أصول الفقه لابن مفلح الإِجماع
لغة (1): العزم، والاتفاق.
واصطلاحاً: اتفاق علماء
العصر على حكم حادثة، ذكره (2) في العدة والتمهيد، وفيه -في
مكان آخر- (3): على أمرٍ فعلٍ أو تركٍ.
وفي الواضح كالأول، وأبدل "علماء" بـ "فقهاء"؛ لأن اتفاق
النحاة والمفسرين غير حجة -وهم علماء- ولا يعتد بهم في حادثة.
(4)
وقال بعض أصحابنا (5): على حكم شرعي.
وكذا في الروضة: اتفاق علماء العصر من هذه الأمة على أمر ديني
(6).
وكذا قاله الغزالي، وهو مراده بقوله (7): "أمة محمَّد عليه
السلام"، فلا يرد عليه أنه لا يوجد اتفاقهم إِلى يوم القيامة،
وأنه لا يطرد (8) بتقدير عدم
__________
(1) انظر: لسان العرب 9/ 408، وتاج العروس 5/ 307 (جمع).
(2) انظر: العدة/ 170، والتمهيد/ 3 ب.
(3) انظر: التمهيد/ 131 أ.
(4) انظر: الواضح 1/ 9 ب.
(5) كابن حمدان في المقنع. انظر: التحرير/ 17 ب.
(6) انظر: روضة الناظر/ 130.
(7) انظر: المستصفى 1/ 173.
(8) لا يطرد: لا يكون مانعًا. قال المؤلف في كتابه هذا: شرطه
-يعني الحد- أن يكون مطردًا، وهو المانع. انظر: ص 43 - 44 من
هذا الكتاب.
(2/365)
مجتهد في عصر اتفقت عوامه على أمر ديني،
لكنه لا ينعكس (1) بتقدير اتفاق المجتهد بن على عقلي أو عرفي،
إِلا أن يكون -كما قيل- ليس إِجماعًا عنده.
مسألة
يجوز ثبوت الإِجماع، خلافًا (2) للأشهر عن إِبراهيم (3)
النَّظَّام المعتزلي وبعض الرافضة.
وقد قال أحمد -في رواية عبد الله (4) -: "من ادعى (5) الإِجماع
فهو
__________
(1) لا ينعكس: لا يكون جامعًا. قال المؤلف في كتابه هذا: شرطه
-يعني الحد- أن يكون منعكسًا، وهو الجامع. انظر: المرجع
السابق.
(2) انظر: شرح العضد 2/ 29.
(3) هو: أبو إِسحاق إِبراهيم بن يسار بن هانئ البصري، لقب
بالنظام لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة، كان أديبًا
متكلمًا شديد الحفظ، وإليه تنسب (النظامية) إحدى فرق المعتزلة،
وله آراء شاذة منها: إِنكار حجية الإِجماع والقياس. توفي في
حدود سنة 231 هـ.
انظر: روضات الجنات 1/ 151، وتاريخ بغداد 6/ 97، والتبصير في
الدين/ 43، وفرق وطبقات المعتزلة/ 59، وفضل الاعتزال وطبقات
المعتزلة/ 264، والفرق بين الفرق/ 113.
(4) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، إِمام عالم
بالحديث وعلله، كان من أكثر الناس رواية عن أبيه، وقد رتب مسند
والده وله فيه زيادات، توفي ببغداد سنة 290 هـ. من مؤلفاته:
المسائل، رواها عن أبيه.
انظر: طبقات الحنابلة 1/ 180، وتاريخ بغداد 9/ 375، وتذكرة
الحفاظ/ 565، وطبقات الحفاظ / 288، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/
190، وشذرات الذهب 2/ 203، والمنهج الأحمد 1/ 206.
(5) انظر: مسائل الإِمام أحمد (رواية عبد الله) / 438 - 439،
والعدة/ 160 أ،=
(2/366)
كذاب، لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى (1) بشر
المرِيْسِي (2) والأصم" (3)، وفي رواية المروذي (4): "كيف يجوز
(5) أن يقول: "أجمعوا"؟ إِذا سمعتهم (6) يقولون: "أجمعوا"
فاتَّهِمْهم، وإِنما وضع هذ الوضع الأخبار، وقالوا: الأخبار لا
تجب بها حجة، وقالوا: نقول بالإِجماع، وأن ذلك قول ضرار (7) "،
وفي رواية
__________
=والتمهيد/ 134 ب.
(1) نهاية 99 من (ح).
(2) هو: أبو عبد الرحمن بشر بن غياث المريسي، نسبة إِلى
(مريسة) قرية في مصر، المبتدع المشهور واحد كبار شيوخ
المعتزلة، من دعاة القول بخلق القرآن، توفي سنة 218 هـ.
انظر: وفيات الأعيان 1/ 127، والبداية والنهاية 10/ 281،
والجواهر المضية 1/ 44، والفوائد البهية/ 54، وطبقات الشافعية
للأسنوي 1/ 143.
(3) هو: أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان المعتزلي، من رجال الطبقة
السادسة من طبقات المعتزلة الذين كانت وفاتهم في أوائل القرن
الثالث الهجري، له تفسير عجيب.
انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 65 - 66، والفهرست/ 34، ولسان
الميزان 3/ 427، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 269.
(4) هو: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن الحجاج، من أجل أصحاب
الإِمام أحمد، إِمام في الفقه والحديث، نقل عن أحمد كثيراً،
وتوفي سنة 275 هـ.
انظر: طبقات الحنابلة 1/ 56، والمنهج الأحمد 1/ 172، وشذرات
الذهب 2/ 166.
(5) انظر: العدة/ 160أ، والتمهيد/ 134 ب.
(6) في (ظ): سمعتم.
(7) هو: أبو عمر ضرار بن عمرو القاضي، قال بالجبر وأنكر عذاب
القبر، أخذ عن واصل بن عطاء المعتزلي، وينسب هو وأصحابه إِلى
المعتزلة، ويذكر البلخي ان سمة=
(2/367)
أبي الحارث (1): "لا ينبغي (2) لأحد أن
يدعي الإِجماع، وأول من قال: (3) "أجمعوا" ضرار".
قال القاضي: ظاهره منع صحة الإِجماع، وإينما هذا على الورع (4)
أو فيمن ليس له معرفة بخلاف السلف (5)، لما يأتي (6).
وكذا أجاب (7) أبو الخطاب.
وحمله ابن عقيل [على] الورع (8)، أو لا يحيط علماً به غالبًا.
وقال بعض أصحابنا (9): هذا نهي عن الإِجماع العام النطقي، وقال
__________
=الاعتزال لا تلزمهم ولا يقبلهم أهله، وقال الحاكم الجشمي
المعتزلي: أخذ عنهم ثم خالفهم فكفروه وطردوه، ومن عده من
المعتزلة فقد أخطأ لأنا نتبرأ منه فهو من المجبرة.
انظر: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة / 75، 163، 201، 245،
ولسان الميزان 3/ 203، وميزان الاعتدال 2/ 328 - 329.
(1) هو: أحمد بن محمَّد الصائغ، منَ أصحاب الإِمام أحمد
المقربين إِليه، نقل عنه مسائل كثيرة. انظر: طبقات الحنابلة 1/
74.
(2) انظر: العدة/ 160.أ
(3) نهاية 49 أمن (ب).
(4) نهاية 39 أمن (ظ).
(5) انظر: العدة/ 160.أ
(6) في المسألة الآتية (الإجماع حجة قاطعة، نص عليه أحمد).
(7) انظر: التمهيد/ 135 أ.
(8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(9) انظر: المسودة/ 316.
(2/368)
-أيضًا-: الظاهر إِمكان وقوعه، وأما إِمكان
(1) العلم به فأنكره غير واحد من الأئمة، كما يوجد في كلام
أحمد وغيره.
وذكر الآمدي أن بعضهم خالف في تصوره، وأن القائلين به خالف
بعضهم في إِمكان معرفته، منهم أحمد في رواية. (2)
وتبع الآمدي بعض أصحابنا، وقال: مراد أحمد تعذر معرفة كل
المجمعين لا أكثرهم.
قالوا: إِن كان عن دليل قاطع فعدم نقله مستحيل عادة، والظني
يمتنع اتفاقهم فيه عادة لتباين قرائحهم ودواعيهم المقتضية
لاختلافهم.
رد: بمنعهما (3)؛ للاستغناء عن نقل القاطع بالإِجماع، وكون
الظن جليًا تتفق فيه القرائح.
قالوا: تفرقهم في أطراف الأرض يمنع نقل الحكم إِليهم عادة.
رد: بالمنع؛ لِجِدِّهم في الأحكام وبحثهم عنها.
قالوا: العادة تحيل ثبوته عنهم؛ لخفاء بعضهم أو كذبه أو رجوعه
قَبْل قول غيره، ثم لو جاز العلم بثبوته لم يقع العلم به؛ لأن
العادة تحيل نقله لبُعد التواتر، ولا تفيد الآحاد.
ورد: بما لو علم بحصرهم، وبأن تعذره لا يمنع كونه حجة كقول
النبي
__________
(1) في (ب) و (ح): إِنكار.
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 961، 198.
(3) في (ظ): بمنعها.
(2/369)
- صلى الله عليه وسلم -، وبأن العلماء
كالأعلام لا سيما الصحابة (1)، وبالقطع (2) بتقديم النص القاطع
على الظن (3).
ورده بعض أصحابنا والآمدي (4): باتفاق أهل الكتاب على باطل،
ولم نعرف مستندهم من قولِ متَّبَعٍ يقلدونه (5)
ونقض (6) بعض أصحابنا (7) والآمدي (8) وغيرهم بالإِجماع على
أركان الإِسلام، وطريق علمها ليس ضروريًا (9)، والوقوع دليل
التصور وزيادة.
__________
(1) نهاية 100 من (ح)
(2) نهاية 49 ب من (ب).
(3) يعني: يعلم قطعاً من الصحابة والتابعين الإِجماع على تقديم
الدليل القاطع على المظنون، وما ذلك إِلا بثبوته عنهم وبنقله
إِلينا. انظر: شرح العضد 2/ 30.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 199، ومنتهى السول له 1/ 50.
(5) في (ب): يقدرونه.
(6) في التعريفات/ 108: النقض لغة: الكسر، وفي الاصطلاح: بيان
تخلف الحكم المدعى ثبوته أو نفيه عن دليل المعلل الدال عليه في
بعض من الصور.
(7) انظر: البلبل/ 128.
(8) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 197.
(9) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه على الإِحكام
للآمدي 1/ 197: وجوب أركان الإِسلام مما علم من الدين
بالضرورة، والإِجماع في مثل ذلك مسلم، لكنه ليس محل النزاع.
(2/370)
مسألة
الإِجماع حج قاطعة، نص عليه أحمد (1)، وقاله عامة الفقهاء
والمتكلمين، خلافاً (2) للنظام وبعض المرجئة وبعض الخوارج وبعض
الشيعة.
وهو حجة شرعًا لا عقلاً -ذكره القاضي (3) وغيره- خلافاً
لبعضهم.
وسبق اتفاقهم على عمل -لا قول منهم فيه- قبيل الإِجماع. (4)
لنا: (ومن يشاقق الرسول) الآية (5) -احتج (6) بها الشافعي-
توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين، وإينما يجوز لمفسدة متعلقة
به، وليست من جهة المشاقة وإلا كانت كافية.
والسبيل: الطريق، فلو خص بكفر أو غيره كان اللفظ مبهماً، وهو
خلاف الأصل. (7)
__________
(1) انظر: العدة/ 160أ، والتمهيد / 135 أ.
(2) انظر: المعتمد/ 458، والمحصول 2/ 1/ 46، والإِحكام للآمدي
1/ 200، ونهاية السول 2/ 277، وشرح العضد 2/ 30.
(3) انظر: العدة/ 162أ.
(4) انظر: ص 364 من هذا الكتاب.
(5) سورة النساء: آية 115: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين
له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين قوله ما تولى ونصله جهنم
وساءت مصيرًا).
(6) انظر: أحكام القرآن للشافعي 1/ 39، والتبصرة/ 439،
والمعرفة للبيهقي 1/ 89.
(7) نهاية 39 ب من (ظ).
(2/371)
و"المؤمن" حقيقة في الحي المتصف به، ثم
عمومه إِلى يوم القيامة يبطل المراد، وهو الحث على متابعة
سبيلهم.
والجاهل (1) غير مراد، ثم المخصوص حجة.
والسبيل (2) عام.
والتأويل بمتابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو متابعتهم في
الإِيمان [أو] (3) الاجتهاد: لا ضرورة إِليه فلا يقبل.
وليس تبيين الهدى شرطًا للوعيد بالاتباع بل للمشاقة؛ لأن
إِطلاقها لمن عرف الهدى أولاً، ولأن تبيين الأحكام الفروعية
ليس (4) شرطًا في المشاقة، فإِن من تبين له صدق الرسول (5)
وتركه فقد شاقه ولو جهلها.
وقول الإِمامية: "المراد به من فيهم المعصوم؛ لأن سبيلهم حينئذ
حق (6) " خلاف (7) الظاهر وتخصيص بلا ضرورة (8)، ولا دليل (9)
لهم على
__________
(1) جواب عن اعتراض مقدر: إِن لفظ "المؤمنين" عام في كل مؤمن
عالم وجاهل، والجهال غير داخلين في الإِجماع المتبع، فالآية
غير دالة عليه.
(2) جواب اعتراض مقدر: السبيل مفرد لا عموم له، فلا يقتضي
اتباع كل سبيل.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(4) في (ح) و (ظ): ليست.
(5) نهاية 50 أمن (ب).
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 208.
(7) في (ب) و (ظ): فخلاف.
(8) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بالضرورة.
(9) نهاية 101 من (ح).
(2/372)
العصمة.
وما قيل من "أن الآية ظاهرة، ولا دليل على أن الظاهر حجة إِلا
الإِجماع، فيلزم الدور" ممنوع؛ لجواز نص قاطع على أنه حجة، أو
استدلال قطعي؛ لأن الظاهر مظنون وهو حجة لئلا يلزم رفع
النقيضين أو اجتماعهما أو العمل بالمرجوح (1) وهو خلاف العقل.
وأيضاً: (فإِن تنازعتم في شيء فردوه) (2)، والمشروط عدم عند
عدم شرطه، فاتفاقهم كاف.
واعترض: عدم الرد إِلى الكتاب والسنة عند الإِجماع إِن بني
الإِجماع على أحدهما فهو كاف، وإِلا ففيه تجويز الإِجماع بلا
دليل.
ثم: لا نسلم عدم الشرط؛ فإِن الكلام مفروض في نزاع مجتهدين
متأخرين لإِجماع (3) سابق.
رد الأول: بأن الإِجماع إِن احتاج إِلى مستند فقد يكون قياسًا.
والثاني: مشكل جدًا، قاله الآمدي (4).
__________
(1) في (ب): بالمرجوع.
(2) سورة النساء: آية 59: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه
إِلى الله والرسول إِن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير
وأحسن تأويلاً).
(3) في (ب) و (ظ): لا إِجماع. وانظر الإِحكام للآمدي 1/ 218.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 218.
(2/373)
واختار أبو الخطاب (1): أن مراد الآية (2)
فيما لا نعلم (3) أنه خطأ، وأن ظنناه (4) رددنا إِلى الله
ورسوله.
وأيضاً: (ولا تفرقوا) (5)، وخلاف الإِجماع تفرق، والنهي عن
التفرق ليس في الاعتصام؛ للتأكيد (6) ومخالفة الظاهر، وتخصيصه
بما (7) قبل الإِجماع لا يمنع الاحتجاج به (8)، ولا يختص
الخطاب بالموجودين زمنه عليه السلام؛ لأن التكليف لكل من وجد
مكلفاً (9) كما سبق. (10)
وأيضاً: (كنتم خير أمة) (11) فلو اجتمعوا على باطل كانوا قد
اجتمعوا على منكر لم ينهوا عنه ومعروف لم يؤمروا به، وهو خلاف
ما وصفهم الله به.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 133 ب.
(2) يعني: طاعة أولي الأمر فيما لا نعلم أنه خطأ.
(3) في (ب) و (ظ): فيما لا يعلم.
(4) يعني: ظننا الخطأ ونازعناهم فيه.
(5) سورة آل عمران: آية 103: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا
تفرقوا)
(6) لأنه لو كان في الاعتصام لكان تأكيداً، والأصل التأسيس.
(7) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بها.
(8) لأن العام حجة بعد التخصيص.
(9) في (ح): مطلقًا.
(10) انظر: ص 295 من هذا الكتاب.
(11) سورة آل عمران: آية 110: (كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ...).
(2/374)
ولأنه جعلهم (أمة وسطًا) (1) أي عدولاً،
ورضي بشهادتهم مطلقًا.
وعلى ذلك اعتراضات وأجوبة (2) تطول.
وعن أبي مالك (3) الأشعري مرفوعًا: (إِن الله أجاركم من (4)
ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعًا، وأن لا
يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا [على] (5)
ضلالة). رواه (6) أبو داود من رواية إِسماعيل بن عَيَّاش (7)
عن ضَمْضَم بن زُرْعَة
__________
(1) سورة البقرة: آية 143: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا
شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا ...)
(2) نهاية 50 ب من (ب).
(3) هو: الصحابي الحارث بن الحارث.
(4) نهاية 40 أمن (ظ).
(5) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(6) انظر: سنن أبي داود 4/ 452، وأخرجه -أيضاً- الدارمي في
سننه 1/ 32 من حديث عمرو بن قيس بألفاظ أخرى. قال المناوي في
فيض القدير 2/ 199: قال في المنار: هذا الحديث منقطع. وقال ابن
حجر: في إِسناده انقطاع، وله طرق لا يخلو واحد منها من مقال.
وقال -في موضع آخر-: سنده حسن، وله شاهد عند أحمد، ورجاله
ثقات، لكن فيه راو لم بسم. فانظر: مسند أحمد 6/ 396، وراجع:
المعتبر/ 12 أ.
(7) هو: أبو عتبة العنسي الحمصي عالم أهل الشام، ولد سنة 106
هـ، روى عن محمَّد ابن زياد الألهاني وضمضم بن زرعة وغيرهما،
وروى عه محمَّد بن إِسحاق والثوري والأعمش والليث بن سعد
وغيرهم، توفي سنة 181 هـ، وثقه أحمد وابن معين ودحيم والبخاري
وابن عدي في أهل الشام وضعفوه في الحجازيين، قال ابن حجر في=
(2/375)
الحمصي (1)، وأكثرهم يصحح حديث إِسماعيل عن
الشاميين، منهم (2): أحمد وابن معين (3) والبخاري.
وعن ابن عمر مرفوعًا: (لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة أبدًا)
-فيه
__________
=التقريب: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم.
انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 36، وميزان الاعتدال 1/
240، وتهذيب التهذيب 1/ 321، وتقريب التهذيب 1/ 73، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال / 35.
(1) الحضرمي، روى عن شريح بن عبيد، وعنه إِسماعيل بن عياش،
ويحيى بن زرعة الحضرمي، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في
الثقات، وضعفه أبو حاتم، قال ابن حجر في التقريب: صدوق يهم.
انظر: ميزان الاعتدال 2/ 331، وتهذيب التهذيب 4/ 462، وتقريب
التهذيب 1/ 375، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 178.
(2) انظر: التاريخ الكبير للبخاري 1/ 1/ 369 - 370، والجرح
والتعديل 1/ 1/ 192، والسنن الكبرى للبيهقي 1/ 142.
(3) هو: أبو زكريا يحيى بن معين بن عون الغطفاني -مولاهم-
البغدادي، إِمام حافظ ثبت متقن ذو معرفة واسعة بالحديث، توفي
بالدينة سنة 233 هـ.
من مؤلفاته: التاريخ.
انظر: تاريخ بغداد 14/ 177، ووفيات الأعيان 5/ 190، وطبقات
الحنابلة 1/ 420، وتذكرة الحفاظ/ 429، وتهذيب الأسماء واللغات
1/ 2/ 156، وطبقات الحفاظ / 185 والمنهج الأحمد 1/ 93، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال/ 428، وشذرات الذهب 2/ 79.
(2/376)
سليمان (1) بن سفيان، ضَعَّفوه- رواه (2)
(3) الترمذي، وقال: غريب من هذا الوجه. (4)
__________
(1) هو: أبو سفيان التيمي المدني، روى عن بلال بن يحيى وعبد
الله بن دينار، وعنه أبو داود الطيالسي، ضعفه أبو حاتم وغيره.
انظر: ميزان الاعتدال 2/ 209، وتهذيب التهذيب 4/ 194، وتقريب
التهذيب 1/ 325، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 152.
(2) انظر: سنن الترمذي 3/ 315، قال: وفي الباب عن ابن عباس.
وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 5/ 145 من حديث أبي ذر وأبي بصرة
مرفوعين، والحاكم في مستدركه 1/ 115 - 116 من حديث ابن عمر
وابن عباس مرفوعين، قال الحاكم -عن حديث ابن عمر-: استقر
الخلاف في إِسناده على المعتمر بن سليمان -وهو أحد أركان
الحديث- من سبعة أوجه (وكان قد ذكرها) ... ولكن نقول: إِن
المعتمر بن سليمان أحد أئمة الحديث، وقد روي عنه هذا الحديث
بأسانيد يصح بمثلها الحديث، فلا بد أن يكون له أصل بأحد هذه
الأسانيد، ثم وجدنا للحديث شواهد من غير حديث المعتمر لا أدعي
صحتها ولا أحكم بتوهينها، بل يلزمني ذكرها لإِجماع أهل السنة
على هذه القاعدة من قواعد الإِسلام، فممن روي عنه هذا الحديث
من الصحابة ابن عباس. ثم ذكره.
(3) نهاية 102 من (ح).
(4) قال المباركفوري: والحديث قد استدل به على حجية الإِجماع،
وهو ضعيف، لكن له شواهد، قال ابن حجر في التلخيص: قوله: (وأمته
معصومة لا تجتمع على ضلالة) هذا في حديث مشهور له طرق كثيرة لا
يخلو واحد منها من مقال. فانظر: تحفة الأحوذي 6/ 386، وانظر
-أيضًا-: الإِحكام لابن حزم/ 496، والمعتبر/ 12 ب- 13أ، وتخريج
أحاديث المنهاج للعراقي/ 298 والمقاصد الحسنة / 460، وتخريج
أحاديث البزدوي/ 245.
