أصول السرخسي

فصل السَّبَب
قَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم بِأَن سَبَب الْإِجْمَاع قد يكون توقيفا أَن فِي الْيَدَيْنِ الدِّيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصف الدِّيَة وَالْإِجْمَاع على أَنه لَا يجوز بيع الطَّعَام المُشْتَرِي قبل الْقَبْض وَمَا أشبه ذَلِك فَإِن سَببه السّنة المروية فِي الْبَاب
وَمن ذَلِك مَا يكون مستنبطا بِالِاجْتِهَادِ على مَا هُوَ الْمَنْصُوص عَلَيْهِ من الْكتاب أَو السّنة وَذَلِكَ نَحْو إِجْمَاعهم على توظيف الْخراج على أهل السوَاد فَإِن عمر رَضِي الله عَنهُ حِين أَرَادَ ذَلِك خَالفه بِلَال مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه حَتَّى تَلا عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} قَالَ أرى لمن بعدكم فِي هَذَا الْفَيْء نَصِيبا فَلَو قسمتهَا بَيْنكُم لم يبْق لمن بعدكم فِيهَا نصيب
فَأَجْمعُوا على قَوْله وَسبب إِجْمَاعهم هَذَا الاستنباط
وَلما اخْتلفُوا فِي الْخَلِيفَة بعد رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ عمر إِن رَسُول الله اخْتَار أَبَا بكر لأمر دينكُمْ فَيكون أرضني بِهِ لأمر دنياكم
فَأَجْمعُوا على خِلَافَته وَسبب إِجْمَاعهم هَذَا الاستنباط
وَمِنْهَا مَا يكون عَن رَأْي نَحْو إِجْمَاعهم على أجل الْعنين وإجماعهم على الْحَد على شَارِب الْخمر على مَا رُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ لما شاورهم فِي ذَلِك قَالَ عَليّ إِنَّه إِذا شرب هذي وَإِذا هذي افترى وحد المفترين فِي كتاب الله ثَمَانُون جلدَة
وَهَكَذَا قَالَه ابْن عَوْف
وَكَانَ عَليّ يَقُول مَا من أحد أقيم عَلَيْهِ حدا فَيَمُوت فأجد من ذَلِك فِي نَفسِي شَيْئا إِلَّا حد الْخمر فَإِنَّهُ ثَبت بآرائنا
فَإِن قيل كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا وَإِثْبَات الْحَد بِالرَّأْيِ لَا يكون قُلْنَا لَا نقُول إِثْبَات أصل الْحَد كَانَ بِالرَّأْيِ بل بِالسنةِ وَهُوَ مَا ثَبت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنعال فِي شرب الْخمر إِلَّا أَنهم بالتفحص عرفُوا مِقْدَار مَا ضرب فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَن الَّذين كَانُوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ نَفرا وَضرب كل وَاحِد بنعليه فنقلوا بِالرَّأْيِ من النِّعَال إِلَى الجلدات اسْتِدْلَالا بِحَدّ الْقَذْف وأثبتوا الْمِقْدَار بِالنَّصِّ فَأَجْمعُوا أَن حد الْخمر ثَمَانُون جلدَة

(1/301)


