أصول الفقه لابن مفلح الأدلة الشرعية
(1)
الكتاب، والسنة، والإِجماع، والقياس، ويأتي بيان غيرها.
والأصل الكتاب، والسنة مخبرة عن حكم الله، (2) والإِجماع مستند
إِليهما، والقياس مستنبط منها (3). (4)
* * *
الكتاب: القرآن
قال في الروضة (5) وغيرها -متابعة لمن قبلهم (6) -: وهو ما نقل
إِلينا بين دفتي المصحف تواتراً.
وضعّف (7) بأن عدم نقله لا يخرجه عن حقيقته، وبأن النقل (8)
__________
(1) نهاية 33 ب من (ظ).
(2) نهاية 40 ب من (ب).
(3) في (ح): منهما.
(4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 5 - 6.
(5) انظر: الروضة/ 62.
(6) انظر: المستصفى 1/ 101.
(7) نهاية 84 من (ح).
(8) انظر: البلبل 45.
(1/306)
والتواتر فرع تصوره فهو دور.
وقال الآمدي (1): الأقرب: هو القرآن القابل (2) للتنزيل.
واحترز بالأول: عن غيره من الكتب، وعما أنزل ولم يتل،
وبالثاني: عن الكلام النفسي، ولم نقل (3): "الكلام المعجز"؛
لأن السورة الواحدة كذلك، وإنما هي بعض الكتاب.
وقيل (4): الكلام المنزل للإِعجاز (5) بسورة (6).
فقيل: يلزم أن بعض القرآن قرآن (7) مجازًا (8).
قال (9) أحمد: "القرآن معجز بنفسه".
قال جماعة: كلام أحمد يقتضي أنه معجز في لفظه ونظمه ومعناه
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 159.
(2) في الإِحكام للآمدي 1/ 159: هو القرآن المنزل.
(3) في الإِحكام للآمدي 1/ 159: ولم نقل: هو الكلام المعجز،
لأنه يخرج منه الآية وبعض الآية، مع أنها من الكتاب وإن لم تكن
معجزة.
(4) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 18، والبلبل/ 45.
(5) في (ب): للإعجاب.
(6) يعني: بسورة منه.
(7) في (ب) و (ظ): قرآناً.
(8) في (ب) و (ح): مجاز.
(9) انظر: الفروع 1/ 418، وشرح الكوكب المنير 2/ 115 - 116.
(1/307)
(وهـ) وغيرهم. (1).
وخالف القاضي في المعنى، واحتج بأن الله تحدى بمثله في اللفظ
والنظم.
قال ابن حامد (2): وهل يسقط الإِعجاز في الحروف المقطعة، أم
باق؟
الأظهر من جواب أحمد: باق (ر). (3).
وفي بعض آية إِعجاز، ذكره القاضي وغيره.
وفي النسخ من التمهيد (4): "لا"، وذكره غيره، وقاله (هـ) (5)
وغيرهم، وزاد بعضهم: والآية (6).
وقال قوم (7): الكتاب غير القرآن.
__________
(1) انظر: أصول السرخسي 1/ 281 - 282، والبرهان في علوم القرآن
2/ 99، وفواتح الرحموت 2/ 8، والفروع 1/ 418.
(2) انظر: الفروع 1/ 418، وشرح الكوكب المنير 2/ 116.
(3) في (ب) -هنا- زيادة: "وغيرهم". وقد ضرب عليها.
(4) انظر: التمهيد/ 98أ.
(5) انظر: أصول السرخسي 1/ 280.
(6) انظر: نهاية السول 1/ 161، والإِتقان في علوم القرآن 2/
123، والبرهان في علوم القرآن 2/ 108.
(7) انظر: البلبل/ 45، والروضة/ 62.
(1/308)
رد: اتحاد مسماهما (1) (ع) (2)، وقوله:
(إِنا سمعنا كتابًا) (3)، (إِنا سمعنا قرآناً) (4)، والمسموع
واحد.