(2/377)
وعن مُعان (1) بن رفاعة (2) عن أبي خلف (3)
الأعمى عن أنس (4) مرفوعًا: (إِن أمتي لا تجتمع على ضلالة،
فإِذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم، الحق وأهله).
إِسناد ضعيف، رواه (5) ابن ماجه
__________
(1) غيرت في (ب) و (ظ) إِلى معاذ.
(2) هو: أبو محمَّد السلامي الدمشقي -ويقال: الحمصي- روى عن
إِبراهيم بن عبد الرحمن العذري وعبد الوهاب بن بخت وعطاء
الخراساني وأبي خلف الأعمى وغيرهم، وعنه إِسماعيل بن عياش
ومبشر بن إِسماعيل الحلبي وعصام بن خالد وغيرهم، توفي سنة 157
هـ. وثقه ابن المديني ودحيم، وعن أحمد: لم يكن به بأس، وضعفه
ابن معين، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال الذهبي: هو صاحب
حديث ليس بمتقن، قال ابن حجر في التقريب: لين الحديث كثير
الإِرسال.
انظر: ميزان الاعتدال 4/ 134، وتهذيب التهذيب 10/ 201، وتقريب
التهذيب 2/ 258.
(3) هو: حازم بن عطاء البصري، روى عن أنس بن مالك، وعنه سابق
البربري ومعان بن رفاعة وأبو عبد الله البكاء، كذبه يحيى بن
معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. قال ابن حجر في التقريب:
متروك.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 446، 4/ 521، وتهذيب التهذيب 12/ 87،
وتقريب التهذيب 2/ 417 - 418.
(4) هو الصحابي أبو حمزة أنس بن مالك.
(5) انظر: سنن ابن ماجه/ 1303، والسنة لابن أبي عاصم / 8 أ.
وأخرجه -أيضًا- الحاكم في مستدركه 1/ 115 من حديث ابن عمر
(وتقدم كلامه عليه في الحديث السابق). قال ابن قُطلُوبُغَا:
رواه ابن ماجه، وفيه ضعف، لكن له طريقان آخران، أحدهما: عند
الحاكم، والآخر عند ابن أبي عاصم، وفي كليهما=
(2/378)
وابن أبي عاصم (1).
وعن إِسماعيل بن عَيَّاش عن البَخْتَرِي (2) بن عبيد عن أبيه
(3) عن أبي ذر (4)
__________
=ضعف. ورواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر وأصله للترمذي.
وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه: في إسناده أبو خلف الأعمى،
وهو ضعيف، وقد جاء الحديث بطرق في كلها نظر.
انظر: تخريج أحاديث البزدوي / 243، وتخريج أحاديث المنهاج /
300.
(1) هو: أبو بكر أحمد بن عمرو النبيل الشيباني، قاضي أصبهان،
محدث فقيه، توفي سنة 287 هـ.
من مؤلفاته: كتاب السنة.
انظر: تذكرة الحفاظ / 640، وطبقات الحفاظ/ 280، وشذرات الذهب
2/ 197.
(2) هو: البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي الكلبي الشامي، روى
عن أبيه وسعد بن مسهر، وعنه إِسماعيل بن عياش وأبو الوليد بن
مسلم وهشام بن عمار وغيرهم. ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال أبو
نعيم: روى عن أبيه موضوعات. وقال الأزدي: كذاب ساقط. قال ابن
حجر في التقريب: ضعيف متروك.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 299، وتهذيب التهذيب 1/ 422، وتقريب
التهذيب 1/ 94، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 46.
(3) هو: عبيد بن سلمان الكلبي، روى عن أبي ذر وأبي هريرة
ومعاوية، وعنه ابنه البختري ويزيد بن عبد الملك النوفلي. قال
أبو حاتم والدارقطني: مجهول. وقال يعقوب بن شيبة: معروف. قال
ابن حجر في التقريب: مجهول.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 19، وتهذيب التهذيب 7/ 66، وتقريب
التهذيب 1/ 543، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 255.
(4) هو: الصحابي جندب بن جنادة بن سفيان الغفاري.
(2/379)
مرفوعًا: (عليكم بالجماعة، فإِن الله لن
(1) يجمع أمتي إِلا على هدى). إِسناد ضعيف، رواه أحمد (2).
ولأحمد (3) وأبي داود عن خالد بن وهبان (4) -وهو مجهول- عن أبي
ذر مرفوعًا: (من فارق الجماعة شبرًا فقد خلع ربقة الإِسلام من
عنقه). (5)
ولهما (6) أيضاً -بإِسناد جيد- عن معاوية (7) مرفوعًا: (إِن
هذه الأمة
__________
(1) في (ح): لا. وفي (ظ): لم.
(2) انظر: مسند أحمد 1/ 145، وتحفة الأحوذي 6/ 384، 388.
(3) انظر: مسند أحمد 5/ 180، وسنن أبي داود 5/ 118.
(4) هو: ابن خالة أبي ذر، روى عنه، وعنه أبو الجهم سليمان بن
الجهم الجوزجاني، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم:
مجهول. وكذا قال ابن حجر في التقريب.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 644، وتهذيب التهذيب 3/ 125، وتقريب
التهذيب 1/ 220، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 103.
(5) وأخرجه -أيضًا- الحاكم في مستدركه 1/ 117، وقال: وخالد بن
وهبان لم يجرح في رواياته، وهو تابعي معروف، إِلا أن الشيخين
لم يخرجاه، وقد روى هذا المتن عن ابن عمر بإِسناد صحيح على
شرطهما. أ. هـ ووافقه الذهبي في التلخيص على عدم تضعيف خالد.
وأخرج نحوه النسائي في سننه 7/ 92 من حديث عرفجة مرفوعاً.
(6) انظر: مسند أحمد 4/ 102، وسنن أبي داود 5/ 4 - 5.
(7) هو: الصحابي معاوية بن أبي سفيان.
(2/380)
ستفترق (1) على ثلاث وسبعين -يعني ملة-
ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة). (2)
وللترمذي (3) عن ابن عمر مرفوعاً: (إِن الله لا يجمع أمتي -أو
قال: أمة محمَّد- على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ
في النار). (4)
__________
(1) في (ب): ستفرق.
(2) وأخرجه أبو داود -أيضًا- في سننه 4/ 5 من حديث أبي هريرة
مرفوعًا، والترمذي في سننه 4/ 134 من حديث أبي هريرة، وقال:
وهو حديث حسن صحيح، قال: وفي الباب عن سعد وعبد الله بن عمرو
وعوف بن مالك. وأخرجه ابن ماجه في سننه / 1321 - 1322 من حديث
أبي هريرة وعوف بن مالك وأنس. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 158
من حديث معاوية. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد
الظمآن/ 454) من حديث أبي هريرة. وأخرجه الحاكم في مستدركه 1/
128 من حديث أبي هريرة، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه،
وله شواهد -وذكرها- ثم قال: هذه أسانيد تقام بها الحجة في
تصحيح هذا الحديث. أ. هـ، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(3) انظر: سنن الترمذي 31513 - 316، وفي سنده سليمان المديني،
قال الترمذي: وسليمان المديني هو عندي سليمان بن سفيان، وفي
الباب عن ابن عباس.
وأخرج الترمذي عن ابن عباس مرفوعًا: (يد الله مع الجماعة)،
وقال: غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إِلا من هذا الوجه.
(4) وأخرجه -أيضاً- ابن أبي عاصم في السنة/ 8 ب، والحاكم في
مستدركه 1/ 115 - 116 من حديث ابن عمر وابن عباس، وانظر: ص 377
من هذا الكتاب.
(2/381)
ولأحمد (1) عن أبي بصرة الغفاري (2)
مرفوعًا: (سألت الله أن لا يجمع أمتي على ضلالة، فأعطانيه).
(3)
وعن ابن عباس مرفوعًا: (من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر،
فإِنه من فارق الجماعة شبرًا -فمات- فميتة (4) جاهلية). (5)
وعن أبي هريرة (6) مرفوعًا: (من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة
-فمات- مات ميتة جاهلية). متفق عليهما. (7)
وعن عبد الرحمن (8) بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعًا:
(ثلاث
__________
(1) انظر: مسند أحمد 6/ 396، وفيه راو لم يسم.
(2) الصحابي جميل بن بصرة.
(3) وأخرجه -أيضًا- الطبراني في المعجم الكبير 2/ 314 - 315،
وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 30، وابن أبي خيثمة
في تاريخه، فانظر: المعتبر/ 13 ب، والمقاصد الحسنة / 460.
(4) في (ح): فميتته
(5) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 47، 62، ومسلم في صحيحه / 1477
- 1478.
(6) نهاية 51 أمن (ب).
(7) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1476 - 1477، وابن أبي عاصم في
السنة/ 9 أ، والنسائي في سننه 7/ 123، ولم أجده في صحيح
البخاري.
(8) الهذلي الكوفي، ثقة روى عن أبيه وعلي بن أبي طالب وغيرهما،
وعنه ابناه القاسم ومعن وسماك بن حرب وغيرهم، وقد تكلموا في
روايته عن أبيه لصغره، فاختلفوا في سماعه منه، توفي سنة 79 هـ.
نظر: ميزان الاعتدال 2/ 573، وتهذيب التهذيب 6/ 215.
(2/382)
لا (1) يغل (2) عليهن قلب مسلم: إِخلاص (3)
العمل (4) لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم). إِسناده
جيد، لكن اختلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، رواه الشافعي (5).
ولأحمد (6) مثله من حديث جبير (7) بن مطعم بإِسناد حسن (8).
__________
(1) في (ظ): لا تعل.
(2) لا يغل -بضم الياء وكسر الغين وتشديد اللام-: من الإِغلال،
وهو الخيانة في كل شيء.
ويروى (يغل) -بفتح الياء وكسر الغين وتشديد اللام-: من الغل
وهو الحقد والشحناء، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق.
ويروى (يغل) -بفتح الياء وكسر الغين وتخفيف اللام-: من الوغول
وهو الدخول في الشر. والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها
القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر. انظر:
النهاية في غريب الحديث 3/ 381.
(3) في (ظ): اخلص.
(4) في (ب): العلم.
(5) انظر: بدائع المنن 1/ 14.
(6) انظر: مسند أحمد 4/ 80، 82، وأخرجه أحمد -أيضًا- في مسنده
3/ 225، 5/ 183 من حديث أنس وزيد بن ثابت.
(7) هو: الصحابي جبير بن مطعم القرشي.
(8) وأخرجه -أيضًا- ابن ماجه في سننه/ 84، 1016 من حديث جبير
وزيد بن ثابت، والدارمي في سننه 1/ 65 من حديث جبير، والحاكم
في مستدركه 1/ 86 - 88 من حديث جبير من طرق، وقال: صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص.
(2/383)
وعن ثوبان (1) مرفوعًا: (لا تزال طائفة من
أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله،
وهم كذلك). وفي (2) حديث جابر (3): (إِلى يوم القيامة). وفي
حديث جابر بن (4) سمرة: (حتى تقوم (5) الساعة).
روى (6) ذلك مسلم، وفي الصحيحين (7) معناه من حديث معاوية (8).
وعن عمر مرفوعًا: (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإِن
الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بُحْبُوحة
الجنة فليلزم الجماعة).
حديث صحيح له طرق، رواه (9) الشافعي وأحمد
__________
(1) هو: الصحابي ثوبان بن بُجْدُد.
(2) نهاية 103 من (ح).
(3) الصحابي جابر بن عبد الله.
(4) هو: الصحابي أبو عبد الله السّوائي.
(5) نهاية 40 ب من (ظ).
(6) انظر: صحيح مسلم/ 1523 وما بعدها.
(7) انظر: صحيح البخاري 1/ 21، 4/ 207، 9/ 10، وصحيح مسلم/
1524.
(8) وأخرجه البخاري -أيضًا- في صحيحه 4/ 207، 9/ 101 من حديث
المغيرة بن شعبة، وأخرجه مسلم -أيضًا- في صحيحه/ 1523، 1524 -
1525 من حديث المغيرة وعقبة بن عامر.
(9) انظر: الرسالة للشافعي/ 473 - 474، ومسند أحمد 1/ 26،
وتخريج أحاديث البزدوي/ 243، وتحفة الأحوذي 6/ 184، وسنن
الترمذي 3/ 315، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد
روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه
وسلم -.
(2/384)
وعبد بن حميد (1) والترمذي وغيرهم (2).
وفي مسند (3) أبي داود (4) الطيالسي: ثنا المسعودي (5)
__________
(1) هو: أبو محمَّد عبد بن حميد بن نصر الكِسِّي، قيل: اسمه
عبد الحميد، إِمام حافظ ثقة، روى عنه مسلم والترمذي وخلق، توفي
سنة 249 هـ.
من مؤلفاته: المسند، والتفسير.
انظر: تذكرة الحفاظ/ 534، وطبقات الحفاظ/ 234، وخلاصة تذهيب
تهذيب الكمال/ 248، وشذرات الذهب 1/ 120.
(2) كالطيالسي في مسنده/ 7، وأبي يعلى في مسنده 1/ 21 - 22
مخطوط، وابن أبي عاصم في السنة/ 9أ، والحاكم في مستدركه 1/ 114
من طرق، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي
في التلخيص.
(3) من أوائل المسانيد المصنفة، وهو مطبوع.
(4) هو: سليمان بن داود بن الجارود البصري، حافظ محدث ثقة،
توفي بالبصرة سنة 203 هـ.
من مؤلفاته: المسند.
انظر: تاريخ بغداد 9/ 24، وتذكرة الحفاظ 1/ 35، وميزان
الاعتدال 2/ 203، وطبقات الحفاظ/ 149، وشذرات الذهب 2/ 12.
(5) هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود
الكوفي، روى عن أبي إِسحاق السبيعي وأبي إِسحاق الشيباني وحبيب
بن أبي ثابت وغيرهم، وعنه السفيانان وشعبة وأبو داود الطيالسي
وغيرهم، توفي سنة 160 هـ، وثقه أحمد وابن معين، وقال ابن حبان:
اختلط حديثه فلم يتميز، فاستحق الترك، وقال الذهبي: سيئ الحفظ،
كره بعض الأئمة الرواية عنه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق
اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط.=
(2/385)
عن (1) أبي وائل (2) عن عبد الله بن مسعود:
"ما رآه المسلمون (3) حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه (4)
المسلمون سيئًا فهو عند الله سَيِّئ" (5).
__________
=انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 351، وميزان الاعتدال
2/ 574، وتهذيب التهذيب 6/ 210، وتقريب التهذيب 1/ 487.
(1) كذا في النسخ، وفي المسند: المسعودي عن عاصم عن أبي وائل،
وعاصم هو: أبو بكر عاصم بن أبي النجود -بهدلة- الأسدي الكوفي،
أحد القراء السبعة، روى عن أبي وائل وأبي صالح السمان وأبي عبد
الرحمن السلمي وغيرهم، وعنه الأعمش وشعبة والمسعودي وغيرهم،
توفي سنة 127 هـ، قال أحمد وأبو زرعة: ثقة. وقال النسائي: ليس
بحافظ. وقال الدارقطني: في حفظ عاصم شيء.
وقال الذهبي: ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون المثبت، صدوق
يهم، خرج له الشيخان لكن مقرونًا بغيره لا أصلاً وانفرادًا.
وقال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام، حجة في القراءة،
وحديثه في الصحيحين مقرون.
انظر: تهذيب الكمال/ 634 مخطوط، وميزان الاعتدال 2/ 357،
وتهذيب التهذيب 5/ 38، وتقريب التهذيب 1/ 383.
(2) هو: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة كثير الحديث، أدرك
النبي ولم يره، روى عن ابن مسعود وغيره، وعنه عاصم وغيره، توفي
سنة 82 هـ.
انظر: الكاشف 2/ 15، وتهذيب التهذيب 4/ 361، وتقريب التهذيب 1/
354.
(3) في المسند: المؤمنون.
(4) في المسند: وما رأوه قبيحًا فهو عند الله قبيح.
(5) انظر: مسند الطيالسي/ 33. وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 1/
379، والطبراني في المعجم الكبير 9/ 118، والخطيب في الفقيه
والمتفقه 1/ 166 - 167، والبغوي في شرح السنة 1/ 214 - 215.
وفي مجمع الزوائد 1/ 781:=
(2/386)
قال الآمدي (1) وغيره: السنة أقرب الطرق
إِلى كون الإِجماع حجة قاطعة.
فإِن قيل: آحاد.
سلمنا التواتر، لكن يحتمل أنه أراد عصمتهم عن الكفر بلا تأويل
وشبهة، أو عن الخطأ في الشهادة في الآخرة، أو فيما يوافق
المتواتر (2)، ويحتمل أنه أراد كل الأمة إِلى يوم القيامة.
ثم: لم يلزم أنه حجة على المجتهدين لا سيما إِن قيل: كل مجتهد
مصيب.
رد: (3) بالقطع بمجموعها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد
تعظيم أمته وبيان (4) عصمتها عن الخط، كالقطع بوجود حاتم
الطائي (5)، فهي متواترة معنى.
وفي كلام القاضي (6) -وهو معنى الروضة (7) -: لا بد لكثرتها من
__________
=رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله موثقون. وفي
كشف الخفاء 2/ 263: وهو موقوف حسن، وقال ابن عبد الهادي: روي
مرفوعًا عن أنس بإِسناد ساقط، والأصح وقفه على ابن مسعود.
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 219.
(2) في (ب) و (ظ): التواتر.
(3) في (ح): ورد.
(4) نهاية 51 ب من (ب).
(5) هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الشاعر الجاهلي
الجواد المشهور.
انظر: الشعر والشعراء 1/ 241 تحقيق: أحمد شاكر، وتاريخ الخميس
1/ 255.
(6) انظر: العدة/ 161 ب.
(7) انظر: روضة الناظر/ 134.
(2/387)
صحة بعض لفظها.
ولأن الأمة تلقتها بالقبول، والظن يفيد في مسألة علمية لوجوب
العمل به، ولو وجد منكر لاشتهر عادة، والاحتجاج في الأصول بما
لا صحة له مستحيل عادة.
وأجاب القاضي (1) (2) وأبو الخطاب (3) وابن عقيل -أيضًا-: بأن
الإِجماع مسألة شرعية طريقه طريق مسائل الفروع.
وقد قال (4) الحلواني من أصحابنا [ما (5) ذكره ابن عقيل (6)
وغيره]: تثبت (7) مسائل أصول الفقه بالظن، ولا يفسق المخالف،
وبه قال أكثر الفقهاء والمتكلمين، وخالف بعض الأشعرية -وهو ابن
اللَّبَّان (8) - في
__________
(1) انظر: العدة/ 161 ب.
(2) نهاية 104 من (ح).
(3) انظر: التمهيد/ 133 ب.
(4) انظر: المسودة/ 473.
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6) انظر: الواضح 2/ 77أ، 196 ب، والمعتمد في أصول الدين
للقاضي أبي يعلى/ 273.
(7) في (ظ): "ثبت" بدون نقط.
(8) هو: أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد الأصفهاني، أخذ الأصول
عن أبي بكر الباقلاني، وتوفي بأصفهان سنة 446 هـ.
من مؤلفاته: روضة الأخبار، ودرة الغواص في علوم الخواص.
انظر: تاريخ بغداد 10/ 144، واللباب 3/ 65، وتبيين كذب
المفترى=
(2/388)
الأولى (1)، وبعض (2) المتكلمين في
الثانية.
واستدل: أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف، والعادة تحيل إِجماع
عدد كثير من المحققين على قطع في شرعي من غير قاطع، فوجب تقدير
نص فيه، وأجمعوا -أيضًا- على تقديمه على الدليل القاطع، فكان
قاطعًا؛ وإلا تعارض الإِجماعان (3)، لتقديم (4) القاطع على
غيره إِجماعًا.
وهذان الإِجماعان لا يلزم أن عددهما عدد التواتر، وإن لزم
فيهما فلا يلزم في كل إِجماع.
ورده الآمدي (5) -وبعضه في (6) كلام غيره-: بأن من قال ذلك
اعتبر في الإِجماع عدد التواتر، وأنه يلزمه أن لا يختص
الإِجماع بأهل الحل والعقد من المسلمين، بل عام في كل من بلغ
عددهم عدد التواتر، وإن لم يكونوا مسلمين فضلاً من أهل الحل
والعقد.
__________
=/ 145، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 72، وطبقات الشافعية
للأسنوي 1/ 90، والنجوم الزاهرة 5/ 38، وشذرات الذهب 3/ 273.
(1) في (ح) و (ظ) ونسخة في هامش (ب): الأولة.
(2) في (ب) و (ظ): كبعض.
(3) وهما:
1 - الإِجماع على تقديم الإجماع على الدليل القاطع.
2 - الإِجماع على تقديم القاطع على غيره. انظر: شرح العضد 2/
30 - 31.
(4) في (ب): كتقديم.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 223.
(6) نهاية 41أمن (ظ).
(2/389)
[وذكر بعض أصحابنا (1) أن أجود الأدلة
الإِجماع الثاني (2)].
واستدل: يمتنع عادة اجتماعهم على مظنون، فدل على قاطع.
رد: بمنعه في قياس جلي وأخبار آحاد (3) بعد علمهم بوجوب العمل
بمظنون.
قالوا: (تبيانًا لكل شي) (4)، (فردوه إِلى الله والرسول) (5)،
(فحكمه إِلى الله) (6)، (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)
(7) (8).
رد: لا يلزم (9) أن لا يكون الإِجماع تبيانًا ولا حجة عند
التوافق، ثم يلزم عليه السنة.
__________
(1) انظر: البلبل/ 129.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(3) نهاية 52 أمن (ب).
(4) سورة النحل: آية 89: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل
شيء).
(5) سورة النساء: آية 59: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه
إِلى الله والرسول).
(6) سورة الشورى: آية 10: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إِلى
الله).
(7) سورة الأعراف: آية 33: (قل إِنما حرم ربي الفواحش) إِلى
قوله: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون).
(8) نهى كل الأمة عن القول على الله بغير علم، وذلك يدل على
تصوره منهم، ومن تتصور منه المعصية لا يكون قوله ولا فعله
موجبًا للقطع.
انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 202.
(9) هذا جواب عن الاستدلال بالآية الأولى.
(2/390)
ثم (1): إنما ثبت حجة (2) بالكتاب والسنة
,لا يعارض القطع (3).