وَكَانَ ابْن جرير رَحمَه الله يَقُول الْإِجْمَاع الْمُوجب للْعلم قطعا لَا يصدر عَن خبر الْوَاحِد وَلَا عَن قِيَاس لِأَن خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس لَا يُوجب الْعلم قطعا فَمَا يصدر عَنهُ كَيفَ يكون مُوجبا لذَلِك وَلِأَن النَّاس يَخْتَلِفُونَ فِي الْقيَاس هَل هُوَ حجَّة أم لَا فَكيف يصدر الْإِجْمَاع عَن نفس الْخلاف وَهَذَا غلط بَين فقد بَينا أَن إِجْمَاع هَذِه الْأمة حجَّة شرعا بِاعْتِبَار عينه لَا بِاعْتِبَار دَلِيله فَمن يَقُول بِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا صادرا عَن دَلِيل مُوجب للْعلم فَإِنَّهُ يَجْعَل الْإِجْمَاع لَغوا وَإِنَّمَا يثبت الْعلم بذلك الدَّلِيل فَهُوَ وَمن يُنكر كَون الْإِجْمَاع حجَّة أصلا سَوَاء وَخبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس وَإِن لم يكن مُوجبا للْعلم بِنَفسِهِ فَإِذا تأيد بِالْإِجْمَاع فَذَلِك يضاهي مَا لَو تأيد بِآيَة من كتاب الله أَو بِالْعرضِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والتقرير مِنْهُ على ذَلِك فَيصير مُوجبا للْعلم من هَذَا الطَّرِيق قطعا وَقد كَانَ فِي الصَّدْر الأول اتِّفَاق على اسْتِعْمَال الْقيَاس وَكَونه حجَّة على مَا نبينه وَإِنَّمَا أظهر الْخلاف بعض أهل الْكَلَام مِمَّن لَا نظر لَهُ فِي الْفِقْه وَبَعض الْمُتَأَخِّرين مِمَّن لَا علم لَهُ بِحَقِيقَة الْأَحْكَام وَأُولَئِكَ لَا يعْتد بخلافهم وَلَا يؤنس بوفاقهم
ثمَّ الْإِجْمَاع الثَّابِت بِهَذِهِ الْأَسْبَاب يثبت انْتِقَاله إِلَيْنَا بِالطَّرِيقِ الَّذِي يثبت بِهِ انْتِقَال السّنة المروية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ (تَارَة) يكون بالتواتر وَتارَة بالاشتهار وَتارَة بالآحاد وَذَلِكَ نَحْو مَا يرْوى عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ مَا اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على شَيْء كاجتماعهم على الْمُحَافظَة على الْأَرْبَع قبل الظّهْر وعَلى الْإِسْفَار بِالْفَجْرِ وعَلى تَحْرِيم نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت
وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي تَكْبِيرَات الْجِنَازَة كل ذَلِك قد كَانَ وَقد رَأَيْت أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبرُونَ عَلَيْهَا أَرْبعا
وَمن النَّاس من أنكر ثُبُوت الْإِجْمَاع بِخَبَر الْوَاحِد لِأَن الْإِجْمَاع يُوجب الْعلم قطعا وَخبر الْوَاحِد لَا يُوجب ذَلِك وَهَذَا خطأ بَين فَإِن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوجب للْعلم أَيْضا ثمَّ يجوز أَن يثبت ذَلِك بِالنَّقْلِ

(1/302)


بطرِيق الْآحَاد على أَن يكون مُوجبا للْعَمَل دون الْعلم فَكَذَلِك الْإِجْمَاع يجوز أَن يثبت بِالنَّقْلِ بطرِيق الْآحَاد على أَن يكون مُوجبا الْعَمَل
وسنقرر هَذَا فِي بَيَان الحكم إِن شَاءَ الله تَعَالَى

فصل الرُّكْن

ركن الْإِجْمَاع نَوْعَانِ الْعَزِيمَة والرخصة فالعزيمة هُوَ اتِّفَاق الْكل على الحكم بقول سمع مِنْهُم أَو مُبَاشرَة الْفِعْل فِيمَا يكون من بَابه على وَجه يكون ذَلِك مَوْجُودا من الْعَام وَالْخَاص فِيمَا يَسْتَوِي الْكل فِي الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته لعُمُوم الْبلوى فِيهِ كتحريم الزِّنَا والربا وَتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَأَشْبَاه ذَلِك ويشترك فِيهِ جَمِيع عُلَمَاء الْعَصْر وَفِيمَا لَا يحْتَاج الْعَام إِلَى مَعْرفَته لعدم الْبلوى الْعَام بهم فِيهِ كَحُرْمَةِ الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وخالتها وفرائض الصَّدقَات وَمَا يجب فِي الزروع وَالثِّمَار وَمَا أشبه ذَلِك وَهَذَا لِأَن ركن الشَّيْء مَا يقوم بِهِ أَصله فَإِنَّمَا يقوم أصل الْإِجْمَاع فِي النَّوْعَيْنِ بِهَذَا
وَأما الرُّخْصَة وَهُوَ أَن ينتشر القَوْل من بعض عُلَمَاء أهل الْعَصْر ويسكت الْبَاقُونَ عَن إِظْهَار الْخلاف وَعَن الرَّد على الْقَائِلين بعد عرض الْفَتْوَى عَلَيْهِم أَو صَيْرُورَته مَعْلُوما لَهُم بالانتشار والظهور فالإجماع يثبت بِهِ عندنَا
وَمن الْعلمَاء من يَقُول بِهَذَا الطَّرِيق لَا يثبت الْإِجْمَاع
ويحكى عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله أَنه كَانَ يَقُول إِن ظهر القَوْل من أَكثر الْعلمَاء والساكتون نفر يسير مِنْهُم يثبت بِهِ الْإِجْمَاع وَإِن انْتَشَر القَوْل من وَاحِد أَو اثْنَيْنِ والساكتون أَكثر عُلَمَاء الْعَصْر لَا يثبت بِهِ الْإِجْمَاع
وَجه قَوْلهم إِن السُّكُوت مُحْتَمل قد يكون للموافقة وَقد يكون للمهابة والتقية مَعَ إِضْمَار الْخلاف والمحتمل لَا يكون حجَّة خُصُوصا فِيمَا يُوجب الْعلم قطعا أَلا ترى أَن فِيمَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ السُّكُوت لَا يكون دَلِيلا على شَيْء لكَونه مُحْتملا
ويستدلون على صِحَة هَذِه الْقَاعِدَة بِمَا رُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ لما شاور الصَّحَابَة فِي مَال فضل