مسألة
ما لم يتواتر فليس بقرآن؛ لقضاء العادة بالتواتر في تفاصيله.
و (بسم الله الرحمن الرحيم) (5) بعض آية في "النمل" إِجماعًا،
وآية من القرآن (6)
__________
(1) في (ب): "مسماها".
(2) الذي ظهر لي أن هذا الرمز لا يراد له أن يكون للمعتزلة
خلاف في هذه المسألة، كما هو مقتضى منهج المؤلف الذي بينه في
مقدمة كتابه؛ فإِني لم أجد -بعد البحث- ما يدل على خلافهم
فيها، ولعل المراد به الدلالة على الإجماع، يؤيد ذلك سياق
الكلام في كل من البلبل / 45، وشرح الكوكب المنير 2/ 7؛ فقد
جاء فيهما: أن اتحاد مسماهما مجمع عليه، والمؤلف قد استخدم هذا
الرمز للدلالة على الإجماع في كتابه (الفروع). انظر: الفروع 1/
64.
(3) سورة الأحقاف: آية 30: (قالوا يا قومنا إِنا سمعنا كتابًا
أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إِلى الحق وإِلى
طريق مستقيم).
(4) سورة الجن: آية 1: (قل أوحي إِلي أنه استمع نفر من الجن
فقالوا إِنا سمعنا قرآنا عجبًا).
(5) سورة النمل: آية 30: (إِنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن
الرحيم).
(6) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 122، وفواتح الرحموت 2/ 14،
والإحكام للآمدي 1/ 163، وأصول السرخسي 1/ 280، والمجموع 2/
291 وما بعدها، والمستصفى 1/ 102، وشرح المحلي على جمع الجوامع
1/ 230، وزاد المسير 1/ 7، ومجموع الفتاوى 13/ 399، وتيسير
التحرير 3/ 7، وكشف الأسرار 1/ 23، والتلويح على التوضيح 1/
159، وشرح العضد 2/ 19 والكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 22.
(1/309)
عند أحمد (وهـ ش)، وأكثر القراء السبعة
(1).
وعن أحمد: لا (وم) وأبي عمرو بن العلاء (2) وحمزة (3) وبعض
الحنفية؛ (4) لعدم التواتر.
وجه الأول: كتابتها في المصحف بخطه، بإِجماع الصحابة ومن
بعدهم،
__________
(1) القراء السبعة هم:
1) عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، المتوفى سنة 118 هـ.
2) عبد الله بن كثير المكي، المتوفى سنة 126 هـ.
3) عاصم بن أبي النجود الكوفي، المتوفى سنة 128 هـ.
4) أبو عمرو بن العلاء البصري، المتوفى سنة 154 هـ.
5) حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، المتوفي سنة 156 هـ.
6) نافع بن عبد الرحمن الليثي، المتوفى سنة 169 هـ.
7) علي بن حمزة الكسائي النحوي، المتوفى سنة 189 هـ.
انظر: البرهان في علوم القرآن 1/ 327.
(2) هو: زبان بن عمار التميمي المازني البصري -والعلاء لقب
أبيه- من أئمة اللغة والأدب، أحد القراء السبعة، ولد بمكة سنة
70 هـ، ونشأ بالبصرة، وتوفي بالكوفة سنة 154 هـ.
انظر: نزهة الألباء/ 31، ووفيات الأعيان 3/ 466، وغاية النهاية
1/ 288.
(3) هو: حمزة بن حبيب بن عمارة بن إِسماعيل الزيات الكوفي، أحد
القراء السبعة، ولد سنة 80 هـ، وتوفي سنة 156 هـ.
انظر: وفيات الأعيان 2/ 216، وميزان الاعتدال 1/ 605، وتهذيب
التهذيب 3/ 27.
(4) نهاية 41 أمن (ب).
(1/310)
مع شدة اعتنائهم بتجريده، وكتبوها أول
الفاتحة ولا فصل (1)، وحذفوها أول "براءة" مع الحاجة إِليه.
