الأحكام الشرعية الكبرى

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه رب يسر
كتاب الْجَنَائِز

بَاب النَّهْي عَن تمني الْمَوْت
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن علية - عَن عبد الْعَزِيز، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ، فَإِن كَانَ لابد متمنيا فَلْيقل: اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي، وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي عبيد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ يزْدَاد، وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ يستعيب ".
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد الله، ثَنَا معن، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسنا فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد خيرا، وَإِمَّا مسيئا فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن همام بن

(2/482)


مُنَبّه: هَذَا مَا ثَنَا أَبُو هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمن أحدكُم الْمَوْت، وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ، إِنَّه إِذا مَاتَ أحدكُم انْقَطع عمله، وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن عمره إِلَّا خيرا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَعَمْرو بن عَليّ وَمُحَمّد بن معمر قَالُوا: ثَنَا أَبُو عَامر، ثَنَا كثير بن زيد حَدثنِي الْحَارِث بن أبي يزِيد، سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تمنوا الْمَوْت فَإِن هول المطلع شَدِيد، وَإِن من السَّعَادَة أَن يطول عمر العَبْد حَتَّى يرزقه الله الْإِنَابَة ".
الْبَزَّار: ثَنَا عبد الله بن شبيب، ثَنَا مُحَمَّد بن مسلمة، ثَنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي مَالك بن أنس، عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه " أَن رجلَيْنِ كَانَا متواخين فَمَاتَ الَّذِي هُوَ أفضل فِي نفس طَلْحَة، وَبَقِي الآخر بعده كَذَا وَكَذَا، فصَام رَمَضَان، وَصلى كَذَا وَكَذَا، ثمَّ مَاتَ فَرَأى طَلْحَة فِي الْمَنَام أَن الآخر موتا أفضل من الأول، وَأَرْفَع دَرَجَة، قَالَ طَلْحَة: فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَلَيْسَ قد بَقِي بعده حَتَّى عَاشَ كَذَا وَكَذَا، وَصَامَ كَذَا وَكَذَا؟ قلت: بلَى. قَالَ: فبينهما أبعد مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ".
وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ عَن طَلْحَة من غير وَجه.
وَقَالَ أَيْضا: ثَنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا زِيَاد بن عبد الله، ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلَيْنِ كَانَا متواخين فاستشهد أَحدهمَا، وَبَقِي الثَّانِي بعد المستشهد سنة، قَالَ طَلْحَة: فَرَأَيْت الآخر من الرجلَيْن دخل الْجنَّة قبل المستشهد، فَحدثت النَّاس بذلك، فبلغت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أَلَيْسَ صَامَ بعده رَمَضَان، وَبَقِي حَتَّى صلى بعده سِتَّة آلَاف رَكْعَة وَمِائَة رَكْعَة، يَعْنِي صَلَاة السّنة ".
وصل هَذَا الحَدِيث زِيَاد، وَتَابعه على هَذِه الرِّوَايَة غير وَاحِد.

(2/483)


بَاب تَحْسِين الظَّن عِنْد الْمَوْت بِاللَّه تَعَالَى
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يحيى بن زَكَرِيَّا، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل وَفَاته بِثَلَاث يَقُول: لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن بِاللَّه الظَّن ".
تَابعه أَبُو الزبير، عَن جَابر.

بَاب تلقين [الْمَوْتَى] لَا إِلَه إِلَّا الله
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة.
وحَدثني عَمْرو النَّاقِد، قَالُوا جَمِيعًا: ثَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله ".

بَاب عرض الْإِسْلَام على الْمُشرك عِنْد الْمَوْت
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، عَن أَبِيه قَالَ: " لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة، جَاءَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوجدَ عِنْده أَبَا جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، فَقَالَ: أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله. فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعرضهَا عَلَيْهِ، ويعيدانه بِتِلْكَ الْمقَالة، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالب - آخر مَا كَلمهمْ -: هُوَ على مِلَّة عبد الْمطلب، وَأبي أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالله لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك. فَأنْزل الله - عز

(2/484)


وَجل -: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} ، وَأنزل الله - عز وَجل - فِي أبي طَالب. فَقَالَ لرَسُول الله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} ".
أَبُو دَاوُد: ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن ثَابت، عَن أنس " أَن غُلَاما من الْيَهُود كَانَ مرض فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يعودهُ، فَقعدَ عِنْد رَأسه فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَقَالَ: أسلم. فَنظر إِلَى أَبِيه، وَهُوَ عِنْد رَأسه، فَقَالَ أَبوهُ: أطع أَبَا الْقَاسِم. فَأسلم، فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أنقذه بِي من النَّار ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مَالك بن عبد الْوَاحِد المسمعي، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، ثَنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، ثَنَا صَالح بن أبي عريب، عَن كثير بن مرّة، عَن معَاذ، ابْن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة ".
صَالح بن أبي عريب لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عبد الحميد بن جَعْفَر.

بَاب تَطْهِير ثِيَاب الْمَيِّت عِنْد الْمَوْت
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا ابْن أبي مَرْيَم، أَنا يحيى بن أَيُّوب، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " أَنه لما حَضَره الْمَوْت دَعَا بِثِيَاب جدد فلبسها، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الْمَيِّت يبْعَث فِي ثِيَابه الَّتِي مَاتَ فِيهَا ".

(2/485)


يحيى بن أَيُّوب ضعفه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ فِيهِ يحيى بن معِين مرّة: صَالح. وَمرَّة قَالَ: ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: يحيى بن أَيُّوب لَيْسَ بِهِ بَأْس.
وَمَا رُوِيَ من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن النَّاس يحشرون حُفَاة عُرَاة " أصح من هَذَا وَأشهر.

بَاب قِرَاءَة يس على الْمَيِّت
النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي مَحْمُود بن خَالِد، ثَنَا الْوَلِيد - هُوَ ابْن مُسلم - حَدثنِي عبد الله بن الْمُبَارك، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن معقل بن يسَار أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اقْرَءُوا على مَوْتَاكُم يس ".
أَبُو عُثْمَان هَذَا لَيْسَ هُوَ بالنهدي، وَلَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ.

بَاب تسجية الْمَيِّت
مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يَعْقُوب - وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سعد - ثَنَا أبي، عَن صَالح، عَن ابْن شهَاب، أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ، أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ [قَالَت] : " سجي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين مَاتَ بِثَوْب حبرَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، سَمِعت ابْن الْمُنْكَدر يَقُول: سَمِعت جَابِرا يَقُول: " جِيءَ بِأبي يَوْم أحد وَقد مثل بِهِ، فَوضع بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد سجي بِثَوْب ".

(2/486)


بَاب مَا جَاءَ فِي نعي الْمَيِّت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، ثَنَا عبد القدوس بن بكر بن خُنَيْس، [حَدثنَا حبيب] بن سليم الْعَبْسِي، عَن بِلَال بن يحيى الْعَبْسِي، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: " إِذا مت فَلَا تؤذنوا بِي أحدا؛ إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعيا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَن النعي ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن / إِبْرَاهِيم، أَنا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد ابْن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى زيدا وجعفرا قبل أَن يَجِيء خبرهم، نعاهم وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا عبد الله بن نمير، ثَنَا عُثْمَان بن حَكِيم، عَن خَارِجَة بن زيد، عَن عَمه يزِيد بن ثَابت " أَنهم خَرجُوا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم فَرَأى قبرا (حَدِيثا) قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذِه فُلَانَة مولاة بني فلَان - فعرفها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَاتَت ظهرا وَأَنت صَائِم قَائِل، فَلم نحب أَن نوقظك لَهَا. فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وصف النَّاس خَلفه فَكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، ثمَّ قَالَ: لَا يموتن فِيكُم ميت مَا دمت بَين أظْهركُم إِلَّا - يَعْنِي - آذنتموني بِهِ؛ فَإِن صَلَاتي لَهُ رَحْمَة ".

(2/487)


بَاب الطَّعَام يصنع لأهل الْمَيِّت
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع وَعلي بن حجر قَالَا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن جَعْفَر بن خَالِد، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: " لما جَاءَ نعي جَعْفَر قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اصنعوا لأهل جَعْفَر طَعَاما؛ فَإِنَّهُ قد أَتَاهُم مَا يشغلهم ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن.
وجعفر هُوَ ابْن خَالِد ابْن سارة ثِقَة.

بَاب مَا يُقَال عِنْد حُضُور الْمَيِّت وَفِيه تغميض الْمَيِّت
مُسلم: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو كريب، قَالَا: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حضرتم الْمَرِيض أَو الْمَيِّت فَقولُوا خيرا؛ فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ. قَالَت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة، أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سَلمَة قد مَاتَ، قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَله وأعقبني مِنْهُ عُقبى حَسَنَة. قَالَت: فَقلت، فأعقبني الله من هُوَ خير لي مِنْهُ: مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب، عَن أم سَلمَة قَالَت: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي سَلمَة، وَقد شقّ بَصَره فأغمضه، ثمَّ قَالَ: إِن الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر. فَضَجَّ نَاس من أَهله، فَقَالَ: لَا تدعوا على أَنفسكُم إِلَّا بِخَير؛ فَإِن الْمَلَائِكَة يُؤمنُونَ على مَا تَقولُونَ. ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لأبي

(2/488)


سَلمَة، وارفع دَرَجَته فِي المهديين، واخلفه فِي عقبه فِي الغابرين، واغفر لنا وَله يَا رب الْعَالمين، وأفسح لَهُ فِي قَبره، وَنور لَهُ فِيهِ ".
قَالَ: وثنا مُحَمَّد بن [مُوسَى] الْقطَّان، ثَنَا الْمثنى بن معَاذ، ثَنَا أبي، ثَنَا عبيد الله بن الْحسن، ثَنَا خَالِد بِهَذَا نَحوه، وَلم يقل: " أفسح " وَزَاد: قَالَ خَالِد الْحذاء: " ودعوة سابعة أنسيتها وَقَالَ: اخلفه فِي تركته ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْبكاء على الْمَيِّت
مُسلم: / حَدثنِي أَبُو كَامِل، ثَنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْسلت إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاته تَدعُوهُ، وَتُخْبِرهُ أَن صَبيا لَهَا أَو ابْنا لَهَا فِي الْمَوْت. فَقَالَ للرسول: ارْجع إِلَيْهَا فَأَخْبرهَا أَن لله مَا أَخذ وَله مَا أعْطى، وكل شَيْء عِنْده بِأَجل مُسَمّى، فَمُرْهَا فَلتَصْبِر، ولتحتسب. فَعَاد الرَّسُول فَقَالَ: إِنَّهَا قد أَقْسَمت لَتَأْتِيَنَّهَا. قَالَ: فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَامَ مَعَه سعد بن عبَادَة، ومعاذ بن جبل، وَانْطَلَقت مَعَهم، فَرفع إِلَيْهِ الصَّبِي وَنَفسه تقَعْقع كَأَنَّهَا فِي شنة، فَفَاضَتْ عَيناهُ، فَقَالَ لَهُ سعد بن عبَادَة: مَا هَذَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عبَادَة، وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء ".

(2/489)


مُسلم: حَدثنَا يُونُس بن [عبد الْأَعْلَى] الصَّدَفِي، وَعَمْرو بن سَواد العامري قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: " اشْتَكَى سعد بن عبَادَة شكوى لَهُ، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودهُ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسعد بن أبي وَقاص، وَعبد الله ابْن مَسْعُود، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وجده فِي غشية، فَقَالَ: أقد قضى؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. فَبكى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا رأى الْقَوْم بكاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بكوا] ، فَقَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ، إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين، وَلَا بحزن الْقلب، وَلَكِن يعذب بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه - أَو يرحم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَليّ بن حجر، ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، أَن سَلمَة بن الْأَزْرَق قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " مَاتَ ميت من آل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاجْتمع النِّسَاء يبْكين عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر ينهاهن، ويطردهن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعْهُنَّ فَإِن الْعين دامعة، والفؤاد مصاب، والعهد قريب ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن يزِيد، ثَنَا بهز بن أَسد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر " أَن أَبَاهُ قتل يَوْم أحد قَالَ: فَجعلت أكشف عَن وَجهه وأبكي، وَالنَّاس ينهوني، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ينهاني، وَجعلت عمته تبكيه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تبكيه، مازالت الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفعتموه ".

(2/490)


أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا سُفْيَان، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبل عُثْمَان بن مَظْعُون وَهُوَ ميت، حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوع تسيل ".
عَاصِم يضعف، وَقد ذكر أَبُو عِيسَى حَدِيثه هَذَا وَصَححهُ.
النَّسَائِيّ: حَدثنَا عتبَة بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: قَرَأت على مَالك بن أنس، عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك، أَن عتِيك بن الْحَارِث - وَهُوَ جد / عبد الله بن عبد الله، أَبُو أمه - أخبرهُ أَن جَابر بن عتِيك أخبرهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ يعود عبد الله بن ثَابت فَوَجَدَهُ قد غلب، فصاح بِهِ فَلم يجبهُ فَاسْتَرْجع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: غلبنا عَلَيْك يَا أَبَا الرّبيع، فصحن النسْوَة وبكين، فَجعل ابْن عتِيك يسكتهن، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعْهُنَّ، فَإِذا وَجب لَا تبكين باكية. قَالُوا: وَمَا الْوُجُوب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الْمَوْت. قَالَت ابْنَته: إِن كنت لأرجو أَن يكون شَهِيدا، قد كنت قضيت جهازك. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَإِن الله - عز وَجل - قد أوقع أجره على قدر نِيَّته، وَمَا تَعدونَ الشَّهَادَة؟ قَالُوا: الْقَتْل فِي سَبِيل الله. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الشَّهَادَة سبع سوى الْقَتْل فِي سَبِيل الله: المطعون شَهِيد، والمبطون شَهِيد، وَالْغَرق شَهِيد، وَصَاحب الْهدم شَهِيد وَصَاحب ذَات الْجنب شَهِيد، وَصَاحب الحرق شَهِيد، وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع شَهِيد ".
مُسلم: ثَنَا ابْن مثنى وَابْن أبي عمر، قَالَ ابْن مثنى: ثَنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ: سَمِعت يحيى بن سعيد قَالَ: أَخْبَرتنِي عمْرَة، أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة تَقول: " لما جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل ابْن حَارِثَة، وجعفر بن أبي طَالب، وَعبد الله بن رَوَاحَة، جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يعرف فِيهِ الْحزن، قَالَت: وَأَنا أنظر من صائر الْبَاب - شقّ

(2/491)


الْبَاب - فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن نسَاء جَعْفَر، وَذكر بكاءهن، فَأمر أَن يذهب فينهاهن، فَذهب فَأَتَاهُ فَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه، فَأمره الثَّانِيَة أَن ينهاهن، فَذهب ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: وَالله لقد غلبننا يَا رَسُول الله، قَالَ: فَزَعَمت أَن رَسُول الله قَالَ: اذْهَبْ فاحث فِي أفواههن التُّرَاب. قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أرْغم الله أَنْفك، وَالله مَا تفعل مَا أَمرك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا تركت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من العناء ".

بَاب الْحزن عِنْد الْمُصِيبَة
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، وشيبان بن فروخ، كِلَاهُمَا عَن سُلَيْمَان - وَاللَّفْظ لشيبان - ثَنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ولد لي اللَّيْلَة غُلَام فسميته باسم أبي: إِبْرَاهِيم، ثمَّ دَفعته إِلَى أم سيف امْرَأَة قين يُقَال لَهُ: أَبُو سيف. فَانْطَلق يَأْتِيهِ واتبعته، فَانْتهى إِلَى أبي سيف، وَهُوَ ينْفخ بكيره، قد امْتَلَأَ الْبَيْت دخانا، فأسرعت الْمَشْي بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا أَبَا سيف، أمسك جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأمْسك، فَدَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالصَّبِيِّ فضمه إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، فَقَالَ أنس: لقد رَأَيْته يكيد بِنَفسِهِ بَين يَدي رَسُول الله، فَدَمَعَتْ عينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / فَقَالَ: تَدْمَع الْعين، ويحزن الْقلب، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا، وَالله يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أَنا سُلَيْمَان بن كثير، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " لما قتل زيد بن حَارِثَة، وجعفر، وَعبد الله بن رَوَاحَة، جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَسْجِد يعرف فِيهِ الْحزن ... " فَذكر قصَّته.

(2/492)


البُخَارِيّ: حَدثنِي عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن أنس قَالَ: " قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا حِين قتل الْقُرَّاء، فَمَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حزن حزنا قطّ أَشد مِنْهُ ".

بَاب الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس بن مَالك قَالَ: مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِامْرَأَة تبْكي عِنْد قبر، فَقَالَ: اتقِي الله واصبري. قَالَت: إِلَيْك عني فَإنَّك لم تصب بمصيبتي. وَلم تعرفه، فَقيل لَهَا: إِنَّه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَتَت بَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم تَجِد عِنْده بوابين، فَقَالَت: لم أعرفك. فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".
رَوَاهُ مُسلم: وَقَالَ: " إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد أول صدمة - أَو عِنْد أول الصدمة ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن ثَابت قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".

بَاب مَا جَاءَ فِي النِّيَاحَة وَضرب الخدود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، ثَنَا خَالِد، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن حَكِيم بن قيس، أَن قيس بن عَاصِم قَالَ: " لَا تنوحوا عَليّ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ينح عَلَيْهِ ".