(1/303)


عِنْده للْمُسلمين فأشاروا عَلَيْهِ بِتَأْخِير الْقِسْمَة والإمساك إِلَى وَقت الْحَاجة وَعلي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَوْم سَاكِت فَقَالَ لَهُ مَا تَقول يَا أَبَا الْحسن فَقَالَ لم تجْعَل يقينك شكا وعلمك جهلا أرى أَن تقسم ذَلِك بَين الْمُسلمين وروى فِيهِ حَدِيثا فَهُوَ لم يَجْعَل سُكُوته دَلِيل الْمُوَافقَة لَهُم حَتَّى سَأَلَهُ واستخار عَليّ رَضِي الله عَنهُ السُّكُوت مَعَ كَون الْحق عِنْده فِي خلافهم
وَلما شاور عمر الصَّحَابَة فِي إملاص المغيبة الَّتِي بعث بهَا فَفَزِعت فَقَالُوا إِنَّمَا أَنْت مؤدب وَمَا أردْت إِلَّا الْخَيْر فَلَا شَيْء عَلَيْك وَعلي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَوْم سَاكِت فَقَالَ مَا تَقول يَا أَبَا الْحسن فَقَالَ إِن كَانَ هَذَا جهد رَأْيهمْ فقد أخطؤوا وَإِن قاربوك فقد غشوك أرى عَلَيْك الْغرَّة
فَقَالَ أَنْت صدقتني
فقد استخار السُّكُوت مَعَ إِضْمَار الْخلاف وَلم يَجْعَل عمر سُكُوته دَلِيل الْمُوَافقَة حَتَّى استنطقه
وَلما بَين ابْن عَبَّاس حجَّته فِي مَسْأَلَة الْعَوْل للصحابة قَالُوا لَهُ هلا قلت هَذَا لعمر فَقَالَ كَانَ رجلا مهيبا فهبته وَفِي رِوَايَة مَنَعَنِي درته من ذَلِك
وَكَانَ عِيسَى بن أبان يَقُول ترك النكير لَا يكون دَلِيل الْمُوَافقَة بِدَلِيل حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ حِين قَالَ أقصرت الصَّلَاة أم نسيتهَا يَا رَسُول الله فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أبي بكر وَعمر وَقَالَ أَحَق مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ وَلَو كَانَ

(1/304)


