أصول الفقه لابن مفلح مسألة
المباح لغة: (4) المعلن،
والمأذون، من الإِباحة.
وشرعًا: فعل تعلق به الإِباحة، كما سبق. (5)
[والإِذن: أصله من الأُذن، كأنه التوسعة في الفعل بالقول الذي
يسمع بالآذان، ومنه الأَذان. قاله في الواضح (6)]. (7)
والجائز لغة (8): العابر.
واصطلاحًا: على المباح، وعلى ما لا يمتنع شرعًا، وما لا يمتنع
عقلاً -فيعم الواجب، والممكن الخاص- و [على] (9) ما لا يمتنع
وجوده وعدمه -وهو ممكن خاص أخص مما قبله- وشرعًا وعقلاً على ما
يشك أنه لا يمتنع، وعلى ما يشك أنه استوى وجوده وعدمه.
__________
(1) في (ب): للصفة. وفي (ظ) ونسخة في هامش (ب): أن الصفة.
(2) وهي كون الوطء حلالاً. انظر: المغني 7/ 517.
(3) نهاية 66 من (ح).
(4) انظر: لسان العرب 3/ 239، وتاج العروس 2/ 126 - 127.
(5) انظر: ص 184 من هذا الكتاب.
(6) انظر: الواضح 1/ 29 ب.
(7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(8) انظر: تاج العروس 4/ 20.
(9) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ).
(1/241)
مسألة
الإِباحة شرعية إِن أريد بها خطاب الشرع، وإن أريد نفي الحرج
عن الفعل فعقلية؛ لتحققها قبل الشرع.
وتسمى (1) شرعية، بمعنى التقرير.
والإِباحة -بمعنى الإِذن- شرعية، إِلا أن نقول: العقل يبيح.
وفي الروضة (2): ما لم يرد فيه سمع: يحتمل أن إِباحته شرعية،
لدليل السمع أن ما لم يرد فيه طلب فمخيّر، ويحتمل أنه لا حكم
له.
وسبق (3) في "الأعيان قبل الشرع".
وعن سعد (4) -مرفوعًا-: (إِن أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا
من سأل عن شيء لم يحرم على الناس (5)، فحرم من أجل مسألته)
(6).
وعن أبي هريرة- مرفوعًا-: (ذروني ما تركتكم؛ فإِنما هلك من كان
قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإِذا نهيتكم عن
شيء
__________
(1) أي: الإِباحة.
(2) انظر: الروضة/ 37 - 38.
(3) انظر ص 174 من هذا الكتاب.
(4) هو: الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص.
(5) في (ب): على للناس.
(6) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 95، ومسلم في صحيحه/ 1831، وأبو
داود في سننه 5/ 16 - 17، وأحمد في مسنده 1/ 176، 179.
(1/242)
فاجتنبوه، (1) وإذا أمرتكم بأمر فأْتوا منه
ما استطعتم) (2). متفق عليهما.
وعن سلمان (3) -مرفوعًا-: (الحلال ما أحل الله في كتابه،
والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه)
-في سنده سيف بن هارون (4)، ضعيف عندهم- رواه (5)
__________
(1) نهاية 34 أمن (ب).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 94، ومسلم في صحيحه/ 975، 1830
- 1831، والترمذي في سننه 4/ 152 - وقال: حسن صحيح- والنسائي
في سننه 5/ 110، وابن ماجه في سننه/ 3.
(3) هو: الصحابي الجليل سلمان الفارسي.
(4) هو: سيف بن هارون البرجمي الكوفي، روى عن إِسماعيل بن أبي
خالد، وسليمان التميمي، وأبي الجحاف داود، وعنه: داود بن رشيد،
وأحمد بن إِبراهيم الموصلي، ضعفه النسائي، وقال الدارقطني:
"ضعيف متروك"، وقال ابن معين: "ليس بذاك" وقال ابن حبان: "يروى
عن الأثبات الموضوعات"، قال الذهبي: "وقد وثقه أبو نعيم
الملائي".
وجاء في تهذيب التهذيب: روى له الترمذي، وابن ماجه حديثًا
واحدًا في السؤال عن الفراء ... ، وقال مهنا عن أحمد: "أحاديثه
منكرة"، وصحح ابن جرير حديثه في تهذيبه.
نظر: ميزان الاعتدال 2/ 258، والكاشف 1/ 416، وتهذيب التهذيب
4/ 297.
(5) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 1117.
وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 134: حدثنا إسماعيل بن موسى
الفزاري، حدثنا سيف بن هارون عن سليمان التيمي عن أبي عثمان
-النهدي- عن سلمان قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عن السمن والجبن والفراء. فقال: الحلال ... =
(1/243)
ابن ماجه (1) والترمذي (2)، وذكر أنه روي
موقوفًا، قال: "وكأنه أصح"، وهو للدار قطني (3) من
__________
=قال الترمذي: وفي الباب عن المغيرة، قال: هذا حديث غريب لا
نعرفه مرفوعًا إِلا من هذا الوجه، قال: وروى سفيان وغيره عن
سليمان التيمي عن أبي عثمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصح.
(1) هو: أبو عبد الله محمد بن يزيد الربعي القزويني، أحد
الأئمة في علم الحديث، من أهل قزوين، ولد سنة 209 هـ، ورحل
إِلى البصرة وبغداد والشام ومصر والحجاز والري لطلب الحديث،
توفي سنة 273 هـ.
من مؤلفاته: السنن، وتفسير القرآن، وتاريخ قزوين.
انظر: وفيات الأعيان 4/ 279، وتذكرة الحفاظ 2/ 189، وتهذيب
التهذيب 9/ 530.
(2) هو: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي البوغي، أحد
الأئمة في علم الحديث وحفاظه، من أهل ترمذ "على نهر جيحون"،
ولد سنة 209 هـ، وتتلمذ على البخاري، وشاركه في بعض شيوخه،
وقام برحلة إِلى خراسان والعراق والحجاز، وعمي في آخر عمره،
وكان يضرب به المثل في الحفظ، توفي بترمذ سنة 279 هـ.
من مؤلفاته: الجامع الكبير في الحديث "السنن"، والشمائل
النبوية، والتاريخ، والعلل في الحديث.
انظر: الفهرست/ 233، ووفيات الأعيان 4/ 278، وتذكرة الحفاظ 1/
872، وميزان الاعتدال 3/ 678، ونكت الهميان/ 264، وتهذيب
التهذيب/ 3879.
(3) هو: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني
الشافعي، إمام عصره في الحديث، ولد بدار القطن من أحياء بغداد
سنة 306 هـ، ورحل إِلى مصر فساعد ابن حنزابة "وزير كافور
الأخشيدي" على تأليف مسنده، وعاد إِلى بغداد، فتوفي بها=
(1/244)
حديث (1) أبي الدراء، ولأبي داود (2) عن
(3) ابن عباس قوله. (4)
__________
= سنة 385 هـ.
من مؤلفاته: السنن، والعلل، والضعفاء، والمجتبى من السنن
المأثورة.
انظر: تاريخ بغداد 12/ 34، واللباب 1/ 483، ووفيات الأعيان 3/
217، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 462، وغاية النهاية 1/ 558،
ومفتاح السعادة 2/ 14.
(1) أخرج الدارقطني في سننه 4/ 217 - 218 من حديث أبي الدرداء
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِن الله افترض
عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودًا، فلا تعتدوها، ونهاكم
عن أشياء، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا
تكلفوها رحمة من ربكم، فاقبلوها). انتهى ما في السنن.
في إِسناده نهشل الخراساني، روى عن الضحاك بن مزاحم وغيره، قال
إِسحاق بن راهويه: كان كذابًا. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك.
وقال يحيى والدارقطني: ضعيف.
انظر: ميزان الاعتدال 4/ 275، وتهذيب التهذيب 10/ 479.
(2) هو: سليمان بن الأشعث بن إِسحاق بن بشير الأزدي السجستاني،
إِمام في الحديث، أصله من سجستان، ولد سنة 202 هـ، ورحل رحلة
طويلة في طلب العلم، وتوفي بالبصرة سنة 275 هـ.
منْ مؤلفاته: السنن، والمراسيل، ورسالة البعث.
انظر: تاريخ بغداد 9/ 55، وطبقات الحنابلة 1/ 159، وتهذيب ابن
عساكر 6/ 244، ووفيات الأعيان 2/ 404، وتذكرة الحفاظ 2/ 152.
(3) نهاية 67 من (ح).
(4) أخرج أبو داود في سننه 4/ 157 ... عن ابن عباس قال: كان
أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله
تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأنزل كتابه، وأحل حلاله،
وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه
فهو عفو ...
(1/245)
مسألة
المباح غير مأمور به (و) خلافاً للكعبي (1) البلخي المعتزلي
وأصحابه.
وعلى الأول: إِذا أريد بالأمر الإِباحة فمجاز (2) (و).
وقال القاضي (3) وأبو الفرج الشيرازي وبعض الشافعية: حقيقة.
وفي كلام القاضي (4) [أيضًا] (5) كالأول، وسبق دليلها.
لنا: [أن] (6) الأمر [طلب] (7) يستلزم ترجيح الفعل، ولا ترجيح
فيه.
ولأنه قسم من الأحكام إِجماعًا.
__________
(1) هو: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي -من بني
كعب- البلخي الخراساني، أحد أئمة المعتزلة، وهو رأس طائفة
منهم، تسمى "الكعبية"، وله آراء ومقالات في الكلام، انفرد بها،
وهو من أهل "بلخ"، أقام ببغداد مدة طويلة، وتوفي بـ "بلخ" سنة
319 هـ.
من مؤلفاته: أدب الجدل، وتحفة الوزراء.
انظر: تاريخ بغداد 9/ 384، واللباب 3/ 101، ووفيات الأعيان 3/
45، وخطط المقريزي 2/ 348، ولسان الميزان 3/ 255.
(2) انظر: المسودة/ 6 - 7، وكشف الأسرار 1/ 119.
(3) انظر: العدة/ 374 - 375.
(4) انظر: المرجع السابق/ 263.
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
(7) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
(1/246)
قال: كل مباح ترك حرام، وتركه واجب، ولا
يتم إِلا (1) بأحد أضداده، وما لا يتم الواجب إِلا به واجب.
وتأول الإِجماع بالنظر إِلى ذات الفعل، دون تعلق الأمر به،
بسبب توقف ترك الحرام عليه، جمعاً بين الأدلة.
ورد: بأن المباح ليس ترك (2) الحرام، بل شيء يترك به الحرام،
مع إِمكان تركه بغيره، فلايجب.
ورد: بأن فيه تسليم وجوب أحد ما يترك به الحرام، غايته أنه غير
معيّن، ويتعين بفعله.
وألزم الكعبي -أيضًا- بوجوب المحرم، إِذا تُرِك به محرم،
وتحريم الواجب، إِذا تُرِك به واجب.
فأجاب (3): لا مانع من اتصاف الفعل بهما، كالصلاة في الغصب.
ولنا: منعه على أصلنا.
[وذكر ابن عقيل (4) المسألة في النسخ، وأجاب: (5) بأن العمل
الشاغل لأدوات المكلف وأبعاضه يمتنع معه فعل آخر، للتضاد
والتنافي، فلا يسمى
__________
(1) نهاية 27 من (ظ).
(2) في (ح): بترك.
(3) في (ح): فقال.
(4) انظر: الواضح 2/ 242أ.
(5) انظر: المرجع السابق 2/ 243 ب، 244أ.
(1/247)
متروكًا، ولا تاركاً حقيقة، ولا قادراً
عليه، فمن هنا دهي الكعبي؛ لم يفصل بين الترك، وتعذر الفعل
للتنافي]. (1)
وذكر الآمدي (2): أن قوله (3) غاية الغوص والإِشكال، وأنه لا
مخلص إِلا بمنع وجوب ما لا يتم الواجب إِلا به.
مسألة
الإِباحة ليست بتكليف عندنا (و) خلافاً لأبي إِسحاق
الإِسفراييني.
وفي الروضة (4) كالأول، وعدّها (5) -أيضًا- من أحكام التكليف،
وقال (6): من قال: "التكليف: ما كلف اعتقاد كونه من الشرع" فهي
تكليف، وضَعَّفه (7) بلزوم جميع الأحكام. (8)
وقال بعض أصحابنا (9): هي تكليف، بمعنى اختصاصها بالمكلف،
ولهذا: فعل صبي (10) ومجنون وعاقل -في غفلة (11)، وخطؤه- لا
يوصف بها.
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(2) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 125.
(3) يعني: قول الكعبي.
(4) انظر: الروضة/ 41.
(5) انظر: المرجع السابق/ 25.
(6) انظر: المرجع السابق/ 41.
(7) نهاية 68 من (ح).
(8) نهاية 34 ب من (ب).
(9) انظر: المسودة/ 36.
(10) انظر: العدة/ 167.
(11) في (ح): عقله.
(1/248)
مسألة
إِذا صرف الأمر عن الوجوب: بقي الندب أو الإباحة، قال في
التلخيص (1) في باب الحوالة: الأصح عند أصحابنا بقاؤه. (2).
وفي التمهيد (3) وغيره: هي من فوائد الأمر: هل هو حقيقة في
الندب؟ فيؤخذ منه بقاء الندب لا الإِباحة، على ما سبق. (4).
ومنع في الروضة (5) -في مسألة "الأمر المطلق للوجوب"- أن
الوجوب ندب وزيادة؛ لدخول جواز الترك في حد الندب.
وجزم التميمي (6) -من أصحابنا- عن أحمد: لا يبقى الجواز (7)،
وهو الأشهر للحنفية. (8)
__________
(1) وهو المسمى "تخليص المطلب في تلخيص المذهب"، كتاب في الفقه
الحنبلي.
ومؤلفه: محمد بن الخضر بن محمد بن تيمية الحراني المتوفى سنة
622 هـ.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 151 - 162.
(2) يعني: بقاء الجواز. وانظر هذا النص في: تصحيح الفروع 4/
259.
(3) انظر: التمهيد 24 أ- ب.
(4) انظر: ص 229 من هذا الكتاب.
(5) انظر: الروضة/ 197.
(6) هو أبو محمد التميمي.
(7) انظر: المسودة/ 16.
(8) انظر: فواتح الرحموت 1/ 103.
(1/249)
وللشافعية كالمذهبين. (1)
ولنا خلاف في بقاء نفل من أحرم بفرض قبل وقته، وبقاؤه قول (هـ)
وأبي يوسف، خلافاً لمحمد بن الحسن، وللشافعي قولان.
وهل يصح (2) قبض من قال: اقبض سَلَمي لنفسك، للآمر؟ عن أحمد
روايتان.
وجه الأول: تضمن الوجوب ذلك، كالعام. (3)
رد: بالتغاير.
ثم: ثبت تبعًا للوجوب فيتبعه، أو هو جزء الوجوب، ويستحيل بقاء
حصة النوع من الجنس بعد عدم النوع، ولا وجود للأعم إِلا
مشخصاً.
واختار الآمدي (4) وغيره: أن المباح ليس داخلاً في مسمى
الواجب، وأنها لفظية؛ فإِن أريد بالمباح ما أذن فيه مطلقًا
فجنس للواجب والمندوب
__________
(1) انظر: المحصول 1/ 2/ 342، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/
175، والمستصفى 1/ 73، ونهاية السول 1/ 109، والتمهيد للأسنوي/
95.
(2) قال في الإِنصاف 5/ 115: قوله -يعني: في المقنع-: "وإن كان
لرجل سلم، وعليه سلم من جنسه، فقال لغريمه: اقبض سَلَمي لنفسك،
ففعله، لم يصح قبضه لنفسه" لأن قبضه لنفسه حوالة به، والحوالة
بالسلم لا تجوز. قوله: "وهل يقع قبضه للآمر؟ على وجهين" وهما
روايتان ...
(3) نهاية 28 أمن (ظ).
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 125 - 126.
(1/250)
والمباح -بالمعنى الأخص- وإِن أريد ما أذن
فيه -ولا ذم- فليس بجنس.
* * *
خطاب (1) الوضع أقسام:
أحدهما: الحكم على الوصف (2) بالسببية.
والسبب لغة (3): ما يتوصل
به إِلى غيره، فلهذا سمي به الحبل والطريق.
وشرعًا: وصف ظاهر منضبط دل السمع (4) على كونه معرّفا لحكم
شرعي.
فمنه: وقتي كالزوال للظهر، ومعنوي -يستلزم حكمة باعثة-
كالإِسكار للتحريم، والملك لإِباحة الانتفاع، والضمان لمطالبة
الضامن، والجناية لقصاص أو دية.
الثاني: الحكم عليه بكونه مانعًا:
إِما للحكم، وهو: وصف وجودي ظاهر منضبط مستلزم لحكمة تقتضي
نقيض حكم (5) السبب مع بقاء حكمة (6) السبب، كالأبوة في القصاص
__________
(1) في شرح الكوكب المنير 1/ 434: خطاب الوضع: خبر استفيد من
نصب الشارع عَلَما معرَّفا لحكمه.
(2) نهاية 69 من (ح).
(3) انظر: لسان العرب 1/ 440 - 442، وتاج العروس 1/ 293 (سبب).
(4) في (ح) الشرع.
(5) نهاية 35 أمن (ب).
(6) في (ب): حكم.
(1/251)
مع القتل العمد، وهي كون الأب سبب وجود
الابن، فلا يحسن كونه سبب عدمه.
وإِما لسبب الحكم، وهو: وصف يخل وجوده بحكمة السبب، كالدَّين
في الزكاة مع ملك النصاب.
الثالث: الحكم عليه بكونه شرطًا. (1)
فإِن أخل عدمه بحكمة السبب فهو شرط السبب، كالقدرة على التسليم
في البيع، عدمها يخل (2) بإِباحة الانتفاع.
وإن استلزم عدمه حكمة تقتضي نقيض الحكم فشرط الحكم، كالطهارة
للصلاة مع إِتيانه بمسمى الصلاة، عدمها مستلزم (3) ما يقتضي
نقيض (4) الحكم، أي: عدم الثواب مع بقاء حكمة الصلاة، وهي:
التوجه إِلى الحق.
* * *
وأما الصحة والبطلان:
فعندنا: من باب الوضع.
وقيل: معنى الصحة: الإِباحة، والبطلان: الحرمة.
__________
(1) في شرح الكوكب المنير 1/ 452: الشرط ما يلزم من عدمه
العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
(2) في (ظ): مخل.
(3) في (ح): يستلزم.
(4) تكررت هذه الكلمة في (ظ).
(1/252)
وقيل (1): هما أمر عقلي؛ لأن الصحة في
العبادة: سقوط القضاء بالفعل -وفي (2) المعاملات: ترتب (3)
ثمرة العقد عليه- عند الفقهاء، وعند المتكلمين: (4) موافقة
الأمر، فإِذا وجدت حكم العقل بصحتها بالتفسيرين.
والبطلان، والفساد: نقيض
الصحة، ذكره أصحابنا والشافعية، مع تفرقتهم في الفقه بين
الكتابة (5) الفاسدة والباطلة، وفي
__________
(1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 7.
(2) هكذا جاء ترتيب الكلام في جميع النسخ. ولعل الأولى أن يكون
ترتيبه هكذا " ... بالفعل عند الفقهاء. وعند المتكلمين: موافقة
الأمر. وفي المعاملات: ترتب ثمرة العقد عليه. فإِذا وجدت ...
".
(3) في (ح): ترتيب.
(4) نهاية 70 من (ح).
(5) في القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 111: الكتابة
تكون باطلة إِذا كاتب من لا يصح العقد منه، سواء كان السيد أو
العبد، ولا يترتب عليها العتق. وإذا كانت بعوض مجهول فهي
فاسدة، ولا تبطل من أصلها، ولكل واحد منهما فسخها، ويحصل العتق
فيها بالأداء دون الإِبراء، والمغلب فيها التعليق.
وفيه أيضًا/ 112: قال طائفة من أصحابنا: الفاسد من النكاح: ما
كان يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل: ما كان مجمعاً على بطلانه.
فالباطل لا يترتب عليه شيء من أحكام الصحيح، والفاسد يثبت له
أحكام الصحيح.
وفي شرح الكوكب المنير 1/ 474: قال -يعني: المرداوي- في شرح
التحرير: قلت: غالب المسائل التي حكموا عليها بالفساد إِذا
كانت مختلفاً فيها بين العلماء،=
(1/253)
النكاح أيضًا (1).
وعند الحنفية (2): الفاسد ما شرع بأصله لا وصفه، كعقد الربا.
* * * |