أصول الفقه لابن مفلح الحد
(2): المنع. (3)
شرطه: أن يكون مطرداً -وهو
المانع (4) "إِذا وجد الحد، وجد المحدود"-
__________
=ومن معاني الفلسفة: إِطلاقها على الاستعداد الفكري الذي يجعل
صاحبه قادرًا على النظر إِلى الأشياء نظرة متعالية، والفلسفة
بهذا المعنى مرادفة للحكمة.
وفي عام 1907 م انتشر اصطلاح الفلسفة العامة في فرنسا، وهو
يتضمن دراسة المسائل الفلسفية التي يثيرها علم النفس والمنطق
والأخلاق، دون أن تكون هذه المسائل خاصة بعلم دون آخر، ومن هذه
المسائل: طبيعة المعرفة، والمسائل المتعلقة بالله تعالى،
والروح، والنفوس الفردية، وعلاقة المادة بالحياة والشعور،
ومسألة التقدم، فالفلسفة العامة بهذا المعنى مختلفة عن علم ما
بعد الطبيعة.
وقيل: تتناول الفلسفة الناحية النظرية من البحث في مظاهر
الوجود، أما العلم: فهو الانتفاع بالنتائج الصحيحة التي وصلت
إليها الفلسفة، فحينما كان الأقدمون يتكلمون على تركيب المادة
من الذرات أو من العناصر كانوا يتفلسفون، فلما استطاع
المعاصرون أن يستخدموا الطاقة الذرية في أغراض الحرب والسلم
أصبحوا علماء. انظر: المعجم الفلسفي للدكتور مراد وهبة/ 313،
والمعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا 2/ 160، وتاريخ الفكر
العربي إِلى أيام ابن خلدون لعمر فروخ/ 19، وكشاف اصطلاحات
الفنون 1/ 49.
(1) نهاية 9 من (ح).
(2) في (ح): والحد.
(3) أي: في اللغة. انظر: لسان العرب 4/ 118، وتاج العروس 2/
331 (حدد).
(4) في هامش (ب): اختلفوا في تعريف الحد، فقيل: هو اللفظ
الموضوع لمعنى، وقيل:=
(1/43)
منعكساً، وهو الجامع "إِذا انتفى الحد،
انتفى المحدود"؛ لأنه يجب مساواته
__________
=هو اللفظ المعرف للشيء، وقيل: هو ما جمع جنس الشيء وفصله،
وقيل: هو الجامع المانع، والصحيح: أن هذا شرطه؛ فإن شرط الحد
أن يكون جامعًا مانعًا، وهو أن يجمع أقسام المحدود، ويمنع
شيئًا منها أن يخرج، وقيل: يمنع غير المحدود أن يدخل على
المحدود، وهو الذي يقال له: المطرد المنعكس، والذي عليه الأكثر
أن الأولى للأولى، والثانية للثانية، فقولنا: "جامعًا" بمعنى
قولنا: "مطردًا"، وقولنا: "مانعًا" بمعنى قولنا: "منعكسًا"،
وقيل: الأولى للثانية، والثانية للأولى.
والمعروفات خمسة: الحد التام، وهو ما أتي فيه بالجنس والفصل،
نحو: الإنسان حيوان ناطق، والحد الناقص، وهو ما أتي فيه بالفصل
فقط، نحو: الإنسان ناطق، والرسم التام، وهو: ما أتي فيه بالجنس
والخاصة، نحو: الإِنسان حيوان ضاحك، والرسم الناقص ما أتي فيه
بالخاصة فقط، نحو: الإنسان ضاحك، فقط، والخامس: تبديل اللفظ
بما هو أظهر فيه، نحو: قولك: ما البر؟. تقول: القمح، وما
العقار؟. تقول: الخمر.