ترك النكير دَلِيل الْمُوَافقَة لاكتفى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم وَلما استنطقهم فِي الصَّلَاة من غير حَاجَة
وَكَانَ الْكَرْخِي رَحمَه الله يَقُول السُّكُوت على النكير فِيمَا يكون مُجْتَهدا فِيهِ لَا يكون دَلِيل الْمُوَافقَة لِأَنَّهُ لَيْسَ لأحد الْمُجْتَهدين أَن يُنكر على صَاحبه بِاجْتِهَادِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يبين لَهُ مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فالسكوت فِي مثله لَا يكون دَلِيل الْمُوَافقَة
وَجه قَوْلنَا إِنَّه لَو شَرط لانعقاد الْإِجْمَاع التَّنْصِيص من كل وَاحِد مِنْهُم على قَوْله وَإِظْهَار الْمُوَافقَة مَعَ الآخرين قولا أدّى إِلَى أَن لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع أبدا لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر اجْتِمَاع أهل الْعَصْر كلهم على قَول يسمع ذَلِك مِنْهُم إِلَّا نَادرا وَفِي الْعَادة إِنَّمَا يكون ذَلِك بانتشار الْفَتْوَى من الْبَعْض وسكوت البَاقِينَ وَفِي اتفاقنا على كَون الْإِجْمَاع حجَّة وطريقا لمعْرِفَة الحكم دَلِيل على بطلَان قَول هَذَا الْقَائِل وَهَذَا لِأَن المتعذر كالممتنع ثمَّ تَعْلِيق الشَّيْء بِشَرْط هُوَ مُمْتَنع يكون نفيا لَا صلَة فَكَذَا تَعْلِيقه بِشَرْط هُوَ مُتَعَذر وَهَذَا لِأَن الله تَعَالَى رفع عَنَّا الْحَرج كَمَا لم يكلفنا مَا لَيْسَ فِي وسعنا وَلَيْسَ فِي وسع عُلَمَاء الْعَصْر السماع من الَّذين كَانُوا قبلهم يقرونَ فَكَانَ ذَلِك سَاقِطا عَنْهُم فَكَذَلِك يتَعَذَّر السماع من جَمِيع عُلَمَاء الْعَصْر وَالْوُقُوف على قَول كل وَاحِد مِنْهُم فِي حكم حَادِثَة حَقِيقَة لما فِيهِ من الْحَرج الْبَين فَيَنْبَغِي أَن يَجْعَل اشتهار الْفَتْوَى من الْبَعْض وَالسُّكُوت من البَاقِينَ كَافِيا فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع لِأَن السامعين من الْعلمَاء الْمُجْتَهدين لَا يحل لَهُم السُّكُوت عَن إِظْهَار الْخلاف إِذا كَانَ الحكم عِنْدهم خلاف مَا ظهر وسكوتهم مَحْمُول على الْوَجْه الَّذِي يحل فَبِهَذَا الطَّرِيق يَنْقَطِع معنى التَّسَاوِي فِي الِاحْتِمَال ويترجح جَانب إِظْهَار الْمُوَافقَة وَمثل هَذَا السُّكُوت لَا يرجح أحد الْجَانِبَيْنِ فِيمَا يكون مُخْتَلفا فِيهِ فَيبقى مُحْتملا على ظَاهره وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله إِنَّمَا يثبت الْإِجْمَاع إِذا اشْتهر القَوْل من أَكْثَرهم لِأَن هَذَا الْقدر مِمَّا يَتَأَتَّى وَإِقَامَة السُّكُوت مقَام إِظْهَار الْمُوَافقَة لدفع الْحَرج فيتقدر بِقَدرِهِ وَلَا حرج فِي اعْتِبَار ظُهُور القَوْل من الْأَكْثَر وَلِأَن الْأَقَل يَجْعَل تبعا للْأَكْثَر فَإِذا كَانَ الْأَكْثَر سكُوتًا يَجْعَل ذَلِك كسكوت الْكل وَإِذا ظهر القَوْل من الْأَكْثَر يَجْعَل كظهوره من الْكل
وَلَكنَّا نقُول الْمَعْنى الَّذِي لأَجله

(1/305)


