصف الأصل وإنما يجوز بتراضيهما قاله ابن الحاجب وقبله في التوضيح. وقال في المتيطية في كتاب الطلاق في فصل طلاق من لم يدخل

(5/208)


جهازها وإن من غيره وسقط المزيد فقط بالموت وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء أو لا شيء له وإن لم تفت إلا أن يفسخ قبل البناء فيأخذ القائم منها لا أن فسخ بعده روايتان.
------------------------
بها: وإن كانت اشترت به أي بالصداق مالا يصلح لجهازها رجع بنصف العين عليها ولم يكن له في متاع شيء إلا أن تكون ابتاعت ذلك من الزوج أو من غيره بإذنه فيكون حكمه حكم ما يصلح لجهازها ويأخذ نصفه ولا يكون له سواه قاله في المدونة وهو بمنزلة ما أصدقها إياه قال الشيخ أبو عمران: يعني إنها بينت للزوج أن تشتري في ذلك بالصداق قال بعض القرويين: وقول أبي عمران إن هذا جيد إذا قبضت صداقها وافترقا من المجلس ولو اشترت ذلك منه في المجلس لما احتيج إلى بيان أن ذلك من الصداق ص: "وهل مطلقا وعليه الأكثر أو إن قصدت التخفيف تأويلان" ش: الأول تأويل الأكثر كما ذكره والثاني: تأويل القاضي إسماعيل ورجحه ابن عبد السلام ص: "وما اشترته من جهازها وإن من غيره" ش: قال: في الشامل إن لم تكن ذات عيب إلا أن يعلم بها ونقله في التوضيح وأصله للخمي ص: "وسقط المزيد بالموت فقط" ش: احترز بقوله "فقط" من الهدية المشترطة في العقد فإنها لا تسقط بالموت بل تكمل به أو بالدخول فلها حكم الصداق من كل وجه قاله في التوضيح والشامل في الكبير ص: "وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء أو لا شيء له وإن لم تفت إلا أن يفسخ قبل البناء منهالا إن فسخ بعده روايتان" ش: الذي حصله ابن رشد في هذه المسألة في ثاني مسألة من سماع أصبغ من كتاب النكاح أن من أهدى لامرأة هدية قبل البناء ثم طلقها قبله أو بعده فلا رجوع له في هديته وإن كانت قائمة لأنه طلق باختياره ولو شاء لم يفعل فلا شيء له فيما أعطى ولم يحك في ذلك خلافا وأما من لم يجد النفقة فطلق عليه فقال في السماع المذكور لا يرجع قال ابن رشد: وهو على أصله في أن ذلك طلاق يجب للمرأة فيه نصف الصداق قال:

(5/209)


وفي القضاء بما يهدى عرفا قولان وصحح القضاء بالوليمة دون أجرة الماشطة وترجع عليه بنصف نفقة الثمرة والعبد.
---------------------
وعلى قول ابن نافع الذي لا يرى للمرأة في ذلك شيئا ويرى الطلاق منه كفرقة الجنون والجذام يكون له أن يرجع في هديته إن كانت قائمة وأما إذا فسخ النكاح قبل البناء فإنه يرجع في هديته إن كانت قائمة ولو كان النكاح مما يثبت بعد البناء لأن ما أهدى عليه قد بطل كما قال سحنون: في جامع البيوع فيمن وضع من ثمن سلعة باعها بسبب خوف المبتاع تلفها أو خسارته من ذلك أنه له الرجوع بما وضع ومثل سماع يحيى في الأيمان بالطلاق فيمن يؤخذ في الحق بسبب فلا يتم له السبب ولابن القاسم في الدمياطية: لا يرجع بها ولو كان النكاح صحيحا فوجد بالزوجة عيبا يجب له به ردها فردها به قبل البناء لكان له الرجوع في هديته على ما في الصداق من المدونة في الهبة لأجل البيع أنه إذا رد السلعة بعيب رد الهبة أيضا خلافا لسحنون في قوله لا يرجع بالهبة قال: ولا اختلاف في أنه إذا

(5/210)


وفي أجرة تعليم صنعة قولان، وعلى الولي أو الرشيدة مؤنة الحمل لبلد البناء المشترط إلا لشرط ولزمها التجهيز على العادة بما قبضته إن سبق البناء وقضي له إن دعاها لقبض ما حل إلا أن يسمي شيئا فيلزم.
--------------------
فسخ النكاح بعد البناء أنه لا شيء له في الهدية وإن كانت قائمة إلا أن تكون الهدية بعد الدخول والفسخ بحدثان ذلك فله أخذها وأما إن طال الزمن جدا السنتين والسنين قبل الفسخ ثم فسخ فلا شيء له وهذا كله في الهدية التي يتطوع بها الزوج شرط ولا جرى بها عرف وأما المشترطة فحكمها حكم الصداق في جميع الأحوال والتي جرى بها العرف أجراها ابن حبيب على القول بوجوب القضاء بها مجرى الصداق يرجع بنصفها في الطلاق فعلى قوله إن طلق قبل أن يدفعها يلزمه نصفها وأبطلها مالك عن الزوج في الموت والطلاق على القول بأنه لا يحكم بها حكمها حكم التي تطوع بها من غير شرط وقد مضى القول في ذلك والله الموفق انتهى. بالمعنى مختصرا وقال في الشامل: ولا يرجع بشرط هدية طاع بها بعده يعني بعد العقد ولو كانت قائمة على الأصح انتهى. ص: "ولزمها التجهيز على العادة بما قبضته" ش: قال البرزلي في مسائل النكاح عن ابن مغيث: إن أبان الزوج زوجته ثم راجعها لم يلزمها أن تتجهز إلا بما قبضت في المراجعة خاصة وأما بنصف نقدها الذي قبضته قبل

(5/211)


ولا تنفق منه ولا تقضي دينا إلا المحتاجة وكالدينار ولو طولب بصداقها لموتها فطالبهم بإبراز جهازها لم يلزمهم على المقول ولاء بيها بيع رقيق ساقه الزوج لها للتجهيز وفي بيعه الأصل قولان، وقيل دعوى الأب فقط في إعارته لها في السنة بيمين وإن خالفته الابنة لا إن
---------------------
البناء فلا انتهى. من أوائل والله أعلم. ص: "وقبل دعوى الأب فقط في إعارته لها في السنة بيمين وإن خالفته الابنة" ش: هو نحو قوله في توضيحه وإن جهزها يعني الأب ولم يصرح بهبة ولا عارية ثم ادعى أنه عارية عندها فإن قام عن قرب من البناء فالقول قول مع يمينه كان ما ادعاه معروفا له أم لا وسواء أقرت بذلك الابنة أم لا إذا كان فيما ساق لزوجها وفاء بما أعطاها سوى هذا الذي ادعاه الأب وإن بعد فلا قيام له قال: في الواضحة وليست السنة بطول وقال غير واحد من الموثقين: إن قام قبل العام فالقول قوله بغير يمين لأن مثل هذا عرف بين الآباء وإن

(5/212)


-------------------------------------
قام بعد العام لم يلتفت إلى قوله وقال أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم العشرة أشهر عندي كثير تقطع حجة الأب انتهى. وزاد ابن عرفة قولين آخرين وسيأتي كلامه وما ذكره المصنف من قبول دعوى الأب هو المشهور ومقابله لابن القاسم في الدمياطية أنه إنما يصدق في العارية إذا كان له على أصل العارية بينة قربت المدة أو بعدت وإلا لم يصدق قال ابن سلمون في وثائقه وإذا ادعى الأب العارية فيما جهز به ابنته زائدا على النقد كان القول قوله ما لم يطل ذلك بعد البناء وليست السنة في ذلك بطول وفي الدمياطية أنه إنما يصدق في ذلك إذا كان له على أصل العارية بينة وإلا لم يصدق في ذلك قرب أو بعد والمشهور ما تقدم انتهى. وأطلق المصنف في الابنة وخصها ابن حبيب بالبكر قال في التوضيح: إثر كلامه المتقدم ولا يقبل دعوى العارية إلا من الأب في ابنته البكر وأما الثيب فلا لأنه لا قضاء للأب في مالها انتهى.
قال ابن رشد: ومثل البكر الثيب التي في ولايته قياسا على البكر ومثل الأب الوصي فيمن في ولايته بكر أو ثيب مولى عليها وأما الثيب التي ليست في ولاية أبيها فهو في حقها كالأجنبي وكذا سائل الأولياء غير الأب في البكر والثيب لا يقبل قولهم إذا خالفتهم المرأة أو وافقتهم وكانت سفيهة ويقيد أيضا كلام المصنف بما إذا كان فيما بقي بعد ما ادعاه وفاء بقدر مهرها كما تقدم بيانه في كلام التوضيح وابن سلمون وأصله لابن حبيب في الواضحة وأصبغ في العتبية فإن لم يكن فيما بقي فنقل في الواضحة عن ابن المواز أنه يقبل قوله بيمينه أيضا ويحضر ما قبل لها من الصداق وفصل في العتبية في ذلك فقال إن عرف أصل ما ادعاه له أخذه أيضا واتبع بوفاء المهر وإن لم يعرف أصله له فإنما يصدق فيما زاد على قدر الوفاء به ويتضح لك جميع ما تقدم بالوقوف على كلام الواضحة والعتبية وكلام ابن رشد عليها.
قال في الواضحة في كتاب النكاح في أثناء ترجمة ما جاء في مهور النساء: وإن ادعى الأب بعض ما جهز به ابنته البكر بعد دخولها على زوجها وأنه له وأنه لم يعطها إياه وإنما كان عارية منه لها فالقول قوله مع يمينه إذا كان فيما ساقت الابنة إلى زوجها وفاء بما أعطاها سوى هذا الذي يدعيه الأب عرف ذلك له قبل ذلك أو لم يعرف أقرت الابنة أو لم تقر ما لم يطل زمان ذلك جدا ولا أرى السنة طولا قال: ولا يكون القول قوله في ابنته الثيب لأن مالها في يدها وفي ولايتها ولا قضاء للأب فيه ولا قول وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي في مال الأجنبية وكذلك الولي مع البكر والثيب هو بمنزلة الأب أي وهو كالأجنبي مع الثيب فقط وهكذا أوضح لي من كاشفت عنه من أصحاب مالك وإن لم يكن فيما ساقت بعد دعواه العارية كفافا لما أصدق الزوج حلف الأب أنه عارية وكان على سبيل العارية وعلى الأب أن يحضر ما قبض لها من الصداق غير العارية وقد ذكره ابن المواز انتهى. وقوله:" كالأجنبي في

(5/213)


--------------------------------
مال الأجنبية" يقتضي أنه إذا ثبت أن أصل ذلك المال له فيكون له أخذه وهو ظاهر والله أعلم. وقال في العتبية في المسألة الرابعة عشر من سماع أصبغ من كتاب النكاح قلت: يعني لابن القاسم فلو زوج ابنته وهي بكر رجلا فأدخلها عليه ومضى لدخولها حين ثم قال الأب فادعى بعض ما جهزها به وزعم أنه إنما كان عارية منه ليجملها به وصدقته الابنة أو أنكرت ما ادعى وزعمت أنه لها ومن جهزها فإن القول قول الأب إذا قدم بحدثان ما ابتنى الزوج بها وليس للزوج مقال والأب مصدق ولا يلتفت إلى إنكار الابنة في ذلك ولا إقرارها لأن هذا من عمل الناس معروف ذلك من شأنهم يستعيرون المتاع يتجملون به ويكثرون بذلك الجهاز إذا كان فيما بقي من المتاع وفاء بالمهر فإذا كان هذا فليس للزوج مقال وسواء كان ذلك المتاع معروفا أصله للأب أو غير معروف هو فيه مصدق إذا كان فيما بقي وفاء بالمهر.
قلت: فإذا كان قيام الأب يحدثان دخول زوجها بها وكان أصل المتاع معروفا للأب وليس فيما بقي من الجهاز ما فيه وفاء بالمهر قال: فهو للأب إذا عرف أصله له ويتبع الزوج الأب بوفاء الصداق حتى يتم له من الجهاز لابنته ما فيه وفاء بما أصدقها قال ابن رشد: فإن الأب مصدق فيما ادعى مما جهز به ابنته أنه كان على عارية منه لها بشرطين: أحدهما أن يكون ذلك بحدثان البناء والثاني أن يكون فيما بقي بعد ما ادعاه وفاء بالمهر يريد أنه مصدق في ذلك مع يمينه كذا قال ابن حبيب وزاد فقال: ولا أرى السنة فيه طولا وهذا في الأب خاصة في ابنته البكر وأما في الثيب وفي وليته البكر أو الثيب فلا وهو فيها كالأجنبي وقاله بعض أصحاب مالك فأما إيجاب اليمين في ذلك على الأب فصحيح ولا يقال إن اليمين تسقط عنه من أجل أن الوالد لا يحلف لولده إذ ليس ذلك حكما عليه باليمين وإنما هو حكم له به إن شاء أن يأخذ ويحلف حلف وأخذ وإن شاء أن يترك ترك وإنما خص بذلك الأب في البكر لأنها في ولايته ومالها في يديه فعلى قياس هذا يكون في الثيب إذا كانت في ولايته بمنزلته في البكر ويكون الوصي فيمن إلى نظره من اليتامى الأبكار والثيب بمنزلته أيضا ويحمل قوله "وأما في الثيب" أنه أراد بها الثيب التي لا ولاية له عليها وقوله"إذا ادعى الأب بحدثان البناء وفيما بقي وفاء بالمهر فليس للزوج فيه مقال" كلام صحيح لأنه إذا لم يكن فيما بقي وفاء بالمهر فإنما يصدق فيما زاد على قدر الوفاء به بخلاف إذا عرف أصل المتاع له لأنه إذا عرف أصل المتاع له فيأخذه ويتبع بوفاء المهر إذ من حقه أن يجهز زوجته به إليه انتهى. واقتصر ابن عرفة على نقل كلام العتبية وكلام ابن رشد عليها وقال بعد قول ابن رشد فعلى قياس هذا يكون في الثيب إذا كانت في ولايته بمنزلته في البكر ويكون الوصي فيمن إلى نظره من اليتامى الأبكار والثيب بمنزلته.
قلت: كقولها يعني المدونة في حوزه لها ما وهبه لها ثم قال: وذكر المتيطي قول ابن حبيب وقال بعض الموثقين يكون للأب ما وجد من ذلك ولا شيء على الابنة فيما فوتته من

(5/214)


----------------------------
ذلك أو امتهنته أو زوجها معها ولا ضمان عليه لتملك الأب ذلك وقال غير واحد من الموثقين إن قام قبل مضي عام من يوم بنائه قبل دخوله دون يمين لأنه عرف من فعل الآباء وإن قام بعد عام سقط قوله وقال أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم قول ابن القاسم القول قول الأب ما لم تثبت الابنة أو زوجها مضي السنة ونحوها قال: والعشرة أشهر عندي كثير تسقط دعوى الأب وقال في موضع آخر: إن طلب لأب الشورة بعد ثلاثين يوما من بنائها حلف على دعواه عاريتها وأخذ ما حلف عليه قال بعض الموثقين: هذه المسألة في سماع أصبغ ابن القاسم قال فيه: إن قام بحدثان بنائها صدق ولفظ التصديق عند شيوخنا إن وقع نفي اليمين ولم يحد في سمع أصبغ إلا أن الشيخ أبا إبراهيم جليل في العلم والورع ممن يلزمنا الاقتداء به قال أبو إبراهيم: وادعاء الأب لما في يد ابنته من الأمور الضعيفة التي لنا فيها الاتباع لسلفنا ولولا ذلك كان الوجه عدم خروج ما بيدها إلا بما تخرج به من سائر الحقوق ولا سيما ما بيد البكر. قلت: قوله:" ليس فيه إلا الاتباع" يريد بما استدل به ابن القاسم من العرف ولا يخفى وجوب العمل بالعرف على مثل الشيخ أبي إبراهيم كدلالة إرخاء الستور ونحوه وأجاب ابن عات في أب ادعى أن نصف ما شور به ابنته البكر عارية له بعد أربعة أعوام من بنائها أنه غير مصدق في دعواه ابن سهل: وكذا الرواية عن مالك وابن القاسم وغيرهما في الواضحة والعتبية وغيرهما ولا خلاف أعلمه فيها وجواب ابن القطان أن الأب مصدق فيما زاد على قدر النقد من ذلك خطأ زاد المتيطي قال بعض شيوخنا: الذي في الرواية إذا قام بعد طول مدة فلم ير ابن القطان هذه المدة طولا. قلت: لعله نحا بها منحى مدة الحيازة ففي بطلان دعواه العارية وعشرون أو بها أو نحوها بدلا منها ثالثها بعشرة أشهر ورابعها بما زاد على سنة وخامسها لا تبطل بأربعة أعوام للمتيطي واحد من الموثقين وأبي إبراهيم عن ابن القاسم واختياره ودليل قول ابن حبيب وابن القطان انتهى. كلام ابن عرفة بلفظه وقوله:" بدلا منها" أي من السنة يعني لا بمجموعها فمضي السنة أو نحو السنة كاف في بطلان دعواه العارية ونبه به خشية توهم تكراره مع القول الرابع: وهو قول ابن حبيب القائل بأن بطلان دعواه إنما يكون بما زاد على السنة إلا أن ابن عرفة لم يتعرض لبيان مقدار الزيادة وقال البرزلي بعد قول ابن حبيب وليست السنة في ذلك طولا.
قلت: ذكر هنا أن السنة قريب ومفهومه أن أكثر منها طول وهي تجري على مسألة الشفعة فيكون الخلاف في مقدار زيادة الأشهر كالثلاثة ونحوها مما يصيرها طولا انتهى.
تنبيهات: الأول: علم مما تقدم في كلام صاحب التوضيح وكلام ابن عرفة أن قول غير

(5/215)


---------------------------------
واحد من الموثقين مخالف لقول ابن حبيب وأن الفرق بينهما أن الأب لو قام بدعوى العارية بعد كمال السنة لم تقبل ودعواه عند غير واحد من الموثقين وتقبل بيمين عند ابن حبيب ولا تبطل إلا بالزيادة على السنة وحمل الشارح قول المصنف في السنة على قول غير واحد من الموثقين وجعله موافقا ابن حبيب ونصه وما ذكره من سنة أي فأدنى ذهب إليه غير واحد من الموثقين وحكاه في النوادر عن ابن حبيب وقال أبو إبراهيم العشرة الأشهر عندي تقطع حجة الأب انتهى. وما عزاه للنوادر عن ابن حبيب هو قوله المتقدم وليست السنة في ذلك بطول وما ذكره من التوفيق بين القولين مخالف لما تقدم وقول المصنف:"في السنة" ظاهره يقتضي أنه قول غير واحد من الموثقين كما قاله الشارح وقوله:"بيمين" هو قول ابن حبيب فلعله مشى على قبول الدعوى في السنة على قولهم وفي إيجاب اليمين على قول ابن حبيب فتأمل والله أعلم.
الثاني: قال الشارح في حل قول المصنف:" وقبل دعوى الأب" ما نصه: أي إذا ادعى أن الذي دخلت به عارية له أو لغيره فإنه يصدق إن قام بقرب البناء مع يمينه انتهى. فقوله:"عارية له أو لغيره" صريح في أنه لا فرق فيما يدعي الأب إعارته لها بين أن يدعي أنه ملك أو لغيره ويعضده قول العتبية المتقدم لأن هذا من عمل الناس معروف ذلك من شأنهم يستعيرون المتاع فيتجملون به ويكثرون بذلك الجهاز انتهى. فتأمله والله أعلم.
الثالث: ذكره البرزلي في مسائل النكاح عن ابن عرفة أنه أفتى بأن الأم كالأب قال: فعارضته بقول ابن حبيب وذكر كلام ابن حبيب المنقول عن الواضحة فوقف في المسألة وأرشد إلى الصلح فوقع الصلح مع الزوج والصواب على ما وقع هنا أن لا مقال لها إلا أن تكون وصية أو على ما قال في المدونة: إنه استحسن إن توصي بولدها في المال اليسير كالستين دينارا فيكون القول قولها في هذا القدر أو يرى أن الأم بخلاف غيرها بدليل جواز اعتصارها ما وهبته في حياة الأب بشرطه انتهى. ونقل صاحب المسائل الملقوطة عن إملاء الأقفهسي مثل ما قال: البرزلي إنها ليست كالأب ونصه ومن إملاء القاضي جمال الدين الأقفهسي إذا ادعى الرجل أن جهاز ابنته عارية قبل السنة فله ذلك بيمين وأما بعد السنة فإن أشهد عليها بذلك فهو له وإن لم يشهد فليس له ذلك إلا أن تصادقه على ذلك فيكون من ثلثها لحق الزوج ولا تصدق الأم لا قبل السنة ولا بعدها انتهى. لكن قول الأقفهسي في الأب :"فإن أشهد عليها بذلك" إلى آخر كلامه يقتضي أن الضمير في قوله يعود على الابنة واشتراط الإشهاد على الابنة بالعارية هو قول ابن القاسم في الدمياطية المتقدم ذكره وسيأتي أيضا عن ابن رشد وغيره في القولة التي بعد هذه في شرح قول المصنف:" لا إن بعد" ولم يشهد أن قول الدمياطية مخالف للمشهور وأن المشهور من انتفاع الأب بالإشهاد بالعارية فقط ولو لم تعلم الابنة بالإشهاد بها ويمكن أن يعود الضمير في "عليها" للعارية وهو الأولى ليوافق المشهور فتأمله والله

(5/216)


بعد ولم يشهد فإن صدقته ففي ثلثها
---------------------
أعلم ص: "لا إن بعد ولم يشهد وإن صدقته ففي ثلثها" ش: تقدم في كلام الواضحة أن القول قول الأب ما لم يطل زمان ذلك جدا وقال في التوضيح: قال بعض الموثقين: فإن كان قيام الأب على بعد من البناء والأصل له معروف أم لا ثم قال: فليس له ذلك وهو للابنة بطول حيازتها ولا ينفعه إقرار الابنة إذا أنكر الزوج ابن الهندي: إلا أن تكون خرجت من ولاية أبيها فيلزمها الإقرار في ثلثها وللزوج فقال فيما زاد على الثلث انتهى. وما عزاه في التوضيح لبعض الموثقين نحوه لأصبغ عن ابن القاسم في العتبية ونصه إثر كلامه المتقدم في القولة التي قبل هذه.
قلت: يعني لابن القاسم: فإن طال الزمان ثم قام الأب يدعي ذلك وفيما بقي بعد ما ادعى وفاء بالمهر وكان الأصل معروفا من غير معروف كانت الابنة مقرة أو منكرة قال: إذا لم يعرف أصل المتاع له وطالت حيازتها للمتاع الزمان الطويل فأرى للزوج في هذا مقالا ولا أرى فيه مصدقا إذا جاء مثل هذا من الطول والبعد وأراه بطول حيازتها.
قلت: فإن كانت مقرة بأن المتاع للأب ولم تنكر ما ادعى الأب من ذلك قال: لا يجوز إقرارها إذا بلغ هذا الحد من الطول لأن إقرارها هنا عطية مبتدأة ولا يجوز إقرارها إذا رد عليها ذلك زوجها وإن كان فيما يبقى بعد ذلك وفاء بالمهر.
قلت: فإن عرف أصل المتاع للأب قال: عرف أصله له أو لم يعرف فطول حيازتها له هذا الزمان يقطع دعوى الأب إذا أنكر الزوج والمرأة قال ابن رشد: قوله:"إن للزوج فيه مقالا" فيه نظر إذ لا كلام للزوج فيما دون الثلث من مالها إلا على وجه الحسبة لكونها مولى عليها لا تجوز عطيتها في شيء من مالها لأبيها ولا لغيره وقوله:"إن طول حيازتها يقطع دعوى

(5/217)


واختصت به إن أورد ببيتها أو أشهد لها أو اشتراه الأب لها ووضعه عند: كأمها وإن وهبت له الصداق أو ما يصدقها به قبل البناء جبر على دفع أقله وبعده أو بعضه فالموهوب كالعدم،
-------------------
الأب إذا أنكر الزوج" معناه إذا أنكر بالحسبة إذ ليس له معنى يذكر له سوى ذلك وفي قوله:"إذا أنكر الزوج أو المرأة" دليل على أنهما لو لم ينكرا وسلما جميعا ورضيا لجاز ذلك للأب وهو بعيد إلا أنه دليل الخطاب وقد اختلف في القول به فلا ينبغي أن يعمل به انتهى. وحاصله أنه إذا بعد ولم يشهد فلا يقبل قوله إذا كذبته الابنة وكذا إن صدقته وكانت سفيهة وإن كانت رشيدة وصدقته ففي ثلثها إذا كانت على وجه العطية وإن لم يكن على وجه العطية فقال القرافي في الذخيرة في كتاب الحجر: قال في النوادر: قال عبد الملك: إذا أقرت في الجهاز الكثير أنه لأهلها جملوها به والزوج يكذبها فإن لم يكن إقرارها بمعنى العطية نقدا وبمعنى العطية رد إلى الثلث انتهى. وإذا كان هذا في أهلها فأحرى الأجانب والله أعلم. وفهم من قول المصنف:"ولم يشهد" أنه لو أشهد نفعه ذلك وإن طال الزمان وظاهره سواء أشهد على العارية أو على أصل العارية وهو كذلك على المشهور وهو ظاهر إطلاق كلامه في التوضيح أيضا ونصه لو أشهد أن الذي شور ابنته به إنما هو على وجه العارية نفعه ذلك وله أن يسترده متى شاء ولو طال ذلك انتهى. ومقابل المشهور قول الدمياطية المتقدم.
قال ابن رشد: إثر كلامه المتقدم وفي الدمياطية لابن القاسم أن الأب إنما يصدق فيما

(5/218)


------------------------------
ادعى من جهاز ابنته بعد البناء أنه عارية لها وإن كان فيما بقي وفاء بالمهر إذا كان على أصل العارية بينة والمشهور ما تقدم في المسألة قبل هذه أنه مصدق إذا أشهد على العارية وإن طال الأمر إذا كان فيما بقي وفاء بالمهر وإن لم يكن فيما بقي وفاء به صدق فيما زاد على قدر الوفاء به انتهى. كلام ابن رشد والفرق بين الإشهاد على العارية والإشهاد على أصل العارية أن الإشهاد على العارية لا يشترط فيه علم الابنة بالإشهاد بل إذا أشهد الأب بالعارية فقط نفعه ذلك علمت الابنة به أم لا والإشهاد على أصل العارية هو الإشهاد على الابنة بالعارية ويتضح لك ذلك بالوقوف على المسألة التي أشار إليها ابن رشد وكلامه عليها ونصها قال أصبغ: سئل ابن القاسم عن الرجل يزوج ابنته ويخرج جهازا وشوارا فيقول أشهدكم أن هذا عارية في يد ابنتي ولم يروا البنت ولم تحضر فطلب الأب المتاع والشورة بعد ذلك فلم يقدر عليه عند ابنته وقد شهد الشهود أنه أدخله بيت زوجها فقال إن كانت بكرا وقد علمت بالعارية فلا ضمان عليها إلا أن يكون هلاكه يوم هلك بعد أن رضي حالها فهي ضامنة له إلا أن يكون طرقها من ذلك أمر من الله عز وجل تقيم عليه بينة وإن لم تكن علمت بذلك فلا شيء لها أصلا وإن حسنت حالها أو كانت ثيبا فعلمت بذلك فهي ضامنة له وإن لم تعلم فلا ضمان على واحد منهما البكر والثيب فيما لم تعلم ولم تقبله على وجه العارية وقاله أصبغ ولا شيء على الزوج في هذا كله إذا لم يستهلك هو شيئا من ذلك استهلاكا وهذا فيما يفضل عن صداقها وجهازها مما لا تجهز به من صداقها ولا عطية أبيها لها.
قال ابن رشد: قوله: "إنه لا ضمان على الابنة فيما جهزها به الأب من المتاع وأشهد أنه عارية عندها إذا لم تعلم بالإشهاد ولم تقبله على وجه العارية" صحيح إذ ليس لأحد أن يضمن أحدا ضمان ما لم يلتزم ضمانه وحسبه أن ينفعه الإشهاد في استرجاع متاعه وإن طال زمان ذلك عند الابنة انتهى. وبالله التوفيق ونقله ابن عرفة وقال البرزلي: ولابن فتحون في وثائقه: إذا ساق سوى نقدها وأورده فلا يخلو إما أن يصرح بالهبة أو بالعارية أو يسكت فالأول لا فقال له في استرجاعه لملكه والثاني له أن يسترجعه متى شاء طال الزمان أو قصر فإن أتلفته في هذا القسم في حال سفهها فلا ضمان عليها وأن أتلفته بغدر سدها ضمنته وهذا إذا أشهد بالعارية أو علمت بها فإن لم يكن واحد منهما فلا ضمان عليها وإن كانت رشيدة والتفريط جاء من قبل الأب والثيب مثلها ولا شيء على الزوج في الوجهين إذا لم يكن استهلكه رواه أصبغ عن ابن القاسم وقال ابن عبد الغفور: وإن أشهد عند البناء أنه عارية كان القول قوله وإن طال زمانه ولا ينظر إلى أصل المتاع عرف للأب أو لم يعرف وليس له أن يأخذ إلا ما وجده ولا يتبعها بما لبست أو أتلفت لأنها في ولاية أبيها وهو الذي سلطها عليه ولابن القاسم في الدمياطية أن الأب إنما يصدق فيما ادعى من جهاز ابنته بعد البناء أنه عارية له ولو كان فيما بقي وفاء بالمهر إذا كان على أصل العارية بينة والمشهور ما في العتبية

(5/219)


إلا أن تهبه على دوام العشرة كعطيته لذلك ففسخ،
--------------------
وانظر سماع أصبغ من الشرح انتهى. ويسير بذلك لكلام العتبية المتقدم وكلام ابن رشد عليها.
تنبيهان: الأول: تحصل مما تقدم أن شهادة الأب على العارية ينفعه في استرجاع متاعه وإن طال الزمان على المشهور والبكر والثيب مع الإشهاد في ذلك سواء ولا ضمان عليها فيما تلف إلا أن تعلم المالكة متهما لأمرها بالعارية فتضمن ما تلف قال ابن سلمون: وحكم سائر الأولياء في الإشهاد حكم الأب ونصه وإن كان أشهد حين التجهيز فإن ذلك منه عارية كان القول قوله وإن طال الزمان ويكون له أخذ ما وجد من ذلك ولا ضمان على الابنة فيما تلف من ذلك ولا على زوجها قال في سماع أصبغ: فإن أشهد على الشورة أنها عارية قبل الدخول ثم قام يطلبها كان له ذلك وإن كانت ثيبا وعلى هذا يكون حكم سائر الأولياء كذلك مع الإشهاد وإذا تلف شيء من ذلك لم يكن عليها شيء إلا أن تعلم المالكة لأمرها أن ذلك عارية فتضمن ما تلف انتهى.
الثاني: نقل البرزلي عن فتوى أشياخه أن حكم الإشهاد بعد الدخول في المدة التي يقبل فيها دعوى الأب العارية حكم الإشهاد قبل الدخول ونصه بعد كلام ابن عبد الغفور المتقدم: قوله يصدق في العارية إذا أشهد عند البناء بها يريد وكذلك بعده فيما يقبل دعواه فيه العارية كذلك كان أشياخنا يفتون به انتهى. وقوله فيما يقبل دعواه فيه العارية يفهم منه اختصاص الانتفاع بالإشهاد بعد الدخول فالأب والوصي في البكر أو الثيب المولى عليها والأم على فتوى ابن عرفة وهو ظاهرها والله أعلم. ص: "إلا أن تهبه على دوام العشرة كعطية لذلك ففسخ" ش: قال: في أواخر كتاب الجامع من البيان في سماع عبد الله ابن عمر بن غانم: وسئل ابن كنانة عن الرجل يقول لامرأته إن لم تضعي عني مهرك فأنت طالق إن لم أتزوج عليك

(5/220)


وإن أعطته سفيهة ما ينكحها به ثبت النكاح ويعطيها من ماله مثله وإن وهبته لأجنبي وقبضه ثم طلقها اتبعها ولم ترجع عليه إلا أن تبين أن الموهوب صداق وإن لم يقبضه أجبرت هي والمطلق إن أيسرت يوم الطلاق.
--------------------------
فتضع ذلك عنه هل ترى ذلك حلالا؟ قال: لا لأنه خيرها بين أن تضع عنه مهرها وبين أن يضرها وإنما قاله الله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} قال ابن رشد: قوله:"إن ذلك لا يحل له" بين إن لم تضع ذلك له عن طيج نفس وإنما وضعته عنه مخافة أن يلزمها الطلاق إن لم يضرها بالتزويج عليها فتلزمه الوضيعة ويقضى عليها بها ولا يكون لها الرجوع فيها إن طلقها أو تزوج عليها بمنزلة أن لو قال: لها أنت طالق إن لم تضعي عني مهرك فوضعته عنه فلما وضعته طلقها ويؤمر أن يستحلها من ذلك أو يرده عليها من غير قضاء يقضى به عليه ولو سألها أن تضع صداقها دون أن يحلف على ذلك بالطلاق فلما وضعته عنه طلقها بحدثان ذلك كان لها أن ترجع عليها بما وضعت عنه لأنها إنما وضعت عنه ذلك رجاء استدامة العصمة فلما لم يتم لها المعنى الذي وضعت الصداق عنه بسببه وجب لها الرجوع به والذي قال: لزوجته أنت طالق إن لم تضعي عني صداقك أو أنت طالق إن لم تضعي عني صداقك لأتزوجن عليك فوضعته عنه ليس هذا أن ترجع فيه وإن طلقها بفور ذلك أو تزوج عليها لأن الذي وضعت عليه الصداق قد حصل لها وهو سقوط اليمين عنه بطلاقها أو بطلاقها إن لم يتزوج عليها فلو شاءت نظرت لنفسها وقالت له لا أضع عنك الصداق إلا على أن لا تطلقني بعد ذلك ولا تتزوج علي وقد مضى هذا المعنى في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب الطلاق السنة انتهى. وقال في التوضيح في فصل الخلع.

(5/221)


وإن خالعته على كعبد أو عشرة ولم تقل من صداقي فلا نصف لها ولو قبضته ردته لا إن قالت طلقني على عشرة أو لم تقل من صداقي فنصف ما بقي
-------------------------------------------
فرع: وإذا أعطته مالا على أن يمسكها ثم فارقها عاجلا فقالوا: لها الرجوع وأما إن كان بعد طول فحيث يرى أنها بلغت غرضها لم ترجع ولو طال ولم يبلغ ما يرى أنها دفعت المال لأجله كان له من المال بقدر ذلك على التقريب فيما يرى وهكذا قال مالك: فيمن أسقطت صداقها عن زوجها على أن لا يتزوج عليها فطلقها بحضرة ذلك إن لها الرجوع وإن طلقها بعد ذلك بحيث يرى أنه لم يطلقها لذلك لم ترجع أصبغ: إلا أن يكون الطلاق بحدثان الإسقاط ليمين نزلت ولم يتعمد ولم يستأنف يمينا فلا شيء عليه ورأى اللخمي أن لها الرجوع ولو كان الطلاق ليمين نزلت ولم يتعمد انتهى. وقال: ولو أعطته على أن لا يتزوج عليها فتزوج رجعت ولو تأخر تزويجه انتهى. وما ذكره المصنف هنا ليس بتكرار في الظاهر لقوله المتقدم إلا أن تسقط ما تقرر بعد العقد لأنه تكلم هناك على جوازه وهنا على الرجوع والله أعلم. ص: "وإن خالعته على كعبد أو عشرة ولم تقل من صداقي فلا نصف لها ولو قبضته ردته لا إن قالت طلقني على عشرة أو لم تقل من الصداق فنصف ما بقي" ش: يعني إذا خالعته على عبد أو شيء تعطيه من مالها فلا نصف لها وتقدم كلامه وإن خالعته على كعبد فلا نصف لها ولو قبضته ردته وهذه المسألة هي التي قال ابن الحاجب: فيها ولو خالعته على عبد أو شيء تعطيه لم يبق لها طلب بنصف الصداق على المشهور انتهى. ومعنى قوله:"أو عشرة ولم تقل من صداقي" هو متعلق بقوله:"أو عشرة" أي قالت خالعني على عشرة ولم تقل من صداقي فلا نصف لها ولو قبضته ردته فقوله:"ولم تقل من صداقي" هو متعلق بقوله:"أو عشرة" وما ذكره المصنف في هذه المسألة هو قول ابن القاسم وقال أشهب: لها نصف

(5/222)


---------------------------
الصداق. ولما مشى المصنف على قول ابن القاسم وكانت هذه تشبه ما إذا خالعته على عبد أو شيء تعطيه جمعهما للاختصار انتهى. وكذا قال في التوضيح: لما فرغ من توجيه قول ابن القاسم: وعلى هذا فهذه المسألة بمنزلة ما إذا خالعته على عبد أو شيء انتهى. وما مشى عليه المؤلف مخالف لما مشى عليه ابن الحاجب فإنه مشى على قول أشهب وأما قوله:"لا إن قالت طلقني" إلى آخره فيعني به أن قولها:"طلقني" ليس كقولها:"خالعني" بل هو مخالف له ولها نصف ما بقي هذا معنى كلامه أما كون طلقني مخالفا لخالعني فلا شك فيه وأما قوله:"لها نصف ما بقي" فلم أره منقولا في التوضيح ولا اللخمي الذي نقله عنه في التوضيح وإنما لها النصف من أصل الصداق ويقاصها بعشرة وقد عقد اللخمي لهذه المسألة فصلا في التبصرة في كتاب إرخاء الستور فليذكره قال رحمه الله: باب حكم الصداق في المختلعة قبل الدخول وبعده وهل يسقط الخلع ديون الزوجة وإذا قالت اخلعني أو اتركني أو تاركني أو بارئني على عشرة دنانير وكانت مدخولا بها كانت له العشرة ولها صداقها كاملا وسواء قالت ذلك مطلقا أو شرطت العشرة من صداقها وإن كانت غير مدخول بها وقالت بارئني على عشرة دنانير فإن شرطت العشرة من الصداق سقطت العشرة من جملته وكان الباقي بينهما نصفين وسواء قالت اخلعني أو طلقني إذا شرطت العشرة من الصداق واختلف إذا لم تشترط من الصداق وقالت على عشرة دنانير ولم تزد على ذلك فقال ابن القاسم إن قالت طلقني على عشرة دنانير كانت له العشرة والصداق ثابت بينهما يقتسمانه نصفين وإن قالت اخلعني لم يكن لها من الصداق شيء وإن لم تكن قبضته لم تأخذ شيئا وإن قبضته ردت جميعه وقال أشهب قولها طلقني واخلعني له العشرة ولها نصف الصداق قبضته أو لم تقبضه وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: إن لم تكن قبضته لم تأخذ شيئا وإن قبضته فهو لها كله ولا شيء له إلا ما خلع عليه وإن قبض بعضه لم يكن له مما قبض شيء وسواء قالت اخلعني أو طلقني وقول أشهب: أحسن لأن قولها اخلعني أو بارئني أو تاركني إنما يتضمن خلع النفس والإبراء من العصمة والمتاركة فيها ليس الإخلاع من المال ولا الإبراء منه ولا المتاركة فيه ولو كان ذلك لسقط الصداق عنه إذا كان مدخولا بها وكذلك غيره من ديونها وقد أجمعوا أن هذه الألفاظ الانخلاع والمبارأة والمتاركة إنما يراد بها بعد الدخول النفس دون المال فوجب أن يكون حقها في النصف قيل الدخول ثابتا وكذلك إن لم يكن دخل بها وكان لها عليه دين فقالت اخلعني أو بارئني لا خلاف أن دينها باق وكذلك إذا قالت قبل الدخول اخلعني على ثوبي هذا أو عبدي هذا فعلى قول ابن القاسم يسقط الصداق ولا يكون لها منه شيء قبضته أم لم تقبضه وعلى قول أشهب يمضي العبد أو الثوب للزوج والصداق عليه وهو أحسن في هذا الأصل انتهى. فعلم من هذا أن المؤلف إنما مشى في مسألة خالعني على عشرة إلى آخره على قول ابن القاسم لأنهم جعلوا سقوط النصف في المسألة خالعني على ثوبي مقيسا على

(5/223)


وتقرر بالوطء ويرجع أصدقها من يعلم بعتقه عليها وهل إن رشدت وصوب أو مطلقاً إن لم يعلم الولي تأويلان وإن علم دونها لم يعتق عليها وفي عتق عليه قولان،
-----------------------------------
قوله خالعني على عشرة. وقال ابن الحاجب: إن سقوط النصف في"خالعني على ثوب" ونحوه هو المشهور فعلم أن قول ابن القاسم في المسألة خالعني على عشرة هو المشهور والله أعلم. ص: "ويرجع أن أصدقها من يعلم بعتقه عليها" ش: قوله يرجع بالمثناة التحتية وقوله يعلم اختلفت فيه النسخ ففي بعضها بالتحتية وفي بعضها بالفوقية فأما على النسخة التي فيها بالمثناة التحتية فالمعنى أن الزوج يرجع على المرأة إذا طلقها قبل البناء وكان قد أصدقها من الرقيق من يعتق عليها وهو يعلم ذلك يريد بنصف قيمة ذلك الرقيق وظاهره سواء علمت هي أم لم تعلم وإذا رجع عليها مع علمه فأحرى أن يرجع عليها مع عدم علمه فحاصله أنه يرجع عليها في الأربع الصور سواء علما أو جهلا أو علم دونها أو العكس وهذا ظاهر المدونة على ما اختاره ابن القاسم قال فيها: وإن تزوجها على من يعتق عليها عتق عليها بالعقد فإن طلقها قبل البناء رجع عليها بنصف قيمته كانت معسرة أو موسرة ولا يتبع العبد بشيء ولا يرد عتقه كمعسر أعتق فعلم غريمه والزوج لم ينكر حين أصدقها إياه قد علم أنه يعتق عليها فلذلك لم أرده على العبد بشيء وقد بلغني عن مالك استحسان أنه لا يرجع الزوج على المرأة بشيء وقوله الأول أحب إلي انتهى. قال أبو الحسن الصغير: معنى مسألة المدونة أنهما عالمان قال اللخمي: وكذلك لو كانا جاهلين حكى القولين فيهما ثم قال أبو الحسن: وإن علمت دونه فحكى ابن يونس عن مالك أن له أخذ نصفه ويمضي عتق نصفه إلا أن يشاء اتباعها بنصف قيمته فذلك له ويمضي عتقه كله وقاله عمن كاشفت من أصحاب مالك وقال أبو عمران: لا يرجع في عين العبد وليس له إلا اتباعها ولو كان الزوج عالما لعتق عليه ويغرم لها قيمته فإن

(5/224)


وإن جنى العبد في يده فلا كلام له وإن أسلمته فلا شيء له إلا أن تحابي فله دفع نصف الأرش والشركة فيه وإن فدته بأرشها فأقل:لم يأخذه إلا بذلك وإن زاد على قيمته وبأكثر: فكالمحاباة ورجعت المرأة بما أنفقت على عبد أو ثمرة وجاز عفو أبي البكر عن نصف الصداق قبل وبعد الطلاق:
-------------------------------
طلق قبل البناء فعليه نصف قيمته انتهى. فتأمل والله أعلم. وكلام ابن غازي على هذه المسألة جيد والله أعلم. ص: "وإن جنى العبد في يده فلا كلام له" ش: فأحرى إذا كانفي يدها والكلام لها في الوجهين وقصد المؤلف إلى المشكل من الوجهين ص: "ولو قال: الأب بعد

(5/225)


ابن القاسم وقبله لمصلحة وهل هو وفاق؟ تأويلان وقبضه مجيز ووصي وصدقاً ولو لم تقم بينة وحلفاً ورجع إن طلقها في مالها إن أيسرت يوم الدفع وإنما يبرئه شراء جهاز تشهد بينة بدفعه لها أو إحضار بيت البناء أو توجيهه إليه.
----------------------------------
الإشهاد بالقبض لم أقبضه حلف الزوج في كالعشرة الأيام" ش: ليس هذا بمعارض لقوله

(5/226)


وإلا فالمرأة وإن قبض اتبعته أو الزوج ولو قال: لأب بعد الإشهاد بالقبض لم أقبضه خلف الزوج في كالعشرة الأيام.
----------------------------------------
فيما تقدم ونقل هكذا مقتض لقبضه بل المراد به أن هذا اللفظ مقتض للقبض وإذا كان كذلك فغايته أنه كالتصريح بالقبض فإن ادعى فيه ما ادعت في التصريح قبل قولها ولا إشكال في ذلك والله أعلم.

(5/227)


فصل إذا تنازعا في الزوجية
إذا تنازعا في الزوجية ثبتت بينة،
----------------------------------------
فصل إذا تنازعا في الزوجية ثبتت ببينة
قدم ابن الحاجب هذا الفصل على فصل الصداق وينبغي أن يكون الفاعل المضمر يعود على المتنازعين المفهومين من السياق أو إلى الزوجين لكن قال ابن عبد السلام: في تسميتهما زوجين تجوز والله أعلم.
مسألة: قال البرزلي: إذا شهد الشهود على المرأة على عينها أو كانوا يعرفونها فيلزمها النكاح ولو كانوا إنما شهدوا عليها بمعرف كما هو الواقع في أنكحة بكذا فالأمر في ذلك مشكل إذا لم يوثق بالمعرف ولو وثق به لكانت بمنزلة من شهد عليه بحق فأنكر أن يكون

(5/227)


ولو بالسماع بالدف والدخان وإلا فلا يمين ولو أقام
------------------------------------------
المشهود عليه فذكر ابن رشد أن الأصل أنه هو حتى يثبت أن ثم غيره على صفته ونصبه فيكون حينئذ الإثبات على الطالب في تعيينه دون غيره انتهى.
فرع: قال ابن عرفة ابن سحنون: لو قال في يتيمة بعد أن بلغت وقالت قبلة فرجع سحنون عن قبول قولها القبول قوله ابن سحنون لو قال تزوجتك وأختك في عقد واحد ابن عبد الحكم: أو قال وأختك عندي وقالت تزوجتني وحدي أو لم تكن عندك أختي فسخ لإقراره بفساده وعليه نصف المسمى إن لم يبن وإن لم يسم فلا شيء عليه ابن عبد السلام: لها المنفعة ابن سحنون وإن بنى لم يصدق في إبطال الطلاق والسكنى وكذا إن قال تزوجتها في عدة قلت: كذا وجدته في نسخة عتيقة مصححة في إبطال الطلاق والسكنى وهو وهم في السكنى لاقتضائه سقوطها لو ثبت ببينة وليس كذلك وتقدم نحوه لابن بشير والرد عليه بنص ثالث نكاحها من نكح ذات محرم ولم يعلم ففرق بينهما بعد البناء فلها السكنى لأنها تعتد منه وإن كان فسخا انتهى. ذكر ذلك في فصل التنازع في الزوجية ص: "ولو بالسماع بالدف والدخان" ش: وصفة شهادتهم قال في المتيطية: أنهم سمعوا سماعا فاشيا مستفيضا على ألسنة أهل العدل وغيرهم أن فلانا المذكور نكح فلانة هذه بالصداق المسمى وأن وليها فلانا عقد عليه نكاحها برضاها وأنه فشا وشاع بالدف والدخان انتهى. ص: "وإلا فلا يمين" ش: ظاهره ولو طارئين وعزا ابن عرفة هذا المعروف المذهب وجعل مقابله قولين توجيهها مطلقا والتفريق بين الطارئين وغيرهما قال: ودعوى النكاح على منكره دون شاهد في سقوطها ولزوم يمين المنكر كغير النكاح ثالثها إن كانت بين طارئين لمعروف المذهب وحكاية المتيطي نقل ابن الهندي قائلا لما روى أشبه شيء بالبيع النكاح وقول ابن حارث اتفقوا على لغو دعوى النكاح اتفاقا محملا فسره سحنون بقوله إن كانا طارئين وجبت الأيمان بينهما انتهى. والذي صدر به ابن رشد وساقه على أنه المذهب لزوم اليمين للطارئين وحكى الآخر بقوله وقد قيل إنه لا يمين عليها ذكر ذلك في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح وإطلاق الشيخ هنا كإطلاقه في باب الأقضية في قوله"وكل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها ولا ترد كنكاح" وما ذكر ابن عرفة أنه المعروف قال: في الشامل إنه الأصح وسيأتي لفظه في القولة التي بعد هذه وأما إقرار الزوج والولي دون المرأة فيؤخذ حكمه مما تقدم للمصنف إذ قال: وحلف رشيد وأجنبي وامرأة إلى آخره والله أعلم. ص: "ولو أقام

(5/228)


المدعي شاهداً وحلفت معه وورثت وأمر الزوج باعتزالها لشاهد ثان زعم قربه،
-----------------------------------------
المدعي شاهدا" ش: سيصرح المصنف بهذه المسألة في كتاب الشهادات حيث يقول: وصله بشاهده في طلاق وعتق لا نكاح انتهى. وظاهره ولو كانا طارئين وهو ظاهر كلامه في الشامل ونصه: وإذا تنازعا في الزوجية فلا يمين على منكر ولو طارئا على الأصح لانتفاء ثمرتها ولو أقام شاهدا وقيل: يحلف فإن نكل غرم المهر ولا يثبت النكاح كنكولها إلا ببينة انتهى. ص: "وحلفت معه وورثت" ش: هذا قول ابن القاسم قال في التوضيح: وعليه فإنما تحلف مع شاهدها وترث إذا لم يكن عند وارث معين ثابت النسب انتهى. وسيصرح المصنف بهذه المسألة في باب الشهادات حيث ذكر ما يثبت بشاهد ويمين حيث قال: ونكاح بعد موت وظاهره عموم الحكم بهذه المسألة ولعكسها وهي ما إذا أقام الرجل شاهدا على نكاح امرأة ببينة أنه يحلف ويأخذ الميراث قال ابن فرحون: في شرح ابن الحاجب: ولا صداق لها على قول ابن القاسم لأن الصداق من أحكام الحياة قاله في حواشي التجاني انتهى. كلامه والله أعلم. ص: "وأمر الزوج باعتزالها الشاهد ثان زعم قربه" ش: هذه المسألة في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب الخلع وهذا والله أعلم. إذا ادعى هذا المدعي أنه كان تزوجها ودخل بها وأما لو ادعى أنها تزوجها ولم يدخل بها فقد تقدم في مسألة الوليين أن دخول الثاني: يفيتها والله أعلم.
تنبيه: قال في السماع المذكور: وكذلك العبد والجارية يدعيان الحرية إذا أقاما شاهدا واحدا ويدعيان مع ذلك أمرا قريبا فيوقفان على صاحبهما ويخرجان عن يديه لذلك قال ابن رشد: قال في كتاب ابن المواز: إذا لم يقم لها شاهد آخر أو كان ذلك بعده حلف السيد ولا شيء على الزوجة ولا على الزوج قال ابن رشد: أما قوله"لا شيء على الزوجة ولا على الزوج" فصحيح لأنهما لو أقرا له أو أحدهما بما ادعاه من النكاح لم ينتفع بذلك وأما قوله"حلف السيد" فصحيح على ما في المدونة وغيرها إذا كان ادعى على السيد أنه أعتقه وأقام على ذلك الشاهد وأما إن كان ادعى أنه حر من أصله وأن غيره أعتقه قبل أن يشتريه وهو وأقام على ذلك شاهد فلا يمين على الذي هو بيده والجواب في ذلك أن يوقف عنه ويحال بينه وبين وطئها إن كانت أمة ويؤخذ في طلب شاهد آخر الشهر والشهرين والثلاثة وإن أراد أن يذهب إلى موضع بيته كان ذلك له بعد أن يعطى حميلا بقيمته وإن كانت له غلة وخراج فقيل إنه يوقف ذلك فإن استحق الحرية كان له ما وقف من خراجه وقيل إنه لا يوقف ذلك إلا في حال الأعذار بعد ثبوت الحرية بشاهدين وقيل: لا يوقف

(5/229)


فإن لم يأت به فلا يمين على الزوجين وأمرت بانتظاره لبينة قريبة ثم لم تسمع بينته إن عجزه قاض مدعي حجة وظاهرها القبول إن أقر على نفسه بالعجز وليس لذي ثلاث: تزويج خامسة إلا بعد طلاقها وليس إنكار الزوج طلاقاً ولو ادعاها رجلان فأنكرتهما أو أحدهما وأقام كل البينة فسخا: كالوليين،
--------------------------------------
ذلك والغلة للذي هو في يديه حتى يقضى عليه بحريته وكلها قائمة من المدونة انتهى. مختصرا ص: "وأمرت بانتظاره لبينة المساجد" ش: قال في التوضيح عن المتيطي: الذي جرى به العمل عند شيوخنا وانعقدت الأحكام عليه أن تجعل المرأة عند امرأة صالحة تحتفظ بها أو تجعل المرأة عندها وإلا فتحبس في الحبس حتى يحق الحق انتهى. وفي الشامل: وهل بحميل وجه إن طلبه أو تحبس عند امرأة؟ وبه جرى عمل المتأخرين انتهى. ص: "وليس لذي ثلاث تزويج خامسة" ش: قال في التوضيح ابن راشد: ويلزم على هذا أن لا تمكن من النكاح إن ادعته وأنكرها لأنها معترفة أنها ذات زوج انتهى. ص: "وليس إنكار الزوج طلاقا" ش:.
فرع: إذا أقامت المرأة على الرجل المنكر شاهدين ولم يأت بدافع لزمه النكاح والدخول والنفقة ولا ينحل النكاح عنه إلا بالطلاق فإن طلق قبل البناء لزمه نصف الصداق فإن أبى

(5/230)


وفي التوريث بإقرار الزوجين غير الطارئين والإقرار بوارث وليس ثم وارث ثابت خلاف بخلاف الطارئين وإقرار أبوي غير البالغين وقوله تزوجتك فقالت بلى أو قالت طلقني أوخالعتني أو قال:اختلعت مني أو أنا منك مظاهر،
-----------------------------------------
من الدخول والطلاق فقال ابن الهندي: كان بعض من أخذت عنه يقول: إن السلطان يطلق عليه بعد أربعة أشهر من وقت إبايته خليل: وفيه نظر لأن مشهور المذهب فيمن ترك وطء زوجته لغير يمين يطلق بغير ضرب أجل انتهى. من التوضيح ص: "وفي التوريث بإقرار الطارئين" ش: هذا إذا لم يكن مع المرأة ولد استلحقه الرجل فإن كان كذلك فترث بلا خلاف كما أشار إليه ابن الحاجب وصرح به في التوضيح وقاله ابن رشد في سماع ابن القاسم من كتاب الاستلحاق ولم يحك فيه خلافا.
فرع: قال ابن عبد السلام: وكذلك ينبغي إذا أقرت ولم يعلم منه إنكار أن يرثها انتهى.
فرع: قال في التوضيح: قال في الجواهر: ومن احتضر فقال لي امرأة بمكة سماها ثم مات فطلبت ميراثها منه فذلك لها ولو قالت ذلك هي ورثها ابن راشد وعلى ما حكاه في المثمر إن كان في عصمته امرأة غيرها لم ترثه لأن هذه قد حازت الميراث انتهى. ص: "والإقرار بوارث وليس عند وارث ثابت خلاف" ش: أما لو كان هناك وارث ثابت لم يرثه كما سيأتي في باب الاستلحاق ص: "بخلاف الطارئين" ش: يؤخذ منه إن نكاح الطارئين يثبت الإقرار منهما بخلاف البلديين كما قاله ابن عبد السلام وغيره وسواء طرءا معا أو طرأ الرجل قبل المرأة قاله اللخمي ابن عرفة: وحكم به قاضي الأنكحة حين نزلت بتونس عام بضع وأربعين وسبعمائة خلاف ظاهر قول ابن عبد السلام انتهى. بالمعنى وانظر كلام ابن رشد في رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح ص: "وقوله تزوجتك فقالت بلى" ش: قال

(5/231)


أو حرام أو بائن في جواب طلقني لا إن لم يجب أو أنت علي كظهر أمي أو أقر فأنكرت ثم قالت نعم فأنكر وفي قدر المهر أو صفته أو جنسه حلفا وفسخ والرجوع للأشبه وانفساخ النكاح بتمام التحالف وغيره كالبيع،
-----------------------------------
في التوضيح:ظ اعلم أن ما ذكره المصنف يعني ابن الحاجب هنا من الإقرار إنما يفيد في الطارئين وأما غيرهما فلا لأنه تقدم إنهما ولو تصادقا على الزوجية لم يقبل على الظاهر انتهى.
فرع: قال ابن فرحون في التبصرة في الفصل الخامس من القسم الثاني من الركن السادس: مسألة إذا تداعى رجل وامرأة في شيء من أمور الزوجية وأقر بالزوجية فإن كانا طارئين لم يتعرض لهما الحاكم وإن كانا من أهل البلد وادعيا وقوع الزوجية في البلد كلفهما إثبات النكاح وسألهما عن الولي العاقد والشهود بذلك فإن بان له كذبهما وأقرا بالوطء أقام عليهما الحد انظر ابن سهل ص: "وفي قدر المهر أو صفته" ش: هذا معطوف على قوله في الزوجية في أول الفصل واختلافهما في الصفة مثل أن يقول الرجل بدنانير يزيدية وتقول المرأة بمحمديه قاله ابن عبد السلام وقال في التوضيح: مثل أن تقول بتركي وتقول بزنجي وكلاهما واحد وهو واضح والله أعلم. ص: "حلفا وفسخ" ش: المتيطي: إذا ارتفعا إلى الحاكم وثبتت

(5/232)


إلا بعد بناء أو طلاق أو موت فقوله بيمين ولو ادعى تفويضاً عند معتاده في القدرة والصفة
------------------------------------
مقالتهما عنده كلف كل واحد منهما إثبات ما ادعاه فإن عجزا عن البينة أو أتياه ببينة لا يعرفها ولا زكيت عنده قضى بينهما بالتحالف بعد الإعذار إليهما وقال بعده: ويؤجل كل واحد في تزكية شهوده على ما مضى عليه العمل في التأجيل قال: وهو أحد وعشرون يوما التي جرى عليها أمر الحكام في كثير من أحكامهم انتهى. وانظر لو زكى كل واحد بينته فإن عينت واحدة زمان غير زمان الأخرى فسيأتي للمصنف وإن عينتا زمنا واحدا فالظاهر أنهما يتساقطان والله أعلم. ص: "أو طلاق أو موتها فقوله بيمين" ش: قوله"أو طلاق" يعني قبل البناء وكذا قوله"أو موتها"يعني قبل البناء كذا فرض المسألة ابن الحاجب وغيره وقوله فقوله بيمين يريد فإن نكل حلفت المرأة في الطلاق قاله في المدونة والمتيطية وغيرهما وإن نكل في

(5/233)


ورد المثل في جنسه ما لم يكن ذلك فوق قيمة ما ادعت أو دون دعواه وثبت النكاح ولا كلام لسفيهة ولو قامت بينة على صداقين في عقدين: لزما وقدر طلاق بينهما وكلفت بيان أنه بعد البناء،
-----------------------------------
الموت فالظاهر أن الورثة يحلفون لأنه مثله هذا إذا كان الاختلاف بينه وبينها أو بينه وبين ورثتها في القدر والصفة وإن كان الاختلاف بينه وبينها أو بينه وبينهم في التفويض وعدمه فحكمه ومثله كما قال المتيطي. ولو مات وادعى ورثته التفويض فالقول قولهم بيمين قاله ابن عبد السلام ص: "ورد للمثل" ش: هكذا رأيته في نسخة وهو الصواب"رد" مبنيا للمفعول وللمثل بلام الجر ونائب الفاعل ضمير يعود على الزوج المفهوم من السياق يعني يرد عن الذي ادعاه إلى صداق المثل واعلم أن هذا إنما يكون بعد أن يتحالفا قاله في التوضيح وابن ناجي على المدونة وغيرهما والله أعلم. ص: "ولو أقامت بينتين على صداقين في عقدين لزما وقدر طلاق بينهما وكلفت بيان أنه بعد البناء" ش: اعلم أنه اختلف في فرض هذه المسألة ففرضها ابن شاس وابن فرحون وابن عرفة كلاهما عنه أن المرأة أقامت بينتين على عقدين وعينت كل بينة زمانا فحكمها كما ذكر وعلى هذا فيناسب أن يقرأ كلام المصنف"ولو أقامت" من باب الأفعال وهو كذلك في بعض النسخ وقوله "كلفت بيان إنه بعد البناء" ذكر ابن شاس قولين في تكليفها وتكليف الزوج وجزم الشيخ بالأول لأنه الجاري على المشهور من أنها لا تملك بالعقد إلا النصف وفرضها المصنف في التوضيح وابن عبد السلام أن الزوج ادعى قدرا أو جنسا وادعت خلافه وأقام كل منهما البينة على دعواه وعينت كل بينة زمانا غير الذي عينته الأخرى فإنه يلزمه الصداقان ويحمل على أنه طلقها إلى آخر الكلام إلا أن ابن عبد السلام قيد لزوم

(5/234)


وإن قال أصدقتك أباك فقالت: أمي حلفا وعتق الأب وإن حلفت دونه عتقا، وولاؤهما لها،
------------------------------
مجموع الصداقين انتهى. بما إذا أقامت المرأة بالنكاحين معا وأما إذا أقامت بأحدهما فلا يمكن أن تأخذ مجموع الصداقين وكأنه يقول: إن الزوج لما أقام بينة على خلاف ما أقامت هي عليه البينة قالت المرأة حينئذ ما شهدت به بينة الزوج صحيح لأنه عقد على عقدين أما لو اتحد زمان البينتين لسقطتا هذا الذي يظهر والله أعلم. ص: "وإن قال أصدقتك أباك فقالت أمي حلفا وعتق الأب" ش: اعلم أنه إن وقع الاختلاف ففيه أربع صور يحلفان ينكلان تنكل هي ويحلف هو وعكسه فإن حمل كلام المؤلف على أنه تكلم على ما قبل الدخول وفي بالكلام على الأربع واعلم أن النكاح علم حكمه مما تقدم أنهما إذا حلفا فسخ وكذا إذا نكلا عن المشهور وإذا نكل أحدهما لزم الناكل واعلم أيضا أن الأب يعتق في الصور الأربع وإن الأم إنما قوما إذا نكل الزوج وحلفت المرأة قاله ابن عبد السلام قال في المتيطية: وولاء الأب للبنت انتهى. وأما الأم فلا كلام أنها إذا عتقت يكون ولاؤها للبنت أيضا لأنها إنما قوما عليها وإن كان الاختلاف بعد البناء فإن القول قوله مع يمينه ويدفع إليها أباها وإن نكل فيعتقان معا الأب وعلى الزوج والأم على الزوجة بعد يمينها على المشهور وقيل: بغير يمين قاله في المتيطية وقال فيها أيضا: وولاؤهما للابنة إذا عتق الأب فلا رجوع للزوج على الزوجة بشيء لأنه إنما عتق بإقراره أنه حر فإن مات الأب عن مال أخذ الزوج قيمة الأب وكان ما بقي للابنة وهي الزوجة أيضا انتهى. والظاهر أن الزوج يأخذ أيضا قيمة الأب إذا مات عن مال وكان الاختلاف قبل البناء والله أعلم.
تنبيه: إذا حلفا أو نكلا وفسخ النكاح فهل يفسخ بطلاق أم لا ينبني ذلك على الاختلاف فيه هل يفسخ بتمام التحالف أم لا فإن قلنا لا ينفسخ بتمام التحالف وهو الذي مشى عليه المؤلف في باب البيع فلا إشكال إنه يفسخ بطلاق وإن قلنا يفسخ بتمام التحالف

(5/235)


وفي قبض ما حل فقبل البناء قولها وبعده قوله بيمين فيهما:
---------------------------------------
ففي ذلك نظر وهذا الحكم جار في هذا الباب جميعه والله أعلم. ص: "وفي قبض ما حل فقبل البناء قولها وبعده قوله بيمين فيهما" ش: هذا معطوف على قوله في الزوجية أول الفصل إذا تنازعا في قبض ما حل وقوله "قولها" بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي فالقول قولها وكذا قوله "وبعده فقوله" واعلم أنه إنما يكون القول قولها مع يمينها إن كانت رشيدة قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: إن كان التنازع قبل البناء حلفت المرأة إن كانت رشيدة وإلا حلف أبوها أو وصيها إن ادعى الزوج الدفع إليه انتهى. وقال المتيطي: وإن اختلفا في دفع المعجل قبل البناء حلفت المرأة إن كانت مالكة أمر نفسها وادعى دفع ذلك إليها أو حلف من زوجها أو من أب أو وصي أو ولي إن كانت محجورا عليها وادعى دفع ذلك إليهم فإن حلف من وجب عليه الحلف منهم دفع الزوج المعجل ثانية ودخل بأهله وإن صرفت اليمين عليه حلف وبرىء منه إن كانت ذات أب أو وصي أو مالكة أمر نفسها ووجب على الأب أو الوصي غرم ذلك لها ولا يبرأ منه إن كانت يتيمة بكرا ذات ولي ويلزمه دفعه ثانية ويتبع به الولي الذي حلفه وإن ادعى دفع ذلك إليها يريد المولى عليها قبل البناء أو بعده لم ينتفع بذلك ولا يجب عليها يمين إن أنكرته ولا يبرأ منه إن أقرت له لأنها سفيهة لا يجوز إقرارها ولا قبضها إلا أن يدعي دفع ذلك إليها بعد عام من دخوله بها فتجب له اليمين عليها

(5/236)


عبد الوهاب إلا أن يكون بكتاب وإسماعيل بأن لا يتأخر عن البناء عرفاً وفي متاع البيت فللمرأة المعتاد للنساء فقط بيمين وإلا فله بيمين،
--------------------------------
لأنها بتمام العام تخرج من سفهها وتنفذ أمورها على المختار من الاختلاف انتهى. وقول المؤلف "ما حل" يفهم منه أن المؤجل حكمه خلاف ذلك وهو كذلك قال ابن فرحون: والقول قولها فيما لم يحل وسواء وقع التنازع فيه قبل البناء أو بعده انتهى. وقال في المدونة: وإن نكح على نقد ومؤجل فادعى بعد البناء أنه دفع المؤجل وأكذبته فإن بنى بها بعد الأجل صدق وإن بنى بها قبل الأجل صدقت كان المؤجل عينا أو حيوانا مضمونا بعد الأيمان فيما ذكرناه انتهى. وقوله بيمين فيهما أي في صورة كون القول قولها أو قوله وانظر إذا نكل من القول قوله عن اليمين.
فرع: قال في التوضيح: وجعل في المدونة ورثة كل واحد من الزوجين يتنزل منزلة موروثه سواء ماتا معا أو أحدهما قال في المدونة: وإن قال ورثة الزوج في المدخول بها قد دفعه أو لا علم لنا فلا شيء عليهم فإن ادعى ورثتها عليهم العلم حلفوا أنهم لا يعلمون أن الزوج لم يدفع ولا يمين على غائب ومن يعلم أنه لا علم عنده انتهى. كلامه في التوضيح وقوله في المدونة "لا شيء عليهم" خلاف سماع القرينين ونقله ابن عرفة وقوله فيها "من يعلم أنه لا علم عنده" قال ابن ناجي: العلم هنا بمعنى الظن وكان شيخنا حفظه الله تردد في الزمن الذي يعتبر فيه العلم هل يوم العقد أو يوم الموت أو يوم الحكم ويذكر أنها وقعت في أيام شيخنا أبي عبد الله محمد القابسي في بلد القيروان وإن ولم يجزم بما وقع الحكم به والصواب عندي من العقد إلى دخوله والله أعلم. ص: "عبد الوهاب إلا أن يكون بكتاب وإسماعيل بأن لا يتأخر عن البناء عرفا" ش: هو تقييد وقيده عياض أيضا بما إذا ادعى دفعه قبل الدخول وأما إن ادعى دفعه بعد الدخول فلا يصدق فيه كسائر الديون قاله في التوضيح.
فرع: إذا أخذت بالصداق رهنا ثم سلمته فالقول قول الزوج مع يمينه أنه دفع ويبرأ وسواء دخل أو لم يدخل واختلف إذا دخل وبقي الرهن في يدها فقال سحنون: القول قول الزوج مع يمينه وقال يحيى: القول قولها مع يمينها واختاره اللخمي وغيره انتهى. من التوضيح وانظر اللخمي وابن عرفة والذخيرة فيما إذا أخذت به حميلا فإنهم أطالوا الكلام في ذلك والله أعلم. ص: "وفي متاع البيت فللمرأة المعتاد النساء فقط بيمين وإلا فله بيمين" ش: إذا تنازع الزوجان في متاع البيت قال ابن عبد السلام: كانا باقيين على الزوجية أو افترقا أو ماتا فاختلف ورثتهما أو مات أحدهما وسواء كانا حرين أو عبدين أو أحدهما حرا والآخر رقيقا أو حصل

(5/237)


-------------------------------------------
فيهما أو أحدهما عقد حرية مسلمين أو أحدهما أو لم تقم لهما أو لأحدهما بينة قضى للمرأة بما يعرف أنه للنساء وهو المشهور في المذهب انتهى. وقال ابن عرفة المتيطي عن ابن المواز وكذا الكافرون إن ترافعا إلينا لأنها مظلمة قلت: إن كانت مظلمة كفى فيها رفع المظلوم خلاف قوله ترافعا انتهى. وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: اعلم أنه لا فرق بين الزوجين والقرابة كالرجل ساكنا مع بعض محارمه انتهى. وافتراق الزوجين سواء كان بطلاق أو خلع أو لعان أو إيلاء الحكم واحد قاله في المدونة. قال ابن عرفة: وكون الدار للزوج أو للزوجة سواء انتهى. وقاله في المدونة.
فرع: فلو كان ما تنازعا فيه مما يكون للرجال والنساء فقال ابن رشد في رسم اغتسل على غير نية من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات لم يختلف قول مالك وابن القاسم في أن القول قول الزوج إذا اختلفا في متاع البيت وهو مما يكون للرجال والنساء وقال في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الشهادات الثاني: ويد الزوج عند ابن القاسم هي المغلبة على يد الزوجة إذا اختلفا فيما هو من متاع الرجال والنساء وقد قيل إنه لا يدلها معه فالقول قوله إذا اختلفا في متاع البيت وإن كان ذلك من متاع النساء انتهى.
فرع: قال في المدونة: وفيها من أقام بينة فيما يعرف للآخر أنه له قضى به انتهى. فلو أقام كل واحد من الزوجين بينة في شيء أنه له فالظاهر أنه يقضى بأعدل البينتين فإن تساويا رجح بسبب الترجيح فإن تكافأتا سقطتا ورجع في ذلك إلى أنه هل يعرف للرجال أو للنساء أو لهما قال: في النوادر في كتاب الشهادات في ترجمة المتداعيين في شيء بأيديهما أو في يد أحدهما أو في يد غيرهما وأقاما البينة ما نصه وسأله ابن حبيب عمن حكم عليه بدين فأثبت عدمه ببينة فأقام الطالب ببينة أن له دارا هو بها ساكن وأقامت امرأة الغريم بينة الدار لها قال يقضى بأعدل البينتين فإن الدار للزوج وتباع في دينه لأن سكناه أغلب من سكنى امرأته وعليه هو أن يسكنها انتهى. فينبغي ذلك أن جميع ما يعرف أنه للرجال يقضى به للرجل مع يمينه وكذا ما يعرف للرجال والنساء يقضى به للرجل مع يمينه لأن البيت بيت الرجل وما يعرف للنساء يقضى به للمرأة مع يمينها ووارث كل واحد منهما يتنزل منزلته فما يعرف للرجال يقضى به لورثة الرجل مع يمينهم وما يعرف للرجال والنساء يقضى به لورثة الرجل مع يمينهم وما يعرف للنساء يقضى به لورثة المرأة مع يمينهم أنه لها فإن أقام الرجل أو ورثته بينة على ما يعف للنساء أنه له قضى له به أولهم وكذا إذا أقامت المرأة أو ورثتها بينة على ما يعرف للرجال أو ما يعرف لهما قضى به لها ولهم وكذا إذا أقام الرجل بينة على أنه اشترى ما يعرف للنساء فإنه يقضي له به مع يمينه إنه اشتراه لنفسه كما سيأتي في كلام المؤلف إلا أن تشهد بينة للمرأة أو لورثتها أنه اشتراه لها وكذلك الحكم في المرأة إلا أن

(5/238)


ولها الغزل إلا أن يثبت أن الكتان له فشريكان وإن نسجت وإلا كلفت بيان أن الغزل لها،
-------------------------------------
في يمينها تأويلين كما سيذكره المصنف قال في المدونة: والمتاع الذي يعرف للنساء مثل الطست والنور والمنارة والقباب والحجال والأسرة والفرش والوسائد والمرافق والبسط وجميع الحلي إلا السيف والمنطقة والخاتم فإنه يعرف للرجل وللرجل جميع الرقيق ذكرانا وإناثا وأما أصناف الماشية وما في المرابض من خيل أو بغال أو حمير فلمن حاز ذلك انتهى. والحاصل أن العمدة فيما يعرف للرجال أو للنساء على ما جرى به العرف في مثل الزوجين قالوا: حتى إن الشيء الواحد في الزمن الواحد والمكان الواحد يكون من متاع الرجل بالنسبة إلى قوم ومن متاع النساء بالنسبة إلى آخرين والله أعلم.
تنبيهان: الأول: انظر لو نكل من توجهت عليه اليمين من الزوج أو الزوجة أو ورثته.
الثاني: سيأتي في أول الإقرار حكم من أشهد لامرأته أن كل شيء يغلق عليه باب بيتها فهو لها وانظر ابن سلمون في أوائل كتاب الوصايا في الحكم في الاختلاف في متاع البيت فإنه ذكر غالب ما يحتاج إليه فيه والله أعلم.
فائدة: قوله في المدونة مثل الطست قال ابن ناجي: جرت عادة أصحابنا يقرؤنه على شيوخنا بكسر الطاء وقال شيخنا: أعرف الرواية بفتح الطاء وقال في حاشية الحجازي على الشفاء في باب الثاني: الطسب بسين مهملة والتاء بل من سين فهو طس بالتشديد أبدلت للاستثقال وإذا أجمعت وصغرت ردت للفصل بين السين بألف الجمع أو ياء التصغير فتقول طساس وطسيس ويقال طسه تفتح الطاء في الجميع وتكسر وقد تضم والفتح أفصح ونقل عن صاحب القاموس أنه يقال بالشين انتهى. ص: "ولها الغزل إلا أن يثبت أن الكتان له" ش: ابن عرفة قلت: إن كان الزوج من الحاكة وأشبه غزله غزلها فمشترك وإلا فهو لمن أشبه

(5/239)


وإن قام الرجل بينة على شراء ما لها حلف وقضي له به كالعكس وفي حلفها تأويلان.
--------------------------------
غزله منهما انتهى. ص: "وإن أقام الرجل بينة على شراء ما لها حلف وقضى له به كالعكس وفي حلفها تأويلان" ش: قال ابن فرحون: الورثة في البينة واليمين بمنزلتهما إلا أنهم إنما يحلفون فيما يدعى عليهم فيه العلم فلو كان شيء من متاع النساء وادعى الزوج أنه اشتراه لنفسه ولا بينة حلفوا أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذا الذي يدعيه من متاع النساء وورثة الزوج بهذه المنزلة انتهى. وأصله في المدونة.
فرع: إذا طلقها وعليها ثياب وطلبته بالكسوة فقال لها ما عليك فهو لي وقالت بل هو لي أو عارية عندي فللأندلسيين في ذلك ثلاثة أقوال: فقال ابن الفخار: القول قول الزوج وقال ابن دحون: القول قول المرأة وقال المشاور: إن كانت من كسوة البذلة فالقول قوله مع يمينه وإلا فقولها مع يمينها فإذا حلفت كساها وإذا اشترى لزوجته ثيابا فلبستها في غير البذلة ثم فارقها وادعى أنها عارية وأنكرته قال: الداودي إن كان مثله يشتري ذلك لزوجته على وجه العارية فالقول قوله مع يمينه وإلا فقولها قاله في التوضيح.

(5/240)


----------------------------------------
فرع: قال ابن فرحون: إذا عرفت المرأة أنها فقيرة لم يكن القول قولها إلا في قدر صداقها انتهى.

(5/241)


فصل في الوليمة
الوليمة مندوبة بعد البناء يوماً وتجب إجابة من عين،
----------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
ص:"فصل الوليمة مندوبة بعد البناء يوما" ش: قال في العتبية في رسم طلق بن حبيب في سماع ابن القاسم من كتاب الجامع الخامس في ترجمة وجه الإطعام في الوليمة قال مالك: كان ربيعة يقول: إنما يستحب الطعام في الوليمة لإثبات النكاح وإظهاره ومعرفته لأن الشهود يهلكون قال ابن رشد: يريد أن هذا هو المعنى الذي من أجله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوليمة وحض عليها بقوله لعبد الرحمن بن عوف "أولم ولو بشاة" وبما أشبه ذلك من الآثار وقوله صحيح يؤيده ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر هو وأصحابه ببني زريق فسمعوا غناء ولعبا فقال: ما هذا؟ فقالوا: نكح فلان يا رسول الله فقال: " كمل دينه هذا النكاح لا السفاح ولا نكاح حتى يسمع دف أو يرى دخان وبالله التوفيق" انتهى. وقوله:"بعد البناء" هو المشهور قال في العارضة قال ابن حبيب: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الطعام على النكاح عند عقده وعند البناء وليس كما زعم ما أطعم قط إلا بعد البناء انتهى. وقال فيها أيضا ليس في الوليمة على بعض النساء أكثر من الوليمة على غيرها ما يخرج من العدل بينهن كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك لم يكن قصدا وإنما كان بقدر الوجد انتهى. وهذا إذا كان كذلك فواضح وأما إن كان بقصد فالظاهر كراهته فلا يحرم والله أعلم.. وقال أيضا والوليمة في السفر مطلوبة كالحضر وليست من القربات التي يسقطها السفر انتهى. ص: "وتجب إجابة من عين" ش: يعني أن الإجابة تجب يوما واحدا على من دعى معينا ومراده سواء كان سابعا أوغير سابع قال ابن عرفة: ابن رشد إن جعل الوليمة والسابع معا وجبت إجابته لأنه دعاء لحق ومن دعي للسابع بخلافه لأنه لم يدع لحق بل لمعروف وكذا من ترك الوليمة وفعل السابع وإن أخر الوليمة للسابع فقال مالك: يجيب وليس كالوليمة لأنه ربما جعل الوليمة والسابع ووجه تعليله تخفيف الإتيان لما قال: هو أنه لما كان الرجل قد يجمعهما احتمل عنده أنه لم يؤخر الوليمة إلى يوم

(5/241)


---------------------------------
السابع بل تركها وعلمه ولو كان عادة الناس بالبلد أنهم لا يولمون إلا يوم السابع لوجبت الإجابة انتهى. والمسألة في رسم الطلاق من سماع أشهب في كتاب النكاح وأطال ابن رشد الكلام عليها وقال في جامع الذخيرة مسألة فيما يؤتى من الولائم قال صاحب المقدمات: هي خمسة أقسام: واجبة الإجابة إليها وهي وليمة النكاح ومستحبة الإجابة وهي المأدبة وهي الطعام يعمل للجيران للوداد ومباحة الإجابة وهي التي تعمل من غير قصد مذموم كالعقيقة للمولود والنقيعة للقادم من السفر والوكيرة لبناء الدار والخرس للنفاس والأعذار للختان ونحو ذلك ومكروه وهو ما يقصد به الفخر والمحمدة لا سيما أهل الفضل والهيئات لأن إجابة مثل ذلك يخرق الهيئة وقد قيل ما وضع أحد يده في قصعة أحد إلا ذل له ومحرمة الإجابة وهو ما يفعله الرجل لمن يحرم عليه قبول هديته كأحد الخصمين للقاضي انتهى. وقال في الشامل: وأما طعام أعذار الختان ونقيعة لقادم من سفر وخرس لنفاس ومأدبة لدعوة وحدقة لقراءة صبي ووكيرة لبناء دار فيكره الإتيان له وقد تقدم حكم العقيقة انتهى. كلامه فتأمله مع ما نقله في الذخيرة عن صاحب المقدمات في القسم المستحب والمباح ولابن رشد في شرح المسألة الرابعة من رسم قطع الشجرة من كتاب المديان في القسم المباح نحو ما له في المقدمات ونصه الدعوة في الختان ليست بواجبة عند أحد من أهل العلم ولا مستحبة وإنما هي من قبيل الجائز الذي لا يكره تركه ولا يستحب فعله انتهى. وما نقله في الذخيرة عن ابن رشد في المقدمات نحوه في البيان في أول سماع أشهب من كتاب الصيام وأشار إلى شيء منه في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح والمأدبة بضم الدال وفتحها قاله في الصحاح والأعذار طعام الختان وهو في الأصل مصدر قاله في الصحاح فهو بكسر الهمزة لأنه ليس شيء من المصادر على وزن أفعال
فروع: الأول: قال في العارضة: إذا اجتمع داعيان أجب أقربهما منك بابا فإن سبق أحدهما فالسابق انتهى.
الثاني: قال في رسم الجامع من سماع أصبغ من كتاب الجامع: إذا دعي الرجل إلى الوليمة وغيرها وقيل له ائت بمن تحب معك أنه لا بأس أن يستصحب من إخوانه ما شاء ابن رشد: هذا بين أنه يستصحب من شاء ولا يجب على المستصحب إلا أن يشاء إذا لم يقصد صاحب الوليمة إلى دعائه فلا يلزمه الإتيان إليها على ما قاله مالك في رسم الطلاق من سماع أشهب من كتاب النكاح انتهى. ونص ما في رسم سماع أشهب قلت: أرأيت صاحب الوليمة يدعو إنسانا فيقول له اذهب فانظر من لقيت فادعه فيدعو الرجل أهو في سعة من ترك الإجابة فقال أرجو أن لا يكون على هذا بأس أن لا يأتيه لأنه لا يعرفه بعينه ولم يتعمده.
الثالث: قال ابن عرفة: وفي طرر ابن عات لا بأس أن يحضر وليمة اليهودي ويأكل

(5/242)


وإن صائماً إن لم يحضر من يتأذى به ومنكر كفرش حرير وصور على كجدار،
----------------------------------------
منها قال بعض أصحابنا: بعد أن يحلفه أنه لم يتزوج أخته ولا عمته ولا خالته.
قلت: الأصوب أو الواجب عدم إجابته لأن في إجابته إعزازا له والمطلوب إذلاله وقوله: "بعد أن يحلفه" فيه نظر إن كان ذلك مباحا في ملتهم انتهى. وقال في العتبية في رسم الأقضية من سماع أشهب في كتاب النكاح وسئل عن النصراني يختن ابنا له فيدعو مسلما أترى أن يجيبه فقال إن شاء جاء ليس عليه في ذلك ضيق إن جاءه فلا بأس به قال ابن رشد: معنى قوله إنه لا إثم عليه في ذلك ولا حرج إن فعله وذلك إذا كان له وجه من جوار أو قرابة أو ما أشبه ذلك والأحسن أن لا يفعل لا سيما إذا كان ممن يقتدى به لما في ذلك من التودد إلى الكفار وقد قال: الله عز وجل: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} الآية ص: "وإن صائما" ش:.
تنبيه: ظاهر كلام الأبي في كتاب الصيام أن الصائم إذا أخبر أنه صائم لا يلزمه الحضور وقيده النووي بأن يسامح في ذلك والله أعلم. ص: "إن لم يحضر من يتأذى به ومنكر كفرش حرير وصور على كجدار" ش: قال ابن العربي في العارضة: اتفق العلماء على أنه إذا رأى منكرا أو خاف أن يراه أنه لا يجيب وقال أيضا بعد حكاية الخلاف في وجوب الإجابة: أما الذي يصح في هذا كله عند النظر أن إجابة الدعوة واجبة إذا خلصت نية الداعي لله وخلصت وليمته عما لا يرضي الله ولما عدم هذا سقط الوجوب عن الخلق بل حرم عليهم كما سيأتي بيانه فلا معنى للإطناب في ذلك انتهى. وقال القرطبي في شرح مسلم وهذا كله ما لم يكن في الطعام شبهة أو تلحق فيه منة أو رؤية منكر فلا يجوز الحضور ولا الأكل ولا يختلف فيه انتهى.
فرعان: الأول قال: الأبي: ويأتي لابن حبيب وغيره من السلف زيادة مانع آخر وهو أن لا يخص بالدعوة الأغنياء فإن خصهم سقط الوجوب انتهى. وقال القرطبي في معنى قوله صلى الله عليه وسلم "شر الطعام طعام الوليمة" ذكره العلماء اختصاص الأغنياء بالدعوة واختلفوا فيمن فعل ذلك هل تجاب دعوته أم لا فقال ابن مسعود لا تجاب ونحا نحوه ابن حبيب من أصحابنا وظاهر كلام أبي هريرة وجوب الإجابة والله أعلم.. انتهى. وقال في العتبية في رسم طلق بن حبيب من

(5/243)


لا مع لعب مباح ولو في ذي هيئة
-----------------------------
سماع ابن القاسم من كتاب الجامع الخامس في ترجمة حكاية عن أبي هريرة رضي الله عنه في إتيان الوليمة قال مالك: بلغني أن أبا هريرة رضي الله عنه دعي إلى وليمة وعليه ثياب دون فأتى ليدخل فمنع ولم يؤذن له فذهب فلبس ثيابا جيادا ثم جاء فأدخل فلما وضع الثريد وضع كميه عليه فقيل له ما هذا يا أبا هريرة فقال إنما هي التي أدخلت وأما أنا فلم أدخل قد رددت إذ لم تكن علي ثم بكى وقال ذهب حبي ولم ينل من هذا شيئا وبقيتم تهانون بعده قال ابن رشد: هذه الوليمة التي رد فيها أبا هريرة من لم يميزه من حجاب باب الوليمة إذ ظنه فقيرا لما كان عليه من الثياب الدون وأدخله بعد ذلك من رآه من حجابها في صفة الأغنياء بالثياب الحسان هي التي قال: فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" 1 ويروى "بئس الطعام" يريد أنه بئس الطعام لمطعمه إذ رغب عماله في الحظ من أن لا يخص بطعامه الأغنياء دون الفقراء فالبأس في ذلك عليه لا على من دعاه إليه لقوله في الحديث نفسه "ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" وبكى رضي الله عنه شفقا من تغيير الأحوال على قرب العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم ورغبة الناس عما ندبوا إليه في ولائمهم من عملها وترك الرياء فيها والسمعة وبالله التوفيق انتهى.
تنبيه: قال ابن العربي في العارضة روي عن ابن عمر أنه دعا في وليمة الأغنياء والفقراء فعزل الفقراء عنهم وقال نطعمكم ما يأكلون لا تفسدوا عليهم ثيابهم وهذا مما لم يثبت فلا تعولوا عليه ولو أراد الجمع بين الفقراء والأغنياء والفقراء لفرقتهم ولم يجمع بينهم ويعتذر إليهم فإن هذا كسر لنفوسهم وإثم يدخل عليه من جهتهم فلا ينفع إشباعه بذلك انتهى.
الثاني: قال الأقفهسي عند قول الرسالة: وقد أرخص مالك في التخلف لكثرة زحام الناس فيها قال: وكذلك إذا كان من حضر يأكلون وعلى رؤوسهم قوم ينظرونهم فهذا من المشقة والضرر انتهى. ص: "لا مع لعب مباح ولو لذي هيئة" ش: قال: في سماع أشهب في
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب النكاح باب: 72. مسلم في كتاب النكاح حديث 107، 109، 110. أبو داود في كتاب الأطعمة باب 1. ابن ماجة في كتاب النكاح باب 25.
الدارمي في كتاب الأطعمة باب 28. الموطأ في كتاب النكاح حديث 50. أحمد في مسنده (2/241، 267).

(5/244)


على الأصح وكثرة زحام وإغلاق باب دونه وفي وجوب أكل المفطر تردد،
-------------------------
كتاب الجامع: وسألته عمن يدعى إلى الوليمة وفيها إنسان يمشي على الحبل وآخر يجعل في جبهته خشبة ثم يركبها إنسان فقال: لا أرى أن يأتي قيل: فإن دخل ثم علم بذلك أيخرج قال: نعم يقول الله تبارك وتعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} قال ابن رشد: اللعب في الوليمة هو من ناحية ما رخص فيه من اللهو واختلف فيما رخص فيه من ذلك هل الرخصة فيه للنساء دون الرجال أو للنساء والرجال فقال أصبغ في سماعه من كتاب النكاح: إن ذلك يجوز للنساء دون الرجال وأن الرجال لا يجوز لهم عمله ولا حضوره وهو ظاهر ما في هذه الرواية والمشهور أن عمله وحضوره جائز للرجال والنساء وهو قول ابن القاسم في رسم سلف من سماع عيسى من كتاب النكاح ومذهب مالك خلاف قول أصبغ إلا أنه كره لذي الهيئة أن يحضر اللعب انتهى. وسيأتي ما في الرسمين المذكورين عند قول المصنف "لا الغربال" ص: "وفي وجوب أكل المفطر تردد" ش: أشار لقول الباجي لا نص لأصحابنا وفي المذهب مسائل تقتضي القولين انتهى. واعترضه ابن عرفة بأن في رواية محمد يجيب وإن لم يأكل قال: وهو نص فقهي ونقله ابن ناجي وقال: يعترض بقول الرسالة وأنت في الأكل بالخيار انتهى. ولا شك أن الثاني: نص في ذلك وأما الأول ففيه نظر فتأمله وقال في العتبية في سماع أشهب من كتاب النكاح في رسم طلق بن حبيب: وسئل مالك عن الإتيان إلى الوليمة فقال أرى أن يأتيها فقيل له ربما كان الزحام فيكره ذلك لموضعه فقال: إن كان الزحام فإني أرى له سعة فقيل له: فيجيب

(5/245)


ولا يدخل غير مدعو إلا بإذن،
--------------------------
وإن كان صائما قال: نعم أرى أن يجيب أكل أو لم يأكل قال ابن رشد: قوله أرى أن يجيب أكل أو لم يأكل يريد أن الإجابة تلزمه كان صائما أو مفطرا فإن كان صائما صلى كما جاء في الحديث أي دعا وإن كان مفطرا فليس عليه بواجب أن يأكل وإنما يستحب له ذلك ويندب إليه لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل فيما روي عنه من قوله: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليصل" 1 محمول على الندب عند مالك رحمه الله بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر "إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وإن شاء ترك"2 وأهل الظاهر يوجبون عليه الأكل بظاهر الحديث الأول وما ذهب إليه مالك من استعمال الحديثين أولى من إطراح أحدهما انتهى.
نكتة عجيبة: أخبرني سيدي الوالد حفظه الله عن بعض من قرأ الرسالة أنه قال: كنت أظن أن معنى قول الشيخ وأنت في الأكل بالخيار أن تأخذ كل لقمة كالخيارة وهو فهم غريب والله أعلم.
تنبيه: قال البرزلي في مسائل الهبة والصدقة: وما يفعل من الأطعمة في بعض الأعراس أو الولائم أو الأعياد من طعام رفيع أو حلاوة وقصد بعض الناس بها المفاخرة وعرضه فقط لا أكله فلا ينبغي أن يحضر فضلا عن أن يكثر من أكله فإن حضر لضرورة فلا يأكل منه إلا قدر ما تطيب به نفس صاحبه على العادة ولا يجوز الإفداح في الأكل منه إذا لم يصنع لذلك انتهى.. وقال قبله: إذا قدم الطعام لضيافة أو غيرها فلا يأكل منه إلا قدر ما يأتي بين يديه ولا يتعدى إلى جاره في نصيبه إلا بطيب نفس منه وكذا إذا كان الطعام كثيرا أو أكل أكلا خارجا عن المعتاد لا بد له من استئذان رب الطعام لاسيما على القول أنه لا يملك إلا بالازدراد فلا يأخذ منه إلا ما جرت به العادة من باب تخصيص العموم بالعادة ولا يطعم منه هرا ولا غيرها إلا بإذن ربه وعلى القول بأنه يملكه بالتمكين فيجوز أن يطعم
ـــــــ
1 رواه مسلم في كتاب الصيام حديث 159. أبو داود في كتاب الصوم باب 74، 75، الترمذي في كتاب الصوم باب 63، النسائي في كتاب الصيام باب 51. ابن ماجة في كتاب الصيام باب 47. الدارمي في كتاب الصوم باب 31. الموطأ في كتاب الحج حديث 137. أحمد في مسنده (2/242، 279، 489).
2 رواه مسلم في كتاب النكاح حديث 97، 98، 100، 101 أبو داود في كتاب الصيام باب 74. ابن ماجة في كتاب النكاح باب 25 الترمذي في كتاب الصوم باب 63. الدارمي في كتاب الصلاة باب 168. أحمد في مسنده(3/392).

(5/246)


وكره نثر اللوز والسكر
-----------------------
الهر ونحوها ونص على المسألة القرافي في آخر شرحه للتنقيح له ويحتمل أن لا يعطي شيئا من ذلك كله لأنه إنما ملك الانتفاع في نفسه خاصة لا عموم منفعة الطعام في كمال التصرف كما في بعض مسائل الحبس وبلغني عن الشيخ الصالح أبي عبد الله الرماح شيخ عصره في بلده أكل معه بعض أهل البادية طعاما فجاوز العادة فخاف البدوي الفضيحة فقال يا سيدي يقول الناس من راءى في أكله راءى في دينه فقال له اسكت من راءى في أكله ستر في دينه انتهى.. ص: "وكره نثر اللوز والسكر" ش: قال: في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب العقيقة قال مالك: فيما ينثر ثم خروج أسنانهم وفي العرائس فتكون فيه النهبة قال: لا أحب أن يؤكل منه شيء إذا كان ينتهب قال ابن رشد: كرهه مالك بكل حال لظواهر الآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من ذلك نهيه عن النهبة وأنه قال: "النهبة لا تحل" 1 وأنه قال: من "انتهب فليس منا" 2 وفي ذلك تفصيل أما ما ينثر عليهم ليأكلوه على وجه ما يؤكل دون أن ينتهب فانتهابه حرام لا يحل ولا يجوز لأن مخرجه إنما أراد أن يتساووا في أكله على وجه ما يؤكل فمن أخذ منه أكثر مما كان يأكل منه مع أصحابه على وجه الأكل فقد أخذ حراما وأكل سحتا لا مرية فيه ودخل تحت الوعيد وأما ما ينثر عليهم لينتهبوه فقد كرهه مالك وأجازه غيره وتأول أن النهي عن الانتهاب إنما معناه انتهاب ما لم يؤذن في انتهابه بدليل ما روى عبد الله بن قرط قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحب الأيام إلى الله يوم النحر ثم يوم القرب" فقرب إلى
ـــــــ
1 رواه النسائي في كتاب الصيد باب 28. ابن ماجة في كتاب الفتن باب 3. أحمد في مسنده (4/194).
2 رواه أبو داود في كتاب الحدود باب 14. الترمذي في كتاب النكاح باب 29. النسائي في كتاب النكاح باب 60. ابن ماجة في كتاب الفتن باب 3. أحمد في مسنده (3/140، 197). (4/438، 439، 446).

(5/247)


لا الغربال ولو لرجل وفي الكبر والمزهر ثالثها يجوز في الكبر ابن كنانة وتجوز الزمارة والبوق.
-----------------------
رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنات خمسا أو ستا فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال: كلمة خفيفة لم أفهمها فقلت للذي كان إلى جنبي ما قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اقتطع وما روي من أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انحرها ثم ألق قلائدها في دمها وخل بين الناس وبينها يأكلونها انتهى. وقال في جامع الكافي: وطعام النهبة إذا أذن فيه صاحبه وذلك نحو ما ينثر على رؤوس الصبيان وفي الأعراس والختان اختلف في كراهته والتنزه عنه أولى انتهى. ص: "لا الغربال ولو لرجل وفي الكبر والمزهر ثالثها يجوز في الكبر ابن كنانة وتجوز الزمارة والبوق" ش: قال في النوادر عن ابن المواز: الغربال هو الدف المدور وقال غيره هو مغشى من جهة واحدة وقال أيضا المزهر هو المربع انتهى. وقال أصبغ في العتبية في رسم النكاح من كتاب النكاح والغربال هو الدف المدور وليس المزهر والمزهر مكروه وهو محدث والفرق بينهما أن المزهر ألهى وكلما كان ألهى كان أغفل عن ذكر الله وكان من الباطل وقال الشيخ يوسف بن عمر الدف هو المغشى من جهة واحدة إذا لم يكن فيه أوتار ولا جرس ويسمى الآن بالبندير انتهى. وقال في المدخل في فصل المولود ومذهب مالك أن الطار الذي فيه الصراصر محرم وكذلك الشبابة انتهى. وقال التلمساني في شرح الرسالة قال ابن رشد: اتفق أهل العلم على إجازة الدف وهو الغربال في العرس انتهى. وسيأتي كلام ابن رشد مستوفى وقال الشيخ جعفر بن ثعلب الأدفوي الشافعي المصري في كتابه المسمى بالإقناع في أحكام السماع وذهبت طائفة إلى إباحة الدف في العرس والعيد وقدوم الغائب وكل سرور حادث وهذا ما أورده الغزالي في الإحياء والقرطبي المالكي في كشف القناع لما ذكر أحاديث تقتضي المنع قال: وقد جاءت أحاديث تقتضي الإباحة في النكاح وأوقات السرور فتستثنى هذه المواضع من المنع المطلق انتهى. وقال قبله: قال ابن بطال في

(5/248)


------------------------------
شرح البخاري قال المهلب: من السنة إعلان النكاح بالدف انتهى. وقال بعد هذا وقبل الأول قال القاضي أبو بكر بن العربي في الأحكام من كلام ذكره وقسمه: إن آلات اللهو المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه وذكر الدف منها وقال ابن رشد في المقدمات: ولا يجوز تعمد شيء من اللهو ولا من آلات الملاهي ورخص في الدف في النكاح وفي الكبر والمزهر أقوال انتهى. ثم ذكر في الدف بالجلاجل ما نصه قال القرطبي: لما استثنى الدف فيما ذكرناه من المواضع ولا يلحق بذلك الطارات ذات الصلاصل والجلاجل لما فيها من زيادة الإطراب وإذا كان الضارب بها رجلا فقال يحيى بن مزين في شرح الموطأ قال أصبغ: لا يكون الدف إلا للنساء ولا يكون عند الرجال ثم قال وكل من تقدم النقل عنه يعني من المالكية وغيرهم من الأئمة الأربعة غير هؤلاء الذين ذكرناهم أطلقوا القول ولم يفصلوا بين الجلاجل وغيره وبين النساء والرجال وذهب عبد الملك بن حبيب إلى جواز الدف والكبر والمزهر في العرس إلا للجواري العواتق في بيوتهن وما أشبههن فإنه يجوز مطلقا ويجري لهن مجرى العرس إذا لم يكن غيره ذكره في مؤلفة في السماع انتهى. وقال في الكلام على الطبول والقرطبي المالكي وابن الجوزي من الحنابلة استثناء طبل الحرب ثم ذكر كلام ابن رشد ويحيى بن مزين والمزهر أعني الثلاثة الأقوال والخلاف في اختصاص ذلك بالنساء أو يعم الرجال ثم قال:
تنبيه: المعروف في اللغة أن المزهر العود ولم أر من أهل اللغة من ذكر خلافه وكتب الفقهاء مخالفة لذلك فإنهم إنما يعنون بالدف المربع المغلوف وصرح به يحيى بن مزين المالكي والكبر الطبل الكبير ولعله الطلخانة والله أعلم. وذكر المسألة في العتبية في رسم سلف دينارا من سماع عيسى من كتاب النكاح وفي رسم النكاح من سماع أصبغ من كتاب النكاح واستوفى ابن رشد الكلام عليها في سماع عيسى المتقدم ذكره على نحو ما ذكره المصنف ولنذكر كلام سماع عيسى وكلام ابن رشد عليه ثم نتبعه بما في سماع أصبغ قال: في العتبية وسئل مالك عن الرجل يدعى إلى الصنيع فيجد به اللعب أيدخل قال: إن كان الشيء الخفيف مثل الدف والكبر الذي يلعب به النساء فما أرى به بأسا قال ابن رشد: يريد بالصنيع صنيع العرس أو صنيع العرس والملاك على ما قاله أصبغ في سماعه لأن ذلك هو الذي رخص فيه بعض اللهو فيه لما يستحب من إعلان النكاح واتفق أهل العلم فيما علمت على إجازة الدف وهو الغربال في العرس واختلفوا في الكبر والمزهر على ثلاثة أقوال: أحدها أنهما يحملان جميعا محمل الغربال ويدخلان مدخله في جواز استعمالهما في العرس وهو قول ابن حبيب والثاني: أنه لا يحمل واحد منهما محمله ولا يدخل معه ولا يجوز استعماله في عرس ولا غيره وهو قول أصبغ في سماعه بعد هذا من هذا الكتاب وعليه يأتي ما في سماع سحنون من كتاب جامع البيوع أن الكبر إذا بيع يفسخ بيعه ويؤدب أهله لأنه إذا قال ذلك في

(5/249)


-----------------------------
الكبر فأحرى أن يقوله في المزهر لأنه ألهى منه
والثالث: أنه يحمل محمله ويدخل مدخله في الكبر وحده دون المزهر وهو قول ابن القاسم هنا وفي رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الوصايا وعليه يأتي ما في سماع عيسى من كتاب السرقة أن السارق يقطع في قيمة الكبر صحيحا ولابن كنانة في المدونة إجازة البوق في العرس فقيل معنى ذلك في البوقات والزمارات التي لا تلهي كل الإلهاء والله أعلم. واختلف في جواز ما أجيز من ذلك فقيل هو من قبيل الجائز الذي يستوى فعله وتركه في أنه لا حرج في فعله ولا ثواب في تركه وهو المشهور في المذهب وقيل: إنه من قبيل الجائز الذي تركه أحسن من فعله فيكره فعله لما في تركه من الثواب إلا أن في فعله حرجا أو عقابا وهو قول مالك في المدونة أنه كره الدفاف والمعازف في العرس وغيره واختلف هل يجوز ذلك للنساء دون الرجال أو النساء والرجال فقال أصبغ في سماعه: إن ذلك إنما يجوز للنساء دون الرجال وإن الرجال لا يجوز لهم عمله ولا حضوره والمشهور أن عمله وحضوره جائز للرجال والنساء وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية في سماع أصبغ خلاف قول أصبغ وهو مذهب مالك إلا أنه كره لذي الهيئة من الناس أن يحضر اللعب روى ذلك ابن وهب عنه في سماع أصبغ وأما ما لا يجوز عمله من اللهو في العرس فلا يجوز لمن دعي إليه أن يأتيه وقد مضى القول على ذلك في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم انتهى. كلامه برمته والله أعلم.
ونص ما في سماع أصبغ: قال أصبغ: سمعت ابن القاسم وسئل عن الذي يدعى إلى الصنيع فجاء فوجد فيه لعبا أيدخل قال: إن كان شيئا خفيفا مثل الدف والكبر الذي يلعب به النساء فما أرى به بأسا قال أصبغ: ولا يعجبني وليرجع وقد أخبرني ابن وهب أنه سمع مالكا يسأل عن الذي يحضر الصنيع وفيه اللهو فقال: ما يعجبني للرجل ذي الهيئة يحضر اللعب وأخبرني ابن وهب عن مالك وسئل عن ضرب الكبر والمزمار أو غير ذلك من اللهو ينالك سماعه وتجد لذته وأنت في طريق أو مجلس أو غيره قال مالك: أرى أن يقوم من ذلك المجلس قال أصبغ: وأخبرني ابن وهب عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحرث أن رجلا دعا عبد الله بن مسعود إلى وليمة فلما جاء سمع لهوا فرجع فلقيه الذي دعاه فقال له ما لك رجعت ألا تدخل فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كثر سواد قوم فهو منهم ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمله" قال: أصبغ وأخبرني ابن وهب عن خالد بن حميد عن يحيى بن أبي أسيد أن الحسن البصري كان إذا ادعى إلى الوليمة يقول

(5/250)


---------------------------
أفيها برابط؟ فإن قيل نعم قال: لا دعوة لهم ولا نعمة عين قال: أصبغ ما جاز للنساء مما لصاحب لهن من الدف والكبر في العرس فلا يجوز للرجال عمله وما لا يجوز لهم عمله فلا يجوز لهم حضوره ولا يجوز للنساء غير الكبر والدف ولا غناء معها ولا ضرب ولا برابط ولا مزمار وذلك حرام محرم في الفرح وغيره إلا ضربا بالدف والكبر هملا وبذكر الله وتسبيحا وحمدا على ما هدى أو برجز خفيف لا بمنكسر ولا طويل مثل الذي جاء في جواري الأنصار.
أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم
ولولا الحبة السمرا ... لم نحلل بواديكم
وما أشبه ذلك ولا يعجبني مع ذلك الصفق بالأيدي وهو أخف من غيره قال أصبغ: وقد أخبرني عبد الله بن وهب عن الليث أن عمر بن عبد العزيز كتب بقطع اللهو كله إلا الدف وحده في العرس وحده فهذا رأيي وأحب إلى العامة والخاصة والعمل به ولا أرى به بأسا في الملاك على مثل العرس وما فسرنا فيه فهو منه ثم ذكر حديث "أظهروا النكاح واضربوا عليه بالغربال" وحديث "أعلنوا النكاح" ثم قال أصبغ: فالإعلان يجمع عندي الملاك والعرس جميعا أن يعلن بهما ولا يستخفى بهما سرا في التفسير ويظهر بهما ببعض اللهو مثل الدف والكبر للنساء والغربال هو الدف المدور وذكر ما تقدم نقله عنه في تعريفه في أول القولة ثم قال: وما كان من الباطل فمحرم على المؤمنين اللهو والباطل قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل لهو يلهو به المؤمن باطل إلا ثلاث" قال القاسم بن محمد: إذا جمع الحق والباطل يوم القيامة كان الغناء من الباطل وكان الباطل في النار وقال أصبغ والباطل كله محرم على المؤمنين قال الله عز وجل: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} كما أن القمار حرم للهوه وميسره فهو لهو كله قال ابن رشد: قد مضى القول في اللهو في العرس وما يجوز من عمله وحضوره موعبا في رسم طلق بن حبيب من سماع ابن القاسم وفي رسم سلف دينارا من سماع عيسى فلا معنى لإعادة شيء من ذلك ها هنا وأشار لما تقدم ذكره ثم قال: والثلاث التي أبيح اللهو بها في الحديث المذكور ملاعبة الرجل امرأته وتأديبه فرسه ورميه عن قوسه وبالله التوفيق انتهى.
فائدة: حكي في النوادر أن الحسن دعي إلى عرس هو وجماعة فأكلوا ثم غسل يده ثم جيء بمجمر بيد جارية فأجمرته ثم أدخلت يدها تحت ثيابه فلم يمنعها ودهنت لحيته بيدها فلم يمنعها انتهى.

(5/251)


فصل في القسم بين الزوجات
إنما يجب القسم للزوجات في المبيت.
----------------------------
فصل
ص: إنما يجب القسم للزوجات في المبيت،" ش: أفاد بقوله للزوجات أن الزوجة والأمة لا قسم بينهما ولا بين غير الزوجات من الموطوءات قال في الرسالة: ولا قسم في المبيت لأمته ولا لأم ولده ونحوه في المدونة وقال ابن عرفة الشيخ: روى محمد: لا قسم لأم ولده ولا أمة مع حرة ولا قسم بين السراري ابن شاس: لا يجب بين المستولدات ولا بين الإماء ولا بينهن وبين المنكوحات إلا أن الأولى العدل انتهى. وقال ابن عبد السلام: وأما قول المؤلف يعني ابن الحاجب إلا أن الأولى العدل وكف الأذى يعني أن القسم وإن لم يكن واجبا بين الزوجة والمستولدة وبين المستولدات إلا أن الأولى ما ذكره انتهى. قال في المدونة: وجائز أن يقيم عند أم ولده ما شاء ما لم يضارر انتهى. قال اللخمي: ولا قسم بين الزوجات وملك اليمين والمدبرة وأم الولد والمذهب أنه لا مقال للحرة إن أقام عند الأمة وفيه نظر إلا أن يكون هناك إجماع فيسلم قال: في المتيطية وله أن يطأهن في أيام الزوجات انتهى. قال: البرزلي في مسائل النكاح وسئل اللخمي عمن يميل لسريته دون زوجته هل هو حرام أم لا؟ فأجاب: الرواية جوازه والقياس منعه وهو ظلم للحرة ابن الحاج ليس معنى قوله في المدونة له أن يقيم عند أم ولده ما شاء أنها أتم حرمة بل للحرة المقال ولها المبيت وليس لأم الولد قسم فلما ضعف أمر أم الولد جاز المبيت عندها الليلتين والثالث: دون الحرة إذ هو معظم الأمر للحرة.
قلت: يحتمل الليلتين والثلاث في الشهر إذ معظم الأمر للحرة فظاهر قول اللخمي

(5/252)


وإن امتنع الوطء شرعا أو طبعا: كمحرمة، ومظاهر منها، ورتقاء؛
--------------------------
العموم وأنه على ظاهر الرواية يقيم عند أم ولده ما شاء وقوله: "والقياس منعه" أي أنه إذا كان الأمر ولا بد فليعدل ويكون ليلة بليلة وعلى قول ابن المسيب إذا تزوج الأمة معها بإذنها لها ليلة وللحرة ليلتين يكون هنا أحرى وهو قول ابن الماجشون وحمل شيخنا الإمام المدونة على ما إذا أضر بالحرة وهو أن يزيد على الحرة وأما إذا زاد على قدر ما للحرة فهو ضرر يمنع منه وأشار إليه بقوله :"ما لم يحاب" والله أعلم. انتهى. والظاهر أن في الكلام سقطا وصوابه على ما إذا لم يضر بالحرة وهو أن لا يزيد على الحرة والله أعلم. وقوله:" في المبيت" أشار به لقوله في المدونة :"ويعدل في المبيت" قال ابن ناجي: قال شيخنا: يعني أن العدل في الليل آكد منه في النهار لأنهم إذا تكلموا في الدخول لحاجة إنما يخصونه بالنهار وكنت أجيبه بأن كلامهم أعم قال ابن الحاجب: ولا يدخل على ضرتها في زمانها إلا لحاجة انتهى.
تنبيه: قال أبو الحسن: الصغير: سئل أبو عمر عمن يجوز بين نسائه ولا يعدل هل ذلك جرحة له؟ قال: نعم إن تابع ذلك وداوم عليه انتهى. وقال الجزولي: هو جرحة في إمامته وشهادته والله أعلم. ص: "وإن امتنع الوطء شرعا أو طبعا" ش: صوابه عقلا بدل طبعا كما قال في التوضيح فإن الرتقاء إنما يمنعه العقل وإلا فطبع الإنسان لا يميل عن الرتقاء إذا كانت سليمة والله أعلم. ص: "كمحرمة ومظاهر منها ورتقاء" ش: إنما مثل لامتناع الوطء شرعا بمثالين ليعلم أنه لا فرق بين أن يكون سبب الامتناع منه كالظهار أو منها كالإحرام قال اللخمي: إذا كانت إحداهن مريضة أو صغيرة أو رتقاء أو حائضا أو نفساء أو محرمة أو مجنونة أو مجذومة كان القسم بينهن سواء وكذلك من آلى من واحدة أو ظاهر فهي على حقها والكون عندها وأن لا يصيب البواقي إلا أن يتحلل من الإيلاء والظهار وعليه أن يتحلل من ذلك إلا إذا قامت لحقها التي لم يول منها ولا يظاهر ومحمل الآية في الإيلاء على من كان خلوا من غيرها فإن كان له نسوة كان لها أن تطالبه بالعدل في الإصابة حسبما تقدم إلا أن يعتزل جميعهن وقد غاضب النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه فاعتزل جميعهن شهرا إرادة العدل خرجه البخاري ومسلم انتهى. ونقله ابن عرفة ولم يذكره قائله قال ابن عبد السلام: في قول ابن الحاجب والصغيرة الموطوءة يريد الصغيرة المدخول بها وكذلك من عطف عليها لا بد أن

(5/253)


لا في الوطء إلا لإضرار ككفة لتتوفر لذته لأخرى وعلى ولي المجنون إطاقته وعلى المريض إلا أن لا يستطيع فعند من شاء وفات إن ظلم فيه كخدمة معتق بعضه يأبق وندب الابتداء بالليل والمبيت عند الواحدة والأمة كالحرة،
-----------------------
يكون مدخولا بها انتهى. وقال ابن فرحون: يريد المدخول بها لأنها إذا لم توطأ لم يكن لها تشوف وهو نص التهذيب انتهى. والله أعلم. ص: "لا في الوطء" ش: يريد وكذلك النفقة والكسوة له أن يوسع على من شاء منهن قال ابن عرفة ابن رشد: معروف مذهب مالك وأصحابه أنه إن أقام لكل واحدة ما يجب لها بقدر حالها فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن بما شاء وقال ابن نافع: يجب أن يعدل بينهن في ماله بعد إقامته لكل واحدة ما يجب لها والأول أظهر.
قلت: قول ابن نافع يجب حكاه المتيطي رواية انتهى. ونقل في التوضيح عن اللخمي بعض شيء من هذا والله أعلم. ص: "وعلى ولي المجنون إطافته" ش: قال ابن عرفة: وفيها العبد كالحر والمجنون ومن لا يقدر على الجماع يقسم في نفسه بالعدل إذ له أن يتزوج ابن شاس: يجب على كل مكلف انتهى. ص: "وفات إن ظلم فيه" ش: قال في المدونة: وزجر عن ذلك وابتدأ العدل فإن عاد نكل به انتهى.
مسألة: من حلف أن لا يطأ زوجته حتى تفطم ولدها ليس بمول ولو حلف أن لا يطأ هذه المرضع عامين فصد النفي الضرر عن ولده فمات الولد وقد بقي أكثر من أربعة أشهر فهو مول قاله ابن عبد السلام ص: "والمبيت عند الواحدة" ش: نقله في التوضيح عن ابن شاس وكذا قال ابن عرفة ابن شاس: من له زوجة واحدة لا يجب مبيته عندها.

(5/254)


-----------------------------
قلت: الأظهر وجوبه أو تبييته معها امرأة ترضى لأن تركها وحدها ضرر بها وربما تعين عليه زمن خوف المحارب والسارق انتهى. وقال في التوضيح إذا شكت الوحدة ضمت إلى الجماعة إلا أن يكون تزوجها على ذلك انتهى. ذكره في باب البيوع في قول ابن الحاجب فإن أشكل ونقله في الكبير في قوله وسكنها بين قوم صالحين وقال ابن ناجي على المدونة ظاهر الكتاب أنه لو كان عنده زوجة واحدة لم يجب المبيت عندها وهو كذلك نص عليه ابن الجلاب وهو متفق عليه ولم يعزه بعض شيوخنا وخليل إلا لنقل ابن شاس وهو قصور انتهى. ويعني ببعض شيوخه ابن عرفة.
فرع: قال في التوضيح: ولو خاصمها الرجل في الجماع ففي الطراز عن المشاور: يقضي له عليها بأربع مرات في الليلة وأربع في اليوم ونقله صاحب المفيد عن عبد الله بن الزبير ونقل عن المغيرة أنه يفرض له أربع مرات في اليوم والليلة ونقله ابن عرفة قال ابن ناجي: على المدونة إذا كان الزوج يكثر الوطء وتضررت المرأة فقال ابن حبيب: هي كالأجير تمكن نفسها ما قدرت وما ذكره هو الصحيح انتهى. واقتصر في الشامل على القول بأربع في اليوم وأربع في الليلة وعلى القول بأربع فيهما وصدر بالأول وذكر المسألة في خيار الزوجين وأما عكس المسألة فقال في المدونة ومن سرمد العبادة وترك الوطء لم ينه عن تبتله وقيل له إما وطئت أو فارقت انتهى. قال ابن ناجي: ليس في المدونة جلاء ما الذي يقضى للزوجة على الزوج إن هو لم يطأ والذي يغلب على ظني أني وقفت على أنه يقضي لها بليلة من أربع لأن له أن يتزوج أربعا انتهى. وقال الشيخ أبو الحسن قال: أبو عمران اختلف في أقل ما يقضى به على الرجل من الوطء فقال بعضهم ليلة من أربع أخذه من أن للرجل أن يتزوج أربعا من النساء والذي قال: ليلة من ثلاث أخذه من قوله {للذكر مثل حظ الأنثيين} وقضى عمر بمرة في الطهر لأنه يحلها ويحصنها انتهى. وقال ابن فرحون: في شرح ابن الحاجب ويستحب مجامعتها يعني المرأة في كل أربع ليال مرة انتهى. قيل نزلت مسألة التبتل بعمر فأتت إليه امرأة فأنشدت:
ألهي خليلي عن فراشي مسجده ... وخوف ربي باليقين نعبده
نهاره وليله ما يرقده ... مفترش جبينه يكدده
ولست في أمر النساء أحمده ...
فأنشأ الرجل فقال:
إني امرؤ أذهلني ما قد نزل ... في سورة النور وفي السبع الطول
وفي الحواميم الشفا وفي النحل ... زهدني في قربها إلى العمل
فأنشد كعب:
فإن خير العاملين من عدل ... ثم قضى بالحق جهرا وفصل

(5/255)


وقضي للبكر بسبع وللثيب بثلاث ولا قضاء ولا تجاب لسبع ولا يدخل على ضرتها في يومها إلا لحاجة.
----------------------
إن لها عليك حقا يا بعل ... ليلتها من أربع لمن عقل
وأنت أولى بالثلاث في مهل ... فصل فيهن وصومن وسل
وافعل لها ذاك ودع عنك الملل ...
انتهى.
مسألة: قال في العارضة في باب ما يحل المطلقة ثلاثا: طلب المرأة الوطء عند الحاكم لا يناقض الحياء الممدوح ولا المروءة المستحسنة لأنه مقصود النكاح فإذا عقدته علم الكل أنه له فإذا تعذر جاز طلبه دينا وحسن مروءة انتهى. ومن مسائل النكاح من مختصر البرزلي.
مسألة: في حديث مسلم:"فراش للرجل وفراش للضيف وفراش للشيطان" أخذ منه أنه ليس على الرجل النوم مع امرأته في فراش واحد وإنما حقها في الوطء خاصة انتهى. وانظر النووي في شرح مسلم في شرح هذا الحديث في كتاب اللباس وكذلك الأبي وانظر كلام البرزلي في شرح قول المؤلف في باب النفقات وسقطت إن اختلفا معه وانظر بهراما الكبير في شرح قوله في الإيلاء أولا وطئتها ليلا أو نهارا ص: "وقضي للبكر بسبع وللثيب بثلاث" ش: سواء كانت المتجددة حرة أو أمة قاله في الجواهر وفهم من قوله:"قضى" أنه مشى على القول بأنه حق للمرأة قال في التوضيح: وهو اختيار ابن القاسم في المدونة واختاره اللخمي وغيره قال ابن فرحون: وهو الصحيح وقال أيضا واختلف هل يخرج للصلاة ولقضاء حوائجه وأما الجمعة فهي عليه واجبة انتهى. واختار اللخمي أنه لا يخرج لصلاة ولا لقضاء حوائجه ونقله عنه ابن عرفة فقال اللخمي عن ابن حبيب يخرج يتصرف في حوائجه وإلى المسجد والعادة

(5/256)


وجاز الأثرة عليها برضاها بشيء أولا.
----------------------------
اليوم أن لا يخرج ولا لصلاة وإن كان خلوا من غيرها وعلى المرأة بخروجه وصم وأرى أن يلزم العادة انتهى. وما قاله ظاهر وظاهر كلام المصنف كانت له زوجة غيرها أم لا وهو الذي اختاره اللخمي كما تقدم في كلامه وقال البرزلي في مسائل النكاح عن ابن أبي زيد: إنما تكون الإقامة سبعا وثلاثا من حق الزوجة إذا كان له غيرها وإلا فلا حق لها ولا يلزمه وهو قول ابن حبيب والظاهر من مذهب أصحابنا والعامة ترى الحق لها عموما وهو غلط البرزلي وعلى الأول حمل المدونة أبو حفص العطار وغيره وحملها بعضهم على العموم وهو قول في المذهب وهو الصواب اليوم بتونس ونحو هذا من البلاد التي يرى خروج الزوج في هذا الزمان معرة على الزوجة وإشعار بعدم الرضا بها وأما في بلد لا يعتبرون ذلك فالصواب ما قال ابن حبيب واختلف المذهب بعد وجوبه هل هو حق لها يقضى عليه به أو حق له في ذلك خلاف معلوم انتهى. والله أعلم.
مسألة: قال ابن عرفة اللخمي عن ابن عبد الحكم: إن زفت إليه امرأتان في ليلة أقرع بينهما وقبله عبد الحق وقال على أحد قولي مالك إن الحق له فهو مخير دون قرعة ابن عرفة قلت: الأظهر إن سبقت إحداهما بالدعاء للبناء قدمت وإلا فسابقة العقد وإن عقدا معا فالقرعة ص: "وجاز الأثرة عليها برضاها" ش: تصوره ظاهر قال: القاضي عياض في كتابه المسمى بغية الرائد فيما في حديث أم زرع من ملكا وفيه إكرام الرجل بعض نسائه بحضرة ضرائرها بما يراه من قول أو فعل وتخصيصها بذلك إذا لم يكن قصده الأثرة والميل بل لسبب اقتضاه ومعنى أوجبه من تأنيس وحشته منها أو مكافأة جميل صدر عنها وقد أجاز بعض العلماء تفضيل إحداهما على الأخرى في الملبس إذا وفي الأخرى حقها وأن يتحف إحداهما ويلطفها إذا كانت شابة أو بارة به ولمالك نحو من هذا ولأصحابه قال ابن حبيب: والمساواة أولى والمكروه من ذلك كله ما قصد به الأثرة والميل والتفضيل لا لسبب سواه انتهى. وقال فيه أيضا وفيه من الفقه حسن عشرة الرجل مع أهله وتأنيسهن واستحباب محادثتهن بما لا إثم فيه وقد وردت الآثار الصحاح بحسن عشرته صلى الله عليه وسلم لأهله ومباسطته إياهم وكذلك السلف الصالح وقد كان مالك رضي الله عنه يقول في ذلك مرضاة لربك ومحبة في أهلك ومثراة في مالك ومنسأة في أجلك قال: وقد بلغني ذلك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان مالك من أحسن الناس خلقا مع أهله وولده وكان يحدث بقول يجب على الإنسان أن يتحبب إلى أهل داره حتى يكون أحب الناس إليهم وقال: فيه أيضا: جواز إخبار الرجل

(5/257)


كإعطائها على إمساكها وشراء يومها منها،
-----------------------------
زوجته وأهله بصورة حاله معهم وحسن صحبته إياهم وإحسانه إليهم وتذكيرهم ذلك وقال: إذا حدث الناس بهذا الحديث فيه منفعة في الحض على الوفاء للزوج كما في كلام أم زرع والصبر على الأزواج كما في حديث غيرها انتهى. ص: "وشراء يومها منها" ش: تصوره واضح.
فرع: قال ابن عرفة: وليس للأمة إسقاط حقها من قسمها إلا بإذن سيدها كالعزل لحقه في الولد إلا أن تكون غير بالغ أو يائسة أو حاملا واستحسن اللخمي إن أصابها مرة وأنزل أن لها أن تسقط حقها في القسم.
قلت: يرد باحتمال خيبتها فيه ورجائه في تكرره انتهى.
تنبيه: قال ابن فرحون: في شرح ابن الحاجب قال: بعضهم يؤخذ من الخلاف في المرأة تبيع من زوجها أومن ضرتها اليوم واليومين جواز النزول عن الوظيفة بشيء وهو ضعيف لأن الغالب بقاء الأنس الصحيح اليوم واليومين والمأخوذ منه شيء يسير بخلاف النزول عن الوظيفة انتهى. ويؤخذ المنع من النزول بشيء مما ذكره في آخر كتاب البيوع من النوادر ونصه: ومن كتاب ابن المواز قال مالك: في رجلين كانا في منزل من منازل الإمارة فضاق بهما فأراد أحدهما أن يعطي صاحبه شيئا على أن يخرج: فلا خير فيه لأنه لا يدري متى يخرج منه وهو إلى غير أمد انتهى. ومن مسألة الديوان في كتاب الجهاد من المدونة فيما إذا تنازع اثنان في رسم مكتوب في العطاء فأعطى أحدهما الآخر مالا على أن يبرأ إليه من ذلك الاسم أنه لا يجوز قال: لأنه إن كان الذي أعطاه الدراهم أخذ غير اسمه فلا يجوز شراؤه وإن كان الذي أعطى صاحب الاسم فقد باعه ما لا يحل وإن كان الآخذ هو صاحب الاسم فلا يجوز له لأنه لا يدري ما باع أقليل بكثير أم كثير بقليل ولا ما لا يبلغ حياة صاحبه فهذا غرر ولا يجوز وكذلك لا يجوز لمن زيد في عطائه أن يبيع تلك الزيادة بعرض انتهى. وفي الكتاب المذكور أيضا ما يدل على عدم جواز النزول عن الوظيفة بغير شيء ونقله ابن عرفة وكذا أيضا في كتاب البيوع الفاسدة ما يؤخذ منه ذلك من مسألة بيع غيران المعادن ويؤخذ ذلك أيضا مما ذكره في التوضيح في الكلام على بيع الطعام قبل قبضه عن البيان وأنه لا يجوز بيع العطاء السنة والسنتين إذا كان مأمونا قال: ولا يجوز بيع أصل العطاء لأنه يبطل بموته انتهى. ص: "

(5/258)


ووطء ضرتها بإذنها والسلام بالباب والبيات عند ضرتها إذا أغلقت بابها دونه ولم يقدر يبيت بحجرتها وبرضاهن جمعهما بمنزلين من دار
-------------------------------
"ووطء ضرتها بإذنها في نوبتها" ش: أي وتصوره ظاهر.
فرع: قال المتيطي: ولا بأس أن يطأ إحداهما في يوم الأخرى قبل الغسل وبعده انتهى. وقال ابن العربي في التأليف الذي جعله في فروض الجماع وسننه وآدابه ومن آداب الجماع أن لا يطأ حرة بعد أمة حتى يغتسل وأن ذلك مكروه قبل الغسل وكذلك من آدابه أن لا يطأ زوجته بعد الاحتلام حتى يغسل فرجه من الأذى انتهى. وقال ابن يونس في كتاب الطهارة: فأما أن يصيب الرجل جاريته ثم يصيب الأخرى قبل أن يغتسل فلا بأس بذلك قاله مالك في الموطأ انتهى. وعلى هذا فيجوز وطء الأمة بعد الحرة من باب أولى وهذا كله في الغسل وأما وطؤها قبل غسل الفرج من وطء الأخرى فظاهر قول الشيخ في باب الغسل أنه يستحب له الغسل وظاهر قول سيدي محمد ابن سيدي أبي الحسن شارح الشفاء عند قوله في الفصل الذي أوله والضرب الثاني: من الباب الثاني من القسم الأول قالت سلمى: طاف النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه التسع وتطهر من كل واحدة قبل أن يأتي الأخرى وقال: هذا أطهر وأطيب وأن الوطء قبل غسل فرجه لا يجوز لأنه قال في أثناء كلامه: لا يجوز لأحد أن يكون بفرجه شيء نجس فيدخله هنالك حتى يغسله انتهى. والله أعلم. ص: "والسلام بالباب" ش: أي في يوم الأخرى يعني من غير حاجة فليس معارضا لقوله أولا: "ولا يدخل على ضرتها في يومها إلا لحاجة" وقال ابن عرفة عن ابن راشد: لا بأس أن يتوضأ الرجل من ماء إحدى زوجتيه ويشرب الماء من بيتها ويأكل من طعامها الذي ترسله إليه في يوم الأخرى من غير تعمد بل ويقف ببابها يتفقد من شأنها ويسلم من غير دخول انتهى. ص: "وبرضاهما جمعهما بمنزلين من دار" ش: قال ابن فرحون: إن من حقها أن لا تسكن مع ضرتها ولا مع أهل زوجها ولا مع أولاده في دار واحدة فإن أفرد لها بيتا في الدار ورضيت فذلك جائز وإلا قضى عليه بمسكن يصلح لها انتهى. وقال ابن عبد السلام أما الجمع بينهن في دار واحدة ويكون لكل واحدة منهن بيت فذلك من حقهن فإن رضين به جاز وإن أبين منه أو كرهته واحدة لم يمكن منه وهكذا ينبغي

(5/259)