(2/493)


مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَابْن نمير، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كلهم عَن أبن عُيَيْنَة - قَالَ ابْن نمير: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة - عَن ابْن أبي نجيح، عَن أَبِيه، عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: قَالَت أم سَلمَة: " لما مَاتَ أَبُو سَلمَة قلت: غَرِيب فِي أَرض غَرِيبَة، لأبكينه بكاء يتحدث عَنهُ، فَكنت قد تهيأت للبكاء إِذْ أَقبلت امْرَأَة من الصَّعِيد تُرِيدُ أَن تسعدني، فَاسْتَقْبلهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَن تدخلي الشَّيْطَان بَيْتا أخرجه الله مِنْهُ - مرَّتَيْنِ -؟ فكففت عَن الْبكاء فَلم أبك ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، ثَنَا حَمَّاد، ثَنَا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " أَخذ علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ الْبيعَة أَن لَا ننوح، فَمَا وفت منا امْرَأَة إِلَّا خمس: أم سليم، وَأم الْعَلَاء، وَابْنه أبي سُبْرَة امْرَأَة معَاذ - أَو وَابْنَة أبي سُبْرَة، وَامْرَأَة معَاذ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة، قَالَ زُهَيْر: ثَنَا مُحَمَّد بن حَازِم، / حَدثنَا عَاصِم - هُوَ الْأَحول - عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " لما نزلت هَذِه الْآيَة {يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا ... .} الْآيَة {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} . قَالَت: كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَة. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِلَّا آل فلَان ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ على النِّسَاء حِين بايعهن أَلا يَنحن، فَقُلْنَ:

(2/494)


يَا رَسُول الله، إِن نسَاء أسعدننا فِي الْجَاهِلِيَّة، أفنسعدهن؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا إسعاد فِي الْإِسْلَام ".
مُسلم: حَدثنِي إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا حبَان بن هِلَال، ثَنَا أبان بن يزِيد، ثَنَا يحيى، أَن زيدا حَدثهُ، أَن أَبَا سَلام حَدثهُ، أَن أَبَا مَالك الْأَشْعَرِيّ، حَدثهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لَا يتركونهن: الْفَخر فِي الأحساب، والطعن فِي الْأَنْسَاب، وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم، والنياحة. وَقَالَ: النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا، تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران، وَدرع من جرب ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، قَالَا: ثَنَا جَعْفَر بن عون، أَنا أَبُو عُمَيْس، سَمِعت أَبَا صَخْرَة، يذكر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وَأبي بردة بن أبي مُوسَى قَالَا: " أُغمي على أبي مُوسَى، وَأَقْبَلت امْرَأَته أم عبد الله تصيح برنة، قَالَا: ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: ألم تعلمي - وَكَانَ يحدثها - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أَنا بَرِيء مِمَّن حلق، وسلق، وخرق ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن، ثَنَا سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن مرّة، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ منا من ضرب الخدود، وشق الْجُيُوب، ودعا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة ".
لمُسلم فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " أَو شقّ أَو دَعَا ". وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان.

(2/495)


بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَيِّت يعذب ببكاء الْحَيّ
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن ابْن عمر قَالَ: " لما طعن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أُغمي عَلَيْهِ فصيح عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أما علمْتُم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، جَمِيعًا عَن ابْن بشر - قَالَ أَبُو بكر: ثَنَا مُحَمَّد بن بشر الْعَبْدي - عَن عبيد الله بن عمر، ثَنَا نَافِع، عَن عبد الله " أَن حَفْصَة بَكت على عمر - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - فَقَالَ لَهَا: مهلا يَا بنية، ألم تعلمي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ".
مُسلم: وحَدثني عَليّ بن حجر، ثَنَا شُعَيْب بن صَفْوَان أَبُو يحيى، / عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى، عَن أبي مُوسَى قَالَ: " لما أُصِيب عمر أقبل صُهَيْب من منزله حَتَّى دخل على عمر، فَقَامَ بحياله يبكي، فَقَالَ عمر: على مَا تبْكي؟ أعلي تبْكي؟ قَالَ: إِي وَالله لعليك أبْكِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: وَالله لقد علمت أَن رَسُول الله قَالَ: من يبكى عَلَيْهِ يعذب. قَالَ: فَذكرت [ذَلِك] لمُوسَى بن طَلْحَة فَقَالَ: كَانَت عَائِشَة تَقول: إِنَّمَا كَانَ أُولَئِكَ الْيَهُود ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا قَتَادَة، يحدث عَن سعيد بن الْمسيب، عَن ابْن عمر، [عَن عمر] عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ:

(2/496)


" الْمَيِّت يعذب فِي قَبره (مَا) نيح عَلَيْهِ ".
مُسلم: وحَدثني مُحَمَّد بن رَافع، وَعبد بن حميد، قَالَ ابْن رَافع: ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، أَنا عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ: " توفيت ابْنة لعُثْمَان بن عَفَّان بِمَكَّة قَالَ: فَجِئْنَا لنشهدها، قَالَ: فحضرها ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، قَالَ: فَإِنِّي لجالس بَينهمَا، قَالَ: [جَلَست] إِلَى أَحدهمَا، ثمَّ جَاءَ الآخر فَجَلَسَ إِلَى جَنْبي، فَقَالَ عبد الله بن عمر لعَمْرو بن عُثْمَان - وَهُوَ مواجهه -: أَلا تنْهى عَن الْبكاء، فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ".
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد كَانَ عمر يَقُول بعض ذَلِك، ثمَّ حدث فَقَالَ: صدرت مَعَ عمر من مَكَّة حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذا هُوَ بركب تَحت ظلّ شَجَرَة، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُر من هَؤُلَاءِ الركب. فَنَظَرت فَإِذا هُوَ صُهَيْب، قَالَ: فَأَخْبَرته، فَقَالَ: ادْعُه لي. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى صُهَيْب فَقلت: ارتحل فَالْحق أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: فَلَمَّا أَن أُصِيب عمر، دخل صُهَيْب يبكي يَقُول: [واأخاه] ، واصاحباه. فَقَالَ عمر: يَا صُهَيْب، أَتَبْكِي عَليّ وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْمَيِّت يعذب بِبَعْض بكاء أَهله عَلَيْهِ! ".
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَمَّا مَاتَ عمر ذكرت ذَلِك لعَائِشَة، فَقَالَت: يرحم الله عمر لَا وَالله مَا حدث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الله يعذب الْمَيِّت ببكاء أحد عَلَيْهِ، وَلَكِن قَالَ: إِن الله يزِيد الْكَافِر عذَابا ببكاء أَهله عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَالَت عَائِشَة: حسبكم الْقُرْآن {لَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: وَالله أضْحك

(2/497)


وأبكى. قَالَ ابْن أبي مليكَة: فوَاللَّه مَا قَالَ ابْن عمر من شَيْء ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا وَكِيع، عَن سعيد بن عبيد الطَّائِي، وَمُحَمّد بن قيس، عَن عَليّ بن ربيعَة قَالَ: " أول من نيح عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ: قرظة بن كَعْب، فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من نيح عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا مُحَمَّد بن عمار، ثَنَا أسيد بن أبي أسيد، أَن مُوسَى بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أخبرهُ، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من ميت يَمُوت فَيقوم (باكيهم) فَيَقُول: واجبلاه، وأسيداه أَو نَحْو ذَلِك / إِلَّا وكل بِهِ ملكان يلهزانه: أهكذا كنت؟ ! ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمرَان بن ميسرَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن حُصَيْن، عَن عَامر، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة فَجعلت أُخْته عمْرَة تبْكي: واجبلاه، وَكَذَا وَكَذَا تعدد عَلَيْهِ، فَقَالَ حِين أَفَاق: مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي: آنت كَذَلِك ".
حَدثنَا قُتَيْبَة: ثَنَا عَبْثَر، عَن حُصَيْن، عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: " أُغمي على عبد الله ... . . " بِهَذَا " فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ ".

(2/498)


مُسلم: حَدثنَا خلف بن هِشَام، وَأَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، جَمِيعًا عَن حَمَّاد - قَالَ خلف بن هِشَام: أَنا حَمَّاد بن زيد - عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة قَول ابْن عمر: الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ، فَقَالَت: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن، سمع شَيْئا فَلم يحفظ، إِنَّمَا مرت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَنَازَة يَهُودِيّ، وهم يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتُم تَبْكُونَ، وَإنَّهُ ليعذب ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ: " ذكر عِنْد عَائِشَة أَن ابْن عمر يرفع إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الْمَيِّت يعذب فِي قَبره ببكاء أَهله، فَقَالَت: وَهل، إِنَّمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه ليعذب بخطيئته أَو بِذَنبِهِ، وَإِن أَهله ليبكون عَلَيْهِ الْآن. وَذَلِكَ مثل قَوْله: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ على القليب يَوْم بدر، وَفِيه قَتْلَى بدر من الْمُشْركين فَقَالَ لَهُم مَا قَالَ، فَقَالَ: إِنَّهُم ليسمعون مَا أَقُول. وَقد وَهل، إِنَّمَا قَالَ: إِنَّهُم ليعلمون أَن مَا كنت أَقُول لَهُم حق، ثمَّ قَرَأت: {فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} يَقُول: [حِين] تبوءوا مَقَاعِدهمْ من النَّار ".

بَاب غسل الْمَيِّت
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا يزِيد بن زُرَيْع، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " دخل علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن نغسل ابْنَته، فَقَالَ: اغسلنها ثَلَاثًا أَو خمْسا، أَو أَكثر من ذَلِك إِن رأيتن ذَلِك بِمَاء وَسدر، واجعلن فِي الْآخِرَة كافورا أَو شَيْئا من كافور، فَإِذا فرغتن فآذنني، فَلَمَّا فَرغْنَا آذناه،

(2/499)


فَألْقى إِلَيْنَا حقوه، فَقَالَ: أشعرنها إِيَّاه ".
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَى ابْن سِيرِين، عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " مشطناها ثَلَاثَة قُرُون ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد، جَمِيعًا عَن أبي مُعَاوِيَة قَالَ عَمْرو: حَدثنَا مُحَمَّد بن خازم أَبُو مُعَاوِيَة قَالَ: ثَنَا عَاصِم الْأَحول، عَن حَفْصَة بنت سِيرِين، عَن أم عَطِيَّة قَالَت: " لما مَاتَت زَيْنَب بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلنها وترا / ثَلَاثًا أَو خمْسا، واجعلن فِي الْخَامِسَة كافورا أَو شَيْئا من كافور، فَإِذا غسلتنها فأعلمنني. قَالَت: فأعلمناه، فأعطانا حقوه فَقَالَ: أشعرنها إِيَّاه ".
وَلمُسلم فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " فضفرنا شعرهَا أَثلَاثًا: قرنيها، وناصيتها ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا [مُسَدّد، حَدثنَا] يحيى بن سعيد، عَن هِشَام بن حسان، ثَنَا حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " توفيت إِحْدَى بَنَات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " فَذكرت الحَدِيث وَفِيه: " فضفرنا شعرهَا ثَلَاثَة قُرُون، وألقيناها خلفهَا ".

(2/500)


البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد، ثَنَا ابْن وهب، أَنا ابْن جريج قَالَ: قَالَ أَيُّوب: وَسمعت حَفْصَة بنت سِيرِين، حَدَّثتنَا أم عَطِيَّة " أَنَّهُنَّ جعلن رَأس بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَة قُرُون نقضنه، ثمَّ غسلنه، ثمَّ جعلنه ثَلَاثَة قُرُون ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا هشيم، عَن خَالِد، عَن حَفْصَة، عَن أم عَطِيَّة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ أمرهَا أَن تغسل ابْنَته، قَالَ: ابدأن بميامنها ومواضع الْوضُوء مِنْهَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، (عَن) يحيى بن عباد، عَن أَبِيه عباد بن عبد الله بن الزبير، سَمِعت عَائِشَة تَقول: " لما أَرَادوا غسل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: وَالله مَا نَدْرِي أنجرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ثِيَابه كَمَا نجرد مَوتَانا، أم نغسله وَعَلِيهِ ثِيَابه؟ فَلَمَّا اخْتلفُوا ألْقى الله عَلَيْهِم النّوم حَتَّى مَا مِنْهُم رجل إِلَّا وذقنه فِي صَدره، ثمَّ كَلمهمْ مُكَلم من نَاحيَة الْبَيْت لَا يَدْرُونَ من هُوَ: اغسلوا رَسُول الله وَعَلِيهِ ثِيَابه، فَقَامُوا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فغسلوه وَعَلِيهِ قَمِيصه، يصبون المَاء فَوق الْقَمِيص، ويدلكونه بالقميص دون أَيْديهم، وَكَانَت عَائِشَة تَقول: لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا غسله إِلَّا نساؤه ".

(2/501)


بَاب فِي الْكَفَن وتحسينه وَالنَّهْي عَن التغالي فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا أَو قصَّته رَاحِلَته وَهُوَ محرم، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه بِمَاء وَسدر، وكفنوه فِي ثوبيه، وَلَا تخمروا وَجهه، وَلَا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبيا ".
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله وحجاج بن الشَّاعِر، قَالَا: ثَنَا حجاج ابْن مُحَمَّد، قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي [أَبُو] الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يحدث " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب يَوْمًا فَذكر رجلا من أَصْحَابه قبض فَكفن فِي كفن غير طائل، وقبر لَيْلًا، فزجر / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقبر الرجل بِاللَّيْلِ حَتَّى يصلى عَلَيْهِ إِلَّا أَن يضْطَر إِنْسَان إِلَى ذَلِك، وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا كفن أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عمر بن يُونُس، ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الْمحَاربي، ثَنَا عَمْرو بن [هَاشم] أَبُو

(2/502)


مَالك الْجَنبي، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن عَامر، عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " لَا تغال فِي كفن فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا تغَالوا فِي الْكَفَن فَإِنَّهُ يسلب سَرِيعا ".
عَامر هُوَ الشّعبِيّ، أدْرك خَمْسمِائَة من الصَّحَابَة أَو أَكثر، وَرَأى عَليّ بن أبي طَالب، مَاتَ سنة أَربع وَمِائَة، وَبلغ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ، إِلَّا رُؤْيَته عليا فَإِن ابْن أبي حَاتِم ذكر ذَلِك.

بَاب مَا يسْتَحبّ من الْكَفَن
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، ثَنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن مَيْمُون بن أبي شبيب، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا الْبيَاض فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا من ثيابكم الْبيَاض فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم ".
قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.

بَاب إِذا كَانَ الْكَفَن قَصِيرا
البُخَارِيّ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، ثَنَا أبي، ثَنَا الْأَعْمَش، ثَنَا شَقِيق، ثَنَا خباب قَالَ: " هاجرنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نلتمس وَجه الله، فَوَقع أجرنا على الله، فمنا من مَاتَ لم يَأْكُل من أجره شَيْئا، مِنْهُم مُصعب بن عُمَيْر، وَمنا من أينعت

(2/503)


لَهُ ثَمَرَته، فَهُوَ يهدبها، قتل يَوْم أحد، فَلم نجد مَا نكفنه بِهِ إِلَّا بردة، إِذا غطينا بهَا رَأسه خرجت رِجْلَاهُ، وَإِذا غطينا رجلَيْهِ خرج رَأسه، فَأمرنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نغطي رَأسه، ونجعل على رجلَيْهِ من الْإِذْخر ".

بَاب فِي كم كفن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ثَنَا [الْوَلِيد] بن مُسلم، ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، ثَنَا الزُّهْرِيّ، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " أدرج رَسُول الله فِي ثوب حبرَة، ثمَّ أخر عَنهُ ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " كفن رَسُول الله فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة من كُرْسُف، لَيْسَ فِيهَا قَمِيص، وَلَا عِمَامَة، أما الْحلَّة فَإِنَّمَا شبه على النَّاس فِيهَا، أَنَّهَا اشْتريت لَهُ ليكفن فِيهَا، فَتركت الْحلَّة، وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة، فَأَخذهَا عبد الله بن أبي بكر، فَقَالَ: لأحبسنها حَتَّى أكفن فِيهَا نَفسِي، ثمَّ قَالَ: لَو رضيها الله لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكفنه فِيهَا. فَبَاعَهَا، وَتصدق بِثمنِهَا ".
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، أَنا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " أدرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حلَّة يمنية، كَانَت لعبد الله بن أبي بكر، ثمَّ نزعت عَنهُ، وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب سحول يَمَانِية، لَيْسَ فِيهَا عِمَامَة، وَلَا قَمِيص ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.

(2/504)


بَاب حكم الْمحرم إِذا مَاتَ
مُسلم: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، ثَنَا عِيسَى - يَعْنِي ابْن يُونُس - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أقبل رجل حَرَامًا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخر من بعيره، فوقص وقصا فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه بِمَاء وَسدر، وألبسوه ثوبيه، وَلَا تخمروا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يُلَبِّي ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا وقصه بعيره وَهُوَ محرم، فَوَقع من نَاقَته، فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغسل بِمَاء وَسدر، وَلَا يمس طيبا، وَلَا يخمر رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبدا ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، أَنا عبيد الله بن مُوسَى، أَنا إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل، فوقصته نَاقَته فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه، وَلَا تقربوه طيبا، وَلَا تغطوا وَجهه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يُلَبِّي ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عتبَة بن عبد الله بن عتبَة، ثَنَا يُونُس بن نَافِع، عَن عَمْرو

(2/505)


ابْن دِينَار، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اغسلوا الْمحرم فِي ثوبيه اللَّذين أحرم فيهمَا، واغسلوه بِمَاء وَسدر، وكفنوه فِي ثوبيه، وَلَا تمسوه بِطيب، / وَلَا تخمروا رَأسه؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة محرما ".