جعل سكُوت الْأَقَل بِمَنْزِلَة إِظْهَار الْمُوَافقَة أَنه لَا يحل لَهُم ترك إِظْهَار الْخلاف إِذا كَانَ الحكم عِنْدهم خلاف ذَلِك وَهَذَا الْمَعْنى فِيمَا يشْتَهر من وَاحِد أَو اثْنَيْنِ أظهر لِأَن تمكن الْأَكْثَر من إِظْهَار الْخلاف يكون أبين فَلِأَن يَجْعَل سكوتهم عَن إِظْهَار الْخلاف بعد مَا اشْتهر القَوْل دَلِيل الْمُوَافقَة كَانَ أولى
وَأما حَدِيث الْقِسْمَة فَإِنَّمَا سكت عَليّ رَضِي الله عَنهُ لِأَن مَا أشاروا بِهِ على عمر كَانَ حسنا فَإِن للْإِمَام أَن يُؤَخر الْقِسْمَة فِيمَا يفضل عِنْده من المَال ليَكُون معدا لنائبة تنوب الْمُسلمين وَلَكِن كَانَ الْقِسْمَة أحسن عِنْد عَليّ لِأَنَّهُ أقرب إِلَى أَدَاء الْأَمَانَة وَالْخُرُوج عَمَّا يحمل من الْعهْدَة وَفِي مثل هَذَا الْموضع لَا يجب إِظْهَار الْخلاف وَلَكِن إِذا سُئِلَ يجب بَيَان الْأَحْسَن فَلهَذَا سكت عَليّ فِي الِابْتِدَاء وَحين سَأَلَهُ بَين الْوَجْه الْأَحْسَن عِنْده
وَكَذَا حَدِيث الإملاص فَإِن مَا أشاروا بِهِ من الحكم كَانَ صَوَابا لِأَنَّهُ لم يُوجد من عمر رَضِي الله عَنهُ مُبَاشرَة صنع بهَا وَلَا تسبب هُوَ جِنَايَة وَلَكِن إِلْزَام الْغرَّة مَعَ هَذَا يكون أبعد من القيل والقال وَيكون أقرب إِلَى بسط الْعدْل وَحسن الرِّعَايَة فَلهَذَا سكت فِي الِابْتِدَاء وَلما استنطقه بَين أولى الْوَجْهَيْنِ عِنْده يُوضحهُ أَن مُجَرّد السُّكُوت عَن إِظْهَار الْخلاف لَا يكون دَلِيل الْمُوَافقَة عندنَا مَا بَقِي مجْلِس الْمُشَاورَة وَلم يفصل الحكم بعد فَإِنَّمَا يكون هَذَا حجَّة أَن لَو فصل عمر الحكم بقَوْلهمْ أَو ظهر مِنْهُ توقف فِي الْجَواب وَيكون عَليّ رَضِي الله عَنهُ ساكتا بعد ذَلِك وَلم ينْقل هَذَا فَإِنَّمَا يحمل سُكُوته فِي الِابْتِدَاء على أَنه لتجربة أفهامهم أَو لتعظيم الْفَتْوَى الَّذِي يُرِيد إِظْهَاره بِاجْتِهَادِهِ حَتَّى لَا يزدري بِهِ أحد من السامعين أَو ليروي النّظر فِي الْحَادِثَة ويميزه من الْأَشْبَاه حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ مَا هُوَ الصَّوَاب فيظهره وَالظَّاهِر أَنه لَو لم يستنطقه عمر رَضِي الله عَنهُ لَكَانَ هُوَ بَين مَا يسْتَقرّ عَلَيْهِ رَأْيه من الْجَواب قبل إبرام الحكم وانقضاء مجْلِس الْمُشَاورَة
فَأَما حَدِيث ابْن عَبَّاس فقد قيل إِنَّه لَا يكَاد يَصح لِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقدم ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَ يَدعُوهُ فِي مجْلِس الشورى مَعَ الْكِبَار من

(1/306)


الصَّحَابَة لما عرف من فطنته وَحسن ذهنه وبصيرته وَقد أَشَارَ عَلَيْهِ بأَشْيَاء فَقبل ذَلِك وَاسْتَحْسنهُ وَكَانَ يَقُول لَهُ غص يَا غواص شنشنة أعرفهَا من أخزم يَعْنِي أَنه شبه الْعَبَّاس فِي رَأْيه ودهائه فَكيف يَسْتَقِيم مَعَ هَذَا أَن يُقَال إِنَّه امْتنع من بَيَان قَوْله وحجته لعمر مهابة لَهُ وَإِن صَحَّ فَهَذِهِ المهابة إِنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَار مَا عرف من فضل رَأْي عمر وفقهه فَمَنعه ذَلِك من الِاسْتِقْصَاء فِي المحاجة مَعَه كَمَا يكون من حَال الشبَّان مَعَ ذَوي الْأَسْنَان من الْمُجْتَهدين فِي كل عصر فَإِنَّهُم يهابون الْكِبَار فَلَا يستقصون فِي المحاجة مَعَهم حسب مَا يَفْعَلُونَ مَعَ الأقران وَمَتى كَانَ (النَّاس) فِي تقية من عمر فِي إِظْهَار الْحق مَعَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَيْنَمَا دَار الْحق فعمر مَعَه وَكَانَ أَلين وأسرع قبولا للحق من غَيره حَتَّى كَانَ يشاورهم وَيَقُول لَهُم لَا خير فِيكُم إِذا لم تَقولُوا لنا وَلَا خير فِينَا إِذا لم نسْمع مِنْكُم رحم الله امْرأ أهْدى إِلَى أَخِيه عيوبه
فَمَعَ طلب الْبَيَان مِنْهُ بِهَذِهِ الصّفة لَا يتَوَهَّم أَن يهابه أحد فَلَا يظْهر عِنْده حكم الشَّرْع مهابة لَهُ
وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ رَضِي الله عَنهُ قُلْنَا مُجَرّد السُّكُوت عَن النكير لَا يكون دَلِيل الْمُوَافقَة عندنَا وَلَكِن مَعَ ترك إِظْهَار مَا هُوَ الْحق عِنْده بعد مُضِيّ مُدَّة المهلة وَلم تُوجد هَذِه الصّفة فِي حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ كَمَا أظهر مقَالَته سَأَلَ رَسُول الله أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَ الْكَلَام فِي الصَّلَاة يَوْمئِذٍ مُبَاحا فَمَا كَانَ هُنَاكَ مَا يمنعهُم من الْكَلَام وَأحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتعرف مَا عِنْدهم من خلاف لَهُ أَو وفَاق وَذَلِكَ مُسْتَقِيم قبل أَن يحصل الْمَقْصُود بِالسُّكُوتِ وَإِن كَانَ يحصل ذَلِك بسكوتهم عَن إِظْهَار الْخلاف أَن لَو قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإتمام الصَّلَاة وَلم يستنطقهم