وفي هامش (ظ): قوله: "المانع إِذا وجد الحد وجد المحدود". يعرف
منه أن معناه: وجد المحدود فقط، ولم يوجد معه غيره؛ لأنه إِذا
وجد معه غيره لم يكن الحد مانعًا لغير المحدود، وكون الجامع هو
الذي إِذا انتفى انتفى المحدود؛ هو أن الذي لا ينتفي بانتفائه،
لم يجمعه الحد، ولم يدخل تحته؛ إِذ لو دخل تحته وجمعه الحد
لانتفى بانتفائه وزال بزواله. وفي هامش (ظ) -أيضًا-: هذا الذي
ذكره المصنف من أن المطرد هو المانع، والمنعكس هو الجامع، هو
الذي عليه الجمهور -ابن الحاجب وغيره-. وذكره الطوفي في شرحه
على العكس، فجعل الاطراد كونه جامعًا، وانعكاسه كونه مانعاً.
ذكر ذلك في الفصل الثاني في التكليف. وهذا الذي ذكره، أظنه
اختيار القرافي، والمسألة ذكر فيها الخلاف الزركشي الشافعي
-رحمه الله- في شرح جمع الجوامع، مع أن تصرف الطوفي في شرحه
مخالف لما ذكره في الفصل الثاني، وموافق لقول الجمهور، كما
ذكره في حد أصول الفقه ونحوه. وأظن ما ذكره -أيضاً- في الفصل
الثاني في حد التكليف موافق لقول الجمهور، ومخالف لما قرره في
كلامه على المطرد والمنعكس والجامع والمانع، فكلامه مضطرب.
وانظر: التعريفات/ 61، 66.
(1/44)
للمحدود؛ لأنه (1) إِن كان أعم، فلا دلالة
له على الأخص، ولا يفيد التمييز، وِإن كان أخص، فلأنه أخفى؛
لأنه أقل وجودًا منه.
والحد إِن أنبأ عن ذاتيات المحدود الكلية المركبة: فحقيقي، وإن
أنبأ عنه بلازم له: فرسمي، وإِن أنبأ عنه بلفظ أظهر مرادف:
فلفظي.
قال أبو محمد البغدادي: "الحد على الحقيقة أصل كل علم، فمن لا
يحيط به علمًا، لا ثقة له بما عنده".
وجوز معظمهم إِيراد النقض (2)، والمعارضة (3) على الحط، لا
المنع.
وجوز بعضهم المنع؛ لأن الحد دعوى فيُمنع كغيره.
وهذا خطأ، لعدم الفائدة غالبًا؛ ولهذا لا يجوز منع النقل
لتكذيب الناقل وبعده عن الفائدة.
ولأنه لا يمكن إِثباته إِلا بالبرهان (4)، وهو مقدمتان، كل
منهما مفردان،
__________
(1) نهاية 5 ب من (ب).
(2) النقض: كما لو قال: الإِنسان عبارة عن الحيوان، فيقال له:
ينتقض عليك بالفرس؛ إِنه حيوان مع أنه ليس بإِنسان. انظر: شرح
الكوكب المنير 1/ 96.
(3) المعارضة: كما لو قال: الغاصب من الغاصب يضمن، لأنه غاصب،
لأن حد الغاصب (من وضع يده بغير حق) وهذا وضع يده بغير حق،
فيكون غاصبًا. فيقول الخصم: أعارض هذا الحد بحد آخر، وهو أن حد
الغاصب (من رفع اليد المحقة ووضع اليد المبطلة) وهذا لم يرفع
اليد المحقة، فلا يكون غاصبًا. انظر: المرجع السابق.
(4) في التعريفات/ 19 - 20: البرهان: هو القياس المؤلف من
اليقينيات، سواء كانت ابتداء -وهي الضروريات- أو بواسطة -وهي
النظريات- والحد الأوسط فيه لا بد=
(1/45)
وطالب الحد يطلب تصور كل مفرد، فإِذا أتى
المسؤول بحده ومنع، احتاج في إِثباته إِلى مثل الأول، وتسلسل
(1).
ثم [إِن (2)] الجدل (3) اصطلاح، يجب الرجوع إِلى أربابه.