ورد: لا يفيد، لمقابلة (2) القاطع له.
ولهم الجواب بالتواتر.
وقد قال الآمدي (3): كونها قرآناً حاصل في الجملة قطعًا،
والخلاف في وضعها أوائل السور، ولا يشترط فيه تواتر.
ورد: بضعفه، لما سبق (4) من قضاء العادة.
وباستلزامه سقوط كثير من القرآن المكرر، لجواز عدم وصوله
إِلينا، وإثبات ما ليس بقرآن من (5) المكرر -نحو: (فبأي) الآية
(6) - قرآناً، لجواز إِثباته بالآحاد.
قالوا: يجوز، لكنه اتفق تواتر المكرر.
رد: وجب العلم بانتفاء السقوط لكونه قرآناً، كما سبق.
ولا تكفير في هذه المسألة، لقوة الشبهة من الجانبين.
__________
(1) في (ظ): ولا فضل.
(2) نهاية 85 من (ح)
(3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 164.
(4) انظر: ص 309.
(5) نهاية 34 أمن (ظ).
(6) سورة الرحمن: آية 13: (فبأيّ آلاء ربكما تكذبان).
(1/311)
وليست آية من الفاتحة (1) على الأصح عن
أحمد (2) (ش)، ولا آية (و) ولا بعض آية (و) من غيرها، ذكره
القاضي إِجماعًا سابقاً.
مسألة
القراءات السبع -فيما ليس من الأداء، كمد (3) وإمالة (4) - قال
بعض الأصوليين: مشهورة.
وقال (5) بعض أصحابنا وغيرهم: متواترة، وإِلا كان بعض القرآن
غير متواتر نحو: (ملك) و (مالك) (6)، وتخصيص أحدهما تحكّم؛
لاستوائهما.
قال بعض أصحابنا: يجب نقل أحدهما تواتراً فيحصل المقصود به، ثم
إِما أن لا يجب نقل الآخر، أو يجب ويكفي فيه ما في الأحكام.
__________
(1) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 218 ب، وشرح الكوكب المنير
2/ 124، والمجموع 3/ 291 وما بعدها، وشرح العضد 2/ 21، وأصول
السرخسي 1/ 280، والتلويح على التوضيح 1/ 159، والمحرر 1/ 53،
والفروع 1/ 413.
(2) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 218 ب.
(3) يعني: مقادير المد وكيفة الإِمالة، لا أصلهما. انظر: شرح
الكوكب المنير 2/ 129.
(4) الإِمالة: أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء،
في نحو: "الهدى" و" يخشى". انظر: النشر 2/ 30.
(5) انظر: البلبل/ 46، وشرح العضد 2/ 21.
(6) سورة الفاتحة: آية 4.
(1/312)
وقول بعض أصحابنا: (1) "التواتر معلوم،
والآحاد مظنون، فيلزم التمييز (2) بينهما، ولا مظنون، فلا
آحاد" دعوى، ثم: الآحاد غير معين.
ولأحمد (3) وجماعة من السلف -في قراءة حمزة والكسائي (4)
وإدغام (5)
__________
(1) انظر: البلبل/ 46.
(2) في (ب): التميز.
(3) نهاية 41 ب من (ب).
(4) هو: أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء
الكوفي الكسائي، إِمام في اللغة والنحو والقراءة، من أهل
الكوفة، ولد في إِحدى قراها، وتعلم بها، وقرأ النحو بعد الكبر،
وتنقل في البادية، وسكن بغداد، وتوفي بالري سنة 189 هـ عن 70
عاماً.
من مؤلفاته: معاني القرآن، والمصادر، والحروف، والقراءات،
والنوادر، ومختصر في النحو.
انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 138، وتاريخ بغداد 11/ 403،
ونزهة الألباء / 81، وإِنباه الرواة 2/ 256، ووفيات الأعيان 3/
295، وغاية النهاية 1/ 535.
(5) الإِدغام: هو اللفظ بحرفين حرفًا كالثاني مشددًا.
وينقسم إلى: كبير، وصغير: فالكبير: ما كان الأول من الحرفين
فيه متحركاً، سواء أكانا مثلين أم جنسين أم متقاربين، وسمي
كبيراً لكثرة وقوعه إِذ الحركة أكثر من السكون، وقيل: لتأثيره
في إِسكان المتحرك قبل إِدغامه، وقيل: لما فيه من الصعوبة،
وقيل: لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين.
والصغير: هو الذي يكون الأول منهما فيه ساكناً.
والمشهور بالإِدغام الكبير والمنسوب إِليه والمختص به من
الأئمة العشرة هو: أبو عمرو بن العلاء، وليس بمنفرد به، بل قد
ورد -أيضًا- عن الحسن البصري، وابن محيصن. انظر: النشر 1/ 274
وما بعدها.
(1/313)
أبي عمرو الكبير- كلام (1) في كراهتها
وتحريمها مذكور في الفقه.
مسألة
ما صح من الشاذ ولم يتواتر -وهو ما خالف مصحف عثمان، نحو: "
(فصيام ثلاثة أيام) (2) متتابعات"- (3) فعن أحمد: لا تصح
الصلاة به (و)؛ لأنه ليس بقرآن.
وعنه: تصح، ورواه ابن وهب (4) عن (م) (5)، وقاله بعض
__________
=مثال الإدغام الكبير: (ما سلككم في سقر) سورة المدثر: آية 42،
بإِدغام الكاف الأولى في الثانية. انظر: سراج القارئ/ 44 - 45.
(1) انظر: الفروع 1/ 422 - 423، وشرح الكوكب المنير 2/ 131،
والبرهان في علوم القرآن 1/ 320، وكشاف القناع 1/ 345، والشرح
الكبير 1/ 345، والنشر 1/ 275.
(2) سورة المائدة: آية 89.
(3) وذلك في قراءة أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، رضي الله
عنهما.
انظر: تفسير الطبري 7/ 20.
(4) هو: أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري بالولاء،
المصري، إِمام فقيه مجتهد حافظ، من أصحاب مالك، جمع بين الحديث
والفقه، ورفض القضاء، ولد بمصر سنة 125 هـ، وتوفي بها سنة 197
هـ. من مؤلفاته: الجامع في الحديث.
انظر: الانتقاء/ 48، ووفيات الأعيان 3/ 36، وتذكرة الحفاظ 1/
279، وتهذيب التهذيب 6/ 71.
(5) في (ظ): (هـ).
(1/314)
الشافعية؛ (1) لصلاة الصحابة بعضهم خلف
بعض.
وذكر بعض أصحابنا (2): أن قول أئمة السلف أن مصحف عثمان أحد
الحروف السبعة (3). والله أعلم.
والشاذ حجة في ظاهر مذهب
أحمد (وهـ)، وذكره ابن عبد البر (4) إِجماعًا.
وعن أحمد: "لا"، وهو جديد قولي الشافعي.
لنا: أنه قرآن أو خبر.
قولهم: يجوز كونه (5) مذهبه.
رد: بالمنع، ثم: خلاف الظاهر.
__________
(1) نهاية 86 من (ح).
(2) وهو: الشيخ تقي الدين. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 133،
والفروع 1/ 423.
(3) انظر: مجموع الفتاوى 13/ 395.
(4) هو: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري
القرطبي المالكي، مؤرخ أديب، من كبار حفاظ الحديث، يقال له:
"حافظ المغرب"، ولد بقرطبة سنة 368 هـ، وولي قضاء "لشبونة"،
وتوفي بـ "شاطبة" سنة 463 هـ.
من مؤلفاته: الاستيعاب، والانتقاء، وجامع بيان العلم وفضله،
والكافي في الفقه، والتمهيد لما في الموطأ من المعاني
والأسانيد.
انظر: بغية الملتمس/ 474، ووفيات الأعيان 7/ 66، والديباج
المذهب/ 357، وشذرات الذهب 3/ 314.