(1/307)


وَكَذَلِكَ مَا قَالَه الْكَرْخِي رَحمَه الله فَهُوَ خَارج على هَذَا الْحَرْف لأَنا لَا نجْعَل مُجَرّد السُّكُوت عَن النكير دَلِيل الْمُوَافقَة بل ترك إِظْهَار مَا عِنْده مِمَّا هُوَ مُخَالف لما انْتَشَر وَهَذَا وَاجِب على كل مُجْتَهد من عُلَمَاء الْعَصْر لَا يُبَاح لَهُ السُّكُوت عَنهُ بعد مَا انْتَشَر قَول بِخِلَاف قَوْله وبلغه ذَلِك فَإِنَّمَا يحمل السُّكُوت على الْوَجْه الَّذِي يحل لَهُ شرعا وَلِهَذَا اعْتبرنَا فِي ثُبُوت الْإِجْمَاع بِهَذَا الطَّرِيق أَن يسكت بعد عرض الْفَتْوَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَا لم يبلغهُ قَول هُوَ مُخَالف لما عِنْده وَمَا لم يسْأَل عَنهُ لَا يلْزمه الْبَيَان وَإِنَّمَا يكون ذَلِك بعد عرض الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَبعد مُضِيّ مُدَّة المهلة أَيْضا لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى التروي وَإِلَى رد الْحَادِثَة إِلَى الْأَشْبَاه ليميز الْأَشْبَه بالحادثة من بَين الْأَشْبَاه بِرَأْيهِ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك إِلَّا بِمدَّة فَإِذا مَضَت الْمدَّة وَلم يظْهر خلاف مَا بلغه كَانَ ذَلِك دَلِيلا على الْوِفَاق بِاعْتِبَار الْعَادة
فَإِن قيل كَانَ يَنْبَغِي أَن لَا تَنْتَهِي هَذِه الْمدَّة إِلَّا بِمَوْتِهِ لِأَن الْإِنْسَان قد يكون متفكرا فِي شَيْء مُدَّة عمره فَلَا يسْتَقرّ فِيهِ رَأْيه على شَيْء وَقد يرى رَأيا فِي شَيْء ثمَّ يظْهر لَهُ رَأْي آخر فَيرجع عَن الأول فعلى هَذَا مُدَّة التروي لَا تَنْتَهِي إِلَّا بِمَوْتِهِ
قُلْنَا لَا كَذَلِك بل إِذا مضى من الْمدَّة مَا يتَمَكَّن فِيهِ من النّظر وَالِاجْتِهَاد فَعَلَيهِ إِظْهَار مَا تبين لَهُ بِاجْتِهَادِهِ من توقف فِي الْجَواب أَو خلاف أَو وفَاق لَا يحل لَهُ السُّكُوت عَن الْإِظْهَار إِلَّا عِنْد الْمُوَافقَة وَبَعْدَمَا ثَبت الْإِجْمَاع بِهَذَا الطَّرِيق فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع عَنهُ بِرَأْي يعرض لَهُ لِأَن الْإِجْمَاع مُوجب للْعلم قطعا بِمَنْزِلَة النَّص فَكَمَا لَا يجوز ترك الْعَمَل بِالنَّصِّ بِاعْتِبَار رَأْي يعْتَرض لَهُ لَا يجوز مُخَالفَة الْإِجْمَاع بِرَأْي يعْتَرض لَهُ بَعْدَمَا انْعَقَد الْإِجْمَاع بدليله
وَكَذَلِكَ إِن لم يعرض عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَكِن اشْتهر الْفَتْوَى فِي النَّاس على وَجه يعلم أَنه بلغ ذَلِك الساكتين من عُلَمَاء الْعَصْر فَإِن ذَلِك يقوم مقَام الْعرض عَلَيْهِم لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِم إِظْهَار الْخلاف الَّذِي عِنْدهم إِن كَانُوا يَعْتَقِدُونَ خلاف ذَلِك على وَجه ينتشر هَذَا الْخلاف مِنْهُم كَمَا انْتَشَر القَوْل الأول ليَكُون الثَّانِي مُعَارضا للْأولِ وَلَو أظهرُوا ذَلِك لانتشر فسكوتهم عَن الْإِظْهَار الثَّابِت بِدَلِيل عدم الانتشار