بَاب حكم الشَّهِيد
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمْ أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير إِلَى أَحدهمَا قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم فِي دِمَائِهِمْ، وَلم يغسلوا، وَلم يصل عَلَيْهِم ".
روى أَبُو دَاوُد: عَن زِيَاد بن أَيُّوب، وَعِيسَى بن يُونُس كِلَاهُمَا يَقُول: حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقتلى أحد أَن ينْزع عَنْهُم الْحَدِيد، والجلود، وَأَن يدفنوا بدمائهم (بثيابهم) ".
وَعلي بن عَاصِم هَذَا ضَعِيف، وَأَيْضًا فسماعه من عَطاء كَانَ بعد اخْتِلَاط عَطاء.
وروى التِّرْمِذِيّ: عَن ابْن أبي عمر، عَن بشر بن السّري، عَن زَائِدَة، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر بن عبد الله " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كفن حَمْزَة فِي نمرة فِي ثوب وَاحِد ".

(2/506)


وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل ضعفه: يحيى بن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ وَغَيرهم، وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ والْحميدِي يحتجون بحَديثه، وَصحح أَبُو عِيسَى حَدِيثه هَذَا عِنْد ذكره لَهُ.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن زيد بن الْحباب.
وَعَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن أبي صَفْوَان، كِلَاهُمَا عَن أُسَامَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر على حَمْزَة وَقد مثل بِهِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَن تَجِد صَفِيَّة فِي نَفسهَا لتركته حَتَّى تَأْكُله الْعَافِيَة، حَتَّى يحْشر من بطونها ".
وَأُسَامَة هَذَا هُوَ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه يحيى ابْن سعيد الْقطَّان، وَتكلم أَحْمد بن حَنْبَل فِي حَدِيثه عَن نَافِع، وَقد روى عَنهُ الثَّوْريّ، وَابْن الْمُبَارك، وَغَيرهمَا.

بَاب الْجمع بَين الِاثْنَيْنِ فِي كفن وَاحِد
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد ".

بَاب مواراة الْمَوْتَى
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا وهب بن جرير بن حَازِم، ثَنَا أبي، سَمِعت أَسمَاء بن عبيد، [يحدث عَن] رجل يُقَال لَهُ: / السَّائِب - وَهُوَ عندنَا

(2/507)


أَبُو السَّائِب - قَالَ: " دَخَلنَا على أبي سعيد الْخُدْرِيّ ... " فَذكر حَدِيث الرجل الَّذِي قتل الْحَيَّة فَخر مَيتا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْهَبُوا [فادفنوا] صَاحبكُم ... . " وَسَيَأْتِي الحَدِيث بِطُولِهِ فِي بَاب قتل الْحَيَّات - إِن شَاءَ الله.

بَاب وجوب اتِّبَاع الْجَنَائِز
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن الْأَشْعَث، سَمِعت مُعَاوِيَة بن سُوَيْد بن مقرن، عَن الْبَراء قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسبع، ونهانا عَن سبع: أمرنَا بِاتِّبَاع الْجَنَائِز، وعيادة الْمَرِيض، وَإجَابَة الدَّاعِي، وَنصر الْمَظْلُوم، وإبرار الْقسم، ورد السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس، ونهانا عَن آنِية الْفضة، وَخَاتم الذَّهَب، وَالْحَرِير، والديباج، والقسي، والإستبرق ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد - هُوَ ابْن يحيى الذهلي - ثَنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن الْأَوْزَاعِيّ، أَخْبرنِي ابْن شهَاب، أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " حق الْمُسلم على الْمُسلم خمس: رد السَّلَام، وعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز، وَإجَابَة الدعْوَة، وتشميت الْعَاطِس ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا وَكِيع، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أبي عِيسَى الأسواري، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عودوا الْمَرِيض، وَاتبعُوا الْجِنَازَة تذكركم الْآخِرَة ".

(2/508)


رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: ثَنَا الْمثنى وَهَمَّام بِإِسْنَادِهِ.

بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، أَنا أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَت أم عَطِيَّة: " كُنَّا ننهى عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز، وَلم يعزم علينا ".

بَاب فضل اتِّبَاع الْجَنَائِز وَالصَّلَاة عَلَيْهَا وشهود دَفنهَا
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن عَليّ المنجوفي، ثَنَا روح، ثَنَا عَوْف، عَن الْحسن وَمُحَمّد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تبع جَنَازَة مُسلم إِيمَانًا واحتسابا، وَكَانَ مَعَه حَتَّى يصلى عَلَيْهَا، ويفرغ من دَفنهَا، فَإِنَّهُ يرجع من الْأجر بقيراطين، كل قِيرَاط مثل أحد، وَمن صلى عَلَيْهَا، ثمَّ رَجَعَ قبل أَن تدفن فَإِنَّهُ يرجع بقيراط ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، وحرملة بن يحيى، وَهَارُون بن سعيد - وَاللَّفْظ لهارون وحرملة - قَالَ هَارُون: ثَنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز / الْأَعْرَج، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شهد الْجِنَازَة حَتَّى يصلى عَلَيْهَا فَلهُ قِيرَاط، وَمن شَهِدَهَا حَتَّى تدفن فَلهُ قيراطان. قيل: وَمَا القيراطان؟ قَالَ: مثل الجبلين العظمين ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا [بهز، ثَنَا وهيب] ، ثَنَا سُهَيْل،

(2/509)


عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى على جَنَازَة وَلم يتبعهَا فَلهُ قِيرَاط، فَإِن تبعها فَلهُ قيراطان. قيل: وَمَا القيراطان؟ قَالَ: أصغرهما مثل أحد ".
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، ثَنَا عبد الله بن يزِيد، حَدثنِي حَيْوَة، حَدثنِي أَبُو صَخْر، عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط، أَنه حَدثهُ أَن دَاوُد ابْن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، حَدثهُ عَن أَبِيه " أَنه كَانَ قَاعِدا عِنْد عبد الله بن عمر إِذْ طلع خباب صَاحب الْمَقْصُورَة فَقَالَ: يَا عبد الله بن عمر، أَلا تسمع مَا يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من خرج مَعَ جَنَازَة من بَيتهَا وَصلى عَلَيْهَا، ثمَّ تبعها حَتَّى تدفن كَانَ لَهُ قيراطان من أجر كل قِيرَاط مثل أحد، وَمن صلى عَلَيْهَا، ثمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أحد. فَأرْسل ابْن عمر خبابا إلىعائشة يسْأَلهَا عَن قَول أبي هُرَيْرَة، ثمَّ يرجع إِلَيْهِ فيخبره مَا قَالَت، وَأخذ ابْن عمر قَبْضَة من حَصْبَاء الْمَسْجِد يقلبها فِي يَده حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُول، فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: صدق أَبُو هُرَيْرَة، فَضرب ابْن عمر بالحصى الَّذِي كَانَ فِي يَده الأَرْض، ثمَّ قَالَ: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة ".

بَاب كَيفَ تتبع الْجِنَازَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعلي بن حجر، وقتيبة بن سعيد، عَن سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة ".
قَالَ النَّسَائِيّ: وَأَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، ثَنَا أبي، ثَنَا همام، ثَنَا

(2/510)


سُفْيَان وَمَنْصُور وَزِيَاد، وَبكر، كلهم ذكر أَنه سَمعه من الزُّهْرِيّ، يحدث أَن سالما أخبرهُ، أَن أَبَاهُ أخبرهُ: " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبا بكر، وَعمر، وَعُثْمَان يَمْشُونَ بَين يَدي الْجِنَازَة ". بكر وَحده لم يذكر " عُثْمَان ".
أرسل هَذَا الحَدِيث مَالك، وَمعمر، وَيُونُس وَغير وَاحِد من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يمشي أَمَام الْجِنَازَة ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي سَالم " أَن أَبَاهُ كَانَ يمشي أَمَام الْجِنَازَة ".
ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ - رَحمَه الله - قَالَ: وَحَدِيث الزُّهْرِيّ مُرْسلا أصح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا زِيَاد بن أَيُّوب، حَدثنِي عبد الْوَاحِد بن وَاصل، ثَنَا / سعيد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ، وَأَخُوهُ الْمُغيرَة، جَمِيعًا عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة، والماشي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، والطفل يصلى عَلَيْهِ ".
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَحْمد بن بكار الْحَرَّانِي، ثَنَا بشر بن السّري، عَن سعيد بن عبيد الله بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.

(2/511)


بَاب مَا جَاءَ فِي الرّكُوب فِي اتِّبَاع الْجِنَازَة
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن ثَوْبَان " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِدَابَّة وَهُوَ مَعَ الْجِنَازَة، فَأبى أَن يركب، فَلَمَّا انْصَرف أُتِي بِدَابَّة فَركب، فَقيل لَهُ، فَقَالَ: إِن الْمَلَائِكَة كَانَت تمشي، فَلم أكن لأركب وَهُوَ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا ركبت ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار - وَاللَّفْظ لِابْنِ مثنى - قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ابْن الدحداح، ثمَّ أُتِي بفرس عري فعقله رجل فَرَكبهُ، فَجعل يتوقص بِهِ، وَنحن نتبعه نسعى خَلفه، قَالَ: فَقَالَ رجل من الْقَوْم: إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كم من عذق مُعَلّق - أَو مدلى - فِي الْجنَّة لِابْنِ الدحداح ". أَو قَالَ شُعْبَة: " لأبي الدحداح ".

بَاب الْإِسْرَاع بالجنازة
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر وحرملة وَهَارُون بن سعيد الْأَيْلِي، قَالَ هَارُون: ثَنَا، وَقَالَ الْآخرَانِ: أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، حَدثنِي أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَسْرعُوا بالجنازة، فَإِن كَانَت صَالِحَة قربتموها إِلَى الْخَيْر، وَإِن كَانَ غير ذَلِك كَانَ شرا تضعونه عَن رِقَابكُمْ ".

(2/512)


النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا خَالِد - هُوَ ابْن الْحَارِث - ثَنَا عُيَيْنَة، ثَنَا أبي قَالَ: " شهِدت جَنَازَة عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، وَخرج زِيَاد يمشي بَين يَدي السرير، فَجعل رجال من أهل عبد الرَّحْمَن ومواليه يستقيلون السرير، ويمشون على أَعْقَابهم، وَيَقُولُونَ: رويدا بَارك الله فِيكُم، فَكَانُوا يدبون دبيبا، حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق المربد لحقنا أَبُو بكرَة على بغلة، فَلَمَّا رأى الَّذِي يصنعون حمل عَلَيْهِم (بغلته) وأهوى إِلَيْهِم بِالسَّوْطِ، وَقَالَ: خلوا، فوالذي أكْرم وَجه أبي الْقَاسِم، لقد رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّا لنكاد نرمل بهَا رملا، فانبسط الْقَوْم ".

بَاب مَا تَقول الْجِنَازَة إِذا احتملت
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ / يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وضعت الْجِنَازَة فاحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم، فَإِن كَانَت صَالِحَة قَالَت: قدموني، قدموني. وَإِن كَانَت غير صَالِحَة قَالَت: يَا وَيْلَهَا أَيْن تذهبون بهَا. يسمع صَوتهَا كل شَيْء إِلَّا الْإِنْسَان، وَلَو سَمعهَا إِنْسَان لصعق ".

بَاب وجوب الصَّلَاة على الْجَنَائِز
مُسلم: حَدثنِي عَليّ بن حجر، وَزُهَيْر بن حَرْب قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل.

(2/513)


وثنا يحيى بن أَيُّوب، ثَنَا ابْن علية، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَخا لكم قد مَاتَ، فَقومُوا فصلوا عَلَيْهِ - يَعْنِي النَّجَاشِيّ ". وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: " إِن أَخَاكُم ".

بَاب الصُّفُوف على الْجِنَازَة وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة أم الْقُرْآن
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، أَن ابْن جريج أخْبرهُم [قَالَ] : أَخْبرنِي عَطاء، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد توفّي الْيَوْم رجل صَالح من الْحَبَش فَهَلُمَّ فصلوا عَلَيْهِ. قَالَ: فصففنا فصلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَنحن صُفُوف ".
قَالَ أَبُو الزبير عَن جَابر: " كنت فِي الصَّفّ الثَّانِي ".
مُسلم: حَدثنِي عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث، حَدثنِي أبي، عَن جدي قَالَ: حَدثنِي عقيل بن خَالِد، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه قَالَ: " نعى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّجَاشِيّ صَاحب الْحَبَشَة فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لأخيكم ".
قَالَ ابْن شهَاب: وحَدثني سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صف بهم بالمصلى: فَكبر عَلَيْهِ أَربع تَكْبِيرَات ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم

(2/514)


الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخرج بهم إِلَى الْمصلى فَكبر أَربع تَكْبِيرَات ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَمُحَمّد بن مثنى، وَمُحَمّد بن بشار قَالُوا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة - وَقَالَ أَبُو بكر: عَن شُعْبَة - عَن عَمْرو ابْن مرّة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: " كَانَ زيد يكبر على جنائزنا أَرْبعا، وَإنَّهُ كبر على جَنَازَة خمْسا، فَسَأَلته فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبرها ".
وروى التِّرْمِذِيّ: من طَرِيق يزِيد بن سِنَان أبي فَرْوَة، عَن زيد بن أبي أنيسَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر فِي جَنَازَة فَرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة، وَوضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى ".
وَيزِيد بن سِنَان ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يزِيد بن سِنَان مَحَله الصدْق، وَفِيه غَفلَة. وقوى البُخَارِيّ أمره / وَقَالَ: هُوَ مقارب الحَدِيث مَا بحَديثه بَأْس، إِلَّا أَن ابْنه مُحَمَّدًا يروي عَنهُ مَنَاكِير.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى عِنْد ذكره هَذَا الحَدِيث: " هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه " رَوَاهُ عَن الْقَاسِم بن دِينَار الْكُوفِي، عَن إِسْمَاعِيل بن أبان، عَن يحيى بن يعلى، عَن أبي فَرْوَة يزِيد بن سِنَان.
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أبنا سُفْيَان، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف قَالَ: " صليت خلف ابْن عَبَّاس على جَنَازَة فَقَرَأَ

(2/515)


فَاتِحَة الْكتاب، فَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سنة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا الْهَيْثَم بن أَيُّوب، ثَنَا إِبْرَاهِيم - وَهُوَ ابْن سعد - ثَنَا أبي، عَن طَلْحَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، وَقَالَ: " صليت خلف ابْن عَبَّاس على جَنَازَة فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة، وجهر حَتَّى أسمعنا ".
طَلْحَة هُوَ ابْن عبد الله بن عَوْف، ابْن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.

بَاب الدُّعَاء فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي، حَدثنِي مُحَمَّد - يَعْنِي ابْن سَلمَة - عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا صليتم على الْمَيِّت فأخلصوا لَهُ الدُّعَاء ".
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، وَهَارُون بن سعيد - وَاللَّفْظ لأبي الطَّاهِر - قَالَا: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن أبي حَمْزَة بن سليم، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصلى على جَنَازَة يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه، واعف عَنهُ وعافه، وَأكْرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بِمَاء وثلج وَبرد، ونقه من الْخَطَايَا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وأبدله دَارا خيرا من دَاره، وَأهلا خيرا من أَهله، وزوجا خيرا من زوجه، وقه فتْنَة الْقَبْر، (وَعَذَاب الْقَبْر) ، وَعَذَاب النَّار ".

(2/516)


قَالَ عَوْف: فتمنيت أَن (أكون) أَنا الْمَيِّت لدعاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ذَلِك الْمَيِّت ".
وَزَاد مُسلم أَيْضا فِي بعض طرقه: " وَأدْخلهُ (فِي) الْجنَّة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُوسَى بن مَرْوَان الرقي، ثَنَا شُعَيْب - يَعْنِي ابْن إِسْحَاق - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على جَنَازَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا، وصغيرنا وَكَبِيرنَا، وَذكرنَا وأنثانا، وشاهدنا / وغائبنا، اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِيمَان، وَمن توفيته فتوفه على الْإِسْلَام، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره، وَلَا تضلنا بعده ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أَنا هِقْل بن زِيَاد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن [أبي] كثير، حَدثنِي أَبُو إِبْرَاهِيم الأشْهَلِي، عَن أَبِيه قَالَ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى على الْجِنَازَة قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وَكَبِيرنَا، وَذكرنَا وأنثانا ".
قَالَ يحيى: وحَدثني أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل ذَلِك وَزَاد فِيهِ: " اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِسْلَام، وَمن توفيته منا فتوفه على الْإِيمَان ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث وَالِد أبي إِبْرَاهِيم حَدِيث حسن صَحِيح.
وروى هِشَام الدستوَائي، وَعلي بن الْمُبَارك هَذَا الحَدِيث، عَن يحيى بن أبي

(2/517)


كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَحَدِيث عِكْرِمَة غير مَحْفُوظ.
وَسمعت مُحَمَّدًا يَقُول: أصح الرِّوَايَات فِي هَذَا حَدِيث يحيى بن أبي كثير، عَن أبي إِبْرَاهِيم الأشْهَلِي، عَن أَبِيه، وَسَأَلته عَن اسْم أبي إِبْرَاهِيم فَلم يعرفهُ.
وَقَالَ أَبُو عِيسَى أَيْضا، وَذكر طرفا من حَدِيث مُسلم الَّذِي تقدم فِي أول الْبَاب، قَالَ مُحَمَّد: أصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب هَذَا الحَدِيث.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو معمر عبد الله بن [عَمْرو] ، وثنا [عبد الْوَارِث] ، ثَنَا أَبُو الْجلاس عقبَة بن سيار أَو سِنَان، حَدثنِي عَليّ بن شماخ قَالَ: " شهِدت مَرْوَان سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز؟ قَالَ: أمع الَّذِي قلت؟ قَالَ: نعم - قَالَ: كَلَام كَانَ بَينهمَا قبل ذَلِك - قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: اللَّهُمَّ أَنْت رَبهَا وَأَنت خلقتها، وَأَنت هديتها إِلَى الْإِسْلَام، وَأَنت قبضت روحها، وَأَنت أعلم بسرها وعلانيتها، جِئْنَا [شُفَعَاء] فَأغْفِر لَهُ ".
الصَّوَاب: عقبَة بن سيار، هَكَذَا ذكره البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف، وَعلي بن شماخ قَالَ فِيهِ شُعْبَة: عُثْمَان بن (شماخ) . وَالصَّوَاب:

(2/518)


عَليّ بن شماخ، هَكَذَا قَالَ عبد الْوَارِث وَعباد بن صَالح فِي بَاب عَليّ، ذكره ابْن أبي حَاتِم وَالْبُخَارِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى.

بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة على الشَّهِيد
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، (قَالَ) زَكَرِيَّا بن عدي: أَنا ابْن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن يزِيد بن [أبي] حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قَتْلَى أحد بعد ثَمَانِي سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات، ثمَّ طلع الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي بَين أَيْدِيكُم فرط، وَأَنا (شَهِيد عَلَيْكُم) ، وَإِن مَوْعدكُمْ الْحَوْض و [إِنِّي ٍ] لأنظر إِلَيْهِ من مقَامي هَذَا، وَإِنِّي لست أخْشَى عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَن تنافسوها، قَالَ: فَكَانَت آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: / أخبرنَا سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله - هُوَ ابْن الْمُبَارك - عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عِكْرِمَة بن خَالِد، أَن ابْن أبي عمار أخبرهُ، عَن شَدَّاد بن الْهَاد " أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَآمن بِهِ، وَاتبعهُ، ثمَّ قَالَ: أُهَاجِر مَعَك، فأوصى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض أَصْحَابه، فَلَمَّا كَانَت غَزْوَة غنم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا فقسم، وَقسم لَهُ، فَأعْطى أَصْحَابه مَا قسم لَهُ، وَكَانَ يرْعَى ظهْرهمْ، فَلَمَّا جَاءَ دفعوه إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: [قسم قسْمَة لَك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَخذه فجَاء بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ:

(2/519)


مَا هَذَا؟ قَالَ] : قسمته لَك، قَالَ: مَا على هَذَا اتبعتك، وَلَكِن اتبعتك على أَن أرمى هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حلقه - بِسَهْم فأموت فَأدْخل الْجنَّة. قَالَ: إِن تصدق الله يصدقك. فلبثوا قَلِيلا، ثمَّ نهضوا فِي قتال الْعَدو، فَأتي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحمل قد أَصَابَهُ سهم حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أهوهو؟ فَقَالُوا: نعم. قَالَ: صدق الله فَصدقهُ. ثمَّ كَفنه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جُبَّة النَّبِي، ثمَّ قدمه فصلى عَلَيْهِ، فَكَانَ مِمَّا ظهر من صلَاته عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك خرج مُهَاجرا فِي سَبِيلك فَقتل شَهِيدا، وَأَنا شَهِيد عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: مَا نعلم أَن أحدا تَابع ابْن الْمُبَارك على هَذَا، وَالصَّوَاب: أَن ابْن أبي عمار، عَن ابْن شَدَّاد بن الْهَاد، وَابْن الْمُبَارك أحد الْأَئِمَّة، وَلَعَلَّ الْخَطَأ من غَيره، وَالله أعلم.
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: ابْن أبي عمار روى عَن شَدَّاد بن الْهَاد، واسْمه عمار.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا اللَّيْث، عَن [ابْن شهَاب] ، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي ثوب وَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمْ أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير لَهُ إِلَى أَحدهمَا قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم بدمائهم، وَلم يصل عَلَيْهِم، وَلم يغسلوا ".
قَالَ النَّسَائِيّ: لَا نعلم أحدا من ثِقَات أَصْحَاب الزُّهْرِيّ تَابع اللَّيْث على هَذِه الرِّوَايَة، وَاخْتلف على الزُّهْرِيّ فِيهِ.

(2/520)


بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاة على الطِّفْل
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ ابْن ثَمَانِيَة عشر شهرا فَلم يصل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، ثَنَا سعيد بن عبيد الله، سَمِعت زِيَاد بن جُبَير - هُوَ ابْن حَيَّة - يحدث عَن أَبِيه، عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، أَنه ذكر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّاكِب خلف الْجِنَازَة، والماشي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، والطفل / يصلى عَلَيْهِ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بشر بن آدم - ابْن بنت أَزْهَر السمان الْبَصْرِيّ - ثَنَا إِسْمَاعِيل بن [سعيد بن] عبيد الله، ثَنَا أبي بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

بَاب الصَّلَاة على من قتلته الْحُدُود
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، ثَنَا خَالِد، ثَنَا هِشَام، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن " [أَن] امْرَأَة من جُهَيْنَة أَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: إِنِّي زَنَيْت، وَهِي حُبْلَى. فَدَفعهَا إِلَى

(2/521)


وَليهَا، وَقَالَ: أحسن إِلَيْهَا، فَإِذا وضعت فائتني بهَا. فَلَمَّا وضعت جَاءَ بهَا فَأمرهَا، فشكت عَلَيْهَا ثِيَابهَا، ثمَّ رَجمهَا، ثمَّ صلى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عمر: تصلي عَلَيْهَا وَقد زنت؟ فَقَالَ: لقد تابت تَوْبَة لَو قسمت بَين سبعين من أهل الْمَدِينَة لوسعتهم ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَحْمُود، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر " أَن رجلا من أسلم جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاعترف بِالزِّنَا ... . " واقتص الحَدِيث، وَفِيه: " فَأمر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرجم، وَقَالَ لَهُ خيرا، وَصلى عَلَيْهِ ".
سُئِلَ أَبُو عبد الله: " فصلى عَلَيْهِ " يَصح؟ قَالَ: رَوَاهُ معمر: قيل لَهُ: رَوَاهُ غير معمر؟ قَالَ: لَا.

بَاب الصَّلَاة على من مَاتَ من أهل الْكَبَائِر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا يحيى، عَن يحيى، عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن أبي عمْرَة، عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: " مَاتَ رجل بِخَيْبَر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صلوا على صَاحبكُم فَإِنَّهُ غل فِي سَبِيل الله. ففتشنا مَتَاعه، فَوَجَدنَا فِيهَا خرزا من خرز يهود مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ ".
أَبُو عمْرَة لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان.

(2/522)


بَاب هَل يصلى على من قتل نَفسه وَمَا جَاءَ فِيهِ
مُسلم: حَدثنَا عون بن سَلام الْكُوفِي، ثَنَا زُهَيْر، عَن سماك، عَن جَابر ابْن سَمُرَة قَالَ: " أُتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل قتل نَفسه بمشاقص فَلم يصل عَلَيْهِ ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، أَنا أَبُو الْوَلِيد، ثَنَا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر، ثَنَا سماك، عَن جَابر بن سَمُرَة " أَن رجلا قتل نَفسه بمشاقص، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما أَنا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، ثَنَا خَالِد، عَن أبي قلَابَة، عَن ثَابت بن الضَّحَّاك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف بِملَّة غير الْإِسْلَام كَاذِبًا مُتَعَمدا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمن قتل نَفسه بحديدة عذب بهَا فِي نَار جَهَنَّم ".
وَقَالَ حجاج بن منهال: ثَنَا جرير بن حَازِم، عَن الْحسن، ثَنَا جُنْدُب فِي هَذَا الْمَسْجِد، فَمَا نسيناه، وَمَا نَخَاف أَن يكذب جُنْدُب على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ بِرَجُل جراح فَقتل نَفسه، فَقَالَ الله: بدرني عَبدِي بِنَفسِهِ حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، ثَنَا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة / قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الَّذِي يخنق نَفسه يخنقها فِي النَّار، وَالَّذِي يطعنها يطعنها فِي النَّار ".

(2/523)


التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش قَالَ: سَمِعت أَبَا صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل نَفسه بحديده فحديدته فِي يَده، يجَأ بهَا فِي بَطْنه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا، وَمن قتل نَفسه بِسم فسمه فِي يَده، يتحساه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا، وَمن تردى من جبل فَقتل نَفسه، فَهُوَ يتردى فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلدا فِيهَا أبدا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، تَابعه وَكِيع، وَأَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يذكر: الخلود، ذكر ذَلِك أَبُو عِيسَى - رَحمَه الله.
وروى مُسلم - رَحمَه الله - قَالَ: ثَنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، جَمِيعًا عَن سُلَيْمَان - قَالَ أبوبكر: ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب - ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن حجاج الصَّواف، عَن أبي الزبير، عَن جَابر " أَن الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي حصن حُصَيْن مَنعه؟ - قَالَ: حصن كَانَ لدوس فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأبى ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ للَّذي ذخر الله - عز وَجل - للْأَنْصَار، فَلَمَّا هَاجر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة هَاجر إِلَيْهِ الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي، وَهَاجَر مَعَه رجل من قومه، فاجتووا الْمَدِينَة، فَمَرض، فجزع فَأخذ (مشقاص) فَقطع بهَا براجمة، فشخبت يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْل بن عَمْرو فِي مَنَامه، فَرَآهُ وهيئته حَسَنَة، وَرَآهُ مغطيا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صنع بك رَبك - عز وَجل -؟ قَالَ: غفر لي بهجرتي إِلَى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَقَالَ: مَا لي أَرَاك مغطيا يَديك؟

(2/524)


قَالَ: قيل لي: لم نصلح مِنْك مَا أفسدت. فَقَصَّهَا الطُّفَيْل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اللَّهُمَّ وليديه فَأغْفِر ".
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ: أَبُو الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس مكي، كَانَ شُعْبَة سيئ الرَّأْي فِيهِ.
وَأَبُو الزبير من الْحفاظ روى عَنهُ: مَالك بن أنس، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَكَانَ يُدَلس، فَإِذا قَالَ: سَمِعت جَابِرا. فَهُوَ صَحِيح، زَاد ابْن أبي حَاتِم: وروى عَنهُ: سَلمَة بن كهيل، وَدَاوُد بن أبي هِنْد، وَعبيد الله بن عمر، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَشعْبَة، وَذكر تَضْعِيفه، وَمعنى تَضْعِيفه، عَن أَيُّوب، وَابْن عُيَيْنَة، وَأبي زرْعَة، وَقَول أَحْمد بن حَنْبَل: أَبُو الزبير احتمله النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَقَالَ: قَالَ يحيى بن معِين: أَبُو الزبير صَاحب جَابر ثِقَة. وَقَالَ الْحَاكِم: أَبُو الزبير احْتج بِهِ مُسلم فِي مَوَاضِع يسيرَة، وَأخرج / عَامَّة حَدِيثه فِي الشواهد، وَهُوَ من كبار التَّابِعين. كَانَ عَطاء يَقُول: أَبُو الزبير أحفظنا لما سمعناه من جَابر. وَقَالَ ابْن عون: مَا كَانَ أَبُو الزبير بِدُونِ عَطاء. وَقد غمزه أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَاللَّيْث بن سعد، وأفحش شُعْبَة القَوْل فِيهِ، وَلم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ، وَلَا النَّسَائِيّ، وَلَيْسَ عِنْد شُعْبَة فِيمَا يَقُول فِيهِ حجَّة أَكثر من أَنه لبس السوَاد، وتسفه بِحَضْرَتِهِ على رجل من أهل الْعلم، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم، عَن شُعْبَة: كَانَ أَبُو الزبير لَا يحسن يُصَلِّي. وَقَالَ الْحَاكِم أَيْضا: قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: سَمِعت عبد الرَّزَّاق، عَن أَبِيه قَالَ: شَيْخَانِ ضعفهما النَّاس للْحَاجة إِلَى النَّاس: أَبُو الزبير، وَمُحَمّد بن عباد بن جَعْفَر، ولسنا نرضى لأبي الزبير بِهَذَا القَوْل، فَإِنَّهُ فِي الصدْق والإتقان فَوق مُحَمَّد بدرجات.

بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت فِي الْمَسْجِد وَفِي الْمصلى
مُسلم: حَدثنِي مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا بهز، ثَنَا وهيب، ثَنَا مُوسَى بن عقبَة، عَن عبد الْوَاحِد، عَن عباد بن عبد الله بن الزبير، يحدث عَن عَائِشَة " أَنَّهَا لما

(2/525)


توفّي سعد بن أبي وَقاص - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - أرسل أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمروا بجنازته فِي الْمَسْجِد، فيصلين عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا، فَوقف بِهِ على حجرهن يصلين عَلَيْهِ، أخرج بِهِ من بَاب الْجَنَائِز الَّذِي كَانَ إِلَى المقاعد، فبلغهن أَن النَّاس عابوا ذَلِك، وَقَالُوا: مَا كَانَت الْجَنَائِز يدْخل بهَا الْمَسْجِد. فَبلغ ذَلِك عَائِشَة - رَحْمَة الله عَلَيْهَا - فَقَالَت: مَا أسْرع النَّاس إِلَى أَن يعيبوا مَا لَا علم لَهُم بِهِ! عابوا علينا أَن يمر بِجنَازَة فِي الْمَسْجِد، وَمَا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على سُهَيْل بن بَيْضَاء إِلَّا فِي جَوف الْمَسْجِد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " نعى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّجَاشِيّ صَاحب الْحَبَشَة الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لصاحبكم ".
وَعَن ابْن شهَاب: حَدثنِي سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صف بهم فِي الْمصلى فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ".

بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت بَعْدَمَا يدْفن
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، وَأَبُو كَامِل فُضَيْل بن حُسَيْن - وَاللَّفْظ لأبي كَامِل - قَالَا: ثَنَا حَمَّاد - وَهُوَ ابْن زيد - عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تقم الْمَسْجِد - أَو شَابًّا - ففقدها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَ عَنْهَا - أَو عَنهُ - فَقَالُوا: مَاتَ. / قَالَ: أَفلا كُنْتُم آذنتموني؟ قَالَ: وَكَأَنَّهُم صغروا أمرهَا - أَو أمره - فَقَالَ: دلوني على قَبره. فدلوه، فصلى عَلَيْهَا، ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة ظلمَة على أَهله، وَإِن الله ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم ".

(2/526)


الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، ثَنَا حَمَّاد بن زيد بِهَذَا الْإِسْنَاد: " كَانَت امْرَأَة سَوْدَاء تقم الْمَسْجِد، ففقدها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: مَاتَت. فَأتى قبرها فصلى عَلَيْهَا ".
مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع، وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير قَالَا: ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن الشّعبِيّ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قبر بَعْدَمَا دفن فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ".
قَالَ الشَّيْبَانِيّ: فَقلت لِلشَّعْبِيِّ: من حَدثَك؟ قَالَ: الثِّقَة ابْن عَبَّاس - هَذَا لفظ حَدِيث حسن - وَفِي رِوَايَة ابْن نمير قَالَ: ": انْتهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى قبر رطب فصلى عَلَيْهِ، وصفوا خَلفه، وَكبر أَرْبعا " قلت لعامر: من حَدثَك؟ قَالَ: الثِّقَة من شهده: ابْن عَبَّاس.

بَاب الصَّلَاة على الْمَيِّت بِبَلَد آخر وَبعد سِنِين
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَاتَ الْيَوْم عبد لله صَالح أَصْحَمَة - وَهُوَ اسْم النَّجَاشِيّ - فَقَامَ فأمنا وَصلى عَلَيْهِ ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا لَيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد

(2/527)


صلَاته على الْمَيِّت، ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي فرط لكم، وَأَنا شَهِيد عَلَيْكُم. فَإِنِّي وَالله لأنظر إِلَى حَوْضِي الْآن، وَإِنِّي قد أَعْطَيْت مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض - أَو مَفَاتِيح الأَرْض - وَإِنِّي وَالله مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا، وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم أَن تنافسوا فِيهَا ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن آدم، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي الْخَيْر، عَن عقبَة بن عَامر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قَتْلَى أحد بعد ثَمَانِي سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات ".

بَاب ذكر الْأَوْقَات الَّتِي لَا تجوز الصَّلَاة فِيهَا على الْمَيِّت وَلَا يجوز أَن يقبر فِيهَا
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، ثَنَا عبد الله، عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح، سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ يَقُول: " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (نَهَانَا) أَن نصلي فِيهِنَّ أَو نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا: حِين تطلع الشَّمْس بازغة / حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل، وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب ".

(2/528)


بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صلى عَلَيْهِ مائَة من الْمُسلمين
مُسلم: حَدثنَا الْحسن بن [عِيسَى] ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، أَنا سَلام بن أبي مُطِيع، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن عبد الله بن يزِيد - رَضِيع عَائِشَة - عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من ميت يُصَلِّي عَلَيْهِ أمة من الْمُسلمين يبلغون مائَة كلهم يشفعون لَهُ إِلَّا شفعوا فِيهِ ".
قَالَ: فَحدثت بِهِ شُعَيْب بن الحبحاب، فَقَالَ: حَدثنِي بِهِ أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صلى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ رجلا
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف، وَهَارُون بن سعيد، والوليد بن شُجَاع، قَالَ الْوَلِيد: حَدثنِي، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر، عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس، عَن عبد الله بن عَبَّاس " أَنه مَاتَ ابْن لَهُ بِقديد أَو بعسفان، فَقَالَ: يَا كريب، انْظُر مَا اجْتمع لَهُ من النَّاس. قَالَ: فَخرجت فَإِذا نَاس قد اجْتَمعُوا لَهُ، فَأَخْبَرته فَقَالَ: تَقول: هم أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: مَا من رجل مُسلم يَمُوت فَيقوم على جنَازَته أَرْبَعُونَ رجلا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا إِلَّا شفعهم الله فِيهِ ".
وَفِي رِوَايَة ابْن مَعْرُوف: عَن شريك بن أبي نمر، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس.

(2/529)


بَاب مَا جَاءَ فِيمَن صفت عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك، وَيُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي قَالَ: " كَانَ مَالك بن هُبَيْرَة إِذا صلى على جَنَازَة، فتقال النَّاس عَلَيْهَا جزأهم ثَلَاثَة أَجزَاء، ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من صلى عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف فقد أوجب ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث ابْن هُبَيْرَة حَدِيث حسن، هَكَذَا روى غير وَاحِد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وروى إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث، وَأدْخل بَين مرْثَد وَمَالك رجلا، وَرِوَايَة هَؤُلَاءِ أصح عندنَا.

بَاب أَيْن يقوم من الْمَرْأَة وَالرجل فِي الصَّلَاة عَلَيْهِمَا
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن حُسَيْن بن ذكْوَان قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أم كَعْب، مَاتَت وَهِي نفسَاء، فَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للصَّلَاة عَلَيْهَا وَسطهَا ".
أَبُو دَاوُد: / حَدثنَا دَاوُد بن معَاذ، ثَنَا عبد الْوَارِث، عَن نَافِع أبي غَالب قَالَ: " كنت فِي المربد، فمرت جَنَازَة مَعهَا نَاس كثير، قَالُوا: جَنَازَة عبد الله بن عُمَيْر، فتبعتها فَإِذا أَنا بِرَجُل عَلَيْهِ كسَاء رَقِيق على بريذينة، على رَأسه خرقَة تقيه من الشَّمْس، فَقلت: من هَذَا الدهْقَان؟ قَالُوا: هَذَا أنس بن مَالك، فَلَمَّا وضعت الْجِنَازَة قَامَ أنس فصلى عَلَيْهَا، وَأَنا خَلفه لَا يحول بيني وَبَينه شَيْء، فَقَامَ عِنْد رَأسه

(2/530)


فَكبر أَربع تَكْبِيرَات لم يطلّ، وَلم يسْرع، ثمَّ ذهب يقْعد، قَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَة، الْمَرْأَة الْأَنْصَارِيَّة. فقربوها وَمَعَهَا نعش أَخْضَر، فَقَامَ عِنْد عجيزتها فصلى عَلَيْهَا نَحْو صلَاته على الرجل، ثمَّ جلس، فَقَالَ الْعَلَاء بن [زِيَاد] : يَا أَبَا حَمْزَة، وَهَكَذَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْجَنَائِز كصلاتك، يكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، وَيقوم عِنْد رَأس الرجل وعجيزة الْمَرْأَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَة، غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، غزوت مَعَه حنينا، فَخرج الْمُشْركُونَ فحملوا علينا حَتَّى رَأينَا خَيْلنَا وَرَاء ظُهُورنَا، وَفِي الْقَوْم رجل يحمل علينا فيدقنا، ويحطمنا، فَهَزَمَهُمْ الله - عز وَجل - وَجعل يجاء بهم فيبايعونه على الْإِسْلَام، فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عَليّ نذرا إِن جَاءَ الله - عز وَجل - بِالرجلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْم يحطمنا لَأَضرِبَن عُنُقه. وَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجيء بِالرجلِ، فَلَمَّا رأى رَسُول الله قَالَ: يَا رَسُول الله، تبت إِلَى الله. فَأمْسك رَسُول الله عَنهُ لَا يبايعه ليفي الرجل بنذره، قَالَ: فَجعل الرجل يتَصَدَّى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليأمره بقتْله، وَجعل يهاب رَسُول الله أَن يقْتله، فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لَا يصنع شَيْئا بَايعه، فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، نذري. فَقَالَ: إِنِّي لم أمسك عَنهُ مُنْذُ الْيَوْم إِلَّا لِتوفي بِنَذْرِك. قَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أموضت إِلَيّ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ أَن يُومِض ". قَالَ أَبُو غَالب: فَسَأَلت عَن صَنِيع أنس (عَن) قِيَامه على الْمَرْأَة عِنْد عجيزتها، فحدثوني أَنه إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لم تكن النعوش فَكَانَ يقوم الإِمَام حِيَال عجيزتها يَسْتُرهَا من الْقَوْم.
قَالَ أَبُو دَاوُد: [قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " نسخ من هَذَا الحَدِيث الْوَفَاء بِالنذرِ فِي [قَتله] ، [بقوله] : " إِنِّي قد تبت ".

(2/531)


بَاب إِذا اجْتمع جنائز نسَاء وَرِجَال كَانَ الرجل مِمَّا يَلِي الإِمَام
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد، ثَنَا أبي، ثَنَا [سعيد] ، حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب، عَن / عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عمار قَالَ: " شهِدت جَنَازَة امْرَأَة وَصبي فَقدم الصَّبِي مِمَّا يَلِي الْقَوْم، وَوضعت الْمَرْأَة وَرَاءه، فَصلي عَلَيْهِمَا، وَفِي الْقَوْم أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، وَابْن عَبَّاس، وَأَبُو قَتَادَة، وَأَبُو هُرَيْرَة، فسألتهم عَن ذَلِك فَقَالُوا: السّنة ".
عمار هَذَا الَّذِي روى عَنهُ عَطاء هُوَ مولى بني هَاشم ثِقَة مَشْهُور.

بَاب دفن الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي الْقَبْر للضَّرُورَة
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، [ثَنَا إِسْحَاق بن يُوسُف] ، ثَنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْحفر علينا لكل إِنْسَان شَدِيد. فَقَالَ رَسُول الله: احفروا وأعمقوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي قبر وَاحِد، فَقَالُوا: من نقدم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: قدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا. قَالَ: فَكَانَ أبي ثَالِث ثَلَاثَة فِي قبر وَاحِد ".

(2/532)


النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمُبَارك، ثَنَا وَكِيع، عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " لما كَانَ يَوْم أحد أصَاب النَّاس جهد شَدِيد، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احفروا وأوسعوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي قبر. قَالُوا: يَا رَسُول الله، فَمن نقدم؟ قَالَ: قدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا ".
قَالَ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن حميد بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " احفروا وأوسعوا وأحسنوا ".

بَاب من يقدم فِي اللَّحْد
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا اللَّيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد فِي الثَّوْب الْوَاحِد، ثمَّ يَقُول: أَيهمَا أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذا أُشير لَهُ إِلَى أَحدهمَا؛ قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة. وَأمر بدفنهم فِي ثِيَابهمْ، وَلم يصل عَلَيْهِم، وَلم يغسلوا ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث جَابر حَدِيث حسن صَحِيح.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، أَنا سُفْيَان، ثَنَا أَيُّوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن هِشَام بن عَامر قَالَ: " قتل أبي يَوْم أحد، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي الْقَبْر، وَقدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا،

(2/533)


وَكَانَ أبي ثَالِث ثَلَاثَة، وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا فقدموه ".

بَاب فِي اللَّحْد
مُسلم: / حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا عبد الله بن جَعْفَر المسوري، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، عَن عَامر بن سعد [بن] أبي وَقاص " أَن سَعْدا قَالَ فِي مَرضه الَّذِي هلك فِيهِ: الحدوا لي لحدا، وانصبوا عَليّ اللَّبن نصبا كَمَا صنع برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا حكام بن (سلم) ، عَن عَليّ بن عبد الْأَعْلَى، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّحْد لنا، والشق لغيرنا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد، عَن حكام بِإِسْنَادِهِ مثله سَوَاء.

بَاب الثَّوْب يَجْعَل تَحت الْمَيِّت فِي الْقَبْر
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا وَكِيع.

(2/534)


وثنا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، ووكيع، جَمِيعًا عَن شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا شُعْبَة، ثَنَا أَبُو جَمْرَة - هُوَ نصر بن عمرَان الضبعِي - عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " جعل فِي قبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطيفة حَمْرَاء ".

بَاب مَا يُقَال عِنْد وضع الْمَيِّت فِي قَبره
النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا سعيد بن عَامر، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أبي الصّديق، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا وضعتم مَوْتَاكُم فِي الْقَبْر فَقولُوا: بِسم الله، وعَلى سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
أوقفهُ شُعْبَة، عَن قَتَادَة.
وَأَبُو الصّديق اسْمه بكر بن عَمْرو النَّاجِي.

بَاب من ينزل فِي الْقَبْر
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان، ثَنَا فليح، ثَنَا هِلَال بن عَليّ، عَن أنس قَالَ: " شَهِدنَا بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَسُول الله جَالس [على الْقَبْر] فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تدمعان، فَقَالَ: هَل فِيكُم من أحد لم يقارف اللَّيْلَة؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أَنا. قَالَ: فَانْزِل فِي قبرها ".
قَالَ ابْن الْمُبَارك: قَالَ فليح: أرَاهُ يَعْنِي الذَّنب [وَقَالَ أَبُو عبد الله] : {ليقترفوا} [أَي] ليكتسبوا.
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، ثَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن أبي

(2/535)


عَائِشَة التَّيْمِيّ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: " مَاتَت إِحْدَى بَنَات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يدْخل الْقَبْر أحد قارف أَهله اللَّيْلَة، فَلم يدْخل زَوجهَا ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: وَابْنَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه هِيَ أم كُلْثُوم، كَانَت وفاتها فِي سنة تسع من الْهِجْرَة.
وَقد روى الطَّحَاوِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث: عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، عَن الْعَقدي أبي / عَامر، عَن فليح، عَن هِلَال، عَن أنس مثل حَدِيث البُخَارِيّ إِلَّا أَنه قَالَ: " لم يقارف أَهله اللَّيْلَة ".

بَاب النَّهْي عَن الدّفن بِاللَّيْلِ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن خَالِد الرقي، ويوسف بن سعيد - وَاللَّفْظ لَهُ - قَالَا: ثَنَا حجاج - هُوَ ابْن مُحَمَّد الْأَعْوَر - عَن ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابِرا يَقُول: " خطب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر رجلا من أَصْحَابه مَاتَ، فقبر لَيْلًا، وكفن فِي كفن غير طائل، فزجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقبر إِنْسَان لَيْلًا إِلَّا أَن يضْطَر إِلَى ذَلِك، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا ولي أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع، ثَنَا أَبُو نعيم، عَن مُحَمَّد بن مُسلم، عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أَخْبرنِي جَابر بن عبد الله - أَو قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله - قَالَ: " رأى نَاس نَارا فِي الْمقْبرَة، فأتوها، فَإِذا رَسُول الله فِي الْقَبْر، وَإِذا هُوَ يَقُول: ناولوني صَاحبكُم، فَإِذا هُوَ الرجل الَّذِي كَانَ يرفع صَوته بِالذكر ".
مُحَمَّد بن مُسلم هُوَ الطَّائِفِي، وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه أَحْمد بن حَنْبَل.

(2/536)


بَاب إِخْرَاج الْمَيِّت من الْقَبْر لِلْعِلَّةِ
البُخَارِيّ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابِرا " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عبد الله بن أبي بَعْدَمَا دفن، فَأخْرجهُ فنفث فِيهِ من رِيقه، وَألبسهُ قَمِيصه ".

بَاب دفن الْقَتْلَى فِي مصَارِعهمْ
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأسود بن قيس، عَن نُبيح، عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ادفنوا الْقَتْلَى فِي مصارهم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن مَنْصُور، ثَنَا سُفْيَان، ثَنَا الْأسود بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بقتلى أحد أَن يردوا إِلَى مصَارِعهمْ، وَكَانُوا قد نقلوا إِلَى الْمَدِينَة ".
روى أَبُو عِيسَى هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، ونبيح ثِقَة.
ونبيح هُوَ ابْن عبد الله أَبُو عَمْرو الْعَنزي، روى عَن: أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَجَابِر، وَابْن عمر، قَالَ أَبُو زرْعَة: نُبيح الْعَنزي ثِقَة، لم يرو عَنهُ إِلَّا الْأسود ابْن قيس.

بَاب مَا جَاءَ فِي تَسْوِيَة الْقُبُور
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، ثَنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن

(2/537)


أَبَا عَليّ الْهَمدَانِي حَدثهُ قَالَ: " كُنَّا مَعَ فضَالة بن عبيد بِأَرْض الرّوم (برودس) فَتوفي صَاحب لنا، فَأمر فضَالة / [بقبره] فسوي، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمر بتسويتها ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى، أَنا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن أبي وَائِل، عَن أبي الْهياج الْأَسدي قَالَ قَالَ [لي] عَليّ بن أبي طَالب: " أَلا أَبْعَثك على مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَلا تدع تمثالا إِلَّا طمسته، وَلَا قبرا مشرفا إِلَّا سويته ".
البُخَارِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد، أَنا عبد الله، أَنا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن سُفْيَان التمار أَنه حَدثهُ " أَنه رأى قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مسنما ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، ثَنَا ابْن أبي فديك، أَخْبرنِي [عمر] ابْن عُثْمَان بن هَانِئ، عَن الْقَاسِم قَالَ: " دخلت على عَائِشَة فَقلت: يَا أمه، اكشفي [لي] عَن قبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصاحبيه، فَكشفت لي عَن ثَلَاثَة قُبُور لَا مشرفة، وَلَا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرضة الْحَمْرَاء ".
ابْن أَيمن: حَدثنَا مُحَمَّد بن وضاح، ثَنَا يَعْقُوب بن كَعْب، ثَنَا ابْن أبي فديك بِهَذَا الْإِسْنَاد وَزَاد " فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقدما، وَأَبُو بكر عِنْد رَأسه، وَرجلَاهُ بَين

(2/538)


كَتِفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرَأَيْت عمر عِنْد رجْلي أبي بكر ".
حَدَّثَنِيهِ الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا أَبُو مُحَمَّد، ثَنَا حمام، ثَنَا عَبَّاس بن [أصبغ] ، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن فَذكره.

بَاب الجريدة على الْقَبْر
البُخَارِيّ: ثَنَا يحيى، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقبرين يعذبان، فَقَالَ: إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير، أما أَحدهمَا: فَكَانَ لَا يسْتَتر من الْبَوْل، وَأما الآخر: فَكَانَ يمشي بالنميمة. ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا بنصفين، ثمَّ غرز فِي كل قبر وَاحِدَة، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، لم صنعت هَذَا؟ فَقَالَ: لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ".

بَاب النَّهْي عَن الذّبْح على الْقَبْر
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا عقر فِي الْإِسْلَام ".
قَالَ عبد الرَّزَّاق: كَانُوا يعقرون عِنْد الْقَبْر - يَعْنِي ببقرة أَو (شَيْء) .

بَاب التَّفْرِيق بَين قُبُور الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله، ثَنَا وَكِيع، عَن الْأسود بن شَيبَان -

(2/539)


وَكَانَ ثِقَة - عَن خَالِد بن [سمير] ، عَن بشير بن نهيك، عَن [بشير بن الخصاصية] قَالَ: " كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمر على قُبُور الْمُسلمين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ شرا كثيرا، ثمَّ مر على قُبُور الْمُشْركين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا، فحانت مِنْهُ التفاتة، فَرَأى رجلا يمشي بَين الْقُبُور فِي نَعْلَيْه، فَقَالَ: / يَا صَاحب السبتيتين، ألقهما ".

بَاب النَّهْي أَن يجلس على الْقُبُور أَو يُصَلِّي إِلَيْهَا أَو يَبْنِي عَلَيْهَا
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لِأَن يجلس أحدكُم على جَمْرَة فتحرق ثِيَابه فتخلص إِلَى جلده خير لَهُ من أَن يجلس على قبر ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن سعيد، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تقصيص الْقُبُور، أَو يبْنى عَلَيْهَا، أَو يجلس عَلَيْهَا أحد ".
رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي الزبير، عَن جَابر، وَلم يذكر السماع، وَحَدِيث النَّسَائِيّ أحسن.
مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع البَجلِيّ، ثَنَا ابْن الْمُبَارك، عَن عبد الرَّحْمَن

(2/540)


ابْن يزِيد، عَن بسر بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع، عَن أبي مرْثَد الغنوي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور، وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا ".

بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذ الْمَسَاجِد على الْقُبُور
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا خَالِد بن الْحَارِث، ثَنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لعن الله قوما اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، حَدثنِي مَالك، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة [قَالَت] : " لما اشْتَكَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر بعض نِسَائِهِ كَنِيسَة رأينها بِأَرْض الْحَبَشَة يُقَال لَهَا مَارِيَة، وَكَانَت أم سَلمَة، وَأم حَبِيبَة أتتا أَرض الْحَبَشَة فذكرتا من حسنها، وتصاوير فِيهَا، فَرفع رَأسه، فَقَالَ: أُولَئِكَ إِذا مَاتَ مِنْهُم الرجل الصَّالح بنوا على قَبره مَسْجِدا ثمَّ صوروا فِيهِ تِلْكَ الصُّور، أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله ".

بَاب مواراة الْكَافِر
مُسلم: حَدثنَا هداب بن خَالِد، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك قَتْلَى بدر ثَلَاثًا ثمَّ أَتَاهُم، فَقَامَ عَلَيْهِم فناداهم فَقَالَ: يَا أَبَا جهل بن هِشَام، يَا أُميَّة بن خلف، يَا عتبَة بن ربيعَة، يَا شيبَة بن ربيعَة، أَلَيْسَ قد وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا. فَسمع عمر قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يسمعُونَ، أَو أَنِّي يجيبون، وَقد جيفوا؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُم بأسمع لما أَقُول مِنْهُم، وَلَكنهُمْ لَا يقدرُونَ أَن يجيبوا، ثمَّ أَمرهم فسحبوا فَألْقوا فِي قليب بدر ".

(2/541)


أَبُو دَاوُد: أخبرنَا (عبيد الله بن سعيد) ، ثَنَا يحيى، عَن سُفْيَان، حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق، عَن نَاجِية بن كَعْب، عَن عَليّ قَالَ: " قلت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن عمك الشَّيْخ الضال مَاتَ فَمن يواريه؟ قَالَ: اذْهَبْ فوار أَبَاك، وَلَا تحدثن حَدثا حَتَّى تَأتِينِي. فواريته، ثمَّ جِئْته، فَأمرنِي فاغتسلت، ودعا لي، وَذكر لي دُعَاء لم أحفظه ".
/ نَاجِية بن كَعْب صَالح الحَدِيث، قَالَه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: نَاجِية بن كَعْب: شيخ.

بَاب الْقيام للجنازة وَنسخ ذَلِك
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَعَمْرو النَّاقِد، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَابْن نمير، قَالُوا: ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن عَامر بن ربيعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا حَتَّى تخلفكم، أَو تُوضَع ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا لَيْث.
وثنا ابْن رمح، أَنا اللَّيْث، عَن نَافِع عَن ابْن عمر، عَن عَامر بن ربيعَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رأى أحدكُم الْجِنَازَة فَإِن لم يكن مَاشِيا مَعهَا فَليقمْ حَتَّى تخلفه أَو تُوضَع من قبل أَن تخلفه ".

(2/542)


مُسلم: حَدثنِي سُرَيج بن يُونُس، وَعلي بن حجر، قَالَا: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن علية - عَن هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عبيد الله بن مقسم، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " مرت جَنَازَة فَقَامَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقمنا مَعَه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّهَا يَهُودِيَّة. فَقَالَ: إِن الْمَوْت فزع، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا غنْدر، عَن شُعْبَة.
وثنا مُحَمَّد بن مثنى وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن ابْن أبي ليلى " أَن قيس بن سعد، وَسَهل بن حنيف كَانَا بالقادسية فمرت بهما جَنَازَة، فقاما فَقيل لَهما: إِنَّهَا من أهل الأَرْض. فَقَالَا: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرت بِهِ جَنَازَة، فَقَامَ فَقيل: إِنَّه يَهُودِيّ. [فَقَالَ] : أليست نفسا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا النَّضر، أَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس " أَن جَنَازَة مرت برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ، فَقيل: إِنَّهَا جَنَازَة يَهُودِيّ. فَقَالَ: إِنَّمَا قمنا للْمَلَائكَة ".
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، أَنا اللَّيْث.
وثنا مُحَمَّد بن رمح - وَاللَّفْظ لَهُ - ثَنَا اللَّيْث، عَن يحيى بن سعيد، عَن وَاقد [بن عَمْرو] بن سعد بن معَاذ أَنه قَالَ: " رآنى نَافِع بن جُبَير وَنحن فِي

(2/543)


جَنَازَة قَائِما، وَقد جلس ينْتَظر أَن تُوضَع، فَقَالَ لي: مَا يقيمك؟ قلت: أنْتَظر أَن تُوضَع لما يحدث أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ. فَقَالَ نَافِع: فَإِن مَسْعُود بن الحكم حَدثنِي، عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ: قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قعد ".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْمَشْي بَين الْقُبُور فِي النِّعَال
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سهل بن بكار، ثَنَا الْأسود بن شَيبَان، عَن خَالِد بن سمير السدُوسِي، عَن بشير بن نهيك " عَن بشير [مولى] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: زحم بن معبد، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا أسمك؟ قَالَ: زحم. قَالَ: [بل] أَنْت بشير - قَالَ: (بَينا) أماشي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بقبور الْمُشْركين، فَقَالَ: لقد سبق هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا - ثَلَاثًا - ثمَّ مر بقبور الْمُسلمين، فَقَالَ: لقد أدْرك هَؤُلَاءِ خيرا كثيرا. ثمَّ حانت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نظرة، فَإِذا رجل يمشي فِي الْقُبُور عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: يَا صَاحب السبتيتين، وَيحك! ألق سبتيتيك. فَنظر الرجل، فَلَمَّا عرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلعهما، فَرمى بهما ".
ابْن أَيمن: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ، ثَنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ثَنَا الْأسود بن شَيبَان بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن بشير [مولى] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا / أَمْشِي بَين الْمَقَابِر وَعلي نَعْلَانِ إِذْ ناداني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا صَاحب السبتيتين، إِذا كنت فِي مثل هَذَا الْمَكَان فاخلع نعليك. قَالَ: فخلعتهما ".
حَدثنِي الْقرشِي: ثَنَا شُرَيْح، ثَنَا عَليّ، ثَنَا حمام، ثَنَا عَبَّاس، ثَنَا ابْن أَيمن فَذكره.

(2/544)


بَاب زِيَارَة الْقُبُور وَالصَّلَاة على أَهلهَا وَالتَّسْلِيم عَلَيْهِم
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن أبي سِنَان، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن يريدة - هُوَ عبد الله - عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها، ونهيتكم عَن لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث، فأمسكوا مَا بدا لكم، ونهيتكم عَن النَّبِيذ إِلَّا فِي سقاء، فَاشْرَبُوا فِي الأسقية كلهَا، وَلَا تشْربُوا مُسكرا ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، ثَنَا زُهَيْر.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن معدان، ثَنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا زبيد، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن ثَلَاث: عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرا، ونهيتكم عَن لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث، فَكُلُوا مِنْهَا، وأمسكوا مَا شِئْتُم، ونهيتكم عَن الْأَشْرِبَة فِي الأوعية، فَاشْرَبُوا فِي أَي وعَاء شِئْتُم، وَلَا تشْربُوا مُسكرا ". لم يذكر مُحَمَّد: " وأمسكوا مَا شِئْتُم ".
قَالَ: وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن قدامَة بن قدامَة، ثَنَا جرير، عَن أبي فَرْوَة، عَن الْمُغيرَة ابْن سبيع، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فَمن أَرَادَ أَن يزور قبرا فليزره، وَلَا تَقولُوا هجرا ".

(2/545)


مُسلم ": حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد ابْن عبيد، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " زار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبر أمه فَبكى، وأبكى من حوله، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي أَن أسْتَغْفر لَهَا، فَلم يُؤذن لي، واستأذنته فِي أَن أَزور قبرها فاذن لي، فزوروا الْقُبُور فَإِنَّهَا تذكر الْمَوْت ".
مَالك: عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن أمه أَنَّهَا قَالَت: سَمِعت عَائِشَة تَقول: " قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَلبس ثِيَابه ثمَّ خرج، قَالَت: فَأمرت جاريتي بَرِيرَة تتبعه، فتبعته حَتَّى جَاءَ البقيع، فَوقف فِي أدناه مَا شَاءَ الله أَن يقف، ثمَّ انْصَرف، فسبقته بَرِيرَة فأخبرتني، فَلم أذكر لَهُ شَيْئا حَتَّى أصبح، ثمَّ ذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي بعثت إِلَى أهل البقيع لأصلي عَلَيْهِم ".
وروى أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي الاستذكار قَالَ: ثَنَا أَبُو عبد الله عبيد بن مُحَمَّد - رَحمَه الله - قِرَاءَة مني عَلَيْهِ، قَالَ: أملت علينا فَاطِمَة بنت الريان المَخْزُومِي الْمُسْتَمْلِي - فِي دارها بِمصْر فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وثلاثمائة - قَالَت: ثَنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمُؤَذّن صَاحب الشَّافِعِي، ثَنَا بشر بن بكر، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من أحد مر بِقَبْر أَخِيه الْمُؤمن كَانَ يعرفهُ فِي الدُّنْيَا فَيسلم عَلَيْهِ إِلَّا عرفه ورد عَلَيْهِ السَّلَام ".
/ بَاب مَا يَقُول إِذا مر على الْقُبُور
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر بن حَرْب، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد

(2/546)


ابْن عبد الله، عَن سُفْيَان، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمهُمْ إِذا خَرجُوا إِلَى الْمَقَابِر، فَكَانَ قَائِلهمْ يَقُول - فِي رِوَايَة أبي بكر -: السَّلَام على أهل الديار - وَفِي رِوَايَة زُهَيْر -: السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ، وَالْمُسْلِمين (وَالْمُسلمَات) ، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله للاحقون، أسأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا حرمي بن عمَارَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَلْقَمَة بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أَتَى على الْمَقَابِر قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار من الْمُؤمنِينَ، وَالْمُسْلِمين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، أَنْتُم لنا فرط، وَنحن لكم تبع، أسأَل الله الْعَافِيَة لنا وَلكم ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا يُوسُف بن سعيد، ثَنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عبد الله بن أبي مليكَة، أَنه سمع مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة يَقُول: سَمِعت عَائِشَة قَالَت: " كَيفَ أَقُول يَا رَسُول الله؟ قَالَ: قولي: السَّلَام على أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين، وَيرْحَم الله الْمُسْتَقْدِمِينَ والمستأخرين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله للاحقون ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى التَّمِيمِي، وَيحيى بن أَيُّوب، وقتيبة بن سعيد، قَالَ يحيى بن يحيى: أَنا، وَقَالَ الْآخرَانِ: ثَنَا إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - عَن شريك - وَهُوَ ابْن أبي نمر - عَن عَطاء بن يسَار، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلما كَانَ لَيْلَتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخرج من آخر اللَّيْل إِلَى البقيع فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وأتاكم مَا توعدون غَدا، مؤجلون،

(2/547)


وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، اللَّهُمَّ اغْفِر لأهل بَقِيع الْغَرْقَد ". وَلم يقل قُتَيْبَة: " وأتاكم ".

بَاب مَا جَاءَ فِي موت الْمُؤمن والفاجر
مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، عَن معبد بن كَعْب بن مَالك، عَن أبي قَتَادَة بن ربعي أَنه كَانَ يحدث " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر عَلَيْهِ بِجنَازَة، فَقَالَ: مستريح، ومستراح مِنْهُ قَالُوا: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَا المستريح والمستراح مِنْهُ؟ فَقَالَ: العَبْد الْمُؤمن يستريح من نصب الدُّنْيَا، وَالْعَبْد الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، ثَنَا يحيى بن سعيد، عَن عبد الله بن سعيد ابْن أبي هِنْد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن ابْن لكعب بن مَالك، عَن أبي قَتَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد: " يستريح من أَذَى الدُّنْيَا ونصبها إِلَى رَحْمَة الله - عز وَجل ".

بَاب الثَّنَاء الصَّالح أَو السيىء على الْمَيِّت
مُسلم: / حَدثنَا يحيى [بن] أَيُّوب، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَزُهَيْر ابْن حَرْب وَعلي بن حجر السَّعْدِيّ، كلهم عَن ابْن علية - وَاللَّفْظ ليحيى - ثَنَا ابْن عَلَيْهِ، أَنا عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " مر بِجنَازَة فأثني

(2/548)


عَلَيْهَا خير، فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا شَرّ، فَقَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. قَالَ عمر: فدَاك أبي وَأمي، مر بِجنَازَة، فأثني عَلَيْهَا خير فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت. وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا شَرّ، فَقلت: وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: [من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض] ، أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا هِشَام بن عبد الْملك، ثَنَا شُعْبَة، سَمِعت إِبْرَاهِيم بن عَامر - وجده أُميَّة بن خلف - قَالَ: سَمِعت عَامر بن سعد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " مروا بِجنَازَة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... . " فَذكر مَعْنَاهُ، وَفِيه: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْمَلَائِكَة شُهَدَاء الله فِي السَّمَاء، وَأَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا هِشَام بن عبد الْملك، وَعبد الله ابْن يزِيد، قَالَا: ثَنَا دَاوُد بن أبي الْفُرَات، ثَنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أبي الْأسود الديلِي قَالَ: " أتيت الْمَدِينَة فَجَلَست إِلَى عمر بن الْخطاب فمرت جَنَازَة فأثني على صَاحبهَا خير، فَقَالَ عمر: وَجَبت. ثمَّ مر بِأُخْرَى، فَأثْنى على صَاحبهَا خير، [فَقَالَ عمر: وَجَبت] . ثمَّ مر بالثالث فَأثْنى على صَاحبهَا شَرّ، فَقَالَ عمر: وَجَبت. فَقَالَ: مَا وَجَبت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: قلت كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَيّمَا مُسلم شهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدخلهُ الله الْجنَّة. قُلْنَا: أَو ثَلَاثَة؟ قَالَ: أَو ثَلَاثَة. قُلْنَا: أَو اثْنَان؟ قَالَ: أَو اثْنَان ".

(2/549)


بَاب النَّهْي عَن سبّ الْأَمْوَات
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد، أَنا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان، عَن زِيَاد بن علاقَة قَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فتؤذوا الْأَحْيَاء ".
قَالَ: رَوَاهُ بَعضهم، عَن زِيَاد، عَن رجل، عَن الْمُغيرَة.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، ثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله، وَأَنا خَيركُمْ لأهلي، وَإِذا مَاتَ صَاحبكُم فَدَعوهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من حَدِيث الثَّوْريّ، مَا أقل من رَوَاهُ عَن الثَّوْريّ.
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: ثَنَا إِيَاس بن أبي تَمِيمَة، عَن عَطاء، / عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَذكرُوا مَوْتَاكُم إِلَّا بِخَير ".
إِيَاس هُوَ ابْن دَغْفَل ثِقَة مَشْهُور.
وروى أَبُو دَاوُد من طَرِيق عمرَان بن أنس الْمَكِّيّ، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم، وَكفوا عَن

(2/550)


مساوئهم ".
وَعمْرَان بن أنس مُنكر الحَدِيث، قَالَه البُخَارِيّ - رَحمَه الله.

بَاب النَّهْي أَن يمثل بالموتى
البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، ثَنَا شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت، سَمِعت عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ - وَهُوَ جده أَبُو أمه - قَالَ: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النهبي والمثلة ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي، ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سعد بن سعيد، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كسر عظم الْمَيِّت ككسره حَيا ".
وَرَوَاهُ زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أبي الْحُسَيْن الْكُوفِي، عَن أبي حُذَيْفَة، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد ذكر ذَلِك أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد.

بَاب لعن الَّذِي ينبش الْقُبُور
الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد، ثَنَا يحيى بن صَالح الوحاظي، ثَنَا مَالك، عَن أبي الرِّجَال، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المختفي والمختفية ".

(2/551)


رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد، عَن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد، عَن مَيْمُون بن حَمْزَة، عَن الطَّحَاوِيّ.
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن خلف بن قَاسم، عَن [أبي عبد الله] مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن يحيى، عَن هِشَام بن إِسْحَاق، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد القلانسي، عَن عبد الله ابْن عبد الْوَهَّاب، عَن مَالك بِإِسْنَاد الطَّحَاوِيّ.
قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم خلافًا بَين أهل الْعلم أَن الْمَقْصُود باللعن فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ النباش الَّذِي يحْفر على الْمَيِّت فيجرده من ثِيَابه.

بَاب ثَوَاب من مَاتَ لَهُ ولد
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَمُوت لأحد من الْمُسلمين ثَلَاثَة من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
وَحدثنَا: زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَاد مَالك وَحَدِيثه إِلَّا أَن فِيهِ: " [فيلح] النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
مُسلم: حَدثنَا أَبُو كَامِل، ثَنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ، عَن أبي صَالح ذكْوَان، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: / قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نَأْتِيك فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله. قَالَ: اجْتَمعْنَ يَوْم كَذَا وَكَذَا. فاجتمعن، فأتاهن

(2/552)


رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلمهن مِمَّا علمه الله، ثمَّ قَالَ: مَا مِنْكُن من امْرَأَة تقدم بَين يَديهَا من وَلَدهَا ثَلَاثَة إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابا من النَّار، فَقَالَت امْرَأَة: واثنين، واثنين، واثنين؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: واثنين، واثنين، واثنين ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، وَابْن بشار قَالَا: ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر.
وثنا عبيد الله بن معَاذ، ثَنَا أبي قَالَا: ثَنَا شُعْبَة، عَن عبد الرَّحْمَن فِي هَذَا الْإِسْنَاد بِمثل مَعْنَاهُ، وَزَادا جَمِيعًا عَن شُعْبَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا حَازِم، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث ".
مُسلم: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنِي أبي، عَن جدي طلق ابْن مُعَاوِيَة، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا نَبِي الله، ادْع الله لي، فَلَقَد دفنت ثَلَاثَة. فَقَالَ: دفنت ثَلَاثَة؟ قَالَت: نعم [قَالَ] : لقد احتظرت بحظار شَدِيد من النَّار ".
مُسلم: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى - وتقاربا فِي اللَّفْظ - قَالَا: ثَنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، عَن أبي السَّلِيل، [عَن أبي حسان] قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: " إِنَّه قد مَاتَ لي ابْنَانِ، فَمَا أَنْت محدثي عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث تطيب [بِهِ] أَنْفُسنَا عَن مَوتَانا؟ قَالَ: نعم، صغارهم دعاميص الْجنَّة، يتلَقَّى أحدهم أَبَاهُ - أَو قَالَ: أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذ بِثَوْبِهِ - أَو قَالَ: بِيَدِهِ - كَمَا آخذ أَنا بصنفة ثَوْبك، فَلَا يتناهى - أَو قَالَ: فَلَا يَنْتَهِي - حَتَّى يدْخلهُ الله وأبويه الْجنَّة ".