قالوا: في الصحاح: (لا ترجعوا (4) بعدي كفاراً) (5).
وقوله: (حتى إِذا لم يُبْقِ [في الأرض] (6) عالماً اتخذ الناس
رؤساء جهالاً). (7)
رد: المراد بعض الأمة، والعصمة إِنما ثبتت (8) للمجموع، ثم
الجواز
__________
(1) هذا جواب عن الاستدلال بالآيتين الثانية والثالثة.
(2) نهاية 105 من (ح).
(3) يعني: دلالة الآية ظاهرة، فلا تقاوم القاطع.
(4) هذا جزء من حديث مرفوع، أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 50 من
حديث ابن عمر وأبي بكرة وابن عباس وجرير بن عبد الله. ومسلم في
صحيحه / 81 - 82 من حديث ابن عمر وجرير. وأبو داود في سننه 5/
63 من حديث ابن عمر. والترمذي في سننه 3/ 329 من حديث ابن عباس
-وقال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وجرير وابن عمر وكُرْز
بن علقمة وواثلة بن الأسقع والصُّنابِحي، هذا حديث حسن صحيح-
والنسائي في سننه 7/ 126 - 128 من حديث ابن عمر وابن مسعود
وأبي بكرة وجرير. وابن ماجه في سننه/ 1300 من حديث جرير وابن
عمر.
(5) نهى الكل عن الكفر، وهو دليل جواز وقوعه منهم.
(6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ح).
(7) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 27 - 28، ومسلم
في صحيحه / 2058 - 2059 من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
(8) في (ح): تثبت.
(2/391)
عقلي لا يلزم منه الوقوع.
ويأتي (1) خلو العصر عن مجتهد (2).
قالوا: روى أبو داود (3) من حديث شعبة (4) عن أبي عون -واسمه
محمَّد بن عبيد الله (5) الثقفي (6) - عن الحارث (7) بن عمرو
-وهو ابن
__________
(1) هذا جواب عن الاستدلال بالحديث الثاني.
(2) انظر: ص 1552 من هذا الكتاب.
(3) انظر: سنن أبي داود 4/ 18 - 19.
(4) هو: أبو بِسْطام شعبة بن الحجاج العَتَكي الأزدى بالولاء
الواسطي ثم البصري، من تابعي التابعين، توفي بالبصرة سنة 160
هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول:
هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول ما فتش بالعراق عن الرجال
وذب عن السنة.
انظر: حلية الأولياء 7/ 144، وتاريخ بغداد 9/ 255، وتهذيب
الأسماء واللغات 1/ 1/ 245، وتذكرة الحفاظ/ 193، وطبقات
الحفاظ/ 83، وتقريب التهذيب / 351، وشذرات الذهب 1/ 247.
(5) في (ظ): عبد الله.
(6) الكوفي، روي عن أبيه وأبي الزبير وجابر بن سمرة والحارث بن
عمرو وسعيد بن جبير وغيرهم، وعنه الأعمش وأبو حنيفة والمسعودي
وشعبة والثوري وغيرهم، توفي سنة 116 هـ. وثقه ابن معين وأبو
زرعة والنسائي وغيرهم.
انظر: تهذيب التهذيب 9/ 322، وتقريب التهذيب 2/ 187، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال/ 250.
(7) روى عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ، وعنه أبو عون
محمَّد بن عبيد الله=
(2/392)
أخي المغيرة بن شعبة-: حدثني ناس من أهل
حمص من أصحاب معاذ عن معاذ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
لما بعثه إِلى اليمن قال: (كيف تقضي إِذا عرض لك قضاء؟) قال:
أقضي بكتاب الله. قال: (فإِن لم تجد؟) قال: فبسنة رسول الله.
قال: (فإِن لم تجد؟) قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فضرب بيده في
صدره، وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول
الله). الحارث تفرد عنه أبو عون، فهو مجهول، قال البخاري (1):
لا يصح ولا يعرف إِلا بهذا.
ورواه (2) الترمذي من حديث شعبة، وقال: لا نعرفه إِلا من هذا
الوجه، وليس إِسناده عندي بمتصل (3).
ورواه (4) الأموي (5) في
__________
=الثقفي، توفي بعد المائة، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره
العقيلي وابن الجارود في "الضعفاء" قال ابن حجر في التقريب:
مجهول.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 439، وتهذيب التهذيب 2/ 152، وتقريب
التهذيب 1/ 143، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 68.
(1) انظر: التاريخ الكبير للبخاري 2/ 1/ 277.
(2) في (ظ): رواه.
(3) انظر: سنن الترمذي 2/ 394.
(4) في (ظ): ورواه الآمدي عن معاوية عن أبيه.
(5) هو: أبو أيوب يحيى بن سعيد بن أبان الكوفي الحافظ، نزل
بغداد، روى عن أبيه وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، وعنه ابنه
سعيد وأحمد بن إِسحاق والحكم بن هشام الثقفي، وكان قليل
الحديث، توفي سنة 194 هـ. وثقه ابن معين وابن سعد،=
(2/393)
مغازيه (1) عن أبيه (2) عن رجل عن عبادة بن
نُسَي (3) عن عبد الرحمن (4) بن غَنْم عن معاذ. والرجل مجهول،
والظاهر أنه محمَّد بن
__________
=وذكره العقيلي في "الضعفاء" وقال ابن حجر في التقريب: صدوق
يغرب.
انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 644، وميزان الاعتدال 4/
380، وتهذيب التهذيب 11/ 213، وتقريب التهذيب 2/ 348، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال / 423.
(1) انظر: كشف الظنون/ 1747.
(2) هو: سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن أمية، روى عن معاوية
بن إِسحاق، وعمر بن عبد العزيز وغيرهما، وعنه ابناه لا -عبد
الله ويحيى- وعمرو بن عبد الغفار الثقفي وغيرهم، كان من خيار
الناس، وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن حجر في التقريب:
ثقة.
انظر: تهذيب التهذيب 4/ 2، وتقريب التهذيب 1/ 291.
(3) هو: أبو عمرو عبادة بن نسي الشامي الأردني التابعي، قاضي
طبرية، روى عن عبادة بن الصامت وأبي الدرداء وعبد الرحمن بن
غنم وغيرهم، وعنه بُردْ بن سنان والمغيرة بن زياد الموصلي
والحسن بن ذكوان وغيرهم، توفي سنة 118 هـ. وثقه ابن سعد وأحمد
وابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم.
انظر: تهذيب التهذيب 5/ 113، وتقريب التهذيب 1/ 395، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال/ 188.
(4) الأشعري، له صحبة على ما رجحه ابن حجر في الإِصابة، وفي
الاستيعاب لابن عبد البر: كان مسلمًا على عهد رسول الله، ولم
يرد ولم يفد عليه. لازم معاذًا منذ بعثه الرسول إلى اليمن إِلى
أن مات (معاذ)، ويعرف بصاحب معاذ لملازمته له، وسمع من عمر،
كان من أفقه أهل الشام، وروى عنه أبو إِدريس الخَوْلاني وجماعة
من تابعي=
(2/394)
سعيد المصلوب (1) كما رواه ابن ماجه (2).
والمصلوب كذاب لا (3) يحتج به عندهم.
ورواه سعيد في سننه (4) من حديث شعبة (5).
__________
=أهل الشام، وهو الذي فقه عامتهم، توفي سنة 78 هـ.
انظر: الاستيعاب/ 850، والإِصابة 4/ 350، وتهذيب التهذيب 6/
250، وتقريب التهذيب 1/ 494.
(1) هو: أبو عبد الرحمن -ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو قيس-
محمَّد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي، ويقال: محمَّد بن سعيد
بن عبد العزيز، ويقال: ابن أبي عتبة، ويقال: ابن أبي قيس،
ويقال: ابن أبي حسان، ويقال: ابن الطبري، ويقال غير ذلك في
نسبه، الشامي الدمشقي، ويقال: الأزدي. قال الذهبي: وقد غيروا
اسمه على وجوه ستراً له وتدليسًا لضعفه. روى عن عبد الرحمن بن
غنم وعبادة بن نسي وربيعة بن يزيد ومكحول وغيرهم، وعنه ابن
عجلان والثوري وأبو معاوية وغيرهم، اتهم بالزندقة فصلبه
المنصور.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 561، وتهذيب التهذيب 9/ 184، وتقرب
التهذيب 2/ 164.
(2) انظر: سنن ابن ماجه/ 21.
(3) في (ظ): ولا.
(4) كتاب السنن لسعيد بن منصور واحد من كتب السنن المشهورة،
عثر على المجلد الثالث منه، وطبع في قسمين، بتحقيق: حبيب
الرحمن الأعظمي سنة 1387 هـ.
(5) نهاية 52 ب من (ب).
(2/395)
ورواه (1) أيضًا: ثنا أبو معاوية (2) ثنا
أبو إِسحاق (3) الشيباني عن محمَّد بن عبيد الله الثقفي قال:
لما بعث (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) معاذًا إِلى
اليمن، وفيه -بعد الكتاب-: بما قضى به نبيه (6)، ثم قال: أقضي
بما قضى به الصالحون، ثم قال: أؤم (7) الحق جهدي. فقال: (الحمد
لله الذي جعل رسول رسول الله يقضي بما يرضى به رسول الله).
مرسل جيد. (8)
__________
(1) أورده ابن حزم في الإِحكام/ 1012 من طريق سعيد بن منصور.
(2) هو: محمَّد بن خازم الضرير التيمي الكوفي الحافظ، توفي سنة
195 هـ. قال ابن حبان: كان حافظًا، ولكن كان مرجئًا خبيثًا.
وقال الذهبي: أحد الأئمة الأعلام الثقات، لم يتعرض له أحد،
احتج به الشيخان، وقد اشتهر عنه غلو التشيع.
انظر: ميزان الاعتدلال 4/ 575، وتذكرة الحفاظ/ 294، وتقريب
التهذيب 2/ 157، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 334، وطبقات
الحفاظ/ 122، وشذرات الذهب 1/ 343، ونكت الهميان/ 247.
(3) هو: فيروز -ويقال: خاقان، ويقال: عمرو- الشيباني بالولاء
الكوفي، روى عن عبد الله بن أبي أوفى وأبي بردة بن أبي موسى
وعكرمة مولى ابن عباس وإِبراهيم النخعي وغيرهم، وعنه ابنه
إِسحاق وأبو إِسحاق السبيعي والثوري وشعبة والمسعودي وغيرهم،
توفي سنة 138 هـ. وثقه أبو حاتم وابن معين والنسائي والعجلي.
انظر: تهذيب التهذيب 4/ 197، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 152.
(4) نهاية 106 من (ح).
(5) نهاية 41 ب من (ظ).
(6) في (ب): بينه.
(7) في (ب) و (ظ): لأؤم.
(8) وأخرج حديث معاذ -أيضًا- أحمد في مسنده 5/ 230، 236، 242،
والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 286)، والخطيب في
الفقيه والمتفقه=
(2/396)
رد: بأن الإِجماع لم يكن حجة في زمنه عليه
السلام.
قالوا: كغيرهم من الأم قبل النسخ.
ورده أبو الخطاب (1) وغيره من أصحابنا وغيرهم: بأنه لا دليل
عليه (2). وتوقف (3) فيه ابن الباقلاني وأبو المعالي.
__________
=1/ 188 - 189، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 69
- 70، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 114، وابن عدي والطبراني
على ما في التلخيص الحبير 4/ 182، وفيه -أيضاً- 4/ 182 - 183:
(وقال الدارقطني في العلل: رواه شعبة عن أبي عون هكذا، وأرسله
ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح. وقال ابن حزم: لا يصح؛ لأن
الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون -انظر: الإِحكام/ 1011 وما
بعدها، 1265، وملخص إِبطال القياس/ 14 - قال: وادعى بعضهم فيه
التواتر، وهذا كذب، بل ضد المتواتر؛ لأنه ما رواه أحد غير أبي
عون عن الحارث، فكيف يكون متواتراً. وقال عبد الحق: لا يسند
ولا يوجه من وجه صحيح. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: لا
يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه، وإن
كان معناه صحيحاً. وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام
على هذا الحديث: اعلم أني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد
الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم
أجد له غير طريقين، وكلاهما لا يصح). وانظر: المعتبر/ 14 أ-
15أ.
(1) انظر: التمهيد/ 135أ.
(2) يعني: لم يرد في حقهم من الدلالة الدالة على الاحتجاج
بإِجماعهم ما ورد في علماء هذه الأمة، فافترقا. انظر: الإِحكام
للآمدي 1/ 211.
(3) حكى أبو المعالي عن ابن الباقلاني أنه توقف، وأما أبو
المعالي فقد توقف إن=
(2/397)
وعند أبي إِسحاق الإِسْفَراييني وغيره من
(1) الشافعية وجماعة من العلماء: حجة (2).
قال ابن عقيل: يحتمل أن نقوله (3)، والفرق بتطرق النسخ على
الأم وتجدد الأنبياء.
مسألة
لا يعتد في الإِجماع بالعامة، خلافًا لجماعة منهم: ابن
الباقلاني والآمدي (4).
ولا بمن عرف أصول الفقه أو الفقه فقط عند أحمد (5) وأصحابه
والجمهور، وقيل: باعتبارهما، وقيل: بالأصولي، وقيل: بالفروعي.
وكذا (6) من فاته للاجتهاد ما يعتبر له، ذكر معناه ابن عقيل
وغيره.
__________
=كان إِجماعهم على مظنون من غير قطع، قال: فإذا قطع أهل
الإِجماع فقولهم في كل مسألة يستند إِلى حجة قاطعة، فإِن تلقى
هذا من قضية العادات، والعادات لا تختلف إِلا إِذا انخرقت.
انظر: البرهان/ 719.
(1) في (ب): ومن.
(2) انظر: اللمع/ 50، والنخول/ 309، والإِحكام للآمدي 2/ 211،
وشرح تنقيح الفصول/ 323.
(3) في (ح): أن تقوله.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 226.
(5) انظر: العدة / 170 ب، 171 أ.
(6) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): وكذلك.
(2/398)
قال بعض (1) أصحابنا: ونحوي فيما بني على
النحو، والأشبه: يعتبر هو والأصولي (2)؛ لتمكنهما من درك الحكم
بدليله، قال: والخلاف بناء على تجزؤ الاجتهاد، قال: ويعتبر في
إِجماع كل فن قول أهله.
لنا: لا يمكنه إِقامة الدليل، ويلزمه التقليد كغير المكلف
والكافر، ولأنه لو اعتبر لم يتصور إِجماع.
مسألة
ولا بكافرِ عند من كَفَّره (3).
ولا بفاسق باعتقاد أو فعل عند القاضي (4) وابن عقيل (5)؛ لأنه
لا يقبل قوله، ولا يقلَّد في فتوى كالكافر والصبي (6).
وعند أبي الخطاب (7): يعتد به؛ لأنه مجتهد من الأمة، فتتناوله
الأدلة بخلاف الكافر، والصبي قاصر، ولا يلزم من اعتبار قوله
[تبعًا] (8)
__________
(1) انظر: البلبل/ 130.
(2) في (ب): والأصول.
(3) في (ظ): كفر.
(4) انظر: العدة/ 171 ب.
(5) انظر: الجدل على طريقة الفقهاء/ 8.
(6) نهاية 53 أمن (ب).
(7) انظر: التمهيد/ 135 ب.
(8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ).
(2/399)
اعتبار (1) [قوله] (2) منفردًا.
وللحنفية (3) والشافعية (4) قولان.
وقيل: يُسأل (5)، فإِن ذكر مستنداً صالحًا اعتد به.
وقيل: يُعتبر في نفسه لا في حق غيره، فالإِجماع المنعقد به حجة
عليه فقط. (6)
__________
(1) في (ب) و (ظ): اعتباره.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ).
(3) انظر: أصول السرخسي 1/ 311، 312، وكشف الأسرار 3/ 237،
وتيسير التحرير 3/ 238، وفواتح الرحموت 2/ 218.
(4) انظر: اللمع/ 50، والمعتمد / 486، والمستصفى 1/ 183،
والمنخول/ 310، والإِحكام للآمدي 1/ 229، وشرح المحلي على جمع
الجوامع 2/ 177، وشرح الورقات/ 167، ونهاية السول 2/ 378،
وغاية الوصول/ 107.
(5) نهاية 107 من (ح).
(6) جاء في هامش (ب) و (ظ): من حاشية بخط شيخنا البعلي: قوله
(وقيل: يعتبر في حق نفسه لا في حق غيره) معناه: أن الإِجماع
الذي انعقد دونه لا ينعقد عليه بل على غيره. فيجوز له مخالفة
إِجماع من عذاه، ولا يجوز ذلك لغيره. قال الآمدي: (اختلفوا في
انعقاد الإِجماع مع مخالفته نفيًا وإثباتًا، ومنهم من قال:
الإِجماع لا ينعقد عليه بل على غيره فتجوز له مخالفة إِجماع من
عداه، ولا يجوز ذلك لغيره) -انظر: الإِحكام 1/ 229 - وقال
الأصفهاني: (وثالثها: أنه تعتبر موافقته في حق نفسه دون غيره،
بمعنى أنه يجوز له مخالفة الإِجماع الذي انعقد دونه، ولا يجوز
لغيره ذلك)، وكلام المصنف يشعر بخلاف ذلك، فإِنه يشعر بأن
معناه أن الإجماع الذي انعقد به=
(2/400)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . .
__________
=يكون حجة عليه دون غيره، لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به حجة
عليه فقط)، فيكون معناه أن غيره تجوز له مخالفته لكونه غير حجة
عليه، وأن الفاسق لا تجوز له مخالفته لكونه حجة عليه، وهذا:
إِن أراد به أن الإجماع انعقد بالفاسق فقط -بمعنى أنه لم يكن
في الأمة مجتهد غيره، وقال ذلك القول، وجعلناه إِجماعًا- فإذا
حصل بعد ذلك مجتهد غيره جاز له مخالفته، فهذا في نفسه واضح، مع
أنه ظاهر عبارته لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به)، فظاهر هذه
العبارة أنه انعقد به فقط، لكن تفسير هذا القول بهذا المعنى
بعيد، وكذلك تفسيره بهذا المعنى والمعنى الذي ذكرناه عن الآمدي
والأصفهاني -أعني إذا فسر بالمعنيين جميعًا- فإِنه بعيد أيضًا؛
لأن المسألة ليست مفروضة في كلامهم في ذلك، وإينما هي مفروضة
في كلامهم في أنه هل ينعقد إِجماع المجتهدين غيره بدونه أو لا
بد من موافقته، مع أن كلامه إِذا فسر بذلك يكون قد فسر القول
بغير ما فسروه به وترك ما فسروه به، ومثل المصنف لا يترك هذا
التفسير مع شهرته وكثرته ويعدل إِلى ما لم يذكره أصحاب هذه
الكتب المثسهورة، فإِن كان رآه لأحد فكان اللائق إِذا ذكره أن
يذكر ما فسره به أصحاب هذه الكتب أيضًا، وإن كان أراد التفسير
الذي ذكره الطوفي في شرحه فالذي أجزم أنه سهو فاحش ما أظن
أحدًا يقوله "فإِنه قال: (ومثاله لو اجتمع مع بقية المجتهدين
على تحريم بيع أم الولد -أو تحريم الجمع بين الأختين بالوطء
بملك اليمين، أو أن المطلقة ثلاثًا لا يحلها للأول مجرد عقد
الثاني عليها، أو على تحريم الثعلب ونحوه- كان ذلك الإجماع حجة
عليه حتى لو ظهر له دليل الإِباحة لم يجز له المصير إِليه
مؤاخذة له بإِقراره بالتحريم، ولو ظهر لغيره من المجمعين دليل
الإباحة جاز له المصير إِليه؛ لأن الإِجماع لم يكمل بالنسبة
إِليه فلا يؤاخذ بإِقرار غيره عليه بالتحريم) فانظر إِلى هذا
التفسير الذي فيه أن إِجماع المجتهدين يجوز لأصحابه العمل
بخلافه لكون الفاسق وافقهم. فالذي يظهر لي: أن مثل هذا=
(2/401)
مسألة
لايختص الإِجماع بالصحابة، وإجماع كل عصر حجة عند أحمد (1)
وعامة الفقهاء والمتكلمين، خلافاً (2) لداود (3) وأصحابه، وعن
أحمد (4) مثله (5)، قال ابن عقيل (6): وصرفها شيخنا (7) عن
ظاهرها بلا دليل.
__________
=لا يقع إِلا سهواً، فلعل المصنف تابعه فيه ونقله ولم يجدد
نظره فيه. هذا ما ظهر لي، وأسأل الله التوفيق للصواب.
(1) انظر: العدة/ 163أ، والتمهيد/ 163 أ.
(2) انظر: الإحكام لابن حزم/ 659.
(3) هو: أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني البغدادي،
إمام أهل الظاهر، كان ذا ميل للشافعي، وصنف في فضائله والثناء
عليه، ثم صار صاحب مذهب مستقل، توفي ببغداد سنة 270 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 8/ 369، ووفيات الأعيان 2/ 26، وطبقات
الشافعية للسبكي 2/ 284، وطبقات الحفاظ/ 253، وشذرات الذهب 2/
158.
(4) قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد/ 276: سمعته يقول:
الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه، ثم هو من
بعد في التابعين غير. وانظر: العدة/ 163 أ، والتمهيد/ 136أ.
(5) في (ح): نحو قوله.
(6) جاء في المسودة/ 317: (قال ابن عقيل: وعن أحمد نحوه، وصرف
شيخنا كلام أحمد على ظاهره، يعني إِلى موافقة داود) فاختلف عما
ذكر المؤلف، ولعل ما ذكره المؤلف هو الصواب؛ لأن القاضي حملها
على غير ظاهرها.
(7) يعني: القاضي أبا يعلى، فقد قال في العدة/ 163أ: وهذا
محمول من كلامه على آحاد التابعين لا على جماعتهم.
(2/402)
وقال بعض أصحابنا (1): لا يكاد يوجد عن
أحمد احتجاج بإِجماع بعد عصر التابعين (2) أو بعد القرون
الثلاثة.
لنا: عموم الأدلة.
احتجوا: بظاهر الآيات السابقة (3)، فكانوا كل الأمة، وليس من
بعدهم كلها دونهم، وموتهم لم يخرجهم منها.
رد: فيقدح موت الموجود حين الخطاب في انعقاد إِجماع الباقين،
ومن أسلم بعد الخطاب لا يعتد بخلافه.