__________
=أن يكون علة لنسبة الأكبر إِلى الأصغر. فإِن كان مع ذلك علة
لوجود تلك النسبة في الخارج -أيضًا- فهو برهان لِمِّي، كقولنا:
هذا متعفن الأخلاط، وكل متعفن الأخلاط محموم، فهذا محموم،
فتعفن الأخلاط، كما أنه علة لثبوت الحمى في الذهن، كذلك علة
لثبوت الحمى في الخارج، وإن لم يكن كذلك، بل لا يكون علة
للنسبة إِلا في الذهن، فهو برهان إِنِّي، كقولنا: هذا محموم،
وكل محموم متعفن الأخلاط، فهذا متعفن الأخلاط، فالحمى أن كانت
علة لثبوت تعفن الأخلاط في الذهن إِلا أنها ليست علة له في
الخارج، بل الأمر بالعكس. وقد يقال على الاستدلال من العلة
إِلى المعلول: برهان لمِّي، ومن المعلول إلى العلة؛ برهان
إِنِّي.
(1) في التعريفات/ 25: التسلسل: هو ترتيب أمور غير متناهية.
(2) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ).
(3) في مفتاح السعادة 1/ 251 - 254، 2/ 426: علم الجدل: هو من
فروع علم الأصول، وهو علم باحث عن الطرق التي يقتدر بها على
إِبرام أي وضع أريد، وعلى هدم أي وضع كان، وهذا من فروع علم
النظر، ومبنى لعلم الخلاف، وهذا مأخوذ من الجدل الذي هو أحد
أجزاء مباحث النطق، لكنه خص بالعلوم الدينية، ومبادئه بعضها
مبنية في علم النظر، وبعضها خطابية، وبعضها أمور عادية، وله
استمداد من علم المناظرة، وموضوعه: تلك الطرف، والغرض منه:
تحصيل ملكة الهدم والإِبرام، وفائدته كثيرة في الأحكام العلمية
والعملية من جهة الإِلزام على المخالفين، ودفع شكوكهم، وللناس
فيه طرق.
(1/46)
ووجه قول: "لا تُقبل العارضة [فيه (1)] "
لشعورها بصحة المعارض، وليس لواحد حدان، فأحدهما حق، فلم يبقَ
سوى النقض.
__________
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح) و (ب).
(1/47)
فصل
قد سبق استمداد الأصول من اللغة. (1)
وسبب اللغة حاجة الناس
ليعرف بعضهم مراد بعض، للتساعد والتعاضد بما لا مؤنة فيه ولا
محذور، وهو الكلام، لأن الحروف كيفيات تعرض للنفس (2) الضروري،
توجد للحاجة، (3) وتعدم بعدمها، وإفادته أعم من إِشارة ومثال.
واللفظ: (4) قال بعض
أصحابنا وغيرهم: مضع لمعنى خارجي (5) لتبادره إِلى الفهم،
ومدلول "اضرب" فعل المأمور خارجًا، فكذا غيره.
وقيل: لمعنى ذهني، لاختلاف المفردة (6) عند تغير الصور
الذهنية، واستمرار الخارجية في المركب؛ ولهذا كان كذبًا.
رد: الموضوع الخارجي في نفس الأمر لم يختلف، والكذب في المركب
__________
(1) انظر ص 17 من هذا الكتاب.
(2) في (ح) و (ب): للتنفس.
(3) في (ظ): يوجد عند الحاجة.
(4) انظر: المحصول 1/ 1/ 269، وشرح الكوكب المنير 1/ 105،
والمزهر 1/ 42، ونهاية السول 1/ 167، وإِرشاد الفحول/ 14، وشرح
المحلي على جمع الجوامع 1/ 269، والتحرير/ 31 ب.
(5) في (ح): خارج.
(6) في (ح): المفرد.
(1/48)
إِنما يمتنع لو كانت دلالته قاطعة.
قيل: (1) القصد من المفرد إِفادة معناه، لتبادر الذهن إِليه.
وقيل: بل التمكن من إِفادة المعاني المركبة بتركيبه؛ لأن
إِفادته معناه موقوفة (2) على العلم [به (3)]، فلو استفيد
العلم بمعناه من لفظه دار، والعلم بوضع مفردات المركب بحركاتها
الخاصة لمعناها، وانتساب بعضها إِلى بعض (4) بالنسب الخاصة
كافٍ في الإِفادة.
فما (5) احتاجه الناس لم تخل اللغة من لفظ له، والظاهر عدم
خلوها مما كثرت حاجته.
واللغة: كل ألفاظ وضعت
للمعاني.
والوضع: اختصاص شيء بشيء،
إِذا أطلق فُهِم الثاني.
وهي: (6) مفرد، ومركب.
__________
(1) انظر: المحصول 1/ 1/ 267.
(2) نهاية 6 أمن (ب).
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(4) نهاية 4 ب من (ظ).
(5) في (ظ): فلما.
(6) في (ح) و (ظ): وهو.
(1/49)
المفرد (1) عند النحاة (2): كلمة واحدة.
وعند المنطقيين: لفظ وضع لمعنى، ولا جزء لذلك اللفظ يدل في
المعنى الموضوع على شيء.
والمركب: بخلافه، عليهما.
(3)
فـ "عبد الله" -علماً لشخص- مركب على الأول، لا الثاني، ونحو:
"يضرب" ليس مركبًا على الأول، بل على الثاني؛ لأن حرف المضارع
يدل في معناه على شيء.
وإِلزامهم بنحو: "ضارب" و "مخرج" -لدلالة الألف والميم على
الفاعل والمفعول- فيه نظر، لمنع دلالتهما (4) (5)، بل الدال هو
المجموع، وقيل: (6) المراد تركيب أجزاء مسموعه (7)، والمصدر مع
الصيغة ليس كذلك، وقيل: بالتزامه.
__________
(1) انظر معنى المفرد والمركب على الاصطلاحين في: تحرير
القواعد المنطقية/ 33، وفتح الرحمن/ 49، وشرح العضد مع حواشيه
1/ 117، ونهاية السول 1/ 184، وشرح الكوكب المنير 1/ 108.
(2) علم النحو: هو علم يعرف به كيفية التركيب العربي صحة
وسقاماً، وكيفية ما يتعلق بالألفاظ من حيث وقوعها فيه من حيث
هو هو، أوْ لا وقوعها فيه، ويسمى علم الإعراب. انظر: كشاف
اصطلاحات الفنون 1/ 23.
(3) كذا في النسخ الثلاث. ثم كتب اللفظ في هامش (ظ): فيهما.
(4) في (ظ): دلالتها.
(5) نهاية 10 من (ح).
(6) انظر: شرح العضد مع حواشيه 1/ 119 - 120.
(7) في (ح): مجموعة.
(1/50)
والمركب (1): جملة، وهي: لفظ وضع لإِفادة
نسبة، أي: إِسناد كلمة إِلى أخرى معنى يصح السكوت عليه.
ولا يتألف (2) عند النحاة إِلا من اسمين، أو فعل واسم (3)
فأكثر -والمراد من شخص واحد-، لأنه لابد من مسند ومسند إِليه،
والاسم يصلح لهما، والفعل لكونه مسندًا.
وفي الروضة (4) وغيرها: أو حرف نداء (5) واسم كقول الكوفيين.
(6)
__________
(1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 116.
(2) انظر: شرح العضد 1/ 125 والمستصفى 1/ 334، وشرح الكوكب
المنير 1/ 117، والإحكام للآمدي 1/ 72، وهمع الهوامع 1/ 33،
والتمهيد للأسنوي/ 144، والروضة/ 177.
(3) في هامش (ب): من اسمين، مثل: زيد قائم. وفعل واسم، مثل قام
زيد. ولا يتألف من فعلين، ولا من حرفين، ولا من حرف واسم، ولا
من حرف وفعل.
(4) انظر: الروضة/ 177.
(5) في هامش (ب): الصحيح أن حرف النداء قائم مقام فعل؛ فيكون
ذلك مركبًا من فعل واسم، فلا مفرد.
(6) نشأت في دراسة علم النحو مدارس (مذاهب) متعددة، تميز بعضها
عن بعض في المنهج، وبعض الأصول والقواعد.
ومن أشهر هذه المدارس: مدرسة الكوفة، ومدرسة البصرة، والمدرسة
البغدادية، والمدرسة الأندلسية، والمدرسة المصرية.
والكوفيون هم أصحاب مدرسة الكوفة. وأهم ما يميزها عن مدرسة
البصرة: اتساعها في رواية الأشعار وعبارات اللغة عن جميع
العرب، بدويهم وحضريهم، بينما كانت=
(1/51)
ولم يوضع (1) المركب التقييدي (2) -كـ
"حيوان ناطق" و "كاتب" (3) في
__________
=مدرسة البصرة تتشدد تشدداً جعل أئمتها لا يثبتون في كتبهم
النحوية إِلا ما سمعوه من العرب الفصحاء الذين سلمت فصاحتهم من
شوائب التحضر وآفاته، ولم تقف المسألة عند حد الاتساع في
الرواية، بل امتدت إِلى الاتساع في القياس، وضبط القواعد
النحوية، فالبصريون اشترطوا في الشواهد المستمد منها القياس أن
تكون جارية على ألسنة العرب الفصحاء، وأن تكون كثيرة بحيث تمثل
اللهجة الفصحى، وبحيث يمكن أن تستنتج منها القاعدة المطردة،
أما الكوفيون فقد اعتدوا بأقوال وأشعار المتحضرين من العرب،
كما اعتدوا بالأشعار والأقوال الشاذة التي سمعوها على ألسنة
الفصحاء مما خرج على قواعد البصريين وأقيستهم، ومما نعتوه
بالخطأ والغلط، ولم يكتفوا بذلك، فقد حاولوا أن يقيسوا عليها
وقاسموا كثيرًا.
ومن أشهر النحاة البصريين: ابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر
الثقفي، وأبو عمرو بن العلاء، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد،
وسيبويه، والأخفش الأوسط (سعيد بن مسعدة)، وقطرب، وأبو عمر
الجرمي، وأبو عثمان المازني، والمبرد، والزجاج، وابن السراج،
والسيرافي. ومن أشهر النحاة الكوفيين: الكسائي، وهشام بن
معاوية الضرير، والفراء، وثعلب، وأبو بكر بن الأنباري.
انظر: كتاب المدارس النحوية للدكتور شوقي ضيف/ 159 - 161.
(1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 118، وشرح العضد مع حواشيه 1/
125، والإِحكام للآمدي 1/ 73.
(2) المراد بالمركب التقييدي: المركب من اسمين أو من اسم وفعل،
بحيث يكون الثاني قيدا في الأول، ويقوم مقامهما لفظ مفرد، مثل
"حيوان ناطق" و "الذي يكتب" فإِنه يقوم مقام الأول "الإِنسان"
ومقام الثاني "الكاتب". انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 118 - 119.
(3) في (ب): كانت.
(1/52)
"زيد كاتب"- لإِفادة النسبة.
وغير الجملة بخلافها.
ويطلق (1) المفرد على مقابل الجملة، ومقابل المثنى، ومقابل
المركب.
ويراد (2) بالكلمة لغة الكلام الكثير (3).
وقال بعضهم (4): يراد
بالكلام الكلمة، قال سيبويه (5) في قولهم:
__________
(1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 120.
(2) انظر: لسان العرب 15/ 428، وتاج العروس 9/ 49 (كلم)، وشرح
الكوكب المنير 1/ 120، وهمع الهوامع 1/ 30، ومفردات الراغب/
454 - 456.
(3) في هامش (ب): كقوله عليه السلام: (أصدق كلمة قالها الشاعر
قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل). وقوله: (كلمة التقوى
لا إِله إِلا الله). وقوله تعالى: (كلا إِنها كلمة هو قائلها).
(4) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 121، وهمع الهوامع 1/ 29،
والإحكام للآمدي 1/ 72.
(5) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر،
وسيبويه لقبه، أمام النحاة، وأول من بسط علم النحو، ولد في
إِحدى قرى شيراز سنة 148 هـ، وقدم البصرة فلزم الخليل بن أحمد،
وأخذ عنه، ورحل إلى بغداد، وناظر الكسائي، وعاد إِلى الأهواز،
فتوفي بها سنة 180 هـ، وقيل في مكان وزمان وفاته غير ذلك. من
مؤلفاته: "الكتاب" في النحو، وهو مشهور.
وسيبويه: لقب بالفارسية، معناه: رائحة التفاح.
انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 66، وتاريخ بغداد 12/ 195،
ونزهة الألباء/ 71، ووفيات الأعيان 3/ 463، والبداية والنهاية
10/ 176.
(1/53)
"من أنت، زيد؟ " معناه: "من أنت، كلامك
زيد؟ "، (1) وقاله (2) أبو الحسين (3) المعتزلي وغيره.
وقيل: (4) يطلق الكلام على الكلم (5)، وهو: كلمات لم ينتظم
معناها.
قال بعض أصحابنا: (6) "مسمى الكلام والقول عند الإِطلاق (7)
يتناول اللفظ والمعنى جميعًا، كتناول لفظ "الإِنسان" للروح
والبدن، عند السلف والفقهاء والجمهور.
__________
(1) انظر: كتاب سيبويه 1/ 147، 162.
(2) انظر: المعتمد لأبي الحسين البصري/ 14.
(3) هو: محمد بن علي بن الطيب البصري، المتكلم على مذهب
المعتزلة، وهو أحد أئمتهم الأعلام المشار إليه في هذا الفن،
كان جيد العبارة، مليح الكلام، غزير المادة، إمام وقته، سكن
بغداد، وتوفي بها سنة 436 هـ.
من مؤلفاته: المعتمد في أصول الفقه، وتصفح الأدلة، وغرر
الأدلة، وشرح الأصول الخمسة، وكتاب في الإمامة.
انظر: تاريخ بغداد 3/ 100، ووفيات الأعيان 4/ 271، ولسان
الميزان 5/ 298.
(4) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 122، وهمع الهوامع 1/ 31.
(5) في هامش (ب): الكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فصاعدًا سواء
أفاد أو لم يفد، نحو: إِن قام غلام زيد. وقد يجتمع الكلام
والكلم في قولك: "إِن قام زيد فأكرمه"، فإِنه كلام لوجود
الفائدة فيه، كلم لأنه تركب من ثلاث. وقد يكون اللفظ كلماً لا
كلاماً، كما قد مُثِّل. وقد يكون كلاماً لا كلماً، نحو: زيد
قائم.
(6) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية 7/ 170 - 171.
(7) نهاية 6 ب من (ب).
(1/54)
وقال كثير من أهل الكلام (1) -من المعتزلة
وغيرهم-: مسماه اللفظ، والمعنى ليس جزأه، بل مدلوله، وقاله
النحاة؛ لتعلق صناعتهم باللفظ.
وقال ابن كُلاَّب (2)، ومن اتبعه: مسماه المعنى، وقال بعض
أصحابه: مشترك بينهما.
وقال بعضهم (3) -ويروى عن الأشعري (4) -: مجاز في كلام الله؛
__________
(1) في التعريفات/ 80: الكلام: علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى
وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإِسلام.
والقيد الأخير لإِخراج العلم الإِلهي للفلاسفة. وفي التعريفات
-أيضا-: الكلام: علم باحث عن أمور يعلم منها المعاد، وما يتعلق
به من الجنة والنار والصراط والميزان والثواب والعقاب. وقيل:
الكلام هو العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسبة عن
الأدلة.
(2) هو: أبو محمد عبد الله بن سعيد -ويقال: عبد الله بن محمد-
بن كلاب، القطان، البصري، محدث متكلم. و"كُلاَّب": لقب مثل
"خُطَّاف" لفظاً ومعنى. توفي -فيما يظهر- بعد سنة 240 هـ
بقليل. من مؤلفاته في الرد على المعتزلة: كتاب الصفات، وكتاب
خلق الأفعال، وكتاب الرد على المعتزلة.
انظر: مقالات الإِسلاميين 1/ 215، والفهرست/ 180، وطبقات
الشافعية للعبادي/ 70، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 299، وطبقات
الشافعية للأسنوي 2/ 344، ولسان الميزان 3/ 290.
(3) أي: بعض أصحاب ابن كلاب.
(4) هو: أبو الحسن علي بن إِسماعيل بن إسحاق، مؤسس مذهب
الأشاعرة، كان من الأئمة المتكلمين المجتهدين، ولد في البصرة
سنة 260 هـ، وتلقى مذهب المعتزلة، وتقدم فيهم، ثم رجع وجاهر
بخلافهم، وتوفي ببغداد سنة 324 هـ.=
(1/55)
لأن الكلام العربي عندهم (1) لا يقوم به، حقيقة في كلام
المخلوق، لقيامه به (2)." والله أعلم. |