(1/308)


دَلِيل على الْمُوَافقَة
بِهَذَا الطَّرِيق أثبتنا كَون الْقُرْآن معجزا لِأَن الْعَرَب مَا عارضوا بِمثلِهِ وَلَو فعلوا لانتشر ذَلِك وعجزهم عَن الْمُعَارضَة بعد التحدي دَلِيل على أَنه معجز
فَإِن قيل فقد اشْتهر فَتْوَى النَّاس بِجَوَاز الْمُزَارعَة بعد أبي حنيفَة قولا وفعلا مَعَ سكُوت أَصْحَاب أبي حنيفَة عَن النكير وَلم يكن ذَلِك دَلِيل الْمُوَافقَة
قُلْنَا كَمَا انْتَشَر ذَلِك فقد انْتَشَر أَيْضا الْخلاف من أَصْحَاب أبي حنيفَة لمن أجَاز الْمُزَارعَة مُحَاجَّة ومناظرة وَإِنَّمَا تركُوا التشنيع على من يُبَاشر ذَلِك لِأَنَّهُ ظهر عِنْد النَّاس نوع رُجْحَان لقَوْل من أجازها فَأخذُوا بذلك وَذَلِكَ يمْنَع الْقَائِلين بفسادها من أَن يظهروا منع النَّاس من ذَلِك لعلمهم أَن النَّاس لَا يمتنعون بِاعْتِبَار مَا ظهر لَهُم بِمَنْزِلَة القَاضِي إِذا قضى فِي فصل مُجْتَهد فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يجب على الْمُجْتَهد الَّذِي يعْتَقد خِلَافه أَن يظْهر للنَّاس خطأ القَاضِي لعلمه أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بقوله ولاعتقاده أَن قَضَاء القَاضِي بِمَا قضى بِهِ نَافِذ وَأَن ذَلِك الْجَانِب ترجح بِالْقضَاءِ فَترك النكير على من يُبَاشر الْمُزَارعَة بِهَذِهِ المثابة
يُحَقّق مَا قُلْنَا إِن من عَادَة المتشاورين من الْعَوام فِي شَيْء يهمهم من أَمر الدُّنْيَا وَيتَعَلَّق بِهِ بعض مصالحهم أَن الْبَعْض إِذا أظهر فِيهِ رَأيا وَعند الْبَعْض خلاف ذَلِك فَإِنَّهُم لَا يمتنعون من إِظْهَار مَا عِنْدهم إِلَّا نَادرا وَلَا يبْنى الحكم على النَّادِر فَإِذا كَانَ هَذَا فِي أَمر الدُّنْيَا مَعَ أَن السُّكُوت عَن الْإِظْهَار يحل فِيهِ شرعا فَلِأَن يكون أَمر الدّين وَمَا يرجع إِلَى إِظْهَار حكم الله تَعَالَى بِهَذِهِ الصّفة حَتَّى يكون السُّكُوت فِيهِ دَلِيل الْوِفَاق كَانَ أولى فَكَذَلِك الْعَادة من حَال من يسمع مَا هُوَ مستبعد عَنهُ أَن لَا يمْتَنع من إِظْهَار النكير عِنْده بل يكون ذَلِك جلّ همه أَلا ترى أَنه لَو أخبر مخبر أَن الْخَطِيب يَوْم الْجُمُعَة لما صعد الْمِنْبَر رَمَاه إِنْسَان بِسَهْم فَقتله وَسمع ذَلِك مِنْهُ قوم شهدُوا الْجُمُعَة وَلم يعرفوا من ذَلِك شَيْئا فَإِنَّهُ لَا يكون فِي همتهم شَيْء أسبق من إِظْهَار الْإِنْكَار عَلَيْهِ وَقد بَينا أَن مَا عَلَيْهِ الْعَادة الظَّاهِرَة لَا يجوز تَركه فِي الْأَحْكَام فَتبين بِاعْتِبَار هَذِه الْعَادة أَن السُّكُوت دَلِيل الْمُوَافقَة وَنحن نعلم أَنه قد كَانَ عِنْد الصَّحَابَة أَن إِجْمَاعهم