قالوا: ما لا قطع (4) فيه سائغ فيه الاجتهاد بإِجماع الصحابة،
فلو اعتد بإِجماع غيرهم تعارض الإِجماعان.
رد: لم يجمعوا على أنها اجتهادية مطلقًا، وإلا لما أجمع من
بعدهم فيها لتعارض الإجماعين، وبلزومه في الصحابة قبل
إِجماعهم، فكان مشروطًا بعدم الإِجماع.
مسألة
لا إِجماع مع مخالف واحد أو اثنين عند أحمد (5) وأصحابه
والجمهور،
__________
(1) انظر: المسودة/ 316.
(2) نهاية 42 أمن (ظ).
(3) في حجية الإِجماع، انظر: ص 371 وما بعدها من هذا الكتاب.
(4) في (ظ): ما لا يقطع.
(5) انظر: العدة/ 168أ، والتمهيد/ 136 ب.
(2/403)
كالثلاثة، جزم به في التمهيد (1) وغيره،
وغيرهم من الشافعية (2) [وغيرهم] (3).
وعن أحمد (4): ينعقد، اختاره بعض أصحابنا (5)، وقاله (6) ابن
جرير الطبري (7) وأبو بكر (8) الرازي الحنفي وبعض (9) المالكية
(10) وبعض (11) المعتزلة.
__________
(1) انظر: التمهيد/ 136 ب.
(2) انظر: اللمع/ 50، والمعتمد/ 486، والمستصفى 1/ 186،
والمنخول/ 311، والإِحكام للآمدي 1/ 235، ونهاية السول 2/ 378،
وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 178.
(3) ما بين المعقوفتين من (ظ)، وكان موجودًا في (ب) ثم ضرب
عليه.
(4) انظر: العدة/ 168أ، والتمهيد/ 136 ب.
(5) كابن حمدان، فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 230.
(6) انظر: العدة/ 168 ب، والبرهان/ 721، والتمهيد/ 136 ب،
والإِحكام للآمدي 1/ 235، والإحكام لابن حزم/ 705.
(7) هو: أبو جعفر محمَّد بن جرير بن يزيد، الإِمام الجليل
الجامع لكثير من العلوم، توفي سنة 310 هـ.
من مؤلفاته: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم
والملوك، واختلاف الفقهاء.
انظر: المنتظم 6/ 170، ووفيات الأعيان 3/ 332، وتهذيب الأسماء
واللغات 1/ 1/ 78، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 120، وشذرات
الذهب 2/ 260.
(8) انظر: أصول الجصاص/ 225أ- ب، ومسائل الخلاف في أصول الفقه/
46أ، والعدة / 168 ب، والمسودة/ 330، والإحكام للآمدي 1/ 235.
(9) نهاية 53 ب من (ب).
(10) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 336.
(11) انظر: المعتمد/ 486.
(2/404)
وقال الجُرْجاني الحنفي: إِن لم يسوغوا (1)
اجتهاد المخالف -كالمتعة- (2) انعقد، وإلا فلا، كالعول. (3)
(4)
وفي الروضة (5) والآمدي (6) وغيرهما: الخلاف في الأقل، وأنه
رواية عن أحمد.
__________
(1) انظر: كشف الأسرار 3/ 245، وتيسير التحرير 3/ 236 - 237،
والعدة/ 168 ب، والمسودة/ 330. وحكي هذا القول -أيضًا- عن
الرازي الحنفي، فانظر: أصول الجصاص/ 224 ب، وأصول السرخسي 1/
316، وكشف الأسرار 3/ 245، وتيسير التحرير 3/ 237.
(2) روي عن ابن عباس أنه كان يقول بإِباحتها، وأنكر عليه ذلك
بإِثبات تحريمها ونسخ إِباحتها، أخرجه البخاري في صحيحه (انظر:
فتح الباري 12/ 333، 9/ 166) ومسلم في صحيحه/ 1028، والدارقطني
في سننه 3/ 257 - 258، وسعيد في سننه 3/ 1/ 209 - 210. وانظر:
فتح الباري 9/ 168. وقد روي عن ابن عباس رجوعه عن القول
بإِباحتها، أخرجه البخاري وغيره، فانظر: فتح الباري 9/ 167،
171، وسنن الترمذي 2/ 295 - 296، وسنن البيهقي 7/ 201 وما
بعدها.
(3) قال ابن عباس: الفرائض لا تعول، أخرجه البيهقي في سننه 6/
253، وسعيد في سننه 3/ 1/ 19، وابن حزم في المحلى 10/ 332 -
333 من طرق. وقد جوز وسوغ هذا الخلاف، يقول الزهري: وأيْمُ
الله لولا أنه تقدمه إِمام كان أمره على الورع -يعني عمر؛
فإِنه قال بالعول- ما اختلف على ابن عباس اثنان من أهل العلم.
فانظر: سنن البيهقي 6/ 253، والمحلى 10/ 333.
(4) نهاية 108 من (ح).
(5) انظر: روضة الناظر/ 142.
(6) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 235.
(2/405)
وقال بعضهم: إِن بلغ الأقل عدد التواتر
-وقيل: في الفروع- منع.
لنا: تناول الأدلة للجميع حقيقة.
ولأنه لا دليل عليه.
قالوا: فقد أنكروا على المخالف. (1)
رد: بالمنع، ثم: إِنكار مناظرة لا للإِجماع، أو لمخالفة السنة
ولهذا إِنما احتجوا بها، ثم الأكثر كالأقل هنا.
قال (2) ابن عقيل: العاقل من لم توحشه الوحدة ولم تؤنسه
الكثرة، بل ثقته بالدليل، وضعفه بعدمه.
وقيل: قولهم أولى، وقيل: حجة وأنه قول الأكثر -واختاره بعض
أصحابنا (3) - لأنها (4) معهم غالبًا.
رد: بالمنع.
ثم: ظاهر ما سبق أن مخالفة الواحد زمنه عليه السلام تقدح في
الإِجماع.
وذكر القاضي في الخلاف (5) -في تطليق (6)
__________
(1) كما أنكروا على ابن عباس خلافه في تحليل المتعة على ما
روي. انظر: ص 405.
(2) في (ظ): وقال.
(3) انظر: البلبل/ 132.
(4) يعني: لأن الإِصابة.
(5) وهو كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة،
تقدم في ص 216.
(6) خبر طلاق فاطمة بنت قيس ورد من طرق وبألفاظ، أخرجه مسلم
في=
(2/406)
زوج (1) فاطمة (2) ثلاثًا-: لا تقدح؛ لعدم
كونه حجة [إِذًا]. (3)
مسألة
لا إِجماع للصحابة مع مخالفة تابعي مجتهد لهم عند أبي الخطاب
(4) وابن عقيل (5) وصاحب (6) الروضة وعامة المتكلمين والفقهاء،
منهم: أكثر الحنفية (7) والمالكية (8) والشافعية (9)، خلافًا
(10) للخلال
__________
=صحيحه/ 1114 - 1121، وأبو داود في سننه 2/ 712 وما بعدها،
والترمذي في سننه 2/ 425، والنسائي في سننه 6/ 144، 207 وما
بعدها، وابن ماجه في سننه/ 656.
(1) هو: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة القرشي المخزومي، وقيل:
أبو حفص بن عمرو بن المغيرة، واختلف في اسمه فقيل: أحمد، وقيل:
عبد الحميد، وقيل: اسمه كنيته، خرج مع علي إِلى اليمن في عهد
النبي، فمات هناك، ويقال: بل رجع إِلى أن شهد فتوح الشام.
انظر: الاستيعاب/ 1719، والإِصابة 7/ 287.
(2) هي: الصحابية فاطمة بنت قيس.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(4) انظر: التمهيد/ 137أ.
(5) انظر: المسودة/ 333.
(6) انظر: روضة الناظر/ 139.
(7) انظر: تيسير التحرير 3/ 241، وفواتح الرحموت 2/ 221.
(8) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 40، ومختصره 2/ 35، وشرح تنقيح
الفصول/ 335.
(9) انظر: التبصرة/ 384، والمحصول 2/ 1/ 251، والإحكام للآمدي
1/ 240.
(10) انظر: العدة/ 174أ، والتمهيد 1/ 137أ، والمسودة/ 333.
(2/407)
والحلواني من أصحابنا.
واختلف اختيار القاضي. (1)
ولأحمد روايتان (2).
وإن صار مجتهدًا بعد إِجماعهم (3) فعند الجميع: إِن اعتبر
انقراض العصر اعتد به، وإلا فلا، خلافاً لبعضهم "لا يعتبر"،
وحكاه السرخسي (4) عن أصحابهم (5)، واختاره في الروضة (6)؛
لسبقه بالإِجماع كإِسلامه بعده.
وفي التمهيد (7): أن هذا (8) لم يقله أحد.
__________
(1) انظر: العدة/ 173 ب، والمسودة/ 333.
(2) انظر: العدة/ 173 ب، والتمهيد/ 137 أ، والمسودة، 333.
(3) نهاية 42 ب من (ظ).
(4) هو: أبو سفيان الحنفي.
(5) جاء في العدة / 174 ب: حكى أبو سفيان عن أصحابهم: إن كان
من أهل الاجتهاد عند الحادثة كان خلافه خلافاً، وإن لم يكن من
أهل الاجتهاد عند الحادثة -لكنه صار من أهله قبل انقراض العصر،
فأظهر الخلاف- لم يكن خلافاً. وانظر: المسودة/ 320. وذكر شمس
الأئمة السرخسي في أصوله 1/ 315: أن انقراض العصر ليس بشرط
عندهم. أقول: فلعل قولهم ذلك مبني على عدم اعتبارهم انقراض
العصر، وظاهر كلام المؤلف أنهم قالوا: لا يعتد بقوله مطلقًا،
وإن قلنا باشتراط انقراض العصر.
(6) انظر: روضة الناظر/ 140.
(7) انظر: التمهيد/ 144 أ.
(8) يعني: عدم الاعتداد به مع اعتبار انقراض العصر.
(2/408)
ولا (1) تعتبر موافقته، ذكره بعض أصحابنا
(2).
واعتبره في الواضح، وقاله في (3) التمهيد (4) -في مسألة انقراض
العصر- والآمدي (5)، ولعل المراد عدم مخالفته (6).
وتابع التابعي مع إِجماع التابعين (7) كالتابعي مع الصحابة،
ذكره القاضي (8) وغيره.
لنا: ما سبق (9)
واستدل: بأنهم جوزوا للتابعين (10) الاجتهاد معهم،
__________
(1) نهاية 54 أمن (ب).
(2) انظر: المسودة / 320، 323.
(3) في (ح): وفي.
(4) انظر: التمهيد/ 144أ.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 240.
(6) في (ح): والآمدي بموافقته عدم مخالفته.
(7) في (ظ): التابعي.
(8) جاء في المسودة/ 331: قال القاضي: وإذا اختلف التابعون في
حادثة جاز لغيرهم الدخول معهم في الاجتهاد إِذا كانوا من أهل
الاجتهاد، وذكر شيخنا رواية أخرى: أنهم لا يدخلون معه في
الاجتهاد ويسقط قولهم.
(9) من الأدلة الدالة على كون الإِجماع حجة، وهي الأخبار
الدالة على عصمة الأمة عن الخطأ، وهذا الاسم لا يصدق عليهم مع
خروج التابعين المجتهدين عنهم؛ فإِنه لا يقال: إِجماع جميع
الأمة، بل إِجماع بعضهم، فلا يكون حجة. انظر: الأحكام للآمدي
1/ 241.
(10) كسعيد بن المسيب وشريح القاضي والحسن البصري ومسروق وأبي
وائل والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، حتى إِن عليًا وعمر وليا
شريحاً القضاء. فانظر:=
(2/409)
ورجعوا (1) إِليهم.
رد: إِنما جوزوه مع اختلافهم.
وأما اعتبار الفضيلة فتوجب رد الأنصار مع المهاجرين، وغير
العشرة (2) معهم.
مسألة
إِجماع أهل المدينة ليس بحجة، خلافًا (3) لمالك، فقال بعض (4)
أصحابه بظاهره زمن الصحابة، [وقيل]: (5) والتابعين، وقيل: ومن
يليهم،
__________
=الإِحكام للآمدي 1/ 240.
(1) فقد أخرج ابن سعد في طبقاته 7/ 1/ 138: ... عن خالد بن
رياح أن أنس بن مالك سئل عن مسألة، فقال: عليكم مولانا الحسن
فاسألوه، فقالوا: يا أبا حمزة، نسألك وتقول: سلوا مولانا
الحسن، فقال: إِنا سمعنا وسمع، وحفظ ونسينا.
وأخرج -أيضاً- 6/ 54: أن رجلاً جاء إِلى ابن عمر، فسأله عن
فريضة، فقال: ائت سعيد بن جبير؛ فإِنه أعلم بالحساب مني، وهو
يفرض منها ما أفرض.
(2) وهم: الخلفاء الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن
العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد،
وأبي عبيدة عامر بن الجراح. انظر: الرياض النضرة في مناقب
العشرة.
(3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 41، ومختصره 2/ 35، وشرح تنقيح
الفصول/ 334، ومفتاح الوصول/ 120.
(4) نهاية 109 من (ح).
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(2/410)
وقيل أراد فيما طريقه النقل، واختار ابن
عقيل مثله (1) في كتابه "النظريات الكبار"، وقيل: أراد
المنقولات المستمرة كأذان وإقامة.
لنا: ما سبق (2)
قالوا: لا يجتمعون إِلا على راجح؛ لأنهم أفضل وأكثر.
رد: بمنعهما؛ فإِن الصحابة بغيرها أكثر، ومنهم علي وابن مسعود
وابن عباس.
ثم: المفضول معتبر مع الفاضل.
ولا حجة في فضلها ونفيها (3) للخبث (4)، بدليل مكة.
مسألة
قول الخلفاء الأربعة ليس بإِجماع ولا حجة -مع مخالفة صحابي
لهم- عند أحمد (5) وعامة الفقهاء.
__________
(1) يعني: أن إِجماعهم حجة فيما طريقه النقل، ولا يكون حجة في
باب الاجتهاد.
انظر: المسودة/ 332 - 333.
(2) من الأدلة الدالة على حجية الإجماع، فهي متناولة لأهل
المدينة والخارج عن أهلها، وبدونه لا يكونون كل الأمة ولا كل
المؤمنين، فلا يكون إِجماعهم حجة.
انظر: الإحكام للآمدي 1/ 243.
(3) نفي المدينة للخبيث: ورد في حديث الرسول، أخرجه البخاري في
صحيحه 3/ 20 - 21 من حديث أبي هريرة مرفوعًا، ومسلم في صحيحه/
1005 - 1007 من حديث أبي هريرة وجابر وزيد بن ثابت.
(4) في (ظ) الخبث.
(5) انظر: العدة/ 180أ، والتمهيد/ 134 ب.
(2/411)
وعنه: إِجماع، اختاره (1) ابن البنا من
أصحابنا، وقاله (2) أبو خازم (3) -بالخاء المعجمة- الحنفي (4).
وعنه: حجة.
وقول أحدهم ليس بحجة -فيجوز لبعضهم خلافه- رواية واحدة عند أبي
الخطاب (5)
وذكر القاضي (6) وابن عقيل (7) وغيرهما رواية: لا
__________
(1) انظر: القواعد والفوائد الأصولية/ 294، وشرح الكوكب المنير
2/ 239.
(2) انظر: أصول الجصاص/ 226أ، وأصول السرخسي 1/ 317، وفواتح
الرحموت 2/ 231، والعدة/ 180أ، والتمهيد/ 134 ب، والمسودة/
340.
(3) ويقال: أبو حازم -بالحاء المهملة- وهو: عبد الحميد بن عبد
العزيز القاضي، عالم متفنن، ولي قضاء الشام والكوفة والكرخ من
بغداد، توفي سنة 292 هـ.
من مؤلفاته: أدب القاضي، وكتاب في الفرائض.
انظر: الفهرست/ 292، وأخبار أبي حنيفة وأصحابه/ 159، والجواهر
المضية 1/ 296، والفوائد البهية/ 86، وتاج التراجم/ 33، وشذرات
الذهب 2/ 210.
(4) في (ب) و (ظ): وقاله أبو خازم الحنفي - بالخاء المعجمة.
(5) قال في التمهيد/ 135أ: فأما قول أحدهم فليس بحجة رواية
واحدة، وقال بعض الشافعية: هو حجة علينا وإن خالفه غيره من
الصحابة، وهو اختيار أبي حفص من أصحابنا. لنا: أنه لو كان حجة
لم يكن لمن بعده من الأئمة مخالفته، وقد خالف عمر أبا بكر في
العطاء. وانظر: المسودة/ 340.
(6) انظر: العدة/ 180 ب.
(7) انظر: المسودة/ 340.
(2/412)
يجوز، واختارها (1) أبو حفص (2) البرمكي
وغيره من أصحابنا، وبعض الشافعية (3).
ولا يلزم (4) الأخذ بقول أفضلهم، وعجب أحمد (5) من قائل ذلك.
وفي مقدمة روضة الفقه (6) لبعض أصحابنا: إِذا اختلفوا -وفي
__________
(1) انظر: العدة/ 180 ب، والتمهيد/ 135أ، والمسودة/ 340.
(2) هو: عمر بن أحمد بن إِبراهيم، فقيه زاهد، حدث عن ابن
الصواف، وصحب أبا بكر عبد العزيز غلام الخلال، وعمر بن بدر
المغازلي، توفي ببغداد سنة 387 هـ.
انظر: طبقات الحنابلة 2/ 153، والمنهج الأحمد 2/ 73.
(3) جاء في العدة / 180 ب: فأما قول أحد الأئمة فليس بحجة إِذا
خالفه غيره رواية واحدة، وحكي عن بعض الشافعية: أنه حجة لا
تجوز لنا مخالفته -وإن خالفه غيره من الصحابة- وقد أومأ إِليه
أحمد ... قال أبو حفص البرمكي: إِذا روي عن أحد الخلفاء شيء،
وروي عن غير الخلفاء ضده، فالذي يلزم اتباعه ما جاء عن أحد
الخلفاء.
وجاء في المسودة/ 340: لا يقدم قول الواحد من الخلفاء الأربعة
على غيرهم في أصح الروايتين، وفي رواية أخرى: يقدم، واختار
الأول أبو الخطاب، وزعم أن المسألة رواية واحدة، وكذلك ابن
عقيل صدر المسألة بأن قال: لا يختلف قول أصحابنا بأن الواحد من
الخلفاء يسوغ خلافه، ولا يمنع بقية الصحابة من خلافه، ثم قال:
وقد أومأ صاحبنا إِلى أنه لا يجوز خلافه، وليس كذلك، وإنما
الرواية الواحدة أنه لا يقدم قول الخليفة الأول على الثاني؛
فإِنه هو الذي حكي لأحمد وأنكره، وانظر: التمهيد/ 135 أ.
(4) نهاية 54 ب من (ب).
(5) انظر: العدة/ 180 ب، والمسودة/ 340 - 341.
(6) قال المرداوي في التحبير 1/ 13 أ: (الروضة في الفقه لا
نعلم مصنفها وقيل: إِنها=
(2/413)
أحدهما قول إِمام- ففي ترجيحه على القول
الآخر روايتان، فإِن كان مع كل منهما إِمام -وأحدهما أفضل- ففي
ترجيحه روايتان.
وذكر الآمدي (1) أن بعض الناس قال: قول أبي بكر وعمر إِجماع.
وذكره بعض أصحابنا (2) عن أحمد.
لنا: ما سبق (3)
واحتجوا (4): بحديث العِرْباض (5): (إِنه من (6) يعش منكم (7)
فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛
فإِن كل بدعة ضلالة). رواه (8) أحمد وأبو داود وابن ماجه
والترمذي -وصححه- والحاكم، وقال:
__________
=لأبي الفتح نصر بن علي الضرير الحراني) أقول: لم أجد ترجمة
لأبي الفتح، ولم أعثر على كتاب الروضة هذا.
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 249.
(2) انظر: البلبل/ 135.
(3) من أن الدليل جاء بعصمة كل الأمة لا بعضها.
(4) في (ح): احتجوا.
(5) هو: الصحابي أبو نجيح العرباض بن سارية السلمي.
(6) نهاية 43 أمن (ظ).
(7) نهاية 110 من (ح).
(8) انظر: مسند أحمد 4/ 126 - 127، وسنن أبي داود 5/ 13 - 15،
وسن ابن ماجه / 15 - 16، وسنن الترمذي 4/ 149 - 150، وقال: حسن
صحيح، والمستدرك للحاكم 1/ 95 - 98.
(2/414)
على شرط الصحيحين. (1)
وعن حذيفة (2) مرفوعًا: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر
وعمر). حديث حسن له طرق، رواه (3) ابن ماجه والترمذي -وحسَّنه-
وابن حبان والحاكم.
رد: (الخلفاء) عام، فأين دليل الحصر؟.
ثم يدل على أنه حجة، أو يحمل على تقليدهم في فتيا أو إِجماع لم
يخالفهم غيرهم.
فأما ما عقده أحدهم -كصلح بني تغلب (4) وخراجٍ وجزيةٍ- فلنا
__________
(1) ووافقه الذهبي في التلخيص 1/ 98.
(2) هو: الصحابي أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي.
(3) انظر: سنن ابن ماجه/ 37، وسنن الترمذي 5/ 271 - 272،
وموارد الظمآن/ 538 - 539، والمستدرك للحاكم 3/ 75 وقال: هذا
حديث من أجل ما روي في فضائل الشيخين. ثم تكلم عن إِسناد
الحديث ثم قال: فثبت بما ذكرنا صحة هذا الحديث وإن لم يخرجاه.
ووافقه الذهبي في التلخيص على تصحيحه.
وقد أخرج الحديث أحمد في مسنده 5/ 382، وأبو نعيم في الحلية 9/
109، والخطيب في تاريخ بغداد 12/ 20.
(4) بنو تغلب: قبيلة عظيمة تنتسب إِلى تغلب بن وائل (المنتهي
نسبه إِلى نزار بن معد ابن عدنان) تتفرع منها فروع عديدة.
انظر: معجم قبائل العرب 1/ 120.
وقد أخرج البيهقي في السنن الكبرى 9/ 216 - من طرق- عن عمر:
أنه صالح بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصدقة، وأن لا يمنعوا
أحدًا منهم أن يسلم،=
(2/415)
خلاف في جواز نقضه؛ اختار ابن عقيل (1):
يجوز، قال: ومنعه أصحابنا.
مسألة
ولا إِجماع أهل البيت (2) -وقاله (3) (هـ م ش) - لما سبق (4)
وذكر القاضي في المعتمد (5) وبعض العلماء والشيعة: أنه إِجماع،
واختاره بعض أصحابنا (6)، قال: ومثله إِجماع [أهل] (7) المدينة
زمن الخلفاء وإجماع أهل السنة.
قالوا: (إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) (8)
__________
=وأن لا يصبغوا أولادهم. وأخرجه أبو عبيد في الأموال/ 28 - 29،
وانظر: نصب الراية 2/ 362، وكان ذلك سنة 17 هـ. فانظر: تاريخ
الأمم والملوك 4/ 55، والكامل في التاريخ 2/ 533.
(1) انظر: المسودة/ 341، والعدة/ 181أ.
(2) في (ب) و (ظ) زيادة: لما سبق. وقد ضرب عليها في (ب).
(3) في (ظ): هـ وش.
(4) من أن المطلوب إِجماع كل الأمة.
(5) المعتمد: كتاب في أصول الدين للقاضي أبي يعلى، وهو مطبوع
بتحقيق الدكتور وديع زيدان حداد. وقد ذكر المحقق أن كتاب
المعتمد المطبوع هو مختصر لكتاب كبير لأبي يعلى بالعنوان نفسه
استنادًا إِلى قول القاضي في مقدمة المعتمد المطبوع: سألتموني
... اختصار مقدمة في أصول الدين من كتابنا المعتمد ... فأجبتكم
إِلى ذلك.
انظر: المعتمد/ 13، 19.
(6) انظر: المسودة/ 333.
(7) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(8) سورة الأحزاب: آية 33: (إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرًا).
(2/416)
قيل: (1) هو الإِثم، وقيل: الشرك (2)،
والخطأ منه؛ لأنه لكل مستقذر.
قيل (3): المراد أزواجه (4) لسياق القرآن، وهو مراد معهم (5)،
فلهذا قال: (عنكم)، وقيل: أهله وأزواجه.
وقيل: فاطمة وعلي وحسن وحسين؛ لرواية شَهْر بن حَوْشب - (6)
وهو (7) مختلف في الاحتجاج به- عن أم سلمة: أن هذه الآية نزلت،
__________
(1) انظر: زاد المسير 6/ 381، وفتح القدير 4/ 278.
(2) في (ظ): الشك. أقول: وهو قول -أيضًا- في معنى الرجس.
فانظر: زاد المسير 6/ 381.
(3) في (ح): وقيل.
(4) انظر: تفسير القرطبي 14/ 182 - 183، وتفسير ابن كثير 3/
283 - 486، وفتح القدير 4/ 278 - 280.
(5) في (ب) و (ظ): بعضهم. والمثبت من (ح) ونسخة في هامش (ب).
(6) هو: أبو سعيد -ويقال في كنيته غير ذلك- الأشعري الشامي،
روى عن أم سلمة وأبي هريرة وجماعة، وعنه عبد الحميد بن بهرام
وقتادة وداود بن أبي هند وجماعة، توفي سنة 111 هـ.
وثقه ابن معين وأحمد ويعقوب بن سفيان، وقال أبو زُرْعة: لا بأس
به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق
كثير الإرسال والأوهام.
انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 260، وميزان الاعتدال 2/
283، وتهذيب التهذيب 4/ 369، وتقريب التهذيب 1/ 355، وخلاصة
تذهيب تهذيب الكمال / 169.
(7) نهاية 55 أمن (ب).
(2/417)
وجلَّلَ عليهم بكساء، وقال: (اللهم هؤلاء
أهل بيتي وخاصَّتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا)، فقالت
أم سلمة: وأنا معكم. قال: (إِنك إِليّ خير). (1) رواه أحمد
والترمذي وصححه (2). ورواه (3) -أيضًا- من حديث عمر (4) بن أبي
سلمة (5) بإِسناد ضعيف، وقال: غريب من هذا الوجه.
وعن جابر مرفوعًا: (إِني تركت فيكم ما إِن أخذتم به لن تضلوا
كتاب الله وعِتْرَتي (6) أهل بيتي). (7) فيه زيد بن
__________
(1) نهاية 111 من (ح).
(2) انظر: مسند أحمد 6/ 292، وسنن الترمذي 5/ 360 - 361، لكن
ليس فيه ذكر لنزول الآية، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو
أحسن شيء روي في هذا الباب، وفي الباب عن أنس وعمر بن أبي سلمة
وأبي الحمراء.
(3) انظر: سنن الترمذي 5/ 30 - 31، 328.
وقد أخرجه مسلم في صحيحه/ 1883 من حديث عائشة -وليس فيه إِلا
تلاوة الآية لا نزولها- والحاكم في مستدركه 2/ 416، 3/ 146 من
حديث أم سلمة- وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه- وابن
جرير الطبري في تفسيره 22/ 6 من حديث أم سلمة. وانظر: المعتبر/
26 ب.
(4) في (ح): عمرو.
(5) هو: الصحابي أبو حفص عمر بن أبي سلمة.
(6) راجع الخلاف في تحديد المراد بالعترة في: النهاية في غريب
الحديث 3/ 177، ولسان العرب 6/ 211 - 212 (عتر).
(7) أخرجه الترمذي في سننه 5/ 327 - 328 وقال: وفي الباب عن
أبي ذر وأبي سعيد=
(2/418)
الحسن (1)، قال أبو حاتم (2): منكر الحديث
(3). وقواه ابن حبان.
وعن الأعمش (4) عن عطية (5) -وهو ضعيف- عن أبي سعيد مرفوعًا
__________
=وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد، هذا حديث غريب حسن من هذا
الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من
أهل العلم.
(1) هو: أبو الحسن القرشي الكوفي، روى عن جعفر بن محمَّد بن
علي بن الحسين، ومعروف بن خَرَّبُوذ، وعنه إِسحاق بن راهويه
ونصر الوشَّاء وعلي بن المديني وغيرهم. قال ابن حجر في
التقريب: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 102، وتهذيب التهذيب
3/ 406، وتقريب التهذيب 1/ 273.
(2) هو: محمَّد بن إِدريس بن المنذر بن مهران الغطفاني الحنظلي
الرازي، حافظ المشرق، ثبت بارع الحفظ، جمع أحاديث الزهري
وصنفها ورتبها، وكان مرجعاً في معرفة رجال الحديث، توفي سنة
275 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 3/ 73، وتذكرة الحفاظ/ 567، وطبقات الحنابلة
1/ 284، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 207، وتقريب التهذيب 2/
143، والمنهج الأحمد 1/ 183، وطبقات الحفاظ/ 255، وشذرات الذهب
2/ 171.
(3) انظر: الجرح والتعديل 1/ 2/ 560.
(4) هو: أبو محمَّد سليمان بن مهران الأسدي، مولى بني كاهل،
محدث الكوفة وعالمها، ولد سنة 61 هـ، وتوفي سنة 148 هـ.
قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع لكنه
يدلس.
انظر: تاريخ بغداد 9/ 3، ووفيات الأعيان 2/ 136، وتذكرة
الحفاظ/ 154، ومشاهير علماء الأمصار/ 111، وطبقات الحفاظ / 67،
وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 155، وشذرات الذهب 1/ 220.
(5) هو: أبو الحسن عطية بن سعد بن جُنادة العوفي الكوفي، تابعي
شهير، روى عن=
(2/419)
والأعمش عن حبيب (1) بن أبي ثابت عن زيد بن
أرقم مرفوعًا: (إِني تارك فيكم ما إِن تمسكتم به لن تضلوا
بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله وعِتْرَتي أهل
بيتي، لن يفترقا حتى يردا (2) (3) على الحوض). (4)
__________
=ابن عباس وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم، وعنه حجاج بن أرطأة
والأعمش وإِدريس الأودي وغيرهم، توفي سنة 127 هـ.
ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وجماعة. قال ابن حجر في التقريب:
صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلسًا.
انظر: ميزان الاعتدال 3/ 79، وتهذيب التهذيب 7/ 224، وتقرب
التهذيب 2/ 24.
(1) هو: أبو يحيى حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي
-بالولاء- الكوفي، من فقهاء التابعين، روى عن ابن عمر وأنس
وابن عباس وزيد بن أرقم، وغيرهم، وعنه الأعمش وأبو إِسحاق
الشيباني والثوري وغيرهم، توفي سنة 119 هـ.
قال ابن حجر في التقريب: ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال
والتدليس.
انظر: ميزان الاعتدال 1/ 451، وتهذيب التهذيب 2/ 178، وتقريب
التهذيب 1/ 148.
(2) في (ب) و (ظ): يردوا.
(3) نهاية 43 ب من (ظ).
(4) أخرجه الترمذي في سننه 5/ 328 - 329، وقال: هذا حديث حسن
غريب. وأخرج الحاكم في مستدركه 3/ 109 حديث زيد بن أرقم بلفظ:
(إِني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله
وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإِنهما لن يتفرقا حتى
يردا على الحوض) وأخرجه -أيضًا- 3/ 148 بلفظ: (إِني تارك فيكم
الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي، لن يتفرفا حتى يردا على الحوض).
وقال: صحيح=
(2/420)
روى الترمذي الثلاثة، وقال في كل منها (1):
حسن غريب.
والأعمش إِمام، لكنه كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع، فلا يحتج
به عند المحدثين، وقد قال أحمد (2): في حديثه اضطراب كثير.
وقال ابن المديني (3): كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء
الضعفاء. (4)
رد ذلك: بمنع الصحة (5) لما سبق، ولهذا في مسلم (6) من حديث
زيد
__________
=الإِسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في
التلخيص. وأخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد 3/ 14، 17، 59
ومن حديث زيد بن ثابت 5/ 181 - 182، وأخرجه الطبراني في المعجم
الكبير من حديث زيد بن ثابت 5/ 171، ومن حديث زيد بن أرقم 5/
190.
(1) في (ظ): منهما.
(2) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224، وتهذيب التهذيب 4/ 222.
(3) هو: أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي -بالولاء-
البصري، إِمام حافظ عالم بالحديث والعلل، روى عنه أحمد
والبخارى وأبو داود وأبو حاتم وخلق، توفي سنة 234 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 11/ 458، وطبقات الحنابلة 1/ 225، وتذكرة
الحفاظ/ 428، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 145، وتهذيب الأسماء
واللغات 1/ 1/ 350، وطبقات الحفاظ/ 184، وخلاصة تذهيب تهذيب
الكمال/ 275، والمنهج الأحمد 1/ 97، وشذرات الذهب 2/ 81.
(4) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224، وتهذيب التهذيب 4/ 222.
(5) في (ظ): لصحة.
(6) انظر: صحيح مسلم/ 1873 - 1874.
(2/421)
ابن أرقم: (إِني تارك فيكم ثَقَلين،
أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به)، ثم قال: (وأهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل
بيتي). (1)
وفي الأخبار الصحيحة أنه أمر باتباع سنته -كما في المسألة (2)
قبلها- ودل عليه حديث المقدام (3) وأبي رافع (4) وأبي هريرة
وغيرها (5) مما يطول (6).
__________
(1) وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 4/ 367، والدارمي في سننه 2/
310، والطبراني في المعجم الكبير 5/ 205 - 206.
(2) في قول الرسول: عليكم بسنتي ...
(3) هو: الصحابي المقدام بن معد يكرب.
(4) هو: الصحابي أبو رافع مولى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(5) في (ح) و (ظ): وغيرهما.
(6) حديث المقدام: عن رسول الله قال: (ألا إِني أوتيت القرآن
ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا
القرآن، فما وجدتم من حلال فأحلوه ...) وقد ورد بألفاظ. أخرجه
أبو داود في سننه 5/ 10 - 12، والترمذي في سننه 4/ 145 وقال:
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وابن ماجه في سننه/ 6، وأحمد في
مسنده (انظر: الفتح الرباني 1/ 191 - 192)، والدارمي في سننه
1/ 117، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 232،
والبيهقي في المدخل إِلى دلائل النبوة / 34، وفي المعرفة 1/
19، والحاكم في مستدركه 1/ 109 وقال: إِسناده صحيح.
حديث أبي رافع: عن رسول الله قال: (لا ألفين أحدكم متكئًا على
أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول:
لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ...) وقد ورد بألفاظ.
أخرجه أبو داود في سننه/ 6 - 7، والشافعي=
(2/422)
ولمالك في الموطأ: بلغه أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - (1) [قال] (2): (تركت فيكم أمرين (3) لن
تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله). (4)
__________
= (انظر: بدائع المنن 1/ 17)، وأحمد في مسنده (انظر: الفتح
الرباني 1/ 192)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/
232، والبيهقي في المدخل إِلى دلائل النبوة / 34، وفي المعرفة
1/ 18، والحاكم في مستدركه 1/ 108 - 109 وقال: صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص.
حديث أبي هريرة: قال رسول الله: (لا أعرفن أحداً منكم أتاه عني
حديث -وهو متكئ في أريكته- فيقول: اتلوا عليَّ به قرآناً ...)
أخرجه أحمد في مسنده 2/ 367، وابن ماجه في سننه/ 9 - 10،
والبزار في مسنده" (انظر: كشف الأستار 1/ 80).
(1) نهاية 55 ب من (ب).
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(3) نهاية 112 من (ح).
(4) انظر: الموطأ/ 899. وفي شرح الزرقاني 4/ 246: "بلاغه صحيح
كما قال ابن عيينة، وقد أخرجه ابن عبد البر من حديث كثير بن
عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده".
وقد أخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1056 من حديث ابن عباس.
وأخرج البيهقي في المدخل الكبير -على ما في مفتاح الجنة/ 7 -
من حديث أبي هريرة: قال رسول الله: (إِني قد تركت فيكم شيئين
لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على
الحوض)، وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1057، وأخرجه الحاكم في
المستدرك 1/ 93، وأخرجه -أيضًا- من حديث ابن عباس. قال: وهذا
الحديث لخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق على إِخراجه
في الصحيح: (يا أيها الناس إني=
(2/423)
ثم: خبر الواحد ليس بحجة عند الشيعة.
وأجاب في التمهيد (1) وغيره: بأنه لا يثبت به أصل.
ثم: بما في المسألة (2) قبلها، أو أن روايتهم حجة، وخصهم لأنهم
أعلم بحاله.
ولأن زيدًا (3) قال (4): "أهل بيته من حرم الصدقة: [آل] (5)
علي (6) وآل عقيل (7)، وآل جعفر (8)، وآل عباس (9) "، وهو أعلم
بما روى.
__________
=قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده -إِن اعتصمتم به- كتاب الله،
وأنتم مسؤولون عنه، فما أنتم قائلون؟) وذكر الاعتصام بالسنة في
هذه الخطب غريب ويحتاج إِليها.
(1) انظر: التمهيد/ 134 ب.
(2) يعني: أنه معارض بما فيها من قوله: (عليكم بسنتي ...)،
وقوله (اقتدوا بالَّذين من بعدي ...). انظر: الإحكام للآمدي 1/
248.
(3) وهو زيد بن أرقم.
(4) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1873، وأحمد في مسنده 4/ 367،
والطبراني في المعجم الكبير 5/ 204 - 205، 206.
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6) ابن أبي طالب. انظر: كتاب نسب قريش/ 40.
(7) ابن أبي طالب. انظر: المرجع السابق/ 84. وهو: الصحابي أبو
يزيد، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(8) ابن أبي طالب. النظر: المرجع السابق/ 80. وهو: الصحابي أبو
عبد الله، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(9) ابن عبد المطلب. انظر: المرجع السابق/ 25. وهو: الصحابي
أبو الفضل، عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(2/424)
والخبر (1) في الخلفاء أصح، ولم تقل به
الشيعة.
ونمنع (2) أن الخطأ من الرجس، وفي الواضح: دل سياق الآية أنه
أراد دفع التهمة. وبعض أصحابنا (3) قال: مفرد (4) حُلِّيَ (5)
باللام، ولا يستغرق.
ولم يحتج أهل البيت بذلك، ولا ذكروه، ولا أنكروا (6) على
مخالفهم حتى عليّ زمن ولايته، ولو كان ذلك حجة كان تركه خطأ
ولوجب ذكره، ومعلوم: لو ذَكَره لنُقِل وقَبِله منه أصحابه
وغيرهم كما في غيره.
مسألة
لا يشترط في أهل الإِجماع عدد التواتر عندنا وعند الأكثر؛
لدليل السمع (7)، فلو بقي واحد: فظاهر كلام أصحابنا كذلك (8)،
[وجعله ابن
__________
(1) وهو: قول الرسول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
...)، وقوله: (اقتدوا باللذين من بعدي ...).
(2) في (ح): وبمنع.
(3) انظر: البلبل/ 136.
(4) يعني: (الرجس) لفظ مفرد.
(5) في (ح) و (ظ): حكي.
(6) في (ظ): أنكروه.
(7) فمن صدق عليه لفظ (الأمة) و (المؤمنون) من الأشخاص كانت
الأدلة السمعية موجبة لعصمتهم عن الخطأ. انظر: الإِحكام للآمدي
1/ 250.
(8) في (ح): فظاهر كلام أصحابنا: حجة، لذلك قال تعالى ...
(2/425)
عقيل (1) حجة له في اعتبار مخالفة الواحد]
(2)، قال تعالى: (إِن إِبراهيم كان أمة) (3)، وللشافعية (4)
وجهان؛ لشعور الإِجماع بالاجتماع.
مسألة
إِذا قال مجتهد قولاً وانتشر ولم ينكر -قبل (5) استقرار
المذاهب (6) - فإِجماع عند أحمد (7) وأصحابه -زاد ابن عقيل في
مسألة قول الصحابي: في إِيجابه للعلم منع وتسليم. وقال بعض
أصحابنا: إِجماع على الأشهر عندنا- (وهـ م) وبعض الشافعية (8).
وقال بعض الحنفية (9): حجة، وذكره الصيرفي الشافعي مذهب
__________
(1) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 253.
(2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(3) سورة النحل: آية 120.
(4) انظر: المستصفى 1/ 188، والمنخول / 313، والإِحكام للآمدي
1/ 250، وشرح لمحلي على جمع الجوامع 2/ 181، وشرح الورقات/
167، وغاية الوصول/ 107.
(5) في (ب): قيل.
(6) جاء في شرح العضد 2/ 37: فإِن كان بعد استقرار المذاهب لم
يدل على الموافقة قطعًا؛ إذ لا عادة بإِنكاره، فلم يكن حجة.
وجاء في شرح الكوكب المنير 2/ 254: ليخرج ما احتمل أنه قاله
تقليدًا لغيره.
(7) انظر: العدة/ 175 ب، والتمهيد/ 140 ب.
(8) انظر: التبصرة/ 391.
(9) انظر: تيسير التحرير 3/ 346 - 247، وفواتح الرحموت 2/ 232.
(2/426)
(ش). (1)
وقال داود (2) وأبو (3) هاشم (4): ليس بحجة، واختاره جماعة،
منهم: ابن الباقلاني (5) وأبو المعالي، وذكره الآمدي (6) عن
الشافعي (7)، وقاله ابن عقيل في فنونه، واختاره (8) (9) ابن
أبي هريرة (10) إِن كان حكماً (11) لا فتيا (12).
__________
(1) انظر: المسودة/ 335.
(2) انظر: التبصرة/ 392، والإحكام للآمدي 1/ 252.
(3) في المعتمد/ 533، والمحصول 2/ 1/ 215، والإِحكام للآمدي 1/
252، والتمهيد 1401 ب: يقول أبو هاشم: هو حجة وليس بإجماع.
(4) نهاية 44 أمن (ظ).
(5) انظر: البرهان/ 699، 701.
(6) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 252.
(7) نهاية 56 أمن (ب).
(8) انظر: التبصرة/ 392، والمحصول 2/ 1/ 215، والإِحكام للآمدي
1/ 252.
(9) نهاية 113 من (ح).
(10) هو: أبو علي الحسن بن الحسين، أحد أئمة الشافعية، درس
ببغداد، وتوفي سنة 345 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر المزني.
انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 112، وطبقات الشافعية للسبكي 3/
256، ووفيات الأعيان 1/ 158، وتذكرة الحفاظ/ 1857، ومرآة
الجنان 2/ 337، والبداية والنهاية 11/ 304، وطبقات الشافعية
لابن هداية الله/ 72، وطبقات الشافعية للعبادي/ 77.
(11) في (ب) و (ظ): "إِن كان فتيا لا حكمًا". بعد تعديل ممن
قرأ النسختين.
(12) فيكون إِجماعًا وحجة إِن كان فتيا.
(2/427)
لنا: الظاهر يدل على الموافقة، لبعد سكوتهم
عادة، ولذلك (1) يأتي (2) في قول الصحابي والتابعي في معرفي
الحجة: "كانوا يقولون أو يرون ونحوه"، ومعلوم أن كل واحد لم
يصرح به.
قالوا: يحتمل أنه لم يجتهد، أو اجتهد ووقف، أو خالف وكتم
للتروِّي والنظر، أو لأن كل مجتهد مصيب، أو وَقَّر، أو هاب.
رد: خلاف الظاهر لا سيما في حق الصحابة -رضي الله عنهم- مع طول
بقائهم.
واعتقاد الإِصابة لا يمنع النظر لتعرف الحق كالمعروف من حالهم.
واختار أبو الخطاب (3) والجبائي (4) والآمدي (5) وغيرهم اعتبار
انقراض العصر -هنا- ليضعف الاحتمال.
ابن أبي هريرة: العادة في الفتيا (6)، للزوم اتباع الحكم.
رد: هذا لا يمنع من إِبداء الخلاف، كما قيل لعمر (7) وغيره في
قضايا.
__________
(1) في (ظ): وكذلك.
(2) انظر: ص 584، 586 من هذا الكتاب.
(3) انظر: التمهيد/ 140 أ.
(4) انظر: المعتمد/ 533، والإِحكام للآمدي 1/ 252.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 253.
(6) يعني: العادة في الفتيا أنها تخالف ويبحث عنها دون الحكم.