(5) في (ظ): أن يكون.
(1/315)
قؤلهم: خبر خطأ؛ لأنه نقله قرآناً، فلا
يعمل به.
رد: (1) بمنع كونه خطأ، والصحابي عدل جازم به، ولم يصرح بكونه
قرآناً، فجاز كونه تفسيرًا، فاعتقده قرآناً، أو اعتقد إِضافته
في القراءة، ثم: لو صرح فعدم (2) شرط القراءة لا يمنع صحة
سماعه، فنقول: هو مسموع من الشارع، وكل قوله حجة. وهذا واضح.
* * *
المحكم: ما اتضح معناه، فلم
يحتج إِلى بيان.
والمتشابه: عكسه؛ لاشتراك
أو إِجمال، قال (3) جماعة من أصحابنا وغيرهم: وما ظاهره تشبيه،
كصفات الله.
وليس فيه ما لا معنى له، ولا وجه لمن شذ، (4) بل لا (5) يجوز
-أيضًا- عند عامة العلماء.
وفيه ما لا يفهم معناه إِلا الله عند أصحابنا (6) وجمهور
العلماء، وقاله (7) أبو الطيب الطبري (8) الشافعي، وحكاه عن
الصيرفي منهم، قال
__________
(1) في (ح): ولنا منع كونه.
(2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بعدم.
(3) انظر: العدة / 693.
(4) نهاية 34 ب من (ظ).
(5) في (ب) و (ح): بل ولا يجوز.
(6) انظر: العدة/ 689.
(7) انظر: المسودة/ 164.
(8) نهاية 42 أمن (ب).
(1/316)
ابن برهان (1):"يجوز ذلك عندنا"، واختاره
صاحب المحصول.
قال أبو المعالي (2): ما ثبت التكليف في العلم به يستحيل دوام
إِجماله، وإِلا فلا.
وهذا مراد غيره بناء على تكليف ما لا يطاق.
قالٍ بعض أصحابنا: (3) ثم: بحث أصحابنا يقتضي فهمه إِجمالاً لا
تفصيلاً.
وعند ابن عقيل: (4) لا، وأنه يتعين "لا أدري"، كقول أكثر
الصحابة والتابعين، أو تأويله.
كذا قال، مع قوله (5): إِن المحققين قالوا في: (سميع بصير):
(6)
نسكت عما به يسمع ويبصر (7)، أو تأويله بإِدراكه، وتأويله بما
يوجب تناقضاً أو تشبيههاً زيغ، وقوله (8) في قوله تعالى: (وما
يعلم تأويله إِلا
__________
(1) انظر: المسودة/ 164، والوصول لابن برهان/ 11 ب-12 أ.
(2) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 425.
(3) انظر: المسودة/ 164.
(4) انظر: الواضح 1/ 211 ب، 2/ 153 ب- 154 أ.
(5) انظر: المرجع السابق 2/ 154 ب- 55أ.
(6) سورة الحج: آية 61: (ذلك بأن الله يولج الليل في النهار
ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير).
(7) في (ظ): ويصبر.
(8) انظر: الواضح 2/ 155أ.
(1/317)
الله) (1) أي كنه ذلك.
وظاهر اختيار أبي البقاء من أصحابنا في إِعرابه (2): فهم
الراسخين له، واختاره جماعة، منهم: الآمدي (3). (4)
وعن ابن عباس قولان. (5)
وقال بعض أصحابنا: الأول محدث لم يقله أحد من السلف: لا أحمد
ولا غيره.
وجه الأول: سياق الآية من ذم مبتغي التأويل.
وقولهم: (آمنا به كل من عند ربنا) (6).
ولأن واو: (والراسخون) (7) للابتداء،، و (يقولون) (8) خبره،
لأنها لو كانت عاطفة عاد ضمير (يقولون) إِلى المجموع، ويستحيل
على الله،
__________
(1) سورة آل عمران: آية 7: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات
محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم
تأويله إِلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند
ربنا وما يذَّكّر إِلا أولو الألباب).