(1/309)


حجَّة مُوجبَة للْعلم قطعا فَإِذا علم السَّاكِت هَذَا يفترض عَلَيْهِ بَيَان مَا عِنْده ليتَحَقَّق الْخلاف وَيخرج مَا اشْتهر من أَن يكون حكم الْحَادِثَة قطعا وَالسُّكُوت إِن لم يدل على الْمُوَافقَة فَلَا إِشْكَال أَنه لَا يدل على الْخلاف
وَمن هَذَا الْجِنْس مَا إِذا اخْتلفُوا فِي حَادِثَة على أقاويل محصورة فَإِن الْمَذْهَب عندنَا أَن هَذَا يكون دَلِيل الْإِجْمَاع مِنْهُم على أَنه لَا قَول فِي هَذِه الْحَادِثَة سوى هَذِه الْأَقَاوِيل حَتَّى لَيْسَ لأحد أَن يحدث فِيهِ قولا آخر بِرَأْيهِ
وَعند بَعضهم هَذَا من بَاب السُّكُوت الَّذِي هُوَ مُحْتَمل أَيْضا فَكَمَا لَا يدل على نفي الْخلاف لَا يدل على نفي قَول آخر فِي الْحَادِثَة فَإِن ذَلِك نوع تعْيين وَلَا يثبت بالمحتمل
وَلَكنَّا نقُول قد بَينا أَنهم إِذا اخْتلفُوا على أقاويل فَنحْن نعلم أَن الْحق لَا يعدو أقاويلهم وَهَذَا بِمَنْزِلَة التَّنْصِيص مِنْهُم على أَن مَا هُوَ الْحق حَقِيقَة فِي هَذِه الْأَقَاوِيل وماذا بعد الْحق إِلَّا الضلال
وَكَذَلِكَ هَذَا الحكم فِي اخْتِلَاف بَين أهل كل عصر إِلَّا على قَول بعض مَشَايِخنَا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ هَذَا فِي أقاويل الصَّحَابَة خَاصَّة لما لَهُم من الْفضل والسابقة وَلَكِن الْمَعْنى الَّذِي أَشَرنَا إِلَيْهِ يُوجب الْمُسَاوَاة وعَلى هَذَا قَالُوا فِيمَا ظهر من بعض الْخُلَفَاء عَن الصَّحَابَة أَنه قَالَ فِي خطبَته على الْمِنْبَر وَلم يظْهر من أحد مِنْهُم خلاف لذَلِك فَإِن ذَلِك إِجْمَاع مِنْهُم بِهَذَا الطَّرِيق
وَقد قَالَ بعض من لَا يعبأ بقوله الْإِجْمَاع الْمُوجب للْعلم قطعا لَا يكون إِلَّا فِي مثل مَا اتّفق عَلَيْهِ النَّاس من مَوضِع الْكَعْبَة وَمَوْضِع الصَّفَا والمروة وَمَا أشبه ذَلِك وَهَذَا ضَعِيف جدا فَإِنَّهُ يُقَال لهَذَا الْقَائِل بِأَيّ طَرِيق عرفت إِجْمَاع الْمُسلمين على هَذَا بطرِيق سماعك نصا من كل وَاحِد من آحادهم فَإِن قَالَ نعم ظهر للنَّاس كذبه وَإِن قَالَ لَا وَلَكِن بتنصيص الْبَعْض وسكوت البَاقِينَ عَن إِظْهَار الْخلاف فَنَقُول كَمَا ثَبت بِهَذَا الطَّرِيق الْإِجْمَاع مِنْهُم على هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي لَا يشك فِيهَا أحد فَكَذَلِك ثَبت الْإِجْمَاع مِنْهُم بِهَذَا الطَّرِيق فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة