مواهب
الجليل لشرح مختصر الخليل ط عالم الكتب
كتاب الحجر
باب الحجر
...
باب الحجر
المجنون محجور للإفاقة. والصبي لبلوغه بثمان
ـــــــ
باب
ص: (المجنون محجور عليه للإفاقة) ش: عقب رحمه
الله التفليس بالحجر تكميلا لبيان أسباب الحجر
والحجر مصدر: حجر يحجر ويحجر بضم الجيم وكسرها
وهو لغة حصر الإنسان والمنع والحرام، ومنه
قوله تعالى {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]
وتثلث حاؤه في المعاني الثلاث قاله: في
القاموس وقرئ بهن في الآية وتقول الكفار يوم
القيامة إذا رأوا ملائكة العذاب {حِجْراً
مَحْجُوراً} أي حراما محرما يظنون أن ذلك
ينفعهم كما يقولونه في الدنيا لمن يخافونه في
الشهر الحرام قاله في الصحاح، وذكر أن الكسر
في الحجر بمعنى الحرام أفصح، والحجر مثلث أيضا
ما بين يدي الإنسان من ثوبه قاله في المحكم
وحكاه في القاموس بالكسر فقط، والحجر يطلق على
العقل كقوله تعالى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ
لِذِي حِجْرٍ}[الفجر: 5] وعلى حجر الكعبة
المدار بها من الجانب الشمالي، وكل ما حجرته
من حائط فهو حجر، وعلى ديار ثمود بالشام عند
وادي القرى قال تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ
أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر:
80] وعلى الأنثى من الخيل، وقول العامة: حجرة
بالهاء لحن ا هـ. بالمعنى من القاموس والصحاح
وهو في الجميع بمعنى المنع؛ لأن العقل يمنع من
الرذائل جميعها، والحائط يمنع من الدخول إليه،
وكذا ديار ثمود، والأنثى تمنع صاحبها من
العدو، ويطلق أيضا بالكسر على القرابة، وعلى
فرج الرجل والمرأة قاله في القاموس.
والحجر في الشرع قال في الذخيرة: المنع من
التصرف، نقله عن التنبيهات، وقال ابن
(6/631)
.......................................
ـــــــ
راشد: المنع من التصرف في المال، وقال في
التوضيح: منع المالك التصرف في ماله لمنفعة
نفسه، أو غيره ا هـ. وفي الجميع إجمال يجب
اجتنابه في الحدود إذ لم يبين هل هو المنع من
التصرف بالتبرع أو بالمعاوضة وهل في الكل، أو
في البعض وقال ابن عرفة: صفة حكمية توجب منع
موصوفها من نفوذ تصرفه في الزائد على قوته، أو
تبرعه بماله قال: وبه دخل حجر المريض والزوجة
ا هـ. والظاهر أنهما لا يدخلان؛ لأنه إن أراد
بقوله: ماله كل ماله لم يدخل الحجر عليهما في
التبرع بما زاد على الثلث وكان دون المال كله،
وإن أراد بشيء من ماله فبين فساده، وإن أراد
بما زاد على الثلث فلا قرينة تدل عليه، ويخرج
من حده الحجر على المرهون في تصرفه في الرهن،
ومن جنى عبده قبل أن يتحمل بالجناية فإنه
ممنوع من التصرف.
تنبيه: قال ابن عرفة قال: ابن الحاجب وابن
شاس: أسبابه سبعة: الصبا، والجنون والتبذير،
والرق، والفلس، والمرض والنكاح في الزوجة ا
هـ. وقدم ابن الحاجب على ابن شاس؛ لأن ابن شاس
هو الذي حصرها في سبعة وهو في النسخة سبع
بإسقاط التاء، والصواب سبعة بإثباتها؛ لأن
المعدود مذكر، ثم قال ابن عرفة: قلت: الحصر
استقرائي وهو في الأمور المذهبية للعالم
بالمذهب قطعي؛ لأنه عدة منه لموجود عنده.
وتعقب ابن عبد السلام على ابن الحاجب بأنه ترك
سببا ثامنا وهو الردة، وبأنه قدم حكم الفلس
على ذكر سببه فإنه عد الفلس في الأسباب بعد أن
تكلم على أحكام التفليس، ويرد الأول بأنهم
إنما ذكروا الحجر على المالك فيما يملكه لا
فيما لا يملكه، وحجر المرتد ليس من حجر المالك
على ما يملكه؛ لأنه لو مات ما ورث عنه ولعله
تبع القرافي في الذخيرة فإنه قال: أسبابه
ثمانية فعد فيها الردة، وأما قوله: قدم الفلس
إلخ فلا مدخل له في التعقب؛ لأن قوله سببه إن
أراد ما هو سبب في الفلس فالحاصل أنه قدم حكم
الفلس على ذكر سبب الفلس ولا تعقب في هذا إلا
أن يكون من ترك الأولى ولا مدخل لهذا في
الحجر، وإن أراد ما الفلس سبب له وهو الحجر
فحاصله أنه ذكر حكم الفلس قبل ذكر كونه سببا
في الحجر، وهذا لا تعقب فيه، وقوله: الأسباب
التي ذكرها ابن الحاجب ستة. وهم، بل هي سبعة
كما صرح به ابن شاس انتهى، والله أعلم. وتبع
الشيخ في التوضيح ابن عبد السلام في الاعتراض
بالردة وزاد هو الحجر على المرهون فقال: وذكر
له المصنف سبعة أسباب، ومفهوم العدد يقتضي
الحصر فيها وينتقض بالحجر على الراهن بحق
المرتهن، وبالحجر على المرتد ا هـ. ويزاد أيضا
الحجر على من جنى عبده قبل محمله الجناية
والله أعلم.وقوله: "المجنون محجور عليه
للإفاقة". يعني أن المجنون سواء كان ذكرا، أو
أنثى محجور عليه إلى إفاقته، وظاهره أن
بالإفاقة ينفك عنه الحجر، وفي ذلك تفصيل قال
في الذخيرة: ويزول الحجر عن المجنون بإفاقته
إن كان الجنون طارئا بعد البلوغ؛ لأنه كان على
الرشد، وإن كان قبل البلوغ فبعد
(6/632)
عشرة. أو الحلم
أو الحيض. أو الحمل,
ـــــــ
إثبات الرشد ا هـ. وكذا لو كان بلغ سفيها، ثم
جن فلا ينفك بالإفاقة فقط والله أعلم. ويمكن
أن يجاب عن المصنف بأنه إنما تكلم في الحجر
الحاصل بسبب الجنون وذكر أن حده الإفاقة، ولم
يتكلم على ما إذا كان هناك سبب آخر والله أعلم
قال الشارح: وسواء كان الجنون بصرع، أو وسواس
ا هـ.
قال في الذخيرة عن اللخمي: فاختلف فيمن يخدع
في البيوع فقيل لا يحجر عليه؛ لقوله صلى الله
عليه وسلم لحبان بن منقذ وكان يخدع في البيوع
لضربة أصابته في رأسه "إذا تبايعت فقل لا
خلابة" خرجه الصحيحان، وقال ابن شعبان: يحجر
عليه صونا لماله كالصبي قال اللخمي: وأرى إن
كان يخدع باليسير أو الكثير إلا أنه لا يخفى
عليه ذلك بعد، ويتبين ذلك الغبن له فلا يحجر
عليه، ويؤمر بالاشتراط كما في الحديث، ويشهد
حين البيع فيستغنى بذلك عن الحجر، وإن كان لا
يتبين له ذلك ويكثر تكرره فيحجر عليه ولا ينزع
المال من يده إلا أن لا ينزجر عن التجر ا هـ.
وعبارة اللخمي، وإن كان لا يتبين له ذلك ويكثر
نزول ذلك به أمر بالإمساك عن التجر، ولم يحجر
عليه، ولم ينزع المال منه؛ لأن السلطان لا
يفعل بعد الحجر أكثر من إمساكه والإنفاق عليه
منه، وهو أولى بإمساكه ماله، وإن كان لا ينزجر
عن التجر انتزع ذلك منه ا هـ. وذكر القرطبي
القولين في آخر البقرة، وقال وهما في المذهب،
ثم قوى القول بالحجر، وهو الظاهر لدخوله في
ضابط من يحجر عليه، وهو من لا يحفظ المال كما
سيأتي، والله أعلم. قال في الذخيرة: وينفك
الحجر عن هذا ويدفع له ماله إذا علم منه دربة
البيع ومعرفة وجوه الخديعة ا هـ. وأما المغمى
عليه فقال القرطبي في أوائل سورة النساء:
استحسن مالك أن لا يحجر عليه لسرعة زوال ما به
ا هـ. والله أعلم.ص: (بثمان عشرة) ش: هذا هو
المشهور، وهو أحد الأقوال الخمسة، وقال
البرزلي في كتاب الصيام: اختلف في السن ففي
رواية: ثمان عشرة، وقيل: سبع عشرة، وزاد بعض
شراح الرسالة ستة عشر وتسعة عشر، وروى ابن وهب
خمسة عشر، لحديث ابن عمر ا هـ. وقال القرطبي
قال أبو عمر بن عبد البر: وهذا فيمن عرف
مولده، وأما من جهل مولده وعلم سنه أو جحده
فالعمل فيه على ما روى رافع عن أسلم عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء
الأجناد: أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت
عليه الموسى ا هـ. فظاهره أنه يقبل قوله في
مقدار سنه، وهو بين وسيأتي في كلام الشيخ زروق
عند قول المصنف: وصدق إن لم يرب أنه يصدق في
السن إن ادعى ما يشبه حيث يجهل التاريخ، والله
أعلم.
(6/633)
أو الإنبات وهل
إلا في حق الله تعالى؟ تردد، وصدق إن لم يرب,
ـــــــ
تنبيه: قال البرزلي في مسائل النكاح: سئل
اللخمي عن معنى قوله: علامة البلوغ سبع عشرة
أو ثمان عشرة، فأجاب النسبة إلى السنة
بالدخول، ومن أكمل سنة وخرج منها ولو بيوم لم
ينسب إليها، وقد وقع في الأحاديث ما يقتضي
النسبة إلى السنة الكاملة، لحديث "ابن عمر حين
قال: أجازني رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا ابن أربع عشرة ". ص: (أو الحيض، أو
الحمل) ش: تصوره ظاهر قال الشيخ يوسف بن عمر
في كتاب الصيام في شرح الرسالة: ولا قائل
باعتبار التنهيد في الأنثى ا هـ. ص: (أو
الإنبات) ش: قال ابن العربي: المشهور كون
الإنبات علامة ا هـ. قال الطرطوشي والمراد
بالإنبات: الإنبات الخشن على المذاكر، وما
حوله دون الزغب الضعيف ا هـ. من الذخيرة،
ونقله ابن عرفة وكذلك الأنثى. ص: (وهل إلا في
حقه تعالى تردد) ش: صرح في التوضيح بأن
المشهور أنه علامة وظاهره مطلقا وظاهر كلامه
هنا كذلك لتصويره به، ولأن العمل عليه، وهو
ظاهر الأحاديث ولعله يريد مطلق الإنبات الذي
تقدم وصفه فلا يوجد إلا في البالغ، والله
أعلم.
فرع: قال البرزلي في كتاب الصيام: زاد القرافي
في العلامات نتن الإبط، وزاد غيره فرق الأرنبة
من الأنف، وبعض المغاربة يأخذ خيطا ويثنيه،
ويديره برقبته ويجمع طرفيه في أسنانه فإن دخل
رأسه منه فقد بلغ، وإلا فلا وهذا، وإن لم يكن
منصوصا فقد رأيت في كتاب التشريح ما يؤيده،
ولأنه إذا بلغ الإنسان تغلظ حنجرته، ويمحل
صوته، فتغلظ الرقبة كذلك وجربه كثير من العوام
فصدق له ا هـ. ص: (وصدق إن لم يرب) ش: قال
الشيخ زروق في شرح الإرشاد في باب الحجر: فأما
الاحتلام والحيض والحمل فلا خلاف في كونها
علامات ويصدق في الإخبار عنها نفيا، أو إثباتا
طالبا كان أو مطلوبا، وكذا عن الإنبات ولا
تكشف عورته، وقال ابن العربي: ينظر إليه في
المرآة، وأنكره بعضهم ويصدق في السن إن ادعى
ما يشبه حيث يجهل التاريخ انتهى.
فرع: قال البرزلي في مسائل النكاح عن نوازل
ابن الحاج: إذا قالت عمة صبية
(6/634)
وللولي رد تصرف
مميز, وله إن رشد, ولو حنث بعد بلوغه,
ـــــــ
تزوجت ابنة أخي قبل البلوغ، وقال وليها زوجتها
بعد البلوغ فإنه ينظر إلى الصبية اثنتان من
النساء فإن شهدتا أن بها أثر البلوغ مضى
نكاحها. زاد غيره: وأنها أنبتت.
قلت: يحتمل أن يكون هذا على قول سحنون إذا
اختلفا في الإصابة وعلى أصل المدونة القول قول
من ادعى الإصابة إذا كانت خلوة اهتداء وأشار
إلى هذا في الطرر ويحتمل أن يكون هذا متفقا
عليه؛ لأنه راجع إلى الصحة والفساد على القول
بأن نكاحها قبل البلوغ من غير عذر ينتج الفساد
وفيه ثلاثة أقوال ا هـ. وأظن أن في الكلام
نقصا فتأمله ومنه أيضا ونزلت.مسألة وهي أنه
وقع عقد على يتيمة مهملة وشهد الشهود على
رضاها واعترافها بالبلوغ فلما دخلت أنكرت
الزواج، وادعت أنها غير بالغ، وأنه لم يمسها
فصدقها على عدم المسيس، ورفع أمرها للقاضي
فينظرها القوابل فوجدت كما ذكر من عدم البلوغ،
فحكم بفسخ نكاحها بطلاق لكونه لم يستوف شرائط
تزويج اليتيمة قبل البلوغ، وسأل القاضي شيخنا
الإمام عن لزوم الصداق ؟ فأفتى بعدم الصداق؛
لأنهما مغلوبان على الفسخ، ومنه في مسائل
النكاح. وسئل السيوري عن البكر اليتيمة تريد
النكاح وتدعي البلوغ أيقبل قولها، أو تكشف
فأجاب يقبل قولها ا هـ.ص: (وللولي رد تصرف
مميز وله إن رشد، ولو حنث
(6/635)
أو وقع الموقع,
وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه, وصحت وصيته,
كالسفيه إن لم يخلط
ـــــــ
بعد بلوغه، أو وقع الموقع) ش: يعني أن الولي
سواء كان وصيا أو وصي وصي، أو مقدم القاضي
فإنه يرد ما تصرف فيه المميز من بيع وغيره
ويريد المصنف المميز المحجور وسواء كان صغيرا،
أو بالغا سفيها ولو صرح بذلك، فقال: وتصرف
مميز محجور لكان أبين، وهذه اللام يظهر فيها
أنها لام الإباحة، وأن له الرد، وله الإمضاء،
وهو إنما يكون بحسب ما يرى فيه المصلحة لا
بحسب شهوته واختياره. قال في الذخيرة عن
الجواهر ولا يتصرف الولي إلا بما تقتضيه
المصلحة لقوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ
الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
[الأنعام: 152] ، فهو معزول بظاهر النص عن غير
التي هي أحسن ا هـ. وظاهر كلامه أن ذلك في
جميع التصرفات له الإجازة والرد وليس كذلك
وإنما يكون له الإجازة والرد في التصرفات
المالية التي خرجت عن عوض، وأما التبرعات
فيتعين عليه ردها. ولنذكر بعض كلام أهل المذهب
في ذلك ليتضح المقصود قال ابن رشد في المقدمات
في باب المأذون له في التجارة: لا اختلاف بين
مالك وأصحابه أن الصغير الذي لم يبلغ الحلم من
الرجال، والمحيض من النساء لا يجوز له في ماله
معروف من هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق، وإن
أذن له في ذلك الأب، أو الوصي إن كان ذا أب،
أو وصي فإن باع، أو اشترى، أو فعل ما يشبه
البيع والشراء مما يخرج عن عوض ولا يقصد فيه
إلى معروف كان موقوفا على نظر وليه فإن رآه
سدادا أو غبطة أجازه وأنفذه. وإن رآه بخلافه
رده وأبطله، وإن لم يكن ولي قدم له ولي نظر
بوجه النظر والاجتهاد، وإن غفل عن ذلك حتى ولي
أمره كان النظر إليه في إجازة
(6/636)
.......................................
ـــــــ
إنفاذ ذلك أو رده واختلف إذا كان فعله سدادا
نظرا مما كان يلزم الولي أن يفعله هل له أن
يرده وينقضه إن آل الأمر إلى خلاف ذلك بحوالة،
أو نماء فيما باعه أو نقصان فيما ابتاعه، أو
ما أشبه ذلك فالمشهور المعلوم في المذهب أن
ذلك له وقيل إن ذلك ليس له ويلزمه ما أفسد أو
كسر مما لم يؤتمن عليه واختلف فيما إذا أفسد
وكسر مما اؤتمن عليه ولا يلزمه بعد بلوغه
ورشده عتق ما حلف بحريته، وحنث به في حال صغره
واختلف فيما حلف به في حال صغره وحنث به في
حال رشده فالمشهور أنه لا يلزمه، وقال ابن
كنانة: يلزمه ولا تلزمه يمين فيما ادعى عليه
به واختلف هل يحلف مع شاهده ؟ المشهور أنه لا
يحلف ويحلف المدعى عليه فإن نكل غرم ولا يمين
على الصبي إذا بلغ، وإن حلف برز إلى البلوغ
فإذا بلغ الصغير حلف وأخذ حقه فإن نكل لم يكن
له شيء ولا يلزم المدعى عليه يمين ثانية، وقد
روي عن مالك والليث: أنه يحلف مع شاهده ولا
شيء عليه فيما بينه وبين الله من الحقوق
والأحكام "لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفع القلم عن ثلاث" فذكر منهم الصبي حتى يحتلم
ا هـ. ثم قال في أواخر كتاب المديان قد أتينا
بحمد الله على ما شرطنا من بيان الحدود
المميزة بين من يجوز وبين من لا يجوز في
الأبكار وغيرهن فنرجع الآن إلى ذكر القول في
أحكام من لا تجوز أفعاله من السفهاء البالغين
إذ قد تقدم القول في أحكام أفعال الصبيان
فنذكر من ذلك ما أمكن على شرط الإيجاز
والاختصار.
اعلم وفقنا الله وإياك أن السفيه البالغ تلزمه
جميع حقوق الله التي أوجبها الله على عباده في
بدنه وماله ويلزمه ما وجب في بدنه من حد، أو
قصاص ويلزمه الطلاق كان بيمين حنث فيها، أو
بغير يمين، وكذلك الظهار وينظر له وليه فيه
بوجه النظر فإن رأى أن يعتق عنه، ويمسك عليه
زوجته فعل. وإن رأى أن لا يعتق عليه، وإن آل
ذلك إلى الفراق بينهما كان ذلك له ولا يجزئه
الصيام ولا الإطعام إذا كان له من المال ما
يحمل العتق، وقال ابن المواز: إذا لم ير له
وليه أن يكفر عنه بالعتق فله هو أن يصوم فلا
يطلق عليه في مذهب ابن المواز؛ لأن بعد ضرب
أجل الإيلاء إن طلبت المرأة ذلك كان له أن
يكفر بالصيام. وعلى القول الأول تطلق عليه من
ضرب أجل، وهو قول أصبغ، وقال ابن كنانة: لا
يعتق عليه وليه إلا في أول مرة فإن عاد إلى
الظهار لم يعتق عنه؛ لأن المرة الواحدة تأتي
على الحليم والسفيه، وإلى ذلك ذهب محمد بن
المواز، وأما الإيلاء فإن كان دخل عليه بسبب
يمين بالطلاق هو فيها على حنث، أو بسبب امتناع
يمينه على أن يكفر عنه في الظهار لزمه، وأما
إن كان حلف على ترك الوطء فينظر إلى يمينه فإن
كانت بعتق، أو صدقة، أو ما أشبه ذلك مما لا
يجوز له فعله، ويحجر عليه في ذلك وليه لم
يلزمه به إيلاء، وإن كانت بالله لزمه الإيلاء
إن لم يكن له مال، ولم يلزمه إن كان له مال،
وإن كانت يمينه بصيام أوجبه على نفسه، أو ما
أشبه ذلك مما يلزمه لزمه به الإيلاء وعلى قول
محمد يلزمه الإيلاء باليمين بالله،. وإن لم
يكن له مال ولا
(6/637)
.......................................
ـــــــ
يلزمه هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق ولا شيء
من المعروف في ماله إلا أن يعتق أم ولده
فيلزمه؛ لأنها كالزوجة ليس فيها إلا الاستمتاع
بالوطء، واختلف في مالها هل يتبعها أم لا ؟
على ثلاثة أقوال: أحدها أنه يتبعها، وهو قول
مالك في رواية أشهب، والثاني: أنه لا يتبعها،
وهو رواية يحيى عن ابن القاسم، والثالث:
التفرقة بين القليل والكثير وأراه قول أصبغ،
وقال المغيرة وابن نافع لا يلزمه عتقها ولا
يجوز عليها بخلاف الطلاق ولا يجوز إقراره
بالدين إلا أن يقر به في مرضه فيكون في ثلثه
قاله ابن كنانة واستحسن ذلك أصبغ ما لم يكثر
جدا، وإن حمله الثلث، وأما بيعه وشراؤه ونكاحه
وما أشبه ذلك مما يجري على عوض، ولا يقصد به
قصد المعروف فإنه موقوف على نظر وليه إن كان
له ولي، وإن لم يكن له ولي قدم له القاضي
ناظرا له ينظر في ذلك نظر الوصي فإن لم يفعل
حتى ملك أمره كان هو مخيرا في رد ذلك وإجازته
ا هـ. ولا تظن أن هذا معارض لما سيأتي في قول
المصنف: وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة
عند مالك. لا ابن القاسم؛ لأن هذا الكلام
المذكور هنا إنما هو فيمن حكم له بأن فعله
محمول على عدم الإجازة كما تقدم في أول كلام
ابن رشد وهذا الكلام إنما هو فيمن حكم له بأن
فعله لا يجوز فتأمله، والله أعلم. وذكر صاحب
الذخيرة كلام صاحب المقدمات بلفظ لا يختلف
مالك وأصحابه أن الإنسان قبل البلوغ محمول على
السفه، وإن ظهر رشده، وأن تصرفاته من الصدقات
وغيرها من المعروف مردودة، وإن أذن فيها الأب
أو الوصي وتصرف المعاوضة موقوف على إجازة
الولي إن رآه مصلحة وإلا رده ا هـ. قال في
اللباب وقسم من أفعاله لا يمضي، وإن أجازه
الولي، وهو العتق والصدقة والهبة ا هـ.
تنبيهات: الأول: قول المصنف: "مميزا" احترز به
من غير المميز فإنه لا يصح تصرفه ولو
بالمعاوضة كما قال في البيع: شرط عاقده تمييز،
وقول الشارح نبه بالمميز على أن غير المميز
أحرى بالرد غير بين في أنه يتعين رد تصرف غير
المميز، والله أعلم.
الثاني: علم مما تقدم أن تصرف المميز السفيه
صغيرا كان، أو بالغا كلما كان بغير عوض فإنه
مردود وما كان بعوض فهو موقوف على إجازة وليه
الثالث: قوله: "وإن رشد" عائد إلى السفيه
المميز بالغا كان، أو غير بالغ فله الرد إذا
رشد وقوله: "أو وقع الموقع" ظاهر كلام المصنف
وكلام ابن رشد المتقدم أن له أن يرده بعد
بلوغه ورشده ولو كان وقع الموقع يوم عقده،
وصرح به في الشامل فقال: فإن لم يكن له ولي،
أو كان، ولم يعلم بتصرفه حتى رشد فالنظر له
فيه دون الولي ولو كان سدادا ا هـ.
الرابع: قوله: "ولو حنث بعد بلوغه" لو قال بعد
رشده لكان أبين وأوضح وظاهر كلامه أن ذلك عام
في الصغر والسفه.
الخامس: قال في كتاب المديان من المدونة: ولا
يجوز للمولى عليه عتق ولا هبة،
(6/638)
.......................................
ـــــــ
ولا صدقة ولا بيع ولا يلزمه ذلك بعد بلوغه
ورشده إلا أن يجبره الآن وأنا أستحب إمضاءه
ولا أجبره عليه ا هـ. عياض له راجع للعتق وما
أشبهه من الصدقة والهبة لغير ثواب وعلى الجميع
اختصره المختصرون، وأنا أستحب له إمضاء جميع
ما فعل وفيه نظر والصحيح سواه، ولا أستحب له
أن يمضي إلا ما كان لله فيه قربة، وأما ما
بينه وبين العباد مما لم يقصد به القربة فأي
استحباب في هذا وهكذا جاء منصوصا عليه في سماع
أشهب على ما تأولناه. الشيخ أبو الحسن، وقد
يكون فيه قربة بإسعاف أخيه المسلم بإمضاء
عقدته لغبطة بها كما يكون قربة في الإقالة
والتولية ا هـ. من أبي الحسن وظاهر ما تقدم من
كلام المدونة وكلام المقدمات: أن المولى عليه
لا يلزمه ما حلف به في حال سفهه ولو لم يرده
من ولي عليه حتى رشد، وهو الذي وقع في آخر أول
رسم من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح، وقال
ابن رشد: هو الأظهر خلاف ما وقع في سماع
المحرم من سماع ابن القاسم من النذور أنه
يلزمه قال ابن رشد: وهذا الاختلاف إنما هو إذا
لم يرد الولي على المولي حتى ملك أمره، وكلام
المدونة هنا وكلام المقدمات يرجح ما قال ابن
رشد أنه الأظهر، والله أعلم.
السادس: قال في المقدمات بعد قوله المتقدم في
السفه: فإن لم يفعل حتى ملك أمره كان هو مخيرا
في إجارة ذلك، أو رده فإن رد بيعه، أو ابتياعه
وكان قد أتلف الثمن الذي باع به، أو السلعة
التي ابتاعها لم يتبع ماله بشيء من ذلك ا هـ.
السابع: قال فيها أيضا واختلف إذا كانت أمة
فأولدها فقيل إن ذلك فوت ولا يرد وقيل إن ذلك
ليس بفوت كالعتق ويرد، ولا يكون عليه من قيمة
الولد شيء ا هـ.
الثامن: قال فيها أيضا: واختلف إذا كان أنفق
الثمن فيما لا بد له منه مما يلزمه إقامته هل
يتبع ماله بذلك أم لا ؟ على قولين ا هـ. وقال
ابن عرفة بعد ذكر هذين القولين: قلت الذي في
أحكام ابن سهل للأخوين وغيرهما ولابن فتوح
اتباعه ا هـ. فترجح القول بالاتباع إذا كانت
النفقة في مصالحه، وقال في نوازل أصبغ في كتاب
المديان والتفليس: يتحصل فيما باع اليتيم دون
إذن وصيه، أو الصغير من عقاره وأصوله بوجه
السداد في نفقته التي لا بد له منها إذا كان
لا شيء له غير الذي باع، أو كان ذلك ما باعه
من أصوله، ثلاثة أقوال: أحدها: أن البيع يرد
على كل حال ولا يتبع بالثمن، وهو قول ابن
القاسم وأضعف الأقوال. والثاني: أن البيع يرد
إن رأى ذلك الوصي ولا يبطل الثمن عن اليتيم
ويؤخذ من ماله، وهو قول أصبغ. والثالث: أن
البيع يمضي ولا يرد إلا أن يكون باع بأقل من
القيمة، أو باع ما غيره أحق بالبيع في نفقته
فلا يختلف أن البيع يرد، وإن لم يبطل الثمن عن
اليتيم لإدخاله إياه فيما لا بد له منه، وأما
إذا بلغ اليتيم وأنفق في شهواته التي يستغنى
عنها فلا اختلاف في أنه يرد البيع ولا يتبع
بشيء من الثمن كان الذي باع من ماله كثيرا، أو
يسيرا أصلا، أو عرضا ا هـ. وقال قبل أن
(6/639)
.......................................
ـــــــ
يحصل الأقوال: إن القول الثاني أعني قول أصبغ
هو قول ابن كنانة واختاره عيسى بن دينار قال:
وهو الحق الذي لا ينبغي غيره إن شاء الله
تعالى فيكون القول بالاتباع هو الراجح؛ لأن
الأول صرح بأنه أضعف الأقوال، والثالث لم
يعزه، وضعفه ظاهر، وترجح أيضا بتصدير ابن رشد
به في المقدمات وترجيح ابن عرفة له أيضا كما
تقدم في كلامهما وصرح المتيطي فيما نقله عنه
ابن عرفة في أول كتاب البيع: بأن المحجور إذا
أفات الثمن، وقامت بينة على أنه أنفقه في
مصالحه، فالمشهور أخذه من ماله، ونصه: "ولو
أفاته وشهدت بينة أنه أنفقه في مصالحه ففي
أخذه من ماله للمشهور ونقل يحيى بن إسحاق عن
ابن القاسم ا هـ. وقال عنه أيضا فيما إذا لم
يفوته: فإن قامت بينة وكان يعرف بعينه أخذه،
وإن لم يعرف بعينه فيشترك عدم مفارقة البينة
له قال: وإقرار السفيه بتعيينه لغو ا هـ. وقول
ابن رشد أول الكلام: اليتيم، أو الصغير يريد
وكذلك البالغ السفيه، وفرض المسألة التي ذكر
ذلك في شرحها في البكر السفيهة، والله أعلم.
التاسع: قال الرجراجي في كتاب المأذون: ولا
خلاف أنه لا يتبع بالثمن في ذمته ا هـ.
العاشر: قال فيها أيضا، وإن كان الذي اشترى
منه المشتري أمة فأولدها، أو أعتقها، أو غنما
فتناسلت، أو بقعة فبناها، أو شيئا له غلة
فاغتله كان حكمه في جميع ذلك حكم من اشترى من
مالك فيما يرى فاستحق من يده ما اشترى بعد أن
أحدث فيها ما ذكرت، يرد إلى المولى عليه الأمة
التي أعتقت، وينتقض العتق فيها، وتأخذ الأمة
التي ولدت منه، وقيمة الولد على الاختلاف
المعلوم في ذلك، وإن كان الولد من غيره بتزويج
أحدهم مع الأم، وكذلك يأخذ الغنم ونسلها وكان
له فيما بناه قيمة بنائه قائما وكانت الغلة
التي اغتل له بالضمان هذا كله إن كان لم يعلم
بأنه مولى عليه لا يجوز بيعه، وأما إن علم أنه
مولى عليه متعد في البيع بغير إذن وليه لسفه
يقصده فحكمه حكم الغاصب يرد الغلة وكان له
قيمة بنائه مقلوعا ا هـ. فعلم من هذا أن بيع
المولى عليه حكمه ما تقدم، ولو لم يكن المشتري
عالما بذلك، والله أعلم.
الحادي عشر: قال في البيان إثر الكلام
المتقدم، وهو محمول فيما باع وقبض من الثمن
أنه إن أنفقه فيما له منه بد حتى يثبت أنه
أنفقه فيما ليس له منه بد ا هـ.
الثاني عشر: قال في التلقين من استدان من
المحجور عليه دينا بغير إذن وليه، ثم فك حجره
لم يلزمه ذلك فيمن حجر عليه لحق نفسه كالسفيه
والصغير ولزم فيمن حجر عليه لحق غيره كالعبد
يعتق إلا أن يفسخه عنه السيد قبل عتقه ا هـ.
وقال في نوازل سحنون من كتاب المديان: إذا
أولد السفيه جارية ابتاعها بثمن استسلفه، أو
بثمن سلعة ابتاعها فلا اختلاف أنه لا سبيل
للذي أسلفه، أو باعه عليها؛ لأنها، وإن كانت
من أموالهما فليست عين
(6/640)
إلى حفظ مال ذي
الأب بعده,
ـــــــ
أموالهما، وأما إذا أولد الأمة التي اشتراها
فقيل: إنه فوت لا سبيل للذي باعه إياها؛ لأنه
هو الذي سلطه عليها وهذا استحسان، والقول
الأول هو القياس انتهى. والقول الأول هو قول
أصبغ أرى أن ترد الأمة إلى بائعها ويرد البائع
الثمن كله على السفيه، ويكون الولد ولده، ولا
يكون عليه من قيمتها شيء انتهى. قال ابن عرفة
عن اللخمي بعد ذكره القولين: إن هذا القول
بين.
الثالث عشر: قال البرزلي في أوائل النكاح: إذا
كان المحجور يبيع ويشتري ويأخذ ويعطي برضا
حاجره وسكوته فيحمل على أنه هو الذي فعل بذلك
أفتى شيخنا الإمام، ووقع الحكم بذلك بتونس
انتهى. وذكرها في مسائل المحجور.
الرابع عشر: قال في كتاب الدعوى والإنكار: وإن
اشترى عبد، أو يتيم سلعة، أو باعها فأراد
السيد أو الوصي فسخ ذلك فذلك لهما، فإن أراد
المشتري منهما أو البائع أن يخلف السيد أو
الوصي ما أذنا له في ذلك؛ فليس له ذلك انتهى.
ونقله ابن فرحون في فصل الدعاوى التي لا توجب
اليمين.
الخامس عشر: إذا أفسد الصبي مالا لغيره لم
يؤتمن عليه وجب على وليه إخراج الجابر من مال
الصبي فإذا بلغ الصبي، ولم تكن القيمة أخذت من
ماله وجب عليه إخراجها من ماله بعد بلوغه نقله
القرافي في الفرق السادس والعشرين، وقد تقدم
في النكاح في وثائق الجزيري في مسألة نكاح
الصبي والسفيه والعبد، وإن كان ينظر في ذلك
الأب والوصي والسيد انظر ابن سلمون في فصل
نكاح المحجور بغير إذن وليه فإنه ذكر في ذلك
خلافا عن ابن القاسم عن الأبهري، ونقله صاحب
الطرر في ترجمة فسخ الولي نكاح يتيمه من الجزء
الثاني في ترجمة تسجيل القاضي بولاية على من
ثبت سفهه من الجزء التاسع ويأتي في كتاب
الأقضية حكم الدعوى على المحجور هل تسمع أم لا
؟ وفي باب العتق شيء من الكلام على الصغير
والسفيه، والله أعلم.ص: (إلى حفظ مال ذي الأب
بعده) ش: هذا حد الرشد الذي لا يحجر على صاحبه
باتفاق واختلف في الذي يخرج به من الحجر هل هو
ذلك أيضا ؟ ويزاد فيه اشتراط حسن التنمية ذكر
المازري في ذلك قولين وظاهر كلام المؤلف في
التوضيح ترجيح عدم اشتراط الشرط الثاني، وهو
ظاهر كلامه هنا وظاهر المدونة: اشتراط الشرط
الثاني ولا يشترط في الرشيد أن يكون عدلا قال
في المتيطية في فصل
(6/641)
وفك وصي, ومقدم
ـــــــ
الولايات والمحجور وإذا كان اليتيم فاسقا
مبرزا وكان مع هذا ناظرا في ماله ضابطا له وجب
إطلاقه من الولاية، وإن كان من أهل الدين
والصلاح، ولم يكن ناظرا في ماله لم يجب إطلاقه
من الولاية انتهى. قال في المدونة: وصفة من
يحجر عليه من الأحرار إن كان يبذر ماله سرفا
في لذاته من الشراب والفسق، وغيره ويسقط فيه
سقوط من لم يعد المال شيئا، وأما من أحرز
المال وأنماه، وهو فاسق في حاله غير مبذر
لماله فلا يحجر عليه، وإن كان له مال عند وصي
قبضه، ويحجر على البالغ السفيه ماله، وإن كان
شيخا ولا يتولى الحجر إلا القاضي قيل: وصاحب
الشرطة قال القاضي: أحب إلي، ومن أراد أن يحجر
على ولده أتى الإمام ليحجر عليه، ويشهر ذلك في
الجامع والأسواق ويشهد على ذلك فمن باعه، أو
ابتاع منه بعد ذلك فهو مردود انتهى. من كتاب
المديان، وقال عياض وقوله: "أحب" للوجوب، وقد
قال شيخنا: إن الحجر مما يختص به القضاة دون
سائر الحكام؛ لأنه أمر مختلف فيه فيحتاج إلى
نظر واجتهاد انتهى. والسفه ضده فهو عدم حفظ
المال في اللذات المحرمة، وقد قال ابن عبد
السلام وغيره: هو ظاهر المذهب، ثم ذكر لفظ
المدونة، وقال قوله: "وغيره" يفيد ذلك، والله
أعلم. ومعنى قول المصنف: "إلى حفظ مال ذي الأب
بعده" أن الصبي لا يخرج من الحجر ببلوغه بل هو
محجور عليه إلى ظهور رشده قال في التوضيح: ولا
خلاف أنه لا يخرج من الحجر قبل بلوغه، وإن ظهر
رشده فإذا بلغ فإما أن يكون أبوه حجر عليه،
وأشهد بذلك أم لا أما إن حجر عليه فحكمه كمن
لزمته الولاية، وإن لم يحجر عليه فإن علم
رشده، أو سفهه عمل عليه، وإن جهل فالمشهور أنه
محمول على السفه. وروى زياد بن غانم عن مالك
أنه محمول على الرشد انتهى، وقال ابن رشد في
شرح آخر مسألة من الرسم الأول من سماع ابن
القاسم من كتاب العتق: واختلف هل الولد محمول
في حياة أبيه على الرشد أو السفه والمشهور أنه
محمول على السفه حتى يعلم رشده انتهى.ص: (وفك
وصي أو مقدم) ش: قال ابن الفرس في أحكام
القرآن: واختلف في الوصي من قبل الأب، أو
القاضي هل له فك
(6/642)
......................................
ـــــــ
الحجر دون القاضي؟ انتهى. وقال في وثائق
القشتالي وإذا أراد الوصي أو الأب إطلاق هذا
المحجور من الولاية كان له ذلك، ويعقد في ذلك:
لما تبين لفلان بن فلان الفلاني رشد محجوره،
أو ولده فلان الذي في ولايته، وحسن نظره
لنفسه، وضبطه لماله أطلقه من حكم الولاية،
ورشده لرشده، وملكه أمر نفسه، وماله على
العموم والإطلاق والشمول والاستغراق، ولم تبق
عليه ولاية، وقبل ذلك من ترشيده المرشد
المذكور قبولا تاما واعترف برشده، وأنه
بالأحوال الموصوفة شهد على أحوال المرشد
والمرشد المذكورين بما فيه عنهما في صحة وجواز
وطوع من المرشد مطلقا، ومن المرشد من الآن
وعرفهما. وفي كذا، وإن ضمن الشهود معرفة رشد
المحجور كان أتم، وإن سقط من العقد لم يضره،
وقول الأب، أو الوصي مقبول في ذلك فإن سقط ذكر
ذلك، وباع ماله وأفسده وقامت البينة أنه لم
يزل سفيها قد بلغ إلى وقتهم هذا لزمته
الولاية، أو إن طلب ترشيد نفسه كلفه القاضي
إثبات رشده قال: فإذا ثبت ذلك أعذر للأب ورد
فعله، وعزل القاضي الوصي، وجعل غيره عليه، ولم
يضمن الوصي شيئا
(6/643)
إلا كدرهم
لعيشه, لا طلاقه واستلحاق نسب ونفيه, وعتق
مستولدته, وقصاص, ونفيه, وإقرار
ـــــــ
مما أتلفه؛ لأنه فعله باجتهاده، والوصي أو
المقدم، فإن لم يكن مدفع أشهدت عليه بذلك، وإن
ادعى خلاف الحالة المذكورة كلف إقامة البينة
فإن أثبت ذلك أعذر فيه المشهود فيه. فإن وافق
فلا إشكال، وإن نازع فيه، وعجز عن المدفع فيه
من تجريح، أو غيره كانت شهادة من شهد بالسفه
أعمل، وقال بعض الموثقين: ينظر إلى أعدل
البينتين فإذا حكم الحاكم وقام بعد ذلك، وادعى
أنه لم يزل سفيها هل يمضي أفعاله؛ لأن القاضي
حكم بترشيده ولا سيما إن كانت بينة الترشيد
أعدل فيكون قد وافق نقل قائل من أهل العلم، أو
يرد ذلك إن كانت بينة السفه أعمل؛ لأنه حكم
بخطإ فتأمله، وانظر أجوبة ابن رشد انتهى.ويشير
بذلك لقول ابن رشد في باب الوصايا في مسألة من
أوصى به أبوه إلى أمه، فتوفيت، ولم توص به إلى
أحد فتزوج، ومات قبل البناء أن في ميراث زوجته
وصداقها ثلاثة أقوال: أحدها لا ميراث لها ولا
صداق الثاني لها الميراث والصداق الثالث: لها
الميراث فقط، وأما الصداق فينظر فإن كان نكاحه
بحيث لو كان له ولي، أو اطلع عليه لم يفسخه
كان لها الصداق أيضا، وإن كان غير ذلك لم يكن
لها الصداق، وأما إن كان نكاحه بعد أن ثبت عند
القاضي رشده فقضى بترشيده فالنكاح ماض ولها
الصداق والميراث قولا واحدا والحكم نافذ لا
يرد بشهادة من شهد أنه لم يزل
(6/644)
بعقوبة, وتصرفه
قبل الحجر على الإجازة عند مالك, لا ابن
القاسم, وعليهما العكس في تصرفه إذا رشد بعده,
وزيد في الأنثى دخول زوج بها, وشهادة
ـــــــ
متصل السفه، وإن كانوا أعدل من الشهود الذين
قضى القاضي بشهادتهم إذ قد فات موضع الترجيح
بين الشهود وبنفوذ الحكم فإنما توجب شهادتهم
الحكم بتسفيهه، وتكون أفعاله من يوم حكم
بترشيده إلى يوم حكم بتسفيهه جائزة ماضية
انتهى.ص: (وتصرفه قبل الحجر محمول على الإجازة
عند مالك لا ابن القاسم وعليهما العكس في
تصرفه إذا رشد بعده وزيد في الأنثى دخول زوج،
وشهادة العدول على صلاح حالها). ش: الضمير
عائد على السفيه البالغ الذي لا حجر عليه، وهو
السفيه المهمل الذي لا أب له ولا وصي ولا مقدم
من قبل القاضي وما عزاه لمالك قال في
المقدمات: هو المشهور من قول مالك وكبراء
أصحابه، والقول الثاني هو المشهور من قول ابن
القاسم وفي المسألة قولان آخران سيأتي ذكرهما
في كلام ابن رشد في المقدمات وعلم من كون
الضمير عائدا على السفيه البالغ الذي لا حجر
عليه أن مجهول الحال لا ترد أفعاله، وهو كذلك،
قال في التوضيح والمقدمات اتفاقا: وإن الخلاف
إنما هو في البالغ السفيه المهمل الذكر، وأما
من كان دون البلوغ، فأفعاله مردودة ذكرا كان
أو أنثى، قاله في المقدمات في كتاب المأذون له
في
(6/645)
.......................................
ـــــــ
التجارة. وأما الأنثى المهملة السفيهة فلم
يتعرض لها في هذا المختصر، ولم يذكر أيضا
بماذا تخرج من الحجر، وذكر في المقدمات في ذلك
قولين: أحدهما أن أفعالها جائزة، وهو قول
سحنون في العتبية وقول غير ابن القاسم في
المدونة ورواية زياد عن مالك والثاني أن
أفعالها مردودة ما لم تعنس، أو تتزوج ويدخل
بها زوجها وتقيم معه مدة يحمل أمرها فيها على
الرشد قيل أقصاها العام، وهو قول ابن الماجشون
وقيل ثلاثة، وقال ابن أبي زمنين: الذي أدركت
عليه العمل لا يجوز فعلها حتى يمر بها في بيت
زوجها مثل السنتين والثلاث انتهى. ونقله في
التوضيح فعلم من هذا أن أفعالها مردودة قبل
هذا وانظر هل هي داخلة في قول المؤلف ؟ وزيد
في الأنثى دخول زوج إلخ ويكون المؤلف مشى على
القول الثاني ويكون قوله شهادة العدول على
صلاح حالها في هذه بأن تقيم مدة يحمل أمرها
فيها على الرشد، أو نقول ليست داخلة وكلام
المؤلف خاص بذات الأب، أو الوصي، وأما المهملة
فحكمها ما تقدم والظاهر أنها غير داخلة
والمشهور فيها مختلف على ما ذكر في البيان،
ويظهر ذلك من كلامه فإنه ذكر في كل واحدة من
ذات الأب والمهملة سبعة أقوال وذكر المشهور في
كل واحدة، ونصه في شرح المسألة السادسة من
سماع سحنون من كتاب المديان والتفليس، وقد
اختلف في هاتين اختلافا كثيرا فقيل في ذات
الأب: إنها تخرج بالحيض من ولاية أبيها، وقيل:
إنها لا تخرج بها حتى تتزوج ويمر بها عام
ونحوه بعد الدخول وقيل: عامان، وقيل: سبعة.
وقيل: لا تخرج، وإن طالت إقامتها مع زوجها حتى
يشهد العدول على صلاح حالها وقيل: تخرج
بالتعنيس، وإن لم يدخل بها زوجها.
واختلف في حد تعنيسها فقيل: أربعون، وقيل من
خمسين إلى ستين، وقيل: أفعالها جائزة بعد
التعنيس إذا أجازها الولي فهذه سبعة أقوال،
وقيل في اليتيمة المهملة: إن أفعالها بعد
البلوغ جائزة، وقيل: لا تجوز حتى يمر بها بعد
الدخول العام ونحوه، أو العامان ونحوهما،
وقيل: الثلاثة الأعوام ونحوها، وقيل: حتى
تدخل، ويشهد العدول على صلاح حالها، وقيل: إذا
عنست، وإن لم تتزوج، واختلف في هذه من
الثلاثين سنة ومما دون الثلاثين إلى الخمسين
والستين، وهو انقطاع الحيض فهذه ستة أقوال
ويتخرج فيها قول سابع، وهو أن تجوز أفعالها
بمرور سبعة أعوام من دخولها والمشهور في البكر
ذات الأب: أنها لا تخرج من ولاية أبيها انتهى.
ولا تجوز أفعالها، وإن تزوجت حتى يشهد العدول
على صلاح أمرها والذي جرى به العمل عندنا أن
تكون أفعالها جائزة إذا مرت بها سبعة أعوام من
دخول زوجها بها على رواية منسوبة لابن القاسم
والمشهور في البكر اليتيمة المهملة أن تكون
أفعالها جائزة إذا عنست ومضى لدخول زوجها بها
العام، وهو الذي جرى به العمل فإن عنست في بيت
زوجها جازت أفعالها باتفاق إذا علم رشدها، أو
جهل حالها وردت إن علم سفهها هذا الذي أعتقده
في هذه المسألة على منهاج قولهم انتهى. وعلم
من قوله "جازت أفعالها باتفاق
(6/646)
.......................................
ـــــــ
إذا علم رشدها، أو جهل حالها" أن معنى قوله:
"والمشهور في المهملة أن أفعالها جائزة إذا
عنست أو مضى لدخول زوجها بها العام" أن ذلك
إذا لم يعلم سفهها والأقوال التي تقدمت في ذات
الأب جميعها إذا لم يعلم سفهها، وأما إن علم
سفهها فأفعالها مردودة هكذا قيد جميعها في
المقدمات في كتاب المأذون له وكذلك المهملة
إذا علم سفهها فلا تجوز أفعالها إلا قول
سحنون، وهو شاذ كما سيأتي في كلام ابن رشد
بخلاف الذكر إذا علم سفهه وكان مهملا فإن
أفعاله جائزة عند جميع أصحاب مالك إلا ابن
القاسم.
قال ابن رشد في المسألة التي بعد المسألة
المتقدمة، وأما البكر المهملة دون أب ولا وصي
فالمشهور أن خلعها لا يجوز ولا شيء من
أفعالها، وهو نص قول أصبغ في نوازله. من هذا
الكتاب، ومن كتاب التخيير والتمليك وذهب سحنون
هنا إلى: أن خلعها يجوز وكذلك سائر أفعالها
قياسا على السفيه اليتيم الذي لا وصي له فعلى
قوله تجوز أفعالها، وإن كانت سفيهة معلومة
السفه، وهو شذوذ من قوله لم يتابعه عليه أحد
من أصحاب مالك وأجمع أصحاب مالك كلهم غير ابن
القاسم على أن أفعال السفيه إذا لم يكن في
ولايته جائزة، وقد روى ابن وهب عن مالك أن
أفعاله لا تجوز مثل قول ابن القاسم انتهى. وقد
حكي في المقدمات في اليتيم المهمل أربعة
أقوال: أحدها قول مالك، وكبراء أصحابه أن
أفعاله كلها بعد البلوغ جائزة نافذة رشيدا
كان، أو سفيها معلنا بالسفه، أو غير معلن به
اتصل سفهه من حين بلوغه، أو سفه بعد أن أنس
منه الرشد من غير تفصيل. الثاني لمطرف وابن
الماجشون، وإن كان متصل السفه فلا يجوز، وإلا
جازت ولزمته ما لم يكن بيعه بيع سفه وخديعة
مثل أن يبيع ما بألف بمائة فلا يجوز، ولا يتبع
بالثمن إن أفسده من غير تفصيل بين معلن السفه
وغيره، والثالث لأصبغ إن كان معلنا فلا تجوز،
وإن لم يعلن جازت اتصل سفهه أم لا، وذهب ابن
القاسم، وهو القول الرابع إلى أنه ينظر يوم
بيعه إن كان رشيدا جازت أفعاله، وإن كان سفيها
لم تجز وليس في كلامه في المقدمات مخالفة
لقوله في البيان: أجمع مالك وأصحابه غير ابن
القاسم؛ لأن الخلاف الذي ذكره عن هؤلاء
الثلاثة مطرف وابن الماجشون وأصبغ إنما هو في
بعض أحوال السفه فتأمله، والله أعلم وأما
اليتيمة ذات الوصي من أبيها ومقدم من قبل
القاضي فقال في المقدمات: لا تخرج من الولاية،
وإن عنست أو تزوجت ودخل بها زوجها، وطال
زمانها وحسنت حالتها ما لم تطلق من ثقاف الحجر
الذي لزمها بما يصح إطلاقها منه، وقد بينا ذلك
قبل هذا وهذا هو المشهور في المذهب المعمول
به، وقد تقدم من قول ابن الماجشون أن حالها مع
الوصي كالأب في خروجها بالتعنيس، أو النكاح
يريد مع طول المدة وتبين الرشد، وهي رواية
مطرف وابن عبد الحكم وعبد الرحيم عن مالك
انتهى. وهذا يفهم من كلام المصنف؛ لأنه قال في
الذكر: إذا كان ذا أب فيخرج بالبلوغ مع حفظ
المال، وإن كان بوصي أو مقدم فيخرج بالبلوغ مع
حفظ المال، والبلوغ دخول زوج
(6/647)
العدول على
صلاح حالها, ولو جدد أبوها حجرا على الأرجح,
وللأب ترشيدها قبل دخولها
ـــــــ
بها وشهادة العدول على صلاح حالها أن يطلقها
الأب قبل ذلك، وذات الوصي والمقدم يراد لها مع
البلوغ وحفظ المال وفك الوصي، أو المقدم دخول
زوج، وشهادة العدول على صلاح حالها، ولهما أن
يطلقاها قبل ذلك على الخلاف، والله أعلم.
فرع: إذا مات الوصي وتصرف السفيه بعد موته
فالذي جرى به العمل أن تصرفه حينئذ كتصرفه قبل
موته إلا أن يعرف فيه وجه الصواب، ذكره
البرزلي في مسائل الوصايا وفي مسائل المحجور،
وفي مسائل النكاح.ص: (ولو جدد أبوها حجرا على
الأرجح) ش: كلام ابن غازي في التنبيه على قول
المازري على الأرجح كاف في ذلك ومثله لو أوصى
عليها بعد دخولها وقبل ظهور المرسل، ثم تأخر
موته حتى ظهر رشدها. انظر المقدمات وفيها
(6/648)
كالوصي, ولو لم
يعرف رشدها. وفي مقدم القاضي: خلاف والولي
الأب, وله البيع مطلقا, وإن لم يذكر سببه,
ـــــــ
خلاف حكاه في المقدمات في كتاب المأذون، ونقله
عنه في الطرر. ص: (وفي مقدم القاضي خلاف) ش:
مشى في المتيطية على أنه لا يضر عدم العلم
برشدها قال: ولو سقط هذا الفصل يعني ذكر من
يعرف رشد اليتيمة لنفذ إطلاق وكيل القاضي،
ومؤامرته أحسن كان الذي قدمه، أو غيره بعده ا
هـ. من فصول المحجور.ص: (وله البيع مطلقا، وإن
لم يذكر سببه) ش: يعني أن الأب له أن يبيع على
ولده المحجور الربع وغيره لأحد الوجوه
المذكورة بعد، أو غيرها، وقاله ابن عبد السلام
وغيره قال في التوضيح: ولو باع من نفسه، ولم
يذكر أنه باع لولده فالبيع ماض ولا اعتراض فيه
للابن إذا رشد، قاله ابن رشد في الواضحة
والثمانية فإن باع لمنفعة نفسه فسخ ا هـ. وقال
في الشامل وحمل في بيعه وشرائه أنه على النظر
حتى يثبت غيره إلا فيما يشتريه له من مال نفسه
فالعكس ولو باع من نفسه، ولم يقل لولدي فلا
مقال للولد. ابن رشد إلا أن يكون باع لمصلحة
نفسه على الأصح ا هـ. وقال في النوادر في
ترجمة ما يفعله الأب في مال ولده من كتاب
التفليس، والمأذون والمولى عليهم ما نصه: "قال
ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وما باع الأب،
أو رهن من متاع ولده لنفسه فهو مردود، وإن عرف
أنه فعله لنفسه، ولأنه قد يفعله لولده، وإن لم
يعرف فهو على أنه فعله لولده حتى يعلم أنه
فعله لنفسه لدين عليه، أو غيره وهذا في عدمه،
وأما، وهو مليء فذلك ماض، ويضمن الثمن قال وما
اشترى لنفسه من رقيقهم وعقارهم فذلك نافذ إلا
بالبخس البين فيرد
(6/649)
.......................................
ـــــــ
كله ومتى قارب الأثمان مضى وما باعه من مال
ولده الصغير محابى فيه، فإن صغرت المحاباة مضى
وكان في مال الأب كالعطية وما عظم رد كله. ثم
قال بعد ذكره عتقه وأصبغ يجيز هذا كله من فعل
الأب من هبته، وبيعه وعتقه وأصدقه النساء مليا
كان أو معدما، قائما كان أو فائتا، طال أمد
العقد أو لم يطل، بنى بالمرأة أو لم يبن، كان
البيع له أو لنفسه، فهذا كله نافذ ويلزم الأب
قيمة ذلك لبنيه في ماله وذمته إلا أن يكون
السلطان تقدم إليه في ذلك ونهاه عنه فلا يجوز
بعد ذلك فعله في شيء من ذلك، وبالأول قال ابن
حبيب ا هـ. وانظر النوادر أيضا في كتاب النكاح
والعتق، وقال في مختصر الواضحة قال ابن حبيب
قال لي مطرف وابن الماجشون: يمنع الرجل أن
يقضي في مال ولده الصغير إلا بالنظر له
والتنمي في ماله والتوفير عليه، فإذا تصرف فيه
بشيء نظر فيه بعد الوقوع فما أعطى من مال ولده
الصغير ومتاعه ورقيقه وعقاره فسائغ للمعطى،
وعلى الأب قيمته في ماله عوضا مما أعطى شرط
الأب العوض يوم أعطى، أو لم يشترط وذلك إذا
كان الأب موسرا يوم أعطى أو معسرا، ثم أيسر
فلا سبيل للولي إلى المعطى إلا أن يكون الأب
قد أعسر من بعد يسره فلم يجد عنده شيئا فإن
الابن يرجع على المعطى بسببه ذلك إن كان
قائما، أو بقيمته إن فات عنده بسبب كعتق أو
إيلاد، أو بلي الثوب، أو تغير الطعام، أو بيع،
ويأكل الثمن ويرجع بذلك المعطى على الأب
ويتبعه به؛ لأنه أعطاه كان جائزا له إذا كان
ذا مال ولما أيسر صار ضامنا لقيمته لولده
فساغت للمعطى قال، وما كان من فواته من أمر من
السماء، وما أشبهه فإنه لا يضمن قال: وإن كان
الأب يوم أعطى معسرا فذلك غير جائز، شرط الأب
العوض أو لم يشترطه، فإن أدرك ذلك قائما في يد
المعطى وكان الأب متصل العدم رد وإن فات أخذ
قيمته من المعطى، ولم يكن له رجوع على الأب؛
لأنه أعطاه ما لم يكن له إعطاؤه حين كان معسرا
وكان بمنزلة ما أعطى من مال غير ولده، ثم أخذ
ذلك من المعطى فإنه لا يرجع به على المعطى
قالا: وما باع الرجل أو رهن من مال ولده فإن
جهل أن يكون فعل ذلك لنفسه، أو ولده فهو ماض؛
لأنه يلي ولده وينفق عليهم من مالهم إن شاء
ويرهن لهم ويبيع لهم فذلك جائز حتى يعلم أنه
إنما فعل ذلك لنفسه، وفي منفعته بخاص، أو لدين
كان عليه قديما قبل أن يصير لولده ذلك المال
وما أشبه هذا فيرد وذلك إن كان الأب معسرا
فأما إن كان ذا مال، أو كان له وفاء بثمن ما
باع فبيعه ماض بمنزلة ما لو أعطى فيما فسرت
لك. ثم قال: وكذلك ما أصدق النساء من رقيق
ولده الصغير، أو غير ذلك من متاعه فإن كان
موسرا فهو ماض، وهو ضامن للقيمة في ماله، وإن
كان معسرا، فقال مالك: ترد للولد ما لم يبن
الأب بها فيمضي، وإن كان قائما، ثم قال، وقد
روي عن أبي جعفر عن أشهب أنه سئل عن رجل تزوج
بمال ولده، أو أعتق، أو وهب أو باع قال: إن
كان موسرا يوم فعل ذلك جاز، وإن كان معسرا لم
يجز وأخذ الابن ماله كله كان الابن صغيرا أو
كبيرا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنت
ومالك
(6/650)
.......................................
ـــــــ
لأبيك" قال عبد الملك بن حبيب، وقد سمعت أصبغ
يجيز ذلك كله من فعل الأب بيعه وعتقه وهبته
وإصداق النساء موسرا كان أو معسرا قائما ذلك
كله أو فائتا طال أمد البعد أم لم يطل، بنى
بالمرأة أو لم يبن، كان البيع لنفسه أو لولده،
فذلك كله عنده ماض ويلزم الأب قيمة ذلك في
ماله وذمته وكذلك قال ابن القاسم: إذا أصدق
المرأة من مال ولده الصغير إلا أن يكون
السلطان تقدم إليه في ذلك ونهاه عنه فلا يجوز
شيء من قضائه فيه بعد ذلك قال عبد الملك: ولا
أقول به وقولي فيه على قول مطرف وابن
الماجشون، وقد رجع أصبغ عن بيعه لنفسه، ولم
يجزه ورده مثل قولهما قال عبد الملك: واجتمعوا
إذا كان السلطان تقدم إلى الأب أن لا يصدق من
مال ابنه الصغير امرأة، ثم إن فعل فلا يمضي
ذلك على الولد، ويكون أحق بشيئه من المرأة بنى
بها أبوه أو لم يبن، موسرا كان أو معسرا،
علمته المرأة أو جهلته، وهذا مجتمع عليه من
قول مالك وأصحابه ا هـ. وقال ابن رشد: في رسم
استأذن من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات:
وحكم ما باعه الأب من مال ولده الصغير في
مصلحة نفسه، أو حابى فيه حكم ما باعه، أو تصدق
به ويفسخ في القيام ويكون الحكم فيه في الفوات
حكم ما ذكرته ا هـ. والمسألة مطولة فيه وفي
كتاب النكاح من البيان وفي رسم الجواز من سماع
عيسى وسماع أصبغ من كتاب المديان والتفليس،
وقال ابن سلمون: فإن باع ملك ابنه، ولم يذكر
أنه باع على ابنه فالبيع ماض على الابن، وإن
لم يذكر ذلك في الوثيقة؛ لأنه هو المتولي
لأموره والناظر له وكذلك الكراء إذا قال:
أكريت، ولم يقل على ابني ا هـ. وقال في كتاب
الحجر من الذخيرة: ومن باع، أو رهن من متاع
ولده لنفسه فهو مردود، وإن عرف أنه فعله
لنفسه، وإن جهل هل لنفسه أو لولده ؟ لا يرد
لإمكان صحة التصرف وهذا في عدمه، وأما في
ملائه فيمضي ويضمن الثمن فيما باع لصحة التصرف
بحسب الإمكان ا هـ. وقال الجزيري في وثائقه،
وإن لم يذكر الأب أنه باع على ابنه، أو لنفسه
والملك للابن مضى البيع على الابن وكذلك
الكراء، قال ابن الماجشون: إلا أن يتبين أنه
باع لنفسه بخاص فيرد ويجوز بيع الأب العديم
مال ابنه إن كان تافها، وإن كان غبيطا باع منه
بمقدار ما يكفيه مدة لا تكون طائلة إذ قد يوسر
الأب، ولم يحدوا المدة إذ هي مصروفة إلى
الاجتهاد بحسب ما يقتضيه. حال الأب ويفترق حكم
من يرجى له ممن لا يرجى، ويعقد في العقد أنه
باع عليه كذا لينفق من الثمن على نفسه، ويقيد
بعد جواز أمر من يعرف عدم الأب، وأنه لا مال
له ظاهرا ولا باطنا في علمه، والسداد في البيع
وصغر الابن، وإن باع بإذن القاضي كان أبعد من
التهمة، ذكر كيفية كتابة ذلك وقول المؤلف: وله
البيع مطلقا ظاهره ولو من نفسه، وهو كذلك كما
تقدم في كلام النوادر، وهو قوله: وما اشترى
لنفسه من رقيقهم وعقارهم فذلك نافذ إلا بالنجس
البين فيرد كله وما قارب الأثمان مضى ا هـ.
وقال ابن سلمون: وله أن يشتري مال ابنه لنفسه،
ولا اعتراض عليه في شيء من ذلك عقارا كان
المال، أو سواه إلا أن
(6/651)
ثم وصيه, وإن
بعد. وهل كالأب, أو إلا الربع، فببيان السبب؟
خلاف.
ـــــــ
يثبت سوء النظر والغبن الفاحش. ثم قال: وإن
ضمنت العقد: أن الثمن ثمن مثله فحسن، وإلا فهو
محمول على السداد حتى يثبت فيه الغبن ا هـ.
قال في المتيطية: وانظر هذا مع ما قاله ابن
رشد في الرسم الثاني من سماع ابن القاسم من
كتاب الصدقات: إنه يحتاج في شراء مال ولده إلى
معرفة السداد للابن لئلا يشتريه بأقل من ثمنه؛
لأن الأمر فيما بينه وبينه، وهو فيه محمول على
غير السداد قال: وذلك بين من قوله في كتاب
الجعل من المدونة وفي رسم أسلم من سماع عيسى
من كتاب النكاح؛ لأنه شرط في شراء الأب لنفسه
الرأس يساق إلى ابنته البكر في صداقها أن يكون
الشراء صحيحا ببينة وأمر معروف ا هـ. ويشير
إلى قوله في ترجمة نزو الفحل وكره مالك أن
يشتري الوصي من مال اليتيم لنفسه فإن فعل أو
أجر الوصي نفسه في عمل يتيم في حجره فإن فعله
يتعقبه الإمام فما كان خيرا لليتيم أمضاه،
وكذلك الأب في ابنه الصغير ا هـ. وفي كتاب
الصدقة من المدونة: ومن تصدق على ابنه الصغير
بجارية فتبعتها نفسه فلا بأس أن يقومها على
نفسه، ويشهد ويستقصي للابن وسيأتي ذلك في كتاب
الهبة في كلام المصنف عند قوله وتقويم جارية،
أو عبد للضرورة ويستقصى ويأتي هناك أيضا عند
قوله وللأب اعتصارها من ولده حكم ما إذا باع
ما وهبه له، أو تصدق به عليه، والله أعلم.
فائدة: قال في المسائل الملقوطة الأمناء
مصدقون على ما في أيديهم ثمانية عشر: الوالد
في مال ولده الصغير وابنته البكر، والوصي في
مال اليتيم والمحجور عليه، وأمناء الحكام
والموضوع تحت أيديهم الأموال، والمستودع،
والمقارض، والأجير فيما استؤجر عليه، والكري
في جميع ما استحمله غير الطعام، والصانع غير
الصائغ، والراعي ما لم يبعد فيكون كالصناع،
والمستعير، والمرتهن فيما يغاب عليه، والوكيل
فيما وكل على النظر، والمأمور بالشراء والبيع،
والدلال، والشريك مفاوضا أو غيره، والرسول
فيما أرسل به، والمبضع معه المال للشراء
والتبليغ، والمستأجر للأشياء المغيب عليها
كلهم مصدقون، وما ادعى عليهم مما يوجب الضمان
فالقول قولهم بلا يمين إلا أن يتهموا فتجب
عليهم اليمين ا هـ.ص: (ثم وصيه وإن بعد وهل
كالأب، أو إلا الربع فيبينان السبب خلاف) ش ثم
وصيه، أو وصي الأب وظاهر كلامه أن وصي الأب
كالأب في القول الأول، وأنه يبيع لسبب من
الأسباب الآتية ولغيرها كما في الأب، وظاهر
كلامه في التوضيح: أن الوصي لا يبيع إلا
(6/652)
.......................................
ـــــــ
بسبب من الأسباب الآتية إلا أنه في هذا القول
يصدق في أنه باع لسبب من هذه الأسباب، وأن
أفعاله محمولة على السداد كالأب لا في أنه
يبيع بغير الوجوه حتى يثبت خلافه ويحتمل أن
يكون التشبيه إنما هو في كون أفعاله محمولة
على السداد كالأب لا في أنه يبيع بغير الوجوه
المذكورة. ويحتمل أن يكون أشار بالقول الأول
إلى ما ذكره عن ابن المواز، وهو قوله: وقال
أبو عمران وغيره من القرويين فعله في الرباع
محمول على غير النظر حتى يثبت خلافه، وهو معنى
ما في الموازية، وقال قبله، وأما الوصي فهو
أنقص رتبة من الأب يبيع من غير ذكر سبب بخلاف
الوصي فإنه لا يبيع إلا بعد ذكر سبب بخلاف
الأب وفعل الوصي على السداد حتى يثبت خلافه
وبه قال جماعة من الأندلسيين وغيرهم، وقال أبو
عمران وغيره، وذكر ما تقدم عنه وانظر حكم مقدم
القاضي وظاهر كلام المتيطي أن حكمه حكم لوصي
قال في فصل تقديم القاضي على حوز أصول اليتيم:
والتقديم على حوز الأصول خاصة إنما هو على شيء
بعينه وليس له أن ينكحه إلا بأمر القاضي ولا
أن يبيع عليه كما يفعل المقدم على النظر في
الجميع ا هـ. وذكر مثل ذلك في الكلام على
إيصاء الوصي عن بعض الموثقين أن حكم مقدم
القاضي كحكم الوصي في جميع أموره، وقال في فصل
تقديم القاضي على الأيتام: ويعقد في ذلك ما
نصه: "قدم القاضي بمدينة كذا أبو فلان فلان بن
فلان وفقه الله وسدده فلان بن فلان على النظر
لليتيم فلان بن فلان، والتنمي لماله وضبطه
وتثقيفه، وإجراء النفقة عليه ويجب الإنفاق
عليه وعلى من يجب الإنفاق عليه بسببه تقديما
أقامه فيه مقام الوصي التام الإيصاء الجائز
الفعل، بعد أن ثبت عنده من يتم اليتيم، وأنه
لا وصي له من قبل الأب ولا مقدم من حاكم ما
أوجب التقديم وقبل فلان التقديم إلخ. ثم قال
قال بعض الموثقين: كان بعض القضاة ببلدنا
يشترط على من قدمه على اليتيم أن لا يبيع له
ملكا ولا عقارا إلا عن مشورته، أو مشورة من
يأتي بعده من القضاة قال: وهو وجه حسن لمن أخذ
به ا هـ. وقال في الكلام على بيع الوصي وتعقد
في ذلك: "هذا ما اشترى فلان بن فلان من فلان
بن فلان البائع على اليتيم الصغير، أو الكبير
فلان بن فلان الذي إلي نظره بإيصاء أبيه فلان
به إليه في عهده الذي توفي عنه، ولم ينسخه
بغيره في علم من شهد به إلى أن توفي، أو
بتقديم الفقيه القاضي بموضع كذا إلى فلان وفقه
الله وسدده إياه على النظر لليتيم بعد أن ثبت
عنده ما أوجب ذلك، وإن كان القاضي معزولا أو
ميتا، زدت أيام كونه قاضيا بكذا ". ثم تكلم في
بيعه وهل هو محمول على النظر حتى يثبت أنه على
غير نظر أو محمول على غير نظر حتى يثبت أنه
على النظر، وذكر الخلاف في ذلك، ثم قال: وحكى
الباجي في وثائقه عن إسماعيل القاضي فرقا بين
وصي الأب ووصي القاضي فإنه أجاز لوصي الأب بيع
عقار المحجور لوجه النظر ومنعه لوصي القاضي
إلا بإذن القاضي، قال: لأنه كالوكيل المخصوص
على شيء بعينه وليس كالوكيل المفوض إليه ا هـ.
وفي إرخاء الستور من
(6/653)
وليس له هبة
للثواب,
ـــــــ
المدونة: وإن لم يكن للطفل اليتيم وصي فأقام
له القاضي خليفة كان كالوصي في جميع أموره ا
هـ. قال الشيخ أبو الحسن في الأمهات: كان
كالوصي في النكاح وغيره ويقوم من هنا أن مقدم
القاضي له أن يوكل كالوصي والمشهور أنه لا
يوكل ا هـ. وقد حكى المتيطي الخلاف في توكيله
وسيأتي كلامه في الأقضية إن شاء الله تعالى،
فهذه المسألة تستثنى من عموم قوله في المدونة:
كالوصي في جميع أموره ويستثنى أيضا المسألة
المتقدمة في كلام المصنف في هذا الباب في
الرشد في قوله: وفي مقدم القاضي خلاف، ويستثنى
أيضا مسألة ثالثة وهي هل هو كالوصي في إنكاح
البكر، أم لا ذكر الخلاف في ذلك المتيطي
وغيره، ونقله ابن عرفة.ص: (وليس له هبة
للثواب) ش: يعني: وليس للوصي أن يهب من مال
محجوره للثواب بخلاف الأب قال في أثناء كتاب
الهبات من المدونة: وللأب أن يهب من مال ابنه
الصغير للثواب ويعوض عنه واهبه للثواب ا هـ.
وقال أيضا قبل ترجمة هبة المكاتب بأسطر من
كتاب الشفعة من المدونة: ومن وهب شقصا من دار
لابنه الصغير على عوض جاز، وفيه الشفعة ولا
تجوز محاباته في قبول الثواب، ولا ما وهب أو
تصدق أو أعتق من مال ابنه الصغير ويرد ذلك كله
إلا أن يكون الأب موسرا، وإنما يجوز بيع الأب
لمال ابنه على وجه النظر، وهبة الوصي لشقص
اليتيم كالبيع لربعه لا يجوز إلا لنظر لثمن
يرغبه في ملك يجاوره، أو مليء يصاحب، أو ليس
في غلته ما يكفيه وفيه الشفعة ا هـ. أبو الحسن
انظر جعل للأب أن يهب مال ابنه الصغير على عوض
غير مسمى مع أنه قد تتغير الهبة فلا يلزمه إلا
القيمة كما له أن يبيع مال ابنه بمثل الثمن،
ولا يجوز ذلك للوصي؛ لأنه ليس له أن يبيع بمثل
الثمن إلا بأزيد وقوله: لا تجوز محاباته في
قبول الثواب؛ لأن ما حابى فيه هبة، وكذا إذا
كان مما لا يتغابن الناس بمثله في البيوع،
قوله: "إلا أن يكون الأب موسرا" راجع للعتق،
(6/654)
ثم حاكم, وباع
بثبوت يتمه, وإهماله وملكه لما بيع. وأنه
الأولى,
ـــــــ
واختصره ابن يونس، فقال: ولا تجوز محاباته في
قبول الثواب ولا ما وهب، أو تصدق من مال ابنه
الصغير ويرد ذلك كله، وإن كان الأب موسرا
بخلاف عتقه في ملائه فإنه يجوز ذلك على الأب
ويضمن في ماله ا هـ. ويأتي ذلك في شرح قوله
وللولي ترك التشفع صريحا في نص المدونة في
كتاب القسمة.
ص: (وباع بثبوت يتمه إلخ) ش:
فرع: إذا باع القاضي تركة قبل ثبوت موجبات
البيع فأفتى السيوري: أن بيعه لا يجوز وينقض
فإن فات لزمه رد مثل المثلي، وقيمة المقوم يوم
تعدى بسكة ذلك اليوم، وكذلك إذا
(6/655)
وحيازة الشهود
له, والتسوق وعدم إلغاء زائد, والسداد في
الثمن, وفي تصريحه بأسماء الشهود: قولان, لا
حاضن: كجد, وعمل بإمضاء اليسير, وفي حده:
تردد، وللولي: ترك التشفع والقصاص فيسقطان,
ولا يعفو ومضى عتقه بعوض: كأبيه إن أيسر,
ـــــــ
باع التركة وفرط في قبض الثمن حتى غاب
المشترون وهلكوا فإنه ضامن ا هـ. من البرزلي
في مسائل الأقضية ا هـ.ص: (وللولي ترك التشفيع
إلى قوله كأبيه إن أيسر) ش: كلام ابن غازي في
التنبيه على كلام الشارح كاف في ذلك، والله
أعلم. وقال في ترجمة الحالفة: لتقاسمن إخوتها
من كتاب القسمة من المدونة وإذا قسم الأب على
الصغير محابى لم تجز محاباته في ذلك ولا هبته
ولا صدقة مال ابنه الصغير ويرد ذلك إن وجد
بعينه قال وترد الصدقة، وإن كان الأب موسرا
فإن فات ذلك عند المعطى وتلف ضمنه الأب إن كان
موسرا يوم يختصمون دون المعطى وإذا غرم الأب
في ملائه لم يكن للأب ولا للابن على الأجنبي
شيء، وإن كان الأب عديما رجع الابن على المعطى
فإن كانا عديمين اتبع أولهما يسارا بالقيمة،
ومن أدى منهما لم يرجع على صاحبه ولو أيسر
الأب أولهما لم يكن للابن تركه واتباع الأجنبي
كما ليس له ذلك في ملائهما، وإن أعتق الأب
غلام ابنه الصغير جاز ذلك إن كان الأب موسرا
يوم العتق وعليه الثمن في ماله، وإن كان الأب
معسرا يوم أعتق لم يجز عتقه ورد، قال مالك:
إلا أن يتطاول زمان ذلك وينكح الحرائر وتجوز
شهادته فلا يرد عتقه ويتبع الأب بقيمته ا هـ.
قال أبو الحسن في كتاب المكاتب لما يلحق في
نقض عتقه في
(6/656)
وإنما يحكم: في
الرشد وضده, والوصية والحبس المقعب, وأمر
الغائب, والنسب, والولاء, وحد, وقصاص, ومال
يتيم: القضاة
ـــــــ
النكاح والشهادة من الضرر. وقال فضل: فيما أظن
إذا طال الزمان لا بد أن يتخلله يسر فيكون قد
وجبت عليه القيمة ا هـ. قال هنا في كتاب
القسمة قوله: أعتق الأب. ابن يونس عن ابن
المواز يريد عن نفسه لا عن الصبي ولو كان عن
الصبي لرد العتق؛ لأنه أعتق ما لا يملك عن
الغير، وقوله وعليه الثمن أطلق الثمن على
القيمة ا هـ. وقال في كتاب المكاتب: ووقت
قيمته يوم أعتق، وقاله ابن يونس، ومنه قبله
بأسطر قال أبو محمد في كتاب الذب عن المذهب
الفرق بين عتق الوالد عبد ابنه الصغير عن نفسه
وبين صدقته بماله وهبته للناس إن العتق أدخل
به الأب على نفسه تمليك شيء يتعجله، وهو ملك
الولاء، وإنفاذه العتق عن نفسه فذلك تمليك منه
لنفسه مال ولده وله تمليك مال ولده بالمعاوضة
فأجزنا ذلك وألزمناه القيمة، وأما الهبة
والصدقة فإنما أخرج ذلك لمن ملك ولده إلى ملك
غير ولده بغير عوض لولده ولا لنفسه ا هـ.
وذكره أيضا في كتاب الشفعة، وقال فيه بعد
الشيخ ولو قيل فيه إنما جاز العتق ولزم لحرمته
بخلاف الهبة والصدقة لكان ذلك وجها ا هـ.
فرع: قال ابن يونس في كتاب المكاتب قال ابن
المواز: وإنما يلزمه العتق إذا أعتق عبد ابنه
الذي هو في ولايته وحجره، وأما الابن الكبير
الخارج من ولايته فلا يجوز عتقه في عبده ا
هـ.، ونقله القرافي في كفاية اللبيب وفي
الذخيرة في كتاب المكاتب أيضا وانظر كلام
اللخمي في العتق والمثلة.
فرع: قال ابن أبي زمنين في أواخر المنتخب قال
ابن مزين قال أصبغ إن حلف رجل بعتق عبد ابنه
الصغير، أو السفيه أو الكبير، وهو ذو مال فحنث
فيهم أعتقوا عليه وضمن قيمتهم وسواء حنث فيهم،
أو نذر عتقهم ا هـ.ص: (وإنما يحكم في الرشد
وضده القضاة) ش: ضد الرشد السفه وتصوره واضح.
(6/657)
وإنما يباع
عقاره لحاجة, أو غبطة, أو لكونه موظفا, أو
حصة, أو قلت غلته فيستبدل خلافه, أو بين
ذميين, أو جيران سوء، أو لإرادة شريكه بيعا
ولا مال له, أو لخشية انتقال العمارة, أو
الخراب ولا مال له أو له والبيع أولى,
ـــــــ
فرع: قال في وثائق الجزيري: ولا يجدد السفه
على ابنه الذكر البالغ إلا في فور بلوغه فإن
تراخى قليلا لم يجز إلا بإقامة الشهادة باتصال
سفهه، فإن لم يقم بينة خرج من ولايته ولا يدخل
تحت الولاية إلا أن يثبت عند القاضي سفهه،
ويعذر إليه فإن لم يكن مدفع ولى عليه أباه، أو
غيره ممن يراه ا هـ. فهذا يدل على أن السفيه
إذا خرج من حجر والده، ثم حصل له موجب السفه
لا يعود النظر لوليه بل يعود للحاكم ونحوه في
ابن سلمون قال وكذلك يقدم القاضي على من فقد
عقله مجنون أو غير ذلك، وعلى الشيخ إذا أنكر
عقله على ذلك جمهور العلماء، ويقدم أيضا على
من ظهر سفهه، وإن كان كبيرا، قال ابن المواز
عن ابن القاسم: وكذلك من انطلق من الولاية، ثم
ظهر منه سفه فإنه يقدم عليه ثانية، وفي
المتيطية في الكلام على الوصايا والمحاجير نحو
ذلك وأبسط منه، وقال فيه أيضا في الكلام على
النكاح من لا يملك نفسه إن حجر الأب لا يكون
إلا بأحد وجهين: الأول أن يسفهه في حال الحلم
أو قريب منه ويضرب على يديه والآخر إذا غفل
عنه حتى بعد عن سن الاحتلام، وملك أمر نفسه
فلا يكون تسفيهه إلا عند الإمام وكذلك لو بلغ
رشيدا، ثم حدث به السفه فإنه يثبته عند القاضي
ويقدمه للنظر له إن رأى ذلك، وهو أحق بالتقدم
عليه إذا كان من أهل النظر ا هـ. وتقدم في
كلام المدونة عند قول المؤلف: إلى حفظ مال ذي
الأب لا يفهم منه ذلك. ص: (أو غبطة) ش: قال
ابن عرفة أو: كثرة الثمن، قال ابن فتوح عن
سحنون:
(6/658)
وحجر على
الرقيق إلا بإذن,
ـــــــ
ويكون مال المبتاع حلالا طيبا. ونقل عنه
المتيطي إن كان مثل عمر بن عبد العزيز. (قلت)
الأخذ بظاهر هذا يوجب تعذره قال عن أبي عمران:
فإن علم الوصي أن المالك خبيث ضمن، وإن لم
يعلم فللابن إلزامه ثمنا حلالا، أو تباع الدار
عليه فيه ولا ضمان على الوصي إن لم يعلم زاد
في هذا الوجه، ويرجو أن يعوض ما هو أفيد ا
هـ.ص: (وحجر على الرقيق إلا بإذن) ش: قال ابن
عرفة: وكون الرق سببا في الحجر يوجب أصالته في
كل ذي رق إلا ما ارتفع بإذن نصا كالمأذون له
في التجارة، أو لزوما كالمكاتب ثم، قال: وقول
ابن شاس وابن الحاجب: وللسيد الحجر على رقيقه
لفظ يوهم أصالة جواز فعله، وحمله على المأذون
له بعيد؛ لأنه ذكره بعد هذا وصيغة الإذن ما دل
عليه ولو ظاهرا والفعل الدال كالقول ا هـ. وما
أورده عليهما لا يرد على المصنف وقوله:
"الرقيق" شمل القن، ومن فيه عقد جرية، قال ابن
عرفة اللخمي: المدبر والمعتق إلى أجل، وأم
الولد كالقن، ووهم بعض الشيوخ شهود تونس في
أوائل هذا القرن فشهدوا على بيعها لما تقدم من
عدم إنصاف أكثر قضاتها من تقديم من لا يحسن
الطلب فضلا عن الفقه لأهواء الله يعلمها ا هـ.
وقوله: "إلا بإذن" قال المشذالي في حاشيته في
أول كتاب المأذون: هنا سؤال وهو أن يقال الإذن
يتقرر بما دل عليه ولو قال: أنت مأذون لك صح
كأنت وصيي، ولو قال: أنت وكيلي لم يصح حتى
يذكر المتعلق، ولم يذكر ابن عرفة فرقا وجزم
بأنه يكون مأذونا له بقوله: أنت مأذون لك، ثم
ذكر المشذالي الفرق بين الوصية المطلقة،
والوكالة المطلقة، وقال في آخر كلامه: انظر
التوضيح في الوكالة، وقال في التوضيح هنا عن
المدونة: وإن أقعد ذا صنعة مثل قصارة، ونحوها
فلا يكون ذلك إذنا في التجارة، ولا في
المداينة، وكذا إن قال له: أد إلي الغلة فليس
بمأذون له في التجارة ا هـ. ونقله ابن عرفة.
تنبيه: هل يصدق العبد فيما ادعاه من الإذن،
وهو الذي في كتاب الضحايا من المدونة،
(6/659)
ولو في نوع
فكوكيل مفوض, وله أن يضع
ـــــــ
وظاهر سماع أشهب في كتاب المديان في رسم مسائل
أنه لا يصدق.ص: (ولو في نوع) ش: قال في
التوضيح وعلى المشهور يعني أنه إذا خصه بنوع
من أنواع التجارة أنه يلزمه في جميع أنواع
التجارة فقيد ذلك بعض الصقليين بأن لا يشهر
ذلك ولا يعلنه، وأما إن أشهره فلا يلزمه ا هـ.
ونقله عن ابن رشد في المقدمات ونص كلامه في
المقدمات في كتاب المأذون له في التجارة: ولا
يجوز له أن يتجر إلا أن يأذن له سيده في
التجارة فإن أذن له فيها جاز أن يتجر بالدين
والنقد، وإن لم يأذن له في التجارة بالدين
ولزمه ما داين به في جميع أنواع التجارات، وإن
لم يأذن له إلا في نوع واحد منها على مذهب ابن
القاسم في المدونة إذ لا فرق بين أن يحجر عليه
في التجارة بالدين، أو يحجر عليه في التجارة
في نوع من الأنواع، وهو قول أصبغ في التحجير
في الدين وذهب سحنون إلى أنه ليس له أن يتجر
بالدين إذا حجر عليه في التجارة به وكذلك يلزم
على قوله إذا حجر عليه في التجارة في نوع من
الأنواع إلا أن يشهر ذلك ويعلنه في الوجهين
جميعا فلا يلزمه، قاله بعض شيوخ صقلية، وهو
صحيح في المعنى قائم من المدونة والعتبية ا
هـ. وقال في المدونة: لأنه لا يدري الناس لأي
نوع التجارة أقعده، قال في أول مسألة من سماع
أصبغ من كتاب التفليس؛ لأنه قد نصبه للناس
وليس كل الناس يعلمون بعضا دون بعض. قال ابن
رشد في البيان: دليل قول أصبغ كالمدونة أنه لو
أعلن، وأشهر بقصر إذنه على شيء، ثم اتجر في
غيره لم يلزمه في ماله ما داين به ويدخل فيه
اختلاف بالمعنى؛ لأنه من باب التحجير فعلى
قولها: لا يحجر على العبد إلا السلطان لم
ينفعه الإعلان بقصر إذنه، ويأتي على قول سحنون
للسيد أن يحجر على عبده أن الإشهار ينفعه، قال
ابن عرفة بعد نقل ما تقدم: يرد تخريجه الأول
بأنه لا يلزم من لغو الحجر على من ثبت الإذن
فيه وعمل به لغيره الإذن فيما قارن إذنه قبل
العمل فيه قال وظاهر قول سحنون أنه حجر عليه
الدين أن الغرماء لا حق لهم فيما بيده من مال
أذن له في التجارة به، وإن لم يعلموا بذلك، ثم
قال: قلت: ففي لزوم تخصيص السيد تحجير عبده
بنوع ولغوه، فيعم ثالثها إن أعلم بذلك لسحنون
في سماع أصبغ وتخريج ابن رشد والسماع المذكور.
ورابعها للخمي إن كان العبد يرى أنه لا يخالف
ما حد له به وإلا فالثاني ا هـ. واحتج سحنون
في السماع المذكور لما قاله بما نصه: "ألا ترى
أن السيد لو دفع للعبد قراضا أنه
(6/660)
ويؤخر ويضيف إن
استأنف, ويأخذ قراضا, ويدفعه ويتصرف في كهبة,
وأقيم منها عدم معه منها ولغير من أذن له
القبول بلا إذن,
ـــــــ
يصير بذلك مأذونا له وحكم القراض لا يباع
بالدين في الأحرار والعبيد وكذلك الذي يشترط
على عبده، فهو ممنوع من البيع بالدين فإذا باع
به كان متعديا ولا يجوز على مولاه عداؤه" قاله
ابن رشد ومسألة القراض التي احتج بها لا تلزم
ابن القاسم الحجة بها إذ يخالفه فيها ويقول
إذا دفع إلى عبده قراضا فداين فيه الناس يكون
فيه ديونهم إلا أن يعلموا أنه قراض فلا يكون
لهم وكذلك الحر إذا علم غرماؤه الذين عاملوه
بالدين أنه قراض فلا شيء لهم واتبعوا ذمته،
وإن لم يعلموا فيفترق الحر من العبد؛ لأن الحر
يلزمه ضمان المال فيكون لصاحبه محاصة الغرماء
فيه والعبد لا يضمن لسيده فينفرد الغرماء إذا
لم يعلموا بجميعه؛ لأنه فرط حين لم يعلمهم ا
هـ. باختصار.
تنبيه: تقدم عند قول المصنف: "وللولي رد تصرف
مميز" في التنبيه الخامس عشر من الرعيني وابن
فرحون أنه لو طلب من سيد العبد اليمين بأنه لم
يأذن له أنه لا يلزمه ذلك، والله أعلم. ص:
(ويؤخر) ش: هذا هو المشهور ومنعه سحنون؛ لأنه
إن كان من غير فائدة فواضح وإلا فهو سلف جر
نفعا قال في التوضيح وأجيب باختيار القسم
الثاني ولا يلزم عليه المنع؛ لأنها منفعة غير
محققة وأيضا فإنه منقوض بالحر فإنه يجوز له
التأخير بالأثمان طلبا لمحمدة الثناء، والله
أعلم. ص: (ولغير من أذن له القبول) ش: تصوره
واضح.
مسألة: من تصدق على محجور بمال وشرط في صدقته
أن يترك بيد المحجور ولا يحجر عليه فيه فذلك
له على المشهور واعترض بعضهم هذا وضعفه بقوله
تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ
أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] قاله ابن الفرس في
أحكام القرآن في سورة النساء، وقال
(6/661)
والحجر عليه
كالحر, وأخذ مما بيده وإن مستولدته: كعطيته
وهل إن منح للدين؟ أو مطلقا؟ تأويلان، لا غلته
ورقبته وإن لم يكن غريم, فكغيره,
ـــــــ
المشذالي في حاشية المدونة: لو وهب هبة لصغير،
أو يتيم وشرط أن تكون يده مطلقة عليها، وأنه
لا نظر لوصيه فيها فعلى ذلك الشرط ا هـ. من
كتاب الهبة. ص: (لا غلته) ش: التوضيح قال فيها
وما وهب للمأذون، وقد اغترقه دين فغرماؤه أحق
به من سيده ولا يكون للغرماء من عمل يده شيء
ولا من خراجه، وإنما ذلك في مال وهب للعبد، أو
تصدق به عليه، أو أوصى له به فقبله العبد ا
هـ. وقال ابن رشد في رسم مرض من سماع ابن
القاسم من كتاب الحمالة بعد أن ذكر لفظ
المدونة: معناه عندي في العبد الذي لم يؤذن له
في التجارة وفيما لزم ذمته
(6/662)
ولا يمكن ذمي
من تجر في: كخمر إن اتجر لسيده, وإلا فقولان،
وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به:
ـــــــ
مما ليس للسيد أن يسقطه عنه، وأما المأذون له
في التجارة فيكون ما لزم ذمته فيما بقي بيده
من عمله بعد خراجه إن كان سيده استعمله بخراج
معلوم فيؤديه إليه ا هـ. ونقله ابن عرفة وقبله
غير أنه عزاه لسماع عيسى وليس فيه فتأمله.
فرع: وليس للسيد أن يسقط عن المأذون له في
التجارة الدين الذي في ذمته ولا عن غير
المأذون له الدين الذي أذن له فيه قاله في
المسألة المذكورة في الرسم المذكور، والله
أعلم ص: (وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به)
ش: قال في المسائل الملقوطة: ويرجع إلى معرفة
الطبيب بأن الهلاك به كثير ا هـ.
(6/663)
كسل وقولنج,
وحمى قوية, وحامل ستة, ومحبوس لقتل أو لقطع,
إن خيف الموت, وحاضر صف القتال لا كجرب وملجج
ببحر ولو حصل الهول في غير مؤنته وتداويه
ومعاوضة مالية ووقف تبرعه إلا لمال مأمون وهو
العقار, فإن مات فمن الثلث. وإلا مضى.
ـــــــ
تنبيه: انظر من تصرف زمن الطاعون لم أر فيه
الآن نصا والظاهر أنه لا حجر عليه إلا أن
يصيبه الطاعون. ص: (كسل) ش: قال في التوضيح
السل بكسر السين ا هـ. ص: (وقولنج) ش: قال في
تهذيب الأسماء واللغات بضم القاف وسكون الواو
وفتح اللام، ويقال فيه: قولون وليس بعربي ا
هـ.
ص: (ومعاوضة مالية) ش: وأما رهنه إذا كان
مدينا وقضاؤه
(6/664)
وعلى الزوجة
لزوجها ولو عبدا في تبرع زاد على ثلثها. وإن
بكفالة وفي إقراضها: قولان وهو جائز حتى يرد
فمضى. إن لم يعلم حتى تأيمت, أو مات أحدهما:
ـــــــ
لبعض غرمائه ففيه خلاف تقدم الكلام عليه في
أول باب التفليس.ص: (وعلى الزوجة لزوجها) ش:
تقدم في فصل الصداق عند قول المصنف، وإن صدقته
ففي ثلثها عن القرافي في الذخيرة عن النوادر
عن عبد الملك إنها إذا أقرت المرأة في الجهاز
الكثير أنه لأهلها جملوها به، والزوج يكذبها
فإن لم يكن إقرارها بمعنى العطية نفذ، وبمعنى
العطية رد إلى
(6/665)
كعتق العبد.
ووفاء الدين وله رد الجميع. إن تبرعت بزائد,
وليس لها بعد الثلث. تبرع إلا أن يبعد.
ـــــــ
الثلث، والله أعلم.ص: (كعتق العبد) ش: قال في
كتاب الكفالة من المدونة: ولا يجوز لعبد ولا
مكاتب ولا مدبر ولا أم ولد كفالة ولا عتق ولا
هبة ولا صدقة ولا غير ذلك مما هو معروف عند
الناس إلا بإذن السيد فإن فعلوا بغير إذنه لم
يجز إن رده السيد فإن رده لم يلزمهم، وإن
أعتقوا، وإن لم يرده حتى عتقوا لزمهم ذلك علم
به السيد قبل عتقهم أو لم يعلم ا هـ. وقال في
كتاب المأذون له في التجارة من المقدمات ولا
يجوز له في ماله معروف إلا ما جر إلى التجارة
فأما هبته وصدقته وعتقه فموقوف على إجازة
السيد، أو رده فإن لم يعلم بذلك حتى يعتق مضى
ولزم ذلك العبد، ولم يكن للسيد أن يرده انتهى.
(6/666)
|