(2) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 1/ 124.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 168.
(4) نهاية 87 من (ح).
(5) انظر: تفسير الطبري 3/ 122 - 123، وأحكام القرآن للجصاص 2/
5.
(6): (8) سورة آل عمران: آية 7. وقد ذكر نصها في هامش (1).
(1/318)
وكان موضع (يقولون) نصباً حالاً (1) ففيه
اختصاص المعطوف بالحال.
قولهم: خص ضمير (يقولون) بالراسخين للدليل العقلي، والمعطوف قد
يختص بالحال مع عدم اللبس، ونظيره: (2) (والذين تبوءوا)
(يحبون) (3) فيها القولان، و (نافلة) قيل: حال من (يعقوب)
لأنها الزيادة، وقيل: منهما؛ لأنها العطية، وقيل: مصدر
كالعاقبة معاً، وعامله معنى (وهبنا) (4).
ولنا: أن نقول: الأصل عدم ذلك، والأشهر خلافه، ولهذا: في قراءة
ابن مسعود: "إِن تأويله إِلا عند الله (5) "، وفي قراءة أبي
(6): "ويقول الراسخون في العلم". (7).
__________
(1) في (ح): "على الحال"، وقد ضرب على اللفظين.
(2) نهاية 42 ب من (ب).
(3) سورة الحشر: آيتا 8، 9، (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا
من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون
الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان
من قبلهم يحبون من هاجر إِليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما
أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه
فأولئك هم المفلحون).
(4) سورة الأنبياء: آية 72: (ووهبنا له إِسحاق ويعقوب نافلة
وكلا جعلنا صالحين).
(5) انظر: تفسير الطبري 3/ 123، وزاد المسير 1/ 354.
(6) هو: الصحابي الجليل أبي بن كعب.
(7) انظر: تفسير الطبري 3/ 123، وزاد المسير 1/ 354.
(1/319)
وقال الفراء (1) وأبو عبيدة: الله هو
المنفرد (2).
قالوا: فيه إِخراج القرآن عن كونه بياناً.
والخطاب بما لا يفهم بعيد.
رد: بالمنع.
وفائدته الابتلاء.
مسألة
لا يجوز تفسيره برأي واجتهاد بلا أصل
وفي جوازه بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد (3).
__________
(1) هو: أبو زكريا. يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي
الديلمي، أديب نحوي لغوي مشارك في الفقه والطب وأيام العرب
وأشعارها، ولد بالكوفة سنة 144 هـ، وانتقل إِلى بغداد، وصحب
الكسائي، توفي في طريق مكة سنة 207 هـ ويقال: إِنه يميل إِلى
الاعتزال.
من مؤلفاته: معاني القرآن، والمقصور والمدود، والمذكر والمؤنث،
والفاخر في الأمثال، والأيام والليالي.
انظر: الفهرست/ 66، وتاريخ بغداد 14/ 149، ونزهة الألباء/ 126،
ومعجم الأدباء 7/ 276، ووفيات الأعيان 6/ 176، وغاية النهاية
2/ 371، وتهذيب التهذيب 11/ 212، ومفتاح السعادة 1/ 144.
(2) انظر: معاني القرآن للفراء 1/ 191، وزاد المسير 1/ 354،
والعدة للقاضي أبي يعلى/ 690.
(3) انظر: العدة/ 719، وكتاب الرد على الجهمية لأحمد 101، 125،
والتمهيد/ 84 ب.
(1/320)
وحمل بعضهم (1) المنع على صرفه عن ظاهره
بقليل من اللغة.
قال أحمد (2): ثلاث كتب ليس فيها أصول: المغازي، والملاحم،
والتفسير. (3) يعني: ليس غالبها الصحة.
* * *
__________
(1) انظر: المسودة/ 176.
(2) انظر: المرجع السابق/ 175.
(3) نهاية 35 أمن (ظ).
(1/321)
|