(2/553)


وَفِي رِوَايَة سُوَيْد: ثَنَا أَبُو السَّلِيل.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد قَالَا: ثَنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق، [عَن] عَوْف، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا من مُسلمين يَمُوت بَينهمَا ثَلَاثَة من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث، إِلَّا أدخلهما الله بِفضل رَحمته إيَّاهُم الْجنَّة، قَالَ: يُقَال لَهُم: ادخُلُوا الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: حَتَّى يدْخل أبوانا. فَيُقَال: ادخُلُوا الْجنَّة أَنْتُم وآباؤكم ".
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن شَبابَة، ثَنَا شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه " أَن رجلا كَانَ يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ ابْن لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَتُحِبُّهُ؟ فَقَالَ: أحبك الله كَمَا أحبه. قَالَ: فَفَقدهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: مَا فعل ابْنك؟ فَقَالَ: أما شَعرت أَنه توفّي؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما يَسُرك أَلا تَأتي بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة، فتستفتحه إِلَّا جَاءَ يسْعَى حَتَّى يفتح / لَك. قَالَ: فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله، أَله خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة؟ قَالَ: لكم عَامَّة ".

بَاب ثَوَاب الصَّبْر لمن مَاتَ لَهُ ولي
البُخَارِيّ: ثَنَا قُتَيْبَة، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو، عَن سعيد ابْن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " [يَقُول الله تَعَالَى] : مَا لعبدي الْمُؤمن جَزَاء عِنْدِي إِذا قبضت صَفيه من أهل الدُّنْيَا، ثمَّ احتسبه إِلَّا الْجنَّة ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُوَيْد بن نصر، أَنا عبد الله، أَنا عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن، أَن عَمْرو بن شُعَيْب كتب إِلَى عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن يعزيه بِابْن لَهُ هلك، فَذكر فِي كِتَابه أَنه سمع أَبَاهُ شُعَيْب بن مُحَمَّد، يحدث عَن

(2/554)


جده عبد الله بنعمرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن إِذا ذهب بصفيه من أهل الأَرْض فَصَبر واحتسب، وَقَالَ مَا أمره الله بِثَوَاب دون الْجنَّة ".
شُعَيْب بن مُحَمَّد سمع جده عبد الله بن عَمْرو، قَالَه البُخَارِيّ.

بَاب
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، وَأَبُو الْخطاب زِيَاد بن يحيى الْبَصْرِيّ، قَالَا: ثَنَا عبد ربه بن بارق الْحَنَفِيّ قَالَ: سَمِعت جدي أَبَا أُمِّي سماك بن الْوَلِيد، أَنه سمع ابْن عَبَّاس، يحدث أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من كَانَ لَهُ فرطان من أمتِي أدخلهُ الله بهما الْجنَّة. فَقَالَت عَائِشَة: فَمن كَانَ لَهُ [فرط من] أمتك؟ قَالَ: وَمن كَانَ لَهُ فرط يَا موفقه. قَالَت: فَمن لم يكن لَهُ فرط من أمتك؟ قَالَ: فَأَنا فرط أمتِي لن يصابوا بمثلي ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
عبد ربه ضعفه يحيى بن معِين، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عبد ربه بن بارق مَا بِهِ بَأْس. وَأثْنى عَلَيْهِ عَمْرو بن عَليّ خيرا وروى عَنهُ.

بَاب التَّعْزِيَة
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن خَالِد بن مخلد، عَن مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سيعزي النَّاس بَعضهم بَعْضًا من بعدِي للتعزية بِي، وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ: مَا هَذَا؟ فَلَمَّا قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَقِي النَّاس بَعضهم، يعزي النَّاس بَعضهم بَعْضًا برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

(2/555)


بَاب مَا يُقَال عِنْد الْمُصِيبَة
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، وقتيبة، وَابْن حجر، جَمِيعًا عَن إِسْمَاعِيل ابْن جَعْفَر - قَالَ ابْن أَيُّوب: ثَنَا إِسْمَاعِيل - أَخْبرنِي سعد بن سعيد، عَن عمر بن كثير بن أَفْلح، عَن ابْن سفينة، عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: سَمِعت / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا من مُسلم تصيبه مُصِيبَة، فَيَقُول مَا أمره الله - عز وَجل -: إِنَّا لله، وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي، واخلفني خيرا مِنْهَا. إِلَّا أخلف الله لَهُ خيرا مِنْهَا. قَالَت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة، قلت: أَي الْمُسلمين خير من أبي سَلمَة، أول بَيت هَاجر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ إِنِّي قلتهَا، فأخلف الله لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأرْسل إِلَيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاطِب بن أبي بلتعة يخطبني لَهُ، فَقلت: إِن لي بِنْتا، وَأَنا غيور. فَقَالَ: أما ابْنَتهَا فندعو الله أَن يغنيها عَنْهَا، وأدعو الله أَن يذهب بالغيرة ".

بَاب ذكر الْمَوْت وكراهيته وشدته
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، وَعَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات: الْمَوْت ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، ثَنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، حَدثنِي ابْن الْهَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَاتَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين حاقنتي وذاقنتي، فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحد أبدا بَعْدَمَا رَأَيْت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون، ثَنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن

(2/556)


عمر بن سعيد، أَخْبرنِي ابْن أبي مليكَة، أَن أَبَا [عَمْرو] ذكْوَان مولى عَائِشَة أخبرهُ، أَن عَائِشَة كَانَت تَقول: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ بَين يَدَيْهِ ركوة، أَو علبة فِيهَا مَاء - شكّ [عمر]- فَجعل يدْخل يَده فِي المَاء، فيسمح بهَا وَجهه، وَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله، إِن للْمَوْت سَكَرَات. ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول: فِي الرفيق الْأَعْلَى. حَتَّى قبض، ومالت يَده ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، أَنا ابْن وهب، أَخْبرنِي اللَّيْث، عَن ابْن الْهَاد، عَن مُوسَى بن سرجس، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَمُوت، وَعِنْده قدح فِيهِ مَاء يدْخل يَده فِي الْقدح، وَيمْسَح وَجهه بِالْمَاءِ، ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي على سَكَرَات الْمَوْت ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبَّاس بن أبي طَالب، ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا الرّبيع ابْن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ الله - تبَارك وَتَعَالَى - للنَّفس: اخْرُجِي. قَالَت: لَا أخرج إِلَّا كارهة. قَالَ: اخْرُجِي وَإِن كرهت ".
تفرد بِهِ الرّبيع بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، عَن أبي هُرَيْرَة، وَالربيع ثِقَة مَأْمُون.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: ثَنَا وَكِيع، عَن / الرّبيع بن سعد، عَن ابْن سابط، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل، فَإِنَّهُ كَانَت فيهم أَعَاجِيب. ثمَّ أنشأ يحدث قَالَ: خرجت طَائِفَة مِنْهُم فَأتوا مَقْبرَة من مقابرهم، فَقَالُوا: لَو صلينَا رَكْعَتَيْنِ، ودعونا الله يخرج لنا بعض الْأَمْوَات فيخبرنا عَن الْمَوْت.

(2/557)


قَالَ: فَفَعَلُوا، فَبينا هم كَذَلِك إِذا طلع رجل رَأسه من قبر خلاسي بَين عَيْنَيْهِ أثر السُّجُود، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، مَا أردتم إِلَيّ، فوَاللَّه لقد مت مُنْذُ مائَة سنة، فَمَا سكنت عني حرارة الْمَوْت حَتَّى الْآن، فَادعوا الله أَن يُعِيدنِي كَمَا كنت ".
ابْن سابط هُوَ عبد الرَّحْمَن بن سابط الْقرشِي الجُمَحِي الْمَكِّيّ ثِقَة مَشْهُور، رِوَايَته عَن جَابر مُتَّصِلَة، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم.
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب، عَن كهمس - وَهُوَ ابْن الْحسن - عَن ابْن بُرَيْدَة - هُوَ عبد الله - عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمُؤمن يَمُوت بعرق الجبين ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنا ابْن جريج، عَن الْعَلَاء، أَخْبرنِي أبي، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ألم تروا الْإِنْسَان إِذا مَاتَ شخص بَصَره؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَذَاك حِين يتبع بَصَره نَفسه ".

بَاب مَا جَاءَ فِي موت الْفجأَة
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا يحيى بن سعيد، ثَنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن تَمِيم بن سَلمَة أَو سعد بن عُبَيْدَة، عَن عبيد بن خَالِد السّلمِيّ - قَالَ: رَفعه مرّة، وَلم يرفعهُ مرّة - قَالَ: " موت الْفجأَة أَخْذَة أَسف ".
وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه عَن عبيد بن خَالِد، وَلَا نعلم روى عبيد بن خَالِد عَن النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَّا يَعْنِي هَذَا الحَدِيث وحديثا آخر.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، ثَنَا يحيى بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذَا الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: عبيد بن خَالِد مُهَاجِرِي، يكنى أَبَا عبد الله،

(2/558)


سكن الْكُوفَة، روى عَنهُ جمَاعَة من الْكُوفِيّين مِنْهُم: سعد بن عُبَيْدَة، وَتَمِيم بن سَلمَة شهد صفّين مَعَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ.
البُخَارِيّ: أخبرنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، أَنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي هِشَام ابْن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة " أَن رجلا قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أُمِّي [افتلتت] نَفسهَا، وأظنها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت، فَهَل لَهَا أجر إِن تَصَدَّقت عَنْهَا؟ قَالَ: نعم ".

بَاب من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه
مُسلم: ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرزي، حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث الهُجَيْمِي، ثَنَا سعيد، عَن قتاده، / عَن زارة، عَن سعد بن هِشَام، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، فَقلت: يَا نَبِي الله، أكراهية الْمَوْت؟ فكلنا نكره الْمَوْت. قَالَ: لَيْسَ كَذَلِك، وَلَكِن الْمُؤمن إِذا بشر برحمة الله، ورضوانه، وجنته؛ أحب لِقَاء الله، فَأحب الله لقاءه، وَإِن الْكَافِر إِذا بشر بِعَذَاب الله، وَسخطه؛ كره لِقَاء الله، وَكره الله لقاءه ".
مُسلم: حَدثنَا سعيد بن عَمْرو الأشعثي، أَنا عَبْثَر، عَن مطرف، عَن عَامر، عَن شُرَيْح بن هَانِئ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه. قَالَ: فَأتيت عَائِشَة فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يذكر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيثا، إِن كَانَ كَذَلِك فقد هلكنا. فَقَالَت: إِن الْهَالِك من هلك بقول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا ذَاك؟ قَالَ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره

(2/559)


الله لقاءه، وَلَيْسَ منا أحد إِلَّا وَهُوَ يكره الْمَوْت. فَقَالَت: قد قَالَه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ بِالَّذِي تذْهب إِلَيْهِ، وَلَكِن إِذا شخص الْبَصَر، وحشرج الصَّدْر، واقشعر الْجلد، وتشنجت الْأَصَابِع، فَعِنْدَ ذَلِك من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه ".
مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا عَليّ بن مسْهر، عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن الشّعبِيّ، عَن شُرَيْح بن هَانِئ، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه، وَالْمَوْت قبل لِقَاء الله ".

بَاب مَا جَاءَ فِي أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ والكافرين
مُسلم: حَدثنِي عبيد الله بن [عمر] القواريري، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا بديل، عَن عبد الله بن شَقِيق، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " إِذا خرجت روح الْمُؤمن تلقاها ملكان يصعدانها - قَالَ حَمَّاد - فَذكر من طيب رِيحهَا، وَذكر الْمسك، قَالَ: وَيَقُول أهل السَّمَاء: روح طيبَة جَاءَت من قبل الأَرْض، صلى الله عَلَيْك وعَلى جَسَد كنت تعمرينه، فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه، ثمَّ يَقُول: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل، قَالَ: وَإِن الْكَافِر إِذا خرجت روحه، [قَالَ حَمَّاد: وَذكر] من نتنها، وَذكر لعنا، وَيَقُول أهل السَّمَاء: روح خبيثة جَاءَت من قبل الأَرْض قَالَ: فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ريطة كَانَت على أَنفه هَكَذَا ".
الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، وَمُحَمّد بن بشار قَالَا: ثَنَا أَبُو دَاوُد، ثَنَا

(2/560)


هِشَام، عَن قَتَادَة، / عَن أبي الجوزاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْمُؤمن إِذا قبض قَبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة، وتسلم نَفسه من حريرة بَيْضَاء، فَينْطَلق بِهِ إِلَى السَّمَاء فَيَقُولُونَ: مَا وجدنَا ريحًا أطيب من هَذِه، فَيَقُولُونَ: دَعوه حَتَّى يستريح، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا، وَيَقُولُونَ: مَا فعل فلَان؟ مَا فعلت فُلَانَة؟ حَتَّى ينتهون بِهِ إِلَى السَّمَاء، وَأما الْكَافِر فَإِذا قبض قَالَت الخزنة: مَا وجدنَا ريحًا أنتن من هَذَا، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الأَرْض السُّفْلى ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن سعيد، ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن قسَامَة بن زُهَيْر، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حضر الْمُؤمن أَتَتْهُ مَلَائِكَة الرَّحْمَة ... " وَذكر نَحْو حَدِيث عَمْرو بن عَليّ، وَقَالَ فِيهِ: " فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ، فَلهم أَشد فَرحا بِهِ من أحدكُم بغائبه يقدم عَلَيْهِ، فيسألونه: مَا فعل فلَان؟ فَيَقُولُونَ: دَعوه، فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا، فَإِذا قَالَ: أما أَتَاكُم؟ قَالُوا: ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية ".
النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، عَن مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب أَنه أخبرهُ، أَن أَبَاهُ كَعْب بن مَالك كَانَ يحدث، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة حَتَّى يرجعه الله إِلَى جسده يَوْم يَبْعَثهُ ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر تعلق من ثَمَرَة الْجنَّة - أَو شجر الْجنَّة ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.

(2/561)


مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا جرير، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رَأَيْت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف - أَخا بني كَعْب هَؤُلَاءِ - يجر قصبه فِي النَّار ".

بَاب مَا جَاءَ أَن الْمَيِّت يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض على مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة، وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار، يُقَال: هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
وثنا عبد بن حميد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، ثَنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: " هَذَا مَقْعَدك الَّذِي يَبْعَثك الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، ثَنَا أَبُو الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ / النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يدْخل أحد الْجنَّة إِلَّا أرِي مَقْعَده من النَّار لَو أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شكرا، وَلَا يدْخل النَّار أحدا إِلَّا أرِي مَقْعَده من الْجنَّة لَو أحسن، ليَكُون عَلَيْهِ حسرة ".

بَاب فِي عَذَاب الْقَبْر والمساءلة بعد الْمَوْت
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير - قَالَ زُهَيْر: ثَنَا جرير - عَن مَنْصُور، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة قَالَت: " دخلت عَليّ عجوزان من عجز يهود الْمَدِينَة، فَقَالَتَا: إِن أهل الْقُبُور

(2/562)


يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. قَالَت: فكذبتهما، وَلم أنعم أَن أصدقهما، فخرجتا وَدخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله، إِن عجوزين من عجز يهود الْمَدِينَة دخلتا عَليّ، فزعمتا أَن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. فَقَالَ: صدقتا إِنَّهُم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم. قَالَت: فَمَا رَأَيْته بعد فِي صَلَاة إِلَّا يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر ".
مُسلم: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، جَمِيعًا عَن ابْن علية - قَالَ يحيى: أَنا ابْن علية - قَالَ: وَأَنا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن زيد بن ثَابت - قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد، وَلم أشهده من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِن حَدَّثَنِيهِ زيد بن ثَابت - قَالَ: " بَيْنَمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَائِط لبني النجار على بغلته وَنحن مَعَه إِذْ حادت بِهِ، فَكَادَتْ تلقيه، وَإِذا أقبر سِتَّة، أَو خَمْسَة، أَو أَرْبَعَة - قَالَ: كَذَا كَانَ يَقُول الْجريرِي - فَقَالَ: من يعرف أَصْحَاب هَذِه الأقبر؟ فَقَالَ رجل: أَنا. قَالَ: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: مَاتُوا فِي الْإِشْرَاك. فَقَالَ: إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها، فلولا أَن لَا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم من عَذَاب الْقَبْر الَّذِي أسمع مِنْهُ. ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب النَّار. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن. قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال. قَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال ".
مُسلم: وَحدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، ثَنَا يحيى ين سعيد، ثَنَا شُعْبَة، حَدثنِي عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، عَن الْبَراء بن عَازِب، عَن أبي أَيُّوب قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَمَا غربت الشَّمْس، فَسمع صَوتا قَالَ: يهود تعذب فِي قبورها ".

(2/563)


النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، أَنه سمع أَسمَاء بنت أبي بكر تَقول: " قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْفِتْنَة الَّتِي يفتن بهَا الْمَرْء / فِي قَبره، فَلَمَّا ذكر ذَلِك، ضج الْمُسلمُونَ ضجة حَالَتْ بيني وَبَين أَن أفهم كَلَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا سكنت ضجتهم قلت لرجل قريب مني: أَي بَارك الله فِيك، مَاذَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخر قَوْله؟ قَالَ: أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَرِيبا من فتْنَة الدَّجَّال ".
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ، حَدثنَا هِشَام، عَن عبد الله بن بحير، عَن هَانِئ مولى عُثْمَان، عَن عُثْمَان قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فرغ من دفن الْمَيِّت وقف عَلَيْهِ، فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لأخيكم، وسلوا لَهُ التثبيت، فَإِنَّهُ الْآن يسْأَل ".
هَانِئ مولى عُثْمَان يكنى أَبَا سعيد، لَيْسَ بِهِ بَأْس، قَالَه النَّسَائِيّ - رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار بن عُثْمَان الْعَبْدي، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن الْبَراء بن عَازِب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} قَالَ: نزلت فِي عَذَاب الْقَبْر، يُقَال لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله، ونبيي مُحَمَّد، فَذَلِك قَوْله - عز وَجل -: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، [ثَنَا] شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " الْمُسلم

(2/564)


إِذا سُئِلَ فِي الْقَبْر يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَذَلِك قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} ".
مُسلم: حَدثنَا عبد بن حميد، ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان [بن] عبد الرَّحْمَن، عَن قَتَادَة، ثَنَا أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ. قَالَ: يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ [فَيَقُولَانِ لَهُ] : مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن فَإِنَّهُ يَقُول: أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. قَالَ: فَيُقَال لَهُ: أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار، قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة. قَالَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَنه يفْسخ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا، ويملأ عَلَيْهِ خضرًا إِلَى يَوْم يبعثون ".
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء الْهَمدَانِي، ثَنَا ابْن نمير، ثَنَا هِشَام، عَن فَاطِمَة، عَن أَسمَاء بنت أبي بكر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّه أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور قَرِيبا، أَو مثل فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فيؤتي أحدكُم فَيُقَال لَهُ: مَا علمك بِهَذَا الرجل؟ فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: هُوَ مُحَمَّد، هُوَ رَسُول الله جَاءَنَا / بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى، فأجبنا وأطعنا - ثَلَاث مرار - فَيُقَال لَهُ: نم قد كُنَّا نعلم أَنَّك لتؤمن بِهِ، نم صَالحا. وَأما الْمُنَافِق، أَو المرتاب - لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَت أَسمَاء - فَيَقُول: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت ".

(2/565)


النَّسَائِيّ: أخبرنَا [أَحْمد بن أبي عبيد الله] الْبَصْرِيّ، ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره، وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ، أَتَاهُ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ، فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول: أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا خيرا مِنْهُ. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأما الْكَافِر، أَو الْمُنَافِق، فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ : فَيَقُول: لَا أَدْرِي، كنت أَقُول كَمَا يَقُول النَّاس. فَيُقَال لَهُ: لَا دَريت وَلَا تليت. ثمَّ يضْرب ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة، فيسمعها من يَلِيهِ غير الثقلَيْن ".
البُخَارِيّ: حَدثنَا عَيَّاش بن الْوَلِيد، ثَنَا عبد الْأَعْلَى، ثَنَا سعيد، عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: " وَيضْرب بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة يحيى بن خلف، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أقبر الْمَيِّت - أَو قَالَ: أحدكُم - أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان، يُقَال لأَحَدهمَا: الْمُنكر، وَالْآخر: النكير، فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا. ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين، ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ، ثمَّ يُقَال لَهُ: نم. فَيَقُول: أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم. فَيَقُولَانِ: نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ. حَتَّى

(2/566)


يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك. وَإِن كَانَ منافقا قَالَ: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثلهم، لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول ذَلِك. فَيُقَال للْأَرْض: التئمي عَلَيْهِ. فتلتئم عَلَيْهِ، فتختلف فِيهَا أضلاعه، فَلَا يزَال فِيهَا معذبا حَتَّى يَبْعَثهُ الله - عز وَجل - من مضجعه ذَلِك ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى.
عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن إِسْحَاق بن الْحَارِث الْقرشِي الْمدنِي - وَيُقَال: عباد ابْن إِسْحَاق - وَثَّقَهُ ابْن معِين، / وَقَالَ النَّسَائِيّ فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمدنِي صَالح الحَدِيث، لَا بَأْس بِهِ، روى عَن أبي الزِّنَاد أَحَادِيث مُنكرَة، وَكَانَ ابْن علية يرضاه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عبد الرَّحْمَن ابْن إِسْحَاق حسن الحَدِيث، وَلَيْسَ بِقَوي، يكْتب حَدِيثه، وَلَا يحْتَج بِهِ. وَكَانَ يحيى لَا يرضى عبد الرَّحْمَن هَذَا.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، ثَنَا جرير.
وثنا هناد بن السّري، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة - وَهَذَا لفظ هناد - عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال، عَن زَاذَان، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر، وَلما يلْحد، فَجَلَسَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَلَسْنَا حوله كَأَنَّمَا على رءوسنا الطير، وَفِي يَده عود ينكت بِهِ الأَرْض فَرفع رَأسه، فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا - زَاد فِي حَدِيث جرير هَا هُنَا - قَالَ: وَإنَّهُ ليسمع خَفق نعَالهمْ مُدبرين، فَيُقَال لَهُ: يَا هَذَا من رَبك؟ وَمَا دينك؟ وَمن نبيك؟ - قَالَ هناد -: ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله، فَيَقُولَانِ: مَا دينك؟ فَيَقُول " ديني الْإِسْلَام، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ قَالَ: فَيَقُول هُوَ رَسُول الله. فَيَقُولَانِ: وَمَا يدْريك؟ فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله، فآمنت بِهِ وصدقت - زَاد فِي حَدِيث جرير - فَذَلِك قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا} الْآيَة - ثمَّ اتفقَا - قَالَ: فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن

(2/567)


صدق عَبدِي فأفرشوه من الْجنَّة، وألبسوه من الْجنَّة، وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة. قَالَ: فيأتيه من روحها وطيبها، وَقَالَ: وَيفتح لَهُ مد بَصَره. قَالَ: وَإِن الْكَافِر، فَذكر مَوته، قَالَ: وتعاد روحه فِي جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ: من رَبك؟ فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: من هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ فَيَقُول: هاه هاه، لَا أَدْرِي. فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن كذب - ثمَّ اتفقَا - فأفرشوه من النَّار، وألبسوه من النَّار، وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار. قَالَ: فيأتيه من حرهَا، وسمومها. قَالَ: ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه - زَاد فِي حَدِيث جرير - قَالَ: ثمَّ يقيض [لَهُ] أعمى أبكم مَعَه مرزبة من حَدِيد لَو ضرب بهَا جبل لصار تُرَابا. قَالَ: فيضربه ضَرْبَة يسْمعهَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب إِلَّا الثقلَيْن، فَيصير تُرَابا، ثمَّ تُعَاد فِيهِ الرّوح ".
الْمنْهَال بن عَمْرو وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: ترك شُعْبَة الْمنْهَال على عمد. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: إِنَّمَا تَركه لِأَنَّهُ سمع / من دَاره صَوت قِرَاءَة بالتطريب.
الْبَزَّار: حَدثنَا الْحُسَيْن بن أبي كَبْشَة، وَمُحَمّد بن معمر قَالَا: ثَنَا أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو، ثَنَا عباد بن رَاشد، عَن دَاوُد - يَعْنِي ابْن أبي هِنْد - عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَنَازَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَيهَا النَّاس، إِن هَذِه الْأمة تسْأَل فِي قبورها، فَإِذا الْإِنْسَان دفن، وتفرق أَصْحَابه جَاءَهُ ملك فِي يَده مطراق، فأقعده، فَقَالَ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ يَعْنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. فَيَقُول: صدقت. ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، فَيَقُول: هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك، فَأَما إِذْ آمَنت بِهِ فَهَذَا مَنْزِلك، فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة، فيريد أَن ينْهض إِلَيْهِ فَيَقُول: اسكن. ويفسح لَهُ فِي قَبره، وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو

(2/568)


منافقا يَقُول لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا. فَيَقُول لَهُ الْملك: لَا دَريت، وَلَا تليت، وَلَا اهتديت، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: هَذَا مَنْزِلك، لَو كنت آمَنت بِرَبِّك، فَأَما إِذْ كفرت، فَإِن الله قد أبدلك بِهِ هَذَا، وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار، ثمَّ يقمعه قمعه بالمطراق يسْمعهَا خلق الله كلهم إِلَّا الثقلَيْن. فَقَالَ بعض الْقَوْم: يَا رَسُول الله، مَا من أحد يقوم عَلَيْهِ ملك فِي يَده مطرقه إِلَّا يهيل عِنْد ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} ".
قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يروي عَن أبي سعيد إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد من هَذَا الْوَجْه، وَلَا رَوَاهُ عَن دَاوُد إِلَّا عباد بن رَاشد. قَالَ أَبُو بكر: هَذَا من أغرب مَا كَانَ يسْأَل عَنهُ الْحُسَيْن، وَابْن معمر.
وَقَالَ أَبُو بكر فِي مَوضِع آخر: عباد بن رَاشد ثِقَة بَصرِي.
وَهَكَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: عباد بن رَاشد ثِقَة شيخ صَدُوق. وَقَالَ يحيى ابْن معِين: عباد بن رَاشد صَالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عباد بن رَاشد صَالح الحَدِيث، وَأنكر على البُخَارِيّ إِدْخَاله فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَقَالَ: يحول من هُنَالك.
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، [عَن] سعيد بن أبي أَيُّوب، سَمِعت دَرَّاجًا يَقُول: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " يُسَلط على الْكَافِر فِي قَبره تِسْعَة وَتسْعُونَ تنينا تنهشه وتلدغه حَتَّى تقوم السَّاعَة، وَلَو أَن تنينا مِنْهَا نفخ فِي الأَرْض مَا أنبتت خضرًا ".
دراج هُوَ أَبُو السَّمْح بن سمْعَان، وَثَّقَهُ / ابْن معِين، وَضَعفه أَحْمد بن حَنْبَل وَالنَّسَائِيّ.

(2/569)


الْبَزَّار: حَدثنَا رزق الله بن مُوسَى أَبُو الْفضل، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن سعيد بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحضر الْمَلَائِكَة - يَعْنِي الْمَيِّت - فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، اخْرُجِي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان، وَرب غير غَضْبَان. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج، ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فلَان. فَيَقُولُونَ: مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، أدخلي حميدة. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى ينتهى بِهِ إِلَى الله - تبَارك وَتَعَالَى - وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، اخْرُجِي ذميمة، وَأَبْشِرِي بحميم وغساق، وَآخر من مشكله أَزوَاج. قَالَ: فَتخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا، فَيُقَال: / من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيَقُولُونَ لَهَا: مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، ارجعي ذميمة، فَإِنَّهُ لَا تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء. ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر، فيجلس الرجل الصَّالح فِي قَبره غير فزع وَلَا مشعوف - أَو مشغوف - فَيُقَال لَهُ: فِيمَا كنت؟ قَالَ: فَيَقُول: فِي الْإِسْلَام. فَيُقَال لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد رَبنَا، فَآمَنا بِهِ وصدقناه. فَيُقَال لَهُ: هَل رَأَيْت الله؟ فَيَقُول: مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال: انْظُر إِلَى مَا وقاك الله. قَالَ: ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها، وَمَا فِيهَا. فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَا أعد الله لَك. وَيُقَال لَهُ: على الْيَقِين كنت، وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. وَيجْلس الرجل السوء فَزعًا مشعوفا - أَو مشغوفا - فَيُقَال لَهُ: فِيمَا كنت؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُول: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي، سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها، وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك، ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك - أَو مثواك، على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت، ثمَّ يعذب ".
وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد.

(2/570)


بَاب ضمة الْقَبْر
النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَنا عَمْرو بن مُحَمَّد (ثِقَة) حَدثنَا ابْن إِدْرِيس، عَن عبيد الله، عَن نَافِع /، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هَذَا الَّذِي تحرّك لَهُ الْعَرْش، وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء، وشهده سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة، لقد ضم ضمة ثمَّ فرج عَنهُ ".

بَاب مَا جَاءَ فِي أَوْلَاد الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أَنا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَرَارِي الْمُشْركين، فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
قَالَ البُخَارِيّ: وثنا آدم، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَو ينصرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ، كَمثل الْبَهِيمَة تنْتج الْبَهِيمَة، هَل ترى فِيهَا جَدْعَاء ".
وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا مُؤَمل بن هِشَام أَبُو هِشَام، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا عَوْف، ثَنَا أَبُو رَجَاء، ثَنَا سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه: هَل رأى أحد مِنْكُم من رُؤْيا؟ قَالَ: فيقص عَلَيْهِ (من) شَاءَ الله أَن يقص، وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة: إِنِّي أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قَالَا لي: انْطلق، وَإِنِّي انْطَلَقت مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع، وَإِذا

(2/571)


آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة، وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسة فيثلغ رَأسه، فيتدهده الْحجر هَا هُنَا فَيتبع الْحجر فَيَأْخذهُ، فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى تصح رَأسه كَمَا كَانَ، ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل الْمرة الأولى. قَالَ: قلت لَهما: سُبْحَانَ الله! مَا هَذَانِ؟ قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه، فيشر شَرّ شدقه إِلَى قَفاهُ، ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ - قَالَ: وَرُبمَا قَالَ أَبُو رَجَاء: فَيشق - قَالَ: ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر، فيفعل بِهِ مثل مَا يفعل بالجانب الأول، فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ، ثمَّ يعود عَلَيْهِ، فيفعل مثل مَا فعل الْمرة الأولى. قَالَ: قلت: سُبْحَانَ الله! مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. فَانْطَلقَا، فأتينا على مثل التَّنور - فأحسب أَنه كَانَ يَقُول: فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات - قَالَ: فاطلعنا فِيهِ، فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة، فَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم، فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضوا، قلت لَهما: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر - حسبت أَنه كَانَ يَقُول: أَحْمَر مثل الدَّم - وَإِذا فِي النَّهر رجل سابح يسبح، وَإِذا على شط النَّهر رجل قد جمع عِنْده حِجَارَة كَثِيرَة، وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا يسبح، ثمَّ يَأْتِي ذَلِك الَّذِي قد جمع / عِنْده الْحِجَارَة، فيفغر فَاه فيلقمه حجرا، فَينْطَلق فيسبح، ثمَّ يرجع إِلَيْهِ، كلما رَجَعَ إِلَيْهِ فغرله فَاه، فألقمه حجرا، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فأتينا على رجل كريه الْمرْآة، كأكره مَا أَنْت رائي رجلا مرْآة، وَإِذا هُوَ عِنْده نَار لَهُ يحشها، وَيسْعَى حولهَا، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَا؟ قَالَ /: قَالَا لي: انْطلق. انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل لون الرّبيع، وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل، لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء، وَإِذا حول الرجل من أَكثر ولدان رَأَيْتهمْ قطّ، قَالَ: قلت لَهما: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَا لي: انْطلق، انْطلق. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَة عَظِيمَة لم أر رَوْضَة قطّ أعظم مِنْهَا، وَلَا أحسن، قَالَ: قَالَا لي: ارق فِيهَا. قَالَ: فارتقينا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَفِضة، فأتينا بَاب الْمَدِينَة، فَاسْتَفْتَحَ فَفتح لنا

(2/572)


فَدَخَلْنَا، فتلقانا فِيهَا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رائي، وَشطر مِنْهُم كأقبح مَا أَنْت رائي. قَالَ: قَالَ لَهُم: اذْهَبُوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر، وَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ الْمَحْض فِي الْبيَاض، فَذَهَبُوا، فوقعوا فِي ذَلِك، ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا فَذهب ذَلِك الشق عَنْهُم، فصاروا فِي أحسن صُورَة، قَالَ: قَالَا لي: هَذِه جنَّة عدن، وهذاك مَنْزِلك. قَالَ: فسما بَصرِي صعدا، فَإِذا قصر مثل [الرباية] الْبَيْضَاء، قَالَ: قَالَا لي: هذاك مَنْزِلك. قَالَ: قلت: بَارك الله فيكما، ذراني فَأدْخلهُ، قَالَا: أما الْآن فَلَا، وَأَنت دَاخله. قلت لَهما: فَإِنِّي قد رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت؟ قَالَ: قَالَا لي: أما إِنَّا سنخبرك، أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ، فَإِنَّهُ الرجل يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه، وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ، ومنخره إِلَى قَفاهُ، وعينه إِلَى قَفاهُ، فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق، وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين فِي مثل بِنَاء التَّنور، فَإِنَّهُم الزناة والزواني، وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر فيلقم الْحِجَارَة، فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا، وَأما الكريه الْمرْآة الَّذِي عِنْد النَّار يحشها وَيسْعَى حولهَا، فَإِنَّهُ مَالك خَازِن جَهَنَّم، وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأما الْولدَان الَّذين حوله، فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة. قَالَ: فَقَالَ بعض الْمُسلمين: يَا رَسُول الله، وَأَوْلَاد الْمُشْركين؟ فَقَالَ رَسُول الله: وَأَوْلَاد الْمُشْركين / وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن، وَشطر قَبِيح، فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز الله عَنْهُم ".
روى هَذَا الحَدِيث عبد بن حميد فِي " تَفْسِيره ": عَن يزِيد بن هَارُون، عَن جرير، عَن أبي رَجَاء، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيهِ: " أما الرجل الأول الَّذِي رَأَيْت، فَإِنَّهُ رجل كَذَّاب يكذب الكذبة فَتحمل عَنهُ فِي الْآفَاق، فَهُوَ يصنع بِهِ مَا رَأَيْت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ يصنع الله بِهِ مَا شَاءَ ".
وللبخاري أَيْضا زيادات لَيست عِنْد عبد بن حميد.

(2/573)


وَذكر أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده: ثَنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عِيسَى بن شُعَيْب، ثَنَا عباد بن مَنْصُور، عَن أبي رَجَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن أَطْفَال الْمُشْركين، فَقَالَ: هم خدم أهل الْجنَّة ".
تفرد بِهِ عباد بن مَنْصُور، وَهُوَ يضعف، إِلَّا أَن يحيى بن سعيد قَالَ: عباد ابْن مَنْصُور ثِقَة، لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يتْرك حَدِيثه لرَأى أَخطَأ فِيهِ.
تمّ كتاب الْجَنَائِز وَمَا يتَعَلَّق بِهِ.

(2/574)