واستدعاؤهن لمحله والزيادة على يوم وليلة لا إن لم يرضيا ودخول حمام بهما وجمعهما في فراش ولو بلا وطء وفي منع الأمتين وكراهته قولان وإن وهبت نوبتها من
------------------------------
إن سكنتا معا باختيارهما أن يكون القول قول من أرادت الخروج منهما وأما الجمع بينهما في بيت واحد فلا ينبغي ذلك ولو رضيت به انتهى. قال ابن عرفة: وليس عليه إبعاد الدار بينهن ص: "واستدعاؤهن لمحله" ش: وعليه من قال: لامرأته أنت طالق إن وطئتك إلا أن تأتيني أنه مول إذ ليس عليها أن تأتيه انتهى. من ابن عرفة ص: "والزيادة على يوم وليلة" ش: قال: في الجواهر وأما المقدار من الزمان فليلة ولا ينصف الليلة ولا يزيد عليها إلا أن يرضين ويرضى بالزيادة أو يكن في بلاد متباعدة فيقسم الجمعة أو الشهر على حسب ما يمكنه بحيث لا يناله ضرر لقلة المدة انتهى. وقال اللخمي إن كانت له زوجتان ببلدين جاز قسمه جمعة وشهرا وشهرين على قدر بعد الموضعين مما لا يضر به ولا يقيم عند إحداهن إلا لتجر أو ضيعة انتهى. ونحوه في ابن الحاجب وانظر قوله في كتاب الحج وهل إلا أن يقيم بأحدهما أكثر فيعتبر ص: "ودخول حمام بهما" ش: قال ابن عرفة: وأجازه سحنون بإحداهما.
قلت: وذكر ابن دقيق العيد أن أسد بن الفرات أجاب الأمير بجواز دخوله الحمام بجواريه وخطأه ابن محرز بحرمة الكشف بينهن ص: "وجمعهما في فراش ولو بلا وطء" ش: قال الكافي في كتاب الجامع: ويكره للرجل أن ينام بين أمتيه أو بين زوجتيه وأن يطأ إحداهما بحيث تسمع الأخرى وأن يطأ الرجل حليلته بحيث يراه أحد صغير أو كبير وأن يتحدث بما يخلو مع أهله ويكره للمرأة مثل ذلك من حديثها بما تخلو به مع بعلها انتهى. وقال في التوضيح ولا يجوز أن يصيب الرجل زوجته أو أمته ومعه أحد في البيت يقظان أو نائما انتهى. وقال ابن عرفة: ومنع الوطء وفي البيت نائم غير زائد ونحوه عسير إلا لأهل السعة انتهى. قال الجزولي: وقد روي عن ابن عمر إذا أراد أن يطأ يخرج كل من كان في البيت من البهائم وغيرهم حتى الصبي في المهد وهذا لا يكاد يتخلص منه أحد انتهى. ص: "وإن وهبت نوبتها من

(5/260)


ضرة فله المنع لا لها وتختص ضرتها بخلاف منه ولها الرجوع وإن سافر اختار إلا في الغزو والحج فيقرع وتؤولت بالاختيار مطلقاً،
--------------------------
ضرة له المنع لا لها" ش: والذي رأيت في النسخ بإسقاط فاء الجواب أعني في قوله:"له المنع" ورأيته في نسخة بالفاء والذي يجب هنا الإتيان بها والله أعلم. وقوله: "لا لها" لم يتكلم عليه الشارح ونحوه في ابن الحاجب ونصه وإذا وهبت واحدة يومها لضرتها فللزوج الامتناع لا للموهوبة قال ابن عبد السلام: يريد أن هبة الضرة لضرتها يومها جائز ثم للزوج الامتناع من قبولها تلك الهبة وليس للضرة الموهوبة الامتناع منه لأن الحق في الاستمتاع في الواهبة بيد الرجل فلو صار للموهوبة قبول هذه الهبة بغير رضا الزوج لسقط حق الزوج في منفعته بالواهبة بغير رضاه وهو باطل وكذلك لو قبل الزوج الهبة لم يكن للموهوبة الامتناع من القبول انتهى. ص: "ولا تختص بخلاف منه" ش: في بعض النسخ:"ولا يخص" بإسقاط التاء من خص ثلاثي مجرد مضاعف ويعني به أن الزوج له المنع وليس له أن يخص به من شاء من نسائه بخلاف ما إذا ملكته اليوم فإن له أن يخص به من شاء هذا الذي اختاره في توضيحه وابن عبد السلام أيضا وفي بعضها وتختص بخلاف منه ومعناه أن الموهوبة تختص باليوم دون غيرها بخلاف ما إذا وهبته للزوج فلا تختص به واحدة وتصير كالعدم وهو الذي ذكره ابن الحاجب وفي بعضها ولا تختص وهي ظاهرة الفساد والله أعلم. ص: "وإن مسافر اختار" ش: قالالقرطبي في شرح مسلم في فضل عائشة: وليست القرعة في هذا واجبة عند مالك لأنه قد يكون لبعض النساء من الغناء في السفر والمنفعة والصلاحية ما لا يكون لغيرها فتتعين الصالحة لذلك ولأن من وقع القرعة عليها لا تجبر على السفر مع الزوج إلى الغزو والتجارة وما أشبه ذلك انتهى. وما ذكره من عدم القرعة في الغزو كما هو ظاهر كلامه بأن القصة في الغزو فغير مسلم وكذلك قوله إن من وقعت عليها القرعة لا تجبر على السفر والله أعلم. وقال ابن عرفة ناقلا عن اللخمي: ومن تعين سفرها أجبرت عليه إن لم يشق عليها أو يعرها المتيطي عن أبي

(5/261)


ووعظ من نشرت ثم هجرها ثم ضربها
------------------------------
عمر: من أبت السفر معه سقطت نفقتها انتهى. وقوله:"أو يعرها" أي يدركها معرة ولفظ اللخمي إلا أن يكون سفرا يدركها فيه مشقة أو يدركها فيه معرة انتهى.
فرع: قال القرطبي في شرح مسلم في فضل عائشة: لم يختلف الفقهاء في أن الحاضرة لا تحاسب المسافرة بما مضى لها مع زوجها في السفر وكذلك لا يختلفون في أنه يقسم بين الزوجات في السفر كما يقسم بينهن في الحضر انتهى.
فرع: قال ابن عرفة اللخمي: إن انقصت أيام بنائه أو مرضه أو سفره لم تحاسب بها وفي تخييره في ابتدائه بمن أحب مطلقا أو سوى التي كان عندها ثالثها يقرع بين من سواها فأرى بداءة قسمه بأبعدهن قسما ممن يليه ومن كان عندها أخرجهن وإن جهل ترتيبهن أقرع بينهن وفيها لا قضاء لها على الزوج لأيام غيبتها عنه في ضيعتها أو حج أو عمرة وبقائه مع غيرها اللخمي في لغو قولها أحرم عليك مكث أيام غيبتي عند ضرتي مطلقا أو ما لم يكن على ميل ونحوه في رواية المبسوط ومحل جواب مالك على قوله فيمن أغلقت الباب دونه أن له المضي لضرتها لا على قول ابن القاسم إلا أن يضره طول غيبتها انتهى.
فرع: قال ابن عرفة عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه: أحب إتمامه يوم من خرج في يومها إن قدم أثناء يوم وله إتمامه عند غيرها.
قلت: الأظهر على وجوب إتمام كسر اليوم في القصر والعقيقة ونحوهما يجب انتهى. والله أعلم. ص: "ووعظ من نشزت" ش: اعلم أنه إذا علم أن النشوز من الزوجة فإن المتولي لزجرها هو الزوج إن لم يبلغ الإمام أو بلغه ورجا إصلاحها على يد زوجها وإلا فإن الإمام يتولى زجرها نقله ابن عبد السلام ص: "ثم هجرها" ش: المراد من الهجر أن يترك مضجعها هذا قول جماعة من التابعين ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك واختاره ابن العربي وغاية الهجر شهر ولا يبلغ الأربعة الأشهر التي للمولى قاله القرطبي ص: "ثم ضربها" ش: قال: القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها فإن المقصود منه الصلاح لا غير فلا جرم إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان انتهى. قال: الأبي عن عياض في شرح حديث جابر في كتاب الحج ومعنى غير مبرح غير شديد انتهى. وقال المحب الطبري في القربي في الباب العاشر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم في شرح قوله:

(5/262)


إن ظن إفادته وبتعديه زجره الحاكم وسكنها بين قوم صالحين إن لم تكن بينهم وإن أشكل بعث حكمين،
-------------------------
"واضربوهن ضرباً غير مبرح" أي غير مؤثر ولا شاق قال: بعضهم ولعله من برح الخفاء إذا ظهر يعني ضربا لا يظهر رجاء تأديبا لهن انتهى. وفي المسائل الملقوطة: من ضرب امرأته عمدا قضى عليه بما جرى من حق وهو يختلف باختلاف البلدان وسئل أبو محمد عمن ضرب زوجته ثم اصطلحا بعطاء فهو له لازم فهذا يدل على أن لها حقا قال: أبو محمد فإن ادعت العمد وادعى الزوج الأدب فالقول قولها وكذلك العبد والسيد وفيهما خلاف من الأحكام لمسائل الأحكام انتهى.
تنبيه: قيد ابن الحاجب الضرب بقوله غير مخوف قال في التوضيح: وتقييد المصنف الضرب بأن يكون غير مخوف صحيح وإذا غلب على ظنه أن الضرب لا يفيد لم يجز له ضربها انتهى. وفي الجواهر: فإن غلب على ظنه أنها لا تترك النشوز إلا بضرب مخوف لم يجز تعزيرها أصلا انتهى. وقبله ابن عرفة ص: "إن ظن إفادته" ش: تصوره ظاهر من كلام التوضيح المتقدم قال ابن عبد السلام: وهكذا ذكر في الصبي إذا ظن أن الضرب لا يفيد فيه شيئا فإنه لا يضرب قال: وأما الكبير فيسجن لأن في السجن كفه عما يفعله من المفاسد ولا يضرب لأن الفرض عدم تأثيره في الكف انتهى. ص: "وبتعديه زجره الحاكم" ش: تأمل هذا مع قوله:"ولها التطليق بالضرر" إلا أن يكون المراد أن لها التطليق بالضرر إذا شهدت البينة به وإن أشكل بعث حكمين ولو لم تشهد البينة بتكرر ولها أن تقيم ويزجره الحاكم إلا أن يكون المراد أن لها التطليق بالضرر إذا شهدت البينة به ولو لم تشهد بتكرره ولها أن تقيم ويزجره الحاكم ويظهر ذلك من كلام ابن غازي ص: "وإن أشكل بعث حكمين" ش: اللخمي: إذا

(5/263)


وإن لم يدخل بها من أهلهما إن أمكن وندب كونهما جاريين وبطل حكم غير العدل وسفيه وامرأة وغير فقيه بذلك ونفذ طلاقهما وإن لم يرض الزوجان والحاكم ولو كانا من جهتهما،
---------------------------------
اختلف الزوجان وخرجا إلى ما لا يحل من المشاتمة والوثوب كان على السلطان أن يبعث حكمين ينظران في أمرهما وإن لم يترافعا ويطلبا ذلك منه ولا يحل له أن يتركهما على ما هما عليه من الإثم وفساد الدين انتهى. ونقله عنه أبو الحسن ص: "من أهلهما إن أمكن" ش: اللخمي فإن لم يكن في أهلهما من يصلح لذلك فمن جيرانهما فإن لم يكن فمن غيرهم وإن كان في أحد الجانبين رجلان يصلحان لذلك حكم أحدهما ونظر في الآخر من الجيرة أو غيرهم ولا يكونا من أخذ الجنبين ثم قال: وإن كان بين الزوجين قرابة جاز أن يحكم السلطان من هو منهما بمنزلة عميهما أو خاليهما أو عم وخال ولو جعل ذلك إلى واحد هو منهما بمنزلة عم أو خال جاز على مغمز فيه انتهى. وظاهر كلام اللخمي بل صريحه أنه إذا كان من جانب واحد من يصلح فإنه يحكم وينظر في الآخر من الجيران أو غيرهم وهو خلاف ظاهر كلام ابن الحاجب وشراحه إذ قال ابن عبد السلام: في قوله:"فإن لم يوجد أحدهما أو كلاهما فمن غيره" يريد إن لم يوجد الحكمان على هذه الصفة في أهل الزوجين أو لم يوجد أحدهما كذلك ووجد الآخر فإنه ينتقل إلى الأجانب انتهى. ونحوه في التوضيح ص: "وسفيه وامرأة وغير فقيه بذلك" ش: إنما عطف هؤلاء على العدل لأن السفيه يكون عدلا وكذلك المرأة

(5/264)


لا أكثر من واحدة أوقعا وتلزم إن اختلفا في العدد ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره وعليهما الإصلاح،
-----------------------
تكون عدلا وكذلك غير الفقيه بحكم هذا الباب والله أعلم. ص: "لا أكثر من واحدة أوقعا" ش: ابن غازي:"أكثر" بالرفع عطفا على طلاقهما وأوقعا في موضع الصفة له والعائد المفعول المحذوف أي ولا ينفذ أكثر من واحدة أوقعاه وكأنه نبه بالصفة على أن هذا بعد الوقوع وأما في الابتداء فلا يجوز أن يوقعا أكثر من واحدة كما صرح به المتيطي انتهى. كلامه فعزو ابن غازي هذا للمتيطي كأنه لم ينظر في المدونة ولا اللخمي قال في التهذيب ولا يفرقان بأكثر من واحدة انتهى. وقال اللخمي ولا يجوز أن يوقعا من الطلاق أكثر من واحدة انتهى. ص: "ولها التطليق بالضرر" ش: قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: من الضرر قطع كلامه عنها وتحويل وجهه في الفراش عنها وإيثار امرأة عليها وضربها ضربا مؤلما وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة وتأديبها على ترك الصلاة ولا فعل التسري انتهى. وقد تقدم الاختلاف فيمن يوقع هذا الطلاق هل الحاكم أو الزوجة في فصل العيوب وكذلك إن أوقع أكثر من واحدة والله أعلم. وسيأتي عند قول المصنف في باب الخلع ورد المال بشهادة سماع على الضرر الكلام على شهادة السماع بالضرر ص: "وعليهما الإصلاح" ش: قال ابن فرحون في شرح قول ابن الحاجب: وعليهما الإصلاح يعني قبل النظر في الطلاق وذلك بأن يجتمع كل واحد من الحكمين بقريبه ويسأله عما نقم وما كره من صاحبه ويقول له إن كان لك حاجة في صاحبك رددناه إلى ما نختار منه ويكون ذلك منهما المرة بعد المرة ولا يلازماهما وعليهما أن يجتهدا في الإصلاح ما استطاعا وإلا نظرا في أمرهما فإن لم يقدرا

(5/265)


فإن تعذر فإن أساء الزوج طلقا بلا خلع وبالعكس ائتمناه عليها أو خالعا له بنظرهما وإن أساءا معاً فهل يتعين الطلاق بلا خلع أو لهما أن يخالعا بالنظر وعليه الأكثر تأويلان وأتيا الحاكم فأخبراه فنفذ حكمهما وللزوجين إقامة واحد على الصفة وفي الوليين والحاكم تردد،
-----------------------
على الإصلاح فإن كان المسيىء الزوج طلقا بلا خلع ثم ذكر ما ذكره المصنف وقال ابن عرفة والمتيطي وابن فتحون وغيرهما إذا توجه الحكمان باشرا أمورهما وسألا عن بطانتهما فإذا وقفا على حقيقة أمرهما أصلحا إن قدرا وإلا فرقا زاد فيها وتجوز فرقتهما دون الإمام انتهى.
فرع: ولا يعذر الحكمان قبل حكمهما ابن رشد: لأنهما لا يحكمان بالشهادة القاطعة وأنهما يحكمان بما خلص إليهن بعد النظر انتهى. من التوضيح ص: "أو خالعا له بنظرهما" ش: هذا زاده اللخمي قال: في تبصرته وإن كان الظلم منهما وكان لا يتجاوز الحق فيها ائتمناه عليها وأقرت عنده إلا أن يحب هو الفراق فيفرقا ولا شيء لها من الصداق انتهى. ص: "وإن أساءا" ش: هو بضمير التثنية يعني به إذا تبين أن الظلم منهما فإن أشكل الأمر أيهما يظلم أو أيهما أظلم أجريا الحكم بمنزلة المساواة قاله اللخمي والله أعلم. ص: "وللزوجين إقامة واحد على الصفة وفي الوليين والحاكم تردد" ش: فهم من هذا أن للجميع إقامة الحكمين وهو كذلك على المشهور وأما الأمينة فلا يحكم بها على المشهور انظر التوضيح وقال في الشامل: ولا يعمل بأمينة على المشهور انتهى. وقال ابن عرفة: ولا يقضى بإسكان أمينة الوقوف ورأيت لابن العباس أنه يقضى بذلك والأول أظهر وأشهر إلا أن يتفق الزوجان عليها وتكون نفقتها عليها انتهى. والقائل بأنه يجوز إقامة واحد للزوجين وللحاكم وللوليين هو اللخمي وقيده بأن يكون من غير الأهل ونقله عنه ابن عرفة وسيأتي كلامه والقائل بأنه لا يجوز ذلك

(5/266)


ولهما إن أقامهما الإقلاع ما لم يستوعبا الكشف ويعز ما على الحكم وإن طلقا واختلفا في المال فإن لم تلتزمه فلا طلاق
----------------------------
للوليين ولا للحاكم وإنما يجوز للزوجين هو الباجي وزاد ابن عرفة بعد نقله قول الباجي عن ابن فتحون والمتيطي ما نصه ابن فتحون: لا يجوز للإمام أن يحكم واحدا لمخالفة التنزيل زاد المتيطي ولا يجوز لهما ذلك إن كانا رشيدين ولا لمن يليهما إن كانا في ولاية فإن جعلا ذلك لواحد عدل لم ينقض قاله عبد الملك في المدونة ثم ذكر قول اللخمي ثم قال في آخر كلامه قلت: ففي منع الاقتصار على بعث واحد مطلقا وجوازه إن كان أجنبيا مطلقا ثالث الطرق يجوز مطلقا للزوجين معا فقط لابن فتحون واللخمي والباجي وقول ابن الحاجب: ويجوز أن يقيم الزوجان والوليان خاصة واحدا على الصفة لا على غيرها غير الجميع انتهى. وإلى اختلاف الطرق المذكورة أشار المصنف بقوله:"وفي الوليين والحاكم تردد" والله أعلم. وقوله:"وفي الوليين" يعني في محجوريهما قال ابن عرفة: إنما يبعث الحكمين الحكام أو الزوجان أو آباؤهما إن كانا محجورين ثم قال قلت: معنى البعث والزوجان محجوران أن الزوجة قامت بالضرر ولو رضيته سقط فقال وليها ولو كان أبا قاله عن المذهب الشعبي وابن فتوح وغيرهما قال ابن فتوح وكذا كل شرط فيه فأمرها بيدها وتمامه في التمليك انتهى. ص: "وإن طلقا واختلفا في المال فإن لم تلزمه فلا طلاق" ش: استغنى المصنف رحمه الله بهذا الفرع: عن فرع: ذكره في المدونة معه لأنه يفهم حكمه منه بالأحروية وهو ما إذا حكم أحدهما بالفراق ولم يحكم الآخر قال قال: فيها لم يلزم شيء انتهى. وعزا ابن عرفة هذا الأخير للخمي وكأنه لم يره في المدونة والله أعلم.

(5/267)