(7) فقد اعترض عليه علي حين أمو برجم المجنونة التي زنت. خرجه
أبو داود في سننه 4/ 558 - 559 من حديث ابن عباس، والدارقطني
في سننه 3/ 138 - 139، والحاكم في مستدركه 4/ 388 - 389 وقال:
هذا حديث صحيح على=
(2/428)
قال في التمهيد (1) والروضة (2): وإن لم
يكن القول في تكليف فلا إِجماع؛ لأنه لا حاجة إلى إِنكاره أو
تصويبه.
ولم يفرق آخرون من أصحابنا وغيرهم.
وإن لم ينتشر القول فلا إِجماع، لعدم الدليل (3).
وعند بعضهم: إِجماع؛ لئلا يخلو العصر عن الحق.
رد: بجوازه لعدم علمهم.
مسألة
لا يعتبر انقراض العصر عند أبي الخطاب (4) -وقال: أومأ إِليه
أحمد، وقاله عامة العلماء- (و).
واعتبره أكثر أصحابنا، وجزم به القاضي (5) وغيره، وأنه ظاهر
كلام
__________
=شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وأخرجه
أحمد في مسنده 1/ 154 - 155: عن أبي ظبيان أن عمر بن الخطاب
أتي بامرأة ...
وانظر: الإحكام للآمدي 1/ 254.
(1) انظر: التمهيد/ 140 أ.
(2) انظر: روضة الناظر/ 151.
(3) يعني: دليل الموافقة.
(4) انظر: التمهيد/ 143 ب.
(5) انظر: العدة/ 163 ب- 164 أ.
(2/429)
أحمد، وقاله (1) ابن فُوَرك (2)، وذكر ابن
بَرْهان أنه مذهبهم (3)، فلهم ولبعضهم الرجوع لدليل، لا (4)
على (5) الأول.
واعتبر أبو المعالي (6) -إِن كان عن ظن- مُضِيَّ زمن طويل، حتى
لو مضى استقر قبل موتهم، ولو لم (7) يمض لم يستقر ولو ماتوا.
وفي الواضح: أن بعض الشافعية قالوا: إِجماع، إِلا أن يقولوا:
قلناه ظناً.
وجه الأول: أدلة الإِجماع.
ولأنه لو اعتبر امتنع الإِجماع للتلاحق. احتج به أبو الخطاب
(8) وجماعة.
__________
(1) انظر: المحصول 2/ 1/ 206، والإِحكام للآمدي 1/ 259.
(2) هو: أبو بكر محمَّد بن الحسن بن فورك، فقيه شافعي أصولي
نحوي متكلم، توفي سنة 406هـ.
من مؤلفاته: رسالة في أصول الفقه.
انظر: وفيات الأعيان 3/ 402، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 127،
وطبقات المفسرين للداودي 2/ 129، وإنباه الرواة 3/ 110، وشذرات
الذهب 3/ 181.
(3) انظر: المسودة / 320، والوصول لابن برهان/ 162.
(4) تكررت عبارة (لا على) في (ح).
(5) نهاية 114 من (ح).
(6) انظر: البرهان/ 614.
(7) نهاية 56 ب من (ب).
(8) انظر: التمهيد/ 144 أ.
(2/430)
ورده القاضي (1) وجماعة: بأنه لا يعتبر
التابعي مع الصحابة في رواية، ثم إِن اعتبر لم يعتبر تابع
تابعي أدركه مجتهداً؛ لأنه لم يعاصر الصحابة، زاد ابن عقيل:
ولندرة إِدراكه مجتهداً.
وللأول أن يقول: التابعي في هذا الإِجماع كالصحابي -لاعتبار
قوله فيه- فلا فرق.
واستدل: الحجة قولهم، فلم يعتبر موتهم كالرسول.
رد: محل النزاع.
وقول الرسول عن وحي، فلم يقابله غيره، وقولهم عن اجتهاد.
واستدل: (2) باحتجاج الحسن (3) به (4) زمن أنس وغيره. (5)
رد: بالمنع، ثم: لأن قول الصحابي عنده حجة.
وضَعَّف هذا بعض أصحابنا (6): بأنا إذا اعتبرنا انقراضه (7) في
الإِجماع ففي الواحد أولى، وأنه يتوجه أن يحتج بالإِجماع في
حياتهم مع اعتبار
__________
(1) انظر: العدة/ 165 ب، والمسودة / 321، 333.
(2) نهاية 44 ب من (ظ).
(3) هو: الحسن البصري.
(4) يعني: بإِجماع الصحابة.
(5) انظر: العدة/ 165 أ.
(6) انظر: المسودة/ 322.
(7) في (ظ): انقضاضه.
(2/431)
انقراضه لظاهر الآيات (1)، والأصل عدم
رجوعهم، ثم: (2) إِن رجعوا فلم يدم الخطأ، وعصمتهم عن (3)
دوامه.
قالوا: (لتكونوا شهداء على الناس) (4)، ومن منع رجوعهم جعلهم
شهداء على أنفسهم.
رد: بأنهم من الناس، وبأنهم شهداء [الله] (5) على غيرهم لأنه
صواب، وبأن (6) من قبل قوله على غيره فهو أولى، ثم: المفهوم
هنا ليس بحجة.
قالوا: خالف علي عمر بعد موته في بيع أم الولد (7)، وأن حد
الخمر ثمانون (8)، وعمر (9) خالف أبا بكر -رضي الله عنهم- في
قسمة
__________
(1) الدالة على حجية الإِجماع، كقوله تعالى: (... ويتبع غير
سبيل المؤمنين ...)، ذم بها من خالفهم في حياتهم قبل انقراضهم.
انظر: المسودة/ 322.
(2) في (ظ): وإن.
(3) في (ظ): ونسخة في هامش (ب): من.
(4) سورة البقرة: آية 143: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا
شهداء على الناس).
(5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6) في (ظ): ولأن.
(7) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/ 291، والبيهقي في السنن
الكبرى 10/ 348، وابن حزم في الإِحكام/ 671، وسعيد في سننه،
فانظر: المعتبر/ 85 أ.
(8) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1331 - 1332، وأبو داود في سننه 4/
622، والبيهقي في سننه 8/ 318، وابن حزم في اللإِحكام/ 669 -
670.
(9) نهاية 115 من (ح).
(2/432)
الفيء (1).
رد: بمنع الإِجماع في ذلك، بل في الأخبار (2) ما يدل على عدمه.
__________
(1) فقد سوّى أبو بكر، وفَضَّل عمر. أخرجه أحمد في مسنده
(انظر: الفتح الرباني 14/ 86)، وأبو عبيد في الأموال/ 263،
والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 346، وانظر: نيل الأوطار 8/ 84 -
85، وكنز العمال 4/ 521 - 541.
(2) فبالنسبة لبيع أم الولد: أخرج ابن ماجه في سننه/ 841 عن
جابر قال: كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا -والشعبي حي- ما نرى
بذلك باسًا. في الزوائد: إِسناده صحيح، ورجاله ثقات. وأخرجه
الشافعي (انظر: بدائع السنن 2/ 139)، وعبد الرزاق في مصنفه 7/
288، والبيهقي في سننه 10/ 348، وأخرجه -أيضًا- عنه بلفظ: بعنا
أمهات أولادنا على عهد النبي وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا
فانتهينا. وأخرج هذا أبو داود في سننه 4/ 262 - 264.
وانظر في موضوع بيع أمهات الأولاد: المصنف لعبد الرزاق 7/ 287،
والسنن الكبرى للبيهقي 10/ 347، وكنز العمال 10/ 343.
وبالنسبة لحد الخمر: ليس ما فعل عمر إِجماعًا، لسَبْق فعل
النبي وأبي بكر، فقد جلدا أربعين. فانظر: الإِحكام لابن حزم/
670 - 671، والمغني 9/ 161.
وبالنسبة لقسمة الفيء: ليس ما فعل أبو بكر إِجماعًا، قال أبو
الخطاب في التمهيد/ 144 ب: خالف عمر أبا بكر في زمانه وناظره،
فقال له: أتجعل من جاهد في سبيل الله بما له ونفسه كمن دخل في
الإِسلام كرهاً؟ فقال: إِن إِخواننا عملوا لله، وأجورهم على
الله، وإنما الدنيا بلاغ. ذكر ذلك في الفتوح والتواريخ. ولم
يُرْوَ أن عمر رجع إِلى قول أبي بكر، بل أمسك عنه لأنه
الإِمام، فلما صار الأمر إِليه فعله؛ لأنه كان رأيه في زمن
الصديق. انتهى كلام أبي الخطاب. وانظر: سنن البيهقي 6/ 348.
(2/433)
قالوا: يلزم ترك نص اطلع عليه.
رد: بأنه بعيد (1)، وقيل: محال للعصمة.
ثم: يلزم (2) لو انقرضوا، فلا أثر له؛ لأن الإِجماع قاطع،
ولأنه إِن كان عن نص لم يعتبر (3)، وإلا لم يجز نقض اجتهاد
بمثله، لا سيما لقيام الإِجماع هنا.
وقال بعض الشافعية (4): إِذا عارضه نص أُوِّلَ القابل (5) له
(6)، وإلا تساقطا.
قالوا: موته - عليه السلام - شرط دوام الحكم، كذا هنا.
رد: لإِمكان نسخه، فيرفع قطعي بمثله.
مسألة
لا إِجماع إِلا عن دليل عندنا وعند العلماء، خلافاً لما حكي عن
بعض المتكلمين: أن الله يوفقهم للصواب.
لنا: اعتبار الاجتهاد فيهم، ولأنه محال عادة، وكالواحد من
الأمة، ولا
__________
(1) نهاية 157 من (ب).
(2) يعني: يلزم ما ذكرتم.
(3) في (ح) و (ظ): لم يتغير.
(4) كالبيضاوي في منهاجه. فانظر: نهاية السول 2/ 315.
(5) في (ح): القايل.
(6) يعني: القابل للتأويل.
(2/434)
عبرة بمخالفة صاحب النَّظَّام (1) فيه. (2)
قالوا: لو كان عن دليل كان هو الحجة، فلا فائدة فيه.
رد: قوله - عليه السلام - حجة في نفسه، وهو عن دليل هو (3)
الوحي.
ثم: فائدته سقوط البحث عنا عن دليله، وحرمة الخلاف الجائز
قبله.
وبأنه (4) يوجب عدم انعقاده عن دليل.
وظهر للآمدي ضعف الأدلة من الجانبين، وقال: يجب إِن يقال: أن
أجمعوا عن غير دليل لم يكن إِلا حقًا (5)
مسألة
يجوز الإِجماع عن اجتهاد وقياس، ووقع، وتحرم (6) مخالفته،
عندنا
__________
(1) هو: أبو عمران مويس -وفي جل كتب أصول الفقه: موسى- ابن
عمران، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة (وفيات رجالها في
النصف الأول من القرن الثالث الهجري)، فقيه واسع العلم في
الكلام والفتيا، وكان يقول بالإِرجاء.
انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 76، وفضل الاعتزال وطبقات
المعتزلة/ 74، 279.
(2) انظر: المعتمد/ 521، والتمهيد/ 1135.
(3) في (ظ): وهو.
(4) يعني: وبأن ما قلتم يوجب.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 263.
(6) في (ب): تحرم.
(2/435)
وعند أكثر العلماء، خلافًا للظاهرية (1)
وابن جرير الطبري (2) والشيعة (3) في الجواز، ولبعضهم في
القياس الخفي، ولبعضهم في الوقوع، (4) ولبعضهم (5) -وحكي عن
بعض الحنفية (6) - في تحريم مخالفته.
لنا: وقوعه لا يلزم محال.
وأجمع (7) الصحابة على (8) خلافة أبي بكر (9) وقتال مانعي
الزكاة (10)
وتحريم شحم الخنزير (11)، والأصل عدم النص، ثم: لو كان لظهر
واحتج به.
__________
(1) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 648، 651، والتمهيد/ 135 ب.
(2) انظر: العدة / 169أ، والتمهيد/ 135 ب، والتبصرة/ 372،
والمحصول 2/ 1/ 269.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 264.
(4) نهاية 116 من (ح).
(5) ضرب على (ولبعضهم) في (ظ).
(6) انظر: المحصول 2/ 1/ 299، والمسودة/ 328.
(7) نهاية 45أمن (ظ).
(8) في (ب): عن.
(9) قياسًا على إِمامة الصلاة. قال الزركشي في المعتبر/ 20 ب:
أخرجه البيهقي في سننه عن زِرِّ بن حُبيش عن ابن مسعود. قال
الذهبي في مختصره: سنده جيد.
وقد اختلف في إِمامة أبي بكر: أثبتت بالنص أم بالإِجماع؟ وقد
تكلم عن ذلك الزركشي. فانظر: العتبر/ 21 أوما بعدها.
(10) بطريق الاجتهاد، حتى قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق
بين الصلاة والزكاة. أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 104، ومسلم في
صحيحه/ 51 - 52 من حديث أبي هريرة.
(11) انظر: تفسير القرطبي 2/ 222.
(2/436)
قالوا: الخلاف في القياس في كل عصر.
رد: بمنعه في الصحابة، (1) بل حادث، فهو كخبر الواحد والعموم:
فيهما خلاف، وينعقد عنهما بلا خلاف.
قالوا: القياس فرع معرض للخطأ، فلا (2) يصلح دليلاً لأصل معصوم
عنه.
رد: القياس فرع للكتاب والسنة لا للإِجماع، فلم يبن الإِجماع
على فرعه، وحكم هذا القياس قطعي لعصمتهم عن الخطأ.
ورده الآمدي (3): بأن إِجماعهم عليه يسبقه إِجماعهم على (4)
صحته، فاستندوا إِلى قطعي، ثم ألزم بخبر الواحد؛ فإِنه ظني،
والإِجماع المستند إِليه قطع. ولابن عقيل معناه.
قالوا: يلزم تحريم مخالفة المجتهد، وهي جائزة إِجماعًا.
رد: المجمع عليه مخالفة مجتهد منفرد (5) لا الأمة.
مسألة
إِذا اختلفوا على قولين لم يجز إِحداث ثالث عند أحمد (6)
وأصحابه
__________
(1) نهاية 57 ب من (ب).
(2) في (ب) و (ظ): ولا.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 266.
(4) في (ظ): في.
(5) في (ظ): مفرد.
(6) انظر: العدة / 167 ب، والتمهيد/ 138ب.
(2/437)
وعامة العلماء، خلافاً لبعض الحنفية (1)
وبعض الظاهرية (2) وبعض المتكلمين (3) وبعض الرافضة (4)، وقاله
في الانتصار في مسألة "وطء الأمة"، وذكره في التمهيد (5) ظاهر
قول أحمد؛ لأن بعض الصحابة (6) قال: "لا يقرأ الجنب حرفًا"،
وقال بعضهم: "يقرأ ما شاء"، فقال هو: "يقرأ بعض آية"، وفي
تعليق القاضي -في قراءة الجنب-: قلنا بهذا موافقة لكل قول، ولم
نخرج عنهم (7).
فأما إِن اختلفوا (8) في مسألتين على قولين -إِثباتًا ونفياً-
فلمن بعدهم موافقة كل قول في مسألة عند القاضي (9)، وذكره بعض
(10)
__________
(1) انظر: تيسير التحرير 3/ 250، وفواتح الرحموت 2/ 235.
(2) انظر: الأحكام لابن حزم/ 668، والإِحكام للآمدي 1/ 268.
(3) انظر: كشف الأسرار 3/ 234.
(4) انظر: الأحكام للآمدى 1/ 268.
(5) انظر: التمهيد/ 138 ب.
(6) أخرج بعض الآثار في ذلك: عبد الرزاق في مصنفه 1/ 336 -
337، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 102 - 103، والدارقطني في سننه
1/ 118، 121، والبيهقي في سننه 1/ 89.
(7) انظر: المسودة/ 328.
(8) نهاية 117 من (ح).
(9) قال في العدة/ 168 أ: إِن لم يصرحوا بالتسوية بين
المسألتين جاز، وإن صرحوا بالتسوية بينهما لم يجز على قول
أكثرهم، وعلى قول بعضهم: يجوز.
(10) انظر: المسودة/ 327.
(2/438)
[أصحابنا] (1) عن أكثر العلماء.
وذكر الآمدي (2) المنع عن أكثر العلماء.
وفي الكفاية للقاضي: إِن صرحوا بالتسوية لم يجز، وإلا فوجهان،
كإِيجاب بعض الأمة النية في الوضوء، ولا يعتبر صومًا لاعتكاف،
ويعكس آخر. كذا قال. (3)
وبَعَّد (4) بعض أصحابنا (5) هذا التمثيل.
وفي التمهيد (6): إِن صرحوا بالتسوية لم يجز، لاشتراكهما (7)
في المقتضي للحكم ظاهرًا، وإن لم يصرحوا: فإِن اختلف طريق
الحكم فيهما (8) -كالنية في الوضوء، والصوم في الاعتكاف- جاز،
إلا للزم من وافق إِماما في مسألة موافقته في جميع مذهبه،
وإجماع الأمة خلافه، وإن اتفق الطريق -كزوج وأبوين، وامرأة (9)
وأبوين (10)، وكإِيجاب نية في وضوء وتيمم،
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 268.
(3) انظر: المسودة/ 327، 328.
(4) في (ظ): وبعده.
(5) انظر: المسودة/ 328.
(6) انظر: التمهيد/ 139أ.
(7) نهاية 58أمن (ب).
(8) في (ح): فيها.
(9) يعني: زوجة.
(10) قيل: للأم ثلث الأصل في المسألتين، وقيل: لها ثلث ما بقي
بعد نصيب =
(2/439)
وعكسه- لم يجز، وهو ظاهر كلام أحمد (1).
وهذا التفصيل قاله (2) عبد الوهاب المالكي (3).
وذكر ابن بَرْهان (4) -لأصحابه- في الجواز وعدمه وجهين. (5)
واختار في الروضة (6) والحلواني: (7) إِن صرحوا بالتسوية لم
يجز، وإِلا جاز لموافقة كل طائفة. قال أبو الطيب الشافعي: هو
(8) قول أكثرهم (9).
واختار [بعض أصحابنا (10) و] (11) الآمدي (12)
__________
=الزوج أو الزوجة -فانظر: سنن البيهقي 6/ 227 - 228، وسنن
الدارمي 2/ 249 - 250، والمحلى 10/ 326 وما بعدها- فالقول بأن
لها ثلث الأصل في إِحدى المسألتين، وثلث الباقي في الأخرى: قول
ثالث.
(1) انظر: التمهيد/ 139 ب.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 328، والمسودة/ 328.
(3) هو: أبو محمَّد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي، أصولي
أديب، توفي بمصر سنة 422 هـ. من مؤلفاته: أوائل الأدلة،
والإفادة، والتلخيص. وكلها في أصول الفقه.
انظر: وفيات الأعيان 2/ 387، والديباج المذهب / 120، وشذرات
الذهب 3/ 223.
(4) نهاية 45 ب من (ظ).
(5) انظر: المسودة / 327، والوصول لابن برهان / 164.
(6) انظر: روضة الناظر/ 150.
(7) انظر: المسودة/ 327.
(8) في (ظ): وهو.
(9) انظر: المسودة/ 327.
(10) انظر: البلبل/ 135.
(11) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(12) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 269.
(2/440)
ومن تبعه (1): إِن رفع الثالث ما اتفقا
عليه -كرد بكر وطئها بعيب مجانًا (2)، وإسقاط (3) جد بأخوة (4)
- لم يجز لرفع الإِجماع، وإلا جاز كمسألة الفرائض المذكورة،
كما (5) لو قيل: لا يجوز قتل مسلم بذمي، ولا يصح بيع غائب،
وعكسهما، فالتفصيل ليس مخالفاً (6) للإِجماع إِجماعًا.
قالوا (7): لم يفصل أحد، وكلهم قائل بنفيه.
رد: عدمه لا يمنع القول به، وإلا امتنع الاجتهاد في مسألة (8)
تتجدد، والتفصيل (9) في مسألة القتل والبيع.
__________
(1) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 39.
(2) كما لو قال بعض أهل العصر في الجارية البكر إِذا وطئها
المشتري -ثم وجد بها عيباً-: نمنع الرد، وقال بعضهم بالرد مع
أريق النقصان، فالقول بالرد مجاناً قول ثالث يرفع الإجماع.
انظر: الإحكام للآمدي 1/ 268، وشرح العضد 2/ 39.
(3) الجد مع الأخ: قيل: يرث المال كله ويحجب الأخ، وقيل: بل
يقاسم الأخ. فالقول بحرمانه قول ثالث يرفع الإِجماع.
انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 268، وشرح العضد 2/ 39 - 40.
(4) في (ب): باجوة.
(5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 270، وشرح العضد 2/ 39 - 40.
(6) في (ب): مخالفها.
(7) هذان اعتراضان من القائلين بالمنع على مذهب من فصل (الآمدي
ومن تبعه). انظر: الإحكام للآمدي 1/ 270.
(8) نهاية 118 من (ح).
(9) هذا جواب عن قولهم: وكلهم قائل بنفيه. انظر: الإِحكام
للآمدي 1/ 270.
(2/441)
قالوا: يلزم تخطئة كل منهما، وهما الأمة.
رد: المحال تخطئة الأمة فيما اتفقوا عليه.
وجه المنع مطلقًا: أن القول الثالث يمتنع إِن كان عن غير دليل،
وعنه: يلزم تخطئة الأمة بالجهل به.
رد: يلزم لو كان الحق في المسألة معيناً. (1)
ولأن اختلافهم على قولين إِجماع معنى على المنع من ثالث؛
لإِيجاب كل قائل الأخذ بقوله أو قول مخالفه وتحريم غيره.
رد: بتسليمه إِن لم يؤد اجتهاد غيرهم (2) إِلى ثالث.
رد: لا يجوز لخروج الحق من أهل العصر، كإِجماعهم على واحد.
وجه الجواز: اختلافهم في المسألة دليل أنها اجتهادية.
رد: بمنع تسويغ اجتهاد غيرهم.
ولأن لو امتنع لأنكِر مثل قول ابن سيرين (3) موافقته كل طائفة
في
__________
(1) وليس كذلك.
(2) نهاية 58 أمن (ب).
(3) هو: أبو بكر محمَّد بن سيرين الأنصاري البصري، تابعي شهير،
إِمام في التفسير والحديث والفقه، توفي سنة 110 هـ.
انظر: حلية الأولياء 2/ 263، وتاريخ بغداد 5/ 331، ووفيات
الأعيان 3/ 322، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 88، وتذكرة الحفاظ/
77، ومشاهير علماء الأمصار/ 88، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/
82، وطبقات الحفاظ/ 31، وشذرات الذهب 1/ 138.
(2/442)
مسألتي الفرائض السابقتين (1).
رد: لا مخالفة هنا (2)، أو أُنكر ولم ينقل، أو لم يثبت عنده
إِجماع، أو علم قوله عن صحابي، أو أنه يعتد بخلافه معهم.
مسألة
يجوز إِحداث دليل آخر عندنا وعند الجمهور -زاد القاضي (3): من
غير أن يقصد إِلى بيان الحكم به بعد ثبوته -لأنه قول عن اجتهاد
غير مخالف إِجماعًا؛ لأنهم لم ينصوا على فساد غير ما ذكروه
(4)، وأيضًا: وقع كثيرًا، ولم ينكر.
قالوا: اتباع (5) لغير سبيل المؤمنين.
__________
(1) فقد قال في (زوجة وأبوين): للزوجة الربع، وللأم ثلث جميع
المال، وما بقي للأب. وقال في (زوج وأبوين): للزوج النصف،
وللأم ثلث ما بقي، وللأب ما بقي. قال: إِذا فضل الأب الأم بشيء
فإن للأم الثلث.
فانظر: المحلى 10/ 326.
(2) لأنه من قسم الجائز.
(3) انظر: العدة/ 179أ، والمسودة/ 329.
(4) في (ب): ما ذكره.
(5) في (ب) و (ظ): اتباعًا.
(2/443)
رد: المراد ما اتفقوا عليه، وإلا لزم المنع
فيما حدث بعدهم.
قالوا: لو كان معروفًا لأمروا به، لقوله: (تأمرون بالمعروف).
(1)
رد: لو كان منكرًا لنهوا عنه، لقوله: (وتنهون (1) عن المنكر).
(2)
قالوا: لو كان حقًا لكان (3) العدول عنه خطأ.
رد: للاستغناء عنه.
* * *
وكذا إِحداث علة، ذكره في التمهيد (4) والروضة. (5)
وقال (6) القاضي (7): إِن ثبت الحكم بعلة فهل يجوز للصحابة
تعليله بأخرى؟ قيل: يجوز -كالدليل- مع عدم تنافيهما، ومن الناس
من منع؛ لإِبطال الفائدة، كالعقلية.
* * *
__________
(1) سورة آل عمران: آية 110: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون
بالمعروف وتنهون عن المنكر).
(2) نهاية 119 من (ح).
(3) في (ب): كان.
(4) انظر: التمهيد/ 139 ب.
(5) انظر: روضة الناظر/ 150.
(6) نهاية 46 أمن (ظ).
(7) انظر: العدة/ 179أ - ب، والمسودة/ 329.
(2/444)
فأما إِحداث تأويل: فجوزه بعضهم ما لم يكن
فيه إِبطال الأول، ومنعه بعضهم، اقتصر في التمهيد (1) على هذا.
قال بعض أصحابنا (2): لا يحتمل مذهبنا غير الثاني، وعليه
الجمهور.
ومراده: دفع تأويل أهل (3) البدع المنكر عند السلف.
وذكر الآمدي (4) الجواز عند الجمهور -كذا قال- وتبعه بعض
أصحابنا.
مسألة
اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول -وقد استقر (5)
خلافهم- ليس إِجماعًا، ويجوز الأخذ بالقول (6) الآخر عند أكثر
أصحابنا - وذكره القاضي (7) ظاهر كلام أحمد، وذكره ابن عقيل
(8) نص أحمد-[وأكثر (9) الشافعية] (10)، وقاله (ر) (11).
__________
(1) انظر: التمهيد / 140أ.
(2) انظر: المسودة/ 329.
(3) نهاية 59أمن (ب).
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 273.
(5) في (ب): استقره.
(6) تكررت عبارة (بالقول الآخر) في (ح).
(7) انظر: العدة/ 165 ب.
(8) انظر: المسودة/ 325.
(9) انظر: التبصرة/ 378.
(10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(11) يعني المؤلف بهذا الرمز (ر) أبا الحسن الأشعري. وانظر في
نسبة هذا=
(2/445)
وعند أبي الخطاب (1): إِجماع، وقاله (ع)
(2)، وحكاه ابن الباقلاني (3) عن (ر) مع اختيار ابن الباقلاني
للأول (4).
وللحنفية (5) والمالكية (6) والشافعية (7) كالقولين.
وعند جماعة: يمتنع ذلك، وذكره الآمدي (8) عن أحمد (ر)،
واختياره: ممتنع سمعًا، ووجهه: أن الأولين أجمعوا على جواز
الأخذ بكل منهما، والثاني يمنعه، فامتنع؛ لئلا يلزم تخطئة
الأولين؛ لأن كون الحق في أخذه وتركه -معاً- محال.
__________
=إِليه: التمهيد/ 137أ، والمسودة / 325. والمشهور عنه: أنه
ممتنع، فانظر: الإِحكام للآمدي 1/ 275، والمنتهى لابن الحاجب/
45، وشرح العضد 2/ 41.
(1) انظر: التمهيد/ 137أ.
(2) انظر: المعتمد/ 498، 517.
(3) انظر: المسودة/ 325.
(4) انظر: البرهان / 710 - 711.
(5) انظر: أصول السرخسي 1/ 319، 320، وكشف الأسرار 3/ 247،
وتيسير التحرير 3/ 232، 234، وفواتح الرحموت 2/ 226.
(6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 45، ومختصره 2/ 41، وشرح تنقيح
الفصول/ 328، ومفتاح الوصول/ 120.
(7) انظر: اللمع/ 52، والتبصرة/ 378، والمستصفى 1/ 203،
والمنخول / 320، والمحصول 1/ 2/ 194، والإِحكام للآمدي 1/ 275.
(8) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 275، فقد ذكره عن أحمد والأشعري.
(2/446)
رد: الإِجماع الأول ممنوع، فإِن أحد (1)
القولين (2) خطأ، ولا إِجماع على خطأ.
ثم: إِجماع بشرط عدم إِجماع ثان.
ثم: الأول إِجماع على أحدهما، والثاني يوافق مقتضاه.
رد الأول: بإِصابة كل مجتهد.
والثاني: بإِطلاق (الأمة) ولم يشترط.
ثم: يلزم الشرط مع إِجماعهم على قول واحد، كما يقوله (3) أبو
عبد الله البصري المعتزلي.
والثالث: باستلزامه امتناع (4) الأخذ بالقول الآخر.
قالوا: يمتنع ذلك عادة.
رد: بمنعه.
وقد عرف وجه الأول.
وقالوا: لو كان حجة لكان موت فريق وبقاء الآخر أو بعضه
إِجماعًا؛ لأنهم كل الأمة.
__________
(1) في (ب): أخذ.
(2) نهاية 120 من (ح).
(3) انظر: المعتمد/ 497 - 498، والإحكام للآمدي 1/ 277.
(4) في (ظ) و (ب): وامتناع.
(2/447)
وأجاب أبو الخطاب (1) وغيره: بالتزامه، ثم:
بالفرق -وقاله (2) الأكثر (3) - بمخالفة (4) أهل العصر، بخلاف
مسألتنا.
واحتج الثاني (5) بأدلة الإِجماع (6).
رد: بالمنع لتحقق قول الماضي (7) لا من سيوجد.
مسألة
اتفاق عصر بعد اختلافهم إِجماع وحجة، وكذا بعد استقراره، ذكره
القاضي (8) محل وفاق، وقاله الأكثر؛ لأنه لا قول لغيرهم
بخلافه.
وقيل لأبي الخطاب (9): من لم يعتبر انقراض العصر يقول: ليس
بإِجماع. فقال: لا (10) (11) يصح المنع؛ لاتفاق الصحابة على
قتال مانعي
__________
(1) انظر: التمهيد/ 138أ، وشرح العضد 2/ 41 - 42.
(2) نهاية 59 ب من (ب).
(3) انظر: المعتمد / 501، والإِحكام للآمدي 1/ 279، والمسودة/
324، وإرشاد الفحول/ 86.
(4) يعني: أن قول الباقين قول من قد خولف في عصرهم.
(5) وهو القائل بأنه إِجماع.
(6) فلو لم يكن حجة لأدى إِلى أن تجتمع الأمة الأحياء على
الخطأ، ودليل الإجماع يأباه.
انظر: شرح العضد 2/ 41.
(7) فالأحياء ليسوا كل الأمة.
(8) انظر: العدة/ 165 ب، 167 أ.
(9) انظر: التمهيد/ 137 أ.
(10) تكررت (لا) في (ظ).
(11) نهاية 46 ب من (ظ).
(2/448)
الزكاة (1) والخلافة (2) وقسمة (3) أرض (4)
السواد (5) بعد اختلافهم.
ورد: بالمنع.
وقال ابن الباقلاني (6) وعبد الوهاب (7) المالكي: ليس
إِجماعًا، واختاره أبو المعالي (8) إِن طال زمن الخلاف.
وذكر الآمدي (9): أن من شَرَط انقراض العصر جَوَّزه، وأنه
اختلف من
__________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 105 - 106، ومسلم في صحيحه / 51
- 52 من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 6 - 7، وأحمد في مسنده 1/ 55 -
56 من حديث عائشة. وانظر: الكامل في التاريخ 2/ 220 - 225،
والسيرة لابن هشام 2/ 656 - 661، والروض الأنف 7/ 551.
(3) كذا في النسخ. ولعل العبارة: وترك قسمة أرض السواد. فانظر:
التمهيد/ 137 ب.
ملاحظة: من قوله هنا: (السواد) إِلى قوله فيما سيأتي ص 451
(ابن عقيل قالوا) تكرر في (ب).
(4) السواد: يراد به رستاق -نخيل- العراق وضياعها التي افتتحها
المسلمون على عهد عمر، سمي بذلك لسواده بالزروع والنخيل
والأشجار، ولأنه متاخم لجزيرة العرب التي لا زرع فيها ولا شجر،
وكانوا إِذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزروع والأشجار،
فيسمونها سوادًا. انظر: معجم البلدان 3/ 272.
(5) انظر: الأموال لأبي عبيد/ 57 - 58، وسنن البيهقي 1/ 339 -
139.
(6) انظر: البرهان/ 710.
(7) انظر: المسودة/ 324.
(8) انظر: البرهان/ 712.
(9) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 278.
(2/449)
لم يشرطه (1)، واختياره (2) كالتي قبلها لا
فرق إِلا أن الاتفاق هنا من المختلفين.
وأطلق بعضهم (3) عن الصيرفي منع الاتفاق بعد الخلاف، واحتج
عليه بالخلافة. (4)
مسألة
إِذا اقتضى دليل أو خبر حكمًا -لا دليل له غيره- لم يجز عدم
علم الأمة به.
وإن كان (5) له دليل راجح عُمِل على وفقه: فقيل: يجوز، وهو
ظاهر كلام أصحابنا؛ لأن عدم العلم ليس من فعلهم، وخطأهم من
أوصافه (6)، فلا يكون خطأ، فلا إِجماع منهم.
وقيل: لا، لاتباعهم غير سبيل المؤمنين.
ورد: سبيلهم ما كان فعلاً مقصودًا لهم.
وأطلق الآمدي (7) الخلاف، ثم اختار: إِن عُمِل على وفقه جاز،
وإلا فلا.
__________
(1) في (ب): من لم يشترطه.
(2) في (ب): واختاره.
(3) انظر: المحصول 2/ 1/ 190.
(4) نهاية 121 من (ح).
(5) تكررت (كان) في (ب).
(6) يعني: من أوصاف فعلهم.
(7) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 279 - 280.
(2/450)
مسألة
اختلفوا في امتناع ارتداد الأمة سمعاً، وظاهر كلام أصحابنا
امتناعه، [وصرح (1) به بعضهم (2)]، واختاره الآمدي (3) ومن
تبعه، لأدلة الإِجماع خلافًا لبعضهم، واختاره ابن عقيل (4).
قالوا: (5) الردة تخرجهم من أمته. (6)
رد: يصدق (7) قول القائل: "ارتدت الأمة"، وهو أعظم الخطأ. (8)
مسألة
الأخذ بأقل ما قيل -كالقول بأن دية الكتابي الثلث (9) - لا يصح
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(2) انظر: البلبل/ 137.
(3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 280، ومختصر ابن الحاجب 2/ 43.
(4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 282.
(5) نهاية 60 أمن (ب).
ملاحظة: من قوله ص 449: (السواد) إِلى هنا تكرر في (ب).
(6) لأنهم إِن ارتدوا لم يكونوا مؤمنين ولا الأمة، فلا
تتناولهم الأدلة. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 280، وشرح العضد 2/
43.
(7) في (ب) و (ظ): بصدق.
(8) فيمتنع.
(9) اختلف العلماء في دية الكتابي الحر، فمنهم من قال: إِنها
مثل دية المسلم، ومنهم من قال: إنها على النصف، ومنهم من قال:
إِنها على الثلث. فانظر: المغني 8/ 398 - 399.
(2/451)
الاحتجاج بالإِجماع فيه، خلافًا لما ظنه
بعض الفقهاء، للخلاف في الزائد. فنفيه -لمانع أو نفي شرط أو
استصحاب- ليس من الإِجماع في شيء.
وذكر ابن حزم (1) عن قوم (2) الأخذ بأكثر ما قيل، لتعلم براءة
الذمة.
رد: حيث يعلم شغلها، ولم نعلم الزائد.
و [قد (3)] (4) قال بعض أصحابنا (5): إِذا اختلفت (6) البينتان
في قيمة المتلَف فهل يجب الأقل أو نسقطهما؟ فيه روايتان، فهذا
يبين أن في إِيجاب الأقل بهذا المسلك خلافًا، وهو متجه. كذا
قال.
ولنا قول: يجب الأكثر.
مسألة
يثبت الإِجماع بخبر الواحد عندنا وعند أكثر الحنفية والشافعية،
__________
(1) هو: أبو محمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأموي
الظاهري، حافظ عالم بالحديث وفقهه متفنن في علوم جمة، توفي سنة
456 هـ.
من مؤلفاته: الأحكام في أصول الأحكام، والمحلى، والفصل في
الملل والنحل.
انظر: وفيات الأعيان 3/ 13، والصلة 2/ 415، وبغية الملتمس/
403، وتذكرة الحفاظ / 1146، وطبقات الحفاظ/ 436، وشذرات الذهب
3/ 399.
(2) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 823، والمسودة/ 490.
(3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(4) نهاية 60 ب من (ب).
(5) انظر: المسودة / 490.
(6) في (ظ): اختلف.
(2/452)
وحكاه ابن عقيل (1) عن أكثر الفقهاء، وأنه
نزاع في عبارة لتعذر (2) القطع بالإِجماع ولا (3) بحصوله به،
بل هو كثبوت قول الشارع به، والمنازع قال: الإِجماع دليل قطعي
(4) فلا يثبت به.
وفي التمهيد (5) وغيره: العلم لا يحصل إِلا بالتواتر.
وقال الآمدي (6) وغيره: (7) سنده ظني، متنه قطعي.
قالوا: الإِجماع أصل، فلا يثبت بالظاهر.
رد: بالمنع.
مسألة
جاحد حكم إِجماع قطعي: قال ابن حامد وغيره من أصحابنا وغيرهم:
يكفر (8).
__________
(1) انظر: المسودة/ 344 - 345.
(2) قال: لأننا إِذا قلنا: يثبت به الإِجماع، فلسنا قاطعين
بالإجماع ولا بحصوله بخبر الواحد.
(3) كذا في النسخ. ولعل العبارة: وبحصوله به.
(4) نهاية 47 أمن (ظ).
(5) انظر: التمهيد/ 140 أ.
(6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 281.
(7) نهاية 122 من (ح).
(8) انظر: المسودة/ 344.
(2/453)
وذكر كثير من الطوائف من أصحابنا وغيرهم،
منهم: القاضي (1) وأبو الخطاب (2) -في مسألة انعقاد الإِجماع
عن قياس-: يفسق.
واختار الآمدي (3) ومن تبعه قولاً ثالثًا: يكفر في نحو
العبادات الخمس، وهو معنى كلام أصحابنا في كتب الفقه (4):
"يكفر بجحد حكم ظاهر مجمع عليه كالعبادات الخمس"، واختاره بعض
أصحابنا (5)، مع أنه حكى الأول عن أكثر العلماء، ولا أظن أحداً
لا يكفر من جحد هذا.
وذكر بعض أصحابنا (6): أن على قول بعض المتكلمين "الإِجماع حجة
ظنية" لا يكفر ولا يفسق. وسبق (7) لنا في الإِجماع.
مسألة
لا يصح التمسك بالإِجماع فيما تتوقف صحة الإجماع عليه بلا
خلاف، كوجود الباري وصحة الرسالة ودلالة المعجزة؛ لأنه دور.
ويصح فيما لا يتوقف - (8) وهو ديني- كالرؤية ونفي الشريك
__________
(1) انظر: العدة/ 170 أ.
(2) انظر: التمهيد/ 136 أ.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 282.
(4) انظر: المغني 9/ 11، والمقنع 3/ 516، والمحرر 2/ 167.
(5) انظر: البلبل/ 137.
(6) انظر: المسودة/ 344.
(7) انظر: ص 388 من هذا الكتاب.
(8) نهاية 61 أمن (ب).
(2/454)
ووجوب العبادات.
وإِن كان دنيويًا -كالرأي في الحرب وتدبير الجيش وترتيب أمر
الرعية- فسبق (1) كلامهم في حد الإِجماع.
ولعبد الجبار المعتزلي قولان (2)، تابعه على كل منهما جماعة.
واختار الآمدي (3) ومن تبعه: أنه حجة؛ لدليل السمع، وقاله بعض
أصحابنا (4).
وفي كلام القاضي أو ولد (5) ولده أبي يعلى (6): ليس بحجة. (7)
* * *
__________
(1) انظر: ص 365 - 366 من هذا الكتاب.
(2) انظر: المعتمد/ 494، والإِحكام للآمدي 1/ 284.
(3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 284.
(4) كابن حمدان. فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 279.
(5) في (ح): أولد
(6) هو: عماد الدين محمَّد بن أبي خازم محمَّد بن أبي يعلى
محمَّد بن الحسين، قاض من كبار الحنابلة، ولد سنة 494 هـ،
وتفقه على أبيه وعلى عمه القاضي أبي الحسين، توفي سنة 560 هـ.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 244، والمنهج الأحمد 2/ 283.
(7) نهاية 123 من (ح).
(2/455)
ويشترك الكتاب والسنة والإِجماع في السند
والمتن
فالسند: إِخبار عن طريق المتن، أي: تواتر أو (1) آحاد.
والحبر: يطلق مجازًا على الدلالة المعنوية والإِشارة الحالية،
كقولهم: عيناك تخبرني، والغراب يخبر.
وأما حقيقة، فقال القاضي (2) وغيره: للخبر صيغة تدل بمجردها
على كونه خبرًا.
وناقشه ابن عقيل (3) -كما يأتي (4) في الأمر- فعنده أن الصيغة
هي الخبر، فلا يقال: له صيغة، ولا: هي دالة عليه.
واختار بعض أصحابنا (5) قول القاضي؛ لأن الخبر هو اللفظ
والمعنى لا اللفظ، فتقديره: لهذا المركب جزء (6) يدل بنفسه على
المركب، وإِذا قيل "الخبر الصيغة فقط" بقي الدليل هو المدلول
عليه.
وعند المعتزلة (7): لا صيغة له، ويدل اللفظ عليه بقرينة هي قصد
__________
(1) في (ح): تواترًا وآحادًا. وفي (ظ): تواتر وآحاد.
(2) انظر: العدة/ 840.
(3) انظر: المسودة/ 232.
(4) انظر: ص 654 من هذا الكتاب.
(5) انظر: المسودة/ 232.
(6) في المسودة: خبر.
(7) انظر: المعتمد/ 542، والمسودة/ 232، واللمع/ 39، والعدة/
840.
(2/456)
المخبر (1) إِلى (2) الإِخبار به، كالأمر
عندهم.
وعند الأشعرية (3): هو المعنى النفسي.
وقال الآمدي (4): يطلق على الصيغة وعلى المعنى، والأشبه لغة:
حقيقة في الصيغة لتبادرها عند الإِطلاق.
* * *
قال بعضهم: لا يحد الخبر، لعسره، وقال (5) صاحب المحصول: لأن
تصوره ضروري، لأن كل أحد يعلم أنه موجود، ومطلق الخبر جزء منه،
والعلم بالخاص علم بالمطلق لتوقف العلم بالكل على العلم (6)
بجزئه.
ولأن كل أحد يجد (7) تفرقة بين الخبر والأمر وغيرهما ضرورة،
والتفرقة بين شيئين مسبوقة بتصورهما.
لا يقال: "الاستدلال (8) دليل أنه غير ضروري؛ لأنه لا يستدل
على
__________
(1) نهاية 47 ب من (ظ).
(2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): في.
(3) انظر: المستصفى 1/ 132، والإِحكام للآمدي 2/ 4، والعدة/
840، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 104.
(4) انظر: الإِحكام للآمدي 412.
(5) انظر: المحصول 2/ 1/ 314.
(6) نهاية 61 ب من (ب).
(7) في نسخة في هامش (ب): يعلم.
(8) يعني: الاستدلال على كونه ضروريًا. انظر: شرح العضد 2/ 45.
(2/457)
ضروري"؛ لأن كون العلم ضروريًا أو نظرياً
قابل للاستدلال، بخلاف الاستدلال على (1) حصول الخبر ضرورة،
فإِنه مناف لضرورة الخبر.
ورد الدليل الأول: بأن المطلق لو كان جزءًا لزم انحصار الأعم
في الاخص، وهو محال.
فإِن قيل: مشترك (2) فيه بين جزئياته، إِلى: أنه موجود فيما
تحته، فكان جزءًا من معناها.
رد: ليس معنى كونه مشتركًا (3) فيه هذا، بل بمعنى أن حد
الطبيعة التي عرض لها أنها (4) كلية مطلقة مطابق لحد ما تحتها
من الطبائع الخاصة.
ولأنه ليس كل عام جزءًا من معنى الخاص؛ لأن الأعراض العامة
خارجة عن مفهوم معناه (5)، كالأبيض والأسود بالنسبة إِلى ما
تحته من معنى الإِنسان ونحوه.
ورد الدليل الأول -أيضًا-: بأنه لا يلزم من حصول العلم بالخبر
الخاص تصوره أو تقدم تصوره؛ لأن العلم الضروري بالثبوت لا
يستلزم العلم بالتصور لتغاير التصور والثبوت، ومع عدم تلازم
تصور (6) الخاص وثبوته لم
__________
(1) نهاية 124 من (ح).
(2) يعني: الأعم مشترك فيه ...
(3) في (ب) و (ظ): مشتركة.
(4) في الإِحكام للآمدي 2/ 5: بل بمعنى أن حد الطبيعة التي عرض
لها إِن كانت كلية مطلقة مطابق لحد طبائع الأمور الخاصة تحتها.
(5) يعني: معنى الخاص.
(6) في (ب): تصوم.
(2/458)
يلزم تصور المطلق منه.
ورد هذا: بأنه لم يدع أن حصول الخبر تصوُّره بل العلم بحصوله
تصوُّره، ولا يمكن منعه.
ورد الدليل الثاني: بأنه لا يلزم سبق تصور أحدهما بطريق
الحقيقة، فلم يعلم حقيقتهما.
ثم: يلزم أن لا يحد المخالف الأمر، وقد حَدَّه.
ولأن حقائق أنواع اللفظ -من خبر وأمر وغيرهما- مبنية على الوضع
والاصطلاح، ولهذا لو أطلقت العرب الأمر على المفهوم من الخبر
الآن أو عكسه لم يمتنع (1)، فلم تكن ضرورية.
* * *
والأكثر: يحد، وعليه أصحابنا:
ففي التمهيد (2): حده لغة: كلام يدخله الصدق (3) والكذب، وقاله
أكثر المعتزلة (4)، كالجبائية وأبي عبد الله البصري وعبد
الجبار.
__________
(1) نهاية 62أمن (ب).
(2) انظر: التمهيد/ 106 ب.
(3) نهاية 125 من (ح).
(4) انظر: المعتمد/ 542، والإِحكام للآمدي 2/ 6، وشرح العضد 2/
45، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 106، وشرح الورقات/ 176،
وفواتح الرحموت 2/ 102، وإِرشاد الفحول/ 42.
(2/459)
ونقض بمثل: "محمَّد ومسيلمة (1) (2)
صادقان"، وبقول من يكذب دائمًا: "كل أخباري كذب"، فخبره هذا لا
يدخله صدق (3) -وإِلا كذبت أخباره، وهو منها- ولا كذب وإلا
كذبت (4) أخباره مع هذا، وصدق في قوله: "كل أخباري كذب"،
فيتناقض.
وبلزوم الدور؛ لتوقف معرفتهما على معرفة الخبر؛ لأن الصدق:
الخبر المطابق، والكذب: ضده.
وبانهما متقابلان فلا يجتمعان في خبر واحد، فيلزم امتناع الخبر
(5) أو وجوده مع (6) عدم صدق الحد.
وبخبر الباري.
وأجيب عن الأول: بأنه في معنى خبرين لإِفادته حكماً لشخصين،
ولا
__________
(1) هو: أبو ثُمَامة مسيلمة بن حبيب، من بني حنيفة، ادعى
النبوة، وتبعه قومه، فأرسل أبو بكر خالد بن الوليد لقتاله،
فقاتله وقتله سنة 11 هـ. سمي (مسيلمة الكذاب).
انظر: المعارف/ 170، 267، 405، والبداية والنهاية 6/ 323.
(2) نهاية 48 أمن (ظ).
(3) في (ب) و (ظ): لا يدخله صدق ولا كذب وإلا كذبت ...
(4) قوله: وإلا كذبت أخباره ... وصدق في قوله. كذا في النسخ.
وهو كذا في الإِحكام للآمدى 2/ 6 - ولعل صوابه: وإلا صدقت
أخباره ... وكذب في قوله.
(5) وهو محال.
(6) يعني: مع امتناع اجتماع دخول الصدق والكذب فيه، فيكون
المحدود متحققاً دون ما قيل بكونه حدًا له، وهو محال. انظر:
الإِحكام للآمدي 2/ 6.
(2/460)
يوصفان (1) بهما بل يوصف بهما الخبر الواحد
من حيث هو خبر.
ورد: لا يمنع ذلك من وصفه بهما بدليل الكذب في قول القائل: "كل
موجود حادث" وإن أفاد حكماً لأشخاص.
وأجيب (2): بأنه كذب؛ لأنه أضاف الكذب (3) إِليهما معاً، وهو
لأحدهما، وسَلَّمه بعضهم، ولكن لم يدخله الصدق. (4)
وأجيب: (5) بأن معنى الحد بأن (6) اللغة لا تمنع القول للمتكلم
به: صدقت أو كذبت.
ورد: برجوعه (7) إِلى التصديق والتكذيب، وهو غير الصدق والكذب
في الخبر.
وقوله: "كل أخباري كذب": إِن طابق فصدق، وإلا فكذب، ولا يخلو
عنها.
__________
(1) يعني: الخبرين.
(2) هذا جواب ثان عن الأول.
(3) كذا في (ب) و (ظ). وفي (ح): الخبر. ولعل صوابه: الصدق.
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 7.
(4) وقد قيل: الخبر ما يدخله الصدق والكذب.
(5) هذا جواب ثالث عن الأول.
(6) كذا في النسخ. ولعل صوابه: أن.
(7) في (ب): بوجوعه.
(2/461)
وقال بعض أصحابنا (1): يتناول قوله ما سوى
هذا الخبر، إِذ الخبر لا يكون بعض المخبر. قال: ونص أحمد على
مثله.
ولا جواب عن الدور.
وقد قيل: لا تتوقف معرفة الصدق (2) والكذب على الخبر، لعلمهما
ضروة.
وأجيب عن الأخير وما قبله: (3) بأن المحدود جنس الخبر، وهو
قابل لهما كالسواد (4) والبياض في جنس اللون.
ورد: لا بد من وجود الحد في كل خبر، وإلا لزم وجود الخبر دون
حده.
وأجيب: الواو وإِن كانت للجمع لكن المراد الترديد بين القسمين
تجوزًا، لكن يصان الحد عن مثله.
وحده في العدة: (5) بما (6) دخله الصدق أو الكذب، وفي الروض:
(7) التصديق أو التكذيب.
فيرد الدور وما قبله.
__________
(1) انظر: المسودة/ 233.
(2) نهاية 126 من (ح).
(3) نهاية 62 ب من (ب).
(4) يعني: كاجتماعهما.
(5) انظر: العدة/ 839.
(6) في (ب) و (ظ): كلما دخله.
(7) انظر: روضة الناظر/ 93.
(2/462)
وبمنافاة (أو) للتعريف؛ لأنها للترديد،
فلهذا أتى بعض أصحابنا (1) بالواو.
وأجيب: المراد قبوله لأحدهما (2)، ولا تردُّد فيه.
وحده أبو الحسين المعتزلي: كلام يفيد بنفسه نسبة. (3)
والكلمة عنده (4) كلام، فإِنه (5) حَدَّه بما انتظم من حروف
مسموعة متميزة.
فقال: "بنفسه" ليخرج نحو "قائم" فإِنه يفيد نسبة إِلى (6)
الضمير بواسطة (7) الموضوع.
ويرد: النسب التقييدية (8) كحيوان ناطق، ومثل: "ما أحسن (9)
زيدًا"، قال بعضهم: ومثل "قُمْ"؛ فإِنه يفيد بنفسه نسبة (10)
القيام إِلى
__________
(1) انظر: البلبل/ 49.
(2) في (ب) و (ظ): في أحدهما.
(3) انظر: المعتمد/ 544.
(4) انظر: المرجع السابق/ 14 - 15.
(5) في (ظ): لأنه.
(6) في (ظ): على.
(7) ضرب في (ظ) على (بواسطة) وكتب مكانها: (بخلاف).
(8) نهاية 48 ب من (ظ).
(9) يفيد نسبة التعجب الحاصل إِلى المتكلم، وليس بخبر. انظر:
المنتهى لابن الحاجب/ 47 - 48.
(10) في (ح): نسبة إِلى القيام.
(2/463)
المأمور أو الطلب إِلى الآمر.
وقال الآمدي (1): أخرجه "بنفسه"، فإِن المأمور به وجب بواسطة
(2) ما استدعى (3) الأمر بنفسه من طلب الفعل.
وحده جماعة: (4) كلام محكوم (5) فيه بنسبة خارجية، وهي: الأمر
الخارج عن كلام النفس الذي يتعلق به كلام النفس بالطابقة
واللامطابقة.
فمثل: "طلبتُ القيام" حكم بنسبة لها خارجي وهو: نسبة طلب
القيام إِلى المتكلم في الماضي، وهذه (6) النسبة خارجة عن (7)
الحكم النفسي -ويسمى هذا الحكم (8) كلام النفس- تعلق بها الحكم
النفسي بخلاف "قمْ"، فإِنه متعلق بالحكم النفسي، لا متعلق له
خارجي.
* * *
__________
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 9.
(2) في (ب): بواسطها.
(3) يعني: ما استدعاه الأمر.
(4) انظر: كشف الأسرار 2/ 360، وشرح العضد 2/ 45، وتيسير
التحرير 3/ 25، وغاية الوصول/ 94، وشرح المحلي على جمع الجوامع
2/ 103، وإرشاد الفحول/ 43.
(5) ضرب في (ظ) على (محكوم فيه) وكتب مكانه: (يفيد بنفسه)
وحذفت الباء الأولى في: بنسبة.
(6) في (ب): وهي.
(7) نهاية 127 من (ح).
(8) في (ظ): الكلام.
(2/464)
وغير الخبر: إِنشاء وتنبيه.
ومن التنبيه: الأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي والقسم
والنداء.
وبعتُ [و] (1) اشتريث وطلقت -ونحوها مما تستحدث بها الأحكام
(2) - إِنشاء عند القاضي وغيره (3) (وم ش) (4)؛ لأنها لا خارج
لها، ولا تقبل صدقًا ولا كذبًا، ولو كان خبرًا لما قبل تعليقًا
لكونه ماضيًا.
وعند الحنفية (5): هي إِخبار؛ لأن الأصل التقرير (6) وعدم
النقل.
ولنا وجه (7): "طلقتك" (8) كناية، فعلى الأول: لو قاله لرجعية
طلقت، ذكره بعض أصحابنا، ومعناه لغيره -خلافاً لبعضهم- ولم
يسأل
__________
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(2) نهاية 63 أمن (ب).
(3) في (ح): وهو معنى كلام غيره.
(4) انظر: الفروق 1/ 28، 29، وشرح العضد 2/ 49، وشرح المحلي
على جمع الجوامع 2/ 163، وغاية الوصول/ 103.
(5) انظر: تيسير التحرير 3/ 26، وفواتح الرحموت 2/ 103، 104.
(6) في (ب) و (ظ): لأن الأصل عدم التقدير، وعدم النقل.
(7) في (ب): وجل.
(8) يعني: لنا وجه أن (طلقتك) من كنايات الطلاق، انظر: الفروع
5/ 378 قال: وقيل: (طلقتك) كناية، فيتوجه عليه أنه يحتمل
الإِنشاء والخبر، وعلى الأول هو إِنشاء. وانظر: الإِنصاف 8/
463.
(2/465)
(م) (1)، لكن لو ادعى طلاقًا ماضياً توجه
لنا خلاف.
* * *
الخبر: صدق وكذب عند الجمهور؛ لأن الحكم -وهو مدلوله- إِما
مطابق أوْ لا.
وقال (2) الجاحظ (3): المطابق مع اعتقاد المطابقة صدق، وغير
المطابق مع اعتقاد عدمها كذب، وما سوى ذلك ليس بصدق ولا كذب؛
لقوله: (أَفْتَرَى على الله كذبًا أم به جِنَّة) (4)، والمراد:
الحصر فيهما (5)، وليس الثاني (6) بصدق لعدم اعتقاده (7) ولا
كذب لتقسيمه (8).
__________
(1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 48، ومختصره 2/ 49.
(2) انظر: المعتمد/ 544، والتمهيد/ 106 ب.
(3) هو: أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني الليثي البصري، كان
بحراً من بحور العلم والأدب رأسًا في الكلام والاعتزال، إليه
تنسب (الجاحظية) من فرق المعتزلة، توفي بالبصرة سنة 255هـ.
من مؤلفاته: الحيوان، والبيان والتبيين.
انظر: وفيات الأعيان 3/ 140، وفرق وطبقات المعتزلة/ 73، وروضات
الجنات 5/ 324، وبغية الوعاة 2/ 228، وشذرات الذهب 2/ 121.
(4) سورة سبأ: آية 8.
(5) يعني: في الافتراء والجنون.
(6) وهو كلام المجنون.
(7) يعني: لعدم اعتقاده صدقًا.
(8) يعني: لكونه قسيم الكذب.
(2/466)
رد: المراد (1) الحصر في كونه خبرًا كذبًا
أو ليس بخبر لجنونه فلا عبرة بكلامه.
وأما المدح (2) والذم فيتبعان المقصد ويرجعان إِلى المخبر لا
إِلى الخبر، ومعلوم عند الأمة صدق المكذب برسول الله في قوله:
"محمَّد رسول الله" (3) مع عدم (4) اعتقاده، وكذبه في نفي
الرسالة مع اعتقاده، وكثر (5) في السنة تكذيب من أخبر -يعتقد
المطابقة- فلم يكن، كقوله عليه السلام:
__________
(1) في (ح): مرادهم.
(2) هذا جواب دليل مقدر للجاحظ: ليس الصدق هو الخبر المطابق
للمخبر، فإِن من أخبر بأن زيدًا في الدار على اعتقاد أنه ليس
فيها -وكان فيها- فإِنه لا يوسف بكونه صادقًا ولا يستحق المدح
على ذلك وإن كان خبره مطابقًا للمخبر، ولا يوصف بكونه كاذبًا
لمطابقة خبره للمخبر. وكذلك ليس الكذب هو عدم مطابقة الخبر
للمخبر؛ لأنه لو أخبر مخبر أن زيدًا في الدار على اعتقاد كونه
فيها -ولم يكن فيها- فإِنه لا يوصف بكونه كاذبًا، ولا يستحق
الذم على ذلك، ولا يوصف بكونه صادقًا لعدم مطابقة الخبر
للمخبر.
وإنما الصدق ما طابق المخبر مع اعتقاد المخبر أنه كذلك، والكذب
ما لم يطابق المخبر مع اعتقاد أنه كذلك. انظر: الإِحكام للآمدي
2/ 10 - 11.
(3) نهاية 128 من (ح).
(4) في (ب): مع اعتقاده.
(5) في (ظ): وكثير.
(2/467)
(كذب أبو السنابل (1)) (2).
وقيل: إِن اعتقد وطابق فصدق، وإلا فكذب، لتكذيب المنافقين في
خبرهم عن الرسالة. (3)
ورد: أكذبهم في شهادتهم (4)؛ لأن الشهادة الصادقة (5) أن يشهد
بالمطابقة معتقدًا.
وقال الفراء: الكاذبون في ضمائرهم (6) وقيل: [في] (7)
__________
(1) هو الصحابي أبو السنابل بن بَعْكَك بن الحجاج بن الحارث.
(2) سبب الحديث: أن سُبَيْعة الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها
ببضع وعشرين ليلة، فتزينت وتعرضت للتزويج، فقال لها أبو
السنابل: لا سبيل إِلى ذلك، أي: حتى تمر عليك أربعة أشهر
وعشرًا. فأتت النبي، فقال لها: (كذب أبو السنابل، أو ليس كما
قال أبو السنابل، وقد حللت فتزوجي). كذا رواه الشافعي والبغوي،
والحديث ورد بألفاظ مختلفة. أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 155 -
156، ومسلم في صحيحه/ 1122، والترمذي في سننه/ 2/ 332،
والنسائي في سننه 6/ 190، وابن ماجه في سننه/ 653، وأحمد في
مسنده 7/ 289، والشافعي في الرسالة/ 575 (وانظر: بدائع المنن
2/ 402)، والبغوي في شرح السنة 9/ 304، والدارمي في سننه 2/
166، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 323). وانظر:
فتح الباري 8/ 461.
(3) قال تعالى: (إِذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إِنك لرسول
الله والله يعلم إِنك لرسوله والله يشهد إِن المنافقين
لكاذبون). سورة المنافقون: آية 1.
(4) انظر: تفسير القرطبي 18/ 123.
(5) نهاية 49 أمن (ظ).
(6) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 158، وتفسير القرطبي 18/
123.
(7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).
(2/468)
يمينهم (1).
قال بعضهم: (2) المسألة لفظية. وحكاه في التمهيد (3) عن بعض
المتكلمين، ولم يخالفه.
* * *
والصدق: القوة والصلابة (4). والثبات (5)، ومنه سمي صداق
المرأة، ذكره ابن عقيل (6)
* * *
قال (7) بعض أهل اللغة: لا يستعمل الكذب إِلا في خبر عن ماض
بخلاف ما هو.
وقد قال أحمد (8) -فيمن قال: لا آكل، ثم أكل-: هذا كذب لا
__________
(1) قال القرطبي في تفسيره 18/ 123: وهو قوله تعالى: (ويحلفون
بالله إِنهم لمنكم وما هم منكم) سورة التوبة: آية 56. وانظر:
تفسير الطبري 28/ 69، وزاد المسير 8/ 274، وتفسير ابن كثير 4/
368.
(2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 347. وشرح العضد 2/ 50.
(3) انظر: التمهيد/ 107 أ.
(4) نهاية 63 ب من (ب).
(5) في (ظ): والبيان.
(6) انظر: الواضح 1/ 28 ب.
(7) انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 1/ 32، وشرح الكوكب المنير 4/
312، وشرح النووي على صحيح مسلم 16/ 57.
(8) انظر: الآداب الشرعية 1/ 30، 38.
(2/469)
ينبغي أن يفعل. وقيل له: بم تعرف (1)
الكذاب؟ قال: بخلف الوعد. ومعناه لابن عقيل (2) وابن (3)
الجوزي وصاحب (4) المغني وغيرهم، لقوله: (وأقسموا بالله جهد
إيمانهم لا يبعث الله) (5)، وقوله: (ألم تر إِلى الذين نافقوا)
(6)] (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا) (7).
ورد أبو جعفر النحاس (8) على قائل ذلك (9) بقوله: (يا ليتنا
__________
(1) في (ب): بم يعرف.
(2) في كتابه الفصول. انظر: الآداب الشرعية 1/ 30.
(3) انظر: زاد المسير 5/ 128، والآداب الشرعية 1/ 30.
(4) انظر: المغني 7/ 468، والآداب الشرعية 1/ 30.
(5) سورة النحل: الآيتان 38، 39: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم
لا يبعث الله من يموت بلى وعدًا عليه حقًا ولكن أكثر الناس لا
يعلمون * ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم
كانوا كاذبين).
(6) سورة الحشر: آية 11: (ألم تر إِلى الذين نافقوا يقولون
لإِخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم
ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد
إِنهم لكاذبون).
(7) سورة العنكبوت: آية 12: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا
اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من
شيء إِنهم لكاذبون).
(8) هو: أحمد بن محمَّد بن إِسماعيل المرادي المصري النحوي،
توفي سنة 338 هـ.
من مؤلفاته: إِعراب القرآن، والكافي في العربية.
انظر: وفيات الأعيان 1/ 82، وبغية الوعاة 1/ 362، وحسن
المحاضرة 1/ 531، وشذرات الذهب 2/ 346.
(9) يعني: على من قال: لا يكون إِلا في ماض. فانظر: الآداب
الشرعية 1/ 31.
(2/470)
نرد) (1) الآية (2).
وفي البخاري: قول سعد بن عبادة (3) -يوم فتح مكة-: "اليوم
تستحل الكعبة". فقال - عليه السلام -: (كذب سعد) (4).
وفي مسلم: قول عبد حاطب (5) -وجاء يشكو حاطبًا-: "ليدخلن حاطب
النار". فقال - عليه السلام -: (كذبت، لا يدخلها). (6)
* * *
الخبر منه: معلوم صدقه، ومعلوم كذبه، وما لا يعلم واحد منهما.
فالأول: ضروري بنفسه كالمتواتر، وبغيره كخبر من وافق (7)
ضروريًا، أو نظري كخبر الله وخبر رسوله عنه وخبر الإِجماع،
وخبر من ثبت بخبر
__________
(1) سورة الأنعام: آيتا 27، 28: (ولو ترى إِذ وقفوا على النار
فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين *
بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا
عنه وإنهم لكاذبون). فقد جاء الحكم بالكذب على مستقبل.
(2) في (ب): الاديه. أقول: والمناسب: الآيتان.
(3) هو: الصحابي سعد بن عبادة بن دُلَيْم، سيد الخزرج.
(4) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 146 من حديث عروة بن الزبير
مرسلاً. قال ابن حجر في فتح الباري 8/ 6: ولم أره في شيء من
الطرق عن عروة موصولاً.
(5) هو: الصحابي حاطب بن أبي بلتعة.
(6) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1942 من حديث جابر، وأخرجه -أيضًا-
أحمد في مسنده 3/ 349.
(7) نهاية 129 من (ح).
(2/471)
أحدها صدقه، وخبر موافق خبر أحدها. (1)
والثاني: ما خالف ما علم صدقه.
ولثالث: ما ظن صدقه كالعدل، وكذبه كالكذاب، والمشكوك فيه
المجهول. (2)
وقول (3) قوم: "كل خبر لم يعلم صدقه كذب قطعًا، وإِلا لنصب
عليه دليل كخبر مدعي الرسالة" باطل؛ فإِنه مقابل بمثله في
نقيضه (4)، ويلزمه كذب كل شاهد وكفر كل مسلم لم يقم قاطع
بصدقهما. (5)
وإِنما كذب المدعي لأن الرسالة عن الله خلاف العادة، والعادة
تقضي (6) بكذب ما يخالفها بلا دليل.
* * *
__________
(1) في (ظ): أحدهما.
(2) يعني: خبر مجهول الحال.
(3) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 321، وتيسير التحرير 3/ 30،
وفواتح الرحموت 2/ 109، ومختصر ابن الحاجب 2/ 51، والإِحكام
للآمدي 2/ 13، وشرح العضد 2/ 51.
(4) يعني: في نقيض ما أخبر به إِذا أخبر به آخر، فيلزم اجتماع
النقيضين، ونعلم بالضرورة وقوع الخبر بهما. انظر: شرح العضد 2/
51.
(5) وذلك باطل بالإجماع والضرورة. انظر: المرجع السابق.
(6) في (ظ) تقتضي.
(2/472)
|